العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأنفال

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 شعبان 1435هـ/16-06-2014م, 03:12 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 شعبان 1435هـ/16-06-2014م, 03:13 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18 شعبان 1435هـ/16-06-2014م, 03:13 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18 شعبان 1435هـ/16-06-2014م, 03:13 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض تريدون عرض الدّنيا واللّه يريد الآخرة واللّه عزيزٌ حكيمٌ (67) لولا كتابٌ من اللّه سبق لمسّكم فيما أخذتم عذابٌ عظيمٌ (68) فكلوا ممّا غنمتم حلالاً طيّباً واتّقوا اللّه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ (69)
هذه الآية تتضمن عندي معاتبة من الله عز وجل لأصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم، والمعنى ما كان ينبغي لكم أن تفعلوا هذا الفعل الذي أوجب أن يكون للنبي أسرى قبل الإثخان، ولهم هو الإخبار ولذلك استمر الخطاب ب تريدون، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر باستبقاء الرجال وقت الحرب ولا أراد قط عرض الدنيا، وإنما فعله جمهور مباشري الحرب، وجاء ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الآية مشيرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في العتب حين لم ينه عن ذلك حين رآه من العريش، وأنكره سعد بن معاذ ولكنه صلى الله عليه وسلم شغله بغت الأمر وظهور النصر فترك النهي عن الاستبقاء ولذلك بكى هو وأبو بكر حين نزلت هذه الآية، ومر كثير من المفسرين على أن هذا التوبيخ إنما كان بسبب إشارة من أشار على النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ الفدية، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جمع أسرى بدر استشار فيهم أصحابه، فقال أبو بكر الصديق يا رسول الله هم قرابتك ولعل الله أن يهديهم بعد إلى الإسلام ففادهم واستبقهم ويتقوى المسلمون بأموالهم، وقال عمر بن الخطاب لا يا رسول الله بل نضرب أعناقهم فإنهم أئمة الكفر، وقال عبد الله بن رواحة بل نجعلهم في واد كثير الحطب ثم نضرمه عليهم نارا، وقد كان سعد بن معاذ قال وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش وقد رأى الأسر لقد كان الإثخان في القتل أحب إليّ من استبقاء الرجال، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول أبي بكر ومال إليه، فنزلت هذه الآية مخبرة أن الأولى والأهيب على سائر الكفار كان قتل أسرى بدر، قال ابن عباس نزلت هذه الآية والمسلمون قليل، فلما كثروا واشتد سلطانهم نزل في الأسر فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً [محمد: 47] وذكر الطبري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تكلم أصحابه في الأسرى بما ذكر دخل ولم يجبهم ثم خرج، فقال: إن الله تعالى يلين قلوب رجال ويشدد قلوب رجال حتى تكون أشد من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال فمن تبعني فإنّه منّي ومن عصاني فإنّك غفورٌ رحيمٌ [إبراهيم: 36] ومثل عيسى قال: إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم [المائدة: 118] ومثلك يا عمر مثل نوح قال: ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّاراً [نوح: 26] ومثل موسى قال: ربّنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم [يونس: 88] ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنتم اليوم فلا يفلتن منهم رجل إلا بفدية أو ضرب عنق، وفي هذا الحديث قال عمر: فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذه حجة على ذكر الهوى في الصلاح، وقرأت فرقة «ما كان للنبيّ» معرفا، وقرأ جمهور الناس «لنبي»، وقرأ أبو عمرو بن العلاء وحده «أن تكون» على التأنيث العلامة مراعاة للفظ الأسرى، وقرأ باقي السبعة وجمهور الناس «أن يكون» بتذكير العلامة مراعاة لمعنى الأسرى، وقرأ جمهور الناس والسبعة «أسرى»، وقرأ بعض الناس «أسارى» ورواها المفضل عن عاصم، وهي قراءة أبي جعفر، والقياس والباب أن يجمع أسير على أسرى، وكذلك كل فعيل بمعنى مفعول وشبه به فعيل وإن لم يكن بمعنى مفعول كمريض ومرضى، إذا كانت أيضا أشياء سبيل الإنسان أن يجبر عليها وتأتيه غلبة، فهو فيها بمنزلة المفعول، وأما جمعه على أسارى فشبيه بكسالى في جمع كسلان وجمع أيضا كسلان على كسلى تشبيها بأسرى في جمع أسير، قاله سيبويه: وهما شاذان، وقال الزجّاج: أسارى جمع أسرى فهو جمع الجمع، وقرأ جمهور الناس «يثخن» بسكون الثاء، وقرأ أبو جعفر ويحيى بن يعمر ويحيى بن وثاب «يثخّن» بفتح الثاء وشد الخاء، ومعناه في الوجهين يبالغ في القتل، والإثخان إنما يكون في القتل والجارحة وما كان منها، ثم أمر مخاطبة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال تريدون عرض الدّنيا أي مالها الذي يعن ويعرض، والمراد ما أخذ من الأسرى من الأموال، واللّه يريد الآخرة أي عمل الآخرة فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وقرأ ابن جماز «الآخرة» بالخفض على تقدير المضاف، وينظر ذلك لقول الشاعر: [المتقارب]
أكل امرئ تحسبين امرأ = ونار توقّد بالليل نارا
على تقدير وكل نار، وذكر الطبري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للناس: إن شئتم أخذتم فداء الأسرى ويقتل منكم في الحرب سبعون على عددهم، وإن شئتم قتلوا وسلمتم، فقالوا نأخذ المال ويستشهد منا سبعون، وذكر عبد بن حميد بسنده أن جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بتخيير الناس هكذا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وعلى الروايتين فالأمر في هذا التخيير من عند الله فإنه إعلام بغيب، وإذا خيروا فكيف يقع التوبيخ بعد بقوله تعالى: لمسّكم فيما أخذتم عذابٌ عظيمٌ والذي أقول في هذا إن العتب لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ما كان لنبيٍّ إلى قوله عظيمٌ إنما هو على استبقاء الرجال وقت الهزيمة رغبة في أخذ المال منهم وجميع العتب إذا نظر فإنما هو للناس، وهناك كان عمر يقتل ويحض على القتل ولا يرى الاستبقاء، وحينئذ قال سعد بن معاذ: الإثخان أحب إليّ من استبقاء الرجال، وبذلك جعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ناجيين من عذاب أن لو نزل، ومما يدل على حرص بعضهم على المال قول المقداد حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل عقبة بن أبي معيط: أسيري يا رسول الله، وقول مصعب أين عمير للذي يأسر أخاه شد يدك عليه فإن له أما موسرة إلى غير ذلك من قصصهم، فلما تحصل الأسرى وسيقوا إلى المدينة وأنفذ رسول الله صلى الله عليه وسلم القتل في النضر وعقبة والمنّ في أبي عزة وغيره، وجعل يرتئي في سائرهم نزل التخيير من الله تعالى فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ، فمر عمر رضي الله عنه على أول رأيه في القتل، ورأى أبو بكر رضي الله عنه المصلحة في قوة المسلمين بمال الفداء، ومال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رأي أبي بكر، وكلا الرأيين اجتهاد بعد تخيير، فلم ينزل على شيء من هذا عتب، وذكر المفسرون أن الآية نزلت بسبب هذه المشورة والآراء، وذلك معترض بما ذكرته، وكذلك ذكروا في هذه الآيات تحليل المغانم لهذه الأمة ولا أقول ذلك، لأن حكم الله تعالى بتحليل المغنم لهذه الأمة قد كان تقدم قبل بدر وذلك في السرية التي قتل فيها عمرو بن الحضرمي وإنما المبتدع في بدر استبقاء الرجال لأجل المال، والذي منّ الله به فيها إلحاق فدية الكافر بالمغانم التي قد تقدم تحليلها، ووجه ما قال المفسرون أن الناس خيروا في أمرين، أحدهما غير جيد على جهة الاختبار لهم، فاختاروا المفضول فوقع العتب، ولم يكن تخييرا في مستويين، وهذا كما أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء بإناءين فاختار الفاضل، وعزيزٌ حكيمٌ صفتان من قبل الآية لأن بالعزة والحكمة يتم مراده على الكمال والتوفية، وقال أبو عمرو بن العلاء: الأسرى هم غير الموثقين عند ما يؤخذون، والأسارى هم الموثقون ربطا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وحكى أبو حاتم أنه سمع هذا من العرب، وقد ذكره أيضا أبو الحسن الأخفش، وقال: العرب لا تعرف هذا وكلاهما عندهم سواء). [المحرر الوجيز: 4/ 238-242]

تفسير قوله تعالى: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: لولا كتابٌ من اللّه سبق الآية، قالت فرقة: الكتاب السابق هو القرآن، والمعنى لولا الكتاب الذي سبق فآمنتم به وصدقتم لمسكم العذاب لأخذكم هذه المفاداة، وقال سعيد بن جبير ومجاهد والحسن أيضا وابن زيد: الكتاب السابق هو مغفرة الله لأهل بدر ما تقدم من ذنوبهم أو تأخر، وقال الحسن وابن عباس وأبو هريرة وغيرهم: الكتاب هو ما كان الله قضاه في الأزل من إحلال الغنائم والفداء لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته وكانت في سائر الأمم محرمة، وقالت فرقة: الكتاب السابق هو عفو الله عنهم في هذا الذنب معينا، وقالت فرقة: الكتاب هو أن الله عز وجل قضى أن لا يعاقب أحدا بذنب أتاه بجهالة، وهذا قول ضعيف تعارضه مواضع من الشريعة، وذكر الطبري عن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب أن الكتاب السابق هو أن لا يعذب أحدا بذنب إلا بعد النهي عنه ولم يكونوا نهوا بعد، وقالت فرقة: الكتاب السابق هو ما قضاه الله من محو الصغائر باجتناب الكبائر، وذهب الطبري إلى دخول هذه المعاني كلها تحت اللفظ وأنه يعمها، ونكب عن تخصيص معنى دون معنى،
واللام في لمسّكم جواب لولا، وكتابٌ رفع بالابتداء والخبر محذوف، وهكذا حال الاسم الذي بعد لولا، وتقديره عند سيبويه لولا كتاب سابق من الله تدارككم، وما من قوله فيما يراد بها إما الأسرى وإما الفداء، وهي موصولة، وفي أخذتم ضمير عائد عليها، ويحتمل أن تكون مصدرية فلا تحتاج إلى العائد، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو نزل في هذا الأمر عذاب لنجا منه عمر بن الخطاب، وفي حديث آخر وسعد بن معاذ، وذلك أن رأيهما كان أن يقتل الأسرى). [المحرر الوجيز: 4/ 242-243]

تفسير قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (69) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: فكلوا ممّا غنمتم الآية، نص على إباحة المال الذي أخذ من الأسرى وإلحاق له بالغنيمة التي كان تقدم تحليلها، قوله حلالًا طيّباً حال في قوله، ويصح أن يكونا من الضمير الذي في غنمتم ويحتمل أن يكون حلالًا مفعولا ب «كلوا»، واتّقوا اللّه معناه في التشرع حسب إرادة البشر وشهوته في نازلة، أخرى، وجاء قوله واتّقوا اللّه اعتراضا فصيحا في أثناء الكلام، لأن قوله إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ هو متصل بالمعنى بقوله فكلوا ممّا غنمتم حلالًا طيّباً). [المحرر الوجيز: 4/ 243]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 شعبان 1435هـ/16-06-2014م, 03:13 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 شعبان 1435هـ/16-06-2014م, 03:14 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (69) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض تريدون عرض الدّنيا واللّه يريد الآخرة واللّه عزيزٌ حكيمٌ (67) لولا كتابٌ من اللّه سبق لمسّكم فيما أخذتم عذابٌ عظيمٌ (68) فكلوا ممّا غنمتم حلالا طيّبًا واتّقوا اللّه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ (69)}
قال الإمام أحمد: حدّثنا عليّ بن عاصمٍ، عن حميدٍ، عن أنسٍ، رضي اللّه عنه، قال: استشار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم النّاس في الأسارى يوم بدرٍ، فقال: "إنّ اللّه قد أمكنكم منهم" فقام عمر بن الخطّاب فقال: يا رسول اللّه، اضرب أعناقهم. فأعرض عنه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ عاد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "يا أيّها النّاس، إنّ اللّه قد أمكنكم منهم، وإنّما هم إخوانكم بالأمس". فقام عمر فقال: يا رسول اللّه، اضرب أعناقهم. فأعرض عنه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ عاد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال للنّاس مثل ذلك، فقام أبو بكرٍ الصّدّيق، رضي اللّه عنه، فقال: يا رسول اللّه، نرى أن تعفو عنهم، وأن تقبل منهم الفداء. قال: فذهب عن وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما كان فيه من الغمّ، فعفا عنهم، وقبل منهم الفداء. قال: وأنزل اللّه، عزّ وجلّ: {لولا كتابٌ من اللّه سبق} الآية
وقد سبق في أوّل السّورة حديث ابن عبّاسٍ في صحيح مسلمٍ بنحو ذلك.
وقال الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن أبي عبيدة، عن عبد اللّه قال: لمّا كان يوم بدرٍ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما تقولون في هؤلاء الأسارى؟ " قال: فقال أبو بكرٍ: يا رسول اللّه، قومك وأهلك، استبقهم واستتبهم، لعلّ اللّه أن يتوب عليهم. قال: وقال عمر: يا رسول اللّه، أخرجوك، وكذّبوك، فقدّمهم فاضرب أعناقهم. قال: وقال عبد اللّه بن رواحة: يا رسول اللّه، أنت في وادٍ كثير الحطب، فأضرم الوادي عليهم نارًا، ثمّ ألقهم فيه. [قال: فقال العبّاس: قطعت رحمك] قال: فسكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فلم يردّ عليهم شيئًا، ثمّ قام فدخل فقال ناسٌ: يأخذ بقول أبي بكرٍ. وقال ناسٌ: يأخذ بقول عمر. وقال ناسٌ: يأخذ بقول عبد اللّه بن رواحة. ثمّ خرج عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "إنّ اللّه ليلين قلوب رجالٍ حتّى تكون ألين من اللّبن، وإنّ اللّه ليشدّد قلوب رجالٍ فيه حتّى تكون أشدّ من الحجارة، وإنّ مثلك يا أبا بكرٍ كمثل إبراهيم، عليه السّلام، قال: {فمن تبعني فإنّه منّي ومن عصاني فإنّك غفورٌرحيمٌ} [إبراهيم: 36]،وإنّ مثلك يا أبا بكرٍ كمثل عيسى، عليه السّلام، قال: {إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم} [المائدة: 118]، وإنّ مثلك يا عمر مثل موسى عليه السّلام، قال: {ربّنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم} [يونس: 88]،وإنّ مثلك يا عمر كمثل نوحٍ عليه السّلام، قال: {ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارًا} [نوحٍ: 26]،أنتم عالةٌ فلا ينفلتنّ أحدٌ منهم إلّا بفداءٍ أو ضربة عنقٍ". قال ابن مسعودٍ: قلت: يا رسول اللّه، إلّا سهيل بن بيضاء، فإنّه يذكر الإسلام، فسكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فما رأيتني في يومٍ أخوف أن تقع عليّ حجارةٌ من السّماء منّي في ذلك اليوم، حتّى قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إلا سهيل بن بيضاء" فأنزل اللّه تعالى: {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى} إلى آخر الآية.
رواه الإمام أحمد والتّرمذيّ، من حديث أبي معاوية، عن الأعمش، والحاكم في مستدركه، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرّجاه وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه، عن عبد اللّه بن عمر، وأبي هريرة، رضي اللّه عنهما، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نحوه وفي الباب عن أبي أيّوب الأنصاريّ.
وروى ابن مردويه أيضًا -واللّفظ له -والحاكم في مستدركه، من حديث عبيد اللّه بن موسى: حدّثنا إسرائيل، عن إبراهيم بن مهاجرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر قال: لمّا أسر الأسارى يوم بدرٍ، أسر العبّاس فيمن أسر، أسره رجلٌ من الأنصار، قال: وقد أوعدته الأنصار أن يقتلوه. فبلغ ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّي لم أنم اللّيلة من أجل عمّي العبّاس، وقد زعمت الأنصار أنّهم قاتلوه" فقال له عمر: فآتهم؟ قال: "نعم" فأتى عمر الأنصار فقال لهم: أرسلوا العبّاس فقالوا: لا واللّه لا نرسله. فقال لهم عمر: فإن كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رضًى؟ قالوا: فإن كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رضًى فخذه. فأخذه عمر فلمّا صار في يده قال له: يا عبّاس، أسلم، فواللّه لأن تسلم أحبّ إليّ من أن يسلم الخطّاب، وما ذاك إلّا لمّا رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعجبه إسلامك، قال: فاستشار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أبا بكرٍ، فقال أبو بكرٍ: عشيرتك. فأرسلهم، فاستشار عمر، فقال: اقتلهم، ففاداهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأنزل اللّه: {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض} الآية.
قال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرّجاه
وقال سفيان الثّوريّ، عن هشامٍ -هو ابن حسّان -عن محمّد بن سيرين، عن عبيدة، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، قال: جاء جبريل إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يوم بدرٍ فقال: خيّر أصحابك في الأسارى: إن شاءوا الفداء، وإن شاؤوا القتل على أن يقتل منهم مقبلًا مثلهم. قالوا: الفداء ويقتل منّا.
رواه التّرمذيّ، والنّسائيّ، وابن حبّان في صحيحه من حديث الثّوريّ، به وهذا حديث غريب جدًّا.
وقال ابن عونٍ [عن محمّد بن سيرين] عن عبيدة، عن عليٍّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في أسارى يوم بدرٍ: "إن شئتم قتلتموهم، وإن شئتم فاديتموهم واستمتعتم بالفداء، واستشهد منكم بعدّتهم". قال: فكان آخر السّبعين ثابت بن قيسٍ، قتل يوم اليمامة، رضي اللّه عنه
ومنهم من روى هذا الحديث عن عبيدة مرسلًا فاللّه أعلم.
وقال محمّد بن إسحاق، عن ابن أبي نجيحٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ: {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى} فقرأ حتّى بلغ: {عذابٌ عظيمٌ} قال: غنائم بدرٍ، قبل أن يحلّها لهم، يقول: لولا أنّي لا أعذّب من عصاني حتّى أتقدّم إليه، لمسّكم فيما أخذتم عذابٌ عظيمٌ.
وكذا روى ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ.
وقال الأعمش: سبق منه ألّا يعذّب أحدًا شهد بدرًا. وروي نحوه عن سعد بن أبي وقّاصٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وعطاءٍ.
وقال شعبة، عن أبي هاشمٍ عن مجاهدٍ: {لولا كتابٌ من اللّه سبق} أي: لهم بالمغفرة ونحوه عن سفيان الثّوريّ، رحمه اللّه.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: {لولا كتابٌ من اللّه سبق} يعني: في أمّ الكتاب الأوّل أنّ المغانم والأسارى حلالٌ لكم، {لمسّكم فيما أخذتم} من الأسارى {عذابٌ عظيمٌ} قال اللّه تعالى: {فكلوا ممّا غنمتم} الآية. وكذا روى العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ. وروي مثله عن أبي هريرة، وابن مسعودٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وعطاءٌ، والحسن البصريّ، وقتادة والأعمش أيضًا: أنّ المراد {لولا كتابٌ من اللّه سبق} لهذه الأمّة بإحلال الغنائم وهو اختيار ابن جريرٍ، رحمه اللّه.
ويستشهد لهذا القول بما أخرجاه في الصّحيحين، عن جابر بن عبد اللّه، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أعطيت خمسًا، لم يعطهنّ أحدٌ من الأنبياء قبلي: نصرت بالرّعب مسيرة شهرٍ، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأحلّت لي الغنائم ولم تحلّ لأحدٍ قبلي، وأعطيت الشّفاعة، وكان النّبيّ يبعث إلى قومه وبعثت إلى النّاس عامّةً"
وقال الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لم تحل الغنائم لسود الرؤوس غيرنا"
ولهذا قال اللّه تعالى: {فكلوا ممّا غنمتم حلالا طيّبًا واتّقوااللّه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} فعند ذلك أخذوا من الأسارى الفداء.
وقد روى الإمام أبو داود في سننه: حدّثنا عبد الرّحمن بن المبارك العيشيّ، حدّثنا سفيان بن حبيبٍ، حدّثنا شعبة، عن أبي العنبس، عن أبي الشّعثاء، عن ابن عبّاسٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جعل فداء أهل الجاهليّة يوم بدرٍ أربعمائةٍ
وقد استقرّ الحكم في الأسرى عند جمهور العلماء: أنّ الإمام مخيّرٌ فيهم: إن شاء قتل -كما فعل ببني قريظة -وإن شاء فادى بمالٍ -كما فعل بأسرى بدرٍ -أو بمن أسر من المسلمين -كما فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في تلك الجارية وابنتها اللّتين كانتا في سبي سلمة بن الأكوع، حيث ردّهما وأخذ في مقابلتهما من المسلمين الّذين كانوا عند المشركين، وإن شاء استرقّ من أسر. هذا مذهب الإمام الشّافعيّ وطائفةٍ من العلماء، وفي المسألة خلافٌ آخر بين الأئمّة مقرّرٌ في موضعه من كتب الفقه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 88-91]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:52 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة