العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > الناسخ والمنسوخ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #26  
قديم 20 جمادى الآخرة 1434هـ/30-04-2013م, 09:30 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

قوله تعالى{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا(81)}

قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (سورة النساء) قوله تعالى: {فأعرض عنهم وتوكل على الله} [81 مدنية / النساء / 4] نسخها آية السيف.)[الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 31-35]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (سورة النساء) قوله تعالى {فأعرض عنهم} هذا منسوخ {وتوكّل على الله} هذا محكم نسخ {فأعرض عنهم} بآية السّيف)[الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 65-78]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (قوله تعالى: {فأعرض عنهم وتوكّل على اللّه}.
قال المفسّرون معنى الكلام: أعرض عن عقوبتهم، ثمّ نسخ هذا الإعراض عنهم بآية السّيف.)
[نواسخ القرآن: 247-296]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): ({فأعرض عنهم وتوكّل على اللّه} قال المفسّرون معنى الكلام أعرض عن عقوبتهم ثم نسخ هذا الإعراض بآية السيف.)[المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ: 23-26]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (سورة النساء)قوله عز وجل: {فأعرض عنهم} الآية [النساء: 63، 81] قالوا: هو منسوخ بآية السيف، وإنما هو كالذي قبله ليس بمنسوخ وإنما نزل في المنافقين.
فإن قلت: أفلا يكون منسوخا بقوله عز وجل: {جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم} الآية [التوبة: 73].
قلت: قال ابن عباس: (أمر بجهاد المنافقين باللسان، والكفار بالسيف)، وقال الضحاك: جاهد الكفار بالسيف واغلظ على المنافقين بالكلام.
وقال الحسن وقتادة: والمنافقين بإقامة الحدود عليهم وقيل: بإقامة الحجة عليهم.
فإن قلت: فكيف يكون قوله عز وجل في النساء: {فأعرض عنهم} الآية [النساء: 63، 81] منسوخا بهذه الآية؟ قلت: آية النساء في قوم منهم بأعيانهم، وقد قيل في معنى قوله: {فأعرض عنهم} الآية [النساء: 63، 81] لا تخبر بأسمائهم.)
[جمال القراء:1/276-294]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #27  
قديم 20 جمادى الآخرة 1434هـ/30-04-2013م, 09:47 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

قوله تعالى{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ۚ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا(84)}

قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (سورة النساء)قوله تعالى {فقاتل في سبيل الله لا تكلّف إلّا نفسك} نسخ بآية السّيف)[الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 65-78]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): ( قوله تعالى: {فقاتل في سبيل اللّه لا تكلّف إلاّ نفسك}.
قال المفسّرون: معناه: لا تكلّف إلا المجاهدة بنفسك، ولا تلزم فعل غيرك، وهذا محكمٌ. وقد زعم بعض منتحلي التّفسير أنّه منسوخٌ بآية السّيف (فكأنّه) استشعر أنّ معنى الكلام: لا تكلّف أن تقاتل أحدًا، وليس كذلك، إنّما المعنى: لا تكلّف في الجهاد إلا فعل نفسك.)
[نواسخ القرآن: 247-296]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (سورة النساء)قوله عز وجل: {فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين} الآية [النساء: 84]، قالوا: نسخ بآية السيف، وليس كما قالوا؛ لأن هذه الآية إنما أنزلت بعد الأمر بالقتال، ولكن لما تثبطوا عن القتال على ما ذكر في الآيات قبلها، وبيتوا غير ما قالوا من إظهار الطاعة، قال له الله عز وجل: فقاتل في سبيل الله ولا تعتمد على نصرهم، فإن تخلفوا عنك ولم يخرجوا معك فما كلفت غير نفسك وحدها، وحرض المؤمنين، أي: وما يلزمك في أمرهم إلا التحريض وفي هذا تحريك لهم وإلهاب.
وقيل: دعاهم إلى الخروج في بدر الصغرى فكرهوا الخروج، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلو على أحد فلم يتبعه إلا سبعون، ولو لم يتبعه أحد لخرج وحده، وكان أبو سفيان واعده اللقاء، فكان الأمر كما قال الله عز وجل، فكف بأس الذين كفروا، ورجع أبو سفيان لأنه لم يكن مع أصحابه زاد إلا السويق، فقال لهم: هذا عام مجدب، ولم يقدم على لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.)
[جمال القراء:1/276-294]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #28  
قديم 20 جمادى الآخرة 1434هـ/30-04-2013م, 10:58 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

قالى تعالى{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا ۚ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا(88)}

قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (سورة النساء)قوله تعالى: {فما لكم في المنافقين فئتين} [88 / النساء / 4] وقوله: {فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك} [84 / النساء] نسخهما آية السيف فتكون مع هاتين أربعا وعشرين آية.).[الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 31-35]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #29  
قديم 20 جمادى الآخرة 1434هـ/30-04-2013م, 10:58 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

قوله تعالى{إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ ۚ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا(90)}

قال الوليد بن محمد الموقّري الأموي (ت:182هـ): حدثني محمد بن مسلم بن عبد الله بن شِهَاب الزهري (ت: 124هـ):وقال تعالى: {إلا الذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم}...... إلى قوله: {سلطاناً مبيناً}.
وقال تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون}.
وقال تعالى: {إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام}. وهم بنو ضمرة بن بكر قد عاقد عليهم مخشي بن حويل: إنا نأمنكم وتأمنونا حتى ندبر وننظر في الأمر.
نسخ هؤلاء الأربعة، فقال تعالى: {براءةٌ من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين. فسيحوا في الأرض أربعة أشهرٍ واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين}.
فجعل لهم أجلاً أربعة أشهر يسيحون في الأرض. {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [وخذوهم] واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصدٍ فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيهم إن الله غفورٌ رحيمٌ}.
وقال عز وجل: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}. *)
[الناسخ والمنسوخ للزهري:22- 26]
(
قال محمد بن كثيرٍ العَبْدي (ت:223هـ) عن همّام بن يحيى البصري قال:(سورة النساء)
وعن قوله عز وجل: {إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم إلى قوله وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا} ثم نسخ بعد ذلك في براءة نبذ إلى كل ذي عهد عهده ثم أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقاتل المشركين حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد} )[الناسخ والمنسوخ لقتادة: 1/38-40]
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (سورة النساء){إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق} [90 مدينة / النساء / 4] نسخها الله بآية السيف)[الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 31-35]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (سورة النساء)قال جلّ وعزّ: {إلّا الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء اللّه لسلّطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السّلم فما جعل اللّه لكم عليهم سبيلًا} أهل التّأويل على أنّ هذه الآية منسوخةٌ بالأمر بالقتال
قال أبو جعفرٍ: كما حدّثنا جعفر بن مجاشعٍ، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق، قال: حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله تعالى {إلّا الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ} [النساء: 90] الآية قال: " نسختها براءةٌ {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5] "
حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا جعفرٌ قال: حدّثنا إبراهيم، قال: حدّثنا عبيد اللّه، قال: حدّثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة، {إلّا الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ} [النساء: 90] قال: " ثمّ نسخ بعد ذلك فنبذ إلى كلّ ذي عهدٍ عهده ثمّ أمر اللّه جلّ وعزّ أن نقاتل المشركين حتّى يقولوا لا إله إلّا اللّه فقال: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5] "
قال أبو جعفرٍ وحدّثنا أحمد بن محمّد بن نافعٍ، قال: حدّثنا سلمة قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، {فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السّلم} [النساء: 90] قال: " نسختها براءةٌ {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5] "
قال أبو جعفرٍ: هذا قول مجاهدٍ
وقال ابن زيدٍ نسخها الجهاد
وزعم بعض أهل اللّغة أنّ معنى {إلّا الّذين يصلون} [النساء: 90] أي يتّصلون أي ينتمون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ أي ينتسبون إليهم كما قال الأعشى:


إذا اتّصلت قالت أبكر بن وائلٍوبكرٌ سبتها والأنوف رواغـم

قال أبو جعفرٍ: وهذا غلطٌ عظيمٌ لأنّه يذهب إلى أنّ اللّه تعالى حظر أن يقاتل أحدٌ بينه وبين المسلمين نسبٌ والمشركون قد كان بينهم وبين السّابقين الأوّلين أنسابٌ وأشدّ من هذا الجهل الاحتجاج بأنّ ذلك كان ثمّ نسخ لأنّ أهل التّأويل مجمعون أنّ النّاسخ له براءةٌ وإنّما نزلت براءةٌ بعد الفتح وبعد أن انقطعت الحروب وإنّما يؤتى هذا من الجهل بقول أهل التّفسير والاجتراء على كتاب اللّه جلّ وعزّ وحمله على المعقول من غير علمٍ بأقوال المتقدّمين
والتّقدير على قول أهل التّأويل: فإن تولّوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم إلّا الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ، وأولئك القوم خزاعة صالحهم رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم على أنّهم لا يقاتلون، وأعطاهم الأمان ومن وصل إليهم فدخل في الصّلح معهم كان حكمه حكمهم {أو جاءوكم حصرت صدورهم} أي وإلّا الّذين جاءوكم حصرت صدورهم وهم بنو مدلجٍ وبنو خزيمة ضاقت صدورهم أن يقاتلوا المسلمين أو يقاتلوا قومهم بني مدلجٍ وحصرت خبرٌ بعد خبرٍ وقيل حذفت منه قد
فأمّا أن يكون دعاءً فمخالفٌ لقول أهل التّأويل لأنّه قد أمر ألّا يقاتلوا فكيف يدّعي عليهم وقيل المعنى: أو يصلون إلى قومٍ جاءوكم حصرت صدورهم ثمّ قال تعالى: {ولو شاء اللّه لسلّطهم عليكم} [النساء: 90] أي لسلّط هؤلاء
الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ والّذين جاءوكم حصرت صدورهم، أي واشكروا نعمة اللّه عليكم واقبلوا أمره ولا تقاتلوهم {فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السّلم} [النساء: 90] أي الصّلح {فما جعل اللّه لكم عليهم سبيلًا} [النساء: 90] أي طريقًا إلى قتلهم وسبي ذراريّهم، ثمّ نسخ هذا كلّه كما قال أهل التّأويل فنبذ إلى كلّ ذي عهدٍ عهده فقيل لهم: {فسيحوا في الأرض أربعة أشهرٍ} [التوبة: 2] ثمّ ليس بعد ذلك إلّا الإسلام أو القتل لغير أهل الكتاب
واختلف العلماء في الآية العاشرة فقالوا فيها خمسة أقوالٍ)
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/138-231]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (سورة النساء)قوله تعالى {إلّا الّذين يصلون إلى قومٍ بينًكم وبينهم ميثاقٌ} إلى قوله {سبيلاً} نسخ بآية السّيف)[الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 65-78]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (سورة النساء)قوله تعالى: {إلاّ الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ} الآية:
أمر الله جلّ ذكره بإباحة القتل لمن تخلّف بمكة ولم يهاجر، فقال يوبّخ المؤمنين: {فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا} [النساء: 88] إلى قوله: {بصيرًا} [النساء: 88]، فأباح تضليلهم وتكفيرهم وقتلهم، ثم استثنى منهم من اتصل منهم بقوم لهم عهدٌ عند المسلمين، فصار من اتصل منهم بقوم بينهم وبين المسلمين عهدٌ لا يقتل، ثم نسخ الله ذلك بقوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة:5]، وهو قول ابن عباس وقتادة. وقال قتادة: نبذ في براءة إلى كل ذي عهد عهده، ثم أمر الله بالقتال والقتل، حتى يقولوا: لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، ومعنى يصلون ينتسبون وينتمون، وعن ابن عباس أنه قال: نسخ هذه الآية ونسخ قوله: {لا ينهاكم الله عن الّذين لم يقاتلوكم في الدّين} [الممتحنة: 8] الآية قوله في براءة: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5]، وقوله: {وقاتلوا المشركين كافّةً} [التوبة: 36].
قال أبو محمد: وكذلك هذا نسخ جميع آيات الأمر بالصّفح والعفو
والمهادنة حيث كانت. وقد مضى ذكر هذا.
قوله تعالى: {فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السّلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً} [النساء: 90].
قال ابن أبي أويس: هذا منسوخ بآية براءة: {اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}، قال وكذلك كلّ صلحٍ في القرآن منسوخ بالأمر بالقتال في براءة وغيرها.)
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 207-253]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (قوله تعالى: {إلاّ الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ}.
قوله تعالى: {يصلون} : يدخلون في عهدٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ. والمعنى: ينتسبون بالعهد أو يصلون إلى قوم جاؤوكم، حصرت صدورهم أي: ضاقت عن قتالكم لموضع العهد الّذي بينكم وبينهم، فأمر المسلمون في هذه الآية بترك قتال من (له) معهم عهدٌ، أو ميثاقٌ، أو ما يتعلّق بعهدٍ، ثمّ نسخ ذلك
بآية السّيف، وبما أمروا به من نبذ العهد إلى أربابه في سورة براءةٍ. وهذا المعنى مرويٌّ عن ابن عبّاسٍ وقتادة.
أخبرنا ابن ناصرٍ، قال. (أبنا ابن أيّوب) قال: أبنا ابن شاذان، قال. أبنا أبو بكرٍ النّجّاد، قال: أبنا أبو داود السجستاني، قال: بنا الحسن ابن محمد، قال: بنا حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ وعثمان بن عطاءٍ عن عطاءٍ عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {إلاّ الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ} وقال: {إذا جاءكم المؤمنات مهاجراتٍ فامتحنوهنّ} وقال: {لا ينهاكم اللّه عن الّذين لم يقاتلوكم في الدّين} نسخ هذا {براءةٌ من اللّه ورسوله إلى الّذين عاهدتم من المشركين} {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم}.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبد اللّه، قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا أحمد بن إسحاق الكاذي، قال: بنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، قال: حدّثني أبي، قال: بنا عبد الوهّاب، عن سعيدٍ عن قتادة {إلاّ الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ} الآية. قال: نسخ ذلك في براءةٍ، ونبذ إلى كلّ ذي عهدٍ عهده، وأمر اللّه نبيّه أن يقاتلهم حتّى يشهدوا أن
لا إله إلا اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه، وقال: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} الآية.)
[نواسخ القرآن: 247-296]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): ({إلّا الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ} المراد يصلون يدخلون في عهد قوم بينكم وبينهم ميثاق كدخول خزاعه في عهد رسول الله ثم نسخ ذلك بآية السيف)[المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ: 23-26]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (سورة النساء)قوله عز وجل: {إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق} الآية [النساء: 90]، قالوا: قال الله عز وجل: {فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم} الآية [النساء: 89]، ثم استثنى من ذلك أهل الميثاق ومن اتصل بهم وانحاز إلى جملتهم، ثم نسخ ذلك بقوله عز وجل في "براءة": {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} الآية [التوبة: 5]، قال قتادة: نبذ إلى كل ذي عهد عهده، ثم أمر بالقتال والقتل حتى يقولوا لا إله إلا الله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عاهد كفار مكة عام الحديبية عهدا بقي من مدته عند نزول "براءة" أربعة أشهر، فأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يوفي عهدهم إلى مدتهم، وأن يؤخر قتال من لا عهد له إلى انسلاخ محرم، ثم يقاتل الجميع حتى يدخلوا في الإسلام، ولا يقبل منهم سوى ذلك، هذا كله قول قتادة.
وقال السدي كان آخر عهد الجميع تمام أربعة أشهر، وذلك لعشر خلون من ربيع الآخر، وهذا كله كان في موسم سنة تسع.
وقال السدي: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإتمام أربعة أشهر لمن كان بينه وبينه عهد أربعة أشهر فما دون ذلك، وأما من كان عهده أكثر من أربعة أشهر فهو الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتم له عهده في قوله عز وجل: {فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم} الآية [التوبة: 4]، فمن نقض منهم العهد دخل فيمن أخر إلى تمام أربعة أشهر، وهذا اختيار الطبري، وهو قول الضحاك، فعلى هذا لا يكون قوله: {إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق} الآية [النساء: 90] منسوخا؛ لأنه قد جعل له حكم المعاهدين وأدخل في جملتهم، وقد أخر قتالهم إلى انقضاء مدتهم.
وروي أن عليا عليه السلام كان يقول في ندائه: (ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته)، ويدل عليه قوله عز وجل: {إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم} الآية [التوبة: 7]، فأمر الله لمن استقام على عهده ولم ينقضه بأن يتم له عهده، وأن يؤخر من نقض عهده وظاهر على النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أشهر.
قال الله عز وجل: {فسيحوا في الأرض أربعة أشهر} الآية [التوبة: 2]، ففسح لمن كان له عهد ونقض قبل انتهائه، ومن له أربعة أشهر فما دون أن ينصرفوا في الأرض مقبلين ومدبرين، ثم لا أمان لهم بعد ذلك.
قال مجاهد: أولها من يوم النحر إلى عشرين من ربيع الآخر.
وقال الزهري: أولها شوال وآخرها آخر محرم، وتسمى: أشهر السماحة أيضا؛ لأنه سمح لهم فيها بالتصرف.
وقال ابن عباس: (من لم يكن له عهد إنما جعل أجله خمسين ليلة، عشرين من ذي الحجة والمحرم، يدل على ذلك قوله عز وجل: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين} الآية [التوبة: 5] وكان النداء بسورة براءة يوم عرفة، وبه تتم خمسون ليلة).
وقيل: يوم النحر، ونزلت براءة أول شوال، ومن ذلك اليوم أجل أربعة أشهر لأهل العهد.
وقال الزهري: من أول شوال هو أول الأربعة أشهر، وهو للجميع، فمن كان له عهد كان أجله أربعة أشهر من ذلك الوقت، ومن لم يكن له عهد انسلاخ الأشهر الحرم وذلك أربعة أشهر أيضا.)

قوله عز وجل: {أو جاءوكم حصرت صدورهم} الآية [النساء: 90]. قيل: معناه: ولا الذين جاءوكم قد ضاقت صدورهم عن قتالكم وعن قتال قومهم.
قال الحسن وعكرمة وابن زيد: هو منسوخ بالجهاد.
وأقول – والله أعلم – إن هؤلاء الذين حصرت صدورهم عن القتال هم الذين ذكروا في قوله عز وجل: {إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق} الآية [النساء: 90] ذكر لهم حالتان:
الاتصال بالمعاهدين.
أو المجيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم والتعذر.
إلا الذين حصرت صدورهم فاتصلوا بقوم بينكم وبينهم ميثاق، أو جاءوكم، يدل على ذلك قراءة أبي (بينكم وبينهم ميثاق حصرت صدورهم) وليس في قراءته {أو جاءوكم} وقوله عز وجل: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين} الآية [التوبة: 5]، إنما أراد كفار مكة ومن معهم، يدل على ذلك قوله عز وجل: {ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم} الآية [التوبة: 13]؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية حين قاضى المشركين أدخل معه بني كعب بن خزاعة في القضية وأدخل المشركون معهم بني بكر بن كنانة في القضية، فنقض المشركون أيمانهم وأغاروا مع بني بكر بن كنانة على بني كعب بن خزاعة قبل انقضاء مدة العهد، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال لانتصرن لهم، فنصره الله عز وجل بفتح مكة وشفى صدور بني خزاعة، وأذهب غيظ قلوبهم وهم القوم المؤمنون وحلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فتأمل هذا، فإنه لا يعارض ما في سورة النساء، إلا أن يكون الذين حصرت صدورهم ممن نقض العهد ونكث اليمين وأعان على خزاعة.
والجرأة على الناسخ والمنسوخ خطر عظيم.
ولا يعارض ما في سورة النساء أيضا، قوله عز وجل: {وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة} الآية [التوبة: 36].

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #30  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 07:46 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

قوله تعالى {سَتَجِدُونَ ءَاخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا۟ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوٓا۟ إِلَى ٱلْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا۟ فِيهَا ۚ فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوٓا۟ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَمَ وَيَكُفُّوٓا۟ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ۚ وَأُو۟لَـٰٓئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنًۭا مُّبِينًۭا ﴿91﴾}


قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (سورة النساء) قوله تعالى: {ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم...} [91 / النساء / 4] نسخها الله بآية السيف.)[الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 31-35]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (سورة النساء)قوله تعالى {ستجدون آخرين يريدون} الآية نسخ أيضا بآية السّيف)[الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 65-78]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (قوله تعالى: {ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم}.
والمعنى: أنّهم يظهرون الموافقة للفريقين ليأمنوهما فأمر اللّه تعالى بالكفّ عنهم، إذا اعتزلوا وألقوا إلينا السّلم، وهو الصّلح كما أمر بالكفّ عن الّذين يصلون إلى قومٍ بيننا وبينهم ميثاقٌ، ثمّ نسخ ذلك بقوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
[نواسخ القرآن: 247-296]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (سورة النساء)قوله عز وجل: {ستجدون آخرين} الآية [النساء: 91]، نسخها آية السيف.)

[جمال القراء:1/276-294]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #31  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 08:03 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

قوله تعالى{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ۖ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ۖ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا(92)}

قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (سورة النساء)قوله تعالى: {فإن كان من قوم عدو لكم...} الآية [92 مدنية / النساء / 4] نسخها الله تعالى بقوله: {براءة من الله ورسوله} [1 مدنية / التوبة / 9].[الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 31-35]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (سورة النساء) قوله تعالى {فإن كان من قومٍ عدوٍّ لكم وهو مؤمن} إلى أخر
الآية نسخ بقوله تعالى {براءةٌ من الله ورسوله إلى الّذين عاهدتم من المشركين} الآية)
[الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 65-78]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (سورة النساء مدنية)قوله تعالى: {وإن كان من قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ فديةٌ مسلّمةٌ إلى أهله وتحرير رقبةٍ مؤمنةٍ}:
ذكر ابن أبي أويس أنّ هذا منسوخٌ بقوله: {اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5]، فليس لأحدٍ غير مسلمٍ ديةٌ يعني من الكفار غير أهل الذّمّة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعاهد بعد نزول براءة أحدًا من الناس، قال: وكانت هذه الآية قد نزلت في السّلميّين الذين قتلهما أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن شهاب، قال عطاء: كان بين النبيّ وبين بني سليم عهد، فجعل النبي ديةً للذين بينهم وبينه عهد مثل دية الحر
المسلم، ثم نسخ الله ذلك بقوله: {اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة:5] فلا دية للمشركين.
قوله تعالى: {ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا} الآية:)
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 207-253]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (قوله تعالى: {وإن كان من قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ فديةٌ مسلّمةٌ إلى أهله}.
جمهور أهل العلم على أنّ الإشارة بهذا إلى الّذي يقتل خطأً (فعلى) قاتله الدّية والكفّارة. وهذا قول ابن عبّاسٍ والشّعبيّ، وقتادة، والزّهريّ، وأبي حنيفة، والشّافعيّ، وهو قول أصحابنا. فالآية على هذا محكمةٌ.
وقد ذهب (بعض) مفسّري القرآن إلى أنّ المراد به من كان من المشركين بينه وبين النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم عهد (وهدنة) إلى أجلٍ، ثمّ نسخ ذلك بقوله: {براءةٌ من اللّه ورسوله إلى الّذين عاهدتم من المشركين} وبقوله: {فانبذ إليهم على سواءٍ}
[نواسخ القرآن: 247-296]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #32  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 08:40 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

قوله تعالى{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا(93)}

قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (سورة النساء) قوله تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه
جهنم خالدا فيها...} الآية [93 مدنية / النساء / 4] نسخت بقوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به} [48، 116 / النساء / 4] وبالآية التي في الفرقان {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر} إلى قوله تعالى: {إلا من تاب} [68 مدنية / الفرقان / 25].
[الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 31-35]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (سورة النساء)قال جلّ وعزّ: {ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا فجزاؤه جهنّم خالدًا فيها وغضب اللّه عليه ولعنه وأعدّ له عذابًا عظيمًا} [النساء: 93]
فمن العلماء من قال: لا توبة لمن قتل مؤمنًا متعمّدًا وبعض من قال هذا قال الآية الّتي في الفرقان منسوخةٌ بالآية الّتي في النّساء فهذا قولٌ
ومن العلماء من قال: له توبةٌ لأنّ هذا ممّا لا يقع فيه ناسخٌ ولا منسوخٌ لأنّه خبرٌ ووعيدٌ
ومن العلماء من قال اللّه جلّ وعزّ متولٍّ عقابه تاب أو لم يتب إن شاء عذّبه وإن شاء عفا عنه وإن شاء أدخله النّار وأخرجه منها
ومن العلماء من قال المعنى فجزاؤه جهنّم إن جازاه
ومن العلماء من قال التّقدير ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا مستحلًّا لقتله فهذا جزاؤه لأنّه كافرٌ
قال أبو جعفرٍ: فهذه خمسة أقوالٍ
فالقول الأوّل أنّه لا توبة للقاتل مرويٌّ عن زيد بن ثابتٍ وابن عبّاسٍ
كما قرئ على أحمد بن محمّد بن الحجّاج، عن يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، قال: حدّثني اللّيث بن سعدٍ، قال أخبرني خالدٌ، وهو ابن يزيد، عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن جهم بن أبي الجهم، أنّ أبا الزّناد، أخبره، أنّ، خارجة بن زيدٍ
أخبره، عن، أبيه، زيد بن ثابتٍ قال: " لمّا نزلت الآية الّتي في الفرقان {والّذين لا يدعون مع اللّه إلهًا آخر ولا يقتلون النّفس الّتي حرّم اللّه إلّا بالحقّ ولا يزنون}[الفرقان: 68] عجبنا للينها فنزلت الّتي في النّساء {ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا فجزاؤه جهنّم خالدًا فيها وغضب اللّه عليه ولعنه وأعدّ له عذابًا عظيمًا} [النساء: 93] حتّى فرغ
وقرئ على أبي عبد الرّحمن أحمد بن شعيبٍ، عن عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا يحيى، قال حدّثنا ابن جريجٍ، قال أخبرني القاسم بن أبي بزّة، عن سعيد بن جبيرٍ، قال سألت ابن عبّاسٍ: " هل لمن قتل مؤمنًا متعمّدًا من توبةٍ؟ قال: لا وقرأت عليه الآية الّتي في الفرقان {والّذين لا يدعون مع اللّه إلهًا آخر} [الفرقان: 68] فقال هذه آيةٌ مكّيّةٌ نسختها آيةٌ مدنيّةٌ {ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا فجزاؤه جهنّم خالدًا فيها وغضب اللّه عليه ولعنه} [النساء: 93]
قال أبو عبد الرّحمن، وأخبرنا قتيبة، قال: حدّثنا سفيان، عن عمّارٍ الدّهنيّ، عن سالم بن أبي الجعد، أنّ ابن عبّاسٍ، سئل عمّن قتل مؤمنًا متعمّدًا ثمّ تاب وآمن وعمل صالحًا ثمّ اهتدى فقال: " وأنّى له بالتّوبة وقد سمعت نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم يقول: ((يجيء متعلّقًا بالقاتل تشخب أوداجه دمًا يقول أي ربّ سل هذا فيم قتلني)) ثمّ قال ابن عبّاسٍ: واللّه لقد أنزلها اللّه تعالى ثمّ ما نسخها
قال أبو عبد الرّحمن، وأخبرنا يحيى بن حكيمٍ، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، قال: حدّثنا شعبة، عن يعلى بن عطاءٍ، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عمرٍو، عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: ((لزوال الدّنيا أهون على اللّه تعالى من قتل رجلٍ مسلمٍ))
قال أبو عبد الرّحمن، وأخبرنا أحمد بن فضالة، قال حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن أيّوب، عن الحسن، عن الأحنف بن قيسٍ، عن أبي بكر، قال: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل والمقتول في النّار» قيل: يا رسول اللّه هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: «إنّه أراد أن يقتل صاحبه»
قال أبو جعفرٍ: فهذه أحاديث صحاحٌ يحتجّ بها أصحاب هذا القول مع ما روى عبد اللّه بن مسعودٍ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ((سباب المسلم فسوقٌ وقتاله كفرٌ))
وعنه عليه السّلام: ((لا ترجعوا بعدي كفّارًا يضرب بعضكم رقاب بعضٍ))
ومن أعان على قتل مسلمٍ بشطر كلمةٍ جاء يوم القيامة مكتوبٌ بين عينيه يائسٌ من رحمة اللّه " جلّ وعزّ
قال أبو جعفرٍ: والقول الثّاني أنّ له توبةً قول جماعةٍ من العلماء منهم عبد اللّه بن عمر وهو أيضًا مرويٌّ عن زيد بن ثابتٍ، وابن عبّاسٍ
كما قرئ على بكر بن سهلٍ، عن عبد اللّه بن صالحٍ، قال حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عبد الوهّاب بن بختٍ، عن نافعٍ، أو سالمٍ، أنّ رجلًا سأل عبد اللّه بن عمر فقال: يا أبا عبد الرّحمن كيف ترى في رجلٍ قتل رجلًا عمدًا؟ قال: «أأنت قتلته؟» قال: نعم، قال: «تب إلى اللّه جلّ وعزّ يتب عليك»
وحدّثنا عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أنبأنا أبو مالكٍ الأشجعيّ، عن سعد بن عبيدة، قال: جاء رجلٌ إلى ابن عبّاسٍ فقال: «ألمن قتل مؤمنًا متعمّدًا توبةٌ؟» قال: «لا
إلّا النّار» قال: فلمّا ذهب قال له جلساؤه أهكذا كنت تفتينا كنت تفتينا أنّ لمن قتل توبةً مقبولةً قال: «إنّي لأحسبه رجلًا مغضبًا يريد أن يقتل مؤمنًا قال فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك»
قال أبو جعفرٍ: وأصحاب هذا القول حججهم ظاهرةٌ منها قول اللّه جلّ وعزّ: {وإنّي لغفّارٌ لمن تاب وآمن} [طه: 82] {وهو الّذي يقبل التّوبة عن عباده} [الشورى: 25] وقد بيّنّا في أوّل هذا الكتاب أنّ الأخبار لا يقع فيها نسخٌ
وقد اختلف عن ابن عبّاسٍ، أيضًا فروي عنه، أنّه قال: نزلت في أهل الشّرك يعني الّتي في الفرقان
وعنه نسختها الّتي في النّساء
فقال بعض العلماء: معنى نسختها نزلت بنسختها
قال أبو جعفرٍ: وليس يخلو أن تكون الآية الّتي في النّساء نزلت بعد الّتي في الفرقان كما روي عن زيدٍ، وابن عبّاسٍ على أنّه قد روي عن زيدٍ أنّ الّتي في الفرقان نزلت بعدها أو يكون هذا وتكون الّتي في الفرقان نزلت بعدها أو تكونا نزلتا معًا وليس ثمّ قسمٌ رابعٌ
فإن كانت الّتي في النّساء نزلت بعد الّتي في الفرقان فهي مبيّنةٌ عليها كما أنّ قوله {إنّه من يشرك باللّه فقد حرّم اللّه عليه الجنّة} [المائدة: 72] مبنيٌّ على: {قل للّذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} [الأنفال: 38]
وإن كانت الّتي في الفرقان نزلت بعد الّتي في النّساء فهي مبيّنةٌ لها فإن كانتا نزلتا معًا فإحداهما محمولةٌ على الأخرى وهذا بابٌ من النّظر إذا تدبّرته علمت أنّه لا مدفع له مع ما يقوّي ذلك من المحكم الّذي لا ينازع فيه وهو قوله {وإنّي لغفار لمن تاب وآمن} [طه: 82]
وأمّا القول الثّالث أنّ أمره إلى اللّه جلّ وعزّ تاب أو لم يتب فعليه الفقهاء أبو حنيفة وأصحابه والشّافعيّ أيضًا يقول في كثيرٍ من هذا إلّا أن يعفو اللّه عنه أو معنى هذا
وأمّا القول الرّابع وهو قول أبي مجلزٍ إنّ المعنى إن جازاه فالغلط فيه بيّنٌ وقد قال اللّه تعالى: {ذلك جزاؤهم جهنّم بما كفروا} [الكهف: 106] ولم يقل أحدٌ معناه إن جازاهم وهو خطأٌ في العربيّة لأنّ بعده {وغضب اللّه عليه} [النساء: 93] وهو محمولٌ على معنى جازاه
وأمّا القول الخامس إنّ المعنى {ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا} [النساء: 93] مستحلًّا لقتله فغلطٌ لأنّ من عامٌّ لا يخصّ إلّا بتوقيفٍ أو دليلٍ قاطعٍ، وهذا القول يقال إنّه
قول عكرمة لأنّه ذكر أنّ الآية نزلت في رجلٍ قتل مؤمنًا متعمّدًا ثمّ ارتدّ
قال أبو جعفرٍ: فهذه عشر آياتٍ قد ذكرناها في سورة النّساء ورأيت بعض المتأخّرين قد ذكر آيةً سوى هذه العشر وهي قوله عزّ وجلّ {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناحٌ أن تقصروا من الصّلاة إن خفتم أن يفتنكم الّذين كفروا} [النساء: 101]
قال أبو جعفرٍ: وإنّما لم أفرد لها بابًا لأنّه لم يصحّ عندي أنّها ناسخةٌ ولا منسوخةٌ ولا ذكرها أحدٌ من المتقدّمين بشيءٍ من ذينك فنذكر قوله وليس يخلو أمرها من إحدى ثلاث جهاتٍ ليس في واحدةٍ منهنّ نسخٌ وذلك أنّ الّذي قال: هي منسوخةٌ يحتجّ بأنّ اللّه جلّ وعزّ قال: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناحٌ أن تقصروا من الصّلاة إن خفتم أن يفتنكم الّذين كفروا} [النساء: 101] قال فكان في هذا منعٌ من قصر الصّلاة إلّا في الخوف ثمّ صحّ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قصر في غير الخوف آمنٌ ما كان النّاس في السّفر،
فجعل فعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ناسخًا للآية وهذا غلطٌ بيّنٌ لأنّه ليس في الآية منعٌ للقصر في الأمن وإنّما فيها إباحة القصر في الخوف فقط
والجهات الّتي فيها عن العلماء المتقدّمين منهنّ أن يكون معنى أن تقصروا من الصّلاة أن تقصروا من حدودها في حال الخوف وذلك ترك إقامة ركوعها وسجودها وأداؤها كيف أمكن، مستقبل القبلة ومستدبرها وماشيًا وراكبًا في حال الحرب وهي حال الخوف كما قال تعالى: {فإن خفتم فرجالًا أو ركبانًا} [البقرة: 239] وهكذا يروى عن ابن عبّاسٍ وهذا قولٌ وهو اختيار محمّد بن جريرٍ واستدلّ على صحّته بأنّ بعده {فإذا اطمأننتم فأقيموا الصّلاة} [النساء: 103] فإقامتها إتمام ركوعها وسجودها وسائر فرائضها وترك إقامتها في غير الطّمأنينة هو ترك إقامة هذه الأشياء
ومن الجهات في تأويل الآية أنّ جماعةً من الصّحابة والتّابعين قالوا: قصر صلاة الخوف أن يصلّي ركعةً واحدةً لأنّ صلاة المسافر ركعتين ليس بقصرٍ لأنّ فرضها ركعتان وممّن صحّ عنه: فرضت الصّلاة ركعتيٍن ثمّ أتمّت
صلاة المقيم وأقرّت صلاة المسافر بحالها عائشة رضي اللّه عنها، وممّن قال صلاة الخوف ركعةٌ واحدةٌ حذيفة، وجابر بن عبد اللّه، وسعيد بن جبيرٍ وهو قول ابن عبّاسٍ
كما قرئ على محمّد بن جعفر بن حفصٍ، عن خلف بن هشامٍ المقرئ، قال: حدّثنا أبو عوانة، عن بكير بن الأخنس، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «فرض اللّه جلّ وعزّ الصّلاة على لسان نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم للمقيم أربعًا وللمسافر ركعتين وفي الخوف ركعةً»
قال أبو جعفرٍ: وفي الآية قولٌ ثالثٌ عليه أكثر الفقهاء وذلك أن تكون صلاة الخوف ركعتين مقصورةً من أربعٍ في كتاب اللّه جلّ وعزّ وصلاة السّفر في الأمن ركعتان مقصورةً في سنّة رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم لا بالقرآن ولا بنسخٍ للقرآن
ويدلّك على صحّة هذا ما قرئ على يحيى بن أيّوب، عن ابن أبي مريم، قال: حدّثنا يحيى بن أيّوب قال: أخبرني ابن جريجٍ، أنّ عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن أبي عمّارٍ حدّثه، عن عبد اللّه بن بابيه عن يعلى بن أميّة أنّه قال: سألت عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه قلت: أرأيت قول اللّه عزّ وجلّ {فليس عليكم جناحٌ أن تقصروا} [النساء: 101] من الصّلاة إن خفتم أن يفتنكم الّذين كفروا، فقد زال الخوف فما بال القصر؟ فقال: عجبت ممّا عجبت منه فسألت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فقال: ((هي صدقةٌ تصدّق اللّه بها عليكم فاقبلوها))
قال أبو جعفرٍ: فلم يقل عليه السّلام قد نسخ ذلك وإنّما نسبه عليه
السّلام إلى الرّخصة فصحّ قول من قال قصر صلاة السّفر بالسّنّة وقصر صلاة الخوف بالقرآن، ولا يقال منسوخٌ لما ثبت في التّنزيل وصحّ فيه التّأويل إلّا بتوقيفٍ أو بدليلٍ قاطعٍ ).
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/138-231]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ):(سورة النساء)قوله تعالى {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنّم خالدا فيها} الآية وذلك أن مقيس ابن أبي صبابة التّيميّ قتل قاتل أخيه بعد أخذ الدّية ثمّ ارتدّ كافرًا فلحق بمكّة فانزل الله تعالى فيه هذه الآية وأجمع المفسّرون من الصّحابة والتّابعين على نسخ هذه الآية إلّا عبد الله بن عبّاس وعبد الله بن عمر فإنّهما قالا إنّها محكمة قال الشّيخ هبة الله والدّليل على ذلك تكاثف الوعيد فيها وروي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه ناظر ابن عبّاس فقال من أين لك أنها محكمة قال ابن عبّاس لتكاثف الوعيد فيها فكان ابن عبّاس مقيما على إحكامها
وقال أمير المؤمنين عليّ كرم الله وجهه نسخها الله تعالى بآيتين آية قبلها وآية بعدها في النّظم وهو قوله تعالى {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} إلى قوله {إثمًا عظيما} وبآية بعدها في النّظم وهو قوله تعالى {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} إلى قوله {ضلالاً بعيداً} وقال المفسّرون نسخها الله تعالى بقوله {والّذين لا يدعون مع الله إلها آخر} إلى قوله {ويخلد فيه مهاناً} ثمّ استثنى بقوله {إلّا من تاب}
[الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 65-78]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (سورة النساء مدنية)قوله تعالى: {ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا} الآية:
قال أبو محمد: هذه الآية تحتاج إلى بسط يطول، وقد كنت أردت أن أفرد لها كتابًا مفردًا لكن أذكر في هذا الكتاب ما يليق به ويكتفى به عن غيره فأقول: إن القتل متعمدًا من أعظم الذنوب وأجلّ الكبائر. روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من لقي الله ولم يشرك به شيئًا ولم يقتل نفسًا مؤمنة لقي الله خفيف الظهر))، وروى أشهب أن مالكًا قال إنه كان يقال: من لقي الله ولم يشرك في دم مسلم لقي الله وهو خفيف الظهر. والقتل ذنب عظيم، ليس بعد الشرك ذنب أعظم منه، وقد اختلف في التوبة منه، وفي معنى الآية على ما نذكره ونبيّنه. وهذه الآية عند بعض العلماء ناسخةٌ للّتي في الفرقان قوله تعالى: {إلاّ من تاب وآمن وعمل عملاً صالحًا} [الفرقان: 70]، وهو مروي عن ابن عباس؛ لأن الفرقان مكية والنساء مدنية، وروي أن آية سورة الفرقان نزلت قبل آية النساء بستّة أشهر رواه زيد بن ثابت وغيره.
قال أبو محمد: والنسخ في آية الفرقان لا يحسن لأنه خبر، والأخبار لا تنسخ بإجماع؛ لأن الخبر لو نسخ لكان قد أتي به على غير ما هو به من الصدق، ويتعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا، فالآيتان محكمتان، وآية النّساء في القتل محمولة على أحد ثلاثة معانٍ قد قالها العلماء:
قال إبراهيم التيمي وغيره: معناها: فجزاؤه ذلك إن جازاه، وكذلك روى عاصم بن أبي النجود عن ابن جبير عن ابن عباس أنه قال: هو جزاؤه إن جازاه.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال: للقاتل توبة.
وقد روى ابن سيرين عن أبي هريرة أن النبي عليه السلام قال في الآية: ((هو جزاؤه إن جازاه)).
وقد قال من اعتقد هذا: إن الله إذا وعد الحسنى وفى ولم يخلف، وإذا وعد بالعذاب جاز أن يعفو.
ويشهد لهذا ما رواه ثابتٌ البنانيّ عن أنسٍ بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من وعده الله على عمله ثوابًا فهو منجزه له، ومن أوعده على عمله عقابًا فهو فيه بالخيار)) من رواية ابن عايد.
وهذا هو مذهب أهل السّنّة في الوعد والوعيد. فهي محكمة. وهذا تأويلها عند جماعة من أهل العلم. فالمشيئة في القاتل عمدًا إلى الله، إن شاء جازاه وإن شاء عفى عنه إذا تاب.
فأمّا من مات وهو مصرٌّ على استحلال القتل وفعله فهو بعيدٌ من المغفرة؛ لأن من رأى أن ما حرّم الله حلال فهو كافر. وفي القاتل المتأوّل اختلاف.
والمعنى الثاني: أن يكون معنى الآية: ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا مستحلاً لقتله، ولا يستحلّ ما حرّم الله إلا كافر، والكافر مخلّد في النار بإجماع إذا مات على كفره.
والمعنى الثالث: أنه قيل: إنها نزلت في رجل بعينه من الأنصار قتل له وليٌّ فقبل الدّية، ثم وثب فقتل القاتل بعد أخذه للدّية وارتدّ وهو قول مروي عن ابن جريج وغيره.
وقد قيل: إنها نزلت في رجل أسلم، ثم ارتدّ وقتل رجلاً مسلمًا
مستحلاً لقتله، وهو معنى القول الأول الذي قبله.)
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 207-253]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (قوله تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمّداً فجزاؤه جهنّم} الآية.
اختلف العلماء هل هذه محكمةٌ أم منسوخةٌ على قولين:
أحدهما: (أنّها) منسوخةٌ وهو قول جماعةٍ من العلماء قالوا: بأنّها حكمت بخلود القاتل في النّار، وذلك منسوخٌ بقوله تعالى: {إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
وقال بعضهم: نسخها قوله تعالى: {والّذين لا يدعون مع اللّه إلهاً آخر} إلى قوله: {إلاّ من تاب}.
وحكى أبو جعفرٍ النّحّاس: أنّ بعض العلماء قال: معنى نسختها آية (الفرقان) أي: نزلت بنسختها.
والقول الثّاني: أنّها محكمةٌ. واختلف هؤلاء في طريق أحكامها على
قولين:
أحدهما: أنّ قاتل المؤمن مخلّدٌ في النّار، وأكدّوا هذا بأنّها خبرٌ، والأخبار لا تنسخ.
أخبرنا يحيى بن ثابت بن بندارٍ، قال: أبنا أبي، قال: أبنا أبو بكرٍ البرقانيّ قال: أبنا أحمد بن إبراهيم الإسماعيليّ، قال: أخبرني البغوي، قال: بنا عليّ بن الجعد، قال: أبنا شعبة، عن المغيرة بن النّعمان، قال: سمعت سعيد بن جبيرٍ، قال: اختلف أهل الكوفة في هذه الآية {ومن يقتل مؤمناً متعمّداً} قال: (فرحلت فيها إلى ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما قال: لقد
نزلت في آخر ما نزلت وما نسخها شيءٌ).
وعن شعبة عن منصورٍ قال: سمعت سعيد بن جبيرٍ قال: سألت ابن عباس عن قول الله عز وجل: {ومن يقتل مؤمناً متعمّداً} قال: لا توبة له.
أخبرنا ابن الحصين، قال: أبنا غيلان، قال: أبنا أبو بكرٍ الشّافعيّ، قال: أبنا إسحاق بن الحسن، قال: أبنا ابن حذيفة النهدي، قال: بنا سفيان الثّوريّ، عن المغيرة بن النّعمان، عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {ومن يقتل مؤمناً متعمّداً} قال: ليس لقاتل مؤمنٍ توبةٌ، ما نسختها آيةٌ منذ نزلت.
أخبرنا سعيد بن أحمد، قال: أبنا ابن اليسريّ، قال: أبنا المخلص، قال: بنا البغوي، قال: بنا عثمان بن أبي شيبة، قال: بنا أبو خالدٍ الأحمر، عن عمر بن قيس الملاي، عن يحيى الجابر، عن سالم بن أبي الجعد عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما أنّه تلا هذه الآية: {ومن يقتل مؤمناً متعمّداً فجزاؤه جهنّم} حتّى فرغ منها، فقيل له: وإن تاب وآمن وعمل صالحًا ثمّ اهتدى.
قال ابن عبّاسٍ: وأنّى له التّوبة قد سمعت نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم
يقول: (ثكلته أمّه، قاتل المؤمن إذا جاء يوم القيامة واضعًا رأسه على إحدى يديه آخذًا بالأخرى القاتل (تشخب) أوداجه قبل عرش الرحمن عز وجل فيقول: ربّ سل هذا فيم قتلني؟ قال: وما نزلت في كتاب الله عز وجل آيةٌ نسختها.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد اللّه، قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا إسحاق ابن أحمد، قال: أبنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، قال: حدثني أبي، قال: بنا يحيى بن سعيدٍ، عن شعبة، قال بنا مغيرة بن النّعمان عن سعيد بن جبيرٍ، قال: اختلف أهل الكوفة في هذه الآية: {ومن يقتل مؤمناً متعمّداً} فرحلت إلى ابن أبي عبّاسٍ رضي الله عنها فقال: إنّها من آخر ما نزل، وما نسخها شيءٌ.
قال أحمد: وبنا يحيى بن سعيدٍ، عن ابن جريج، قال: حدثني القاسم ابن أبي بزّة عن سعيد بن جبيرٍ، قال: قلت لابن عبّاسٍ: هل لمن قتل مؤمنًا متعمّدًا من توبةٍ؟ قال: لا. فتلوت هذه الآية الّتي في الفرقان {إلاّ من تاب وآمن} فقال: هذه الآية مكّيّةٌ نسختها آيةٌ مدنيّةٌ
{ومن يقتل مؤمناً متعمّداً فجزاؤه جهنّم}.
قال أحمد: وبنا حسين بن محمد قال بنا سفيان، عن أبي الزّياد، قال: سمعت شيخنا يحدّث خارجة بن زيد بن ثابتٍ، قال: سمعت أباك، (قال) : نزلت الشّديدة بعد الهيّنة بستّة أشهرٍ قوله: {ولا يقتلون النّفس الّتي حرّم اللّه إلاّ بالحقّ} وقوله: {ومن يقتل مؤمناً متعمّداً فجزاؤه جهنّم}.
وقد روي عن ابن عبّاسٍ ما يدلّ على أنّه قصد التّشديد بهذا القول.
فأخبرنا المبارك بن عليٍّ، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريشٍ قال: بنا إبراهيم بن عمر قال: أبنا محمّد بن إسماعيل قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا محمّد بن عبد الملك، قال: أبنا يزيد بن هرون، قال: أبنا أبو مالكٍ، قال: بنا سعد بن عبيدة، أنّ ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما كان يقول: لمن قتل المؤمن توبةٌ، فجاءه رجلٌ فسأله، ألمن قتل مؤمناً توبة؟ قال: لا إلا النّار. فلمّا قام قال له جلساؤه: ما هكذا؟ كنت تفتينا أنّه لمن قتل مؤمنًا متعمّدًا توبةٌ مقبولةٌ، فما شأن هذا اليوم؟ قال: إنّي أظنّه رجلا مغضبًا يريد أن يقتل مؤمنًا، فبعثوا في أثره فوجدوه
كذلك.
قال أبو بكر بن أبي داود: وقد روي عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما أن (للقاتل) توبة.
وقد روى سعيد بن (ميناء) عن عبد اللّه بن عمر، قال: (سأله) رجلٌ، قال: إنّي قتلت رجلا فهل لي من توبةٍ؟ قال: تزوّد من الماء البارد، فإنّك لا تدخلها أبدًا.
وقد روي عن ابن عمر رضي اللّه عنهما ضدّ هذا، فإنّه قال للقاتل: "تب إلى اللّه يتب عليك"
وروى سعيد بن مينا) عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: جاءه رجلٌ فقال: يا أبا هريرة، ما تقول في قاتل المؤمن، هل له من توبةٍ؟ قال: والّذي لا إله إلا هو لا يدخل الجنّة حتّى يلج الجمل في سمّ الخياط.
والقول الثّاني: أنّها عامّةٌ دخلها التّخصيص، بدليل أنّه لو قتله كافرٌ ثمّ أسلم الكافر سقطت عنه العقوبة في الدّنيا والآخرة، فإذا ثبت كونها من العامّ المخصّص، فأيّ دليلٍ صلح للتّخصيص وجب العمل به. ومن أسباب التّخصيص أن يكون قد قتله مستحلًّا لأجل إيمانه فيستحق التخليد لاستحلاله.
أخبرنا المبارك بن عليٍّ، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريشٍ، قال: أبنا إبراهيم بن عمر البرمكيّ، قال: أبنا محمّد بن إسماعيل بن العبّاس، قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا الحسن بن عطاءٍ، وأحمد بن محمد الحسين، قالا: بنا خلاد بن يحيى، قال بنا أنس بن مالكٍ الصّيرفيّ أبو رويّة عن أنس بن مالكٍ، قال: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سريّةً وعليها أميرٌ فلمّا انتهى إلى أهل ماءٍ خرج إليه رجلٌ من أهل الماء فخرج إليه رجلٌ من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: إلى ما تدعو؟ فقال: إلى الإسلام، قال: وما الإسلام؟ قال: شهادة أن لا إله إلا اللّه وأنّ محمّدًا عبده ورسوله، وأن تقرّ بجميع الطّاعة، قال: هذا؟ قال: نعم. فحمل عليه فقتله لا يقتله إلا على الإسلام، فنزلت: {ومن يقتل مؤمناً متعمّداً} لا يقتل إلا على إيمانه الآية كلّها.
قال سعيد بن جبيرٍ: نزلت في (مقيس بن ضبابة) قتل مسلمًا عمدًا وارتدّ كافرًا.
وقد ضعّف هذا الوجه أبو جعفرٍ النّحّاس فقال: ومن لفظٍ عامٍّ لا يخصّ إلا (بتوقيفٍ) أو دليلٍ قاطعٍ.
وقد ذهب قومٌ إلى أنّها مخصوصةٌ في حقّ من لم يتب، بدليل قوله تعالى: {إلاّ من تاب}.
والصّحيح أنّ الآيتين محكمتان، فإن كانت الّتي في النّساء أنزلت أوّلا فإنّها محكمةٌ نزلت على حكم الوعيد غير مستوفاةٍ الحكم، ثمّ بيّن حكمها
في الآية الّتي في الفرقان، وكثيرٌ من المفسرين منهم ابن عباس وأبوا مجلز وأبو صالحٍ. يقولون: فجزاؤه جهنّم إن جازاه. وقد روى لنا مرفوعًا إلا أنّه لا يثبت رفعه. والمعنى: يستحقّ الخلود غير أنّه لا يقطع له به.
وفي هذا الوجه بعدٌ لقوله: {وغضب اللّه عليه ولعنه}. فأخبر بوقوع عذابه كذلك، وقال أبو عبيدٍ: وإن كانت الّتي في الفرقان الأولى فقد استغنى بما فيها عن إعادته في سورة النّساء فلا وجه للنّسخ بحال.)
[نواسخ القرآن: 247-296]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (سورة النساء){ومن يقتل مؤمناً متعمّداً فجزاؤه جهنّم} ذهب الأكثرون إلى أنها منسوخة بقوله {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وقال قوم هي محكمة ولهم في طريق إحكامها قولان أحدهما أن قاتل المؤمن مخلد في النار وأكدها هنا بأنها خبر والثاني أنّها عامّةٌ دخلها التّخصيص بدليل أنّه لو قتله كافر ثم أسلم سقطت عنه العقوبة في الدّنيا والآخرة فإذا ثبت كونها من العامّ المخصّص فأيّ دليلٍ صلح للتّخصيص وجب العمل به ومن أسباب التخصيص أن يكون قتله مستحلا لأجل إيمانه فاستحق التخليد لاستحلاله وذهب قومٌ إلى أنّها مخصوصةٌ في حقّ من لم يتب وقيل فجزاؤه جهنم إن جازاه وفيه بعد لقوله {وغضب اللّه عليه ولعنه} )[المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ: 23-26]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #33  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 09:31 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

قالى تعالى{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا(101)}

قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (سورة النساء)قوله تعالى: {فليس عليكم جناحٌ أن تقصروا من الصّلاة إن خفتم أن يفتنكم الّذين كفروا}:
بيّن الله جلّ ذكره بهذا النص الظاهر أن الصلاة إنما تقصر مع الخوف من فتنة الكفار.
وتواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قصر الصلاة في السّفر من غير خوف. وبه قال أكثر العلماء.
غير أن بعضهم قال: إن، هذه السنة المتواترة بقصر الصلاة في السفر من غير خوفٍ ناسخةٌ لما في كتاب الله عزّ وجلّ من أن القصر إنما يكون مع الخوف من فتنة الكفار.
والذي عليه أكثر العلماء: أن قصر الصّلاة في الخوف بالقرآن، وقصر الصّلاة في السفر من غير خوفٍ بالسنّة المتواترة. والسّنّة زيادة فائدة وتخفيف. والزيادة تقبل ولا تنسخ شيئًا.
وإنما تكون هذه السّنّة ناسخةً لزوال حكم القصر بالخوف بها، وذلك لم يزل.
فالآية لا نسخ فيها، لأنه لم يقل لا تقصر الصّلاة إلاّ مع الخوف، فيكون قصر الصلاة في السفر من غير خوف ناسخًا لهذا النهي.
وقد قال قومٌ: إن قصر الصّلاة في الخوف والسفر من غير خوفٍ بالقرآن، وتأوّلوا أنّ قوله تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناحٌ أن تقصروا من الصّلاة} [النساء: 101] كلامٌ تامٌ جاء في إباحة القصر في السفر من غير خوف. ثم ابتدأ بحكم آخر فقال: {إن خفتم أن يفتنكم الّذين كفروا} [النساء: 101] إلى قوله: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصّلاة} [النساء: 102] الآية وأباح بهذه القصر في الخوف، وقوله: {إنّ الكافرين كانوا لكم عدوًا مبينًا} عندهم اعتراضٌ بين حكمين يراد به التأخير.
قال أبو محمد: وفي هذا القول بعدٌ لتقدير زيادة الواو التي في قوله: {وإذا كنت فيهم}.
ولتقدير ما هو مقدّمٌ في الكلام مؤخّرًا بلا دليل قاطع.
ولأن القصرين مختلفان: قصر السّفر من غير خوف قصرٌ من عدد الركوع لا تغيير فيه في الرتبة والهيأة. وقصر الخوف قصرٌ من عدد الركوع بتغيير الرتبة والهيأة. والقرآن والسّنّة بيّنا لنا ذينك وكيف هو.
وقد روي عن عمر وابن عمر وغيرهما. أن قصر الصّلاة في السفر من غير خوف سنة رسول الله. وعليه أكثر العلماء.)
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 207-253]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (سورة النساء)قوله عز وجل: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} الآية [النساء: 101]، زعم قوم أنها منسوخة بما جاءت به السنة من جواز قصر الصلاة في السفر من غير تقييد بالخوف، وهذا غير صحيح، وصلاة الخوف باقية لم تنسخ، والقصر في السفر غير صلاة الخوف.)

[جمال القراء:1/276-294]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #34  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 09:49 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

قوله تعالى{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا(116)}

قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (سورة النساء)وقوله تعالى: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} يدلّ على جواز توبة القاتل وجواز غفران الله له.
ولا يحسن أن يكون هذا ناسخًا لقوله: {ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا} [النساء: 93]. الآية لأنه خبر والأخبار لا تنسخ.
وكذلك لا يحسن أن يكون قوله: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به} منسوخًا بقوله: {ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا} الآية لأنه أيضًا خبر وفي نسخه نقض عفوه المسلمين، ولم يدّعه أحدٌ، ولا يحلّ القول به.
قال أبو محمد: والذي يوجبه النّظر وعليه أكثر أهل العلم أن الثلاث الآيات محكماتٌ لا نسخ في شيءٍ منها:
فقوله: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به} الآية محكمٌ غير منسوخ؛ لأن الشّرك لا يغفر لمن مات عليه بإجماع ولأنّه خبرٌ لا ينسخ.
وقوله: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} معارضٌ لقوله: {ومن يقتل
مؤمنًا متعمّدًا} الآية فلا بدّ من أن يكون أحدهما ناسخًا للآخر. أو يكونا محكمين:
فغير جائز أن ينسخ أحدهما الآخر؛ لأنّ كلّ واحدٍ منهما خبرٌ من الله لنا بأحكامه فينا يوم القيامة، وإخبار الله لنا بذلك لا يجوز أن ينسخ؛ لأن في نسخه إبطال الأخبار كلّها.
وإذا لم يجز أن ينسخ أحدهما الآخر، وجب أن يكونا محكمين، ولا يكونان محكمين مع تعارض أحدهما الآخر في ظاهر اللّفظ إلاّ (بحمل) آية القتل على أحد المعاني الثلاثة التي ذكرنا. وإذا حملت على أحدها لم يبق تعارضٌ بين الحكمين وصارا إلى الاتفاق ولم (يحتج) إلى تأويل نسخ.
وكذلك إذا حملت آية القتل في النساء على أحد المعاني الثّلاثة لم تعارض آية الفرقان بنسخٍ ولا باختلاف حكم.
فالثلاث الآيات محكماتٌ لا نسخ في شيء منهن.
وإذا كانت كذلك فتوبة القاتل متعمدًا جائزة.
ومما يدلّ على جواز قبول توبة القاتل متعمّدًا:
قوله تعالى: {إنّ الذين كفروا وصدّوا عن سبيل الله ثمّ ماتوا وهم كفّارٌ فلن يغفر الله لهم} [محمد: 34] فالمفهوم من هذا أن من مات غير كافرٍ، في مشيئة الله يغفر ذنوبه، إن شاء الله. والآية مدنية. ولو كان من مات من أهل الكبائر غير كافر لا يجوز أن يغفر الله ذنوبه لم يكن بينه وبين الكافر يموت على كفره فرق.
ويدلّ على ذلك أيضًا قوله تعالى عن عيسى عليه السلام: {إنّه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنّة} [المائدة 72]، فدلّ على أنه من مات ولم يشرك بالله لا يقطع عليه بتحريم الجنة، وهو في مشيئة الله.
وقد قال تعالى ذكره: {وإنّي لغفّارٌ لمن تاب وآمن وعمل صالحًا}[طه: 82] الآية فهذا عام.
وقال: {إنّ الله يغفر الذّنوب جميعًا} [الزمر: 53]، يعني للمؤمن. فهذا أيضًا عام.
خصّصه: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به}.
وقال تعالى: {وهو الّذي يقبل التّوبة عن عباده ويعفو عن السّيّئات} [الشورى: 25]. فعمّ.
وقال: {فمن يعمل من الصّالحات وهو مؤمنٌ فلا كفران لسعيه} [الأنبياء: 94] فعمّ.
وقال: {ومن يعمل مثقال ذرّةٍ خيرًا يره} [الزلزلة: 7] فعمّ.
وهي كلها أخبارٌ عامة لا يجوز نسخها، فلا بدّ من وقوعها على ما وصفها الله به.
وقد قال تعالى: {إنّ الله لا يظلم مثقال ذرّة} [النساء: 40].
فكيف يحبط توحيد القاتل، والتوحيد أعظم الأعمال وأصلها.
ولم يخبر الله أن شيئًا من الأعمال السيئة تحبط الإيمان إلا الشّرك، بقوله: {لئن أشركت ليحبطنّ عملك} [الزمر: 65].
وقد قال الله جلّ ذكره: {إنّ الحسنات يذهبن السّيّئات} [هود: 114] ولا حسنة بعد التوحيد أعظم من التوبة.
وقد أعلمنا الله جلّ ذكره أنه رحم القاتل متعمدًا وخفف عنه إذ أجاز له أن يبدل الدّية عن قتله، فقال: {ذلك تخفيفٌ من ربّكم ورحمةٌ} [البقرة: 178]، فهل يرحم الله ويخفّف عنه ما لزمه إلاّ من يجوز قبول التوبة له.
وقد قال الله جلّ ذكره: {فمن عفي له من أخيه شيءٌ}[البقرة: 178]، فجعل الله القاتل عمدًا ووليّ المقتول أخوين في الدّين، ولم يجعل
القاتل عمدًا كافرًا، بل جعله مؤمنًا إذ آخى بينه وبين الوليّ المؤمن.
وقد قال النبي عليه السلام: ((اختبأت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي)). والقتل عمدًا من الكبائر.
وقال أنس بن مالك: قلنا يا رسول الله، لمن تشفع؟ قال: ((لأهل الكبائر وأهل العظائم وأهل الدماء)).
وأيضًا فإن الله جلّ ذكره لم يذكر مع جزاء القاتل تخليد الأبد، إنما أفرد ذكر التخليد بغير أبد. فدلّ على أنه وإن دخل النار غير مؤبّدٍ فيها.
وقد سئل مالكٌ عن رجلٍ قتل أخته متعمّدًا لحدثٍ أحدثته فقال: يعتق رقبةً ويصوم شهرين متتابعين ويتقرّب إلى الله بما استطاع من خير ويكثر الاستغفار.
فلو كان عنده غير مقبول التوبة ما أمره بهذا.
وقد روى مسروق عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي عليه السلام قال: ((من لقي الله لم يشرك به شيئًا لم يضره معه خطيئة، ومن لقيه يشرك به شيئًا لم ينفعه معه حسنة)).
وقال جماعةٌ من العلماء: يؤمر التائب من القتل أن يكثر الجهاد ويبذل نفسه فيه لله. وروي مثله عن مالك.
فهذا يدلّ على الرجاء له وأنه لا يؤيس من عفو الله.
ومن زعم أن القاتل عمدًا لا توبة له جعل هذه الآيات كلّها منسوخات. وهي كلّها أخبار.
وفي نسخها إبطال الديانات كلّها؛ لأنّ من جعل أن القاتل لا توبة له وأنه مؤبد في النار، فقد أوجب أن إيمانه وسعيه وتوبته محبط كلّه مع قوله: {فلا كفران لسعيه} [الأنبياء: 94]، ومع قوله: {فلا تظلم نفسٌ شيئًا} [الأنبياء: 47].
وممّا يبيّن قبول توبة القاتل أن الله جلّ ذكره قد قال في الفارّ من الزحف: {ومن يولّهم ... فقد باء بغضبٍ من الله ومأواه جهنّم} [الأنفال: 16] ولم يختلف أحدٌ من أهل القبلة أن توبة الفارّ من الزحف جائزةٌ وأنه داخلٌ تحت قوله: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48].
وقد قال شيخنا أبو محمد عبد الله بن أبي زيد رحمة الله عليه: أن مما اجتمعت عليه الأمة من أمور الديانة، ومن السّنن التي خلافها بدعة
وضلالة {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، فقد دخل تحت هذا الإجماع الذنوب كلّها من القتل وغيره.
وأيضًا فقد أجمع أهل السنّة أنه لا تخليد على مؤمنٍ، وأنه لا يزيل الإيمان إلا الكفر، ورفع الصوت على صوت النبي صلى الله عليه وسلم متعمدًا.
وأيضًا فإن جواز توبة القاتل عمدًا غير مستحلٍّ للقتل قول ابن عمر وزيد بن ثابت ومجاهد وجماعة معهم.
وقد أجمع المسلمون أن الشرك والارتداد أعظم من القتل متعمّدًا. وأن المؤمن إذا ارتدّ ثم تاب قبلت توبته وأنه إذا ارتدّ وقتل مؤمنًا متعمّدًا مستحلاً لقتله ثم آمن وتاب أنه مقبول التّوبة، لقوله تعالى: {قل للّذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} [الأنفال: 38]، ولقوله: {إنّ الله يغفر الذّنوب جميعًا} [الزمر: 53] فكذلك إذا قتل وهو مؤمن وتاب قبلت توبته، في ما بينه وبين الله، وحقّ المقتول يفعل الله فيه ما يشاء.
وقد روي عن ابن عباس أنه قال - في الآية التي في الفرقان - نزلت في أهل الشرك ولا توبة للقاتل متعمّدًا.
وكان الطبريّ يقول: جزاء القاتل جهنم حقًا، ولكنّ الله يغفر ويتفضّل على أهل الإيمان به وبرسوله فلا يجازيهم بالخلود فيها، إما أن يغفر فلا يدخلهم جهنم، وإما أن يدخلهم النار، ثم يخرجهم بفضل
رحمته لقوله: {إنّ الله يغفر الذّنوب جميعًا}. وهذا خبر عام فيه تخصيص الشرك، ولا يجوز نسخه.
فإن قيل: هلاّ جعلت آية القتل مخصّصةً لقوله: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به} كأنها مستثناة منها؟.
قيل: لو جاز هذا لجاز أن تكون آية الزحف والفرار منه مخصّصة أيضًا مستثناة منها. وآية أكل مال اليتيم مخصصة مستثناة منها. وآية الربا مخصصة مستثناة منها. فيدخلن تحت ترك المغفرة وترك قبول التوبة من ذلك كله. وهذا لا يقوله أحد.
قد أجمع الناس على قبول التوبة من ذلك كلّه.
وإذا لم تكن هذه الأشياء مخصّصةً مستثناة من قوله: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به} لم تكن آية القتل مخصّصة مستثناة.
وأيضًا فإن قوله: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به} متلوٌّ بعد آية القتل في سورة واحدة ولم يقع في القرآن أوّلٌ خصصّ آخرًا في سورة واحدة فيكون هذا مثله.
وحديث النبي عليه السلام المتواتر النقل: ((اختبأت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي)).
مما يرجي القاتل ويطمعه لأنه من أهل الكبائر، وقد عمّ في قوله: (لأهل الكبائر من أمتي ولم يخصّ صنفًا منهم من صنف.
ومما يؤيد أن القاتل يرجى له التوبة ما ذكره ابن شعبان مما روى عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال: إن الآية محكمةٌ إلا أنه قال تعالى ذكره: {ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثمّ يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا} [النساء: 110]، قال: فلو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال، يريد لجاز أن يغفرها الله.
قال ابن عباس: وقد دعا الله إلى مغفرته من زعم أن عزيرًا ابن الله، ومن زعم أن الله فقير، ومن زعم أنّ يد الله مغلولة، ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة يقول الله لهؤلاء: {أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفورٌ رحيم} [المائدة 74].
قال ابن عباس: وقد دعا الله إلى توبته من هو أعظم جرمًا من
هؤلاء، من قال: {أنا ربّكم الأعلى} [النازعات: 24] وقد قال: ما {علمت لكم من إلهٍ غيري} [القصص: 38] قال: ومن أيأس العباد من التوبة فقد جحد كتاب الله، ومن تاب إلى الله تاب الله عليه، قال الله: {ثمّ تاب عليهم ليتوبوا} [التوبة: 118].
قال ابن عباس: وكما لا ينفع مع الشّرك إحسان كذلك نرجو أن يغفر الله ذنوب الموحدين. قال ابن عباس: مع قول النبي عليه السلام: ((لو وضعت لا إله إلاّ الله في كفة الميزان ووضعت السموات والأرض وما فيهنّ في كفة أخرى لرجحت بهن)).
وقد قال ابن عمر: كنّا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نشك في قاتل المؤمن وأكل مال اليتيم وشاهد الزور وقاطع الرحم، يعني: لا نشك في الشهادة لهم بالنار. قال ابن عمر: حتى نزلت: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
فأمسكنا عن الشهادة لهم، يعني بالنار.
وقد قال جماعة: إن آية القاتل منسوخة بقوله: {ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثمّ يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا}، فعمّ جميع الذنوب المكتسبة، وأخبر أن الله يغفر للمستغفر ومنها ويتوب الله على التائب.
قال أبو محمد: وقد روي في قتل النفس من الشّدة وترك المغفرة والخلود في نار جهنم أخبارٌ كثيرة - الله أعلم بصحتها -:
روي عن معاوية أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كلّ ذنبٍ عسى الله أن يغفره إلا من مات كافرًا، أو قتل مؤمنًا متعمّدًا)).
وقد سأل رجلٌ ابن عمر فقال إني قتلت نفسًا فهل لي عند الله من توبة؟ فقال له ابن عمر: أكثر من شرب الماء البارد. قال مالك: يريد أنه من أهل النار رواه ابن القاسم عن مالك.
وقد روي أن رجلاً سأل أبا هريرة وابن عمر وابن عباس عن رجل قتل رجلاً مؤمنًا متعمدًا: هل له توبة؟ فكلّهم يقول: هل يستطيع أن يحييه؟‍! هل يستطيع أن يبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء؟!! يريدون بذلك التشديد عليه.
قال أبو محمد: وقد أجمع المسلمون على أن من كفر بالمواريث ثم تاب أن توبته مقبولة مع قوله تعالى: {ومن يعص الله ورسوله ويتعدّ حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها وله عذابٌ مهين} [النساء: 14].
وقد سأل ابن عباس عمرو بن العاص، فقال له: أيّ آيةٍ في كتاب الله أرجى؟ فقال له عمرو: قوله: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به} الآية فقال ابن عباس: إنّ هذه لمرجوّة، ولكن غيرها أرجى منها: قوله عزّ
وجلّ: {وإن ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم} ولم يقل على إحسانهم.
وقال جعفر بن محمد: أرجى آيةٍ في القرآن: {ولسوف يعطيك ربّك فترضى} وهو صلى الله عليه وسلم لا يرضى أن يكون أحد من أمته مقيمًا في النار.
قال أبو محمد: والذي نعتقده أن كل من مات مؤمنًا غير كافر بالله ولا برسله ولا بكتبه، فهو في مشيئة الله، تاب من كبائره قبل موته أو لم يتب، بدلالة قوله: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وقوله: {وماتوا وهم كفارٌ فلن يغفر الله لهم}. ولهذا نظائر كثيرة في القرآن يدل على صحة ما قلناه ويوضّحه.
وقد روى جابر بن عبد الله أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما الموجبتان؟ فقال: ((من مات لا يشرك بالله شيئًا وجبت له الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئًا وجبت له النار)) الحديث بطوله.
قوله تعالى: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 116].
قال ابن عمر: لما أنزلت: {قل يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم} [الزمر: 53] إلى قوله: {إنّ الله يغفر الذّنوب جميعًا} [الزمر: 53] قام رجل إلى النبي فقال: والشرك يا رسول الله؟ فنزلت: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به} الآية قال مالك: فكان قوله: يغفر الذنوب جميعًا: إنه ما دون الشرك، قلت: فدخل قتل المؤمن المؤمن تحت هذا العموم.
وروي عن ابن عباس أنه تلا هذه الآية، وتلا قبلها: {وليست التوبة للّذين يعملون السيّئات} [النساء: 18] الآية فتأوّل عليه: أنّ هذا منسوخٌ بقوله: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به}، وأن من تاب قبل موته قبلت توبته.
قال أبو محمد: وهذا إنما يجوز على قول من قال: إن قوله: {حتى إذا حضر أحدهم الموت} [النساء: 18] الآية في المؤمنين، فالتوبة منهم جائزةٌ ما لم يقع الموت، لقوله: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
قال أبو محمد: وهذا خبر لا يحسن فيه النّسخ، والآية في الكفار، لا تنفعهم التوبة من الكفر عند معاينة الموت، كما أعلمنا الله أنه لم يقبل إيمان فرعون عند معاينته الغرق، وأعلمنا الله أنه لم يقبل إيمان الكفار عند معاينة العذاب، فقال: {فلم يك ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا} [غافر: 85] فهي محكمة.
وقد تقدم ذكر هذه الآية وقول من قال إنها عامة في المؤمن والكافر وأن المؤمن نسخ منها بقوله: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، قال ابن عمر: الحضور: السّوق.
وعن النبي عليه السلام أنه قال: ((يقبل الله توبة عبده ما لم يغرغر نفسه)).
وقوله بعد ذلك: {ولا الّذين يموتون وهم كفّار} [النساء: 18] يدلّ على أن الأول في الكفار.
وأيضًا أخبرنا الله أنه من تاب من كفره عند المعاينة والسّوق لا يقبل الله توبته، ولا من مات وهو كافر لم يتب.
وقد روي عن ابن عباس إطلاق اسم النسخ في قوله: {حتّى إذا حضر أحدهم الموت} [النساء: 18] الآية بقوله: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} الآية وقال: حرّم الله المغفرة على من مات وهو كافر، يريد بقوله: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به}. قال وأرجأ أهل التوحيد إلى مشيئته، ولم يؤيسهم من مغفرته، يريد بقوله: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
وهذا يدل على جواز توبة القاتل عمدًا غير مستحلٍّ لأنه من أهل التوحيد.
قال أبو محمد: والذي أقوله في هذه الآية وفي التي قبلها: إن الذنوب المكتسبة على نوعين:
نوع هو ما بين العبد وبين ربه خاصّة.
ونوع ثانٍ يقع بين العبد وبين الآدميين، ولله أيضًا فيه حقّ عقوبة مخالفته.
فما كان بين العبد وبين ربّه من الذنوب، فهو موقوفٌ على قوله تعالى: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فأعلمنا - تبارك وتعالى - أنه يغفر الذنوب كلّها التي بينه وبين العباد لمن يشاء منهم إلا الشّرك به فإنه لا يغفره لأحد.
وأعلمنا أن من قتل مؤمنًا متعمدًا أنه من المخلدين في النار وعليه الغضب واللّعنة وهو من الذنوب التي بين بعض العباد وبعض، ولله فيه حقّ عقوبة المخالفة له.
فالآيتان مختلفتان في الحكم، نزلتا في صنفين من الذنوب لا تنسخ إحداهما الأخرى.)
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 207-253]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (سورة النساء)قوله عز وجل: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} الآية [النساء: 48، 116]، ذهب قوم إلى أنها منسوخة بقوله عز وجل: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها} الآية [النساء: 393]، ورووا عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في قوله عز وجل في سورة "الفرقان": ({ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما. يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا* إلا من تاب وآمن} الآية [الفرقان: 68-70]، أن هذا لأهل الشرك إذا أسلموا، ولا توبة للقاتل متعمدا).
وروي أن رجلا سأل أبا هريرة وابن عمر وابن عباس عن قتل العمد، فكلهم قالوا: (هل يستطيع أن يجيبه؟). والصحيح أن هذا ليس من الناسخ والمنسوخ في شيء؛ لأن هذا إخبار من الله عز وجل، وإخبار الله تعالى صدق لا يدخله نسخ، وآية الفرقان وآيات النساء محكمات، وقد قال الله عز وجل في سورة النساء: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} الآية [النساء: 48، 116]، ثم قال عز وجل: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها} الآية [النساء: 93]، ثم قال بعد ذلك أيضا: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} الآية [النساء: 48، 116]، فإن قيل: إن قلت إن هذه أخبار، والنسخ لا يدخل الأخبار، فما تقول في تعارضها؟ قلت: قوله عز وجل: {فجزاؤه جهنم خالدا فيها} الآية [النساء: 93]، قد روى ابن سيرين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الآية: ((هو جزاؤه إن جازاه)).
وقال الطبري: جزاء القاتل جهنم حقا ولكن الله تعالى يغفر ويتفضل على من آمن بالله وبرسوله فلا يجازيهم بالخلود فيها، فإما أن يغفر فلا يدخلهم، وإما أن يدخلهم ثم يخرجهم بفضل رحمته، وهذا خبر عام ولا يجوز نسخه. وكذلك روي عن إبراهيم التيمي ومجاهد.
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كاف، وإنما أذكر هؤلاء لأن ذكرهم كالشهادة لصحة الحديث.
فإن قيل: فما تقول فيما تقدم ذكره عن ابن عباس؟ قلت: قد روى عاصم ابن أبي النجود عن ابن جبير عن ابن عباس رحمه الله أنه قال: (هو جزاؤه إن جازاه).
وروي عن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله عز وجل: ({ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} الآية [النساء: 110]، فلو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال لجاز أن يغفرها الله تعالى).
قال ابن عباس: (وقد دعا الله عز وجل إلى مغفرته من قال: {عزير ابن الله} الآية [التوبة: 30]، ومن زعم أن {الله فقير} الآية [آل عمران: 181] ومن زعم أن {يد الله مغلولة} الآية [المائدة: 64] ومن زعم أن {الله ثالث ثلاثة} الآية [المائدة: 73]، فقال الله عز وجل: {أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم} الآية [المائدة: 74]).
قال ابن عباس: (وقد دعا الله عز وجل إلى التوبة من هو أعظم جرما من هؤلاء: من قال: {أنا ربكم الأعلى} الآية [النازعات: 24] و{ما علمت لكم من إله غيري} الآية [القصص: 38]).
وقال: (ومن أيأس العباد من التوبة فقد جحد كتاب الله، ومن تاب إلى الله تاب الله عليه).
قال: (وكما لا ينفع مع الشرك إحسان، كذلك نرجو أن يغفر الله ذنوب الموحدين).
قال ابن عباس مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو وضعت لا إله إلا الله في كفة، ووضعت السموات والأرض وما بينهن وما فيهن في كفة لرجحت لا إله إلا الله)) وهذا هو الصحيح عن ابن عباس إن شاء الله، إذ أجمع المسلمون على صحة توبة قاتل العمد، وكيف لا تصح توبته وتصح توبة الكافر وتوبة من ارتد عن الإسلام ثم قتل المؤمنين متعمدا ثم رجع إلى الإسلام.
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: (كنا – معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم – لا نشك في قاتل المؤمن، وآكل مال اليتيم، وشاهد الزور، وقاطع الرحم، يعني: لا نشك في الشهادة لهم بالنار حتى نزلت: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} الآية [النساء: 48، 81] فأمسكنا عن الشهادة لهم).
فإن قيل: فما تقول في قولهم: هل تستطيع أن تجيبه؟ قلت: ذلك على وجه تعظيم أمر القتل والزجر، أو يكون ذلك قبل أن ينزل {إن الله لا يغفر أن يشرك به} الآية [النساء: 48، 116] على قول ابن عمر.
ومن زعم أن القاتل عمدا لا توبة له جعل الغفران لما دون الشرك في آية الفرقان منسوخا.
قالوا: ونزلت آية الفرقان فيما روى زيد بن ثابت قبل آية النساء بستة أشهر. وقد قدمت أن النسخ لا يدخل الأخبار، فلا نسخ في جميع هذه الآية، وكلها محكمة.)

[جمال القراء:1/276-294]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #35  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 10:01 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

قوله تعالى{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا(146)}

قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (سورة النساء)قوله تعالى: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} [145 / النساء] نسخ الله بعضها بالاستثناء بقوله: {إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله واخلصوا...} الآية [164 / النساء / 4].[الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 31-35]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (سورة النساء)قوله تعالى {إنّ المنافقين في الدرك الأسفل من النّار ولن تجد لهم نصيرًا} ثمّ أستثنى فقال {إلّا الّذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله} الآية) .[الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 65-78]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (قوله تعالى: {إنّ المنافقين في الدّرك الأسفل}.
زعم بعض من قلّ فهمه إنها نسخت بالاستثناء بعد ها، وهو قوله: {إلاّ الّذين تابوا} وقد بيّنّا في مواضع أنّ الاستثناء ليس بنسخ) .[نواسخ القرآن: 247-296]

قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (سورة النساء)

قوله عز وجل: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} الآية [النساء: 145]، زعموا أنه منسوخ بقوله عز وجل: {إلا الذين تابوا} الآية [النساء: 146]، فما أدري أي الأمرين أعجب: إدخال النسخ في الأخبار، أو جعل الاستثناء نسخا !
فهذه ثلاثون موضعا لا ترى فيها ناسخا ومنسوخا متيقنا). [جمال القراء:1/276-294]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:28 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة