العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الفرقان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 جمادى الأولى 1434هـ/4-04-2013م, 01:11 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة الفرقان [من الآية (72) إلى الآية (77)]

{ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)}


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 رجب 1434هـ/27-05-2013م, 06:35 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) )

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال الحسن في قول الله: {لا يشهدون الزور}، قال: [الشرك]). [الجامع في علوم القرآن: 2/50]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن في قوله وإذا مروا باللغو مروا كراما قال اللغو كله المعاصي). [تفسير عبد الرزاق: 2/72]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن جابرٍ عن الضّحّاك في قوله: {الذين لا يشهدون الزور} قال: الشرك [الآية: 72]). [تفسير الثوري: 228]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا يحيى بن يمانٍ، عن أبي سنانٍ، عن ثابتٍ، عن الضّحّاك {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} قال: لم يكن اللّغو من حالهم، ولا بالهم). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 444-445]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين لا يشهدون الزّور، وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا}.

اختلف أهل التّأويل في معنى الزّور الّذي وصف اللّه هؤلاء القوم بأنّهم لا يشهدونه، فقال بعضهم: معناه الشّرك باللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عامرٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {لا يشهدون الزّور} قال: الشّرك.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {والّذين لا يشهدون الزّور} قال: هؤلاء المهاجرون، قال: والزّور قولهم لآلهتهم وتعظيمهم إيّاها.
وقال آخرون: بل عني به الغناء.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ بن عبد الأعلى المحاربيّ، قال: حدّثنا محمّد بن مروان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {والّذين لا يشهدون الزّور} قال: لا يسمعون الغناء.
وقال آخرون: هو قول الكذب
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {والّذين لا يشهدون الزّور} قال: الكذب.
قال أبو جعفرٍ: وأصل الزّور تحسين الشّيء، ووصفه بخلاف صفته، حتّى يخيّل إلى من يسمعه أو يراه أنّه خلاف ما هو به، والشّرك قد يدخل في ذلك، لأنّه محسّنٌ لأهله، حتّى قد ظنّوا أنّه حقٌّ، وهو باطلٌ، ويدخل فيه الغناء، لأنّه أيضًا ممّا يحسّنه ترجيع الصّوت، حتّى يستحلي سامعه سماعه، والكذب أيضًا قد يدخل فيه، لتحسين صاحبه إيّاه، حتّى يظنّ صاحبه أنّه حقٌّ، فكلّ ذلك ممّا يدخل في معنى الزّور.
فإذا كان ذلك كذلك، فأولى الأقوال بالصّواب في تأويله أن يقال: والّذين لا يشهدون شيئًا من الباطل، لا شركًا، ولا غناءً، ولا كذبًا ولا غيره، وكلّ ما لزمه اسم الزّور، لأنّ اللّه عمّ في وصفه إيّاهم، أنّهم لا يشهدون الزّور، فلا ينبغي أن يخصّ من ذلك شيءٌ إلاّ بحجّةٍ يجب التّسليم لها، من خبرٍ أو عقلٍ.
وقوله: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} اختلف أهل التّأويل في معنى اللّغو الّذي ذكر في هذا الموضع، فقال بعضهم: معناه: ما كان المشركون يقولونه للمؤمنين، ويكلّمونهم به من الأذى. ومرورهم به كرامًا إعراضهم عنهم وصفحهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} قال: صفحوا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} قال: إذا أوذوا مرّوا كرامًا، قال: صفحوا.
وقال آخرون: بل معناه: وإذا مرّوا بذكر النّكاح، كفّوا عنه
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا العوّام بن حوشبٍ، عن مجاهدٍ: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} قال: إذا ذكروا النّكاح كنوا عنه.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا الأشيب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا العوّام بن حوشبٍ، عن مجاهدٍ: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} قال: كانوا إذا أتوا على ذكر النّكاح كنوا عنه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر، عن أبي مخزومٍ، عن سيّارٍ: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} إذا مرّوا بالرّفث كنوا.
وقال آخرون: إذا مرّوا بما كان المشركون فيه من الباطل مرّوا منكرين له.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} قال: هؤلاء المهاجرون، واللّغو ما كانوا فيه من الباطل، يعني المشركين وقرأ: {فاجتنبوا الرّجس من الأوثان}.
وقال آخرون: عني باللّغو ها هنا: المعاصي كلّها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، في قوله: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} قال: اللّغو كلّه المعاصي.
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب عندي أن يقال: إنّ اللّه أخبر عن هؤلاء المؤمنين الّذين مدحهم بأنّهم إذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا، واللّغو في كلام العرب هو كلّ كلامٍ أو فعلٍ باطلٍ لا حقيقة له ولا أصل، أو ما يستقبح؛ فسبّ الإنسان الإنسان بالباطل الّذي لا حقيقة له من اللّغو. وذكر النّكاح بصريح اسمه ممّا يستقبح في بعض الأماكن، فهو من اللّغو، وكذلك تعظيم المشركين آلهتهم من الباطل الّذي لا حقيقة لما عظّموه على نحو ما عظّموه، وسماع الغناء ممّا هو مستقبحٌ في أهل الدّين، فكلّ ذلك يدخل في معنى اللّغو، فلا وجه إذ كان كلّ ذلك يلزمه اسم اللّغو أن يقال: عني به بعض ذلك دون بعضٍ، إذ لم يكن بخصوص ذلك دلالةٌ من خبرٍ أو عقلٍ. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: وإذا مرّوا بالباطل فسمعوه أو رأوه، مرّوا كرامًا؛ مرورهم كرامًا في بعض ذلك بأن لا يسمعوه، وذلك كالغناء. وفي بعض ذلك بأن يعرضوا عنه ويصفحوا، وذلك إذا أوذوا بإسماع القبيح من القول. وفي بعضه بأن ينهوا عن ذلك، وذلك بأن يروا من المنكر ما يغيّر بالقول فيغيّروه بالقول. وفي بعضه بأن يضاربوا عليه بالسّيوف، وذلك بأن يروا قومًا يقطعون الطّريق على قومٍ، فيستصرخهم المراد ذلك منهم، فيصرخونهم، وكلّ ذلك مرورهم كرامًا.
- وقد: حدّثني ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا محمّد بن مسلمٍ، عن إبراهيم بن ميسرة، قال: مرّ ابن مسعودٍ بلهوٍ مسرعًا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إن أصبح ابن مسعودٍ لكريمًا.
وقيل: إنّ هذه الآية مكّيّةٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، قال: سمعت السّدّيّ، يقول: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} قال: هي مكّيّةٌ.
وإنّما عني السّدّيّ بقوله هذا إن شاء اللّه، أنّ اللّه نسخ ذلك بأمره المؤمنين بقتال المشركين بقوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} وأمرهم إذا مرّوا باللّغو الّذي هو شركٌ أن يقاتلوا أمراءه، وإذا مرّوا باللّغو الّذي هو معصيةٌ للّه أن يغيّروه، ولم يكونوا أمروا بذلك بمكّة، وهذا القول نظير تأويلنا الّذي تأوّلناه في ذلك). [جامع البيان: 17/521-526]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: والّذين لا يشهدون
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ يعنى ابن أسلم في قول اللّه: والّذين لا يشهدون الزّور قال: هؤلاء المهاجرون.
قوله تعالى: لا يشهدون الزّور
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: لا يشهدون الزّور قال لا يساعدون أهل الباطل على باطلهم ولا يمالئونهم فيه.
قوله تعالى: الزور
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسماعيل بن سليمان، عن ابن عمر الأسديّ البزّار، عن ابن الحنفيّة: والّذين لا يشهدون الزّور قال اللّهو والغناء
- وروى، عن مجاهدٍ وأبي الجحّاف أنّه الغناء.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبدة بن سليمان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: والّذين لا يشهدون الزّور قال: الشّرك.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو يحيى الرّازيّ، عن أبي سنانٍ، عن الضّحّاك: والّذين لا يشهدون الزّور قال: كلام الشّرك.
- حدّثنا الأشجّ، ثنا عبد اللّه بن سعيدٍ أبو بكرٍ النّخعيّ، عن العلاء بن المسيّب، عن عمرو بن مرّة: والّذين لا يشهدون الزّور قال: لا يمالون أهل الشّرك على شركهم ولا يخالطونهم- وروى، عن السّدّيّ نحو قول الضّحّاك.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا الأشجّ أخبرنا عبد الرّحمن بن سعيدٍ الخرّاز، ثنا الحسين بن عقيلٍ، عن الضّحّاك: والّذين لا يشهدون الزّور قال: عيد المشركين- وروى عن أبي العالية وطاوسٍ والرّبيع بن أنسٍ والمثنّى بن الصّبّاح نحو ذلك.
والوجه الرّابع:
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ حدّثني أبو قتيبة البصريّ، قال: سمعت ابن سيرين يقول في قوله: والّذين لا يشهدون الزّور قال: هو: الشّعانين.
والوجه الخامس:
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل، ثنا عمرٌو العنقزيّ أنبأ مسلمة بن جعفرٍ الأحمس، عن عمرو بن قيسٍ في قوله: والّذين لا يشهدون الزّور قال: مجالس الخنا.
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن إبراهيم الدّورقيّ، ثنا عثمان بن اليمان، عن أبي بكر بن أبي عونٍ، عن عمرو بن قيسٍ الملائيّ: والّذين لا يشهدون الزّور قال: مجالس السّوء.
الوجه السّادس:
- ذكر، عن عمرٍو بن عليٍّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة: والّذين لا يشهدون الزّور قال: لعبٌ كان في الجاهليّة.
والوجه السّابع:
- ذكر عن عبد اللّه بن أبي زيادٍ القطوانيّ، ثنا زيد بن حبابٍ، عن الحسين بن واقدٍ، عن خالد بن كثيرٍ: والّذين لا يشهدون الزّور قال: مجلسٌ كان يشتم فيه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
الوجه الثّامن:
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ أنبأ الحسين بن محمّدٍ المروزيّ، ثنا شيبان، عن قتادة: والّذين لا يشهدون الزّور قال: الكذب.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد في قول اللّه: والّذين لا يشهدون الزّور قال: والزّور قولهم لآلهتهم وتعظيمهم إيّاها ما كانوا فيه من الباطل، وقرأ: واجتنبوا قول الزّور
الوجه التّاسع:
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن إبراهيم الدّورقيّ، ثنا محمّد بن يزيد الواسطيّ، عن رجلٍ، عن الحسن: والّذين لا يشهدون الزور قال: الغناء والنياحة لا يحرق له سمعه ولا يرتاح له قلبه ولا يشتهيه.
قوله تعالى: وإذا مروا باللغو
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو الحسين العكليّ، عن محمّد بن مسلمٍ أخبرني إبراهيم بن ميسرة أنّ ابن مسعودٍ مرّ بلهوٍ فلم يقف فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لقد أصبح ابن أمّ عبدٍ أو أمسى كريمًا.
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن سلمة النّحويّ، ثنا حبّان أنبأ عبد اللّه أنبأ محمّد بن مسلمٍ أخبرني إبراهيم بن ميسرة قال: بلغني أنّ ابن مسعودٍ مرّ بلهوٍ معرضًا فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «لقد أصبح ابن مسعودٍ أو أمسى كريمًا» ثمّ تلا إبراهيم بن ميسرة: وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو الحسين العكليّ، عن قيسٍ، عن إسماعيل بن سلمان، عن أبي عمر البزّار، عن ابن الحنفيّة: وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا قال: اللّغو.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٌ وعبدة، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: وإذا مرّوا باللّغو قال: بالشّرك.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو سلمة، عن هشيمٍ، عن العوّام، عن مجاهدٍ: وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا إذا أتوا على ذكر النّكاح كنّوا عنه.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن إبراهيم الدّورقيّ، ثنا عثمان بن اليمان، عن أبي عونٍ، عن عمرو بن قيسٍ الملائيّ: وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا في كلامهم كنّوا عنه
الوجه الرّابع:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا قال: اللّغو الباطل والوقيعة من المشركين في المسلمين.
قوله تعالى: مرّوا كرامًا
- حدّثنا حجّاج بن حمزة العجليّ، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا قال: صفحوا.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا عمرو بن علي، ثنا المعتمر ابن سليمان، عن أبيه، عن سيّارٍ أبي الحكم: وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا كنّوا عنه.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: مرّوا كرامًا قال: يعرضون عنهم لا يكلّمونهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/2736-2740]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وإذا مروا باللغو مروا كراما يقول إذا أوذوا مروا كراما يقول صفحوا). [تفسير مجاهد: 456]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما * والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا * والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما.
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله {والذين لا يشهدون الزور} قال: إن الزور كان صنما بالمدينة يلعبون حوله كل سبعة أيام وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مروا به مروا كراما لا ينظرون إليه). [الدر المنثور: 11/225]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك {والذين لا يشهدون الزور} قال: أعياد المشركين). [الدر المنثور: 11/225]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير عن الضحاك (والذين لا يشهدون الزور) . قال: الشرك، (وإذا مروا باللغو) قال: بالشرك). [الدر المنثور: 11/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب عن ابن عباس في قوله {والذين لا يشهدون الزور} قال: أعياد المشركين). [الدر المنثور: 11/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {والذين لا يشهدون الزور} قال: الكذب). [الدر المنثور: 11/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {والذين لا يشهدون الزور} قال: لا يساعدون أهل الباطل على باطلهم ولا يمالؤنهم فيه). [الدر المنثور: 11/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن قيس الملائي {والذين لا يشهدون الزور} قال: مجالس السوء). [الدر المنثور: 11/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة {والذين لا يشهدون الزور} قال: لعب كان في الجاهلية). [الدر المنثور: 11/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد بن الحنفية {والذين لا يشهدون الزور} قال: الغناء واللهو). [الدر المنثور: 11/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي الجحاف {والذين لا يشهدون الزور} قال: الغناء). [الدر المنثور: 11/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {والذين لا يشهدون الزور} قال: الغناء النياحة). [الدر المنثور: 11/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في ذم الغضب، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد {والذين لا يشهدون الزور} قال: مجالس الغناء {وإذا مروا باللغو مروا كراما} قال: إذا أوذوا صفحوا). [الدر المنثور: 11/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وإذا مروا باللغو مروا كراما} قال: يعرضون عنهم لا يكلمونهم). [الدر المنثور: 11/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي {وإذا مروا باللغو مروا كراما} قال: هي مكية). [الدر المنثور: 11/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن عساكر عن إبراهيم بن ميسرة رضي الله عنه قال: بلغني أن ابن مسعود مر معرضا ولم يقف فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لقد أصبح ابن مسعود أو أمسى كريما ثم تلا إبراهيم {وإذا مروا باللغو مروا كراما} ). [الدر المنثور: 11/227-228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن الضحاك {وإذا مروا باللغو مروا كراما} قال: لم يكن اللغو من حالهم ولا بالهم). [الدر المنثور: 11/228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {وإذا مروا باللغو} قال: اللغو كله المعاصي). [الدر المنثور: 11/228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وإذا مروا باللغو مروا كراما} قال: كانوا إذا أتوا على ذكر النكاح كفوا عنه). [الدر المنثور: 11/228]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا}.
يقول تعالى ذكره: والّذين إذا ذكّرهم مذّكرٌ بحجج اللّه، لم يكونوا صمًّا لا يسمعون، وعميًا لا يبصرونها. ولكنّهم يقاظ القلوب، فهماء العقول، يفهمون عن اللّه ما يذكّرهم به، ويفهمون عنه ما ينبّههم عليه، فيوعّون مواعظه آذانًا سمعته، وقلوبًا وعته.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} فلا يسمعون، ولا يبصرون، ولا يفقهون حقًّا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} قال: لا يفقهون، ولا يسمعون، ولا يبصرون.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن ابن عونٍ، قال: قلت للشّعبيّ: رأيت قومًا قد سجدوا، ولم أعلم ما سجدوا منه، أسجد؟ قال: {والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} قال: هذا مثلٌ ضربه اللّه لهم، لم يدعوها إلى غيرها، وقرأ قول اللّه: {إنّما المؤمنون الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم}الآية.
فإن قال قائلٌ: وما معنى قوله {يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} أويخرّ الكافرون صمًّا وعميانًا إذا ذكّروا بآيات اللّه، فينفي عن هؤلاء ما هو صفةٌ للكفّار؟
قيل: نعم، الكافر إذا تليت عليه آيات اللّه خرّ عليها أصمٌّ وأعمى، وخرّه عليها كذلك إقامته على الكفر، وذلك نظير قول العرب: سببت فلانًا فقام يبكي، بمعنى فظلّ يبكي، ولا قيام هنالك، ولعلّه أن يكون بكى قاعدًا، وكما يقال: نهيت فلانًا عن كذا، فقعد يشتمني؛ ومعنى ذلك: فجعل يشتمني، وظلّ يشتمني، ولا قعود هنالك، ولكن ذلك قد جرى على ألسن العرب، حتّى قد فهموا معناه. وذكر الفرّاء أنّه سمع العرب تقول: قعد يشتمني،
كقولك: قام يشتمني، وأقبل يشتمني؛ قال: وأنشد بعض بني عامرٍ:
لا يقنع الجارية الخضاب = ولا الوشاحان ولا الجلباب
من دون أن تلتقي الأركاب = ويقعد الأير له لعاب
بمعنى: يصير.
فكذلك قوله: {لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} إنّما معناه: لم يصمّوا عليها، ولا عموا عنها، ولم يصيروا على باب ربّهم صمًّا وعميانًا، كما قال الرّاجز:
ويقعد الهن له لعاب
بمعنى: ويصير). [جامع البيان: 17/527-529]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا (73)
قوله تعالى: والّذين إذا ذكّروا
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج قال سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم قال: هؤلاء المهاجرون.
قوله تعالى: بآيات ربّهم
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: الذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم يقول: انتفعوا بما سمعوا من كتاب اللّه.
قوله تعالى: لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا
- حدّثنا الحجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا لم يسمعوا ولم يبصروا ولم يفقهوا حقًّا.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا يقول لم يصمّوا، عن الحقّ ولم يعموا فيه هم واللّه قومٌ عقلوا، عن اللّه وانتفعوا بما سمعوا من كتاب اللّه.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ قوله: والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا يقول صمّوا عنها وعموا عنها.
- حدّثنا المنذر بن شاذان، ثنا أحمد بن إسحاق، ثنا أبو الأشهب قال الحسن في قوله: والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا قال كم من رجلٍ يقرأه ويخرّ عليها أصم أعمى.
- حدّثنا أسيد بن عاصمٍ، ثنا عبد اللّه بن حمران، ثنا ابن عونٍ قال: سألت الشّعبيّ قلت: الرّجل يرى القوم سجدوا ولم يسمع ما سجدوا أيسجد معهم؟ قال: فتلا هذه الآية: والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا قال: هذا مثلٌ ضربه اللّه لهم لم يدعوها إلى غيرها، وقرأ: إنّما المؤمنون الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم الآية). [تفسير القرآن العظيم: 8/2740-2741]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم ثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا يقول يسمعون فلا يبصرون ولا يفقهون حقا). [تفسير مجاهد: 456-457]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا} قال: لم يصموا عن الحق ولم يعموا عنه هم قوم عقلوا عن الله فانتفعوا بما سمعوا من كتاب الله). [الدر المنثور: 11/228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {لم يخروا عليها صما وعميانا} قال: كم من قارئ يقرأها بلسانه يخر عليها أصم أعمى). [الدر المنثور: 11/229]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني ابن مهدي، عن الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح في قول الله: {واجعلنا للمتقين إماما}، قال: يقتدى بهدانا.
وحدثني عبد الرحمن قال: حدثنا حماد بن زيد، عن رجلٍ، عن الحسن قال: نأتم بهم ويأتم بنا من بعدنا.
وحدثني عبد الرحمن بن مهدي أيضا، عن الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: حنفاء متبعون). [الجامع في علوم القرآن: 1/88-89]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى واجعلنا للمتقين إماما قال اجعلنا مؤتمين بهم مقتدين بهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/72]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدثنا سفيان [الثوري] عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله: {واجعلنا للمتقين إماما} قال: يقتدا بهدانا [الآية: 74]). [تفسير الثوري: 228]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال الحسن: {هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ} [الفرقان: 74] : «في طاعة اللّه وما شيءٌ أقرّ لعين المؤمن من أن يرى حبيبه في طاعة اللّه»). [صحيح البخاري: 6/109]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله قال الحسن هو البصريّ قوله هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعين في طاعة اللّه وصله سعيد بن منصورٍ حدّثنا جرير بن حازمٍ سمعت الحسن وسأله رجلٌ عن قوله هب لنا من أزواجنا ما القرّة أفي الدّنيا أم في الآخرة قال بل في الدّنيا هي واللّه أن يرى العبد من ولده طاعة اللّه إلخ وأخرجه عبد اللّه بن المبارك في كتاب البرّ والصّلة عن حزم القطعيّ عن الحسن وسمّي الرّجل السّائل كثير بن زيادٍ قوله وما شيء أقرّ لعين المؤمن من أن يرى حبيبه في طاعة اللّه في رواية سعيد بن منصورٍ أن يرى حميمه). [فتح الباري: 8/491]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال الحسن {هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعين} في طاعة الله وما شيء أقرّ لعين المؤمن من أن يرى حبيبه في طاعة الله وقال ابن عبّاس ثبورا ويلا
أما قول الحسن فقال سعيد بن منصور في السّنن ثنا جرير بن جابر سمعت الحسن وسأله رجل عن قوله 74 الفرقان {هب لنا من أزواجنا} ما القرة الأعين أفي الدّنيا أم في الآخرة فقال بل في الدّنيا هي والله أن يرى العبد من ولده طاعة الله لا والله ما من شيء أحب إلى المرء المسلم أن يرى والده أو ولده أو حميمه في طاعة الله
رواه ابن المبارك في البر والصلة عن حزام عن الحسن مثله وسمّى السّائل كثير بن زياد). [تغليق التعليق: 4/271]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال الحسن هب لنا من أزواجنا في طاعة الله وما شيءٌ أقرّ لعين المؤمن أن يري حبيبه في طاعة الله
أي: قال الحسن البصريّ في قوله تعالى: {والّذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا} (الفرقان: 74) وهكذا أسنده عنه ابن المنذر من حديث جرير عنه، وفي التّفسير: قرّة أعين بأن نراهم مؤمنين صالحين مطيعين لك، ووحد القرة لأنّها مصدر وأصلها من البرد لأن العين تتأذى بالحرّ وتستريح بالبرد). [عمدة القاري: 19/94]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال الحسن) البصري فيما وصله سعيد بن منصور في قوله تعالى: ({هب لنا من أزواجنا}) [الفرقان: 74] وزاد أبو ذر وذرياتنا قرة أعين أي (في طاعة الله) ولأبي ذر والأصيلي: من طاعة الله (وما شيء أقر لعين المؤمن أن يرى) وللأصيلي لعين مؤمن وله ولأبي ذر من أن يرى (حبيبه في طاعة الله) قال في الأنوار فإن المؤمن إذا أشركه أهله في طاعة الله سر بهم قلبه وقربهم عينه لما يرى من مساعدتهم له في الدين وتوقع لحوقهم به في الجنة ومن ابتدائية أو بيانية كقولك رأيت منك أسدًا اهـ والمراد قرة أعين لهم في الدين لا في الدنيا من المال والجمال قال الزجاج يقال أقر الله عينك أي صادف فؤادك ما تحبه وقال المفضل برد دمعتها وهي التي تكون مع السرور ودمعة الحزن حارة). [إرشاد الساري: 7/272]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ، واجعلنا للمتّقين إمامًا}.
يقول تعالى ذكره: والّذين يرغبون إلى اللّه في دعائهم ومسألتهم بأن يقولوا: {ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا} ما تقرّ به أعيننا من أن تريناهم يعملون بطاعتك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ} يعنون: من يعمل لك بالطّاعة، فتقرّ بهم أعيننا في الدّنيا والآخرة.
- حدّثني أحمد بن المقدام، قال: حدّثنا حزمٌ، قال: سمعت كثيرًا سأل الحسن، قال: يا أبا سعيدٍ، قول اللّه: {هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ} في الدّنيا والآخرة، قال: لا، بل في الدّنيا، قال: وما ذاك؟ قال: المؤمن يرى زوجته وولده يطيعون اللّه.
- حدّثنا الفضل بن إسحاق، قال: حدّثنا سلم بن قتيبة، قال: حدّثنا حزمٌ، قال: سمعت الحسن فذكر نحوه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: قرأ حضرميٌّ: {ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة} أعينٍ، قال: وإنّما قرّة أعينهم أن يروهم يعملون بطاعة اللّه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن ابن جريجٍ، فيما قرأنا عليه في قوله: {هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٌ} قال: يعبدونك فيحسنون عبادتك، ولا يجرّون الجرائر.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ، قوله: {ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ} قال: يعبدونك يحسنون عبادتك، ولا يجرّون علينا الجرائر.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ} قال: يسألون اللّه لأزواجهم وذرّيّاتهم أن يهديهم للإسلام.
- حدّثنا محمّد بن عونٍ، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن عيّاشٍ، قال: حدّثني أبي، عن صفوان بن عمرٍو، عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفيرٍ، عن أبيه، قال: جلسنا إلى المقداد بن الأسود، فقال: لقد بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أشدّ حالةٍ بعث عليها نبيٌّ من الأنبياء في فترةٍ وجاهليّةٍ، ما يرون دينًا أفضل من عبادة الأوثان، فجاء بفرقانٍ فرّق به بين الحقّ والباطل، وفرّق بين الوالد وولده، حتّى إن كان الرّجل ليرى ولده ووالده وأخاه كافرًا وقد فتح اللّه قفل قلبه بالإسلام، فيعلم أنّه إن مات دخل النّار، فلا تقرّ عينه وهو يعلم أنّ حبيبه في النّار، وإنّها للّتي قال اللّه: {والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ} الآية.
- حدّثني ابن عونٍ، قال: حدّثني عليّ بن الحسن العسقلانيّ، عن عبد اللّه بن المبارك، عن صفوان، عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفيرٍ، عن أبيه، عن المقداد، نحوه.
وقيل: هب لنا قرّة أعينٍ، وقد ذكر الأزواج والذّرّيّات وهم جمعٌ، وقوله: {قرّة أعينٍ} واحدةٌ، لأنّ قوله: قرّة أعينٍ مصدرٌ من قول القائل: قرّت عينك قرّةً، والمصدر لا تكاد العرب تجمعه.
وقوله: {واجعلنا للمتّقين إمامًا} اختلف أهل التّأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: اجعلنا أئمّةً يقتدي بنا من بعدنا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عبد الأعلى بن واصلٍ، قال: حدّثني عون بن سلاّمٍ، قال: أخبرنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {واجعلنا للمتّقين إمامًا} يقول: أئمّةً يقتدى بنا.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {واجعلنا للمتّقين إمامًا} أئمّة التّقوى ولأهله يقتدى بنا.
قال ابن زيدٍ: كما قال لإبراهيم: {إنّي جاعلك للنّاس إمامًا}. وقال آخرون: بل معناه: واجعلنا للمتّقين إمامًا: نأتمّ بهم، ويأتمّ بنا من بعدنا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {واجعلنا للمتّقين إمامًا} أئمّةً نقتدي بمن قبلنا، ونكون أئمّةً لمن بعدنا.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {واجعلنا للمتّقين إمامًا} قال: اجعلنا مؤتمّين بهم، مقتدين بهم.
قال أبو جعفرٍ: وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: معناه واجعلنا للمتّقين الّذين يتّقون معاصيك، ويخافون عقابك إمامًا يأتمّون بنا في الخيرات، لأنّهم إنّما سألوا ربّهم أن يجعلهم للمتّقين أئمّةً، ولم يسألوه أن يجعل المتّقين لهم إمامًا.
وقال {واجعلنا للمتّقين إمامًا} ولم يقل أئمّةً. وقد قالوا: واجعلنا وهم جماعةٌ، لأنّ الإمام مصدرٌ من قول القائل: أمّ فلانٌ فلانًا إمامًا، كما يقال: قام فلانٌ قيامًا، وصام يوم كذا صيامًا. ومن جمع الإمام أئمّةً جعل الإمام اسمًا، كما يقال: أصحاب محمّدٍ إمامٌ، وأئمّةٌ للنّاس. فمن وحّد قال: يأتمّ بهم النّاس. وهذا القول الّذي قلناه في ذلك قول بعض نحويّي أهل الكوفة.
وقال بعض أهل البصرة من أهل العربيّة: الإمام في قوله: {للمتّقين إمامًا} جماعةٌ، كما تقول: فإنّهم عدوٌّك. قال: ويكون على الحكاية، كما يقول القائل إذا قيل له: من أميركم: هؤلاء أميرنا. واستشهد لذلك بقول الشّاعر:
يا عاذلاتي لا تردن ملامتي = إنّ العواذل لسن لي بأمير). [جامع البيان: 17/529-533]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ واجعلنا للمتّقين إمامًا (74)
قوله تعالى: والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا الآية.
- حدّثنا أبي ثنا نعيم بن حمّادٍ وعبدة بن سليمان قالا:، ثنا ابن المبارك، ثنا صفوان بن عمرٍو أخبرني عبد الرّحمن بن جبير بن نفيرٍ، عن أبيه قال: جلسنا إلى المقداد بن الأسود يومًا فمرّ به رجلٌ فقال: طوبى لهاتين العينين اللّتين رأتا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم واللّه لوددنا أنّا رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت فاستغضب المقداد فجعلت أعجب من غضبه. فقلت: واللّه ما قال إلا خيرًا ثمّ أقبل عليه فقال: ما بال الرّجل يتمنّى محضرًا غيّب عنه لو شهده كيف يكون فيه، واللّه لقد حضر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أقوامٌ أكبّهم اللّه على مناخرهم في جهنّم لم يجيبوه ولم يصدّقوه أولا تحمدون ربّكم إذ أخرجكم اللّه لا تعرفون إلا ربّكم مصدّقين بما جاء به نبيّكم فقد كفيتم البلاء واللّه لقد بعث نبيّكم على أشدّ حالٍ بعث عليه نبيٌّ من الأنبياء في فترةٍ وجاهليّةٍ ما يرون أنّ دينًا أفضل من عبادة الأوثان. فجاء بفرقانٍ فرّق بين الحقّ والباطل وفرّق بين الوالد وولده حتّى إنّ الرّجل ليرى والده أو ولده أو أخاه كافرًا وقد فتح اللّه قفل قلبه للإيمان. فيعلم أنّه إن هلك دخل النّار فلا تقرّ عينه وهو يعلم أنّ حبيبه في النّار وإنّها للّتي قال اللّه: والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ يعنون من يعمل بالطّاعة فتقرّ به أعيننا في الدّنيا والآخرة.
- حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ أنبأ حفص بن عمر، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ لم يريدوا بذلك صاحبةً ولا جمالا ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا يحيى، عن حزمٍ القطعيّ قال: سمعت كثير بن زيادٍ قال للحسن يا أبا سعيدٍ قول اللّه: هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ ما هذه القرّة الأعين أفي الدّنيا أم في الآخرة؟ قال: لا واللّه بل في الدّنيا قال: فما هي؟ قال: أيرى اللّه العبد المسلم من زوجته من أخيه من ولده من حميمه طاعة اللّه لا واللّه ما شيءٌ أقرّ لعين المسلم من أن يرى ولدا أو ولد أو أخًا أو حميمًا مطيعًا للّه.
قوله تعالى: واجعلنا للمتّقين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: للمتّقين يعنى الّذين يتّقون الشّرك.
قوله تعالى: إمامًا
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: واجعلنا للمتّقين إمامًا يقول: أئمّة هدًى ليهتدى بنا ولا تجعلنا أئمّة ضلالةٍ لأنّه قال لأهل السّعادة: وجعلناهم أئمّةً (يهدون) بأمرنا ولأهل الشّقاوة: وجعلناهم أئمّةً يدعون إلى النّار وروى، عن أبي صالحٍ وعبد اللّه بن شوذبٍ نحو ذلك.
- حدّثنا محمّد بن يزيد المقرئ، ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: واجعلنا للمتّقين إمامًا قال: يأتمّ بهم ويقتدى بهم حين يقتدي بنا من بعدنا.
- حدّثنا أبي ثنا عبد الرّحمن بن يحيى بن إسماعيل، ثنا الوليد بن جابرٍ قال سألت مكحولا، عن قول اللّه: واجعلنا للمتّقين إمامًا قال: أئمّةٌ في التّقوى حتّى نأتمّ بمن كان قبلنا ويأتمّ بنا من بعدنا وروي عن الحسن وقتادة والرّبيع بن أنسٍ والسّدّيّ نحو ذلك.
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن سعيد بن الوليد الخزاعيّ، ثنا وكيعٌ، عن النّضر بن عربيٍّ، عن عكرمة في قوله: واجعلنا للمتّقين إمامًا قال: مثالا.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: واجعلنا للمتّقين إمامًا يعنى اجعلنا أئمّةً في الخير نعبدك ربّنا فأخبر بثوابهم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا يحيى بن أيّوب الزّاهد قال: سمعت أبا حفصٍ الأبّار يقول: قلت للسّدّيّ رأيتك في المنام كأنّك تؤمّ النّاس قال: فقال: إنّ قوله: واجعلنا للمتّقين إمامًا ليس أن يؤمّ الرّجل النّاس، إنّما قالوا: اجعلنا أئمّةً لهم في الحلال والحرام يقتدون بنا فيه.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عبد اللّه بن عامر بن زرارة الحضرميّ، ثنا سعيد بن خيثم، عن القاسم بن الأرقم قال: قلت لجعفر بن محمّدٍ يقول الرّجل في الصّلاة اللّهمّ اجعلني للمتّقين إمامًا قال: نعم وتدري ما ذاك قال: قلت: لا. قال:
يقول اللّهمّ اجعلني في المسلمين رضيًّا، وإذا قلت صدّقوني وقبلوا ذاك منّي). [تفسير القرآن العظيم: 8/2741-2743]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} قال: يعنون من يعمل بالطاعة فتقر به أعيننا في الدنيا والآخرة، {واجعلنا للمتقين إماما} قال: أئمة هدى يهتدي بنا ولا تجعلنا أئمة ضلالة لأنه قال لأهل السعادة {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا} الأنبياء الآية 73 ولأهل الشقاوة {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} القصص الآية 41). [الدر المنثور: 11/229]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} قال: لم يريدوا بذلك صباحة ولا جمالا ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين). [الدر المنثور: 11/229-230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك في البر والصلة وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن إنه سئل عن هذه الآية {هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} أهذه القرة أعين في الدنيا أم في الآخرة قال: لا والله بل في الدنيا، قيل: وما هي قال: هي أن يرى الرجل المسلم من زوجته من ذريته من أخيه من حميمه طاعة الله ولا والله ما شيء أحب إلى المرء المسلم من أن يرى ولدا أو والدا أو حميما أو أخا مطيعا لله). [الدر المنثور: 11/230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين}
قال: يحسنون عبادتك ولا يجرون عليها الجرائر {واجعلنا للمتقين إماما} قال: اجعلنا مؤتمين بهم مقتدين بهم). [الدر المنثور: 11/230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن المقداد بن الاسود قال: لقد بعث الله النّبيّ صلى الله عليه وسلم على أشد حال بعث عليها نبيا من الأنبياء في قومه من جاهلية ما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل وفرق به بين الوالد وولده حتى إن كان الرجل ليرى والده أو ولده أو أخاه كافرا وقد فتح الله قفل قلبه بالإيمان ويعلم أنه إن هلك دخل النار فلا تقر عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار، أنها للتي قال الله {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} ). [الدر المنثور: 11/230-231]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (هب لنا من أزواجنا وذريتنا واحدة) ). [الدر المنثور: 11/231]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {واجعلنا للمتقين إماما} يقول: قادة في الخير ودعاة وهداة يؤتم بهم في الخير). [الدر المنثور: 11/231]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي عن أبي صالح في قوله {واجعلنا للمتقين إماما} قال: أئمة يقتدى بهدانا والله تعالى أعلم). [الدر المنثور: 11/231]

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولئك يجزون الغرفة بما صبروا، ويلقّون فيها تحيّةً وسلامًا}.
يقول تعالى ذكره: هؤلاء الّذين وصفت صفتهم من عبادي، وذلك من ابتداء قوله: {وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هونًا}. إلى قوله: {والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا} الآية - {يجزون} يقول: يثابون على أفعالهم هذه الّتي فعلوها في الدّنيا {الغرفة} وهي منزلةٌ من منازل الجنّة رفيعةٌ {بما صبروا} يقول: بصبرهم على هذه الأفعال، ومقاساة شدّتها.
وقوله: {ويلقّون فيها تحيّةً وسلامًا} اختلفت القرّاء في قراءته، فقرأته عامّة قرّاء أهل المدينة والبصرة: {ويلقّون} مضمومة الياء، مشدّدة القاف، بمعنى: وتتلقّاهم الملائكة فيها بالتحيّة.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة: (ويلقون)، بفتح الياء وتخفيف القاف.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار، بمعنًى واحدٍ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، غير أنّ أعجب القراءتين إليّ أن أقرأ بها (ويلقون) فيها، بفتح الياء وتخفيف القاف، لأنّ العرب إذا قالت ذلك بالتّشديد قالت: فلانٌ يتلقّى بالسّلام وبالخير، ونحن نتلقّاهم بالسّلام، قرنته بالباء، وقلّما تقول: فلانٌ يلقّى السّلام، فكان وجه الكلام لو كان بالتّشديد أن يقال: ويتلقّون فيها بالتّحيّة والسّلام.
وإنّما اخترنا القراءة بذلك كما تجيز: أخذت بالخطام، وأخذت الخطام.
وقد بيّنّا معنى التّحيّة والسّلام فيما مضى قبل، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع). [جامع البيان: 17/534]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقّون فيها تحيّةً وسلامًا (75)
قوله تعالى: أولئك
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: أولئك يعني الّذين في هؤلاء الآيات وفي قوله: يجزون يعنى في الآخرة.
قوله تعالى: الغرفة
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: أولئك يجزون الغرفة قال: الغرفة الجنّة- وروى عن سعيد بن جبيرٍ وأبي جعفرٍ محمّد بن عليٍّ والسّدّيّ مثل ذلك.
قوله تعالى: بما صبروا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: بما صبروا على أمر ربّهم.
- حدثنا أنبأ ثنا عبدة بن سليمان، ثنا أبو الرّبيع الصّوفيّ، عن أبي حمزة الثّماليّ، عن أبي جعفر في قوله: أولئك يجزون الغرفة بما صبروا على الفقر في الدّنيا.
قوله تعالى: ويلقّون فيها
- حدّثنا أبي ثنا يحيى بن المغيرة، ثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن مجاهدٍ يعنى قوله: ويلقّون فيها قال: تتلقّاهم الملائكة الّذين كانوا قرناءهم في الدّنيا يوم القيامة
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيدٍ في قول اللّه: ويلقّون فيها يعنى تتلقّاهم الملائكة.
قوله تعالى: تحيّةً وسلامًا
- به عن سعيدٍ في قول اللّه: ويلقّون فيها تحيّةً وسلامًا يعنى تتلقّاهم الملائكة بالتّحية والسّلام.
- حدّثنا عليّ بن حربٍ الموصليّ، ثنا أبو داود الحضريّ، عن سفيان، عن عاصمٍ قال: لقي ابن سيرين رجلٌ فقال: حيّاك اللّه فقال إنّ أفضل التّحيّة تحيّة أهل الجنّة السّلام). [تفسير القرآن العظيم: 8/2743-2744]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما * خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما.
أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله {أولئك يجزون الغرفة} قال: هي من ياقوته حمراء أو زبرجدة خضراء أو درة بيضاء ليس فيها قصم ولا وهم). [الدر المنثور: 11/231-232]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {أولئك يجزون الغرفة} قال: الجنة). [الدر المنثور: 11/232]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أبي جعفر في قوله {أولئك يجزون الغرفة بما صبروا} قال: على الفقر في دار الدنيا). [الدر المنثور: 11/232]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج زاهر بن طاهر الشحامي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الجنة لغرفا ليس فيها مغاليق من فوقها ولا عماد من تحتها قيل: يا رسول الله وكيف يدخلها أهلها قال: يدخلونها أشباه الطير قيل يا رسول الله: لمن هي قال: لأهل الأسقام والأوجاع والبلوى). [الدر المنثور: 11/232]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وألان الكلام وتابع الصيام وصلى والناس نيام). [الدر المنثور: 11/233]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {أولئك} يعني الذين في هؤلاء الآيات {يجزون الغرفة} يعني في الآخرة {الغرفة} الجنة {بما صبروا} على أمر ربهم {ويلقون فيها} يعني تتلقاهم الملائكة بالتحية والسلام {خالدين فيها} لا يموتون {حسنت مستقرا} يعني مستقرهم في الجنة {ومقاما} يعني مقام أهل الجنة). [الدر المنثور: 11/233]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم قال: لقي ابن سيرين رجل فقال: حياك الله فقال: إن أفضل التحية تحية أهل الجنة السلام). [الدر المنثور: 11/233]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (أولئك يجزون الغرفة (واحدة) بما صبروا ويلقون) خفيفة منصوبة الياء والله تعالى أعلم). [الدر المنثور: 11/233]

تفسير قوله تعالى: (خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {خالدين فيها حسنت مستقرًا ومقامًا (76) قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم فقد كذّبتم فسوف يكون لزامًا}.
يقول تعالى ذكره: أولئك يجزون الغرفة بما صبروا، خالدين في الغرفة، يعني أنّهم ماكثون فيها، لابثون إلى غير أمدٍ، حسنت تلك الغرفة قرارًا لهم ومقامًا. يقول: وإقامةً). [جامع البيان: 17/535]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (خالدين فيها حسنت مستقرًّا ومقامًا (76)
قوله تعالى: خالدين فيها حسنت مستقرًّا ومقامًا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيدٍ في قول اللّه: خالدين فيها يعنى: لا يموتون قوله: حسنت مستقرًّا يعنى مستقرّهم في الجنة وقوله: ومقامًا يعنى مقام أهل الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 8/2744]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {أولئك} يعني الذين في هؤلاء الآيات {يجزون الغرفة} يعني في الآخرة {الغرفة} الجنة {بما صبروا} على أمر ربهم {ويلقون فيها} يعني تتلقاهم الملائكة بالتحية والسلام {خالدين فيها} لا يموتون {حسنت مستقرا} يعني مستقرهم في الجنة {ومقاما} يعني مقام أهل الجنة). [الدر المنثور: 11/233] (م)

تفسير قوله تعالى: (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فسوف يكون لزاما قال: قال أبي هو القتل يوم بدر). [تفسير عبد الرزاق: 2/72]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق أن ابن مسعود قال قد مضت آية الروم وقد مضى فسوف يكون لزاما واللزام القتل يوم بدر وقال وقد مضت البطشة الكبرى يوم بدر). [تفسير عبد الرزاق: 2/101-102] (م)
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدثنا سفيان [الثوري] عن عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن يعلى الثّقفيّ عن عمرو بن شعيب في قوله: {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم} قال: ما يصنع بكم ربّي لولا أنّي دعوتكم إلى الإسلام فتستجيبون لي [الآية: 77]). [تفسير الثوري: 228]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({ما يعبأ} [الفرقان: 77] : " يقال: ما عبأت به شيئًا لا يعتدّ به "). [صحيح البخاري: 6/109]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ما يعبأ يقال ما عبأت به شيئًا لا يعتدّ به قال أبو عبيدة في قوله قل ما يعبأ بكم ربّي هو من قولهم ما عبأت بك شيئًا أي ما عددتك شيئًا
تنبيهٌ: وقع في بعض الرّوايات تقديمٌ وتأخيرٌ لهذه التّفاسير والخطب فيها سهلٌ). [فتح الباري: 8/491-492]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله دعاؤكم إيمانكم وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ مثله وقد تقدّم الكلام عليه في أوائل كتاب الإيمان وثبت هذا هنا للنّسفيّ وحده). [فتح الباري: 8/490-491]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ما يعبأ يقال ما عبأت به شيئاً لا يعتدّ به
أشار به إلى قوله تعالى: {قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم} (الفرقان: 77) الآية. وفسّر: (ما يعبأ) بقوله: (يقال) ، الخ. وعن أبي عبيدة: يقال ما عبأت به شيئا، أي: لم أعده فوجوده وعدمه سواء، وأصل هذه الكلمة تهيئة الشّيء، يقال: عبيت الجيش وعبأت الطّيب عبوا: إذا هيأته). [عمدة القاري: 19/94]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ما يعبأ}) ولأبي ذر: ما يعبؤوا. قال أبو عبيدة: (يقال ما عبأت به شيئًا لا يعتد به) وللأصيلي أي لم تعتد به فوجوده وعدمه سواء وقال الزجاج معناه لا وزن لكم عندي). [إرشاد الساري: 7/272-273]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {فسوف يكون لزامًا} [الفرقان: 77] أي هلكةً
- حدّثنا عمر بن حفص بن غياثٍ، حدّثنا أبي، حدّثنا الأعمش، حدّثنا مسلمٌ، عن مسروقٍ، قال: قال عبد اللّه: " خمسٌ قد مضين: الدّخان، والقمر، والرّوم، والبطشة، واللّزام ": {فسوف يكون لزامًا} [الفرقان: 77] ). [صحيح البخاري: 6/110-111]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب قوله فسوف يكون لزاما)
هلكةً قال أبو عبيدة في قوله فسوف يكون لزاما أي جزاءً يلزم كلّ عاملٍ بما عمل وله معنًى آخر يكون هلاكًا قوله حدّثنا مسلمٌ هو أبو الضّحى الكوفيّ). [فتح الباري: 8/496]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب: {فسوف يكون لزاماً} (الفرقان: 77) هلكةً)
أي: هذا باب في قوله تعالى: {فقد كذبتم فسوف يكون لزاماً} وقد فسره بقوله: (هلكة) . وقال الثّعلبيّ: اختلف في اللزام فقيل: يوم بدر قتل منهم سبعون وأسر سبعون، وقيل: عذاب القبر، وقال ابن جرير: عذابا دائما لازما وهلاكاً مستمراً.
- حدّثنا عمر بن حفص بن غياثٍ حدّثنا الأعمش حدثنا مسلمٌ عن مسروق قال عبد الله خمسٌ قد مضين الدّخان والقمر والرّوم والبطشة واللّزام {فسوف يكون لزاماً} (الفرقان: 77) ..
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. ومسلم هو ابن صبيح أبو الضّحى، وعبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنه.
قوله: (خمس) أي: خمسة علامات (قد مضين) ، أي وقعن. الأولى: الدّخان. قال الله تعالى: {يوم تأتي السّماء بدخان مبين} (الدّخان: 10) . الثّانية: القمر، قال الله تعالى: {اقتربت السّاعة وانشقّ القمر} (القمر: 1) . الثّالثة: الرّوم، قال الله تعالى: {ألم غلبت الرّوم} (الرّوم: 1) . الرّابعة: البطشة. قال الله تعالى: {يوم نبطش البطشة الكبرى} (الدّخان: 16) وهو القتل الّذي وقع يوم بدر. الخامسة: للزام {فسوف يكون لزاماً} قيل: هو القحط، وقيل: هو التصاق القتلى بعضهم ببعض في بدر، وقيل: هو الأسر فيه، وقد أسر سبعون قرشياً فيه. والحديث مر في كتاب الاستسقاء). [عمدة القاري: 19/97-98]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {فسوف يكون لزامًا}: [الفرقان: 77] هلكةً
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: ({فسوف يكون}) جزاء التكذيب ({لزامًا}) [الفرقان: 77]. قال أبو عبيدة (هلكة) وللأصيلي أي هلكة والمعنى فسوف يكون تكذيبكم مقتضيًا لهلاككم وعذابكم ودماركم في الدنيا والآخرة، وقال ابن عباس: موتًا ولزامًا خبر يكون واسمها مضمر كما مرّ.
- حدّثنا عمر بن حفص بن غياثٍ، حدّثنا أبي حدّثنا الأعمش حدّثنا مسلمٌ عن مسروقٍ، قال: قال: عبد اللّه: خمسٌ قد مضين: الدّخان، والقمر، والرّوم، والبطشة. واللّزام {فسوف يكون لزامًا}.
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) أبو حفص النخعي الكوفي قال: (حدّثنا أبي) حفص قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان قال: (حدّثنا مسلم) هو ابن صبيح أبو الضحى الكوفي (عن مسروق) هو ابن الأجدع أنه (قال: قال عبد الله) هو ابن مسعود -رضي الله عنه- (خمس) من العلامات الدالة على الساعة (قد مضين) أي وقعن (الدخان) المشار إليه في قوله تعالى: {يوم تأتي السماء بدخان مبين} [الدخان: 10] (والقمر) في قوله تعالى: {اقتربت الساعة وانشقّ القمر} [القمر: 1] (والروم) في قوله تعالى: {الم * غلبت الروم} [الروم: 1، 2] (والبطشة) في قوله جل
وعلا: {يوم نبطش البطشة الكبرى} [الدخان: 16] وهو القتل يوم بدر (واللزام) في قوله تعالى: ({فسوف يكون لزامًا}). قال ابن كثير: ويدخل في ذلك يوم بدر كما فسره ابن مسعود وأبي بن كعب ومحمد بن كعب القرظي ومجاهد والضحاك وقتادة والسدّي وغيرهم، وقال الحسن: فسوف يكون لزامًا يعني يوم القيامة قال ابن كثير: ولا منافاة بينهما اهـ.
وعلى تفسير البطشة واللزام بيوم بدر يكون المعدود في الحقيقة أربعًا ويحتاج إلى بيان الخامس وإن حصل بقول الحسن بيان الخامس في الجملة لكن تفسيره بيوم القيامة فيه شيء لأن مراده تفسير خمس مضين وما يكون يوم القيامة مستقبل لا ماض ففي قول ابن كثير ولا منافاة بينهما نظر وقد يجاب بأنه لتحقق وقوعه عدّ ماضيًا قاله في المصابيح.
وهذا الحديث قد سبق في الاستسقاء). [إرشاد الساري: 7/276-277]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {فسوف يكون لزاماً}
قوله: (هلكة): بفتح اللام). [حاشية السندي على البخاري: 3/63]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {فسوف يكون لزامًا}
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا عمرو يعني ابن محمّدٍ، حدّثنا سفيان الثّوريّ، عن منصورٍ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن ابن مسعودٍ، قال: «مضى اللّزام والبطش يوم بدرٍ، ومضى الدّخان والقمر والرّوم»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/206]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قل ما يعبأ بكم ربّي} يقول جلّ ثناؤه لنبيّه: قل يا محمّد لهؤلاء الّذين أرسلت إليهم: أيّ شيءٍ يعدكم، وأيّ شيءٍ يصنع بكم ربّي؟ يقال منه: عبأت به أعبأ عبئًا، وعبأت الطّيب أعبؤه: إذا هيّأته، كما قال الشّاعر:
كأنّ بنحره وبمنكبيه = عبيرًا بات يعبؤه عروس
يقول: يهيّئه ويعمله يعبؤه عبًا وعبوءًا، ومنه قولهم: عبأت الجيش بالتّشديد والتّخفيف فأنا أعبؤه: أهيّئه. والعبء: الثّقل.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {قل ما يعبأ بكم ربّي} يصنع لولا دعاؤكم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {قل ما يعبأ بكم ربّي} قال: يعبأ: يفعل.
وقوله: {لولا دعاؤكم} يقول: لولا عبادة من يعبده منكم، وطاعة من يطيعه منكم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم} يقول: لولا إيمانكم، وأخبر اللّه الكفّار أنّه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين، ولو كان له بهم حاجةٌ لحبّب إليهم الإيمان كما حبّبه إلى المؤمنين.
- وحدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لولا دعاؤكم} قال: لولا دعاؤكم إيّاه لتعبدوه وتطيعوه.
وقوله {فقد كذّبتم} يقول تعالى ذكره لمشركي قريشٍ قوم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقد كذّبتم أيّها القوم رسولكم الّذي أرسل إليكم وخالفتم أمر ربّكم الّذي أمر بالتّمسّك به. لو تمسّكتم به، كان يعبأ بكم ربّي؛ فسوف يكون تكذيبكم رسول ربّكم، وخلافكم أمر بارئكم عذابًا لكم ملازمًا، قتلاً بالسّيوف وهلاكًا لكم مفنيًا يلحق بعضكم بعضًا، كما قال أبو ذؤيبٍ الهذليّ:
ففاجأه بعاديةٍ لزامٍ = كما يتفجّر الحوض اللّقيف
يعني باللّزام الكثير الّذي يتبع بعضه بعضًا، وباللّقيف: المتساقط الحجارة المتهدّم، ففعل اللّه ذلك بهم، وصدقهم وعده، وقتلهم يوم بدرٍ بأيدي أوليائه، وألحق بعضهم ببعضٍ، فكان ذلك العذاب اللّزام.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، قال: أخبرني مولًى لشقيق بن ثورٍ، أنّه سمع سلمان أبا عبد اللّه، قال: صلّيت مع ابن الزّبير فسمعته يقرأ: (فقد كذّب الكافرون).
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا سعيد، عن أدهم السّدوسيّ.
- قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن عبد المجيد، قال: سمعت مسلم بن عمّارٍ، قال: سمعت ابن عبّاسٍ، يقرأ هذا الحرف: (فقد كذّب الكافرون فسوف يكون لزامًا).
- حدّثنا محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم فقد كذّبتم فسوف يكون لزامًا} يقول: كذّب الكافرون أعداء اللّه.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ، عن ابن مسعودٍ، قال: فسوف يلقون لزامًا يوم بدرٍ.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلمٍ، عن مسروقٍ قال: قال أبو عبد الرّحمن: خمسٌ قد مضين: الدّخان، واللّزام، والبطشة، والقمر، والرّوم.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قوله: {فسوف يكون لزامًا}، قال أبيّ بن كعبٍ: هو القتل يوم بدرٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن عمرٍو، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: اللّزام يوم بدرٍ.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {فسوف يكون لزامًا} قال: هو يوم بدرٍ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهد: {فسوف يكون لزامًا} قال: يوم بدرٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن منصورٍ، عن سفيان، عن ابن مسعودٍ، قال: اللّزام القتل يوم بدرٍ.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {فقد كذّبتم فسوف يكون لزامًا} الكفّار كذّبوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وبما جاء به من عند اللّه، فسوف يكون لزامًا، وهو يوم بدرٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن عبد اللّه، قال: قد مضى اللّزام، كان اللّزام يوم بدرٍ، أسروا سبعين، وقتلوا سبعين.
وقال آخرون: معنى اللّزام القتال
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {فسوف يكون لزامًا} قال: فسوف يكون قتالاً؛ اللّزام: القتال.
وقال آخرون: اللّزام: الموت.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {فسوف يكون لزامًا} قال: موتًا.
وقال بعض أهل العلم بكلام العرب: معنى ذلك: فسوف يكون جزاءً يلزم كلّ عاملٍ ما عمل من خيرٍ أو شرٍّ.
وقد بيّنّا الصّواب من القول في ذلك.
وللنّصب في اللّزام وجهٌ آخر غير الّذي قلناه، وهو أن يكون في قوله {يكون} مجهولٌ، ثمّ ينصب اللّزام على الخبر كما قيل:
إذا كان طعنًا بينهم وقتالا
وقد كان بعض من لا علم له بأقوال أهل العلم يقول في تأويل ذلك: قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم ما تدعون من دونه من الآلهة والأنداد، وهذا قولٌ لا معنى للتّشاغل به لخروجه عن أقوال أهل العلم من أهل التّأويل). [جامع البيان: 17/535-540]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم فقد كذّبتم فسوف يكون لزامًا (77)
قوله تعالى قل ما يعبؤا بكم ربّي
- حدّثنا أبي ثنا عبدة، ثنا مصعبٌ يعنى ابن ماهان، عن سفيان، عن أبي يعلى، عن عمرو بن شعيبٍ في قوله: قل ما يعبؤا بكم ربّي قال: ما يصنع بكم ربّي
- حدّثنا أبي، ثنا آدم، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: قل ما يعبؤا بكم ربّي يقول: ما يفعل بكم ربّي.
قوله تعالى: لولا دعاؤكم
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: لولا دعاؤكم يقول: لولا إيمانكم فأخبر اللّه الكفّار أنّه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين. ولو كان له بهم حاجةٌ لحبّب إليهم الإيمان كما حبّبه إلى المؤمنين.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن شبلٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: لولا دعاؤكم قال: دعاؤه إيّاكم لتعبدوه وتطيعوه.
- حدّثني أبي، ثنا عبدة بن سليمان، ثنا مصعب بن ماهان، عن سفيان، عن أبي يعلى الثّقفيّ، عن عمرو بن شعيبٍ في قوله: لولا دعاؤكم قال: لولا أدعوكم إلى الإسلام فتستجيبون لي.
قوله تعالى: فقد كذّبتم
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الطّاهر حدّثني موسى بن ربيعة بن موسى بن سويدٍ الجمحيّ قال: سمعت الوليد بن أبي الوليد يقول: بلغني أن تفسير هذه الآية قل ما يعبؤا بكم ربّي لولا دعاؤكم فقد كذّبتم ما خلقتكم لي بكم حاجةٌ إلّا أن تسألون فأغفر وتسألوني فأعطكم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا الهيثم بن يمانٍ، ثنا رجلٌ سمّاه، عن السّدّيّ: فقد كذّبتم يقول: لقريشٍ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا أبو الرّبيع الزّهرانيّ، ثنا أبو قتيبة، ثنا سعيد بن أدهم بن طريفٍ السّدوسيّ قال: سمعت سلمان أبا عبد اللّه قال: صلّيت خلف عبد اللّه بن الزّبير فقرأ: فقد كذّب الكافرون فسوف يكون لزامًا
- حدّثنا أبي ثنا عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ، عن عبيد بن سليمان، عن الضّحّاك في قوله: فقد كذّبتم الكفّار كذّبوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما جاء به من عند اللّه.
قوله تعالى: فسوف يكون لزاما
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: فسوف يكون لزامًا يوم بدرٍ- وروى، عن أبيّ بن كعبٍ وعبد اللّه بن مسعودٍ ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ ومجاهدٍ وقتادة والضّحّاك نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة: فسوف يكون لزامًا قال: كان الحسن يقول ذلك يوم القيامة.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي ثنا يحيى بن صالحٍ الوحاظيّ، ثنا أبو معشرٍ، عن محمّد بن كعبٍ في قوله: لزامًا قال موتًا.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: يكون لزامًا قال: اللّزام القتل الّذي أصابهم يوم بدرٍ
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا الهيثم بن يمانٍ، ثنا رجلٌ سمّاه، عن السّدّيّ: فسوف يكون لزامًا يقول: عذابًا فكان يوم بدر العذاب). [تفسير القرآن العظيم: 8/2745-2746]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ما يعبأ بكم ربي يقول ما يفعل بكم ربي لولا دعاؤكم إياه وأن تعبدوه وتطيعوه). [تفسير مجاهد: 457]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فسوف يكون لزاما فكان اللزام يوم بدر). [تفسير مجاهد: 457]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم} يقول: لولا إيمانكم، فأخبر الله أنه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين ولو كنت له بهم حاجة لحبب إليهم الإيمان كما حببه إلى المؤمنين {فسوف يكون لزاما} قال: موتا). [الدر المنثور: 11/233-234]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {قل ما يعبأ بكم ربي} قال: ما يفعل {لولا دعاؤكم} قال: لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه وتطيعوه). [الدر المنثور: 11/234]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن الوليد بن أبي الوليد قال: بلغني أن تفسير هذه الآية {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم} أي ما خلقتكم لي بكم حاجة إلا أن تسألوني فاغفر لكم وتسألوني فاعطيكم). [الدر المنثور: 11/234]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الزبير أنه قرأ في صلاة الصبح الفرقان فلما أتى على هذه الآية قرأ (فقد كذب الكافرون فسوف يكون لزاما) ). [الدر المنثور: 11/234]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه قرأ (فقد كذب الكافرون فسوف يكون لزاما) ). [الدر المنثور: 11/235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله {فسوف يكون لزاما} قال: موتا). [الدر المنثور: 11/235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {فسوف يكون لزاما} قال أبي بن كعب: هو القتل يوم بدر). [الدر المنثور: 11/235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال (اللزام) هو القتل الذي أصابهم يوم بدر). [الدر المنثور: 11/235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عن ابن مسعود قال: قد مضى اللزام كان يوم بدر، قتلوا سبعين وأسروا سبعين). [الدر المنثور: 11/235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي، وابن جرير والطبراني، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال: خمس قد مضين: الدخان والقمر والروم والبطشة واللزام). [الدر المنثور: 11/236]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: كنا نحدث أن (اللزام) يوم بدر). [الدر المنثور: 11/236]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد {فسوف يكون لزاما} قال: يوم بدر.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن أبي مالك، مثله). [الدر المنثور: 11/236]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {فسوف يكون لزاما} قال: ذاك يوم القيامة). [الدر المنثور: 11/236]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال: مضى خمس آيات وبقي خمس منها، انشقاق القمر وقد رأيناه ومضى الدخان ومضت البطشة الكبرى ومضى اليوم العقيم ومضى اللزام والله أعلم). [الدر المنثور: 11/236]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م, 08:48 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين لا يشهدون الزّور} [الفرقان: 72] الشّرك.
وقال السّدّيّ: لا يحضرون الزّور، يعني مجالس الكذب والباطل.
{وإذا مرّوا باللّغو} [الفرقان: 72] الباطل، وهو ما فيه المشركون من الباطل.
وقال بعضهم: اللّغو هاهنا الشّتم والأذى.
قال: {مرّوا كرامًا} [الفرقان: 72] ليسوا من أهله.
سعيدٌ عن قتادة قال: {والّذين لا يشهدون الزّور وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} [الفرقان: 72] لا يشهدون أهل الباطل على باطلهم ولا يمالئونهم فيه). [تفسير القرآن العظيم: 1/492]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {والّذين لا يشهدون الزّور...}

يقول: لا يحضرون مجالس الكذب والمعاصي.
ويقال (أعياد المشركين لا يشهدونها) لأنها زور وكذب؛ إذ كانت لغير الله. وقوله: {باللّغو مرّوا كراماً} ذكر أنهم كانوا إذا أجروا ذكر النساء كنوا عن قبيح الكلام فيهنّ.
فذلك مرورهم به). [معاني القرآن: 2/274-273]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {اللّغو} كل كلامٍ ليس بحسنٍ وهو في اليمين لا والله وبلى والله). [مجاز القرآن: 2/82]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({مرّوا كراماً}: لم يخضوا فيه، وأكرموا أنفسهم عنه). [تفسير غريب القرآن: 315]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: (والّذين لا يشهدون الزّور وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كراما}
قيل الزور الشرك باللّه، وجاء أيضا أنّهم لا يشهدون أعياد النصارى.
والذي جاء في الزور أنه الشرك باللّه، فأمّا النهي عن شهادة الزور في كتاب الله فقوله: {ولا تقف ما ليس لك به علم إنّ السّمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسئولا}.
وقوله عزّ وجلّ: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كراما} تأويله أعرضوا عنه،
كما قال الله عزّ وجلّ: {وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا عنه}
وتأويل {مرّوا باللّغو} مروا بجميع ما ينبغي أن يلغى.
ومعنى " يلغى " يطرح.
وجاء في التفسير أنّهم إذا أرادوا ذكر النكاح كنوا عنه.
وقال بعضهم: هو ذكر الرفث، والمعنى واحد.
وجاء أيضا أنهم لا يجالسون أهل اللغو وهم أهل المعاصي، ولا يمالئونهم عليها، أي يعاونونهم عليها.
وجاء أيضا في (لا يشهدون الزور) مجالس الغناء). [معاني القرآن: 4/77-76]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والذين لا يشهدون الزور}
قال محمد بن الحنفية يعني الغناء
وقال الضحاك يعني الشرك
وأصل الزور في اللغة الكذب والشرك أشد الكذب
وقوله: {وإذا مروا باللغو مروا كراما}
قال الضحاك باللغو أي بالشرك
وروي عنه أيضا إذا ذكروا النكاح كنوا عنه
وقال الحسن اللغو المعاصي كلها
وأصل اللغو في اللغة ما ينبغي أن يلغى أي يطرح أي تركوه وأكرموا أنفسهم عنه). [معاني القرآن: 5/55-54]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم} [الفرقان: 73] القرآن.
{لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} [الفرقان: 73] لم يصمّوا عنها ولم يعموا عنها.
وقال قتادة: لم يصمّوا عن الحقّ ولم يعموا عنه). [تفسير القرآن العظيم: 1/492]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لم يخرّوا عليها صمّاً وعمياناً...}

يقال: إذا تلي عليهم القرآن لم يقعدوا على حالهم الأولى كأنهم لم يسمعوه. فذلك الخرور. وسمعت العرب تقول: قعد يشتمني، وأقبل يشتمني.
وأنشدني بعض العرب:

لا يقنع الجارية الخضاب=ولا الوشاحان ولا الجلباب
من دون أن تلتقي الأركاب=ويقعد الهن له لعاب
... يقال لموضع المذاكير: ركب. ويقعد كقولك: يصير). [معاني القرآن: 2/274]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لم يخرّوا عليها صماًّ وعمياناً} مجازه لم يقيموا عليها تاركين لها لم يقبلوها). [مجاز القرآن: 2/82]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لم يخروا عليها صما}: لم يقيموا عليها، تاركين لها). [غريب القرآن وتفسيره: 279]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لم يخرّوا عليها صمًّا وعمياناً} أي لم يتغافلوا عنها: فكأنهم صمّ لم يسمعوها، عمي لم يرها ).
[تفسير غريب القرآن: 315]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (وكذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} إنْ ترجمته بمثل لفظه استغلق،
وإنْ قلت: لم يتغافلوا أدَّيت المعنى بلفظ آخر). [تأويل مشكل القرآن: 21-22]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجل: {والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمّا وعميانا}
تأويله: إذا تليت عليهم خرّوا سجّدا وبكيّا، سامعين مبصرين لما أمروا به ونهوا عنه.
ودليل ذلك قوله: {وممّن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرّحمن خرّوا سجّدا وبكيّا}.
ومثل هذا من الشعر قوله:

بأيدي رجال لم يشيموا سيوفهم=ولم تكثر القتلى بها حين سلّت
تأويله: بأيدي رجال شاموا سيوفهم وقد كثرت القتلى، ومعنى يشيموا سيوفهم يغمدوا سيوفهم.
فالتأويل: والّذين إذا ذكروا بآيات ربّهم خرّوا ساجدين مطيعين). [معاني القرآن: 4/78-77]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا}
أي لم يتغافلوا عنها ويتركوها حتى يكونوا بمنزلة من لا يسمع ولا يبصر). [معاني القرآن: 5/55]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ} [الفرقان: 74]
[تفسير القرآن العظيم: 1/492]
تفسير ابن عبّاسٍ: أعوانًا على طاعة اللّه.
وتفسير الحسن: أي يرونهم مطيعين للّه.
قال: {واجعلنا للمتّقين إمامًا} [الفرقان: 74] قال قتادة: قادةً في الخير ودعاة هدًى يؤتمّ بهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/493]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وذرّيّاتنا...}

قرأ أصحاب عبد الله (وذرّيّتنا) والأكثر {وذرّيّاتنا} وقوله: {قرّة أعينٍ} ولو قيل: {عينٍ} كان صواباً كما قالت {قرّة عينٍ لي ولك} ولو قرئت: قرّات أعين لأنهم كثير كان صواباً. والوجه التقليل {قرّة أعين} لأنه فعلٌ والفعل لا (يكاد يجمع) ألا ترى أنه قال {لا تدعوا اليوم ثبوراً واحداً وادعوا ثبوراً كثيراً} فلم يجمعه وهو كثيرٌ. والقرّة مصدرٌ. تقول: قرّت عينك قرّةً.
وقوله: {للمتّقين إماماً} ولم يقل: أئمّةً وهو واحدٌ يجوز في الكلام أن تقول: أصحاب محمد أئمّة الناس وإمام الناس كما قال {إنّا رسول ربّ العالمين} للاثنين ومعناه: اجعنا أئمّةً يقتدى بنا. وقال مجاهد: اجعلنا نقتدي بمن قبلنا حتى يقتدى بنا من بعدنا). [معاني القرآن: 2/274]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ واجعلنا للمتّقين إماماً}
وقال: {للمتّقين إماماً} فـ"الإمام" ههنا جماعة كما قال: {فإنّهم عدوٌّ لي} ويكون على الحكاية كما يقول الرجل إذا قيل له: "من أميركم" قال: "هؤلاء أميرنا" وقال الشاعر:
يا عاذلاتي لا تردن ملامتي = إنّ العواذل ليس لي بأمير).
[معاني القرآن: 3/16]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {واجعلنا للمتقين إماما}: أي أمة وقد يقال في الكلام: أصحاب محمد يقتدى بهم. ومثله {والملائكة بعد ذلك ظهير}
والظهير: العون). [غريب القرآن وتفسيره: 279]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (... وقال عز وجل: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} أي خلق العجل من
الإنسان، يعني العجلة. كذلك قال أبو عبيدة.
ومن المقلوب ما قلب على الغلط كقول خِدَاش بن زهير:
وتركبُ خيلٌ لا هوادَة بينها = وتعصِى الرِّمَاح بالضَّيَاطِرَةِ الحُمْرِ
أي: (تعصي الضياطرة بالرّماح) وهذا ما لا يقع فيه التّأويل، لأن الرماح لا تعصى بالضّياطرة وإنما يعصى الرجال بها، أي يطعنون.
ومنه قول الآخر:
أسلَمْتُه في دمشقَ كما = أسلمَتْ وحشيَّةٌ وَهَقَا
أراد: (كما أسلم وحشية وهق) فقلب على الغلط.
وقال آخر:
كانت فريضةَ ما تقول كَمَا = كان الزِّنَاءُ فريضةُ الرَّجْمِ
أراد (كما كان الرجم فريضة الزنى).
وكان بعض أصحاب اللغة يذهب في قول الله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً} إلى مثل هذا في القلب، ويقول: وقع التشبيه بالراعي في ظاهر الكلام، والمعنى للمنعوق به وهو الغنم. وكذلك قوله سبحانه: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} أي: تنهض بها وهي مثقلة.
وقال آخر في قوله سبحانه: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} أي: وإن حبّه للخير لشديد.
وفي قوله سبحانه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} أي: اجعل المتّقين لنا إماما في الخير.
وهذا ما لا يجوز لأحد أن يحكم به على كتاب الله عزّ وجلّ لو لم يجد له مذهبا، لأنّ الشعراء تقلب اللفظ، وتزيل الكلام على الغلط، أو على طريق الضرورة للقافية، أو لاستقامة وزن البيت.
فمن ذلك قول لبيد:
نحن بنو أمّ البنين الأربعة
قال ابن الكلبي: هم خمسة، فجعلهم للقافية أربعة.
وقال آخر يصف إبلا:
صبَّحن من كاظمة الخصَّ الخَرِب = يحملْنَ عَبَّاسَ بنَ عبدَ المطَّلِب
أراد: (عبد الله بن عباس) فذكر أباه مكانه.
وقال الصّلتان:
أرى الخطفيَّ بذَّ الفرزدقَ شعرُه = ولكنَّ خيرًا مُن كُليب مُجَاشع
أراد: «أرى جريراً بذَّ الفرزدق شعره» فلم يمكنه فذكر جدّه.
وقال ذو الرّمة:
عشيَّةَ فرَّ الحارثيُّون بعدَما = قضى نَحْبَه في ملتقى القوم هَوْبُرُ
قال ابن الكلبي: هو (يزيد بن هوبر) فاضطرّ.
وقال (أوس):
فهل لكم فيها إليَّ فإنّني = طبيب بما أعيا النِّطاسيَّ حِذْيَمَا
أراد: (ابن حذيم) وهو طبيب كان في الجاهلية وقال ابن ميّادة وذكر بعيرا:
كأنَّ حيثُ تلتقي منه المُحُلْ = من جانبيه وَعِلَينِ وَوَعِل
أراد: وَعِلَينِ من كل جانب، فلم يمكنه فقال: وَوَعِل.
وقال أبو النجم:
ظلَّت وَوِرْدٌ صادقٌ مِن بالِها = وظلَّ يوفِي الأُكُمَ ابنُ خالِها
أراد فحلها؛ فجعله ابن خالها.
وقال آخر:
مثل النصارى قتلوا المسيح
أراد: اليهود.
وقال آخر:
ومحور أخلص من ماء اليَلَب
واليلب: سيور تجعل تحت البيض، فتوهّمه حديدا.
وقال رؤبة:
أو فضّة أو ذهب كبريتُ
وقال أبو النجم:
كلمعة البرق ببرق خلَّبُه
أراد: بخلّب برقه، فقلب.
وقال آخر:
إنَّ الكريم وأبيك يعتَمِلْ = إن لم يجد يوماً على مَن يَتَّكِلْ
أراد: إن لم يجد يوما من يتكل عليه.
في أشباه لهذا كثيرة يطول باستقصائها الكتاب.
والله تعالى لا يغلطُ ولا يضطرُّ، وإنما أراد: ومثل الذين كفروا ومثلنا في وعظهم كمثل الناعق بما لا يسمع، فاقتصر على قوله: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا}، وحذف ومثلنا، لأنّ الكلام يدل عليه. ومثل هذا كثير في الاختصار.
وقال الفراء: أراد: ومثل واعظ الذين كفروا، فحذف، كما قال: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا}، أي: أهلها.
وأراد بقوله: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ}، أي: تميلها من ثقلها.
قال الفراء أنشدني بعض العرب:
حتى إذا ما الْتَأَمَتْ مفاصِلُه = وَنَاءَ فِي شِقِّ الشِّمَالِ كَاهِلُه
يريد: أنه لما أخذ القوس ونزع، مال عليها.
قال: ونرى قولهم: (ما سَاءك ونَاءَك)، من هذا.
وكان الأصل (أناءك) فألقي الألف لما اتبعه (ساءك) كما قالوا: (هَنَّأَنِي وَمَرَّأَنِي)، فاتبع مرأني هنأني. ولو أفرد لقال: أمرأني.
وأراد بقوله: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}، أي: وإنه لحبّ المال لبخيل، والشدة: البخل هاهنا، يقال: رجل شديد ومتشدّد.
وقوله سبحانه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، يريد: اجعلنا أئمة في الخير يقتدي بنا المؤمنون، كما قال في موضع آخر:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}، أي: قادة، كذلك قال المفسّرون.
وروي عن بعض خيار السلف: أنه كان يدعو الله أن يحتمل عنه الحديث، فحمل عنه.
وقال بعض المفسرين في قوله: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، أي:اجعلنا نقتدي بمن قبلنا حتى يقتدي بنا من بعدنا. فهم على هذا التأويل متّبعون ومتّبعون).
[تأويل مشكل القرآن: 197-205] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعين واجعلنا للمتّقين إماما}
(وذرّيّتنا)
ويقرأ (وذرّيّاتنا) - سألوا أن يلحق اللّه بهم ذريتهم في الجنة، وأن يجعل أهلهم تقر بهم أعينهم.
{واجعلنا للمتقين إماما} أي واجعلنا ممن يهتدي به المتقون، ويهتدي بالمتقين). [معاني القرآن: 4/78]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين}
قال الضحاك أي مطيعين لك
ثم قال: {واجعلنا للمتقين إماما}
قال الضحاك أي اجعلنا أئمة يقتدى بنا في الخير
وقال الحسن أي اجعلنا نقتدي بالمتقين الذين قبلنا ويقتدي بنا من بعدنا). [معاني القرآن: 5/55]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أولئك يجزون الغرفة} [الفرقان: 75] كقوله: {وهم في الغرفات آمنون} [سبأ: 37] قوله: {بما صبروا} [الفرقان: 75] على طاعة اللّه وعن معصية اللّه.
{ويلقّون فيها} [الفرقان: 75] الجنّة.
{تحيّةً وسلامًا} [الفرقان: 75] التّحيّة السّلام، والسّلام الخير الكثير.
كقوله: {من كلّ أمرٍ {4} سلامٌ هي} [القدر: 4-5] حدّثنا عبد الوهّاب بن مجاهدٍ، عن أبيه قال: {من كلّ أمرٍ {4} سلامٌ هي} [القدر: 4-5]، خيرٌ كلّها {حتّى مطلع الفجر} [القدر: 5] يعني ليلة القدر). [تفسير القرآن العظيم: 1/493]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ويلقون...}

و{يلقّون فيها} كل قد قرئ به و{يلقون} أعجب إليّ؛ لأنّ القراءة لو كانت على {يلقّون} كانت بالباء في العربيّة؛ لأنك تقول: فلان يتلقّى بالسّلام وبالخير. وهو صواب يلقّونه ويلقّون به كما تقول: أخذت بالخطام وأخذته). [معاني القرآن: 2/275]

تفسير قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {خالدين فيها} [الفرقان: 76] لا يموتون ولا يخرجون منها.
{حسنت مستقرًّا} [الفرقان: 76] قرارهم فيها.
قوله: {ومقامًا} [الفرقان: 76] منزلًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/493]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قل ما يعبأ بكم ربّي} [الفرقان: 77] ما يفعل بكم ربّي.
{لولا دعاؤكم} [الفرقان: 77] لولا توحيدكم وإخلاصكم كقوله: {فادعوا اللّه مخلصين له الدّين} [غافر: 14] قال: {فقد كذّبتم} [الفرقان: 77] يعني المشركين.
{فسوف يكون لزامًا} [الفرقان: 77] أخذًا بالعذاب.
يعدهم بيوم بدرٍ.
سعيدٌ عن قتادة قال: كنّا نحدّث أنّه يوم بدرٍ.
فألزمهم اللّه يوم بدرٍ عقوبة كفرهمٍ وجحودهم، فعذّبهم بالسّيف يوم بدرٍ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/493]
وبلغني عن عبد اللّه بن مسعودٍ أنّه كان يقول: قد مضت البطشة الكبرى يوم بدرٍ.
واللّزام والدّخان: الجوع الّذي كان أصابهم بمكّة، والرّوم، والقمر.
قال يحيى: يعني قوله: {اقتربت السّاعة وانشقّ القمر} [القمر: 1].
وأمّا الرّوم فإنّهم غلبوا فارس، وغلب المسلمون المشركين في يومٍ واحدٍ.
وقوله: {سيهزم الجمع ويولّون الدّبر} [القمر: 45] يوم بدرٍ.
وقوله: {حتّى إذا فتحنا عليهم بابًا ذا عذابٍ شديدٍ} [المؤمنون: 77] يوم بدرٍ.
وقوله: {العذاب الأدنى} [السجدة: 21] يوم بدرٍ.
وقوله: {وإنّ للّذين ظلموا عذابًا دون ذلك} [الطور: 47] يوم بدرٍ.
وقوله: {قل يوم الفتح لا ينفع الّذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون} [السجدة: 29] يوم بدرٍ في قول بعضهم.
وقول الحسن: النّفخة الأولى بها يهلك آخر كفّار هذه الأمّة.
- عثمان، عن داود بن أبي هندٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قال: ثلاث آياتٍ قد مضين، اثنتان منهم يوم بدرٍ، يومٌ ذو عذابٍ شديدٍ، {سيهزم الجمع} [القمر: 45]، {وانشقّ القمر} [القمر: 1] عثمان عن الأعمش أنّ ابن عبّاسٍ كان يقول ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/494]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ما يعبأ بكم ربّي...}

ما استفهام أي ما يصنع بكم {لولا دعاؤكم} لولا دعاؤه إياكم إلى الإسلام {فقد كذّبتم فسوف يكون لزاماً} نصبت اللزام لأنك أضمرت في (يكون) اسماً إن شئت كان مجهولاً فيكون بمنزله قوله في قراءة أبيّ (وإن كان ذا عسرةٍ) وإن شئت جعلت فسوف يكون تكذيبكم عذاباً لازماً ذكر أنه ما نزل بهم يوم بدرٍ. والرفع فيه جائز لو أتى. وقد تقول العرب: لأضربنّك ضربةً تكون لزام يا هذا، تخفض كما تقول: دراك ونظار. وأنشد.
لا زلت محتملاً عليّ ضغينةً =حتى الممات تكون منك لزام
قال: أنشدناه في المصادر). [معاني القرآن: 2/275]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {قل ما يعبأ بكم ربّي} ومنه قولهم ما عبأت بك شيئاً أي ما عددتك شيئاً). [مجاز القرآن: 2/82]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فسوف يكون لزاماً} أي جزاء وهو الفيصل قال الهذلي:
فإما ينجوا من حتف يومٍ=فقد لقيا حتوفهما لزاما
يلزم كل عامل ما عمل من خير أو شر وله موضع آخر فسوف يكون هلاكا قال أبو ذؤيب:
ففاجئه بعاديةٍ لزامٍ=كام يتفجّر الحوض اللقيف
الحوض اللقيف الذي قد تهدمت حجارته سقط بعضها على بعض ؛ لزام أي كثيرة بعضها في إثر بعض). [مجاز القرآن: 2/82]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم فقد كذّبتم فسوف يكون لزاماً}
وقال: {ما يعبأ بكم} لأنّها من "عبأت به" فـ"أنّا أعبأ به" "عبأً"). [معاني القرآن: 3/16]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ما يعبأ بكم ربي}: ما عبأت به شيئا أي ما صنعت به شيئا). [غريب القرآن وتفسيره: 280]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قل ما يعبؤا بكم ربّي} مفسر في كتاب «المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 315]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا}
في هذه الآية مضمر وله أشكلت: أي ما يعبأ بعذابكم ربّي لولا ما تدعونه من دونه من الشريك والولد. ويوضّح ذلك قوله: فسوف يكون لزاماً أي يكون العذاب لمن كذّب ودعا من دونه إلها- لازما.
ومثله من المضمر الشاعر:
من شاء دلّى النّفس في هوّة ضنك، ولكن من له بالمضيق
أراد: ولكن من له بالخروج من المضيق؟
وقال الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا}، أي من كان يريد علم العزّة: لمن هي؟ فإنها لله تعالى). [تأويل مشكل القرآن: 438]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم فقد كذّبتم فسوف يكون لزاما}
أي لولا توحيدكم إياه.
وجاء في التفسير {ما يعبأ بكم} ما يفعل بكم وتأويل {ما يعبأ بكم} أي: أيّ وزن يكون لكم عنده، كما تقول: ما عبأت بفلان أي ما كان له عندي وزن ولا قدر.
وأصل العبء في اللغة الثقل، ومن ذلك عبأت المتاع جعلت بعضه على بعض.
وقوله: {فقد كذّبتم فسوف يكون لزاما} جاء في التفسير عن الجماعة أنه يعنى به يوم بدر، وجاء أنه لوزم بين القتلى لزاما.
وقرئت (لزاما)، وتأويله - واللّه أعلم - فسوف يكون تكذيبكم لزاما، يلزمكم فلا تعطون التوبة وتلزمكم العقوبة، فيدخل في هذا يوم بدر.
وغيره مما يلزمهم من العذاب.
وقال أبو عبيدة: لزاما فيصلا، وهو قريب مما قلنا، إلا أن القول أشرح.
وأنشد أبو عبيدة لصخر أخي الهذلي:
فإمّا ينجوا من حتف أرض=فقد لقيا حتوفهما لزاما
وتأويل هذا أن الحتف إذا كان مقدرا فهو لازم، وإن نجا من حتف مكان لحقه في مكان آخر لازما له لزاما.
ومن قرأ (لزاما) بفتح اللام، فهو على مصدر لزم لزاما). [معاني القرآن: 4/79-78]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم}
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أي ما يفعل بكم ربي لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه وتطيعوه
وهذا أحسن ما قيل في الآية كما قال جل وعز: {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم}
وأصل يعبأ من العبء وهو الثقل وقول الشاعر:
كأن بصدره وبجانبيه = عبيرا بات يعبأه عروس

أي يجعل بعضه على بعض
أي أي وزن لكم عند ربكم لولا أنه أراد أن يدعوكم إلى طاعته
وقال القتبي المعنى ما يعبأ بعذابكم ربي لولا دعاؤكم غيره أي لولا شرككم
ثم قال سبحانه: {فقد كذبتم فسوف يكون لزاما}
روى مسروق عن عبد الله قال يعني يوم بدر
وكذلك قال مجاهد والضحاك
قال أبو إسحاق أي فسوف يكون التكذيب لازما يلزمكم ولا تعطون التوبة
وقال القتبي أي فسوف يكون العذاب لزاما
وقال أبو عبيدة لزاما أي فيصلا
وقال مسلم بن عمار سمعت ابن عباس يقرؤها فقد كذب الكافرون فسوف يكون لزاما
وقال أبو زيد سمعت قعنبا يقرأ فسوف يكون لزاما بفتح اللام
قال أبو جعفر وهذا مصدر لزم والأول مصدر لزم
حدثنا بكر بن سهل قال حدثنا أبو صالح قال حدثنا معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم يقول لولا إيمانكم
وأخبر الله جل وعز الكفار أنه لا حاجة له بهم إذا لم يخلقهم مؤمنين ولو كان له بهم حاجة لحبب إليهم الإيمان كما حببه إلى المؤمنين فسوف يكون لزاما قال يقول موتا).
[معاني القرآن: 5/58-56]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م, 08:49 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) }

قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والزور: الباطل والكذب). [إصلاح المنطق: 124] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ويروى عن ابن عباس في هذه الآية: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}، قال: أعياد المشركين. وقال ابن مسعود: الزور: الغناء. فقيل لابن عباس: أو ما هذا في الشهادة بالزور! فقال: لا، إنما آية شهادة الزور {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} ). [الكامل: 3/1172]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} قال: مجالس اللهو). [مجالس ثعلب: 86]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
وألقين فوقي كل ثوب وجدنه = من القر في ليل الشتاء الصنابر
يقال: يوم قَرُّ، وليلة قَرَّة، والصنابر: شدة البرد، والقُرُّ والقُرَّة: البرد). [رواية أبي سعيد السكري لديوان جران العود: 30]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و«الغُرفة» المغروف، و«الغَرْفَة» المرة الواحدة). [المذكور والمؤنث: 107] (م)

تفسير قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 11:44 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 11:45 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 11:46 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "يشهدون" في هذه الآية ظاهر معناها: يشاهدون ويحضرون. و"الزور": كل باطل زور وزخرف، فأعظمه الشرك، وبه فسر الضحاك، وابن زيد، ومنه الغناء، وبه فسر مجاهد، ومنه الكذب، وبه فسر ابن جريج، وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، ومحمد بن علي: المعنى: لا يشهدون الزور، فهي من الشهادة لا من المشاهدة، و"الزور": الكذب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والشاهد بالزور -حاضره ومؤديه- فجرة، فالمعنى الأول أعم، لكن المعنى الثاني أغرق في المعاصي وأنكى.
و "اللغو": كل سقط من فعل أو قول، ويدخل فيه الغناء واللهو وغير ذلك مما قاربه، ويدخل في ذلك سفه المشركين وأذاهم للمؤمنين، وذكر النساء وغير ذلك من
[المحرر الوجيز: 6/462]
المنكر، و"كراما" معناه: معرضين مستخفين يتجافون عن ذلك، ويصبرون على الإيذاء منه، وروي أن عبد الله بن مسعود سمع غناء فأسرع في مشيه وذهب، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لقد أصبح ابن أم عبد كريما، وقرأ الآية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وأما إذا مر المسلم بمنكر فكرمه أن يغيره، وحدود التغيير معروفة). [المحرر الوجيز: 6/463]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {والذين إذا ذكروا بآيات ربهم}، يريد: ذكروا بالقرآن آخرتهم ومعادهم، وقوله: {لم يخروا عليها صما وعميانا} يحتمل تأويلين: أحدهما أن المعنى: لم يكن خروجهم بهذه الصفة بل يكون خروجهم سجدا وبكيا، وهذا كما تقول: لم يخرج زيد للحرب جزعا، أي: إنما خرج جريئا مقدما، أو كأن الذي يخر أصم أعمى هو المنافق أو الشاك، والتأويل الثاني، وإليه ذهب الطبري، وهو أن يخروا عليها صما وعميانا هي صفة للكفار، وهي عبارة عن إعراضهم وجهدهم في ذلك، وقرن ذلك بقولك، قعد فلان يشتمني، وقام فلان يبكي، وأنت لم تقصد الإخبار بقعود ولا قيام، وإنما هي توطئات في الكلام والعبارة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وكأن المستمع للذكر قائم القناة قويم الأمر، فإذا أعرض وضل كان ذلك خرورا، وهو السقوط على غير نظام وترتيب، وإن كان قد شبه به الذي يخر ساجدا، ولكن أصله أنه على غير ترتيب). [المحرر الوجيز: 6/463]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم مدح المؤمنين حال الدعاء إليه في أن يقر العيون بالأهل والذرية. و"قرة العين" يحتمل أن تكون من القرار، ويحتمل أن تكون من القر، وهو الأشهر؛ لأن دمع السرور بارد ودمع الحزن سخن، فمن هذا يقال: أقر الله عينك وأسخن الله عين العدو، وقرة العين في الأزواج والذرية أن يراهم الإنسان مطيعين لله تبارك وتعالى، قاله ابن عباس،
[المحرر الوجيز: 6/463]
والحسن، وحضرمي، وبين المقداد بن الأسود الوجه من ذلك بأنهم كانوا في أول الإسلام يهتدي الابن، والأب كافر، والزوج، والزوجة كافرة، فكانت قرة عيونهم في إيمان أحبابهم. وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، والحسن: "وذرياتنا"، وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وطلحة، وعيسى: "وذريتنا" بالإفراد.
وقوله تعالى: {للمتقين إماما} قيل: هو جمع "آم"، مثل قائم وقيام، وقيل: هو مفرد اسم جنس، أي: اجعلنا يأتم بنا المتقون، وهذا لا يكون إلا أن يكون الداعي متقيا قدوة، وهذا هو قصد الداعي، قال إبراهيم النخعي: لم يطلبوا الرياسة، بل أن يكونوا قدوة في الدين، وهذا حسن أن يطلب ويسعى له). [المحرر الوجيز: 6/464]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما}
قرأ أبي بن كعب: "يجازون" بألف، و"الغرفة" من منازل الجنة، وهي الغرف فوق الغرف، وهي اسم جنس، كما قال:
ولولا الحبة السمرا ء لم أحلل بواديكم
وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: "ويلقون" بضم الياء وفتح اللام وشد القاف، وهي قراءة أبي جعفر، وشيبة، والحسن، وقرأ حمزة، والكسائي، وابن عامر، وعاصم، وطلحة، ومحمد اليماني، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ويلقون" بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف، واختلف عن عاصم). [المحرر الوجيز: 6/464]

تفسير قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)}

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {قل ما يعبأ بكم ربي} الآية. أمر لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يخاطب بذلك، و"ما" تحتمل النفي، وتحتمل التقرير، والكلام في نفسه يحتمل تأويلات: أحدها أن تكون الآية إلى قوله: {لولا دعاؤكم} خطابا لجميع الناس، فكأنه قال لقريش منهم:
[المحرر الوجيز: 6/464]
ما يبالي الله بكم، ولا ينظر إليكم لولا عبادتكم إياه أن لو كانت، وذلك الذي يعبأ بالبشر من أجله، قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}. وقال النقاش: المعنى: لولا استغاثتكم إليه في الشدائد، ونحو ذلك، فهو عرف الناس المرعي فيهم. وقرأ ابن الزبير وغيره: "فقد كذب الكافرون"، وهذا يؤيد أن الخطاب بـ ما يعبأ بكم هو لجميع الناس، ثم يقول لقريش: فأنتم قد كذبتم ولم تعبدوه، فسوف يكون العذاب أو يكون التكذيب الذي هو سبب العذاب- لزاما.
والثاني أن يكون الخطاب بالآيتين لقريش خاصة، أي: ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم الأصنام دونه، فإن ذلك يوجب تعذيبكم.
والثالث وهو قول مجاهد: ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم إلى شرعه، فوقع منكم الكفر والإعراض.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والمصدر في هذا التأويل مضاف إلى المفعول، وفي الأولين مضاف إلى الفاعل، و"يعبأ" مشتق من العبء وهو من الثقل الذي يعبأ ويرتب كما يعبأ الجيش. قال ابن جني: قرأ ابن الزبير وابن عباس رضي الله عنهما: "فقد كذب الكافرون"، قال الزهراوي: وهي قراءة ابن مسعود، قال: وهي على التفسير.
وأكثر الناس على أن اللزام المشار إليه في هذا الموضع هو يوم بدر، وهو قول أبي بن كعب، وابن مسعود، والمعنى: فسوف يكون جزاء التكذيب. وقالت فرقة: هو توعد بعذاب الآخرة. وقال ابن مسعود: اللزام هو التكذيب نفسه، أي: لا يعطون توبة، ذكره الزهراوي، وقال ابن عباس -رضي الله عنهما- أيضا: اللزام الموت، وهذا نحو القول ببدر، وإن أراد به متأول الموت المعتاد في الناس عرفا فهو ضعيف، وقرأ جمهور الناس: "لزاما" بكسر اللام، من لوزم، وأنشد أبو عبيدة لصخر الغي:
[المحرر الوجيز: 6/465]
فإما ينجوا من حتف أرض ... فقد لقيا حتوفهما لزاما
وقرأ أبو السمال: "لزاما" بفتح اللام، من لزم، والله أعلم). [المحرر الوجيز: 6/466]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 15 محرم 1440هـ/25-09-2018م, 03:22 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 15 محرم 1440هـ/25-09-2018م, 03:26 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والّذين لا يشهدون الزّور وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا (72) والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا (73) والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ واجعلنا للمتّقين إمامًا (74)}
وهذه أيضًا من صفات عباد الرّحمن، أنّهم: {لا يشهدون الزّور} قيل: هو الشّرك وعبادة الأصنام. وقيل: الكذب، والفسق، واللّغو، والباطل.
وقال محمّد بن الحنفيّة: [هو] اللّهو والغناء.
وقال أبو العالية، وطاوس، ومحمّد بن سيرين، والضّحّاك، والرّبيع بن أنسٍ، وغيرهم: هي أعياد المشركين.
وقال عمرو بن قيسٍ: هي مجالس السّوء والخنا.
وقال مالكٌ، عن الزّهريّ: [شرب الخمر] لا يحضرونه ولا يرغبون فيه، كما جاء في الحديث: "من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يجلس على مائدةٍ يدار عليها الخمر".
وقيل: المراد بقوله تعالى: {لا يشهدون الزّور} أي: شهادة الزّور، وهي الكذب متعمدا على غيره، كما [ثبت] في الصّحيحين عن أبي بكرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ألا أنبّئكم بأكبر الكبائر" ثلاثًا، قلنا: بلى، يا رسول اللّه، قال: "الشّرك باللّه، وعقوق الوالدين". وكان متّكئًا فجلس، فقال: "ألا وقول الزّور، ألا وشهادة الزّور [ألا وقول الزّور وشهادة الزّور]. فما زال يكرّرها، حتّى قلنا: ليته سكت.
والأظهر من السّياق أنّ المراد: لا يشهدون الزّور، أي: لا يحضرونه؛ ولهذا قال: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا} أي: لا يحضرون الزّور، وإذا اتّفق مرورهم به مرّوا، ولم يتدنّسوا منه بشيءٍ ؛ ولهذا قال: {مرّوا كرامًا}.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو الحسين العجليّ، عن محمّد بن مسلمٍ، أخبرني إبراهيم بن ميسرة، أنّ ابن مسعودٍ مرّ بلهوٍ معرضًا فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "لقد أصبح ابن مسعودٍ، وأمسى كريمًا".
وحدّثنا الحسن بن محمّد بن سلمة النّحويّ، حدّثنا حبّان، أنا عبد اللّه، أنا محمّد بن مسلمٍ، أخبرني ابن ميسرة قال: بلغني أنّ ابن مسعودٍ مرّ بلهوٍ معرضًا فلم يقف، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " لقد أصبح ابن مسعودٍ وأمسى كريمًا". ثمّ تلا إبراهيم بن ميسرة: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا}). [تفسير ابن كثير: 6/ 130-131]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} [و] هذه من صفات المؤمنين {الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربّهم يتوكّلون} [الأنفال:2]، بخلاف الكافر، فإنّه إذا سمع كلام اللّه لا يؤثّر فيه ولا يقصر عمّا كان عليه، بل يبقى مستمرًّا على كفره وطغيانه وجهله وضلاله، كما قال تعالى: {وإذا ما أنزلت سورةٌ فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيمانًا فأمّا الّذين آمنوا فزادتهم إيمانًا وهم يستبشرون. وأمّا الّذين في قلوبهم مرضٌ فزادتهم رجسًا إلى رجسهم} [التّوبة: 124 -125].
فقوله: {لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} أي: بخلاف الكافر الّذي ذكّر بآيات ربّه، فاستمرّ على حاله، كأن لم يسمعها أصمّ أعمى.
قال مجاهدٌ: قوله: {لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} لم يسمعوا: ولم يبصروا، ولم يفقهوا شيئًا.
وقال الحسن البصريّ: كم من رجلٍ يقرؤها ويخرّ عليها أصم أعمى.
وقال قتادة: قوله تعالى: {والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} يقول: لم يصمّوا عن الحقّ ولم يعموا فيه، فهم -واللّه -قومٌ عقلوا عن اللّه وانتفعوا بما سمعوا من كتابه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أسيد بن عاصمٍ، حدّثنا عبد اللّه بن حمران، حدّثنا ابن عون قال: سألت الشّعبيّ قلت: الرّجل يرى القوم سجودًا ولم يسمع ما سجدوا، أيسجد معهم؟ قال: فتلا هذه الآية: {والّذين إذا ذكّروا بآيات ربّهم لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} يعني: أنّه لا يسجد معهم لأنّه لم يتدبّر آية السّجدة فلا ينبغي للمؤمن أن يكون إمّعةً، بل يكون على بصيرةٍ من أمره، ويقينٍ واضحٍ بيّن). [تفسير ابن كثير: 6/ 131-132]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ} يعني: الّذين يسألون اللّه أن يخرج من أصلابهم وذرّيّاتهم من يطيعه ويعبده وحده لا شريك له.
قال ابن عبّاسٍ: يعنون من يعمل بالطّاعة، فتقرّ به أعينهم في الدّنيا والآخرة.
وقال عكرمة: لم يريدوا بذلك صباحةً ولا جمالًا ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين.
وقال الحسن البصريّ -وسئل عن هذه الآية -فقال: أن يري اللّه العبد المسلم من زوجته، ومن أخيه، ومن حميمه طاعة اللّه. لا واللّه ما شيءٌ أقرّ لعين المسلم من أن يرى ولدًا، أو ولد ولدٍ، أو أخا، أو حميمًا مطيعًا للّه عزّ وجلّ.
وقال ابن جريج في قوله: {هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ} قال: يعبدونك ويحسنون عبادتك، ولا يجرّون علينا الجرائر.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: يعني: يسألون اللّه لأزواجهم وذرّيّاتهم أن يهديهم للإسلام.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يعمر بن بشرٍ حدّثنا عبد اللّه بن المبارك، أخبرنا صفوان بن عمرٍو، حدّثني عبد الرّحمن بن جبير بن نفيرٍ، عن أبيه قال: جلسنا إلى المقداد بن الأسود يومًا، فمرّ به رجلٌ فقال: طوبى لهاتين العينين اللّتين رأتا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم! لوددنا أنّا رأينا ما رأيت، وشهدنا ما شهدت. فاستغضب، فجعلت أعجب، ما قال إلّا خيرًا! ثمّ أقبل إليه فقال: ما يحمل الرّجل على أن يتمنّى محضرًا غيّبه اللّه عنه، لا يدري لو شهده كيف كان يكون فيه؟ واللّه لقد حضر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أقوامٌ أكبّهم اللّه على مناخرهم في جهنّم، لم يجيبوه ولم يصدّقوه، أو لا تحمدون اللّه إذ أخرجكم لا تعرفون إلّا ربّكم مصدّقين لما جاء به نبيّكم، قد كفيتم البلاء بغيركم؟ لقد بعث اللّه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على أشدّ حالٍ بعث عليها نبيًّا من الأنبياء في فترةٍ من جاهليّةٍ، ما يرون أنّ دينًا أفضل من عبادة الأوثان. فجاء بفرقان فرق به بين الحقّ والباطل، وفرق بين الوالد وولده، حتّى إن كان الرّجل ليرى والده وولده، أو أخاه كافرًا، وقد فتح اللّه قفل قلبه للإيمان، يعلم أنّه إن هلك دخل النّار، فلا تقرّ عينه وهو يعلم أنّ حبيبه في النّار، وإنّها الّتي قال اللّه تعالى: {والّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ}. وهذا إسنادٌ صحيحٌ، ولم يخرجوه.
وقوله: {واجعلنا للمتّقين إمامًا} قال ابن عبّاسٍ، والحسن، وقتادة، والسّدّيّ، والرّبيع بن أنسٍ: أئمّةً يقتدى بنا في الخير.
وقال غيرهم: هداةً مهتدين [ودعاةً] إلى الخير، فأحبّوا أن تكون عبادتهم متّصلةً بعبادة أولادهم وذرّيّاتهم وأن يكون هداهم متعدّيًا إلى غيرهم بالنّفع، وذلك أكثر ثوابًا، وأحسن مآبًا؛ ولهذا ورد في صحيح مسلمٍ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلّا من ثلاثٍ: ولدٍ صالحٍ يدعو له، أو علمٍ ينتفع به من بعده، أو صدقةٍ جاريةٍ"). [تفسير ابن كثير: 6/ 132-133]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقّون فيها تحيّةً وسلامًا (75) خالدين فيها حسنت مستقرًّا ومقامًا (76) قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم فقد كذّبتم فسوف يكون لزامًا (77)}.
لـمّا ذكر تعالى من أوصاف عباده المؤمنين ما ذكر من [هذه] الصّفات الجميلة، والأفعال والأقوال الجليلة -قال بعد ذلك كلّه: {أولئك} أي: المتّصفون بهذه {يجزون} أي: يوم القيامة {الغرفة} وهي الجنّة.
قال أبو جعفرٍ الباقر، وسعيد بن جبيرٍ، والضّحّاك، والسّدّيّ: سمّيت بذلك لارتفاعها.
{بما صبروا} أي: على القيام بذلك {ويلقّون فيها} أي: في الجنّة {تحيّةً وسلامًا} أي: يبتدرون فيها بالتّحيّة والإكرام، ويلقون [فيها] التّوقير والاحترام، فلهم السّلام وعليهم السّلام، فإنّ الملائكة يدخلون عليهم من كلّ بابٍ، سلامٌ عليكم بما صبرتم، فنعم عقبى الدّار). [تفسير ابن كثير: 6/ 133]

تفسير قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {خالدين فيها} أي: مقيمين، لا يظعنون ولا يحولون ولا يموتون، ولا يزولون عنها ولا يبغون عنها حولًا كما قال تعالى: {وأمّا الّذين سعدوا ففي الجنّة خالدين فيها ما دامت السّموات والأرض إلا ما شاء ربّك عطاءً غير مجذوذٍ} [هودٍ: 108].
وقوله {حسنت مستقرًّا ومقامًا} أي: حسنت منظرا وطابت مقيلا ومنزلا). [تفسير ابن كثير: 6/ 133]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى: {قل ما يعبأ بكم ربّي} أي: لا يبالي ولا يكترث بكم إذا لم تعبدوه؛ فإنّه إنّما خلق الخلق ليعبدوه ويوحّدوه ويسبّحوه بكرةً وأصيلًا.
وقال مجاهدٌ، وعمرو بن شعيبٍ: {ما يعبأ بكم ربّي} يقول: ما يفعل بكم ربّي.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم} يقول: لولا إيمانكم، وأخبر اللّه الكفّار أنّه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين، ولو كان له بهم حاجةٌ لحبّب إليهم الإيمان كما حبّبه إلى المؤمنين.
وقوله: {فقد كذّبتم} أي: أيّها الكافرون {فسوف يكون لزامًا} أي: فسوف يكون تكذيبكم لزامًا لكم، يعني: مقتضيًا لهلاككم وعذابكم ودماركم في الدّنيا والآخرة، ويدخل في ذلك يوم بدرٍ، كما فسّره بذلك عبد اللّه بن مسعودٍ، وأبيّ بن كعبٍ، ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ، ومجاهدٌ، والضّحّاك، وقتادة، والسّدّيّ، وغيرهم.
وقال الحسن البصريّ: {فسوف يكون لزامًا} يعني: يوم القيامة. ولا منافاة بينهما. والله أعلم). [تفسير ابن كثير: 6/ 134]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة