العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة غافر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 جمادى الأولى 1434هـ/29-03-2013م, 11:48 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي تفسير سورة غافر [ من الآية 13 إلى الآية 17]


تفسير سورة غافر [ من الآية 13 إلى الآية 17]

{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 جمادى الأولى 1434هـ/29-03-2013م, 12:48 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {هو الّذي يريكم آياته وينزّل لكم من السّماء رزقًا وما يتذكّر إلاّ من ينيب (13) فادعوا اللّه مخلصين له الدّين ولو كره الكافرون}.
يقول تعالى ذكره: الّذي يريكم أيّها النّاس حججه وأدلّته على وحدانيّته وربوبيّته {وينزّل لكم من السّماء رزقًا} يقول ينزّل لكم من أرزاقكم من السّماء، بإدرار الغيث الّذي يخرج به أقواتكم من الأرض، وغذاء أنعامكم عليكم {وما يتذكّر إلاّ من ينيب} يقول: وما يتذكّر حجج اللّه الّتي جعلها أدلّةً على وحدانيّته، فيعتبر بها ويتّعظ، ويعلم حقيقة ما تدلّ عليه، إلاّ من ينيب، يقول: إلاّ من يرجع إلى توحيده، ويقبل على طاعته.
- كما حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {إلاّ من ينيب} قال: من يقبل إلى طاعة اللّه). [جامع البيان: 20/293-294]

تفسير قوله تعالى: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فادعوا اللّه مخلصين له الدّين} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وللمؤمنين به، فاعبدوا اللّه أيّها المؤمنون له، مخلصين له الطّاعة غير مشركين به شيئًا ممّا دونه {ولو كره الكافرون} يقول: ولو كره عبادتكم إيّاه مخلصين له الطّاعة الكافرون المشركون في عبادتهم إيّاه الأوثان والأنداد). [جامع البيان: 20/294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 14.
أخرج مسلم وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول دبر الصلاة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ولا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون). [الدر المنثور: 13/24-25]

تفسير قوله تعالى: (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة يلقي الروح قال الوحي والرحمة). [تفسير عبد الرزاق: 2/179]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى يوم التلاق يوم يتلاقى أهل السماء وأهل الأرض والخالق وخلقه). [تفسير عبد الرزاق: 2/180]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {رفيع الدّرجات ذو العرش يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التّلاق (15) يوم هم بارزون لا يخفى على اللّه منهم شيءٌ لمن الملك اليوم للّه الواحد القهّار}.
يقول تعالى ذكره: هو رفيع الدّرجات؛ ورفع قوله: {رفيع الدّرجات} على الابتداء؛ ولو جاء نصبًا على الرّدّ على قوله: فادعوا اللّه، كان صوابًا. {ذو العرش} يقول: ذو السّرير المحيط بما دونه.
وقوله: {يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده} يقول: ينزّل الوحي من أمره على من يشاء من عباده.
وقد اختلف أهل التّأويل في معنى الرّوح في هذا الموضع، فقال بعضهم: عني به الوحي.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يلقي الرّوح من أمره} قال: الوحي من أمره.
وقال آخرون: عني به القرآن والكتاب.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني هارون بن إدريس الأصمّ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده} قال: يعني بالرّوح: الكتاب ينزّله على من يشاء.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده} وقرأ: {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا} قال: هذا القرآن هو الرّوح، أوحاه اللّه إلى جبريل، وجبريل روح نزل به على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وقرأ: {نزل به الرّوح الأمين} قال فالكتب الّتي أنزلها اللّه على أنبيائه هي الرّوح، لينذر بها ما قال اللّه يوم التّلاق {يوم يقوم الرّوح والملائكة صفًّا} قال: الرّوح: القرآن كان أبي يقوله. قال ابن زيدٍ: يقومون له صفًّا بين السّماء والأرض حين ينزل جلّ جلاله.
وقال آخرون: عني به النّبوّة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قول اللّه: {يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده} قال: النّبوّة على من يشاء.
وهذه الأقوال متقاربات المعاني، وإن اختلفت ألفاظ أصحابها بها.
وقوله: {لينذر يوم التّلاق} يقول: لينذر من يلقى الرّوح عليه من عباده من أمر اللّه بإنذاره من خلقه عذاب يومٍ تلتقي فيه أهل السّماء وأهل الأرض، وهو يوم التّلاق، وذلك يوم القيامة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يوم التّلاق} من أسماء يوم القيامة، عظّمه اللّه، وحذّره عباده.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يوم التّلاق} يومٌ تلتقي فيه أهل السّماء وأهل الأرض، والخالق والخلق.
- حدّثنا محمّدٌ، قال. حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {يوم التّلاق}: يوم تلتقي أهل السّماء وأهل الأرض.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ {يوم التّلاق} قال: يوم القيامة قال: يوم تتلاقى العباد). [جامع البيان: 20/294-297]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 15 - 16
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يلقي الروح من أمره} قال: الوحي والرحمة {لينذر يوم التلاق} قال: يوم يتلاقى أهل السماء وأهل الأرض والخالق وخلقه {يوم هم بارزون} ولا يسترهم جبل ولا شيء). [الدر المنثور: 13/25]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لينذر يوم التلاق) قال: يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض). [الدر المنثور: 13/25]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: (لينذر يوم التلاق) قال يوم القيامة، يلتلقي فيها آدم وأخر ولده). [الدر المنثور: 13/25]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال: يوم التلاق ويوم الآزفة ونحو هذا من أسماء يوم القيامة عظمه الله وحذره عباده). [الدر المنثور: 13/26]

تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا حماد بن سلمة، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: إن الله يجمع الخلائق في صعيد واحد بأرض بيضاء، كأنها سبيكة فضة، لم يعص الله فيها قط، ولم يخطأ فيها، فأول ما يتكلم به أنه ينادي: {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار * اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} [سورة غافر:16-17]، ثم يكون أول ما يبدؤون من الخصومات في الدنيا، فيؤتى بالقاتل والمقتول، فيقال: لم قتلت فلانا؟ قال: لتكون العزة لله، قال: فإنها لي، فإن قال: قتلته، لتكون العزة لفلان، قال: فإنها ليست له فيبوء بإثمه، فيقتله من كان قتل، بالغين ما بلغوا، ويذوق الموت عدة ما ذاقوا). [الزهد لابن المبارك: 2/753]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى يوم هم بارزون قال بارزون لا يسترهم جبل ولا يسترهم شيء). [تفسير عبد الرزاق: 2/180]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {يوم هم بارزون لا يخفى على اللّه منهم شيءٌ} يعني بقوله {يوم هم بارزون} يعني المنذرين الّذين أرسل اللّه إليهم رسله لينذروهم ظاهرون - يعني للنّاظرين - لا يحول بينهم وبينهم جبلٌ ولا شجرٌ، ولا يستر بعضهم عن بعضٍ ساترٌ، ولكنّهم بقاعٍ صفصفٍ لا أمت فيه ولا عوج.
و{هم} من قوله: {يوم هم} في موضع رفعٍ بما بعده، كقول القائل: فعلت ذلك يوم الحجّاج أميرٌ.
واختلف أهل العربيّة في العلّة الّتي من أجلها لم تخفض {هم} بـ{يوم} وقد أضيف إليه؛ فقال بعض نحويّي البصرة: أضاف {يوم} إلى {هم} في المعنى، فلذلك لا ينوّن اليوم، كما قال: {يوم هم على النّار يفتنون} وقال: {هذا يوم لا ينطقون} ومعناه: هذا يوم فتنتهم، ولكن لمّا ابتدأ الاسم، وبنى عليه لم يقدر على جرّه، وكانت الإضافة في المعنى إلى الفتنة، وهذا إنّما يكون إذا كان (اليوم) في معنى (إذ)، وإلاّ فهو قبيحٌ؛ ألا ترى أنّك تقول: ليتك زمن زيدٌ أميرٌ: أي إذ زيدٌ أميرٌ، ولو قلت: ألقاك زمن زيدٌ أميرٌ، لم يحسن.
وقال غيره: معنى ذلك: أنّ الأوقات جعلت بمعنى إذ وإذا، فلذلك بقيت على نصبها في الرّفع والخفض والنّصب، فقال: (ومن خزي يومئذٍ) فنصبوا، والموضع خفضٌ، فذلك دليلٌ على أنّه جعل موضع الأداة، ويجوز أن يعرب بوجوه الإعراب؛ لأنّه ظهر ظهور الأسماء؛ ألا ترى أنّه لا يعود عليه العائد كما يعود على الأسماء، فإن عاد العائد نوّن وأعرب ولم يضف، فقيل: أعجبني يومٌ فيه تقوم، لمّا أن خرج من معنى الأداة، وعاد عليه الذّكر صار اسمًا صحيحًا وقال: وجائزٌ في (إذ) أن تقول: أتيتك إذ تقوم، كما تقول: أتيتك يوم يجلس القاضي، فيكون زمنًا معلومًا، فأمّا آتيك يوم تقوم. فلا مئونة فيه وهو جائزٌ عند جميعهم، وقال: وهذه الّتي تسمّى إضافةٌ غير محضةٍ.
والصّواب من القول عندي في ذلك، أنّ نصب (يوم) وسائر الأزمنة في مثل هذا الموضع نظير نصب الأدوات؛ لوقوعها مواقعها، وإذا أعربت بوجوه الإعراب، فلأنّها ظهرت ظهور الأسماء، فعوملت معاملتها.
وقوله: {لا يخفى على اللّه منهم} يقول: لا يخفى على اللّه منهم أي ولا من أعمالهم الّتي عملوها في الدّنيا {شيءٌ}.
- وكان قتادة يقول في ذلك ما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يوم هم بارزون لا يخفى على اللّه منهم شيءٌ} ولكنّهم برزوا له يوم القيامة، فلا يستترون بجبلٍ ولا مدرٍ.
وقوله: {لمن الملك اليوم} يعني بذلك: يقول الرّبّ: لمن الملك اليوم؛ وترك ذكر يقول استغناءً بدلالة الكلام عليه.
وقوله: {للّه الواحد القهّار} وقد ذكرنا الرّواية الواردة بذلك فيما مضى قبل؛ ومعنى الكلام: يقول الرّبّ: لمن السّلطان اليوم؟ وذلك يوم القيامة، فيجيب نفسه فيقول: {للّه الواحد} الّذي لا مثل له ولا شبيه {القهّار} لكلّ شيءٍ سواه بقدرته، الغالب بعزّته). [جامع البيان: 20/297-299]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ جريرٌ، عن سليمان التّيميّ، عن أبي نضرة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: " ينادي منادٍ بين يدي السّاعة: يا أيّها النّاس أتتكم السّاعة، فيسمعها الأحياء والأموات وينزل اللّه إلى السّماء الدّنيا فينادي: لمن الملك اليوم للّه الواحد القهّار «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/475]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء} قال: واليوم لا يخفى على الله منهم شيء ولكنهم برزوا لله يوم القيامة لا يستترون بجبل ولا مدر). [الدر المنثور: 13/26]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد في زوائد الزهد، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ينادي مناد بين يدي الساعة: يا أيها الناس أتتكم الساعة فيسمعها الأحياء والأموات وينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار} ). [الدر المنثور: 13/26]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في البعث والديلمي عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ينادي مناد بين الصيحة: يا أيها الناس أتتكم الساعة - ومد بها صوته يسمعه الأحياء والأموات - وينزل الله إلى السماء الدنيا ثم ينادي مناد: لمن الملك اليوم، لله الواحد القهار). [الدر المنثور: 13/26]

تفسير قوله تعالى: (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا حماد بن سلمة، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: إن الله يجمع الخلائق في صعيد واحد بأرض بيضاء، كأنها سبيكة فضة، لم يعص الله فيها قط، ولم يخطأ فيها، فأول ما يتكلم به أنه ينادي: {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار * اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} [سورة غافر:16-17]، ثم يكون أول ما يبدؤون من الخصومات في الدنيا، فيؤتى بالقاتل والمقتول، فيقال: لم قتلت فلانا؟ قال: لتكون العزة لله، قال: فإنها لي، فإن قال: قتلته، لتكون العزة لفلان، قال: فإنها ليست له فيبوء بإثمه، فيقتله من كان قتل، بالغين ما بلغوا، ويذوق الموت عدة ما ذاقوا). [الزهد لابن المبارك: 2/753](م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني ابن لهيعة عن أبي صخر عن [القرظي في قول] الله: {لولا أن رأى برهان ربه}، رأى، {ولا تقربوا [الزنا إنه كان] فاحشةً ومقتاً وساء سبيلا}، فقال: ما إليك [من سبيلٍ (؟) .. .. ]، {عليكم لحافظين (10) كراما [كاتبين} ........ ]، فقال: ما إليك من سبيلٍ، ثم رأى [ .... {اليوم تجزى كل] نفسٍ بما كسبت}، فقال: ما إليك [من سبيلٍ .. ] وآية أخرى: {وما تكون في شأنٍ [وما تتلو منه من قرآنٍ] ولا تعملون من عملٍ إلا كنا [عليكم شهودا] إذ تفيضون فيه}). [الجامع في علوم القرآن: 2/145-146] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {اليوم تجزى كلّ نفسٍ بما كسبت لا ظلم اليوم إنّ اللّه سريع الحساب}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيله يوم القيامة حين يبعث خلقه من قبورهم لموقف الحساب: {اليوم تجزى كلّ نفسٍ بما كسبت} يقول: اليوم يثاب كلّ عاملٍ بعمله، فيوفّى أجر عمله، فعامل الخير يجزى الخير، وعامل الشّرّ يجزى جزاءه.
وقوله: {لا ظلم اليوم} يقول: لا بخس على أحدٍ فيما استوجبه من أجر عمله في الدّنيا، فينقص منه إن كان محسنًا، ولا حمل على مسيءٍ إثم ذنبٍ لم يعمله فيعاقب عليه.
{إنّ اللّه سريع الحساب} يقول: إنّ اللّه ذو سرعةٍ في محاسبة عباده يومئذٍ على أعمالهم الّتي عملوها في الدّنيا؛ ذكر أنّ ذلك اليوم لا ينتصف حتّى يقيل أهل الجنّة في الحنة، وأهل النّار في النّار، وقد فرغ من حسابهم، والقضاء بينهم). [جامع البيان: 20/299-300]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبيّ، ثنا سعيد بن مسعودٍ، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ همّام بن يحيى، عن القاسم بن عبد الواحد، عن عبد اللّه بن محمّد بن عقيلٍ، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، قال: بلغني حديثٌ عن رجلٍ من أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سمعه من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في القصاص، ولم أسمعه، فابتعت بعيرًا، فشددت رحلي عليه، ثمّ سرت شهرًا حتّى قدمت مصر، فأتيت عبد اللّه بن أنيسٍ فقلت للبوّاب: قل له جابرٌ على الباب. فقال: ابن عبد اللّه؟ قلت: نعم. فأتاه فأخبره فقام يطأ ثوبه حتّى خرج إليه فاعتنقني واعتنقته فقلت له: حديثٌ بلغني عنك سمعته من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ولم أسمعه في القصاص، فخشيت أن أموت أو تموت قبل أن أسمعه. فقال عبد اللّه: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: " يحشر اللّه العباد - أو قال: النّاس - عراةً غرلًا بهمًا " قال: قلنا: ما بهمًا؟ قال: " ليس معهم شيءٌ، ثمّ يناديهم بصوتٍ يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك، أنا الدّيّان لا ينبغي لأحدٍ من أهل الجنّة أن يدخل الجنّة، ولا ينبغي لأحدٍ من أهل النّار أن يدخل النّار، وعنده مظلمةٌ حتّى أقصّه منه حتّى اللّطمة " قال: قلنا: كيف ذا، وإنّما نأتي اللّه غرلًا بهمًا؟ قال: «بالحسنات والسّيّئات» قال: وتلا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم {اليوم تجزى كلّ نفسٍ بما كسبت لا ظلم اليوم} [غافر: 17] «صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/475]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 17
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الأية قال: ينادي بالجبارين فيجعلون في توابيت من نار ثم يقال: لمن الملك اليوم ؟ فيقال: لله الواحد القهار . قوله تعالى: (اليوم تجزى كل نفس) الآية). [الدر المنثور: 13/26-27]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن جابر رضي الله عنه قال: بلغني حديث عن رجل من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم في القصاص فأتيت بعير فشددت عليه رحلي ثم سرت إليه شهرا حتى قدمت مصر فأتيت عبد الله بن أنيس فقلت له: حديث بلغني عنك في القصاص فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يحشر الله العباد حفاة عراة غرلا، قلنا ما هما قال: ليس معهم شيء ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب، أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولا لأحد من أهل النار أن يدخل النار وعنده مظلمة حتى أقصه منها حتى اللطمة، قلنا كيف وإن نأتي الله غرلا بهما قال: بالحسنات والسيئآت وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم} ). [الدر المنثور: 13/27-28]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الذنوب ثلاثة، فذنب يغفر وذنب لا يغفر وذنب لا يترك منه شيء، فالذنب الذي يغفر العبد يذنب الذنب فيستغفر الله فيغفر له وأما النذب الذي لا يغفر فالشرك وأما الذنب الذي لا يترك منه شيء فمظلمة الرجل أخاه، ثم قرأ ابن عباس رضي الله عنهما {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} يؤخذ للشاة الجماء من ذات القرون بفضل نطحها). [الدر المنثور: 13/28]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: يجمع الله الخلق يوم القيامة بصعيد واحد بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يعص الله عليها قط ولم يخط فيها، فأول ما يتكلم أن ينادي مناد: لمن الملك اليوم، لله الواحد القهار {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} فأول ما يبدؤن به من الخصومات الدماء فيؤتى بالقاتل والمقتول فيقول: سل عبدك هذا فيم قتلتني فيقول: نعم، فإن قال قتلته لتكون العزة لله فإنها له وإن قال قتلته لتكون العزة لفلان فإنها ليست له ويبوء بإئمه فيقتله، ومن كان قتل بالغين ما بلغوا ويذوقوا الموت كما ذاقوه في الدنيا). [الدر المنثور: 13/28-29]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في تاريخه بسند واه عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحشر الناس يوم القيامة كما ولدتهم أمهاتهم، حفاة عراة غرلا، فقالت عائشة رضي الله عنها: واسوأتاه، ينظر بعضنا إلى بعض فضرب على منكبها وقال: يا بنت أبي قحافة شغل الناس يومئذ عن النظر وسموا بأبصارهم إلى السماء موقوفون أربعين سنة، لا يأكلون ولا يشربون ولا يتكلمون سامين أبصارهم إلى السماء، يلجمهم العرق فمنهم من بلغ العرق قدميه ومنهم من بلغ ساقيه ومنهم من بلغ فخذيه، وبطنه ومنهم من يلجمه العرق.
ثم يرحم بعد ذلك على العباد فيأمر الملائكة المقربين فيحملون عرش الرب عز وجل حتى يوضع في أرض بيضاء كأنها الفضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل فيها خطيئة وذلك أول يوم نظرت عين إلى الله تعالى، ثم تقوم الملائكة (حافين من حول العرش) (الزمر 75) ثم ينادي مناد فينادي بصوت يسمع الثقلين الجن والإنس يستمع الناس لذلك الصوت ثم يخرج الرجل من الموقف فيعرق الناس كلهم ثم يعرق بأخذ حسناته فتخرج معه فيخرج بشيء لم ير الناس مثله كثرة ويعرف الناس تلك الحسنات فإذا وقف بين يدي رب العالمين قال: أين أصحاب المظالم فيقول له الرحمن تعالى: أظلمت فلان بن فلان في كذا وكذا، فيقول: نعم يا رب وذلك (يوم تشهد عليه ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) (النور 24) فإذا فرغ من ذلك فيؤخذ من حسناته فيدع إلى من ظلمه، وذلك يوم لا دينار ولا درهم إلا أخذ من الحسنات وترك من السيئآت فإذا لم يبق حسنة قال: من بقي يا ربنا ما بال غيرنا استوفوا حقوقهم وبقينا قيل: لا تعجلوا فيؤخذ من سيئآتهم عليه فإذا لم يبق أحد يطلبه قيل له ارجع إلى أمك الهاوية فإنه {لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} ولا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد إلا ظن أنه لم ينج لما رأى من شدة الحساب). [الدر المنثور: 13/29-31]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 جمادى الأولى 1434هـ/3-04-2013م, 10:43 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

التفسير اللغوي




تفسير قوله تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم} :أي : كذبتم , وإن يشرك به تؤمنوا , أي : تصدقوا.). [معاني القرآن: 6/208]



تفسير قوله تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده...}.
الروح في هذا الموضع: النبوة؛ لينذر من يلقى عليه الروح يوم التلاق, وإنما قيل "التلاق"؛ لأنه يلتقي فيه أهل السماء , وأهل الأرض.). [معاني القرآن: 3/6]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({رفيع الدّرجات ذو العرش يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التّلاق}
وقال: {رفيع الدّرجات ذو العرش} :رفيع ,رفع على الابتداء, والنصب جائز لو كان في الكلام على المدح). [معاني القرآن: 4/2]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يلقي الرّوح من أمره}: أي: الوحي).[تفسير غريب القرآن: 386]


قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكلام الله: روح؛ لأنه حياة من الجهل وموت الكفر، قال: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ}، وقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} ). [تأويل مشكل القرآن: 487]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («من» مكان «الباء»
قال الله تعالى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أي بأمر الله.
وقال تعالى: {يلقي الرّوح من أمره}، أي بأمره.
وقال: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ}، أي بكل أمر). [تأويل مشكل القرآن: 574]


قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {رفيع الدّرجات ذو العرش يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التّلاق (15)}

جاء في التفسير : أن الروح : الوحي، وجاء أن الروح : القرآن , وجاء أن الروح : أمر النبوة.


فيكون المعنى : تلقي الروح , أو أمر النبوة على من تشاء، على من تختصه بالرسالة.
{لينذر يوم التّلاق} : أي : لينذر النبي صلى الله عليه وسلم بالذي يوحى إليه يوم التلاق، ويجوز أن يكون لينذر اللّه يوم التلاق، والأجود - واللّه أعلم - أن يكون لينذر النبي صلى الله عليه وسلم .
والدليل على ذلك : أنه قرئ لتنذر يوم التلاق بالتاء , ويجوز يوم التلاقي بإثبات الياء، والحذف جائز حسن لأنه آخر آية, ومعنى التلاقي: يوم يلتقي أهل الأرض , وأهل السماء.
وتأويل الروح فيما فسّرنا : أنه به حياة الناس، لأن كل مهتد حيّ، وكل ضالّ كالميّت، قال الله عز وجل: {أموات غير أحياء وما يشعرون أيّان يبعثون}, وقال: {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في النّاس}.: وهذا جائز في خطاب الناس، يقول القائل لمن لا يفقه عنه ما فيه صلاحه: أنت ميّت). [معاني القرآن: 4/368-369]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده}
روى عكرمة , عن ابن عباس قال: الروح : النبوة.
وروى ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: الروح: الوحي .
وروى معمر , عن قتادة : يلقي الروح , قال: الوحي والرحمة .
قال أبو جعفر يلقي الوحي على من يختص من عباده وسمي الوحي روحا لأن الناس يحيون به أي يهتدون والمهتدي حي والضال ميت على التمثيل ومنه يقال لمن لم يفقه إنما أنت ميت وقال الله تعالى: {فإنك لا تسمع الموتى}
ثم قال جل وعز: {لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون} :أي: لينذر الذي يوحى إليه , ويجوز أن يكون المعنى لينذر الله يوم التلاق .
قال قتادة: أي: يوم يتلاقى أهل السماء , وأهل الأرض , ويلتقي الأولون والآخرون .
{يوم هم بارزون }: قال قتادة : أي لا يسترهم جبل, ولا شيء.).[معاني القرآن: 6/208-210]



تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يوم هم بارزون...}.
هم في موضع رفع بفعلهم بعده، وهو مثل قولك: آتيك يوم أنت فارغ لي.). [معاني القرآن: 3/6]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({يوم هم بارزون لا يخفى على اللّه منهم شيءٌ لّمن الملك اليوم للّه الواحد القهّار}
وقال: {يوم هم بارزون} فأضاف المعنى , فلذلك لا ينون اليوم كما قال: {يوم هم على النّار يفتنون}، وقال: {هذا يوم لا ينطقون} : معناه: هذا يوم فتنتهم, ولكن لما ابتدأ الاسم , وبقي عليه لم يقدر على جرّه , وكانت الإضافة في المعنى إلى الفتنة, وهذا إنما يكون إذا كان "اليوم" في معنى "إذ" وإلا فهو قبيح.
ألا ترى أنك تقول "لقيتك زمن زيدٌ أميرٌ" أي: إذ زيدٌ أمير, ولو قلت "ألقاك زمن زيدٌٍ أمير" لم يحسن.
وقال: {لّمن الملك اليوم} : فهذا على ضمير "يقول".). [معاني القرآن: 4/2-3]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم} أي: يقال هذا.
روى أبو وائل , عن عبد الله بن مسعود قال : يحشر الناس على أرض بيضاء مثل الفضة, لم يعص الله جل وعز عليها قط , فأول ما يقال : {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار}, ثم أول ما ينظر من الخصومات في الدماء , فيحضر القاتل والمقتول ,فيقول : سل هذا لم قتلني؟, , فإن قال: قتلته لتكون العزة لفلان , قيل للمقتول : اقتله كما قتلك , وكذلك إن قتل جماعة أذيق القتل كما أذاقهم في الدنيا , قال : {لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب}.). [معاني القرآن: 6/210-211]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 جمادى الأولى 1434هـ/3-04-2013م, 10:45 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]
تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13) }

تفسير قوله تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) }

تفسير قوله تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) }

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) }

تفسير قوله تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 03:00 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 03:00 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 03:03 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب * فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون * رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق * يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار * اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب}
هذا ابتداء مخاطبة في معنى توحيد الله تعالى وتبيين علامات ذلك. وآيات الله: تعم آيات قدرته وآيات قرآنه والمعجزات الظاهرة على أيدي رسله، وتنزيل الرزق: هو في تنزيل المطر وفي تنزيل القضاء والحكم، بنيل ما يناله المرء في تجارة وغير ذلك. وقرأ جمهور الناس: "[وينزل]" بالتخفيف، وقرأ الحسن، والأعرج، وعيسى وجماعة بالتشديد. وقوله تعالى: {وما يتذكر إلا من ينيب} معناه: وما يتذكر تذكرا يعتد به وينفع صاحبه; لأنا نجد من لا ينيب يتذكر، لكن لما كان ذلك غير نافع عد كأنه لم يكن). [المحرر الوجيز: 7/ 427]

تفسير قوله تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فادعوا الله مخلصين} مخاطبة للمؤمنين أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، و"ادعوا": معناه: اعبدوا). [المحرر الوجيز: 7/ 427]

تفسير قوله تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(وقوله تعالى: {رفيع الدرجات} يحتمل أن يريد بالدرجات صفاته العلى، وعبر تعالى بما يقرب لأفهام السامعين، ويحتمل أن يريد: رفيع الدرجات التي يعطيها للمؤمنين، ويتفضل بها على عباده المخلصين في جنته. و"العرش" هو الجسم المخلوق الأعظم، الذي السماوات السبع والأرضون فيه كالدنانير في الفلاة من الأرض.
وقوله تعالى: {يلقي الروح}. قال الضحاك: الروح هنا هو الوحي والقرآن وغيره مما لم يتل، وقال قتادة والسدي: الروح النبوة ومكانتها، كما قال: روحا من أمرنا، وسمى هذا روحا لأنه يحيي به الأمم والأزمان كما يحيي الجسد بروحه، ويحتمل أن يكون إلقاء الروح عاما لكل ما ينعم الله به على عباده المهتدين في تفهيمه الإيمان والمعقولات الشرعية. والمقدر - على هذا التأويل - هو الله تعالى. قال الزجاج: الروح: كل ما به حياة الناس، وكل مهتد حي، وكل ضال كالميت. وقوله تعالى: {من أمره} إن جعلته جنسا للأمور فـ"من" للتبعيض، أو لابتداء الغاية، وإن جعلنا الأمر من معنى الكلام، فـ"من" إما لابتداء الغاية، وإما بمعنى الباء، ولا تكون للتبعيض بتة.
وقرأ أبي بن كعب: وجماعة: "لينذر" بالياء وكسر الذال، وفي الفعل ضمير يحتمل أن يعود على الله تعالى، أو على الروح، أو على "من" في قوله تعالى: {من يشاء من عباده}، وقرأ محمد بن السميفع اليماني: "لينذر" بالياء وفتح الذال، وضم الميم من "يوم"، وجعل اليوم منذرا على الاتساع، وقرأ جمهور الناس: "لتنذر" بالتاء على المخاطبة لمحمد صلى الله عليه وسلم، و"يوم" بالنصب، وقرأ أبو عمرو، ونافع، وجماعة: "التلاق" بدون ياء، وقرأ أبو عمرو أيضا، وعيسى، ويعقوب: "التلاقي" بالياء، والخلاف فيها كالخلاف الذي مر في "يوم التناد"، ومعناه: تلاقي جميع العالم بعضهم ببعض، وذلك أمر لم يتفق قبل ذلك اليوم. وقال السدي: معناه: تلاقي أهل السماء وأهل الأرض، وقيل: معناه: تلاقي الناس مع بارئهم، وهذا المعنى الأخير هو أشدها تخويفا، وقيل: يلتقي المرء وعمله). [المحرر الوجيز: 7/ 428]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {يوم هم بارزون} معناه: في براز من الأرض ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي، ونصب "يوم" على البدل من الأول، فهو نصب المفعول، ويحتمل أن ينصب على الظرف ويكون العامل فيه قوله تعالى: {لا يخفى}، وهي حركة إعراب لا حركة بناء; لأن الظرف لا يبنى إلا إذا أضيف إلى غير متمكن كيومئذ، وكقول الشاعر:
على حين عاتبت المشيب على الصبا ... وقلت ألما أصح والشيب وازع؟
وكقوله تعالى: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم}، وأما في هذه الآية فالجملة أمر متمكن، كما تقول: "جئت يوم زيد أمير" فلا يجوز البناء،فتأمل.
وقوله تعالى: {لا يخفى على الله منهم شيء} أي: من بواطنهم وسرائرهم ودعوات صدورهم، وفي مصحف أبي بن كعب: [لا يخفى عليه منهم شيء] بضمير بدل المكتوبة.
وقوله تعالى: {لمن الملك اليوم}. روي أن الله تعالى يقرر هذا التقرير ويسكت العالم هيبة وجزعا، فيجيب هو نفسه: لله الواحد القهار، قال الحسن: هو تعالى السائل وهو المجيب، وقال ابن مسعود: إنه تعالى يقرر فيجيب العالم بذلك، وقيل: ينادي بالتقرير ملك فيجيب الناس.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وإذا تأمل المؤمن أنه لا حول لمخلوق ولا قوة إلا بالله، فالزمان كله وأيام الدهر أجمع إنما الملك فيها لله الواحد القهار، لكن ظهور ذلك للكفرة والجهلة يتضح يوم القيامة. وإذا تأمل تسخير أهل السموات وعبادتهم ونفوذ القضاء في الأرض فأي ملك لغير الله؟).[المحرر الوجيز: 7/ 429-430]

تفسير قوله تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم يعلم الله تبارك وتعالى أهل الموقف بأنه يوم المجازاة بالأعمال صالحها وسيئها، وهذه الآية نص في أن الثواب والعقاب معلق باكتساب العبد، وأنه يوم لا يوضع فيه أمر غير موضعه، وذلك قوله تعالى: {لا ظلم اليوم}. ثم أخبرهم عن نفسه بسرعة الحساب، وتلك عبارة عن إحاطته بالأشياء علما، فهو يحاسب الخلائق في ساعة واحدة كما يرزقهم; لأنه لا يحتاج إلى عد وفكر، لا رب غيره. وروي أن يوم القيامة لا ينتصف حتى يقبل المؤمنون في الجنة والكافرون في النار).[المحرر الوجيز: 7/ 430]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 04:39 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 04:41 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {هو الّذي يريكم آياته} أي: يظهر قدرته لخلقه بما يشاهدونه في خلقه العلويّ والسّفليّ من الآيات العظيمة الدّالّة على كمال خالقها ومبدعها ومنشئها، {وينزل لكم من السّماء رزقًا}، وهو المطر الّذي يخرج به من الزّروع والثّمار ما هو مشاهدٌ بالحسّ، من اختلاف ألوانه وطعومه، وروائحه وأشكاله وألوانه، وهو ماءٌ واحدٌ، فبالقدرة العظيمة فاوت بين هذه الأشياء، {وما يتذكّر} أي: يعتبر ويتفكّر في هذه الأشياء ويستدلّ بها على عظمة خالقها {إلا من ينيب} أي: من هو بصيرٌ منيبٌ إلى اللّه، عزّ وجلّ). [تفسير ابن كثير: 7/ 134]

تفسير قوله تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فادعوا اللّه مخلصين له الدّين ولو كره الكافرون} أي: فأخلصوا للّه وحده العبادة والدّعاء، وخالفوا المشركين في مسلكهم ومذهبهم.
قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد اللّه بن نميرٍ، حدّثنا هشامٌ -يعني بن عروة بن الزّبير-عن أبي الزّبير محمّد بن مسلم بن مدرس المكّيّ قال: كان عبد اللّه بن الزّبير يقول في دبر كلّ صلاةٍ حين يسلّم: لا إله إلّا اللّه، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ، لا حول ولا قوّة إلّا باللّه، لا إله إلّا اللّه، ولا نعبد إلّا إيّاه، له النّعمة وله الفضل، وله الثّناء الحسن، لا إله إلّا اللّه، مخلصين له الدّين ولو كره الكافرون" قال: وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يهلّل بهنّ دبر كلّ صلاةٍ.
ورواه مسلمٌ وأبو داود والنّسائيّ، من طرقٍ، عن هشام بن عروة، وحجّاج بن أبي عثمان، وموسى بن عقبة، ثلاثتهم عن أبي الزّبير، عن عبد اللّه بن الزّبير قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول في دبر الصّلاة: "لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وذكر تمامه.
وقد ثبت في الصّحيح عن ابن الزّبير؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول عقب الصّلوات المكتوبات: "لا إله إلّا اللّه، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ. لا حول ولا قوّة إلّا باللّه، لا إله إلّا اللّه ولا نعبد إلّا إيّاه، له النّعمة وله الفضل، وله الثّناء الحسن، لا إله إلّا اللّه مخلصين له الدّين ولو كره الكافرون".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا الرّبيع حدّثنا الخصيب بن ناصحٍ، حدّثنا صالحٌ -يعني المرّي-عن هشام بن حسّان، عن ابن سيرين عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أنّ اللّه لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ"). [تفسير ابن كثير: 7/ 134-135]

تفسير قوله تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({رفيع الدّرجات ذو العرش يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التّلاق (15) يوم هم بارزون لا يخفى على اللّه منهم شيءٌ لمن الملك اليوم للّه الواحد القهّار (16) اليوم تجزى كلّ نفسٍ بما كسبت لا ظلم اليوم إنّ اللّه سريع الحساب (17) }
يقول تعالى [مخبرًا] عن عظمته وكبريائه، وارتفاع عرشه العظيم العالي على جميع مخلوقاته كالسّقف لها، كما قال تعالى: {من اللّه ذي المعارج تعرج الملائكة والرّوح إليه في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ [فاصبر]} [المعارج:3، 4]، وسيأتي بيان أنّ هذه مسافة ما بين العرش إلى الأرض السّابعة، في قول جماعةٍ من السّلف والخلف، وهو الأرجح إن شاء اللّه [تعالى]. وقد ذكر غير واحدٍ أنّ العرش من ياقوتةٍ حمراء، اتّساع ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سنةٍ. وارتفاعه عن الأرض السّابعة مسيرة خمسين ألف سنةٍ. وقد تقدّم في حديث "الأوعال" ما يدلّ على ارتفاعه عن السموات السّبع بشيءٍ عظيمٍ.
وقوله: {يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده} كقوله تعالى: {ينزل الملائكة بالرّوح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنّه لا إله إلا أنا [فاتّقون]} [النّحل: 2]، وكقوله: {وإنّه لتنزيل ربّ العالمين. نزل به الرّوح الأمين. على قلبك لتكون من المنذرين. [بلسانٍ عربيٍّ مبين]} [الشّعراء: 192 -194] ؛ ولهذا قال: {لينذر يوم التّلاق} قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {يوم التّلاق} اسمٌ من أسماء يوم القيامة، حذّر منه عباده.
وقال ابن جريج: قال ابن عبّاسٍ: يلتقي فيه آدم وآخر ولده.
وقال ابن زيدٍ: يلتقي فيه العباد.
وقال قتادة، والسّدّيّ، وبلال بن سعدٍ، وسفيان بن عيينة: يلتقي فيه أهل السّماء وأهل الأرض.
وقال قتادة أيضًا: يلتقي فيه أهل السّماء وأهل الأرض، والخالق والخلق.
وقال ميمون بن مهران: يلتقي [فيه] الظّالم والمظلوم.
وقد يقال: إنّ يوم القيامة هو يشمل هذا كلّه، ويشمل أنّ كلّ عاملٍ سيلقى ما عمل من خيرٍ وشرٍّ. كما قاله آخرون). [تفسير ابن كثير: 7/ 135-136]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يوم هم بارزون} أي: ظاهرون بادون كلّهم، لا شيء يكنّهم ولا يظلّهم ولا يسترهم. ولهذا قال: {يوم هم بارزون لا يخفى على اللّه منهم شيءٌ} أي: الجميع في علمه على السّواء.
وقوله: {لمن الملك اليوم للّه الواحد القهّار} قد تقدّم في حديث ابن عمر: أنّه تعالى يطوي السموات والأرض بيده، ثمّ يقول: أنا الملك، أنا الجبّار، أنا المتكبّر، أين ملوك الأرض؟ أين الجبّارون؟ أين المتكبّرون؟
وفي حديث الصّور: أنّه تعالى إذا قبض أرواح جميع خلقه، فلم يبق سواه وحده لا شريك له، حينئذٍ يقول: لمن الملك اليوم؟ ثلاث مرّاتٍ، ثمّ يجيب نفسه قائلًا {للّه الواحد القهّار} أي: الّذي هو وحده قد قهر كلّ شيءٍ وغلبه.
وقد قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن غالبٍ الدّقّاق، حدّثنا عبيد بن عبيدة، حدّثنا معتمرٌ، عن أبيه، حدّثنا أبو نضرة، عن ابن عبّاسٍ [رضي اللّه عنهما] قال: ينادي منادٍ بين يدي السّاعة: يا أيّها النّاس، أتتكم السّاعة. فيسمعها الأحياء والأموات، قال: وينزل اللّه [عزّ وجلّ] إلى سماء الدّنيا ويقول: {لمن الملك اليوم للّه الواحد القهّار}). [تفسير ابن كثير: 7/ 136]

تفسير قوله تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {اليوم تجزى كلّ نفسٍ بما كسبت لا ظلم اليوم إنّ اللّه سريع الحساب} يخبر تعالى عن عدله في حكمه بين خلقه، أنّه لا يظلم مثقال ذرّةٍ من خيرٍ ولا من شرٍّ، بل يجزي بالحسنة عشر أمثالها، وبالسّيّئة واحدةً؛ ولهذا قال: {لا ظلم اليوم} كما ثبت في صحيح مسلمٍ، عن أبي ذرٍّ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -فيما يحكي عن ربّه عزّ وجلّ-أنّه قال: "يا عبادي، إنّي حرّمت الظّلم على نفسي وجعلته بينكم محرّمًا فلا تظالموا -إلى أن قال-: يا عبادي، إنّما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثمّ أوفّيكم إيّاها، فمن وجد خيرًا فليحمد اللّه، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".
وقوله: {إنّ اللّه سريع الحساب} أي: يحاسب الخلائق كلّهم، كما يحاسب نفسًا واحدةً، كما قال: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ} [لقمان: 28]، وقال [تعالى]: {وما أمرنا إلا واحدةٌ كلمحٍ بالبصر} [القمر: 50]).[تفسير ابن كثير: 7/ 136]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة