العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم الاعتقاد > جمهرة شرح أسماء الله الحسنى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #2  
قديم 29 ربيع الأول 1435هـ/30-01-2014م, 03:53 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

أدلّة هذا الاسم

قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت:303هـ): (النور
أخبرنا قتيبة عن سعيد بن مالك عن أبي الزبير عن طاووس عن عبد الله بن عبّاس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصّلاة من جوف اللّيل يقول (اللّهمّ لك الحمد أنت نور السّموات والأرض ولك الحمد أنت قيوم السّموات والأرض ولك الحمد أنت رب السّموات والأرض ومن فيهنّ أنت الحق وقولك الحق ووعدك الحق ولقاؤك الحق والجنّة حق والنّار حق والساعة حق اللّهمّ لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وأخرت وأسررت وأعلنت أنت إلهي لا إله إلّا أنت)
-أخبرنا محمّد بن منصور عن سفيان قال سمعت سليمان قال طاووس عن ابن عبّاس
كان النّبي صلى الله عليه وسلم إذا قام يتهجد باللّيل قال: (اللّهمّ لك الحمد أنت نور السّموات والأرض ومن فيهنّ ولك الحمد أنت قيوم السّموات والأرض ومن فيهنّ ولك الحمد أنت رب السّموات والأرض ومن فيهنّ أنت الحق وقولك حق ووعدك حق ولقاؤك حق والجنّة حق والنّار حق والساعة حق والنبيون حق ومحمّد صلى الله عليه وسلم حق اللّهمّ لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلّا أنت).[النعوت الأسماء والصفات:298- 1/296]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 شعبان 1438هـ/24-05-2017م, 08:39 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

شرح أبي إسحاق الزجاج (ت: 311هـ)


قالَ أبو إسحاق إِبراهيمُ بنُ السَّرِيِّ الزجَّاجُ (ت:311هـ): (النور اختلفوا في قول الله تعالى: {الله نور السموات والأرض}
فقال بعضهم الله ذو نور السموات يريد أنه خالق هذا النور الذي في الكواكب كلها لا أنه ضياء لها وأنوار لأجسامها بل أنوار تنفصل من أنوار الله تعالى ويقال إن حول العرش أنوارا لو انفصلت منها شرارة على الأرض لاحترقت الأرض ومن عليها.
وقال بعضهم بل معنى قوله الله نور السموات والأرض أي أنه بما بين وأوضح بحججه وبراهين وحدانيته نور السموات والأرض فتقدير الكلام على هذا معرفة الله نور السموات أو أدلته نورها أو براهينه لا يجوز غير هذ
). [تفسير أسماء الله الحسنى: ؟؟]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 شعبان 1438هـ/24-05-2017م, 08:39 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي


شرح ابن القيم (ت:751هـ)



قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى: ( ( النُّورُ ):
([اعْلَمْ- نَوَّرَ اللهُ بَصِيرَتَكَ- أنَّ] النَّصَّ قدْ وَرَدَ بِتَسْمِيَةِ الربِّ نوراً، وبأنَّ لهُ نوراً مضافاً إليهِ، وبأنَّهُ نورُ السَّمَاواتِ والأرضِ، وبأنَّ حِجَابَهُ نورٌ، فهذهِ أربعةُ أنواعٍ:
- فالأوَّلُ: يُقَالُ عليهِ سُبْحَانَهُ بالإطلاقِ؛ فإنَّهُ النُّورُ الهادِي.
- والثاني: يُضَافُ إليهِ كما يُضَافُ إليهِ حَيَاتُهُ وَسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَعِزَّتُهُ وقُدْرَتُهُ وعِلْمُهُ، وَتَارَةً يُضَافُ إلى وجهِهِ، وتارةً يُضَافُ إلى ذاتِهِ:
- فالأوَّلُ: إِضَافَتُهُ [إلى وجهِهِ الكريمِ]؛ كقولِهِ: ((أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ)) ([1]). وقولِهِ: ((نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ)).
- والثاني: إضافتُهُ إلى ذاتِهِ؛ كقولِهِ: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزمر: 69]، وقولِ ابنِ عبَّاسٍ: " ذَلِكَ نُورُهُ الذي إذا تَجَلَّى بهِ "، وقولِهِ صلى الله عليه وسلم في حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو: ((إِنَّ اللهَ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ)) الحديثَ([2]).
- والثالثُ: وهوَ إضافةُ نُورِهِ إلى السَّمَاواتِ والأرضِ، كقولـِهِ: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [ النور : 35 ].
- والرابعُ: كقولِهِ: ((حِجَابُهُ النُّورُ)).
فهذا النورُ المُضَافُ إليهِ يَجِيءُ على أحدِ الوجوهِ الأربعةِ، والنورُ الذي احْتَجَبَ بهِ سُمِّيَ نُوراً وَنَاراً، كما وَقَعَ التَّرَدُّدُ في لفظِهِ في الحديثِ الصحيحِ، حديثِ أبي موسَى الأَشْعَرِيِّ. وهوَ قولُهُ: ((حِجَابُهُ النُّورُ أَوِ النَّارُ)) ([3])؛ فإنَّ هذهِ النارَ هيَ نورٌ، وهيَ التي كَلَّمَ اللهُ كَلِيمَهُ مُوسَى فيها، وهيَ نارٌ صافيَةٌ لها إشراقٌ بلا إحراقٍ.
فالأقسامُ ثلاثةٌ:
- إشراقٌ بلا إحراقٍ: كنورِ القمرِ.
- وإحراقٌ بلا إشراقٍ: وهيَ نارُ جَهَنَّمَ؛ فَإِنَّهَا سوداءُ مُحْرِقَةٌ لا تُضِيءُ.
- وإشراقٌ بإحراقٍ: وهيَ هذهِ النارُ المضيئةُ، وكذلكَ نُورُ الشمسِ لهُ الإشراقُ والإحراقُ.

فهذا في الأنوارِ المشهودةِ المخلوقةِ، وحجابُ الربِّ تباركَ وتَعَالَى نورٌ، وهوَ نارٌ. وهذهِ الأنواعُ كلُّهَا حقيقةٌ بحسَبِ مراتِبِهَا، فنورُ وجهِهِ حقيقةٌ لا مجازٌ.

وإذا كانَ نُورُ مخلوقاتِهِ كالشمسِ والقمرِ والنارِ حقيقةً، فكيفَ يكونُ نورُهُ الذي نسبةُ الأنوارِ المخلوقةِ إليهِ أَقَلُّ منْ نسبةِ سراجٍ ضعيفٍ إلى قرصِ الشمسِ، فكيفَ لا يكونُ هذا النورُ حقيقةً)([4])، ([و] الربُّ سبحانَهُ أَخْبَرَ أنَّهُ لَمَّا تَجَلَّى للجبلِ وَظَهَرَ لهُ أَمْرٌ ما منْ نورِ ذاتِهِ المقدَّسَةِ صارَ الجبلُ دَكًّا؛ فَرَوَى حُمَيْدٌ عنْ ثابتٍ، عنْ أنسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قولِهِ تَعَالَى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} [الأعراف: 143]، أَشَارَ أنسٌ بطرفِ أصبعِهِ على طرفِ خِنْصَرِهِ، وكذلكَ أَشَارَ ثابتٌ، فقالَ لهُ حُمَيْدٌ الطويلُ: ما تُرِيدُ يا أَبَا مُحَمَّدٍ؟ فَرَفَعَ ثابتٌ يَدَهُ، فَضَرَبَ صدرَهُ ضربةً شديدةً وقالَ: مَنْ أَنْتَ يا حُمَيْدُ، يُحَدِّثُنِي أنسٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم وتقولُ أنتَ: ما تُرِيدُ بهذا؟! ([5]) ومعلومٌ أنَّ الذي أَصَارَ الجبلَ إلى هذهِ الحالِ ظهورُ هذا القدْرِ منْ نورِ الذاتِ لهُ بلا واسطةٍ، بلْ تَجَلَّى رَبُّهُ لهُ سبحانَهُ.

[فَصْلٌ]:
... [وَقَدْ] ثَبَتَ في الصحيحَيْنِ عن ابنِ عَبَّاسٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يقولُ إذا قامَ مِن الليلِ: ((اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)) الحديثَ ([6]). وهوَ يَقْتَضِي أنَّ كونَهُ نورَ السَّمَاواتِ والأرضِ مُغَايِرٌ لكونِهِ ربَّ السَّمَاواتِ والأرضِ، ومعلومٌ أنَّ إِصْلاحَهُ السَّمَاواتِ والأرضَ بالأنوارِ وهدايتَهُ لمَنْ فيهما هيَ رُبُوبِيَّتُهُ، فَدَلَّ على أنَّ مَعْنَى كونِهِ نورَ السَّمَاواتِ والأرضِ أَمْرٌ وراءَ رُبُوبِيَّتِهِمَا...

و[هذا]... الحديثُ تَضَمَّنَ ثلاثةَ أُمُورٍ شاملةٍ عامَّةٍ للسماواتِ والأرضِ، وهيَ رُبُوبِيَّتُهُمَا وقَيُّومِيَّتُهُمَا ونورُهُمَا، فَكَوْنُهُ سُبْحَانَهُ ربًّا لهما وَقَيُّوماً لهما وَنُوراً لهما أَوْصَافٌ لهُ، فَآثَارُ رُبُوبِيَّتِهِ وَقَيُّومِيَّتِهِ ونورِهِ قائمةٌ بهما... وَمُقْتَضَاهَا هوَ المخلوقُ المُنْفَصِلُ، وهذا كما أنَّ صفةَ الرحمةِ والقدرةِ والإرادةِ والرِّضَى والغضبِ قائمةٌ بهِ سُبْحَانَهُ، والرحمةُ الموجودةُ في العالمِ والإحسانُ والخيرُ والنعمةُ والعقوبةُ آثارُ تلكَ الصِّفَاتِ، وهيَ منفصلةٌ عنهُ، وهكذا عِلْمُهُ القائمُ بهِ هوَ صِفَتُهُ، وأمَّا علومُ عبادِهِ فمِنْ آثارِ عِلْمِهِ، وَقُدْرَتُهُم منْ آثارِ قدرتِهِ.

فَالْتَبَسَ هذا المَوْضِعُ على مُنْكِرِي نورِهِ سبحانَهُ، وَلَبَّسُوا على الجُهَّالِ فَقَالُوا: كلُّ عاقلٍ يَعْلَمُ بالبديهةِ أنَّ اللهَ سبحانَهُ ليسَ هوَ هذا النورَ الفائضَ منْ جِرمِ الشمسِ والقمرِ والنارِ، فلا بُدَّ مِنْ حملِ قولِهِ: ((نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)) على معنَى أنَّهُ: مُنَوِّرُ السَّمَاواتِ والأرضِ، وهادٍ لأهلِ السَّمَاواتِ والأرضِ...

فنقولُ...: أَسَأْتُم الظنَّ بكلامِ اللهِ ورسولِهِ صلى الله عليه وسلم؛ حيثُ فَهِمْتُمْ أنَّ حقيقتَهُ وَمَدْلُولَـهُ أنَّهُ سُبْحَانَهُ هوَ هذا النورُ الواقعُ على الحِيطَانِ والجدرانِ (7). وهذا الفَهْمُ الفاسدُ هوَ الذي أَوْجَبَ لكُمْ إِنْكَارَ حقيقةِ نُورِهِ وجحدَهُ، وَجَمَعْتُمْ بينَ الفَهْمِ الفاسدِ وإنكارِ المعنَى الحقِّ، وليسَ ما ذَكَرْتُمْ من النورِ هوَ نورَ الربِّ القائمَ بهِ الذي هوَ صِفَتُهُ، وإنَّمَا هوَ مخلوقٌ لهُ مُنْفَصِلٌ عنهُ، فإنَّ هذهِ الأنوارَ المخلوقةَ إنَّمَا تكونُ في محلٍّ دُونَ مَحَلٍّ، فالنورُ الفائضُ عن النارِ أو الشمسِ أو القمرِ إنَّمَا هوَ نورٌ لبعضِ الأرضِ دُونَ بعضٍ، فإنَّا نَعْلَمُ أنَّ نورَ الشمسِ الذي هوَ أعظمُ منْ نورِ القمرِ والكواكبِ والنارِ ليسَ هوَ نورَ جميعِ السَّمَاواتِ والأرضِ ومَنْ فِيهِنَّ.

فمَن ادَّعَى أنَّ ظاهرَ القرآنِ وكلامِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم أنَّ نورَ الربِّ سبحانَهُ هوَ هذا النورُ الفائضُ فقدْ كَذَبَ على اللهِ ورسولِهِ.

فلوْ كانَ لفظُ النصِّ: اللهُ هوَ النورُ الذي تُعَايِنُونَهُ وتَرَوْنَهُ في السَّمَاواتِ والأرضِ لَكَانَ لِفَهْمِ هؤلاءِ وَتَحْرِيفِهِم مُسْتَنَدٌ ما. أمَّا ولفظُ النصِّ: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35]، فمِنْ أينَ يَدُلُّ هذا بوَجْهٍ ما أنَّهُ النورُ الفائضُ عنْ جرمِ الشمسِ والقمرِ والنارِ؟!

فإخراجُ نورِ الربِّ تَعَالَى عنْ حقيقتِهِ وحملُ لفظِهِ على مجازِهِ إنَّمَا اسْتَنَدَ إلى هذا الفَهْمِ الباطلِ الذي لمْ يَدُلَّ عليهِ اللفظُ...

[و] رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَّرَ هذهِ الآيَةَ بِقَوْلِهِ: ((أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)). ولمْ يَفْهَمْ منها أنَّهُ هوَ هذا النورُ المُنْبَسِطُ على الحيطانِ والجدرانِ، ولا فَهِمَهُ الصحابةُ عنهُ، بلْ عَلِمُوا أنَّ لِنُورِ الربِّ تَعَالَى شَأْناً آخرَ هوَ أعظمُ منْ أنْ يكونَ لهُ مثالٌ.

قالَ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ: " ليسَ عندَ ربِّكُم ليلٌ ولا نهارٌ، نورُ السَّمَاواتِ والأرضِ منْ نورِ وجهِهِ ".

فهلْ أَرَادَ ابنُ مسعودٍ أنَّ هذا النورَ الذي على الحيطانِ وَوَجْهِ الأرضِ هوَ عَيْنُ نورِ الوجهِ الكريمِ؟!!
أو فَهِمَ هذا عَنْهُم ذُو فَهْمٍ مستقيمٍ؟!!

فالقرآنُ والسُّنَّةُ وأقوالُ الصحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم مُتَطَابِقَةٌ يُوَافِقُ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَتُصَرِّحُ بالفرقِ الذي بينَ النورِ الذي هوَ صِفَتُهُ، والنورِ الذي هوَ خَلْقٌ منْ خلقِهِ، كما تُفَرِّقُ بينَ الرحمةِ التي هيَ صفتُهُ، والرحمةِ التي هيَ مخلوقةٌ، ولَكِنْ لَمَّا وُجِدَتْ في رحمتِهِ سُمِّيَتْ بِرَحْمَتِهِ، وكما أنَّهُ لا يُمَاثِلُ في صفةٍ منْ صفاتِهِ خَلْقَهُ، فكذلكَ نُورُهُ سُبْحَانَهُ.
فأيُّ نورٍ من الأنوارِ المخلوقةِ إذا ظَهَرَ للعالمِ وَوَاجَهَهُ أَحْرَقَهُ؟!!
وأيُّ نورٍ إذا ظَهَرَ منهُ للجبالِ الشامخةِ قَدْرٌ ما جَعَلَهَا دَكًّا؟!!
وإذا كانتْ أنوارُ الحُجُبِ لوْ دَنَا جَبْرَائِيلُ في أَدْنَاهَا لاحترقَ، فما الظنُّ بنورِ الذَّاتِ؟!!)([8])

(فنسبةُ الأنوارِ كُلِّهَا إلى نورِ الربِّ كنسبةِ العلومِ إلى علمِهِ، والقُوَى إلى قوَّتِهِ، والغِنَى إلى غِنَاهُ، والعزَّةِ إلى عِزَّتِهِ، وكذلكَ باقِي الصِّفَاتِ.

والعبدُ إذا سَمَا بَصَرُهُ صُعُوداً إلى نورِ الشمسِ غَشِيَ دونَ إدراكِهِ وَتَعَذَّرَ عليهِ غايَةَ التَّعَذُّرِ!! وأيُّ نسبةٍ لنورِ الشمسِ إلى نورِ خالِقِهَا وَمُبْدِعِهَا؟!!
وإذا كانَ نورُ البرقِ يَكَادُ يَلْتَمِعُ البصرَ وَيَخْطَفُهُ، ولا يَقْدِرُ العبدُ على إدراكِهِ، فكيفَ بنُورِ الحجابِ؟!! فكيفَ بما فَوْقَهُ؟!!

والأمرُ أعظمُ منْ أنْ يَصِفَهُ واصِفٌ، أوْ يَتَصَوَّرَهُ عَاقِلٌ، فَتَبَارَكَ اللهُ ربُّ العالَمِينَ الذي أَشْرَقَت الظُّلُمَاتُ بنورِ وجهِهِ، وَعَجَزَت الأفكارُ عنْ إدراكِ كُنْهِهِ، وَدَلَّت الآياتُ وَشَهِدَت الفِطَرُ باستحالةِ شِبْهِهِ، فَلَوْلا وَصْفُ نفسَهُ لعبادِهِ لَمَا أَقْدَمُوا على وصفِهِ، فهوَ كما وَصَفَ نفسَهُ وَأَثْنَى على نفسِهِ، وَفَوْقَ ما يَصِفُهُ الواصفونَ)([9]).

[فَصْلٌ]:
(وَلَمَّا كانَ النورُ منْ أسمائِهِ الحسنى وصفاتِهِ كانَ دِينُهُ نُوراً، ورسولُهُ نوراً، وكلامُهُ نوراً، ودارُهُ نوراً يَتَلأْلأُ، والنورُ يَتَوَقَّدُ في قلوبِ عبادِهِ المؤمنينَ، وَيَجْرِي على أَلْسِنَتِهِم، وَيَظْهَرُ على وُجُوهِهِم)([10]).

(فَدِينُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ نورٌ، وكتابُهُ نورٌ، ورسولُهُ نورٌ، ودارُهُ التي أَعَدَّهَا لأوليائِهِ نورٌ يَتَلأْلأُ، وهوَ تَبَارَكَ وتَعَالَى نورُ السماواتِ والأرضِ، ومِنْ أسمائِهِ النورُ، وَأَشْرَقَت الظلماتُ لنورِ وجهِهِ، وفي دعاءِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومَ الطائِفِ: ((أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، أَنْ يَحِلَّ عَلَيَّ غَضَبُكَ، أَوْ يَنْـزِلَ بِي سَخَطُكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ)) ([11]).

وقالَ ابنُ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: ليسَ عندَ رَبِّكُمْ ليلٌ ولا نهارٌ، نورُ السماواتِ والأرضِ منْ نورِ وجهِهِ. وفي بعضِ ألفاظِ هذا الأثرِ: نورُ السَّمَاواتِ منْ نورِ وجهِهِ.
ذَكَرَهُ عثمانُ الدَّارِمِيُّ.

وقدْ قالَ تَعَالَى: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزمر: 69]. فإذا جاءَ تباركَ وتَعَالَى يومَ القيامةِ للفَصْلِ بينَ عبادِهِ، وَأَشْرَقَتْ بنورِهِ الأرضُ، وليسَ إشراقُهَا يومئذٍ بشمسٍ ولا قمرٍ؛ فإنَّ الشمسَ تُكَوَّرُ، والقمرَ يُخْسَفُ، وَيَذْهَبُ نُورُهُمَا، وَحِجَابُهُ تباركَ وتَعَالَى النورُ.

قالَ أبو مُوسَى: قامَ فِينَا رسولُ اللهِ بخمسِ كلماتٍ فقالَ: ((إِنَّ اللهَ لا يَنَامُ وَلا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، وَلَكِنَّهُ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ)) ([12]). ثُمَّ قَرَأَ أبو عُبَيْدَةَ: {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} [النمل: 8].

فاستنارةُ ذلكَ الحجابِ بنورِ وجهِهِ، ولَوْلاهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وجهِهِ ونورُه ما انْتَهَى إليهِ بصرُهُ، ولهذا لَمَّا تَجَلَّى تَبَارَكَ وتَعَالَى للجَبَلِ، وَكَشَفَ من الحجابِ شَيْئاً يَسِيراً سَاخَ الجبلُ في الأرضِ وَتَدَكْدَكَ، ولمْ يَقُمْ لِرَبِّهِ تباركَ وتَعَالَى. وهذا معنَى قولِ ابنِ عَبَّاسٍ في قولِهِ سبحانَهُ وتَعَالَى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103]، قالَ: ذلكَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إذا تَجَلَّى بنورِهِ لمْ يَقُمْ لهُ شيءٌ، وهذا مِنْ بديعِ فهمِهِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنهُ، ودقيقِ فِطْنَتِهِ، كيفَ لا وَقَدْ دَعَا لهُ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ يُعَلِّمَهُ اللهُ التأويلَ.

فالربُّ تَبَارَكَ وتَعَالَى يُرَى يومَ القيامةِ بالأبصارِ عِياناً، ولكنْ يَسْتَحِيلُ إدراكُ الأبصارِ لهُ وإنْ رَأَتْهُ، فالإدراكُ أمرٌ وراءَ الرؤيَةِ، وهذهِ الشمسُ - وللهِ المَثَلُ الأَعْلَى - نَرَاهَا ولا نُدْرِكُهَا كما هيَ عليهِ، ولا قَرِيباً منْ ذلكَ.

ولذلكَ قالَ ابنُ عبَّاسٍ لِمَنْ سَأَلَهُ عن الرؤيَةِ، وَأَوْرَدَ عليهِ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103]، فقالَ: أَلَسْتَ تَرَى السَّمَاءَ؟ قالَ: بَلَى، قالَ: أَفَتُدْرِكُهَا؟ قالَ: لا، قالَ: فاللهُ تَعَالَى أَعْظَمُ وَأَجَلُّ.

وقدْ ضَرَبَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى النورَ في قلبِ عبدِهِ مثلاً لا يَعْقِلُهُ إلاَّ العالِمونَ، فقالَ سبحانَهُ وتَعَالَى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)} [النور: 35]. قالَ أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ: مَثَلُ نُورِهِ في قلبِ المسلمِ، وهذا هوَ النورُ الذي أَوْدَعَهُ في قلبِهِ منْ معرفتِهِ وَمَحَبَّتِهِ والإيمانِ بهِ وَذِكْرِهِ، وهوَ نورُهُ الذي أَنْزَلَهُ إليهم، فَأَحْيَاهُم بهِ، وَجَعَلَهُم يمشونَ بهِ بينَ الناسِ، وَأَصْلَهُ في قلوبِهِم، ثُمَّ تَقْوَى مَادَّتُهُ، فَتَتَزَايَدُ حتَّى يَظْهَرَ على وجوهِهِم وَجَوَارِحِهِم وَأَبْدَانِهِم، بلْ وَثِيَابِهِم وَدُورِهِم، يُبْصِرُهُ مَنْ هوَ مِنْ جِنْسِهِم، وسائرُ الخلقِ لهُ مُنْكِرُونَ، فإذا كانَ يومُ القيامةِ بَرَزَ ذلكَ النورُ، وَصَارَ بِأَيْمَانِهِم يَسْعَى بينَ أَيْدِيهِم في ظُلْمَةِ الجسرِ حتَّى يَقْطَعُوهُ، وهُمْ فيهِ على حَسَبِ قُوَّتِهِ وضَعْفِهِ في قلوبِهِم في الدُّنيا، فمِنْهُم مَنْ نُورُهُ كالشمسِ، وآخرُ كالقمرِ، وآخرُ كالنجمِ، وآخرُ كالسراجِ، وآخرُ يُعْطَى نوراً على إبهامِ قَدَمِهِ يُضِيءُ مَرَّةً وَيُطْفَأُ أُخْرَى، إذا كانتْ هذهِ حالَ نورِهِ في الدنيا، فَأُعْطِيَ على الجسرِ بمقدارِ ذلكَ، بلْ هوَ نفسُ نورِهِ ظَهَرَ لهُ عِياناً، ولَمَّا لمْ يَكُنْ للمُنَافِقِ نورٌ ثابتٌ في الدنيا، بلْ كانَ نورُهُ ظاهراً لا باطناً، أُعْطِيَ نُوراً ظاهراً مَآلُهُ إلى الظلمةِ والذهابِ.

وَضَرَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لهذا النورِ، وَمَحَلِّهِ، وحاملِهِ، ومادَّتِهِ مثلاً بالمِشْكَاةِ، وهيَ الكُوَّةُ في الحائطِ، فَهِيَ مِثْلُ الصدرِ، وفي تلكَ المشكاةِ زجاجةٌ منْ أصفَى الزجاجِ، وحتَّى شُبِّهَتْ بالكوكبِ الدُّرِّيِّ في بَيَاضِهِ وصفائِهِ، وَهِيَ مثلُ القلبِ، وَشُبِّهَتْ بالزجاجةِ؛ لأنَّهَا جَمَعَتْ أوصافاً هيَ في قلبِ المؤمنِ، وهيَ: الصفاءُ، والرِّقَّةُ، والصلابةُ، فَيُرَى الحقُّ والهُدَى بِصَفَائِهِ، وَتَحْصُلُ منهُ الرأفةُ والرحمةُ والشفقةُ بِرِقَّتِهِ، وَيُجَاهِدُ أعداءَ اللهِ تَعَالَى، وَيُغْلِظُ عليهم، وَيَشْتَدُّ في الحقِّ، وَيصْلُبُ فيهِ بصلابتِهِ، ولا تُبْطِلُ صفةٌ منهُ صفةً أُخْرَى، ولا تُعَارِضُهَا، بلْ تُسَاعِدُهَا وَتُعَاضِدُهَا {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29]، وقالَ تَعَالَى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمرانَ: 159]، وقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}[التوبة: 73]. وفي أثرٍ: ((القُلُوبُ آنيَةُ اللهِ تَعَالَى في أرضِهِ، فَأَحَبُّهَا إليهِ أَرَقُّهَا وَأَصْلَبُهَا وَأَصْفَاهَا)) ([13]).

وبإزاءِ هذا القلبِ قَلْبَانِ مَذْمُومَانِ في طَرَفَيْ نَقِيضٍ:
- أحدُهُمَا: قَلْبٌ حَجَرِيٌّ قَاسٍ لا رحمةَ فيهِ، ولا إحسانَ ولا بِرَّ، ولا لهُ صفاءٌ يَرَى بهِ الحقَّ، بلْ هوَ جَبَّارٌ جاهلٌ، لا عالِمٌ بالحقِّ، ولا راحمٌ بالخلقِ.
- وبإزائِهِ قَلْبٌ ضعيفٌ مَائِيٌّ، لا قُوَّةَ فيهِ ولا استمساكَ، بلْ يَقْبَلُ كلَّ صورةٍ، وليسَ لهُ قُوَّةُ حفظِ تلكَ الصُّوَرِ، ولا قوَّةُ التأثيرِ في غيرِهِ، وكلُّ ما خَالَطَهُ أَثَّرَ فيهِ منْ قَوِيٍّ وضعيفٍ، وَطَيِّبٍ وخبيثٍ.

وفي الزجاجةِ مِصْبَاحٌ، وهوَ النورُ الذي في الفَتِيلَةِ، وهيَ حَامِلَتُهُ، ولذلكَ النورِ مادَّةٌ، وهوَ زَيْتٌ قدْ عُصِرَ منْ زَيْتُونَةٍ في أعدلِ الأماكنِ تُصِيبُهَا الشمسُ أوَّلَ النهارِ وآخرَهُ، فَزَيْتُهَا منْ أَصْفَى الزيتِ وأبعدِهِ من الكدرِ، حتَّى إنَّهُ لَيَكَادُ منْ صفائِهِ يُضِيءُ بلا نارٍ، فهذهِ مادَّةُ نورِ المصباحِ، وكذلكَ مادَّةُ نُورِ المصباحِ الذي في قَلْبِ المؤمنِ هوَ مِنْ شجرةِ الوَحْيِ التي هيَ أعظمُ الأشياءِ بَرَكَةً، وَأَبْعَدُهَا من الانحرافِ، بلْ هيَ أَوْسَطُ الأمورِ وَأَعْدَلُهَا وأفضلُهَا، لمْ تَنْحَرِف انْحِرَافَ النصرانيَّةِ، ولا انحرافَ اليهوديَّةِ، بلْ هيَ وسطٌ بينَ الطرفَيْنِ المذمومَيْنِ في كلِّ شيءٍ، فهذهِ مادَّةُ مصباحِ الإيمانِ في قلبِ المؤمنِ.

وَلَمَّا كانَ ذلكَ الزيتُ قد اشْتَدَّ صفاؤُهُ حتَّى كادَ أنْ يُضِيءَ بنفسِهِ، ثُمَّ خَالَطَ النارَ فَاشْتَدَّتْ بها إضاءَتُهُ، وَقَوِيَتْ مادَّةُ ضوءِ النارِ بهِ، كانَ ذلكَ نُوراً على نورٍ.

وهكذا المُؤْمِنُ قَلْبُهُ مُضِيءٌ يَكَادُ يَعْرِفُ الحقَّ بفِطْرَتِهِ وعقلِهِ، ولكنْ لا مادَّةَ لهُ منْ نفْسِهِ، فجاءَتْ مادَّةُ الوحيِ، فَبَاشَرَتْ قَلْبَهُ، وَخَالَطَتْ بَشَاشَتَهُ، فازْدَادَ نوراً بالوحيِ على نُورِهِ الذي فَطَرَهُ اللهُ تَعَالَى عليهِ، فَاجْتَمَعَ لهُ نورُ الوحيِ إلى نورِ الفطرةِ، فَصَارَ نوراً على نورٍ، فَيَكَادُ يَنْطِقُ بالحقِّ وإنْ لمْ يَسْمَعْ فيهِ أثراً، ثُمَّ يَسْمَعُ الأثرَ مطابقاً لِمَا شَهِدَتْ بهِ فطرتُهُ، فيكونُ نوراً على نورٍ. فهذا شأنُ المؤمنِ، يُدْرِكُ الحقَّ بفطرتِهِ مُجْمَلاً، ثُمَّ يَسْمَعُ الأثرَ جاءَ بهِ مُفَصَّلاً، فَيَنْشَأُ إيمانُهُ عنْ شهادةِ الوحيِ والفطرةِ.

فَلْيَتَأَمَّل اللبيبُ هذهِ الآيَةَ العظيمةَ، وَمُطَابَقَتَهَا لهذهِ المعاني الشريفةِ، فَذَكَرَ سبحانَهُ وتَعَالَى نورَهُ في السَّمَاواتِ والأرضِ، ونورَهُ في قلوبِ عبادِهِ المؤمنينَ؛ النورَ المعقولَ المشهودَ بالبصائرِ، والنورَ الذي اسْتَنَارَتْ بهِ البصائرُ والقلوبُ، والنورَ المحسوسَ المشهودَ بالأبصارِ الذي اسْتَنَارَتْ بهِ أقطارُ العالمِ العلويِّ والسفليِّ، فَهُمَا نُورَانِ عَظِيمَانِ، أَحَدُهُمَا أعظمُ من الآخرِ، وكما أنَّهُ إذا فُقِدَ أَحَدُهُمَا منْ مكانٍ أوْ موضعٍ لمْ يَعِشْ فيهِ آدَمِيٌّ ولا غَيْرُهُ؛ لأنَّ الحيوانَ إِنَّمَا يَتَكَوَّنُ حيثُ النورُ، ومواضِعُ الظلمةِ التي لا يُشْرِقُ عليها نورٌ لا يَعِيشُ فيها حيوانٌ ولا يَتَكَوَّنُ الْبَتَّةَ، فكذلكَ أُمَّةٌ فُقِدَ فيها نورُ الوحيِ والإيمانِ، وقَلْبٌ فُقِدَ منهُ هذا النورُ مَيِّتٌ ولا بُدَّ لا حياةَ لهُ الْبَتَّةَ، كما لا حياةَ للحيوانِ في مكانٍ لا نورَ فيهِ.

واللهُ سبحانَهُ وتَعَالَى يَقْرِنُ بينَ الحياةِ والنورِ، كما في قولِهِ عزَّ وجلَّ: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: 122]. وكذلكَ قولُهُ عزَّ وجلَّ: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: 52]. وقدْ قِيلَ: إنَّ الضميرَ في " جَعَلْنَاهُ " عائِدٌ إلى الأمرِ، وقيلَ: إلى الكتابِ، وقيلَ: إلى الإيمانِ. والصوابُ أنَّهُ عائِدٌ إلى الروحِ؛ أيْ: جَعَلْنَا ذلكَ الروحَ الذي أَوْحَيْنَاهُ إليكَ نُوراً، فَسَمَّاهُ رُوحاً لِمَا يَحْصُلُ بهِ من الحياةِ، وَجَعَلَهُ نُوراً لِمَا يَحْصُلُ بهِ من الإشراقِ والإضَاءَةِ، وَهُمَا مُتَلازِمَانِ، فَحَيْثُ وُجِدَتْ هذهِ الحياةُ بهذا الروحِ وُجِدَت الإضاءةُ والاستنارةُ، وحيثُ وُجِدَت الاستنارةُ والإضاءةُ وُجِدَت الحياةُ، فَمَنْ لمْ يَقْبَلْ قَلْبُهُ هذا الروحَ، فهوَ مَيِّتٌ مُظْلِمٌ، كما أنَّ مَنْ فَارَقَ بَدَنَهُ روحُ الحياةِ فهوَ هَالِكٌ مُضْمَحِلٌّ)([14])
). [المرتبع الأسنى: ؟؟]


([1]) سَبَقَ تَخْرِيجُه ص 505.
([2]) سَبَقَ تَخْرِيجُه ص 45.
([3]) سَبَقَ تَخْرِيجُه ص 76.
([4]) مُخْتَصَرُ الصواعقِ المرسَلَةِ (348) .
([5]) رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ (11851) .
([6]) سَبَقَ تَخْرِيجُه ص 502.
(7) وقال رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى في صفحةِ (349): (و... نُورُهُ المُضافُ إليه يَخْتَصُّ به لا يَقُومُ بغَيرِه، فإن نُورَ المِصباحِ قامَ بالفَتِيلَةِ مُنبَسِطًا على السُّقُوفِ والجُدرانِ، وليس ذلك هو نورَ الربِّ تعالَى الذي هو نُورُ ذَاتِهِ ووَجْهِهِ الأعلَى، بل ذلك هو المضافُ إليه حقيقةً، كما أن نُورَ الشمسِ والقمرِ والمصباحِ مضافٌ إليها حقيقةً. قال تعالَى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} وقالَ تعالَى: {وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} وقالَ تعالَى: {الْحَمْدُ للهِ الذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ والنُّورَ}. فهذا نُورٌ مَخلوقٌ قَائِمٌ بجِرْمٍ مخلوقٍ لا يُسمَّى به الربُّ تَعالَى ولا يُوصَفُ بهِ، ولا يُضافُ إليه إلا على جِهةِ أنه مخلوقٌ له، مَجعولٌ، لا على أنه وَصْفٌ له قائمٌ به. فالتسويةُ بين هذا وبينَ نُورِ وَجهِه الذي أَشْرَقَتْ له الظُّلُماتُ، وصَلَحَ عليه أَمْرُ الدُّنيَا والآخرةِ، واستعاذَ به العائذونَ مِنْ أَبْطَلِ الباطِلِ).
([8]) مُخْتَصَرُ الصواعقِ المرسَلَةِ (346-347) .
([9]) مُخْتَصَرُ الصواعقِ المرسَلَةِ (355-356) .
([10]) شِفَاءُ العَلِيلِ (1/272) .
([11]) سَبَقَ تَخْرِيجُه ص 505.
([12]) سَبَقَ تَخْرِيجُه صفحة 76 .
(13) رواهُ الحكيمُ التِّرْمِذِيُّ في نوادرِ الأصولِ (4/100) عن سَهْلِ بنِ سَعْدٍ رضيَ اللهُ عنه، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ : ((إنَّ للهِ تعالَى فِي الأرضِ أَوَانِيَ، ألا وهِيَ القُلوبُ، فَأَحَبُّهَا إلى اللهِ أَرَقُّهَا وأَصفاهَا وأَصْلَبُها)).
([14]) الوابلُ الصَّيِّبُ (101-108) .
مُلحَقٌ: وقال رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى في اجتماعِ الجُيوشِ الإسلاميةِ (12- 28): ((واللهُ سُبحانَهُ وتَعالَى سَمَّى نَفْسَهُ نُورًا، وجعلَ كِتابَهُ نُورًا ورَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ نُورًا، ودِينَهُ نُورًا، وَاحْتَجَب عن خَلقِهِ بالنُّورِ، وجَعلَ دارَ أوليائِه نُورًا يَتلألأُ. قالَ اللهُ تعالَى: {اللهُ نُورُ السَّماواتِ والأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النورُ: 35].
وقد فسَّرَ قَولَهُ: {اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأَرْضِ} بكَونِه مُنَوِّرَ السماواتِ والأرضِ، وهَادِيَ أَهْلِ السماواتِ والأرضِ.
فبنُورِه اهتدَى أهلُ السماواتِ والأرضِ، وهذا إنما هو فِعْلُه، وإلا فالنورُ الذي هو من أوصافِه قائمٌ به، ومنه اشتَقَّ له اسمَ النورِ الذي هو أَحَدُ الأسماءِ الحُسْنَى.
والنورُ يُضافُ إليه سُبحانَهُ على أحدِ وَجهينِ: إضافةُ صفةٍ إلى مَوصوفِها، وإضافةُ مفعولٍ إلى فاعلِه.
فالأولُ: كقولِه عزَّ وجلَّ: {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزُّمَرُ: 119]، فهذا إِشراقُها يومَ القيامةِ بنُورِه تَعالَى إذا جاءَ لِفَصْلِ القضاءِ، ومنه قولُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ في الدعاءِ المشهورِ: ((أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ أَنْ تُضِلَّنِي لاَ إِلَهَ إلا أَنْتَ)). وفي الأثَرِ الآخَرِ: ((أَعُوذُ بِوَجْهِكَ -أو بنُورِ وَجْهِكَ- الذي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ)). فأخبرَ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: أن الظُّلُمَاتِ أَشْرَقَتْ لِنُورِ وَجْهِ اللهِ. كما أخبرَ تَعالَى أن الأرضَ تُشرِقُ يَومَ القيامةِ بنُورِهِ.
وفي مُعْجَمِ الطَّبَرانِيِّ و (السُّنَّةِ) له، وكتابِ عُثمانَ بنِ سعيدٍ الدَّارِمِيِّ وغيرِهما، عن ابنِ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه قال: ليسَ عند رَبِّكُمْ لَيْلٌ ولا نهارٌ. نُورُ السماواتِ والأرضِ من نُورِ وَجهِه. وهذا الذي قالَهُ ابنُ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه أَقرَبُ إلى تفسيرِ الآيةِ من قولِ مَن فَسَّرَها بأنه هادِي السماواتِ والأرضِ، وأما مَن فَسَّرَها بأنه مُنَوِّرُ السماواتِ والأرضِ، فلا تَنَافِيَ بَيْنَهُ وبينَ قولِ ابنِ مسعودٍ، والحقُّ أنه نُورُ السماواتِ والأرضِ بهذه الاعتباراتِ كُلِّها.
وفي (صحيحِ مُسلمٍ) وغيرِه من حديثِ أبي مُوسَى الأشعَرِيِّ رضيَ اللهُ عنه قالَ: قامَ فينا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ بخَمْسِ كَلِمَاتٍ فقالَ: ((إنَّ اللهَ لا يَنَامُ ولا يَنْبَغِي له أَنْ يَنامَ يَخْفِضُ القِسْطَ ويَرْفَعُهُ يُرْفَعُ إليه عَمَلُ الليلِ قبلَ عَمَلِ النهارِ، وعَمَلُ النهارِ قَبْلَ عَمَلِ الليلِ، حِجابُهُ النورُ لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحاتُ وَجْهِه ما انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِه)).
وفي (صحيحِ مُسلمٍ)، عن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قالَ: سألتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: هل رأيتَ رَبَّكَ؟ قال: ((نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ)). فسَمِعْتُ شيخَ الإسلامِ ابنَ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ الله ورَضِيَ عنه يقولُ: مَعْنَاهُ كانَ ثَمَّ نُورٌ وحالَ دُونَ رُؤْيَتِهِ نُورٌ، فأَنَّى أراهُ. قال: ويَدُلُّ عليه أنَّ في بعضِ ألفاظِ الصحيحةِ: (هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فقالَ: ((رَأَيْتُ نُورًا)). وقد أَعْضَلَ أمرُ هذا الحديثِ على كثيرٍ منَ الناسِ حتَّى صَحَّفَهُ بعضُهم، فقالَ: نُورَانِّيٌّ أَرَاهُ على أنها ياءُ النسب والكلِمَةُ كَلِمَةٌ واحدةُ، وهذا خطأٌ لَفظًا ومعنًى، وإنما أوجَبَ لهم هذا الإشكالَ والخطأَ أنهم لمَّا اعتَقَدُوا أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ، وكانَ قَولُه: ((أَنَّى أَرَاهُ)) كالإنكارِ للرؤيةِ حَارُوا في الحديثِ، ورَدَّهُ بَعضُهم باضطرابِ لَفْظِه، وكلُّ هذا عُدولٌ عن مُوجِبِ الدليلِ. وقد حَكَى عُثمانُ بنُ سعيدٍ الدَّارِمِيُّ في (كتابِ الرُّؤْيَةِ) له: إجماعَ الصحابةِ على أنه لم يَرَ رَبَّهُ ليلةَ المعراجِ، وبعضُهُمُ استَثْنَى ابنَ عباسٍ فيمَنْ قالَ ذلك. وشيخُنا يقولُ: ليس ذلك بخلافٍ في الحقيقةِ، فإنَّ ابنَ عباسٍ لم يَقُلْ بعَيْنَيْ رَأْسِه، وعليه اعتمَدَ أحمدُ في إحدى الروايتَيْنِ حيثُ قالَ: إنه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ رآهُ عَزَّ وجَلَّ، ولم يَقُلْ بعَيْنَيْ رَأسِه. ولفظُ أحمدَ لفظُ ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما، ويدُلُّ على صِحَّةِ ما قالَ شَيْخُنا في معنَى حديثِ أبي ذرٍّ رضيَ اللهُ عنه قولُه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ في الحديثِ الآخَرِ: ((حِجَابُهُ النُّورُ)) فهذا النورُ هو -واللهُ أَعْلَمُ- النورُ المذكورُ في حديثِ أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((رَأَيْتُ نُورًا)).
فصلٌ:
وقولُه تعالَى: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} [النورُ: 35]. هذا مَثَلٌ لنُورِه في قلبِ عبدِه المؤمِنِ، كما قالَ أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ وغيرُه، وقد اختُلِفَ في مُفسِّرِ الضميرِ في (نُورِه)، فقيلَ: هو النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، أيْ مَثَلُ نُورِ مُحمدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، وقيلَ: مُفسِّرُهُ المؤمِنُ. أي مَثَلُ نُورِ المؤمنِ. والصحيحُ أنه يعودُ على اللهِ سبحانَهُ وتعالَى، والمعنَى: مَثَلُ نورِ اللهِ سبحانَه وتعالَى في قلبِ عبدِه. وأعظمُ عبادِه نصيبًا من هذا النورِ رسولُه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، فهذا مع ما تَضَمَّنَهُ عَوْدُ الضميرِ المذكورِ، وهو وجهُ الكلامِ يَتضمَّنُ التقاديرَ الثلاثةَ، وهو أتَمُّ لفظًا ومعنًى.
وهذا النورُ يُضافُ إلى اللهِ تعالَى إذ هو مُعطِيهِ لعَبدِه ووَاهِبُهُ إياهُ ويُضافُ إلى العبدِ إذ هو مَحَلُّه وقَابِلُه، فيُضافُ إلى الفاعلِ والقابلِ، ولهذا النورِ فاعلٌ وقابلٌ ومَحَلٌّ وحالٌ ومادةٌ. وقد تَضمنَّتِ الآيةُ ذِكرَ هذه الأمورِ كُلِّها على وجهِ التفصيلِ، فالفاعلُ هو اللهُ تعالَى مُفِيضُ الأنوارِ الهادِي لنورِه مَن يشاءُ. والقابلُ: العبدُ المؤمنُ. والمحَلُّ: قَلْبُه، والحالُ: هِمَّتُه وعزيمتُه وإرادتُه، والمادةُ: قولُه وعمَلُه، وهذا التشبيهُ العجيبُ الذي تَضمَّنَتْهُ الآيةُ فيه من الأسرارِ والمعانِي، لإظهارِ تَمامِ نِعمَتِه على عبدِه المؤمنِ بما أنالَهُ من نُورِه ما تَقَرُّ به عُيونُ أهلِه وتَبْتَهِجُ قُلوبُهم، وفي هذا التشبيهِ لأهلِ المعانِي طَريقانِ:
إِحداهُما: طريقةُ التشبيهِ المُرَكَّبِ، وهي أَقرَبُ مَأخَذًا وأَسْلَمُ مِن التكلُّفِ، وهي أن تُشَبَّهَ الجُملةُ برُمَّتِها بنُورِ المُؤمنِ مِن غيرِ تَعرُّضٍ لفَصْلِ كُلِّ جُزءٍ من أجزاءِ المُشبَّهِ ومُقابلَتِهِ بجُزءٍ من المُشَبَّهِ به، وعلى هذا عامةُ أمثالِ القرآنِ، فتأمَّلْ صِفةَ المِشكاةِ وهي كُوَّةٌ لا تَنْفُذُ لِتَكُونَ أَجْمَعَ للضَّوْءِ قد وُضِعَ فيها المِصباحُ، وذلك المصباحُ داخلُ زُجاجةٍ تُشبِهُ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ في صَفائِها وحُسنِها، ومادتُه من أَصفَى الأذْهانِ وأَتَمِّها وَقودًا من زيتِ شجرةٍِ في وَسَطِ القَراحِ، لا شرقيةٍ ولا غربيةٍ بحيثُ تُصيبُها الشمسُ في أحدِ طَرَفَيِ النهارِ، بل هي في وَسَطِ القَراحِ مَحمِيَّةٌ بأَطرافِه تُصيبُها الشمسُ أعدلَ إصابةٍ، والآفاتُ إلى الأطرافِ دُونَها، فمِن شدةِ إضاءةِ زيتِها وصفائِه وحُسنِه يَكادُ يُضيءُ مِن غيرِ أن تَمَسَّهُ نارٌ، فهذا المجموعُ المُركَّبُ هو مَثَلُ نُورِ اللهِ تعالَى وَضَعَهُ في قلبِ المؤمنِ وَخَصَّهُ به) ثم ذَكَرَ رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى الطريقةَ الثانيةَ وهي طريقةُ التشبيهِ المُفَصَّلِ، ثم بَيَّنَ تَضمُّنَ هذه الآياتِ لجميعِ طوائفِ بنِي آدَمَ بكَلامٍ مَتينٍ مِن عالِمٍ جليلٍ، فراجِعْهُ إن أَرَدْتَ الاستزادةَ.


قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى: (النُّورُ:
(وَلَمَّا كَانَ " النُّورُ " مِنْ أَسْمَائِهِ الحُسْنَى وصِفَاتِهِ كَانَ دِينُهُ نُوراً، ورَسُولُهُ نوراً، وكَلامُهُ نُوراً، ودَارُهُ نُوراً يَتَلأْلأُ، والنُّورُ يَتَوَقَّدُ في قُلُوبِ عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ، ويَجرِي علَى أَلْسِنَتِهِم، ويَظْهَرُ علَى وُجُوهِهِم) ([153]).
(فَدِينُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ نُورٌ، وكِتَابُهُ نُورٌ، ورَسُولُهُ نُورٌ، ودَارُهُ التي أَعَدَّهَا لأَوْلِيائِهِ نُورٌ يَتَلأْلأُ، وهوَ تَبارَكَ وتعالى نُورُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ، ومِنْ أَسْمَائِهِ النُّورُ، وأَشْرَقَت الظُّلُماتُ لنورِ وَجْهِهِ، وفي دُعاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ الطَّائِفِ: ((أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُماتُ، وصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا والآخِرَةِ، أَنْ يَحِلَّ عَلَيَّ غَضَبُكَ، أوْ يَنْزِلَ بِي سَخَطُكَ، لَكَ العُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ)) ([154]))([155]).
(فَنِسْبَةُ الأَنْوارِ كُلِّها إلى نُورِ الرَّبِّ كنِسْبَةِ العُلُومِ إِلَى عِلْمِهِ، والقُوَى إلى قُوَّتِهِ، والغِنَى إلى غِنَاهُ، والعِزَّةِ إلى عِزَّتِهِ، وكذلكَ باقي الصِّفَاتِ. والعَبْدُ إذا سَمَا بَصَرُهُ صُعُوداً إلى نُورِ الشَّمْسِ غُشِيَ دونَ إِدْرَاكِهِ وتَعَذَّرَ عليهِ غَايَةَ التَّعَذُّرِ!!، وأيُّ نِسْبَةٍ لنُورِ الشَّمْسِ إلى نورِ خالِقِهَا ومُبْدِعِها؟!!.
وإِذَا كَانَ نُورُ البَرْقِ يَكَادُ يَلْتَمِعُ البَصَرَ ويَخْطَفُهُ، ولا يَقْدِرُ العَبْدُ علَى إِدْرَاكِهِ، فَكَيْفَ بنورِ الحِجَابِ؟!! فكَيْفَ بما فَوْقَهُ؟!!.
والأَمْرُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَصِفَهُ واصِفٌ، أوْ يَتَصَوَّرَهُ عَاقِلٌ. فتَبارَكَ اللهُ ربُّ العالَمِينَ الذي أَشْرَقَت الظُّلُماتُ بنُورِ وَجْهِهِ، وعَجَزت الأَفْكَارُ عنْ إِدْرَاكِ كُنْهِهِ، ودَلَّت الآياتُ وشَهِدَت الفِطَرُ باسْتِحَالَةِ شَبَهِهِ. فلولا وَصَفَ نَفْسَهُ لعِبَادِهِ لَمَا أَقْدَمُوا عَلَى وَصْفِهِ، فهوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ وأَثْنَى على نَفْسِهِ، وفَوْقَ مَا يَصِفُهُ الوَاصِفونَ)([156]) ). [المرتبع الأسنى: ؟؟]


([153]) شِفَاءُ العَلِيلِ (1/272).
([154]) سَبَقَ تَخْرِيجُه ص 505.
([155]) الوابلُ الصيِّبُ (101).
([156]) مُختصَرُ الصواعقِ المُرسَلةِ (355 – 356).



رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28 شعبان 1438هـ/24-05-2017م, 10:22 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي


شرح أبي القاسم الزجاجي (ت:337هـ)


قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت: 337هـ): (النور
{الله نور السموات والأرض} أي: يهتدي بنوره من في السموات ومن في الأرض، أي: بآياته وأعلامه الدالة عليه، والبراهين الواضحة النيرة، يهتدي أهل السموات والأرض إلى توحيده والإقرار بربوبيته وتنزيهه من الأنداد والأمثال عز وجل.
وقالوا في قوله: {الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار... إلى آخر الآية}. هذا مثل ضربه الله عز وجل لباين أمره ووضوح آياته الدالة عليه وعلى توحيده، وظهورها واهتداء المؤمنين بها فقال: {الله نور السموات والأرض} أي: يهتدي بنوره من في السموات ومن في الأرض أي بآياته وأعلامه الواضحة الدالة عليه. ثم قال: {مثل نوره} في قلب المؤمن – {كمشكاة} وهي الكوة غير نافذة، والمشكاة لفظة عربية فأما من قال هي حبشية فإنما أراد أنه وفاق وقع من العربية وغيرها لا أن في القرآن ما ليس بعربي، وإنما ذلك اتفاق في أحرف بين العربية وغيرها أو كلام معرب من غير العربية منقول إلى ألفاظ العربية. ثم قال: {فيها مصباح} أي: في المشكاة مصباح وهو السراج. ثم قال: {المصباح في زجاجة} ليكون أعظم لضوئه وأنور. ثم قال: {الزجاجة كأنها كوكب دري} فوصف بياض الزجاجة وصفائها وشدة ضيائها ليضاعف نور المصباح فيها فشبهها بالكوكب الدري وهو الأبيض المضيء منسوب إلى الدر لبياضه.
ومن قرأ «درئ» بكسر الدال والهمزة فإنه ذهب إلى الكواكب التي يدرأن عليك أي: يطلعن، وتقديره «فعيل» من درأت أي: دفعت.
ومن قرأ «درئ» بالضم والهمز فليس مذهبه بجيد في العربية لأنه ليس في العربية «فعيل» بضم الفاء والتشديد إنما هو «فعيل» بكسر الفاء والتشديد نحو صريع وفسيق وخريت وما أشبه ذلك. فأما مريق فذكر الفراء أنه فارسي معرب.
وقد ذكر سيبويه المريق من الأبنية ولم يذكر أنه فارسي، والقول ما قال الفراء.
ثم قال: {يوقد من شجرة مباركة} فمن قرأ هكذا «توقد» بالرفع أراد تتوقد ذهب إلى الزجاجة فحذف إحدى التاءين لاجتماعهما، والوجه أن تكون المحذوفة الثانية لأن الأولى دليل الاستقبال، وعلى ذلك إجماع النحويين إلا هشام بن معاوية فإنه قال: المحذوفة الأولى، وليس ذلك بشيء. ومن قرأ «توقد» على لفظ المضي أو «يوقد» بالياء ذهب إلى المصباح.
ثم بين الشجرة ما هي؟ فقال: «زيتونة» فجعلها بدلاً من شجرة فخفضها لذلك، ثم وصف الزيتونة فقال: {لا شرقية ولا غربية} أي ليست بشرقية أبدًا فالشمس تدوم عليها ولا يصيبها ظل، ولا هي غربية في مقنأة وهو موضع لا تصيبها فيه شمس، ولكنها شرقية غربية قد جمعت الأمرين فهي تصيبها الشمس في وقت والظل ليكون أجود لزيتونها وأصفى لدهنه، وإنما أراد بذلك صفاء الزيت الذي يتوقد منه المصباح، يقال: مقنوة للمكان الذي لا تناله الشمس.
ثم قال: {يكاد زيتها يضيء} لصفاته و[لو] لم تمسسه نار.
ثم قال: {نور على نور} أي: ذلك نور على نور المشكاة والمصباح والزجاجة والنار والزيت. وهذه أمثال ضربها الله عز وجل، وهكذا تفسيره في ظاهر العربية واللغة، والله أعلم ما أرد بذلك. فقد قيل فيه ضروب من القول.
ثم بين أنه أراد بهذا كله المثل بقوله: {يهدي الله بنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم}.
وأصل النور الضياء، والنور والنار أصل واحد، فالنور: الضياء، والنار: المعروفة هي أيضًا ذات ضياء وإشراق.
والنور نور النبات وزهره، قال ابن الأعرابي: النور من النبات: الأبيض، والزهر الأصفر يكون أبيض قبل ثم يصفر.
والنور: النفر من الضباء وغيرها، يقال: نارت تنور نوارًا، وامرأة نوار: إذا كانت تنفر من الريبة. وانشد ابن السكيت:
أنورًا سرع ماذا يا فروق = وحبل الوصل منتكث حذيق
أراد أنوار أي أنوارً سرع ماذا: أراد سرع ذا فخفف وما زائدة، وتقديره: ما أسرع ذا !
ويقال «استنثار الشيء»: إذا أضاء وأشرق، ونارت النار: إذا وقدت، وتنورت النار: إذا نظرت إليها من بعيد وينشد لامرئ القيس:
تنورتها من أذرعات وأهلها = بيثرب أدنى دارها نظر عالي
قالوا: نظر إليها بقلبه. وينشد لابن حلزة اليشكري:
فتنورت نارها من بعيد = بخزاز هيهات منك الصلاء
أي: ما أبعد منك الصلاء لبعدها.
وهذه مسائل من التصريف في النور: إن قال لنا قائل: ما وزن نور؟ قلنا: «فعل» مثل قفل، وبرد.
فإن قال كيف تبني منه «فعل» مثل ضرب؟ قلنا: نار كما تقول قام، وأصله نور فانقلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
فإن قال: كيف يبنى منه «فعل» مثل ظرف وشرف؟ قلنا: نار أيضًا وذلك أن أصله نور فتحركت الواو وقبلها فتحة فانقلبت ألفًا.
فإن قال: كيف يبنى منه «فعل» مثل جهل وعلم؟ قلنا: نار أيضًا، والعلة واحدة.
فإن قال: كيف تبني منه فاعلاً مثل: ضارب وقاعد؟ قلنا: نائر بالهمز وأصله ناور لأن الواو عين الفعل فوقعت بعد ألف زائدة، ومن شأن الواو إذا تحركت وقبلها فتحة أن تنقلب ألفًا، فلما وقعت قبلها ألف كانت أقدر على القلب من الفتحة لأن الفتحة من الألف فقلبت الواو ألفًا، فاجتمعت ألفان ساكنتان، ولا يمكن الجمع بينهما فأبدلت الثانية همزة فقيل: نائر. ومثل ذلك قائم، ونائم وما أشبه ذلك، والباب واحد وتخفيف الهمزة بعد التحقيق جائز فيجعل بين بين.
فإن قال: فكيف يبني منه مثل «مفعل» نحو مكرم ومقبل؟ قيل له: منير، وأصله منور فنقلت حركة الواو إلى النون التي قبلها فسكنت الواو وانكسر ما قبلها فقلبت ياء فقيل: منير كما قيل ميزان وميعاد، وميقات فقلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها.
فإن قال قائل: إذا قلت منور فما قبل الواو ساكن فهلا صححتها لأن الواو إذا سكن ما قبلها صحت كما يصح في لهو وغزو وعدو؟ قيل له: إن هذا من الاعلال الذي يتبع بعضه بعضًا، فلما اعتلت الواو في قولنا: نار ينور وأنار وجب إعلاها في ينير وفي منير فأعللناها لذلك، كما قيل: مستقيم، ومستعيذ، ونستعين، وأصله مستقوم، ومستعوذ، ونستعون فنقلت حركة الواو إلى ما قبلها، وقلبت ياء كذلك لزم في منير.
فإن قال: كيف يبني منه مثل «مستفعل» نحو مستخرج ومستضرب؟ قلنا: مستنير وأصله مستنور ففعلنا به ما فعلنا بمنير.
فإن قال: فكيف يبنى منه «مفتعل» نحو مقتدر ومكتسب قلنا: منتار كما ترى، وأصله منتور فقلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
فإن قال قائل: فكيف يبني منه «مفعول» مثل مضروب ومقتول؟ قلنا: منور واصله منور بواوين الأولى عين الفعل، والثانية واو مفعول فنقلت حركة الواو الأولى إلى ما قبلها وأسكنت، فاجتمع واوان ساكنان فحذفت إحداهما فقيل: منور ومثل ذلك مفعول من قال ونام. يقول: مقول ومنوم. وإن كان من ذوات الياء نحو باع وكال قلت: مكيل ومبيع وأصله مكيول ومبيوع فأعل كما ذكرت لك. وفي هذا خلاف بين العلماء يطول شرحه، ليس هذا موضع ذكره.
فإن قال: فكيف يبني منه «استفعل» نحو استغرب؟ قلنا: استنار وأصله استنور فقلبت الواو ألفًا على ما مضى من الشرح.
فإن قال: فكيف يبني منه «تفاعل» نحو تضارب وتقاتل؟ قلنا: تناور فيصح الواو كما يصح في تناوم وتقاول لأنها لو أعلت انتقض البناء وفسد ولم يكن عليه دليل.
فإن قال: فكيف يبني منه «افتعلت» نحو اكتسبت؟ قلت: انترت بقلب الواو ألفًا ثم تحذف لسكون الراء بعدها.
فإن قال: فكيف يبني منه «تفعلت نحو تضربت؟ قلت: تنورت فتصح الواو لأنه لم يجئ أمر تغير له.
وهذا باب يتسع ويطول جدًا، وفي هذه المسائل دليل على ما يرد من أمثالها لمن تدبرها»). [اشتقاق أسماء الله: 182-187]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 9 رمضان 1438هـ/3-06-2017م, 01:00 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

شرح أبي سليمان الخطابي (ت:388هـ)


قال أبو سليمان حَمْدُ بن محمد بن إبراهيم الخطابي (ت: 388هـ): (94- النور: هو الذي بنوره يبصر ذو العماية وبهدايته يرشد ذو الغواية وعلى مثل هذا يتأول، قوله جل وعز: {الله نور السموات والأرض} [النور: 35] أي: منه نور السموات والأرض. ولا يجوز أن يتوهم أن الله تعالى نور من الأنوار، وأن يعتقد ذلك فيه سبحانه؛ فإن النور تضاده الظلمة، وتعاقبه فتزيله، وتعالى الله أن يكون له ضد أو ند، وقد يحتمل أن يكون معناه: ذو النور، إلا أنه لا يصح أن يكون النور صفة ذات له، كما يصح ذلك من اسم السلام، إذا قلناه، إنه ذو السلام.
وإنما يكون ذلك صفة فعل على معنى إضافة الفعل إليه إذ هو خالق النور وموجده). [شأن الدعاء: 95]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 9 رمضان 1438هـ/3-06-2017م, 01:01 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

شرح الحافظ ابن مَندَه (ت:395هـ)

قال أبو عبد الله محمد بن إسحاق ابن مَنْدَهْ العَبْدي (ت: 395هـ): (ومن أسماء الله عزّ وجلّ: النّور النّاصر والنّذير
قال الله عزّ وجلّ: {الله نور السّماوات والأرض}
.....

348 - أخبرنا عمر بن الرّبيع، حدثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد الله بن يوسف التّنّيسيّ (ح) وأخبرنا حمزة بن محمّدٍ، ومحمّد بن سعدٍ، قالا: حدثنا أبو عبد الرّحمن النّسائيّ، قال: حدثنا قتيبة، قالا: حدثنا مالك بن أنسٍ، عن أبي الزّبير، عن طاووسٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من اللّيل قال: اللهمّ لك الحمد أنت نور السّماوات والأرض ومن فيهنّ. الحديث). [التوحيد: 2/194]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11 رمضان 1438هـ/5-06-2017م, 11:22 AM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

شرح ابن سعدي (ت:1376هـ)

قال عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت:1376هـ): ("النور" نور السموات والأرض، الذي نوَّر قلوب العارفين بمعرفته والإيمان به، ونوَّر أفئدتهم بهدايته، وهو الذي أنار السموات والأرض بالأنوار التي وضعها، وحجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه). [تيسير الكريم المنان: 948]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:45 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة