العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأعراف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 ربيع الثاني 1434هـ/27-02-2013م, 10:46 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الأعراف [ من الآية (168) إلى الآية (171) ]

{وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 11:41 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168)}
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو أسامة، عن زائدة، عن منصورٍ، عن إبراهيم {لعلّهم يرجعون} قال: يتوبون). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 420-421]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقطّعناهم في الأرض أممًا مّنهم الصّالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسّيّئات لعلّهم يرجعون}.
يقول تعالى ذكره: وفرّقنا بني إسرائيل في الأرض أممًا، يعني جماعاتٍ شتّى متفرّقين.
- كما حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا إسحاق بن إسماعيل، عن يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وقطّعناهم في الأرض أممًا} قال: في كلّ أرضٍ يدخلها قومٌ من اليهود.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وقطّعناهم في الأرض أممًا}؛ قال: يهود.
وقوله: {منهم الصّالحون}؛ يقول: من هؤلاء القوم الّذين وصفهم اللّه من بني إسرائيل الصّالحون، يعني: من يؤمن باللّه ورسله. {ومنهم دون ذلك}؛ يعني: دون الصّالح.
وإنّما وصفهم اللّه جلّ ثناؤه بأنّهم كانوا كذلك قبل ارتدادهم عن دينهم وقبل كفرهم بربّهم، وذلك قبل أن يبعث فيهم عيسى ابن مريم صلوات اللّه عليه.
وقوله: {وبلوناهم بالحسنات والسّيّئات لعلّهم يرجعون}؛ يقول: واختبرناهم بالرّخاء في العيش، والخفض في الدّنيا، والدّعة والسّعة في الرّزق، وهي الحسنات الّتي ذكرها جلّ ثناؤه. ويعني بالسّيّئات: الشّدّة في العيش، والشظف فيه، والمصائب والرّزايا في الأموال. {لعلّهم يرجعون}؛ يقول: ليرجعوا إلى طاعة ربّهم، وينيبوا إليها، ويتوبوا من معاصيه). [جامع البيان: 10/ 533-534]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وقطّعناهم في الأرض أممًا منهم الصّالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسّيّئات لعلّهم يرجعون (168)}
قوله تعالى: {وقطّعناهم}؛
- حدّثنا أبو أسامة، ثنا يحيى بن زيادٍ ثنا يعقوب القمّيّ، عن جعفرٍ عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وقطّعناهم في الأرض أممًا}؛ هم اليهود بسطهم اللّه في الأرض فليس من الأرض بقعةٌ إلا وفيها عصابةٌ منهم وطائفةٌ.
- ذكر عن محمّد بن الصّلت، ثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ عن ابن عبّاسٍ {وقطّعناهم في الأرض أممًا منهم}؛ قال: مزّقهم كلّ ممزّقٍ فجعل في كلّ كورةٍ منهم أناسٌ يعني اليهود.
قوله تعالى: {في الأرض أممًا}؛
- حدّثنا حجّاجٌ، ثنا شبابة: ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أمما قال: يهود، وروي عن سعيد بن جبيرٍ مثل ذلك.
قوله تعالى: {منهم الصالحون}؛
الوجه الأول:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {منهم الصالحون}؛ وهم مسلمو أهل الكتاب.
والوجه الثّاني:
- ذكر عن أبي داود الحفريّ، ثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ قوله: {منهم الصّالحون}؛ قال: من أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: {ومنهم دون ذلك}؛
الوجه الأول:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، من مجاهدٍ {ومنهم دون ذلك}، قال: اليهود.
والوجه الثّاني:
- ذكر عن أبي، داود الحفريّ ثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ قوله: {ومنهم دون ذلك}، قال: من لم يؤمن بمحمّدٍ صلّى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: {وبلوناهم}
- ذكر عن أبي معشرٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ قال: ابتلوا بالرّخاء فلم يصبروا قال: {وقطّعناهم في الأرض أممًا منهم الصّالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسّيّئات لعلّهم يرجعون}.
قوله تعالى: {بالحسنات}؛
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث ابنا بشر بن عمارة عن ابن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وبلوناهم بالحسنات}، قال: الحصب.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {وبلوناهم بالحسنات}؛ قال: الرخاء والعافية.
قوله تعالى: {والسيئات}؛
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن بشر، عن روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: {والسّيّئات}؛ قال: البلاء والعقوبة.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن فضيلٍ عن، أشعث عن الحسن {لعلّهم يرجعون}؛ لعلّهم يتوبون). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1605-1606]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وقطعناهم في الأرض يعني اليهود). [تفسير مجاهد: 248]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قول الله: {وقطعناهم في الأرض أمما} ما الأمم قال: الفرق وقال فيه بشر بن أبي حازم:
من قيس غيلان في ذوائبها ....... منهم وهم بعد قادة الأمم.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {وبلوناهم بالحسنات والسيئات}، قال: بالخصب والجدب). [الدر المنثور: 6/ 642]

تفسير قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {يأخذون عرض هذا الأدنى}، قال: يأخذونه إن كان حلالا وإن كان حراما قال وإن فاتهم عرض مثله قال إن جاءهم حلال أو حرام أخذوه قال ابن جريج في قوله تعالى: {فلما نسوا ما ذكروا به}، قال: فلما نسوا موعظة المؤمنين إياهم الذين قال الله تعالى: {لم تعظون قوما الله مهلكهم}). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 240]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن فضيل عن منصور عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: {يأخذون عرض هذا الأدنى} قال يعملون بالمعاصي ويقولون سيغفر لنا). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 240]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( قوله تعالى: {فخلف من بعدهم خلفٌ ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا... } الآية.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا فضيل بن عياض، عن منصورٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله عزّ وجلّ: {يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا} قال: يعملون بالذّنوب، ويقولون: سيغفر لنا). [سنن سعيد بن منصور: 5/ 160-161]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فخلف من بعدهم خلفٌ ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرضٌ مثله يأخذوه}.
يقول تعالى ذكره: فخلف من بعد هؤلاء القوم الّذين وصف صفتهم خلفٌ يعني خلف سوءٍ، يقول: حدث بعدهم وخلافهم، وتبدّل منهم بدل سوءٍ، يقال منه: هو خلف صدقٍ، وخلف سوءٍ، وأكثر ما جاء في المدح بفتح اللاّم وفي الذّمّ بتسكينها، وقد تحرّك في الذّمّ وتسكّن في المدح، ومن ذلك في تسكينها في المدح قول حسّان:
لنا القدم الأولى إليك وخلفنا ....... لأوّلنا في طاعة اللّه تابع
وأحسب أنّه إذا وجّه إلى الفساد مأخوذٌ من قولهم: خلف اللّبن: إذا حمض من طول تركه في السّقاء حتّى يفسد، فكأنّ الرّجل الفاسد مشبّهٌ به، وقد يجوز أن يكون منه قولهم: خلف فم الصّائم: إذا تغيّرت ريحه.
وأمّا في تسكين اللاّم في الذّمّ، فقول لبيدٍ:
ذهب الّذين يعاش في أكنافهم ....... وبقيت في خلفٍ كجلد الأجرب
وقيل: إنّ الخلف الّذي ذكر اللّه في هذه الآية أنّهم خلفوا من قبلهم هم النّصارى.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {فخلف من بعدهم خلفٌ}؛ قال: النّصارى.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّ اللّه تعالى إنّما وصف أنّه خلف القوم الّذين قصّ قصصهم في الآيات الّتي مضت خلف سوءٍ رديءٌ، ولم يذكر لنا أنّهم نصارى في كتابه، وقصّتهم بقصص اليهود أشبه منها بقصص النّصارى.
وبعد، فإنّ ما قبل ذلك خبرٌ عن بني إسرائيل وما بعده كذلك، فما بينهما بأن يكون خبرًا عنهم أشبه، إذ لم يكن في الآية دليلٌ على صرف الخبر عنهم إلى غيرهم، ولا جاء بذلك دليلٌ يوجب صحّة القول به.
فتأويل الكلام إذن: فتبدّل من بعدهم بدل سوءٍ، ورثوا كتاب اللّه: تعلّموه، وضيّعوا العمل به فخالفوا حكمه، يرشون في حكم اللّه، فيأخذون الرّشوة فيه من عرض هذا العاجل الأدنى، يعني بالأدنى: الأقرب من الآجل الأبعد، ويقولون إذا فعلوا ذلك: إنّ اللّه سيغفر لنا ذنوبنا، تمنّيًا على اللّه الأباطيل، كما قال جلّ ثناؤه فيهم: {فويلٌ للّذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثمّ يقولون هذا من عند اللّه ليشتروا به ثمنًا قليلاً فويلٌ لهم ممّا كتبت أيديهم وويلٌ لهم ممّا يكسبون} {وإن يأتهم عرضٌ مثله يأخذوه} يقول: وإن شرع لهم ذنبٌ حرامٌ مثله من الرّشوة بعد ذلك أخذوه واستحلّوه، ولم يرتدعوا عنه. يخبر جلّ ثناؤه عنهم أنّهم أهل إصرارٍ على ذنوبهم، وليسوا بأهل إنابةٍ ولا توبةٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل وإن اختلفت عنه عباراتهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أحمد بن المقدام، قال: حدّثنا فضيل بن عياضٍ، عن منصورٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرضٌ مثله يأخذوه}؛ قال: يعملون الذّنب ثمّ يستغفرون اللّه، فإن عرض ذلك الذّنب أخذوه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {وإن يأتهم عرضٌ مثله يأخذوه} قال: من الذّنوب.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا}؛ قال: يعملون بالذّنوب. {وإن يأتهم عرضٌ مثله يأخذوه}؛ قال: ذنبٌ آخر يعملون به.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن منصورٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {يأخذون عرض هذا الأدنى} قال: الذّنوب. {وإن يأتهم عرضٌ مثله يأخذوه}؛ قال: الذّنوب.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {يأخذون عرض هذا الأدنى}؛ قال: ما أشرف لهم من شيءٍ في اليوم من الدّنيا حلالٌ أو حرامٌ يشتهونه أخذوه، ويبتغون المغفرة، فإن يجدوا الغد مثله يأخذوه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه، إلاّ أنّه قال: يتمنّون المغفرة.
- حدّثنا الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا أبو سعدٍ، عن مجاهدٍ: {يأخذون عرض هذا الأدنى}؛ قال: لا يشرف لهم شيءٌ من الدّنيا إلاّ أخذوه حلالاً كان أو حرامًا، ويتمنّون المغفرة، {ويقولون سيغفر لنا}؛ وإن يجدوا عرضًا مثله يأخذوه.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فخلف من بعدهم خلفٌ}؛ أي: واللّه لخلف سوءٍ ورثوا الكتاب بعد أنبيائهم ورسلهم، ورّثهم اللّه وعهد إليهم، وقال اللّه في آيةٍ أخرى: {فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات} [مريم] قال: {يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا} تمنّوا على اللّه أمانيّ وغرّةً يغترّون بها. {وإن يأتهم عرضٌ مثله} لا يشغلهم شيءٌ عن شيءٍ ولا ينهاهم عن ذلك، كلّما أشرف لهم شيءٌ من الدّنيا أكلوه لا يبالون حلالاً كان أو حرامًا.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {يأخذون عرض هذا الأدنى} قال: يأخذونه إن كان حلالاً وإن كان حرامًا. {وإن يأتهم عرضٌ مثله} قال: إن جاءهم حلالٌ أو حرامٌ أخذوه.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {فخلف من بعدهم خلفٌ} إلى قوله: {ودرسوا ما فيه} قال: كانت بنو إسرائيل لا يستقضون قاضيًا إلاّ ارتشى في الحكم. وإنّ خيارهم اجتمعوا فأخذ بعضهم على بعضٍ العهود أن لا يفعلوا ولا يرتشوا، فجعل الرّجل منهم إذا استقضي ارتشى، فيقال له: ما شأنك ترتشي في الحكم؟ فيقول: سيغفر لي، فيطعن عليه البقيّة الآخرون من بني إسرائيل فيما صنع. فإذا مات أو نزع، وجعل مكانه رجلٌ ممّن كان يطعن عليه فيرتشي، يقول: وإن يأت الآخرين عرض الدّنيا يأخذوه. وأمّا عرض الأدنى، فعرض الدّنيا من المال.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فخلف من بعدهم خلفٌ ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا} يقول: يأخذون ما أصابوا، ويتركون ما شاءوا من حلالٍ أو حرامٍ، ويقولون: {سيغفر لنا}.
- وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {يأخذون عرض هذا الأدنى} قال: الكتاب الّذي كتبوه، ويقولون: {سيغفر لنا} لا نشرك باللّه شيئًا. {وإن يأتهم عرضٌ مثله يأخذوه} يأتهم المحقّ برشوةٍ، فيخرجوا له كتاب اللّه ثمّ يحكموا له بالرّشوة. وكان الظّالم إذا جاءهم برشوةٍ أخرجوا له المثناة، وهو الكتاب الّذي كتبوه، فحكموا له بما في المثناة بالرّشوة، فهو فيها محقٌّ، وهو في التّوراة ظالمٌ، فقال اللّه: {ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لاّ يقولوا على اللّه إلاّ الحقّ ودرسوا ما فيه}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قوله: {فخلف من بعدهم خلفٌ ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى} قال: يعملون الذّنوب، قال: {ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرضٌ مّثله يأخذوه} قال: الذّنوب.
القول في تأويل قوله تعالى: {ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لاّ يقولوا على اللّه إلاّ الحقّ ودرسوا ما فيه والدّار الآخرة خيرٌ لّلّذين يتّقون أفلا تعقلون}.
يقول تعالى ذكره: ألم يؤخذ على هؤلاء المرتشين في أحكامهم، القائلين: سيغفر اللّه لنا فعلنا هذا، إذا عوتبوا على ذلك ميثاق الكتاب، وهو أخذ اللّه العهود على بني إسرائيل بإقامة التّوراة والعمل بما فيها. فقال جلّ ثناؤه لهؤلاء الّذين قصّ قصّتهم في هذه الآية موبّخًا لهم على خلافهم أمره ونقضهم عهده وميثاقه: ألم يأخذ اللّه عليهم ميثاق كتابه {أن لاّ يقولوا على اللّه إلاّ الحقّ} ولا يضيفوا إليه إلاّ ما أنزله على رسوله موسى صلّى اللّه عليه وسلّم في التّوراة، وأن لا يكذبوا عليه؟.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لاّ يقولوا على اللّه إلاّ الحقّ} قال: فيما يوجبون على اللّه من غفران ذنوبهم الّتي لا يزالون يعودون فيها ولا يتوبون منها.
وأمّا قوله: {ودرسوا ما فيه} فإنّه معطوفٌ على قوله: {ورثوا الكتاب} ومعناه: فخلف من بعدهم خلفٌ ورثوا الكتاب، ودرسوا ما فيه. ويعني بقوله: {ودرسوا ما فيه} قرءوا ما فيه. يقول: ورثوا الكتاب فعلموا ما فيه ودرسوه، فضيّعوه وتركوا العمل به، وخالفوا عهد اللّه إليهم في ذلك.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ودرسوا ما فيه} قال: علّموه وعلموا ما في الكتاب الّذي ذكر اللّه وقرأ: {بما كنتم تعلّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون}.
{والدّار الآخرة خيرٌ للّذين يتّقون} يقول جلّ ثناؤه: وما في الدّار الآخرة، وهو ما في المعاد عند اللّه ممّا أعدّ لأوليائه والعاملين بما أنزل في كتابه المحافظين على حدوده، خيرٌ للّذين يتّقون اللّه ويخافون عقابه، فيراقبونه في أمره ونهيه، ويطيعونه في ذلك كلّه في دنياهم. {أفلا تعقلون} يقول: أفلا يعقل هؤلاء الّذين يأخذون عرض هذا الأدنى على أحكامهم، ويقولون سيغفر لنا، إنّ ما عند اللّه في الدّار الآخرة للمتّقين العادلين بين النّاس في أحكامهم، خيرٌ من هذا العرض القليل الّذي يستعجلونه في الدّنيا على خلاف أمر اللّه والقضاء بين النّاس بالجور؟). [جامع البيان: 10/ 534-541]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({فخلف من بعدهم خلفٌ ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرضٌ مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على اللّه إلّا الحقّ ودرسوا ما فيه والدّار الآخرة خيرٌ للّذين يتّقون أفلا تعقلون (169)}
قوله تعالى: {فخلف من بعدهم خلف}
الوجه الأول:
- حدثنا يحيى بن عبدك القزويني، ثنا المقري، ثنا سعيدٌ يعني ابن أبي أيّوب، حدّثني بشير بن أبي عمرٍو الخولانيّ، عن الوليد بن قيس، عن ابن سعيدٍ الخدريّ في هذه الآية {فخلف من بعدهم خلفٌ} قال: الخلف من بعد ستّين سنةً.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ عن سعيدٍ، عن قتادة {فخلف من بعدهم خلفٌ}؛ أي واللّه لخلفٍ سوءٍ.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ عن سفيان عن إبراهيم ابن المهاجر عن مجاهد {فخلف من بعدهم خلف}؛ قال: هذه الأمّة.
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى، ثنا يحيى الحمّانيّ، ثنا شريكٌ، عن إبراهيم ابن مهاجرٍ، عن مجاهدٍ {فخلف من بعدهم خلفٌ}؛ قال: هم هذه الأمّة يترادفون في الطّرق كما ترادف الأنعام، لا يخافون من في السّماء ولا يستحيون ممّن في الأرض.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو سعيدٍ العطّار عمرو بن أبي عرفة ثنا أبو غسّان ثنا أسباط، عن نصرٍ، عن السّدّيّ في قوله: {فخلف من بعدهم خلفٌ} ورثوا الكتاب قال: هم من بني إسرائيل وأشباههم من هذه الأمّة المرجئة.
والوجه الثّالث:
- ثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ {فخلف من بعدهم خلف}؛ قال: النّصارى.
الوجه الرّابع:
- ذكر عن عبد الوهّاب الخفّاف، عن سعيدٍ، عن قتادة {فخلف من بعدهم خلف}؛ يعني اليهود والنّصارى.
قوله تعالى: {ورثوا الكتاب}؛
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة {فخلف من بعدهم خلف}؛ أي واللّه لخلف سوءٍ ورثوا الكتاب بعد أنبيائهم ورسلهم، أورثهم اللّه الكتاب وعهد إليهم.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ قال: سمعت ابن زيد في قوله: {فخلف من بعدهم خلفٌ ورثوا الكتاب}؛ قال: هؤلاء اليهود كتبوا كتابًا ضادّوا به كتاب اللّه يقال له المثناة المحقّ فيها مبطلٌ في التّوراة، والمبطل فيها محقٌّ في التّوراة.
قوله تعالى: {يأخذون عرض هذا الأدنى}؛
- حدّثنا أسيد بن عاصمٍ، ثنا الحسين بن حفصٍ، ثنا سفيان عن منصورٍ، عن سعيد بن جبيرٍ وإبراهيم قالا: يأخذون عرض هذا الأدنى قالا: الذّنوب
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {يأخذون عرض هذا الأدنى}؛ قال: ما أشرف لهم في اليوم من شيءٍ في الدّنيا حلالٍ أو حرامٍ يشتهونه أخذوه، ويتمنّون المغفرة وإن يجدوا الغد مثله يأخذونه.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله: {يأخذون عرض هذا الأدنى}؛ من الحرام.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد يقول في قول اللّه: {يأخذون عرض هذا الأدنى}؛ قال: الكتاب الذين في أيديهم.
قوله تعالى: {ويقولون سيغفر لنا}؛
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: عرض هذا الأدنى ما أشرف لهم في اليوم من شيءٍ من الدّنيا حلالاً أو حرامًا يشتهونه أخذوه ويتمنّوا المغفرة.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ البيروتيّ قراءةً عليه، أخبرني محمّد بن شعيب بن شابور، أخبرني عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه عطاءٌ في قوله: {يأخذون عرض هذا الأدنى}؛ ويقولون سيغفر لنا يأخذون ما عرض لهم من الدّنيا ويقولون نستغفر اللّه ونتوب إليه.
قوله تعالى: {وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه}؛
- حدّثنا أسيد بن عاصمٍ، ثنا الحسين بن حفصٍ، ثنا سفيان، عن منصورٍ عن إبراهيم، وعن سعيد بن جبيرٍ وإن يأتهم عرضٌ مثله يأخذوه قالا: الذّنوب يقولون سيغفر لنا.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وإن يأتهم عرضٌ مثله يأخذوه قال: إن وجدوا الغد مثله يأخذوه يعني ما أشرف لهم في اليوم من شيءٍ من الدّنيا حلالاً أو حرامًا يشتهونه أخذوه.
قوله تعالى: {ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب}؛
- حدّثنا أبي، ثنا سعيد بن سليمان النّشيطيّ، ثنا أبو الأشهب، عن الحسن في قوله: {ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب}؛ أن لا يقولوا على اللّه إلا الحقّ قال: هي لأهل الإيمان منهم.
قوله تعالى: {ودرسوا ما فيه}؛
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن جويبرٍ عن الضّحّاك ودرسوا ما فيه قال: علموا ما فيه.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {ودرسوا ما فيه}؛ قال: علموا ما في الكتاب لم يأتوه بجهالةٍ وقرأ: وليقولوا درست علمت.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه عن الرّبيع {ودرسوا ما فيه} يعني فأقرّوا ما فيه يعني مخفّفةً.
قوله تعالى: {والدّار الآخرة خيرٌ للّذين يتّقون}؛
- حدّثنا أبي، ثنا سعيد بن سليمان النّشيطيّ، ثنا أبو الأشهب، عن الحسن في قوله: {والدّار الآخرة خيرٌ للّذين يتّقون أفلا تعقلون}؛ قال: هي لأهل الإيمان منهم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1606-1609]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {فخلف من بعدهم} خلف يعني النصارى يأخذون عرض هذا الأدنى يقول ما أشرف لهم من شيء من الدنيا حلالا كان أو حراما يشتهونه أخذوه ويتمنون المغفرة وأن يجدوا الغد مثله يأخذوه). [تفسير مجاهد: 249]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس أنه سئل عن هذه الآية: {فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى} قال: أقوام يقبلون على الدنيا فيأكلونها ويتبعون رخص القرآن ويقولون: سيغفر لنا ولا يعرض لهم شيء من الدنيا إلا أخذوه ويقولون: سيغفر لنا.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {فخلف من بعدهم خلف} قال: النصارى {يأخذون عرض هذا الأدنى} قال: ما أشرف لهم شيء من الدنيا حلالا أو حراما يشتهونه أخذوه ويتمنون المغفرة وإن يجدوا آخر مثله يأخذونه
- وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {فخلف من بعدهم خلف} الآية، يقول: يأخذون ما أصابوا ويتركون ما شاؤوا من حلال أو حرام ويقولون سيغفر لنا.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {فخلف من بعدهم خلف} قال: خلف سوء {ورثوا الكتاب} بعد أنبيائهم ورسلهم أورثهم الله الكتاب وعهد الله إليهم: {يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا} قال: أماني تمنوها على الله وغرة يغترون بها {وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه} ولا يشغلهم شيء عن شيء ولا ينهاهم شيء عن ذلك كلما أشرف لهم شيء من الدنيا أخذوه ولا يبالون حلالا كان أو حراما.
- وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الشعب عن سعيد بن جبير في قوله: {يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا} قال: كانوا يعملون بالذنوب ويقولون: سيغفر لنا.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء في قوله: {يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا} قال: يأخذون ما عرض لهم من الدنيا ويقولون: نستغفر الله ونتوب إليه.
- وأخرج أبو الشيخ عن السدي قال: كانت بنو إسرائيل لا يستقضون قاضيا إلا ارتشى في الحكم فإذا قيل له يقول: سيغفر لي.
- وأخرج أبو الشيخ عن أبي الجلد قال: يأتي على الناس زمان تخرب صدورهم من القرآن وتتهافت وتبلى كما تبلى ثيابهم لا يجدون لهم حلاوة ولا لذاذة إن قصروا عما أمروا به قالوا: إن الله غفور رحيم وإن عملوا بما نهوا عنه قالوا: سيغفر لنا إنا لا نشرك بالله شيئا أمرهم كله طمع ليس فيه خوف لبسوا جلود الضان على قلوب الذئاب أفضلهم في نفسه المدهن.
- وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال: المؤمن يعلم أن ما قال الله كما قال الله والمؤمن أحسن عملا وأشد الناس خوفا لو أنفق جبلا من مال ما أمن دون أن يعاين لا يزداد صلاحا وبرا وعبادة إلا ازداد فرقا يقول: ألا أنجوه، والمنافق يقول: سواد الناس كثير وسيغفر لي ولا بأس علي فيسيء العمل ويتمنى على الله.
- وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس: {ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق} فيما يوجهون على الله من غفران ذنوبهم التي لا يزالون يعودون إليها ولا يتوبون منها.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {ودرسوا ما فيه} قال: علموا ما في الكتاب لم يأتوه بجهالة). [الدر المنثور: 6/ 642-645]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين يمسّكون بالكتاب وأقاموا الصّلاة إنّا لا نضيع أجر المصلحين}.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: (يمسكون) بتخفيف الميم وتسكينها، من أمسك يمسك.
وقرأه آخرون: {يمسّكون} بفتح الميم وتشديد السّين، من مسّك يمسّك.
ويعني بذلك: والّذين يعملون بما في كتاب اللّه، وأقاموا الصّلاة بحدودها، ولم يضيّعوا أوقاتها {إنّا لا نضيع أجر المصلحين}؛ يقول تعالى ذكره: فمن فعل ذلك من خلقي، فإنّي لا أضيع أجر عمله الصّالح.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {والّذين يمسّكون بالكتاب}؛ قال: كتاب اللّه الّذي جاء به موسى صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال مجاهدٌ، قوله: {والّذين يمسّكون بالكتاب} من يهود أو نصارى {إنّا لا نضيع أجر المصلحين}). [جامع البيان: 10/ 541-542]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({والّذين يمسّكون بالكتاب وأقاموا الصّلاة إنّا لا نضيع أجر المصلحين (170)}
قوله تعالى: {والّذين يمسكون}؛
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ {والّذين يمسكون بالكتاب} قال: اليهود والنّصارى.
- حدّثنا أبي، ثنا سعيد بن سليمان النّشيطيّ، ثنا أبو الأشهب عن الحسن قوله: {والّذين يمسكون بالكتاب} قال: يعني لأهل الإيمان منهم.
قوله تعالى: {بالكتاب}؛
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ، فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ، عن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قول اللّه: والّذين يمسكون بالكتاب الّذي جاء به موسى صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: {وأقاموا الصّلاة}؛
- حدّثنا أبي، ثنا دحيمٌ، ثنا الوليد، ثنا عبد الرّحمن بن نمرٍ، عن الزّهريّ قال: إقامتها أن تصلي الصلاة لوقتها.
قوله تعالى: {إنّا لا نضيع أجر المصلحين}؛
- حدّثنا أبي، ثنا سعيد بن سليمان النّشيطيّ، ثنا أبو الأشهب، عن الحسن قوله: {إنّا لا نضيع أجر المصلحين}؛ قال: هي لأهل الإيمان منهم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1609-1610]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {والذين يمسكون بالكتاب}؛ يعني اليهود والنصارى). [تفسير مجاهد: 249]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله: {والذين يمسكون بالكتاب} قال: هي لأهل الأيمان منهم.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {والذين يمسكون بالكتاب} قال: من اليهود والنصارى.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {والذين يمسكون بالكتاب} قال: الذي جاء به موسى عليه السلام). [الدر المنثور: 6/ 645]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171)}
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: ... {نتقنا} : «الجبل رفعنا» ). [صحيح البخاري: 6/ 58]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: {نتقنا الجبل}: رفعنا، {انبجست}: انفجرت تقدّم شرحهما في أحاديث الأنبياء). [فتح الباري: 8/ 298]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وتفسير قوله: {انبجست} ونتقنا ومتبر تقدم في أحاديث الأنبياء). [تغليق التعليق: 4/ 214] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({نتقنا}: رفعنا
أشار به إلى قوله تعالى: {وإذا نتقنا الجبل فوقهم كأنّه ظله} وفسّر: نتقنا، بقوله رفعنا وكذا فسره وكذا فسره ابن عبّاس. قال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس. قوله: {وإذ نتقنا الجبل}: رفعناه). [عمدة القاري: 18/ 232]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله: {نتقنا الجبل} أي (رفعنا) الجبل وسقط قوله الجبل لغير أبوي ذر والوقت). [إرشاد الساري: 7/ 124]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنّه ظلّةٌ وظنّوا أنّه واقعٌ بهم خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ واذكروا ما فيه لعلّكم تتّقون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: واذكر يا محمّد إذ اقتلعنا الجبل، فرفعناه فوق بني إسرائيل، كأنّه ظلّة غمامٍ من الظّلام، وقلنا لهم: خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ من فرائضنا، وألزمناكم من أحكام كتابنا، فاقبلوه، واعملوا باجتهادٍ منكم في أدائه من غير تقصيرٍ ولا توانٍ {واذكروا ما فيه}؛ يقول ما في كتابنا من العهود والمواثيق الّتي أخذنا عليكم بالعمل بما فيه. {لعلّكم تتّقون}؛ يقول: كي تتّقوا ربّكم، فتخافوا عقابه بترككم العمل به إذا ذكرتم ما أخذ عليكم فيه من المواثيق.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنّه ظلّةٌ} فقال لهم موسى: خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ، يقول: من العمل بالكتاب وإلاّ خرّ عليكم الجبل، فأهلككم، فقالوا: بل نأخذ ما آتانا اللّه بقوّةٍ، ثمّ نكثوا بعد ذلك.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنّه ظلّةٌ} فهو قوله: {ورفعنا فوقهم الطّور بميثاقهم} فقال: {خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ}، وإلاّ أرسلته عليكم.
- حدّثني إسحاق بن شاهين، قال: حدّثنا خالد بن عبد اللّه، عن داود، عن عامرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: إنّي لأعلم خلق اللّه لأيّ شيءٍ سجدت اليهود على حرف وجوههم، لمّا رفع الجبل فوقهم سجدوا وجعلوا ينظرون إلى الجبل مخافة أن يقع عليهم، قال: فكانت سجدةً رضيها اللّه، فاتّخذوها سنّةً.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنّه ظلّةٌ وظنّوا أنّه واقعٌ بهم خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ} أي: بجدٍّ. {واذكروا ما فيه لعلّكم تتّقون} جبلٌ نزعه اللّه من أصله ثمّ جعله فوق رءوسهم، فقال: لتأخذنّ أمري، أو لأرمينّكم به.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ، قال مجاهدٌ: {وإذ نتقنا الجبل} قال: كما تنتق الزّبدة.
قال ابن جريجٍ: كانوا أبوا التّوراة أن يقبلوها أو يؤمنوا بها. {خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ} قال: يقول: لتؤمننّ بالتّوراة ولتقبلنّها، أو ليقعنّ عليكم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكر بن عبد اللّه، قال: هذا كتاب اللّه أتقبلونه بما فيه؟ فإنّ فيه بيان ما أحلّ لكم وما حرّم عليكم وما أمركم وما نهاكم. قالوا: انشر علينا ما فيها، فإن كانت فرائضها يسيرةً وحدودها خفيفةً قبلناها، قال: اقبلوها بما فيها، قالوا: لا، حتّى نعلم ما فيها كيف حدودها وفرائضها. فراجعوا موسى مرارًا، فأوحى اللّه إلى الجبل، فانقلع فارتفع في السّماء حتّى إذا كان بين رءوسهم وبين السّماء قال لهم موسى: ألا ترون ما يقول ربّي؟ لئن لم تقبلوا التّوراة بما فيها لأرمينّكم بهذا الجبل، قال: فحدّثني الحسن البصريّ، قال: لمّا نظروا إلى الجبل خرّ كلّ رجلٍ ساجدًا على حاجبه الأيسر، ونظر بعينه اليمنى إلى الجبل، فرقًا من أن يسقط عليه؛ فلذلك ليس في الأرض يهوديّ يسجد إلاّ على حاجبه الأيسر، يقولون: هذه السّجدة الّتي رفعت عنّا بها العقوبة. قال أبو بكرٍ: فلمّا نشر الألواح فيها كتاب اللّه كتبه بيده، لم يبق على وجه الأرض جبلٌ ولا شجرٌ ولا حجرٌ إلاّ اهتزّ، فليس اليوم يهوديّ على وجه الأرض صغيرٌ ولا كبيرٌ تقرأ عليه التّوراة إلاّ اهتزّ ونغض لها رأسه.
واختلف أهل العلم بكلام العرب في معنى قوله: {نتقنا} فقال بعض البصريّين: معنى نتقنا: رفعنا، واستشهد بقول العجّاج:
ينتق أقتاد الشّليل نتقا
وقال: يعني بقوله: ينتق يرفعها عن ظهره.
وبقول الآخر:
ونتقوا أحلامنا الأثاقلا
وقد حكي عن قائل هذه المقالة قولٌ آخر، وهو أنّ أصل النّتق والنّتوق كلّ شيءٍ قلعته من موضعه فرميت به، يقال منه: نتقت نتقًا.
قال: ولهذا قيل للمرأة الكبيرة ناتقٌ؛ لأنّها ترمي بأولادها رميًا، واستشهد ببيت النّابغة:
لم يحرموا حسن الغذاء وأمّهم ....... دحقت عليك بناتقٍ مذكارٍ
وقال آخر: معناه في هذا الموضع: رفعناه. وقال: قالوا: نتقني السّير: حرّكني. وقال: قالوا: ما نتق برجله لا يركض، والنّتق: نتق الدّابّة صاحبها حين تعدو به وتتعبه حتّى يربو، فذلك النّتق والنّتوق، ونتقتني الدّابّة، ونتقت المرأة تنتق نتوقًا: كثر ولدها.
وقال بعض الكوفيّين: نتقنا الجبل: علّقنا الجبل فوقهم فرفعناه ننتقه نتقًا، وامرأةٌ منتاقٌ: كثيرة الولد، قال: وسمعت: أخذ الجراب ونتق ما فيه: إذا نثر ما فيه). [جامع البيان: 10/ 542-546]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنّه ظلّةٌ وظنّوا أنّه واقعٌ بهم خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ واذكروا ما فيه لعلّكم تتّقون (171)}
قوله تعالى: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم}
- حدّثنا عمّار بن خالدٍ الواسطيّ، ثنا محمّد بن الحسن ويزيد بن هارون واللّفظ لمحمّدٍ، عن أصبغ بن زيدٍ الورّاق، عن القاسم بن أبي أيوب، حدثني سعيد ابن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: ثمّ سار بهم موسى متوجّهًا نحو الأرض المقدّسة، وأخذ الألواح بعد ما سكت عنه الغضب، فأمرهم بالّذي أمر اللّه أن يبلغهم من الوظائف فثقلت عليهم وأبوا أن يقرّوا بها، حتّى نتق اللّه عليهم الجبل كأنّه ظلّة، ودنا منهم حتّى خافوا أن يقع عليهم.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالح بن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: قوله: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم}؛ يقول: ورفعنا فوقهم الطّور بميثاقهم
حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبي حمّادٍ، ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم} كأنّه ظلّةٌ قال: رفعته الملائكة فوق رؤوسهم.
- ذكر الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: قال لي عطاءٌ: إنّ هذا الجبل جبل الطّور هو الّذي رفع على بني إسرائيل.
- ذكره الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا حجّاج، عن ابن جريحٍ، أخبرنا ابن كثيرٍ، عن مجاهدٍ قال: نتقنا قال: خرجنا كما تخرج الزّبدة كما تنتق الزّبدة.
قوله تعالى: {كأنّه ظلّةٌ}؛
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن ميمونٍ، ثنا خالد بن حبان، عن جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجّاج في قول اللّه: {كأنّه ظلّةٌ}؛ قال: جاءتهم التّوراة جملةٌ واحدةٌ فكبر عليهم، فأبوا أن يأخذوه حتّى ظلّل اللّه عليهم الجبل فأخذوه عند ذلك.
قوله تعالى: {وظنّوا أنّه واقعٌ بهم}؛
- حدّثنا عمّار بن خالدٍ الواسطيّ، ثنا محمّد بن الحسن ويزيد بن هارون واللّفظ لمحمّدٍ، عن أصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب، حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ يعني قوله: {وظنّوا أنّه واقعٌ بهم}، قال: خافوا أن يقع عليهم.
- حدّثنا جعفر بن منيرٍ المدائنيّ، ثنا عبد الوهّاب بن عطاءٍ، ثنا داود، عن عامرٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: أنا أعلم النّاس بم اتّخذت النّصارى المشرق قبلةً قول الله: انتبذت من أهلها مكانًا شرقيًّا.
واتّخذوا ميلاد عيسى وأنا أعلم لم سجدت اليهود على حرف وجهها قول اللّه: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم} كأنّه ظلّةٌ وظنّوا أنّه واقعٌ بهم خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ قال: سجدوا وجعلوا ينظرون إلى الجبل فوقهم بحرف وجوههم كانت سجدةٌ رضيها اللّه عنهم فاتّخذوها سنةً.
قوله تعالى: {خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ}؛
- وبه عن ابن عبّاسٍ: خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ، فأخذوا الكتاب بأيمانهم وهم يعصون ينظرون إلى الأرض، والكتاب الّذي أخذوا بأيديهم، وهم ينظرون إلى الجبل مخافة أن يقع عليهم.
- حدّثنا عمران بن بكّارٍ الحمصيّ، ثنا الرّبيع بن روحٍ، ثنا محمّد بن حربٍ ثنا الزّبيديّ، عن عديٍّ، عن داود بن أبي هندٍ، عن عامرٍ قال ابن عبّاسٍ: إنّي لا أعلم لم تسجد اليهود على حرفٍ قال اللّه تعالى: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم} كأنّه ظلّةً وظنّوا أنّه واقعٌ بهم قال: لتأخذنّ بأمري أو لأرمينّكم به، فسجدوا وهم ينظرون إليه مخافة أن يسقط عليهم فكانت سجدةٌ رضيها اللّه فاتّخذوها سنةً.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن أبي حمّادٍ، ثنا مهران، عن سفيان عن الأعمش، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم} كأنه ظلة قال: رفعته الملائكة فوق رؤوسهم فقيل لهم: {خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ}، فكانوا إذ نظروا إلى الجبل قالوا: سمعنا وأطعنا وإذا نظروا: إلى الكتاب قالوا سمعنا وعصينا.
قوله تعالى: {بقوّةٍ}؛
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي الحسين، عن أبيه، عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ قوله: {خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ}؛ يقول: العمل بالكتاب.
- حدّثنا أبي، ثنا عبيد اللّه بن موسى، ثنا أبو جعفرٍ عن الرّبيع {خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ} قال: بطاعةٍ.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: {خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ} قال: بجدٍّ.
قوله تعالى: {واذكروا ما فيه لعلّكم تتّقون}
- وبه عن قتادة قوله: {واذكروا ما فيه لعلّكم تتّقون} بجبلٍ انتزعه اللّه من أصله، ثمّ جعله فوق رؤوسهم ثمّ قال: لتأخذنّ بأمري أو لأرميّنكم به). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1610-1612]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو أحمد محمّد بن إسحاق العدل، ثنا أحمد بن نصرٍ، ثنا عمرو بن طلحة، ثنا أسباط بن نصرٍ الهمدانيّ، عن إسماعيل بن عبد الرّحمن السّدّيّ، عن مرّة الهمدانيّ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه، أنّه قال: إنّ " أصحاب العجل قالوا هطا سقماثا أزبه مزبا وهي بالعربيّة حنطةٌ حمراء قويّةٌ، فيها شعرةٌ سوداء، فذلك قوله عزّ وجلّ: {فبدّل الّذين ظلموا قولًا غير الّذي قيل لهم} [البقرة: 59] فلمّا أبوا أن يسجدوا قال: أمر اللّه الجبل أن يقع عليهم، فنظروا إليه قد غشيهم، فسقطوا سجّدًا على شقٍّ، ونظروا بالشّقّ الآخر فرحمهم اللّه فكشفه عنهم، فقالوا: ما سجدةٌ أحبّ إلى اللّه تعالى من سجدةٍ كشف بها العذاب عنكم، فهم يسجدون لذلك على شقٍّ، فذلك قوله عزّ وجلّ: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنّه ظلّةٌ}«هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/ 352]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة} يقول: رفعناه وهو قوله: {ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم} [النساء: 154] فقال: {خذوا ما آتيناكم بقوة} وإلا أرسلته عليكم.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وإذ نتقنا الجبل} قال: رفعته الملائكة فوق رؤوسهم فقيل لهم: {خذوا ما آتيناكم بقوة} فكانوا إذا نظروا إلى الجبل قالوا: سمعنا وأطعنا وإذا نظروا إلى الكتاب قالوا: سمعنا وعصينا.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: إني لأعلم لم تسجد اليهود على حرف قال الله: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم} قال: لتأخذن أمري أو لأرمينكم به فسجدوا وهم ينظرون إليه مخافة أن يسقط عليهم فكانت سجدة رضيها الله تعالى فاتخذوها سنة.
- وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة قال: أتى ابن عباس يهودي ونصراني فقال لليهودي: ما دعاكم أن تسجدوا بجباهكم فلم يدر ما يجيبه فقال: سجدتم بجباهكم لقول الله: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة} فخررتم لجباهكم تنظرون إليه وقال للنصراني: سجدتم إلى الشرق لقول الله: {إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا} [مريم: 16].
- وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال: إن هذا الجبل جبل الطور هو الذي رفع على بني إسرائيل.
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {وإذ نتقنا الجبل} قال: كما تنتق الزبدة أخرجنا الجبل.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ثابت بن الحجاج قال: جاءتهم التوراة جملة واحدة فكبر عليهم فأبوا أن يأخذوه حتى ظلل الله عليهم الجبل فأخذوه عند ذلك.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة: {وإذ نتقنا الجبل} قال: انتزعه الله من أصله ثم جعله فوق رؤوسهم ثم قال: لتأخذن أمري أو لأرمينكم به.
- وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن الكلبي قال: كتب هرقل ملك الروم إلى معاوية يسأله عن الشيء ولا شيء وعن دين لا يقبل الله غيره وعن مفتاح الصلاة وعن غرس الجنة وعن صلا ة كل شيء وعن أربعة فيهم الروح ولم يركضوا في أصلاب الرجال ولا أرحام النساء وعن رجل لا أب له وعن رجل لا قوم له وعن قبر جرى بصاحبه وعن قوس قزح وعن بقعة طلعت عليها الشمس مرة لم تطلع عليها قبلها ولا بعدها وعن ظاعن ظعن مرة لم يظعن قبلها ولا بعدها وعن شجرة نبتت بغير ماء وعن شيء يتنفس لا روح له وعن اليوم وأمس وغد وبعد غد ما أجزاؤها في الكلام وعن الرعد والبرق وصوته وعن المجرة وعن المحو الذي في القمر فقيل له: لست هناك وإنك متى تخطئ شيئا في كتابك إليه يغتمزه فيك فاكتب إلى ابن عباس، فكتب إليه فأجابه ابن عباس: أما الشيء: فالماء قال الله: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} وأما لا شيء: فالدنيا تبيد وتفني وأما الدين الذي لا يقبل الله غيره: فلا إله إلا الله وأما مفتاح الصلاة: فالله أكبر وأما غرس الجنة، فلا حول ولا قوة إلا بالله وأما صلاة كل شيء: فسبحان الله وبحمده وأما الأربعة التي فيها الروح ولم يرتكضوا في أصلاب الرجال ولا أرحام النساء: فآدم وحواء وعصا موسى والكبش الذي فدى الله به إسحاق وأما الرجل الذي لا أب له: فعيسى بن مريم وأما الرجل الذي لا قوم له: فآدم وأما القبر الذي جرى بصاحبه: فالحوت حيث سار بيونس في البحر وأما قوس قزح: فأمان الله لعباده من الغرق وأما البقعة التي طلعت عليها الشمس ولم تطلع عليها قبلها ولا بعدها: فالبحر حيث انفلق لبني إسرائيل وأما الظاعن الذي ظعن مرة لم يظعن قبلها ولا بعدها: فجبل طور سيناء كان بينه وبين الأرض المقدسة أربع ليال فلما عصت بنو إسرائيل أطاره الله بجناحين من نور فيه ألوان العذاب فأظله الله عليهم وناداهم مناد إن قبلتم التوراة كشفته عنكم وإلا ألقيته عليكم فأخذوا التوراة معذورين فرده الله إلى موضعه فذلك قوله: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة} الآية وأما الشجرة التي نبتت من غير ماء: فاليقطينة التي أنبتت على يونس وأما الذي تنفس بلا روح فالصبح، قال الله: {والصبح إذا تنفس} [التكوير: 18] وأما اليوم: فعمل وأما أمس: فمثل وأما غد: فأجل وبعد غد فأمل وأما البرق: فمخاريق بأيدي الملائكة تضرب بها السحاب وأما الرعد: فاسم الملك الذي يسوق السحاب وصوته زجره وأما المجرة: فأبواب السماء ومنها تفتح الأبواب وأما المحو الذي في القمر فقول الله: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل}[الإسراء: 12] ولولا ذلك المحو لم يعرف الليل من النهار ولا النهار من الليل، فبعث بها معاوية إلى قيصر وكتب إليه جواب مسائله، فقال قيصر: ما يعلم هذا إلا نبي أو رجل من أهل بيت نبي، والله تعالى أعلم). [الدر المنثور: 6/ 645-649]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 09:50 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171)}


تفسير قوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وقطّعناهم في الأرض أمماً}؛ أي فرّقناهم فرقاً). [مجاز القرآن: 1/ 231]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقطّعناهم في الأرض أمماً مّنهم الصّالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسّيّئات لعلّهم يرجعون}
وقال: {مّنهم الصّالحون ومنهم دون ذالك} لا نعلم أحدا يقرؤها إلاّ نصبا). [معاني القرآن: 2/ 20]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (168 - {وقطّعناهم في الأرض}؛ أي فرقناهم.
{وبلوناهم بالحسنات والسّيّئات}؛ أي اختبرناهم بالخير والشر، والخصب والجدب). [تفسير غريب القرآن: 174]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ}، أي اختبرناهم).[تأويل مشكل القرآن: 469]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (149 - ثم قال جل وعز: {وقطعناهم في الأرض أمما}؛ أي فرقناهم فرقا
150 - وقوله جل وعز: {وبلوناهم بالحسنات والسيئات}؛ أي واختبرناهم بالشدة والرخاء والخصب والجدب). [معاني القرآن: 3/ 97-98]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (168- {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ}؛ أي اختبرناهم بالخير والشر، والخصب والجذب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 88]

تفسير قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فخلف من بعدهم خلفٌ ورثوا الكتاب...}و {خلف أضاعوا الصلاة}؛ أي قرن، بجزم اللام، والخلف: ما استخلفته، تقول: أعطاك الله خلفا مما ذهب لك، وأنت خلف سوء، سمعته من العرب). [معاني القرآن: 1/ 399]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فخلف من بعدهم خلفٌ}؛ ساكن ثاني الحروف، وإن شئت حركت الحرف الثاني وهما في المعنى واحد كما قالوا: أثر وأثر، وقوم يجعلونه إذا سكّنوا ثاني حروفه إذا كانوا مشركين، وإذا حركوه جعلوه خلفاً صالحاً.
{عرض هذا الأدنى}؛ أي طمع هذا القريب الذي يعرض لهم في الدنيا.
{ودرسوا ما فيه}؛ مجازه: من دراسة الكتب ويقال: قد درست إمامي أي حفظته وقرأته، يقال: ادرس على فلان أي اقرأ عليه). [مجاز القرآن: 1/ 232]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فخلف من بعدهم خلفٌ ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرضٌ مّثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم مّيثاق الكتاب أن لاّ يقولوا على اللّه إلاّ الحقّ ودرسوا ما فيه والدّار الآخرة خيرٌ لّلّذين يتّقون أفلا تعقلون}
وقال: {فخلف من بعدهم خلفٌ}؛ إذا قلت "خلف سوءٍ" و"خلف صدقٍ" فهما سواء. و"الخلف" إنما يريد به الذي بعد ما مضى خلفاً كان منه أو لم يكن خلفاً إنّما يكون يعني به القرن الذي يكون بعد القرن و"الخلف" الذي هو بدل مما كان قبله قد قام مقامه وأغنى غناه. تقول: "أصبت منك خلفا".
وقال: {يأخذون عرض هذا الأدنى}؛ فأضاف "العرض" إلى "هذا" وفسر "هذا" بـ"الأدنى" وكل شيء فهو عرضٌ سوى الدراهم والدنانير فإنها عينٌ. وما كان غير ذلك فهو عرضٌ وأما "العرض" فهو كل شيء عرض لك تقول: "قد عرض له بعدي عرضٌ" أي: "أصابته بليّةٌ وشرّ" وتقول: "هذا عرضةٌ للشرّ" و"عرضةٌ للخير" كلّ هذا تقوله العرب. وقال: {ولا تجعلوا اللّه عرضةً لأيمانكم} وتقول: "أعرض لك الخير" و"عرض لك الخير" وقال الشاعر: [من الكامل وهو الشاهد السابع عشر بعد المائتين]:
أعرفنّك معرضاً لرماحنا ....... في جفّ تغلب وارد الإمرار
و"العارض" من السحاب: ما استقبلك وهو قول الله عز وجل: {فلمّا رأوه عارضاً} وأما "الحبيّ": فما كان من كل ناحية وتقول: "خذوه من عرض الناس" أي: مما وليك منهم، وكذلك "اضرب به عرض الحائط" أي: ما وليك منه وأما "العرض" و"الطول" فإنه ساكن. وأما قوله [من الطويل وهو الشاهد الثامن عشر بعد المائتين]:
لهنّ عليهم عادةٌ قد عرفنها ....... إذا عرضوا الخطّيّ فوق الكواثب
وأعرضوا فهذا لأن: عرض عرضاً. و: "عرضت عليه المنزل عرضاً" و"عرض لي أمرٌ عرضاً" هذا مصدره. و"العرض من الخير والشرّ": ما أصبت عرضاً من الدنيا فانتفعت به تعني به الخير. و"عرض لك عرض سوءٍ"). [معاني القرآن: 2/ 20-21]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {أفلا تعقلون}.
أبو عمرو {يعقلون} بالياء). [معاني القرآن لقطرب: 580]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {فخلف من بعدهم خلف} فالخلف بالإسكان: خلف السوء؛ وقد جعله بعضهم: الصالح والطالح؛ والخلف بالتحرك: البدل؛ وسنذكر كل ما في هذا اللفظ مع {الخالفين} في سورة براءة.
قال لبيد:
ذهب الذين يعاش في أذرائهم = وبقيت في خلف كجلد الأجرب
وقال حسان:
لنا القدم الأولى إليك وخلفنا = لأولنا في طاعة الله تابع
فأسكن، وهو يريد: الخلف الصالح). [معاني القرآن لقطرب: 600]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (169 - {فخلف من بعدهم خلفٌ} والخلف: الرّدئ من الناس ومن الكلام، يقال: هذا خلف من القول). [تفسير غريب القرآن: 174]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على اللّه إلّا الحقّ ودرسوا ما فيه والدّار الآخرة خير للّذين يتّقون أفلا تعقلون (169)}؛
يقال للذي يجئ في أثر قرن خلف.
والخلف ما أخلف عليك بدلا مما أخذ منك، ويقال: في هذا خلف أيضا، فأمّا ما أخلف عليك بدلا مما ذهب منك فهو الخلف بفتح اللام.
وقوله: {ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى}؛
قيل إنهم كانوا يرتشون على الحكم، ويحكمون بجور، وقيل إنهم كانوا يرتشون ويحكمون بحق، وكل ذلك عرض خسيس.
وقوله: {ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه}؛
فالفائدة أنهم كانوا يذنبون بأخذهم الرشي، ويقولوا سيغفر لنا من غير أن يتوبوا، لأن قوله: {وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه}
دليل على إصرارهم على الذنب، واللّه جلّ وعزّ وعد بالمغفرة في العظائم التي توجب النار مع التوبة. فقال:
{ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على اللّه إلّا الحقّ ودرسوا ما فيه}؛
أي فهم ذاكرون لما أخذ عليهم). [معاني القرآن: 2/ 388]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (151 - وقوله جل وعز: {فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب}
قال مجاهد يعني النصارى.
وقال غيره يعني أبنائهم.
قال أبو جعفر وهذا أولى القولين والله أعلم لأنه يقال لولد الرجل خلفه يقال للواحد وللاثنين والجمع والمؤنث على لفظ واحد والجمع خلوف
وقيل إنما يستعمل للردئ من الأبناء.
فأما الخلف بتحريك اللام فهو البدل من الشيء من ولد أو غيره.
152 - ثم قال جل وعز: {يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا}
قال ابن عباس رحمه الله يستقبلون الدنيا فيأكلونها ويتأولون كتاب الله هذا معنى قوله تعالى: {وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه}
قال مجاهد يأخذون في يومهم ما كان من حلال أو حرام وإن وجدوا ذلك لغد أخذوه.
وقال غيره يأخذون الرشى في الحكم ويقولون سيغفر لنا وهم لا يتوبون.
ودل على أنهم لا يتوبون قوله تعالى: {وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه}
والعرض في اللغة متاع الدنيا أجمع.
والعرض بتسكين الراء ما كان من المال سوى الدنانير والدراهم وما كان من الدنانير والدراهم قيل له نقد وغيره.
ومعنى ودرسوا ما فيه أي قد قرأوه وهم قريبو عهد بقراءته). [معاني القرآن: 3/ 98-100]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فخلف من بعدهم خلف}؛ الخلف: الردئ من كل شيء). [ياقوتة الصراط: 233]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (169- {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ}؛ أي الردئ من الناس). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 88]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والّذين يمسّكون بالكتاب...}
ويقرأ (يمسكون بالكتاب) ومعناه: يأخذون بما فيه). [معاني القرآن: 1/ 399]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو {والذين يمسكون} من مسكوا.
وقراءة أبي "والذين مسكوا" تقوي قراءة أبي عمرو.
وقراءة أبي العالية {والذين يمسكون} من أمسكوا). [معاني القرآن لقطرب: 580]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والّذين يمسّكون بالكتاب وأقاموا الصّلاة إنّا لا نضيع أجر المصلحين (170)}
" الذين " في موضع رفع، وفيها قولان، أعني في {إنّا لا نضيع أجر المصلحين}، قال قوم: إنا لا نضيع أجر المصلحين منهم، وهو الذي نختار؛ لأن كل من كان غير مؤمن وأصلح فأجره ساقط، قال اللّه جلّ وعزّ:
{الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه أضلّ أعمالهم}
وقال: {وجوه يومئذ خاشعة (2) عاملة ناصبة (3) تصلى نارا حامية (4)}
فالمعنى: (والّذين يمسّكون بالكتاب) أي يؤمنون به، ويحكمون بما فيه إنا لا نضيع أجر المصلح منهم والمصلح المقيم على الإيمان المؤدّى فرائضه اعتقادا وعملا، ومثله: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا}؛ أي لا نضيع أجر من أحسن منهم عملا.
وقال قوم: المصلحون لفظ يخالف لفظ الأول، ومعناه معنى الأول فعاد الذكر في المعنى وإن لم يكن عائدا في اللفظ، ولا يجيز هؤلاء زيد قام أبو عمرو. لأن أبا عمرو لا يوجبه لفظ زيد.
فإن قال قائل: المؤمن أنا أكرم من اتقى اللّه، جاز، لأن معنى من اتقى اللّه معنى المؤمن، فقد صار بمنزلة قولك زيد ضربته، لأن الذكر إذا تقدّم فالهاء عائدة عليه، لا محالة، وإن كان لفظها غير لفظه، لأن ضمير الغائب لا يكون إلا هاء في النصب). [معاني القرآن: 2/ 388-389]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (153 - ثم قال تعالى: {والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المحسنين}
معنى يمسكون بالكتاب يتبعون ما فيه ويحكمون به.
{إنا لا نضيع أجر المحسنين}؛ أي من أصلح منهم وآمن ولم يعاند). [معاني القرآن: 3/ 100]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإذ نتقنا الجبل...}
رفع الجبل على عسكرهم فرسخا في فرسخ. (نتقنا): رفعنا. ويقال: امرأة منتاق إذا كانت كثيرة الولد). [معاني القرآن: 1/ 399]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإذ نتقنا الجبل فوقهم}؛ أي رفعنا فوقهم، وقال العجّاج:
ينتق أقتاد الشّليل نتقا
أي يرفعه عن ظهره، وقال رؤبة:
ونتقوا أحلامنا الأثاقلا).
[مجاز القرآن: 1/ 232]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {وإذ نتقنا الجبل فوقهم} فإنهم يقولون: نتقه ينتقه نتقًا؛ أي رفعه؛ وقالوا أيضًا: نتقني السير أي حركني، ينتقني، وقالوا أيضًا: ما ينتق برجله أي لا يركض.
والنتق: نتق الدابة صاحبها، حين تعدوا به وتتعبه حتى يربو، فذلك النتق والنتوق أيضًا.
وقالوا أيضًا: نتقت المرأة تنتق نتوقًا: إذا كثر ولدها). [معاني القرآن لقطرب: 600]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (171- {وإذ نتقنا الجبل فوقهم}: زعزعناه وحركناه. قال الشاعر:
ونتقوا أحلامنا الأثاقلا
وقال بعضهم: علقناه فوقهم رفعناه. وامرأة منتاق إذا كانت كثيرة الولد. ونتق ما في الجراب إذا نثره). [غريب القرآن وتفسيره: 153]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (171 - {وإذ نتقنا الجبل}؛ أي زعزعناه. ويقال: نتقت السّقاء: إذا نفضته لتقتلع الزبدة منه. وكان نتق الجبل أنّه قطع منه شيء على قدر عسكر موسى فأظل عليهم. وقال لهم موسى: أما أن تقبلوا التوراة إما أن يسقط عليكم). [تفسير غريب القرآن: 174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (154 - وقوله جل وعز: {وإذا نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة}؛ يقال نتقت الشيء أنتقه نتقا ونتوقا إذا زعزعته ورميت به أو قطعته منه امرأة ناتق أي كثيرة الولد كأنها ترمي بالأولاد.
ويقال: نتقت السقاء إذا نقضته لتخرج ما فيه من الزبد.
قال قتادة: رفع الجبل على رؤوسهم وقال لهم موسى إن قبلتم ما في الكتاب وإلا سقط عليكم.
ومعنى بقوة بجد). [معاني القرآن: 3/ 100-101]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وإذ نتقنا الجبل}؛ أي: رفعناه). [ياقوتة الصراط: 233]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (171- {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ}؛ أي زعزعناه وقلعناه.
وقيل: قطع منه قطعة على قدر عسكر موسى صلى الله عليه وسلم فأظلَ عليهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 88]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (171- {نَتَقنا}: علقنا). [العمدة في غريب القرآن: 139]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 05:40 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكقولهم فيمن رمى الناس بالسهام، أو البنادق، أو حذفهم، أو قذفهم بالحجارة: إنه يذكرهم ويغتابهم؛ لما جرى على ألسنة الناس من قولهم: رميت فلانا بالفاحشة، وقذفته وقذفت أباه.
وقال الله عز وجل: {والذين يرمون المحصنات} {والذين يرمون أزواجهم}.
وقال لبيد:
فرميت القوم رشقا صائبا ....... ليس بالعصل ولا بالمقثعل
وانتضلنا وابن سلمى قاعد ....... كعتيق الطير يغضي ويجل

ويريد أنهم تخاصموا وتسابوا واحتجوا.
وكقولهم فيمن رأي أنه قطع أعضاءه: إنه يسافر ويتغرب من عشيرته وولده في البلاد؛ من قول الله في قوم سبأ: {ومزقناهم كل ممزق}. وقال أيضا: {وقطعناهم في الأرض أمما} ). [تعبير الرؤيا: 41-42]

تفسير قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169) }

قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
خلق الفرزدق سوءة في مالك ....... ولِخَلْف ضبة كان شر غلام
ويروى ولخَلْف ضبة يريد مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم وقوله: ولخلف ضبة قال وذلك لأن ضبة أخواله قال ومنه قول الله تعالى: {فخلف من بعدهم خلف}؛ قال أبو عبد الله الخَلْف ساكنة اللام من يأتي بعد والخَلَف متحركة اللام هو البدل). [نقائض جرير والفرزدق: 273]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (
مطلب الكلام على خ ل ف.
قال الأصمعي: خلف فلان فهو يخلف خلوفا إذا فسد ولم يفلح، وهو خالف وهي خالفة.
ويقال: هو خالفة أهل بيته إذا كان أحمقهم، والخالفة: عمود في مؤخر البيت.
وقال اللحيانى: عبد خالف، أي لا خير فيه.
وقال ابن الأعرابي: يقال: أبيعك العبد وأبرأ إليك من خلفته.
ورجل ذو خلفة، ورجل خالفة وخالف وخلفنة وخلفناة، وفيه خلفناة.
وقال أبو زيد: الخالف: الفاسد الأحمق، وقد خلف يخلف خلافةً.
قال: ويقال: جاء فلان خلافى وخلفى وهما واحد.
قال: ويقال: اختلف فلان صاحبه في أهله اختلافا، وذلك أن يباصره حتى إذا غاب عن أهله جاء فدخل عليهن.
وقال الأصمعي: خلف فلان عن خلق أبيه إذا تغير.
وخلف فوه يخلف خلوفا إذا تغيرت رائحته، وقال اللحيانى: يقال نوم الضحى مخلفة للفم.
وقال أبو زيد: خلف الشراب واللبن يخلف خلوفا إذا حمض، ثم أطيل إنقاعه ففسد.
وقال أبو زيد والأصمعي: خلفت نفسه عن الطعام تخلف خلوفا إذا أضربت عنه من مرض، وقال أبو زيد لا يقال ذلك إلا من المرض.
وقال أبو نصر عن الأصمعي: خلف خلف صدق بإسكان اللام إذا ترك عقبًا.
ويقال: خذ هذا خلفًا من مالك بتحريك اللام، أي بدلًا منه، وهو خلف من أبيه، أي بدل منه.
وقال اللحياني: الخلف: الولد الصالح.
والخلف: الرديء.
يقال: بقيت في خلف سوء، أي بقية سوء، قال الله عز وجل: {فخلف من بعدهم خلفٌ}؛ وأنشد للبيد:
ذهب للذين يعاش في أكنافهم ....... وبقيت في خلفٍ كجلد الأجرب
والخلف: المربد يكون وراء البيت،
وأنشدني اللحياني:
وجيئا من الباب المجاف تواترًا ....... وإن تقعدا بالخلف فالخلف واسع
وقال الأصمعي واللحياني: الخلف وقال ابن الأعرابي: جلس أعرابي مع قوم فحبق، فتشور فأشار بإبهامه إلى استه وقال: إنها نطقت خلفا.
وحدّثني أبو عمرو غلام ثعلب، عن أبى العباس: أنه قال في قولهم: سكت ألفا ونطق خلفا: أي سكت عن ألف كلمة ونطق بواحدة رديئة قال الأصمعي: الخلفة: الاستقاء، يقال: من أين خلفتكم؟ أي من أين تستقون، وأنشد لذى الرمة:
ومستخلفاتٍ من بلاد تنوفةٍ ....... لمصفرة الأشداق حمر الحواصل
يعني القطا يحملن في حواصلهن.
ويقال: نتاج فلان خلفة، أي عام ذكر وعام أنثى.
والخلفة: الشيء من الثمر يخرج بعد الشيء، وقال غيره: الخلفة: النبت في الصيف، والخلفة: الليل والنهار لاختلافهما.
والخلفة: اختلاف البهائم وغيرها.
ويقال: حلب الناقة خليف لبئها، يعنى: الحلبة التي بعد ذهاب اللبا.
وروى أبو عبيد، عن الأصمعي: الخليف: الطريق في الجبل، وقال أبو نصر: الخليف: الطريق وراء الجبل أو في أصله، وقال اللحياني: الخليف: الطريق وراء الجبل أو بين الجبلين.
وقال اللحياني: المخلفة أيضا طريق، يقال: عليك المخلفة الوسطى.
والخوالف: النساء إذا غاب عنهن أزواجهن، قال الله عز وجل: {رضوا بأن يكونوا مع الخوالف} [التوبة: 87] .
وقال الأصمعي: حي خلوف، أي غيب.
وخلوف حضور.
قال: والإخلاف: أن تعيد على الناقة فلا تلقح.
والإخلاف: أن تعد الرجل عدةً فلا تنجزها.
والإخلاف: أن تضرب يدك إلى قراب السيف لتأخذه.
والإخلاف: أن تجعل الحقب وراء الثيل). [الأمالي: 1/ 158-159]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171) }

قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ} يقال أنتق جرابك، أي ألق ما فيه. ونتقت المرأة ولدها، إذا رمت بهم). [مجالس ثعلب: 370]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:07 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:07 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:07 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:08 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : ({وقطّعناهم}؛ معناه فرقناه في الأرض، قال الطبري عن جماعة من المفسرين: ما في الأرض بقعة إلا وفيها معشر من اليهود، والظاهر في المشار إليهم في هذه الآية أنهم الذين بعد سليمان وقت زوال ملكهم، والظاهر أنه قبل مدة عيسى عليه السلام لأنه لم يكن فيهم صالح بعد كفرهم بعيسى -صلى الله عليه وسلم-، وفي التواريخ في هذا الفصل روايات مضطربة، والصّالحون ودون ذلك ألفاظ محتملة أن يدعها صلاح الإيمان ف دون بمعنى غير يراد بها الكفرة، وإن أريد بالصلاح العبادة والخير وتوابع الإيمان ف دون ذلك يحتمل أن يكون في مؤمنين،
{وبلوناهم}؛ معناه امتحناهم، وبالحسنات الصحة والرخاء ونحو هذا مما هو بحسب رأي ابن آدم ونظره، والسّيّئات مقابلات هذه.
وقوله: {لعلّهم}؛ أي بحسب رأيكم لو شاهدتم ذلك، والمعنى لعلهم يرجعون إلى الطاعة ويتوبون من المعصية).
[المحرر الوجيز: 4/ 77-78]

تفسير قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فخلف من بعدهم خلفٌ ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرضٌ مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على اللّه إلاّ الحقّ ودرسوا ما فيه والدّار الآخرة خيرٌ للّذين يتّقون أفلا تعقلون (169) والّذين يمسّكون بالكتاب وأقاموا الصّلاة إنّا لا نضيع أجر المصلحين (170)}
خلفٌ معناه حدث خلفهم وبعدهم خلفٌ بإسكان اللام يستعمل في الأشهر في الذم ومنه قول لبيد: [الكامل]
ذهب الذين يعاش في أكنافهم ....... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
وقد يستعمل في المدح ومنه قول حسان: [الطويل]
لنا القدم الأولى إليك وخلفنا ....... لأولنا في طاعة الله تابع
والخلف بفتح اللام يستعمل في الأشهر في المدح، قال أبو عبيدة والزجاج: وقد يستعمل في الذم أيضا ومنه قول الشاعر:
ألا ذلك الخلف الأعور
وقال مجاهد: المراد ب «الخلف» هاهنا النصارى وضعفه الطبري وقرأ جمهور الناس ورثوا الكتاب وقرأ الحسن بن أبي الحسن البصري «ورّثوا الكتاب» بضم الواو وشد الراء، وقوله: يأخذون عرض هذا الأدنى إشارة إلى الرشا والمكاسب الخبيثة و «العرض» ما يعرض ويعن ولا يثبت، و «الأدنى» إشارة إلى عيش الدنيا، وقوله: ويقولون سيغفر لنا ذم لهم باغترارهم وقولهم: سيغفر مع علمهم بما في كتاب الله من الوعيد على المعاصي وإصرارهم عليهم وأنهم إذا أمكنتهم ثانية ارتكبوها فهؤلاء عجزة كما قال صلى الله عليه وسلم: والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله، فهؤلاء قطعوا بالمغفرة وهم مصرون وإنما يقول سيغفر لنا من أقلع وندم.
وقوله تعالى: {ألم يؤخذ عليهم ... الآية}، تشديد في لزوم قول الحق على الله في الشرع والأحكام بين الناس وأن لا تميل الرشا بالحكام إلى الباطل، والكتاب يريد به التوراة وميثاقها الشدائد التي فيها في هذا المعنى، وقوله: أن لا يقولوا على اللّه إلّا الحقّ يمكن أن يريد بذلك قولهم الباطل في حكومة مما يقع بين أيديهم، ويمكن أن يريد قولهم سيغفر لنا وهم قد علموا الحق في نهي الله عن ذلك، وقرأ جمهور الناس: «يقولوا» بياء من تحت وقرأ الجحدري: «تقولوا» بتاء من فوق وقوله: {ودرسوا}؛ معطوف على قوله: {ألم يؤخذ ... الآية} بمعنى المضي، يقدر: أليس قد أخذ عليهم ميثاق الكتاب ودرسوا ما فيه وبهذين الفعلين تقوم الحجة عليهم في قولهم الباطل، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، «وادارسوا» ما فيه وقال الطبري وغيره، قوله: ودرسوا معطوف على قوله: ورثوا الكتاب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وفي هذا نظر لبعد المعطوف عليه لأنه قوله: {ودرسوا}؛ يزول منه معنى إقامة الحجة بالتقدير الذي في قوله: {ألم}، ثم وعظ وذكر تبارك وتعالى بقوله: {والدّار الآخرة خيرٌ للّذين يتّقون} وقرأ جمهور الناس: «أفلا تعقلون» بالتاء من فوق وقرأ أبو عمرو وأهل مكة: «يعقلون» بالياء من أسفل). [المحرر الوجيز: 4/ 78-80]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: {والّذين} عطف على قوله: {للّذين يتّقون}، وقرأ ابن كثير ونافع وحمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص وأبو عمرو والناس: «يمسّكون» بفتح الميم وشد السين وقرأ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وأبو العالية وعاصم وحده في رواية أبي بكر. «يمسكون» بسكون الميم وتخفيف السين، وكلهم خفف {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} [الممتحنة: 10] إلا أبا عمرو فإنه قرأ: «ولا تمسّكوا» بفتح الميم وشد السين، وقرأ الأعمش «والذين استمسكوا» وفي حرف أبيّ «والذين مسكوا» يقال أمسك ومسك وهما لغتان بمعنى واحد، قال كعب بن زهير: [البسيط]
فما تمسك بالعهد الذي زعمت ....... إلا كما تمسك الماء الغرابيل
أما أن شد السين يجري مع التعدي بالباء). [المحرر الوجيز: 4/ 80]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنّه ظلّةٌ وظنّوا أنّه واقعٌ بهم خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ واذكروا ما فيه لعلّكم تتّقون (171) وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين (172)}
نتقنا معناه اقتلعنا ورفعنا فكأن النتق اقتلاع الشيء، تقول العرب: نتقت الزبدة من فم القربة، ومنه قول الشاعر: [الرجز]
ونتقوا أحلامنا الأثاقلا
والناتق الرحم التي تقلع الولد من الرجل، ومنه قول النابغة:
لم يحرموا حسن الغداء وأمهم ....... دحقت عليك بناتق مذكار
وفي الحديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «عليكم بتزويج الأبكار فإنهن أنتق أرحاما وأطيب أفواها» الحديث. وقد جاء في القرآن بدل هذه اللفظة في هذه القصة بعينها رفعنا لكن نتقنا، وفوقهم أعطت الرفع بزيادة قرينة هي أن الجبل اقتلعته الملائكة وأمر الله إياه، وروي أن موسى عليه السلام لما جاءهم بالتوراة فقال عن الله تعالى هذا كتاب الله أتقبلونه بما فيه؟ فإن فيه بيان ما أحل لكم وما حرم عليكم وما أمركم وما نهاكم، قالوا: انشر علينا ما فيها فإن كانت فرائضها يسيرة وحدودها خفيفة
قبلناها، قال: اقبلوها بما فيها قالوا: لا، فراجعهم موسى فراجعوا ثلاثا فأوحى الله عز وجل إلى الجبل فانقلع وارتفع فوق رؤوسهم، فقال لهم موسى صلى الله عليه وسلم ألا ترون ما يقول ربي؟: لئن لم تقبلوا التوراة بما فيها لأرمينكم بهذا الجبل، قال الحسن البصري: فلما رأوا إلى الجبل خر كل واحد منهم ساجدا على حاجبه الأيسر ونظر بعينه اليمنى إلى الجبل فرقا أن يسقط عليه فلذلك ليس في الأرض يهودي يسجد إلا على حاجبه الأيسر يقولون هذه السجدة التي رفعت بها عنا العقوبة، و «الظلة» ما أظل ومنه {في ظللٍ من الغمام} [البقرة: 210] ومنه: {عذاب يوم الظّلّة} [الشعراء: 189] ومنه قول أسيد بن حضير للنبي صلى الله عليه وسلم: قرأت البارحة «فغشي الدار مثل الظلة فيها أمثال المصابيح» فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «تلك السكينة تنزلت للقرآن» فإن قيل فإذا كان الجبل ظلة فما معنى: كأنه؟ فالجواب أن البشر إنما اعتادوا هذه الأجرام الأرضية ظللا إذا كانت على عمد، فلما كان الجبل على غير عمد قيل كأنّه ظلّةٌ أي كأنه على عمد، وظنّوا قال المفسرون: معناه أيقنوا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وليس الأمر عندي كذلك بل هو موضع غلبة الظن مع بقاء الرجاء، وكيف يوقنون بوقوعه وموسى عليه السلام يقول: إن الرمي به إنما هو بشرط أن لا يقبلوا التوراة والظن إنما يقع ويستعمل في اليقين متى كان ذلك المتيقن لم يخرج إلى الحواس، وقد يبين هذا فيما سلف من هذا الكتب ثم قيل لهم في وقت ارتفاع الجبل: خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ فأخذوها والتزموا جميع ما تضمنته من شدة ورخاء فما وفوا، وقرأ جمهور الناس: واذكروا وقرأ الأعمش فيما حكى أبو الفتح عنه: «واذكروا ولعلكم» على ترجيهم وهذا تشدد في حفظها والتهمم بأمرها). [المحرر الوجيز: 4/ 80-83]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:08 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:09 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقطّعناهم في الأرض أممًا منهم الصّالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسّيّئات لعلّهم يرجعون (168) فخلف من بعدهم خلفٌ ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرضٌ مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على اللّه إلا الحقّ ودرسوا ما فيه والدّار الآخرة خيرٌ للّذين يتّقون أفلا تعقلون (169) والّذين يمسّكون بالكتاب وأقاموا الصّلاة إنّا لا نضيع أجر المصلحين (170)}
يذكر تعالى أنّه فرّقهم في الأرض أممًا، أي: طوائف وفرقًا، كما قال [تعالى]: {وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفًا} [الإسراء: 104]
{منهم الصّالحون ومنهم دون ذلك} أي: فيهم الصّالح وغير ذلك، كما قالت الجنّ: {وأنّا منّا الصّالحون ومنّا دون ذلك كنّا طرائق قددًا} [الجنّ: 11]، {وبلوناهم} أي: اختبرناهم {بالحسنات والسّيّئات} أي: بالرّخاء والشّدّة، والرّغبة والرّهبة، والعافية والبلاء، {لعلّهم يرجعون}). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 498]

تفسير قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {فخلف من بعدهم خلفٌ ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرضٌ مثله يأخذوه} يقول تعالى: فخلف من بعد ذلك الجيل الّذين فيهم الصّالح والطّالح، خلفٌ آخر لا خير فيهم، وقد ورثوا دراسة [هذا] الكتاب وهو التّوراة -وقال مجاهدٌ: هم النّصارى -وقد يكون أعمّ من ذلك، {يأخذون عرض هذا الأدنى} أي: يعتاضون عن بذل الحق ونشره بعرض الحياة الدنيا، ويسرفون أنفسهم ويعدونها بالتّوبة، وكلّما لاح لهم مثل الأوّل وقعوا فيه؛ ولهذا قال: {وإن يأتهم عرضٌ مثله يأخذوه} كما قال سعيد بن جبيرٍ: يعملون الذّنب، ثمّ يستغفرون اللّه منه، فإن عرض ذلك الذّنب أخذوه.
وقول مجاهدٍ في قوله: {يأخذون عرض هذا الأدنى} قال: لا يشرف لهم شيءٌ من الدّنيا إلّا أخذوه، حلالًا كان أو حرامًا، ويتمنّون المغفرة، ويقولون: {سيغفر لنا} وإن يجدوا عرضًا مثله يأخذوه.
وقال قتادة في: {فخلف من بعدهم خلفٌ} أي: واللّه، لخلف سوءٍ، ورثوا الكتاب بعد أنبيائهم ورسلهم، ورّثهم اللّه وعهد إليهم، وقال اللّه في آيةٍ أخرى: {فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات} [مريم: 59]، قال {يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا} تمنّوا على اللّه أمانيّ، وغرّة يغترّون بها، {وإن يأتهم عرضٌ مثله يأخذوه} لا يشغلهم شيءٌ عن شيءٍ، ولا ينهاهم شيءٌ عن ذلك، كلّما هفّ لهم شيءٌ من [أمر] الدّنيا أكلوه، ولا يبالون حلالًا كان أو حرامًا.
وقال السّدّي [في] قوله: {فخلف من بعدهم خلفٌ} إلى قوله: {ودرسوا ما فيه} قال: كانت بنو إسرائيل لا يستقضون قاضيًا إلّا ارتشى في الحكم، وإنّ خيارهم اجتمعوا، فأخذ بعضهم على بعضٍ العهود ألّا يفعلوا ولا يرتشي، فجعل الرّجل منهم إذا استقضى ارتشى، فيقال له: ما شأنك ترتشي في الحكم، فيقول: "سيغفر لي"، فتطعن عليه البقيّة الآخرون من بني إسرائيل فيما صنع، فإذا مات، أو نزع، وجعل مكانه رجلٌ ممّن كان يطعن عليه، فيرتشي. يقول: وإن يأت الآخرين عرض الدنيا يأخذوه.
قال اللّه تعالى: {ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على اللّه إلا الحقّ ودرسوا ما فيه} يقول تعالى منكرًا عليهم في صنيعهم هذا، مع ما أخذ عليهم من الميثاق ليبيّننّ الحقّ للنّاس، ولا يكتمونه كقوله: {وإذ أخذ اللّه ميثاق الّذين أوتوا الكتاب لتبيّننّه للنّاس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنًا قليلا فبئس ما يشترون} [آل عمران: 187]
وقال ابن جريج: قال ابن عبّاسٍ: {ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على اللّه إلا الحقّ}؛ قال: فيما يوجبون على اللّه من غفران ذنوبهم الّتي لا يزالون يعودون فيها، ولا يتوبون منها.
وقوله تعالى: {والدّار الآخرة خيرٌ للّذين يتّقون أفلا تعقلون}؛ يرغّبهم تعالى في جزيل ثوابه، ويحذّرهم من وبيل عقابه، أي: وثوابي وما عندي خيرٌ لمن اتّقى المحارم، وترك هوى نفسه، وأقبل على طاعة ربّه.
{أفلا تعقلون} يقول: أفليس لهؤلاء الّذين اعتاضوا بعرض الدّنيا عمّا عندي عقلٌ يردعهم عمّا هم فيه من السّفه والتّبذير؟). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 498-499]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (ثمّ أثنى تعالى على من تمسّك بكتابه الّذي يقوده إلى اتّباع رسوله محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم-، كما هو مكتوبٌ فيه، فقال تعالى: {والّذين يمسّكون بالكتاب}؛ أي: اعتصموا به واقتدوا بأوامره، وتركوا زواجره {وأقاموا الصّلاة إنّا لا نضيع أجر المصلحين}). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 499]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنّه ظلّةٌ وظنّوا أنّه واقعٌ بهم خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ واذكروا ما فيه لعلّكم تتّقون (171)}
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم}؛ يقول: رفعناه، وهو قوله: {ورفعنا فوقهم الطّور بميثاقهم} [النّساء: 154]
وقال سفيان الثّوريّ، عن الأعمش، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، رفعته الملائكة فوق رءوسهم.
وقال القاسم بن أبي أيّوب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: ثمّ سار بهم موسى، عليه السّلام، متوجّهًا نحو الأرض المقدّسة، وأخذ الألواح بعد ما سكت عنه الغضب، فأمرهم بالّذي أمره اللّه تعالى [به] -أن يبلّغهم من الوظائف، فثقلت عليهم، وأبوا أن يقربوها حتّى ينتق اللّه الجبل فوقهم كأنّه ظلّةٌ، قال: رفعته الملائكة فوق رءوسهم. رواه النّسائيّ بطوله.
وقال سنيد بن داود في تفسيره، عن حجّاج بن محمّدٍ، عن أبي بكر بن عبد اللّه قال: هذا كتابٌ، أتقبلونه بما فيه، فإنّ فيه بيان ما أحلّ لكم وما حرّم عليكم، وما أمركم وما نهاكم؟ قالوا: انشر علينا ما فيها، فإن كانت فرائضها يسيرةً، وحدودها خفيفةً قبلناها. قال: اقبلوها بما فيها. قالوا: لا حتّى نعلم ما فيها، كيف حدودها وفرائضها؟ فراجعوا موسى مرارًا، فأوحى اللّه إلى الجبل فانقلع فارتفع في السّماء، حتّى إذا كان بين رءوسهم وبين السّماء قال لهم موسى: ألا ترون ما يقول ربّي، عزّ وجلّ؟ لئن لم تقبلوا التّوراة بما فيها، لأرمينّكم بهذا الجبل. قال: فحدّثني الحسن البصريّ قال: لمّا نظروا إلى الجبل خرّ كلّ رجلٍ ساجدًا على حاجبه الأيسر، ونظر بعينه اليمنى إلى الجبل، فرقًا من أن يسقط [عليه] فكذلك ليس اليوم في الأرض يهوديٌّ يسجد إلّا على حاجبه الأيسر، يقولون: هذه السّجدة الّتي رفعت بها العقوبة. قال أبو بكرٍ: فلمّا نشر الألواح فيها كتاب اللّه كتبه بيده، لم يبق على وجه الأرض جبلٌ ولا شجرٌ ولا حجرٌ إلّا اهتزّ، فليس اليوم يهوديٌّ على وجه الأرض صغيرٌ، ولا كبيرٌ، تقرأ عليه التّوراة إلّا اهتزّ ونفض لها رأسه. أي: حرّك كما قال تعالى: {فسينغضون إليك رءوسهم} [الإسراء: 51] أي يحرّكونها ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 499-500]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة