العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم اللغة > جمهرة معاني الحرف وأسماء الأفعال والضمائر والظروف > جمهرة معاني الحروف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #2  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 05:04 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي



"ليس"
قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجَّاجيُّ (ت: 340هـ): ( "ليس"نفي للحال والاستقبال). [حروف المعاني والصفات: 8]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 05:06 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي



باب: مواضع
"ليس"
قال أبو الحسن علي بن محمد الهروي النحوي (ت: 415هـ): (باب: مواضع
"ليس"
اعلم أن لها أربعة مواضع:
تكون استثناء: فتنصب المستثنى بعدها بخبرها، وتضمر الاسم كقولك: «قام القوم
"ليس" زيدًا»، تريد: "ليس" أحدهم زيدًا.
وتكون فعلًا: بمنزلة
"كان" ترفع الاسم وتنصب الخبر، كقولك: «"ليس" زيدٌ قائمًا».
وتكون حرفًا: بمعنى
"ما" ويبطل عملها إذا دخل "إلا" على الخبر، كقولك: «"ليس" زيدٌ "إلا" قائمٌ» كما تقول: «"ما" زيدٌ "إلا" قائمٌ».
وحكي عنهم: «
"ليس" الطيب "إلا" المسك» بالرفع على معنى "ما" الطيب "إلا" المسك.
وحكي عنهم: «
"ليس" خلق الله مثله»، ومعناه: "ما" خلق الله مثله، لأن "ليس" لابد لها من اسم و«خلق» فعل، ولا يكون اسم "ليس"، وقد يجوز أن تضمر لـ "ليس" ها هنا اسمًا بمعنى «الأمر» كأنك قلت: "ليس" الأمر خلق الله مثله.
كما تقول: «كان يقوم زيدٌ»، تريد: كان الأمر يقوم زيدٌ، لأن الفعل لا يلي الفعل.
وتكون نسقًا: على مذهب الكوفيين بمنزلة
"لا" تقول: «جاءني زيدٌ "ليس" عمرو» تريد: "لا" عمرو، و«اضرب زيدًا "ليس" عمرًا»، قال لبيد:
وإذا جوزيت قرضًا فاجزه .... إنما يجزي الفتى ليس الجمل
يريد: لا الجمل هكذا رواه الكوفيون، ورواه البصريون:
إنما يجزى الفتى غير الجمل
وقال بعضهم معناه: "ليس" الجمل يجزي، فحذف الفعل، وقال جرير:
ترى أثرًا بركبتها مضيئًا ..... من التبراك ليس من الصلاة
يريد: "لا" من الصلاة).[الأزهية: 195 - 196]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 05:07 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "ليس"
اعلم أن "ليس" ليست محضة في الحرفية ولا محضة في الفعلية، ولذلك وقع الخلافُ فيها بين سيبويه وأبي علي الفارسي فزعم سيبويه أنها فعل، وزعم أبو علي أنها حرف.
والموجب للخلاف بينهما فيها النظرُ إلى حدها، فتكونُ حرفًا إذ هي لفظٌ يدل على معنى في غيره لا غير، كـ «"من" و"إلى" و"لا" و"ما"» وشبهها، أو النظر إلى اتصالها "بتاء" التأنيث والضمير المرفوع والاستتار والرفع والنصب، فتقول:
"ليست" هندُ قائمة، والزيدون "ليسوا" قائمين، وزيدٌ "ليس" قائمًا، كما تقول: كانت هند قائمة، والزيدون "ليسوا" قائمين، وكان زيدٌ قائمًا، وهذه خواص الأفعال لا الحروف، فتكون فعلًا، وكل واحدٍ منهما إذا وقف على نظر الآخر تحصلت الموافقة بينهما، وانتفى الخلاف بينهما، إذ لا تصح المنازعة فيه، فالخلاف إذًا إنما هو من حيث الإطلاق لاختلاف النظرين: هل في الأصل أو هل في المعاملة؟
فالذي ينبغي أن يُقال فيها إذا وُجدت بغير خاصةٍ من خواص الأفعال، وذلك إذا دخلت على الجمل الفعلية: إنها حرفٌ لا غير، كـ
"ما" النافية كقول الشاعر:
تُهدي كتائب خُضرا ليس يعصمها ..... إلا ابتدارٌ إلى موتٍ بإلجام
فهذا لا منازعة في الحرفية في "ليس" فيه، إذ لا خاصية من خواص الأفعال فيها.
وإذا وجدت بشيءٍ من خواص الأفعال التي ذكرناها قبل قيل: إنها فعلٌ لوجود خواص الأفعال فيها، وهذا أيضًا لا تنازع فيه، ألا ترى أن أبا علي قد ذكر في كتاب «الإيضاح» وغيره أن
"ما" النافية إنما عملت بشبهها "لليس"، فجعل "ليس" أصلًا في العمل و"ما" فرعًا، وليس ذلك إلا لتغليبه عليها حكم الفعلية وتسميتها فعلًا، ولو كانت حرفًا عنده لم تكن أصلًا في العمل حتى يُشبه بها "ما"، بل كانا يكونان أصلين في ذلك فاعلمه.
فإن قيل: هلا جعلت
"ليس" في البيت [المذكور] فعلًا على حكمها إذا دخلت على المبتدأ أو الخبر، فرفعت ونصبت، فتكون شأنية، يُضمر فيها اسمها أمرًا أو شأنًا كما قال الآخر:
.... .... .... .... ..... وليس منها شفاء الداء مبذول
كأنه قال: "ليس" الأمر يعصمها، فتكون الجملة خبرًا مفسرةً لذلك الضمير، كما فسرته في قوله: شفاءُ الداء مبذولُ.
فالجواب: أن هذا لا يصح من قبل أن الجملة إذا كانت مفسرة لذلك الضمير فلابد أن تكون موافقةً له في إيجابه أو نفيه، هو في البيت منفي، فينبغي أن تكون الجملة منفية بحسبه، ولما دخلت
"إلا" في الجملة المفسرة كانت تناقض الضمير لأنه لا يُقال: يقوم "إلا" زيدٌ، حتى يتقدم النفي الفعل، ولذلك منع المحققون من النحويين أن يكون «هُو» في قوله تعالى: {وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ} ضمير شأنٍ لأن "الباء" دخلت في الجملة المفسرة دون نفي تسلط عليها، إذ النفي إنما تسلط على الشأن، فلا وجه لدخول "الباء" في خبر المبتدأ، لأن المعنى والتقدير كان يكون: وما الشأن تعميره بمزحزحه من العذاب، فلا فرق بين "الباء" وإلا في هذه المسألة، فلا مدخل للشأن في البيت وإنما "ليس" لمجرد النفي خاصة كـ "ما" و"لا".
وعلى ذلك ينبغي أن يحمل قولهم: «
"ليس" الطيب "إلا" المسك» أي: "ما" الطيبُ "إلا" المسك، للعلة المذكورة بخلاف: «"ليس" خلق الله مثله» فإن الشأن يصح إضماره هنا، ولا مانع منه، فافهم هذه المسألة فإن فيها تدقيق نظر، وقد أشار إليها سيبويه في باب "ما"، وبالله التوفيق). [رصف المباني:300 - 303]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 05:44 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي



"ليس"

قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (وزاد الكوفيّون في حروفه
"ليس" كقوله:
لهفي عليك للهفةٍ من خائفٍ
يبغي جوارك حين ليس مجير).
[التحفة الوفية: ؟؟]

الصنف الثاني: الذي يرفع المبتدأ، وينصب الخبر
قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (الصنف الثاني: الذي يرفع المبتدأ، وينصب الخبر، وهو:
"ما"، و"لا"، و"لات"، و"إن"، و"ليس" عند من يقول بحرفيتها). [التحفة الوفية: ؟؟]

حروف النفي
قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (ومنها النفي:
وحروفه: "ما"، و"لا"، و"لات"، و"إن"، و"لم"، و"لمّا"، و"لن"، و"ليس" على أنّها حرف). [التحفة الوفية: ؟؟]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 05:45 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("ليس"
فعل لا يتصرف. هذا مذهب الجمهور. ودليل فعليتها اتصال الضمائر المرفوعة البارزة بها، واتصال "تاء" التأنيث. ووزنها فعل بكسر "العين"، فخفت، ولزم التخفيف. ولا يجوز أن تكون فعل بالفتح، لأنه لا يخفف، فكان يقال: "لاس". ولا فعل بالضم، إذ لو كان كذلك لزم ضم "لامها"، مع ضمير المتكلم والمخاطب. وكان قياسها كسر "اللام" في نحو: "لست". وقد حكاه الفراء عن بعضهم والأكثر الفتح وسبب ذلك عدم تصرفها.
وقد سمع فيها "لست" بضم "اللام"، وهو يدل على بنائها على فعل بضم "العين" ك هيؤ زيد، بمعنى: حسنت هيئته، فيكون في أصلها لغتان: فعل، وفعل.
وذهب ابن السراج، والفارسي في أحد قوليه، وجماعة من أصحابه، وابن شقير، إلى أنها حرف. ولهذا ذكرتها في هذا الموضع. وقال صاحب رصف المباني: "ليس" ليست محضة في الفعلية، ولا محضة في الحرفية، ولذلك وقع الخلاف بين سيبويه والفارسي. فزعم سيبويه أنها فعل، وزعم أبو علي أنها حرف، ثم قال: والذي ينبغي أن يقال فيها، إذا وجدت بغير خاصية من خواص الأفعال، وذلك إذا دخلت على الجملة الفعلية، أنها حرف لا غير، ما" النافية. كقول الشاعر:
تهدي كتائب خضراً، ليس يعصمها ... إلا ابتدار، إلى موت، بأسياف
انتهى.
واعلم أن ليس لها أربعة أقسام:
الأول: أن تكون من أخوات "كأن". فترفع الاسم، وتنصب الخبر. وأمرها واضح.
الثاني: أن تكون من أدوات الاستثناء. ويجب نصب المستثنى بها، نحو: قام القوم "ليس" زيداً. وهذه في الحقيقة هي الرافعة للاسم، الناصبة للخبر. ولذلك وجب نصب المستثنى بها، لأنه خبرها. واسمها ضمير، عائد على البعض، المفهوم من الكلام السابق، عند البصريين. وقال الكوفيون: اسمها ضمير عائد على الفعل المفهوم من الكلام السابق. والتقدير: "ليس" هو، أي: "ليس" فعلهم فعل زيد. فحذف المضاف ورد بوجهين:
أحدهما: أن فيه دعوى حذف مضاف، لم يلفظ به قط.
والاخر: انه لا يصح تقديره في كل موضع، نحو: القوم أخوتك "ليس" زيداً.
الثالث: أن تكون مهملة، لا عمل لها. وذلك في نحو: "ليس" الطيب إلا المسك. والوجه الثالث أن يكون الطيب اسم "ليس" و"إلا" المسك، عند بني تميم. فإن "إلا" عندهم تبطل عمل"ليس"، كما تبطل عمل "ما" الحجازية. حكى ذلك عنهم أبو عمرو ابن العلاء. وله في ذلك، مع عيسى بن عمر، حكاية مشهورة. وقال بعضهم: ولا يكون ذلك إلا على اعتقاد حرفيتها، ولا ضمير في "ليس".
وتأول أبو علي قولهم "ليس" الطبيب "إلا" المسك، وزعم أنه يحتمل وجوهاً:
أحدها: أن يكون في "ليس" ضمير الشأن، والطيب مبتدأ، والمسك خبره. ورد بأنه لو كان كذلك لدخلت "إلا" على الجملة. فكان يقال: "ليس" "إلا" الطيب المسك. كما قال الشاعر:
ألا ليس إلا ما قضى الله كائن ... ولا يستطيع المرء نفعاً، ولا ضراً
وقد أجاب أبو علي، عن هذا، بأن "إلا" دخلت في غير موضعها، ونظير ذلك قوله تعالى: {إن نظن إلا ظناً}، وقول
الشاعر:
وما اغتره الشيب، إلا اغترارا
وأجيب بأن الآية والبيت محمولان على حذف الصفة، لفهم المغنى.
قال أبو علي:
والوجه الثاني: أن يكون الطيب اسم "ليس"، والخبر محذوف، و"إلا" المسك بدل منه. كأنه قيل: "ليس" الطيب في الوجود "إلا" المسك نعت له، والخبر محذوف. كأنه قال: "ليس" الطيب، الذي هو غير المسك، طيباً في الوجود.
ولأبي نزار، الملقب ملك النحاة، تخرج غريب. وهو أن الطيب اسم "ليس"، والمسك مبتدأ، وخبره محذوف، تقديره: "إلا" المسك أفخره والجملة في موضع خبر "ليس".
والذي يبطل هذه التأويلات نقل أبي عمرو أن ذلك لغة بني تميم.
الرابع: أن تكون حرفاً عاطفاً، على مذهب الكوفيين. ومن حجتهم قول الشاعر:
أين المفر، والإله الطالب ... والأشرم المغلوب، ليس الغالب
ولم يثبت كونها عاطفة، عند البصريين. ويوجه هذا البيت، على مذهب البصريين، بأن يجعل الغالب اسم "ليس"، ويجعل خبرها ضميراً متصلاً عائداً على الأشرم، ثم حذف لاتصاله. كما تقول: الصديق "كأنه" زيد، ثم تحذف "الهاء" تخفيفاً. وممن نقل أنها تكون حرفاً عاطفاً، عند الكوفيين، ابن بابشاذ، والنحاس، وابن مالك. وحكاه ابن عصفور، عن البغداديين.
قيل: وفي الحقيقة ليست عندهم حرف عطف، لأنهم أضمروا الخبر في قولهم: قام زيد "ليس" عمرو. وفي النصب والجر جعلوا الاسم ضمير المجهول، وأضمروا الفعل بعدها. وذلك الفعل المضمر في موضع خبر "ليس". هذا تحرير مذهبهم، وهو المفهوم من كلام هشام، وابن كيسان. وهما أعرف بتقرير مذهب الكوفيين.

مسألة
مذهب أكثر النحويين أن "ليس" و"ما" الحجازية مخصوصان بنفي الحال. قال ابن مالك: والصحيح أنهما ينفيان الحال، والماضي، والمستقبل. وقد حكى سيبويه: "ليس" خلق الله مثله. ومن نفيها المستقبل قول حسان:
فما مثله فيهم، ولا كان قبله ... وليس يكون، الدهر، ما دام يذبل
وينبغي أن يحمل كلام الأكثرين على "ما" إذا لم تقترن به قرينة تخصه بأحد الأزمنة، فيحمل إذ ذاك على الحال، كما يحمل عليه الإيجاب. وقد أشار إلى ذلك الشلوبين. والله أعلم).[الجنى الداني:493 - 499]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 05:47 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): ("ليس"
"ليس": كلمة دالّة على نفي الحال، وتنفي غيره بالقرينة، نحو: "ليس" خلق الله مثله.
وقول الأعشى:
له نافلات ما يغب نوالها ... وليس عطاء اليوم مانعه غدا
وهي فعل لا يتصرّف وزنه فعل بالكسر، ثمّ التزم تخفيفه، ولم نقدره فعل بالفتح؛ لأنّه لا يخفف، ولا فعل بالضّمّ؛ لأنّه لم يوجد في "يائي"
"العين" إلّا في هيؤ، وسمع "لست" بضم "اللّام" فيكون على هذه اللّغة كهيؤ.
وزعم ابن السراج أنه حرف بمنزلة "ما"، وتابعه الفارسي في الحلبيات، وابن شقير، وجماعة، والصّواب الأول بدليل "لست"، و"لستما"، و"لستن"، و"ليسا"، و"ليسوا"، و"ليست"، و"لسن".
وتلازم رفع الاسم ونصب الخبر، وقيل قد تخرج عن ذلك في مواضع:
أحدها: أن تكون حرفا ناصبا للمستثنى بمنزلة "إلّا"، نحو: أتوني "ليس" زيدا، والصّحيح أنّها الناسخة، وأن اسمها ضمير راجع للبعض المفهوم ممّا تقدم، واستتاره واجب فلا يليها في اللّفظ إلّا المنصوب.
وهذه المسألة كانت سبب قراءة سيبويه النّحو، وذلك أنه جاء إلى حمّاد بن سلمة لكتابة الحديث، فاستملى منه قوله صلى الله عليه وسلم: «ليس من أصحابي أحد إلّا ولو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدّرداء».فقال سيبويه: "ليس" أبو الدّرداء، فصاح به حمّاد لحنت يا سيبويه، إنّما هذا استثناء، فقال سيبويه: والله لأطلبن علما لا يلحنني معه أحد، ثمّ مضى ولزم الخليل وغيره.
والثّاني: أن يقترن الخبر بعدها بـ "إلّا"، نحو: "ليس" الطّيب "إلّا" المسك، بالرّفع فإن بني تميم يرفعونه حملا لها على ما في الإهمال عند انتقاض النّفي، كما حمل أهل الحجاز "ما" على "ليس" في الإعمال عند استيفاء شروطها.
حكى ذلك عنهم أبو عمرو بن العلاء فبلغ ذلك عيسى بن عمر الثّقفيّ، فجاءه فقال: يا أبا عمرو "ما" شيء بلغني عنك، ثمّ ذكر ذلك له، فقال له أبو عمرو: نمت وأدلج النّاس "ليس" في الأرض تميمي "إلّا" وهو يرفع، ولا حجازي "إلّا" وهو ينصب، ثمّ قال لليزيدي ولخلف الأحمر: اذهبا إلى أبي مهدي فلقناه الرّفع فإنّه لا يرفع، وإلى المنتجع التّميمي فلقناه النصب فإنّه لا ينصب، فأتياهما وجهدا بكل منهما أن يرجع عن لغته فلم يفعل، فأخبرا أبا عمرو، وعنده عيسى فقال له عيسى: بهذا فقت النّاس.
وخرج الفارسي ذلك على أوجه:
أحدها: أن في "ليس" ضمير الشّأن، ولو كان كما زعم لدخلت "إلّا" على أول الجملة الاسمية الواقعة خبرا، فقيل "ليس" "إلّا" الطّيب المسك، كما قال:
ألا ليس إلّا ما قضى الله كائن ... وما يستطيع المرء نفعا ولا ضرا
وأجاب بأن "إلّا" قد توضع في غير موضعها، مثل: {إن نظن إلّا ظنا}، وقوله:
... وما اغتره الشيب إلّا اغترارًا
أي: إن نحن "إلّا" نظن ظنا، وما اغتره اغترارًا "إلّا" الشيب؛ لأن الاستثناء المفرغ لا يكون في المفعول المطلق التوكيدي؛ لعدم الفائدة فيه، وأجيب بأن المصدر في الآية والبيت نوعي على حذف الصّفة، أي: "إلّا" ظنا ضعيفا، و"إلّا" اغترارًا عظيما.
والثّاني: أن الطّيب اسمها، وأن خبرها محذوف، أي: في الوجود، وأن المسك بدل من اسمها.
الثّالث: أنه كذلك، ولكن "إلّا" المسك نعت للاسم؛ لأن تعريفه تعريف الجنس، فهو نكرة معنى، أي: "ليس" طيب غير المسك طيبا،
ولأبي نزار الملقب بملك النّحاة توجيه آخر، وهو أن الطّيب اسمها، والمسك مبتدأ حذف خبره، والجملة خبر "ليس"، والتّقدير: "إلّا" المسك أفخره.
وما تقدم من نقل أبي عمرو أن ذلك لغة تميم يرد هذه التأويلات.
وزعم بعضهم عن قائل ذلك أنه قدرها حرفا، وأن من ذلك قولهم: "ليس" خلق الله مثله.
وقوله:
هي الشّفاء لدائي لو ظفرت بها ... وليس منها شفاء النّفس مبذول
ولا دليل فيهما لجواز كون "ليس" فيهما شأنية.
الموضع الثّالث: أن تدخل على الجملة الفعلية، أو على المبتدأ والخبر مرفوعين، كما مثلنا، وقد أجبنا على ذلك.
الرّابع: أن تكون حرفا عاطفا، أثبت ذلك الكوفيّون، أو البغداديون على خلاف بين النقلة، واستدلّوا بنحو قوله:
أين المفر والإله الطّالب ... والأشرم المغلوب ليس الغالب
وخرج على أن الغالب اسمها، والخبر محذوف، قال ابن مالك: وهو في الأصل ضمير متّصل عائد على الأشرم، أي: "ليسه" الغالب كما تقول الصّديق كانه زيد، ثمّ حذف لاتصاله، ومقتضى كلامه أنه "لولا" تقديره متّصلا لم يجز حذفه، وفيه نظر). [مغني اللبيب: 3 / 553 - 566]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 05:48 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل) "ليس":
كلمة نفي لمضمون الجملة في الحال تقول: "ليس" زيد قائمًا الآن ولا تقول: "ليس" زيد قائمًا غدًا.
ثم قال قوم: لا تكون إلا حرفًا، والصحيح أنها فعل جامد ترفع الاسم وتنصب الخبر وقد تكون حرفًا وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وتستعمل على خمسة أوجه، والمعنى واحد:
الأول: الناسخة للمبتدأ والخبر عن حالته، فترفع الاسم وتنصب الخبر نحو: {أليس الله بكافٍ عبده}.
الثاني: أن يضمر فيها اسمها على معنى البيان والقصة فيرتفع الاسمان بعدها كقول الشاعر:
هي الشفاء لدائي لو ظفرت بها ..... وليس منها شفاءُ الداء مبذول
الثالث: تكون استثناء فينتصب الاسم بعدها على الخبر ويضمر فيها اسمها وجوبًا كقولك: قام القوم "ليس" زيدًا، أي: "ليس" هو زيدًا، وهي في جميع ذلك فعل ناقص، ويقال: إن هذه المسألة كانت السبب لقراءة سيبويه النحو، وذلك أنه جاء إلى حماد بن سلمة لكتابة الحديث فاستملى منه قوله صلى الله عليه وسلم: «ليس من أصحابي أحد إلا لو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء» فقال سيبويه: ليس أبو الدرداء، فصاح به حماد: لحنت يا سيبويه، إنما هو استثناء، فقال: والله لأطلبن علمًا لا يحلنني معه أحد، ثم مضى ولزم الأخفش وغيره.
الرابع: تكون حرفًا بمعنى "ما" ويبطل عملها إذا دخلت إلا على الخبر، كقولك: "ليس" زيد إلا قائم، كما تقول: "ما" زيد إلا قائم، وحكي عنهم "ليس" الطيب إلا المسك، بالرفع على معنى: "ما" الطيب إلا المسك، وحكي عنهم: "ليس" خلق الله مثله، ومعناه: "ما" خلق الله مثله، وهذه لغة بني تميم، حكى ذلك عنهم أبو عمرو بن العلاء فبلغ ذلك عيسى بن عمر الثقفي فجاءه فقال: يا أبا عمرو "ما" شيء بلغني عنك؟ ثم ذكر ذلك، فقال له أبو عمرو: نمت وأدلج الناس "ليس" في الأرض تميمي إلا وهو يرفع، ولا حجازي إلا وهو ينصب، ثم قال لليزيدي ولخلف الأحمر: إذهبا إلى أبي مهدي فلقناه الرفع فإنه لا يرفع، وإلى المنتجع التميمي فلقناه النصب فإنه لا ينصب، فأتياهما وجهدًا بكل منهما أن يرجع عن لغته فلم يفعلا ذلك، فأخبرا أبا عمرو وعنده عيسى فقال له عيسى: بهذا فقت الناس.
الخامس: تكون حرفًا عاطفًا على مذهب الكوفيين بمنزلة "لا" كقولك: جاءني زيد "ليس" عمرو، وأنشدوا قول لبيد:
وإذا جوزيت قرضًا فاجزه ..... إنما يجزي الفتى ليس الجمل
والبصريون يمنعن ذلك ويروونه:
إنما يجزي الفتى غير الجمل
قال سيبويه: رأيت زيدًا "ليس" عمرًا، لكنه يكون على تقدير العطف فعلًا بلا فاعل.
وقال الكسائي: أجريت "ليس" مجرى "لا" وأنشد للكوفيين قول جرير:
ترى أثرًا بركبتها مضيئًا ..... من التبراك ليس من الصلاة
يريد: "لا" من الصلاة، وقول الآخر:
أين المفر والإله الطالبُ ..... والأشرمُ المغلوب ليس الغالب).
[مصابيح المغاني: 391 - 394]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 05:49 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن محمد بن إسماعيل الكردي البيتوشي (ت: 1211هـ): (
وليس حرفيتها معروفة .... بقلة عطفا لأهل الكوفة
أين المقر والغرام الطالب
.... والمغرم المغلوب ليس الغالب
وبعضهم قال بإلا تهمل
.... فعلًا وهذا عن تميم يُنقل
صلني وليس الصدُّ إلا النار .... والنار مالي معها قرارُ).
[كفاية المعاني: 284]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة