العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة آل عمران

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ربيع الثاني 1434هـ/28-02-2013م, 09:39 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة آل عمران[من الآية (165) إلى الآية (168) ]

تفسير سورة آل عمران
[من الآية (165) إلى الآية (168) ]

{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 11:19 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة قال أصيب المسلمون يوم أحد مصيبة فكانوا قد أصابوا مثلها يوم بدر ممن قتلوا وأسروا فقال الله تعالى
[تفسير عبد الرزاق: 1/138]
أو لما أصبتكم مصيبة قد أصبتم مثليها). [تفسير عبد الرزاق: 1/139]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}
يعني تعالى ذكره بذلك: أو حين أصابتكم أيّها المؤمنون مصيبةٌ، وهي القتلى الّذين قتلوا منهم يوم أحدٍ، والجرحى الّذين جرحوا منهم بأحدٍ، وكان المشركون قتلوا منهم يومئذٍ سبعين نفرًا {قد أصبتم مثليها} يقول: قد أصبتم أنتم أيّها المؤمنون من المشركين مثلي هذه المصيبة الّتي أصابوا هم منكم، وهي المصيبة الّتي أصابها المسلمون من المشركين ببدرٍ، وذلك أنّهم قتلوا منهم سبعين، وأسروا سبعين. {قلتم أنّى هذا} يعني: قلتم لمّا أصابتكم مصيبتكم بأحدٍ: {أنّى هذا} من أيّ وجهٍ هذا؟ ومن أين أصابنا هذا الّذي أصابنا، ونحن مسلمون، وهم مشركون، وفينا نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، يأتيه الوحي من السّماء، وعدوّنا أهل كفرٍ باللّه وشركٍ؟ قل يا محمّد للمؤمنين بك من أصحابك: {هو من عند أنفسكم} يقول: قل لهم: أصابكم هذا الّذي أصابكم من عند أنفسكم، بخلافكم أمري، وترككم طاعتي، لا من عند غيركم، ولا من قبل أحدٍ سواكم {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} يقول: إنّ اللّه على جميع ما أراد بخلقه من عفو وعقوبةٍ وتفضّلٍ وانتقامٍ قديرٌ، يعني: ذو قدرةٍ.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {قل هو من عند أنفسكم} بعد إجماع جميعهم على أنّ تأويل سائر الآية على ما قلنا في ذلك من التّأويل، فقال بعضهم: تأويل ذلك: قل هو من عند أنفسكم، بخلافكم على نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، إذ أشار عليكم بترك الخروج إلى عدوّكم والإصحار لهم، حتّى يدخلوا عليكم مدينتكم، ويصيروا بين آطامكم، فأبيتم ذلك عليه، وقلتم: اخرج بنا إليهم حتّى نصحر لهم فنقاتلهم خارج المدينة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا} أصيبوا يوم أحدٍ، قتل منهم سبعون يومئذٍ، وأصابوا مثليها يوم بدرٍ، قتلوا من المشركين سبعين، وأسروا سبعين. {قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم} ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لأصحابه يوم أحدٍ حين قدم أبو سفيان والمشركون، فقال نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأصحابه: إنّا في جنّةٍ حصينةٍ يعني بذلك: المدينة فدعوا القوم أن يدخلوا علينا نقاتلهم فقال ناسٌ له من أصحابه من الأنصار: يا نبيّ اللّه: إنّا نكره أن نقتل في طرق المدينة، وقد كنّا نمتنع من الغزو في الجاهليّة، فبالإسلام أحقّ أن نمتنع فيه، فابرز بنا إلى القوم، فانطلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فلبس لأمته، فتلاوم القوم، فقالوا عرّض نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بأمرٍ، وعرّضتم بغيره، اذهب يا حمزة فقل لنبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أمرنا لأمرك تبعٌ، فأتى حمزة فقال له: يا نبيّ اللّه إنّ القوم قد تلاوموا، وقالوا: أمرنا لأمرك تبعٌ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّه ليس لنبيٍّ إذا لبس لأمته أن يضعها حتّى يناجز، وإنّه ستكون فيكم مصيبةٌ قالوا: يا نبيّ اللّه خاصّةً أو عامّةً؟ قال: سترونها
وذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رأى في النوم أنّ بقرًا تنحر، فتأوّلها قتلاً في أصحابه، ورأى أنّ سيفه ذا الفقار انقصم، فكان قتل عمّه حمزة، قتل يومئذٍ، وكان يقال له: أسد اللّه، ورأى أنّ كبشًا اغتر قتيل، فتأوّله كبش الكتيبة عثمان بن أبي طلحة أصيب يومئذٍ، وكان معه لواء المشركين.
- حدّثت عن عمّارٍ، عن ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، بنحوه، غير أنّه قال: {قد أصبتم مثليها} يقول: مثلي ما أصيب منكم {قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم} يقول: بما عصيتم.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قال: أصيب المسلمون يوم أحدٍ مصيبةً، وكانوا قد أصابوا مثليها يوم بدرٍ ممّن قتلوا وأسروا فقال اللّه عزّ وجلّ: {أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عمر بن عطاءٍ، عن عكرمة، قال: قتل المسلمون من المشركين يوم بدرٍ سبعين، وأسروا سبعين؛ وقتل المشركون يوم أحدٍ من المسلمين سبعين فذلك قوله: {قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا} إذ نحن مسلمون نقاتل غضبًا للّه، وهؤلاء مشركون {قل هو من عند أنفسكم} عقوبةً لكم بمعصيتكم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حين قال ما قال.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن مباركٍ، عن الحسن: {أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم} قالوا: فإنّما أصابنا هذا، لأنّا قبلنا الفداء يوم بدرٍ من الأسارى، وعصينا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يوم أحدٍ، فمن قتل منّا كان شهيدًا، ومن بقي منّا كان مطهّرًا، رضينا باللّه ربّنًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن مباركٍ، عن الحسن، وابن جريجٍ، قالا: معصيتهم أنّه قال لهم: لا تتّبعوهم يوم أحدٍ فاتّبعوهم.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، ثمّ ذكر ما أصيب من المؤمنين، يعني بأحدٍ، وقتل منهم سبعون إنسانًا {أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها} كانوا يوم بدرٍ أسروا سبعين رجلاً وقتلوا سبعين {قلتم أنّى هذا} أي من أين هذا؟ {قل هو من عند أنفسكم} أنّكم عصيتم.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أو لمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها} يقول: إنّكم أصبتم من المشركين يوم بدرٍ، مثلي ما أصابوا منكم يوم أحدٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: ثمّ ذكر المصيبة الّتي أصابتهم، فقال: {أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم} أي إن تك قد أصابتكم مصيبةٌ في إخوانكم فبذنوبكم قد أصبتم مثليها قتلا من عدوّكم في اليوم الّذي كان قبله ببدرٍ، قتلى وأسرى، ونسيتم معصيتكم وخلافكم ما أمركم به نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم أنّكم أحللتم ذلك بأنفسكم {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}: أي أنّ اللّه على كلّ ما أراد بعباده من نقمةٍ أو عفو قديرٌ.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها} الآية، يعني بذلك: أنّكم أصبتم من المشركين يوم بدرٍ مثلي ما أصابوا منكم يوم أحدٍ
وقال بعضهم: بل تأويل ذلك: قل هو من عند أنفسكم بإسارتكم المشركين يوم بدرٍ، وأخذكم منهم الفداء، وترككم قتلهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن فضيلٍ، عن أشعث بن سوّارٍ، عن ابن سيرين، عن عبيدة، قال: أسر المسلمون من المشركين سبعين، وقتلوا سبعين، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: اختاروا أن تأخذوا منهم الفداء فتتقوّوا به على عدوّكم، وإن قبلتموه قتل منكم سبعون أو تقتلوهم فقالوا: بل نأخذ الفدية منهم، ويقتل منّا سبعون، قال: فأخذوا الفدية منهم، وقتلوا منهم سبعين؛ قال عبيدة: وطلبوا الخيرتين كلتيهما.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا ابن عونٍ، عن ابن سيرين، عن عبيدة أنّه قال في أسارى بدرٍ: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إن شئتم قتلتموهم، وإن شئتم فاديتموهم واستشهد منكم بعدّتهم، قالوا: بل نأخذ الفداء فنستمتع به، ويستشهد منّا بعدّتهم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني إسماعيل، عن ابن عونٍ، عن محمّدٍ، عن عبيدة السّلمانيّ.
- وحدّثني حجّاجٌ، عن جريرٍ، عن محمّدٍ، عن عبيدة السّلمانيّ، عن عليٍّ، قال: جاء جبريل إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال له: يا محمّد، إنّ اللّه قد كره ما صنع قومك في أخذهم الأسارى، وقد أمرك أن تخيّرهم بين أمرين، أن يقدّموا فتضرب أعناقهم، وبين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدّتهم، قال: فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم النّاس، فذكر ذلك لهم، فقالوا: يا رسول اللّه، عشائرنا وإخواننا، لا بل نأخذ فداءهم فنتقوّى به على قتال عدوّنا ويستشهد منّا عدّتهم، فليس في ذلك ما نكره، قال: فقتل منهم يوم أحدٍ سبعون رجلاً عدّة أسارى أهل بدرٍ). [جامع البيان: 6/214-219]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ (165) وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين (166) وليعلم الّذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالًا لاتّبعناكم هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم واللّه أعلم بما يكتمون (167)
قوله تعالى: أولما أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، ثنا عمّي الحسين، عن أبيه عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ قوله: أولمّا أصابتكم مّصيبةٌ قد أصبتم مّثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم يقول: إنّكم أصبتم من المشركين يوم بدرٍ مثل ما أصابوا منكم يوم أحدٍ- وروي عن جابر بن عبد اللّه، وعكرمة، والسّدّيّ، وقتادة، والضّحّاك، والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك.
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قال: لمّا رأوا من قتل منهم يوم أحدٍ قالوا: من أين هذا؟ ما كان للكفّار أن يقتلوا منّا، فلمّا رأى اللّه ما قالوا من ذلك، قال اللّه: هم بالأسرى الّذين أخذتهم يوم بدرٍ، فردّهم اللّه بذلك وعجّل لهم ذلك في الدّنيا ليسلموا منها في الآخرة.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا زنيجٌ، ثنا سلمة، قال محمّد ابن إسحاق، ثمّ ذكر المصيبة الّتي أصابتهم فقال: أولما أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها أي: إن لم تكن قد أصابتكم مصيبةٌ في إخوانكم، فبذنوبكم، فقد أصبتم مثليها قبل من عدوّكم في اليوم الّذي كان قبله ببدرٍ، قتلى وأسرى، ونسيتم معصيتكم وخلافكم ما أمركم به نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم- أنتم أحللتم ذلك بأنفسكم). [تفسير القرآن العظيم: 2/810-811]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 165 - 168.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أو لما أصابتكم مصيبة} الآية، يقول: انكم قد أصبتم من المشركين يوم بدر مثلي ما أصابوا منكم يوم أحد.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال: قتل المسلمون من المشركين يوم بدر سبعين وأسروا سبعين وقتل المشركون يوم أحد من المسلمين سبعين، فذلك قوله {قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا} ونحن مسلمون نقاتل غضبا لله وهؤلاء مشركون {قل هو من عند أنفسكم} عقوبة لكم بمعصيتكم النّبيّ صلى الله عليه وسلم حين قال ما قال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: لما رأوا من قتل منهم يوم أحد قالوا: من أين هذا ما كان للكفار أن يقتلوا منا فلما رأى الله ما قالوا من ذلك قال الله: هم بالأسرى الذين أخذتم يوم بدر فردهم الله بذلك وعجل لهم عقوبة ذلك في الدنيا ليسلموا منها في الآخرة.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه، وابن جرير وابن مردويه، عن علي، قال: جاء جبريل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إن الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الأسارى وقد أمرك أن تخيرهم بين أمرين، إما أن يقدموا فتضرب أعناقهم وبين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدتهم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فذكر ذلك لهم فقالوا: يا رسول الله عشائرنا وإخواننا نأخذ فداءهم فنقوى به على قتال عدونا ويستشهد منا بعدتهم فليس في ذلك ما نكره، فقتل منهم يوم أحد سبعون رجلا عدة أسارى أهل بدر.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن، وابن جريج {قل هو من عند أنفسكم} عقوبة لكم بمعصيتكم النّبيّ صلى الله عليه وسلم حين قال: لا تتبعوهم يوم أحد فاتبعوهم.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {قلتم أنى هذا} ونحن مسلمون نقاتل غضبا لله وهؤلاء مشركون، فقال {قل هو من عند أنفسكم} عقوبة بمعصيتكم النّبيّ صلى الله عليه وسلم حين قال: لا تتبعوهم.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله {أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها} قال: أصيبوا يوم أحد قتل منهم سبعون يومئذ وأصابوا مثليها يوم بدر قتلوا من المشركين سبعين وأسروا سبعين {قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم} ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم أحد حين قدم أبو سفيان والمشركون: أنا في جنة حصينة - يعني بذلك المدينة - فدعوا القوم يدخلوا علينا نقاتلهم فقال له أناس من الأنصار: إنا نكره أن نقتل في طرق المدينة وقد كنا نمنع من الغزو في الجاهلية فبالإسلام أحق أن يمتنع منه فابرز بنا إلى القوم، فانطلق فلبس لأمته فتلاوم القوم فقالوا: عرض نبي الله صلى الله عليه وسلم بأمر وعرضتم بغيره اذهب يا حمزة فقل له أمرنا لأمرك تبع، فأتى حمزة فقال له، فقال: إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يناجز وإنه ستكون فيكم مصيبة، قالوا: يا نبي الله خاصة أو عامة قال: سترونها). [الدر المنثور: 4/105-111]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين (166) وليعلم الّذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالاً لاتّبعناكم هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم واللّه أعلم بما يكتمون}
يعني تعالى ذكره بذلك: والّذي أصابكم يوم التقى الجمعان، وهو يوم أحدٍ حين التقى جمع المسلمين والمشركين، ويعني بالّذي أصابهم: ما نال من القتل من قتل منهم، ومن الجرّاح من جرح منهم {فبإذن اللّه} يقول: فهو بإذن اللّه كان، يعني: بقضائه وقدره فيكم، وأجاب ما بالفاء، لأنّ ما حرف جزاءٍ، وقد بيّنت نظير ذلك فيما مضى قبل: {وليعلم المؤمنين وليعلم الّذين نافقوا} بمعنى: وليعلم اللّه المؤمنين، وليعلم الّذين نافقوا، أصابكم ما أصابكم يوم التقى الجمعان بأحدٍ، ليميز أهل الإيمان باللّه ورسوله المؤمنين منكم من المنافقين، فيعرفونهم، لا يخفى عليهم أمر الفريقين، وقد بيّنّا تأويل قوله: {وليعلم المؤمنين} فيما مضى وما وجه ذلك بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وبنحو ما قلنا في ذلك، قال ابن إسحاق.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين} أي منكم ما أصابكم حين التقيتم أنتم وعدوّكم فبإذني، كان ذلك حين فعلتم ما فعلتم بعد أن جاءكم نصري وصدّكتم وعدي، ليميز بين المنافقين والمؤمنين {وليعلم الّذين نافقوا} منكم، أي ليظهروا ما فيهم). [جامع البيان: 6/220-221]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ (165) وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين (166) وليعلم الّذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالًا لاتّبعناكم هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم واللّه أعلم بما يكتمون (167)
قوله تعالى: أولما أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، ثنا عمّي الحسين، عن أبيه عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ قوله: أولمّا أصابتكم مّصيبةٌ قد أصبتم مّثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم يقول: إنّكم أصبتم من المشركين يوم بدرٍ مثل ما أصابوا منكم يوم أحدٍ- وروي عن جابر بن عبد اللّه، وعكرمة، والسّدّيّ، وقتادة، والضّحّاك، والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك.
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قال: لمّا رأوا من قتل منهم يوم أحدٍ قالوا: من أين هذا؟ ما كان للكفّار أن يقتلوا منّا، فلمّا رأى اللّه ما قالوا من ذلك، قال اللّه: هم بالأسرى الّذين أخذتهم يوم بدرٍ، فردّهم اللّه بذلك وعجّل لهم ذلك في الدّنيا ليسلموا منها في الآخرة.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا زنيجٌ، ثنا سلمة، قال محمّد ابن إسحاق، ثمّ ذكر المصيبة الّتي أصابتهم فقال: أولما أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها أي: إن لم تكن قد أصابتكم مصيبةٌ في إخوانكم، فبذنوبكم، فقد أصبتم مثليها قبل من عدوّكم في اليوم الّذي كان قبله ببدرٍ، قتلى وأسرى، ونسيتم معصيتكم وخلافكم ما أمركم به نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم- أنتم أحللتم ذلك بأنفسكم). [تفسير القرآن العظيم: 2/810-811] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالاً لاتّبعناكم هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم واللّه أعلم بما يكتمون}
يعني تعالى ذكره بذلك عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول المنافق وأصحابه الّذين رجعوا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعن أصحابه، حين سار نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المشركين بأحدٍ لقتالهم، فقال لهم المسلمون: تعالوا قاتلوا المشركين معنا، أو ادفعوا بتكثيركم سوادنا، فقالوا: لو نعلم أنّكم تقاتلون لسرنا معكم إليهم، ولكنّا معكم عليهم، ولكن لا نرى أنّه يكون بينكم وبين القوم قتالٌ، فأبدوا من نفاق أنفسهم ما كانوا يكتمونه، وأبدوا بألسنتهم بقولهم {لو نعلم قتالاً لاتّبعناكم} غير ما كانوا يكتمونه ويخفونه، من عداوة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأهل الإيمان به.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن مسلم بن شهابٍ الزّهريّ، ومحمّد بن يحيى بن حبّان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرّحمن بن عمرو بن سعد بن معاذٍ وغيرهم من علمائنا كلّهم قد حدّث، قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعني: حين خرج إلى أحدٍ في ألف رجلٍ من أصحابه، حتّى إذا كانوا بالشّوط بين أحدٍ والمدينة انخزل عنهم عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول بثلث النّاس، فقال أطاعهم فخرج وعصاني، واللّه ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيّها النّاس؟ فرجع بمن اتّبعه من النّاس من قومه من أهل النّفاق وأهل الرّيب، واتّبعهم عبد اللّه بن عمرو بن حرامٍ أخو بني سلمة، يقول: يا قوم أذكّركم اللّه أن تخذلوا نبيّكم وقومكم عندما حضر من عدوّهم، فقالوا: لو نعلم أنّكم تقاتلون ما أسلمناكم، ولكنّا لا نرى أن يكون قتالٌ، فلمّا استعصوا عليه، وأبوا إلاّ الانصراف عنهم، قال أبعدكم اللّه ياأعداء اللّه، فسيغني اللّه عنكم، ومضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا} يعني: عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول وأصحابه، الّذين رجعوا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، حين سار إلى عدوّه من المشركين بأحدٍ وقوله {لو نعلم قتالاً لاتّبعناكم} يقول: لو نعلم أنّكم تقاتلون لسرنا معكم، ولدفعنا عنكم، ولكن لا نظنّ أن يكون قتالٌ، فظهر منهم ما كانوا يخفون في أنفسهم يقول اللّه عزّ وجلّ: {هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان} اى يظهرون لكم الايمان وليس في قلبهم{واللّه أعلم بما يكتمون} أي يخفون.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعني: يوم أحدٍ في ألف رجلٍ، وقد وعدهم الفتح إن صبروا؛ فلمّا خرجوا رجع عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول في ثلاثمائةٍ، فتبعهم أبو جابرٍ السّلميّ يدعوهم، فلمّا غلبوه وقالوا له: ما نعلم قتالاً، ولئن أطعتنا لترجعنّ معنا قال: فذكر اللّه أصحاب عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول، وقول عبد اللّه بن جابر بن أبي عبد اللّه الأنصاريّ حين دعاهم، فقالوا: ما نعلم قتالاً، ولئن أطعتمونا لترجعنّ معنا فقال: {الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ قال: قال ابن جريجٍ: قال عكرمة: {قالوا لو نعلم قتالاً لاتّبعناكم} قال: نزلت في عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول قال ابن جريجٍ: وأخبرني عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ {لو نعلم قتالاً} قال: لو نعلم أنّا واجدون معكم قتالاً، لو نعلم مكان قتالٍ لاتّبعناكم
واختلفوا في تأويل قوله {أو ادفعوا} فقال بعضهم: معناه: أو كثّروا، فإنّكم إذا كثّرتم دفعتم القوم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {أو ادفعوا} يقول: أو كثّروا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {أو ادفعوا} قال: بكثرتكم العدوّ وإن لم يكن قتالٌ
وقال آخرون: معنى ذلك: أو رابطوا إن لم تقاتلوا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا إسماعيل بن حفصٍ الآبليّ، وعليّ بن سهلٍ الرّمليّ، قالا: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ قال: حدّثنا عتبة بن ضمرة، قال: سمعت أبا عونٍ الأنصاريّ، في قوله: {قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا} قال: رابطوا
وأمّا قوله: {واللّه أعلم بما يكتمون} فإنّه يعني به: واللّه أعلم من هؤلاء المنافقين الّذين يقولون من العداوة والشّنآن، وأنّهم لو علموا قتالاً ما تبعوهم، ولا دافعوا عنهم، وهو تعالى ذكره محيطٌ بما يخفونه من ذلك، مطّلعٌ عليه، ومحصيه عليهم حتّى يهتّك به أستارهم في عاجل الدّنيا، فيفضحهم به، ويصليهم به الدّرك الأسفل من النّار في الآخرة). [جامع البيان: 6/221-224]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكم، ثنا أبو بكر الحنفي، ثنا عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن قوله: هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان قال المنافقون، فجبنوا، فقال ما قد سمعتهم: هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان
قوله تعالى: يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق قوله: يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم قال: فأظهر منهم ما كانوا يخفون في أنفسهم.
قوله تعالى: واللّه أعلم بما يكتمون
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة قال محمد ابن إسحاق: واللّه أعلم بما يكتمون أي: يخفون). [تفسير القرآن العظيم: 2/810-811]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن إسحاق في قوله {وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا} فقال: ليميز بين المؤمنين والمنافقين {وقيل لهم تعالوا قاتلوا} يعني عبد الله بن أبي وأصحابه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {أو ادفعوا} قال: كثروا بأنفسكم وإن لم تقاتلوا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي حازم قال: سمعت سهل بن سعيد يقول: لو بعت داري فلحقت بثغر من ثغور المسلمين فكنت بين المسلمين وبين عدوهم، فقلت: كيف وقد ذهب بصرك قال: ألم تسمع إلى قول الله {تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا} أسود مع الناس ففعل.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {أو ادفعوا} قال: كونوا سوادا.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن أبي عون الأنصاري في قوله {أو ادفعوا} قال: رابطوا.
وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن شهاب وغيره قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد في ألف رجل من أصحابه حتى إذا كانوا بالشرط بين أحد والمدينة انخذل عنهم عبد الله بن أبي بثلث الناس وقال: أطاعهم وعصاني والله ما ندري علام نقتل أنفسنا ههنا فرجع بمن اتبعه من أهل النفاق وأهل الريب واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام من بني سلمة يقول: يا قوم أذكركم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضرهم عدوهم، قالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم ولكن لا نرى أن يكون قتال.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {لو نعلم قتالا لاتبعناكم} قال: لو نعلم أنا واجدون معكم مكان قتال لاتبعناكم.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قالوا: {لو نعلم قتالا لاتبعناكم} قال: نزلت في عبد الله بن أبي). [الدر المنثور: 4/105-111]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين}
يعني تعالى ذكره بذلك: وليعلم اللّه الّذين نافقوا، الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا، فموضع الّذين نصبٌ على الإبدال من الّذين نافقوا، وقد يجوز أن يكون رفعٌا على التّرجمة عمّا في قوله: {يكتمون} من ذكر الّذين نافقوا فمعنى الآية: وليعلم اللّه الّذين قالوا لإخوانهم الّذين أصيبوا مع المسلمين في حربهم المشركين بأحدٍ يوم أحدٍ، فقتلوا هنالك من عشائرهم وقومهم، {وقعدوا} يعني: وقعد هؤلاء المنافقون القائلون ما قالوا ممّا أخبر اللّه عزّ وجلّ عنهم من قيلهم عن الجهاد مع إخوانهم وعشائرهم في سبيل اللّه: {لو أطاعونا} يعني: لو أطاعنا من قتل بأحدٍ من إخواننا وعشائرنا {ما قتلوا} يعني: ما قتلوا هنالك، قال اللّه عزّ وجلّ لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لهؤلاء القائلين هذه المقالة من المنافقين: فادرءوا، يعني: فادفعوا من قول القائل: درأت عن فلانٍ القتل، بمعنى: دفعت عنه، أدرؤه درءًا، ومنه قول الشّاعر:.
اقول وقد درأت لها وضيني = أهذا دينه أبدًا وديني
يقول تعالى ذكره: قل لهم: فادفعوا إن كنتم أيّها المنافقون صادقين في قيلكم: لو أطاعنا إخواننا في ترك الجهاد في سبيل اللّه مع محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وقتالهم أبا سفيان ومن معه من قريشٍ، ما قتلوا هنالك بالسّيف، ولكانوا أحياءً بقعودهم معكم وتخلّفهم عن محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وشهود جهاد أعداء اللّه معه؛ الموت فإنّكم قد قعدتم عن حربهم، وقد تخلّفتم عن جهادهم، وأنتم لا محالة ميّتون.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {الّذين قالوا لإخوانهم} الّذين أصيبوا معكم من عشائرهم وقومهم: {لو أطاعونا ما قتلوا} الآية: أي أنّه لابدّ من الموت فإن استطعتم أن تدفعوه عن أنفسكم فافعلوا، وذلك أنّهم إنّما نافقوا وتركوا الجهاد في سبيل اللّه، حرصًا على البقاء في الدّنيا وفرارًا من الموت.
ذكر من قال: الّذين قالوا لإخوانهم هذا القول هم الّذين قال اللّه فيهم: {وليعلم الّذين نافقوا}
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا} الآية، ذكر لنا أنّها نزلت في عدوّ اللّه عبد اللّه بن أبيٍّ.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: هم عبد اللّه بن أبيٍّ، وأصحابه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: هو عبد اللّه بن أبيٍّ الّذي قعد وقال لإخوانه الّذين خرجوا مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يوم أحدٍ: {لو أطاعونا ما قتلوا} الآية.
قال ابن جريجٍ عن مجاهدٍ، قال: قال جابر بن عبد اللّه: هو عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول.
- حدّثت عن عمّارٍ، عن ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، قوله: {الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا} الآية، قال: نزلت في عدوّ اللّه عبد اللّه بن أبيٍّ). [جامع البيان: 6/225-227]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين (168)
قوله تعالى: الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ ثنا عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن قوله: الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا قال: هم الكفّار.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو، ثنا سلمة قال: قال محمد ابن إسحاق: الّذين قالوا لإخوانهم: الّذين أصيبوا معكم من عشائرهم وقومهم.
- أخبرنا عليّ بن المبارك فيما كتب إليّ، ثنا زيد بن المبارك، ثنا ابن ثورٍ، عن ابن جريجٍ في قوله: الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا: قول المنافق عبد اللّه بن أبيّ بن سلولٍ وإخوانهم الّذين خرجوا مع النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- يوم أحدٍ.
قوله تعالى: لو أطاعونا ما قتلوا
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أنبأ ابن وهبٍ، أخبرنا نافع بن زيدٍ، عن عقيلٍ، عن ابن شهابٍ قال: إنّ اللّه- عزّ وجلّ- أنزل على نبيّه في القدريّة الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا: لو أطاعونا ما قتلوا.
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: لو أطاعونا ما قتلوا قال: هم الكفّار يقولون لإخوانهم: لو كانوا عندنا ما قتلوا يحسبون أنّ حضورهم إلى القتال هو الّذي يقدّمهم إلى الأجل.
قوله تعالى: قل فادرؤا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو، ثنا سلمة قال: قال محمّد ابن إسحاق: قل فادرؤا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين أي: أنّه لا بدّ من الموت، فإن استطعتم أن تدفعوه عن أنفسكم فافعلوا ذلك، إنّهم إنّما نافقوا وتركوا الجهاد في سبيل اللّه حرصاً على البقاء في الدّنيا وفراراً من الموت.
- حدّثنا عصام بن الرّوّاد، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ يعني: الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية إن كنتم صادقين بما يقولون إنّه كما يقولون). [تفسير القرآن العظيم: 2/811-812]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن السدي قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في ألف رجل وقد وعدهم الفتح إن صبروا فلما خرجوا رجع عبد الله بن أبي في ثلاثمائة فتبعهم أبو جابر السلمي يدعوهم فلما غلبوه وقالوا له: ما نعلم قتالا ولئن أطعتنا لترجعن معنا، فذكر الله، فهو قولهم: ولئن أطعتنا لترجعن {الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا} الآية.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {الذين قالوا لإخوانهم} الآية، قال: ذكر لنا أنها نزلت في عدو الله عبد الله بن أبي.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الربيع {الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا} قال: نزلت في عدو الله عبد الله بن أبي.
وأخرج ابن جرير، عن جابر بن عبد الله في قوله {الذين قالوا لإخوانهم} قال: هو عبد الله بن أبي.
وأخرج عن السدي في الآية قال: هم عبد الله بن أبي وأصحابه.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن جريج في الآية قال: هو عبد الله بن أبي الذين قعدوا وقالوا لإخوانهم الذين خرجوا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوم أحد.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن إسحاق {قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت} أي أنه لا بد من الموت فإن استطعتم أن تدفعوه عن أنفسكم فافعلوا وذلك أنهم إنما نافقوا وتركوا الجهاد في سبيل الله حرصا على البقاء في الدنيا وفرارا من الموت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب قال: إن الله أنزل على نبيه في القدرية {الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا}
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: هم الكفار يقولون لإخوانهم لو كانوا عندنا ما قتلوا يحسبون أن حضورهم للقتال هو يقدمهم إلى الأجل). [الدر المنثور: 4/105-111]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م, 10:24 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {قل هو من عند أنفسكم...}
يقول: تركتم ما أمرتم به وطلبتم الغنيمة، وتركتم مراكزكم، فمن قبلكم جاءكم الشرّ). [معاني القرآن: 1/245]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {قل هو من عند أنفسكم} أي: إنكم أذنبتم فعوقبتم). [مجاز القرآن: 1/108]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({أو لمّا أصابتكم مّصيبةٌ قد أصبتم مّثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}
قال: {أو لمّا أصابتكم مّصيبةٌ} فهذه الألف ألف الاستفهام دخلت على واو العطف، فكأنه قال: "صنعتم كذا وكذا ولمّا أصابتكم" ثم أدخل على الواو ألف الاستفهام). [معاني القرآن: 1/187]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها} يقول: أصابتكم مصيبة يوم «أحد» قد أصبتم مثليها من المشركين يوم «بدر».
{قل هو من عند أنفسكم} أي: بمخالفتكم وذنوبكم. يريد مخالفة الرّماة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم أحد). [تفسير غريب القرآن: 115]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {أولمّا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم إنّ اللّه على كلّ شيء قدير}
هذه الواو واو النسق، دخلت عليها ألف الاستفهام فبقيت مفتوحة على هيئتها قبل دخولها، ومثل ذلك في الكلام قول القائل: تكلم فلان بكذا وكذا، فيقول قائل مجيبا له أو هو ممن يقول ذلك.
وقيل في التفسير: إن هذه المصيبة عنى بها ما نزل بهم يوم أحد، و{أصبتم مثليها} أصبتم في يوم أحد مثلها وأصبتم يوم بدر مثلها، فأصبتم مثلي ما أصابكم.
{قلتم أنّى هذا} أي: من أين أصابنا هذا.
{قل هو من عند أنفسكم} أي: أصابكم بمعصيتكم النبي - صلى الله عليه وسلم - وما من قوم أطاعوا نبيهم في حربهم إلا نصروا، لأنهم إذا أطاعوا فهم حزب اللّه، وحزب الله هم الغالبون). [معاني القرآن: 1/487-488]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {أولما أصابكم مصيبة قد أصبتم مثليها}
قال الضحاك: قتل من المسلمين يوم أحد سبعون رجلا وقتل من المشركين يوم بدر سبعون وأسر سبعون فذلك قوله تعالى: {قد أصبتم مثليها يوم بدر ويوم أحد}
ومعنى {قل هو من عند أنفسكم}: بذنبكم وبما كسبت أيديكم لأن الرماة خالفوا النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثبتوا كما أمرهم
ومعنى {أو ادفعوا} أي: كثروا وإن لم تقاتلوا ومعنى فادراءوا فادفعوا). [معاني القرآن: 1/507-508]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا} يوم بدر من المشركين، لأن المسلمين يوم بدر قتلوا سبعين من المشركين وأسروا سبعين، ثم قتل المشركون يوم أحد من المسلمين سبعين.
{مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ} أي بمخالفتكم وذنوبكم، يريد مخالفة الرماة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم ألا يبرحوا من أصل الجبل، فلما رأوا الهزيمة على المشركين ذهبوا في طلب الغنيمة، فمال عليهم المشركون، وقتل سبعون من المسلمين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 54]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين}
قال تعالى: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه} فجعل الخبر بالفاء لأنّ {ما} بمنزلة "الذي" وهو في معنى "من"، و"من" تكون في المجازاة ويكون جوابها بالفاء.
قال: {فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين} فجعل الخبر بالفاء لأنّ {ما أصابكم}: الذي أصابكم.
وقال: {وليعلم المؤمنين} لأنّ معناه: "فهو بإذن اللّه" "وهو ليعلم"). [معاني القرآن: 1/187]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ( {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين}
وقوله جلّ وعزّ: {فبإذن اللّه} أي: ما أصابكم كان بعلم اللّه.
{وليعلم المؤمنين*وليعلم الّذين نافقوا} أي: ليظهر إيمان المؤمنين بثبوتهم على ما نالهم، ويظهر نفاق المنافقين بفشلهم وقلة الصبر على ما ينزل بهم في ذات اللّه). [معاني القرآن: 1/488]

تفسير قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا...}
يقول: كثّروا، فإنكم إذا كثّرتم دفعتم القوم بكثرتكم). [معاني القرآن: 1/246]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لو نعلم قتال} أي: لو نعرف قتالا). [مجاز القرآن: 1/108]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا} يقول: كثروا فإنكم إذا كثّرتم دفعتم القوم بكثرتكم). [تفسير غريب القرآن: 115]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (وأمّا الزيادة في التوكيد فكقوله سبحانه: {يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} لأن الرجل قد يقول بالمجاز: كلمت فلانا، وإنما كان ذلك كتابا أو إشارة على لسان غيره، فأعلمنا أنهم يقولون بألسنتهم.
وكذلك قوله: {يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ}لأن الرجل قد يكتب بالمجاز، وغيره الكاتب عنه.
ويقول الأمّي: كتبت إليك، وهذا كتابي إليك. وكلّ فعل أمرت به فأنت الفاعل له، وإن وليه غيرك.
قال الله عز وجل: في التابوت: {تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ}
قال ابن عباس رضي الله عنه في رواية أبي صالح عنه: هذا كما تقول: حملت إلى بلد كذا وكذا برّا وقمحا، وإنما تريد أمرت بحمله.
فأعلمنا أنهم يكتبونه بأيديهم ويقولون هو من عند الله. وقد علموا يقينا- إذ كتبوه بأيديهم- أنه ليس من عند الله). [تأويل مشكل القرآن:241-242] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): {وليعلم المؤمنين*وليعلم الّذين نافقوا} أي: ليظهر إيمان المؤمنين بثبوتهم على ما نالهم، ويظهر نفاق المنافقين بفشلهم وقلة الصبر على ما ينزل بهم في ذات اللّه). [معاني القرآن: 1/488] (م)
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ} أي: كثروا ليرهب العدو كثرتكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 54]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فادرءوا عن أنفسكم} أي: ادفعوا عن أنفسكم). [مجاز القرآن: 1/108]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين}
قال: {الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت} أي: قل لهم {فادرءوا عن أنفسكم الموت} وأضمر "لهم"). [معاني القرآن: 1/188]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({فادرؤا عن أنفسكم}: ادفعوا). [غريب القرآن وتفسيره: 111]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({فادرؤا عن أنفسكم الموت} أي: ادفعوه. يقال: درأ اللّه عنك الشرك، أي: دفعه). [تفسير غريب القرآن: 116]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({فَادْرَؤُوا} أي: ادفعوا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 54]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({فَادْرَؤُوا}: ادفعوا). [العمدة في غريب القرآن: 103]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 9 جمادى الآخرة 1434هـ/19-04-2013م, 09:24 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) }
[لا يوجد]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) }

[لا يوجد]

تفسير قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) }
[لا يوجد]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (


فما أحد في الناس يعدل درأنابـعـز ولا عــز لـــه حـيــن نـجـنـف

...
درأنا: دفعنا ومنه: {فادرأوا عن أنفسكم الموت} ). [نقائض جرير والفرزدق: 570]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وتقول: درأت عنه الحد وغيره أدرأه درءًا إذا أخرته عنه). [كتاب الهمز: 13]
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (ثم الجلوس

يقال: جلس الرجل يجلس جلوسا، وقعد يقعد قعودا). [كتاب الفَرْق: 77]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "ودرأ بالبينات والأيمان" إنما هو دفع، من ذلك قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ادرأوا الحدود بالشبهات))، وقال الله عز وجل: {قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وقال: {فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} أي تدافعتم). [الكامل: 1/23-24]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والهجود: النيام ويكون مصدرًا من هذا الفعل كما تقول قوم قعود وقد قعدوا قعودًا). [شرح المفضليات: 695] (م)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 11:58 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 11:58 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 11:58 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 11:58 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم وقف تعالى المؤمنين على الخطأ في قلقهم للمصيبة التي نزلت بهم وإعراضهم عما نزل بالكفار، وعرفهم أن ذلك لسبب أنفسهم، والواو في قوله: أولمّا عطف جملة على جملة دخلت عليها ألف التقرير على معنى إلزام المؤمنين هذه المقالة في هذه الحال، والمصيبة التي نالت المؤمنين هي: قصد- أحد- وقتل سبعين منهم، واختلف في المثلين اللذين أصاب المؤمنين فقال قتادة والربيع: وابن عباس وجمهور المتأولين: ذلك في يوم بدر، قتل المؤمنون من كفار قريش سبعين، وأسروا سبعين، وقال الزجّاج: أحد المثلين: هو قتل السبعين يوم بدر، والثاني: هو قتل اثنين وعشرين من الكفار يوم- أحد- فهو قتل بقتل، ولا مدخل للأسرى في هذه الآية، هذا معنى كلامه، لأن أسارى بدر أسروا ثم فدوا، فلا مماثلة بين حالهم وبين قتل سبعين من المؤمنين، وأنّى- معناها: كيف ومن أين؟ ثم أمر تعالى نبيه عليه السلام أن يقول لهم: هو من عند أنفسكم، واختلف الناس كيف هو من عند أنفسهم ولأي سبب؟
فقال الجمهور من المفسرين: لأنهم خالفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرأي حين رأى أن يقيم بالمدينة ويترك كفار قريش بشر محبس فأبوا إلا الخروج حتى جرت القصة، وقالت طائفة: قوله تعالى:
من عند أنفسكم إشارة إلى عصيان الرماة وتسبيبهم الهزيمة على المؤمنين. وقال الحسن وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما: بل ذلك لما قبلوا الفداء يوم بدر، وذلك أن عليا بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
لما فرغت هزيمة المشركين ببدر جاء جبريل عليه السلام إلى النبي عليه السلام فقال: يا محمد إن الله قد كره ما يصنع قومك في أخذ الأسارى، وقد أمرك أن تخيرهم بين أمرين: أن يقدموا الأسارى فتضرب أعناقهم، أو يأخذوا الفداء، على أن يقتل من أصحابك عدة هؤلاء الأسارى، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فذكر ذلك لهم فقالوا: يا رسول الله، عشائرنا وإخواننا، بل نأخذ فداءهم فنتقوى به على قتال عدونا ويستشهد منا عدتهم، فليس في ذلك ما نكره، قال: فقتل منهم يوم أحد- سبعون رجلا). [المحرر الوجيز: 2/413-414]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين (166) وليعلم الّذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالاً لاتّبعناكم هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم واللّه أعلم بما يكتمون (167)
الخطاب بقوله تعالى: وما أصابكم للمؤمنين، والجمعان هما عسكر النبي صلى الله عليه وسلم وعسكر قريش يوم- أحد- ودخلت الفاء في قوله: فبإذن اللّه رابطة مشددة، وذلك للإبهام الذي في ما فأشبه الكلام الشرط، وهذا كما قال سيبويه: الذي قام فله درهمان، فيحسن دخول الفاء إذا كان القيام سبب الإعطاء، وكذلك ترتيب هذه الآية، فالمعنى إنما هو، وما أذن الله فيه فهو الذي أصاب، لكن قدم الأهم في نفوسهم والأقرب إلى حسهم، والإذن: التمكين من الشيء مع العلم به). [المحرر الوجيز: 2/414]

تفسير قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: وليعلم معناه: ليكون العلم مع وجود المؤمنين والمنافقين، أي مساوقين للعلم الذي لم يزل ولا يزال واللام في قوله: ليعلم معلقة بفعل مقدر في آخر الكلام، والإشارة بقوله: نافقوا وقيل لهم هي إلى عبد الله بن أبي وأصحابه الذين انصرفوا معه عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم- أحد- وذلك أنه كان من رأي عبد الله بن أبي أن لا يخرج إلى كفار قريش، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس على الوجه الذي قد ذكرناه، قال عبد الله بن أبي: أطاعهم وعصاني، فانخذل بنحو ثلث الناس، فمشى في أثرهم عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري أبو جابر بن عبد الله فقال لهم: اتقوا الله ولا تتركوا نبيكم وقاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا، أو نحو هذا من القول، فقال له ابن أبي: ما أرى أن يكون قتال، ولو علمنا أن يكون قتال لكنا معكم، فلما يئس منهم عبد الله قال: اذهبوا أعداء الله، فسيغني الله رسوله عنكم، ومضى مع النبي صلى الله عليه وسلم فاستشهد، واختلف الناس في معنى قوله:
أو ادفعوا فقال السدي وابن جريج وغيرهما معناه: كثروا السواد وإن لم تقاتلوا، فيندفع القوم لكثرتكم، وقال أبو عون الأنصاري: معناه رابطوا، وهذا قريب من الأول، ولا محالة أن المرابط مدافع، لأنه لولا مكان المرابطين في الثغور لجاءها العدو، والمكثر للسواد مدافع، وقال أنس بن مالك: رأيت يوم القادسية عبد الله ابن أم مكتوم الأعمى، وعليه درع يجر أطرافها وبيده راية سوداء، فقيل له: أليس قد أنزل الله عذرك؟ قال: بلى، ولكني أكثر المسلمين بنفسي، وروي أنه قال: فكيف بسوادي في سبيل الله، وذهب بعض المفسرين إلى أن قول عبد الله بن عمرو: أو ادفعوا، إنما هو استدعاء القتال حمية، لأنه دعاهم إلى القتال في سبيل الله، وهو أن تكون كلمة الله هي العليا، فلما رأى أنهم ليسوا أهل ذلك، عرض عليهم الوجه الذي يحشمهم ويبعث الأنفة، أي أو قاتلوا دفاعا عن الحوزة، ألا ترى أن قزمان قال: والله ما قاتلت إلا على أحساب قومي، وألا ترى أن بعض الأنصار قال يوم- أحد- لما رأى قريشا قد أرسلت الظهر في زروع قناة قال: أترعى زروع بني قيلة ولما نضارب؟ وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر أن لا يقاتل أحد حتى يأمره بالقتال، فكأن عبد الله بن عمرو بن حرام دعاهم إلى هذا المقطع العربي الخارج عن الدين والقتال في سبيل الله، وذهب جمهور المفسرين إلى أن قوله: أقرب مأخوذ من القرب ضد البعد، وسدت- اللام- في قوله: للكفر، وللإيمان- مسد إلى، وحكى النقاش: أن قوله أقرب مأخوذ من القرب بفتح القاف والراء وهو الطلب، والقارب طالب الماء، وليلة القرب ليلة الورد، فاللفظة بمعنى أطلب، واللام متمكنة على هذا القول، وقوله: بأفواههم تأكيد، مثل يطير بجناحيه، وقوله: ما ليس في قلوبهم يريد ما يظهرون من الكلمة الحاقنة لدمائهم، ثم فضحهم تعالى بقوله: واللّه أعلم بما يكتمون أي من الكفر وعداوة الدين وفي الكلام توعد لهم). [المحرر الوجيز: 2/414-416]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين (168) ولا تحسبنّ الّذين قتلوا في سبيل اللّه أمواتاً بل أحياءٌ عند ربّهم يرزقون (169) فرحين بما آتاهم اللّه من فضله ويستبشرون بالّذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألاّ خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون (170)
الّذين بدل من «الذين» المتقدم، و «إخوانهم» المقتولون من الخزرج وهي أخوة نسب ومجاورة،
وقوله تعالى: لإخوانهم معناه لأجل إخوانهم وفي شأن إخوانهم، ويحتمل أن يكون قوله:
لإخوانهم للأحياء من المنافقين، ويكون الضمير في أطاعونا هو للمقتولين، وقوله: وقعدوا جملة في موضع الحال وهي حالة معترضة أثناء الكلام، وقوله: لو أطاعونا يريد في أن لا يخرجوا إلى قريش، وقرأ الحسن بن أبي الحسن: «ما قتّلوا» بشد التاء، وهذا هو القول بالأجلين، فرد الله تعالى عليهم بقوله: قل فادرؤا الآية، والدرء الدفع ومنه قول دغفل النسابة: [الرجز]
صادف درء السّيل درءا يدفعه = والعبء لا تعرفه أو ترفعه
ولزوم هذه الحجة هو أنكم أيها القائلون: إن التوقي واستعمال النظر يدفع الموت، فتوقوا وانظروا في الذي يغشاكم منه حتف أنوفكم، فادفعوه إن كان قولكم صدقا، أي إنما هي آجال مضروبة عند الله). [المحرر الوجيز: 2/417]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 11:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 11:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ (165) وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين (166) وليعلم الّذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتّبعناكم هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم واللّه أعلم بما يكتمون (167) الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين (168)}
يقول تعالى: {أولمّا أصابتكم مصيبةٌ} وهي ما أصيب منهم يوم أحد من قتل السّبعين منهم {قد أصبتم مثليها} يعني: يوم بدر، فإنّهم قتلوا من المشركين سبعين قتيلًا وأسروا سبعين أسيرًا {قلتم أنّى هذا} أي: من أين جرى علينا هذا؟ {قل هو من عند أنفسكم}
قال ابن أبي حاتمٍ: ذكره أبي، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا قراد أبو نوحٍ، حدّثنا عكرمة بن عمّارٍ، حدّثنا سماك الحنفيّ أبو زميل، حدّثني ابن عبّاسٍ، حدّثني عمر بن الخطّاب قال: لمّا كان يوم أحدٍ من العام المقبل، عوقبوا بما صنعوا يوم بدرٍ من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون وفرّ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عنه، وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه، وسال الدّم على وجهه، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم} بأخذكم الفداء.
وهكذا رواه الإمام أحمد عن عبد الرّحمن بن غزوان، وهو قراد أبو نوحٍ، بإسناده ولكن بأطول منه، وكذا قال الحسن البصريّ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا القاسم، حدّثنا الحسين، حدّثنا إسماعيل بن عليّة عن ابن عون، عن محمّدٍ عن عبيدة (ح) قال سنيد -وهو حسينٌ-: وحدّثني حجّاجٌ عن جرير، عن محمّدٍ، عن عبيدة، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، قال: جاء جبريل، عليه السّلام، إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا محمّد، إنّ اللّه قد كره ما صنع قومك في أخذهم الأسارى، وقد أمرك أن تخيّرهم بين أمرين، إمّا أن يقدموا فتضرب أعناقهم، وبين أن يأخذوا الفداء، على أن يقتل منهم عدّتهم. قال: فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الناس فذكر ذلك لهم، فقالوا: يا رسول اللّه، عشائرنا وإخواننا، ألا نأخذ فداءهم فنتقوّى به على قتال عدوّنا، ويستشهد منّا عدّتهم، فليس في ذلك ما نكره؟ قال: فقتل منهم يوم أحدٍ سبعون رجلًا عدّة أسارى أهل بدرٍ.
وهكذا رواه التّرمذيّ والنّسائيّ من حديث أبي داود الحفري، عن يحيى بن زكريّا بن أبي زائدة، عن سفيان بن سعيدٍ، عن هشام بن حسّان، عن محمّد بن سيرين، به. ثمّ قال التّرمذيّ: حسنٌ غريبٌ لا نعرفه إلّا من حديث ابن أبي زائدة. وروى أبو أسامة عن هشام نحوه. وروى عن ابن سيرين عن عبيدة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مرسلًا.
وقال محمّد بن إسحاق، وابن جريجٍ، والرّبيع بن أنسٍ، والسديّ: {قل هو من عند أنفسكم} أي: بسبب عصيانكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين أمركم أن لا تبرحوا من مكانكم فعصيتم، يعني بذلك الرّماة {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} أي: ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، لا معقب لحكمه). [تفسير القرآن العظيم: 2/158-159]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه} أي: فراركم بين يدي عدوّكم وقتلهم لجماعةٍ منكم وجراحتهم لآخرين، كان بقضاء اللّه وقدره، وله الحكمة في ذلك. [وقوله] {وليعلم المؤمنين} أي: الذين صبروا وثبتوا ولم يتزلزلوا). [تفسير القرآن العظيم: 2/159]

تفسير قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وليعلم الّذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتّبعناكم} يعني [بذلك] أصحاب عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول الّذين رجعوا معه في أثناء الطّريق، فاتّبعهم من اتّبعهم من المؤمنين يحرّضونهم على الإياب والقتال والمساعدة؛ ولهذا قال: {أو ادفعوا} قال ابن عبّاسٍ، وعكرمة، وسعيد بن جبير، والضّحّاك، وأبو صالحٍ، والحسن، والسّدّي: يعني كثروا سواد المسلمين. وقال الحسن بن صالحٍ: ادفعوا بالدّعاء. وقال غيره: رابطوا. فتعلّلوا قائلين: {لو نعلم قتالا لاتّبعناكم} قال مجاهدٌ: يعنون لو نعلم أنّكم تلقون حربًا لجئناكم، ولكن لا تلقون قتالًا.
قال محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن مسلم بن شهابٍ الزّهريّ، ومحمّد بن يحيى بن حبّان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرّحمن بن عمرو بن سعد بن معاذٍ، وغيرهم من علمائنا، كلهم قد حدّث قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -يعني حين خرج إلى أحدٍ-في ألف رجلٍ من أصحابه، حتّى إذا كان بالشّوط -بين أحدٍ والمدينة-انحاز عنه عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول بثلث النّاس، وقال أطاعهم فخرج وعصاني، وواللّه ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيّها النّاس، فرجع بمن اتّبعه من النّاس من قومه أهل النّفاق وأهل الرّيب، واتّبعهم عبد اللّه بن عمرو بن حرامٍ أخو بني سلمة، يقول: يا قوم، أذكّركم اللّه أن تخذلوا نبيّكم وقومكم عندما حضر من عدوّكم، قالوا: لو نعلم أنّكم تقاتلون ما أسلمناكم ولكّنا لا نرى أن يكون قتالٌ. فلمّا استعصوا عليه وأبوا إلّا الانصراف عنهم، قال: أبعدكم اللّه أعداء اللّه، فسيغنى اللّه عنكم. ومضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
قال اللّه تعالى: {هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان} استدلّوا به على أنّ الشّخص قد تتقلّب به الأحوال، فيكون في حالٍ أقرب إلى الكفر، وفي حالٍ أقرب [إلى] الإيمان؛ لقوله: {هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان}
ثمّ قال: {يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم} يعني: أنّهم يقولون القول ولا يعتقدون صحّته، ومنه قولهم هذا: {لو نعلم قتالا لاتّبعناكم} فإنّهم يتحقّقون أنّ جندًا من المشركين قد جاءوا من بلادٍ بعيدةٍ، يتحرّقون على المسلمين بسبب ما أصيب من سراتهم يوم بدرٍ، وهم أضعاف المسلمين، أنّه كائنٌ بينهم قتالٌ لا محالة؛ ولهذا قال تعالى: {واللّه أعلم بما يكتمون}). [تفسير القرآن العظيم: 2/160]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا} أي: لو سمعوا من مشورتنا عليهم في القعود وعدم الخروج ما قتلوا مع من قتل. قال اللّه تعالى: {قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين} أي: إن كان القعود يسلم به الشّخص من القتل والموت، فينبغي، أنّكم لا تموتون، والموت لا بدّ آتٍ إليكم ولو كنتم في بروجٍ مشيّدة، فادفعوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين. قال مجاهدٌ، عن جابر بن عبد اللّه: نزلت هذه الآية في عبد اللّه بن أبيّ ابن سلول). [تفسير القرآن العظيم: 2/160-161]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:32 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة