العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > أحكام المصاحف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 07:23 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إتلاف المصحف | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا خلاف بين أهل العلم فى تحريم إتلاف المصاحف على وجه الاستخفاف , بل صرح بعضهم بكون ذلك بابا من أبواب الردة , أعاذنا الله من ذلك .
فإن كان الإتلاف لا على وجه الاستخفاف , فلا يخلو من أن يكون المصحف سليما صالحا للإنتفاع به , أو أن يكون معطلا باليا يتعذر الانتفاع به , أو أن يكون قد تنجس بما لا يأتى معه تطهيره , كالمكتوب بمداد نجس مثلا.
فإن كان المصحف طاهرا سليما يمكن الانتفاع به , فلا يجوز إتلافه , صرح بذلك غير واحد من اهل العلم , كابن عبد الهادى الحنبلى فى كتابه مغنى ذوى الأفهام , حيث قال : ( ولا يجوز دفن مصحف صحيح ولا غسله ).
والظاهر أن مرادهم فيما لم يكن إتلافه لغرض صحيح , وإن لم أجد تصريحا منهم بهذا القيد , لكن إتلاف الصحابة لما عدا المصحف الإمام , ثم إحراق مروان بعد ذلك للصحف التى عند حفصة رضى الله عنها , وكون ذلك فى محضر من الصحابة يدل على جواز إتلاف المصاحف متى اقتضى إتلافها غرض صحيح تنتفى معه احتمالات العبث والاستخفاف .
وسيأتى لذلك تفصيل فى غير موضع من هذا البحث إن شاء الله تعالى . {37}
وقد يتعين إتلاف المصاحف متى طرأ عليها خلل يتعلق بطهارتها , كما لو تنجست بما يتعذر معه تطهيرها . لأن بقاء النجاسة على المصحف فيه إزدراء به , وعدم القيام باحترامه , فاقتضت رعاية ذلك وجوب احترامه .
وفصل بعض الفقهاء بين ما كان من أمهات المصاحف وبين ما لم يكن كذلك فقال بمنع إتلاف الأول دون الثانى . فقد ذكر الونشريسى المالكى أن الشيخ أبا إسحاق الشاطبى سئل عن كتاب أو مصحف تحل فيه نجاسة؟
فأجاب : إن كانت نسخة المصحف أو الكتاب من الأمهات المعتبرة التى يرجع إليها أو يعتمد فى صحة غيرها عليها , أو لا يكون ثم نسخة من الكتاب سوى ما وقعت فيه النجاسة , فالحكم أن يزال من جرم النجاسة ما استطيع عليه , ولا إثم للأثر , فإن الصحابة رضوان الله عليهم تركوا مصحف عثمان رضى الله عنه وعليه الدم . ولم يمحوه بالماء ولا أتلفوا موضع الدم لكونه عمدة الإسلام .{38}
وأما إن لم يكن الكتاب أو المصحف كذلك ينبغى أن يغسل الموضع , ويجبر إن كان مما يجبر , أو يستغنى عنه بغيره , والله أعلم . فهذا ما ظهر من الجواب .
وحكى الونشريسى أيضا عن بعض فقهاء المالكية فى المصحف إذا تنجس أنه ينتفع به كذلك , كما أجيز لبس الثوب المتنجس فى غير الصلاة , وذكر الله طاهر لا يدركه شئ من الواقعات . بيد أن المشهور عند فقهاء المالكية موافق لما عليه جمهور الفقهاء من وجوب إتلاف المصحف إذا تنجس وتعذر تطهيره
وسيأتى بيان ذلك فى مسألة تطهير المصحف إذا تنجس , واختلاف أهل العلم فيما إذا ترتب على تطهيره تلف ماليته , وبخاصة إتلاف ما كان منه لمحجور أو كان وقفا . والفرق بين ما أصابت النجاسة كتابته , وبين ما لوكانت نجاسته على الحواشى أو الجلد .
وقد نص بعض أهل العلم على وجوب إتلاف ما ترجحت مفسدة بقاءه , كالذى كثر لحنه كثرة يتعذر معها إصلاحه , أو كان فيه من السقط ما لا يمكن تداركه , مما ترتب عليه إضلال الجهال وإيهام معانى غير مرادة , قياسا على إتلاف ما خالف الرسم العثمانى بالأولى .
كما لا يختلف أهل العلم فى وجوب إتلاف ما بلى من المصاحف واندرس {39}
وتعطل الانتفاع به , صيانته للمصاحف , وحسما لمادة امتهانها .
قال بعض أهل العلم : إذا احتيج إلى تعطيل بعض أوراق المصحف لبلاء ونحوه فلا يجوز وضعها فى شق أو غيره , لأنه قد يسقط , ويوطأ . ولا يجوز تمزيقها لما فيه من تقطيع الحروف وتفرقة الكلم , وفى ذلك إزراء بالمكتوب . {40}

الخلاصة
وخلاصة القول أن أهل العلم قد جوزوا إتلاف المصاحف إذا تحقق فيها واحد من جملة أسباب :
1: إذا كانت عتيقة بالية قد تعطل نفعها .
2: إذا تنجست بما يتعذر معه تطهيرها
3: إذا دخلها خلل يخاف معه على الجهال من الضلال , إما لكثرة السقط فيها , أو كثرة اللحن , أو دس فيها ما ليس منها , أو كان رسمها مخالفا لرسم المصحف الإمام .
كيفية الإتلاف :
ثم إن أهل العلم حين اتفقوا على مشروعية إتلاف المصاحف متى قام فيها سبب الإتلاف قد اختلفوا فيما يتم هذا الإتلاف , وهل يكون ذلك بتحريقها , أو بغسلها وتغريقها , أو بدفنها , أو بتمزيقها , على أن تراعى الطهارة فى ذلك كله أعنى فى مواد التحريق والتغريق ومكان الدفن . صيانة لكتاب الله وآثاره وإكراما له واحترازا عن امتهانه .
وقد ذهب إلى القول بجواز التحريق جمهور أهل العلم , {41}
ومنعه آخرون . ثم إن أهل العلم لم يختلفوا فى جواز كل من الغسل والدفن {43}
وإن اختلفوا فى حكم التشقيق والتمزيق , إذ صرح بعضهم بمنعه لما فيه من تقطيع الحروف وسكت عنه الأكثرون , بل إن بعض الآثار قد وردت بما يشهد للجواز . وقد تحمل على أن ذلك تشقيق تلاه تحريق جمعا بين الروايات , إذ قد ثبت فى الصحيح أن الصحابة قد أحترقت ما خالف المصحف الإمام إحراقا , وأن مروان قد أحرق الصحف التى كانت عند حفصة أم المؤمنين رضى الله عنها , وأن ذلك كان بمحضر من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين .
وعلى القول بمنع حرق المصاحف إذا بليت , وهو قول مرجوح كما مر , فلابد {44}
حينئذ من بديل تتحقق معه صيانة المصحف عن الامتهان . فالمنقول عن السلف أنه يدفن . فقد أخرج أبو عبيد فى فضائل القرآن بسنده عن إبراهيم النخعى قال : ( كانوا يأمرون بورق المصحف , إذا بلى أن يدفن .
وأخرج ابن أبى داود فى المصاحف بسنده عن طلحة بن مصرف : ( أن عثمان رضى الله عنه دفن المصاحف بين القبر والمنبر ).
ثم إن أهل العلم قد اختلفوا بعد ذلك فى كون هذا الدفن يصار إليه رأسا , أم أن الأولى أن يكون بعد الغسل والمحو , كما نص بعضهم على أن هيئة الدفن {45}
تكون شبيهة بدفن الآدمى , فليحد للمصحف لحدا , أو يسقف عليه سقفا , ولا يعال عليه التراب مباشرة , وذلك بعد أن يوضع فى خرقة طاهرة , مبالغة فى إكرام المصحف وصيانته , ولئلا يباشره التراب , ولكى لا يكون عرضة للوطء , كما صرح بعضهم بأن يكون مكان الدفن مكانا طاهرا شريفا كالمسجد مثلا . وقد ذكر البخارى رحمة الله أن الصحابة حرقت المصاحف بالحاء المهملة . فى حين تضمن نقل أبى عبيد عن إبراهيم وابن أبى داود عن طلحة بن مصرف : ( أنهم دفنوها , وأمروا بدفنها ).
الجمع بين روايتى الإحراق والدفن :
فيجمع بين الروايتين بأن يقال : حرقوها أولا , ثم دفنوا ما تخلف عن التحريق . لأن رواية الإحراق قد ثبتت فى الصحيح , فيتعين الأخذ بها , وتقديمها على رواية الدفن . لو قدر التعارض مع أنه لا تعارض فى واقع الأمر إذ الجمع ممكن , فيتعين المصير إليه . قال الحافظ فى الفتح بعد أن ذكر الروايات المتعارضة فى مسألة إتلاف مروان للصحف التى كانت عند حفصة رضى الله عنها : ( ويجمع بأنه صنع بالصحف جميع ذلك من تشقيق ثم غسل ثم تحريق , ويحتمل أن يكون بالخاء أن يكون بالخاء المعجمة فيكون مزقها , ثم غسلها .. والله أعلم ) .
وسيأتى نص الحافظ بتمامه فى مسألة تمزيق المصحف) . {46}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 07:36 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إثبات البسملة فى المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م):( أجمع أهل العلم من السلف والخلف , على تواتر ثبوت البسملة فى المصحف فى أوائل السور عدا براءة , فإن كتابة البسملة فى أولها محظورة على اختلاف بين أهل العلم فى كون هذا الحظر على سبيل الكراهة أو على سبيل التحريم , وماهية الباعث على ذلك الحظر.{47}
كما فرق بعض أهل العلم بين ترك كتابة البسملة فى أول براءة فى المصاحف , وبين كتابتها فى الألواح , فمنعها فى الأول , وأجازها فى الثانى , وفرق أيضا بين {50}
كتابة البسملة فى أثناء السورة فى المصاحف , وبين كتابتها فى الألواح حذرا من أن يزاد فى المصحف ما ليس منه .
كما اختلف أهل العلم فى دلالة كتابة البسملة فى المصحف بخطه وبقلم الوحى , وكون ذلك حجة فى قرآنية البسملة , أو عدم قرآنيتها , فقد ذهب الجمهور ومنهم أبو حنيفه {51} والشافعية {52} والحنابلة إلى القول بقرآنية البسملة استنادا إلى الإجماع على تواتر ثبوتها فى {54}
المصحف فى أوائل السور بقلم الوحى فى غير براءة .
ولقول عائشة رضى عنها : ( ما بين دفتى المصحف كلام الله )
وذهبت طائفة من أهل العلم إلى القول بعدم قرآنية البسملة فى أول كل سورة , وأن الإجماع على إثباته فى المصحف إنما يستند إلى شهرة استنان الافتتاح بها فى الشرع . والقول بعدم قرآنية البسملة فى أوائل السور هو مذهب مالك ورواية عن أحمد وإن استبعد ابن رجب {56}
ثبوتها عنه . كما حكى القول بعدم قرآنية البسملة فى غير النمل عن الحسن البصرى و الأوزاعى , ونصره ابن الطيب الباقلانى, وهو قول لبعض الحنفية ضعفه محققوهم , ثم إن القائلين بقرآنية البسملة قد استدلوا على ما ذهبوا إليه بجملة من الآثار , كالمروى عن ابن عباس رضى الله عنهما : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه " بسم الله الرحمن الرحيم " , وحديث أنس {57}
رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنزلت على آنفا سورة " فقرأ:" بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ *ِإنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ""
حتى ختمها .. الحديث , ولقول عائشة رضى الله عنها : ( ما بين دفتى المصحف كلام الله ) . واستدلوا بالنظر أيضا فقالوا : إن الصحابة أجمعوا على إثباته فى المصحف بخطه فى أوائل السور , سوى براءة دون الأعشار وتراجم السور والتعوذ , فلو لم تكن قرآنا لما أجازوا ذلك لكونه يحمل على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآنا .
قالوا : لا يقال لو كانت قرآنا لكفر جاحدها , لأنا نقول ولو لم تكن قرآنا لكفر مثبتها , وأيضا فالتكفير لا يكون بالظنيات , وثبوت البسملة ظنى لا يقينى , ولا تكفير بظن ثبوتا ولا نفيا , بل ولا بيقينى لم يصحبه تواتر وإن أجمع عليه , كإنكار أن لبنت الابن السدس مع بنت الصلب . ثم إن القائلين بقرآنية البسملة , وهم الجمهور على ما مر , قد اختلفوا فى كونها آية من كل سورة , أم أنها آية من الفاتحة فحسب , أم أنها آية مستقلة , نزلت للفصل بين السور وللتبرك فى أول الفاتحة , وهذا الأخير هو الذى عليه الأكثر . وقد مضى ذلك مبينا فى غير موضع من الحواشى السابقة .. والله أعلم بالصواب ).{58}


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 07:55 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

الإجارة على التعليم من المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح غير واحد من أهل العلم بصحة الإجارة على التعليم من المصحف , وذلك بتعليم القراءة منه , من غير حفظ كُلاً أو بعضا . قالوا : ولا يكفى أن يفتحا المصحف ويعينا قدرا منه لاختلاف المشار إليه صعوبة وسهولة , وفارق الاكتفاء بمشاهدة الكفيل فى البيع , لأنه توثقة للعقد لا معقود عليه . ويسهل السؤال عنه فخف أمره . قالوا : وكذا يتصور بأن يعلم من المصحف دون الحفظ , ولا يلزم من العلم من المصحف معرفة السورة التى يريد العقد عليها .
وقد بسط ابن حزم فى المحلى الكلام على هذه المسألة, ومسألة كتب المصاحف بأجرة , ونصر القول فيهما , واحتج له ورد أدلة المانعين بما يطول شرحه , فليراجع كلام ابن حزم فى المحلى فى هذا المعنى ..){63}


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 08:26 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إخفاء المصحف حذرا من الرياء | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (عقد أبو عبيد فى فضائل القرآن بابا فى كتمان قراءة القرآن , وما يكره من ذلك وستره ونشره , وذكر فيه جملة آثار , ثم قال : (حدثنا الأشجعى عن سفيان بن سعيد عن سرية الربيع ابن خثيم قالت : كان عمل الربيع سرا كله , حتى إن الرجل ليدخل عليه وهو يقرأ فى المصحف فيغطيه ). ورورى أبو عبيد أيضا قال : ( حدثنا وكيع الأعمش عن إبراهيم أنه كان يقرأ فى المصحف , فاستأذن عليه إنسان , فغطاه , وقال : لا يرى هذا , أنى أقرأ المصحف كل ساعة ).
والظاهر أن هذا النوع من الكتمان يحسن العدول عنه حين يتفشى هجر المصحف , وينشغل الناس عن غيره , ويكون إعلان وإظهار كثرة النظر فى المصحف وطول ملازمته حافزا " لهاجريه " على معاودة النظر فيه , وكثرة تعهده . وقد عقد البيهقى فى مناقب الشاعى بابا [ما يستدل على حفظ الشافعى لكتاب الله]. قال : ( دخل بعض فقهاء مصر على الشافعى رحمه الله تعالى المسجد وبين يديه المصحف , فقال : شغلكم الفقه عن القرآن , وإنى لأصلى العتمة وأضع المصحف فى يدى فما أطبقه حتى الصبح ) . وذكره الغزالى فى الإحياء . {87}


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 08:33 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إدخال المصحف في أماكن التخلي ونحوها .. | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا خلاف بين أهل العلم فى حظر إدخال المصحف فى أماكن التخلى لغير ضرورة , لكون الدخول بها مع انتفاء الضرورة ضربا من الأمتهان للمصاحف , وإخلالا بما يجب لها من التعظيم , ولما روى من نزعه عليه السلام خاتمه عند دخوله الخلاء , صيانة لما عليه من الذكر . بيد أن تعبير أهل العلم عن هذا الخطر قد {88}
اختلف , فمنهم من عبر عنه بالتحريم حتى قال بعض المحققين منهم , بأنه لا يتوقف عن القول بالتحريم عاقل , وهو محمول على حال انتفاء الضرورة أو الحاجة , ويأتى فى كلام المرداوى قريبا , ومنهم من عبر بالكراهة , ومراده الكراهة التحريمية بناء على أصله فى كل ما كان المانع فيه ظنيا , وهو صنيع فقهاء الحنفية . ومنهم من عبر عنه بالكراهة , وأطلق كالشافعية , ولم يظهر لى وجه إطلاقه هذا , بل إن منهم من لم يقل بحظر إدخال المصحف إلى الخلاء لذات الإدخال , وإنما بنى القول بالحظر على كونه حملا للمصحف حال الحدث , وهو ظاهر كلام الشمس الرملى فى فتاويه .
فعلى قول الجمهور يحرم الدخول بالمصحف إلى الخلاء , وأماكن قضاء الحاجة , سواء كان ذلك فى البنيان أو خارجها , لاعتبار ذلك منافيا لما يجب من {89}
التعظيم للمصحف , ويعد استخفاف به ما لم تدع إلى ذلك ضرورة , كخوف ضياع , أو وقوع بيد من ينتهكه من كافر , أو مجنون , أو ما فى حكمه , كطفل وبهيمة , أو خوف عرق , أو حرق مثلا . قالوا : فإذا وجب نزع خاتم عليه مكتوب ذكر , وتعينت تنحيته عن دخول الخلاء صيانة لذكر الله عزوجل عن الامتهان , فلأن يجب ذلك فى حق المصحف من طريق الأولى .
وقد ذهب إلى القول بتحريم إدخال المصاحف إلى أماكن التخلى ما لم تدع إلى ذلك ضرورة جمهور أهل العلم , كما سلف , وهو مقتضى كلام فقهاء الحنفية , وبه صرح فقهاء المالكية , ومال إليه الأذرعى والرملى من {90 }
الشافعية , وهو الذى صرح به أصحابنا الحنابلة , حتى قال المرداوى وهو من محققيهم : ( قلت : أما دخول الخلاء بمصحف من غير حاجة فلا شك فى تحريمه قطعا ولايتوقف فى هذا عاقل ).
بل صرح بعض الفقهاء بتحريم إدخال المصحف إلى الخلاء , وما فى حكمه : يستوى فيه حال قاصد قضاء الحاجة , وحال من دخله لغرض آخر كأخذ شئ منه مثلا , بل ألحق بعضهم بالحكم المذكور حكم كل مكان دنئ كحمام , وفندق , وملهى , وبيت ظالم , وزريبة حيوان , واسطبل مثلا , إذ يعد إدخال المصحف فى هذه وأمثالها ضربا من الامتهان للمصحف .
وفرق بعض الفقهاء بين المصحف الكامل وبين ما كتب منه فى نحو صحيفة , وكالمكتوب على الدراهم , والتعاويذ , فمنعه فريق قياسا على المصحف , ورخص فيه آخرون لعموم البلوى , ومشقة التحرز , ولوجود هذه الأشياء مع معظم الناس فى غالب أوقاتهم وحاجتهم الماسة إلى حملها فى أكثر أحيانهم . وفرقت طائفة ثالثة بين ما {91}
كان منها بساتر كالجيب مثلا , وبين ما كان مكشوفا , فأجازته فى الأولى ومنعته فى الثانية , على أن الجميع قد اتفقوا فى استحباب تنحيتها عند الدخول إلى المواطن المذكورة , إجلالا لذكر الله وإيفاء ومراعاة لما يستحقه من التعظيم والتكريم . والله أعلم بالصواب ){92}


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 08:47 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إدخال المصحف فى القبر | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح غير واحد من أهل العلم بتحريم إدخال المصحف فى القبر , لكون ذلك بدعة فى الدين , إذ لم ينقل عن السلف أنهم فعلوه , هذا والقبر جديد لم يدفن فيه أحد , أما إن دفن المصحف مع الميت فى القبر , فوجه الحرمة فيه أظهر لما فى هذا الصنيع من تعريض المصحف للتلوث بصديد الميت إذا انفجر , حتى أفتى بعض أهل العلم بوجوب نبش القبر إذا دفن فيه مصحف , لا سيما إذا طمع بالانتفاع بالمصحف , بأن يخرج سليما , وأم من كشف عورة الميت . وأفتى بعضهم أيضا بعدم إنفاذ وصية من أوصى بدفن المصحف معه , أو شئ من كتبه , لأن تنفيذ الوصية والحالة هذه يؤول إلى امتهان القرآن وذكر الله وتلويثهما . وهذا أمر محرم , فإذا أضيف إليه جانب الابتداع فى ذلك كان التحريم من وجهين , وسيأتى فى مسألة وضع المصحف على بطن الميت , والوصية بدفنه مع الميت , ووضعه بين أكفانه , طائفة من النقول عن أهل العلم , والنصوص عن أهل التحقيق فى المنع من ذلك وتحريمه إذا غلب على الظن تعرض المصحف معه للتلويث) . {93}


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 08:50 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إدخال المصحف فى المقبرة | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سألت أبى عن الرجل يحمل معه المصحف إلى القبر يقرأ عليه ؟ . قال هذه بدعة . قلت لأبى : وإن كان يحفظ القرآن , يقرأ؟. قال : لا . وقد ذكر هذه الرواية صاحب الفروع بلفظ : سأله عبد الله يحمل مصحفا إلى القبر فيقرأ عليه ؟ . قال : بدعة .
قال أبو العباس بن تيمية : ( وأما جعل المصحف عند القبور لمن يقصد قراءة القرآن هناك وتلاوته فبدعة منكرة لم يفعله أحد من السلف , بل هى تدخل فى معنى اتخاذ المساجد على القبور , ولا نزاع بين السلف والأئمة فى النهى عن اتخاذ القبور مساجد ). {94}


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 12 ( الأعضاء 0 والزوار 12)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة