العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الإسراء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 08:57 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وبالحقّ أنزلناه} [الإسراء: 105] القرآن.
{وبالحقّ نزل وما أرسلناك إلا مبشّرًا} [الإسراء: 105] بالجنّة.
{ونذيرًا} [الإسراء: 105] تنذر النّاس). [تفسير القرآن العظيم: 1/167]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :
( وقوله جل وعز: {وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا} أي تبشر المطيعين الجنة وتنذر العاصين بالنار).
[معاني القرآن: 4/204]


تفسير قوله تعالى: {وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وقرءانًا فرقناه لتقرأه على النّاس على مكثٍ ونزّلناه تنزيلا} [الإسراء: 106] أنزله اللّه في ثلاثٍ وعشرين سنةً.
{وقرءانًا فرقناه} [الإسراء: 106]، من قرأها بالتّخفيف قال: فرّق فيه بين الحقّ والباطل والحلال والحرام.
الحسن بن دينارٍ، أنّه كان يقرأها مثقّلةً فرّقناه.
قال: فرّقه اللّه؛ فأنزله يومًا بعد يومٍ، وشهرًا بعد شهرٍ، وعامًا بعد عامٍ، حتّى بلغ به ما أراد.
وقال مجاهدٌ: مكثٌ: على ترسّلٍ في قريشٍ.
- همّامٌ، عن الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: نزل القرآن إلى السّماء الدّنيا جملةً واحدةً ليلة القدر، ثمّ جعل بعد ذلك ينزل نجومًا: ثلاث آياتٍ، وأربع وخمس آياتٍ وأقلّ من ذلك وأكثر.
ثمّ تلا هذه الآية: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/167]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وقرآناً فرقناه...}

نصبت القرآن بأرسلناك أي ما أرسلناك إلا مبشّراً ونذيراً وقرآنا أيضا كما تقول: ورحمة؛ لأن القرآن رحمة. ويكون نصبه بفرقناه على راجع ذكره. فلمّا كانت الواو قبله نصب.
مثله {وفريقاً حقّ عليهم الضلالة} وأما (فرقناه) بالتخفيف فقد قرأه أصحاب عبد الله. والمعنى أحكمناه وفصّلناه؛ كما قال {فيها يفرق كلّ أمرٍ حكيمٍ} أي يفصّل.
وروي عن ابن عباس (فرّقناه يقول: لم ينزل في يوم ولا يومين. ... وحدثني الحكم بن ظهير عن السّدّي عن أبي مالك عن ابن عباس {وقرآناً فرقناه} مخففة). [معاني القرآن: 2/133-132]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو وأبو جعفر {وقرآنا فرقناه} مخففة.
قتادة "فرقناه" وهي قراءة [ابن عباس وابن محيصن].
أبو جعفر وشيبة ونافع {على مكث} بالضم؛ أي على ترسل؛ ولغة أخرى: على مكث، بالفتح؛ ويقال: لي ثم مكثه؛ أي لبث ومقام وتأن؛ والفعل منه: مكث ومكث مكثًا ومكثا). [معاني القرآن لقطرب: 833]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فرقناه}: من خفف فالمعنى بيناه ومن شدد أراد أنه نزل متفرقا). [غريب القرآن وتفسيره: 221]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وفيه وجه آخر، وهو: أن القرآن كان ينزل شيئا بعد شيء وآية بعد آية، حتى لربما نزل الحرفان والثلاثة.
قال زيد بن ثابت: كنت أكتب لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله. فجاء عبد الله ابن أمّ مكتوم،
فقال: يا رسول الله إني أحب الجهاد في سبيل الله، ولكن بي من الضرر ما ترى. قال زيد: فثقلت فخذ رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، على فخذي حتى خشيت أن ترضّها،
ثم قال: اكتب:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}.
وروى عبد الرّزاق، عن معمر، عن قتادة، عن الحسن أنه قال في قول الله عز وجل: {وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} قال: كان ينزل آية وآيتين وآيات، جوابا لهم عما يسألون وردّا على النبي.
وكذلك معنى قوله سبحانه: {وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} شيئا بعد شيء.
فكأن المشركين قالوا له: أسلم ببعض آلهتنا حتى نؤمن بإلهك، فأنزل الله: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}. يريد إن لم تؤمنوا حتى أفعل ذلك.
ثم غبروا مدّة من المدد وقالوا: تعبد آلهتنا يوما أو شهرا أو حولا، ونعبد إلهك يوما أو شهرا أو حولا، فأنزل الله تعالى: {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}.
على شريطة أن تؤمنوا به في وقت وتشركوا به في وقت.
قال أبو محمد: وهذا تمثيل أردت أن أريك به موضع الإمكان). [تأويل مشكل القرآن: 238-237] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على النّاس على مكث ونزّلناه تنزيلا}
وتقرأ (فرّقناه) - بالتشديد، وقرآنا منصوب بفعل مضمر، المعنى: وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا، تبشر المؤمنين بالجنة وتنذر من عصى اللّه بالنار، وقرآنا فرقناه.
أنزل اللّه " عزّ وجلّ القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في عشرين سنة، فرقه اللّه في التنزيل ليفهمه الناس،
فقال: {لتقرأه على النّاس على مكث}.
ومكث جميعا، والقراءة بضم الميم). [معاني القرآن: 3/264-263]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقرآنا فرقناه} قال أبو عمرو رحمه الله فرقناه بيناه). [معاني القرآن: 4/205]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {لتقرأه على الناس على مكث} قال مجاهد أي على تؤدة). [معاني القرآن: 4/205]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَرَقْناهْ}: بيّنّاه). [العمدة في غريب القرآن: 185]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قل آمنوا به} [الإسراء: 107]، يعني: القرآن، يقول: قل للمشركين.
{أو لا تؤمنوا إنّ الّذين أوتوا العلم من قبله} [الإسراء: 107] قبل القرآن، يعني: المؤمنين من أهل الكتاب.
{إذا يتلى عليهم} [الإسراء: 107] القرآن.
{يخرّون للأذقان سجّدًا} [الإسراء: 107] للوجوه في تفسير قتادة). [تفسير القرآن العظيم: 1/167]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {يخرون للأذقان سجدا} يقولون: خر علينا خرا وخرورا: إذا وقع؛ وقال أيضًا: خر الرجل، يخر خرورًا: إذا جاء من بلد؛ ويجوز أن يكون {لم يخروا عليها صما وعميانا} من ذلك المعنى.
قال أبو علي: وأحسبني سمعت أن قوله {لم يخروا عليها صما} لم يقيموا عليها؛ وهو قريب من المعنى الأول.
وأما الأذقان فالواحد ذقن: وهو موضع الشعر من قدام اللحية بين العارضين). [معاني القرآن لقطرب: 843]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إنّ الّذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرّون للأذقان سجّدا}
{يخرّون للأذقان سجّدا}
لأن الذي يخر وهو قائم يخر لوجهه، والذّقن مجتمع اللّحيين وهو عضو من أعضاء الوجه، وكما يبتدئ المبتدئ يخر فأقرب الأشياء من وجهه إلى الأرض الذّقن.
و (سجّدا) منصوب على الحال). [معاني القرآن: 3/264]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : وقوله جل وعز: {إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا} قال الحسن أي للجباه وقال قتادة أي للوجوه والذقن عند أهل اللغة مجتمع اللحيين وهو أقرب الأشياء إلى الأرض من الوجوه إذا ابتدئ السجود). [معاني القرآن: 4/206-205]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (إن الخفيفة: تكون بمعنى (ما)...، وقال المفسرون: وتكون بمعنى لقد، كقوله: {إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا}
و{تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} و{تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} و{فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ} ). [تأويل مشكل القرآن: 552]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويقولون سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولا} معناه ما كان وعد ربنا إلا مفعولا.
وإن واللام دخلتا للتوكيد). [معاني القرآن: 3/264]

تفسير قوله تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ويقولون سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولا {108} ويخرّون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعًا {109}} [الإسراء: 108-109] والخشوع: الخوف الثّابت في القلب). [تفسير القرآن العظيم: 1/168]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ويخرّون للأذقان} واحدها ذقن وهو مجمع اللّحيين).
[مجاز القرآن: 1/392]


تفسير قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن} [الإسراء: 110] وذلك أنّ المشركين قالوا: أمّا اللّه فنعرفه، وأمّا الرّحمن فلا نعرفه، فقال اللّه: {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن} [الإسراء: 110].
سعيدٌ، عن قتادة، قال: أي أنّه هو اللّه وهو الرّحمن.
قال: {أيًّا ما تدعوا} [الإسراء: 110] قرّة بن خالدٍ، عن قتادة، قال: هي بلسان كلبٍ.
يقول: تدعوا أيّ الاسمين دعوتموه به.
{فله الأسماء الحسنى} [الإسراء: 110] وقال: {وهم يكفرون بالرّحمن قل هو ربّي} [الرعد: 30] أبو الأشعث، عن الحسن، قال: اللّه والرّحمن اسمان ممنوعان، لا يستطيع أحدٌ من الخلق أن ينتحلهما.
قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا} [الإسراء: 110] تفسير الكلبيّ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذ هو بمكّة كان يجتمع إليه أصحابه، فإذا صلّى بهم ورفع صوته سمع المشركون صوته فآذوه، وإن خفض صوته لم يسمع من خلفه، فأمره اللّه أن يبتغي بين ذلك سبيلا.
وقال مجاهدٌ في حديث الأعمش: حتّى لا يسمعك المشركون فيسبّوك.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان نبيّ اللّه وهو بمكّة إذا سمع المشركون صوته رموه بكلّ خبثٍ، فأمره اللّه أن يغضّ من صوته وأن يقتصد في صلاته، وكان يقال: ما أسمعت أذنيك فليس تخافتٌ.
عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [الإسراء: 110] في
[تفسير القرآن العظيم: 1/168]
الدّعاء والمسألة.
- ابن لهيعة، عن عبد اللّه بن هبيرة، أنّ ابن عبّاسٍ كان يقول: إنّ من الصّلاة سرًّا، ومنها جهرًا، فلا تجهر فيما تسرّ فيه، ولا تسرّ فيما تجهر فيه، وابتغ بين ذلك سبيلا.
قال يحيى: هي على هذا التّفسير: أي تجهر فيما يجهر فيه وتسرّ فيما يسرّ فيه.
- عثمان، عن زيد بن أسلم، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سمع أبا بكرٍ وهو يصلّي من اللّيل وهو يخفي صوته، وسمع عمر وهو يجهر صوته، وسمع بلالا وهو يقرأ من هذه السّورة ومن هذه، فقال لأبي بكرٍ: لم تخفي صوتك؟ قال: إنّ الّذي أناجي ليس ببعيدٍ.
فقال: صدقت.
وقال لعمر: لم تجهر صوتك؟ قال: أرضي الرّحمن، وأرغم الشّيطان، وأوقظ الوسنان.
قال: صدقت.
وقال لبلالٍ: لم تقرأ من هذه السّورة ومن هذه السّورة؟ فقال: أخلط طيّبًا بطيّبٍ قال: صدقت.
قال: فأمر أبا بكرٍ أن يرفع من صوته، وأمر عمر أن يخفض من صوته، وأمر بلالا إذا أخذ في سورةٍ أن يفرغ منها.
وأنزل اللّه: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا} [الإسراء: 110] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/169]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أيّاً مّا تدعوا...}

(ما) قد يكون صلة، كما قال تبارك وتعالى: {عمّا قليلٍ ليصبحنّ نادمين} وتكون في معنى أي معادة لمّا اختلف لفظهما:
وقوله: {وابتغ بين ذلك سبيلاً} أي قصدا). [معاني القرآن: 2/133]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا تخافت بها} مجازه: لا تخفت بها، ولاتفوة بها، ولكن أسمعها نفسك ولا نجهر بها فترفع صوتك، وهذه في صلاة النهار العجما؛ كذلك تسميها العرب ولم نسمع في صلاة الليل شيئاً). [مجاز القرآن: 1/392]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيّاً مّا تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً}
وقال: {أيّاً مّا تدعوا} كأنه قال "أيّا تدعوا".
وقال: {أيّاً مّا تدعوا فله الأسماء الحسنى} يقول: "أيّ: الدّعائين تدعوا فله الأسماء الحسنى"). [معاني القرآن: 2/73]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة مجاهد وأبي عمرو وأهل مكة وأهل المدينة والأعمش {قل ادعوا} بالضم {أو ادعوا الرحمن} {أو انقص} {أو اخرجوا} بالضم.
الحسن وعاصم {قل ادعوا} {أو ادعوا} {أو اخرجوا} بالكسر.
وكان أبو عمرو يقول {أن اقتلوا} فيكسر مع النون، ويقول {أو اخرجوا} فيضم مع الواو؛ لأن الواو منها الضمة، ويقول مع اللام {قل ادعوا}، فيضم؛ كأن ذلك لضمة القاف؛ فأتبع الضمة الضمة، كما قال: منذ يومين، وابن يعفر). [معاني القرآن لقطرب: 833]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {ولا تخافت بها} يقولون: خفت صوته، يخفت خفتًا وخفوتًا؛ أي سكن؛ وقد خفت الصوت مثقل: أسره.
و{يتخافتون بينهم}: أي يخفون ويسرون، و{لا تخافت بها} من ذلك). [معاني القرآن لقطرب: 843]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تخافت بها}: تخفي). [غريب القرآن وتفسيره: 222]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا تخافت بها} أي لا تخفها.
{وابتغ بين ذلك سبيلًا} أي بين الجهر وبين الإخفاء طريقا قصدا وسطا.
والترتيل في القراءة: التّبيين لها. كأنه يفصل بين الحرف والحرف ومنه قيل: ثغر رتل ورتل، إذا كان مفلّجا. يقال: كلام رتل، أي مرتل، وثغر رتل، يعني إذا كان مستوي النبات،
ورجل رتل - بالكسر - بيّن الرّتل: إذا كان مفلّج الأسنان). [تفسير غريب القرآن: 262]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(ما) قد تزاد، كقوله: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} و{أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ).
[تأويل مشكل القرآن: 252] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (مهما
مهما: هي بمنزلة «ما» في الجزاء. قال الله تعالى: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}، أي ما تأتنا به من آية.
وقال الخليل في مهمما: هي (ما) أدخلت معها (ما) لغوا كما أدخلت مع (متى) لغوا، تقول: متى تأتني آتك، ومتى ما تأتني آتك. وكما أدخلت مع (ما) أيّ لغوا،
كقوله: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} أي أيّا تدعوا.
قال: ولكنهم استقبحوا أن يكرروا لفظا واحدا فيقولوا: (ما، ما) فأبدلوا الهاء من الألف التي في الأولى.
هذا قول الخليل.
وقال سيبويه: وقد يجوز أن تكون (مه) ضم إليها (ما) ). [تأويل مشكل القرآن: 532] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا }
لما سمعت العرب ذكر الرحمن قالت: أتدعونا إلى اثنين إلى اللّه وإلى الرحمن.
واسم الرحمن في الكتب الأول المنزلة على الأنبياء.
فأعلمهم اللّه أن دعاءهم الرحمن ودعاءهم اللّه يرجعان إلى شيء واحد فقال: {أيّا ما تدعوا} المعنى أي أسماء اللّه تدعوا {فله الأسماء الحسنى}.
{ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}.
المخافتة الإخفاء، والجهر رفع الصوت، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جهر بالقرآن سب المشركون القرآن، فأمره اللّه - جلّ وعزّ - ألا يعرض القرآن لسبهم،
وألا يخافت بها مخافتة لا يسمعها من يصلي خلفه من أصحابه.
{وابتغ بين ذلك سبيلا} أي اسلك طريقا بين الجهر والمخافتة). [معاني القرآن: 3/265-264]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ثم قال جل وعز: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} فيروى أنهم قالوا ندعو اثنين فأعلم اله جل جلاله أنه لا يدعى غيره بأسمائه فقال أيا ما تدعو فله الأسماء الحسنى). [معاني القرآن: 4/206]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا} فيها وجهان:
أحدهما رواه الأعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلن إذا قرأ فيسب المشركون القرآن ومن أنزله ومن جاء به فصار يخفي القراءة فأنزل الله جل وعز: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}
والقول الآخر رواه هشام بن عروة عن أبيه قال قالت لي عائشة يا ابن أختي أتدري فيم أنزل ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها قال قلت لا قالت أنزل في الدعاء
قال أبو جعفر والإسنادان حسنان والدعاء يسمى صلاة ولا يكاد يقع ذلك للقراءة قال الأعمش:

تقول بنتي وقد قربت مرتحلا = يا رب جنب أبي الأوصابا والوجعا
عليك مثل الذي صليت فاغتمضي = نوما فإن لجنب المرء مضطجعا
ويقال إنه إنما قيل صلاة أنها لا تكون إلا بدعاء والدعاء صلاة فسميت باسمه). [معاني القرآن: 4/208-206]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} معناه: ولا تجهر بقراءة صلاتك. ولا تخافت بقراءة صلاتك.
وهو من المختصر). [ياقوتة الصراط: 316]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقل الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا} [الإسراء: 111] يتكثّر به من القلّة.
{ولم يكن له شريكٌ في الملك} [الإسراء: 111] خلق معه شيئًا.
{ولم يكن له وليٌّ من الذّلّ} [الإسراء: 111] يتعزّز به.
{وكبّره تكبيرًا} [الإسراء: 111] عظّمه تعظيمًا.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان يقال أنّ النّبيّ كان يعلّمها الصّغير والكبير من أهله.
سفيان الثّوريّ، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهدٍ، قال: {ولم يكن له وليٌّ من الذّلّ} [الإسراء: 111]، قال: لم يكن له حليفٌ ولا ناصرٌ من خلقه.
وقال السّدّيّ: يعني: ولم يكن له صاحبٌ يتعزّز به من ذلٍّ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/169]
حمّادٌ، عن ثابتٍ البنانيّ، عن مطرّف بن عبد اللّه، عن كعبٍ، قال: فتحت التّوراة بـ: {الحمد للّه الّذي خلق السّموات والأرض وجعل الظّلمات والنّور ثمّ الّذين كفروا بربّهم يعدلون} [الأنعام: 1]، وختمت بـ: {الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك ولم يكن له وليٌّ من الذّلّ وكبّره تكبيرًا} [الإسراء: 111].
- الفرات بن سلمان قال: قالت عائشة: كان رسول اللّه عليه السّلام إذا صلّى ركعتي الفجر قال: اللّهمّ إنّا نشهد أنّك لست بإلهٍ استحدثناه، ولا بربٍّ يبيد ذكره، ولا مليكٍ معه شركاء يقضون معه، ولا كان قبلك إلهٌ ندعوه ونتضرّع إليه، ولا أعانك على خلقنا أحدٌ فنشكّ فيك، لا إله إلا أنت، اغفر لي إنّه لا يغفر الذّنوب إلا أنت). [تفسير القرآن العظيم: 1/170]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {وقل الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له وليّ من الذّلّ وكبّره تكبيرا}

يعاونه على ما أراد.
{ولم يكن له وليّ من الذّلّ} أي لم يحتج إلى أن ينتصر بغيره.
{وكبّره تكبيرا} أي عظّمه عظمة تامّة). [معاني القرآن: 3/265]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل} أي لم يحتج إلى من ينتصر له). [معاني القرآن: 4/208]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال عز وجل: {وكبره تكبيرا} أي عظمه تعظيما). [معاني القرآن: 4/208]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 09:01 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) }

تفسير قوله تعالى: {وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ثبات الياء والواو في الهاء التي هي علامة الإضمار وحذفهما
فأما الثبات فقولك ضربهو زيدٌ وعليها مالٌ ولديهو رجلٌ جاءت الهاء مع ما بعدها ههنا في المذكر كما جاءت وبعدها الألف في المؤنث وذلك قولك ضربها زيدٌ وعليها مالٌ. فإذا كان قبل الهاء حرف لينٍ فإن حذف الياء والواو في الوصل أحسن لأن الهاء من مخرج الألف والألف تشبه الياء والواو تشبههما في المد وهي أختهما فلما اجتمعت حروفٌ متشابهةٌ حذفوا وهو أحسن وأكثر وذلك قولك عليه يا فتى ولديه فلان ورأيت أباه قبل وهذا أبوه كما ترى وأحسن القراءتين: {ونزلناه تنزيلا} و: {إن تحمل عليه يلهث} و: {شروه بثمن بخس} و: {خذوه فغلوه} والإتمام عربيٌ). [الكتاب: 4/189]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
فتعجرفت وتعرضت لقلائص = خوص العيون خواضع الأذقان
...
والأذقان: جمع ذقن وهو طرف اللحى). [شرح ديوان كعب بن زهير: 221]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109) }

تفسير قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب أي
اعلم أن أيا مضافا وغير مضاف بمنزلة من. ألا ترى أنك تقول أي أفضل وأي القوم أفضل. فصار المضاف وغير المضاف يجريان مجرى من كما أن زيدا وزيد مناة يجريان مجرى عمرو فحال المضاف في الإعراب والحسن والقبح كحال المفرد. قال الله عز وجل: {أيّا ما تدعو فله الأسماء الحسنى} فحسن كحسنه مضافا). [الكتاب: 2/398]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وسألت الخليل عن مهما فقال هي ما أدخلت معها ما لغواً بمنزلتها مع متى إذا قلت متى ما تأتني آتك وبمنزلتها مع إن إذا قلت إن ما تأتني آتك وبمنزلتها مع أين كما قال سبحانه وتعالى: {أينما تكونوا يدرككم
الموت} وبمنزلتها مع أيٍ إذا قلت: {أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} ولكنهم استقبحوا أن يكرروا لفظاً واحداً فيقولوا ماما فأبدلوا الهاء من الألف التي في الأولى وقد يجوز أن يكون مه كإذ ضم إليها ما). [الكتاب: 3/59-60] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وكل بابٍ فأصله شيءٌ واحدٌ، ثم تدخل عليه دواخل؛ لاجتماعها في المعنى. وسنذكر إن كيف صارت أحق بالجزاء? كما أن الألف أحق بالاستفهام، وإلا أحق بالاستثناء، والواو أحق بالعطف مفسراً إن شاء الله في هذا الباب الذي نحن فيه.
فأما إن فقولك: إن تأتني آتك، وجب الإتيان الثاني بالأول، وإن تكرمني أكرمك، وإن تطع الله يغفر لك، كقوله عز وجل: {إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم} {وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم}.
والمجازاة ب إذما قولك: إذما تأتني آتك؛ كما قال الشاعر:

إذ ما أنيت على الرسول فقل له = حقاً عليك إذا اطمأن المجلـس
ولا يكون الجزاء في إذ ولا في حيث بغير ما؛ لأنهما ظرفان يضافان إلى الأفعال. وإذا زدت على كل واحد منهما ما منعتا الإضافة فعملتا. وهذا في آخر الباب يشرح بأكثر من هذا الشرح إن شاء الله.
وأما المجازاة بـ (من) فقوله عز وجل: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً} وقوله: {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً}.
وبـ (ما) قوله: {ما يفتح الله للناس من رحمةٍ فلا ممسك لها}.
وبـ أين قوله عز وجل: {أينما تكونوا يدرككم الموت}. وقال الشاعر:
أين تضرب بنا العداة تجـدنـا = نصرف العيس نحوها للتلاقي
وبـ أنى قوله:
فأصبحت أنى تأتها تلتبس بـهـا = كلا مركبيها تحت رجليك شاجر
ومن حروف المجازاة مهما. وإنما أخرنا ذكرها؛ لأن الخليل زعم أنها ما مكررة، وأبدلت من الألف الهاء. وما الثانية زائدة على ما الأولى؛ كما تقول: أين وأينما، ومتى ومتى ما، وإن وإما، وكذلك حروف المجازاة إلا ما كان من حيثما وإذما. فإن ما فيهما لازمة. لا يكونان للمجازاة إلا بها، كما تقع رب على الأفعال إلا بـ ما في قوله: {ربما يود الذين كفروا}، ولو حذفت منها ما لم تقع إلا على الأسماء النكرات، نحو: رب رجل يا فتى.
والمجازاة بـ(أي) قوله: {أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} ). [المقتضب: 2/45-48] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما إن فإنها ليست باسم ولا فعل، إنما هي حرف، تقع على كل ما وصلته به، زماناً كان أو مكاناً أو آدمياً أو غير ذلك. تقول: إن يأتني زيدٌ آته. وإن يقم في مكان كذا وكذا أقم فيه، وإن تأتني يوم الجمعة آتك فيه.
وكذلك الألف في الاستفهام. تدخل على كل ضرب منه، وتتخطى ذلك إلى التقرير والتسوية: فالتقرير: قولك: أما جئتني فأكرمتك. وقوله عز وجل: {أليس في جهنم مثوىً للمتكبرين}.
والتسوية: ليت شعري أقام زيد أم قعد. وقد علمت أزيد في الدار أم عمرو.
فأما قولنا في إذ وحيث: إن الجزاء لا يكون فيهما إلا بما وما ذكرنا من أنا سنفسره فهذا موضع تفسيره.
أما إذ فتنبىء عن زمان ماض، وأسماء الزمان تضاف إلى الأفعال فإذا أضيفت إليها كانت معها كالشيء الواحد، ومتى جزمتها فصلت منها؛ ألا ترى أنك تقول: جئتك يوم خرج زيدٌ، وهذا يوم يخرج زيد، و{هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} فلما وصلتها بـ ما جعلتهما شيئاً واحداً فانفصلت من الإضافة فعملت.
وحيث اسم من أسماء المكان مبهمٌ يفسره ما يضاف إليه. فحيث في المكان كحين في الزمان فلما ضارعتها أضيفت إلى الجمل، وهي الابتداء والخبر، أو الفعل والفاعل. فلما وصلتها ب ما امتنعت من الإضافة فصارت ك إذ إذا وصلتها ب ما.
فأما سائر الحروف التي ذكرنا سواهما فأنت في زيادة ما وتركها مخير. تقول: إن تأتني آتك، وإما تأتني آتك، وأين تكن أكن، وأينما تكن أكن، وأياً تكرم يكرمك، و{أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى}.
فـ ما تدخل على ضربين: أحدهما: أن تكون زائدة للتوكيد فلا يتغير الكلام بها عن عمل ولا معنى. فالتوكيد ما ذكرته في هذه الحروف سوى حيثما وإذ ما. واللازم. ما وقع فيهما. ونظيرهما قولك: إنما زيد أخوك. منعت ما إن عملها، وكذلك جئتك بعد ما عبد الله قائم، فهذا خلاف قولك: بعد عبد الله، وكذلك:
أعلاقةً أم الوليد بـعـدمـا = أفنان رأسك كالثغام المخلس
وكذلك رب، تقول: رب رجلٍ، ولا تقول: رب يقوم زيد. فإذا ألحقت ما هيأتها للأفعال فقلت: ربما يقوم زيد، و{ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} ). [المقتضب: 2/52-54] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب الأفعال التي تدخلها ألف الوصل
والأفعال الممتنعة من ذلك
أما ما تدخله ألف الوصل فهو كل فعلٍ كانت الياء وسائر حروف المضارعة تنفتح فيه إذا قلت يفعل، قلت حروفه أو كثرت، إلا أن يتحرك ما بعد الفاء فيستغنى عن الألف كما ذكرت لك.
فمن تلك الأفعال: ضرب وعلم وكرم، وتقول إذا أمرت: اضرب زيداً، اعلم ذاك، اكرم يا زيد؛ لأنك تقول: يضرب ويعلم ويكرم، فالياء من جميع هذا مفتوحة.
وتقول: يا زيد اضرب عمراً فتسقط الألف؛ كما قال عز وجل: {قل ادعوا الله}، وكما قال: {واعلموا أنما غنمتم من شيءٍ} لأن الواو لحقت فسقطت الألف.
وكذلك تقول: انطلق يا زيد، وقد انطلقت يا زيد؛ لأن الألف موصولة؛ لأنك تقول في المضارع: ينطلق فتنفتح الياء، وكذلك إذا قال: استخرجت مالاً، واستخرج إذا أمرت؛ لأنك تقول: يستخرج. وكل فعلٍ لم نذكره تلحقه هذه العلة فهذا مجراه.
فأما تفاعل يتفاعل، وتفعل يتفعل: نحو: تقاعس الرجل، وتقدم الرجل فإن ألف الوصل لا تلحقه وإن كانت الياء مفتوحة في يتقدم، وفي يتقاعس؛ لأن الحرف الذي بعدها متحرك وإنما تلحق الألف لسكون ما بعدها.
فإن كان يفعل مضموم الياء لك تكن الألف إلا مقطوعة، لأنها تثبت كثبات الأصل إذ كان ضم الياء من يفعل إنما يكون لما وليه حرفٌ من الأصل؛ وذلك ما كان على أفعل؛ نحو: أكرم، وأحسن، وأعطى؛ لأنك تقول: يكرم، ويحسن، ويعطي، فتنضم الياء؛ كما تنضم في يدحرج ويهملج. فإنما تثبت الألف من أكرم؛ كما تثبت الدال من دحرج.
تقول: يا زيد أكرم عمراً، كما تقول: دحرج. قال الله عز وجل: {فاستمعوا له وأنصتوا} وقال: {وأحسن كما أحسن الله إليك} بالقطع.
وكان حق هذا أن يقال في المضارع: يؤكرم مثل يدحرج ويؤحسن. ولكن اطرحت الهمزة لما أذكره لك في موضعه إن شاء الله). [المقتضب: 2/86-87]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فمما وقعت ما فيه على الآدميين قول الله: {والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين}.
وقال قوم: ما وصلتها مصدر، فمعناه: أو ملك أيمانهم، وهذا أقيس في العربية. وقال الله عز وجل: {والسماء وما بناها}، فقال قوم: إنما هو: والسماء وبنائها، وقال قوم: معناه: ومن بناها على ما قيل فيما قبله.
فأما وقوع هذه الأسماء في الجزاء، وفي معنى الذي فبين واضح، نحو: من يأتني آته و{ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها} و{أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} فلذلك أخرنا شرحه حتى نذكره في موضعه إن شاء الله). [المقتضب: 4/218] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} أي من ينصره ويعينه). [مجالس ثعلب: 431]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة