العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:32 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (54) إلى الآية (58) ]

{وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56) قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57) قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58)}

قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفورٌ رحيمٌ (54)
قرأ ابن كثير وحمزة وأبو عمرو والكسائي (إنّه من عمل) و(فإنّه) بكسر الألف فيهما، وقرأ نافع (أنّه من عمل) نصبًا، (فإنّه غفورٌ) بالكسر، وقرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب
[معاني القراءات وعللها: 1/355]
((أنّه... فأنّه) منصوبين.
وقال أبو إسحاق: يجوز (أنّه من عمل منكم سوءًا... فأنّه) يجوز بالفتح فيهما جميعًا، ويجوز كسرها جميعًا، ويجوز فتح الأولى وكسر الثانية، ويجوز كسر الأولى وفتح الثانية.
فأما من فتح الأولى والثانية فعلى أن موضع الأولى نصب، المعنى: كتب ربكم على نفسه المغفرة، وهي بدل من الرحمة، كأنه قال: كتب ربكم على نفسه الرحمة، وهي المغفرة للمؤمنين التائبين، لأن معنى (أنه غفورً رحيم) المغفرة منه.
ويجوز أن تكون (أنّ) الثانية وقعت مؤكدة للأولى؛ لأن المعنى: كتب ربكم أنه غفور رحيم، فلما طال الكلام أعيد ذكر (أنّ).
وأما من كسرهما جميعًا فعلى مذهب الحكاية، كأنه لما قال: (كتب ربّكم على نفسه الرّحمة) قال: (إنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمّ تاب من بعده وأصلح فإنّه غفورٌ رحيمٌ) بالكسر.
ودخلت الفاء جوابا للجزاء فكسرت (إنّ) لأنها دخلت على ابتداء وخبر، كأنك قلت: فهو غفور رحيم، إلا أنّ الكلام بـ إنّ أوكد.
[معاني القراءات وعللها: 1/356]
ومن كسر الأولى فعلى ما ذكرنا من الحكاية، وإذا فتح الثانية مع كسر الأولى كان معناها المصدر، والخبر محذوف، المعنى: إنه من عمل منكم كذا وكذا فمغفرة الله له.
ومن فتح الأولى وكسر الثانية فالمعنى راجع إلى المصدر، كأنك لم تذكر (إنّ) الثانية، المعنى: كتب ربكم على نفسه أنه غفور رحيم). [معاني القراءات وعللها: 1/357]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (12- وقوله تعالى: {أنه من عمل منكم ...} [54].
قرأ عاصم وابن عامر {أنه} {فانه} بالفتح نصب الأول بقوله {كتب على نفسه الرحمة} «بأنه» و«لأنه» فلما سقط الخافض عمل الفعل «وأن» المفتوحة مع ما بعدها بمنزلة المصدر، واثلانية نسق على الأول.
وقرأ نافع {أنه} بالفتح {فإنهْ بالكسر نصب الأول بـ {كتب} وجعل الفاء جواب الشرط لـ «من» واستأنف «إن»؛ لأن ما بعد فاء الشرط
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/157]
يكون الكلام مستأنفًا كقوله تعالى: {ومن عاد فينتقم الله منه} وكقولك: من يزر زيدًا فعبد الله عنده.
وقرأ الباقون: {إنه} {فإنه} مكسورتين، جعلوه حكاية، ولم يعملوا {كتب} كما تقول: قال زيد عبد الله في الدار، و{كتب ربكم على نفسه الرحمة} لمن كان حاله كيت وكيت). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/158]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الألف وكسرها من قوله [جلّ وعزّ]: إنه من عمل... فإنه غفور رحيم [الأنعام/ 54].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائيّ: إنه من عمل فإنه غفور رحيم مكسورة الألف فيهما.
وقرأ عاصم وابن عامر أنه من عمل فإنه بفتح الألف فيهما.
وقرأ نافع الرحمة أنه [الأنعام/ 54] بفتح الألف فإنه غفور رحيم كسرا.
من كسر فقال: الرحمة إنه من عمل منكم جعله تفسيرا للرّحمة، كما أنّ قوله: لهم مغفرة وأجر عظيم [المائدة/ 9] تفسير للوعد.
فأمّا كسر إنّ من قوله: فإنه غفور رحيم فلأنّ ما بعد الفاء حكمه الابتداء، ومن ثمّ حمل قوله: ومن عاد فينتقم الله منه [المائدة/ 95] على إرادة المبتدأ بعد الفاء، وحذفه.
وأمّا من فتح أنّ في قوله: أنه فإنّه جعل أن* الأولى بدلا من الرّحمة، كأنّه: كتب ربّكم على نفسه أنّه من عمل منكم.
[الحجة للقراء السبعة: 3/311]
وأمّا فتحها بعد الفاء من قوله: فأنه غفور رحيم [الأنعام/ 54]، فعلى أنّه أضمر له خبرا تقديره: فله أنّه غفور رحيم، أي: فله غفرانه، أو أضمر مبتدأ يكون أنّ خبره، كأنّه، فأمره أنّه غفور رحيم. وعلى هذا التقدير يكون الفتح في قول من فتح: ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم [التوبة/ 63] تقديره: فله أنّ له نار جهنّم، إلّا أنّ إضماره هنا
أحسن لأنّ ذكره قد جرى في صلة أن...، وإن شئت قدّرت، فأمره
أنّ له نار جهنّم، فيكون خبر هذا المبتدأ المضمر.
ومثل البدل في هذا قوله: وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم [الأنفال/ 7] المعنى: وإذ يعدكم الله كون إحدى الطائفتين، مثل قوله: وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره [الكهف/ 63].
ومن ذهب في هذه الآية إلى أنّ أنّ التي بعد الفاء تكرير من
الأولى لم يستقم قوله وذلك أنّ من... لا تخلو من أن تكون للجزاء
الجازم الذي اللفظ عليه، أو تكون موصولة، ولا يجوز أن يقدّر التكرير مع الموصولة، ولو كانت موصولة لبقي المبتدأ بلا خبر. ولا يجوز ذلك في الجزاء الجازم، لأنّ الشرط يبقى بلا جزاء، فإذا لم يجز ذلك، ثبت أنّه على ما ذكرنا، على أنّ ثبات الفاء في قوله:
فأن له، يمنع من أن يكون بدلا، ألا ترى أنّه لا يكون بين البدل
[الحجة للقراء السبعة: 3/312]
والمبدل منه الفاء العاطفة، ولا التي للجزاء؟ فإن قلت: إنّها زائدة، بقي الشرط بلا جزاء، فلا يجوز إذا تقدير زيادتها هنا، وإن جاءت زائدة في غير هذا الموضع.
وأمّا قراءة نافع كتب أنه... فإنه! فالقول فيها أنّه أبدل من الرحمة واستأنف ما بعد الفاء.
قال سيبويه: بلغنا أنّ الأعرج قرأ: أنه من عمل منكم سوءا بجهالة... فإنه غفور رحيم [الأنعام/ 54] قال: ونظيره البيت الذي أنشدتك يعني بالبيت الذي أنشده:
قول ابن مقبل.
وعلمي بأسدام المياه فلم تزل... قلائص تخدى في طريق طلائح
وأنّي إذا ملّت ركابي مناخها... فإنّي على حظّي من الأمر جامح
يريد أنّ قوله: وأني إذا ملّت ركابي محمول على ما قبله،
[الحجة للقراء السبعة: 3/313]
كما أنّ قوله: من عمل محمول على ما قبله، وما بعده من قوله: «فإنّي على حظّي من الأمر» مستأنف، كما أنّ قوله: فإنه غفور رحيم مستأنف به منقطع مما قبله). [الحجة للقراء السبعة: 3/314]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({كتب ربكم على نفسه الرّحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفور رحيم}
[حجة القراءات: 251]
قرأ عاصم وابن عامر {كتب ربكم على نفسه الرّحمة أنه من عمل} {فأنّه غفور رحيم} الألف فيهما مفتوحة
قال الزّجاج موضع {إن} الأولى النصب المعنى كتب ربكم على نفسه المغفرة وهي بدل من الرّحمة كأنّه قال كتب ربكم على نفسه الرّحمة وهي المغفرة للمذنبين التائبين لأن معنى أنه غفور رحيم المغفرة منه فيجعل أنه بدلا من الرّحمة وتفسيرا عنها قال ويجوز أن تكون أن الثّانية وقعت مؤكدة للأولى لأن المعنى كتب ربكم أنه غفور رحيم فلمّا طال الكلام أعيد ذكر أن
وقال أبو حاتم يجوز أن تكون في موضع رفع على ضمير هي أنه كأنّه فسر الرّحمة فقال هي أنه وحمل الثّاني على الأول لأن المعنى كتب ربكم أنه غفور رحيم للّذي يتوب ويصلح
وقرأ نافع {أنه من عمل منكم} بفتح الألف {فأنّه غفور رحيم} بالكسر جعل الفاء جواب الشّرط ل من واستأنف كقوله {ومن عاد فينتقم الله منه} وكقوله {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنّم} وقال الزّجاج من فتح الأولى وكسر الثّانية فالمعنى
[حجة القراءات: 252]
راجع إلى المصدر وكأنك لم تذكر إن الثّانية المعنى كتب ربكم على نفسه الرّحمة إنّه غفور رحيم
وقرأ الباقون إنّه فإنّه بكسر الألف فيهما على مذهب الحكاية كأنّه لما قال {كتب ربكم على نفسه الرّحمة} قال {أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفور رحيم} ). [حجة القراءات: 253]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (22- قوله: {أنه من عمل}، {فأنه غفور} قرأ نافع وابن عامر عاصم «أنه» بالفتح، وقرأ عاصم وابن عامر «فأنه غفور» بالفتح وقرأ الباقون بالكسر فيهما.
وحجة من كسر «إنه من عمل» أنه جعله تفسيرًا للرحمة، فسرها بالجملة التي بعدها و«أن» تكون مكسورة إذا دخلت على الجمل.
23- وحجة من كسر «فإنه غفور» أن ما بعد الفاء حكمه الابتداء والاستئناف، فكسر لذلك؛ لأن حكم «إن» في الابتداء والاستئناف الكسر.
24- وحجة من فتح «أنه من عمل» أنه جعل «أن» بدلًا من «الرحمة» على بدل الشيء من الشيء، وهو هو، فأعمل فيها «كتب» ن، كأنه قال: كتب ربكم على نفسه «أنه من عمل».
25- وحجة من «فأنه غفور» أنه أضمر خبرًا مقدمًا، ورفع «أن» بالابتداء، لأن ما بعد الفاء مبتدأ، كأنه قال: فله أنه غفور له، أي فله غفران الله، ويجوز رفع «أن» بالظرف المضمر، ويجوز أن يضمر مبتدأ تكون «أن» خبره، تقديره: فأمره غفران ربه له، وقد قيل: إن «أن» الثاني تأكيد وتكرير للأولى). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/433]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ} {فَأَنَّهُ} [آية/ 54] بفتح الألف فيهما:-
قرأها ابن عامر وعاصم ويعقوب.
أما فتح {أنه} فعلي البدل من {الرَّحْمَةَ} من قوله {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}، والتقدير: كتب ربكم على نفسه أنه من عمل منكم سوءًا، وموضعه نصب بكتب.
وأما فتحها بعد الفاء من قوله {فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فعلى أنه أضمر له خبرة، والتقدير: فله أنه غفور رحيم، أي قله غفرانه، ويجوز أن يكون المضمر مبتدأ، والتقدير: فأمره أنه غفور رحيم.
وقرأ الباقون {إِنَّهُ} {فَأَنَّهُ} بالكسر فيهما، إلا نافعًا فإنه قرأ {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ} بالفتح {فَإِنَّهُ} بالكسر.
أما وجه قراءة نافع، فهو أنه {أَنَّهُ} وأنهه من {الرَّحْمَةَ}، وكسر ما بعد
[الموضح: 470]
الفاء حملاً له على معنى الجملة المبتدأ بها الواقعة في جواب الشرط، نحو: من أحسن إليه فإن الله مجازيه، بكسر إن.
وأما قراءة الباقين فوجهها أن الجملة مستأنفة مفسرة للرحمة، فكسرت إن من أجل أنها مبتدأة، كما كان قوله تعالى {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} تفسيرًا للوعد، وأما كسر إن من قوله {فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}؛ فعلى ما ذكرنا في قراءة نافع من أن ما بعد الفاء الواقع في جواب الشرط محكمة الابتداء). [الموضح: 471]

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولتستبين سبيل المجرمين (55)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحفص ويعقوب (ولتستبين) بالتاء (سبيل) بالرفع، وقرأ نافع (ولتستبين) بالتاء (سبيل) بالنصب، وقرأ أبو بكر وحمزة والكسائي (وليستبين) بالياء (سبيل) بالرفع.
قال أبو منصور: الاستبانة: أن تبين ويتبين.
من قرأ (ولتستبين سبيل) فمعناه: ولتبين والفعل للسبيل، وهي مؤنثة،
[معاني القراءات وعللها: 1/357]
كقوله: (قل هذه سبيلي).
ومن قرأ (وليستبين سبيل) بالياء فإنه ذكر السبيل، قال الله تعالى: (وإنّها لبسبيلٍ مقيمٍ)، والسبيل والطريق يذكران ويؤنثان.
وأما قراءة نافع (ولتستبين سبيل) بالنصب فالمعنى: ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين يقال: تبينت الأمر والسبيل، واستبنته بمعنى واحد.
فإن قال قائل: أفلم يكن النبي مستبينا سبيل المجرمين؟
فالجواب في هذا: أن جميع ما يخاطب به المؤمنون يخاطب به النبي - صلى الله عليه وسلم - فكأنه قيل: لتستبينوا سبيل المجرمين، أي: لتزدادوا استبانة، ولم يحتج إلى أن يقول: ولتستبين سبيل المؤمنين، مع ذكر سبيل المجرمين، لأن سبيل المجرمين إذا بانت فقد بانت معها سبيل المؤمنين). [معاني القراءات وعللها: 1/358]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {ولتستبين سبيل المجرمين} [55].
قرأ أهل الكوفة غير حفص {وليستبين} بالياء {سبيل} بالرفع.
وقرأ ابن عامر وابن كثير وأبو عمرو وحفص بالتاء والرفع، وقرأ نافع {ولتستبين} بالتاء {سبيل} بالنصب، والمعنى ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين، والسبيل: الطريق يذكر ويؤنث). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/158]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء والرّفع والنصب من قوله [جلّ وعزّ]: ولتستبين سبيل المجرمين [الأنعام/ 55].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: ولتستبين بالتاء، سبيل رفعا.
وقرأ نافع: ولتستبين بالتاء أيضا، سبيل المجرمين نصبا.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائيّ وليستبين بالياء سبيل رفعا حفص عن عاصم مثل أبي عمرو.
وجه قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر ولتستبين بالتاء سبيل رفعا، أنهم جعلوا السبيل فاعل الاستبانة، وأنّث السبيل كما قال: قل هذه سبيلي أدعوا [يوسف/ 108] وقد ذكّر السبيل أيضا في قوله: وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا [الأعراف/ 146].
فالسّبيل على هذا فاعل الاستبانة. قال سيبويه: استبان
[الحجة للقراء السبعة: 3/314]
الشيء واستبنته. وقراءة نافع: ولتستبين سبيل التاء فيها ليس على ما تقدّم ولكنّها لك أيّها المخاطب ففي الفعل ضمير المخاطب. والفعل في القراءة الأولى فارغ لا ضمير فيه، والتاء تؤذن بأنّ الفاعل المسند إلى الفعل مؤنث.
ومثل هذا في أنّ تفعل يحتمل الأمرين، الخطاب والتأنيث، قوله: يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها [الزلزلة/ 4]، أي: يومئذ تحدّث الأرض، يريد: أهل الأرض، ويكون تحدّث أنت أيّها الإنسان، فأمّا قول الهذليّ:
زجرت لها طير الشمال فإن تكن... هواك الذي يهوى يصبك اجتنابها
فالفعل للغائبة على حد قولك: هند تهوى كذا.
وقول الأعشى:
فآليت لا أرثي لها من كلالة... ولا من حفى حتى تلاقي محمّدا
يكون تلاقي فيه: مرة للخطاب وأخرى للغيبة،
[الحجة للقراء السبعة: 3/315]
فالخطاب: على أن تكون الياء في تلاقي ضمير المؤنّث على الرجوع من الغيبة إلى الخطاب، كقوله تعالى: الحمد لله ثمّ قال: إياك نعبد [الفاتحة/ 5].
وأمّا الغيبة فإنّه على حدّ قولك: هند تفعل، إلّا أنّه أسكن الياء للضرورة كما قال:
سوّى مساحيهنّ تقطيط الحقق فالتاء في قراءة نافع للخطاب دون التأنيث على قولك: استبنت الشيء.
وقراءة حمزة والكسائي: وليستبين بالياء سبيل رفعا.
فالفعل على هذا مسند إلى السبيل إلّا أنّه ذكّر السبيل على قوله: يتخذوه سبيلا [الأعراف/ 146].
والمعنى: وليستبين سبيل المجرمين وسبيل المؤمنين، فحذف لأنّ ذكر أحد السبيلين يدل على الآخر، ومثله: سرابيل تقيكم الحر [النحل/ 81] ولم يذكر البرد لدلالة الفحوى عليه). [الحجة للقراء السبعة: 3/317]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ عاصم في رواية أبي بكرخفية* بكسر الخاء هاهنا
[الحجة للقراء السبعة: 3/316]
[الأنعام/ 63] وفي الأعراف عند قوله: ادعوا ربكم تضرعا وخفية [الآية/ 55].
وقرأ الباقون خفية بضم الخاء هاهنا، وفي الأعراف.
وروى حفص عن عاصم خفية بضم الخاء أيضا في الموضعين.
قال أبو عبيدة: خفية: تخفون في أنفسكم.
وحكى غيره: خفية، وخفية وهما لغتان.
وروي عن الحسن: التضرّع: العلانية، والخفية بالنية.
وأمّا قوله تعالى: تضرعا وخيفة فخيفة فعلة من الخوف، وانقلبت الواو للكسرة والمعنى: ادعوا خائفين وجلين، قال:
فلا تقعدنّ على زخّة... وتضمر في القلب وجدا وخيفا). [الحجة للقراء السبعة: 3/317]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولتستبين سبيل المجرمين}
قرأ نافع {ولتستبين} بالتّاء {سبيل} نصب أي ولتستبين أنت يا محمّد سبيل المجرمين فإن قال قائل أفلم يكن النّبي صلى الله عليه وآله مستبينا سبيل المجرمين فالجواب في هذا إن جميع ما يخاطب به المؤمنون يخاطب به النّبي صلى الله عليه فكأنّه قيل ولتستبينوا سبيل المجرمين أي لتزدادوا استبانة لها ولم يحتج إلى أن يقول ولتستبين سبيل المؤمنين مع ذكر سبيل المجرمين لأن سبيل المجرمين إذا بانت فقد بان معها سبيل المؤمنين
وقرأ حمزة والكسائيّ وأبو بكر «وليستبين» بالياء {سبيل} رفع وقرأ الباقون بالتّاء
اعلم أن السّبيل يذكر ويؤنث جاء القرآن بالوجهين فالتأنيث قوله {ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا} و{قل هذه سبيلي} والتذكير قوله {وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا} ). [حجة القراءات: 253]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (26- قوله: {ولتستبين سبيل} قرأه أبو بكر وحمزة والكسائي بالياء، ورفع «السبيل» حملوه على تذكير السبيل، إذ قد أضافوا الفعل إليه فرفعوه به، و«السبيل» تذكر وتؤنث، قال الله تعالى ذكره: {وإن يروا سبيل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/433]
الرشد لا يتخذوه} «الأعراف 146» فذكر، ومثله الثاني بعده، وقرأ الباقون بالتاء على تأنيث «السبيل» إذ قد أسند الفعل إليه فرفع به، وقد قال الله تعالى: {قل هذه سبيلي} «يوسف 108» فأنث.
27- فأما من قرأ بالتاء ونصب «السبيل» وهو نافع، فإنه جعل الفعل خطابًا للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو الفاعل، و«السبيل» مفعول به، والاختيار التاء ورفع «السبيل»، فهو أبين في المعنى، وعليه أكثر القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/434]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {وَلِيَسْتَبِينَ} بالياء {سَبِيلُ} بالرفع [آية/ 55]:-
قرأها حمزة والكسائي و-ياش- عن عاصم.
والوجه أنهم أسندوا الفعل الذي هو الاستبانة إلى السبيل، وجعلوا السبيل مذكرًا، فإن السبيل يذكر ويؤنث، ويقال: بأن الشيء واستبان وتبين وأبان، كله لازم، والمعنى وليتبين سبيل المجرمين وسبيل المؤمنين، فحذف ذكر القبيل الآخر؛ لأن أحد القبيلين يدل على الأخر.
وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو و-ص- عن عاصم ويعقوب {وَلِتَسْتَبِينَ} بالتاء {سَبِيلُ} بالرفع.
والوجه أن الفعل ههنا أيضًا مسند إلى السبيل، لكن جعلوا السبيل في هذه القراءة مؤنثة، كما قال تعالى {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} فأنث السبيل.
وحجة القراءة الأولى قوله تعالي {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} فذكر السبيل.
[الموضح: 471]
وقرأ نافع وحده {وَلِتَسْتَبِينَ} بالتاء أيضًا {سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} بالنصب.
والوجه أن التاء ههنا للمخاطب، ففي الفعل ضمير المخاطب، والمعنى ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين، والسبيل ههنا مفعول به، يقال: تبينت الشيء واستبنته، فهو متعد). [الموضح: 472]

قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56)}

قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يقصّ الحقّ وهو خير الفاصلين (57)
قرأ ابن كثير ونافع وعاصم (يقصّ الحقّ) بالصاد، وقرأ الباقون (يقض الحقّ) بالضاد.
قال أبو منصور: من قرأ (يقصّ الحقّ) فمعناه: يتبع الحق، ورويت هذه القراءة عن علي بن أبي طالب، ومن قرأ (يقض الحقّ) فله وجهان:
أحدهما: أنه يقضى القضاء الحق،
والثاني: أن معنى يقضي: يصنع ويحكم، ومنه قول أبي ذؤيب:
[معاني القراءات وعللها: 1/359]
وعليهما مسرودتان قضاهما... داود...............
أي: صنعهما داود فأحكمهما.
وقيل في تفسير قوله (يقصّ الحقّ) أن معناه: أن جميع ما أنبأ به وأمر به فهو من أقاصيص الحق.
وكتبت (يقض الحق) بطرح الياء لاستقبالها الألف واللام، كما كتب (سندع الزّبانية) بغير واو في موضع الرفع). [معاني القراءات وعللها: 1/360]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {يقص الحق} [57].
قرأ ابن كثير ونافع وعاصم {يقص الحق} بالصاد؛ لأن في المصحف بغير ياء.
وقرأ الباقون: {يقض الحق}: قال أبو عمرو: وإنما قرأتها كذا لقوله: {وهو خير الفاصلين} والفصل لا يكون إلا في القضاء. وإنما حذفت الياء خطا لما سقطت لفظًا لسكونها وسكون اللام). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/159]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الضاد والصاد من قوله [جلّ وعزّ]: يقضي الحق [الأنعام/ 57].
فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم: يقص الحق بالصاد.
وقرأ أبو عمرو وحمزة وابن عامر والكسائيّ: يقضي الحق بالضّاد.
حجّة من قرأ يقضي* أنّهم زعموا أنّ في حرف ابن مسعود يقضي بالحق، بالضاد وذكر عن أبي عمرو أنّه استدلّ على يقضي بقوله: وهو خير الفاصلين [الأنعام/ 57] قال: والفصل في القضاء ليس في القصص.
ومن حجّتهم قوله تعالى: والله يقضي بالحق وهو يهدي السبيل [الأحزاب/ 4].
وحجّة من قال يقص الحق قوله: نحن نقص عليك أحسن القصص [يوسف/ 3] وإن هذا لهو القصص الحق [آل عمران/ 62].
وأمّا ما احتجّ به من قرأ: يقضي* من قوله: وهو خير الفاصلين [الأنعام/ 57] في أنّ الفصل في الحكم لا في القول، فإنّهم قالوا: قد جاء الفصل في القول أيضا في نحو قوله: إنه لقول فصل [الطارق/ 13] وقال: أحكمت آياته ثم فصلت
[الحجة للقراء السبعة: 3/318]
[هود/ 1]، وقال: نفصل الآيات [الأنعام/ 55]، فقد حمل الفصل على القول، واستعمل معه كما جاء مع القضاء، وقال: لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى، ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء [يوسف/ 111]، فقد ذكر في القصص أنّه تفصيل. فأمّا الحقّ في قوله: يقضي الحق [الأنعام/ 57] فيحتمل أمرين: يجوز أن يكون صفة مصدر محذوف، يقضي القضاء الحقّ، أو يقصّ القصص الحقّ. ويجوز أن تكون مفعولا به مثل يفعل الحق كقوله:
قضاهما داود). [الحجة للقراء السبعة: 3/319]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن الحكم إلّا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين}
قرأ نافع وابن كثير وعاصم {إن الحكم إلّا لله يقص الحق} بضم القاف والصّاد المعنى إن جميع ما أنبأ به أو أمر به فهو من أقاصيص الحق واحتج ابن عبّاس على هذه القراءة بقوله {نحن نقص عليك} وقال {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل} و{ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي} وأخرى قال مجاهد لو كان يقضي لكانت يقضي بالحقّ والعرب تقول قضيت بالحقّ قال الله جلّ وعز {والله يقضي بالحقّ} بإثبات الياء والباء مع القضاء
وقرأ الباقون «يقضي الحق» بالضاد وسكون القاف من قضى يقضي إذا حكم وفصل وحجتهم قوله {وهو خير الفاصلين} والفصل يكون في القضاء لا في القصص وكان أبو عمرو يعتبر بهذه وقال إنّما الفصل في القضاء لا في القصص وكان الكسائي يعتبرها بقراءة ابن مسعود قال وفي قراءته {يقضي بالحقّ} ). [حجة القراءات: 254]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (28- قوله: {يقص الحق} قرأه الحرميان وعاصم بالصاد، مضمومة غير معجمة، وقرأ الباقون بالضاد، معجمة مكسورة، وأصلها أن يتصل بها ياء؛ لأنه فعل مرفوع من القضاء، لكن الخط بغير ياء، فتكون الياء حذفت لدلالة الكسرة عليها.
29- من قرأ بالصاد غير معجمة أنه جعله من القصص كقوله: {نحن نقص عليك} «يوسف 3» و{إن هذا لهو القصص} «آل عمران 62».
30- وحجة من قرأ بالضاد معجمة أنه جعله من القضاء، ودل على ذلك أن بعده {خير الفاصلين}، والفصل لا يكون إلا عن قضاء دون قصص، ويقوي ذلك أن في قراءة ابن مسعود {إن الحكم إلا لله يقضي بالحق} فدخول الياء يؤكد معنى القضاء، ولا يوقف عليه في هذه القراءة؛ لأن أصله الياء، فإن وقفت بالياء، على الأصل، خالفت الخط وإن وقفت بغير ياء خالفت الأصل، والقراءة بالصاد غير معجمة أحب إلي، لاتفاق الحرميين وعاصم على ذلك، ولأنه لو كان من القضاء للزمت الياء فيه، كما أتت في قراءة ابن مسعود). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/434]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {يَقُصُّ الْحَقَّ} [آية/ 57] بالصاد مشددة:-
قرأها ابن كثير ونافع وعاصم.
والوجه أنه من القصص، أي يحدث بالأنباء الصادقة؛ لأن جميع ما أنبأ به فهو من أقاصيص الحق، وقال الله تعالى {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}.
وقرأ الباقون {يَقْضِي الحَقَّ} بالضاد، بعدها باء.
والوجه أنه من القضاء، والمعنى يقضي القضاء الحق، ويجوز أن يكون التقدير: يقضي بالحق، فحذف الجار، والمراد بحكم الحق، ويؤيد هذه القراءة قوله {وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ}؛ لأن الفصل إنما يكون في القضاء). [الموضح: 472]

قوله تعالى: {قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:34 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ آية (59) ]

{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)}

قوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:35 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (60) إلى الآية (62) ]

{وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62)}

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60)}

قوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون (61).
قرأ حمزة وحده (توفاه) بألف ممالة، وقرأها الباقون (توفّته) بالتاء.
قال أبو منصور: إذا تقدم فعل الجماعة فأنت مخير في تذكير الفعل أو تأنيثه، وله نظائر في القرآن.
وقوله جلّ وعزّ: (قل من ينجّيكم من ظلمات البرّ والبحر تدعونه تضرّعًا وخفيةً لئن أنجانا من هذه لنكوننّ من الشّاكرين (63) قل اللّه ينجّيكم)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر (قل من ينجّيكم)... لئن أنجيتنا)... قل اللّه ينجيكم) خفيفة، وقرأ الكوفيون (قل اللّه ينجّيكم) (من ينجّيكم) (لئن أنجانا) بألف وأمالها حمزة والكسائي، وفخمها عاصم، وقرأ يعقوب (قل من ينجيكم) (قل اللّه ينجيكم) مخففتين
[معاني القراءات وعللها: 1/361]
(لئن أنجيتنا) بالتاء.
قال أبو منصور: يقال أنجيته ونجّيته بمعنى واحد، وقوله (لئن أنجيتنا) مخاطبة لله جلّ وعزّ.
ومن قرأ (لئن أنجانا) بمعناه: لئن أنجانا الله، إخبار عن فعله). [معاني القراءات وعللها: 1/362]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (كلّهم قرأ: توفته رسلنا [الأنعام/ 61] بالتاء غير حمزة فإنّه قرأ: توفاه حجّة من قال: توفته بالتاء قوله: كذبت رسل من قبلك [الأنعام/ 34]، وقوله: إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم [فصلت/ 14].
جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالت رسلهم: أفي الله شك [إبراهيم/ 9].
وحجّة حمزة أنّه فعل متقدّم مسند إلى مؤنّث غير حقيقي، وإنّما التأنيث للجمع، فهو مثل قوله: وقال نسوة في المدينة [يوسف/ 30]، وما أشبه ذلك ممّا تأنيثه تأنيث الجمع.
وإن كان الكتاب في المصحف بسينة، فليس ذلك بخلاف له، لأنّ الألف الممالة قد كتبت ياء). [الحجة للقراء السبعة: 3/321]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعرج: [وهُمْ لا يُفْرِطُون].
قال أبو الفتح: يقال: أفرط في الأمر إذا زاد فيه، وفرَّط فيه: إذا قصَّر، فكما أن قراءة العامة: {لا يُفَرِّطُونَ}: لا يقصرون فيما يؤمرون به من تَوَفِّي من تحضر منيته، فكذلك أيضًا لا يزيدون، ولا يَتَوَفَّوْنَ إلا من أُمروا بتَوَفِّيه. ونظيره قوله جل وعز: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَار} ). [المحتسب: 1/223]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({توفته رسلنا وهم لا يفرطون}
قرأ حمزة «توفاه رسلنا» بالياء وقرأ الباقون بالتّاء الوجهان جميعًا جائزان لأن الجماعة يلحقها اسم التّأنيث لأن معناها معنى جماعة ويجوز أيعبر عنها بلفظ التّذكير كما يقال جمع الرّسل والتأنيث
[حجة القراءات: 254]
كما قال {قد جاءت رسل ربنا بالحقّ} ). [حجة القراءات: 255]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (31- قوله: {توفته} و{استهوته} قرأهما حمزة بالألف والإمالة، على تذكير الجميع، كما قال: {وقال نسوة} «يوسف 30» وقرأ الباقون بالتاء على تأنيث الجماعة، كما قال: {قالت الأعراب} «الحجرات 14»، و{قالت لهم رسلهم} «إبراهيم 11» و{إذ جاءتهم الرسل} «فصلت 14» وهو الأكثر، وهو الاختيار، والإمالة تحسن فيه، لأن الألف أصلها الياء، لأنه من «هوى يهوي» ولأن الألف رابعة وخامسة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/435]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {تَوَفَّاهُ رُسُلُنَا} [آية/ 61] بالألف ممالة:-
قراها حمزة وحده.
وإنما ذكر الفعل وإن كان مسندا إلى مؤنث؛ لأن التأنيث غير حقيقي، فإن التأنيث تأنيث جمع، فالأمر فيه سهل؛ لأنه يجوز تذكيره، وقد انضاف إلى ذلك أن الفعل قد تقدم.
وأما الإمالة في مثل هذا فقد سبق حكمها.
وقرأ الباقون {تَوَفَّتْهُ} بالتاء، لتأنيث الرسل، فالرسل مؤنثة لكونه جمعا، وقال الله تعالى في تأنيث الرسل {فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} وقال: {إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ} وقال {قَالَتْ رُسُلُهُمْ} ). [الموضح: 473]

قوله تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:37 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام

[ من الآية (63) إلى الآية (67) ]
{قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64) قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)}

قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (تضرّعًا وخفيةً... (63).
قرأ عاصم في رواية أبي بكر (تضرّعًا وخفيةً) بكسر الخاء في السورتين، وقرأ الباقون (وخفيةً) بضم الخاء.
قال أبو منصور: هما لغتان (خفية وخفية)، والضم أجودهما، ومعناهما: ضد الجهر.
وانتصاب (تضرّعًا وخفيةً) على وجهين:
أحدهما: أنهما جعلا مصدرين لقوله: (تدعونه)؛ لأن معنى تدعون وتتضرعون واحد، وإن شئت جعلتهما مصدرين أقيما مقام الحال، كأنه قال: تدعونه متضرعين مخفين الدعاء). [معاني القراءات وعللها: 1/362]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى {تضرعا وخفية} [63].
قرأ عاصم وحده في رواية أبي بكر {وخفية} بالكسر.
وقرأ الباقون {خفية} بالضم، وهما لغتان: خِفْيَةٌ وخُفْيَةٌ وفيها لغة ثالثة ما قرأ بها أحد لخلاف المصحف غير أن ابن مجاهد خبرني عن السمري عن الفراء قال: يقال خُفية وخِفية وخُفوة وخِفوة بالواو مثل حُبوة وحِبوة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/159]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر} [63].
قرأ القراء كلهم {ينجيكم} مشددًا إلا علي بن نصر فإنه روى عن أبي عمرو {ينجيكم} خفيفة، والأمر بينهما قريب، نجي وأنجي مثل كرم وأكرم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/159]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (19- وقوله تعالى: {لئن أنجينا من هذه} [63].
قرأ الكوفيون {لئن أنجينا} على لفظ الخبر عن غائب.
وقرأ الباقون: {لئن أنجيتنا من هذه} على لفظ الخطاب لله تعالى، وكان عاصم يفخم على أصل الكلمة {أنجانا}.
وحمزة والكسائي يميلان {أنجانا} لأنه من ذوات الياء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/160]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في التخفيف والتّشديد من قوله [جلّ وعزّ]: قل من ينجيكم.... قل الله ينجيكم [الأنعام/ 63، 64].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر قل من ينجيكم مشدّدة قل الله ينجيكم مخففة.
[الحجة للقراء السبعة: 3/321]
وروى عليّ بن نصر عن أبي عمرو قل من ينجيكم خفيفة، قل الله ينجيكم مثله مخفّفة.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائيّ قل من ينجيكم.. قل الله ينجيكم مشدّدتين.
وقرأ الكوفيون: عاصم وحمزة والكسائيّ: لئن أنجانا بألف.
وقرأ الحجازيون وأهل الشام: ابن كثير ونافع وابن عامر:
لئن أنجيتنا [يونس/ 22] وأبو عمرو مثلهم لئن أنجيتنا.
وكان حمزة والكسائيّ يميلان الجيم وغيرهما لا يميل.
وجه التشديد والتخفيف في ينجيكم وينجيكم أنّهم قالوا:
نجا زيد، قال:
نجا سالم والنّفس منه بشدقه فإذا نقل الفعل فحسن نقله بالهمزة في أفعل كحسن نقله بتضعيف العين، ومثل ذلك: أفرحته وفرّحته، وأغرمته وغرّمته، وما أشبه ذلك. وفي التنزيل: فأنجاه الله من النار [العنكبوت/ 24]، فأنجيناه والذين معه [الأعراف/ 64]
[الحجة للقراء السبعة: 3/322]
وفيه ونجينا الذين آمنوا [فصلت/ 18] ولئن أنجيتنا من هذه [يونس/ 22]، فلما أنجاهم [يونس/ 23]، فإذا جاء التنزيل باللغتين جميعا تبينت من ذلك استواء القراءتين في الحسن.
فأمّا حجّة من قرأ لئن أنجانا [الأنعام/ 63] فهي أنّه حمله على الغيبة، وذلك قوله: تدعونه لئن أنجانا، وكذلك ما بعده قل الله ينجيكم قل هو القادر [الأنعام/ 65]، فهذه كلّها أسماء غيبة، فأنجانا أولى من أنجيتنا، لكونه على ما قبله وما بعده من لفظ الغيبة، وإذا كان مشاكلا لما قبله وما بعده كان أولى وموضع تدعونه نصب على الحال، تقديره: قل من ينجّيكم داعين وقائلين: لئن أنجانا. وكذلك من قرأ: لئن أنجيتنا تقديره داعين وقائلين: لئن أنجيتنا، فواجهوا بالخطاب، ولم يراعوا ما راعاه الكوفيون من المشاكلة.
ويقوّي قول من خالف الكوفيين قوله في أخرى لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين [يونس/ 22]. قل الله ينجيكم، فجاء أنجيتنا على الخطاب وبعده اسم غيبة.
فأمّا إمالة حمزة والكسائي في أنجانا فمذهب حسن، لأنّ هذا النحو من الفعل إذا كان على أربعة أحرف. استمرت فيه
[الحجة للقراء السبعة: 3/323]
الإمالة لانقلاب الألف إلى الياء في المضارع، وإذا كانت الإمالة قد حسنت في «غزا» مع أنّه على ثلاثة أحرف لأنّ الياء تثبت فيه إذا بني الفعل للمفعول، مع أنّ الواو تصحّ فيه في فعلت، فلا إشكال في حسنها في أنجا وأغزا ونحو ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 3/324] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشّاكرين * قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب} 63 و64
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {لئن أنجانا من هذه} بغير تاء على لفظ الخبر عن غائب بمعنى لئن أنجانا الله وحجتهم أنّها في مصاحفهم بغير تاء
وقرأ الباقون {لئن أنجيتنا} بالتّاء على الخطاب لله أي لئن أنجيتنا يا ربنا وحجتهم ما في يونس {لئن أنجيتنا من هذه} وهذا مجمع عليه فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {قل الله ينجيكم منها} بالتّشديد من نجى ينجي وحجتهم إجماعهم على تشديد قوله قبلها {قل من ينجيكم من ظلمات} فكان إلحاق نظير لفظه به أولى من المخالفة بين اللّفظين
وقرأ الباقون {قل الله ينجيكم} بالتّخفيف وحجتهم قوله {لئن أنجيتنا من هذه} ولم يقل نجيتنا
قرأ أبوبكر {تضرعا وخفية} بكسر الخاء وفي الأعراف مثله وقرأ الباقون بالضّمّ وهما لغتان مثل رشوة ورشوة من أخفيت الشّيء إذا سترته والّتي في خاتمة الأعراف {تضرعا وخيفة} وهو من الخوف فتقلب الواو ياء للكسرة الّتي في الخاء). [حجة القراءات: 255] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (32- قوله: {وخفية} قرأه أبو بكر بكسر الخاء، ومثله في الأعراف، وضمَّ الباقون، وهما لغتان مشهورتان). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/435]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (33- قوله: {لئن أنجانا} قرأه الكوفيون بألف، من غير تاء، على لفظ الغيبة؛ لأن بعده: {قل الله ينجيكم} «64» وبعده: {قل هو القادر} «65» وقبله: {تدعونه} والهاء للغائب، وأجراه على ذلك مما بعده ومما قبله، وأماله حمزة والكسائي، لأن أصل الألف الياء، إذ هي رابعة، وقرأ الباقون بالتاء على لفظ الخطاب، فهو أبلغ في الدعاء والابتهال والسؤال، وهو الاختيار؛ لأن الأكثر من القراء عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/435]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ} [آية/ 63] {قُلِ الله يُنَجِّيكُمْ} [آية/ 64] بالتخفيف في الحرفين:-
قرأهما يعقوب وحده، وقرأ الكوفيون بالتشديد في الحرفين، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ} مشددة {قُلِ الله يُنَجِّيكُمْ} مخففة.
وجه التشديد والتخفيف فيهما واحد، وذلك أن العرب تقول: نجيت زيدا وأنجيته، وحسن نقل الفعل في هذا الباب بالهمزة كحسن نقله بتضعيف
[الموضح: 473]
العين، تقول: أفرحت زيدا وفرحته، وغرمته وأغرمته، وأشباه ذلك كثيرة، قال الله تعالى {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ}، وقال تعالى {وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا} وقد مضى مثله). [الموضح: 474]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (20- {لَئِنْ أَنْجَانَا} [آية/ 63] بالألف:
قرأها الكوفيون، وعاصم فتحها، وأمالها حمزة والكسائي.
والوجه أنهم حملوه على الغيبة؛ لأن ما قبله على الغيبة، وذلك قوله {تَدْعُونَهُ... لَئِنْ أَنْجَانَا} أي أنجانا الله، وكذلك ما بعده على لفظ الغيبة، وهو قوله {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا} فأنجانا على لفظ الغيبة أولى من أنجيتنا لمشاكلة ما قبله وما بعده.
وقرأ الباقون {أَنْجَيْتَنَا} بالياء والتاء، على المواجهة بالخطاب، وذلك أن هؤلاء لم يراعوا ما راعاه الكوفيون من المشاكلة، فاختاروا لفظ الخطاب؛ لأن في {تَدْعُونَهُ} معنى القول، كأنه قال: يقولون له لئن أنجيتنا، ويقوي هذه القراءة قوله تعالى في آية أخرى {لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}.
فأما إمالة حمزة والكسائي الألف في {أَنْجَانَا} فحسنة؛ لأن هذا الضرب
[الموضح: 474]
من الفعل إذا كان على أربعة أحرف حسنت فيه الإمالة؛ لانقلاب الألف فيه إلى الياء في المضارع، وذلك نحو أنجى ينجي، وإذا كانت الإمالة تحس في مثل غزا ودعا مع أنه على ثلاثة أحرف ومن بنات الواو؛ لأن الألف ينقلب فيه ياء إذا بني للمفعول به نحو غزي ودعي، فلأن تحسن الإمالة في أنجى وأغزي لانقلاب الألف فيه ياء في مضارعه أولى). [الموضح: 475]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (22- {تَضُرُّعًا وَخِفْيَةً} [آية/ 63] بكسر الخاء:-
قرأها عاصم وحده في رواية -ياش-، وكذلك في الأعراف، الباقون {خُفْيَةً} بضم الخاء.
والوجه أنهما لغتان، يقال خفية وخفية، وانتصاب {تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} على وجهين:
أحدهما: أن يكونا مصدرين لقوله: تدعون؛ لأن في معنى الدعاء التضرع، كأنه قال: يتضرعون تضرعًا.
ويجوز: أن يكونا مصدرين أقيما مقام الحال، كأنه قال: تدعونه متضرعين مخفين للدعاء.
وأما التي في آخر الأعراف {وَخِفْيَةً} بكسر الخاء، والياء قبل الفاء، فهي فعله من الخوف انقلبت الواو فيها ياء لكسرة ما قبلها، وهو اتفاق لا خلاف بين القراء فيه). [الموضح: 476]

قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {قل الله ينجيكم منها} [64].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/159]
قرأ عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر برواية هشام {قل الله ينجيكم} مشددة.
والباقون مخففة، ويجوز أن يكون التشديد للتكرير شيئًا بعد شيء. ويجوز لأبي عمرو وغيره لمن شدد الأولى وخفف الثانية {أنه} أتى باللغتين ليُعلم أن كلتيهما صواب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/160]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في التخفيف والتّشديد من قوله [جلّ وعزّ]: قل من ينجيكم.... قل الله ينجيكم [الأنعام/ 63، 64].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر قل من ينجيكم مشدّدة قل الله ينجيكم مخففة.
[الحجة للقراء السبعة: 3/321]
وروى عليّ بن نصر عن أبي عمرو قل من ينجيكم خفيفة، قل الله ينجيكم مثله مخفّفة.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائيّ قل من ينجيكم.. قل الله ينجيكم مشدّدتين.
وقرأ الكوفيون: عاصم وحمزة والكسائيّ: لئن أنجانا بألف.
وقرأ الحجازيون وأهل الشام: ابن كثير ونافع وابن عامر:
لئن أنجيتنا [يونس/ 22] وأبو عمرو مثلهم لئن أنجيتنا.
وكان حمزة والكسائيّ يميلان الجيم وغيرهما لا يميل.
وجه التشديد والتخفيف في ينجيكم وينجيكم أنّهم قالوا:
نجا زيد، قال:
نجا سالم والنّفس منه بشدقه فإذا نقل الفعل فحسن نقله بالهمزة في أفعل كحسن نقله بتضعيف العين، ومثل ذلك: أفرحته وفرّحته، وأغرمته وغرّمته، وما أشبه ذلك. وفي التنزيل: فأنجاه الله من النار [العنكبوت/ 24]، فأنجيناه والذين معه [الأعراف/ 64]
[الحجة للقراء السبعة: 3/322]
وفيه ونجينا الذين آمنوا [فصلت/ 18] ولئن أنجيتنا من هذه [يونس/ 22]، فلما أنجاهم [يونس/ 23]، فإذا جاء التنزيل باللغتين جميعا تبينت من ذلك استواء القراءتين في الحسن.
فأمّا حجّة من قرأ لئن أنجانا [الأنعام/ 63] فهي أنّه حمله على الغيبة، وذلك قوله: تدعونه لئن أنجانا، وكذلك ما بعده قل الله ينجيكم قل هو القادر [الأنعام/ 65]، فهذه كلّها أسماء غيبة، فأنجانا أولى من أنجيتنا، لكونه على ما قبله وما بعده من لفظ الغيبة، وإذا كان مشاكلا لما قبله وما بعده كان أولى وموضع تدعونه نصب على الحال، تقديره: قل من ينجّيكم داعين وقائلين: لئن أنجانا. وكذلك من قرأ: لئن أنجيتنا تقديره داعين وقائلين: لئن أنجيتنا، فواجهوا بالخطاب، ولم يراعوا ما راعاه الكوفيون من المشاكلة.
ويقوّي قول من خالف الكوفيين قوله في أخرى لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين [يونس/ 22]. قل الله ينجيكم، فجاء أنجيتنا على الخطاب وبعده اسم غيبة.
فأمّا إمالة حمزة والكسائي في أنجانا فمذهب حسن، لأنّ هذا النحو من الفعل إذا كان على أربعة أحرف. استمرت فيه
[الحجة للقراء السبعة: 3/323]
الإمالة لانقلاب الألف إلى الياء في المضارع، وإذا كانت الإمالة قد حسنت في «غزا» مع أنّه على ثلاثة أحرف لأنّ الياء تثبت فيه إذا بني الفعل للمفعول، مع أنّ الواو تصحّ فيه في فعلت، فلا إشكال في حسنها في أنجا وأغزا ونحو ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 3/324] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشّاكرين * قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب} 63 و64
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {لئن أنجانا من هذه} بغير تاء على لفظ الخبر عن غائب بمعنى لئن أنجانا الله وحجتهم أنّها في مصاحفهم بغير تاء
وقرأ الباقون {لئن أنجيتنا} بالتّاء على الخطاب لله أي لئن أنجيتنا يا ربنا وحجتهم ما في يونس {لئن أنجيتنا من هذه} وهذا مجمع عليه فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {قل الله ينجيكم منها} بالتّشديد من نجى ينجي وحجتهم إجماعهم على تشديد قوله قبلها {قل من ينجيكم من ظلمات} فكان إلحاق نظير لفظه به أولى من المخالفة بين اللّفظين
وقرأ الباقون {قل الله ينجيكم} بالتّخفيف وحجتهم قوله {لئن أنجيتنا من هذه} ولم يقل نجيتنا
قرأ أبوبكر {تضرعا وخفية} بكسر الخاء وفي الأعراف مثله وقرأ الباقون بالضّمّ وهما لغتان مثل رشوة ورشوة من أخفيت الشّيء إذا سترته والّتي في خاتمة الأعراف {تضرعا وخيفة} وهو من الخوف فتقلب الواو ياء للكسرة الّتي في الخاء). [حجة القراءات: 255] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (34- قوله: {قل الله ينجيكم} قرأه الكوفيون وهشام بالتشديد، جعلوه من «نجا ينجي»، وقرأ الباقون بالتخفيف جعلوه من «أنجى يُنجي» والمعنى واحد، وأصل الفعل «نجا» ثم يثقل للتعدية بالهمز وبالتشديد، فالهمزة فيه كالتشديد في تعديته، وكل واحد يقوم مقام الآخر في التعدي إلى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/435]
مفعول، واللغتان في القرآن إجماع، قال الله تعالى جل ذكره: {فأنجاه من النار} «العنكبوت 24» وقال: {وإذ أنجيناكم} «الأعراف 141» وقال: {فنجيناه ومن معه} «يونس 73» وهما في القرآن كثير، فالقراءتان متعادلتان، غير أن التشديد فيه معنى التكرير للفعل، على معنى «نجاة بعد نجاة»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/436]

قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)}

قوله تعالى: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66)}

قوله تعالى: {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:39 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (68) إلى الآية (70) ]

{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69) وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70)}

قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وإمّا ينسينّك الشّيطان... (68).
قرأ ابن عامر وحده (ينسّينّك) بتشديد السين، وخفف الباقون.
قال: يقال: أنسى ونسّى بمعنى واحد، مثل: أنجى ونجّى، والقراءة بالتخفيف أكثر). [معاني القراءات وعللها: 1/363]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (20- وقوله تعالى: {وإما ينسينك الشيطان} [68].
قرأ ابن عامر وحده {ينسينك} من نسى ينسى، جاء في الحديث: «لا يقولن أحدكم نسيت أنه كذا وكذا إنما هو ينسى» وقرأ الباقون: {ينسينك} بالتخفيف، يقال: نسيت الشيء أنساه، وأنساني غيري ونساني غيري أيضًا. ويجوز أن نسي مرة بعد مرة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/160]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (كلّهم قرأ وإما ينسينك الشيطان [الأنعام/ 68] بتسكين النون الأولى، وتشديد الثانية غير ابن عامر فإنّه قرأ ينسينك بفتح النون وتشديد السين مع النون الثانية.
الحجّة لهم في قراءتهم وإما ينسينك قوله: وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره [الكهف/ 63] فجاء في التنزيل: على أفعل.
ووجه قول ابن عامر أنّك تقول: نسيت الشيء، فإذا أردت أن غيرك أنساكه جاز أن تنقل الفعل بتضعيف العين كما تنقله بالهمزة، وعلى هذا قالوا: غرّمته وأغرمته، ففعّل وأفعل يجري كل واحد منهما مجرى الآخر، وفي التنزيل: فمهل الكافرين أمهلهم رويدا [الطارق/ 17] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/324]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإمّا ينسينك الشّيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظّالمين}
قرأ ابن عامر {وإمّا ينسينك الشّيطان} بالتّشديد تقول نسيت الشّيء وأنساني غيري ونساني أيضا وحجته ما جاء في الحديث لا يقولن أحدكم نسيت آية كذا وكذا بل هو نسي
وقرأ الباقون {وإمّا ينسينك} بالتّخفيف من أنساني غيري وحجتهم قوله {فأنساه الشّيطان ذكر ربه} ولم يقل فنساه). [حجة القراءات: 256]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (35- قوله: {وإما ينسينك الشيطان} قرأه ابن عامر بتشديد السين، وخفف الباقون، وهو مثل «أنجا ونجا» يقال: «نسيته وأنسيته» كما «نجيته وأنجيته» وقد تقدم ذكر الإمالة والاختلاف في: {رأى كوكبًا} «الأنعام 76» وفي شبهه، وفي: {رأى القمر} «الأنعام 77» وفي شبهه ولم يختلف في فتح ما أتى فيه الساكن بعد الهمزة في كلمة، نحو: «رأته ورأوه ورأيته» وشبهه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/436]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (21- {وَإِمَّا يُنَسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ} [آية/ 68] بفتح النون وتشديد السين:-
قرأها ابن عامر وحده، وقرأ الباقون {يُنْسِيَنَّكَ} بسكون النون وتخفيف السين.
والوجه فيهما ما ذكرناه في غير موضع من هذا الكتاب من أن أفعل وفعل سواء في نقل الفعل فيهما عن اللزوم إلى التعدي، وكلاهما في الحسن واحد، نحو: أغرمته وغرمته، قال الله تعالى {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا}.
وكل هؤلاء شددوا النون الأخيرة في {يُنسِيَنَّكَ} إلا زيدا عن يعقوب، فإنه قرأ {يُنْسِيَنْكَ} بإسكان النون الأخيرة.
ووجه التشديد أن النون نون تأكيد ثقيلة، وإذا كانت ثقيلة كانت التأكيد فيها أكثر.
[الموضح: 475]
ووجه التخفيف أن النون نون تأكيد خفيفة، وهي للتأكيد أيضًا، وإن كان أقل من الأول). [الموضح: 476]

قوله تعالى: {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69)}

قوله تعالى: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:41 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (71) إلى الآية (73) ]

{قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71) وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73)}

قوله تعالى: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (كالّذي استهوته الشّياطين... (71).
قرأ حمزة (كالّذي استهويه) بألف ممالة، وقرأ الباقون بالتاء.
قال أبو منصور: التاء والياء قريبان من السواء إذا تقدم فعل الجماعة، وقد مر مثله في (توفته وتوفيه).
ومعنى استهوته الشياطين: استخفته حتى هوى، أي: أسرع إلى ما دعت إليه، وهذا من هوي يهوى، لا من هوى يهوى). [معاني القراءات وعللها: 1/363]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (21- وقوله تعالى: {كالذي استهوته الشياطين} [71].
قرأ حمزة {استهويه} بالياء.
والباقون بالتاء. فهذا فعل الجماعة يذكر ويؤنث كما يقال قام الرجال وقامت الرجال، وقال الأعراب وقالت الأعراب كل ذلك صواب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/160]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (كلّهم قرأ: استهوته الشياطين [الأنعام/ 71] بالتاء غير حمزة فإنّه قرأ: استهواه بألف [و] يميلها.
[الحجة للقراء السبعة: 3/324]
قال أبو عبيدة: كالذي استهوته الشياطين أي: استمالته، أي: ذهبت به.
وقرأ حمزة استهواه الشياطين. على قياس قراءته توفاه رسلنا [الأنعام/ 61] وكلا المذهبين حسن.
قال الشاعر:
وكنّا ورثناه على عهد تبّع... طويلا سواريه شديدا دعائمه
وأرى قولهم: استهواه كذا، إنّما هو من قولهم: هوى من حالق: إذا تردّى منه، ويشبّه به الذي يزلّ عن الطريق المستقيم، كما أنّ زلّ إنّما هو من العثار في المكان كقوله.
قام إلى منزعة زلخ فزلّ ثمّ يشبّه به المخطئ في طريقته. وتقول: أزلّه غيره، كما قال: فأزلهما الشيطان عنها [البقرة/ 63]، فكذلك: هوى هو، وأهواه غيره، قال: والمؤتفكة أهوى [النجم/ 53]، فتقول: أهويته واستهويته، كما قال: فأزلهما الشيطان وإنّما استزلّهم الشيطان، فكما أنّ استزلّه بمنزلة أزلّه. كذلك استهواه
[الحجة للقراء السبعة: 3/325]
بمنزلة أهواه، كما أنّ استجابه بمنزلة أجابه في قوله:
فلم يستجبه عند ذاك مجيب). [الحجة للقراء السبعة: 3/326]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({كالّذي استهوته الشّياطين}
قرأ حمزة {كالّذي استهوته الشّياطين} بالياء ذهب إلى جمع الشّياطين
وقرأ الباقون {استهوته} بالتّاء ذهبوا إلى جماعة الشّياطين). [حجة القراءات: 256]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (23- {اسْتَهْوَاهُ} [آية/ 71] بالألف ممالة:-
قرأها حمزة وحده، وقرأ الباقون {اسْتَهْوَتْهُ} بالتاء.
والقول في استهواه الشياطين واستهوته، كالقول في توفاه رسلنا وتوفته، وكلا المذهبين في التذكير والتأنيث، وقد مضى الكلام فيه، وفي الإمالة أيضا). [الموضح: 477]

قوله تعالى: {وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72)}

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:43 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام

[ من الآية (74) إلى الآية (79) ]
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آَزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آَلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (74) وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)}

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آَزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آَلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (74)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر... (74).
قرأ الحضرمي وحده (لأبيه آزر) رفعًا، وقرأ الباقون (آزر) نصبًا.
[معاني القراءات وعللها: 1/363]
قال أبو منصور: من قرأ (آزر) فعلى النداء (يا آزر)، ومن قرأ (آزر) فهو في موضع الخفض؛ لأنه بدل لأبيه، المعنى: لآزر.
ونصب لأنه لا ينصرف). [معاني القراءات وعللها: 1/364]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّي أراك وقومك... (74).
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (إنّي أراك) محرك الياء، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 1/366]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أُبي وابن عباس والحسن ومجاهد والضحاك وابن يزيد المدني ويعقوب، ورُويت عن سليمان التيمي: [لِأَبِيهِ آزَرُ].
وقرأ ابن عباس بخلاف: [أَأَزْرًا نَتَّخِذ] بهمزتين، واستفهام، وينصبهما، وينون.
وقرأ أبو إسماعيل رجل من أهل الشام: [أَئزرًا] مسكورة الألف منونة [تتَّخذ].
قال أبو الفتح: أما [آزَرُ] فنداء، وأما [أَئِزْرًا] فقيل: [إِزْرًا] هو الصنم، و[أَزْرًا] بالفتح أيضًا). [المحتسب: 1/223]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (24- {لِأَبِيهِ آزَرَ} [آية/ 74] رفعًا:
قرأها يعقوب وحده.
ووجهه أنه منادى حذف منه يا، والتقدير: يا آزر، وآزر اسم علم، فلذلك جاز حذف حرف النداء منه.
وقرأ الباقون {آزَرَ} بفتح الراء.
وهو مجرور إلا أنه غير منصرف، فهو نصب في حال الجر؛ لأنه كان غير منصرف، والجر ممتنع منه، وهو في حال الجر منصوب، و{آزَرَ} بدل من {لِأَبِيهِ} أو عطف البيان). [الموضح: 477]

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75)}

قوله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ (76)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (رأى كوكبًا... (76). ونظائره.
قرأ ابن كثير وحفص، عن عاصم والأعشى عن أبي بكر عن عاصم ويعقوب (رأى كوكبًا) و(رأى قميصه) و(رأى أيديهم) ونحو هذا بفتح الراء والهمز حيث كان، وقرأ نافع هذا كله بين الفتح والكسر، وقرأ أبو عمرو (رأى) بفتح الراء وكسر الهمزة في جميع القرآن، وقرأ ابن عامر (ريى كوكبا) بكسر الراء والهمزة في هذه الحروف كلها ونحوها مما اسم الرؤية فيه مظهرة، مثل (رأى قميصه) و(رأى أيديهم).
وفتح الراء والهمز في جميع القرآن مع الكنايات، وقرأ أبو بكر وحمزة والكسائي (رئى) بكسر الراء والهمزة، وكذلك روى عبيد عن أبي عمرو
[معاني القراءات وعللها: 1/364]
(رأى كوكبًا)، وقال أبو جعفر البزار عن يحيى عن أبي عاصم بكسر الراء والهمزة عند الاسم الظاهر، وبفتح الراء والهمزة عند الكنى نحو (رآها تهتزّ) و(رآه نزلةً أخرى) و(أن رآه استغنى).
وقال ابن مجاهد كسر الراء عند الظاهر والمكنى في كل القرآن.
وروى نصيرا عن الكسائي (رأى كوكبًا)، و(رأى قميصه) ونحو هذا بالفتح مثل ابن كثير، و(رأى الشّمس) و(رأى القمر) ونحوه بكسر الراء وفتح الهمزة مثل حمزة، وهذا ضد رواية أبي عمرو وأبى الحارث وغيرهما، هذه رواية أبي جعفر النحوي عن نصير عنه وأظنه وهمًا. والله أعلم.
[معاني القراءات وعللها: 1/365]
وقرأ أبو بكر عن عاصم وحمزة (رأى القمر) و(رأى الشمس) و(رأى المؤمنون) و(رأى المجرمون) ونحو هذا إذا لقي الهمزة ساكن بكسر الراء وفتح الهمزة، وقال خلف عن يحيى عن أبي بكر بكسر الراء والهمزة جميعًا، والأعشى عن أبي بكر بفتح الراء والهمزة، وقرأ الباقون هذا الجنس بفتح الراء والهمزة.
قال أبو منصور: والذي نختاره من هذه الوجوه (رئى) بفتح الراء وكسر الهمزة، وهو اختيار أبي عمرو، وإن قرئ بفتح الراء والهمز فهو صحيح جيد، ومن قرأ (رئى) و(رأى) فلا ينبغي له أن يشبع كسر الراء، وإنما يشمّها كسرةً للفظ الراء، ومن أشبع الراء كسرة في هذا الباب فليس من كلام العرب). [معاني القراءات وعللها: 1/366]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (22- وقوله تعالى: {رأى كوكبًا} [76].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/160]
قرأ نافع في رواية [ورش] بين الكسر والفتح.
وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم وابن عامر في رواية [هشام] بالتفخيم يفتحون الراء والهمزة جميعًا.
وقرأ أبو عمرو بخلاف السوسي بفتح الراء وكسر الهمزة.
وقرأ الباقون بكسر الراء والهمزة، فمن فخمه فعلى أصل الكلمة، والأصل: رأى مثل دعى فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت ألفًا في اللفظ وياءً في الخط. ومن أمال الهمزة فلمجاورة الياء، وفي الحقيق الألف هي الممالة. أشير إلى كسرة الهمزة كما يُشار إلى كسرة الميم في قوله: {ولكن الله رمى} وإنما أمالوا تخفيفًا، ليعمل اللسان من وجه واحد.
ومن كسر الراء فإنه أتبع الإمالة الإمالة فكسر الهمزة لمجاورة الياء، وكسر الراء لمجاورة الهمزة، فإذا استقبل الياء ألف ولام مثل {رأى القمر} [77] {ورأى الشمس} [78] و{رأى المجرمون} و{رأى الذين ظلموا} و{رأى الذين أشركوا} فإن القراء فتحوا؛ لأن الإمالة كانت من أجل الياء، فلما سقطت الياء لاجتماع الساكنين ذهبت الإمالة إلا حمزة وعاصمًا في رواية أبي بكر وأبا عمرو في رواية السوي بخلاف عنه فإنهما أمالا الراء وفتحا الهمزة ليدلا على أن الأصل ممال قبل الوصل.
وروى خلف عن يحيى بن آدم عن أبي بكر عن عاصم {رأى القمر}
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/161]
ونحوها بكسر الراء والهمزة، وهو رديء جدًا ونحوه قرأ حمزة: {ولقد رآه} بكسر الراء والهمزة، والاختيار التفخيم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/162]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في فتح الراء والهمزة وكسرهما من قوله تعالى: رأى كوكبا [الأنعام/ 76].
فقرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص، رأى بفتح الراء والهمزة.
وقرأ نافع: بين الفتح والكسرة.
وقرأ أبو عمرو: رأى كوكبا بفتح الراء وكسر الهمزة.
وروى القطعيّ عن عبيد بن عقيل عن أبي عمرو: بكسر الراء والهمزة جميعا.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وابن عامر وحمزة والكسائيّ
[الحجة للقراء السبعة: 3/326]
رأى* بكسر الراء والهمزة.
وجه قول ابن كثير وعاصم في إحدى الروايتين عنه أنّهما لم يميلا، كما أنّ من قال: رعى ورمى لمّا لم يمل الألف لم يمل الفتحة التي قبلها، كما يميلها من يرى الإمالة ليميل الألف نحو الياء.
قال: وقرأ نافع بين الفتح والكسر [قوله: بين الفتح والكسر] لا يخلو من أن يريد الفتحتين اللتين على الراء والهمزة، أو الفتحة التي على الهمزة وحدها، فإن كان يريد فتحة الهمزة فإنّما أمالها نحو الكسرة لتميل الألف التي في رأى نحو الياء، كما أمال الفتحة التي على الدّال من هدى* والميم من رمى*.
وإن كان يريد أنّه أمال الفتحتين جميعا، الّتي على الراء، والتي على الهمزة، فإمالة فتحة الهمزة على ما تقدّم ذكره.
وأمّا إمالة الفتحة التي على الراء، فإنّما أمالها لاتباعه إياها إمالة فتحة الهمزة، كأنّه أمال الفتحة لإمالة الفتحة، كما أمال الألف لإمالة الألف في قولهم: رأيت عمادا، فأمال ألف النصب لإمالة الألف في عماد، والتقديم والتأخير في ذلك سواء، والفتحة الممالة منزلة منزلة الكسرة، فكما أملت الفتحة في قولك من عمرو، لكسرة الراء، كذلك أملت فتحة الراء من رأى* لإمالة الفتحة التي على الهمزة.
[الحجة للقراء السبعة: 3/327]
قال: وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وابن عامر وحمزة والكسائيّ رأي* بكسر الراء والهمزة.
قال: وجه قراءتهم أنّهم كسروا الراء من رأى، لأنّ المضارع منه على يفعل، وإذا كان المضارع على «يفعل» فكأنّ الماضي على «فعل»، ألّا ترى أنّ المضارع في الأمر العام إذا كان على يفعل كان الماضي على فعل؟ وعلى هذا قالوا: أنت تينا، فكسروا حرف المضارعة كما كسروه في نحو: تعلم وتفهم، وكسروا الياء أيضا في هذا الحرف فقالوا: ييبا، ولم يكسروه في يعلم، وإذا كان الماضي كأنّه على فعل فيما ينزّل، كسرت الراء التي هي فاء لأنّ العين همزة، وحروف الحلق إذا جاءت في كلمة على زنة فعل* كسرت فيها الفاء لكسرة العين في الاسم والفعل، وذلك قولهم: عير نعر، ورجل جئز، ومحك، وماضغ لهم.
وكذلك الفعل نحو: شهد ولعب ونعم، وكسرة الراء على هذا كسرة مخلّصة محضة، وليست بفتحة ممالة.
وأمّا كسر الهمزة فإنّه يراد به إمالة فتحها إلى الكسر، لتميل الألف نحو الياء وذلك قولك: رأي كوكبا.
[الحجة للقراء السبعة: 3/328]
فإن قلت: إنّ الفاء إنّما تكسر لتتبع الكسرة في العين في نحو شهد* والهمزة في رأى* مفتوحة، فكيف أجيزت كسرة الراء.
مع أنّ بعدها حرفا مفتوحا؟. فالقول في ذلك أنّه فيما نزّلناه بمنزلة الفتح، فأتبع الفتحة الكسرة المقدّرة، لمّا نزّلناه بمنزلة الكسرة تبعته فتحة الراء، كما أنّ ضمّة ياء يعفر لما كان في تقدير الفتحة ترك صرف الاسم معها، كما ترك مع فتحة الياء في يعفر، وترك صرفه مع ضمّة الياء حكاه أبو الحسن، وكما أنّ الفتحة في يطأ، ويسع لما كانت في تقدير الكسرة حذفت معها الفاء، كما حذفت في: يزن ويعد.
ومثل تنزيلهم الفتحة في رأى... منزلة الكسرة، تنزيلهم لها
أيضا منزلة الكسرة في قولهم: هما يشأيان في يفعلان، من الشأو، لمّا قالوا: يشأى، نزّلوا الماضي على فعل، فقالوا في المضارع:
يشأيان، كما قالوا: يشقيان.
واختلفوا فيها إذا لقيها ساكن.
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائيّ وابن عامر: رأى القمر [الأنعام/ 77] ورأى الشمس [الأنعام/ 78] ورأى المجرمون [الكهف/ 53] ورأى الذين أشركوا [النحل/ 86]، وما كان مثله بفتح الراء والهمزة.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة: رأى القمر ورأى الشمس بكسر الراء وفتح الهمزة في كل القرآن.
[الحجة للقراء السبعة: 3/329]
وذكر خلف عن يحيى بن آدم عن أبي بكر عن عاصم:
رأى القمر ورأى الشمس بكسر الراء والهمزة معا.
قال بعض أصحاب أحمد: قوله: بكسر الراء والهمزة، خطأ، وإنّما هو بكسر الراء وإمالة الهمزة.
قال أبو علي: تحقيق هذا: وإمالة فتحة الهمزة.
وروى حفص عن عاصم: بفتح الراء والهمزة في رأى* في كل القرآن.
وجه إزالتهم الإمالة عن فتحة الهمزة في رأى*: أنّهم إنّما كانوا أمالوا الفتحة لتميل الألف نحو الياء، فلمّا سقطت الألف بطلت إمالتها لسقوطها، ولمّا بطلت إمالتها لسقوطها
بطلت إمالة الفتحة نحو الكسرة لسقوط الألف التي كانت الفتحة الممالة يميلها نحو الياء.
وأمّا موافقة ابن عامر والكسائيّ وعاصم في رواية أبي بكر وابن كثير نافعا وأبا عمرو، في رأى المجرمون، وفتحهم الراء، وقد كانوا كسروها في رأى كوكبا فلأنّهم آثروا الأخذ باللغتين، كسر الراء وفتحها، فكسرها لما ذكر، وفتحها لأنّهم جعلوها بمنزلة الراء في رمى ورعى ولأنّهم أعلّوا الرّاء
[الحجة للقراء السبعة: 3/330]
وقدّروا فيه ما قدّروا لإعلال الهمزة بإمالة فتحتها [فلمّا غيّروها]، غيّروا الراء أيضا ألا ترى أنّهم لما أعلّوا اللّام بالقلب في عصي، وعتي ونحوهما أعلّوا الفاء أيضا بالكسر في عصيّ؟ ولمّا أعلّوا الاسم بحذف التاء منه في النسب إلى: ربيعة، وحنيفة: ألزموه في الأمر العام الإعلال والتغيير، بحذف الياء منه أيضا، فقالوا: ربعيّ، وحنفيّ.
ووجه قراءة عاصم في رواية أبي بكر وحمزة رأى القمر ورأى الشمس بكسر الراء وفتح الهمزة في كل القرآن: فلأنّ كسر الرّاء إنّما هو للتنزيل الذي ذكرنا، وهو معنى منفصل من إمالة فتحة الهمزة، ألا ترى أنّه يجوز أن يعمل هذا المعنى من لا يرى الإمالة، كما يجوز أن يعمله من يراها؟ فإذا كان كذلك، كان انفصال أحدهما من الآخر سائغا غير ممتنع.
وأمّا رواية خلف عن يحيى عن أبي بكر عن عاصم: رأي القمر ورأي الشمس بكسر الرّاء والهمزة معا، يريد بكسر الهمزة إمالة فتحتها، فوجه كسر الرّاء قد ذكر، وأمّا إمالة فتحتها مع زوال ما كان يوجب إمالتها من حذف الألف، فلأنّ الألف محذوفة لالتقاء الساكنين، وما يحذف لالتقاء الساكنين، فقد ينزّل تنزيل المثبت، ألا ترى أنّهم قد أنشدوا:
[الحجة للقراء السبعة: 3/331]
ولا ذاكر الله إلّا قليلا فنصب الاسم بعد ذاكر، وإن كان النون قد حذفت لمّا كان الحذف لالتقاء الساكنين، والحذف لهما في تقدير الإثبات من حيث كان التقاؤهما غير لازم ومن ثمّ لم تردّ الألف في نحو: رمت المرأة.
وممّا يشهد لذلك أنّهم قالوا: شهد* فكسروا الفاء لكسرة العين، ثمّ أسكنوا فقالوا: شهد*، فبقّوا الكسرة في الفاء مع زوال ما كان اجتلبها، وعلى هذا ينشد قول الأخطل:
إذا غاب عنّا غاب عنّا فراتنا... وإن شهد أجدى فضله ونوافله
ويشهد لذلك أيضا أنّهم قالوا: صعق، ثم نسبوا إليه، فقالوا صعقي فأقرّوا كسرة الفاء مع زوال كسرة العين التي لها كسرت الفاء، فكذلك تبقية إمالة فتحة الهمزة في قراءة حمزة رأى القمر.
وزعم أبو الحسن أنّ ذلك لغة مع ما ذكرنا من وجوه المقاييس فيه، وأنّها قراءة: في القتلى الحر). [الحجة للقراء السبعة: 3/332]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فلمّا جن عليه اللّيل رأى كوكبا} {فلمّا رأى القمر} {فلمّا رأى الشّمس} 76 78
قرأ أبو عمرو {فلمّا جن عليه اللّيل رأى كوكبا} بفتح الرّاء وكسر الهمزة وإنّما كسر الهمزة لمجاورة الياء والألف هي الممالة وأشير إلى كسر الهمزة كما يشار إلى كسر الميم في قوله {ولكن الله رمى} وإلى كسر الضّاد في قوله ثمّ قضى فكذلك كسر الهمزة لمجاورة الألف الممالة
[حجة القراءات: 256]
قرأ ابن عامر وحمزة والكسائيّ وأبو بكر {رأى كوكبا} بكسر الرّاء وإنّما كسروا الرّاء لمجاورة الهمزة ومن العرب من يقول رمى بكسر الرّاء والميم
وقرأ أهل الحجاز وحفص بفتح الرّاء والهمزة على أصل الكلمة والأصل رأى مثل رعى فقلبوا الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت ألفا في اللّفظ ياء في الخط
قرأ حمزة وأبو بكر {رأى القمر} و{رأى الشّمس} بكسر الرّاء وفتح الهمزة
وقرأ الباقون بفتح الرّاء وحجتهم في ذلك أن الرّاء إنّما كسرت لمجاورة الهمزة المكسورة والهمزة كسرت لمجاورة الياء فلمّا سقطت الياء عادت الهمزة إلى أصلها فلمّا عادت الهمزة إلى أصلها عادت الرّاء إلى أصلها
وحجّة من كسر الرّاء وفتح الهمزة أن الياء لما سقطت فعادت الهمزة إلى الفتح الّذي هو أصلها لم يبق في الفعل ما يدل على مذهبه فترك في الرّاء من الكسر ما يدل على مذهبه). [حجة القراءات: 257] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (25- {رَأى كَوْكَبًا} [آية/ 76] بفتح الراء والهمزة:-
قراها ابن كثير وعاصم -ص- ويعقوب، وكذلك {رَأى أَيْدِيَهُمْ} و{رَأى
[الموضح: 477]
نَارًا} و{رَآكَ} و{رَآهُ} و{رَآهَا} وما أشبهها في كل القرآن.
والوجه في ذلك أنه الأصل، والإمالة فرغ عليه؛ لأن الأصل هو الفتح وترك الإمالة، والإمالة دخيلة، وكثير من العرب لا يميلون شيئا؛ لأن الإمالة حكم جائر وليس بواجب.
وقرأ أبو عمرو {رَأى} و{رَآكَ} و{رَآهُ} بفتح الراء وكسر الهمزة، ونافع بفتح الراء فيها كلها، ويضجع الهمزة قليلا.
والوجه أن فتحة الراء متروكة بحالها من غير تغيير، لكن فتحة الهمزة ممالة في هذه القراءة نحو الكسرة ليميل الألف التي بعدها نحو الياء، كما أميلت الفتحة التي في الدال من: هدى، والميم من: رمى، نحو الكسرة لتميل الألف التي بعدها، وهكذا تكون الإمالة في كل ممال أن تنحو بالفتحة التي قبل الألف التي يراد إمالتها نحو الكسرة لتميل الألف نحو الياء.
[الموضح: 478]
وروي -ش- عن نافع بإمالة الراء والهمزة.
والعله في إمالتها أنهم لما أمالوا فتحة الهمزة نحو الكسرة لتميل الألف التي بعدها، أتبعوا فتحة الهمزة فتح الراء الممالة، فأمالوا أيضًا فتحة الراء نحو الكسرة على سبيل الإتباع، كما أمالوا الألف لإمالة الألف في قولهم: رأيت عمادا، فأميلت ألف النصب لإمالة ألف عماد.
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وعاصم في رواية -ياش- {رَأى} بكسر الراء والهمزة في كل القرآن؛ إلا أن ابن عامر خالفهم ففتح الراء والهمزة فيما فيه هاء الضمير أو الكاف نحو {رَآهُ} و{رَآهَا} و{رَآكَ}.
ووجه كسر الراء والهمزة أن الراء إنما كسر من {رَأى}؛ لأن المضارع منه على يفعل، وإذا كان المضارع على يفعل بالفتح، فكأن الماضي على فعل بالكسر؛ لأن يفعل بالفتح أكثره يأتي مضارعة لفعل بالكسر، وما كان على فعل بكسر العين فقد يكسر فاء الفعل منه لكسرة العين، نحو: شهد بكسر الشين في شهد، ولعب بكسر اللام في ليب، وكسروا أيضًا راء {رَأى} تشبيها لها بفاء فعل بكسر العين وهي كسرة خالصة محضة. وأما كسرة الهمزة فليست بكسرة خالصة، وإنما هي إمالة للفتحة نحو الكسرة لتميل الألف التي بعدها نحو الياء، وهذه الكسرة وإن لم تكن كسرة خالصة بل هي إمالة، فإنهم نزلوها منزلة الكسرة الخالصة، ولذلك أتبعوها حركة فاء الفعل حتى كسروها.
وأما فتح ابن عامر لما كان معه هاء الضمير، أو كاف الضمير، فيجوز أن يكون أراد الأخذ باللغتين، أو كرة الإمالة لما صار الألف حشوًا للكلمة بلحاق الضمير، أو لتشبيهه الهاء بالألف، والألف إذا وقعت بعد الحرف الممال
[الموضح: 479]
ضعفت الإمالة فيه، وكذلك الفتحة.
وإذا لقيت هذه الحروف ألف ولام {رَأى الشَّمْسَ} {رَأى الْقَمَرَ} و{رَأى الْمُجْرِمُونَ} فعاصم في رواية -ياش- وحمزة يكسران الراء ويفتحان الهمزة، والباقون يفتحونهما.
أما من كسر الراء وفتح الهمزة مع التقاء الساكنين فإنما كسر الراء على ما قدمنا علته من تشبيه الفعل بفعل بكسر العين، وأما فتح الهمزة فلأن الألف التي كسرت الهمزة لأجل إمالتها قد زال لالتقاء الساكنين في {رَأى الْقَمَرَ}، فما زالت الألف الممالة زالت الكسرة التي اجتلبت لأجلها.
وأما من فتح الراء والهمزة جميعا فعلى الأصل.
وروي رستم عن نصير، {رَأى الْقَمَرَ} بإمالة الراء والهمزة جميعا؛ لأن الألف الممالة وإن كانت محذوفة، فإنما حذفت لالتقاء الساكنين، وما كان يحذف لالتقاء الساكنين فإنما هو بمنزلة المثبت غير الزائل). [الموضح: 480]

قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77)}
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فلمّا جن عليه اللّيل رأى كوكبا} {فلمّا رأى القمر} {فلمّا رأى الشّمس} 76 78
قرأ أبو عمرو {فلمّا جن عليه اللّيل رأى كوكبا} بفتح الرّاء وكسر الهمزة وإنّما كسر الهمزة لمجاورة الياء والألف هي الممالة وأشير إلى كسر الهمزة كما يشار إلى كسر الميم في قوله {ولكن الله رمى} وإلى كسر الضّاد في قوله ثمّ قضى فكذلك كسر الهمزة لمجاورة الألف الممالة
[حجة القراءات: 256]
قرأ ابن عامر وحمزة والكسائيّ وأبو بكر {رأى كوكبا} بكسر الرّاء وإنّما كسروا الرّاء لمجاورة الهمزة ومن العرب من يقول رمى بكسر الرّاء والميم
وقرأ أهل الحجاز وحفص بفتح الرّاء والهمزة على أصل الكلمة والأصل رأى مثل رعى فقلبوا الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت ألفا في اللّفظ ياء في الخط
قرأ حمزة وأبو بكر {رأى القمر} و{رأى الشّمس} بكسر الرّاء وفتح الهمزة
وقرأ الباقون بفتح الرّاء وحجتهم في ذلك أن الرّاء إنّما كسرت لمجاورة الهمزة المكسورة والهمزة كسرت لمجاورة الياء فلمّا سقطت الياء عادت الهمزة إلى أصلها فلمّا عادت الهمزة إلى أصلها عادت الرّاء إلى أصلها
وحجّة من كسر الرّاء وفتح الهمزة أن الياء لما سقطت فعادت الهمزة إلى الفتح الّذي هو أصلها لم يبق في الفعل ما يدل على مذهبه فترك في الرّاء من الكسر ما يدل على مذهبه). [حجة القراءات: 257] (م)

قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78)}
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فلمّا جن عليه اللّيل رأى كوكبا} {فلمّا رأى القمر} {فلمّا رأى الشّمس} 76 78
قرأ أبو عمرو {فلمّا جن عليه اللّيل رأى كوكبا} بفتح الرّاء وكسر الهمزة وإنّما كسر الهمزة لمجاورة الياء والألف هي الممالة وأشير إلى كسر الهمزة كما يشار إلى كسر الميم في قوله {ولكن الله رمى} وإلى كسر الضّاد في قوله ثمّ قضى فكذلك كسر الهمزة لمجاورة الألف الممالة
[حجة القراءات: 256]
قرأ ابن عامر وحمزة والكسائيّ وأبو بكر {رأى كوكبا} بكسر الرّاء وإنّما كسروا الرّاء لمجاورة الهمزة ومن العرب من يقول رمى بكسر الرّاء والميم
وقرأ أهل الحجاز وحفص بفتح الرّاء والهمزة على أصل الكلمة والأصل رأى مثل رعى فقلبوا الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت ألفا في اللّفظ ياء في الخط
قرأ حمزة وأبو بكر {رأى القمر} و{رأى الشّمس} بكسر الرّاء وفتح الهمزة
وقرأ الباقون بفتح الرّاء وحجتهم في ذلك أن الرّاء إنّما كسرت لمجاورة الهمزة المكسورة والهمزة كسرت لمجاورة الياء فلمّا سقطت الياء عادت الهمزة إلى أصلها فلمّا عادت الهمزة إلى أصلها عادت الرّاء إلى أصلها
وحجّة من كسر الرّاء وفتح الهمزة أن الياء لما سقطت فعادت الهمزة إلى الفتح الّذي هو أصلها لم يبق في الفعل ما يدل على مذهبه فترك في الرّاء من الكسر ما يدل على مذهبه). [حجة القراءات: 257] (م)

قوله تعالى: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (وجهي للّذي... (79).
[معاني القراءات وعللها: 1/366]
فتح الياء نافع وابن عامرٍ وحفص والأعشى عن أبي بكر عن عاصم، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 1/367]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:44 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (80) إلى الآية (83) ]

{وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83)}

قوله تعالى: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قال أتحاجّونّي في اللّه... (80).
قرأ نافع وابن عامر (قال أتحاجّوني في اللّه) مخففة النون، وشددها الباقون.
قال أبو منصور: من قرأ (أتحاجّونّي) بتشديد النون فالأصل: أتحاجونني بنونين، أدغمت إحداهما في الأخرى وشددت، ومن خفف النون فإنه يحذف إحدى النونين استثقالاً للجمع بينهما، وكذلك قوله: (فبم تبشّرون)، وهما لغتان، وأجودهما تشديد النون). [معاني القراءات وعللها: 1/367]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (23- وقوله تعالى: {أتحاجوني في الله} [80].
قرأ نافع وابن عامر {أتحاجوني} بتخفيف النون.
وقرأ الباقون بالتشديد. والأصل: أتحاجونني بنونين، الأولى علامة الرفع، والثانية مع ياء المتكلم في موضع النصب، ومثله {أفغير الله تأمروني} الأصل: تأمرونني فاجتمع حرفان متجانسان فأدغموا تخفيفًا.
وأما نافع فإنه لما كره الجمع بين نونين حذف واحدة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/162]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (24- وقوله تعالى: {وقد هدان} [80].
قرأ الكسائي وحده {هدان} بالإمالة لمجاورة الكسرة والياء، وذلك أن الأصل قبل اتصالها بالمكني هدى ثمل قضى فلما اتصلت بالمكني والنون مكسورة بقاها على إمالتها والأصل: هديني فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
وقرأ الباقون {هدان} بالتفخيم، على أصل الكلمة.
وقرأ أبو عمرو وحده {هداني} بالياء في الوصل على الأصل ووقف بغير ياء اتباعًا للمصحف.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/162]
والباقون يصلون بغير ياء اجتزاءً بالكسرة كما بينته في صدر هذا الكتاب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/163]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في تشديد النون وتخفيفها من قوله تعالى: أتحاجوني في الله [الأنعام/ 80] وتأمروني [الزمر/ 64].
[الحجة للقراء السبعة: 3/332]
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائيّ:
أتحاجوني، وتأمروني مشدّدتين. وقرأ نافع وابن عامر مخفّفتين.
لا نظر في قول من شدّد.
فأمّا وجه التخفيف: فإنّهما حذفا النون الثانية لالتقاء النونين، والتضعيف يكره، فيتوصّل إلى إزالته تارة بالحذف نحو:
«علماء بنو فلان» وتارة بالإبدال نحو:
لا أملاه حتّى يفارقا ونحو: «ديوان وقيراط» فحذفا الثانية من المثلين كراهة التضعيف، ولا يجوز أن يكون المحذوف: النون الأولى لأنّ الاستثقال يقع بالتكرير في الأمر الأعمّ، والأولى أيضا فيها أنّها دلالة الإعراب، وإنّما حذفت الثانية كما حذفتها من ليتي في قوله:
.. إذ قال ليتي... أصادفه وأفقد بعض مالي
[الحجة للقراء السبعة: 3/333]
وكقوله:
تراه كالثّغام يعلّ مسكا... يسوء الفاليات إذا فليني
فالمحذوفة المصاحبة للياء ليسلم سكون لام الفعل وما يجري مجراها أو حركتها، ولا يجوز أن تكون المحذوفة الأولى، فيبقى الفعل بلا فاعل، كما لا تحذف الأولى في أتحاجوني، لأنّها الإعراب، ويدلّك على أنّ المحذوف الثانية أنّها قد حذفت مع الجارّ أيضا في نحو قوله.
قدني من نصر الخبيبي قدي وقد جاء حذف هذه النون في كلامهم قال:
أبالموت الّذي لا بدّ أنّي... ملاق لا أباك تخوّفيني
[الحجة للقراء السبعة: 3/334]
وزعموا أنّ المفضّل أنشد:
تذكرونا إذ نقاتلكم... إذ لا يضرّ معدما
عدمه وزعم بعض البصريين في حذف هذه النون أنّها لغة لغطفان. وحكى سيبويه هذه القراءة، فزعم أنّ بعض القراء، قرأ أتحاجوني واستشهد بها في حذف النونات لكراهة التضعيف). [الحجة للقراء السبعة: 3/335]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ الكسائيّ وحده هداني* [الأنعام/ 80] بإمالة الدّال.
وقرأ الباقون بالفتح.
الإمالة في هداني* حسنة لأنّه من هدى يهدي، فهو من الياء، وإذا كانوا قد أمالوا نحو: غزا، ودعا، لأنّه قد يصير إلى الياء في: غزي، ودعي فلا إشكال في حسنها، فيما كان الأصل فيه الياء). [الحجة للقراء السبعة: 3/335]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أتحاجوني في الله}
قرأ نافع وابن عامر {أتحاجوني} بتخفيف النّون
وقرأ الباقون {أتحاجوني} بالتّشديد الأصل أتحاجونني بنونين الأولى علامة الرّفع والثّانية مع ياء المتكلّم في موضع النصب
[حجة القراءات: 257]
فاجتمع حرفان من جنس واحد فأدغموا الأولى في الثّانية ومثله {أفغير الله تأمروني}
وأما نافع فإنّه كره الجمع بين نونين فحذف إحدى النونين طلبا للتّخفيف وحجته قول الشّاعر:
تراه كالثغام يعل مسكا ... يسوء الفاليات إذا فليني
أراد فلينني فحذف إحدى النونين). [حجة القراءات: 258]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (36- قوله: {أتحاجوني} قرأ نافع وابن عامر بتخفيف النون، وشدد الباقون.
وحجة من شدده أن الأصل فيه بنونين، الأولى علامة الرفع، والثانية فاصلة بين الفعل والياء، فلما اجتمع مثلان في فعل، وذلك ثقيل، أدغم إحدى النونين في الأخرى، فوقع التشديد لذلك، ولابد من مد الواو للمشدد، لئلا يلتقي ساكنان، الواو، وأول المشدد، فصارت المدة تفصل بين الساكنين، كما تفصل الحركة بينهما.
37- وحجة من خفف أنه حذف النون الثانية استخفافًا، لاجتماع
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/436]
المثلين متحركين، وللتضعيف، الذي في الفعل، في الجيم، ولا يحسن أن يكون المحذوف هو النون الأولى، لأنها علم الرفع في الفعل، وحذفها علم النصب والجزم، فلو حذفت استخفافًا لاشتبه المرفوع بالمجزوم والمنصوب وأيضًا فإن الاستثقال إنما يقع بالتكرير، فحذفت ما يحدث به الاستثقال أولى من غيره، وحذف هذه النون في العربية قبيح مكروه، إنما يجوز في الشعر لضرورة الوزن، والقرآن لا يُحمل على ذلك، إذ لا ضرورة تلجئ إليه، وقد لحن بعض النحويين من قرأ به، لأن النون الثانية وقاية للفعل ألا تتصل به الياء فيكسر آخره فيغير، فإذا حذفتها اتصلت الياء بالنون، التي هي علامة الرفع، وأصلها الفتح، فغيرتها عن أصلها وكسرتها، فتغير الفعل، والاختيار تشديد النون؛ لأنه الأصل، ولأن الحذف يوجب التغيير في الفعل، ولأن عليه أكثر القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/437]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (26- {أَتُحَاجُّونِّي} [آية/ 80] بتخفيف النون:-
قرأها نافع وابن عامر، وكذلك في الزمر {تَأْمُرُونِّي}، غير ابن عامر فإنه يقرأ في الزمر بنونين.
[الموضح: 480]
والوجه في التخفيف أن النون الثانية حذفت لالتقاء النونين ولكراهة. التضعيف، ولا يجوز أن تكون النون الأولى محذوفة؛ لأنها دلالة الإعراب؛ ولأن الاستثقال إنما يقع بالتكرير في الأمر الأعم.
وقرأ الباقون {أَتُحَاجُّونِّي} و{تَأْمُرُونِّي} بتشديد النون فيهما.
وهو الأصل في الكلمة، لأن أصلها {أَتُحاجُّونَنِي} بنونين، إلا أنه أدغم النون التي هي علامة رفع الفعل في النون التي تصحب ضمير المتكلم). [الموضح: 481]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (27- {وَقَدْ هَدَانِي} [آية/ 80] بالإمالة:-
قرأها الكسائي وحده، وكذلك {إِنَّنِي هَدَانِي}.
وإمالته حسنة؛ لأن الكلمة من الياء؛ لأنها من هدى يهدي، وقد مضى الكلام في مثله.
وقرأ الباقون بالفتح؛ لأنه هو الأصل، وقد ذكرنا أن الإمالة ليست بواجبة). [الموضح: 481]

قوله تعالى: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)}

قوله تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (نرفع درجاتٍ من نشاء... (83)
وفي يوسف مثلها.
[معاني القراءات وعللها: 1/367]
قرأ أهل الكوفة (درجاتٍ) منونة بالتنوين، قرأ يعقوب هنا "درجاتٍ) منونًا، وفي يوسف مضافًا، وقرأ الباقون (درجات من نشاء) بالإضافة في السورتين.
قال أبو منصور: من قرأ (درجات من نشاء) أوقع الفعل على (درجات) وحدها، وهي في موضع النصب، وجعل (من) في موضع الخفض إضافة (درجاتٍ) إليها، ومن قرأ (درجاتٍ من نشاء) جعل (نرفع) متعديًا إلى مفعولين: أحدهما: (درجاتٍ) والثاني: (من) ). [معاني القراءات وعللها: 1/368]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (25- وقوله تعالى: {نرفع درجات من نشاء} [83].
قرأ أهل الكوفة بالتنوين.
وقرأ الباقون بغير تنوين مضافًا مثل نرفع أعمال من نشاء، ومن نون جعل «من» «نصب» و{نشاء} صلتها، و{درجات} مفعولاً ثانيًا، أو حالاً، أو بدلاً، أو تمييزًا، والتقدير: نرفع من نشاء درجات، وإنما كسرت التاء، وهي في موضع نصب؛ لأن الجمع جمع سلامة، والتاء غير أصيلة ثمل قوله: {إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات} و{ما هن أمهاتهم} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/163]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الإضافة والتنوين من قوله تعالى: نرفع درجات من نشاء [الأنعام/ 83].
[الحجة للقراء السبعة: 3/335]
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر نرفع درجات من نشاء بالنون مضافا، وكذلك في سورة يوسف الآية/ 76].
وقرأ عاصم وحمزة والكسائيّ: درجات من نشاء منونا، وكذلك في يوسف.
قوله: ورفع بعضهم درجات [البقرة/ 253] يدلّ على قراءة من نوّن، ألا ترى أنّه في ذكر الرّسل قال: تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله، ورفع بعضهم درجات [البقرة/ 253].
فأمّا قوله تعالى: ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا [الزخرف/ 32] فإنّه في الرّتب وارتفاع الأحوال في الدنيا واتضاعها. يدلّك على ذلك قوله: نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا [الزخرف/ 32].
ويقوّي قراءة من أضاف، قوله: تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض، فمن فضّل على غيره فقد رفعت درجته عليه، فقوله: فضلنا بمنزلة قولك رفعنا درجته). [الحجة للقراء السبعة: 3/336]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({نرفع درجات من نشاء}
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {نرفع درجات من نشاء} بالتّنوين جعلوا المرفوع هو الإنسان وحجتهم في ذلك أن الله قد بين معنى هذا الكلام في غير موضع من القرآن فجعل المرفوع هو الإنسان وبين فضل من أحب أن يفضله بأن يرفعه فقال {يرفع الله الّذين آمنوا منكم} وقال {وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما} فجعلهم هم المرفوعين دون الدّرجات وفي الآية تقديم وتأخير المعنى نرفع من نشاء درجات ومن في موضع النصب ونجعل درجات مفعولا ثانيًا أو حالا
وقرأ الباقون {نرفع درجات} بغير تنوين وحجتهم ذكرها اليزيدي فقال كقولك نرفع أعمال من نشاء فجعل اليزيدي
[حجة القراءات: 258]
الرّفع للأعمال دون الإنسان والّذي يدل على هذا أن الآثار قد جاءت في الدّعاء مضافة كقولهم للميت اللّهمّ شرف بنيانه وارفع درجته ولا يقال ارفعه وقد روي في التّفسير في قوله {نرفع درجات من نشاء} أي في العلم). [حجة القراءات: 259]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (38- قوله: {درجات} قرأه الكوفيون بالتنوين، ومثله في يوسف، وقرأهما الباقون بغير تنونين.
وحجة من نون أنه أوقع الفعل على «من» لأنه المرفوع في الحقيقة ليست الدرجات هي المرفوعة المقصود إليها بالرفع، إنما المرفوع صاحبها فهو كقوله: {ورفع بعضهم درجاتٍ} «البقرة 253»
39- وحجة من لم ينون أنه أوقع الفعل على «درجات» وأضاف «الدرجات» إلى «من» لأن الدرجات إذا رفعت فصاحبها مرفوع إليها، ودليله قوله: {رفيع الدرجات} «غافر 15» فأضاف الرفع إلى «الدرجات»، وهو
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/437]
لا إله إلا هو الرفيع المتعال في شرفه وفضله، فالقراءتان متقاربتان؛ لأن من رفعت درجاته فقد رفع، ومن رفع فقد رفعت درجاته). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/438]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (28- {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} [آية/ 83] منونا غير مضاف: -
قرأها الكوفيون، وكذلك في يوسف، وقرأ يعقوب في الأنعام في {دَرَجَاتٍ} بالتنوين، وفي يوسف بالإضافة.
والوجه أن الرفع إنما هو واقع على أصحاب الدرجات لا على الدرجات، والتقدير: نرفع من نشاء درجات، كما قال {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ}، فالفعل واقع على {مَنْ} التي هي لأهل الدرجات، لا على الدرجات، كما أن الفعل واقع على البعض في الآية الأخرى لا على الدرجات.
وقرأ الباقون {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ}، بالإضافة.
وهذه القراءة في معنى القراءة الأولى؛ لأن الرفع ههنا واقع على الدرجات، فإن من رفع فقد رفع درجته). [الموضح: 482]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:46 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (84) إلى الآية (90) ]

{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87) ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) أُولَئِكَ الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (90)}

قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84)}

قوله تعالى: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85)}

قوله تعالى: {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (واليسع... (86)
قرأ حمزة والكسائي (والليسع) بلامين في السورتين، وقرأ الباقون بلام واحدة في الموضعين.
[معاني القراءات وعللها: 1/368]
قال الفراء: من شدد اللام فهو أشببه بأسماء العجم من قراءة من قرأ (اليسع)؛ لأن العرب لا تكاد تدخل الألف واللام فيما لا يجرى، مثل: يزيد ويعمر إلا في ضرورة الشعر، وأنشد بعضهم:
وجدنا الوليد بن اليزيد مباركاً... شديداً بأعباء الخلافة كاهله أحناء الأمور: مشكلاتها، وأصلها من أحناء الوادي، ومحانيه، وهي: معاطفه رمراقيعه.
وقال النابغة:
يقسّم أحناء الأمور فهارب.. وشاصٍ عن الحرب العوان ودائن
قال الفراء: وإنما دخل في (يزيد) الألف واللام لما أدخلهما في (الوليد)، والعرب إذا فعلت ذلك فقد أمست الاسم مدحًا). [معاني القراءات وعللها: 1/369]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (26- وقوله تعالى: {واليسع} [86].
قرأ حمزة والكسائي {والليسع} بلامين، والاختيار {واليسع} بلام مثل اليحمد: قبيلة من العرب، والأصل: يسع مثل يزيد ويشكر، وإنما تدخل الألف واللام عند الفراء للمدح كما قال الشاعر:
وجدنا الوليد بن اليزيد مباركا = شديدًا بأعباء الخلافة كاهله
وعند البصريين لا تدخل الألف واللام على اسم معرفة إلا إذا كان صفة نحو الزبير والعباس). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/163]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في زيادة اللّام ونقصانها في قوله تعالى: واليسع [الأنعام/ 86].
فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر بلام واحدة.
وقرأ حمزة والكسائيّ: والليسع بلامين وفي «صاد» مثله.
[قال أبو علي]: اعلم أن لام المعرفة تدخل الأسماء على ضربين: أحدهما للتعريف، والآخر زيادة زيدت، كما تزاد الحروف، فلا تدلّ على المعاني التي تدلّ عليها إذا لم تكن زائدة.
والتعريف الذي يحدث بها على ضروب: منها: أن يكون إشارة إلى معهود بينك وبين المخاطب نحو: الرجل والغلام، إذا أردت بها رجلا وغلاما عرفتماه بعهد كان بينكما.
والآخر أن يكون إشارة إلى ما في نفوس الناس من علمهم للجنس، فهذا الضرب، وإن كان معرفة، كالأول، فهو مخالف له من حيث كان الأول قد علمه حسا، وهذا لم يعلمه كذلك، إنّما يعلمه معقولا.
فأمّا نحو: مررت بهذا الرجل، فإنّما أشير به إلى الشاهد الحاضر لا إلى غائب معلوم بعهد، ألا ترى أنّك تقول ذلك فيما
[الحجة للقراء السبعة: 3/337]
لا عهد فيه بينك وبين مخاطبك. وممّا يدلّ على ذلك قولك في النداء، يا أيّها الرجل، فتشير به إلى المخاطب الحاضر، وهما يجريان مجرى الاسم الواحد، كما أنّ ماذا من قوله تعالى: ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا [النحل/ 30]، يجريان مجرى الاسم الواحد، فلا يجوز أن يكون الاسم معرّفا بتعريفين مختلفين أحدهما حاضر والآخر غائب.
ويدلّك على أنّهما يجريان مجرى الاسم الواحد أنّه لا يوصف بالمضاف نحو: مررت بهذا ذي المال، ولا يوصف بالأسماء المفردة، إذا ثنّيت، فلا يجوز مررت بهذين، الطويل والقصير، كما تقول: مررت بالرجلين القائم والقاعد، وذلك أنّه قد صار مع الأول كالشيء الواحد، ويبيّن ذلك من جهة المعنى، وهو أنّك تستفيد بهما ما تستفيد من الاسم المفرد من معنى الجنس.
فأمّا الأسماء الأعلام، فلا تدخل عليها الألف واللام، وذلك أنّ تعليقها على من تعلّق عليه، وتخصيصه بها يغني عن الألف واللام، وذلك نحو التسمية: بجدار، وحمار، وثور، وأسد، وكلب، وزيد، وزياد، وبشر، وحمد.
[الحجة للقراء السبعة: 3/338]
فأمّا نحو العبّاس، والحارث، والقاسم، والحسن، فإنّما دخلت الألف واللام فيها على تنزيل أنّها صفات جارية على موصوفين، وهذا يعني الخليل بقوله: جعلوه الشيء بعينه، فإن لم ينزّل هذا التنزيل، لم يلحقوها الألف واللام، فقالوا: حارث وعباس وقاسم وعلى كلا المذهبين جاء ذلك في كلامهم، قال الفرزدق:
تقعّدهم أعراق حذلم بعد ما... رجا الهتم إدراك العلى والمكارم
وقال:
ثلاث مئين للملوك وفى بها... ردائي وجلّت عن وجوه الأهاتم
[الحجة للقراء السبعة: 3/339]
فجعله مرة بمنزلة: أضحاة، وأضاح، ومرّة بمنزلة أحمر وحمر.
وجمع الأعشى بين الأمرين في بيت وذلك قوله:
أتاني وعيد الحوص من آل جعفر... فيا عبد عمرو لو نهيت الأحاوصا
وأنشد الأصمعيّ:
أحوى من العوج وقاح الحافر والعوج نسب إلى أعوج كما أنّ الحوص نسب إلى أحوص، فإذا حذفت ياءي النسب، جعلتها بعد التسمية به بمنزلته، وهو صفة لم يسمّ بها، فكسّر الصفة، وهذا يدلّ على صحّة قول من لم يصرف أحمر، إذا نكّره بعد أن سمّى به.
فإذا كسّره تكسير الاسم نحو: الأفاكل، والأرامل، قال:
الأحاوص، وعلى هذا القياس تقول: الأعاوج، كما تقول:
الأهاتم، ومثل هذا قولهم: الفرس في جمع فارسي، [حذفت منه ياءً النسب كما حذفتا] من الأعوجي، وكسّر فاعل، على فعل. كبازل وبزل، وعائط وعيط، وحائل وحول، وهذا مما
[الحجة للقراء السبعة: 3/340]
يقوّي العوج، ألا ترى أنّه جمعه جمع الصفات وإن كانت ياءً النسب فيه محذوفتين ؟. قال ابن مقبل.
طافت به الفرس حتّى بذّ ناهضها فأما قوله:
والتّيم ألأم من يمشي وألأمهم... ذهل بن تيم بنو السود المدانيس
فإنّه يحتمل أمرين: يجوز أن يكون بمنزلة العباس، وذلك أن التيم مصدر، والمصادر قد أجريت مجرى أسماء الفاعلين، ألا ترى أنّه قد وصف بها كما وصف بأسماء الفاعلين. وجمع جمعها في نحو: نور ونوّار، وسيل، وسوائل؟ فلمّا كانت مثلها أجراها مجراها، وعلى هذا قالوا: الفضل، في اسم رجل، كأنّهم جعلوه الشيء الذي هو خلاف النقص.
والآخر أن يكون تيميّ وتيم، كزنجيّ وزنج، ويهودي،
[الحجة للقراء السبعة: 3/341]
ويهود، وفي التنزيل وقالت اليهود [البقرة/ 113]، واليهود إنّما هو جمع يهوديّ، ولو لم يكن جمعا لم تدخل اللام، لأنّ يهود جرت عندهم اسما للقبيلة، فصارت بمنزلة مجوس عندهم. أنشدنا علي بن سليمان:
فرّت يهود وأسلمت جيرانها... صمّي لما فعلت يهود صمام
وفي حديث القسامة: «تقسم يهود.. ».
ومن الصفات الغالبة التي تجري مجرى، الحارث والقاسم قولهم: النابغة، فالنابغة له اسم يجري مجرى الأعلام، وغلب عليه هذا الوصف، كما أنّ الحارث ونحوه قد نزل تنزيل من له اسم
[الحجة للقراء السبعة: 3/342]
علم فغلب عليه هذا الوصف، فجرى هذا الوصف الغالب مجرى العلم، وسدّ مسدّه، حتى صار يعرف به كما يعرف بالعلم، فلمّا سدّ مسدّه وكفى منه أجراه مجرى العلم نحو: جعفر وثور فقال:
ونابغة الجعديّ بالرّمل بيته..........
ومن ذلك قولهم في اسم اليوم: الاثنان، لما جرى مجرى العلم، استجيز حذف اللام فيه كما استجازوا حذف اللّام من النابغة، وذلك فيما حكاه سيبويه من قولهم: هذا يوم اثنين مباركا فيه.
فأمّا قولهم الغدوة والفينة، فدخول لام التعريف فيهما على وجه آخر وهو: أن غدوة، وفينة كانا معرفتين، كما تكون الأسماء التي للألقاب معارف، فأزيل هذا التعريف عنهما... كما أزيل التعريف عن الاسم الموضوع وضع الأعلام، وذلك في أحد تأويلي سيبويه في قولهم: هذا ابن عرس مقبل، فلما أزيل هذا
[الحجة للقراء السبعة: 3/343]
التعريف عنهما عرّفا بالألف واللام، فقرأ من قرأ بالغدوة [على هذا].
وحكى أبو زيد: لقيته فينة، والفينة بعد الفينة.
ومثل إزالة هذا الضرب من التعريف عن هذه الأسماء إزالتهم إياه في قولهم: أمّا البصرة فلا بصرة لك، وأمّا خراسان فلا خراسان لك: وعلى هذا قوله:
ولا أميّة بالبلاد و «قضيّة ولا أبا حسن».
ومثل هذا زوال تعريف العلم عن الأعلام المثنّاة
[الحجة للقراء السبعة: 3/344]
والمجموعة نحو: الجعفران والعمران، فزال تعريف العلم عن الجعفرين، كما زال تعريف العدل عن العمرين، والقثمين، ولو لم يزل لم يجز دخول لام المعرفة عليه، كما لم يجز دخولها قبل التثنية، ولا تدخل لام المعرفة على المعدول.
واستدلّ أبو عثمان على أنّ الثلاثاء والأربعاء غير معدولين بدخول لام المعرفة عليهما، وقال: المعدول لا تدخل عليه الألف واللام، فأمّا أبانان، وعرفات فلم تدخلهما اللّام لأنّ التسمية وقعت بالجمع والتثنية، كما وقعت بالمفرد، فلم تدخل اللّام، كما لم تدخل على المفرد.
فأمّا الألف واللّام في اليسع، فلا يخلو من أن تكون على حدّ الرجل إذا أردت المعهود أو الجنس نحو: إن الإنسان لفي خسر [العصر/ 2]، أو على حدّ دخولها في العباس، فلا يجوز أن يكون على واحد من ذلك، ولا يجوز أن يكون على حدّ العبّاس، لأنّه لو كان كذلك كان صفة، كما أنّ العباس كذلك، ولو كان كذلك لوجب أن يكون فعلا، ولو كان فعلا: لوجب أن يلزمه الفاعل، ولو لزمه الفاعل لوجب أن يحكى من حيث كان جملة، ولو كان كذلك لم يجز لحاق اللّام له، ألا ترى أنّ اللّام لا تدخل على الفعل؟ وليس بإشارة كقولك: هذا الرجل، فإذا لم يجز فيه شيء من ذلك ثبت أنّه زيادة، ومثل ذلك فيما جاءت اللّام فيه زائدة قول الشاعر:
[الحجة للقراء السبعة: 3/345]
أما ودماء لا تزال كأنّها... على قنّة العزّى وبالنسر عند ما
وما سبّح الرهبان في كل بيعة... أبيل الأبيلين المسيح بن مريما
فتعلم زيادة اللّام فيه بما في التنزيل من قوله: ولا يغوث ويعوق ونسرا [نوح/ 23] فأمّا انتصاب عندم في البيت فيأخذ شيئين: أحدهما بما في كأنّ من معنى الفعل والآخر أن تجعل «على قنّة العزّى» مستقرا، فيكون الحال عنه، فإن نصبت بالأول:
فذو الحال الضمير الذي في كأنها...، وإن نصبته عن المستقرّ،
فذو الحال الذكر الّذي في المستقرّ، والمعنى على حذف المضاف، كأنّه مثل. عندم، فحذف. ومثل ذاك ما أنشده محمد بن السّريّ للمرّار الفقعسي:
إذا نهلت بسفرتها وعلّت... ذنوبا مثل لون الزّعفران
المعنى: ماء ذنوب مثل لون الزعفران، ولو جعلت العندم هو الدم لموافقته إياه في اللون لكان مذهبا، ولو رفعت مثل لون
[الحجة للقراء السبعة: 3/346]
الزعفران جاز، ويكون التقدير: ذنوبا لونه مثل لون الزعفران، فحذفت المبتدأ، والجملة في موضع نصب، ومثل ذلك قوله:
وهي تنوش الحوض نوشا من علا المعنى على ماء الحوض، ألا ترى أنّها تتناول ماءه لا نفس الحوض؟
ومثل ذلك قول الآخر:
لا عيش إلّا كلّ حمراء غفل... تناول الحوض إذا الحوض شغل
ومما جاءت اللام فيه زيادة ما أنشده أبو عثمان:
باعد أمّ العمر من أسيرها وأنشد أحمد بن يحيى:
[الحجة للقراء السبعة: 3/347]
يا ليت أمّ العمر كانت صاحبي... مكان من أنشا على الرّكائب
فأما قوله:
ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا... ولقد نهيتك عن بنات الأوبر
فإنّه يحتمل أمرين: يجوز أن يكون قد اعتقب عليه تعريفان، كما اعتقب على غدوة، والغدوة، واثنين والاثنين، من قولهم: اليوم يوم الاثنين، فيكون التعريف الذي وضع له في أول أمره في تقدير الزوال عنه، كما قدّر سيبويه ذلك في أحد تأويلية في قولك: هذا ابن عرس مقبل.
وممّا جاء فيه الألف واللام زائدة قولهم: الخمسة العشر درهما، حكاه أبو الحسن الأخفش. ألا ترى أنّهما اسم واحد، ولا يجوز أن يعرّف اسم واحد بتعريفين، كما لا يجوز أن يتعرّف بعض الاسم دون بعض، فإذا كان كذلك، علمت
[الحجة للقراء السبعة: 3/348]
زيادة اللام في الخمسة العشر درهما، ويذهب أبو الحسن في اللات في قوله: أفرأيتم اللات والعزى [النجم/ 19]، إلى أنّ اللام في اللات زائدة، وذلك صحيح لأنّ اللات معرفة. أما العزى فبمنزلة العبّاس، فإذا كانت اللات معرفة ولم تكن بمنزلة العباس، ثبت أن اللام فيها زائدة، وقياس قول أبي الحسن هذا أن تكون اللام في اليسع* أيضا زائدة، لأنه علم مثل اللات وليس بصفة كما أن اللات ليست بصفة.
فإن قلت: فلم لا تكون اللات صفة، ويكون مأخوذا من: لوى على الشيء: إذا عطف عليه، ومن قول الشاعر:
........ فإنّني... ألوي عليك لو انّ لبّك يهتدي
ويؤكد هذا قوله: واصبروا على آلهتكم [ص/ 6]
[الحجة للقراء السبعة: 3/349]
فهذا من العطف عليها والتمسّك بعبادتها، فإن ذلك لا تقوله، ألا ترى أنه يلزم أن يكون قد وصفت باسم على حرفين ثالثه تاء التأنيث، وهذا مما لم نعلمه جاء في الصفات، فإذا كان كذلك وجب أن يكون مطّرحا.
ومما جاءت اللام فيه زائدة ما أنشده بعض البغداديّين:
وجدنا الوليد بن اليزيد مباركا... شديدا بأحناء الخلافة كاهله
فأمّا قول من قال: الليسع، فإنه تكون اللام فيه على حدّ ما في الحارث ألا ترى أنه على وزن الصفات؟ فهو كالحارث، إلّا أنه، وإن كان كذلك، فليس له مزيّة على القول الآخر، ألا ترى أنّه لم يجيء في الأسماء الأعجميّة المنقولة في حال التعريف، نحو: إسماعيل وإبراهيم شيء على هذا النحو، كما لم يجيء فيها شيء فيه لام التعريف؟
فإذا كان كذلك، كان الليسع بمنزلة: اليسع في أنّه خارج عما كان عليه الأسماء الأعجمية المختصة المعربة). [الحجة للقراء السبعة: 3/350]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإسماعيل واليسع}
قرأ حمزة والكسائيّ (والليسع) بلامين وحجتهما في ذلك أن الليسع اشبه بالأسماء الأعجمية ودخول الألف واللّام في اليسع قبيح لأنّك لا تقول اليزيد ولا اليحي وتشديد اللّام أشبه بالأسماء العجمية
وقرأ الباقون {واليسع} بلام واحدة وحجتهم ذكرها اليزيدي عن أبي عمرو فقال هو مثل اليسر وإنّما هو يسر ويسع فردّت الألف واللّام فقال اليسع مثل اليحمد قبيلة من العرب واليرمع الحجارة والأصل يسع مثل يزيد وإنّما تدخل الألف واللّام عند الفراء للمدح فإن كان عربيا فوزنه يفعل والأصل يوسع مثل يصنع وإن كان أعجميا لا اشتقاق له فوزنه فعل تجعل الياء أصليّة
قال الأصمعي كان الكسائي يقرأ الليسع ويقول لا يكون
[حجة القراءات: 259]
اليفعل كما لا يكون اليحي قال فقلت له اليرمع واليحمد حيّ من اليمن فسكت
ومن قرأ بلامين وزنه فيعل اللّام أصليّة مثل صيرف ثمّ أدخلت الألف واللّام للتعريف فقلت الليسع مثل الصيرف والله أعلم). [حجة القراءات: 260]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (40- قوله: {واليسع} قرأه حمزة والكسائي بلامين إحداهما مدغمة في الأخرى، وإسكان الياء، ومثله في صاد وقرأ الباقون بلام واحدة ساكنة، وفتح الياء.
وحجة من قرأ بلام واحدة أنه جعله اسمًا أعجميًا، والأسماء الأعجمية في أبنيتها مخالفة العربية في الأكثر، فهو معرفة بغير ألف ولام، فالألف واللام فيه زائدتان، إذ هو معرفة بغيرهما، فأصله «يسع» كيزد ويشكر، معرفتان، لا تدخلهما الألف واللام، إذ لا يتعرف الاسم من وجهين، فلابد من تقدير زيادة الألف واللام في «اليسع» عند حُذاق أهل النحو، وقد قيل: إنهما للتعريف كسائر الأسماء.
41- وحجة من قرأ بلامين أن أصل الاسم «ليسع»، ثم دخلت الألف واللام للتعريف، ولو كان أصله «يسع» لما دخلته الألف واللام، إذ لا تدخلان على «يزيد ويشكر» اسمان لرجلين، ولأنهما معرفتان علمان، فإنما أصله «ليسع» نكرة، وقد دخلته الألف واللام للتعريف، والقراءة بلام واحدة أحب إلي لأن أكثر القراء عليه، والقراءة بلامين حسنة، قوية في الإعراب، ولولا مخالفة الجماعة لاخترتها). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/438]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (29- {وَالْيَسَعَ} [آية/ 86] بتشديد اللام:-
قرأها حمزة والكسائي، وكذلك في ص.
والوجه أن الكلمة إنما هي ليسع، وهو اسم أعجمي، والألف واللام فيه زيادة، وليست للتعريف؛ لأنه اسم أعجمي ثقل معرفة نحو: إبراهيم وإسماعيل، وهذا الضرب لم يجيء في شيء منه لام التعريف؛ لكونه علمًا، فالألف واللام فيه زائدة، كما زيدت في الاسم العلم من العربي، نحو قوله:
28- وجدنا الوليد بن اليزيد مباركًا = شديدًا بأحناء الخلافة كاهله
وهذا أشبه بالأسماء الأعجمية مما في القراءة الأخيرة.
وقرأ الباقون {وَالْيَسَعَ} بتخفيف اللام.
والوجه أن الألف واللام أيضًا زائدة، كما كانت في القراءة الأولى، والاسم يسع وهو أعجمي أيضًا، ولو كان عربيًا أيضًا لكان الألف واللام زائدة؛ لأنه كان مثل يزيد ويشكر، ولا تدخل الألف واللام على هذا الضرب من الأسماء، وإن دخلت كانت زائدة، كالبيت الذي أنشدناه وهو: وجدنا الوليد). [الموضح: 483]

قوله تعالى: {وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التّوحيد والجمع من قوله جلّ وعزّ: وأزواجهم وذرياتهم [غافر/ 8] في غير هذا الموضع. ولم يختلفوا في هذا الموضع [أنه بالجمع].
قد قلنا فيما تقدم في الذرية، وأنه يكون واحدا وجمعا، فيغني ذلك عن الإعادة هنا. فأما قوله: أزواجهم* فواحدها زوج، وهو الأكثر، ولغة التنزيل قال: اسكن أنت وزوجك الجنة [البقرة/ 35]، وإن هذا عدو لك ولزوجك [طه/ 117] وقد قالوا: زوجة، قال:
فبكى بناتي شجوهنّ وزوجتي). [الحجة للقراء السبعة: 3/355]

قوله تعالى: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88)}

قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89)}

قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (90)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فبهداهم اقتده... (90).
[معاني القراءات وعللها: 1/369]
قرأ ابن عامر وحده (فبهداهم اقتدهي) مجرورةً بياء في اللفظ، جعلها اسمًا ولم يجعلها هاء السكت. لأنها لو كانت عنده هاء السكت ما جرّها، والمعنى: فبهداهم اقتد اقتداء، وهو مذهب حسن في اللغة.
وقال أبو إسحاق: هذه الهاء التي في (اقتده) تثبت في الوقف يبين بها كسرة الدال، فإن وصلت قلت: (اقتد قل لا أسألكم) قال: والذي أختاره ويختاره من أثق بعلمه أن يوقف عند هذه الهاءات نحو (كتابيه) و(حسابيه)، وكذلك (يتسنّه) وكذلك (ما هيه) ). [معاني القراءات وعللها: 1/370]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (27- وقوله تعالى: {فبهدائهم اقتده} [90].
قرأ حمزة والكسائي {اقتد} بغير هاء في الوصل، وفي الوقف بالهاء.
وقرأ الباقون بالهاء وصلوا ووقفوا، وهذه هاء السكت وقد بينت علتها في سورة (البقرة).
فأما ابن عامر فإنه قرأ برواية هشام {اقتده} بكسر الهاء غير صلة، وبرواية ابن ذكوان {اقتدهي} بكسر الهاء وصلتها، وغلط؛ لأن هاء السكت لا يجوز حركتها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/164]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إثبات الهاء في [قوله تعالى]: اقتده [الأنعام/ 90] في الوصل، فقرأ ابن كثير
[الحجة للقراء السبعة: 3/350]
وأهل مكّة ونافع وأبو عمرو وأهل المدينة وعاصم: فبهداهم اقتده قل، يثبتون الهاء في الوصل ساكنة.
وقرأ حمزة والكسائيّ: فبهداهم اقتد قل بغير هاء في الوصل، ويقفان بالهاء.
وقرأ عبد الله بن عامر: فبهداهم اقتده، قل يكسر الدال، ويشمّ الهاء الكسر من غير بلوغ ياء. وهذا غلط، لأن هذه الهاء هاء وقف لا تعرب في حال من الأحوال، وإنّما تدخل لتبيّن بها حركة ما قبلها.
قال أبو علي: الوجه: الوقف على الهاء لاجتماع الكثرة، والجمهور على إثباته، ولا ينبغي أن يوصل، والهاء ثابتة، لأن هذه الهاء في السكت بمنزلة همزة الوصل في الابتداء، في أنّ الهاء للوقف، كما أنّ همزة الوصل للابتداء بالساكن، وكما لا تثبت الهمزة في الوصل، كذلك ينبغي أن لا تثبت الهاء.
قال أبو الحسن: وكذلك قوله: قل هو الله أحد [الإخلاص/ 1]، ولتركبن طبقا عن طبق [الانشقاق/ 19]، وكلا لينبذن في الحطمة [الهمزة/ 4]. يسكتون عنده
[الحجة للقراء السبعة: 3/351]
أجمع، وقوله: الذي جمع مالا وعدده [الهمزة/ 2]. هكذا تكلّم به العرب على الوقف.
قال: وكان أبو عمرو يقرأ: قل هو الله أحد الله [الإخلاص/ 1] على السكون. وقول حمزة والكسائيّ القياس، وفي ترك قول الأكثر ضرب من الاستيحاش، وإن كان الصواب والقياس ما قرآ به.
وقراءة ابن عامر بكسر الدال وإشمام الهاء الكسرة من غير بلوغ ياء ليس بغلط، ووجهها: أن تجعل الهاء كناية عن المصدر لا التي تلحق للوقف، وحسن إضماره لذكر الفعل الدّالّ عليه. ومثل ذلك قول الشاعر:
فجال على وحشيّه وتخاله... على ظهره سبّا جديدا يمانيا
كأنه قال: تخاله خيلانا على ظهره سبّا جديدا يمانيا.
[الحجة للقراء السبعة: 3/352]
فعلى متعلّق بمحذوف، وعلى هذا قول الشاعر:
هذا سراقة للقرآن يدرسه... والمرء عند الرّشا إن يلقها ذيب
فالهاء كناية عن المصدر، ودلّ يدرسه على الدرس، ولا يجوز أن يكون ضمير القرآن لأنّ الفعل قد تعدّى إليه باللام، فلا يجوز أن يتعدى إليه وإلى ضميره، كما أنّك إذا قلت:
أزيدا ضربته، لم تنصب زيدا بضربت لتعديه إلى ضميره.
ومثل ذلك ما حكاه أبو الحسن من قراءة بعضهم: ولكل وجهة هو موليها [البقرة/ 148]، فاللام متعلّقة بمولّ على هذه القراءة.
والهاء كناية عن التولية، ودلّ عليه قوله: مول فعلى هذا أيضا قراءة ابن عامر: فبهداهم اقتده قل: وقياسه: إذا وقف عليه أن يقول: اقتده فيسكن هاء الضمير، كما تقول:
اشتره، في الوقف. وفي الوصل: اشترهي يا هذا، واشترهو قبل). [الحجة للقراء السبعة: 3/353]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا}
قرأ حمزة والكسائيّ (اقتد قل لا أسألكم) بغير هاء في الوصل وحجتهما في ذلك أن الهاء إنّما دخلت للوقف ولبيان الحركة في حال الوقف فإذا وصل القارئ قراءته اتّصلت الدّال بما بعدها فاستغنى عن الهاء لزوال السّبب الّذي أدخلها من أجله فطرحها
وقرأ الباقون بإثبات الهاء في الوصل وحجتهم في ذلك أنّها مثبتة في المصحف فكرهوا إسقاط حرف من المصاحف
وقرأ ابن عامر (اقتدهي) بالإشباع جعلها اسما قال بعض أهل البصرة جعل ابن عامر الهاء فيه ضميرا لمصدر وهو الاقتداء كأن الأصل فيه فبهداهم اقتد اقتداء ثمّ أضمر الاقتداء فقال (بهداهم اقتدهي) ). [حجة القراءات: 260]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (42- قوله: {اقتده قل} قرأ حمزة والكسائي بغير هاء
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/438]
في الوصل، لأنها هاء سكت، إنما جيء بها في الوقف خاصة لبيان حركة الدال، فلا وجه لإثباتها في الوصل؛ لأن الدال متحركة فيه، فهي كألف الوصل التي جيء بها للابتداء، ولا حظ لها في الوصل، فمن أثبت الهاء في الوصل كمن همز ألف الوصل في الوصل، وهي أيضًا على مذهب البصريين كألف «أنا» التي تحذف في الوصل، وتثبت في الوقف؛ لبيان حركة النون، وقرأ الباقون بالهاء في الوصل، على نية الوقف، لا على نية الإدراج ابتاعًا لثباتها في الخط، وإنما تثبت في الخط ليعلم أن الوقف بالهاء، لئلا تثبت في الوصل، وأجاز ابن الأنباري أن تكون الهاء كناية عن المصدر، فيصح إثباتها في الوصل وتسكن كما أسكنت في {يؤده} «آل عمران 75»، {ونصله} «النساء 115» على قراءة من أسكنهان وقد حكى ابن الأنباري أن من العرب من يثبت هاء السكت في الوصل والوقف، بنوا الوصل على الوقف غير أن ابن ذكوان يصل الهاء بياء وهشام يكسرها، كأنهما جعلا الهاء لغير لسكت، جعلاها كناية عن المصدر، والفعل يدل على مصدره، كأنه في التقدير «اقتد الاقتداء» ففيه معنى التأكيد، كأنه قال: فبهداهم اقتد اقتد، ثم جعل المصدر عوضًا من الفعل الثاني، لتكرر اللفظ فاتصل بالفعل الأول فأضمر، فجاز كسر الهاء، وصلتها بياء على ما يجوز في هاء الكناية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/439]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (30- {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِ قُلْ} [آية/ 90] بإسقاط الهاء في الوصل دون الوقف:-
قرأها حمزة والكسائي ويعقوب.
هذا هو الأصل والقياس، وذلك أنه صيغة أمر من اقتدى يقتدي، فالقياس يقتضي أن لا يدخل فيه هاء في حال الوصل، كما تقول: اهتد، من اهتدى يهتدي، فأما في حال الوقف فمن العرب من يلحق الكلمة هاء لبيان الحركة التي في آخرها، فتقف على الهاء، فتقول: اقتده بالهاء ساكنه في حال الوقف، وتسمى هذه الهاء هاء السكت وهاء الوقف وهاء الاستراحة وهاء بيان الحركة، وهذه الهاء في آخر الكلمة بمنزلة ألف الوصل في أول الكلمة، فكما أن ألف الوصل إنما تكون في حال الابتداء وعلى ما قبله، فكذلك هذه الهاء إنما تثبت في حال الوقف والانقطاع، وكلاهما لا يثبتان في حال الوصل.
وقرأ الباقون بإثبات الهاء في الحاليين.
والوجه أنها في حال الوقف قياس على ما بيناه، وأما في حال الوصل فكان من القياس أن لا يثبت، لكنهم أجروا الوصل فيها مجرى الوقف، كما قال:
29- ببازل وجناء أو عيهل.
والأصل فيه: عيهل بالتخفيف، لكنهم أجروا الوصل مجرى الوقف فيه،
[الموضح: 484]
فإنهم يشددون آخر الكلمة من مثل ذلك في حال الوقف دون الوصل، ومثل هذا كثير في كلامهم، أعني ما أجري فيه الوصل مجرى الوقفي.
وقرأ ابن عامر بكسر الهاء وإشباعها.
والوجه أنه جعل الهاء كناية عن المصدر، ولم يجعلها الهاء التي تلحق للوقف، وحسن إضمار المصدر لذكر الفعل الدال عليه، والتقدير: فبهداهم اقتد الاقتداء، كما قال:
30- هذا سراقة للقرآن يدرسه = والمرء عند الرشا إن يلقها ذيب
أي يدرس الدرس). [الموضح: 485]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة