العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء الذاريات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 07:38 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي تفسير سورة الطور [ من الآية (17) إلى الآية (21) ]

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (19) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ (20) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)}

روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27 جمادى الآخرة 1434هـ/7-05-2013م, 04:43 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ المتّقين في جنّاتٍ ونعيمٍ (17) فاكهين بما آتاهم ربّهم ووقاهم ربّهم عذاب الجحيم}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: إنّ الّذين اتّقوا اللّه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه في جنّاتٍ: يقول في بساتين ونعيمٍ فيها، وذلك في الآخرة). [جامع البيان: 21/577]

تفسير قوله تعالى: (فَاكِهِينَ بِمَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فاكهين} يقول: عندهم فاكهةٌ كثيرةٌ، وذلك نظير قول العرب للرّجل يكون عنده تمرٌ كثيرٌ: رجلٌ تامرٌ، أو يكون عنده لبنٌ كثيرٌ، فيقال: هو لابنٌ، كما قال الحطيئة:
أغررتني وزعمت أنّك لابنٌ في الصّيف تامرٌ.
وقوله: {بما آتاهم ربّهم} يقول: عندهم فاكهةٌ كثيرةٌ بإعطاء اللّه إيّاهم ذلك {ووقاهم ربّهم عذاب الجحيم} يقول: ورفع عنهم ربّهم عقابه الّذي عذّب به أهل الجحيم). [جامع البيان: 21/577]

تفسير قوله تعالى: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كلوا واشربوا هنيئًا بما كنتم تعملون (19) متّكئين على سررٍ مّصفوفةٍ وزوّجناهم بحورٍ عينٍ}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: كلوا واشربوا، يقال لهؤلاء المتّقين في الجنّات: كلوا أيّها القوم ممّا آتاكم ربّكم، واشربوا من شرابها هنيئًا، لا تخافون ممّا تأكلون وتشربون فيها أذًى ولا غائلةً بما كنتم تعملون في الدّنيا للّه من الأعمال). [جامع البيان: 21/577-578]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 19 - 22.
أخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة قال: قال ابن عباس في قول الله لأهل الجنة {كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون} قوله هنيئا اي لا تموتون فيها فعندما قالوا (فما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين) (الصافات 59) ). [الدر المنثور: 13/687]

تفسير قوله تعالى: (مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] قال في قراءة عبد اللّه (وزوجناهم بعيس عين) [الآية: 20]). [تفسير الثوري: 283]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {متّكئين على سررٍ مصفوفةٍ}. يقول متّكئين على نمارق مصفوفةٍ قد جعلت صفوفًا، وترك قوله: على نمارق، اكتفاءً بدلالة ما ذكر من الكلام عليه.
وقوله: {وزوّجناهم بحورٍ عينٍ} يقول تعالى ذكره: وزوّجنا الذّكور من هؤلاء المتّقين أزواجًا بحورٍ عينٍ من النّساء، يقول الرّجل: زوّج هذا الخلف الفرد أو النّعل الفرد بهذا الفرد، بمعنى: اجعلهما زوجًا وقد بيّنّا معنى الزّوج فيما مضى بما أغنى عن إعادته هاهنا، والحور: جمع حوراء، وهي الشّديدة بياض مقلة العين في شدّة سواد الحدقة وقد ذكرت اختلاف أهل التّأويل في ذلك، وبيّنت الصّواب فيه عندنا بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع، والعين: جمع عيناء، وهي العظيمة العين في حسنٍ وسعةٍ). [جامع البيان: 21/578]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال: سئل النّبيّ صلى الله عليه وسلم هل تزاور أهل الجنة، قال: أي والذي بعثني بالحق إنهم ليتزاورون على النوق الدمك عليها حشايا الديباج يزور الأعلون الأسفلين ولا يزور الأسفلون الأعلين قال: هم درجات قال: وإنهم ليضعون مرافقهم فيتكئون ويأكلون ويشربون ويتنعمون ويتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم لا يصدعون عنها ولا ينزفون مقدار سبعين خريفا ما يرفع أحدهم مرفقه من اتكائه قال: يا رسول الله هل ينكحون قال: أي والذي بعثني بالحق دحاما دحاما وأشار بيده ولكن لأمني ولا منية ولا يمتخطون فيها ولا يتغوطون رجيعهم رشح كحبوب المسك مجامرهم الألوة وأمشاطهم الذهب والفضة آنيتهم من الذهب والفضة يسبحون الله بكرة وعشيا قلوبهم على قلب رجل واحد لا غل بينهم ولا تباغض يسبحون الله تعالى بكرة وعشيا). [الدر المنثور: 13/687-688]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله واتبتعهم ذريتهم بإيمان قال بإيمان الذرية). [تفسير عبد الرزاق: 2/247]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم قال إن الله يرفع ذرية المؤمن معه في درجة في الجنة وإن كانوا دونه في العمل ثم قرأ والذين آمنوا واتبتعهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم قال وما نقصناهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/247]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله وما ألتناهم يقول وما ظلمناهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/248]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عمرو بن مرّة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إن الله تبارك وتعالى ليرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم أعينهم ثم قرأ {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء} [الآية: 21]). [تفسير الثوري: 283]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {ألتناهم} [الطور: 21] : «نقصنا»). [صحيح البخاري: 6/140]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ ألتناهم نقصناهم وقد تقدّم في الحجرات وأخرج عبد الرّزّاق مثله عن بن عبّاسٍ بإسنادٍ صحيحٍ وعن معمرٍ عن قتادة قال ما ظلمناهم). [فتح الباري: 8/602]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ ألتناهم نقصناهم
أي: قال مجاهد في قوله تعالى: {وما ألتناهم من عملهم من شيء} (الطّور: 21) أي: ما نقصناهم من الألت وهو النّقص والبخس، وقال الثّعلبيّ، عن ابن عبّاس، رضي الله تعالى عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يرفع ذرّيّة المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه ثمّ قرأ: {والّذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم}). [عمدة القاري: 19/194]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد) مما سبق في الحجرات ({ألتناهم} نقصنا) وسقط هذا لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/357]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّتهم وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ كلّ امرئٍ بما كسب رهينٌ}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: والّذين آمنوا وأتبعناهم ذرّيّاتهم بإيمانٍ، ألحقنا بهم ذرّيّاتهم المؤمنين في الجنّة، وإن كانوا لم يبلغوا بأعمالهم درجات آبائهم، تكرمةً لآبائهم المؤمنين، وما ألتنا آباءهم المؤمنين من أجور أعمالهم من شيءٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في هذه الآية: (والّذين آمنوا وأتبعناهم ذرّيّاتهم بإيمانٍ) فقال: إنّ اللّه تبارك وتعالى يرفع للمؤمن ذرّيّته، وإن كانوا دونه في العمل، ليقرّ اللّه بهم عينه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا مؤمّلٌ قال: حدّثنا سفيان، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: إنّ اللّه تبارك وتعالى ليرفع ذرّيّة المؤمن في درجته، وإن كانوا دونه في العمل، ليقرّ بهم عينه، ثمّ قرأ (والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّاتهم وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ).
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن عمرو بن مرّة الجمليّ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: إنّ اللّه تبارك وتعالى ليرفع ذرّيّة المؤمن معه في درجته ثمّ ذكر نحوه، غير أنّه قرأ (وأتبعناهم ذرّيّاتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّاتهم).
- حدّثني موسى بن عبد الرّحمن المسروقيّ قال: حدّثنا محمّد بن بشرٍ قال: حدّثنا سفيان بن سعيدٍ، عن سماعة، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، نحوه.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ، أنّه قال في هذه الآية والّذين آمنوا وأتبعناهم ذرّيّاتهم بإيمانٍ قال: المؤمن ترفع له ذرّيّته، فيلحقون به، وإن كانوا دونه في العمل.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: والّذين آمنوا وأتبعناهم ذرّيّاتهم الّتي بلغت الإيمان بإيمانٍ، ألحقنا بهم ذرّيّاتهم الصّغار الّتي لم تبلغ الإيمان، وما ألتنا الآباء من عملهم من شيءٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: (والّذين آمنوا وأتبعناهم ذرّيّاتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّاتهم) يقول: الّذين أدرك ذرّيّتهم الإيمان، فعملوا بطاعتي، ألحقتهم بإيمانهم إلى الجنّة، وأولادهم الصّغار نلحقهم بهم.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: (والّذين آمنوا وأتبعناهم ذرّيّاتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّاتهم) يقول: من أدرك ذرّيّته الإيمان، فعملوا بطاعتي ألحقتهم بآبائهم في الجنّة، وأولادهم الصّغار أيضًا على ذلك.
وقال آخرون نحو هذا القول، غير أنّهم جعلوا الهاء والميم في قوله: {ألحقنا بهم} من ذكر الذّرّيّة، والهاء والميم في قوله: ذرّيّتهم الثّانية من ذكر الّذين وقالوا: معنى الكلام: والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم الصّغار، وما ألتنا الكبار من عملهم من شيءٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: (والّذين آمنوا وأتبعناهم ذرّيّاتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّاتهم) قال: أدرك أبناؤهم الأعمال الّتي عملوا، فاتّبعوهم عليها واتّبعتهم ذرّيّاتهم الّتي لم يدركوا الأعمال فقال اللّه جلّ ثناؤه {وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ} قال: يقول: لم نظلمهم من عملهم من شيءٍ فننقصهم، فنعطيه ذرّيّاتهم الّذين ألحقناهم بهم، الّذين لم يبلغوا الأعمال ألحقتهم بالّذين قد بلغوا الأعمال.
وقال آخرون: بل معنى ذلك {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّتهم} فأدخلناهم الجنّة بعمل آبائهم، وما ألتنا الآباء من عملهم من شيءٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت داود، يحدّث عن عامرٍ، أنّه قال في هذه الآية (والّذين آمنوا وأتبعناهم ذرّيّاتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّاتهم وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ) فأدخل اللّه الذّرّيّة بعمل الآباء الجنّة، ولم ينقص اللّه الآباء من عملهم شيئًا قال: فهو قوله: {وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ}.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن داود، عن سعيد بن جبيرٍ، أنّه قال في قول اللّه: (ألحقنا بهم ذرّيّاتهم وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ) قال: ألحق اللّه ذرّيّاتهم بآبائهم، ولم ينقص الآباء من أعمالهم، فيردّه على أبنائهم.
وقال آخرون: إنّما عنى بقوله: {ألحقنا بهم ذرّيّتهم}: أعطيناهم من الثّواب ما أعطينا الآباء.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن قيس بن مسلمٍ قال: سمعت إبراهيم، في قوله: (وأتبعناهم ذرّيّاتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّاتهم) قال: أعطوا مثل أجور آبائهم، ولم ينقص من أجورهم شيئًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن قيس بن مسلمٍ، عن إبراهيم (وأتبعناهم ذرّيّاتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّاتهم) قال: أعطوا مثل أجورهم، ولم ينقص من أجورهم.
- قال: حدّثنا حكّامٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، (وأتبعناهم ذرّيّاتهم بإيمانٍ) يقول: أعطيناهم من الثّواب ما أعطيناهم {وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ} يقول: ما نقصنا آباءهم شيئًا.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: (والّذين آمنوا وأتبعناهم ذرّيّاتهم) كذلك قالها يزيد (ذرّيّاتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّاتهم) قال: عملوا بطاعة اللّه فألحقهم اللّه بآبائهم.
وأولى هذه الأقوال بالصّواب وأشبهها بما دلّ عليه ظاهر التّنزيل، القول الّذي ذكرنا عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، وهو: والّذين آمنوا باللّه ورسوله، وأتبعناهم ذرّيّاتهم الّذين أدركوا الإيمان بإيمانٍ، وآمنوا باللّه ورسوله، ألحقنا بالّذين آمنوا ذرّيّتهم الّذين أدركوا الإيمان فآمنوا، في الجنّة فجعلناهم معهم في درجاتهم، وإن قصرت أعمالهم عن أعمالهم تكرمةً منّا لآبائهم، وما ألتناهم من أجور عملهم شيئًا.
وإنّما قلت: ذلك أولى التّأويلات به، لأنّ ذلك الأغلب من معانيه، وإن كان للأقوال الأخر وجوهٌ.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وأتبعناهم ذرّيّاتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّاتهم) فقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة {واتّبعتهم ذرّيّتهم} على التّوحيد بإيمانٍ (ألحقنا بهم ذرّيّاتهم) على الجمع، وقرأته قرّاء الكوفة {واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّتهم} كلتيهما بإفرادٍ وقرأ بعض قرّاء البصرة وهو أبو عمرٍو (وأتبعناهم ذرّيّاتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّاتهم) والصّواب من القول في ذلك أنّ جميع ذلك قراءاتٌ معروفاتٌ مستفيضاتٌ في قراءة الأمصار، متقاربات المعاني، فبأيّتها قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقوله: {وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ} يقول تعالى ذكره: وما ألتنا الآباء، يعني بقوله: {وما ألتناهم} وما نقصناهم من أجور أعمالهم شيئًا، فنأخذه منهم، فنجعله لأبنائهم الّذين ألحقناهم بهم، ولكنّا وفّيناهم أجور أعمالهم، وألحقنا أبناءهم بدرجاتهم، تفضّلاً منّا عليهم.
- والألت في كلام العرب: النّقص والبخس، وفيه لغةٌ أخرى: (وما لتناهم) ولم يقرأ بها أحدٌ نعلمه، ومن الألت قول الشّاعر:
أبلغ بني ثعلٍ عنّي مغلغلةً جهد الرّسالة لا ألتًا ولا كذبا.
يعني: لا نقصان ولا زيادة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا مؤمّلٌ قال: حدّثنا سفيان، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ} قال: ما نقصناهم من عملهم من شيءٍ.
- حدّثني عليٌّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاس، قوله: {وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ} يقول: ما نقصناهم.
- وحدّثني موسى بن عبد الرّحمن قال: حدّثنا محمّد بن بشرٍ قال: حدّثنا سفيان بن سعيدٍ، عن سماعة، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ {وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ} قال: وما نقصناهم.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ} قال: ما نقصنا الآباء للأبناء.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: ما نقصنا الآباء للأبناء، {وما ألتناهم} قال: وما نقصناهم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ} قال: نقصناهم.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا حكّامٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ، {وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ} يقول: ما نقصنا آباءهم شيئًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ، مثله.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي المعلّى، عن سعيد بن جبيرٍ، {وما ألتناهم} قال: وما ظلمناهم
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ} يقول: وما ظلمناهم من عملهم من شيءٍ.
- حدّثني محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ} يقول: وما ظلمناهم.
- وحدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وما ألتناهم} يقول: وما ظلمناهم.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وما ألتناهم من عملهم} قال: يقول: لم نظلمهم من عملهم من شيءٍ، فننتقصهم فنعطيه ذرّيّاتهم الّذين ألحقناهم بهم الذين لم يبلغوا الأعمال ألحقهم بالّذين قد بلغوا الأعمال {وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ} قال: لم يأخذ عمل الكبار فيجزيه الصّغار، وأدخلهم برحمته، والكبّار عملوا فدخلوا بأعمالهم.
وقوله: {كلّ امرئٍ بما كسب رهينٌ} يقول: كلّ نفسٍ بما كسبت وعملت من خيرٍ وشرٍّ مرتهنةٌ لا يؤاخذ أحدٌ منهم بذنب غيره، وإنّما يعاقب بذنب نفسه). [جامع البيان: 21/579-587]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وما ألتناهم يقول ما نقصنا الآباء للأبناء شيئا). [تفسير مجاهد: 2/625]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا محمّد بن عليّ الصّنعانيّ بمكّة، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبّادٍ، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ الثّوريّ، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {ألحقنا بهم ذرّيّتهم وما ألتناهم} [الطور: 21] قال: «إنّ اللّه يرفع ذرّيّة المؤمن معه في درجته في الجنّة، وإن كانوا دونه في العمل» ، ثمّ قرأ {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّتهم وما ألتناهم} [الطور: 21] يقول: «وما نقصناهم»). [المستدرك: 2/509]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ} [الطور: 21].
- عن ابن عبّاسٍ أنّ النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: " «إذا دخل الرّجل الجنّة سأل عن أبويه وزوجته وولده، فيقال: إنّهم لم يبلغوا درجتك وعملك، فيقول: يا ربّ قد عملت لي ولهم، فيؤمر بإلحاقهم ". وقرأ ابن عبّاسٍ {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ} [الطور: 21] الآية».
رواه الطّبرانيّ في الصّغير والكبير، وفيه محمّد بن عبد الرّحمن بن غزوان وهو ضعيفٌ.
- وعن ابن عبّاسٍ رفعه إلى النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: " «إنّ اللّه ليرفع ذرّيّة المؤمن إليه في درجته وإن كانوا دونه في العمل لتقرّ بهم عينه "، ثمّ قرأ {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم} [الطور: 21] الآية، ثمّ قال: " وما نقصنا الآباء بما أعطينا البنين» ".
رواه البزّار، وفيه قيس بن الرّبيع وثّقه شعبة والثّوريّ وفيه ضعفٌ). [مجمع الزوائد: 7/114]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا سهل بن بحرٍ، ثنا الحسن بن حمّادٍ الورّاق، ثنا قيس بن الرّبيع، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، رفعه إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: «إنّ اللّه ليرفع ذرّيّة المؤمن إليه في درجته، وإن كانوا دونه في العمل، ليقرّ بهم عينه»، ثمّ قرأ: {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ} [الطور: 21] الآية، ثمّ قال: «وما نقصنا الآباء بما أعطينا البنين».
قال البزّار: لا نعلم أسنده إلا الحسن، عن قيسٍ، وقد رواه الثّوريّ، عن عمرو بن مرّة موقوفًا). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/70-71]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن علي أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم}). [الدر المنثور: 13/688]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور وهناد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس قال: إن الله ليرفع ذرية المؤمن معه في الجنة وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه ثم قرأ {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم} الآية). [الدر المنثور: 13/688-689]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار، وابن مردويه عن ابن عباس رفعه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يرفع ذرية المؤمن إليه في درجته وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه ثم قرأ {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء} قال: وما نقصنا الآباء بما أعيطنا البنين). [الدر المنثور: 13/689]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه وذريته وولده فيقال: إنهم لم يبلغوا درجتك وعملك فيقول: يا رب قد عملت لي ولهم فيؤمر بإلحاقهم به وقرأ ابن عباس {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم} الآية). [الدر المنثور: 13/689-690]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم} الآية قال: هم ذرية المؤمن يموتون على الإسلام فإن كانت منازل آبائهم أرفع من منازلهم لحقوا بآبائهم ولم ينقصوا من أعمالهم التي عملوا شيئا). [الدر المنثور: 13/690]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المؤمنين وأولادهم في الجنة وإن المشركين وأولادهم في النار ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم} الآية.
وأخرج هناد، وابن المنذر عن إبراهيم في الآية قال: أعطي الآباء مثل ما أعطي الأبناء وأعطي الأبناء مثل ما أعطي الآباء.
وأخرج ابن المنذر عن أبي مجلز في الآية قال: يجمع الله له ذريته كما يحب أن يجمعوا له في الدنيا). [الدر المنثور: 13/690]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر والحاكم عن ابن عباس في قوله: {وما ألتناهم} قال: ما نقصناهم). [الدر المنثور: 13/690-691]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي عن ابن عباس في قوله {وما ألتناهم} قال: لم ننقصهم من عملهم شيئا). [الدر المنثور: 13/691]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن قتادة في قوله {وما ألتناهم} يقول: وما ظلمناهم). [الدر المنثور: 13/691]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 جمادى الآخرة 1434هـ/7-05-2013م, 04:45 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي


التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {فَاكِهِينَ بِمَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله تبارك وتعالى: {فاكهين بما آتاهم ربّهم...}.
معجبين بما آتاهم ربّهم). [معاني القرآن: 3/91]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({إنّ المتّقين في جنّاتٍ ونعيم فكهين} لأن نصبت مجازها مجاز الاستغناء فإذا استغنيت أن تخبر ثم جاء خبر بعد فإن شئت رفعت وإن شئت نصبت ومعناها: متفكهين، قال صخر بن عمر وأخو خنساء:
فكهٌ على حين العشاء إذا = ما الضّيف أقبل مسرعاً يسرى
ومن قرأها " فاكهين " فمجازها مجاز، " لابن " و " تامر " أي عنده لبن كثير وتمر كثير). [مجاز القرآن: 2/231-232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فاكهين بما آتاهم ربّهم} أي ناعمين بذلك. وفكهين معجبين بذلك). [تفسير غريب القرآن: 425]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ المتّقين في جنّات ونعيم * فاكهين بما آتاهم ربّهم ووقاهم ربّهم عذاب الجحيم}
(فكهين)، و(فاكهين) جميعا، والنصب على الحال.
ومعنى {فاكهين بما آتاهم ربّهم} أي معجبين بما آتاهم ربّهم
{ووقاهم ربّهم عذاب الجحيم} أي غفر لهم ذنوبهم التي توجب النّار بإسلامهم وتوبتهم). [معاني القرآن: 5/63]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَاكِهِينَ}: أي ناعمين. و{فكهين} أي معجبين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 246]

تفسير قوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجل: {كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون} المعنى: يقال لهم كلوا واشربوا هنيئا.
و(هنيئا) منصوب وهو صفة في موضع المصدر.
المعنى: كلوا واشربوا هنّئتم هنيئا وليهنكم ما صرتم إليه). [معاني القرآن: 5/63]

تفسير قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وزوّجناهم بحورٍ عينٍ} مجازها: جعلنا ذكران أهل الجنة أزواجاً بحور عين من النساء، يقال: للرجل: زوّج هذا الفعل الفرد أي اجعلهما زوجاً). [مجاز القرآن: 2/232]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله تبارك وتعالى: {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم...}
قرأها عبد الله بن مسعود: (واتّبعتهم ذرّيّتهم). {ألحقنا بهم ذرّيّتهم...} على التوحيد...
- حدثني قيس والمفضل الضبي عن الأعمش عن إبراهيم، فأما المفضّل فقال عن علقمة عن عبد الله، وقال قيسٌ عن رجل عن عبد الله قال: قرأ رجل على عبد الله "والّذين آمنوا واتّبعهم ذرّياتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّاتهم". قال: فجعل عبد الله يقرؤها بالتوحيد. قال حتّى ردّدها عليه نحواً من عشرين مرةً لا يقول ليس كما يقول وقرأها الحسن: كلتيهما بالجمع، وقرأ بعض أهل الحجاز، الأولى بالتوحيد، والثانية بالجمع، ومعنى قوله: {واتّبعتهم ذرّيّتهم} يقال: إذا دخل أهل الجنة الجنة فإن كان الوالد أرفع درجة من ابنه رفع ابنه إليه، وإن كان الولد أرفع رفع والده إليه.
وقوله عز وجل: {وما ألتناهم...}.
الألت: النقص، وفيه لغةٌ أخرى: (وما لتناهم من عملهم من شيء)، وكذلك هي في قراءة عبد الله، وأبي بن كعب قال الشاعر:
أبلغ بني ثملٍ عنّي مغلغلة = جهد الرسالة لا ألتاً ولا كذبا
يقول: لا نقصانٌ، ولا زيادةٌ، وقال الآخر:
وليلةٍ ذات ندىً سريت = ولم يلتني عن سراها ليت
واللّيت ها هنا مصدر لم يثنني عنها نقصٌ بي ولا عجزٌ عنها). [معاني القرآن: 3/91-93]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وما ألتناهم من عملهم} أي ما نقصناهم ولا حسبنا منه شيئاً وفيه ثلاث لغات " ألت يألت " تقديرها: أفل يأفل وألات يليت، تقديرها: أقال يفيل ولات يليت قال رؤبة:
وليلةٍ ذات ندى سريت = ولم يلتني عن سراها ليت
" من عملهم من شيء " مجازها: ما ألتناهم شيئاً والعرب تفعل هذا تزيد "من" قال أبو ذؤيب:
جزيتك ضعف الحب لما استثبته = وما إن جزاك الضعف من أحد قبلي
معناها أحد قبلي لأن " من " لا تنفع ولا تضر). [مجاز القرآن: 2/232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ} أي ما نقصناهم). [تفسير غريب القرآن: 425]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّاتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرّيّاتهم).
وقرئت (ألحقنا بهم ذرّيّتهم)، وقرئت " واتبعتم ذريّتهم " وكلا الوجهين جائز، الذرية تقع على الجماعة، والذريّات جمع، وذريّة على التوحيد أكثر.
وتأويل الآية أن الأبناء إذا كانوا مؤمنين، وكانت مراتب آبائهم في الجنة أعلى من مراتبهم ألحق الأبناء بالآباء، ولم ينقص الآباء من عملهم شيئا.
وكذلك إن كان عمل الآباء أنقص، ألحق الآباء بالأبناء.
وقوله عزّ وجلّ: {وما ألتناهم من عملهم من شيء} معناه: ما أنقصناهم، يقال ألته يألته ألتا إذا نقصه.
قال الشاعر:
أبلغ بني ثعل عنّي مغلغلة = جهد الرّسالة لا ألتا ولا كذبا
ويقال لأته يليته ليتا إذا نقصه وصرفه عن الشيء.
قال الشاعر:
وليلة ذات ندى سريت = ولم يلتني عن هواها ليت). [معاني القرآن: 5/65-66]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ({وما ألتناهم} أي: نقصناهم، يقال: ألته يألته ألتا، وآلته يؤلته إيلاتا، ولاته يليته ليتا، كله إذا نقصه). [ياقوتة الصراط: 486]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَلَتْنَاهُم}: أي نقصانهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 246]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 جمادى الآخرة 1434هـ/7-05-2013م, 04:46 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وتقول: زيد في الدار قائماً، فتنصب قائماً بمعنى الفعل الذي وقع في الدار؛ لأن المعنى: استقر عبد الله في الدار؛ ولذلك انتصبت الظروف.
ألا ترى أنك تقول: زيد خلفك، وزيد دونك، فتنصب الدون، والخلف بفعل زيد. كأنك تقول: استقر زيد خلفك، وثبت دونك ونفسر هذا في باب الظروف إن شاء الله.
فإن جعلت في الدار للقيام، ولم تجعله لزيد قلت: زيد في الدار قائم؛ لأنك إنما أردت: زيد قائم في الدار، فجعلت قائماً خبرا عن زيد، وجعلت في الدار ظرفاً لقائم.
فمن قال هذا قال: إن زيدا في الدار قائم.
ومن قال الأول قال: إن زيدا في الدار قائماً. فيكون في الدار الخبر، ثم خبر على أية حال وقع استقراره في الدار، فقال قائماً، أي: على هذه الحال ولما قال قائم إنما قال في الدار ليخبر أي موضع وقع قيامه.
فنظير ذلك قوله جل وعلا {إن المتقين في جنات وعيون * آخذين}، وقوله عز وجل: {إن المتقين في جنات ونعيم * فاكهين}.
وذلك أن قوله: {في جنات} خبر إن، فنصب {آخذين} و{فاكهين} على الحال.
ولو كان الظرف هو الخبر لرفع الخبر؛ كما قال الله عز وجل: {وفي النار هم خالدون} لأن المعنى: وهم خالدون في النار. فإنما في النار ظرف للخلود.
وتقول: هذا زيد راكبا، وذاك عبد الله قائماً.
فإن قال قائل: ما الذي ينصب الحال وأنت لم تذكر فعلا? قيل له: هذا إنما هو تنبيه. كأنك قلت: انتبه له راكباً.
وإذا قلت: ذاك عبد الله قائماً. ذاك للإشارة. كأنك قلت: أشير لك إليه راكباً. فلا يجوز أن يعمل في الحال إلا فعل أو شيء في معنى الفعل؛ لأنها مفعول فيها. وفي كتاب الله جل وعلا: {وهذا بعلي شيخاً} ). [المقتضب: 4/166-168] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولو قلت: إن زيداً قائماً في الدار لم يجز؛ لأنك لا تنصبه بقولك في الدار، وهو قبله، ولم يحدث معنى مع إن يجب به نصب الحال لأن هذه العوامل كلها داخلة على الابتداء. قال الله عز وجل: {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون}، فجعل قوله: {فاكهون}، فجعل قوله فاكهون الخبر، وفي شغل تبيين كقولك في الدار، وقال: {إن المتقين في جنات وعيون * آخذين} وقال: {إن المتقين في جنات ونعيم * فاكهين} على ما وصفنا). [المقتضب: 4/301-302] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَاكِهِينَ بِمَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وتقول: زيد في الدار قائماً، فتنصب قائماً بمعنى الفعل الذي وقع في الدار؛ لأن المعنى: استقر عبد الله في الدار؛ ولذلك انتصبت الظروف.
ألا ترى أنك تقول: زيد خلفك، وزيد دونك، فتنصب الدون، والخلف بفعل زيد. كأنك تقول: استقر زيد خلفك، وثبت دونك ونفسر هذا في باب الظروف إن شاء الله.
فإن جعلت في الدار للقيام، ولم تجعله لزيد قلت: زيد في الدار قائم؛ لأنك إنما أردت: زيد قائم في الدار، فجعلت قائماً خبرا عن زيد، وجعلت في الدار ظرفاً لقائم.
فمن قال هذا قال: إن زيدا في الدار قائم.
ومن قال الأول قال: إن زيدا في الدار قائماً. فيكون في الدار الخبر، ثم خبر على أية حال وقع استقراره في الدار، فقال قائماً، أي: على هذه الحال ولما قال قائم إنما قال في الدار ليخبر أي موضع وقع قيامه.
فنظير ذلك قوله جل وعلا {إن المتقين في جنات وعيون * آخذين}، وقوله عز وجل: {إن المتقين في جنات ونعيم * فاكهين}.
وذلك أن قوله: {في جنات} خبر إن، فنصب {آخذين} و{فاكهين} على الحال.
ولو كان الظرف هو الخبر لرفع الخبر؛ كما قال الله عز وجل: {وفي النار هم خالدون} لأن المعنى: وهم خالدون في النار. فإنما في النار ظرف للخلود.
وتقول: هذا زيد راكبا، وذاك عبد الله قائماً.
فإن قال قائل: ما الذي ينصب الحال وأنت لم تذكر فعلا? قيل له: هذا إنما هو تنبيه. كأنك قلت: انتبه له راكباً.
وإذا قلت: ذاك عبد الله قائماً. ذاك للإشارة. كأنك قلت: أشير لك إليه راكباً. فلا يجوز أن يعمل في الحال إلا فعل أو شيء في معنى الفعل؛ لأنها مفعول فيها. وفي كتاب الله جل وعلا: {وهذا بعلي شيخاً} ). [المقتضب: 4/166-168] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولو قلت: إن زيداً قائماً في الدار لم يجز؛ لأنك لا تنصبه بقولك في الدار، وهو قبله، ولم يحدث معنى مع إن يجب به نصب الحال لأن هذه العوامل كلها داخلة على الابتداء. قال الله عز وجل: {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون}، فجعل قوله: {فاكهون}، فجعل قوله فاكهون الخبر، وفي شغل تبيين كقولك في الدار، وقال: {إن المتقين في جنات وعيون * آخذين} وقال: {إن المتقين في جنات ونعيم * فاكهين} على ما وصفنا). [المقتضب: 4/301-302] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقال بعض أهل اللغة أيضا: المتفكه من الأضداد، يقال: رجل متفكه، إذا كان متنعما مسرورا، ورجل متفكه، إذا كان حزينا متندما، قال الله عز وجل: {فظلتم تفكهون}، فمعناه تندمون. وعكل تقول: (تفكنون) بالنون. ويقال: معنى قوله جل وعز: {تفكهون}: تعجبون مما وقع بكم في زرعكم، يقال: قد فكه الرجل يفكه، إذا عجب، أنشد اللحياني أبو الحسن:
ولقد فكهت من الذين تقاتلوا = يوم الخميس بلا سلاح ظاهر
أراد: عجبت.
ويقال: رجل فكه، إذا كان يأكل الفاكهة، وفاكه، إذا كثرت عنده الفاكهة، قال الشاعر:
فكه على حين العشي إذا = خوت النجوم وضن بالقطر
ويقال: رجل فكه وفاكه، إذا كان معجبا بالشيء، قال الله عز وجل: {فاكهين بما آتاهم ربهم}، فمعناه معجبين). [كتاب الأضداد: 65-66] (م)

تفسير قوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) }

تفسير قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
حور يعللن العبير روادعًا = كمها الشقائق أو ظباء سلام
قال أبو عبيدة: الحور: جمع حوراء، وهي الشديدة سواد العين، الشديدة بياض العين). [شرح ديوان امرئ القيس: 476] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} قال: ما نقصناهم). [مجالس ثعلب: 317]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 5 ربيع الأول 1440هـ/13-11-2018م, 11:52 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 5 ربيع الأول 1440هـ/13-11-2018م, 11:52 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 5 ربيع الأول 1440هـ/13-11-2018م, 11:58 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إن المتقين في جنات ونعيم} الآية ... يحتمل أن يكون خطاب أهل النار فيكون إخبارهم بذلك زيادة في غمهم وسوء حالهم، ويحتمل -وهو الأظهر- أن يكون إخبارا لمحمد صلى الله عليه وسلم ومعاصريه، لما فرغ من ذكر عذاب الكفار عقب ذلك بنعيم المتقين ليبين الفرق ويقع التحريض على الإيمان. و"المتقون" هنا متقو الشرك لأنهم لا بد من مصيرهم إلى الجنات وكلما زادت الدرجة في التقوى قوي الحصول في حكم الآية حتى أن المتقين على الإطلاق هم في حكم الآية قطعا على الله تعالى بحكم خبره الصادق.
وقرأ جمهور الناس: "فاكهين"، فرحين مسرورين، وقال أبو عبيدة: هو من باب "لابن وتامر" أي: لهم فاكهة، قال القاضي والمعنى الأول أبرع، وقرأ خالد فيما حكى أبو حاتم: "فاكهين"، والفكه والفاكه: المسرور المتنعم. وقوله تعالى: {بما آتاهم ربهم} أي: من إنعامه ورضاه عنهم، وقوله تعالى: {ووقاهم ربهم عذاب الجحيم}، هذا متمكن في متقي المعاصي الذي لا يدخل النار، ويكون في متقي الشرك الذي ينفذ عليه الوعيد بمعنى: ووقاهم ربهم عذاب الخلود في الجحيم، ويحتمل أن يكون "الجحيم" من طبقات جهنم ليست بمأوى للعصاة المؤمنين، بل هي مخصصة للكفرة، فهم وإن عذبوا في نار فليسوا في عذاب الجحيم. وقرأ الجمهور: "ووقاهم" بتخفيف القاف، وقرأ أبو حيوة بتشديدها على المبالغة، وذلك كله مشتق من الوقاية وهي الحائل بين الشيء وبين ما يضره). [المحرر الوجيز: 8/ 90]

تفسير قوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والمعنى: يقال لهم: {كلوا واشربوا هنيئا}، و"هنيئا" نصب على المصدر، وقوله تعالى: {بما كنتم تعملون} معناه أن رتب الجنة ونعيمها هي بحسب الأعمال، وأما نفس دخولها فهو برحمة الله تعالى وتغمده، والأكل والشرب والتهني ليس من الدخول في شيء، وأعمال العباد الصالحة لا توجب على الله تعالى التنعيم إيجابا، لكنه سبحانه قد جعلها أمارة على من سبق في علمه تنعيمه، وعلق الثواب والعقاب بالتكسب الذي في الأعمال). [المحرر الوجيز: 8/ 90-91]

تفسير قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "متكئين" نصب على الحال، على حد قوله تعالى: "فاكهين"، والعامل في هاتين الحالتين الفعل مقدر في قوله تعالى: "في جنات"، ويجوز غير هذا، وفي هذا نظر، وقرأ أبو السمال: "على سرر" بفتح الراء الأولى و"زوجناهم" معناه: جعلنا لكل فرد منهم زوجا، و"الحور" جمع حوراء، وهي البيضاء القوية بياض بياض العين وسواد سوادها، و"العين" جمع عيناء، وهي الكسيرة العينين مع جمالهما، وفي قراءة ابن مسعود، وإبراهيم النخعي: "وزوجناهم بعيس عين"، قال أبو الفتح: العيساء: البيضاء، وقرأ عكرمة: "وزوجناهم حورا عينا"، وحكى أبو عمرو عن عكرمة أنه قرأ: "بعيس عين" على إضافة "عيس" إلى "عين"). [المحرر الوجيز: 8/ 91]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين * وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون * يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم * ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون * وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون * قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين * فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم * إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم}
قرأ ابن كثير، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، وطلحة، والحسن، وقتادة، وأهل مكة: "واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم"، وقرأ نافع، وأبو جعفر، وابن مسعود -بخلاف عنه - وأبو عمرو - بخلاف عنه وشيبة، والجحدري، وعيسى: " واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم"، وروى خارجة عنه مثل قراءة حمزة، وقرأ ابن عامر، وابن عباس، وعكرمة، وابن جبير، والضحاك: "وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان أحلقنا بهم ذرياتهم" وقرأ أبو عمرو، والأعرج، وأبو رجاء، والشعبي، وابن جبير، والضحاك: "وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم"، فلكون "الذرية" جمعا في نفسه حسن الإفراد في هذه القراءات، ولكون المعنى يقتضي انتشارا أو كثرة حسن جمع الذرية في قراءة من قرأ: "ذرياتهم".
واختلف الناس في معنى الآية - قال ابن عباس، وابن جبير، والجمهور: أخبر الله تعالى أن المؤمنين اللذين تتبعهم ذريتهم في الإيمان فيكونون مؤمنين كآبائهم، وإن لم يكونوا في التقوى والأعمال كالآباء، فإنه يلحق الأبناء بمراتب أولئك الآباء كرامة للآباء، وقد ورد في هذا المعنى حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلوا الحديث تفسير الآية، وكذلك وردت أحاديث تقتضي أن الله تعالى يرحم الآباء رعيا للأبناء الصالحين، وذهب بعض الناس إلى إخراج هذا المعنى من هذه الآية، وذلك لا يترتب إلا بأن نجعل اسم "الذرية" بمثابة نوعهم على نحو ما في قوله تعالى: {أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون}، وفي هذا نظر، وقال ابن عباس أيضا، والضحاك: معنى هذه الآية أن الله تعالى يلحق الأبناء الصغار بأحكام الآباء المؤمنين في الموارثة والدفن في قبور الإسلام، وفي أحكام الآخرة في الجنة، وحكى أبو حاتم عن الحسن أنه قال: الآية في الكبار من الذرية وليس فيها من الصغار شيء، وقال منذر بن سعيد: هي في الصغار لا في الكبار، وحكى الطبري قولا معناه أن الضمير في قوله تعالى: "بهم" عائد على الذرية، والضمير الذي بعده في "ذرياتهم" عائد على "الذين"، أي: اتبعهم الكبار وألحقنا نحن بالكبار الصغار، وهذا قول مستكره.
وقوله تعالى: "بإيمان" هو في موضع الحال، فمن رأى أن الآية في الأبناء الصغار فالحال من الضمير في قوله تعالى: "اتبعتهم"، فهو من المفعولين، ومن رأى أن الآية في الأبناء الكبار فيحتمل أن يكون الحال من المفعولين، ويحتمل أن يكون من المتبعين الفاعلين، وأرجح الأقوال في هذه الآية القول الأول; لأن الآيات كلها في صفة إحسان الله تعالى إلى أهل الجنة، فذكر من جملة إحسانه أنه يرعى المحسن في المسيء، ولفظة "ألحقنا" تقتضي أن للملحق بعض التقصير في الأعمال.
وقرأ الجمهور من القراء: "ألتناهم" بفتح اللام، من "ألت" وقرأ ابن كثير، وأبو يحيى، وشبل: "ألتناهم" من "ألت" بكسر اللام، وقرأ الأعرج: "وما ألتناهم"على وزن أفعلناهم، وقرأ أبي بن كعب، وابن مسعود: "لتناهم" من "لات"، وهي قراءة ابن مصرف، ورواها القواس عن ابن كثير، وتحتمل قراءة من قرأ: "ألتناهم" بفتح اللام أن تكون من "ألات" فإنه يقال: ألات يليت إلاتة، ولات يليت ليتا، وآلت يؤلت إيلاتا، وألت يألت، وألت يألت ولتا، كلها بمعنى بعض.
ومعنى هذه الآية أن الله تعالى يلحق المقصر بالمحسن ولا ينقص المحسن من أجره شيئا، وهذا تأويل ابن عباس، وابن جبير والجمهور، ويحتمل قوله تعالى: {وما ألتناهم من عملهم من شيء} أن يريد: من عملهم الحسن والقبيح، ويكون الضمير في "عملهم" عائدا على الأبناء، وهذا تأويل ابن زيد، ويحسن هذا الاحتمال قوله تعالى: {كل امرئ بما كسب رهين}، والرهين: المرتهن، وفي هذه الألفاظ وعيد، وحكى أبو حاتم عن الأعمش أنه قرأ: "وما لتناهم" بغير ألف وبفتح اللام، قال أبو حاتم: لا تجوز هذه القراءة على وجه من الوجوه). [المحرر الوجيز: 8/ 91-93]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 5 ربيع الأول 1440هـ/13-11-2018م, 12:27 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 5 ربيع الأول 1440هـ/13-11-2018م, 12:31 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ المتّقين في جنّاتٍ ونعيمٍ (17) فاكهين بما آتاهم ربّهم ووقاهم ربّهم عذاب الجحيم (18) كلوا واشربوا هنيئًا بما كنتم تعملون (19) متّكئين على سررٍ مصفوفةٍ وزوّجناهم بحورٍ عينٍ (20) }
يخبر تعالى عن حال السّعداء فقال: {إنّ المتّقين في جنّاتٍ ونعيمٍ}، وذلك بضدّ ما أولئك فيه من العذاب والنّكال.
{فاكهين بما آتاهم ربّهم} أي: يتفكّهون بما آتاهم اللّه من النّعيم، من أصناف الملاذّ، من مآكل ومشارب وملابس ومساكن ومراكب وغير ذلك، {ووقاهم ربّهم عذاب الجحيم} أي: وقد نجّاهم من عذاب النّار، وتلك نعمةٌ مستقلّةٌ بذاتها على حدتها مع ما أضيف إليها من دخول الجنّة، الّتي فيها من السّرور ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ). [تفسير ابن كثير: 7/ 431]

تفسير قوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {كلوا واشربوا هنيئًا بما كنتم تعملون}، كقوله: {كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيّام الخالية} [الحاقّة: 24]. أي هذا بذاك، تفضّلًا منه وإحسانًا). [تفسير ابن كثير: 7/ 431]

تفسير قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {متّكئين على سررٍ مصفوفةٍ} قال الثّوريّ، عن حصينٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ: السّرر في الحجال.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو اليمان، حدّثنا صفوان بن عمرٍو؛ أنه سمع الهيثم بن مالكٍ الطّائيّ يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ الرّجل ليتّكئ المتّكأ مقدار أربعين سنةً ما يتحوّل عنه ولا يملّه، يأتيه ما اشتهت نفسه ولذّت عينه".
وحدّثنا أبي، حدّثنا هدبة بن خالدٍ، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابتٍ قال: بلغنا أنّ الرّجل ليتّكئ في الجنّة سبعين سنةً، عنده من أزواجه وخدمه وما أعطاه اللّه من الكرامة والنّعيم، فإذا حانت منه نظرةٌ فإذا أزواجٌ له لم يكن رآهنّ قبل ذلك، فيقلن: قد آن لك أن تجعل لنا منك نصيبًا.
ومعنى {مصفوفةٌ} أي: وجوه بعضهم إلى بعضٍ، كقوله: {على سررٍ متقابلين} [الصّافّات: 44]. {وزوّجناهم بحورٍ عينٍ} أي: وجعلناهم قريناتٍ صالحاتٍ، وزوجاتٍ حسانًا من الحور العين.
وقال مجاهدٌ: {وزوّجناهم}: أنكحناهم بحورٍ عينٍ، وقد تقدّم وصفهنّ في غير موضعٍ بما أغنى عن إعادته). [تفسير ابن كثير: 7/ 431-432]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّتهم وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ كلّ امرئٍ بما كسب رهينٌ (21) وأمددناهم بفاكهةٍ ولحمٍ ممّا يشتهون (22) يتنازعون فيها كأسًا لا لغوٌ فيها ولا تأثيمٌ (23) ويطوف عليهم غلمانٌ لهم كأنّهم لؤلؤٌ مكنونٌ (24) وأقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون (25) قالوا إنّا كنّا قبل في أهلنا مشفقين (26) فمنّ اللّه علينا ووقانا عذاب السّموم (27) إنّا كنّا من قبل ندعوه إنّه هو البرّ الرّحيم (28) }
يخبر تعالى عن فضله وكرمه، وامتنانه ولطفه بخلقه وإحسانه: أنّ المؤمنين إذا اتّبعتهم ذرّيّاتهم في الإيمان يلحقهم بآبائهم في المنزلة وإن لم يبلغوا عملهم، لتقرّ أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه، بأن يرفع النّاقص العمل، بكامل العمل، ولا ينقص ذلك من عمله ومنزلته، للتّساوي بينه وبين ذاك؛ ولهذا قال: {ألحقنا بهم ذرّيّتهم وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ}
قال الثّوريّ، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: إنّ اللّه ليرفع ذرّيّة المؤمن في درجته، وإن كانوا دونه في العمل، لتقرّ بهم عينه ثمّ قرأ: {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّتهم وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ}
رواه ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ من حديث سفيان الثّوريّ، به. وكذا رواه ابن جريرٍ من حديث شعبة عن عمرو بن مرّة به. ورواه البزّار، عن سهل بن بحرٍ، عن الحسن بن حمّادٍ الورّاق، عن قيس بن الرّبيع، عن عمرو بن مرّة، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ مرفوعًا، فذكره، ثم قال: وقد رواه الثوري، عن عمرو بن مرة، عن سعيدٍ عن ابن عبّاسٍ موقوفًا.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ البيروتيّ، أخبرني محمّد بن شعيبٍ أخبرني شيبان، أخبرني ليثٌ، عن حبيبٍ بن أبي ثابتٍ الأسديّ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه، عزّ وجلّ: {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّتهم} قال: هم ذرّيّة المؤمن، يموتون على الإيمان: فإن كانت منازل آبائهم، أرفع من منازلهم ألحقوا بآبائهم، ولم ينقصوا من أعمالهم الّتي عملوا شيئًا.
وقال الحافظ الطّبرانيّ: حدّثنا الحسين بن إسحاق التّستري، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن بن غزوان، حدّثنا شريكٌ، عن سالمٍ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ -أظنّه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم-قال: "إذا دخل الرّجل الجنّة سأل عن أبويه وزوجته وولده، فيقال: إنّهم لم يبلغوا درجتك. فيقول: يا ربّ، قد عملت لي ولهم. فيؤمر بإلحاقهم به، وقرأ ابن عبّاسٍ {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ} الآية.
وقال العوفي، عن ابن عبّاسٍ في هذه الآية: يقول: والّذين أدرك ذرّيّتهم الإيمان فعملوا بطاعتي، ألحقتهم بإيمانهم إلى الجنّة، وأولادهم الصّغار تلحق بهم.
وهذا راجعٌ إلى التّفسير الأوّل، فإنّ ذاك مفسّرٌ أصرح من هذا. وهكذا يقول الشّعبيّ، وسعيد بن جبيرٍ، وإبراهيم، وقتادة، وأبو صالحٍ، والرّبيع بن أنسٍ، والضّحّاك، وابن زيدٍ. وهو اختيار ابن جريرٍ. وقد قال عبد اللّه بن الإمام أحمد:
حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا حمد بن فضيل، عن محمّد بن عثمان، عن زاذان، عن عليٍّ قال: سألت خديجة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، عن ولدين ماتا لها في الجاهليّة، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "هما في النّار". فلمّا رأى الكراهة في وجهها قال: "لو رأيت مكانهما لأبغضتهما". قالت: يا رسول اللّه، فولدي منك. قال: " في الجنّة". قال: ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ المؤمنين وأولادهم في الجنّة، وإنّ المشركين وأولادهم في النّار". ثمّ قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّتهم} [الآية] .
هذا فضله تعالى على الأبناء ببركة عمل الآباء، وأمّا فضله على الآباء ببركة دعاء الأبناء، فقد قال الإمام أحمد:
حدّثنا يزيد، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عاصم بن أبي النّجود، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ اللّه ليرفع الدّرجة للعبد الصّالح في الجنّة فيقول: يا ربّ، أنّى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك".
إسناده صحيحٌ، ولم يخرّجوه من هذا الوجه، ولكن له شاهدٌ في صحيح مسلمٍ، عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلّا من ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له"
وقوله: {كلّ امرئٍ بما كسب رهينٌ} لـمّا أخبر عن مقام الفضل، وهو رفع درجة الذّرّيّة إلى منزلة الآباء من غير عملٍ يقتضي ذلك، أخبر عن مقام العدل، وهو أنّه لا يؤاخذ أحدًا بذنب أحدٍ، بل {كلّ امرئٍ بما كسب رهينٌ} أي: مرّتهنّ بعمله، لا يحمل عليه ذنب غيره من النّاس، سواءٌ كان أبا أو ابنًا، كما قال: {كلّ نفسٍ بما كسبت رهينةٌ إلا أصحاب اليمين في جنّاتٍ يتساءلون عن المجرمين} [المدّثّر: 38 -41]).[تفسير ابن كثير: 7/ 432-434]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:32 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة