العودة   جمهرة العلوم > المنتديات > منتدى جمهرة العلوم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #26  
قديم 6 جمادى الأولى 1435هـ/7-03-2014م, 11:06 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

هل استخرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم السِّحرَ؟

قالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ السُّهَيْلِيُّ (ت: 581هـ): (فِقْهُ حَدِيثِ السِّحْرِ: وَأَمَّا مَا فِيهِ مِنَالفِقْهِ فَإِنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَهُ: (هَلاَّ تَنَشَّرْتَ؟) فَقَالَ: (( أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا )). وَهُوَ حَدِيثٌ مُشْكِلٌ فِي ظَاهِرِهِ، وَإِنَّمَا جَاءَ الإِشْكَالُ فِيهِ مِنْ قِبَلِ الرُّوَاةِ؛ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا جَوَابَيْنِ لِكَلامَيْنِ كَلامًا وَاحِدًا، وَذَلِكَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَهُ أَيْضًا: هَلَّا اسْتَخْرَجْتَه. أَيْ هَلاَّ اسْتَخْرَجْتَ السِّحْرَ مِنَالجُفِّ وَالمُشَاطَةِ حَتَّى يُنْظَرَ إلَيْهِ، فَلِذَلِكَ قَالَ: (( وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا ))
قَالَ ابْنُ بَطّالٍ: كَرِهَ أَنْ يُخْرِجَهُ فَيَتَعَلَّمَ مِنْهُ بَعْضُ النَّاسِ؛ فَذَلِكَ هُوَ الشَّرُّ الّذِي كَرِهَهُ.
قَالَ المُؤَلِّفُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّرُّ غَيْرَ هَذَا، وَذَلِكَ أَنَّ السَّاحِرَ كَانَ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ، فَلَوْ أَظْهَرَ سِحْرَهُ لِلنَّاسِ وَأَرَاهُمْ إيَّاهُ لَأَوْشَكَ أَنْ يُرِيدَ طَائِفَةٌ مِنَالمُسْلِمِينَ قَتْلَهُ وَيَتَعَصَّبَ لَهُ آخَرُونَ مِنْ عَشِيرَتِهِ، فَيَثُورَ شَرٌّ كَمَا ثَارَ فِي حَدِيثِ الإِفْكِ مِنَ الشَّرِّ مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
وَقَوْلُ عَائِشَةَ: (هَلاَّ اسْتَخْرَجْتَه؟) هُوَ فِي حَدِيثَيْنِ رَوَاهُمَا البُخَارِيُّ جَمِيعًا.
وَأَمَّا جَوَابُهُ لَهَا فِي حَدِيثِ (هَلاَّ تَنَشَّرْتَ؟) بقَوْلِهِ: (( أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللّهُ ))
وَجَوَابُهُ لَهَا حِينَ قَالَتْ: (هَلاَّ اسْتَخْرَجْتَه؟) بأَنْ قَالَ: (( أَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا))
فَلَمَّا جَمَعَ الرَّاوِي بَيْنَ الجَوَابَيْنِ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ اسْتَغْلَقَ الكَلامُ، وَإِذَا نَظَرْتَ الأحَادِيثَ مُتَفَرِّقَةً تَبَيَّنْتَ.
وَعَلَى هَذَا النَّحْوِ شَرَحَ هَذَا الحَدِيثَ ابْنُ بَطَّالٍ). [الروض الأنف:2/372]
قالَ مُحْيِي الدِّينِ يَحْيَى بنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ (ت:676هـ): (قَوْلُهَا: (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلا أَحْرَقْتَه؟)
وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَخْرِجْهُ) كِلاهُمَا صَحِيحٌ، فَطَلَبَتْ أَنَّهُ يُخْرِجُهُ، ثُمَّ يُحْرِقُهُ، وَالمُرَادُ إِخْرَاجُ السِّحْرِ، فَدَفَنَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ عَافَاهُ، وَأَنَّهُ يَخَافُ مِنْ إِخْرَاجِه وَإِحْرَاقِه وَإِشَاعَةِ هَذَا ضَرَرًا وَشَرًّا عَلَى المُسْلِمِينَ مِنْ تَذَكُّر السِّحْرِ، أَوْ تَعَلُّمِه، وَشُيُوعِه، وَالحَدِيثِ فِيهِ، أَوْ إِيذَاءِ فَاعِلِه، فَيَحْمِلُهُ ذَلِكَ أَوْ يَحْمِلُ بَعْضَ أَهْلِه وَمُحِبِّيهِ وَالمُتَعَصِّبِينَ لَهُ مِنَالمُنَافِقِينَ وَغَيْرِهمْ عَلَى سِحْرِ النَّاسِ وَأَذَاهُمْ وَانْتِصَابِهِمْ لِمُنَاكَدَةِ المُسْلِمِينَ بِذَلِكَ.
هَذَا مِنْ بَابِ تَرْكِ مَصْلَحَةٍ لِخَوْفِ مَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ مِنْهَا، وَهُوَ مِنْ أَهَمِّ قَوَاعِدِالإِسْلامِ، وَقَدْ سَبَقَتِ المَسْأَلَةُ مَرَّاتٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ). [شرح صحيح مسلم: 14/398]
قالَ ابْنُ القَيِّمِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّرَعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ (ت: 751 هـ): (في الصحيحِ، عن هشامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أبيه، عن عائشةَ: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طُبَّ حتى إنه ليُخَيَّلُ إليه أنه صَنَعَ شيئًا وما صَنَعَه، وأنه دَعَا رَبَّه ثم قالَ: ((أَشَعَرْتِ أَنَّ اللهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُه فِيه؟)). فقالَتْ عائشةُ: وما ذاك يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: ((جاءَني رَجلانِ فجَلَسَ أحدُهما عندَ رأسِي والآخَرُ عندَ رِجْلَيَّ، فقالَ أحدُهما لصاحبِه: ما وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قالَ الآخَرُ: مَطبوبٌ. قالَ: مَن طَبَّه؟ قالَ: لَبيدُ بنُ الأعصَمِ. قالَ: في ماذا؟ قالَ: في مُشْطٍ ومُشَاطَةٍ وجُفِّ طَلْعٍ ذَكَرٍ. قالَ: فأينَ هو؟ قالَ: في ذَرْوَانَ؛ بئرٍ في بَنِي زُرَيْقٍ)). قالَتْ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: فأتاها رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم رَجَعَ إلى عائشةَ فقالَ: ((وَاللهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ)). قالَ: فقُلْتُ له: يا رسولَ اللهِ، هلا أَخْرَجْتَه؟ قالَ: ((أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللهُ وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا)). فأَمَرَ بها فدُفِنَتْ.
قالَ البخاريُّ: وقالَ الليثُ وابنُ عُيَيْنَةَ، عن هِشامٍ: في مُشْطٍ ومُشاقَةٍ، ويُقالُ: إنَّ المُشاطَةَ ما يَخرُجُ من الشعْرِ إذا مُشِطَ، والمُشاقَةُ من مُشاقَةِ الكَتَّانِ. قلتُ: هكذا في هذه الروايةِ أنه لم يُخْرِجْه اكتفاءً بِمُعافاةِ اللهِ له وشِفائِه إيَّاه.
وقد رَوَى البُخاريُّ من حديثِ ابنِ عُيَيْنَةَ قالَ: أَوَّلُ مَن حَدَّثنا به ابنُ جُرَيْجٍ، يَقولُ: حَدَّثَني آلُ عُروةَ، عن عُروةَ، فسَأَلْتُ هِشامًا عنه فحَدَّثَنا عن أبيهِ، عن عائشةَ: كان رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُحِرَ حتى كان يُرَى أنه يأتي النِّساءَ ولا يَأتيهنَّ. قالَ سفيانُ: وهذا أَشَدُّ ما يكونُ من السِّحْرِ إذا كان كذا، فقالَ: ((يَا عَائِشَةُ، أَعَلِمْتِ أَنَّ اللهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟ أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي والآَخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي للآخَرِ: مَا بَالُ الرَّجُلِ؟ قالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: مَن طَبَّهُ؟ قالَ لَبِيدُ بْنُ الأعْصَمِ؛ رَجُلٌ من بني زُرَيْقٍ حَلِيفُ اليَهُودِ، وَكَانَ مُنَافِقًا. قالَ: وَفِيمَ؟ قالَ: في مُشْطٍ ومُشَاقَةٍ. قَالَ: وَأَيْنَ؟ قالَ: في جُفِّ طَلْعٍ ذَكَرٍ، تَحْتَ رَعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ)). قَالَ: فَأَتَى البِئْرَ حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ فَقَالَ:((هَذِه البِئْرُ الَّتي أُرِيتُهَا، وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُؤُوسُ الشياطينِ)). قَالَ: فَاسْتُخْرِجَ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَفَلا، أي: تَنَشَّرْتَ؟ قالَ: ((أَمَّا اللهُ فَقَدْ شَفَانِي، وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ شَرًّا)). ففي هذا الحديثِ أنه اسْتَخْرَجَه وتَرْجَمَ البخاريُّ عليه: بابٌ: هل يَسْتَخْرِجُ السِّحْرَ.
وقالَ قَتادةُ: قلتُ لسعيدِ بنِ المُسَيَّبِ: رجُلٌ به طِبٌّ، ويُؤَخَّذُ عن امرأتِه، أَيُحَلُّ عنه وَيُنَشَّرُ؟ قالَ: لا بأسَ به إنما يُريدون به الإصلاحَ، فأمَّا ما يَنْفَعُ الناسَ فلم يُنْهَ عنه.
فهذان الحديثانِ قد يُظَنُّ في الظاهِرِ تَعارُضُهما، فإنَّ حديثَ عيسى عن هِشامٍ عن أبيه الأوَّلَ فيه: أنه لم يَسْتَخْرِجْه، وحديثَ ابنِ جُرَيْجٍ عن هِشامٍ فيه أنه اسْتَخْرَجَه، ولا تَنافِيَ بينَهما؛ فإنه اسْتَخْرَجَه من البئرِ حتى رآهُ وعَلِمَه، ثم دَفَنَه بعدَ أن شُفِيَ، وقولُ عائشةَ: هَلا اسْتَخْرَجْتَه. أي هَلا أَخْرَجْتَه للناسِ حتى يَرَوْهُ ويُعايِنُوه، فأَخْبَرَها بالمانِعِ له من ذلك، وهو أنَّ المسلمينَ لم يَكونوا لِيَسْكُتُوا عن ذلك، فيَقَعُ الإنكارُ ويَغْضَبُ للساحِرِ قومُه فيَحْدُثُ الشرُّ، وقد حَصَلَ المقصودُ بالشفاءِ والمُعافاةِ، فأَمَرَ بها فَدُفِنَتْ، ولم يَسْتَخْرِجْها للناسِ، فالاستخراجُ الواقِعُ غيرُ الذي سَأَلَتْ عنه عائشةُ، والذي يَدُلُّ عليه أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما جاءَ إلى البئْرِ ليَسْتَخْرِجَها منه ولم يَجِئْ إليه ليَنْظُرَ إليها ثم يَنْصَرِفَ، إذ لا غَرَضَ له في ذلك، واللهُ أَعْلَمُ. وهذا الحديثُ ثابِتٌ عندَ أَهْلِ العِلْمِ بالحديثِ، مُتَلَقًّى بالقَبولِ بينَهم، لا يَختلفون في صِحَّتِه). [بدائع الفوائد: 2/222-223]
قَالَ ابْنُ المُلَقِّنِ عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ (ت: 804هـ): (وفي الحديثِ: ((إِنَّ اللهَ أَطْلَعَ نَبِيَّهُ عَلَى العُقَدِ الَّتِي سَحَرَهُ بِهَا لَبِيدٌ, فأَمَرَ بِهَا فأُخْرِجَتْ مِنْ بِئْرٍ فإِذَا مُشْطٌ ومُشَاطَةٌ))). [تفسير غريب القرآن: 604]
قال أحمدُ بنُ عليٍّ ابنُ حَجَرٍ العَسْقَلانِيُّ (ت:852هـ): ( قَوْلُه: (فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البِئْرَ حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ. إِلَى أَنْ قَالَ: فَاسْتُخْرِجَ)
كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِابْنِ عُيَيْنَةَ، وَفِي رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ: " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلا اسْتَخْرَجْتَه؟ ". وَفِي رِوَايَةِ وُهَيْبٍ: " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَخْرِجْهُ لِلنَّاسِ ". وَفِي رِوَايَةِابْنِ نُمَيْرٍ: " أَفَلا أَخْرَجْتَه؟ قَالَ: لا ". وَكَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَة الَّتِي بَعْدَ هَذَا البَابِ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: ذَكَرَ المُهَلَّبُ أَنَّ الرُّوَاةَاخْتَلَفُوا عَلَى هِشَامٍ فِي إِخْرَاجِ السِّحْرِالمَذْكُورِ، فَانْتَبَهَ سُفْيَانُ وَجَعَلَ سُؤَالَ عَائِشَةَ عَنِ النُّشْرَةِ، وَنَفَاهُ عِيسَى بْن يُونُس وَجَعَلَ سُؤَالَهَا عَنْ الاسْتِخْرَاجِ، وَلَمْ يَذْكُرِالجَوَابَ، وَصَرَّحَ بِهِ أُسَامَةُ، قَالَ: وَالنَّظَرُ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ رِوَايَةِ سُفْيَانَ لِتَقَدُّمِهِ فِي الضَّبْطِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ النُّشْرَةَ لَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ، وَالزِّيَادَةُ مِنْ سُفْيَانَ مَقْبُولَةٌ؛لأنَّهُ أَثْبَتُهُمْ، وَلا سِيَّمَا أَنَّهُ كَرَّرَ اسْتِخْرَاجَ السِّحْرِ فِي رِوَايَتِه مَرَّتَيْنِ، فَيَبْعُدُ مِنَالوَهْمِ، وَزَادَ ذِكْرَ النُّشْرَةِ وَجَعَلَ جَوَابَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا بِلا بَدَلاً عَنْ الاسْتِخْرَاجِ.
قَالَ: وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا آخَرَ، فَذَكَرَ مَا مُحَصَّلُه: أَنَّ الاسْتِخْرَاجَالمَنْفِيَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ غَيْرُ الاسْتِخْرَاجِالمُثْبَتِ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ، فَالمُثْبَتُ هُوَ اسْتِخْرَاجُالجُفِّ، وَالمَنْفِيُّاسْتِخْرَاجُ مَا حَوَاهُ.
قَالَ: وَكَأَنَّ السِّرَّ فِي ذَلِكَ أَنْ لا يَرَاهُ النَّاسُ فَيَتَعَلَّمَهُ مَنْ أَرَادَ اسْتِعْمَالَ السِّحْرِ.
قُلْتُ: وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ: " فَاسْتَخْرَجَ جُفَّ طَلْعَةٍ مِنْ تَحْتِ رَاعُوفَةٍ "، وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: " فَأَخْرَجُوهُ فَرَمَوْا بِهِ "، وَفِي مُرْسَلِ عُمَرَ بْنِالحَكَمِ أَنَّ الَّذِي اسْتَخْرَجَ السِّحْرَ قَيْسُ بْنُمِحْصَنٍ، كُلُّ هَذَا لا يُخَالِفُالحَمْلَالمَذْكُورَ، لَكِنْ فِي آخِرِ رِوَايَةِ عَمْرَةَ وَفِي حَدِيثِابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ وَجَدُوا وَتَرًا فِيهِ عُقَدٌ، وَأَنَّهَا انْحَلَّتْ عِنْدَ قِرَاءَةِالمُعَوِّذَتَيْنِ، فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِاسْتِكْشَافِ مَا كَانَ دَاخِلَالجُفِّ، فَلَوْ كَانَ ثَابِتًا لَقُدِحَ فِي الجَمْعِالمَذْكُورِ، لَكِنْ لا يَخْلُو إِسْنَادُكُلٍّ مِنْهُمَا مِنَ الضَّعْفِ.
(تَنْبِيهٌ):
وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ مُخَالَفَةٌ فِي لَفْظَةٍ أُخْرَى: فَرِوَايَةُالبُخَارِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْهُ: "أَفَلا أَخْرَجْتَه؟". وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ: " أَفَلا أَحْرَقْتَه؟ " بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَقَافٍ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: كِلا الرِّوَايَتَيْنِ صَحِيحٌ، كَأَنَّهَا طَلَبَتْ أَنَّهُ يُخْرِجُهُ ثُمَّ يُحَرِّقُهُ.
قُلْتُ: لَكِنْ لَمْ يَقَعَا مَعًا فِي رِوَايَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنَّمَا وَقَعَتِ اللَّفْظَةُ مَكَانَ اللَّفْظَةِ، وَانْفَرَدَ أَبُو كُرَيْبٍ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي بِالمُهْمَلَةِ وَالقَافِ، فَالجَارِي عَلَى القَوَاعِدِ أَنَّ رِوَايَتَه شَاذَّةٌ.
وَأَغْرَبَ القُرْطُبِيُّ فَجَعَلَ الضَّمِيرَ فِي أَحْرَقْتَه لِلَبِيدِ بْنِ أَعْصَمَ. قَالَ: وَاسْتَفْهَمَتْهُ عَائِشَةُ عَنْ ذَلِكَ عُقُوبَةً لَهُ عَلَى مَا صَنَعَ مِنَ السِّحْرِ، فَأَجَابَهَا بِالامْتِنَاعِ. وَنَبَّهَ عَلَى سَبَبِه وَهُوَ خَوْفُ وُقُوعِ شَرٍّ بَيْنَهمْ وَبَيْنَاليَهُودِلأجْلِ العَهْدِ، فَلَوْ قَتَلَهُ لَثَارَتْ فِتْنَةٌ. كَذَا قَالَ. وَلا أَدْرِي مَا وَجْهُ تَعَيُّنِ قَتْلِه بِالإِحْرَاقِ، وَإِنْ لَوْ سُلِّمَ أَنَّ الرِّوَايَةَ ثَابِتَةٌ وَأَنَّ الضَّمِيرَ لَهُ.
قَوْلُه: (قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَفَلا، أَيْ تَنَشَّرْتَ)
وَقَعَ فِي رِوَايَةِالحُمَيْدِيِّ: " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَهَلا؟ قَالَ سُفْيَانُ: بِمَعْنَى تَنَشَّرْتَ. فَبَيَّنَ الَّذِي فَسَّرَ المُرَادَ بِقَوْلِهَا: " أَفَلا "، كَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرِ اللَّفْظَةَ فَذَكَرَهُ بِالمَعْنَى، وَظَاهِرُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ أَنَّهُ مِنَ النُّشْرَةِ. وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامٍ عِنْدَ أَحْمَدَ: " فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَوْ أَنَّكَ " تَعْنِي تُنَشَّرُ. وَهُوَ مُقْتَضَى صَنِيعِالمُصَنِّفِ حَيْثُ ذَكَرَ النُّشْرَةَ فِي التَّرْجَمَةِ، وَيَحْتَمِلُأَنْ يَكُونَ مِنَ النَّشْرِ بِمَعْنَى الإِخْرَاجِ فَيُوَافِقُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَاهُ بِلَفْظِ " فَهَلا أَخْرَجَتْهُ "، وَلِكَوْنِ لَفْظِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: " هَلا اسْتَخْرَجْتَ؟ "، وَحُذِفَ المَفْعُولُ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَيَكُونُالمُرَادُ بِالمَخْرَجِ مَا حَوَاهُ الجُفُّلا الجُفُّ نَفْسُه، فَيَتَأَيَّدُالجَمْعُالمُقَدَّمُ ذِكْرُه.
(تَكْمِيلٌ): قَالَ ابْنُالقَيِّمِ: مِنْ أَنْفَعِ الأَدْوِيَةِ وَأَقْوَى مَا يُوجَدُ مِنَ النُّشْرَةِ مُقَاوَمَةُ السِّحْرِ الَّذِي هُوَ مِنْ تَأْثِيرَاتِ الأرْوَاحِالخَبِيثَةِ بِالأَدْوِيَةِ الإِلَهِيَّةِ مِنَ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالقِرَاءَةِ، فَالقَلْبُ إِذَا كَانَ مُمْتَلِئًا مِنَ اللَّهِ مَعْمُورًا بِذِكْرِهِ وَلَهُ وِرْدٌ مِنَ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّوَجُّهِلا يُخِلُّ بِهِ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الأسْبَابِالمَانِعَةِ مِنْ إِصَابَةِ السِّحْرِ لَهُ. قَالَ: وَسُلْطَانُ تَأْثِيرِ السِّحْرِ هُوَ فِي القُلُوبِ الضَّعِيفَةِ، وَلِهَذَا غَالِبَ مَا يُؤَثِّرُ فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالجُهَّالِ؛لأنَّ الأرْوَاحَالخَبِيثَةَ إِنَّمَا تَنْشَطُ عَلَى أَرْوَاحٍ تَلْقَاهَا مُسْتَعِدَّةً لِمَا يُنَاسِبُهَا. انْتَهَى مُلَخَّصًا. وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ حَدِيثُالبَابِ، وَجَوَازُ السِّحْرِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَظِيمِ مَقَامِه وَصِدْقِ تَوَجُّهِه وَمُلازَمَةِ وِرْدِه، وَلَكِنْ يُمْكِنُالانْفِصَالُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الغَالِبِ، وَأَنَّ مَا وَقَعَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَيَانِ تَجْوِيزِ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ). [فتح الباري:10/245-247]
قالَ أحمدُ بنُ عليٍّ ابنُ حَجَرٍ العَسْقَلانِيُّ (ت:852هـ): (قَوْلُه: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلا اسْتَخْرَجْتَهُ؟).
فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ: " فَقَالَ: لا ". وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِابْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ اسْتَخْرَجَهُ، وَأَنَّ سُؤَالَ عَائِشَةَ إِنَّمَا وَقَعَ عَنِ النُّشْرَةِ فَأَجَابَهَا بِلا، وَسَيَأْتِي بَسْطُالقَوْلِ فِيهِ بَعْدَ بَابٍ.
قَوْلُه: (فَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا)
فِي رِوَايَة الكُشْمِيهَنِيِّ: " سُوءًا " وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ: " أَنْ أُثَوِّرَ " بِفَتْحِ المُثَلَّثَةِ وَتَشْدِيدِالوَاوِ، وَهُمَا بِمَعْنًى. وَالمُرَادُ بِالنَّاسِ التَّعْمِيمُ فِي المَوْجُودِينَ. قَالَ النَّوَوِيُّ: خَشِيَ مِنْ إِخْرَاجِه وَإِشَاعَتِه ضَرَرًا عَلَى المُسْلِمِينَ مِنْ تَذَكُّرِ السِّحْرِ وَتَعَلُّمِه وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ وَهُوَ مِنْ بَابِ تَرْكِالمَصْلَحَةِ خَوْفَالمَفْسَدَةِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِابْنِ نُمَيْرٍ: "عَلَى أُمَّتِي"، وَهُوَ قَابِلٌ أَيْضًا لِلتَّعْمِيمِ؛لأنَّ الأمَّةَ تُطْلَقُ عَلَى أُمَّةِالإِجَابَةِ وَأُمَّةِ الدَّعْوَةِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ، وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ المُرَادَ بِالنَّاسِ هُنَا لَبِيدُ بْنُ الأعْصَمِ؛ لأنَّهُ كَانَ مُنَافِقًا فَأَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لا يُثِيرَ عَلَيْهِ شَرًّا؛ لأنَّهُ كَانَ يُؤْثِرُالإِغْضَاءَ عَمَّنْ يُظْهِرُالإِسْلامَ وَلَوْ صَدَرَ مِنْهُ مَا صَدَرَ، وَقَدْ وَقَعَ أَيْضًا فِي رِوَايَةِابْنِ عُيَيْنَةَ: " وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ شَرًّا ".
نَعَمْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ: "فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ قَتَلْتَه؟ قَالَ: مَا وَرَاءَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَشَدُّ". وَفِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ: "فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاعْتَرَفَ، فَعَفَا عَنْهُ". وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: "فَمَا ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ اليَهُودِيِّ شَيْئًا مِمَّا صَنَعَ بِهِ، وَلا رَآهُ فِي وَجْهِه". وَفِي مُرْسَلِ عُمَرَابْنِالحَكَمِ: " فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: حُبُّ الدَّنَانِيرِ ". وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِالجِزْيَةِ قَوْلُابْنِ شِهَابٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْتُلْهُ، وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ مِنْ مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ أَيْضًا أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ، وَنُقِلَ عَنِالوَاقِدِيِّ أَنَّ ذَلِكَ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ قَتَلَهُ، وَمِنْ ثَمَّ حَكَى عِيَاضٌ فِي " الشِّفَاءِ " قَوْلَيْنِ: هَلْ قُتِلَ، أَمْ لَمْ يُقْتَلْ؟ وَقَالَ القُرْطُبِيُّ: لا حُجَّةَ عَلَى مَالِكٍ مِنْ هَذِهِ القِصَّةِ؛لأنَّ تَرْكَ قَتْلِ لَبِيدِ بْنِ الأعْصَمِ كَانَ لِخَشْيَةِ أَنْ يُثِيرَ بِسَبَبِ قَتْلِه فِتْنَةً، أَوْ لِئَلا يُنَفِّرَ النَّاسَ عَنِ الدُّخُولِ فِي الإِسْلامِ، وَهُوَ مِنْ جِنْسِ مَا رَاعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَنْعِ قَتْلِالمُنَافِقِينَ حَيْثُ قَالَ: " لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ ".
قَوْلُه: (فَأَمَرَ بِهَا) أَيْ بِالبِئْرِ (فَدُفِنَتْ)
وَهَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِابْنِ نُمَيْرٍ وَغَيْرِه عَنْ هِشَامٍ، وَأَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَقِبَ رِوَايَةِابْنِ نُمَيْرٍ، وَقَالَ: " لَمْ يَقُلْ أَبُو أُسَامَةَ فِي رِوَايَتِه: فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ ". قُلْتُ: وَكَأَنَّ شَيْخَه لَمْ يَذْكُرْهَا حِينَ حَدَّثَهُ، وَإِلا فَقَدْ أَوْرَدَهَا البُخَارِيُّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، كَمَا فِي البَابِ بَعْدَه، وَقَالَ فِي آخِرِه: " فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ "، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِي مُرْسَلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ " أَنَّ الحَارِثَ بْنَ قَيْسٍ هَوَّرَهَا ".
قَوْلُه: (تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ) هُوَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، وَتَأْتِي رِوَايَتُه مَوْصُولَةً بَعْدَ بَابَيْنِ.
قَوْلُه: (وَأَبُو ضَمْرَةَ) هُوَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، وَسَتَأْتِي رِوَايَتُه مَوْصُولَةً فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ.
قَوْلُه: (وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ) هُوَ عَبُدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ، وَلَمْ أَعْرِفْ مَنْ وَصَلَهَا بَعْدُ.
قَوْلُه: (وَقَالَ اللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ)
كَذَا لأبِي ذَرٍّ، وَلِغَيْرِهِ: " وَمُشَاقَةٍ "، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَإِلا لاتَّحَدَتِ الرِّوَايَاتُ، وَرِوَايَةُ اللَّيْثِ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي بَدْءِالخَلْقِ، وَرِوَايَةُابْنِ عُيَيْنَةَ تَأْتِي مَوْصُولَةً بَعْدَ بَابٍ. وَذَكَرَ المِزِّيُّ فِي " الأطْرَافِ " تَبَعًا لِخَلَفٍ أَنَّ البُخَارِيَّ أَخْرَجَهُ فِي الطِّبِّ عَنِالحُمَيْدِيِّ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِابْنِ عُيَيْنَةَ، وَطَرِيقُالحُمَيْدِيِّ مَا هِيَ فِي الطِّبِّ فِي شَيْءٍ مِنَ النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي " المُسْتَخْرَجِ " مِنْ طَرِيقِالحُمَيْدِيِّ وَقَالَ بَعْدَه: " أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ "، لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْ أَبُو مَسْعُودٍ فِي أَطْرَافِه الحُمَيْدِيَّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُه: (وَيُقَال المُشَاطَة مَا يَخْرُج مِنَ الشَّعْر إِذَا مُشِطَ) هَذَا لا اخْتِلاف فِيهِ بَيْن أَهْل اللُّغَة، قَالَ ابْن قُتَيْبَة: المُشَاطَة مَا يَخْرُج مِنَ الشَّعْر الَّذِي سَقَطَ مِنَ الرَّأْس إِذَا سُرِّحَ بِالمُشْطِ، وَكَذَا مِنَ اللِّحْيَة.
قَوْلُه: (وَالمُشَاطَةُ مِنْ مُشَاطَةِالكَتَّانِ) كَذَا لأبِي ذَرٍّ كَأَنَّ المُرَادَ أَنَّ اللَّفْظَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الشَّعْرِ إِذَا مُشِطَ وَبَيْنَالكَتَّانِ إِذَا سُرِّحَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ: " وَالمُشَاقَةُ "، وَهُوَ أَشْبَهُ، وَقِيلَ: المُشَاقَةُ هِيَ المُشَاطَةُ بِعَيْنِهَا، وَالقَافُ تُبْدَلُ مِنَ الطَّاءِ لِقُرْبِ المَخْرَجِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ).
[فتح الباري:241-242]


رد مع اقتباس
  #27  
قديم 6 جمادى الأولى 1435هـ/7-03-2014م, 11:07 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

ما صنع النبي صلى الله عليه وسلم بمن سحره؟


قالَ عبدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت:211هـ): (عن مَعْمَرٍ، عن الزهريِّ، عن ابنِ المسيَّبِ وعروةَ بنِ الزُّبيرِ، أنَّ يهودَ بني زُرَيقٍ سَحَرُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، وَلَمْ يُذْكَرْ أنَّه قَتَلَ مِنْهُم أَحَدًا). [مصنف عبد الرزاق:6/65]
قالَ عبدُ اللهِ بنُ محمَّدٍ ابنُ أبي شَيبَةَ العَبْسِيُّ (ت:235هـ): (حَدَّثَنا أبو مُعَاويةَ، عَنِ الأعمَشِ، عَن يزيدَ بنِ حَيَّان، عَن زَيدِ بنِ أَرْقَمَ قَالَ: سَحَرَ النبيَّ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ منَ اليهودِ، فَاشْتَكَى النَّبيُّ صلَّى اللهُعليهِ وسلَّمَ لِذلكَ أياماً، فَأتَاهُ جبرِيلُ فَقَالَ: إنَّ رَجُلاً منَ اليهودِ سَحَرَكَ، عَقَدَ لكَ عُقَداً، فأرسلَ إليهَا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عليًّا، فاستخرَجَها، فجَاءَ بهَا، فجَعَلَ كُلَّمَا حَلَّ عُقْدَةً وجَدَ لذلكَ خِفَّةً، فقَامَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كأنَّمَا نُشِطَ من عِقَالٍ، فمَا ذكَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ ذلكَ اليهوديَّ ولا رَآه في وَجهِهِ قَطُّ). [مصنف ابن أبي شيبة:5/435] (م)
قالَ أحمدُ بنُ محمدِ بنِ حنبلٍ الشَّيْبَانيُّ (ت:241هـ): (حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: سَحَرَ النَّبيَّ -صلى اللهُ عليه وسلم- رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ. قَالَ: فَاشْتَكَى لِذَلِكَ أَيَّاماً. قَالَ فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ: إِنَّ رَجُلاً مِنَ اليَهُودِ سَحَرَكَ، عَقَدَ لَكَ عُقَداً عُقَداً في بِئْرِ كَذَا وَكَذَا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا مَنْ يَجِيءُ بِهَا. فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللهُ عليه وسلم- عَلِيًّا فَاسْتَخْرَجَهَا، فَجَاءَ بِهَا فَحَلَّلَهَا. قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللهُ عليه وسلَّمَ- كَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَمَا ذَكَرَ لِذَلِكَ اليَهُودِيِّ وَلا رَآهُ في وَجْهِهِ قَطُّ حَتَّى مَاتَ). [مسند الإمام أحمد:32/14]
قالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ التُّسْتَرِيُّ (ت: 283هـ): (فكَانَ لَبِيدٌ بَعْدَ ذَلِكَ يَأْتِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فمَا رَأَى فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَلا ذَاكَرَهُ ذَلِكَ). [تفسير التستري: 210]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبِيُّ (ت: 427هـ): (قالَ: فقالوا: يا رسولَ اللَّهِ، أفلا نَأْخُذُ الخَبِيثَ فنَقْتُلُه؟ فقالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا)).
قالَتْ عائشةُ: ما غَضِبَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غضباً يَنْتَقِمُ مِن أحدٍ لنفسِه قَطُّ، إلاَّ أنْ يكونَ شيئاً هو للهِ سُبْحَانَهُ، فيَغْضَبُ للهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى ويَنْتَقِمُ).
[الكشف والبيان: 10/338-339]


رد مع اقتباس
  #28  
قديم 6 جمادى الأولى 1435هـ/7-03-2014م, 11:08 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

هل رَقَى جبريلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالمعوِّذتين من السحر؟

قالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبِيُّ (ت: 427هـ): ِكْرُ القِصَّةِ: قالَ ابنُ عَبَّاسٍ وعائشةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، دَخَلَ حديثُ بعضِهِما في بعضٍ: كانَ غلامٌ مِن اليهودِ يَخْدُمُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فدَبَّتْ إليه اليهودُ، فلم يَزَالُوا به حتى أَخَذَ مُشَاطَةَ رأسِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعِدَّةَ أسنانٍ مِن مُشْطِهِ، فأَعْطَاهَا اليهودَ، فسَحَرُوه فيها، وكانَ الذي تَوَلَّى ذلك رجلٌ مِنهم يقالُ له: لَبِيدُ بنُ أَعْصَمَ، ثمَّ دَسَّهَا في بِئْرٍ لبني زُرَيْقٍ يقالُ له: ذَرْوَانُ، فمَرِضَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وانْتَثَرَ شعَرُ رأسِه، ولَبِثَ ستَّةَ أشهرٍ يَرَى أنه يأتي النساءَ ولا يَأْتِيهِنَّ، وجَعَلَ يَذُوبُ ولا يَدْرِي ما عَرَاه، فَبَيْنَا هو نائمٌ إذ أتاه مَلَكَانِ، فقَعَدَ أحدُهما عندَ رأسِه والآخَرُ عندَ رِجْلَيْهِ، فقالَ الذي عندَ رِجْلَيْهِ للذي عندَ رأسِه: ما بالُ الرجلِ؟ قالَ: طُبَّ. قالَ: وما طُبَّ؟ قالَ: سُحِرَ. قالَ: ومَن سَحَرَه؟ قالَ: لَبِيدُ بنُ أَعْصَمَ اليَهُودِيُّ. قالَ: وبِمَ طَبَّه؟ قالَ: بمُشْطٍ ومُشاطَةٍ. قالَ: وأينَ هو؟ قالَ: في جُفِّ طَلْعَةٍ، تَحْتَ رَاعُوثَةٍ في بِئْرِ ذَرْوَانَ - والجُفُّ: قِشْرُ الطَّلْعِ، والرَّاعُوثَةُ حَجَرٌ في أسفلِ البئرِ ناتِئٌ يقومُ عليه الماتِحُ - فانْتَبَه رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مذعوراً وقالَ: ((يَا عَائِشَةُ، أَمَا شَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَنِي بِدَائِي؟)).
ثُمَّ بعَثَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليًّا والزُّبَيْرَ وعمَّارَ بنَ ياسرٍ، فنَزَحُوا ماءَ تِلكَ البِئْرِ كأنه نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، ثمَّ رَفَعُوا الصخرةَ وأَخْرَجُوا الجُفَّ، فإذا فيه مُشاطةُ رأسِه وأسنانٌ مِن مُشْطِه، وإذا فيه وَتَرٌ معقودٌ فيه اثْنَتَا عَشْرَةَ عُقْدَةً مَغْرُوزَةً بالإِبَرِ، فأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هاتيْن السورتيْن، فجَعَلَ كُلَّمَا يَقْرَأُ آيةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، ووَجَدَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِفَّةً حينَ انْحَلَّتِ العقدةُ الأخيرةُ، فقامَ كأنما أُنْشِطَ مِن عِقالٍ، وجَعَلَ جِبْرِيلُ عليه السلامُ يقولُ: ((بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ؛ مِنْ حَاسِدٍ وَعَيْنٍ، وَاللَّهُ يَشْفِيكَ)).
قالَ: فقالوا: يا رسولَ اللَّهِ، أفلا نَأْخُذُ الخَبِيثَ فنَقْتُلُه؟ فقالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا)).
قالَتْ عائشةُ: ما غَضِبَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غضباً يَنْتَقِمُ مِن أحدٍ لنفسِه قَطُّ، إلاَّ أنْ يكونَ شيئاً هو للهِ سُبْحَانَهُ، فيَغْضَبُ للهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى ويَنْتَقِمُ). [الكشف والبيان: 10/338-339]
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (أدخلَ الثعلبيُّ عدةَ أحاديثَ بعضَها في بعضٍ وتبِعه على ذلك عددٌ من المفسرين، وسبق إيرادُ أقوالِهم بما يُغني عن إعادتِه، قال ابنُ كثيرٍ متعقباً الثعلبيَّ: (هكذا أَوْرَدَهُ بِلا إِسْنَادٍ, وفيهِ غَرَابَةٌ وفي بَعْضِه نَكَارَةٌ شَدِيدَةٌ, ولبَعْضِه شَوَاهِدُ مِمَّا تَقَدَّمَ, واللَّهُ سبحانَه وتعالى أَعْلَمُ).
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: ومن ذلك جعلُه رقيةَ جبريلِ للنبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم في سياقِ هذه القصةِ، وقد سبق الكلامُ على ضعفِ هذه الزيادةِ).
قالَ مَحْمُودُ بنُ حَمْزَةَ بنِ نَصْرٍ الكِرْمَانِيُّ (ت: 525هـ): (سببُ نُزولِ السُّورَتَيْنِ: أنَّ غُلامًا كانَ يَخْدُمُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، فدَسَّتْ إليه اليَهُودُ، ولم يَزالُوا به حتى أخَذَ مُشَاطَةَ رَأْسِه عليه السلامُ وعِدَّةَ أسنانٍ مِن مُشْطٍ، فأعطاها اليهودَ، فسَحَرُوهُ فيها... فأَنزَلَ اللهُ هاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ إحدى عَشْرَةَ آيةً على عَدِّ العُقَدِ، فجَعَلُوا كُلَّمَا حَلُّوا عُقدَةً وجَدَ عليه السلامُ خِفَّةً حتى حَلُّوا العُقَدَ، فقامَ كأنما نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، وجَعَلَ جِبريلُ عليه السلامُ يقولُ: باسمِ اللهِ أَرْقِيكَ مِن كُلِّ شيءٍ يُؤْذِيكَ، ومِن حاسِدٍ وعينٍ، واللهُ يَشْفِيكَ). [غرائب التفسير: 2/1411-1412]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ابْنُ العَرَبِيِّ (ت: 543هـ): (سُورَةُ الفَلَقِ وَالنَّاسِ فِيهِمَا ثَلاثُ مَسَائِلَ:
المَسْأَلَةُ الأولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهِمَا:
رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُحِرَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلَ إلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَلا يَفْعَلُهُ، فَمَكَثَ كَذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ، ثُمَّ قَالَ: ((يَا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟ أَتَانِي مَلَكَانِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، قَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ: مَا شَأْنُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأعْصَمِ. فَقَالَ: فِي مَاذَا؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، تَحْتَ رَاعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ)). فَجَاءَ البِئْرَ وَاسْتَخْرَجَهُ. انْتَهَى الصَّحِيحُ.
زَادَ غَيْرُهُ: ((فَوَجَدَ فِيهَا إحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَيْهِ بِالمُعَوِّذَتَيْنِ إحْدَى عَشرَةَ آيَةً، فَجَعَلَ كُلَّمَا قَرَأَ آيَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، حَتَّى انْحَلَّتِالعُقَدُ، وَقَامَ كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ)). أَفَادَنِيهَا شَيْخُنَا الزَّاهِدُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَدْرَانَ الصُّوفِيُّ). [أحكام القرآن: 4/1996] (م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَحْمُودٍ النَّسَفِيُّ (ت: 710هـ):(رُوِيَ أنه عَلَيهِ السلامُ سُحِرَ فمَرِضَ... فنَزَلَتْ هاتانِ السُّورتَانِ، فكُلَّمَا قرَأ جِبريلُ آيةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، حتَّى قام صلَّى اللَّهُ عَلَيْه وسلَّمَ عندَ انْحلالِ العُقْدَةِ الأخيرةِ كأنَّمَا نُشِطَ من عِقالٍ، وجعَلَ جِبريلُ يَقولُ: باسمِ اللهِ أرْقِيكَ، واللهُ يَشْفِيكَ، من كلِّ داءٍ يُؤْذِيكَ). [مدارك التنزيل:3/2016] (م)
قالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الخَازِنُ (ت: 725هـ): (فأَنْزَلَ اللَّهُ هاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ، وهما إحدى عَشْرةَ آيَةً؛ سورةُ الفَلَقِ خمسُ آياتٍ، وسورةُ الناسِ ستُّ آياتٍ، فكانَ كُلَّمَا قَرَأَ آيَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، حتَّى انحلَّتِ العُقَدُ كلُّها، فقامَ النبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كأَنَّما نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ).
[لباب التأويل: 4/500]


رد مع اقتباس
  #29  
قديم 6 جمادى الأولى 1435هـ/7-03-2014م, 11:09 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التداوي من السحر


قالَ ابْنُ القَيِّمِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّرَعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ (ت: 751 هـ): (فصل: في هَدْيِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في علاجِ السِّحرِالذي سحرَتْه اليهودُ به.
قد أنكر هذا طائفةٌ من الناسِ، وقالوا: لا يجوزُ هذا عليه، وظنوه نقصاً وعيباً، وليس الأمرُ كما زَعَموا، بل هو من جنسِ ما كانَ يَعتَريه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأسقامِ والأوجاعِ، وهو مرضٌ من الأمراضِ، وإصابتُه به كإصابتِه بالسُّمِّ، لا فرقَ بينهما.وقد ثبت في "الصحيحينِ" عن عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها، أنها قالت: "سُحِرَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى إنْ كانَ لَيُخَيَّلُ إليه أنه يأتي نِساءَه، ولم يَأتِهِنَّ"، وذلك أشدُّ ما يكونُ مِن السِّحرِ.
قال القاضي عِيَاضٌ: والسِّحرُ مرضٌ من الأمراضِ، وعارضٌ من العللِ يجوزُ عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأنواعِ الأمراضِ ممَّا لا يُنكَرُ، ولا يَقْدَحُ في نُبُوَّتِه، وأمَّا كونُه يُخَيَّلُ إليه أنه فعل الشيءَ ولم يفعلْه، فليسَفي هذا ما يُدْخِلُ عليه داخلةً في شيءٍ من صِدقِه، لقيامِ الدليلِوالإجماعِ على عِصمتِه من هذا، وإنَّما هذا فيما يجوزُ طُرُوُّه عليه في أمر دنياه التى لم يُبعثْ لسببِها، ولا فُضِّل مِن أجلها، وهو فيها عُرضةٌ للآفاتِ كسائرِ البَشَرِ، فغيرُ بعيدٍ أنه يُخيَّلَ إليه من أُمورِها ما لا حقيقةَ له، ثم يَنْجَلِي عنه كما كانَ.
والمقصودُ: ذِكرُ هَدْيِه في علاجِ هذا المرضِ، وقد رُوِيَ عنه فيه نوعانِ:
أحدُهما وهو أبلغُهما: استخراجُه وإبطالُه، كما صحَّ عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سأل ربَّه سبحانَه في ذلك؛ فدُلَّ عليه، فاستَخْرَجه من بئرٍ، فكان في مُشْطٍ ومُشَاطَةٍ، وجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، فلمَّا استَخْرَجَه ذهَب ما به، حتى كأنَّما أُنْشِطَ من عِقالٍ، فهذا من أبلغِ ما يُعالَجُ به المَطْبُوبُ، وهذا بمنزلةِ إزالةِ المادةِ الخبيثةِ وقلْعِها مِن الجسدِ بالاستفراغِ.
والنوعُ الثاني: الاستفراغُ في المحلِّالذي يَصِلُ إليه أذى السِّحر، فإنَّ للسِّحرِ تأثيراً في الطبيعةِ، وهَيَجانِ أخلاطِها، وتشويشِ مِزاجِها، فإذا ظهرَ أثرُهُ في عُضوٍ، وأمكنَ استفراغُ المادةِ الرديئةِ من ذلك العضوِ، نَفَع جدًّا.
وقد ذكرَ أبو عُبيدٍ في كتابِ "غريبِ الحديثِ" له بإسنادِه، عن عبد الرحمنِ بنِ أبي لَيْلَى، أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجمَ على رأسِه بقَرْنٍ حينَ طُبَّ، قال أبو عُبيدٍ: معنى طُبَّ: أي: سُحِرَ.
وقد أشكَلَ هذا على مَن قَلَّ عِلمُه، وقال: ما للحجامةِ والسِّحرِ؟ وما الرابطةُ بينَ هذا الداءِ وهذا الدواءِ؟ ولو وَجد هذا القائلُ "أبقْرَاطَ"، أو "ابنَ سِينا" أو غيرَهما قد نَصَّ على هذا العلاجِ، لَتَلقَّاه بالقبولِ والتسليمِ، وقال: قد نَصَّ عليه مَن لا يُشَكُّ في معرفتِه وفضلِه.
فاعلمْ أنَّ مادةَ السِّحرِالذي أُصيبَ به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتهت إلى رأسِه إلى إحدى قُواه التي فيه بحيثُ كانَ يُخيَّلُ إليه أنه يفعَلُ الشيءَ ولم يفعلْه، وهذا تصرُّفٌ من الساحرِفي الطبيعةِ والمادةِ الدمويةِ بحيثُ غلبَتْ تلك المادةُ على البطنِ المقدَّمِ منه، فغيَّرتْ مِزاجَه عن طبيعتِه الأصليةِ.
والسِّحر: هو مركَّبٌ من تأثيراتِ الأرواحِ الخبيثةِ، وانفعالِ القُوَى الطبيعيةِ عنها، وهو سحرُ التمريحاتِ، وهو أشدُّ ما يكون من السِّحر، ولا سيَّما في الموضع الذي انتهى السِّحرُ إليه، واستعمالُ الحجامةِ على ذلك المكانِالذي تضررتْ أفعالُه بالسِّحر من أنفعِ المعالجةِ إذا استُعْمِلَتْ على القانونِالذي ينبغى.
قال "أبقْرَاطُ": الأشياءُ التي يَنبغى أنْ تُسْتَفْرَغَ يجِبُ أَنْ تُستفرغَ من المواضعِ التى هي إليها أميلُ بالأشياءِ التي تصلُحُ لاستفراغِها.
وقالت طائفةٌ من الناسِ: إنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أُصيب بهذا الداءِ، وكان يُخيَّلُ إليه أنه فعل الشيءَ ولم يفعلْه،ظَنَّ أن ذلك عن مادةٍ دمويةٍ أو غيرِها مالت إلى جهةِ الدماغِ، وغلبَتْ على البطنِ المقدَّمِ منه، فأزالت مِزاجَه عن الحالةِ الطبيعيةِ له، وكان استعمالُ الحجامةِ إذ ذاك مِن أبلغِ الأدويةِ، وأنفعِ المعالجةِ، فاحتجم، وكان ذلك قبل أن يُوحى إليه أنَّ ذلك من السِّحرِ، فلما جاءه الوحيُ من الله تعالى، وأخبره أنه قد سُحِرَ، عدلَ إلى العلاجِ الحقيقيِّ وهو استخراجُ السِّحر وإبطالُه، فسأل اللهَ سبحانَه، فدَلَّه على مكانِه، فاستخرجه، فقام كأنما أُنْشِطَ من عِقالٍ، وكان غايةُ هذا السِّحرِ فيه إنما هو في جسدِه، وظاهِرِ جوارحِه، لا على عقلِه وقلبِه، ولذلك لم يكُنْ يعتَقِدُ صحةَ ما يُخيَّلُ إليه من إتيانِ النساءِ، بل يعلَمُ أنه خيالٌ لا حقيقةَ له، ومثلُ هذا قد يَحدُثُ من بعضِ الأمراضِ.. والله أعلمُ.
فصل: ومن أنفعِ علاجاتِ السِّحرِ الأدويةُ الإلهيةُ، بل هي أدويتُه النافعةُ بالذاتِ، فإنه من تأثيراتِ الأرواحِ الخبيثةِ السُّفْليةِ، ودفعُ تأثيرِها يكونُ بما يُعارِضُها ويُقاومُها من الأذكارِ، والآياتِ، والدعواتِ التى تُبْطِلُ فعلَها وتأثيرَها، وكلما كانتْ أقوَى وأشدَّ، كانت أبلغَ في النُّشْرةِ، وذلك بمنزلةِ الْتِقَاءِ جيشينِ معَ كلِّ واحدٍ منهما عُدَّتُه وسلاحُه، فأيُّهما غلَبَ الآخَرَ، قَهَرَهُ، وكان الحكمُ له، فالقلبُ إذا كانَ مُمتلئاً من اللهِ، مغموراً بذِكْرِه، وله من التوجُّهاتِ والدعواتِ والأذكارِ والتعوُّذاتِ وِرْدٌ لا يُخِلُّ به يُطابِقُ فيه قلبُه لسانَه، كان هذا مِن أعظمِ الأسبابِ التى تمنَعُ إصابةَ السِّحرِ له، ومن أعظمِ العلاجاتِ له بعدَما يُصيبُه.
وعندَ السَّحَرَةِ: أنَّ سِحرَهم إنما يَتِمُّ تأثيرُه في القلوبِ الضعيفةِ المنفعِلةِ، والنفوسِ الشهوانيَّةِ التي هى معلَّقةٌ بالسُّفلياتِ، ولهذا فإن غالِبَ ما يؤثِّرُفي النساءِ، والصبيانِ، والجُهَّالِ، وأهلِ البوادي، ومَن ضَعُف حظُّه من الدينِ والتوكُّلِ والتوحيدِ، ومَن لا نصيبَ له من الأورادِ الإلهيةِ والدعواتِ والتعوُّذاتِ النبويةِ.
وبالجملةِ فسلطانُ تأثيرِه في القُلوبِ الضعيفةِ المنفعلةِ التي يكونُ مَيلُها إلى السُّفلياتِ.
قالوا: والمسحورُ هو الذي يُعينُ على نفسِه، فإنَّا نجِدُ قلبَه متعلقاً بشيءٍ، كثيرَ الالتفاتِ إليه، فيَتسلَّطُ على قلبِه بما فيه مِن الميلِ والالتفاتِ، والأرواحُ الخبيثةُ إنما تَتسلَّطُ على أرواحٍ تلقاها مستعِدَّةً لتسلُّطِها عليها بميلِها إلى ما يناسبُ تلك الأرواحَ الخبيثةَ، وبفراغِها من القوةِ الإلهيةِ، وعدمِ أخذِها للعُدَّةِ التي تُحاربُها بها، فتجدُها فارغةً لا عُدَّةَ معَها، وفيها مَيلٌ إلى ما يُناسبُها؛ فتتسلَّطُ عليها، ويتمَكَّنُ تأثيرُها فيها بالسِّحرِ وغيرِه.. واللهُ أعلمُ).
[زاد المعاد:4/124-126]


رد مع اقتباس
  #30  
قديم 6 جمادى الأولى 1435هـ/7-03-2014م, 11:09 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

احتجامه صلى الله عليه وسلم حين سُحِرَ

قالَ أَبو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت:224هـ): (فِي حَدِيثِ النبيِّ عَلَيهِ السَّلامُ أنَّه احتجَمَ علَى رَأسِهِ بقَرْنٍ حِينَ طُبَّ.
القَرْنُ لَيسَ هُو بالمنزِلِ الَّذِي يُذْكَرُ، إِنَّمَا هُوَ شَبيهُ المِحْجَمةِ). [غريب الحديث:2/43]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدِ بنِ مَنِيعٍ الزُّهْرِيُّ (ت:230هــ): (أَخبرَنا هِشَامٌ أَبو الوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، أَخبرَنا أبو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَينٍ، عَن عَبدِالرَّحمنِ بنِ أَبي لَيْلَى قَالَ: طُبَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَحَجَمَهُ بقَرْنٍ عَلَى ذُؤَابَتَيهِ). [الطبقات الكبرى: 2/201]
قال عبد العزيز بن داخل المطيري:(رواه الطبرانيُّ في المعجمِالكبيرِ مسنداً دونَ ذِكْرِ السحرِ، ورجالُه ثِقاتٌ).


رد مع اقتباس
  #31  
قديم 6 جمادى الأولى 1435هـ/7-03-2014م, 11:10 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

ما وقع لبعض الصحابة من السحر


قصة سحر عائشة رضي الله عنها
قالَ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ فَرْقَدٍ الشَّيْبَانِيُّ (ت:189هـ): (أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا أَبو الرِّجَالِ مُحَمَّدُ بنُ عبدُ الرحمنِ، عن أُمِّهِ عَمْرَةَ بنتِ عبدِ الرَّحمنِ، أَنَّ عائشةَ زوجَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ كانَتْ أَعتقَتْ جَاريةً لهَا عَن دُبُرٍ مِنْهَا، ثُمَّ إِنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ اشْتَكَتْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَشْتَكِيَ، ثُمَّ إِنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا رَجُلٌ سِنْدِيٌّ فَقَالَ لهَا: أَنْتِ مَطْبُوبَةٌ. فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: وَيْلَكَ، مَنْ طَبَّنِي؟
قال: امرأةٌ من نَعْتِها كذَا وكذَا. فَوصَفَها، وقال: إِنَّ في حَجْرِهَا الآنَ صبيٌّ قَدْ بَالَ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: ادْعُوا لي فُلانةَ -جاريةً كانَتْ تَخْدِمُهَا- فَوجَدُوها في بيت جيرانٍ لَهم في حَجْرِها صَبيٌّ. قَالت: الآنَ حتَّى أَغْسِلَ بولَ هذَا الصَّبيِّ. فَغَسَلَتْهُ ثُمَّ جَاءَتْ، فَقَالَتْ لهَا عَائِشَةُ: أَسَحَرْتِنِي؟
قَالتْ: نَعَمْ.
قَالَتْ: لم؟
قَالَتْ: أَحْبَبْتُ العِتْقَ.
قَالَتْ : فَوَاللهِ لا تُعتقينَ أبدًا.
ثمَّ أَمَرَتْ عائشةُ ابنَ أُختِهَا أنْ يَبيعَهَا مِنَ الأعرابِ مِمَّن يُسِيءُ ملكَتَهَا. قَالَتْ : ثُمَّ ابْتَعْ لِي بثَمنِهَا رَقَبَةً، ثُمَّ أَعْتِقْهَا.
فقالتْ عَمْرَةُ : فلبِثَتْ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا مَا شَاءَ اللهُ مِنَ الزَّمَانِ، ثُمَّ إِنَّهَا رَأَتْ فِي المنَامِ أَنِ اغْتَسِلِي مِن آبارٍ ثَلاثَةٍ يَمُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا؛ فَإِنَّكِ تُشْفَيْنَ.
فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ إِسمَاعيلُ بنُ أَبي بكْرٍ وَعبدُ الرَّحمَنِ بنُ سَعْدِ بنِ زُرَارَةَ، فَذَكَرَتْ لَهُمْ عَائِشَةُ الذي رَأَتْ، فَانطَلَقَا إِلَى قَنَاةٍ فَوَجَدا آبارًا ثَلاثَةً يَمُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَاسْتَقَوْا مِن كلِّ بئْرٍ مِنْهَا ثَلاثَ شُجُبٍ حَتَّى مَلَؤُوا الشُّجُبَ مِن جَمِيعِهَا، ثُمَّ أَتَوْا بذَلِكَ الماءِ إِلَى عَائِشَةَ فَاغْتَسَلَتْ فِيهِ فَشُفِيَتْ.
قالَ مُحَمَّدٌ: أَمَّا نَحْنُ فَلا نَرى أَنْ يُبَاعَ المدَبَّرُ، وَهُوَ قَولُ زَيدِ بنِ ثابتٍ، وَعبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَبهِ نَأْخُذُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبي حَنِيفَةَ وَالعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا). [الموطأ برواية محمد بن الحسن]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (وَرَدَ هَذَا الْخَبَرُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ لِلْمُوَطَّإِ، وَرِوَايَةِ أَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ، وَخَلَتْ مِنْهُ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى اللَّيْثِيِّ الَّتِي هِيَ أَشْهَرُ نُسَخِ الْمُوَطَّإِ.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الرِّجَالِ بِهِ. وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ أَنَّ السِّنْدِيَّ دَخَلَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا ذَهَبَ بَنُو أَخِيهَا إِلَيْهِ، فَسَأَلُوهُ كَمَا يُسْأَلُ الطَّبِيبُ، لِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَتَطَبَّبُ؛ فَلَمَّا أَخْبَرَ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ لَمْ تُسَارِعْ إِلَى تَصْدِيقِهِ، وَإِنَّمَا تَحَرَّتْ وَسَأَلَتِ الْجَارِيَةَ، فَلَمَّا اعْتَرَفَتِ الْجَارِيَةُ عَاقَبَتْهَا بِمَا عَاقَبَتْهَا بِهِ. فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ إِنْسَانًا نَحْوُ مَا بَلَغَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَيَنْبَغِي عَلَيْهِ أَلَّا يَتَسَرَّعَ فِي التَّصْدِيقِ، بَلْ يَسْأَلُ وَيَتَحَرَّى؛ لِئَلَّا يَأْخُذَ بَرِيئًا بِغَيْرِ ذَنْبٍ.
وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَجَازَ الذَّهَابَ إِلَى السَّحَرَةِ وَسُؤَالَهُمْ حَلَّ السِّحْرِ؛ فَإِنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمْ تَطْلُبْ مِنْهُ حَلَّ السِّحْرِ، وَلَا سَأَلَتْهُ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَلَمْ تَسْتَوْصِفْ مِنْهُ دَوَاءً لِمَرَضِهَا، بَلْ بَقِيَتْ شَاكِيَةً إِلَى أَنْ رَأَتْ رُؤْيَا كَانَ فِيهَا إِرْشَادُهَا إِلَى سَبَبِ شِفَائِهَا).
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت:211هـ): (عَنِ ابنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبي الرِّجَالِ، عَن عَمْرَةَ قَالَتْ: مَرِضَتْ عَائِشَةُ فَطَالَ مَرَضُهَا؛ فَذَهَبَ بَنُو أَخِيهَا إِلَى رَجُلٍ فَذَكَرُوا مَرَضَهَا؛ فَقَالَ: إِنَّكُم لَتُخبرُونِي خَبرَ امْرَأَةٍ مَطْبُوبَةٍ.
قالَ: فَذَهَبُوا يَنْظُرونَ، فَإِذَا جَارِيَةٌ لَهَا سَحَرَتْهَا، وَكَانَتْ قَدْ دَبَّرَتْهَا، فَسَأَلتْهَا فَقَالت: مَا أَرَدْتِ مِنِّي؟
فَقَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ تَمُوتِي حَتَّى أَعْتِقَ.
قَالَتْ: فَإِنَّ للهِ عَلَيَّ أَنْ تُبَاعِي مِنْ أَشَدِّ العَرَبِ مَلَكَةً. فَبَاعَتْهَا وَأَمَرَتْ بِثَمَنِهَا أَنْ يُجْعَلَ فِي غَيرِهَا). [مصنف عبد الرزاق:10/183]
قالَ أَحْمَدُ بنُ محمَّدِ بنِ حَنْبَلٍ الشَّيْبَانِيُّ (ت:241هـ): (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَخِي عَمْرَةَ - يَعْنِي هَذَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخِفُّ الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى أَقُولُ: قَرَأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ أَمْ لا؟).
-حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَخِي عَمْرَةَ، وَلا أَدْرِي هَذَا أَوْ غَيْرَه، عَنْ عَمْرَةَ قَالَتْ: اشْتَكَتْ عَائِشَةُ فَطَالَ شَكْوَاهَا، فَقَدِمَ إِنْسَانٌ المَدِينَةَ يَتَطَبَّبُ، فَذَهَبَ بَنُو أَخِيهَا يَسْأَلُونَهُ عَنْ وَجَعِهَا، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّكُمْ تَنْعَتُونَ نَعْتَ امْرَأَةٍ مَطْبُوبَةٍ.
قَالَ: هَذِهِ امْرَأَةٌ مَسْحُورَةٌ سَحَرَتْهَا جَارِيَةٌ لَهَا.
قَالَتْ: نَعَمْ، أَرَدْتُ أَنْ تَمُوتِي فَأَعْتِقَ. قَالَ: وَكَانَتْ مُدَبَّرَةً. قَالَتْ: بِيعُوهَا فِي أَشَدِّ العَرَبِ مَلَكَةً وَاجْعَلُوا ثَمَنَهَا فِي مِثْلِهَا). [مسند الإمام أحمد: 40/154]
قالَ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ الدَّارَقُطْنِيُّ (ت:385هـ): (نا أَبُو مُحَمَّدِ بنُ صَاعِدٍ، نا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، نا عَبْدُ الوَّهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: أَخْبَرنِي ابنُ عَمْرَةَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَارِثَةَ - وهو أبو الرِّجَالِ - عَنْ عَمْرَةَ، أنَّ عائشةَ أصَابهَا مَرَضٌ، وأنَّ بعضَ بَنِي أَخيهَا ذكَرُوا شَكْوَاهَا لِرَجُلٍ مِنَ الزُّطِّ يَتَطَبَّبُ، وَأَنَّهُ قَالَ لَهم: ( إنَّكم لَتذكُرونَ امرأةً مَسْحُورَةً سَحَرَتْهَا جَارِيَةٌ لَها، في حَجْرِ الجَارِيَةِ الآنَ صَبِيٌّ قَدْ بالَ في حَجْرِهَا). فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فقَالَت: ادْعُوا لِي فُلانَةَ. لِجَارِيَةٍ لَهَا، فَقَالُوا: فِي حَجْرِهَا فُلانٌ -صَبِيٌّ لَهُم-قَد بَالَ فِي حَجْرِهَا، فَقَالَتْ: ائتُونِي بهَا، فأُتِيَتْ بهَا، فَقَالَتْ: سَحَرْتِينِي؟
قالَتْ: نَعَمْ، قَالَتْ: لِمَهْ؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أَعْتِقَ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ أَعْتَقَتْهَا عَنْ دُبُرٍ مِنْهَا، فَقَالَتْ: إِنَّ للهِ عَلَيَّ أَنْ لا تَعْتِقِي أَبَدًا، انظُرُوا أَسْوَأَ العَرَبِ مَلَكَةً فَبِيعُوهَا مِنْهُم. واشْتَرَتْ بثَمَنِهَا جَارِيَةً فأَعْتَقَتْهَا). [سنن الدارقطني:4 /140]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ النَّيْسَابُورِيُّ (ت:405هـ): (أخبرَنَا أَبو عَبدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعقوبَ بنِ يوسُفَ الحافظُ، حَدَّثَنِي أبي، ثنَا قُتيبةُ بنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا عبدُ الوَّهَّابِ بنُ عبدِ المجيدِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ يَقُولُ: أَخْبَرنِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حارِثَةَ، عَن عَمْرَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَصَابَها مَرَضٌ، وأنَّ بعضَ بني أَخِيهَا ذَكَروا شَكْوَاها لرجلٍ منَ الزُّطِّ يَتَطَبَّبُ، وأَنَّه قالَ لَهُمْ : إنَّهُمْ لَيَذْكُرُونَ امْرَأةً مَسْحُورَةً سَحَرَتْهَا جارِيَةٌ في حَجْرِهَا صَبيٌّ، في حَجْرِ الجارِيَةِ الآنَ صَبِيٌّ قَدْ بَالَ في حَجْرِهَا.
فقالتْ : إِيتوني بهَا. فأُتِيَ بها، فقالتْ عائشةُ: سَحرتِيني؟
قالتْ: نعمْ. قالت: لِمَ؟
قالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أَعتِقَ. وَكَانتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَدْ أَعْتَقَتْهَا عَن دُبُرٍ مِنْهَا، فَقَالَتْ: إنَّ للهِ علَيَّ أنْ لا تَعتقِينَ أَبَدًا، انظُرُوا شَرَّ البُيوتِ مَلَكَةً فَبيعُوهَا مِنْهُم، ثُمَّ اشْتَرُوا بثَمَنِهَا رَقَبَةً فأَعْتِقُوها). [المستدرك: 4/244]
قالَ أَحْمَدُ بنُ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ البَيهَقِيُّ (ت:458هـ): (أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الحَارِثِ الفَقِيهُ، قَالا: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَمْرَةَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَارِثَةَ، وَهُوَ أَبُو الرِّجَالِ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَصَابَهَا مَرَضٌ، وَإِنَّ بَعْضَ بَنِي أَخِيهَا ذَكَرُوا شَكْوَاهَا لِرَجُلٍ مِنَ الزُّطِّ يَتَطَبَّبُ، وَإِنَّهُ قَالَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ لَتَذْكُرُونَ امْرَأَةً مَسْحُورَةً سَحَرَتْهَا جَارِيَةٌ لَهَا، في حَجْرِ الجَارِيَةِ الآنَ صَبِيٌّ قَدْ بَالَ في حَجْرِهَا. فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَتِ : ادْعُوا لِي فُلانَةَ - لِجَارِيَةٍ لَهَا - قَالُوا: في حَجْرِهَا فُلانٌ - صَبيٌّ لَهُمْ - قَدْ بَالَ في حَجْرِهَا، فَقَالَتِ : ائْتُونِي بِهَا، فَأُتِيَتْ بِهَا، فَقَالَتْ: سَحَرْتِنِي؟ قَالَتْ : نَعَمْ. قَالَتْ : لِمَهْ؟قَالَتْ : أَرَدْتُ أَنْ أَعْتِقَ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَعْتَقَتْهَا عَنْ دُبُرٍ مِنْهَا، فَقَالَتْ : إِنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لا تُعْتَقِي أَبَدًا، انْظُرُوا أَسْوَأَ العَرَبِ مَلَكَةً فَبِيعُوهَا مِنْهُمْ. وَاشْتَرَتْ بِثَمَنِهَا جَارِيَةً فَأَعْتَقَتْهَا). [السنن الكبرى: 8/137]

قصة سحر حَفصة رضِي الله عنها
قالَ مَالِكُ بنُ أَنَسِ بنِ مَالِكِ الأَصْبَحِيُّ (ت:179هـ): (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَتْ جَارِيَةً لَهَا سَحَرَتْهَا، وَقَدْ كَانَتْ دَبَّرَتْهَا فَأَمَرَتْ بِهَا فَقُتِلَتْ). [الموطأ: 2/872]
قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ (ت: 360هـ): (حَدَثَنا أَبو عَاصِمٍ الصُّورِيُّ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا سُلَيمَانُ بنُ عَبدِ الرَّحْمَنِ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ، أَنَّ جَارِيَةً لِحَفْصَةَ زَوجِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ سَحَرَتْهَا، فَاعْتَرَفَتْ بهِ عَلَى نَفْسِهَا، فَأَمَرَتْ حَفْصَةُ عَبدَ الرَّحْمَنِ بنَ زَيدٍ فَقَتَلَهَا، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيهَا عُثْمَانُ، فَأَتَاهُ عَبْدُ اللهِ فَقَالَ: إِنَّهَا سَحَرَتْهَا وَاعْتَرَفَتْ بهِ، وَكَانَ عُثْمَانُ أَنْكَرَ عَلَيْهَا مَا فَعَلَتْ دُونَ السُّلْطَانِ). [المعجم الكبير: 23/187]
قالَ أَحْمَدُ بنُ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ البَيْهَقِيُّ (ت:458هـ): (أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا سَحَرَتْهَا جَارِيَةٌ لَهَا، فَأَقَرَّتْ بِالسِّحْرِ، وَأَخْرَجَتْهُ، فَقَتَلَتْهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَغَضِبَ، فَأَتَاهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : جَارِيَتُهَا سَحَرَتْهَا، أَقَرَّتْ بِالسِّحْرِ وَأَخْرَجَتْهُ. قَالَ : فَكَفَّ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ).
[السنن الكبرى:8/136]


رد مع اقتباس
  #32  
قديم 6 جمادى الأولى 1435هـ/7-03-2014م, 11:12 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

الحل والنُّشْرَة

معنى النُّشْرَة
قالَ أَبُو سُلَيْمَانَ حَمْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَطَّابيُّ البُسْتِيُّ (ت:388هـ): (النُّشْرَةُ: ضَرْبٌ مِنَ الرُّقْيَةِ وَالعِلاجِ يُعَالَجُ بهِ مَنْ كَانَ يُظَنُّ بهِ مَسُّ الجِنِّ. وَقِيلَ: سُمِّيَتْ نُشْرَةً لأَنَّهُ يُنَشَّرُ بهَا عَنْهُ، أَيْ: يُحَلُّ عَنْهُ مَا خَامَرَهُ مِنَ الدَّاءِ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الكَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ شَبيبٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى المِنْقَرِيُّ، حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ، حَدَّثَنا الحَكَمُ بنُ عَطِيَّةَ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ: النُّشْرَةُ مِنَ السِّحْرِ. قالَ: وَأَنشَدَنَا الأَصْمَعِيُّ مِنْ قَولِ جَرِيرٍ:
أَدْعُوكَ دَعْوَةَ مَلْهُوفٍ كَأَنَّ بهِ.....مَسًّا مِنَ الجِنِّ أَوْ رِيحًا مِنَ النُّشَرِ). [معالم السنن: 4/220 ]
قالَ أَحْمَدُ بنُ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ البَيهَقِيُّ (ت:458هـ): (بابُ النُّشْرَةِ، قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: النُّشْرَةُ ضَرْبٌ مِنَ الرُّقْيَةِ وَالعِلاجِ، يُعَالَجُ بِهِ مَنْ كَانَ يُظَنُّ مَسَّ الجِنُّ.
وَقِيلَ: سُمِّيَتْ نُشْرَةً لأَنَّهُ يُنَشِّرُهَا عَنْهُ، أَيْ يَحُلُّ عَنْهُ مَا خَامَرَهُ مِنَ الدَّاءِ). [السنن الكبرى:9/351]
قالَ ابنُ الأثِيرِ المبارَكُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَزَرِيُّ (ت:606هـ): ((نشر) (س) فيه أنه سُئل عن النُّشْرِةِ فقال: هو من عملِ الشيطانِ النُّشْرة بالضم: ضرْبٌ من الرُّقْيةِ والعِلاجِ يُعالَجُ به مَن كان يُظَنُّ أنَّ به مَسًّا من الجِنِّ، سُميت نُشْرةً لأنه يُنَشَّرُ بها عنه ما خامَره من الداءِ، أي يُكْشَفُ ويُزالُ. وقال الحسنُ: النُّشْرةُ من السِّحرِ.
وقد نَشَّرْتُ عنه تَنشيرًا
ومنه الحديثُ [ فلعلَّ طَبًّا أصابَه ثم نَشَّرَه بقُلْ أعوذُ بربِّ الناسِ ] أي رَقَاهُ
والحديث الآخر [ هلا تَنَشَّرْتَ ] ). [النهاية في غريب الحديث: 5/54]
قال رُؤْبَةُ بنُ العَجَّاجِ:

كأنّـه إذ راحَ مسلوسَ الشَّمَقْ
نُشِّرَ عنه أو أسيراً قد عَتَقْ
منسرحاً إلا ذعاليبَ الخِرَقْ
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (النُّشْرَةُ تَقَعُ على معانٍ يَختلِفُ حُكْمُها باختلافِ المرادِ بها، وهي على أقسامٍ:
القسمُ الأولُ: الرُّقَى التي يُرقى بها المسحورُ والمعيونُ، وهذه حُكْمُها حكمُ الرُّقَى، ما جاز منها فهو جائزٌ، وما كان فيه شِركٌ أو ما لا يُعلمُ معناه فمنهيٌّ عنه.
القسمُ الثاني: التداوي بالأدويةِ المباحةِ المأمونِ ضررُها، فهذا لا بأسَ به.
القسمُ الثالثُ: الجمعُ بينَ الرقيةِ الشرعيةِ والأدويةِ المباحةِ كما في نُشْرَةِ وَهْبِ بنِ مُنَبِّهٍ، فهذا جائزٌ أيضاً.
وقد جمعَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ لِمَا لَدَغَتْه العقربُ الرقيةَ والدواءَ، وقد تقدمَ الحديثُ في ذلك في بابِ الرُّقَى.
القسمُ الرابعُ: ما كان يفعَلُه بعضُ العربِ من ضروبِ التداوي من السحرِوالعينِ ومسِّ الجنِّ، ولهم في ذلك أخبارٌ مأثورةٌ عنهم، يأتي بيانُ بعضِها في أنواعِ النُّشْرَةِ.
منها: أن بعضَهم كان يجمَعُ أعواداً يابسةً ثم يُلقي عليها فأساً ذا رأسينِ، ثم يُوقدُ فيها حتى إذا حمِيَ الفأسُ بالَ عليه، فيزعُمونَ أنَّ المسحورَ إذا فعَلَ ذلك حلَّ عنه السحرُ.
ومنها: أن بعضَهم يجمَعُ من زَهْرِ البساتينِ والوادي زمنَ الربيعِ، ثم يطرَحُه في ماءٍويَغليه ثم يترُكه حتى يفتُرَ ثم يغتسِلُ به.
ومنها: أن يَقرَأَ في ماءٍ ثم يترُكُ تحتَ السماءِ مدةً ثم يشرَبُ منه المسحورُ ويغتسلُ منه.
ولهم في ذلك طُرُقٌ كثيرةٌ.
فهذا القسمُ مما وقع فيه الخلافُ بينَ أهلِ العلمِ لاختلافِ طرائقِ تلك النُّشَرِ، فمنها جائزٌ، وهو ما أُمِنَ فيه من الوقوعِ في الشركِ وتناولِ محرَّمٍ.
وكثيرٌ منها من عملِ الشيطانِ مما أثَروه عن بعضِ الكُهَّانِ والسَّحَرَةِ في حلِّ السحرِ،فهذا يُنْهَى عنه، وكذلك يُنهى عن غرائبِ النُّشَرِ التي لا يُدرى ما هي ولا يُعْرَفُ أثرُها.
والآثارُ الواردةُ عن السلفِ في الخلافِ في النُّشرةِ هي في هذا القسمِ، وهو ما كانت تفعَلُه العربُ من النُّشَرِ.
القسمُ الخامسُ: حلُّ السحرِ بالسحرِ، فهذا محرمٌ لا شكَّ في تحريمِه، ومَن أفتى بجوازه من متأخري الفقهاءِ من أتباعِ بعضِ المذاهبِ فقد غلِطَ غلطاً فاحشاً، وأساء فهمَ كلامِ السلفِ في هذا البابِ؛ إذ جعَلَ خلافَهم في النشرةِ العربيةِ خلافاً في مسألةِ حلِّ السحرِ بالسحرِ، وأين هذا من ذاك؟!
وما كان اللهُلِيُصْلِحَ عملَ المفسدينَ، ولا ليهديَ كيدَ الخائنينَ، وما كان اللهُليُحوجَ أولياءَه إلى أعدائِه.
فإن قلتَ: فقد يحتاجون إلى التداوي عند طبيبٍ كافرٍ.
قلتُ: شتَّانَ بينَ الحالتينِ، فالطبيبُ الكافرُ الذي يُوثَقُ به في صَنعتِه إنما أُبيحَ استطبابُه لِمَا عُرِفَ من عِلْمِه وأمانتِه، وإلا فلو تخلَّفَ أحدُهما لم يَجُزِ التداوي عنده.
وأما الساحرُ فلا أمانةَ له ولا علمَ لديه، سؤالُه سؤالُ كاهنٍ، وسيرتُه سيرةُ شِرِّيرٍ، ومَكْرُه غيرُ مأمونٍ.
فالساحرُمكَّارٌشرِّيرٌ، أفَّاكٌ أثيمٌ، عدوٌّ للهِ، عبدٌ للشياطينِ، يخدُمُهم ويتقرَّبُ إليهم ويُسارِعُ فيما يُحبُّونَه من الشرِّ والفسادِ، مقاصدُه شيطانيةٌ خبيثةٌ، ونفسُه شريرةٌ حقودةٌ، أفيُرْجَى من ورائِه خيرٌ؟!
يفرَحُ بما يصيبُ الناسَ من شرٍّ وبلاءٍ وفتنةٍ، ويحزَنُ لما يصيبُهم من الخيرِ والرحمةِ والأُلفةِ.
وقد كتَب اللهُ عليه أنه لا يُفلِحُ، ولو كان فيه خيرٌ في حلِّ السحرِ عن المسحورينَ لكانَ في هذا نوعُ فلاحٍ فيه.
وقد قال اللهُ تعالى: َيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ}[البقرة: 102] فالسحرُ لا نفعَ فيه.
وقد حدثني بعضُ مَن ذهَبَ إلى السَّحَرَةِ ليحلُّوا عنه السحرَأنه ما استفادَ إلا ضياعَ وقتِه وذَهابَ أموالِه في التردُّدِ عليهم وتلبيةِ طلباتِهم، حتى إذا خسِرَ كلَّ شيءٍ عادَ بخيبتِه وحَسَرَاتِه.
وقد سمِعتُ من بعضِ مَن تابَ من السحرةِ عجائبَ في مكرِهم بمَن يأتيهم ليطلُبَمنهم حلَّ السحرِ، وأنهم يضرونهم بأكثرَ مما يرجون نفعَهم.
ومِن مكرِهم أنهم يقولون لمن يأتيهم كذباً وزوراً: سحرك فلانٌ أو فلانةُ، فيقطعون ما أمر اللهُ به أن يوصلَ ويُفسدون في الأرضِ.
فكم من رحِمٍ قُطِعَتْ، ووشائجَ مُزِّقَتْ بسبب كذبِهم وإفكِهم.
ومِن مكرِهم: أنهم يَحتالون جهدَهم لإيقاعِ العبدِ في الشركِ وقطيعةِ الرحِمِ والظلمِ.
ومن مكرِهم: تحيُّلُهم لفعلِ الفواحشِ بمَن يأتيهم من النساءِ، ولهم في ذلك قصصٌ معروفةٌ اعترف بها بعضُهم واستفاضت بها المعرفةُ عن آخرينَ.
ومن مكرِهم: أنهم يَجتهدون في إصابةِ مَن يأتيهم بالوَهْنِ وقطعِ سُبُلِ ما ينفعُه ويُقوِّيه، ومن ذلك إضعافُ ثقتِه بمَن حولَه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، حتى يظَلَّ أسيراً لهم يَغُرُّونه ويُمَنُّونَه حتى ينسلِخَ من دينِه، والعياذُ باللهِ.
وبالجملةِ فمفاسدُ إتيانِهم كثيرةٌ وشرورُهم مستطيرةٌ، وقَى اللهُ المسلمين شرَّهم وردَّ كيدَهم في نحورِهم.
فلا ينبغي أنْ يرتابَ مؤمنٌ في حُرمةِ إتيانِهم لحلِّ السحرِ أو غيرِه، ويكفيك أن تتأمَّلَ مقاصدَ الشريعةِ لتعلمَ أن القولَ بإتيانِهم مناقضٌ لها من جميعِ الوجوهِ.
ولكن مَن عمِيت بصيرتُه واحتار قلبُه وأيِسَ من رحمةِ ربِّه طلَبَ الرحمةَ والشفاءَ من عدوِّه، نسأل اللهَ السلامةَ والعافيةَ).

أنواع النشرة
قالَ عبدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت:211هـ): (وقال الشَّعْبِيُّ: لا بأسَ بالنُّشرةِ العربيةِ التي لا تضُرُّ إذا وُطِئَتْ.
والنشرةُ العربيةُ: أن يَخرُجَ الانسانُ في موضعِ عِضاهٍ، فيأخُذُه عن يمينِه وشمالِه من كلِّ ثمرٍ، يدُقُّه ويقرَأُ فيه ثم يغتسِلُ به.
وفي كُتُبِ وَهْبٍ: أن تُؤخذَ سبعُ ورقاتٍ من سِدْرٍ أخضرَ فيدُقُّه بينَ حجرينِ، ثم يضرِبُه في الماءِ، ويقرَأُ فيه آيةَ الكُرسيِّ وذواتِ قُلْ، ثم يحسو منه ثلاثَ حَسَوَاتٍ، ويَغتسِلُ به، فإنه يُذْهِبُ عنه كل ما به إن شاء اللهُ، وهو جيدٌ للرجلِ إذا حُبِسَ من أهلِه). [مصنف عبد الرزاق:11/13]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ ابنُ أبِي شَيْبَةَ العَبْسِيُّ (ت:235هـ): (حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عائِشَةَ قَالَتْ: مَنْ أَصَابَهُ نُشْرَةٌ، أَوْ سُمٌّ، أَوْ سِحْرٌ، فَلْيَأْتِ الفُرَاتَ، فَلْيَسْتَقْبِل الجِرْيَةَ، فَيَغْتَمِسُ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ). [مصنف ابن أبي شيبة: 7/387]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ ابنُ أبِي شَيْبَةَ العَبْسِيُّ (ت:235هـ): (حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ؛ أَنَّ أُمَّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ سُئِلَتْ عَنِ النُّشَرِ؟ فَقَالَتْ: مَا تَصْنَعُونَ بِهَذَا؟ هَذَا الفُرَاتُ إِلَى جَانِبِكُمْ، يَسْتَنْقِعُ فِيهِ أَحَدُكُمْ سَبْعًا يَسْتَقْبِلُ الجِرْيَةَ). [مصنف ابن أبي شيبة: 7/386]
قالَ نَصْرُ بنُ مَرْزُوقٍ العُتَقِيُّ المِصْرِيُّ (ت:262هـ): (حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ حَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ عَوْفٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النُّشْرَةِ، فَقَالَتْ: (مَا تَصْنَعُونَ بالنُّشْرَةِ والفُرَاتُ إِلَى جَانِبكُمْ، يَنْغَمِسُ فِيهِ أَحَدُكُمْ سَبْعَ انْغِمَاسَاتٍ إِلَى جَانَبِ الجِرْيَةِ). [كما في التمهيد لابن عبد البر: 6/245]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ بنِ مُحَمَّدٍ الدِّينَوَرِيُّ (ت : 333هـ): (سَمِعْتُ ابْنَ قُتَيْبَةَ يَقُولُ : ذَكَرُوا امْرَأَةً فِي البَادِيَةِ بِالحِجَازِ أَنَّهَا تَرْقِي بِرُقْيَةٍ عَجِيبَةٍ شَافِيَةٍ، وَكَانَ النَّاسُ يَأْتُونَهَا فَوْجًا فَوْجًا، فَأَتَيْتُهَا، وَإِذَا هِيَ امْرَأَةٌ فَصِيحَةٌ جِدًّا وَبَيْنَ يَدَيْهَا رَجُلٌ تَرْقِيهِ مِنَ العَيْنِ، فَقَالَتْ : أُعِيذُكَ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ، الَّتِي لا تَجُوزُ عَلَيْهَا هَامَّةٌ، مِنْ شَرِّ الجِنِّ وَشَرِّ الإِنْسِ عَامَّةً، وَشَرِّ نَظْرَةٍ لامَّةٍ، أُعِيذُكَ بِمُطْلِعِ الشَّمْسِ مِنْ شَرِّ ذِي مَشْيٍ هَمْسٍ، وَشَرِّ ذِي نَظَرٍ خَلْسٍ، وَشَرِّ ذِي قَوْلٍ دَسٍّ، وَشَرِّ الحَاسِدِينَ وَالحَاسِدَاتِ وَالنَّافِسِينَ وَالنَّافِسَاتِ وَالكَائِدِينَ وَالكَائِدَاتِ، نَشَّرْتُ عَنْكَ بِنُشْرَةِ نَشَّارٍ؛ عَنْ رَأْسِكَ ذِي الأشْعَارِ، وَعَنْ عَيْنَيْكَ ذَوَاتِ الأشْفَارِ، وَعَنْ فِيكَ ذِي المَحَارِ، وَظَهْرِكَ ذِي الفَقَارِ، وَبَطْنِكَ ذِي الأسْرَارِ، وَفَرْجِكَ ذِي الأسْتَارِ، وَيَدَيْكَ ذَوَاتِ الأظْفَارِ، وَرِجْلَيْكَ ذَوَاتِ الآثَارِ، وَذَيْلِكَ ذِي الغُبَارِ، وَكَانَ اللهُ لَكَ جَارٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ القُتَبِيُّ : المَشْيُ الهَمْسُ : الوَطْءُ الخَفِيُّ، وَالصَّوْتُ الخَفِيُّ أَيْضًا . وَالنَّظَرُ الخَلْسُ : هُوَ الَّذِي يُخْتَلَسُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ . وَالقَوْلُ الدَّسُّ : هُوَ الَّذِي يُدَسُّ وَيُحْتَالُ فِيهِ حَتَّى يَدْفَعَ القَبِيحَ . وَالنَّافِسُونَ وَالنَّافِسَاتُ : هُمُ العَائِنُونَ . وَالمَحَارُ : هُوَ جَمْعُ مَحَارَةٍ، الحَنَكُ [ الأعْلَى ] . وَالفَقَارُ : خَرَزُ الظَّهْرِ، وَاحِدَتُهَا فَقَارَةٌ . وَبَطْنُكَ ذِي الأسْرَارِ؛ يَعْنِي : التَّكَسُّرَ فِي البَطْنِ، وَأَسْرَارُ الجَبْهَةِ: الخُطُوطُ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ أَسْرَارُ الرَّاحَةِ). [المجالسة:3/91-92]
قالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ ابنُ حَجَرٍ العَسْقَلانِيُّ (ت:852هـ): (وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: (لا بَأْسَ بِالنُّشْرَةِ العَرَبِيَّةِ الَّتِي إِذَا وُطِئَتْ لا تَضُرُّهُ، وَهِيَ أَنْ يَخْرُجَالإِنْسَانُ فِي مَوْضِعِ عِضَاهٍ فَيَأْخُذَ عَنْ يَمِينِه وَعَنْ شِمَالِه مِنْ كُلٍّ ثُمَّ يَدُقَّهُ وَيَقْرَأَ فِيهِ ثُمَّ يَغْتَسِلَ بِهِ.
وَذَكَرَ ابْنُ بَطَّالٍ أَنَّ فِي كُتُبِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنْ يَأْخُذَ سَبْعَ وَرَقَاتٍ مِنْ سِدْرٍ أَخْضَرَ فَيَدُقَّهُ بَيْن حَجَرَيْنِ، ثُمَّ يَضْرِبَهُ بِالمَاءِ وَيَقْرَأَ فِيهِ آيَةَالكُرْسِيِّ وَالقَوَاقِلَ، ثُمَّ يَحْسُوَ مِنْهُ ثَلاثَ حَسَوَاتٍ، ثُمَّ يَغْتَسِلَ بِهِ، فَإِنَّهُ يُذْهِبُ عَنْهُ كُلَّ مَا بِهِ، وَهُوَ جَيِّدٌ لِلرَّجُلِ إِذَا حُبِسَ عَنْ أَهْلِه.
وَمِمَّنْ صَرَّحَ بجَوَازِ النُّشْرَةِالمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهمَا، ثُمَّ وَقَفْتُ عَلَى صِفَةِ النُّشْرَةِ فِي كِتَابِ الطِّبِّ النَّبَوِيِّ لِجَعْفَرٍ المُسْتَغْفِرِيِّ. قَالَ: وَجَدْتُ فِي خَطِّ نَصُوحِ بْنِ وَاصِلٍ عَلَى ظَهْرِ جُزْءٍ مِنْ تَفْسِيرِ قُتَيْبَةَ بْنِ أَحْمَدَالبُخَارِيِّ، قَالَ: قَالَ قَتَادَةُ لِسَعِيدِ بْنِالمُسَيَّبِ: رَجُلٌ بِهِ طِبٌّ أُخِذَ عَنِامْرَأَتِه، أَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يُنَشَّرَ؟ قَالَ: لا بَأْسَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ الإِصْلاحَ، فَأَمَّا مَا يَنْفَعُ فَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ.
قَالَ نَصُوحٌ: فَسَأَلَنِي حَمَّادُ بْن شَاكِرٍ: مَا الحَلُّ وَمَا النُّشْرَةُ؟ فَلَمْ أَعْرِفْهُمَا.
فَقَالَ: هُوَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُجَامَعَةِ أَهْلِه وَأَطَاقَ مَا سِوَاهَا، فَإِنَّ المُبْتَلَى بِذَلِكَ يَأْخُذُ حُزْمَةَ قُضْبَانٍ وَفَأْسًا ذَا قِطَارَيْنِ وَيَضَعُهُ فِي وَسَط تِلْكَ الحُزْمَةِ، ثُمَّ يُؤَجِّجُ نَارًا فِي تِلْكَ الحُزْمَةِ حَتَّى إِذَا مَا حَمِيَ الفَأْسُاسْتَخْرَجَهُ مِنَالنَّارِ وَبَالَ عَلَى حَرِّه فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّه تَعَالَى.
وَأَمَّا النُّشْرَة فَإِنَّهُ يَجْمَعُ أَيَّامَ الرَّبِيعِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ وَرْدِالمَفَازَةِ وَوَرْدِالبَسَاتِينِ، ثُمَّ يُلْقِيهَا فِي إِنَاءٍ نَظِيفٍ وَيَجْعَلُ فِيهِمَا مَاءً عَذْبًا، ثُمَّ يَغْلِي ذَلِكَ الوَرْدَ فِي المَاءِ غَلْيًا يَسِيرًا، ثُمَّ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا فَتَرَ المَاءُ أَفَاضَهُ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى.
قَالَ حَاشِدٌ: تَعَلَّمْتُ هَاتَيْنِ الفَائِدَتَيْنِ بِالشَّامِ.
قُلْت: وَحَاشِدٌ هَذَا مِنْ رُوَاةِ الصَّحِيحِ عَنِالبُخَارِيِّ، وَقَدْ أَغْفَلَ المُسْتَغْفِرِيُّ أَنَّ أَثَرَ قَتَادَةَ هَذَا عَلَّقَهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِه، وَأَنَّهُ وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِه، وَلَوِاطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ مَا اكْتَفَى بِعَزْوِهِ إِلَى تَفْسِيرِ قُتَيْبَةَ بْنِ أَحْمَدَ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ، وَأَغْفَلَ أَيْضًا أَثَرَ الشَّعْبِيِّ فِي صِفَتِه وَهُوَ أَعْلَى مَا اتَّصَلَ بِنَا مِنْ ذَلِكَ).
[فتح الباري: 10/244-245]


رد مع اقتباس
  #33  
قديم 6 جمادى الأولى 1435هـ/7-03-2014م, 11:13 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

ما رُوي في النشرة من الأحاديث والآثار

حديث جابر بن عبد الله مرفوعاً وموقوفاً
قالَ عبدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت:211هـ): (أَخْبَرَنَا عَقِيلُ بنُ مَعْقِلٍ، عَنْ هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: سُئِلَ جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ عَنِ النَّشرِ، فَقَالَ: مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ). [مصنف عبد الرزاق:11/13]
قالَ أَحْمَدُ بنُ محمَّدِ بنِ حَنبَلٍ الشَّيبَانِيُّ (ت:241هـ): (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا عَقِيلُ بْنُ مَعْقِلٍ، سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النُّشْرَةِ فَقَالَ: ((مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)) ). [مسند الإمام أحمد: 22/40 ]
قالَ أَبُو دَاودَ سُلَيمَانُ بنُ الأشْعَثِ السِّجِسْتانِيُّ (ت:275هـ):(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا عَقِيلُ بْنُ مَعْقِلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النُّشْرَةِ فَقَالَ: ((هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ))). [سنن أبي داوود: برقم 3868]
قالَ أَبُو حَاتَمٍ مُحَمَّدُ بنُ حِبَّانَ بنِ أحمدَ البُسْتِيُّ (ت: 354هـ): (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفَيُّ، ثَنَا شَعْثَمُ بنُ أُصَيْلٍ البِيوَرْدِيُّ، ثَنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثَنَا عَقِيلُ بْنُ مَعْقِلٍ، قالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بنَ مُنَبِّهٍ، عَن جَابرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي النُّشْرَةِ قَالَ: ((عَمَلُ الشَّيطَانِ ))). [الثقات: 8/315]
قالَ أَحْمَدُ بنُ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ البَيْهَقِيُّ: (ت:458هـ): (أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا عَقِيلُ بْنُ مَعْقِلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنِ النُّشْرَةِ فَقَالَ:« هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ».
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلاً، وَهُوَ مَعَ إِرْسَالِهِ أَصَحُّ، وَالقَوْلُ فِيمَا يُكْرَهُ مِنَ النُّشْرَةِ وَفِيمَا لا يُكْرَهُ كَالقَوْلِ في الرُّقْيَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ). [السنن الكبرى: 9/351]
قالَ أَحْمَدُ بنُ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ البَيهَقِيُّ (ت:458هـ): (ورُوِيَ
عن جَابرٍ مرفوعًا أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ النُّشْرَةِ فَقَالَ:
« هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ».
والنُّشْرَةُ ضَرْبٌ مِنَ الرُّقْيَةِ وَالعِلاجِ يُعَالَجُ بهِ مَنْ كَانَ يُظَنُّ بهِ مَسٌّ مِنَ الجِنِّ، وَكُلُّ ذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الرُّقْيَةُ بغَيرِ كِتَابِ اللهِ وَذِكْرِهِ، فَإِذَا كَانَتْ بما يَجُوزُ فَلا بَأْسَ بِهَا عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّكِ بذِكْرِ اللهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ). [السنن الصغرى: ]
قالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ ابنُ حَجَرٍ العَسْقَلانِيُّ (ت:852هـ): (وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي المَرَاسِيلِ عَنِالحَسَنِ
رَفَعَهُ:
(( النُّشْرَةُ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ))، وَوَصَلَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرٍ). [فتح الباري: ]
قالَ مُحَمَّد ناصِر الدِّينِ الأَلْبَانِيُّ (ت:1420هـ): (أخرجه أحمدُ في المسندِ (3/294) وعنه أبو داودَ في السننِ (3868) ومن طريقِه البيهقيُّ (9/351): حدثنا عبدُ الرزاقِ، حدثنا عقيلُ بنُ معقِلٍ، قال: سمعتُ وهبَ بنَ مُنَبِّهٍيُحَدِّثُ عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، قال: سُئِلَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عن النُّشْرَةِ، فقال: (( هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)).
قلتُ: وهذا إسنادٌ صحيحٌ، رجالُه ثقاتُ رجالِ الشيخينِ غيرَ عَقيلِ بنِ مَعْقِلٍ، وهو ابنُ مُنَبِّهٍ اليَمَانِي، وهو ثقةٌ اتفاقًا، فقولُ الحافظِ فيه: (صدوقٌ)، وبناءً عليه اقتصر في الفتحِ (10/233) على تحسينِ إسنادِه في هذا الحديثِ، فهو تقصيرٌ لا وجهَ له عندي، ومن المحتمَلِ أن يكونَ تأثرَ الحافظُ بأمرينِ:
الأولُ: أن الحديثَ في مصنفِ عبدِ الرزاقِ (11/13/19762) موقوفٌ هكذا: أخبرنا عقيلُ بنُ معقلٍ عن همامِ (كذا) بنِ مُنَبِّهٍ، قال: سئلَ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ عن النَّشْرِ، فقال: من عملِ الشيطانِ.
قلت: كذا وقَعَ فيه موقوفًا، وقال: (همامُ بنُ منبهٍ) مكانََهْبِ بنِ مُنَبِّهٍ)، وهما أخوانِ، روى عنهما عَقيلٌ، وأنا أظُنُّ أن هذا خطأٌ كالوقفِ، وأظنُّ أنه من الراوي عن عبدِ الرزاقِ، وهو أبو يعقوبَ إسحاقُ بنُ إبراهيمَ بنِ عبادٍ الدَّبَرِيُّ الراوي لِقِسْمٍ كبيرٍ من (كتابِ الجامعِ ) من المُصَنَّفِ (انظر (10/379) من المصنفِ) وهو متكلَّمٌ فيه، فلا يؤثرُ مثلُه أبدًا في روايةِ أحمدَ عن عبدِ الرزاقِ مرفوعًا.
والآخرُ: أن البيهقيَّ غمز من صحتِه فقال عقِبَه: (ورُوي عن النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم مرسلاً، وهو أصحُّ)، يشيرُ إلى ما أخرجه ابنُ أبي شيبةَ في المصنفِ (8/29/3567) والبزارُ (3/393-394) من طريقِ شُعبةَ، عن أبي رجاءٍ قال: سألتُ الحسنَ عن النَّشْرِ، فذكر لي عن النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم، قال: ((هِيَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)).
قلت: وهذا مرسلٌ صحيحُ الإسنادِ، وقد رواه أبو داودَ في المراسيلِ، وإليه عزاه الحافظُ، ولعله رواه من طريقِ ابنِ أبي شيبةَ، فإن المراسيلَ المطبوعةَ محذوفةُ الأسانيدِ، وقد جاء فيها قولُ أبي داودَ عقِبَ الحديثِ (ص 48): (أسند ولا يصِحُّ) ولستُ أدري واللهِ وَجْهَ هذا النفيِ، وقد قدمناه بروايةِ شيخِه الإمامِ أحمدَ بإسنادِه الصحيحِ، وهو عنه؟ ([1]).
ثم روَى ابنُ أبي شيبةَ والخَطَّابيُّ في معالِمِ السننِ (5/353) من طريقٍ أخرى عن الحسنِ، قال: (النُّشرةُ من السحرِ) وإسنادُه حسنٌ.
والنُّشْرَةُ: الرقيةُ.
قال الخَطَّابِيُّ: (النشرةُ: ضربٌ من الرقيةِ والعلاجِ يُعالَجُ به من كان يُظَنُّ به مسُّ الجنِّ).
قلت: يعني الرقى غيرَ المشروعةِ، وهي ما ليسَ من القرآنِ والسنةِ الصحيحةِ، وهي التي جاء إطلاقُ لفظِ الشركِ عليها في غيرِ ما حديثٍ، وقد تقدمَ بعضُها، فانْظُرْ مثلاً: (331 و1066)، وقد يكونُ الشركُ مُضْمَرًا في بعضِ الكلماتِ المجهولةِ المعنى، أو مرموزًا له بأحرفٍ مقطعةٍ، كما يُرى في بعضِ الحُجُبِ الصادرةِ من بعضِ الدجاجلةِ.
وعلى الرُّقَى المشروعةِ يُحْمَلُ ما علَّقَه البخاريُّ عن قتادةَ، قال: قلت لسعيدِ بنِ المسيَّبِ: رجلٌ به طِبٌّ (أي سِحرٌ) أو يُؤَخَّذُ عن امرأتِه، أيُحَلُّ عنه أو يُنَشَّرُ؟ قال: لا بأسَ به، إنما يريدون به الإصلاحَ، فأما ما ينفَعُ فلم يُنْهَ عنه. ووصَله الحافظُ في الفتحِ (10/233) من روايةِ الأثرمِ وغيرِه من طُرُقٍ عن قتادةَ عنه.
وروايةُ قتادةَ أخرجها ابنُ أبي شيبةَ ( 8/28) بسندٍ صحيحٍ عنه مختصرًا.
هذا ولا خلافَ عندي بينَ الأثرينِ؛ فأثرُ الحسنِ يُحمَلُ على الاستعانةِ بالجنِّ والشياطينِ والوسائلِ المرضيةِ لهم كالذبحِ لهم ونحوِه، وهو المرادُ بالحديثِ، وأثرُ سعيدٍ على الاستعانةِ بالرقى والتعاويذِ المشروعةِ بالكتابِ والسنَّةِ. وإلى هذا مالَ البيهقيُّ في السُّنَنِ، وهو المرادُ بما ذكره الحافظُ عن الإمامِ أحمدَ أنه سُئِلَ عمَّن يُطْلِقُ السحرَ عن المسحورِ؟
فقال: (لا بأسَ به).
وأما قولُ الحافظِ: (ويختلفُ الحكمُ بالقصدِ، فمَن قصَدَ بها خيرًا، وإلا فهو شرٌّ).
قلت: هذا لا يكفي في التفريقِ؛ لأنه قد يَجتمِعُ قصدُ الخيرِ مع كونِ الوسيلةِ إليه شرًّا، كما قيل في المرأةِ الفاجرةِ: ليتها لم تزنِ ولم تتصدقْ.
ومن هذا القَبيلِ معالجةُ بعضِ المتظاهرينَ بالصلاحِ للناسِ بما يُسَمُّونَه بـ(الطبِّ الرُّوحانيِّ)، سواءً كان ذلك على الطريقةِ القديمةِ من اتصالِه بقرينةٍ من الجنِّ، كما كانوا عليه في الجاهليةِ، أو بطريقةِ ما يُسَمَّى اليومَ باستحضارِ الأرواحِ، ونحوُه عندي التنويمُ المغناطيسيُّ، فإن ذلك كلَّه من الوسائلِ التي لا تُشرَعُ؛ لأن مرجِعَها إلى الاستعانةِ بالجنِّ التي كانت من أسبابِ ضلالِ المشركينَ؛ كما جاء في القرآنِ الكريمِ: َأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)} [الجن: 6] أي خوفًا وإثمًا.
وادعاءُ بعضِ المُبْتَلَيْنِ بالاستعانةِ بهم أنهم إنما يستعينون بالصالحينَ منهم دعوَى كاذبةٌ؛ لأنهم مما لا يمكنُ - عادةً - مخالطتُهم ومعاشرتُهم التي تكشفُ عن صلاحِهم أو طلاحِهم، ونحن نعلمُ بالتجربةِ أن كثيرًا ممن تصاحبُهم أشدَّ المصاحبةِ من الإنسِ يتبينُ لك أنهم لا يصلحون، قال تعالى: َا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}[التغابن: 14] هذا في الإنسِ الظاهرِ، فما بالك بالجنِّ الذين قال اللهُ تعالى فيهم: ِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: 27] ). [السلسلة الصحيحة: 6/611]

حديث أنس بن مالك
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ الحَاكِمُ النَّيسَابُورِيُّ (ت: 405هـ): (حَدَّثَنِي أَبو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالُويَهْ، ثَنَا مُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ، ثَنَا أَبُو مُسْلِمِ بنُ أَبي شُعَيبٍ الحرَّانِيُّ، ثَنَا مِسْكِينُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبي رَجَاءٍ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ عَنِ النُّشْرَةِ فَقَالَ: ذَكَروا عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ). هَذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَأَبو رَجَاءٍ هُوَ مَطَرٌ الوَرَّاقُ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ). [المستدرك: ]
قالَ أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَبْدِ الخَالِقِ البَزَّارُ (ت:292هـ): (حَدَّثنا الحسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبي شُعَيبٍ الحرَّانِيُّ، حَدَّثنا مِسْكِينُ بنُ بُكَيرٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَن أبي رَجَاءٍ، عَن الحسَنِ قالَ: سُئِلَ أَنَسٌ عَنِ النُّشْرَةِ فقالَ: ذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْهَا قالَ: (( هِيَ مِنْ عَمَلِ الشَّيطَانِ)) ). [مسند البزار: 2/305]
قالَ ابنُ أَبي حَاتمٍ عبدُ الرَّحْمنِ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ (ت:327هـ): (وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيُّ عَنْ مِسْكِينِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ عَنِ الحَسَنِ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا عَنِ النُّشْرَةِ، فَقَالَ: ذَكَرُوا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ.
فَقَالَ أَبِي: هَذَا خَطَأٌ، إِنَّمَا هُوَ أَبُو رَجَاءٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الحَسَنَ عَنِ النُّشْرَةِ فَقَالَ: ذَكَرُوا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ... فَهَذَا مِنْ كَلامِ الحَسَنِ وَقِيلِهِ). [علل الحديث: ]
قالَ أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَصْبَهَانِيُّ (ت:430هـ): (حَدَّثَنَا أَبو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ المُقْرِئُ، ثَنا الحسَينُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيدٍ العِجْلِيُّ، ثَنَا الحسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبي شُعَيبٍ، ثَنَا مِسْكِينُ بنُ بُكَيرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَن أَبي رَجَاءٍ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ عَنِ النُّشْرَةِ فَقَالَ: ذَكَرُوا عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ). أَبُو رَجَاءٍ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بنُ يُونُسَ، بَصْرِيٌّ، تَفَرَّدَ مِسْكِينُ بنُ بُكَيرٍ برَفْعِهِ عَنْ شُعْبَةَ، وَرَوَاهُ غُنْدَرٌ وَغَيرُهُ عَنْ شُعْبَةَ مُرْسَلاً). [حلية الأولياء: 7/165]

مرسل الحسن البصري
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ ابنُ أبِي شَيْبَةَ العَبْسِيُّ (ت:235هـ): (حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الحَسَنَ عَنِ النَّشْرِ؟ فَذَكَرَ لِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: هِيَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ). [مصنف ابن أبي شيبة: 7/387]
قالَ أَبُو دَاودَ سُلَيمَانُ بنُ الأشْعَثِ السِّجِسْتانِيُّ (ت:275هـ):(حدَّثَنا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَن أَبي رَجَاءٍ قالَ: سَأَلْتُ الحسَنَ عَنِ النُّشْرَةِ فَقَالَ: ذُكِرَ لِي عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (( إِنَّهَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ )) ). [المراسيل: ]

أثر الحسن البصري
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ ابنُ أبِي شَيْبَةَ العَبْسِيُّ (ت:235هـ): (حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ الحَكَمِ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الحَسَنَ وَسُئِلَ عَنِ النَّشْرِ؛ فَقَالَ: سِحْرٌ). [مصنف ابن أبي شيبة:7/387]

أثر سعيد بن المسيب
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ ابنُ أبِي شَيْبَةَ العَبْسِيُّ (ت:235هـ): (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ النُّشْرَةِ فَأَمَرَنِي بِهَا، قُلْتُ: أَرْوِيهَا عَنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ). [مصنف ابن أبي شيبة:7/386]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ ابنُ أبِي شَيْبَةَ العَبْسِيُّ (ت:235هـ): (حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: رَجُلٌ طُبَّ بِسِحْرٍ، يُحَلَّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ). [مصنف ابن أبي شيبة:7/390]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ (ت:256هـ): (بَابٌ: هَلْ يَسْتَخْرِجُ السِّحْرَ؟
وَقَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ: رَجُلٌ بِهِ طِبٌّ أَوْ يُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأَتِهِ أَيُحَلُّ عَنْهُ أَوْ يُنَشَّرُ؟
قَالَ: لا بَأْسَ بهِ، إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ الإِصْلاحَ، فَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ). [صحيح البخاري: ]
-قالَ أحمدُ بنُ عَلِيٍّ ابنُ حَجَرٍ العَسْقَلانِيُّ (ت: 852هـ): (قَوْلُهُ: (يُؤَخَّذُ) بفَتْحِ الهَمْزَةِ، وَقَدْ تُسَهَّلُ، وَتَشْدِيدِ الخَاءِ. (عَنِ امْرَأَتِهِ) أَيْ يُحْبَسُ عَن جِمَاعِهَا، مِنَ الأُخْذَةِ بضَمِّ الهَمْزَةِ، وَهِيَ رُقْيَةُ السَّاحِرِ، وَأَصْلُهُ مِنَ الرَّبْطِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلأَسِيرِ أَخِيذٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: فَلَمَّا أُخِذَ. أَيْ صُرِعَ). [فتح الباري:1/76]
قالَ يُوسُفُ بنُ عَبدِ اللهِ ابنُ عَبْدِ البَرِّ النَّمَرِيُّ (ت:463هـ): (قالَ الأثرمُ: حدَّثنَا حَفْصُ بنُ عمرَ النَّمَريُّ، قالَ: حدَّثنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَن سَعيدِ بنِ المسَيَّبِ، في الرَّجُلِ يُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأتِهِ فَيلْتَمِسُ مَن يُدَاوِيهِ، قَالَ: ( إِنَّمَا نَهَى اللهُ عَمَّا يَضُرُّ وَلَم يَنْهَ عَمَّا يَنْفَعُ).
قوله: (يُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأتِهِ) أَي النِّسَاءِ، قالَ: والأُخْذَةُ: رُقْيَةٌ تَأْخُذُ العَيْنَ). [التمهيد: 6/244]
-قالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ ابنُ حَجَرٍ العَسْقَلانِيُّ (ت:852هـ): (قَوْلُهُ: (بَابٌ هَل يَسْتَخْرِجُ السحرَ؟ وَقَالَ قَتَادَةُ: قلتُ لسَعِيدِ بنِالمسيَّبِ: رجلٌ بِهِ طِبٌّ أَو يُؤَخَّذُ عَن امْرَأَتِه، أَيُحَلُّ عَنهُ أَو يُنَشَّرُ؟
قَالَ: لا بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا يُرِيدُونَ الإِصْلاحَ، فَأَما مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَلم يُنْهَ عَنهُ)
قَالَ أَبُو جَعْفَرِ بنُ جريرٍ فِي تَهْذِيبِ الآثَارِ لَهُ: ثَنَا حُميدُ بنُ مَسْعدَةَ، ثَنَا يزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ، ثَنَا سعيدٌ، عَن قَتَادَةَ، عَن سعيدِ بنِالمسيَّبِ، أَنه كَانَ لا يَرَى بَأْسًا إِذا كَانَ الرجلُ بِهِ سِحْرٌ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى مَن يُطْلِقُ ذَلِك عَنهُ. قَالَ: هُوَ صَلاحٌ. قَالَ: وَكَانَ الحسنُ يَكْرَهُ ذَلِك، وَيَقُولُ: لا يَعلَمُ ذَلِك إِلا سَاحرٌ. قَالَ: فَقَالَ سعيدُ بنُالمسيَّبِ: لا بَأْسَ بالنُّشْرَةِ، إِنَّمَا نُهِيَ عَمَّا يَضُرُّ وَلم يُنْهَ عَمَّا ينفَعُ. إِسْنَادُه صَحِيحٌ.
قَالَ أَبُو عمرَابنُ عبدِالبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ: ثَنَا عبدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عبدِالمُؤمنِ، ثَنَا عبدُ الحميدِ بنُ أَحْمدَالورَّاقُ، ثَنَا الخَضِرُ بنُ دَاوُدَ، ثَنَا أَبُو بكرٍ الأثْرَمُ، ثَنَا حَفْصُبْنُ عمرَالمُقْرِئُ، ثَنَا هِشَامٌ، عَن قَتَادَةَ، عَن سعيدِ بنِالمسيَّبِ، فِي الرجلِ يُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأَتِه فيَلْتَمِسُ مَن يُدَاوِيهِ.
قَالَ: إِنَّمَا نهَى اللهُ عَمَّا يَضُرُّ وَلم يَنْهَ عَمَّا يَنفَعُ.
هَكَذَا ذكَرَه الأثْرَمُ فِي السُّنَنِ، وَإِسْنَادُه صَحِيحٌ أَيْضًا.
وَقَالَ أَيْضًا: ثَنَا مُوسَى بنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا أبانٌ، عَن قَتَادَةَ، عَن سعيدِ بنِالمسيَّبِ فِي الرجلِ يُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأَتِه فيُنَشَّرُ عَنهُ، قَالَ: لا بَأْسَ، إِنَّمَا تُرِيدُونَ بذلك الإِصْلاحَ.
وَقَالَ سعيدُ بنُ مَنْصُورٍ: ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَن قَتَادَةَ: سَأَلْتُ سعيدَ بنَالمسيَّبِ عَنِ النُّشْرَةِ فَلم يَرَ بهَا بَأْسًا.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُالحَرْبِيُّ فِي غَرِيبِه: ثَنَا مُوسَى، ثَنَا هِشَامٌ، عَن قَتَادَةَ، عَن سعيدٍ، قلتُ: رجلٌ طُبَّ، أَيُحَلُّ عَنهُ؟ قَالَ: إِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَنْفَعَ أَخَاك فافْعَلْ). [تغليق التعليق: 5/48-49]
-قالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ ابنُ حَجَرٍ العَسْقَلانِيُّ (ت:852هـ): (قَوْلُه: (بَابٌ: هَلْ يَسْتَخْرِجُ السِّحْرَ)؟ كَذَا أَوْرَدَ التَّرْجَمَة بِالاسْتِفْهَامِ؛ إِشَارَةً إِلَى الاخْتِلافِ، وَصَدَّرَ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِالمُسَيَّبِ مِنَالجَوَازِ إِشَارَةً إِلَى تَرْجِيحِه.
قَوْلُه: (وَقَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِالمُسَيَّبِ.إلخ)
وَصَلَهُ أَبُو بَكْرٍ الأثْرَمُ فِي كِتَابِ السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ أَبَانٍالعَطَّارِ عَنْ قَتَادَةَ، وَمِثْلُه مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ بِلَفْظِ: (يَلْتَمِسُ مَنْ يُدَاوِيهِ. فَقَالَ: إِنَّمَا نَهَى اللَّهُ عَمَّا يَضُرُّ وَلَمْ يَنْهَ عَمَّا يَنْفَعُ) وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ فِي التَّهْذِيبِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِالمُسَيَّبِ، أَنَّهُ كَانَ لا يَرَى بَأْسًا إِذَا كَانَ بِالرَّجُلِ سِحْرٌ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى مَنْ يُطْلِقُ عَنْهُ، فَقَالَ: هُوَ صَلاحٌ. قَالَ قَتَادَةُ: وَكَانَ الحَسَنُ يَكْرَهُ ذَلِكَ، يَقُولُ: لا يَعْلَمُ ذَلِكَ إِلا سَاحِرٌ.
قَالَ: فَقَالَ سَعِيدُ بْنُالمُسَيَّبِ: إِنَّمَا نَهَى اللَّهُ عَمَّا يَضُرُّ وَلَمْ يَنْهَ عَمَّا يَنْفَعُ). [فتح الباري: 10/244]
قالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ ابنُ حَجَرٍ العَسْقَلانِيُّ (ت:852هـ): (قَوْلُه: (بِهِ طِبٌّ) بِكَسْرِ الطَّاءِ أَيْ سِحْرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُه.
قَوْلُه: (أَوْ يُؤَخَّذ) بِفَتْحِ الوَاوِ المَهْمُوزةِ وَتَشْدِيدِالخَاءِالمُعْجَمَةِ، وَبَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ، أَيْ يُحْبَسُ عَنِامْرَأَتِه وَلا يَصِلُ إِلَى جِمَاعِهَا؟ وَالأُخْذَةُ: بِضَمِّ الهَمْزَةِ هِيَ الكَلامُ الَّذِي يَقُولُهُ السَّاحِرُ، وَقِيلَ: خَرَزَةٌ يُرْقَى عَلَيْهَا، أَوْ هِيَ الرُّقْيَةُ نَفْسُهَا.
قَوْله: (أَوْ يُحَلّ عَنْهُ) بِضَمِّ أَوَّلِه وَفَتْحِالمُهْمَلَةِ.
قَوْله: (أَوْ يُنَشَّر) بِتَشْدِيدِ المُعْجَمَةِ مِنَ النُّشْرَةِ بِالضَّمِّ، وَهِيَ ضَرْبٌ مِنَالعِلاجِ يُعَالَجُ بِهِ مَنْ يُظَنُّ أَنَّ بِهِ سِحْرًا أَوْ مَسًّا مِنَالجِنِّ، قِيلَ لَهَا ذَلِكَ لأنَّهُ يُكْشَفُ بِهَا عَنْهُ مَا خَالَطَهُ مِنَ الدَّاءِ، وَيُوَافِقُ قَوْلَ سَعِيدِ بْنِالمُسَيَّبِ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الرُّقْيَةِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْد مُسْلِمٍ مَرْفُوعًا: (مَنِاسْتَطَاعَ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ).
وَيُؤَيِّدُ مَشْرُوعِيَّةَالنُّشْرَةِ مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ (العَيْنُ حَقٌّ) فِي قِصَّةِ اغْتِسَال العَائِنِ). [فتح الباري: 10/244]

أثَر عطاء بن أبي رَباح ويحيى بن سعيد الأنصاري
قالَ يُوسُفُ بنُ عَبدِ اللهِ ابنُ عَبْدِ البَرِّ النَّمَرِيُّ (ت:463هـ): (أَخْبَرَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا سُحْنُونٌ، حَدَّثَنَا ابنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءَ بنَ أَبي رَبَاحٍ عَنِ النُّشْرَةِ؛ فكَرِهَ نُشْرَةَ الأَطِبَّاءِ وَقَالَ: لا أَدْرِي مَا يَصْنَعُونَ فِيهَا، وَأَمَّا شَيْءٌ تَصْنَعُهُ أَنْتَ فَلا بَأْسَ بهِ.
قَالَ ابنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي يَحْيَى بنُ أَيُّوبَ أَنَّهُ سَمِعَ يَحْيَى بنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: لَيْسَ بالنُّشْرَةِ الَّتِي يُجْمَعُ فِيهَا مِنَ الشَّجَرِ وَالطِّيبِ وَيَغْتَسِلُ بهِ الإِنْسَانُ بَأْسٌ). [التمهيد: 6/246]

أثر عطاء الخُرَاساني
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ ابنُ أبِي شَيْبَةَ العَبْسِيُّ (ت:235هـ): (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ كَانَ لا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَأْتِيَ المُؤَخَّذُ عَنْ أَهْلِهِ وَالمَسْحُورُ مَنْ يُطْلِقُ عَنْهُ.
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً الخُرَاسَانِيَّ عَنِ المُؤَخَّذِ وَالمَسْحُورِ، يَأْتِي مَنْ يُطْلِقُ عَنْهُ؟ قَالَ: لا بَأْسَ بِذَلِكَ إِذَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ). [مصنف ابن أبي شيبة: 7/390]

(1) قال الألباني: (ثم طبعت المراسيل بأسانيدها، فإذا هو فيه (319 / 453 ) من طريق أخرى عن شعبة به، وليس فيه ما استشكلته من قوله: (أسند ولا يصح)؛ فالظاهر أنه كان حاشية من بعضهم طبع خطأً في الصلب كما هو خطأ في العلم).


رد مع اقتباس
  #34  
قديم 6 جمادى الأولى 1435هـ/7-03-2014م, 11:15 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

أقوال العُلماء في حُكم النُّشرة

قالَ علِيُّ بنُ خَلَفٍ ابنُ بَطَّالٍ البَكْرِيُّ القُرْطُبِيُّ (ت:449هـ):(وَقَوْلُهَا لِلنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَلاَّ تَنَشَّرْتَ؟) يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ النُّشْرَةِ كَمَا قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَأَنَّهَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ لِمُدَاوَاةِ السِّحْرِ وَشِبْهِهِ،
وَيَدُلُّ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ:
(( أَمَّا اللهُ فَقَدْ شَفَانِي )) وَتَرْكُهُ الإِنْكَارَ عَلَى عَائِشَةَ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ لَهَا لَوْ لَمْ يَشْفِهِ؛ فَلا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ أَنْكَرَ النُّشْرَةَ). [شرح صحيح البخاري: 9/446]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ السُّهَيْلِيُّ (ت: 581هـ): (وَأَمَّا الفِقْهُ الّذِي أَشَرْنَا إلَيْهِ فَهُوَ إبَاحَةُ النُّشْرَةِ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ: هَلّا تَنَشَّرْتَ. وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا قَوْلَهَا.
وَذَكَرَ البُخَارِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ النُّشْرَةِ لِلَّذِي يُؤَخَّذُ عَنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ: لا بَأْسَ، لَمْ يُنْهَ عَنِ الصَّلاحِ، إنَّمَا نُهِيَ عَنِالفَسَادِ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ كَرِهَ النُّشْرَةَ عَلَى العُمُومِ، وَنَزَعَ بِحَدِيثٍ خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ مَرْفُوعًا: أَنَّ النُّشْرَةَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، وَهَذَا - وَاللّهُ أَعْلَمُ - فِي النُّشْرَةِ الّتِي فِيهَا الخَوَاتِمُ وَالعَزَائِمُ وَمَا لا يُفْهَمُ مِنَ الأسْمَاءِ العَجَمِيَّةِ، وَلَوْلا الإِطَالَةُ المُخْرِجَةُ لَنَا عَنْ غَرَضِنَا لَقَدَّرْنَا الرُّخْصَةَ بِالآثَارِ. وَهَذَا القَدْرُ كَافٍ وَاللّهُ المُسْتَعَانُ). [الروض الأنف:2/373]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ مُفْلِحٍ المَقْدِسِيُّ الحَنْبَلِيُّ (ت:762هـ): (فَصْلٌ فِي النُّشْرَةِ، وَهُوَ مَاءٌ يُرْقَى وَيُتْرَكُ تَحْتَ السَّمَاءِ وَيُغْسَلُ بِهِ المَرِيضُ ).
قَالَ جَعْفَرٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ النُّشْرَةِ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يُكْرَهُ هَذَا كُلُّهُ. وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو دَاوُدَ فِي المَرَاسِيلِ عَنِالحَسَنِ مَرْفُوعًا أَنَّهَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ.
قَالَ القَاضِي أَبُو يَعْلَى: وَرَأَيْتُ فِي مَسَائِلِ الفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا عَقِيلُ بْنُ مَعْقِلٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ النُّشْرَةِ فَقَالَ: ((هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ)). إسْنَادٌ جَيِّدٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي المُسْنَدِ وَأَبُو دَاوُدَ.
وَفِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ وَهْبٍ، وَذَكَرَهُ كَمَا سَبَقَ. إبْرَاهِيمُ هُوَ ابْنُ عَقِيلِ بْنِ مَعْقِلٍ، ثِقَةٌ، لَعَلَّهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبٍ. رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيبُ.
وَقَالَ بَعْضُهُم: النُّشْرَةُ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ أَهْلِ التَّعْزِيمِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأنَّهَا تُنَشِّرُ عَنْ صَاحِبِهَا؛ أَيْ: تُجْلِي عَنْهُ. وَأَجَازَهَا الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ فِي جَامِعِ المَسَانِيدِ: (النُّشْرَةُ: حَلُّ السِّحْرِ عَنِالمَسْحُورِ، وَلا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلا مَنْ يَعْرِفُ السِّحْرَ، وَقَدْ قَالَ الحَسَنُ: لا يُطْلِقُ السِّحْرَ إلا سَاحِرٌ، إلا أَنَّهُ لا يَجُوزُ ذَلِكَ. وَسُئِلَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ عَنْ حَلِّ العُقَدِ وَالنُّشَرِ فَقَالَ: لا بَأْسَ بِهِ، وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَمَّنْ يُطْلِقُ السِّحْرَ عَنِالمَسْحُورِ فَقَالَ: لا بَأْسَ بِهِ) انْتَهَى كَلامُهُ.
وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ التَّمَائِمَ، وَالرُّقَى، وَالنُّشَرَ). [الآداب الشرعية: ]
قالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ ابنُ حَجَرٍ العَسْقَلانِيُّ (ت:852هـ): (قَالَ ابْنُالجَوْزِيِّ: النُّشْرَةُ: حَلُّ السِّحْرِ عَنِالمَسْحُورِ، وَلا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلا مَنْ يَعْرِفُ السِّحْرَ.
وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَمَّنْ يُطْلِقُ السِّحْرَ عَنِالمَسْحُورِ فَقَالَ: لا بَأْسَ بِهِ. وَهَذَا هُوَ المُعْتَمَدُ.
وَيُجَابُ عَنِالحَدِيثِ وَالأثَرِ بِأَنَّ قَوْلَه: (النُّشْرَةُ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) إِشَارَةٌ إِلَى أَصْلِهَا، وَيَخْتَلِفُالحُكْمُ بِالقَصْدِ، فَمَنْ قَصَدَ بِهَا خَيْرًا كَانَ خَيْرًا وَإِلا فَهُوَ شَرٌّ.
ثُمَّ الحَصْرُالمَنْقُولُ عَنِالحَسَنِ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِه؛ لأنَّهُ قَدْ يَنْحَلُّ بِالرُّقَى وَالأدْعِيَةِ وَالتَّعْوِيذِ، وَلَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ النُّشْرَةُ نَوْعَيْنِ).
[فتح الباري: 10/244]

رد مع اقتباس
  #35  
قديم 6 جمادى الأولى 1435هـ/7-03-2014م, 11:17 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

تحريم إتيان الكُهَّان

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (سَبَبُ إِيرَادِ هَذِهِ المسْأَلَةِ أَنَّ بَعْضَ مَنِ ابْتُلِيَ بالسِّحْرِ قَدْ تَدْعُوهُ نَفْسُهُ لإِتْيَانِ الكُهَّانِ وَسُؤَالِهِمْ عَمَّن سَحَرَهُ وَمَوْضِعِ السِّحْرِ وَغَرَضِهِ.
وَقَدْ تَبَيَّنَ مِن وَقَائِعِ الأَحْوَالِ أَنَّ الكُهَّانَ إِخْوانُ الشَّيَاطِينِ، يَكْذِبُونَ وَيَمْكُرُونَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونُ، وَلا يَزِيدُونَ مَن يَأْتِيهِمْ إِلا خَبَالاً، وَلا يُسْتَفَادُ مِنْهُمْ هُدًى وَلا شِفَاءٌ،وَكَمْ مِن مَخْذُولٍ أَتَاهُمْ فَلَمْ يَسْتَفِدْ إِلاَّ حَيْرَةً وَضَلالاً، وَفَسَادًا فِي أَحْوَالِهِ ازْدَادَ بهِ إِلَى شَقَائِهِ شَقَاءً، وَلَوْ أَنَّهُ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ لَكَفَاهُ، وَلَوِ اسْتَهْدَاهُ لَهَدَاهُ، وَلَكِنَّ المخْذُولَ مَنْ خَذَلَهُ اللهُ، {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (103)} [البقرة: 103].
فَالحَذَرَ الحَذَرَ.. مَا ابْتَلاكَ اللهُ تَعَالَى لِتَلْجَأَ إِلَى أَعْدَائِهِ، وَتطْلُبَ مِنْهُمْ مَا يُحِبُّ أَنْ تَسْأَلَهُ إِيَّاهُ، وَإِنَّمَا ابْتَلاكَ لِتَلْجَأَ إِلَيْهِ، وَتُؤْمِنَ بهِ وَتَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ، وَتَتُوبَ إِلَيْهِ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي سَلَّطَ عَلَيْكَ البَلاءَ بسَبَبهِ؛ فَإِذَا فَقِهْتَ ذَلِكَ عَرَفْتَ المَخْرَجَ مِنْ بَلائِكَ، وَإِنَّمَا يَتَخَبَّطُ فِي الظُّلُمَاتِ مَن لَمْ يَكُنْ عَلَى نُورٍ مِن رَبِّهِ).

حديث عائشة بنت أبي بكر
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُئِلَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنِ الكُهَّانِ؛ فَقَالَ: (( لَيْسُوا بِشَيءٍ )).
فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ يُخْبرُونَا بأَشْيَاءَ تَكُونُ حَقًّا.
قال: (( تِلْكَ كَلِمَةُ حَقٍّ يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ فَيَقْذِفُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ فَيَزِيدُ فِيهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ ))). [مصنف عبد الرزاق:11/208]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ (ت:256هـ): (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِالكُهَّانِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لَيْسُوا بِشَيْءٍ )).
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( تِلْكَ الكَلِمَةُ مِنَالحَقِّ يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ))). [صحيح البخاري:]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (هذا الحديثُ رواه ابنُ وَهْبٍ وعبدُ الرزاقِ وأحمدُ والبخاريُّ ومسلمٌ والطحاويُّ وابنُ مَنْدَهْ وابنُ حِبَّانَ كلُّهم من طرقٍ عن عروةَ بنِ الزُّبير به).

حديث آخر عن عائشة
قالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ (ت:256هـ): (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (( إِنَّ المَلائِكَةَ تَنْزِلُ فِي العَنَانِ - وَهُوَ السَّحَابُ - فَتَذْكُرُ الأمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ فَتَسْمَعُهُ فَتُوحِيهِ إِلَى الكُهَّانِ فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ )) ).[صحيح البخاري: كتاب بدء الخلق/ باب ذكر الملائكة]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (هذا الحديثُ رواه ابنُ وهبٍ والبخاريُّ وابنُ مندَهْ من طرقٍ عن محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ الأسديِّ يتيمِ عروةَ عن عروةَ بنِ الزبيرِ عن عائشةَ مرفوعاً).

حديث معاوية بن الحكم
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ ابنُ أبِي شَيْبَةَ العَبْسِيُّ (ت:235هـ): (حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالإِسْلامِ، وَإِنَّ مِنَّا رِجَالاً يَأْتُونَ الكُهَّانَ، قَالَ: ((فَلا تَأْتِهِمْ)) ). [مصنف ابن أبي شيبة: 7/391]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (هذا الحديثُ له مخرجانِ مشهورانِ:
أحدُهما: من طريقِ هلالِ بنِ أبي ميمونةَ عن عطاءِ بنِ يسارٍ، عن معاويةَ بنِ الحكمِ رضي اللهُ عنه، رواه أبو داودَ الطيالسيُّ وابنُ أبي شَيبةَ وعبدُ الرزَّاقِ وأحمدُ ومسلمٌ وأبو عوانةَ وابنُ الجارُودِ وأبو داودَ السِّجِسْتَانِيُّ والنَّسائيُّ والطبرانيُّ في الكبيرِ والبيهقيُّ والبَغَوِيُّ في شرحِ السنَّةِ، رواه بعضُهم مطولاً في حديثِ معاويةَ المشهورِ في تكلمِه في الصلاةِ وذكرِ الطيرةِ والكَهانةِ والخَطِّ، ورواه بعضُهم مقتصراً على ذِكرِ الكُهَّانِ كما فعلَ ابنُ أبي شيبةَ.
والمخرجُ الآخرُ: من طريقِ الزهريِّ عن أبي سلمةَ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ، عن معاويةَ بنِ الحكمِ، رواه أبو داودَ الطيالسيُّ وعبدُ الرزاقِ وأحمدُ ومسلمٌ وابنُ أبي عاصمٍ والطبرانيُّ في الكبيرِ، وأبو نُعيمٍ في معرفةِ الصحابةِ والبيهقيُّ.
وله طرقٌ أخرى عن أبي سلمةَ).

حديث صفية بنت أبي عُبيد عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
قالَ مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ القُشَيْرِيُّ النَّيسَابُورِيُّ (ت:261هـ): (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى العَنَزِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى - يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ- عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً )) ). [صحيح مسلم: ]

حديث عِمران بن الحُصين
قالَ أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَبْدِ الخَالِقِ البَزَّارُ (ت:292هـ): (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ العَطَّارُ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (( لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ، أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ، أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ، أَوْ سَحَرَ، أَوْ سُحِرَ لَهُ، وَمَنْ عَقَدَ عُقْدَةً، وَمَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ )).
وَهَذَا الحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ بَعْضُ كَلامِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، فَأَمَّا بِجَمِيعِ كَلامِهِ وَلَفْظِهِ فَلا نَعْلَمُهُ يُرْوَى إِلاَّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَلا نَعْلَمُ لَهُ طَرِيقاً عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ إِلاَّ هَذَا الطَّرِيقَ، وَأَبُو حَمْزَةَ العَطَّارُ بَصْرِيُّ لا بَأْسَ بِهِ). [مسند البزار: 169 الزوائد]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (ورواه الدُّولابيُّ والطبرانيُّ في الكبيرِ من حديثِ أبي حمزةَ العطارِ عن الحسنِ، عن عمرانِ بن الحُصينِ، دونَ قولِه: (ومَن عقَد..)إلخ. والحديثُ صححه الألبانيُّ في السلسلةِ الصحيحةِ).

حديث ابن عباس
قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ (ت: 360هـ): (حَدَّثَنا العَبَّاسُ بنُ حَمَّادِ بنِ فَضَالةَ الصَّيرَفِيُّ، قالَ: نا يَحْيَى بنُ الفَضْلِ الخِرَقِيُّ، قَالَ: نا أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، قالَ: نا زَمْعَةُ بنُ صَالِحٍ، عَن سَلَمَةَ بنِ وَهْرَامَ، عَن عِكْرِمَةَ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَسَحَّرَ أو تُسُحِّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ، أو تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ)) ). [المعجم الأوسط: 4/393 ]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (رواه البزارُ وأبو يعلى والطبرانيُّ من طرقٍ عن أبي عامرٍ العَقَدِيِّ، عن زَمعةَ بنِ صالحٍ، عن سلمةَ بنِ وهرامَ به، وزمعةُ وسلمةُ ضعيفانِ، وقد صحح الألبانيُّ هذا الحديثَ لغيرِه).

حديث جابر بن عبد الله
قالَ عَلِيُّ بنُ أَبي بَكْرِ بنِ سُلَيمَانَ الهَيْثَمِيُّ (ت:807هـ): (عَنْ جَابرِ بنِ عَبدِ اللهِ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ))صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. رَوَاهُ البَزَّارُ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، خَلا عُقْبَةَ بنِ سِنَانٍ، وَهُو ضَعِيفٌ). [مجمع الزوائد:5/202]
-قَالَ مُحَمَّد نَاصِر الدِّينِ الأَلْبَانِيُّ: (ت:1420هـ): ( (مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَه بما يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بمَا أُنزِلَ عَلَى محمَّدٍ). أخرجه البزارُ في "مسندِه " (3/ 400/3045): حدثنا عقبةُ بنُ سنانٍ: ثنا غسانُ بنُ مُضَرَ، ثنا سعيدُ بنُ يزيدَ، عن أبي نضْرَةَ، عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، عن النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم... فذكَرَه. وقال: "لا نعلمُه يُرْوَى عن جابرٍ إلا من هذا الوجهِ، ولم نسمَعْ أحداً يحدثُ به عن غَسَّانَ إلا عقبةُ".
قلت: قال الحافظُ في "مختصرِ الزوائدِ" (1/647/1171):"قال الشيخُ- يعني الهيثميَّ-: وهو ثقةٌ".
قلت: وهذا هو الصوابُ، خلافاً لقولِ الهيثميِّ الآخرِ في "مَجمعِ الزوائدِ" (5/117): (رواه البزارُ، ورجالُه رجالُ الصحيحِ، خلا عقبةَ بنَ سِنانٍ، وهو ضعيفٌ). وقد كنتُ شككتُ في هذا التضعيفِ في "غايةِ المَرامِ " (174/285) لأسبابٍ كنت ذكرتُها هناك، فمن شاءَ راجَعها، وخلاصتُها أنه لا وجهَ لهذا التضعيفِ؛ لأنه ليسَ فيمن يسمى بـ (عقبةَ بنَ سنانٍ) مضعفٌ؛ فإنهم ثلاثة، أحدُهم: مجهولُ الحالِ، وهو أعلى من هذا طبقةً، والآخرانِ: ثقتانِ، أحدُهما: (عقبةُ بنُ سِنانِ بنِ عُقبةَ الهَدَادِيُّ البصريُّ) روى عن غسانَ بنِ مُضَرَ؛ فهو هذا، وقد قال فيه أبو حاتمٍ: " صدوقٌ ".
وبقيةُ رجالِ الإسنادِ ثقاتٌ رجالُ الشيخينِ؛ غيرَ غسَّانَ بنِ مُضَرَ؛ وهو ثقةٌ من شيوخِ النسائيِّ. وقد وهِم الهيثميُّ في عدمِ استثنائِه إياه مع عقبةَ بنِ سنانٍ، في قولِه المتقدمِ. فالإسنادُ جيدٌ؛ كما قال المنذريُّ في "الترغيبِ " (4/52/7)، وتبِعه الحافظُ في "الفتحِ " (10/217).
وللحديثِ شواهدُ كثيرةٌ يزدادُ بها قوةً، خرجتُ بعضَها في (إرواءِ الغليلِ:7/68-70)، و(غايةِ المرامِ:72 1-173/284)، و(آدابِ الزفافِ:105-107).
(فائدةٌ): قال ابنُ الأثيرِ في (النهايةِ): (الكاهنُ: الذي يَتعاطى الخبرَ عن الكائناتِ في مستقبلِ الزمانِ ويدَّعي معرفةَ الأسرارِ، وقد كان في العربِ كهنةٌ كشِقٍّ وسَطِيحٍ وغيرِهما، فمنهم من كانَ يزعُمُ أن له تابعاً من الجنِّ ورَئِيًّا يُلقي إليه الأخبارَ، ومنهم من يزعُم أنه يعرِفُ الأمورَ بمقدماتِ أسبابٍ يستدلُّ بها على مواقعِها من كلامِ من يسألُه، أو من فِعلِه، أو حالِه، وهذا يخصُّونه بالعرَّافِ، كالذي يدَّعي معرفةَ الشيءِ المسروقِ، ومكانَ الضالةِ ونحوَهما. والحديثُ الذي فيه: "من أتَى كاهنًا... " قد يَشتمِلُ على إتيانِ الكاهنِ، والعرافِ، والمنجِّمِ ".
قلت: فإذا عرفتَ هذا؛ فمن (الكَهَانةِ) ما كان يُعرفُ بـ (التنويمِ المغناطيسيِّ)،ثم بـ (استحضارِ الأرواحِ)، وما عليه اليومَ كثيرٌ من الناسِ - وفيهم بعضُ المسلمينَ الطيبين- ممن اتخذوا ذلك مهنةً يعتاشون منها، ألا وهو القراءةُ على الممسوسِ من الجنيِّ، ومكالمتُهم إيَّاه، وأنه يحدثُهم عن سببِ تلبسِه بالإنسيِّ؛ حبًّا به أو بغضاً! وقد يزعُمون أنهم يسألونه عن دينِه، فإذا أخبرهم بأنه مسلم صدقوه في كلِّ ما ينبئُهم به! وذلك منتهى الغفلةِ والضلالِ؛ أن يصدقَه وهو لا يعرفُه ولا يراه، فكن حذراً منهم أيها الأخُ المسلمُ! ولا تأتِهِم ولا تصدِّقْهم " وإلا صدَقَ فيك هذا الحديثُ الصحيحُ وما في معناه). [السلسلة الصحيحة: ]

أثر عبد الله بن مسعود
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ ابنُ أبِي شَيْبَةَ العَبْسِيُّ (ت:235هـ): (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَوَكِيعٌ، قَالا: حدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: مَنْ مَشَى إِلَى سَاحِرٍ، أَوْ كَاهِنٍ، أَوْ عَرَّافٍ فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ). [مصنف ابن أبي شيبة: 7/392]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ هُبَيْرَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: (مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَسَأَلَهُ وَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ).
عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ مِثْلَ ذَلِكَ). [تفسير عبد الرزاق: 2/408]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (ورواه ابنُ وهبٍوأبو داودَ الطيالسيُّ والبزارُ وأبو يعلى والدارقطنيُّ في العِلَلِ والبيهقيُّ كلُّهم من طرقٍ عن هُبيرةَ بن يَرِيمَ الشِّبَامِيِّ، عن ابن مسعودٍ موقوفاً، وهُبيرةُ مختلفٌ فيه، وقال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في التقريبِ: لا بأسَ به.
ورواه الطبرانيُّ في الكبيرِ من طريقِ عبدِ العزيزِ بنِ مسلمٍ عن الأعمشِ عن إبراهيمَ عن علقمةَ عن عبدِ اللهِ به.
ورواه في الأوسطِ من طريقِ سعيدِ بنِ عامرٍ عن شعبةَ عن سلمةَ بنِ كُهيلٍ عن أبي الزعراءِ عن ابنِ مسعودٍ به.
ورواه عبدُ الرزاقِ من حديثِ معمرٍ عن قتادةَ عن ابنِ مسعودٍ وفيه انقطاعٌ.
ورواه البزارُ من طريقِ أبي معاويةَ عن الأعمشِ عن إبراهيمَ عن همامِ بنِ الحارثِ عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ بلفظِ: (من أتى كاهناً أو ساحراً فصدقه بما يقولُ فقد كفَرَ بما أُنزلَ على محمدٍ)
وفي البابِ عن أبي هريرةَ وأنسٍ وواثلةَبنِ الأسقعِ).

رد مع اقتباس
  #36  
قديم 6 جمادى الأولى 1435هـ/7-03-2014م, 11:17 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

بيان كذِب الكُهَّان

حديث عائشة
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (تقدم ذِكرُه قريباً).

حديث ابن عباس عن رجل من الأنصار
قالَ مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ القُشَيرِيُّ النَّيسَابُورِيُّ (ت:261هـ): (حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ حَسَنٌ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، وَقَالَ عَبْدٌ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الأنْصَارِ أَنَّهُمْ بَيْنَمَا هُمْ جُلُوسٌ لَيْلَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( مَاذَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي الجَاهِلِيَّةِ إِذَا رُمِيَ بِمِثْلِ هَذَا؟ )). قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، كُنَّا نَقُولُ: وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، وَمَاتَ رَجُلٌ عَظِيمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فَإِنَّهَا لا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنْ رَبُّنَا - تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ - إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ العَرْشِ، ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ قَالَ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ العَرْشِ لِحَمَلَةِ العَرْشِ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قَالَ. قَالَ: فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ بَعْضًا حَتَّى يَبْلُغَ الخَبَرُ هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَتَخْطَفُ الجِنُّ السَّمْعَ فَيَقْذِفُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ وَيُرْمَوْنَ بِهِ، فَمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ حَقٌّ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ )) ).

رد مع اقتباس
  #37  
قديم 6 جمادى الأولى 1435هـ/7-03-2014م, 11:18 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

الأُخْذَة

معنى الأُخْذَةِ
قالَ الخَلِيلُ بنُ أَحْمَدَ الفَرَاهِيدِيُّ البَصْرِيُّ (ت: 170هـ): (السِّحْرُ: كلُّ ما كان من الشيطانِ فيه مَعُونةٌ. والسِّحْرُ: الأُخْذَةُ التي تأخُذُ العَيْنَ، والسِّحْرُ: البَيانُ في الفِطنةِ. والسَّحْرُ: فعلُ السِّحْرِ). [العين:3/135]
قالَ المُفَضَّلُ بنُ سَلَمَةَ بنِ عَاصِمٍ الضَّبِّيُّ (ت:291هـ): (قَوْلُهُمْ: (أَخَذَتْه الأُخْذَةُ) قَالَ الفَرَّاءُ: الأُخْذَةُ: السِّحْرُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فِي يَدِهِ أُخْذَةٌ، أي حِيلَةٌ يَسْحَرُ بهَا). [الفاخر:48]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (المُفَضَّلُ هذا من نُحاةِ الكوفةِ وعلمائِها، والدُه راويةُ الفرَّاءِ، وهو غيرُ المفضلِ بنِ محمدٍ الضَّبِّيِّ صاحبِ المُفَضَّلِيَّاتِ).
قالَ أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الأَزْهَرِيُّ (ت: 370هـ): (ومن السِّحْرِ: الأُخْذَةُ التي تأخُذُ العَيْنَ حتَّى تَظُنَّ أنَّ الأمرَ كَمَا تَرَى وليسَ الأصلُ عَلَى مَا تَرَى).[تهذيب اللغة: 2/29]
قالَ أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الأَزْهَرِيُّ (ت: 370هـ): (والتَّأخيذُ: أنْ تحتالَ المرأةُ بِحِيَلٍ مِنَ السِّحْرِ تَمْنَعُ بهَا زَوْجَهَا مِن جِماعِ غيرِهَا، يقالُ: إنَّ لِفُلانَةَ أُخْذَةٌ تُؤَخِّذُ بهَا الرِّجَالَ عَنِ النِّسَاءِ، وَقَدْ أخَّذَتْهُ السَّاحِرَةُ تُؤَخِّذُهُ تَأْخِيذًا). [تهذيب اللغة: 3/14]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بنُ حَمَّادٍ الجَوْهَرِيُّ (ت:393هـ): (والأُخْذَةُ بالضمِّ: رُقْيَةٌ كالسِّحرِ، أو خَرَزةٌ تُؤَخِّذُ بها النساءُ الرجالَ، من التَّأْخيذِ). [الصحاح: 2/559]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ مُكْرَمِ بنِ مَنظُورٍ الأَفْرِيقِيُّ (ت:711هـ):(وقالَ اللِّحيَانِيُّ: قالَ بَعْضُ نِسَاءِ الأَعْرَابِ في تَأْخِيذِ الرِّجَالِ: أَخَّذتُه في دُبَّاء مُمَلأٍ من الماء مُعَلَّقٍ بتِرْشاء فلا يَزَلْ في تِمْشاء وعينُه في تِبْكاء
ثمَّ فَسَّرَهُ فقال: التِّرشاءُ: الحَبْلُ، والتِّمْشاء: المَشيُ، والتِّبْكاءُ: البُكاء.
وكانَ حُكْمُ هذَا أَنْ يقولَ: تَمْشاء وتَبْكاء لأَنهما من المصَادِرِ المبنيَّةِ للتَّكثيرِ كالتَّهْذار في الهَذْر والتَّلْعاب في اللَّعب وغير ذلك منَ المصَادِرِ الَّتي حَكَاها سيبويه، وَهذِهِ الأُخْذَة قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكونَ كُلُّهَا شِعْرًا، فإذَا كانَ كَذلكَ فَهُوَ مِن مَنْهوكِ المنسَرِحِ، وَبَيْتُهُ: صَبْراً بني عَبْدِ الدَّارْ).[لسان العرب:14/82]
قالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ ابنُ حَجَرٍ العَسْقَلانِيُّ (ت:852هـ): (قَوْلُه: (أَوْ يُؤَخَّذُ) بِفَتْحِ الوَاو المَهْمُوزةِ وَتَشْدِيدِالخَاءِالمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ، أَيْ: يُحْبَسُ عَنِامْرَأَتِه وَلا يَصِلُ إِلَى جِمَاعِهَا.
وَالأُخْذَةُ بِضَمِّ الهَمْزَةِ هِيَ الكَلامُ الَّذِي يَقُولُهُ السَّاحِرُ، وَقِيلَ: خَرَزَةٌ يُرْقَى عَلَيْهَا، أَوْ هِيَ الرُّقْيَةُ نَفْسُهَا). [فتح الباري: ]
قالَ مُرْتَضَى الزَّبيدِيُّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحُسَيْنِيُّ (ت:1205هـ): (والأُخْذَةُ بالضمِّ: رُقْيَةٌ تأْخُذُ العَيْنَ ونَحْوَها كالسِّحْرِ تَحْبِسُ بها السَّواحِرُ أَزواجَهُنَّ عن غيرِهنَّ من النساءِ، والعَامَّةُ تُسَمِّيهِ الرِّبَاطَ والعَقْدَ، وكان نساءُ الجاهليَّةِ يَفْعَلْنَه، ورَجُلٌ مُؤَخَّذٌ عن النساءِ: مَحْبُوسٌ وفي الحديثِ: (جاءَتِ امرأَةٌ إِلى عائِشَةَ رضِيَ اللهُ عنها فقالَت: أُقَيِّدُ جَمَلي؟ وفي أُخْرَى: أُؤَخِّذُ جَمَلِي؟ قالت: نَعمْ. فلم تَفْطِنْ لها حتى فُطِّنَتْ، فأَمَرَتْ بإِخْرَاجِها.
كَنَّتْ بالجَمَلِ عن زَوْجِها، ولم تَعلمْ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها، فلذلك أَذِنَتْ لها فيه.
والتأْخِيذُ: أَن تَحتالَ المرأَةُ بِحِيَلٍ في مَنْعِ زَوْجِها عن جِماعِ غَيْرِهَا، وذلك نَوْعٌ مِن السِّحْرِ، أَو هي خَرَزَةٌ يُؤَخِّذُ بها النساءُ الرِّجالَ، وقد أَخَّذَتْه الساحرةُ تأْخيذاً وآخَذَتْه: رَقَتْه.
وقالتْ أُخْتُ صُبْحٍالعادِيِّ تَبكِي أَخاهَا صُبْحًا، وقَدْ قَتلَه رَجُلٌ سِيقَ إِليه على سَرِيرٍ لأَنها كانَتْ أخَذَتْ عنه القائمَ والقاعِدَ والساعِيَ والماشيَ والراكِبَ: (أَخَذْتُ عَنْك الراكبَ والساعيَ والماشيَ والقاعدَ والقائمَ ولم آخُذْ عنك النائمَ).
وفي صُبْحٍ هذا يَقول لَبِيدٌ:

ولَقَدْ رَأَى صُبْحٌ سَوَادَ خَلِيلِهِ.....مَا بَيْنَ قَائِمِ سَيْفِهِ والمِحْمَلِ
عَنَى بِخَلِيله كَبِدَه لأَنه يُرْوَى أَنَّ الأَسَدَ بقَرَ بَطْنَه وهو حَيٌّ فنَظَر إِلى سَوَادِ كَبِدِه. كذا في اللسان ). [تاج العروس: أخذ]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ السُّهَيْلِيُّ (ت: 581هـ): (فِي الخَبَرِ أَنَّالقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّد بْن الحَنَفِيَّةِ، كَانَ مُؤَخَّذًا عَنْ مَسْجِدِ النّبِيِّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْخُلَهُ). [الروض الأنف:2/371]

حكم التأخيذ
أثر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

قالَ عبدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت:211هـ): (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابنِ سِيرِينَ قَالَ: سُئِلَ ابنُ عُمَرَ عَنِ الأُخْذَةِ فَقَالَ: مَا أَرَاهُ إِلا سِحْرًا.
قَال: فقيل: فَإنَّها تَأْخُذُ الغَائِطَ وَالبَوْلَ، قَالَ: لفاف). [مصنف عبد الرزاق:11/208]
قالَ يَحْيَى بنُ مَعِينِ بنِ بِسْطَامٍ الغَطَفَانِيُّ (ت:233هـ): (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنبَأَ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابنِ سِيرِينَ قَالَ: سُئِلَ ابنُ عُمَرَ عَنِ الأُخْذَةِ فَقَالَ: مَا أَرَاهَا إِلا سِحْرًا.
قالَ: قِيلَ: إنَّها تَأْخُذُ الغَائِطَ وَالبَوْلَ. قَالَ: مَهْ مَهْ). [جزء يحيى بن معين:122]
قالَ نَصْرُ بنُ مَرْزُوقٍ العُتَقِيُّ المِصْرِيُّ (ت:262هـ): (حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ دِينَارٍ، عَن مُحَمَّدِ بنِ سَيْفٍ أَبي رَجَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ سِيريِنَ يُحَدِّثُ عَنِ ابنِ عُمَرَ، قَالَ: الأُخْذَةُ هِيَ السِّحْرُ). [كما في التمهيد لابن عبد البر: 6/245]

أثر جابر بن عبد الله
قالَ نَصْرُ بنُ مَرْزُوقٍ العُتَقِيُّ المِصْرِيُّ (ت:262هـ): (حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ حَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللهِ بنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبي الزُّبَيْرِ المَكِّيِّ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بنَ عَبْدِاللهِ عَنِ الرَّجُلِ يَأْبَقُ لَهُ العَبْدُ أيُؤَخَّذُ؟
قَالَ: نَعَمْ. أَوْ قَالَ: لا بَأْسَ بهِ). [كما في التمهيد لابن عبد البر: 6/245]

أثر الحسن البصري
قالَ نَصْرُ بنُ مَرْزُوقٍ العُتَقِيُّ المِصْرِيُّ (ت:262هـ): (حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ حَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبي رَجَاءٍ مُحَمَّدِ بنِ سَيْفٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الحَسَنَ عَنِ الأُخْذَةِ فَفَزِعَ وَقَالَ: لَعَلَّكَ صَنَعْتَ مِن ذَلِكَ شَيْئًا؟
قُلْتُ: لا). [كما في التمهيد لابن عبد البر: 6/245]

أثر سعيد بن المسيب
قالَ نَصْرُ بنُ مَرْزُوقٍ العُتَقِيُّ المِصْرِيُّ (ت:262هـ): (حَدّثَنَا يَحْيَى بنُ حَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ بلالٍ، عَن يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابنِ المسَيَّبِ أَنَّهْ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَأْبَقُ لَهُ العَبْدُ أَيُؤَخِّذُهُ؟
فَقَالَ سَعِيدُ بنُ المسَيَّبِ: قَدْ وَخَّذْنَا فَمَا رُدَّ عَلَيْنَا شَيْءٌ، أَوْ رَدَّ عَلَيْنَا شَيئًا). [كما في التمهيد لابن عبد البر: 6/245]

أثر يحيى بن سعيد الأنصاري
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبِ بنِ مُسْلِمٍ المِصْرِيُّ (ت:197هـ): (بَلَغَنِي عَن يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي العَبْدِ يَأْبَقُ فَيُعْقَدُ بغَيْرِ سِحْرٍ حَتَّى تُعَمَّى عَلَيْهِ الطُرُقُ، وَيُمْنَعَ مِنَ الخَلاءِ وَالبَوْلِ، فَيَشْتَدَّ ذَلِكَ عليه، فَيَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ.
قالَ يَحْيَى : « رَأَيْتُ خير مَن أَدْرَكْنَا يَكْرَهُ ذَلِكَ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً وَيَنْهَى عَنْهَا » ). [الجامع: باب في الرقية]

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبِ بنِ مُسْلِمٍ المِصْرِيُّ (ت:197هـ): (أخبرني ابنُ لَهيعةَ، عن يَزيدَ بنِ أبي حبيبٍ، عن هُرْمُزَ، مولى عمرِو بنِ العاصِ، أنه. . . عبد الله بن عمرو، فإذا هو يرى التيوسَ تنزوا على . . . . . ما هاهنا، لم أكن أعلم السباعَ هاهنا كبيرةً، قيل : نعمْ، ولكنها عقدت، فهي تخالطُ البهائمَ ولا تُهَيِّجْها، فقال عبد الله بن عمرٍو: شعب صغيرة . . . . .). [الجامع: باب في الرقية] والنقط كما في الأصل.
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (الأُخْذَةُ عَلَى أَنْواعٍ:
النَّوعُ الأَوَّلُ: أُخْذَةُ السِّحْرِ، وتُطْلَقُ علَى ما يقولُه السَّاحِرُ إِذا سَحَرَ وَنَفَثَ، وَتُطْلَقُ عَلَى الحُجُبِ وَالعَزَائِمِ الَّتي يُؤَخِّذُ بهَا، وهذا النَّوعُ مُحَرَّمٌ لا شَكَّ فِي تَحْرِيمهِ إِذ هوَ مِن عَمَلِ السِّحْرِ.
النَّوعُ الثَّانِي: أُخْذَةُ العَيْنِ، وَمِنهَا رُقًى لِدَفعِ العَينِ، وَرُقًى لِرَدِّ العَينِ عَلَى صَاحِبِهَا، وُتطْلَقُ أَيضاً علَى التَّعَالِيقِ الَّتِي تُعَلَّقُ لِدَفْعِ العَينِ؛ فَأمَّا الرُّقَى فَغَالِبُ مَا كَانَتْ تَفْعَلُهُ العَرَبُ مِن ذَلِكَ فِيهِ شِرْكٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ)) وَاللامُ فِيهَا عَهْدِيَّةٌ.
وَقَدْ يَكُونُ مِنهَا مَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ، وَلَيْسَ فِيهِ شِرْكٌ وَجُرِّبَ نَفْعُهُ؛ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا بَأَسَ بالرُّقَى مَا لَمْ تَكُن شِرْكًا)).
وَأَمَّا الأَحْرَازُ وَالحُجُبُ وَالتَّمَائِمُ الَّتِي تُعَلَّقُ لِدَفْعِ العَينِ فَلا تَجُوزُ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: أُخُذَاتٌ يَزْعُمُ بَعْضُ العَرَبِ أَنَّهُم يَرُدُّونَ بهَا الغَائِبَ، وَيَحْبِسُونَ بهَا الآبِقَ وَالشَّارِدَ، وَيَرُدُّونَ بهَا العَدُوَّ، وَيُعَمُّونَ بهَا عَنِ الأَمْوَالِ وَالطَّرِيقِ.
وَهِيَ مِن أَنوَاعِ الرُّقَى، وَالغَالِبُ فِيهَا مَا يَغْلِبُ عَلَى الرُّقَى عِندَ العَرَبِ فِي الجَاهِلِيَّةِ مِنَ الشِّرْكِ، وَبَعْضُهَا أَوْهَامٌ وَجَهْلٌ وَخُرَافَاتٌ، وَلِذَلِكَ أَنكَرَهَا السَّلَفُ كمَا صَحَّ عَنِ ابنِ عُمَرَ وَالحسَنِ البَصْرِيِّ.
وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَن جَابرٍ – إِن صَحَّ عَنهُ – وَكَذلِكَ مَا رُوِيَ عَن سَعِيدِ بنِ المسَيَّبِ؛ فَالمرَادُ بهِ مَا خَلا مِنَ الشِّرْكِ مِن تِلْكَ الأُخُذَاتِ.
وَقَدْ أَبْدَلَنَا اللهُ تَعَالَى بالأَذْكَارِ وَالأَوْرَادِ المأثُورَةِ مَا هُوَ خَيرٌ وَأَسْلَمُ وَأنفَعُ مِنهَا).

رد مع اقتباس
  #38  
قديم 6 جمادى الأولى 1435هـ/7-03-2014م, 11:19 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

الرَّعْب

قالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ ابنُ دُرَيْدٍ الأَزْدِيُّ (ت:321هـ): (والرَّعْب: رُقْيَةٌ مِنَ السِّحْرِ، وَهُوَ شَيْءٌ تَفعلُهُ العَرَبُ، كَلامٌ تَسْجَعُ فِيهِ يَرْعَبُونَ بهِ السِّحْرَ، وَفَاعِلُ ذَلِكَ رَاعِبٌ وَرَعَّابٌ؛ يُقَالُ: رَعَبَ الرَّاقِي يَرْعَبُ رَعْباً، إِذَا فَعَلَ ذلكَ).
[جمهرة اللغة: رعب]

رد مع اقتباس
  #39  
قديم 6 جمادى الأولى 1435هـ/7-03-2014م, 11:19 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

للاستزادة

قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القُرْطُبِيُّ (ت: 671هـ): (تَقَدَّمَ في (البقرةِ) القولُ في السِّحْرِ وحَقِيقَتِه، وما يَنْشَأُ عنه من الآلامِ والمفاسِدِ، وحُكْمُ الساحِرِ؛ فلا معنَى لإعادتِهِ). [الجامع لأحكام القرآن: 20/254]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْن عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وأمَّا السِّحْرُ فقَدْ بَسَطْنَا القولَ فيه عندَ قولِه تعالى: {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة: 102] في سُورَةِ البَقَرَةِ). [التحرير والتنوير: 30/628]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:57 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة