العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > أحكام المصاحف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 صفر 1436هـ/20-12-2014م, 09:34 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تصغير المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (الكلام عن مسألة تصغير المصحف بتناول أمرين:
أحدهما: تصغير حجم المصحف وخطه.
وثانيهما: تصغير اسمه تصغيرا لفظيا كقولهم "مصيحف".
وقد اتفق أهل العلم على المنع من الأمرين معا لما في التصغير من منافاة للتعظيم الواجب للمصحف، ولكون التصغير مشعرا بالاحتقار أحيانا؛ بل قد صرح بعض العلماء بتكفير من صغر اسم المصحف استخفافا، فإن لم يكن التصغير على سبيل الاستخفاف فقد اختلفت كلمة العلماء في درجة الحظر فيه، فمن قائل بالتحريم لتضمن التصغير صورة الامتهان ولو لم يكن مقصودا، إلى قائل بالكراهة لعدم قصد الامتهان على أن من أهل العلم من يعبر عن الكراهة بالتحريم، ومنهم من يعبر بها عن التنزيه.
وقد صرح بعض فقهاء الشافعية بعدم التحريم، وإن لم يقتض تصريحه هذا، القول بالإباحة وانتفاء البأس.
المأثور في منع تصغير المصحف تصغيرا فعليا:
تضافرت الآثار المقتضية للمنع من تصغير المصحف وكتابته بخط دقيق عن طائفة من الصحابة والتابعين، فمن ذلك:
1/ ما أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن قال: ( حدثنا عبد الغفار بن داود الحراني عن ابن لهيعة عن أبي الأسود: "أن عمر بن الخطاب وجد مع رجل مصحفا قد كتبه بقلم دقيق، فقال: ما هذا؟ قال: القرآن كله. فكره ذلك وضربه، وقال: "عظموا كتاب الله". قال: وكان عمر إذا رأى مصحفا عظيما سر به).
2/ وما أخرجه عبد الرزاق في المصنف وأبو عبيد في الفضائل وابن أبي داود في المصاحف واللفظ لعبد الرزاق قال: ( عن الثوري عن الأعمش عن إبراهيم أن عليا كان يكره أن تتخذ المصاحف صغارا).
3/ وما أخرجه عبد الرزاق في المصنف وأبو عبيد في الفضائل وابن أبي داود في المصاحف والحكيم الترمذي في النوادر واللفظ لأبي عبيد قال: ( حدثنا حجاج عن عبد الله ابن شداد الجدلي عن عبد الله بن سليمان العبدي عن أبي حكيمة العبدي قال: " كنت أكتب المصاحف، فبينا أنا أكتب مصحفا إذ مر بي علي رضي الله عنه، فقام ينظر إلى كتابي فقال: أجلل قلمك.قال: فقضمت من قلمي قضمة ثم جعلت أكتب، فقال: نعم.. هكذا نوره كما نوره الله عزوجل".
4/ ومنها ما أخرجه عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن أبي داود في المصاحف واللفظ لعبد الرزاق قال: (عن الثوري عن مغيرة عن إبراهيم قال: كان يقال: "عظموا القرآن يعني المصاحف و لا تتخذوها صغارا".
التصغير اللفظي لاسم المصحف (مصيحف):
ورد النهي عن تصغير اسم المصحف، كأن يقال: " مصيحف"، فقد أخرج ابن عدي في الكامل، والديلمي في الفردوس واللفظ له عن أبي هريرة مرفوعا: " لا يقولن أحدكم للمسجد مسيجد، فإنه يبيت يذكر الله فيه، ولا يقولن أحدكم مصيحف فإن كتاب الله أعظم من أن يصغر، ولا يقولن للرجل رويجل ولا للمرأة مرية" وساقه الذهبي في السير في ترجمة ابن عدي، وأسنده الذهبي من طريق بن عدي، لكن مداره على عيسى بن إبراهيم الهاشمي وهو معدود في منكراته. وقد ساق الذهبي في الميزان حديث أبي هريرة هذا في ترجمة إسحاق بن نجيح الملطي، وعده من موضوعاته.
المأثور عن التابعين في المنع من لفظة مصيحف:
1/ أخرج ابن سعد في طبقاته، وابن أبي داود في المصاحف،والذهبي في السير، واللفظ لابن أبي داود قال: (حدثنا سليمان بن أبي داود بن حماد أبو الربيع المهري، حدثنا ابن وهب قال: حدثني العطاف بن خالد بن عبد الرحمن بن حرملة قال: كان ابن المسيب يقول: " لا يقول أحدكم مصيحف ولا مسيجد، ما كان لله فهو عظيم حسن جميل").
2/ وأخرج سعيد بن منصور في سننه، وابن أبي شيبة في مصنفه، وابن أبي داود في المصاحف، والبيهقي في الشعب، واللفظ لسعيد بن منصور قال: (نا فضيل عن ليث عن مجاهد أنه كره أن يصغر المصحف والمسجد يقال: مصيحف ومسيجد).
3/ وأخرج ابن أبي داود في المصاحف قال: (حدثنا إسماعيل بن أسد، حدثنا شبابة، حدثنا الحسام عن أبي معشر عن إبراهيم: أنه كان يكره أن يقال مصيحف أو رويجل).
فهذه طائفة من النصوص المأثورة قد تضمنت النهي عن تصغير اسم المصحف لكون ذلك مشعرا بعدم التعظيم اللازم لكتاب الله.
قال القرطبي في مقدمة تفسيره، والتذكار له أيضا، وهو بصدد الكلام على صور حرمة القرآن: (ومن حرمته أن لا يصغر المصحف بكتابة ولا اسم).
وروي الأعمش عن إبراهيم عن علي رضي الله عنه قال:" لا يصغر المصحف".
وذكر ابن الأنباري عن عمر رضي الله عنه أنه رأى مصحفا صغيرا فقال: "من كتب
[415]
هذا؟ قال رجل: أنا.فضربه بالدرة، وقال: عظموا القرآن".
قال العلماء: (ومن المساهلة فيه وترك الحفل به أن يصغر، فيكون عرضة للأيدي الخاطئة وذوي الأمانات المختلفة الناقصة، ولن يفعل هذا أحد بما عنده إلا إذا قل مقداره عنده، وخف على قلبه أمره، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يقال مسيجد ومصيحف).
وجاء في معجم المناهي اللفظية لأبي زيد: (وقاعدة الباب كما ذكرها أبو حيان- رحمه الله تعالى: "لا تصغر الاسم الواقع على من يجب تعظيمه شرعا نحو أسماء الباري تعالى، وأسماء الأنبياء- صلوات الله عليهم- وما جرى مجرى ذلك، لأن تصغير ذلك غض لا يصدر إلا عن كافر أو جاهل"انتهى...إلى أن قال: "وتصغير التعظيم لم يثبت من كلامهم").


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 صفر 1436هـ/20-12-2014م, 09:53 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تصنيف المصاحف بين سائر الكتب | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م):
(
صرح غير واحد من أهل العلم بمراعاة حرمة المصحف عند وضعه مع غيره من الكتب، وأنه يعلو ولا يعلى عليه، فقد جاء في التذكار للقرطبي أن من صور صيانة المصحف أن لا يضع فوقه شيئا من الكتب ، ولا ثوبا، ولا شيئا خطيرا ولا حقيرا، حتى يكون بهذا محفوظا مكنونا عاليا لسائر الكتب وغيرها، وقد وصفه الله بأنه: ( في كتاب مكنون. لا يمسه إلا المطهرون)، فإذا كان فوق السماوات مكنونا محفوظا، وليس هناك إلا الملائكة المطهرون فلأن يكون بيننا محفوظا أولى، ألا ترى أنه منهي ألا يمسه إلا طاهر، فأولى أن ينهي أن يعرضه للإهانة. قال إلا أن يكون مصحفان فيوضع أحدهما فوق الآخر فيجوز.

وجاء في الفتاوى الحديثية وهو بصدد الكلام عن الآداب مع الكتب قال: ( ويراعى الأدب في وضعها باعتبار شرفها وجلالة مصنفها، فيضع الأشرف أعلاها، والمصحف أعلى الكل، وجعله بمسمار معلق بنحو وتد حائط طاهر نظيف في صدر المجلس أولى، ثم كتب الحديث الصحيح الصرف كصحيح مسلم، أي لكن ينبغي تقديم البخاري عليه لأنه مع كونه أصح أكثر قرآنا، وسيأتي أن الأكثر قرآنا من المستويين في علم يقدم، ثم تفسير القرآن، ثم شرح الحديث، فأصول الدين، فأصول الفقه، فالنحو، فالصرف، وعلوم المعاني والبيان والبديع ونحوها، وأشعار العرب، فالعروض، وعند استواء كتابين في فن يعلى الأكثر قرآنا، فحديثا، فجلالة المصنف، فقدمه، فأكثرهما وقوعا في أيدي العلماء والصالحين، فأصحهما، والأولى في وضع الكتب أن يكون أوله المفتتح بنحو البسملة إلى فوق). وقال الهيتمي في موضع من الفتاوى الحديثية: (قال البيهقي كالحليمي والأولى أن لا يجعل فوق المصحف غير مثله من نحو كتاب أو ثوب، وألحق به الحليمي جوامع السنن أيضا، وبحث ابن العماد أنه يحرم أن يضع عليه نعلا جديدا، أو يضعه فيه، لأن فيه نوع امتهان وقلة احترام). قال الهيتمي: (ويجوز وضع المصحف على مصحف).
وجاء في الفتاوى الهندية في معرض الكلام عن تصنيف الكتب: ( اللغة والنحو نوع واحد، فيوضع بعضها فوق بعض، والتعبير فوقهما، والكلام فوق ذلك، والفقه فوق ذلك، والأخبار والمواعظ فوق ذلك، والأخبار والمواعظ والدعوات المروية فوق ذلك، والتفسير فوق ذلك والتفسير فيه آيات مكتوبة فوق كتب القراء).[418]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 صفر 1436هـ/20-12-2014م, 09:59 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تطهير المصحف إذا تنجس | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م):
(
لا خلاف بين أهل العلم في وجوب تطهير المصحف إذا تنجس وأمكن تطهيره، ولم يترتب على ذلك نقص في ماليته، لأن صيانته عن النجاسات واجبة، بل يجب صيانته عن كل ما يعد نوع امتهان، وإزراء به كتلويثه بمستقذر ولو كان طاهرا كالبزاق مثلا على ما مر في مسألة بل الأصبع بالريق عند تقليب ورق المصحف، ومسألة إلقاء المصحف في قاذورة ، واستعمال المواد النجسة في كتابة المصاحف، ومسألة إتلاف المصاحف.

بيد أن أهل العلم قد اختلفوا في وجوب تطهير ما تنجس من المصحف أو مكتوب القرآن إذا ترتب على تطهيره نقص في ماليته، أو كان ذلك مفضيا إلى إتلافها بالكلية، ولا سيما إن تعلق الأمر بحق محجور كمصحف ليتيم، أو كان وقفا، أو كان المصحف من الأمهات المعتبرة التي يرجع إليها، أو يعتمد في صحة غيرها عليها، أو لا يكون ثمة مصحف غير الذي وقعت فيه النجاسة مثلا.
فالجمهور من أهل العلم يقولون بوجوب تطهير ما تنجس من المصحف، أو مكتوب القرآن، ولو بغسله بالماء، أو دفنه، أو حرقه مطلقا، بغض النظر عن بقاء ماليته أو فنائها، لأن إبقاء المصحف متنجسا استدامة لأسباب امتهانه، وإسقاط لحرمته، وفي تطهيره صيانة له، ومراعاة لحرمته، وإن أدى ذلك إلى نقص ماليته أو تلفها بالكلية، فغلب حق الله في هذا الموطن على حق العبد، لأن الخطر في بقاء النجاسة هنا أعظم من خطر فوات المالية على أن فواتها لأجل تعظيم ما أمرنا به من تعظيم المصحف لا خطر فيه، ألا ترى أن قن اليتيم يجب قتله بنحو ترك الصلاة تقديما لحق الله تعالى على حق الآدمي، وكذلك القن الموقوف، فعلمنا أن
[419]
حقوق الله تعالى التي لا بدل لها و لا تستدرك مفسدتها تقدم على حقوق الآدمي، وإعمالا لقاعدة درء أعظم المفسدتين بارتكاب أخفهما.
وذهبت طائفة من أهل العلم إلى القول بمراعاة المالية، لا سيما إذا كانت لحق محجور، فإنه لا يفتات عليه في ماله إلا بما هو أحظ له ، ولأن حق الله أوسع، وفي إتلاف المالية تضييع للمال، وقد نهينا عن ذلك، ولأن المصحف لا تعبد عليه، فبقاء النجاسة عليه لهذا العذر وهو بقاء المالية لليتيم، والانتفاع للموقوف عليهم لا يبعد أن يكون جائزا.
قالوا وينتفع به كذلك كما أجيز لبس الثوب المتنجس في غير الصلاة، وذكر الله طاهر لا يدركه شيء من الواقعات.
وفرقت طائفة ثالثة بين ما مست النجاسة فيه المكتوب، وبين ما كان في الحواشي أو بين الأسطر أو كانت على الجلد مثلا، وقيده قوم بما تنجس بغير معفو عنه.[420]
وذهب قوم إلى التفريق بين ما كان من الأمهات المعتبرة التي يرجع إليها أو يعتمد في صحة غيرها عليها، أو لا يكون ثمة نسخة من المصحف سوى ما وقعت فيه النجاسة، وبين ما ليس كذلك مما يمكن الاستغناء عنه لو أفضى التطهير إلى إتلافه جزئيا أو كليا، فالحكم في الأول منها أن يزال من جرم النجاسة ما استطيع عليه، ولا إثم للأثر، فإن الصحابة رضوان الله عليهم تركوا مصحف عثمان رضي الله عنه وعليه الدم، ولم يمحوه بالماء، ولا أتلفوا موضع الدم لكونه عمدة الإسلام، وأما إن لم يكن المصحف كذلك ينبغي أن يغسل الموضع ويجبر إن كان مما يجبر أو يستغنى عنه بغيره).[421]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 صفر 1436هـ/20-12-2014م, 10:03 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تطييب المصحف | غير مصنف



قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (اختلفت كلمة أهل العلم في مسألة تطييب المصحف،أو جعل الورد بين أوراقه. فقال بكراهته قوم، وقال بإباحته قوم آخرون، وذهب فريق ثالث إلى القول باستحبابه.
فقد أخرج عبد الرزاق في مصنفه، وأبو عبيد في فضائل القرآن، وابن أبي داود في المصاحف، وأبو عمرو الداني في المحكم، واللفظ لعبد الرزاق قال: ( عن الثوري عن ليث عن مجاهد: "أنه كان يكره الطيب والتعشير في المصحف".
فعلى رواية عبد الرزاق يكون مجاهد حاكيا لكراهة تطييب المصحف عن السلف، وعلى رواية الباقين يكون مجاهد هو القائل بالكراهة المذكورة.
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: (لا يكره تطييب المصحف، ولا جعله على كرسي أو كيس حرير نص عليه).
وذكر ابن مفلح في الفروع القول بجواز تطييب المصحف رواية عن الامام
[422]
أحمد، وقال: (واستحب الآمدي تطييبه لأنه عليه السلام طيب الكعبة، وهي دونه، وهو ظاهر كلام القاضي لأمره عليه السلام بتطييب المساجد، والمصحف أولى).
وجزم السيوطي في الاتقان باستحباب تطييب المصحف
قال الهيتمي في الفتاوى الحديثية: (قال الزركشي: ويسن تطييبه وجعله على كرسي وتقبيله انتهى). كذا عزى القول بسنية تطييب المصحف ِإلى الرزركشي، وعبارته في البرهان: ( ويستحب تطييب المصحف وجعله على كرسي). ولعل الهيتمي رأى القول بالسنية للزركشي في غير البرهان والله أعلم بالصواب).
[423]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28 صفر 1436هـ/20-12-2014م, 10:06 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تعاهد المصحف | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (أخرج ابن أبي شيبة في المصنف، ومسلم في صحيحه، واللفظ له قال: (حدثنا ابن نمير، حدنا أبي وأبو معاوية ح، وحدثنا يحي بن يحيى واللفظ له قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق قال: قال عبد الله: "تعاهدوا هذه المصاحف، وربما قال القرآن، فلهو أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم من عقله").
[424]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28 صفر 1436هـ/20-12-2014م, 10:17 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تعليق المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (يتوقف القول في حكم تعليق المصحف على القصد من ذلك التعليق، وعلى المكان الذي يتعلق فيه المصحف، فإن كان الغرض من تعليق المصحف صيانته وحفظه، ولم يكن المكان الذي علق فيه قبلة للمصلي، أو مكانا ممتهنا، ولم يكن التعليق للمصحف ضربا من الزينة أو سبيلا إلى هجره، فالظاهر من كلام جمهور أهل العلم أنه لا حرج في ذلك التعليق؛ بل لعله أولى من وضعه على الأرض أو على خزانة مثلا..
قال الهيتمي في الفتاوى الحديثية عند كلامه على المصحف: (وينبغي جعله بمسمار معلق بنحو وتد في حائط طاهر نظيف، وفي صدر المجلس أولى). لكن قد أخرج الدرامي في سننه، وابن أبي داود في المصاحف، وعنه الحافظ في الفتح من حديث أبي أمامة قال: "اقرأوا القرآن ولا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة، فإن الله لا يعذب قلبا وعى القرآن"فظاهره التحذير من الاكتفاء بمجرد تعليق المصاحف والتزين بها واقتنائها كسائر المتاع دون تعاهدها والنظر فيها.
وقد عقد ابن أبي داود في كتاب المصاحف بابا سماه باب تعليق المصاحف قال في مستهله: ( حدثنا هارون بن اسحاق قال: حدثني محمد بن عبد الوهاب قال: ذكر سفيان أنه كره أن نعلق المصاحف). ولعل القول بكراهة التعليق محمول
[431]
على ما قصد به التبرك أو التحرز أو الزينة كما هو صنيع بعض الناس في زماننا ممن يعلق المصحف في سيارته أو مكتبه، أو كان التعليق على سبيل التحصن من العين أو الجان مثلا، فإن ذلك كله استعمال المصحف في غير ما قصد به شرعا. وقال السيوطي في الإتقان: ( يكره تعليق المصحف). كذا ذكر الكراهة وأطلق. وقد ذكر القرطبي في تفسيره عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:" من تعلم القرآن وعلق مصحفه لم يتعاهده ولم ينظر فيه جاء يوم القيامة متعلقا به يقول: يارب العالمين إن عبدك هذا اتخذني مهجورا، فاقضي بيني وبينه". وعزاه القرطبي إلى الثعلبي. وقال محقق تفسير القرطبي: (في الأصول:" من تعلم القرآن وعلمه وعلق مصحفا..." وتصحيح هذا الأثر من روح المعاني والبضاوي والشهاب على أنهم تكلموا في صحته إذ في سنده أبو هدية وهو كذاب). قال في تذكرة الموضوعات: (أبو هدبة كذبه يحيى).
تعليق المصحف حجابا وحرزا:
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: (فإن علق شيئا من القرآن ونحوه على حيوان، ولم أجد لأحد في هذه المسألة كلاما، وينبغي أن يقال: إن كان الحيوان طاهرا كره ذلك، وفي التحريم نظر لأنه فعل غير مأثور، ولما فيه من الامتهان وملابسة الأنجاس والأقذار، والصبيان ونحوهم لهم من يصونهم ويمنعهم من ذلك بخلاف الحيوان، وإن كان الحيوان نجسا كالكلب ونحوه فلا إشكال في التحريم والله أعلم).
قلت فإذا كان تعليق بعض القرآن محظورا للمحاذير المذكورة فلأن يكون المنع
[432]
من تعليق المصحف الكامل أولى، فإذا انضاف إلى تلك المحاذير ما يستلزمه التعليق من تصغير لحجم المصحف ودقة في خطه المشعر بعدم التعظيم للمصحف كان الحظر أشد والمنع فيه أظهر. وقد صرح غير واحد من أهل العلم بتحريم تعليق المصحف كتميمة، فقد جاء في الشرح الكبير للدردير المالكي أن تعليق المصحف الكامل على هيئة حرز لا يجوز في أحد القولين عند فقهاء المالكية.
وجاء في حاشية الشرواني الشافعي على تحفة المحتاج للهيتمي أنه لو جعل المصحف كله أو قريبا من الكل تميمة حرم لأنه لا يقال حينئذ تميمة عرفا، على أن تعليق الحروز من القرآن في الجملة أمر قد اختلفت فيه كلمة أهل العلم، فمنهم من قال بالجواز مع الكراهة، ومنهم من قال بالتحريم، ومنهم من فصل بين الحروز المكشوفة وبين الحروز المكنونة ، فرخص في الثانية دون الأولى. وقد أفردت هذه المسألة بمصنف سميته"الرقى الخطية ومدى حظها من المشروعية" كما عرضت لهذه المسألة على سبيل الاختصار في المبسوط في أحكام الكتابة والكتب وحجية الخطوط.
تعليق المصحف في قبلة المصلي:
لأهل العلم في مسألة وضع المصحف في القبلة قولان:
المنع والجواز. وقد ذهب إلى المنع جمهور السلف والخلف.فقد روى ابن أبي داود بسنده عن مجاهد قال: "كان ابن عمر يكره أن يصلي وبين يديه سيف أو مصحف".
وعن خصيف قال: " كان ابن عمر إذا دخل بيتا لم ير شيئا معلقا في قبلة المسجد مصحفا أو غيره إلا نزعه، وإن كان عن يمينه أو شماله تركه".
وعن إبراهيم النخعي: أنه كره أن يكون في مصلى الرجل حيث يصلي في قبلته مصحف أو غيره.
[433]
وروي عن إبراهيم أيضا: قال:" كانوا يكرهون أن يصلوا وبين أيديهم شيء حتى المصحف". وعنه قال: " كانوا يكرهون أن يجعلوا في قبلة المسجد شيئا حتى المصحف يكرهونه". وعنه أيضا: "أنه كان يكره أن يصلي الرجل وفي قبلته المصحف أو غيره"، وعنه
أيضا: " أنه كان يكره أن يصلي الرجل وبين يديه المصحف أو شيء معلق".
وقال مالك: " أكره أن يوضع المصحف في القبلة ليصلي إليه:. قال مالك:" وإنما بنى عمر بن عبد العزيز القبر هذا البناء حين كان الناس يصلون إليه، وجعلوه مصلى، فأنا أكره أن يجعل المصحف في القبلة ليصلى إليه، ولا أحب ذلك، وأما إذا كان موضعه أو ذلك الموضع أحفظ له ومعلق له ليس يجعل لمكان الصلاة إليه، فلا أرى بذلك بأسا".
قال ابن رشد عن المصحف: (كره القصد بالصلاة إليه على ما قاله في هذه الرواية، ومثله في المدونة سواء، لأن ذلك بدعة).
ونقل ابن قدامة قول أحمد: " كانوا يكرهون أن يجعلوا شيئا في القبلة حتى المصحف".قال أحمد: "يكره أن يكون في القبلة شيء معلق مصحف أو غيره، ولا بأس بأن يكون موضوعا بالأرض".
وقد روي مجاهد قال: " ولم يكن عبد الله بن عمر يدع شيئا بينه وبين القبلة إلا نزعه ولا سيفا ولا مصحفا".رواه الخلال بإسناده.
وفي الآداب: (ويصان عن تعليق مصحف ِأو غيره في قبلته دون وضعه بالأرض، قال جعفر بن محمد أبو عبد الله الكوفي: سمعت أحمد يقول: "يكره أن يعلق في القبلة شيء يحول بينه وبين القبلة، ولم يكره أن يوضع في المسجد المصحف أو نحوه").
وذكر في الفروع معناه، ثم قال: (ولم يكره ذلك الحنفية، قال بعضهم: وهو قول الجمهور).
ونقل الجراعي الحنبلي نحوا مما في المغني والآداب، واقتصر عليه.
وذكر الغزالي تنحية ابن عمر المصحف عن قبلة المسجد، واقتصر عليه.
القول الثاني: الترخيص في وضع المصحف في القبلة، وهو مذهب الحنفية، وعليه الفتوى عندهم. قالوا: لا بأس بأن يصلي وبين يديه أو فوق رأسه المصحف أو سيف معلق أو ما أشبه ذلك. وفي الدر: لا يكره الصلاة إلى مصحف أو سيف، وعلله في الحاشية عن شرح المنية: أن وجه عدم الكراهة أن كراهة استقبال بعض الأشياء باعتبار التشبه بعبادها، والمصحف والسيف لم يعبدهما أحد، واستقبال أهل الكتاب للمصحف للقراءة فيه لا للعبادة. وعند أبي حنيفة: يكره استقباله للقراءة، ولذا قيد بكونه معلقا. وذكر ابن الهمام والبابرتي نحوا مما نقله ابن عابدين واقتصر عليه. وقد يأتي لهذه المسألة مزيد بيان في غير موضع من هذا البحث إن شاء الله تعالى.
[435]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:15 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير في المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح غير واحد من أهل العلم بالمنع من كتابة التفسير في المصحف إعمالا لعموم الأمر بتجريد القرآن والمصاحف عما ليس بقرآن على ما مر بيانه في مسألة تجريد المصحف، ولأثر هو نص في المطلوب أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه عن عامر الشعبي قال: (كتب رجل مصحفا وكتب عند كل آية تفسيرها، فدعا به عمر فقرضه بالمقراضين). [وذكر ابن الباقلاني في كتابه الانتصار لنقل القرآن ص71 القول بكراهة السلف أن يثبت في المصحف ما ليس منه من ذكر أفتاح السور، وذكر خواتيمها وأعشارها وغير ذلك من تزيين المصحف، وأن قوما من التابعين قد أجازوا كتب التفسير وخاتمة السورة كذا وكذا، فأنكر عليهم فلم يحتجوا بصواب فعلهم].
وقال السيوطي في الإتقان: (قال الجرجاني من أصحابنا في الشافي: "من المذموم كتابة تفسير كلمات القرآن بين أسطره").
وقال الحليمي في كتابه المنهاج في شعب الإيمان: (تكره كتابة الأعشار والأخماس وأسماء السور وعدد الآيات فيه لقوله: "جردوا القرآن"، ولأنه قد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه: "أنه كان يحك التعشير من المصحف"
إمعانا منه رضي الله عنه في التأكيد على تجريد المصحف عن كل ما ليس بقرآن،
[436]
وحذرا من أن يختلط القرآن بغيره في نظر من لا دراية له به. لكن فريقا من أهل العلم قد رخص في كتابة التفسير في المصحف إذا احتيط للقرآن، واقتصر على ما تمس الحاجة إليه من التفسير، ولذا صرح الهيتمي في الفتاوى الحديثية بأنه يجوز أن يحشى المصحف من التفسير والقراءات كما تحشى الكتب، لكن ينبغي أخذا مما مر في تحشية الكتب أن لا يكتب إلا المهم المتعلق بلفظ القرآن دون نحو القصص والأعاريب الغريبة.
قال الحليمي: (ومن الآداب أن لا يخلط به ما ليس بقرآن كعدد الآي، والوقوف، واختلاف القراآت، ومعاني الآيات، وأسماء السور والأعشار. قال البيهقي: لأنه صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان لم يفعلوا شيئا من ذلك).
وقد مر في مسألتي تجريد المصحف وتحشيته طرف من هذا، ويأتي في مسألة جمع قراآت شتى في مصحف واحد مزيد بيان.
[437]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:20 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تقليب ورق المصحف بواسطة | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (اختلف القائلون بمنع المحدث من مس المصحف وهم الجمهور كما مر في موضعه من هذا البحث، أقول اختلفوا في حكم تقليب المحدث لأوراق المصحف بواسطة كقضيب أو قلم أو سكين أو من وراء كمه مثلا، وألحق بعضهم بمسألة التقليب بواسطة ما لو قلب ورق المصحف عضو صناعي كأصبع من ذهب، أو يد من ذهب أو فضة. وفرق جمع من أهل العلم بين التقليب بواسطة مستقلة وبين التقليب بواسطة تابعة للمصحف أو تابعة للشخص المقلب.
فذهب فريق من أهل العلم إلى المنع من ذلك كله، وسوى بين المس المباشر للمصحف وبين المس من وراء حائل في المنع.
وذهب فريق آخر إلى القول بجواز تقليب المحدث لورق المصحف بواسطة مطلقا.
قال القاضي أبو يعلي الحنبلي في كتابه الروايتين والوجهين: (مسألة: لا يختلف المذهب أنه يجوز حمل المصحف بالعلاقة والغلاف، وكذلك لا تختلف الرواية أنه يجوز التصفيح بالعود، واختلفت في جواز تقليب بكمه، فروي عنه أبو طالب أنه قال: "يقلب" الورقة بعود أو بشيء. قيل له: فبكمه؟ قال: لا، هو يمسه.
وكذلك نقل إبراهيم بن الحارث عنه، وقد سئل هل يدخل يده في كمه ويتصفحه ويتصفحه وبينه الثوب؟ فقال: أما أنا فيعجبني أن يتصفحه بشيء. فظاهر هذا المنع.
وروى عنه إسحاق بن إبراهيم والحسن بن ثواب: لا بأس أن يقلب الورق ويتصفحه بعود أو بطرف كمه. فظاهر هذا الجواز وهو أصح، لأن الكم لا يتبع المصحف في البيع فجاز أن يحول بينه وبين المصحف كالعود والعلاقة والغلاف، ويفارق الجلد لأنه يتبع المصحف في البيع فهو منه، فلهذا لم يجز أن يحول بينه وبينه.
ووجه الرواية الأولى مع ضعفها أنه تصفح الورقة بكمه فكأنه باشره بيده وإن لم
[444]
تكن مباشرة فوجب أن يكره لقرب مجاورة اليد له كما يقول في مصافحة المرأة).
وقال الماوردي في الحاوي: (فأما المحدث إذا أراد أن يتصفح أوراق المصحف بيده لم يجز، ولو تصفحها بعود في يده جاز، ولو تصفحها بكمه الملفوف على يده لم يجز، والفرق بين كمه والعود أنه لابس لكمه واضع ليده، فجرى مجرى المباشرة، والعود بائن منه، وهو غير منسوب إلى مماسته به).
قال النووي في التبيان: ( وإذا تصفح المحدث أو الجنب أو الحائض أوراق المصحف بعود أو شبهه ففي جوازه وجهان لأصحابنا. أظهرهما جوازه، وبه قطع العراقيون من أصحابنا، لأنه غير ماس ولا حامل، والثاني تحريمه لأنه يعد حاملا للورقة والورقة كالجميع، وأما إذا لف كمه على يده وقلب الورقة به فحرام بلا خلاف، وغلط بعض أصحابنا فحكى فيه وجهين، والصواب القطع بالتحريم، لأن القلب يقع باليد لا بالكم).
وذكر الهيتمي في تحفة المحتاج نفى حل قلب ورقة أو ورقة منه بعود مثلا من جانب إلى آخر ولو قائمة كما شمله إطلاقه في الأصح لانتقاله بفعله فصار كأنه حامله.
وقال أيضا: (قلت الأصح حل قلب ورقه مطلقا بعود أو نحوه، وبه قطع العراقيون والله أعلم،لأنه ليس بحمل ولا في معناه، ومن ثم لو انفصلت الورقة على العود حرم اتفاقا كما هو ظاهر، لأنه حمل كما لو لف على يده وقلب بها ورقة منه وإن لم تنفصل).
وقال الشرواني في حاوشيه على التحفة: (ولو قطعت أصبعه مثلا واتخذ أصبعا من ذهب نقل بالدرس عن بسط الأنوار للأشموني أنه استظهر عدم حرمة مس المصحف به، والمعتمد خلافه كما نقله الشارح م ر في شرح العباب عن والده ع ش). (قوله ولو لبياض ولو بغير أعضاء الوضوء ولو من وراء حائل كثوب رقيق لا يمنع وصول اليد إليه مغني). وقال الشرواني أيضا في موضع آخر: (ويحرم مسه بالسن والظفر أيضا حال الحدث بخلاف اليد المتخذة من الذهب أو الفضة). ولم يظهر لي وجه التفريق بين الأصبع الصناعية وبين اليد، فكيف حرم مس المصحف حال الحدث بالأولى دون الثانية على المعتمد؟.
والظاهر من كلام فقهاء المالكية أن القول بالمنع من تقليب ورق المصحف بواسطة حال الحدث محل وفاق عندهم إذ لم يحكوا فيه خلافا، فقد ذكر خليل في مختصره فيما يمتنع بالحدث مس المصحف وإن بقضيب. قال الخرشي: (أي وكما يمنع الحدث مس المصحف يمنع ما في حكمه كمسه بعود أو تقليب أوراقه به).
والقول بجواز تقليب ورق المصحف بواسطة حال الحدث هو المفتي به عند فقهاء الحنفية، ففي الهندية ما نصه: (المحدث إذا كان يقرأ القرآن بتقليب الأوراق بقلم أو بسكين لا بأس به كذا في الغرائب). على أن بعض فقهاء الحنفية قد علل منع المحدث من كتابة القرآن بكون الكتابة مسا للمكتوب بواسطة وهي القلم على ما سيأتي بيانه في مسألة الطهارة لكتابة المصحف.
وذهبت طائفة من فقهاء الحنفية إلى القول بكراهة المس من وراء الكم وكل ما هو متصل بالماس بين ما يتحرك بحركته وبين ما لا يتحرك اجتهادا من عنده .
وتأتي نصوصهم في ذلك في مسألتي الطهارة لكتابة المصحف، ومس المصحف من هذا البحث إن شاء الله تعالى.
[446]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:23 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التلقي من المصحف | غير مصنف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (المستقريء لكلام أهل العلم في مسألة تلقي القرآن من المصحف فقط والتعويل عليه دون الأخذ عن شيخ متقن يلحظ أن ثمة فرقا في الحكم بين حال الاختيار وبين حال العجز والضرورة، حيث شددوا في الأولى وسهلوا في الثانية، وقد ألف ابن بطة الحنبلي مصنفا في الإنكار على من أخذ القرآن من المصحف.
وقد نقل أبو عمرو الداني وغيره آثارا كثيرة عن السلف في النهي عن أخذ القراءة من مصحفي. وقال أبو الحسن السخاوي: (ليست معرفة القرآن راجعة إلى المصحف المجموع والأصل المذكور)يعني أصل الرسوم.
وقد قال أبو العباس بن تيمية: (والاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب لا على المصاحف "). وصرح ابن الحاج في المدخل بمنع التلقي من المصحف في حق من لا يعرف مرسوم المصحف، قال لأن من لا يعرف المرسوم من الأمة يجب عليه أن لا يقرأ في المصحف إلا بعد أن يتعلم القراءة على وجهها، أو يتعلم مرسوم المصحف، فإن فعل غير ذلك فقد خالف ما اجتمعت عليه الأمة، وحكمه معلوم في الشرع الشريف.
وفي فضائل القرآن لابن كثير عند كلامه عن المفاضلة بين القراءة عن ظهر قلب، والقراءة نظرا في المصحف قال: (فأما تلقين القرآن فمن فم الملقن أحسن، لأن الكتابة لا تدل على الأداء كما أن المشاهد من كثير ممن يحفظ من الكتابة فقط يكثر تصحيفه وغلطه، وإذا أدى الحال إلى هذا منع منه إذا وجد شيخا يوقفه على ألفاظ القرآن، فأما عند العجز عما يلقن فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فيجوز عند الضرورة ما لا يجوز عند الرفاهية، فإذا قرأ في المصحف والحالة هذه فلا حرج عليه، ولو فرض أنه قد يحرف بعض الكلمات عن لفظها على لغته ولفظه، فقد قال الإمام أبو عبيد: حدثني هشام بن إسماعيل الدمشقي عن محمد بن شعيب عن الأوزاعي: أن رجلا صحبهم في سفر قال: فحدثنا حديثا ما أعلمه إلا رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد إذا قرأ فحرف أو أخطأ كتبه الملك كما أنزل").أ.ه
وقال السيوطي في الإتقان: (ويحصل الأمن من تحريف ألفاظ القرآن بالتلقي من أفواه الرجال العالمين بالقراءة، ولا ينبغي الاكتفاء بمجرد النظر في المصحف).
قال الزرقاني في المناهل: قال المحقق ابن الجزري: (ثم إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على حفظ المصاحف والكتب وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة، ففي الحديث الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم : قال "أن ربي قال لي: قم في قريش فأنذرهم. فقلت له: أي رب إذا يثلغوا رأسي
[448]
حتى يدعوه خبزة. فقال إني مبتليك ومبتل بك ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظان، فأبعث جندا أبعث مثلهم، وقاتل بمن أطاعك من عصاك، وأنفق ينفق عليك"). كذا في المناهل.
قال الزرقاني في موضع من المناهل أيضا وعنه الشيخ صبحي الصالح: (ولكي يزيد إقبال عثمان من إقبال الناس على تلقي القرآن من صدور الرجال واعتمادهم على الحفظ وعدم اتكالهم على النسخ والكتابة راح يرسل في الأكثر الأغلب مع المصحف الخاص بكل أقليم حافظا يوافق قراءته، فكان زيد بن ثابت مقريء المصحف المدني،وعبد الله بن السائب مقريء المكي، والمغيرة بن شهاب مقريء الشامي، وأبو عبد الرحمن السلمي مقريء الكوفي، وعامر بن عبد القيس مقريء البصري). فتبين مما مضى أن التعويل قبل كل شيء كان على الحفظ والاستظهار، ولا يزال التعويل حتى الآن على التلقي من صدور الرجال ثقة عن ثقة، وإماما عن إمام إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقد وردت آثار عديدة تتضمن هذا المعنى.
الآثار الواردة في تلقي القرآن عن القراء
أخرج الإمام أحمد والشيخان وغيرهما من حديث ابن عمر واللفظ للبخاري بسنده عن مسروق قال: (ذكر عبد الله عند عبد الله بن عمر فقال: ذاك رجل لا أزال أحبه بعدما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود فبدأ به، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل". قال: لا أدري بدأ بأبي أو بمعاذ). وفي لفظ: "خذوا القرآن من أربعة....". وأخرج
[449]
البزار وعنه الهيثمي في المجمع عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خذوا القرآن من أربعة من أبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة". قال الهيثمي: رجاله ثقات. وأخرج أبو عبيد في فضائل القرآن في باب عرض القراء للقرآن وما يستحب لهم من أخذه عن أهل القراءة واتباع السلف فيها والتمسك بما يعلم منها، قال: (حدثنا ابن أبي مريم وحجاج عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن عروة بن الزبير قال: "إن قراءة القرآن سنة من السنن، فاقرؤه كما اقرئتموه").
وقال أبو عبيد أيضا: (حدثنا حجاج عن بن أبي الزناد عن أبيه قال: قال لي خارجة بن زيد: قال لي زيد بن ثابت: "القراءة سنة").
وأخرج أبو عبيد في الفضائل أيضا قال: (حدثني هوذة بن خليفة عن عوف بن أبي جميلة عن خليد العصري قال: لما ورد علينا سلمان أتيناه نستقرئه القرآن، فقال: إن القرآن عربي فاستقرؤه رجلا عربيا".قال: فكان زيد بن صوحان يقرئنا، ويأخذ عليه سلمان فإذا أخطأ غير عليه، وإذا أصاب قال: نعم إيم الإله).
[450]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:56 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة