العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 08:10 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 77 إلى 110]

{وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (80) كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82) وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88) أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89) وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91) قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98) كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (101) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (104) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108) يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي} [طه: 77] أي ليلًا.
{فاضرب لهم طريقًا في البحر يبسًا} [طه: 77] قال الحسن: أتاه جبريل على فرسٍ فأمره أن يضرب البحر بعصاه، فصار طريقًا يبسًا.
قال يحيى: بلغني أنّه صار اثني عشر طريقًا، لكلّ سبطٍ طريقٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/268]
قوله: {لا تخاف دركًا ولا تخشى} [طه: 77] سعيدٌ، عن قتادة قال: لا تخاف دركًا أن يدركك فرعون من بعدك، {ولا تخشى} [طه: 77] الغرق أمامك). [تفسير القرآن العظيم: 1/269]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لاّ تخاف دركاً ولا تخشى...}

رفع على الاستئناف بلا؛ كما قال {وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا} وأكثر ما جاء في جواب الأمر بالرفع مع لا. وقد قرأ حمزة (لا تخف دركاً) فجزم على الجزاء ورفع (ولا تخشى) على الاستئناف، كما قال {يولّوكم الأدبار ثمّ لا ينصرون} فاستأنف بثمّ، فهذا مثله. ولو نوى حمزة بقوله: {ولا تخشى} الجزم وإن كانت فيه الياء كان صوابا؛ كما قال الشاعر:

* هزّي إليك الجذع يجنيك الجنى *
ولم يقل: يجنك الجنى.
وقال الآخر:
هجوت زبّان ثمّ جئت معتذراً =من سبّ زبّان لم تهجو ولم تدع
وقال الآخر:
ألم يأتيك والأنباء تنمي = بما لاقت لبون بني زياد
فأثبت في (يأتيك) الياء وهي في موضع جزم لسكونها فجاز ذلك). [معاني القرآن: 2/188،187]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أن أسر بعبادي} وقومٌ يجعلونه بغير ألف فيقولون: سريت وهو سري الليل أي سير الليل). [مجاز القرآن: 2/24]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {طريقاً في البحر يبساً} متحرك الحروف بالفتحة والمعنى يابساً، ويقال: شاة يبسٌ بفتح الباء أي يابسة ليس لها لبنٌ،
وبعضهم يسكن الباء،
قال علقمة بن عبدة:
تخشخش أبدان الحديد عليهم=كما خشخشت يبس الحصاد جنوب).
[مجاز القرآن: 2/24]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لاّ تخاف دركاً ولا تخشى}
وقال: {لاّ تخاف دركاً} أي {اضرب لهم طريقا} {لاّ تخاف} فيه {دركاً} وحذف "فيه" كما تقول: "زيدٌ أكرمت" تريد: "أكرمته"،
وكما قال: {واتّقوا يوماً لاّ تجزي نفسٌ عن نّفسٍ شيئاً} أي لا تجزى فيه). [معاني القرآن: 3/5]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يبسا}: يابسا. يقال شاة يبس وناقة يبس إذا لم يكن لها لبن). [غريب القرآن وتفسيره: 248]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يبساً}: يابسا. يقال لليابس: يبس ويبس.
{لا تخاف دركاً} أي لحاقا). [تفسير غريب القرآن: 281،280]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى}
{فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا}.
ويجوز يابسا ويبسا، بتسكين الباء، فمن قال يابسا جعله نعتا للطريق.
ومن قال يبسا فإنه نعته بالمصدر المعنى طريقا ذا يبس، يقال يبس الشيء وييبس يبسا، ويبسا ويبسا، ثلاث لغات في المصدر.
وقوله: {لا تخاف دركا ولا تخشى}.
ويجوز: لا تخف دركا ولا تخشى، فمن قرأ {لا تخاف} فالمعنى لست تخاف دركا، ومن قال لا تخف دركا فهو نهي عن أن يخاف، ومعناه لا تخف أن يدركك فرعون ولا تخشى الغرق). [معاني القرآن: 3/370،369]

تفسير قوله تعالى: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فأتبعهم فرعون بجنوده} [طه: 78] وكان جميع جنوده أربعين ألف ألفٍ.
{فغشيهم من اليمّ ما غشيهم} [طه: 78] واليمّ البحر.
فغرقوا). [تفسير القرآن العظيم: 1/269]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {فأتبعهم فرعون} أي لحقهم).
[تفسير غريب القرآن: 281]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليمّ ما غشيهم }
ويقرأ فاتبعهم فرعون بجنوده، فمن قرأ {فأتبعهم} ففيه دليل أنه أتبعهم ومعه الجنود، ومن قرأ (فاتّبعهم) فرعون بجنوده فمعناه ألحق جنوده بهم. وجائز أن يكون معهم على ذا اللفظ وجائز ألا يكون إلّا أنه قد كان معهم.
{فغشيهم من اليمّ ما غشيهم}.اليم: البحر، والمعنى فغشيهم من اليم ما غرقهم). [معاني القرآن: 3/370]

تفسير قوله تعالى: {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وأضلّ فرعون قومه وما هدى} [طه: 79] ما هداهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/269]

تفسير قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (80)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوّكم} [طه: 80] من فرعون وقومه.
{وواعدناكم جانب الطّور الأيمن} [طه: 80] أيمن الجبل، والطّور هو الجبل يعني مواعدته لموسى.
قوله: {ونزّلنا عليكم المنّ والسّلوى} [طه: 80] سعيدٌ، عن قتادة قال: المنّ كان ينزّل عليهم في محلّتهم مثل العسل، من طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس، والسّلوى هو الطّير الّذي يقال له السّمانى.
الحسن بن دينارٍ، عن الحسن قال: السّلوى السّمانى.
قرّة بن خالدٍ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ قال: السّلوى السّمانى). [تفسير القرآن العظيم: 1/269]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( و{الطّور}: الجبل).
[تفسير غريب القرآن: 281]


تفسير قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {كلوا من طيّبات ما رزقناكم} [طه: 81] المنّ والسّلوى.
وقال السّدّيّ: {من طيّبات ما رزقناكم} [طه: 81] يعني من الحلال، المنّ والسّلوى.
{ولا تطغوا فيه} [طه: 81] تفسير السّدّيّ يعني: لا تعصوا اللّه في رفع المنّ والسّلوى.
[تفسير القرآن العظيم: 1/269]
سعيدٌ، عن قتادة قال: كانوا لا يأخذون منه لغدٍ، لأنّه كان يفسد عندهم ولا يبقى إلا يوم الجمعة فإنّهم كانوا يأخذون ليوم الجمعة والسّبت، لأنّهم كانوا يتفرّغون في السّبت للعبادة ولا يعلمون شيئًا.
- حمّادٌ، عن عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: لولا بنو إسرائيل ما خنز لحمٌ، ولا أنتن طعامٌ، إنّهم لمّا أمروا أن يأخذوا ليومهم ادّخروا من يومهم لغدهم.
- خداشٌ عن، محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لولا بنو إسرائيل ما خنز لحمٌ، ولم...
الطّعام، ولولا حوّاء لم تخن أنثى زوجها».
قوله: {فيحلّ عليكم غضبي} [طه: 81] سعيدٌ، عن قتادة قال: يعني فيجب عليكم غضبي.
وهي تقرأ على وجهٍ آخر: فيحلّ عليكم غضبي أي: فينزل عليكم غضبي.
{ومن يحلل عليه غضبي} [طه: 81] هو مثل الحرف الأوّل، إلا أنّ قتادة قال: ومن ينزل عليه غضبي.
قوله: {فقد هوى} [طه: 81] في النّار.
وقال السّدّيّ: يعني فقد هلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/270]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فيحلّ عليكم غضبي...}

الكسر فيه أحبّ إليّ من الضم لأن الحلول ما وقع من يحلّ، ويحلّ: يجب، وجاء التفسير بالوجوب لا بالوقوع. وكلّ صواب إن شاء الله. والكسائيّ جعله على الوقوع وهي في قراءة الفرّاء بالضمّ مثل الكسائيّ سئل عنه فقاله، وفي قراءة عبد الله أو أبيّ {إن شاء الله} {ولا يحلّنّ عليكم غضبي ومن يحلل عليه} مضمومة. وأمّا قوله: {أم أردتم أن يحلّ عليكم} فهي مكسورة. وهي مثل الماضيتين، ولو ضمّت كان صواباً فإذا قلت حلّ بهم العذاب كانت يحلّ بالضم لا غير، فإذا قلت: على أو قلت يحلّ لك كذا وكذا فهو بالكسر).
[معاني القرآن: 2/188]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {كلوا من طيّبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحلّ عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى}
وقال: {فيحلّ} وفسره على "يجب" وقال بعضهم {يحلّ} على "النزول" فضم. وقال: {يصدّون} على"يضجّون" ولا أراها إلا لغة مثل "يعكف" "ويعكف" في معنى "يصدّ").
[معاني القرآن: 3/5]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({فيحل عليكم غضبي}: يجب عليكم. ومن قرأ.{يحل} فالمعنى ينزل عليكم من الحلول). [غريب القرآن وتفسيره: 248]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فقد هوى} أي هلك. يقال: هوت أمّه. أي هلكت). [تفسير غريب القرآن: 281]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {كلوا من طيّبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحلّ عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى }
ويقرأ (فيحلّ عليكم غضبي، ومن يحلل عليه غضبي.
فمن قرأ (فيحلّ عليكم) فمعناه فيجب عليكم، ومن قرأ (فيحلّ عليكم) فمعناه فينزل عليكم.
والقراءة: ومن يحلل بكسر اللام أكثر.
{فقد هوى}أي هلك وصار إلى الهاوية، وهي قعر نار جهنّم). [معاني القرآن: 3/370]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَيَحِلَّ}: يجب). [العمدة في غريب القرآن: 202]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإنّي لغفّارٌ لمن تاب} [طه: 82] من الشّرك.
{وآمن} [طه: 82] أي: أخلص الإيمان للّه.
{وعمل صالحًا} [طه: 82] في إيمانه.
[تفسير القرآن العظيم: 1/270]
{ثمّ اهتدى} [طه: 82] ثمّ مضى على العمل الصّالح حتّى يموت.
تفسير الحسن بن دينارٍ عن الحسن.
وقال بعضهم: {ثمّ اهتدى} [طه: 82] ثمّ عرف الثّواب). [تفسير القرآن العظيم: 1/271]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ثمّ اهتدى...}:

علم أن لذلك ثواباً وعقاباً). [معاني القرآن: 2/188]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وإنّي لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثمّ اهتدى}
أي تاب من ذنبه، وآمن بربّه وعمل بطاعته، ثم اهتدى، أي ثم أقام على إيمانه). [معاني القرآن: 3/370]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83)}

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما أعجلك عن قومك يا موسى {83} قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك ربّ لترضى {84}} [طه: 83-84] قال: هم أولاء ينتظرونني من بعدي بالّذي آتيهم به، وليس يعني أنّهم يتّبعونه.
وقال بعضهم: يعني السّبعين الّذي اختاروا فذهبوا معه للميعاد). [تفسير القرآن العظيم: 1/271]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قال هم أولاء على أثري...}

وقد قرأ بعض القراء (أولاي على أثري) يترك الهمز، وشبّهت بالإضافة إذا ترك الهمز، كما قرأ يحيى بن وثاب {ملّة آباي إبراهيم} {وتقبّل دعاي ربّنا}). [معاني القرآن: 2/189،188]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : {وقوله عزّ وجلّ: (قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك ربّ لترضى }
(أولاء) مبني على الكسر، (على أثري) من صلة (أولاء)، ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر، كأنّه قال: هم على أثري هؤلاء، والأجود أن يكون صلة.
ورويت أولاي على أثري ولا وجه لها، لأن الياء لا تكون بعد الألف آخرة إلا للإضافة نحو هداي، ولا أعلم أحدا من القراء المشهورين قرأ بها وذكرها الفراء، ولا وجه لها).
[معاني القرآن: 3/371،370]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فإنّا قد فتنّا قومك من بعدك وأضلّهم السّامريّ} [طه: 85] يقول: إنّ السّامريّ قد أضلّهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/271]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(قوله: {قال فإنّا قد فتنّا قومك من بعدك وأضلّهم السّامريّ}

أي ألقيناهم في فتنة ومحنة، واختبرناهم.
{وأضلّهم السّامريّ}.قال بعض أهل التفسير: السّامريّ علج من أهل كرمان، والأكثر في التفسير أنّه كان عظيما من عظماء بني إسرائيل من قبيلة تعرف بالسّامرة.
وهم إلى هذه الغاية في الشام يعرفون بالسامريين). [معاني القرآن: 3/371]

تفسير قوله تعالى:{فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفًا} [طه: 86] سعيدٌ، عن قتادة قال: أي حزينًا على ما صنع قومه من بعده.
وقال الحسن: شديد الغضب.
{قال يا قوم ألم يعدكم ربّكم وعدًا حسنًا} [طه: 86] في الآخرة على التّمسّك بدينه.
وقال السّدّيّ: {حسنًا} [طه: 86] يعني حقًّا.
{أفطال عليكم العهد} [طه: 86] قال مجاهدٌ: الوعد.
{أم أردتم أن يحلّ عليكم غضبٌ من ربّكم} [طه: 86]
[تفسير القرآن العظيم: 1/271]
قال قتادة: أن ينزل عليكم غضبٌ من ربّكم.
وهو مثل الحرف الأوّل). [تفسير القرآن العظيم: 1/272]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {أسفاً} أي شديد الغضب).
[تفسير غريب القرآن: 281]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال يا قوم ألم يعدكم ربّكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحلّ عليكم غضب من ربّكم فأخلفتم موعدي}
{غضبان أسفا}.أسف: شديد الحزن مع غضبه.
وقوله: {أن يحلّ عليكم غضب من ربّكم}.
القراءة فيها بالكسر في حاء يحل، على معنى أنه يجب عليكم، فالضم يجوز فيها على معنى أن ينزل عليكم غضب من ربكم). [معاني القرآن: 3/371]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فأخلفتم موعدي {86} قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا} [طه: 86-87] سعيدٌ، عن قتادة قال: بطاقتنا.
{ولكنّا حمّلنا} [طه: 87] وهي تقرأ أيضًا: حملنا، خفيفةً.
{أوزارًا} [طه: 87] قال الحسن: آثامًا.
وقال مجاهدٌ: أثقالًا.
وهو واحدٌ، ذلك الثّقل الإثم.
{من زينة القوم} [طه: 87] يعني قوم فرعون.
{فقذفناها فكذلك ألقى السّامريّ} [طه: 87] وذلك أنّ موسى كان واعدهم أربعين ليلةً، فعدّوا عشرين يومًا وعشرين ليلةً فقالوا: هذه أربعون، قد أخلف موسى الوعد.
وكانوا استعاروا من آل فرعون حليًّا لهم، كان نساء بني إسرائيل استعاروا من نساء آل فرعون ليوم الزّينة، يعني يوم العيد الّذي واعدهم موسى.
وكان اللّه أمر موسى أن يسري بهم ليلًا، فكره القوم أن يردّوا العواري على آل فرعون فيفطن بهم آل فرعون، فأسروا من اللّيل والعواري معهم.
فقال لهم السّامريّ بعد ما مضت عشرون يومًا وعشرون ليلةً في غيبة موسى في تفسير الكلبيّ، وقال قتادة بعد ما مضى الثّلاثون: إنّما ابتليتم بهذا الحليّ فهاتوه.
وألقى ما معه من الحليّ، وألقى القوم ما معهم وهو قوله: {فقذفناها فكذلك ألقى السّامريّ} [طه: 87] ما معه كما ألقينا ما معنا.
فصاغه عجلًا، ثمّ ألقى في فيه التّراب الّذي كان أخذه من تحت حافر فرس جبريل.
سعيدٌ، عن قتادة قال: كان اللّه تبارك وتعالى وقّت لموسى ثلاثين ليلةً
[تفسير القرآن العظيم: 1/272]
ثمّ أتمّها بعشرٍ، فلمّا مضت الثّلاثون قال السّامريّ: إنّما أصابكم الّذي أصابكم عقوبةً للحليّ الّذي معكم فهابوه.
وهو الحليّ الّذي استعاروا من آل فرعون.
فدفعوا إليه الحليّ، فصوّر لهم منها صورة بقرةٍ.
وقد كان صرّ في عمامته قبضةً من أثر فرس جبريل يوم جاز بنو إسرائيل البحر، فقذفها فيها). [تفسير القرآن العظيم: 1/273]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ما أخلفنا موعدك بملكنا...}

برفع الميم. (هذا قراءة القراء) ولو قرئت بملكنا (وملكنا) كان صواباً. ومعنى (ملكنا) في التفسير أنا لم نملك الصّواب إنما أخطأنا.
وقوله: {ولكنّا حمّلنا أوزاراً مّن زينة القوم} يعني ما أخذوا من قوم فرعون حين قذفهم البحر من الذهب والفضّة والحديد، فألقيناه في النار. فكذلك فعل السّامريّ فاتّبعناه. فلما خلصت فضّة ما ألقوا وذهبه صوّره السّامريّ عجلاً وكان قد أخذ قبضة من أثر فرس كانت تحت جبريل (قال السّامريّ لموسى: قذف في نفسي أني إن ألقيت تلك القبضة على ميّت حيى، فألقى تلك القبضة في أنف الثور وفي دبره فحيى وخار) ... وفي تفسير الكلبيّ أن الفرس كانت الحياة فذاك قوله: {وكذلك سوّلت لي نفسي} يقول زيّنته لي نفسي.
ومن قرأ بملكنا بكسر الميم فهو الملك يملكه الرجل تقول لكل شيء ملكته: هذا ملك يميني للمملوك وغيره مما ملك والملك مصدر ملكته ملكاً وملكة: مثل غلبته غلبا وغلبةً.
والملك السّلطان وبعض بني أسدٍ يقول مالي ملك، يقول: مالي شيء أملكه وملك الطريق وملكه: وجهه قال الشاعر:
أقامت على ملك الطريق =لها ولمنكوب المطايا جوانبه
ويقال مع ملك الطريق: فملكه. أقامت على عظم الطريق وعلى سجح الطريق وعلى سننه وسننه). [معاني القرآن: 2/190،189]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {بملكنا}: بما ملكت أيدينا. ومن قرأ {بملكنا} فالمعنى بسلطاننا). [غريب القرآن وتفسيره: 248]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما أخلفنا موعدك بملكنا} أي بقدر طاقتنا.
{ولكنّا حمّلنا أوزاراً من زينة القوم} أي أحمالا من حليّهم.
{فقذفناها} يعنون في النّار). [تفسير غريب القرآن: 281]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله عز وجل: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ} أي إثمك. وأصل الوزر: ما حمله الإنسان على ظهره.
قال الله عز وجل: {وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ} أي أحمالا من حليّهم. فشبه الإثم بالحمل، فجعل مكانه، وقال في موضع آخر: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} يريد آثامهم). [تأويل مشكل القرآن: 140] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنّا حمّلنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السّامريّ }
يجوز الضم والكسر والفتح في الميم. بملكنا، وبملكنا، وبملكنا.
فأصل الملك السلطان والقدرة، والملك ما حوته اليد، والملك المصدر.
تقول: ملكت الشيء أملكه ملكا.
وقيل في بعض التفسير: ما أخلفنا موعدك بأن ملكنا الصواب.
وجائز أن يكون ما أخلفنا موعدك بسلطان كان لنا ولا قدرة، ثم أخبروا سبب تأخرهم عنه فقالوا: (ولكنّا [حملنا] أوزارا من زينة القوم).
ويقرأ (حمّلنا أوزارا)، بتشديد الميم وكسرها، يعنون بالأوزار حليا كانوا أخذوها من آل فرعون حين قذفهم البحر فألقاهم على ساحله، فأخذوا الذهب والفضة، وسميت أوزارا لأن معناها الآثام، وجائز أن يكون سمّيت أوزارا يعنون بها أثقالا، لأن الوزر في اللغة الحمل، وسمّي الإثم وزرا لأن صاحبه قد حمّل بها ثقلا، قال اللّه تعالى: {ووضعنا عنك وزرك * الّذي أنقض ظهرك}.
فقالوا: حملنا حليّا فقذفناها في النار، وكذلك فعل السامريّ، أي ألقى حليّا كان معه). [معاني القرآن: 3/372،371]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بِمُلْكِنـا}: بما ملكت أيدينا.
{بِمِلْكِنا}: بسلطاننـا). [العمدة في غريب القرآن: 202]

تفسير قوله تعالى: {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {فأخرج لهم عجلا جسدًا له خوارٌ} [طه: 88]، جعل يخور خوار البقرة.
فقال عدوّ اللّه: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} [طه: 88] قال قتادة: وكان السّامريّ من عظماء بني إسرائيل، من قبيلةٍ يقال لها: سامرة، ولكن نافق بعدما قطع البحر مع موسى.
قال: {فأخرج لهم عجلا جسدًا له خوارٌ} [طه: 88] يخور خوار البقرة.
وقال مجاهدٌ: {له خوارٌ} [طه: 88] حفيف الرّيح فيه بخواره.
فقال: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} [طه: 88] سعيدٌ، عن قتادة قال: {فنسي} [طه: 88] أي: فنسي موسى.
يقول: إنّ موسى إنّما طلب هذا ولكن نسيه وخالفه في طريقٍ آخر). [تفسير القرآن العظيم: 1/273]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فنسي...}

يعني أن موسى نسي: أخطأ الطريق فأبطأ عنهم فاتّخذوا العجل فعيّرهم الله فقال. أفلا يرون أن العجل لا يتكلّم ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً). [معاني القرآن: 2/190]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي}
واختلف في تفسير خواره، فقيل إنه كان يخور كما يخور الثور من الحيوان، فإذا خار سجدوا له، وإذا عاد الخوار رفعوا من السجود، وقال بعضهم: إنما خار خورة واحدة،
ودليله: {أفلا يرون ألّا يرجع إليهم قولا}.
وقال مجاهد: خواره حفيف الريح إذا دخلت جوفه.
ويروى أن هارون عليه السلام مر بالسّامريّ وهو يصنع العجل فقال له: ما تصنع؟
قال أصنع ما لا ينفع ولا يضر، وقال: أدع، فقال هارون اللّهمّ أعطه ما يسأل كما يحبّ.
فسأل اللّه عزّ وجلّ أن يجعل للعجل خوارا، والذي قاله مجاهد من أن خواره حفيف الريح فيه، أسرع إلى القبول لأنه شيء ممكن.
والتفسير الآخر وهو أنه خوار ممكن في محنة اللّه عزّ وجلّ - أن امتحن القوم بذلك، وليس في خوار صفر ما يوجب عبادته لأنهم قد رأوه معمولا مصنوعا، فعبادتهم إياه لو خار وتكلّم كما يتكلّم الآدمي لم تجب به عبادته.
فقالوا: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي}.
قيل إن السّامريّ نسي ما كان عليه من الإيمان، لأنه نافق لما عبر البحر، المعنى فترك ما كان عليه من الإيمان، وقيل إن السّامريّ قال لهم إن موسى عليه السلام أراد هذا العجل فنسي وترك الطريق الذي يصل إليه). [معاني القرآن: 3/373،372]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فنسي} أخبرنا أبو عمر - قال: أنا ثعلب، عن ابن الأعرابي - قال: فنسي، أي: فترك ما أمره موسى به من الإيمان، وضل). [ياقوتة الصراط: 349]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {أفلا يرون} [طه: 89] أنّ ذلك العجل لا {يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرًّا ولا نفعًا {89} } [طه: 89]). [تفسير القرآن العظيم: 1/273]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {فنسي أفلا يرون ألاّ يرجع إليهم قولاً} مجازه أنه لا يرجع إليهم قولاً ومن لم يضمر الهاء نصب " أن لا يرجع ").

[مجاز القرآن: 2/24]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {أفلا يرون ألّا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرّا ولا نفعا}
كما قال: {ألم يروا أنّه لا يكلّمهم ولا يهديهم سبيلا}.
ويجوز أن لا يرجع بنصب بأن، والاختيار مع رأيت وعلمت وظننت أن لا يفعل، في معنى قد علمت أنه لا يفعل). [معاني القرآن: 3/373]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولقد قال لهم هارون من قبل} [طه: 90] أن يرجع إليهم موسى حين اتّخذوا العجل.
{يا قوم إنّما فتنتم به} [طه: 90] يعني بالعجل). [تفسير القرآن العظيم: 1/273]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وإنّ ربّكم الرّحمن فاتّبعوني وأطيعوا أمري {90} قالوا لن نبرح} [طه: 90-91]
[تفسير القرآن العظيم: 1/273]
لن نزال.
{عليه عاكفين} [طه: 91] نعبده). [تفسير القرآن العظيم: 1/274]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {لن نبرح عليه عاكفين} مجازه لن نزال، قال أوس بن حجر:

فما برحت خيلٌ تثوب وتدّعي=ويلحق منها لاحقٌ وتقّطع
أي فما زالت). [مجاز القرآن: 2/25]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({حتّى يرجع إلينا موسى {91} قال} [طه: 91-92] موسى لهارون لمّا رجع ورأى أنّهم اتّخذوا العجل). [تفسير القرآن العظيم: 1/274]

تفسير قوله تعالى: {أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93)}

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلّوا {92} ألّا تتّبعن أفعصيت أمري {93} قال يا ابن أمّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي} [طه: 92-94] وقد قال في الآية الأخرى: و....
{إنّي خشيت أن تقول فرّقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي} [طه: 94] قال: أي ولم....
يعني الميعاد لرجوعه، ولكن تركتهم وجئت وقد استخلفتك فيهم.
يقول: لو اتّبعتك وتركتهم لخشيت أن تقول لي هذا القول). [تفسير القرآن العظيم: 1/274]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
({يا بن أمّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي} فتح بعضهم الميم لأنهم جعلوه إسمين بمنزلة خمسة عشر لأنهما إسمان فأجروهما مجرى إسمٍ واحدٍ كقولهم: هو جاري بيت بيتً ولقيته كفة كفة، وكسر بعضهم الميم فقال يا بن أم بغير ياء ولا تنوين كما فعلوا ذلك بقولهم: يا زيد، بغير تنوين،

وقال زهير:
تبصّر خليلي هل ترى من ظغائن= تحمّلن بالعلياء من فوق جرثم
وأطلق بعضهم ياء الاضافة لأنه جعل النداء في ابن فقال يا ابن أمي، لأنه يجعل النداء في ابن كما جعله في زيد ثم أظهر في الاسم الثاني ياء الاضافة كما قال:
يا بن أمّي ويا شقّيق نفسي=أنت خلّيتني لدهرٍ شديد
وكذلك قال:
يا بنت عمي لاحني الهواجر فأطلق الياء وقال:
رجالٌ ونسوانٌ يودّون أنني=وإياك نخزى يابن عمّ ونفضح
فلم يطلق ياء الإضافة وجرها بعضهم وفتحها آخرون). [مجاز القرآن: 2/26،25]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولم ترقب قولي} مجازه لم تسمع قولي ولم تنتظر.وفي آية أخرى {لا يرقبون في مؤمنٍ إلاّ ولا ذمّةً} أي لا يراقبون).
[مجاز القرآن: 2/26]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - جلّ وعزّ -: {قال يبنؤمّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إنّي خشيت أن تقول فرّقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي}
(يا ابن أمّ) بفتح الميم، وإن شئت (يا ابن أمّ) - بكسر الميم - وفتحت أم والموضع موضع جر لأن (ابن) و (أم) جعلا اسما واحدا فبنى ابن وأم على الفتح، ومن قال (يا ابن أمّ) أضافه إلى نفسه.
وفيها وجه ثالث " يا ابن أمّي لا تأخذ " ولكنه لا يقرأ بها. ليست ثابتة الياء في المصحف.
ومثل هذا من الشعر:
يا ابن أمّي ويا شقيّق نفسي=أنت خلّيتني لأمر شديد
ولم يجئ هذا إلا في ابن أم، وابن عم، وذلك أنه يقال لمن ليس بأخ لأمّ. ولا بأخ ألبتّة: يا ابن أم، وكذلك يقال للأجنبي: يا ابن عم، فلما أزيل عن بابه بني على الفتح، وإن كان قد يقول القائل لأخيه من أمه أيضا يا ابن أمّ، فإنما أدخل أخاه في جملة من يقول له يا ابن أمّ.
وقد قيل في هارون إنّه لم يكن أخا موسى لأمّه - واللّه أعلم -). [معاني القرآن: 3/373]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ أقبل موسى على السّامريّ، قال له: {فما خطبك يا سامريّ} [طه: 95] أي: ما حجّتك؟). [تفسير القرآن العظيم: 1/274]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {فما خطبك} أي ما بالك وشأنك وأمرك واحد،

قال رؤبة:
والعبد حيّان بن ذات القنب=يا عجبا ما خطبه وخطبي).
[مجاز القرآن: 2/26]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ما خطبك}: ما أمرك). [غريب القرآن وتفسيره: 248]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قال فما خطبك يا سامريّ} أي ما أمرك وما شأنك؟). [تفسير غريب القرآن: 281]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {قال فما خطبك يا سامريّ}
معنى ما خطبك ما أمرك الذي تخاطب به). [معاني القرآن: 3/374]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ما خَطْبُـك}: شأنُـك). [العمدة في غريب القرآن: 203]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فقبضت قبضةً من أثر الرّسول} [طه: 96] يعني بني إسرائيل.
قال قتادة: يعني فرس جبريل.
{قال بصرت بما لم يبصروا به} [طه: 96] من أثر فرس جبريل من تحت حافر فرس جبريل.
{فنبذتها} [طه: 96] أي: ألقيتها في العجل، يعني حين صاغه، وكان صائغًا،
[تفسير القرآن العظيم: 1/274]
فخار العجل.
وهي في قراءة ابن مسعودٍ: من أثر الفرس، كان أخذها من أثر فرس جبريل، فصرّها في عمامته ثمّ قطع البحر فكانت معه.
- وحدّثني حمّاد بن سلمة، عن سماك بن حربٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّ هارون أتى على السّامريّ وهو يصنع العجل فقال: ما تصنع؟ قال: أصنع ما يضرّ ولا ينفع.
فقال هارون: اللّهمّ أعطه الّذي سألك على ما في نفسه.
فلمّا صنعه قال هارون: اللّهمّ إنّي أسألك أن يخور، فخار العجل وذلك بدعوة هارون.
قوله: {وكذلك سوّلت لي نفسي} [طه: 96] وكذلك زيّنت لي نفسي.
وقع في نفسي إذا ألقيتها في في العجل خار). [تفسير القرآن العظيم: 1/275]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فقبضت قبضةً...}

القبضة بالكف كلّها. والقبصة بأطراف الأصابع. وقرأ الحسن قبصة بالصاد والقبصة والقبضة جميعاً: اسم التراب بعينه فلو قرئتا كان وجهاً: ومثله ممّا قد قرئ به {إلاّ من اغترف غرفة بيده} و{غرفةً}. والغرفة: المغروف، والغرفة: الفعلة. وكذلك الحسوة والحسوة والخطوة والخطوة والأكلة والأكلة. والأكلة المأكول والأكلة المرّة. والخطوة ما بين القدمين في المشي، والخطوة: المرّة. وما كان مكسورا فهو مصدر مثل إنه لحسن المشية والجلسة والقعدة). [معاني القرآن: 2/190]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {قال بصرت بما لم تبصروا به} أي علمت ما لم تعلموه وبصرت فعلت في البصيرة فصرت بها عالماً بصيراً ولها موضع آخر قوم يقولون بصرت وأبصرت سواء بمنزلةٍ سرعت وأسرعت ماشيت). [مجاز القرآن: 2/26]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فقبضت قبضةً} أي أخذت ملء جمع كفي وقبضت قبضةً أي تناولت بأطراف أصابعي: {سوّلت لي نفسي} أي زينت له وأغوته، يقال: إنك لتسول لفلانٍ سوء عمله، أي تزين له). [مجاز القرآن: 2/26]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {بصرت بما لم يبصروا به}: علمت بما لم يعملوا به. يقال إنه لبصير أي عالم.
{فقبضت قبضة}: أخذت ملء جمع كفي ومن قرأ (قبصت) القبص التناول بأطراف الأصابع.
{سولت لي نفسي}: أي زينت). [غريب القرآن وتفسيره: 249]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فقبضت قبضةً من أثر الرّسول} يقال: إنها قبضة من تراب موطئ فرس جبريل، صلى اللّه عليه وسلم.
{فنبذتها} أي قذفتها في العجل.
{وكذلك سوّلت لي نفسي} أي زيّنت لي). [تفسير غريب القرآن: 281]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرّسول فنبذتها وكذلك سوّلت لي نفسي}
يقال: قد بصر الرجل يبصر إذا كان عليما بالشيء، وأبصر يبصر إذا نظر.
والتأويل علمت بما لم يعلموا به، وكان رأى فرس جبريل عليه السلام فقبض قبضة من تراب حافر الفرس، يقال: قبضت قبضة، وقبصت قبصة - بالصاد غير معجمة -
فالقبضة بجملة الكف، والقبصة بأطراف الأصابع. ويقرأ بالصاد والضاد، وفيه وجه آخر لم يقرأ به فيما علمت، يجوز فقبصت قبصة وقبصة، ولكن لا يجوز القراءة بها -
إن كان لم يقرأ بها -فالقبضة قبض الشيء مرة واحدة، والقبصة مقدار ما يقبص، ونظير هذا قوله عزّ وجلّ: {إلّا من اغترف غرفة بيده}، و {غرفة بيده}.
{فنبذتها}ألقيتها في العجل لتخور.
{وكذلك سوّلت لي نفسي}أي زيّنت لي نفسي، ومثله: {الشّيطان سوّل لهم وأملى لهم} ). [معاني القرآن: 3/374]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قال بَصُرْتُ}: علمت.
{فَقَبَضْتُ}: بملء كفي.
{سَوَّلَتْ}: زيّنت). [العمدة في غريب القرآن: 203]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال} [طه: 97] له موسى.
{فاذهب فإنّ لك في الحياة} [طه: 97] يعني حياة الدّنيا.
{أن تقول لا مساس} [طه: 97] لا تماسّ النّاس ولا يماسّونك، فهذه عقوبتك في الدّنيا ومن كان على دينك إلى يوم القيامة.
والسّامرة صنفٌ من اليهود.
وقال قتادة: بقايا السّامرة حتّى الآن بأرض الشّام يقولون: لا مساس.
قال: {وإنّ لك موعدًا لن تخلفه} [طه: 97] يعني يوم القيامة {لن تخلفه} [طه: 97]، أي: توافيه فيجزيك اللّه فيه بأسوأ عملك.
وقال قتادة: {لن تخلفه} [طه: 97] أي: لن تغيب عنه.
[تفسير القرآن العظيم: 1/275]
قوله: {وانظر إلى إلهك الّذي ظلت} [طه: 97] صرت.
{عليه عاكفًا} [طه: 97] عابدًا.
وقال السّدّيّ: {ظلت عليه عاكفًا} [طه: 97] يعني أقمت عليه عابدًا.
قال: {لنحرّقنّه} [طه: 97] قال يحيى: سمعت بعض الكوفيّين يقول: لنبرّدنّه.
{ثمّ لننسفنّه في اليمّ نسفًا} [طه: 97] وقال الكلبيّ: ذبحه موسى، ثمّ أحرقه بالنّار، ثمّ ذراه في البحر.
وهو في قول من قال هذا أنّه تحوّل لحمًا ودمًا.
وقوله: {لننسفنّه} [طه: 97] هو حين ذراه في البحر). [تفسير القرآن العظيم: 1/276]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فإنّ لك في الحياة أن تقول لا مساس...}

أي لا أمسّ ولا أمس، أوّل ذلك أن موسى أمرهم ألاّ يؤاكلوه ولا يخالطوه ولا يبايعوه. وتقرأ (لا مساس) وهي لغة فاشية: لا مساس لا مساس مثل نزال ونظار من الانتظار.
وقوله: {الذي ظلت عليه عاكفاً} و{ظلت} و{فظلتم تفكّهون} و{فظلتم} إنما جاز الفتح والكسر لأن معناهما ظللتم، فحذفت اللام الأولى: فمن كسر الظاء جعل كسرة اللام الساقطة في الظاء. ومن فتح الظاء قال: كانت مفتوحة فتركتها على فتحها.
ومثله مسست ومسست تقول العرب قد مست ذلك ومسته، وهممت بذلك وهمت، ووددت ووددت كذا في أنك فعلت ذاك، وهل أحسست صاحبك وهل أحست.
وقوله: {لّنحرّقنّه} بالنار و{لنحرقنّه} لنبردنّه بالحديد بردا من حرقت أحرقة وأحرقه لغتان.
وأنشدني المفضل:

بذي فرقين يوم بنو حبيبٍ=نيوبهم علينا يحرقونا
... حدثني حبّان بن عليّ عن الكلبيّ عن أبي صالح أن عليّ بن أبي طالب قال (لنحرقنّه) لنبردنّه).
[معاني القرآن: 2/191،190]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لا مساس} إذا كسرت الميم دخلها النصب والجر والرفع بالتنوين في مواضعهن وهي هاهنا منفية فلذلك نصبتها بغير تنوين قال الجعدي:
فأصبح من ذاك كالسامريّ=إذ قال موسى له لا مساسا
وقال القلاخ بن حزن المنقري:
ووتّر الأساور القياسا=صغديّةً تنتزع الأنفاسا
حتى يقول الأزد لا مساسا.
وهو المماسة والمخالطة، ومن فتح الميم جعله إسماً منه فلم يدخلها نصبٌ ولا رفعٌ وكسر آخرها بغير تنوين، كقوله:
تميمٌ كرهط السامريّش وقوله=ألا لا يريد السامري مساس
جر بغير تنوين وهو في موضع نصب لأنه أجرى مجرى " قطام " وحذام. ونزال إذا فتحوا أوله،
وقال زهير:
ولنعم حشر الدّرع أنت إذا=دعيت نزال ولجّ في الذّعر
وإن كسروا أوله دخله الرفع والنصب والجر والتنوين في مواضعها وهو المنازلة). [مجاز القرآن: 2/27،26]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {الّذي ظلت عليه عاكفاً} يفتح أوله قوم إذا ألقوا منه إحدى اللامين ويجزمون اللام الباقية لأنهم يدعونها على حالها في التضعيف قبل التخفيف كقولك: ظلت، وقوم يكسرون الظاء إذا حذفوا اللام المكسروة فيحولون عليها كسرة اللام فيقولون: ظلت عليه، وقد تحذف العرب التضعيف قال:
خلا أنّ العتاق من المطايا=أحسن به فهن إليه شوس
أراد أحسن به). [مجاز القرآن: 2/28]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لننسفنهّ في اليمّ نسفاً} مجازه: لنقذفنه ولنذرينه وكل شيء وضعته في منسفٍ، ثم طيرت عنه غباره بيديك أو قشوره فقد نسفته أيضاً، وما زلنا ننسف منذ اليوم أن نمشي، وفي آية آخرى {فقل ينسفها ربّي نسفاً} ). [مجاز القرآن: 2/28]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لا مساس}: أي لا مماسة ولا مخالطة.
{لنحرقنه}:من حرقت ومن قرأ {لنحرقنه} فالمعنى لنبردنه بردا.
{لننسفه}: أي لنذرينه). [غريب القرآن وتفسيره: 250،249]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أن تقول لا مساس} أي لا تخالط أحدا.
{وإنّ لك موعداً} أي يوم القيامة.
{ظلت عليه} عاكفاً أي مقيما.
{لنحرّقنّه} بالنار. ومن قرأ: (لنحرقنّه)، أراد لنبردنّه.
{ثمّ لننسفنّه في اليمّ} أي لنطيّرنّ تلك البرادة أو ذلك الرّماد في البحر). [تفسير غريب القرآن: 282،281]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال فاذهب فإنّ لك في الحياة أن تقول لا مساس وإنّ لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الّذي ظلت عليه عاكفا لنحرّقنّه ثمّ لننسفنّه في اليمّ نسفا}
وأنّ لك، ويجوز لا مساس، وأنّ لك - بفتح الميم وكسر السين الآخرة على وزن دراك وتراك، والتأويل أن موسى عليه السلام حرّم مخالطة السامريّ، فالمعنى إنك في الدنيا لا تخالط جزاء لفعلك.
فمن قرأ لا مساس - بفتح السين الأخيرة فهو منصوب على البدء به، ومن قال: لا مساس فهو مبني على الكسر، وهو نفي وقولك مساس، أي مساس القوم تأمر بذلك، فإذا قلت لا مساس فهو نفي ذلك، وبنيت مساس على الكسر وأصلها الفتح لمكان الألف، ولكن مساس ودراك مؤنث، فاختير الكسر لالتقاء السّاكنين لأنك تقول في المؤنث فعلت يا امرأة، وأعطيتك يا امرأة.
{وإنّ لك موعدا لن تخلفه}.
و{لن تخلفه}، فمن قرأ (لن تخلفه) فالمعنى يكافئك الله على ما فعلت في القيامة واللّه لا يخلف الميعاد، ومن قرأ (لن تخلفه) فالمعنى إنك تبعث وتوافي يوم القيامة، لا تقدر على غير ذلك، ولن تخلفه.
وقوله عزّ وجلّ: {وانظر إلى إلهك الّذي ظلت عليه عاكفا}.
وظلت بفتح الظاء وكسرها، فمن فتح فالأصل فيها ظللت، ولكن اللام حذفت لثقل التضعيف والكسر، وبقيت الظاء على فتحها.
ومن قرأ ظلت - بالكسر - حوّل كسرة اللام على الظاء، وقد يجوز في غير المكسور نحو أحست تريد أحسست، وقد حكيت همت بذلك، تريد هممت ومعنى عاكف مقيم، وعاكف منصوب خبر ظلت، ليس بمنصوب على الحال.
وقوله: {لنحرّقنّه}.
ويقرأ (لنحرقنّه). أي لنحرقنه بالنار، فإذا شدّد فالمعنى نحرقه مرة بعد مرة.
وقرئت لنحرقنّه، وتأويله لنبردنّه بالمبرد، يقال حرقت أحرق وأحرق إذا بردت الشيء.
ولم يقرأ لنحرقنّه، ولو قرئت كانت جائزة.
وقوله عزّ وجلّ : {ثمّ لننسفنّه في اليمّ نسفا}.
اليم: البحر، والنسف التذرية). [معاني القرآن: 3/376-374]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَا مِسَاسَ}: لا تخالط أحداً.
{لَّنُحَرِّقَنَّهُ}: أي بالنار. ومن قرأ (لَّنُحْرُقَنَّهُ): أراد لنبردنه. وقد يكون الأول من هذا (على) معنى التكرير). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 153]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لا مَسـاسَ}: لا مماسسـة.
{لَنُحَرِّقَنَّه}: بالنار.
{لَنَنْسِـفَنَّهُ}: لنذرينّـه). [العمدة في غريب القرآن: 203]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّما إلهكم اللّه الّذي لا إله إلا هو وسع كلّ شيءٍ علمًا} [طه: 98] سعيدٌ، عن قتادة قال: ملأ كلّ شيءٍ علمًا.
قال يحيى: أي لا يكون شيءٌ إلا بعلم اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/276]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {وسع كلّ شيءٍ علماً} مجازه: أحاط به علماً وعلمه، ويقال: لا أسع لهذا الذي تدعوني إليه، أي لا أقوم به ولا أقوى له،

قال أبو زبيد:
حمّال أثقال أهل الودّ آونةً=أعطيهم الجهد مني بله ما أسع
يقول: أعطيهم على الجهد مني بله، يقول: فدع ما أسع له وأحيط به وأقدر عليه فأناله حينئذٍ أعطي). [مجاز القرآن: 2/28]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وسع كل شيء علما}: أي أحاط). [غريب القرآن وتفسيره: 250]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وسع كلّ شيءٍ علماً} أي وسع علمه كل شيء). [تفسير غريب القرآن: 282]

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {كذلك نقصّ عليك من أنباء ما قد سبق} [طه: 99] من أخبار ما قد مضى.
{وقد آتيناك} [طه: 99] أي: وقد أعطيناك.
{من لدنّا} [طه: 99] من عندنا.
{ذكرًا} [طه: 99] القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 1/276]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {كذلك نقصّ عليك} مجازه نأثره).
[مجاز القرآن: 2/28]


تفسير قوله تعالى: {مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {من أعرض عنه} [طه: 100] عن القرآن ولم يؤمن به.
{فإنّه يحمل يوم القيامة وزرًا} [طه: 100]
[تفسير القرآن العظيم: 1/276]
قال مجاهدٌ: إثمًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/277]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {فإنّه يحمل يوم القيامة وزراً} أي ثقلاً وحملاً وإثماً).
[مجاز القرآن: 2/29]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يحمل يوم القيامة وزراً} أي إثما). [تفسير غريب القرآن: 282]

تفسير قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (101)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {خالدين فيه} [طه: 101] قال الحسن: في ثواب ذلك الوزر، وهي النّار.
{وساء لهم} [طه: 101] أي: وبئس لهم.
{يوم القيامة حملا} [طه: 101] ما يحملون على ظهورهم من الوزر وهو قوله: {وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون} [الأنعام: 31]
- يحيى، عن صاحبٍ له، عن إسماعيل بن رافعٍ، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: " إذا بعث اللّه الخلق يوم القيامة، بعث مع كلّ امرئٍ عمله، بعث مع المؤمن عمله في أحسن صورةٍ رآها قطّ، أحسنه حسنًا، وأجمله جمالًا، وأطيبه ريحًا، لا يرى شيئًا يخافه ولا شيئًا يروعه إلا قال: لا تخف وأبشر بالّذي يسرّك، لا واللّه ما
أنت الّذي تراد ولا أنت الّذي تعنى، فإذا قال له ذلك مرارًا قال له: من أنت أصلحك اللّه؟ واللّه ما رأيت أحدًا أحسن منك وجهًا، ولا أطيب منك ريحًا، ولا أحسن منك لفظًا، فيقول له: أتعجب من حسني؟ فيقول: نعم، فيقول: أنا واللّه عملك، إنّ عملك واللّه كان حسنًا، إنّك كنت تحملني في الدّنيا على ثقلٍ وإنّي واللّه لأحملنّك اليوم فيحمله، وهو قوله عزّ وجلّ: {وينجّي اللّه
الّذين اتّقوا بمفازتهم لا يمسّهم السّوء ولا هم يحزنون} [الزمر: 61] قال: ويبعث مع الآخر الكافر عمله في أقبح صورةٍ، أقبحه وجهًا، وأنتنه ريحًا، وأسوأه لفظًا، لا يرى شيئًا يروعه ولا يخافه إلا قال له: يا خبيث، أبشر بالّذي يسوءك، فأنت
[تفسير القرآن العظيم: 1/277]
واللّه الّذي تراد والّذي تعنى.
فإذا قال له ذلك مرارًا قال له: من أنت، أعوذ باللّه منك؟ واللّه ما رأيت أحدًا قطّ أسوأ منك لفظًا ولا أقبح منك وجهًا ولا أنتن منك ريحًا.
فيقول له: أتعجب من قبحي؟ فيقول له: نعم.
فيقول: أنا واللّه عملك الخبيث، إنّ عملك واللّه كان قبيحًا إنّك كنت تركبني في الدّنيا، وإنّي واللّه لأركبنّك اليوم وهو قوله عزّ وجلّ: {وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون} [الأنعام: 31). [تفسير القرآن العظيم: 1/278]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {خالدين فيه وساء لهم} ذلك الوزر {يوم القيامة حملاً} ).
[مجاز القرآن: 2/29]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {خالدين فيه} أي في عذاب ذلك الإثم). [تفسير غريب القرآن: 282]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا}
المعنى ساء الوزر لهم يوم القيامة، و {حملا} منصوب على التمييز). [معاني القرآن: 3/376]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يوم ينفخ في الصّور} [طه: 102] والصّور: قرنٌ ينفخ فيه صاحب الصّور، فينطلق كلّ روحٍ إلى جسده، تجعل الأرواح كلّها في الصّور، فإذا نفخ فيه خرجت الأرواح مثل النّحل، كلّ روحٍ إلى جسده.
قال: {ونحشر المجرمين} [طه: 102] يعني المشركين.
هذا حشرٌ إلى النّار.
{يومئذٍ زرقًا} [طه: 102] وقال السّدّيّ: {ونحشر المجرمين} [طه: 102] يعني بعد الحساب، نسوق المشركين إلى النّار زرقًا.
قال: مسودّةٌ وجوههم، كالحةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/278]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يومئذٍ زرقاً...}

يقال نحشرهم عطاشاً ويقال نحشرهم عمياً). [معاني القرآن: 2/191]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ونحشر المجرمين يومئذٍ زرقاً} أي بيض العيون من العمى:
قد ذهب السّواد والنّاظر). [تفسير غريب القرآن: 282]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {يوم ينفخ في الصّور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا}
قد جرى تفسيره فيما مضى.
وأكثر ما يذهب إليه أهل اللغة أن الصور جمع صورة.
وقوله عزّ وجلّ: {ونحشر المجرمين يومئذ زرقا}.
قيل عطاشا وقيل عميا، يخرجون من قبورهم بصراء كما خلقوا أول مرة ويعمون في المحشر، وإنما قيل زرقا لأن السواد يزرق إذا ذهبت نواظرهم.
ومن قال عطاشا فجيّد أيضا، لأنهم من شدة العطش يتغير سواد أعينهم حتى يزرق). [معاني القرآن: 3/376]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {زرقا} أخبرنا أبو عمر - قال: أنا ثعلب عن ابن الأعرابي - قال: يقال في قول الله - عز وجل: نحشرهم زرقا،
أي: عميانا، ويقال: نحشرهم زرقا، أي: عطاشا، ويقال: نحشرهم زرقا، أي: طامعين فيما لا ينالونه). [ياقوتة الصراط: 350،349]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {زُرْقًا}: أي بيض العيون من العمى، قد ذهب السواد والناظر وقيل: {زُرْقًا}: أي عطاشاً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 153]

تفسير قوله تعالى: {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {يتخافتون بينهم} [طه: 103] قال قتادة: أي يتسارّون بينهم، يسارّ بعضهم بعضًا.
{إن لبثتم} [طه: 103] في الدّنيا.
{إلا عشرًا} [طه: 103] يقلّلون لبثهم في الدّنيا.
تصاغرت الدّنيا عندهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/278]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يتخافتون بينهم...}

التخافت: الكلام المخفي). [معاني القرآن: 2/191]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يتخافتون بينهم} يتسارّون ويهمس بعضهم إلى بعض بالكلام وفي آية أخرى: {ولا تخافت بها} ). [مجاز القرآن: 2/29]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يتخافتون بينهم} أي يسار بعضهم بعضا. يقال: خفت الدعاء وخفت الكلام: إذا سكن). [تفسير غريب القرآن: 282]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عزّ وجلّ -: {يتخافتون بينهم إن لبثتم إلّا عشرا}
أصل الخفوت في اللغة السكون، والتخافت ههنا السّرار، فالمعنى أنهم يتسارّون بينهم). [معاني القرآن: 3/376]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ}: أي يسار بعضهم بعضاً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 153]

تفسير قوله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (104)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقةً} [طه: 104] وقال في آيةٍ أخرى: {ويذهبا بطريقتكم المثلى} [طه: 63]
[تفسير القرآن العظيم: 1/278]
قال قتادة: كانوا أكثر عددًا وأموالًا.
وقال بعضهم: {نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقةً} [طه: 104] : أعقلهم.
{إن لبثتم إلا يومًا} [طه: 104] قال قتادة: في الدّنيا وهي مواطن، قالوا: {إلا يومًا} [طه: 104]، و {إلا عشرًا} [طه: 103]، و {قالوا لبثنا يومًا أو بعض يومٍ} [الكهف: 19]، وقال: {كأنّهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشيّةً أو ضحاها} [النازعات: 46]، وقال: {كأنّهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعةً من نهارٍ} [الأحقاف: 35].
وقال: {ويوم تقوم السّاعة يقسم المجرمون} [الروم: 55] يحلف المجرمون، المشركون {ما لبثوا غير ساعةٍ} [الروم: 55] أي في الدّنيا، وذلك لتصاغر الدّنيا عندهم وقلّتها في طول الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/279]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أمثلهم طريقةً...}

أجودهم قولاً في نفسه وعندهم {إن لّبثتم إلاّ يوماً} وكذب). [معاني القرآن: 2/191]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إذ يقول أمثلهم طريقةً} أي رأيا). [تفسير غريب القرآن: 282]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلّا يوما}
{أمثلهم طريقة} أي أعلمهم عند نفسه بما يقول {إن لبثتم إلّا يوما}، معناه ما لبثتم إلا يوما). [معاني القرآن: 3/376]

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويسألونك عن الجبال} [طه: 105] سأل المشركون النّبيّ فقالوا: يا محمّد كيف هذه الجبال في ذلك اليوم الّذي تذكر؟ فقال اللّه: {ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربّي نسفًا} [طه: 105] من أصولها). [تفسير القرآن العظيم: 1/279]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ينسفها ربّي نسفاً...}
يقلعها). [معاني القرآن: 2/191]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً} مجازها: يطيرها فيستأصلها. {فيذرها قاعاً صفصفاً} أي مستوياً أملس). [مجاز القرآن: 2/29]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ينسفها ربي نسفا}: يستأصلها). [غريب القرآن وتفسيره: 250]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربّي نسفا}
النسف التذرية تصير الجبال كالهباء المنثور، تذرّى تذرية). [معاني القرآن: 3/376]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ينسفها ربي نسفا} أي: يقلعها قلعا من أصولها، ثم يذرها رملا: تسيل سيلا، ثم يصيرها كالصوف المنقوش تطيرها الرياح هكذا وهكذا. قال: ولا يكون العهن من الصوف إلا المصبوغ). [ياقوتة الصراط: 350]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( قوله: {يَنسِفُهَا}: أي يذيبها ويطيرها غباراً متفرقاً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 153]

تفسير قوله تعالى: {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {فيذرها} [طه: 106] فيذر الأرض.
{قاعًا صفصفًا} [طه: 106] القاع الّذي لا ثرى عليه، وهي القرقرة.
والصّفصف، الّذي ليس عليه نباتٌ، كلّها مستويةٌ في تفسير مجاهدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/279]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قاعاً صفصفاً...}

القاع مستنقع الماء والصفصف الأملس الذي لا نبات فيه). [معاني القرآن: 2/191]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({فيذرها قاعا}: القاع الذي يعلوه الماء.
الصفصف: المستوي من الأرض). [غريب القرآن وتفسيره: 250]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فيذرها قاعاً صفصفاً} والقاع من الأرض: المستوي الذي يعلوه الماء، والصّفصف: المستوي. يريد لا نبت فيها.
و(الأمت): النّبك). [تفسير غريب القرآن: 282]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فيذرها قاعا صفصفا}
القاع من الأرض المكان الذي يعلوه الماء، ويقال المكان الطيب والصّفصف، المستوي من الأرض). [معاني القرآن: 3/377]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {قاعا صفصفا} القاع: الأرض الملساء بلا نبات ولا بناء، والصفصف: القرعاء. والعوج: التعوج في الفجاج).
[ياقوتة الصراط: 351]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الصفصف): الذي لا نبت فيه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 153]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (القَـاع): الذي يعلوه المـاء يمينا وشمالا.
{الصّفْصَفُ}: المستوي). [العمدة في غريب القرآن: 203]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال مجاهدٌ: {لا ترى فيها عوجًا} [طه: 107] يعني انخفاضًا.
{ولا أمتًا} [طه: 107] : ولا ارتفاعًا.
وقال الحسن: غمار البحور ورءوس الجبال سواءٌ.
- سليمان بن يزيد، عن شيخٍ من أهل الجزيرة، عن أبي حازمٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: العوج: الوادي.
وقال قتادة: الأمت: الحدب). [تفسير القرآن العظيم: 1/280]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولا أمتاً...}

الأمت: موضع النبك من الأرض: ما ارتفع منها ويقال: مسايل الأودية (غير مهموزٍ) ما تسفل وقد سمعت العرب يقولون: ملأ القربة ملأ لا أمت فيها إذا لم يكن فيها استرخاء.
ويقال سرنا سيراً لا أمت فيه ولا وهن فيه ولا ضعف). [معاني القرآن: 2/191]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {عوجاً} مجازه مصدر ما أعوج من المحاني والمسايل والأدوية والارتفاع يميناً وشمالا إذا كسرت أوله، وإنه فتحته فهو في كل رمح وسنٍ وحائطٍ.
{ولا أمتاً} مجازه لا ربى ولا وطئاً أي لا ارتفاع ولا هبوط، يقال: مد حبله حتى ما ترك فيه أمتاً، أي استرخاءً وملأ سقاءه حتى ما ترك فيه أمتا، أي انثناءً.
وقال يزيد بن ضبة:
منعّمةٌ بيضاء ليس بها أمت
وقال الراجز:
ما في انجذاب سيره من أمت).
[مجاز القرآن: 2/30،29]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {عوجا ولا أمتا}: العوج ما اعوج يمينا وشمالا والأمت ما كان يرتفع فيه مرة ويهبط فيه أخرى.
يقال: مد حبله حتى ما فيه أمت وملأ سقاءه حتى لم يدع فيه أمتا). [غريب القرآن وتفسيره: 251،250]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {لا ترى فيها عوجا ولا أمتا}
العوج في العصا والجبل ألا يكون مستويا، والأمت أن يغلظ مكان ويدقّ مكان). [معاني القرآن: 3/377]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (والأمتً): النبك). [ياقوتة الصراط: 351]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (والأمت): النبك، وهو ما قام في الأرض من الطين فجف، واحده: نبكة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 154]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عِوَجـاً}: مائـلاً). [العمدة في غريب القرآن: 204]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يومئذٍ يتّبعون الدّاعي} [طه: 108] يوم تكون الأرض والجبال كذلك {يومئذٍ يتّبعون الدّاعي} [طه: 108] صاحب الصّور، يسرعون إليه حين يخرجون من قبورهم إلى بيت المقدس.
قال عبد اللّه بن مسعودٍ: يقوم ملكٌ بين السّماء والأرض بالصّور فينفخ فيه.
وقال قتادة: من الصّخرة من بيت المقدس.
قوله: {لا عوج له} [طه: 108] لا معدل عنه، في تفسير عاصمٍ عن مجاهدٍ، لا يتعوّجون أي عن إجابته يمينًا ولا شمالًا.
قوله: {وخشعت الأصوات للرّحمن} [طه: 108] يعني سكنت لقوله: {لا يتكلّمون} [النبأ: 38] قال: {فلا تسمع إلا همسًا} [طه: 108] الحسن بن دينارٍ عن الحسن قال: وطء الأقدام.
- وحدّثنا فطرٌ، عن رجلٍ، عن أبي العالية الرّياحيّ، عن ابن عبّاسٍ قال: الهمس الوطء.
- سعيدٌ، عن قتادة قال: في قراءة أبيّ بن كعبٍ: لا ينطقون إلا همسًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/280]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يتّبعون الدّاعي...}

يتّبعون صوت الداعي للحشر {لاعوج له} يقول لا عوج لهم عن الداعي فجاز أن يقول (له) لأن المذهب إلى الداعي وصوته. وهو كما تقول في الكلام: دعوتني دعوةً لا عوج لك عنها أي إنّي لا أعوج لك ولا عنك.
وقوله: {إلاّ همساً} يقال: نقل الأقدام إلى المحشر. ويقال: إنه الصّوت الخفيّ. وذكر عن ابن عباس أنه تمثّل:
وهنّ يمشين بنا هميساً =إن تصدق الطير ننك لميسا
فهذا صوت أخفاف الإبل في سيرها). [معاني القرآن: 2/192]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فلا تسمع إلّا همساً} أي صوتاً خفياً وهو مثل الركز، ويقال: همس إلي بحديثٍ، أي أخفاء: {وعنت الوجوه للحيّ القيوّم} فهي تعنو عنواً أي استأسرت فهي عوان لربها، واحدها عانٍ بمنزلة الأسير العاني لأسره، أي ذليل، ومنه قولهم: النساء عوانٍ عند أزواجهن). [مجاز القرآن: 2/30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {إلا همسا}: الهمس والركز واحد وهو الصوت الخفي. يقال همس إلى بكذا وكذا أي أخفاه). [غريب القرآن وتفسيره: 251]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يتّبعون الدّاعي لا عوج} أي لا يعدلون عنه ولا يعرجون في اتباعهم.
{وخشعت الأصوات} أي خفيت.
{فلا تسمع إلّا همساً} أي إلا صوتا خفيا. يقال: هو صوت الأقدام). [تفسير غريب القرآن: 282]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ} أي لا عوج لهم عنه). [تأويل مشكل القرآن: 222]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {يومئذ يتّبعون الدّاعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرّحمن فلا تسمع إلّا همسا}
المعنى لا عوج لهم عن دعائه، لا يقدرون أن لا يتبعوا وقوله - عزّ وجلّ -: {فلا تسمع إلّا همسا}.
الهمس في اللغة الشيء الخفيّ، والهمس - ههنا - في التفسير صوت وطء الأقدام). [معاني القرآن: 3/377]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وخشعت الأصوات للرحمن}: خشعت خضعت وذلت). [ياقوتة الصراط: 352]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا همسا} قال: الهمس: صوت الأقدام، بعضها على بعض). [ياقوتة الصراط: 352]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَا عِوَجَ لَهُ}: أي لا يعدلون عنه. {إِلَّا هَمْسًا}: أي صوتاً خفيا هو صوت الأقدام). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 154]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الهَمْـسُ}: الصوت الخفـيّ). [العمدة في غريب القرآن: 204]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يومئذٍ لا تنفع الشّفاعة إلا من أذن له الرّحمن ورضي له قولا} [طه: 109] التّوحيد.
خالدٌ عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لأنّ اللّه....».
كقوله: {يوم يقوم الرّوح} [النبأ: 38] روح كلّ شيءٍ في جسده، {والملائكة صفًّا لا يتكلّمون إلا من أذن له الرّحمن وقال صوابًا} [النبأ: 38] التّوحيد.
إنّ الكفّار ليست لهم شفاعةٌ، لا يشفع لهم كقوله: {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} [الأنبياء: 28] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/281]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يومئذٍ لاّ تنفع الشّفاعة إلاّ من أذن له...}

{من} في موضع نصب لا تنفع إلا من إذن له أن يشفع فيه.
وقوله: {ورضي له قولاً} كقولك: ورضي منه عمله وقد يقول الرجل. قد رضيت لك عملك ورضيته منك). [معاني القرآن: 2/192]

تفسير قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يعلم ما بين أيديهم} [طه: 110] من أمر الآخرة.
{وما خلفهم} [طه: 110] من أمر الدّنيا، أي: إذا صاروا في الآخرة.
وقال قتادة: يعلم...
من أمر السّاعة.
{ولا يحيطون به علمًا} [طه: 110] ويعلم ما لا يحيطون به علمًا.
تبعٌ للكلام الأوّل.
أي: ويعلم ما لا يحيطون به علمًا، ما لا يعلمون). [تفسير القرآن العظيم: 1/281]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم...}

يعني ملائكته الذين عبدهم من عبدهم. فقال: هم لا يعلمون ما بين أيديهم وما خلفهم، هو الذي يعلمه. فذلك قوله: {ولا يحيطون به علماً}). [معاني القرآن: 2/192]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما}.
ما بين أيديهم من أمر القيامة، وجميع ما يكون، وما خلفهم ما قد وقع من أعمالهم). [معاني القرآن: 3/377]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 08:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 111 إلى آخر السورة]

{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127) أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128) وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130) وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135)}

تفسير قوله تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم} [طه: 111] سعيدٌ، عن قتادة قال: ذلّت الوجوه للحيّ القيّوم.
قال قتادة: القائم على كلّ شيءٍ.
وقال الحسن: القائم على كلّ نفسٍ بما كسبت حتّى يجزيها بعملها.
قوله: {وقد خاب من حمل ظلمًا} [طه: 111] من حمل شركًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/281]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم...}

يقال نصبت له عملت له وذكر أيضاً أنه وضع المسلم يديه وجبهته وركبتيه إذا سجد وركع وهو في معنى العربيّة أن يقول الرجل عنوت لك: خضعت لك وأطعتك.
ويقال الأرض لم تعن بشيء أي لم تنبت شيئاً، ويقال: لم تعن بشيء والمعنى واحد كما قيل حثوت عليه التراب وحثيت التراب.
والعنوة في قول العرب: أخذت هذا الشيء عنوة يكون غلبة ويكون عن تسليم وطاعة ممّن يؤخذ منه الشيء قال الشاعر:

فما أخذوها عن مودّةٍ =ولكن بضرب المشرفيّ استقالها
فهذا على معنى الطاعة والتسليم بلا قتال). [معاني القرآن: 2/193،192]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم وقد خاب من حمل ظلماً}
وقال: {وعنت الوجوه} يقول: "عنت" "تعنو" "عنوّاً").[معاني القرآن: 3/6]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وعنت الوجوه}: أي خضعت يقال عنا لك وجهي يعنو عنوا أي خضع، والعاني الأسير والنساء عوان عند أزواجهن منه).
[غريب القرآن وتفسيره: 251]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وعنت الوجوه} أي ذلّت. وأصله من عنيته: أي حبسته.
ومنه قيل للأسير: عان). [تفسير غريب القرآن: 282]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم وقد خاب من حمل ظلما}
معنى عنت في اللغة خضعت، يقال عنا يعنو إذا خضع، ومنه قيل أخذت البلاد عنوة، إذا أخذت غلبة، وأخذت بخضوع من أهلها). [معاني القرآن: 3/377]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وعنت الوجوه للحي القيوم} أي: خضعت وذلت). [ياقوتة الصراط: 352]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ}: أي ذلت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 154]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَعَنَـتْ}: خضعـت). [العمدة في غريب القرآن: 204]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ومن يعمل من الصّالحات وهو مؤمنٌ فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا} [طه: 112] لا يجزى بالعمل الصّالح في الآخرة إلا المؤمن، ويجزى به الكافر في الدّنيا.
قال: {فلا يخاف ظلمًا} [طه: 112] أن يزاد عليه سيّئاته في تفسير الحسن.
وقال قتادة: لا يخاف أن يحمل عليه من ذنب غيره.
{ولا هضمًا} [طه: 112] لا ينقص من حسناته.
المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: لا يخاف ظلمًا ولا نقصًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/282]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فلا يخاف ظلماً ولا هضماً...}

تقول العرب: هضمت لك من حقّي أي حططته، وجاء عن علي بن أبي طالب في يوم الجمل أنه قيل له أهضم أم قصاصٌ قال: ما عمل به فهو تحت قديّ هاتين فجعله هدراً وهو النقص). [معاني القرآن: 2/193]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ومن يعمل من الصّالحات} مجازه ومن يعمل الصالحات، و " من " من حروف الزوائد، وفي آية أخرى: " فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين،
وقال الشاعر:
جزيتك ضعف الحبّ لما استثبته=وما إن جزاك الضّعف من أحدٍ قبلي
زاد " من " لماكن النفي لا تزاد " من " في أمرٍ واجبٍ، يقال: ما عندي من شيء وما عندك من خيرٍ وهل عندك من طعام، فإذا كان واجباً لم يجز شيء من هذا فلا تقول: عندي من خير ولا عندي من درهم وأنت تريد: عندي درهم). [مجاز القرآن: 2/31]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا هضماً} أي ولا نقيصة،
قال لبيد:
ومقسّمٌ يعطي العشيرة حقّها=ومغذمرٌ لحقوقها هضّامها
يقال: هضمني فلان حقي ومنه هضيم الكشح أي ضامر البطن ومنه، طلعها هضيمٌ قد لزق بعضه ببعض وضم بعضه بعضاً، ويقال: هضمني طعامي، ألا ترى أنه قد ذهب ؛
وهو في قول أحسن: أكيلٌ هضومٌ مطعمٌ قد أمكن أن يؤكل). [مجاز القرآن: 2/31]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ولا هضما}: أي نقيصة ومنه هضمني حقي ومنه هضيم الكشح أي ليس بمنتفخ البطن ومنه هضيم الكشح أي ليس بمنتفخ البطن ومنه طلعها هضيم قد لزق بعضه ببعض ومنه: هضمي الطعام). [غريب القرآن وتفسيره: 251]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا هضماً} أي نقصة. يقال: تهضّمني حقّي وهضمني.
ومنه هضيم الكشحين: أي ضامر الجنبين، كأنهما هضما. وقوله: {ونخلٍ طلعها هضيمٌ} أي منهضم).[تفسير غريب القرآن: 282،283]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ومن يعمل من الصّالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما}
الهضم: النّقص، يقال فلان يهضمني حقي أي ينقصني، كذلك هذا شيء يهضم الطعام، أي ينقص ثقلته). [معاني القرآن: 3/377]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ولا هضما} الهضم: النقص). [ياقوتة الصراط: 353]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَلَا هَضْمًا}: أي نقيصة. ومنه قوله: هضيم الكشحين، أي ضامر الجنبين كأنهما هضما.
وقوله تعالى: {ونخل طلعها هضيم}: أي منضم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 154]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {هَضْمـاً}: نقصـاً). [العمدة في غريب القرآن: 204]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وكذلك أنزلناه قرءانًا عربيًّا وصرّفنا فيه من الوعيد} [طه: 113] من يعمل كذا فله كذا، فذكره في هذه السّورة ثمّ في سورةٍ أخرى.
{لعلّهم يتّقون أو يحدث لهم ذكرًا} [طه: 113] تفسير السّدّيّ: لعلّهم يتّقون ويحدث لهم ذكرًا، يعني القرون الأولى.
والألف هاهنا صلةٌ.
وهي تقرأ بالياء والتّاء.
فمن قرأها بالياء يقول: أو يحدث لهم القرآن ذكرًا أي جدًّا وورعًا في تفسير قتادة.
ومن قرأها بالتّاء يقول: أو تحدث لهم يا محمّد ذكرًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/282]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أو يحدث لهم ذكراً...}.

شرفاً وهو مثل قول الله {وإنّه لذكرٌ لك ولقومك} أي شرف ويقال {أو يحدث لهم ذكراً} عذاباً أي يتذكرون حلول العذاب الذي وعدوه). [معاني القرآن: 2/193]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وصرّفنا فيه من الوعيد} مجازه بيناً). [مجاز القرآن: 2/32]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ((أو): تأتي للشك، تقول. رأيت عبد الله أو محمدا.
وتكون للتخيير بين شيئين=وربما كانت بمعنى واو النّسق.
كقوله: {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا * عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} يريد: عذرا ونذرا. وقوله: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} وقوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} أي لعلهم يتقون ويحدث لهم القرآن ذكرا.
هذا كلّه عند المفسرين بمعنى واو النّسق). [تأويل مشكل القرآن: 544]

تفسير قوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فتعالى اللّه} [طه: 114] من باب العلوّ: ارتفع.
{الملك الحقّ} [طه: 114] والحقّ اسمٌ من أسماء اللّه.
{ولا تعجل بالقرءان من قبل أن يقضى إليك وحيه} [طه: 114] سعيدٌ، عن قتادة قال: بيانه.
[تفسير القرآن العظيم: 1/282]
وقال الحسن: فرائضه، وحدوده، وأحكامه، وحلاله، وحرامه.
كان النّبيّ عليه السّلام إذا نزل عليه الوحي يقرأه ويدئب فيه نفسه مخافة أن ينسى، فأنزل اللّه: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16] نحن نحفظه عليك فلا تنسى.
قال اللّه: {إلا ما شاء اللّه} [الأنعام: 128]، وهو قوله: {سنقرئك فلا تنسى {6} إلا ما شاء اللّه} [الأعلى: 6-7]، وهو قوله: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها} [البقرة: 106] ينسها نبيّه.
قال: {فإذا قرأناه فاتّبع قرءانه} [القيامة: 18] فرائضه، وحدوده، والعمل به.
وقال السّدّيّ: {من قبل أن يقضى إليك وحيه} [طه: 114] يعني لا تعجل بالقرآن من قبل أن ينزل إليك جبريل بالوحي.
قال: {وقل ربّ زدني علمًا} [طه: 114] وقال مجاهدٌ: {ولا تعجل بالقرءان من قبل أن يقضى إليك وحيه} [طه: 114]...
لا تتله على أحدٍ حتّى نتمّه لك). [تفسير القرآن العظيم: 1/283]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولا تعجل بالقرآن من قبل إن يقضى إليك وحيه...}

كان صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جبريل بالوحي عجل بقراءته قبل أن يستتمّ جبريل تلاوته، فأمر ألاّ يعجل حتى يستتمّ جبريل تلاوته،
وقوله: {فنسي} ترك ما أمر به).[معاني القرآن: 2/193]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} أي لا تعجل بتلاوته قبل أن يفرغ من وحيه إليك.
وكان رسول اللّه - صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم- يبادر بقراءته قبل أن يتمم جبريل، خوفا من النسيان). [تفسير غريب القرآن: 283]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي} [طه: 115] يعني: فتردّ العهد.
يقول: فترك ما أمر به: ألا يأكل من الشّجرة.
{ولم نجد له عزمًا} [طه: 115] سعيدٌ، عن قتادة قال: صبرًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/283]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولم نجد له عزماً...}

صريمةً ولا حزما فيما فعل). [معاني القرآن: 2/193]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي} أي ترك العهد.
{ولم نجد له عزماً} أي رأيا معزوما عليه). [تفسير غريب القرآن: 283]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والنسيان: الترك، كقول الله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ}، أي ترك.
وقوله: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا}، أي بما تركتم الإيمان بلقاء هذا اليوم {إِنَّا نَسِينَاكُمْ}، أي تركناكم.
وقوله: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}، أي لا تتركوا ذلك). [تأويل مشكل القرآن: 500] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما}
{فنسي} ههنا معناه فترك، لأن النّاسي لا يؤاخذ بنسيانه، وجاء في الحديث " لو وزن حلم بني آدم مذ كان آدم إلى أن تقوم السّاعة ما وفى حلم جميع من ولده وحزمهم بحلم آدم وحزمه - صلى الله عليه وسلم - وقال عزّ وجلّ: {ولم نجد له عزما} ). [معاني القرآن: 3/378]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى} [طه: 116] أن يسجد). [تفسير القرآن العظيم: 1/283]

تفسير قوله تعالى: {فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فقلنا يا آدم إنّ هذا عدوٌّ لك ولزوجك فلا يخرجنّكما من الجنّة فتشقى} [طه: 117] أي: إنّكما إذا عصيتما اللّه أخرجكما من الجنّة {فتشقى} [طه: 117] في الدّنيا، الكدّ فيها.
[تفسير القرآن العظيم: 1/283]
وقال بعضهم: تأكل من عمل يديك وعرق جبينك). [تفسير القرآن العظيم: 1/284]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فلا يخرجنّكما من الجنّة فتشقى...}

ولم يقل: فتشقيا لأنّ آدم هو المخاطب، وفي فعله اكتفاء من فعل المرأة. ومثله قوله في ق {عن اليمين وعن الشّمال قعيد} اكتفى بالقعيد من صاحبه لأن المعنى معروف.
ومعنى {فتشقى} تأكل من كدّ يدك وعملك). [معاني القرآن: 2/193]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إنّ لك ألّا تجوع فيها} [طه: 118] في الجنّة.
{ولا تعرى} [طه: 118] كانا كسيا الظّفر). [تفسير القرآن العظيم: 1/284]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إنّ لك ألاّ تجوع فيها...}

أن فيها في موضع نصبٍ لأنّ إنّ وليت ولعلّ إذا ولين صفةً نصبت ما بعدها فأنّ من ذلك).[معاني القرآن: 2/194]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وأنّك لا تظمأ فيها} [طه: 119] لا تعطش فيها.
{ولا تضحى} [طه: 119] قال قتادة: لا تصيبك فيها شمسٌ.....
{ولا تضحى} [طه: 119] يعني: لا يصيبك حرّ شمسٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/284]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وأنّك لا تظمأ فيها...}

نصب أيضاً. ومن قرأ {وإنّك لا تظمأ} جعله مردودا على قوله (إنّ) التي قبل (لك) ويجوز أن تستأنفها فتكسرها بغير عطف على شيء ولو جعلت {وأنّك لا تظمأ}
بالفتح مستأنفة تنوي بها الرفع على قولك ولك أنك لا تظمأ فيها ولا تضحى كان صواباً.
وقوله: {ولا تضحى}: لا تصيبك شمس مؤذية وذكر في بعض التفسير {ولا تضحى}: لا تعرق والأول أشبه بالصواب،
قال الشاعر:
رأت رجلا أمّا إذا الشمس أعرضت=فيضحى وأمّا بالعشي فيخصر
فقد بيّن. ويقال: ضحيت). [معاني القرآن: 2/194]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لا تظمأ فيها ولا تضحى} أي لا تعطش ولا تضحى للشمس فتجد الحر،
قال عمر بن أبي ربيعة.
رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت=فيضحى وأمّا بالعشى فيحضر).
[مجاز القرآن: 2/32]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لا تظمأ فيها}: لا تعطش.
{ولا تضحى}: الضحى البروز إلى الشمس والمعنى لا يصيبك الحر). [غريب القرآن وتفسيره: 252،251]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا تضحى} أي لا يصيبك الضّحي وهو الشمس). [تفسير غريب القرآن: 283]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - سبحانه -: {وأنّك لا تظمأ فيها ولا تضحى}
يجوز (وإنّك) بالكسر، (وأنّك) بالفتح، فإذا كسرت فعلى الاستئناف وعطف جملة كلام على جملة، وإذا فتحت فعلى معنى إن لك " أن لا " تظمأ فيها،
فتنسق بأنك على (ألّا تجوع).
ويكون أنك على هذا القول في موضع نصب.
ويجوز أن يكون في موضع رفع، والعطف على اسم إن وأنّ، لأن معنى إن زيدا قائم زيد قائم فالمعنى ذلك إنك لا تظمأ فيها.
ومعنى {لا تظمأ} لا تعطش، يقال ظمئ الرجل يظمأ ظمأ فهو ظمآن بمعنى عطشان.
ومعنى {لا تضحى} ولا تصيبك الشمس، ولا تبرز يقال ضحى الرجل يضحى إذا برز إلى الشمس.
قال الشاعر:
رأت رجلا أمّا إذا الشمس عارضت=فيضحى وأمّا بالعشيّ فيخصر
ومعنى - يخصر يصيبه الخصر وهو شدة البرد، وبلوغه الأطراف). [معاني القرآن: 3/378]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا} أي: لا تعطش. {ولا تضحى} أي: لا تصيبك الشمس، فتؤذيك). [ياقوتة الصراط: 353]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَلَا تَضْحَى}: أي لا يصيبك الضحى وهو الشمس). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 154]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لا تَظْمَـأُ}: تعطش.
{ولاَ تَضْحـى}: لا تبرز للشمس). [العمدة في غريب القرآن: 204]

تفسير قوله تعالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فوسوس إليه الشّيطان قال يا آدم هل أدلّك} [طه: 120] يقول: ألا أدلّك وهو تفسير السّدّيّ.
{على شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى} [طه: 120] أي إنّك إن أكلت منها خلّدت في الجنّة، وهو قوله: {ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلا أن تكونا ملكين} [الأعراف: 20] يقول: أي لكيلا تكونا ملكين {أو تكونا من الخالدين} [الأعراف: 20] يقول: إذا أكلتما من الشّجرة تحوّلتما ملكين من ملائكة اللّه، أو كنتما من الخالدين.
- الصّلت بن دينارٍ، عن أبي أيّوب، عن أبي هريرة قال: إنّ في الجنّة لشجرةً يسير الرّاكب يسير في ظلّها مائة سنةٍ ما يقطعها.
قلت: يا أبا هريرة، أيّ شجرةٍ هي؟ قال: شجرة الخلد). [تفسير القرآن العظيم: 1/284]

تفسير قوله تعالى: {فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فأكلا منها} [طه: 121] فبدأت حوّاء قبل آدم في تفسير الكلبيّ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/284]
{فبدت لهما سوءاتهما} [طه: 121] وقال الحسن: لو أنّ حوّاء بدأت قبل آدم فبدت سوأتها عند ذلك لكانت له عظةً ولكن لمّا أكل آدم بدت لهما سوآتهما.
- سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، عن أبيّ بن كعبٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " كان آدم رجلًا طوالًا كأنّه نخلةٌ سحوقٌ، جعد شعر الرّأس.
فلمّا وقع بما وقع به بدت له عورته، وكان لا يراها قبل ذلك، فانطلق هاربًا في الجنّة فأخذت شجرةٌ من شجر الجنّة برأسه فقال لها: أرسليني.
فقالت: لست بمرسلتك.
فناداه ربّه: يا آدم، أمنّي تفرّ؟ قال: يا ربّ إنّي أستحييك ".
قوله: {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة} [طه: 121] أي وجعلا يخصفان عليهما من ورق الجنّة، يرقّعانه كهيئة الثّوب في تفسير مجاهدٍ.
قال: {وعصى آدم ربّه فغوى} [طه: 121] يعني المعصية ولم تبلغ بالمعصية الضّلال). [تفسير القرآن العظيم: 1/285]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وطفقا يخصفان...}

هو في العربية: أقبلا يخصفان وجعلاً يخصفان. وكذلك قوله: {فطفق مسحاً بالسوق والأعناق} (وقيل ها هنا): جعلا يلصقان عليهما ورق التين وهو يتهافت عنهما).
[معاني القرآن: 2/194]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (يستوحش كثير من الناس من أن يلحقوا بالأنبياء ذنوبا، ويحملهم التنزيه لهم، صلوات الله عليهم،
على مخالفة كتاب الله جلّ ذكره، واستكراه التأويل، وعلى أن يلتمسوا لألفاظه المخارج البعيدة بالحيل الضعيفة التي لا تخيل عليهم، أو على من علم منهم-
أنّها ليست لتلك الألفاظ بشكل، ولا لتلك المعاني بلفق.
كتأوّلهم في قوله تعالى: {وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} أي: بشم من أكل الشجرة. وذهبوا إلى قول العرب: غوى الفصيل: إذا أكثر من اللبن حتى يبشم.
وذلك غوى- بفتح الواو- يغوي غيّا. وهو من البشم غوي- بكسر الواو- يغوى غوى. قال الشاعر يذكر قوسا:
معطَّفَةَ الأَثْنَاءِ لَيْسَ فَصِيلُهَا = برازِئها دَرًّا ولا مَيِّتٍ غَوَى
وأراد بالفصيل: السّهم. يقول: ليس يرزؤها درّا، ولا يموت بَشَمًا، ولو وجد أيضا في (عصى) مثل هذا السَّنَنِ لركبوه، وليس في (غوى) شيء إلا ما في (عصى) من معنى الذّنب،
لأن العاصي لله التّارك لأمره غاو في حاله تلك، والغاوي عاص. والغيّ ضدّ الرّشد، كما أن المعصية ضد الطاعة.
وقد أكل آدم، صلّى الله عليه وسلم، من الشجرة التي نهي عنها باستزلال إبليس وخدائعه إيّاه بالله والقسم به إنه لمن الناصحين، حتى دلّاه بغرور.
ولم يكن ذنبه عن إرصاد وعداوة وإرهاص كذنوب أعداء الله. فنحن نقول: (عصى وغوى)، كما قال الله تعالى، ولا نقول: آدم (عاص ولا غاو)،
لأن ذلك لم يكن عن اعتقاد متقدّم ولا نيّة صحيحة، كما تقول لرجل قطع ثوبا وخاطه: قد قطعه وخاطه، ولا تقل: خائط ولا خيّاط حتى يكون معاودا لذلك الفعل، معروفا به).
وكتأولهم في قوله سبحانه: ولقد همّت به وهمّ بها أنها همّت بالمعصية، وهمّ بالفرار منها! وقال (بعضهم): وهمّ بضربها! والله تعالى يقول: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}.
أفتراه أراد الفرار منها. أو الضرب لها، فلما رأى البرهان أقام عندها وأمسك عن ضربها ؟! هذا ما ليس به خفاء ولا يغلط متأوّله.
ولكنها همّت منه بالمعصية همّ نيّة واعتقاد، وهمّ نبي الله صلّى الله عليه وسلم، همّا عارضا بعد طول المراودة، وعند حدوث الشهوة التي أتي أكثر الأنبياء في هفواتهم منها.
وقد روي في الحديث: أنه ليس من نبي إلا وقد أخطأ أو همّ بخطيئة غير يحيى بن زكريا، عليهما السلام، لأنّه كان حصورا لا يأتي النساء ولا يريدهنّ. فهذا يدلّك على أنّ أكثر زلّات الأنبياء من هذه الجهة، وإن كانوا لم يأتوا في شيء منها فاحشة، بنعم الله عليهم ومنّه، فإن الصغير منهم كبير لما آتاهم الله من المعرفة، واصطفاهم له من الرسالة، وأقام عليهم من الحجّة. ولذلك قال يوسف، صلّى الله عليه وسلم: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}، يريد ما أضمره وحدّث به نفسه عند حدوث الشّهوة.
وقد وضع الله تعالى الحرج عمّن همّ بخطيئة ولم يعملها). [تأويل مشكل القرآن:402-405]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {يخصفان}: أي: يلصقان). [ياقوتة الصراط: 353]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {عليهما من ورق الجنة} قال: أخذا من ورق تين الجنة، لأنه واسع). [ياقوتة الصراط: 354]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ثمّ اجتباه ربّه} [طه: 122] وهو قوله: {فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ} [البقرة: 37] فقالا: {ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين} [الأعراف: 23] قال: {فتاب عليه} [طه: 122] من ذلك الذّنب.
{وهدى} [طه: 122] مات على الهدى). [تفسير القرآن العظيم: 1/285]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ثمّ اجتباه ربّه...}

اختاره {فتاب عليه وهدى} أي هداه للتوبة). [معاني القرآن: 2/194]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال اهبطا منها جميعًا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} [طه: 123] وقد فسّرناه في سورة البقرة.
قوله: {فمن اتّبع هداي} [طه: 123] يعني: رسلي وكتبي.
تفسير السّدّيّ.
{فلا يضلّ} [طه: 123] في الدّنيا.
[تفسير القرآن العظيم: 1/285]
{ولا يشقى} [طه: 123] في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/286]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ومن أعرض عن ذكري} [طه: 124] فلم يبّتع هداي، لم يؤمن.
{فإنّ له معيشةً ضنكًا} [طه: 124]
- حدّثني عبد اللّه بن عرادة، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " {معيشةً ضنكًا} [طه: 124] : عذاب القبر ".
- وحدّثني المسعو....
، عن القاسم بن عبد الرّحمن، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: {معيشةً ضنكًا} [طه: 124] : عذاب القبر.
- وحدّثني حمّاد بن سلمة، عن أبي جارمٍ، عن النّعمان بن أبي عيّاشٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: {معيشةً ضنكًا} [طه: 124] : عذاب القبر، يلتئم على صاحبه حتّى تختلف أضلاعه.
- حدّثني عاصم بن حكيمٍ، عن أبي زرعة يحيى بن أبي عمرٍو السّيبانيّ، عن شيخٍ من أهل دمشق، عن رجلٍ من قيسٍ قال: قدمت المدينة ومعي ابن أخٍ لي فلمّا غشينا الحرّة إذا قبرٌ يحفر، فقلت لابن أخي: هل لك أن نحضر هذه الجنازة؟ فملنا إلى القبر وهو يحفر، وعنده قومٌ جلوسٌ فقلت: اجلس بنا إلى الشّمط فإنّ الشّمط من أهلها أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قال: فنظرنا إلى شيخٍ من أدنى القوم من الأنصار، فجلسنا إليه فأخذ ينظر إلينا مرّةً وإلى القبر مرّةً، ثمّ قال: ألا أحدّثكم ما حدّثني به خليلي أبو القاسم؟ قال: قلت: بلى.
قال: فإنّه حدّثنا أنّ الرّجل المؤمن إذا وضع في قبره فانصرف النّاس، أتاه صاحب القبر الّذي وكّل به، فأتاه من قبل جانبه الأيمن، فقالت الزّكاة الّتي كان يعطي: لا تفزّعه من قبلي اليوم.
ثمّ أتاه من قبل رأسه، فقال القرآن الّذي كان يقرأ: لا تفزّعه من قبلي اليوم.
ثمّ جاءه من قبل رجليه، فقالت الصّلاة الّتي كان يصلّي: لا تفزّعه
[تفسير القرآن العظيم: 1/286]
من قبلي اليوم.
ثمّ جاءه من جانبه الأيسر، فأيقظه إيقاظك الرّجل لا يحبّ أن تفزّعه فقال له: من ربّك؟ قال: اللّه وحده لا شريك له.
قال: من نبيّك؟ قال: محمّدٌ.
قال: فما كان دينك؟ قال: الإسلام.
قال: وعلى ذلك حييت، وعلى ذلك متّ؟ قال: نعم.
قال: وعلى ذلك تبعث؟ قال: نعم.
قال: صدقت.
قال: فيفتح له في جنب قبره، فيريه منزله من الجنّة وما أعدّ اللّه له من الكرامة، فيشرق وجهه، وتفرح نفسه، ثمّ يقال له: نم نوم العروس الّذي لا يوقظه إلا أعزّ أهله عليه.
ويؤتى بالكافر، فلا يجد شيئًا يحول دونه، لا صلاة، ولا قراءة، ولا زكاة.
فيوقظه إيقاظك الرّجل تحبّ أن تفزّعه فيقول: من ربّك؟ فيقول: أنت.
ومن نبيّك فيقول: أنت.
وما كان دينك؟ فيقول: أنت.
قال: فيقول: صدقت، لو كان لك إلهٌ تعبده لاهتديت له اليوم.
فيفتح له في جانب قبره بابٌ فيريه منزله من النّار وما أعدّ اللّه له من العذاب، فيظلم وجهه، وتخبث نفسه ويضربه ضربةً يتناصل منها كلّ عظمٍ من موضعه، فيسمعه الخلق إلا الثّقلين: الإنس والجنّ، ثمّ يقذف في مقلاةٍ ينفخه نافخان، لا يميل إلى هذا إلا ردّه إلى هذا، ولا يميل إلى هذه إلا ردّه إلى هذا، حتّى ينفخ في الصّور النّفخة الأولى، فيقال له: اخمد، فيخمد حتّى
ينفخ في الصّور النّفخة الثّانية.
فيبعث مع الخلق، فيقضى له كما يقضى لهم، لا راحة إلا ما بين النّفختين.
- وحدّثني أبو أميّة، عن يونس بن خبّابٍ، عن المنهال بن عمرٍو، عن زاذان، عن
[تفسير القرآن العظيم: 1/287]
البراء بن عازبٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اتّبع جنازة رجلٍ من الأنصار، فلمّا انتهى إلى قبره وجده لمّا يلحد، فجلس وجلسنا حوله كأنّما على رءوسنا الطّير، وبيده عودٌ فهو ينكت به في الأرض، ثمّ رفع رأسه فقال: " اللّهمّ إنّي أعوذ بك من عذاب القبر.
قالها ثلاثًا.
- إنّ المؤمن إذا كان في قبلٍ من الآخرة وانقطاعٍ من الدّنيا، أتته ملائكةٌ، وجوههم كالشّمس بحنوطه وكفنه، فجلسوا منه بالمكان الّذي يراهم منه، فإذا خرج روحه صلّى عليه كلّ ملكٍ بين السّماء والأرض، وكلّ ملكٍ في السّموات، وفتحت أبواب السّماء، كلّ بابٍ منها يعجبه أن يصعد روحه منه.
فينتهي الملك إلى ربّه فيقول: يا ربّ، هذا روح عبدك فلانٍ، فيصلّي اللّه عليه وملائكته ويقول: ارجعوا بعبدي فأروه ماذا أعددت له من الكرامة، فإنّي عهدت إلى عبادي أنّي منها خلقتكم وفيها أعيدكم.
فيردّ إليه روحه حتّى يوضع في قبره، فإنّه ليسمع قرع نعالهم حين ينصرفون عنه، قال: فيقال له: ما ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيّك؟ فيقول: اللّه ربّي، والإسلام ديني، ومحمّدٌ نبيّي.
فينتهر انتهارًا شديدًا ثمّ يقال له: ما دينك، ومن ربّك، ومن نبيّك؟ فيقول: اللّه ربّي، والإسلام ديني، ومحمّدٌ نبيّي، فينادي منادٍ: {يثبّت اللّه الّذين آمنوا بالقول الثّابت في الحياة الدّنيا وفي الآخرة} [إبراهيم: 27].
ويأتيه عمله في صورةٍ حسنةٍ وريحٍ طيّبةٍ فيقول: أبشر بجنّاتٍ فيها نعيمٌ مقيمٌ، فقد كنت سريعًا في طاعة اللّه، بطيئًا عن معصية اللّه فيقول: وأنت فبشّرك اللّه بخيرٍ فمثل وجهك بشّر بالخير، ومن أنت؟ فيقول: أنا عملك الحسن.
ثمّ يفتح له بابٌ من أبواب النّار فيقال له: هذا كان منزلك فأبدلك اللّه به خيرًا منه.
ثمّ يفتح له بابٌ من أبواب الجنّة فيريه منزله في الجنّة، فينظر إلى ما أعدّ اللّه له من الكرامة فيقول: يا ربّ متى تقوم السّاعة كي أرجع إلى أهلي ومالي، فيوسّع له في قبره ويرقد.
[تفسير القرآن العظيم: 1/288]
وأمّا الكافر فإذا كان في قبلٍ من الآخرة وانقطاعٍ من الدّنيا، أتته ملائكةٌ بسرابيل من قطرانٍ، ومقطّعاتٍ من نارٍ، فجلسوا منه بالمكان الّذي يراهم منه وينتزع روحه كما ينتزع السّفّود الكثير شعبه من الصّوف المبتلّ، من عروقه وقلبه، فإذا خرج روحه لعنه كلّ ملكٍ بين السّماء والأرض، وكلّ ملكٍ في السّموات، وغلّقت أبواب السّماء دونه كلّ بابٍ يكره أن يصعد روحه منه.
فينتهي الملك إلى ربّه فيقول: يا ربّ هذا روح فلانٍ عندك، لا تقبله أرضٌ ولا سماءٌ، فيلعنه اللّه وملائكته ويقول: ارجعوا بعبدي فأروه ماذا أعددت له من الهوان، فإنّي عهدت إلى عبادي أنّي منها خلقتكم وفيها أعيدكم.
فيردّ إليه روحه حتّى يوضع في قبره، فإنّه يسمع قرع نعالهم حين ينصرفون عنه فيقال له: ما دينك؟ ومن ربّك؟ ومن نبيّك؟ فيقول: اللّه ربّي والإسلام ديني، ومحمّدٌ نبيّي.
فينتهر انتهارًا شديدًا.
ثمّ يقال له: ما دينك؟ ومن ربّك؟ ومن نبيّك؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: لا دريت.
ويأتيه عمله في صورةٍ قبيحةٍ وريحٍ منتنةٍ فيقول: أبشر بعذابٍ مقيمٍ.
فيقول: وأنت فبشّرك اللّه بشرٍّ، فمثل وجهك بشّر بالشّرّ، ومن أنت؟ فيقول: أنا عملك الخبيث، ثمّ يفتح له بابٌ من أبواب الجنّة فيقال له: هذا كان منزلك لو أطعت اللّه، ثمّ يفتح له منزله من النّار، فينظر إلى ما أعدّ اللّه له من الهوان، ويقيّض له أصمّ أعمى بيده مرزبّةٌ لو توضع على جبلٍ لصار رفاتًا، فيضربه ضربةً فيصير رفاتًا، ثمّ يعاد فيضربه بين عينيه
ضربةً يضجّ منها ضجّةً يسمعها من على الأرض إلى الثّقلين، وينادي منادٍ: أن افرشوه لوحين من نارٍ، فيفرش لوحين من نارٍ ويضيق عليه قبره حتّى تختلف أضلاعه ".
قوله: {ونحشره يوم القيامة أعمى} [طه: 124] يعني عن حجّته كقوله:
[تفسير القرآن العظيم: 1/289]
{ومن يدع مع اللّه إلهًا آخر لا برهان له به} [المؤمنون: 117] لا حجّة له به). [تفسير القرآن العظيم: 1/290]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {معيشةً ضنكاً...}

والضّنك: الضّيّقة الشديدة.
وقوله: {ونحشره يوم القيامة أعمى} أعمى عن الحجّة، ويقال: إنه يخرج من قبره بصيراً فيعمى في حشره). [معاني القرآن: 2/194]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فإنّ له معٍيشةً ضنكاً} مجازه معيشة ضيقة، والضّنك توصف به الأنثى، والمذكّر بغير الهاء وكل عيش أو منزلٍ أو مكان ضيق فهو ضنكٌ،
قال عنترة:
إن المنيّة لو تمثّل مثّلت=مثلي إذا نزلوا بضنك المنزل
وقال:
وإن نزلوا بضنكٍ أنزل). [مجاز القرآن: 2/32]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {معيشة ضنكا}: ضيقة). [غريب القرآن وتفسيره: 252]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :( {معيشةً ضنكاً} أي ضيّقة). [تفسير غريب القرآن: 283]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى}
الضّنك: أصله في اللغة الضيق والشدة، ومعناه - واللّه أعلم - أن هذه المعيشة الضنك في نار جهنم.
وأكثر ما جاء في التفسير أنّه عذاب القبر.
وقوله: {ونحشره يوم القيامة أعمى}.
مثل ونحشر المجرمين يومئذ زرقا، وقيل أعمى عن حجته، وتأويله أنه لا حجة له يهتدي إليها، لا أن له حجة، وأنه يعمى عنها.
ما للناس على اللّه حجة بعد الرسل، ولله الحجة البالغة وقد بشّر وأنذر، ووعد وأوعد.
وقوله عزّ وجلّ {لعلّهم يتّقون أو يحدث لهم ذكرا}.
أي لعل الوعيد يحدث لهم تذكر العذاب، فيزجرهم عن المعاصي وقيل: {أو يحدث لهم ذكرا} أي: شرفا.
وقوله عزّ وجلّ: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه}.
أي من قبل أن يبيّن لك بيانه، ويقرأ من قبل أن نقضي إليك وحيه بالنون، ويجوز من قبل أن يقضي إليك وحيه، أي من قبل أن يقضي اللّه إليك وحيه،
ولم تقرأ " تقضي " وقرئت يقضى ونقضي - بالياء والنون).[معاني القرآن: 3/379،378]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {معيشة ضنكا} أي: معيشة ضيقة). [ياقوتة الصراط: 354]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ضَنكًا}: أي ضيقة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 154]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ضَنْـكا}: ضيّـقة). [العمدة في غريب القرآن: 204]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قال ربّ لم حشرتني أعمى} [طه: 125] عن الحجّة في تفسير قتادة والسّدّيّ.
{وقد كنت بصيرًا} [طه: 125] في الدّنيا، عالمًا بحجّتي في الدّنيا، وإنّما علمه ذلك عند نفسه في الدّنيا.
كان يحاجّ في الدّنيا جاحدًا لما جاءه من اللّه.
وقال قتادة: عمي عن الحقّ، أي في الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 1/290]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه تبارك وتعالى: {قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} [طه: 126] أي: لأنّه أتتك آياتنا في الدّنيا.
{فنسيتها} [طه: 126] فتركتها، لم تؤمن بها.
{وكذلك اليوم تنسى} [طه: 126] تترك في النّار.
نا سفيان، عن جابرٍ، عن عكرمة قال: {وكذلك اليوم تنسى} [طه: 126] قال: في النّار.
وقال قتادة: نسي من الخير أي: ترك من الخير ولم ينس من الشّرّ، أي: ولم يترك من الشّرّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/290]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: {قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}

أي كذلك تترك في النار كما تركت آياتنا).[معاني القرآن: 3/379]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وكذلك نجزي من أسرف} [طه: 127] من أشرك، أسرف على نفسه بالشّرك.
{ولم يؤمن بآيات ربّه ولعذاب الآخرة أشدّ} [طه: 127] من عذاب الدّنيا {وأبقى} [طه: 127] أي: لا ينقطع أبدًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/290]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أفلم يهد لهم} [طه: 128]
[تفسير القرآن العظيم: 1/290]
نا سعيدٌ، عن قتادة وهو تفسير السّدّيّ قالا: أفلم نبيّن لهم.
ومن قرأها بالياء يقول: {أفلم يهد لهم} [طه: 128] أفلم يبيّن اللّه لهم.
قال يحيى: ولا أعرف أيّ القرائتين قرأ قتادة.
{كم أهلكنا قبلهم من القرون} [طه: 128] قال الحسن: أي بيّنّا لهم، فقرأه على النّون، كيف أهلكنا القرون الأولى، نحذّرهم ونخوّفهم العذاب إن لم يؤمنوا.
قال: {يمشون في مساكنهم} [طه: 128] تمشي هذه الأمّة في مساكن من مضى، أي: يمرّون عليها وإن لم تكن الدّيار قائمةً ولكنّ المواضع كقوله: {ذلك من أنباء القرى نقصّه عليك} [هود: 100] ثمّ قال: {منها قائمٌ} [هود: 100] تراه {وحصيدٌ} [هود: 100] لا تراه.
وقال السّدّيّ: {يمشون في مساكنهم} [طه: 128] يعني يمرّون، يعني ممرّ أهل مكّة على مساكنهم، يعني على قراهم.
قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى} [طه: 128] لأولي الورع في تفسير قتادة.
وقال الحسن: لأولي العقول، وهم المؤمنون). [تفسير القرآن العظيم: 1/291]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أفلم يهد لهم...}

يبيّن لهم إذا نظروا {كم أهلكنا} و(كم) في موضع نصب لا يكون غيره. ومثله في الكلام: أو لم يبيّن لك من يعمل خيرا يجز به، فجملة الكلام فيها معنى رفع.
ومثله أن تقول: قد تبيّن لي أقام عبد الله أم زيد، في الاستفهام معنى رفع. وكذلك قوله: {سواءٌ عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون} فيه شيء برفع {سواءٌ عليكم}،
لا يظهر مع الاستفهام.
ولو قلت: سواء عليكم صمتكم ودعاؤكم تبيّن الرّفع الذي في الجملة.
وقوله: {يمشون في مساكنهم} يعني أهل مكّة. وكانوا يتّجرون ويسيرون في مساكن عاد وثمود، فيمرّون فيها. فالمشي لكفّار أهل مكّة (والمساكن) للمهلكين.
فقال: أفلم يخافوا أن يقع بهم ما وقع بالذين رأوا مساكنهم وآثار عذابهم).[معاني القرآن: 2/195]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أفلم نهد لهم} أي نبين لهم ونوضح لهم). [مجاز القرآن: 2/32]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أفلم نهد لهم}: نبين لهم ونوضح لهم). [غريب القرآن وتفسيره: 252]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أفلم يهد لهم} أي يبيّن لهم). [تفسير غريب القرآن: 283]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إنّ في ذلك لآيات لأولي النّهى}
قرئت بالنون والياء، فمن قرأ بالنّون فمعناه أفلم نبين لهم بيانا يهتدون به، ومن قرأ أفلم يهد - بالياء - فالمعنى أفلم يبيّن لهم الأمر بإهلاك من قبلهم من القرون.
و " كم " في موضع نصب بـ {أهلكنا}.
وكانت قريش تتجر وترى مساكن عاد وثمود وبها علامات الإهلاك، فذلك قوله: {يمشون في مساكنهم}
ويجوز {في مسكنهم} أي في موضع سكناهم ولم يقرأ بها.
ويقرأ: (يمشّون في مساكنهم) بالتشديد.
وقوله: {إنّ في ذلك لآيات لأولي النّهى}.
أي لذوي العقول والمعرفة، يقال: فلان ذو نهية إذا كان له عقل ينتهي به عن المقابح).[معاني القرآن: 3/380،379]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَهْدِ لَهُمْ}: يوضح لهم).[العمدة في غريب القرآن: 205]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك} [طه: 129] تفسير الحسن: ألا تعذّب هذه الأمّة بعذاب الاستئصال، إلا بالسّاعة، يعني: النّفخة الأولى.
{لكان لزامًا وأجلٌ مسمًّى} [طه: 129] {لكان لزامًا} [طه: 129] يعني أخذًا بالعذاب، يلزمون عقوبة كفرهم.
[تفسير القرآن العظيم: 1/291]
وليس هذا من تفسير الحسن.
وفي الآخرة النّار.
قال: {لكان لزامًا وأجلٌ مسمًّى} [طه: 129] وقال قتادة: {وأجلٌ مسمًّى} [طه: 129] السّاعة.
وهذا من تقديم الكلام.
يقول: ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك وأجلٌّ مسمًّى لكان لزامًا.
قال يحيى: ولذلك ارتفع الأجل والكلمة أي: إذًا لأهلكناهم بجحودهم جميعًا ما جاء به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقد كان اللّزام خاصّةً فيمن أهلك اللّه يوم بدرٍ في قول عبد اللّه بن مسعودٍ.
- نا عثمان، عن سعيدٍ المقبريّ أنّ أبا هريرة قال لكعبٍ: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «خير يومٍ طلعت فيه الشّمس وغابت يوم الجمعة».
فقال كعبٌ: نعم، إنّ اللّه خلق الخلق يوم الأحد، حتّى انتهى إلى الجمعة، فخلق آدم آخر ساعات النّهار يوم الجمعة.
فلمّا استوى عطس فقال: الحمد للّه، فقال اللّه له: يرحمك اللّه، فهي الآية: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزامًا وأجلٌ مسمًّى} [طه: 129]
- حدّثنا الحسن بن دينارٍ، عن محمّد بن سيرين قال: قال عبد اللّه بن مسعودٍ: كان اللّزام يوم بدرٍ.
وقال الحسن في تفسير عمرٍو: وهو هلاك آخر كفّار هذه الأمّة بالنّفخة الأولى الدّائنين بدين أبي جهلٍ وأصحابه). [تفسير القرآن العظيم: 1/292]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولولا كلمةٌ سبقت من رّبّك لكان لزاماً وأجلٌ مّسمًّى...}

يريد: ولولا كلمة وأجلٌ مسمّى لكان لزاما (مقدّم ومؤخّر) وهو - فيما ذكروا - ما نزل بهم في وقعة بدر من القتل). [معاني القرآن: 2/195]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لكان لزاماً} أي فيصلا يلزم كل إنسان طائره إن خيرا فخير وإن شراً فشر فلازمه.[مجاز القرآن: 2/32]
قال حجل بن نضلة الباهلي:
لا زلت محتملاً على ضغينةً=حتى الممات يكون منك لزاما
فأخرجه مخرج قطام ورقاش). [مجاز القرآن: 2/33]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ولولا كلمةٌ سبقت من رّبّك لكان لزاماً وأجلٌ مّسمًّى}
وقال: {ولولا كلمةٌ سبقت من رّبّك لكان لزاماً} يريد: ولولا {أجلٌ مّسمًّى} لكان لزاما).[معاني القرآن: 3/6]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لزاما}: اللزام الأمر الذي قد وجب). [غريب القرآن وتفسيره: 252]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزاماً وأجلٌ مسمًّى} أي لولا أن اللّه جعل الجزاء يوم القيامة، وسبقت بذلك كلمته لكان العذاب لزاما، أي ملازما لا يفارق. مصدر لازمته. وفيه تقديم وتأخير. أراد: لولا كلمة سبقت وأجل مسمى - لكان العذاب لزاما. وفي تفسير أبي صالح:
لزاما: أخذا). [تفسير غريب القرآن: 283]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله سبحانه: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى}،
أي: ولولا كلمة سبقت وأجل مسمّى، لكان العذاب لزاما). [تأويل مشكل القرآن: 209]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولولا كلمة سبقت من ربّك لكان لزاما وأجل مسمّى}
أي لكان القتل الذي نالهم لازما أبدا، ولكان العذاب لازما لهم.
{وأجل مسمّى} معطوف على {كلمة} المعنى لولا كلمة سبقت وأجل مسمى لكان لزاما، يعنى بالأجل المسمى أن الله وعدهم العذاب يوم القيامة.
وذلك قوله: {بل السّاعة موعدهم والسّاعة أدهى وأمرّ} ). [معاني القرآن: 3/380]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لكان لزاما} أي: فصلا، ويقال: لكان لزاما، أي: ملازما، والأول عليه العمل). [ياقوتة الصراط: 354]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (اللِّـزام): الذي قد وجب). [العمدة في غريب القرآن: 205]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فاصبر على ما يقولون} [طه: 130] من قولهم لك: إنّك ساحرٌ، وإنّك شاعرٌ، وإنّك مجنونٌ، وإنّك كاذبٌ، وإنّك كاهنٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/292]
{وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس} [طه: 130] نا سعيدٌ، عن قتادة قال: صلاة الصّبح.
{وقبل غروبها} [طه: 130] الظّهر والعصر.
{ومن آناء اللّيل} [طه: 130] يعني: المغرب والعشاء.
وقال قتادة والسّدّيّ: {ومن آناء اللّيل} [طه: 130] يعني: ومن ساعات اللّيل.
{فسبّح وأطراف النّهار} [طه: 130] في تفسير عمرٍو.
وعن الحسن يعني التّطوّع.
- نا سفيان، عن عاصمٍ، عن ابن أبي رزينٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها: الصّلاة المكتوبة.
- نا عاصم بن حكيمٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حازمٍ، عن جرير بن عبد اللّه قال: كنّا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليلة البدر فقال لنا: " أما إنّكم سترون ربّكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم لا تغلبوا على هاتين الصّلاتين، قال: وقرأ: {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها} [طه: 130]
وحدّثني قرّة بن خالدٍ عن الحسن في قوله: {وأقم الصّلاة طرفي
[تفسير القرآن العظيم: 1/293]
النّهار} [هود: 114] قال: ما بين صلاة الصّبح وصلاة العصر.
{وزلفًا من اللّيل} [هود: 114] المغرب والعشاء.
قال: ونا سعيدٌ، عن قتادة قال: طرفا النّهار: صلاة الصّبح وصلاة العصر.
{وزلفًا من اللّيل} [هود: 114] : صلاة المغرب وصلاة العشاء.
قوله: {لعلّك ترضى} [طه: 130] لكي ترضى في الآخرة ثواب عملك.
وقال الحسن: لعلّك أي فإنّك سترضى ثواب عملك في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/294]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وأطراف النّهار...}

وإنما للنهار طرفان فقال المفسّرون: {وأطراف النهار} صلاة الفجر والظهر والعصر (وهو) وجه: أن تجعل الظهر والعصر من طرف النهار الآخر، ثم يضمّ إليهما الفجر فتكون أطرافا. ويكون لصلاتين فيجوز ذلك: أن يكونا طرفين فيخرجا مخرج الجماع، كما قال {إن تتوبا إلى اللّه فقد صغت قلوبكما} وهو أحبّ الوجهين إليّ، لأنه قال {وأقم الصّلاة طرفي النّهار وزلفاً من اللّيل} وتنصب الأطراف بالردّ على قبل طلوع الشمس وقبل الغروب. وإن شئت خفضت أطراف تريد وسبّحه من الليل ومن أطراف النهار، ولم أسمعها في القراءة، ولكنه مثل قوله: {ومن اللّيل فسبّحه وأدبار السّجود} {وإدبار السجود} وقرأ حمزة وإدبار السجود. ويجوز في الألف الفتح والكسر ولا يحسن كسر الألف إلاّ في القراءة.
وقوله: {لعلّك ترضى} و{ترضى} ومعناهما واحد لأنك إذا رضيت فقد أرضيت. وكان حمزة وأصحاب عبد الله يقرءونها ترضى. ... حدثني أبو بكر وأخوه الحسن بن عيّاش عن عاصم عن أبي عبد الرحمن أنه قرأ لعلك (ترضى بضم التاء) ). [معاني القرآن: 2/196،195]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ومن آناء الليّل} أي ساعات الليل واحدها إنيٌ تقديره حسنىٌ والجميع أحساء، وقال المتنخل الهذلي وهو أبو أثيلةٌ:
حلوٌ ومرٌّ كعطف القدح مرّته=في كل إنيٍ قضاه الليل ينتعل).
[مجاز القرآن: 2/33]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {آناء اللّيل} ساعاته. واحدها إني). [تفسير غريب القرآن: 283]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فاصبر على ما يقولون وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها ومن آناء اللّيل فسبّح وأطراف النّهار لعلّك ترضى}
{وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها} وذلك وقت الغداة والعشي.
{ومن آناء اللّيل فسبّح وأطراف النّهار} الآناء الساعات، وواحد الآناء إني - وقد بيّنّاه فيما مضى.
{فسبّح وأطراف النّهار} وأطراف النهار الظهر والعصر.
{لعلّك ترضى}، ويقرأ ترضى). [معاني القرآن: 3/380]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وَمِنْ آنَائِ اللَّيْلِ} أي: من ساعات الليل). [ياقوتة الصراط: 354]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وأطراف النهار} سألت المبرد عنه، فقال: معناه: وأطراف ساعات النهار، وسألت ثعلبا عنه،
فقال: أراد الطرفين بقوله: أطراف، لأن الاثنين جمع. وواحد الآناء: أني وأني وإني). [ياقوتة الصراط: 355]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَطْـرافَ}: أوله وآخره). [العمدة في غريب القرآن: 205]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم} [طه: 131] تفسير مجاهدٍ يعني: الأغنياء.
{زهرة الحياة الدّنيا} [طه: 131] قال قتادة: زينة الحياة الدّنيا.
أمره أن يزهد في الدّنيا.
{لنفتنهم فيه} [طه: 131] قال قتادة: لنبتليهم.
قال يحيى: لنختبرهم فيه.
- حدّثني خالد بن حيّان، عن عبد الرّحمن بن ثوبان قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " خصلتان من كانتا فيه كتبه اللّه شاكرًا صابرًا، ومن لم تكونا فيه لم يكتبه اللّه شاكرًا ولا صابرًا: من نظر إلى من فوقه في الدّين
[تفسير القرآن العظيم: 1/294]
ومن دونه في الدّنيا، فاقتدى بهما، كتبه اللّه شاكرًا صابرًا.
ومن نظر إلى من فوقه في الدّنيا، ودونه في الدّين فاقتدى بهما، لم يكتبه اللّه شاكرًا ولا صابرًا ".
- نا الحسن بن دينارٍ عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «خير الرّزق الكفاف، اللّهمّ اجعل رزق آل محمّدٍ كفافًا».
قوله: {ورزق ربّك} [طه: 131] في الجنّة.
{خيرٌ} [طه: 131] من الدّنيا.
{وأبقى} [طه: 131] لا نفاد لذلك الرّزق.
سعيدٌ عن قتادة قال: {ورزق ربّك خيرٌ وأبقى} [طه: 131] ممّا متّع به هؤلاء من زهرة الحياة الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 1/295]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجاً مّنهم...}

يريد: رجالاً منهم.
وقوله: {زهرة الحياة الدّنيا} نصبت الزهرة على الفعل متعناهم به زهرةً في الحياة وزينةً فيها. و(زهرةً) وإن كان معرفةً فإن العرب تقول: مررت به الشريف الكريم.
وأنشدني بعض بني فقعسٍ:
أبعد الذي بالسّفح سفح كواكبٍ =رهينة رمسٍ من تراب وجندل
فنصب الرهينة بالفعل، وإنما وقع على الاسم الذي هو الرهينة خافض فهذا أضعف من (متّعنا) وأشباهه). [معاني القرآن: 2/196]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {زهرة الحياة الدّنيا} أي زينة الدنيا وجمالها). [مجاز القرآن: 2/30]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لنفتنهم فيه} أي لنبلوهم فيه). [مجاز القرآن: 2/33]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {زهرة الحياة الدنيا}: زينتها وجمالها.
{لنفتنهم فيه}: لنختبرهم). [غريب القرآن وتفسيره: 252]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وزهرة الحياة} أي زينتها. وهو من زهرة النبات وحسنة.
{لنفتنهم} أي لنختبرهم). [تفسير غريب القرآن: 283]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدّنيا لنفتنهم فيه ورزق ربّك خير وأبقى}
أي رجالا منهم.
{زهرة الحياة الدّنيا}.و(زهرة) جميعا - بفتح الهاء وتسكينها - و (زهرة) منصوب بمعنى متعنا لأن معناه جعلنا لهم الحياة الدنيا زهرة.
{لنفتنهم فيه}أي لنجعل ذلك فتنة لهم). [معاني القرآن: 3/381،380]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ}: لنختبرهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 154]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لِنَفْتِنَهُمْ}: لنختبرهم). [العمدة في غريب القرآن: 205]

تفسير قوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وأمر أهلك بالصّلاة} [طه: 132] وأهله في هذا الموضع: أمّته.
{واصطبر عليها لا نسألك رزقًا} [طه: 132] قال بعضهم: لا نسألك على ما أعطيناك من النّبوّة رزقًا.
وتفسير الحسن في الّتي في الذّاريات: {ما أريد منهم من رزقٍ} [الذاريات: 57] أن يرزقوا أنفسهم.
قال يحيى: فإن كانت هذه عند الحسن مثلها فهو: {لا نسألك رزقًا} [طه: 132] أن ترزق نفسك وهو أعجب إليّ.
قال يحيى: {نحن نرزقك والعاقبة للتّقوى} [طه: 132] أي: لأهل التّقوى.
والعاقبة: الجنّة كقوله: {والآخرة عند ربّك للمتّقين} [الزخرف: 35] قوله: {وقالوا لولا} [طه: 133] هلا). [تفسير القرآن العظيم: 1/295]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لا نسألك رزقاً...}

أجراً على ذلك. وكذلك قوله: {ورزق ربّك} يريد: وثواب ربك). [معاني القرآن: 2/196]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نّحن نرزقك والعاقبة للتّقوى}
وقال: {للتّقوى} لأهل التقوى وفي حرف ابن مسعود {وإن العاقبة للتّقوى} ). [معاني القرآن: 3/6]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لا نسألك رزقاً} أي لا نسألك رزقا لخلقنا، ولا رزقا لنفسك). [تفسير غريب القرآن: 283]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {يأتينا بآيةٍ من ربّه} [طه: 133] قال اللّه: {أولم تأتهم بيّنة ما في الصّحف الأولى} [طه: 133] التّوراة والإنجيل كقوله: {النّبيّ الأمّيّ الّذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التّوراة
[تفسير القرآن العظيم: 1/295]
والإنجيل} [الأعراف: 157].
قال مجاهدٌ: التّوراة والإنجيل.
وقال قتادة: الكتب قبله.
وهو واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/296]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: {وقالوا لولا يأتينا بآية من ربّه أولم تأتهم بيّنة ما في الصّحف الأولى}

معناه هلّا يأتينا بآية من ربّه، وقد أتتهم البينات والآيات ولكنهم طلبوا أن يقترحوا هم ما يؤيدون من الآيات). [معاني القرآن: 3/381]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولو أنّا أهلكناهم بعذابٍ من قبله} [طه: 134] من قبل القرآن.
{لقالوا ربّنا لولا} [طه: 134] هلا.
{أرسلت إلينا رسولا فنتّبع آياتك من قبل أن نذلّ ونخزى} [طه: 134] في العذاب). [تفسير القرآن العظيم: 1/296]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أنّا أهلكناهم بعذابٍ مّن قبله...}

من قبل الرسول (لقالوا) كيف أهلكنا من قبل أن أرسل إلينا رسولٌ. فالهاء لمحمّد صلى الله عليه وسلم. ويقال إن الهاء للتنزيل. وكلٌّ صوابٌ). [معاني القرآن: 2/197]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ولو أنّا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتّبع آياتك من قبل أن نذلّ ونخزى}
{من قبل أن نذلّ ونخزى}يجوز فيها يذل ويخزى). [معاني القرآن: 3/381]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه تبارك وتعالى للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل كلٌّ متربّصٌ} [طه: 135] نحن وأنتم.
وكان المشركون يتربّصون بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يموت، وكان النّبيّ عليه السّلام يتربّص بهم أن يجيئهم العذاب.
قال اللّه: {فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ} [طه: 135] الطّريق العدل المستقيم إلى الجنّة.
وقال السّدّيّ: {الصّراط السّويّ} [طه: 135] يعني: الدّين العدل، وهو الإسلام.
{ومن اهتدى} [طه: 135] أي: فستعلمون أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين كانوا على الصّراط السّويّ، وهو طريق الجنّة، وأنّهم ماتوا على الهدى). [تفسير القرآن العظيم: 1/296]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ ومن اهتدى...}

من ومن في موضع رفع. وكلّ ما كان في القرآن مثله فهو مرفوع إذا كان بعده رافع. مثل قوله: {فستعلمون من هو في ضلالٍ مبينٍ} ومثله {لنعلم أي الحزبين أحصى}
ومثله {أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلالٍ مبين} ولو نصب كان صواباً، يكون بمنزلة قول الله {اللّه يعلم المفسد من المصلح} .
وقوله: {فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ} الذين لم يضلّوا {ومن اهتدى} ممّن كان ضالاً فهدى). [معاني القرآن: 2/197]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {قل كلّ متربّص فتربّصوا فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ ومن اهتدى}
{فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ}
" من " في موضع رفع، ولا يجوز أن يعمل فيها {فستعلمون}، لأن معناه معنى التسوية، المعنى فستعلمون أصحاب الصراط السوي نحن أم هم،
فلم يعمل (فستعلمون) لأن لفظ الكلام لفظه لفظ الاستفهام.
ومعنى {أصحاب الصّراط السّويّ} أصحاب الطريق المستقيم، ويجوز من أصحاب الصراط السّوي ومن اهتدى.
{ومن اهتدى} أي فسيعلمون من أصحاب الطريقة السُّوءَى ومن المهتدي). [معاني القرآن: 3/381]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {الصراط السوي} أي: المستوي المستقيم). [ياقوتة الصراط: 356]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ومن اهتدى} أي: ومن آمن). [ياقوتة الصراط: 356]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:37 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة