العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء الذاريات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 جمادى الآخرة 1434هـ/15-04-2013م, 09:48 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي تفسير سورة الحديد [ من الآية (12) إلى الآية (15) ]

{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)}


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 7 رجب 1434هـ/16-05-2013م, 02:32 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى يسعى نورهم بين أيديهم قال بلغنا أن المؤمنين يوم القيامة منهم من يضيء له نوره ما بين المدينة إلى عدن إلى وصنعاء فدون ذلك حتى أن من المؤمنين من لا يضيء له نوره إلا موضع قدميه والناس منازلهم بأعمالهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/275]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبد الله بن إدريس، عن أبيه، عن المنهال بن عمرٍو، عن قيس بن سكنٍ، عن عبد الله في قوله تعالى: {يسعى نورهم بين أيديهم} قال: يؤتون نورهم على قدر أعمالهم، منهم من نوره مثل الجبل، وأدناهم نورًا من نوره على إبهامه يطفأ مرّةً ويتقد أخرى). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 171]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا حفصٌ، عن أشعث، عن الحسن {يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم} قال: على الصّراط يوم القيامة). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 397]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم}. فقال بعضهم: معنى ذلك: يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يضيء نورهم بين أيديهم وبأيمانهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات}. الآية، ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول: من المؤمنين من يضيء نوره من المدينة إلى عدن أبين فصنعاء فدون ذلك، حتّى إنّ من المؤمنين من لا يضيء نوره إلاّ موضع قدميه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، بنحوه.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا ابن إدريس قال: سمعت أبي يذكر، عن المنهال بن عمرٍو، عن قيس بن سكنٍ، عن عبد اللّه قال: يؤتون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يؤتى نوره كالنّخلة، ومنهم من يؤتى نوره كالرّجل القائم، وأدناهم نورًا من نوره على إبهامه يطفأ مرّةً ويقد مرّةً.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى إيمانهم وهداهم بين أيديهم، وبأيمانهم: كتبهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم}. كتبهم، يقول اللّه: فأمّا من أوتي كتابه بيمينه، وأمّا نورهم فهداهم.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب القول الّذي ذكرناه عن الضّحّاك، وذلك أنّه لو عنى بذلك النّور الضّوء المعروف، لم يخص عنه الخبر بالسّعي بين الأيدي والأيمان دون الشّمائل، لأنّ ضياء المؤمنين الّذي يؤتونه في الآخرة يضيء لهم جميع ما حولهم، وفي خصوص اللّه جلّ ثناؤه الخبر عن سعيه بين أيديهم وبأيمانهم دون الشّمائل، ما يدلّ على أنّه معنيّ به غير الضّياء، وإن كانوا لا يخلون من الضّياء.
فتأويل الكلام إذ كان الأمر على ما وصفنا: وكلًّا وعد اللّه الحسنى يوم ترون المؤمنين والمؤمنات يسعى ثواب إيمانهم وعملهم الصّالح بين أيديهم، وفي أيمانهم كتب أعمالهم تتطاير.
ويعني بقوله: {يسعى}: يمضي، والباء في قوله: {وبأيمانهم}. بمعنى في وكان بعض نحويّي البصرة يقول: الباء في قوله: {وبأيمانهم}. بمعنى على أيمانهم وقوله: {يوم ترى}. من صلة {وعد}.
وقوله: {بشراكم اليوم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار}. يقول تعالى ذكره يقال لهم: بشارتكم اليوم أيّها المؤمنون الّتي تبشّرون بها جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار، فأبشروا بها.
وقوله: {خالدين فيها}. يقول: ماكثين في الجنّات، لا ينتقلون عنها ولا يتحوّلون وقوله: {ذلك هو الفوز العظيم} يقول: خلودهم في الجنّات الّتي وصفها هو النّجح العظيم الّذي كانوا يطلبونه بعد النّجاة من عقاب اللّه، ودخول الجنّة خالدين فيها). [جامع البيان: 22/397-399]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا عليّ بن حمشاذ العدل، ثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، ثنا عبد اللّه بن صالحٍ المصريّ، حدّثني اللّيث بن سعدٍ، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفيرٍ، أنّه سمع أبا ذرٍّ، وأبا الدّرداء رضي اللّه عنهما، قالا: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «أنا أوّل من يؤذن له في السّجود يوم القيامة، وأوّل من يؤذن له أن يرفع رأسه، فأرفع رأسي فأنظر بين يديّ فأعرف أمّتي من بين الأمم، وأنظر عن يميني فأعرف أمّتي من بين الأمم، وأنظر عن شمالي فأعرف أمّتي من بين الأمم» فقال رجلٌ: يا رسول اللّه، وكيف تعرف أمّتك من بين الأمم ما بين نوحٍ إلى أمّتك؟ قال: «غرٌّ محجّلون من أثر الوضوء، ولا يكاد لأحدٍ من الأمم غيرهم وأعرفهم أنّهم يؤتون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم بسيماهم في وجوههم من أثر السّجود، وأعرفهم بنورهم الّذي بين أيديهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/520]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الشّيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ إسماعيل بن قتيبة، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبد اللّه بن إدريس، عن أبيه، عن المنهال بن عمرٍو، عن قيس بن السّكن، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، في قوله عزّ وجلّ {يسعى نورهم بين أيديهم} [الحديد: 12] قال: «يؤتون نورهم على قدر أعمالهم منهم من نوره مثل الجبل وأدناهم نورًا من نوره على إبهامه يطفئ مرّةً ويوقد أخرى» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/520]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 12 - 15
أخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن الحسن في قوله: {يسعى نورهم بين أيديهم} قال: على الصراط حتى يدخلوا الجنة). [الدر المنثور: 14/265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود {يسعى نورهم بين أيديهم} قال: على الصراط). [الدر المنثور: 14/265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن يزيد بن شجرة قال: إنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم وسيماكم وحلاكم ونجواكم ومجالسكم فإذا كان يوم القيامة قيل: يا فلان بن فلان هلم بنورك ويا فلان بن فلان لا نور لك). [الدر المنثور: 14/265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في الآية قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من المؤمنين يوم القيامة من يضيء له نوره كما بين المدينة إلى عدن أبين إلى صنعاء فدون ذلك حتى أن من المؤمنين من لا يضيء له نوره إلا موضع قدميه والناس منازل بأعمالهم). [الدر المنثور: 14/265-266]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والحاكم وصححه عن بان مسعود في قوله: {يسعى نورهم بين أيديهم} قال: يؤتون نورهم على قدر أعمالهم يمرون على الصراط منهم من نوره مثل الجبل ومنهم من نوره مثل النخلة وأدناهم نورا من نوره على إبهامه يطفأ مرة ويقد أخرى). [الدر المنثور: 14/266]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه عن عبد الرحمن بن جبير أنه سمع أبا ذر وأبا الدرداء قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أول من يؤذن له في السجود يوم القيامة وأول من يؤذن له أن يرفع رأسه فأرفع رأسي فأنظر بين يدي وعن خلفي وعن يميني وعن شمالي فأعرف أمتي من بين الأمم فقيل: يا رسول الله وكيف تعرفهم من بين الأمم ما بين نوح إلى أمتك قال: غر محجلون من أثر الوضوء ولا يكون لأحد غيرهم وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم وأعرفها بسيماهم في وجوههم من أثر السجود وأعرفهم بنورهم الذي يسعى بين أيديهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم). [الدر المنثور: 14/266-267]

تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا صفوان بن عمرو، قال: حدثني سليم بن عامر، قال: خرجنا في جنازة في باب دمشق، ومعنا أبو أمامة، فلما صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها، قال أبو أمامة: يا أيها الناس، أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات، وتوشكوا أن تظعنوا منه إلى منزل آخر، وهو هذا، فيشير إلى القبر، بيت الوحدة، وبيت الظلمة، وبيت الدود، وبيت الضيق، إلا ما وسع الله، ثم تنتقلوا منه إلى مواطن يوم القيامة، فإنكم لفي بعض تلك المواطن حين يغشى الناس أمر من الله، فتبيض وجوه، وتسود وجوه، ثم تنتقلون إلى منزل آخر، فيغشى الناس ظلمة شديدة، ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورًا، ويترك الكافر والمنافق، فلا يعطيان شيئًا من النور، وهو المثل الذي ضرب الله في كتابه: {أو كظلمات في بحرٍ لجي} [سورة النور: 40] إلى قوله: {فما له من نور}، فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن، كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير، فيقول المنافقون للذين آمنوا: {انظروا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورًا} [سورة الحديد: 13]، وهي خدعة الله التي يخدع بها المنافقين، قال الله تبارك وتعالى: {يخادعون الله وهو خادعهم} [سورة النساء: 142]، فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور، فلا يجدون شيئًا، فينصرفون إليهم وقد ضرب {بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب * ينادونهم ألم نكن معكم}، نصلي صلاتكم، ونغزو مغازيكم؟ {قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني}، إلى قوله: {وبئس المصير} [سورة الحديد: 14- 15].
ويقول سليم: فما يزال المنافق مغترًا حتى يقسم النور، ويميز الله بين المؤمن والمنافق). [الزهد لابن المبارك: 2/ 741-742]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسينٍ، عن الحسن؛ في قوله: {فضرب بينهم بسورٍ له بابٌ باطنه فيه الرّحمة} قال: الجنّة {وظاهره من قبله العذاب} قال: النّار). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 396]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( (أنظرونا) : «انتظرونا»). [صحيح البخاري: 6/147]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله انظرونا انتظرونا قال الفرّاء قرأ يحيى بن وثّابٍ والأعمش وحمزة أنظرونا بقطع الألف من أنظرت والباقون على الوصل ومعنى انظرونا انتظرونا ومعنى أنظرونا يعني بالقطع أخّرونا وقد تقول العرب أنظرني يعني بالقطع يريد انتظرني قليلًا قال الشّاعر:
أبا هندٍ فلا تعجل علينا = وأنظرنا نخبّرك اليقينا). [فتح الباري: 8/628]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (أنظرونا انتظرونا
أشار به إلى قوله تعالى: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للّذين آمنوا أنظرونا نقتبس من نوركم} (الحديد: 13) ومعناه: انتظرونا، وقال الفراء: قرأها يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة انظرونا، بقطع الألف من: أنظرت، والباقون على الوصل، وفي بعض النّسخ: هذا وقع قبل قوله: يقال الظّاهر). [عمدة القاري: 19/222]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({أنظرونا}) بقطع الهمزة مفتوحة وكسر الظاء المعجمة وهي قراءة حمزة (انتظرونا) ). [إرشاد الساري: 7/374]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (السّور
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدّثنا عبد العزيز، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: " إذا دخل أهل الجنّة الجنّة، وأهل النّار النّار، أتي بالموت ملبّبًا فيوقف على السّور الّذي بين أهل الجنّة وأهل النّار، فيذبح ذبحًا على السّور، ثمّ يقال: يا أهل الجنّة، خلودٌ لا موت، ويا أهل النّار، خلودٌ لا موت " مختصرٌ). [السنن الكبرى للنسائي: 10/289]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للّذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورًا فضرب بينهم بسورٍ له بابٌ باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب (13) ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنّكم فتنتم أنفسكم وتربّصتم وارتبتم وغرّتكم الأمانيّ حتّى جاء أمر اللّه وغرّكم باللّه الغرور}.
يقول تعالى ذكره: هو الفوز العظيم في يوم يقول المنافقون والمنافقات، واليوم من صلة الفوز للّذين آمنوا باللّه ورسله: انظرونا.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {انظرونا}. فقرأت ذلك عامّة قرأة المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة {انظرونا} موصولةً بمعنى انتظرونا، وقرأته عامّة قرأة الكوفة (أنظرونا) مقطوعة الألف من أنظرت بمعنى: أخّرونا.
وذكر الفرّاء أنّ العرب تقول: أنظرني وهم يريدون انتظرني قليلاً؛ وأنشد في ذلك بيت عمرو بن كلثومٍ:
أبا هندٍ فلا تعجل علينا = وأنظرنا نخبّرك اليقينا.
قال: فمعنى هذا: انتظرنا قليلاً نخبرك، لأنّه ليس هاهنا تأخيرٌ، إنّما هو استماعٌ كقولك للرّجل: اسمع منّي حتّى أخبرك.
والصّواب من القراءة في ذلك عندي الوصل، لأنّ ذلك هو المعروف من كلام العرب إذا أريد به انتظرنا، وليس للتّأخير في هذا الموضع معنًى، فيقال: أنظرونا، بفتح الألف وهمزها.
وقوله: {نقتبس من نوركم}. يقول: نستصبح من نوركم، والقبس: الشّعلة.
وقوله: {قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورًا}. يقول جلّ ثناؤه: فيجابون بأن يقال لهم: ارجعوا من حيث جئتم، واطلبوا لأنفسكم هنالك نورًا، فإنّه لا سبيل لكم إلى الاقتباس من نورنا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يوم يقول المنافقون والمنافقات}. إلى قوله: {وبئس المصير}. قال ابن عبّاسٍ: بينما النّاس في ظلمةٍ، إذ بعث اللّه نورًا؛ فلمّا رأى المؤمنون النّور توجّهوا نحوه، وكان النّور دليلاً من اللّه إلى الجنّة؛ فلمّا رأى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا، تبعوهم، فأظلم اللّه على المنافقين، فقالوا حينئذٍ: انظرونا نقتبس من نوركم، فإنّا كنّا معكم في الدّنيا؛ قال المؤمنون: ارجعوا من حيث جئتم من الظّلمة، فالتمسوا هنالك النّور.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك يقول، في قوله: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للّذين آمنوا}. الآية، كان ابن عبّاسٍ يقول: بينما النّاس في ظلمةٍ، ثمّ ذكر نحوه.
وقوله: {فضرب بينهم بسورٍ له بابٌ باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب}.
يقول تعالى ذكره: فضرب اللّه بين المؤمنين والمنافقين بسورٍ، وهو حاجزٌ بين أهل الجنّة وأهل النّار.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {بسورٍ له بابٌ}. قال: كالحجاب في الأعراف.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فضرب بينهم بسورٍ له بابٌ}. السّور: حائطٌ بين الجنّة والنّار.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فضرب بينهم بسورٍ له بابٌ}. قال: هذا السّور الّذي قال اللّه: {وبينهما حجابٌ}.
وقد قيل: إنّ ذلك السّور ببيت المقدس عند وادي جهنّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ قال: حدّثنا الحسن بن بلالٍ قال: حدّثنا حمّادٌ قال: أخبرنا أبو سنانٍ قال: كنت مع عليّ بن عبد اللّه بن عبّاسٍ، عند وادي جهنّم، فحدّث عن أبيه قال: {فضرب بينهم بسورٍ له بابٌ باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب}. فقال: هذا موضع السّور عند وادي جهنّم.
- حدّثني إبراهيم بن عطيّة بن رديح بن عطيّة قال: ثني عمّي محمّد بن رديح بن عطيّة، عن سعيد بن عبد العزيز، عن أبي العوّام، عن عبادة بن الصّامت، أنّه كان يقول: {بابٌ باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب}. قال: هذا باب الرّحمة.
- حدّثنا ابن البرقيّ قال: حدّثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد، عن عطيّة بن قيسٍ، عن أبي العوّام، مؤذّن بيت المقدس قال: سمعت عبد اللّه بن عمرو بن العاص، يقول: إنّ السّور الّذي ذكره اللّه في القرآن: {فضرب بينهم بسورٍ له بابٌ باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب}. هو السّور الشّرقيّ، باطنه المسجد، وظاهره وادي جهنّم.
- حدّثني محمّد بن عوفٍ قال: حدّثنا أبو المغيرة قال: حدّثنا صفوان قال: حدّثنا شريحٌ، أنّ كعبًا كان يقول في الباب الّذي في بيت المقدس: إنّه الباب الّذي قال اللّه: {فضرب بينهم بسورٍ له بابٌ باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب}.
وقوله: {له بابٌ باطنه فيه الرّحمة}. يقول تعالى ذكره: لذلك السّور بابٌ باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبل ذلك الظّاهر العذاب: يعني النّار.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وظاهره من قبله العذاب} أي النّار.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {باطنه فيه الرّحمة}. قال: الجنّة وما فيها). [جامع البيان: 22/399-404]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يوم يقول المنافقون قال إن المنافقين كانوا مع المؤمنين في الدنيا يناكحونهم ويعاشرونهم ويكونون معهم أمواتا ويعطون النور جميعا يوم القيامة فيطفأ نور المنافقين إذا بلغوا السور يماز بينهم حينئذ والسور كالحجاب في الأعراف فيقولون انظرونا نقتبس من نوركم). [تفسير مجاهد: 2/657]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن أحمد بن سعيدٍ الرّازيّ، ثنا أبو زرعة عبيد اللّه بن عبد الكريم، ثنا أحمد بن هاشمٍ الرّمليّ، ثنا ضمرة بن ربيعة، عن محمّد بن ميمونٍ، عن بلال بن عبد اللّه مؤذّن بيت المقدس، قال: " رأيت عبادة بن الصّامت رضي اللّه عنه، في مسجد بيت المقدس مستقبل الشّرق أو السّور، أنا أشكّ، وهو يبكي وهو يتلو هذه الآية {فضرب بينهم بسورٍ له بابٌ باطنه فيه الرّحمة} [الحديد: 13] ، ثمّ قال: ها هنا أرانا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم جهنّم «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/521]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي أمامة الباهلي أنه قال: أيها الناس إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر وهو القبر بيت الوحدة وبيت الظلمة وبيد الدود وبيت الضيق إلا ما وسع الله ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة فإنكم لفي بعض تلك المواطن حتى يغشى الناس أمر الله فتبيض وجوه وتسود وجوه ثم تنتقلون منه إلى موضع آخر فتغشى الناس ظلمة شديدة ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا ويترك الكافر والمنافق فلا يعطيان شيئا وهو المثل الذي ضرب الله في كتابه إلى قوله ولا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير ويقول المنافق للذين آمنوا: {انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا} وهي خدعة الله التي خدع بها المنافقين حيث قال: (يخادعون الله وهو خادعهم) (سورة النساء آية 142) فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئا فينصرفون إليهم {فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب} ينادونهم ألم نكن معكم نصلي صلاتكم ونغزو مغازيكم قالوا: بلى إلى قوله: {وبئس المصير}). [الدر المنثور: 14/267]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن بي حاتم من وجه آخر عن أبي أمامة قال: تبعث ظلمة يوم القيامة فما من مؤمن ولا كافر يرى كفه حتى يبعث الله بالنور إلى المؤمنين بقدر أعمالهم فيتبعهم المنافقون فيقولون: {انظرونا نقتبس من نوركم}). [الدر المنثور: 14/268]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال: بينما الناس في ظلمة إذا بعث الله نورا فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه وكان النور دليلا لهم من الله إلى الجنة فلما رأى المنافقون المؤمنين انطلقوا إلى النور تبعوهم فأظلم الله على المنافقين فقالوا حينئذ: {انظرونا نقتبس من نوركم} فإنا كنا معكم في الدنيا قال المؤمنون: ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا من حيث جئتم من الظلمة فالتمسوا هنالك النور). [الدر المنثور: 14/268]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يدعو الناس يوم القيامة بأمهاتهم سترا منه على عباده وأما عند الصراط فإن الله يعطي كل مؤمن نورا وكل منافق نورا فإذا استووا على الصراط سلب الله نور المنافقين والمنافقات فقال المنافقون: {انظرونا نقتبس من نوركم} وقال المؤمنون: {ربنا أتمم لنا نورنا} فلا يذكر عند ذلك أحد أحدا). [الدر المنثور: 14/268-269]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جمع الله الأولين والآخرين دعا اليهود فقيل لهم: من كنتم تعبدون فيقولون: كنا نعبد الله فيقال لهم: كنتم تعبدون معه غيره فيقولون: نعم فيقال لهم: من كنتم تعبدون معه فيقولون: عزيرا فيوجهون وجها ثم يدعو النصارى فيقال لهم: من كنتم تعبدون فيقولون: كنا نعبد الله فيقول لهم: هل كنتم تعبدون معه غيره فيقولون: نعم فيقال لهم: من كنتم تعبدون معه فيقولون: المسيح فيوجهون وجها ثم يدعى المسلمون وهم على رابة من الأرض فيقال لهم: من كنتم تعبدون فيقولون: كنا نعبد الله وحده فيقال لهم: هل كنتم تعبدون معه غيره فيقولون: ما عبدنا غيره فيعطى كل إنسان منهم نورا ثم يوجهون إلى الصراط ثم قرأ {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم} الآية وقرأ (يوم لا يخزي الله النّبيّ والذين آمنوا معه نورهم) (سورة التحريم الآية 8) إلى آخر الآية). [الدر المنثور: 14/269]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {يوم يقول المنافقون والمنافقات} الآية قال: بينما الناس في ظلمة إذ بعث الله نورا فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه وكان النور لهم دليلا إلى الجنة من الله فلما رأى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا تبعوهم فأظلم الله على المنافقين فقالوا حينئذ: {انظرونا نقتبس من نوركم} فإنا كنا معكم في الدنيا قال المؤمنون: ارجعوا من حيث جئتم من الظلمة فالتمسوا هنالك النور). [الدر المنثور: 14/269-270]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي فاختة قال: يجمع الله الخلائق يوم القيامة ويرسل الله على الناس ظلمة فيستغيثون ربهم فيؤتي الله كل مؤمن يومئذ نورا ويؤتي المنافقين نورا فينطلقون جميعا متوجهين إلى الجنة معهم نورهم فبينما هم كذلك إذ طفأ الله نور المنافقين فيترددوهن في الظلمة ويسبقهم المؤمنون بنورهم بين أيديهم فينادونهم {انظرونا نقتبس من نوركم} {فضرب بينهم بسور له باب باطنه} حيث ذهب المؤمنون فيه الرحمة ومن قبله الجنة ويناديهم المنافقون ألم نكن معكم قالوا: بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم فيقول المنافقون بعضهم لبعض: وهم يتسكعون في الظلمة تعالوا نلتمس إلى المؤمنيين سبيلا فيسقطون على هوة فيقول بعضهم لبعض: إن هذا ينفق بكم إلى المؤمنين فيتهافتون فيها فلا يزالون يهوون فيها حتى ينتهوا إلى قعر جهنم فهنالك خدع المنافقون كما قال الله: {وهو خادعهم}). [الدر المنثور: 14/270-271]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {انظرونا} موصولة برفع الألف). [الدر المنثور: 14/271]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش أنه قرأ {انظرونا} مقطوعة بنصب الألف وكسر الظاء). [الدر المنثور: 14/271]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال: أين أنت من يوم جيء بجهنم قد سدت ما بين الخافقين وقيل: لن تدخل الجنة حتى تخوض النار فإن كان معك نور استقام بك الصراط فقد والله نجوت وهديت وإن لم يكن معك نور تشبث بك بعض خطاطيف جهنم أو كلاليبها فقد والله رديت وهويت). [الدر المنثور: 14/271]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البهيقي في الأسماء والصفات عن مقاتل في قوله: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا} وهم على الصراط {انظرونا} يقول: ارقبونا {نقتبس من نوركم} يعني نصيب من نوركم فنمضي معكم قيل: يعني قالت الملائكة لهم: {ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا} من حيث جئتم هذا من الاستهزاء بهم استهزؤوا بالمؤمنين في الدنيا حين قالوا: أمنا وليسوا بمؤمنين فذلك قوله: {الله يستهزئ بهم} حين يقال لهم: {ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا} {فضرب بينهم بسور له باب} يعني بالسور حائط بين أهل الجنة والنار {باب باطنه} يعني باطن السور {فيه الرحمة} مما يلي الجنة {وظاهره من قبله العذاب} يعني جهنم وهو الحجاب الذي ضرب بين أهل الجنة وأهل النار). [الدر المنثور: 14/271-272]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عبادة بن الصامت أنه كان على سور بيت المقدس الشرقي فبكى فقيل له ما يبكيك فقال: ههنا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى جهنم يحدث عن أبيه أنه قال: {فضرب بينهم بسور} قال: هذا موضع السور عند وادي جهنم). [الدر المنثور: 14/272]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عن أبي سنان قال: كنت مع علي بن عبد الله بن عباس عند وادي جهنم). [الدر المنثور: 14/272]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن عساكر عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: إن السور الذي ذكره الله في القرآن {فضرب بينهم بسور} هوالسور الذي ببيت المقدس الشرقي {باطنه فيه الرحمة} المسجد {وظاهره من قبله العذاب} يعني وادي جهنم وما يليه). [الدر المنثور: 14/272-273]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {فضرب بينهم بسور} قال: حائط بين الجنة والنار). [الدر المنثور: 14/273]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن في قوله: {باطنه فيه الرحمة} قال: الجنة {وظاهره من قبله العذاب} قال: النار). [الدر المنثور: 14/273]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج آدم بن أبي إياس، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله: {يوم يقول المنافقون والمنافقات} الآية قال: إن المنافقين كانوا مع المؤمنين أحياء في الدنيا يناكحونهم ويعاشرونهم وكانوا معهم أمواتا ويعطون النور جميعا يوم القيامة فيطفأ نور المنافقين إذا بلغوا السور يماز بينهم يومئذ والسور كالحجاب في الأعراف فيقولون: {انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا}). [الدر المنثور: 14/273]

تفسير قوله تعالى: (يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا صفوان بن عمرو، قال: حدثني سليم بن عامر، قال: خرجنا في جنازة في باب دمشق، ومعنا أبو أمامة، فلما صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها، قال أبو أمامة: يا أيها الناس، أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات، وتوشكوا أن تظعنوا منه إلى منزل آخر، وهو هذا، فيشير إلى القبر، بيت الوحدة، وبيت الظلمة، وبيت الدود، وبيت الضيق، إلا ما وسع الله، ثم تنتقلوا منه إلى مواطن يوم القيامة، فإنكم لفي بعض تلك المواطن حين يغشى الناس أمر من الله، فتبيض وجوه، وتسود وجوه، ثم تنتقلون إلى منزل آخر، فيغشى الناس ظلمة شديدة، ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورًا، ويترك الكافر والمنافق، فلا يعطيان شيئًا من النور، وهو المثل الذي ضرب الله في كتابه: {أو كظلمات في بحرٍ لجي} [سورة النور: 40] إلى قوله: {فما له من نور}، فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن، كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير، فيقول المنافقون للذين آمنوا: {انظروا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورًا} [سورة الحديد: 13]، وهي خدعة الله التي يخدع بها المنافقين، قال الله تبارك وتعالى: {يخادعون الله وهو خادعهم} [سورة النساء: 142]، فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور، فلا يجدون شيئًا، فينصرفون إليهم وقد ضرب {بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب * ينادونهم ألم نكن معكم}، نصلي صلاتكم، ونغزو مغازيكم؟ {قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني}، إلى قوله: {وبئس المصير} [سورة الحديد: 14- 15].
ويقول سليم: فما يزال المنافق مغترًا حتى يقسم النور، ويميز الله بين المؤمن والمنافق). [الزهد لابن المبارك: 2/ 741-742](م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى}. يقول تعالى ذكره: ينادي المنافقون المؤمنين حين حجز بينهم بالسّور، فبقوا في الظّلمة والعذاب، وصار المؤمنون في الجنّة، ألم نكن معكم في الدّنيا نصلّي ونصوم، ونناكحكم ونوارثكم؟ قالوا: بلى، يقول: قال المؤمنون: بلى، بل كنتم كذلك، ولكنّكم فتنتم أنفسكم، فنافقتم، وفتنتهم أنفسهم في هذا الموضع كانت النّفاق.
وكذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {فتنتم أنفسكم} قال: النّفاق، وكان المنافقون مع المؤمنين أحياءً يناكحونهم، ويغشونهم، ويعاشرونهم، وكانوا معهم أمواتًا، ويعطون النّور جميعًا يوم القيامة، فيطفأ النّور من المنافقين إذا بلغوا السّور، ويماز بينهم حينئذٍ.
وقوله: {وتربّصتم}. يقول: وتلبّثتم بالإيمان، ودافعتم بالإقرار باللّه ورسوله.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وتربّصتم} قال: بالإيمان برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وقرأ {فتربّصوا إنّا معكم متربّصون}.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وتربّصتم}. يقول: تربّصوا بالحقّ وأهله.
وقوله: {وارتبتم}. يقول: وشككتم في توحيد اللّه، وفي نبوّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- كما حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وارتبتم}. شكّوا.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وارتبتم}. ارتابوا: كانوا في شكٍّ من اللّه.
وقوله: {وغرّتكم الأمانيّ}. يقول: وخدعتكم أمانيّ نفوسكم، فصدّتكم عن سبيل اللّه وأضلّتكم {حتّى جاء أمر اللّه}. يقول: حتّى جاء قضاء اللّه بمناياكم، فاجتاحتكم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وغرّتكم الأمانيّ حتّى جاء أمر اللّه}. كانوا على خدعةٍ من الشّيطان، واللّه ما زالوا عليها حتّى قذفهم اللّه في النّار.
وقوله: {وغرّكم باللّه الغرور}. يقول: وخدعكم باللّه الشّيطان، فأطمعكم بالنّجاة من عقوبته، والسّلامة من عذابه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: {الغرور}. أي الشّيطان.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وغرّكم باللّه الغرور}. أي الشّيطان.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وغرّكم باللّه الغرور}. الشّيطان). [جامع البيان: 22/404-407]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وغركم بالله الغرور قال الغرور الشيطان). [تفسير مجاهد: 2/657]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله: {ولكنكم فتنتم أنفسكم} قال: بالشهوات واللذات وتربصتم بالتوبة {وارتبتم} أي شككتم في الله {وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله} قال: الموت {وغركم بالله الغرور} قال: الشيطان). [الدر المنثور: 14/273-274]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي سفيان {ولكنكم فتنتم أنفسكم} قال: بالمعاصي وتربصتم بالتوبة {وارتبتم} شككتم {وغرتكم الأماني} قلتم: سيغفر لنا حتى جاء أمر الله قال: الموت {وغركم بالله الغرور} قال: الشيطان). [الدر المنثور: 14/274]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن محبوب الليثي {ولكنكم فتنتم أنفسكم} أي بالشهوات {وتربصتم} بالتوبة {وارتبتم} أي شككتم في الله {وغرتكم الأماني} قال: طول الأمل {حتى جاء أمر الله} قال: الموت {وغركم بالله الغرور} قال: الشيطان). [الدر المنثور: 14/274]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {وتربصتم} قال: تربصوا بالحق وأهله {وارتبتم} قال: كانوا في شك من أمر الله {وغرتكم الأماني} قال: كانوا على خدعة من الشيطان والله مازالوا عليها حتى قذفهم الله في النار {وغركم بالله الغرور} قال: الشيطان {فاليوم لا يؤخذ منكم فدية} يعني من المنافقين ولا من الذين كفروا). [الدر المنثور: 14/274]

تفسير قوله تعالى: (فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({مولاكم} [الحديد: 15] : «أولى بكم»). [صحيح البخاري: 6/147]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله مولاكم أولى بكم قال الفرّاء في قوله تعالى مأواكم النّار هي مولاكم يعني أولى بكم وكذا قال أبو عبيدة وفي بعض نسخ البخاريّ هو أولى بكم وكذا هو في كلام أبي عبيدة وتعقّب ويجاب عنه بأنّه يصحّ على إرادة المكان). [فتح الباري: 8/628]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (مولاكم أولى بكم
أشار به إلى قوله تعالى: {مأواكم النّار هي مولاكم} (الحديد: 15) أي: (أولى بكم) كذا قاله الفراء وأبو عبيدة وفي بعض النّسخ: مولاكم هو أولى بكم، وكذا وقع في كلام أبي عبيدة وتذكير الضّمير باعتبار المكان فافهم). [عمدة القاري: 19/222]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({مولاكم}) في قوله تعالى: {مأواكم النار هي مولاكم} [الحديد: 15] أي هي (أولى بكم) من كل منزل على كفركم وارتيابكم). [إرشاد الساري: 7/374]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فاليوم لا يؤخذ منكم فديةٌ ولا من الّذين كفروا مأواكم النّار هي مولاكم وبئس المصير}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل المؤمنين لأهل النّفاق، بعد أن ميّز بينهم في القيامة: {فاليوم}. أيّها المنافقون {لا يؤخذ منكم فديةٌ}. يعني: عوضًا وبدلاً؛ يقول: لا يؤخذ ذلك منكم بدلاً من عقابكم وعذابكم، فيخلّصكم من عذاب اللّه {ولا من الّذين كفروا}. يقول: ولا تؤخذ الفدية أيضًا من الّذين كفروا
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فاليوم لا يؤخذ منكم فديةٌ ولا من الّذين كفروا}. يعني المنافقين، ولا من الّذين كفروا.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فاليوم لا يؤخذ منكم} من المنافقين {ولا من الّذين كفروا} معكم {مأواكم النّار}.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {فاليوم لا يؤخذ منكم فديةٌ} فقرأت ذلك عامّة القرّاء بالياء {يؤخذ}.، وقرأه أبو جعفرٍ القارئ بالتّاء.
وأولى القراءتين بالصّواب الياء وإن كانت الأخرى جائزةً.
وقوله: {مأواكم النّار}. يقول: مثواكم ومسكنكم الّذي تسكنونه يوم القيامة النّار.
وقوله: {هي مولاكم}. يقول: النّار أولى بكم.
وقوله: {وبئس المصير}. يقول: وبئس مصير من صار إلى النّار). [جامع البيان: 22/407-408]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {وتربصتم} قال: تربصوا بالحق وأهله {وارتبتم} قال: كانوا في شك من أمر الله {وغرتكم الأماني} قال: كانوا على خدعة من الشيطان والله مازالوا عليها حتى قذفهم الله في النار {وغركم بالله الغرور} قال: الشيطان {فاليوم لا يؤخذ منكم فدية} يعني من المنافقين ولا من الذين كفروا). [الدر المنثور: 14/274] (م)


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 رجب 1434هـ/16-05-2013م, 03:09 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي


التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {يسعى نورهم بين أيديهم...} أي: يضيء بين أيديهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم، والباء في "بأيمانهم" في معنى في، وكذلك: عن). [معاني القرآن: 3/132]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {بشراكم اليوم جنّاتٌ...}.
ترفع البشرى، والجنات، ولو نويت بالبشرى النصب توقع عليها تبشير الملائكة، كأنه قيل لهم: أبشروا ببشراكم، ثم تنصب جناتٍ، توقع البشرى عليها.
وإن شئت نصبتها على القطع؛ لأنها نكرة من نعت معرفةٍ، ولو رفعت البشرى باليوم كقولك: اليوم بشراكم اليوم سروركم، ثم تنصب الجنات على القطع، ويكون في هذا المعنى رفع اليوم ونصبه كما قال الشاعر:

زعم البوارح أنّ رحلتنا غدا وبذاك خبرنا الغداف الأسود) [معاني القرآن: 3/132-133]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ذلك هو الفوز...}: وهي في قراءة عبد الله: (ذلك الفوز العظيم) بغير هو.
وفي قراءتنا: {ذلك هو الفوز العظيم}: كما كان في قراءتنا {فإنّ الله هو الغني الحميد}, وفي كتاب أهل المدينة: {فإن الله الغني الحميد}). [معاني القرآن: 3/133]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم}
قال: {يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم}: يريد: عن أيمانهم -والله أعلم- كما قال: {ينظرون من طرفٍ خفيٍّ} يقول : {بطرف}). [معاني القرآن: 4/26]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم}
(يوم) منصوب بقوله: {فيضاعفه له وله أجر كريم} في ذلك اليوم.
ومعنى: {يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم}
أي : بمعنى : نورهم بين أيديهم، وهو علامة أيديهم الصالحة.
{يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا}: أي: بلغنا به إلى جنتك). [معاني القرآن: 5/124]

تفسير قوله تعالى: { يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {للّذين آمنوا انظرونا...}: وقرأها يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة : {أنظرونا}, ومن أنظرت، وسائر القراء على {انظرونا}: بتخفيف الألف، ومعنى: انظرونا. انتظرونا، ومعنى أنظرونا، أخرونا كما قال: {أنظرني إلى يوم يبعثون}، وقد تقول العرب: "انظرني" وهم يريدون: انتظرني تقويةٌ لقراءة يحيى، قال الشاعر:
أبا هندٍ فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبّرك اليقينا
فمعنى هذه: انتظرنا قليلاً نخبرك؛ لأنه ليس هاهنا تأخير، إنما استماع كقولك للرجل: اسمع مني حتى أخبرك). [معاني القرآن: 3/133]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {قيل ارجعوا وراءكم...}.
قال المؤمنون للكافرين: ارجعوا إلى الموضع الذي أخذنا منه النور، فالتمسوا النور منه، فلما رجعوا ضرب الله عز وجل بينهم: بين المؤمنين والكفار بسور، وهو السور الذي يكون عليه أهل الأعراف). [معاني القرآن: 3/133-134]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لّه بابٌ باطنه فيه الرّحمة}: الجنة، {وظاهره من قبله العذاب...}: النار، وفي قراءة عبد الله: ظاهرة من تلقائه العذاب). [معاني القرآن: 3/134]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({يوم يقول المنافقون والمنافقات للّذين آمنوا انظرونا نقتبس من نّوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً فضرب بينهم بسورٍ لّه بابٌ باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب}
وقال: {انظرونا نقتبس من نّوركم}: لأنه من "نظرته" يريد : "نظرت" , فـ"أنا أنظره" , ومعناه: أنتظره.
وقال: {بسورٍ لّه بابٌ} معناه: "وضرب بينهم سورٌ"). [معاني القرآن: 4/26]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فضرب بينهم بسورٍ له بابٌ}، يقال: هو السور الذي يسمى الأعراف). [تفسير غريب القرآن: 453]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للّذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب}
وقرئت {أنظرونا} - بقطع الألف ووصلها -
فمن قال: {انظرونا}: فهو من نظر ينظر، معناه انتظرونا.
ومن قال: {أنظرونا}: - بالكسر - فمعناه - أخّرونا.
وقد قيل إن معنى {أنظرونا}: انتظرونا أيضا.
وأنشد القائل بيت عمرو بن كلثوم:
أبا هند فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبّرك اليقينا
وقوله: {قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا}
تأويله : لا نور لكم عندنا.
وقوله: {فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب}
أي: ما يلي المؤمنين ففيه الرحمة، وما يلي الكافرين ظاهره يأتيهم من قبله العذاب). [معاني القرآن: 5/124]

تفسير قوله تعالى:{يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ينادونهم ألم نكن مّعكم...}: على دينكم في الدنيا، فقال المؤمنون: {بلى ولكنّكم فتنتم أنفسكم...} إلى آخر الآية). [معاني القرآن: 3/134]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فتنتم أنفسكم}: أنمتموها،... {وارتبتم}: شككتم). [تفسير غريب القرآن: 453]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {ولكنّكم فتنتم أنفسكم} أي: كفرتم وآثمتموها). [تأويل مشكل القرآن: 473]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولكنّكم فتنتم أنفسكم وتربّصتم وارتبتم وغرّتكم الأمانيّ حتّى جاء أمر اللّه وغرّكم باللّه الغرور}
معنى {فتنتم أنفسكم}: استعملتموها في الفتنة، وتربصتم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين الدوائر.
{وغرّتكم الأمانيّ}: أي: ما كنتم تمنّون من نزول الدوائر بالمؤمنين.
{حتّى جاء أمر اللّه}: أي: حتى أنزل الله نصره على نبيّه والمؤمنين.
{وغرّكم باللّه الغرور}: أي : غرّكم الشيطان، وهو الغرور على وزن الفعول، وفعول من أسماء المبالغة، تقول: فلان أكول إذا كان كثير الأكل وضروب إذا كان كثير الضرب، ولذلك قيل للشيطان: الغرور لأنه يغرّ ابن آدم كثيرا، فإذا غرّ مرة واحدة فهو غارّ، ويصلح غارّ للكثير، فأمّا غرور فلا يصلح للقليل، وقرئت {الغرور}: وهو كل ما غرّ من متاع الدنيا.
ومعنى {ارتبتم}: غلّبتم الشكّ على اليقين). [معاني القرآن: 5/125]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ} أنمتموها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 261]

تفسير قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فاليوم لا يؤخذ منكم فديةٌ...}.
القراء على الياء، وقد قال بعض أهل الحجاز [لا] تؤخذ , والفدية مشتقة من الفداء، فإذا تقدم الفعل قبل الفدية والشفاعة والصيحة والبينة وما أشبه ذلك، فإنك مؤنث فعله وتذكّره، قد جاء الكتاب بكل ذلك). [معاني القرآن: 3/134]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {مأواكم النّار هي مولاكم...} أي: هي أولى بكم). [معاني القرآن: 3/134]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({هي مولاكم} أولى بكم. قال لبيد:
مولى المخافة خلفها وأمامها)
[مجاز القرآن: 2/254]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {هي مولاكم}: هي أولى بكم). [غريب القرآن وتفسيره: 371]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({مأواكم النّار}: هي مولاكم, أي: هي أولى بكم.
قال لبيد:
فغدت كلا الفرجين تحسب انه مولي المخافة خلفها وأمامها)
[تفسير غريب القرآن: 453]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {مأواكم النّار هي مولاكم وبئس المصير}
هي أولى بكم لما أسلفتم من الذنوب، ومثل ذلك قول الشاعر:
فعدت كلا الفرجين تحسب أنه مولى المخافة خلفها وأمامها
مثل ذلك: أي: مولى المخافة خلفها وأمامها). [معاني القرآن: 5/125]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({هِيَ مَوْلَاكُمْ} أي: أولى بكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 261]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَوْلَاكُمْ}: أولى بكم). [العمدة في غريب القرآن: 301]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 7 رجب 1434هـ/16-05-2013م, 03:12 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والمولى في قولها: إذا مولاك خاف ظلامة يحتمل ضروبًا، فالمولى ابن العم، وقوله عز وجل: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي}؛ يريد بني العم؛ قال الفضل بن العباس:
مهلاً بني عمنا مهلاً موالينا = لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا

ويكون المولى المعتق؛ ويكون المولى من قوله جل ثناؤه: {وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} ويكون المولى الذي هو أحق وأولى منه قوله: {مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ}، أي أولى بكم. والمولى: المالك). [الكامل: 3/1410] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( والمولى من الأضداد؛ فالمولى المنعم المعتِق، والمولى: المنعم عليه المعتَق.
وله أيضا معان ستة سوى هذين: فالمولى الأولى بالشيء، قال الله عز وجل: {النار هي مولاكم}، فمعناه هي أولى بكم، قال لبيد:

فغدت كلا الفرجين تحسب أنه = مولى المخافة خلفها وأمامها

معناه أولى بالمخافة خلفها وأمامها.
ويكون المولى الولي، جاء في الحديث: ((مزينة وجهينة وأسلم وغفار موالي الله ورسوله))، فمعناه أولياء الله. ويروى في الحديث أيضا: ((أيما امرأة تزوجت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل))، معناه بغير إذن وليها، وقال العجاج:

فالحمد لله الذي أعطى الخير = موالي الحث إن المولى شكر

معناه أولياء الحق، وقال الأخطل لبني أمية:

أعطاكم الله جدا تنصرون به = لا جد إلا صغير بعد محتقر
لم يأشروا فيه إذ كانوا مواليه = ولو يكون لقوم غيرهم أشروا

أراد أولياءه.
وقال الأخطل أيضا لبعض خلفاء بني أمية:
فأصبحت مولاها من الناس بعده = فأحرى قريش أن يهاب ويحمدا
أراد فأصبحت ولي الخلافة. وقال الآخر:
كانوا موالي حق يطلبون به = فأدركوه وما ملوا وما لغبوا
معناه أولياء حق؟
والمولى ابن العم، والموالي بنو العم، قال الله عز ذكره: {وإني خفت الموالي من ورائي}، أراد بني العم، وقال تبارك وتعالى: {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا}، فمعناه لا يغني ابن عم عن ابن عمه، وقوله جل وعز: {لبئس المولى ولبئس العشير}، معناه لبئس الولي ولبئس المعاشر. وقال الزبرقان بن بدر:

ومن الموالي موليان فمنهما = معطي الجزيل وباذل النصر
ومن الموالي ضب جندلة = لحز المروءة ظاهر الغمر

وقال الآخر:
فأبقوا لا أبا لكم عليهم = فإن ملامة المولى شقاء
أراد ابن العم.
وأنشدنا أبو العباس، عن ابن الأعرابي للفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب يخاطب بني أمية:

مهلا بني عمنا مهلا موالينا = لا تنبشوا بييننا ما كان مدفونا
لا تجعلوا أن تهينونا ونكرمكم = وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا
الله يعلم أنا لا نحبكم = ولا نلومكم ألا تحبونا

قال أبو بكر: قال لنا أبو العباس: (إذ لا تحبونا)
كل يداجي على البغضاء صاحبه = بنعمة الله نقليكم وتقلونا
وقال مخارق بن شهاب المازني لابن عم له مازني:
وإني لمولاك الذي لك نصره = إذا برطمت تحت السبال العنافق
وقال الآخر:
ذو نيرب من موالي الحي ذو حشد = يزجي لي القول بالبغضاء والكلم
أراد من بني عم الحي.
والمولى الحليف، قال الشاعر:
موالي حلف لا موالي قرابة = ولكن قطينا يأخذون الأتاويا
وقال الحصين بن الحمام المري:
يا أخوينا من أبينا وأمنا = مرا موليينا من قضاعة يذهبا
أراد بأحد الموليين بني سلامان بن سعد وبالمولى الآخر ابن خميس بن عامر، وعنى بالموليين الحليفين. وقال الآخر:

أتشتم قوما أثلوك بدارم = ولولاهم كنتم كعكل مواليا

أراد خلفاء. وقال الراعي:
جزى الله مولانا غنيا ملامة = شرار موالي عامر في العزائم
أراد أولياءنا.
والمولى الجار، قال مربع بن وعوعة الكلابي – وجاور كليب بن يربوع فأحمد جوارهم:

جزى الله خيرا والجزاء بكفه = كليب بن يربوع وزادهم حمدا
هم خلطونا بالنفوس وألجموا = إلى نصر مولاهم مسومة جردا

أراد نصر جارهم.
والمولى: الصهر، أنشد ابن السكيت وغيره لأبي المختار الكلابي:
ولا يفلتن النافعان كلاهما = وذاك الذي بالسوق مولى بني بدر
معناه صهر بني بدر). [كتاب الأضداد:46- 50]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 02:43 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 02:43 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 02:48 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم * يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب * ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور}
العامل في "يوم" قوله تعالى: {وله أجر كريم}، و"الرؤية" في هذه الآية رؤية عين، و"النور"، قال الضحاك بن مزاحم: هي استعارة، عبارة عن الهدى والحق الذي هم عليه وهدايتهم الناس إلى الحق وصدقهم في الأفعال والأقوال، وقيل: تتبعهم الرشاد واعتقادهم به واقتصاصهم آثاره وعلاماته وأنواره، وقيل: هي استعارة، عبارة عن الهدى والرضوان الذي هم فيه، وقال الجمهور: بل هو نور حقيقة، وروي في هذا عن ابن عباس وغيره آثار مضمنها أن كل مؤمن مظهر للإيمان يعطى يوم القيامة نورا، فيطفى نور كل منافق ويبقى نور المؤمنين، حتى أن منهم من نوره يضيء كما بين مكة وصنعاء، رفعه قتادة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من نوره كالنخلة السحوق، ومنهم من نوره يضيء ما بين قرب من قدميه، قال ابن مسعود رضي الله عنه، ومنهم من يهم نوره بالانطفاء مرة ويبين مرة، على قدر المنازل في الطاعة والمعصية، وخص تعالى "بين الأيدي" لأنه موضع حاجة الإنسان إلى النور.
واختلف الناس في قوله تعالى: "وبأيمانهم"، فقال بعض المتأولين: المعنى: وعن أيمانهم، فكأنه تعالى خص جهة اليمين تشريفا، وناب ذلك مناب أن يقول: وفي جميع جهاتهم، وقال آخرون منهم: المعنى: وبأيمانهم كتبهم بالرحمة، وقال جمهور المفسرين: المعنى: يسعى نورهم بين أيديهم، يريد تعالى الضوء المنبسط من أهل النور، وبأيمانهم أصله والشيء هو متقد فيه، فمضمن هذا القول أنهم يحملون الأنوار، وكونهم غير حاملين "لها" أكرم، ألا ترى أن فضيلة عباد بن بشر، وأسيد بن حضير رضي الله عنهما إنما كانت بنور لا يحملانه؟ هذا في الدنيا فكيف في الآخرة؟ ومن هذه الآية انتزع حمل المعتق للشمعة. وقرأ الناس: "وبأيمانهم" جمع يمين، وقرأ سهل بن سعد، وأبو حيوة: "وبإيمانهم" بكسر الألف، وهو معطوف على قوله تعالى: "بين أيديهم"، كأنه تعالى قال: كافيا بين أيديهم وكائنا بسبب إيمانهم.
وقوله تعالى: "بشراكم" معناه: يقال لهم بشراكم جنات، أي: دخول جنات، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، وقوله تبارك وتعالى: "خالدين فيها" إلى آخر الآية، مخاطبة لمحمد صلى الله عليه وسلم، وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه: "ذلك الفوز العظيم" بدون "هو".
قوله تعالى: {يوم يقول المنافقون والمنافقات}، قال بعض النحاة: "يوم" بدل من الأول، وقال آخرون منهم: العامل فيه مضمر تقديره: اذكر، قال ويظهر لي أن العامل فيه قوله تعالى: {ذلك هو الفوز العظيم}، ويجيء معنى الفوز أفخم، كأنه تعالى يقول: إن المؤمنين يفوزون بالرحمة يوم يعتري المنافقين كذا وكذا، لأن ظهور المرء يوم خمول عدوه ومضاده أبدع وأفخم، وقول المنافقين هذه المقالة المحكية هو عند انطفاء أنوارهم كما ذكرنا قبل، وقولهم: "انظرونا" معناه: انتظرونا، ومنه قول الحطيئة:
وقد نظرتكم إيناء عاشية للخمس طال بها حبسي وتبساسي
وقرأ حمزة وحده، وابن وثاب، وطلحة، والأعمش: "أنظرونا" بقطع الألف وكسر الظاء على وزن أكرم، ومنه قول عمرو بن كلثوم:
أبا هند فلا تعجل علينا ... وأنظرنا نخبرك اليقينا
ومعناه: أخرونا، ومنه النظرة إلى ميسرة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أنظر معسرا" الحديث، ومعنى قولهم "أخرونا": أخروا مشيكم لنا حتى نلحق فنقتبس من نوركم، و"اقتبس الرجل واستقبس": أخذ من نور غيره قبسا.
وقوله تعالى: {قيل ارجعوا وراءكم} يحتمل أن يكون من قول المؤمنين، ويحتمل أن يكون من قول الملائكة، وقوله تعالى: "وراءكم" حكى المهدوي وغيره من المفسرين أنه لا موضع له من الإعراب، وأنه كما لو قال: ارجعوا ارجعوا، وأنه على نحو قول أبي الأسود الدؤلي للسائل "وراءك أوسع لك"، ولست أعرف مانعا يمنع أن يكون العامل فيه "ارجعوا"، والقول لهم: "فالتمسوا نورا" هو على معنى التوبيخ لهم، أي: أنكم لا تجدونه، ثم أعلم عز وجل أنه يضرب بينهم في هذه الحال بسور حاجز، فيسعى المنافقون في ظلمة، ويأخذهم العذاب من الله تعالى، وحكي عن ابن زيد أن هذا السور هو الأعراف المذكور في سورة [الأعراف]، وقد حكاه المهدوي، وقيل: هو حاجز آخر غير ذلك، وقال عبد الله بن عمرو، وكعب الأحبار، وعبادة بن الصامت، وابن عباس: هو الجدار الشرقي في مسجد بيت المقدس، وقال زياد بن أبي سوادة: قام عبادة بن الصامت على السور الشرقي من بيت المقدس فبكى وقال: من هاهنا أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى جهنم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وفيه باب يسمى باب الرحمة، سماه في تفسير هذه الآية عبادة وكعب، وفي الشرق من الجدار المذكور واد يقال له: وادي جهنم: سماه في تفسير هذه الآية عبد الله بن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم، وهذا القول في السور بعيد، والله تعالى أعلم. وقال قتادة، وابن زيد: الرحمة الجنة، والعذاب جهنم، والسور في اللغة الحجاب الذي للمدن وهو مذكر، والسور أيضا جمع سورة وهي القطعة من البناء فيضاف بعضها إلى بعض حتى يتم الجدار، فهذا اسم جمع يسوغ تذكيره وتأنيثه، وهذا الجمع هو الذي أراد جرير في قوله:
لما أتى خبر الزبير تواضعت ... سور المدينة والجبال الخشع
وذلك أن المدينة لم يكن لها قط حجى، وأيضا فإن وصفه أن جميع ما في المدينة من بناء تواضع أبلغ، ومن رأى أنه قصد قصد السور الذي هو الحجى قال: إن ذلك إذا تواضع فغيره من المباني أحرى بالتواضع، فإذا كان السور في البيت يحتمل الوجهين فليس هو في قوة مر الرياح، وصدر القناة، وغير ذلك مما هو مذكر محض استفاد التأنيث مما أضيف إليه.
قوله تعالى: {باطنه فيه الرحمة}، أي: جهة المؤمنين، "وظاهره" أي: جهة المنافقين، والظاهر هنا البادي، ومنه قول الكتاب: "من ظاهر مدينة كذا").[المحرر الوجيز: 8/ 225-229]

تفسير قوله تعالى: {يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "ينادونهم" معناه: ينادي المنافقون المؤمنين: ألم نكن معكم في الدنيا؟ فيرد المؤمنون عليهم: بلى كنتم معنا ولكنكم عرضتم أنفسكم للفتنة وحب العاجل والقتال عليه، قال مجاهد: فتنتم أنفسكم بالنفاق، و"تربصتم" معناه هنا: بإيمانكم، فأبطأتم به حتى متم، وقال قتادة: معناه: تربصتم بنا وبمحمد صلى الله عليه وسلم الدوائر، وشككتم في أمر الله تعالى و"الارتياب": التشكك، و"الأماني التي غرتهم" هي قولهم: سيهلك محمد هذا العام، ستهزمه قريش، ستأخذه الأحزاب، إلى غير ذلك من أمانيهم، وطول الأمل غرار لكل أحد، و"أمر الله الذي جاء" هو الفتح وظهور الإسلام، وقيل: هو موت المنافقين وموافاتهم على هذه الحال الموجبة للعذاب. و"الغرور" الشيطان بإجماع من المتأولين، وقرأ سماك بن حرب بضم الغين، وأبو حيوة، وينبغي لكل مؤمن أن يعتبر هذه الآية في نفسه وتسويفه في توبته).[المحرر الوجيز: 8/ 229]

تفسير قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير * ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون * اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون}
قوله تعالى: {فاليوم لا يؤخذ منكم فدية} استمرار في مخاطبة المنافقين، قاله قتادة وغيره، وروي في معنى قوله تعالى: {ولا من الذين كفروا} حديث. وهو: أن الله تعالى يقرر الكافر فيقول له: "أرأيتك لو كان لك أضعاف الدنيا أكنت تفتدي بجميع ذلك من عذاب النار؟ فيقول: نعم يا رب، فيقول الله تعالى: قد سألتك ما هو أيسر من ذلك وأنت في صلب أبيك آدم، لا تشرك بي، فأبيت إلا الشرك، وقرأ جمهور القراء والناس: "يؤخذ" بالياء من تحت، وقرأ أبو جعفر القارئ: "تؤخذ" بالتاء من فوق، وهي قراءة ابن عامر في رواية هشام عنه. وهي قراءة الحسن، وابن أبي إسحاق، والأعرج.
قوله تعالى: "هي مولاكم"، قال المفسرون: معناه: هي أولى بكم، وهذا تفسير بالمعنى، وإنما هي استعارة لأنها من حيث تضمهم وتباشرهم هي تواليهم وتكون لهم مكان المولى، وهذا نحو قول الشاعر:
... ... ... ..... تحية بينهم ضرب وجيع
). [المحرر الوجيز: 8/ 230]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 03:17 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 03:23 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم (12) يوم يقول المنافقون والمنافقات للّذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورًا فضرب بينهم بسورٍ له بابٌ باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب (13) ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنّكم فتنتم أنفسكم وتربّصتم وارتبتم وغرّتكم الأمانيّ حتّى جاء أمر اللّه وغرّكم باللّه الغرور (14) فاليوم لا يؤخذ منكم فديةٌ ولا من الّذين كفروا مأواكم النّار هي مولاكم وبئس المصير (15) }
يقول تعالى مخبرًا عن المؤمنين المتصدّقين: أنّهم يوم القيامة يسعى نورهم بين أيديهم في عرصات القيامة، بحسب أعمالهم، كما قال عبد اللّه بن مسعودٍ في قوله: {يسعى نورهم بين أيديهم} قال: على قدر أعمالهم يمرّون على الصّراط، منهم من نوره مثل الجبل، ومنهم من نوره مثل النّخلة، ومنهم من نوره مثل الرّجل القائم، وأدناهم نورًا من نوره في إبهامه يتّقد مرّةً ويطفأ مرّةً ورواه بن أبي حاتم وبن جريرٍ.
وقال قتادة: ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول: "من المؤمنين من يضيء نوره من المدينة إلى عدن أبين وصنعاء فدون ذلك، حتّى إنّ من المؤمنين من يضيء نوره موضع قدميه"
وقال سفيان الثّوريّ، عن حصين، عن مجاهدٍ عن جنادة بن أميّة قال: إنّكم مكتوبون عند اللّه بأسمائكم، وسيماكم وحلاكم، ونجواكم ومجالسكم، فإذا كان يوم القيامة قيل: يا فلان، هذا نورك. يا فلان، لا نور لك. وقرأ: {يسعى نورهم بين أيديهم}
وقال الضّحّاك: ليس لأحدٍ إلّا يعطى نورًا يوم القيامة، فإذا انتهوا إلى الصّراط طفئ نور المنافقين، فلمّا رأى ذلك المؤمنون أشفقوا أن يطفأ نورهم كما طفئ نور المنافقين، فقالوا: ربّنا، أتمم لنا نورنا.
وقال الحسن [في قوله] {يسعى نورهم بين أيديهم} يعني: على الصراط.
وقد قال ابن أبي حاتمٍ، رحمه اللّه: حدّثنا أبو عبيد اللّه ابن أخي ابن وهبٍ، أخبرنا عمّي عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن سعيد بن مسعودٍ: أنّه سمع عبد الرّحمن بن جبير يحدّث: أنّه سمع أبا الدّرداء وأبا ذرٍّ يخبران عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "أنا أوّل من يؤذن له يوم القيامة بالسّجود، وأوّل من يؤذن له برفع رأسه، فأنظر من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، فأعرف أمّتي من بين الأمم". فقال له رجلٌ: يا نبيّ اللّه، كيف تعرف أمّتك من بين الأمم، ما بين نوحٍ إلى أمّتك؟ قال: "أعرفهم، محجّلون من أثر الوضوء، ولا يكون لأحدٍ من الأمم غيرهم، وأعرفهم يؤتون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم بسيماهم في وجوههم، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم وذرّيّتهم
وقوله {وبأيمانهم} قال الضّحّاك: أي وبأيمانهم كتبهم، كما قال: {فمن أوتي كتابه بيمينه} [الإسراء: 71].
وقوله: {بشراكم اليوم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار} أي: يقال لهم: بشراكم اليوم جنّاتٌ، أي: لكم البشارة بجنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار، {خالدين فيها} أي: ماكثين فيها أبدًا {ذلك هو الفوز العظيم}). [تفسير ابن كثير: 8/ 15-16]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للّذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم} وهذا إخبارٌ منه تعالى عمّا يقع يوم القيامة في العرصات من الأهوال المزعجة، والزّلازل العظيمة، والأمور الفظيعة وإنّه لا ينجو يومئذٍ إلّا من آمن باللّه ورسوله، وعمل بما أمر اللّه، به وترك ما عنه زجر.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عبدة بن سليمان، حدّثنا ابن المبارك، حدّثنا صفوان بن عمرٍو، حدّثني سليم بن عامرٍ قال: خرجنا على جنازةٍ في باب دمشق، ومعنا أبو أمامة الباهليّ، فلمّا صلّى على الجنازة وأخذوا في دفنها، قال أبو أمامة: أيّها النّاس، إنّكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزلٍ تقتسمون فيه الحسنات والسّيّئات، وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزلٍ آخر، وهو هذا-يشير إلى القبر-بيت الوحدة، وبيت الظّلمة، وبيت الدّود، وبيت الضّيق، إلّا ما وسّع اللّه، تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة، فإنّكم في بعض تلك المواطن [حتّى] يغشى النّاس أمرٌ من اللّه، فتبيضّ وجوهٌ وتسودّ وجوهٌ، ثمّ تنتقلون منه إلى منزلٍ آخر فتغشى النّاس ظلمةٌ شديدةٌ، ثمّ يقسّم النّور فيعطى المؤمن نورًا ويترك الكافر والمنافق فلا يعطيان شيئًا، وهو المثل الّذي ضربه اللّه في كتابه، قال {أو كظلماتٍ في بحرٍ لجّيٍّ} إلى قوله: {فما له من نورٍ} [النّور: 40]، فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن كما لا يستضيء الأعمى بنور البصير، ويقول المنافقون للّذين آمنوا: {انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورًا} وهي خدعة الله التي خدع بها المنافقين حيث قال: {يخادعون اللّه وهو خادعهم} [النّساء:142]. فيرجعون إلى المكان الّذي قسّم فيه النّور، فلا يجدون شيئًا فينصرفون إليهم وقد ضرب بينهم بسورٍ له بابٌ، {باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب} الآية. يقول سليم بن عامرٍ: فما يزال المنافق مغترًّا حتّى يقسّم النّور، ويميّز اللّه بين والمؤمن المنافق.
ثمّ قال: حدّثنا أبي، حدّثنا يحيى بن عثمان، حدّثنا ابن حيوة، حدّثنا أرطأة بن المنذر، حدّثنا يوسف بن الحجّاج، عن أبي أمامة قال: تبعث ظلمةٌ يوم القيامة، فما من مؤمنٍ ولا كافرٍ يرى كفّه، حتّى يبعث اللّه بالنّور إلى المؤمنين بقدر أعمالهم، فيتبعهم المنافقون فيقولون: {انظرونا نقتبس من نوركم}.
وقال العوفي، والضّحّاك، وغيرهما، عن ابن عبّاسٍ: بينما النّاس في ظلمةٍ إذ بعث اللّه نورًا فلمّا رأي المؤمنون النّور توجّهوا نحوه، وكان النّور دليلًا من اللّه إلى الجنّة، فلمّا رأى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا اتّبعوهم، فأظلم اللّه على المنافقين، فقالوا حينئذٍ: {انظرونا نقتبس من نوركم} فإنّا كنّا معكم في الدّنيا. قال المؤمنون: {ارجعوا} من حيث جئتم من الظّلمة، فالتمسوا هنالك النّور.
وقال أبو القاسم الطّبرانيّ: حدّثنا الحسن بن علّويه القطّان، حدّثنا إسماعيل بن عيسى العطّار، حدّثنا إسحاق بن بشرٍ أبو حذيفة، حدّثنا ابن جريجٍ، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ اللّه يدعو النّاس يوم القيامة بأسمائهم سترًا منه على عباده، وأمّا عند الصّراط فإنّ اللّه يعطي كلّ مؤمنٍ نورًا، وكلّ منافقٍ نورًا، فإذا استووا على الصّراط سلب اللّه نور المنافقين والمنافقات فقال المنافقون: {انظرونا نقتبس من نوركم} وقال المؤمنون: {ربّنا أتمم لنا نورنا} [التّحريم: 8]. فلا يذكر عند ذلك أحدٌ أحدًا" وقوله: {فضرب بينهم بسورٍ له بابٌ باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب} قال الحسن، وقتادة: هو حائطٌ بين الجنّة النّار.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: هو الّذي قال اللّه تعالى: {وبينهما حجابٌ} [الأعراف: 46]. وهكذا روي عن مجاهدٍ، رحمه اللّه، وغير واحدٍ، وهو الصّحيح.
{باطنه فيه الرّحمة} أي: الجنّة وما فيها {وظاهره من قبله العذاب} أي: النّار. قاله قتادة، وبن زيد، وغيرهما.
قال بن جريرٍ: وقد قيل: إنّ ذلك السّور سور بيت المقدس عند وادي جهنّم. ثمّ قال: حدّثنا ابن البرقيّ، حدّثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عطيّة بن قيسٍ، عن أبي العوام -مؤذّن بيت المقدس- قال: سمعت عبد اللّه بن عمرٍو يقول: إنّ السّور الّذي ذكر اللّه في القرآن: {فضرب بينهم بسورٍ له بابٌ باطنه فيه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب} هو السّور الشّرقيّ باطنه المسجد وما يليه، وظاهره وادي جهنّم.
ثمّ روي عن عبادة بن الصّامت، وكعب الأحبار، وعليّ بن الحسين زين العابدين، نحو ذلك. وهذا محمولٌ منهم على أنّهم أرادوا بهذا تقريب المعنى ومثالًا لذلك، لا أنّ هذا هو الّذي أريد من القرآن هذا الجدار المعيّن ونفس المسجد وما وراءه من الوادي المعروف بوادي جهنم؛ فإن الجنة في السموات في أعلى علّيّين، والنّار في الدّركات أسفل سافلين. وقول كعب الأحبار: إنّ الباب المذكور في القرآن هو باب الرّحمة الّذي هو أحد أبواب المسجد، فهذا من إسرائيليّاته وترّهاته. وإنّما المراد بذلك: سورٌ يضرب يوم القيامة ليحجز بين المؤمنين والمنافقين، فإذا انتهى إليه المؤمنون دخلوه من بابه، فإذا استكملوا دخولهم أغلق الباب وبقي المنافقون من ورائه في الحيرة والظّلمة والعذاب، كما كانوا في الدّار الدّنيا في كفرٍ وجهلٍ وشكٍّ وحيرةٍ). [تفسير ابن كثير: 8/ 16-18]

تفسير قوله تعالى: {يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ينادونهم ألم نكن معكم} أي: ينادي المنافقون المؤمنين: أما كنّا معكم في الدّار الدّنيا، نشهد معكم الجمعات، ونصلّي معكم الجماعات، ونقف معكم بعرفاتٍ، ونحضر معكم الغزوات، ونؤدّي معكم سائر الواجبات؟ {قالوا بلى} أي: فأجاب المؤمنون المنافقين قائلين: بلى، قد كنتم معنا، {ولكنّكم فتنتم أنفسكم وتربّصتم وارتبتم وغرّتكم الأمانيّ} قال بعض السّلف: أي فتنتم أنفسكم باللّذّات والمعاصي والشّهوات {وتربّصتم} أي: أخّرتم التّوبة من وقتٍ إلى وقتٍ.
وقال قتادة: {وتربّصتم} بالحقّ وأهله {وارتبتم} أي: بالبعث بعد الموت {وغرّتكم الأمانيّ} أي: قلتم: سيغفر لنا. وقيل: غرّتكم الدّنيا {حتّى جاء أمر اللّه} أي: ما زلتم في هذا حتّى جاء الموت {وغرّكم باللّه الغرور} أي: الشّيطان.
قال قتادة: كانوا على خدعةٍ من الشّيطان، واللّه ما زالوا عليها حتّى قذفهم اللّه في النّار.
ومعنى هذا الكلام من المؤمنين للمنافقين: إنّكم كنتم معنا [أي] بأبدانٍ لا نيّة لها ولا قلوب معها، وإنما كنتم في حيرة وشك فكنتم تراؤون النّاس ولا تذكرون اللّه إلّا قليلًا.
قال مجاهدٌ: كان المنافقون مع المؤمنين أحياءً يناكحونهم ويغشّونهم ويعاشرونهم، وكانوا معهم أمواتًا، ويعطون النّور جميعًا يوم القيامة، ويطفأ النّور من المنافقين إذا بلغوا السّور، ويماز بينهم حينئذٍ.
وهذا القول من المؤمنين لا ينافي قولهم الّذي أخبر اللّه به عنهم، حيث يقول-وهو أصدق القائلين-: {كلّ نفسٍ بما كسبت رهينةٌ إلا أصحاب اليمين في جنّاتٍ يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلّين ولم نك نطعم المسكين وكنّا نخوض مع الخائضين وكنّا نكذّب بيوم الدّين حتّى أتانا اليقين} [المدّثّر: 38-47]، فهذا إنّما خرج منهم على وجه التّقريع لهم والتّوبيخ. ثمّ قال تعالى: {فما تنفعهم شفاعة الشّافعين} [المدثر: 48]، كما قال تعالى هاهنا: {فاليوم لا يؤخذ منكم فديةٌ ولا من الّذين كفروا} أي: لو جاء أحدكم اليوم بملء الأرض ذهبًا ومثله معه ليفتدي به من عذاب اللّه، ما قبل منه.
وقوله: {مأواكم النّار} أي: هي مصيركم وإليها منقلبكم.
وقوله: {هي مولاكم} أي: هي أولى بكم من كلّ منزلٍ على كفركم وارتيابكم، وبئس المصير). [تفسير ابن كثير: 8/ 18-19]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة