العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم اللغة > جمهرة معاني الحرف وأسماء الأفعال والضمائر والظروف > جمهرة معاني الحروف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 01:05 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي أمَّا وإمَّا


عناصر الموضوع:
-شرح أبي بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ)
- شرح أبي
القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجَّاجيُّ (ت: 340هـ)
- شرح علي بن عيسى الرماني(ت:388ه)
-شرح أبي الحسن علي بن محمد الهروي النحوي (ت: 415هـ)
- شرح إسماعيل بن أحمد الحيري الضرير (ت: 431هـ)
- شرح أحمد بن عبد النور المالقي(ت:702ه)

- شرح
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ)
- شرح الحسن بن قاسم المرادي(ت:749ه)
- شرح عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري(ت:761ه)

- شرح علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ)
-شرح ابن نور الدين الموزعي(ت: 825هـ)
- شرح عبد الله بن محمد البيتوشي(ت:1211ه)
- شرح محمد عبد الخالق عضيمة (ت:1404ه)


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 08:02 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


- "إما" التكرير
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (و "إما" التكرير مثل قولهم: "إما" زيدًا رأيت و"إما" عمرًا، "إما" زيدٌ أتاني و"إما" عمرو، و: مررت "إما" بزيدٍ و"إما" بعمروٍ.
ولابد من أن تكرر "إما"، والكلام يجري على ما يقتضيه الإعراب). [المحلى: 293]

- "أما"، بفتح "الألف"
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (و "أما" بفتح "الألف"، فلابد من "فاء" تكون عمادًا، تقول: "أما" زيدٌ فعاقلٌ، و: "أما" محمدٌ فلبيبٌ، "فالفاء" عماد، والعاقل خبر الابتداء، قال الله جل ذكره: {أما السفينة فكانت لمساكين}، وقال: {فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر}، نصب: اليتيم والسائل، برجوع الفعل عليهما، و"الفاء" عماد). [المحلى: 293]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 08:03 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

"إمّا"
قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجَّاجيُّ (ت: 340هـ): ( "إمّا" المكسورة لها ثلاثة مواضع: تكون تخييرا، كقولك: اقصد "إمّا" زيدا و"أما" عمرا، وتكون جزاء، كقولك: "إمّا" تكرمني أكرمك، معناه: "إن" تكرمني أكرمك و"ما" زائدة، ومنه قول الله تعالى: {فإمّا ترينّ من البشر أحدا} ).[حروف المعاني والصفات: 63 - 64]

"أما"
قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجَّاجيُّ (ت: 340هـ): (126) "أما" المفتوحة المشدّدة لها وجهان: تكون حرفا متضمنا معنى الجزاء إلّا أنه لا يقع بعده "إلّا" الاستئناف، ويستقبل "بالفاء"، كقولك: "أما" زيد فمنطلق قال الله تعالى: {فأمّا اليتيم فلا تقهر}، وتكون حرفا مركبا من حرفين في بعض كلامهم ،كقولك: "أما" أنت منطلقًا فأنطلق معك، معناه: لأن كنت منطلقًا فأنطلق معك). [حروف المعاني والصفات: 64]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 08:06 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

الفرق بين "أما" و"إمّا"
قال أبو الحسن علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الرماني (ت: 388هـ): (الفرق بين "أما" و"إمّا"
الفرق بين "أما" و"إمّا"
أن "أما" للاستئناف بتفصيل جملة قد جرى ذكرها نحو قول القائل أخبرني عن أحوال القوم فتقول مجيبا له "أما" زيد فخارج و"أما" عمرو فمقيم و"أما" خالد فسرق وكذلك إذا قلت حرف كذا على أربعة أوجه "أما" الأول فكذا و"أما" الثّاني فكذا وهكذا حتّى تأتي على تفصيل جملة العدد الّذي بدأت به وليس كذلك "إمّا" لأن معناها معنى "أو" في الشّك والتخيير والإباحة وأخذ الشّيئين على الإبهام لا فرق بينهما "إلّا" من جهة أنه ب "إمّا" شاكا نحو ضربت "إمّا" زيدا و"إمّا" عمرا فإذا أتيت ب "أو" دللت على الشّك عند ذكر التّالي نحو قولك ضربت زيدا "أو" عمرا). [منازل الحروف: 56 - 57]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 08:08 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

باب: "إمَّا" و"أمَّا"
قال أبو الحسن علي بن محمد الهروي النحوي (ت: 415هـ): (باب: "إمَّا" و"أمَّا"
اعلم أن "إمَّا" المكسورة لها أربعة مواضع:
تكون: شكًا بمعنى "أو" كقولك: «رأيت "إما" زيدًا و"إما" عمرًا».
وتكون: تخييرًا، كقول: «كل "إما" تمرًا و"إمَّا" سمكًا» أي اختر أحد هذين، ولا تجمعهما.
وتكون: إباحة، كقولك: «جالس "إمّا" زيدًا و"إمَّا" عمرًا»، أي: قد أبحت لك مجالستهما، وهي تكون مكررة في هذه المواضع، قال الله تعالى: {إمَّا أن تعذب وإمَّا أن تتخذ فيهم حسنًا}، إنما هو: هذا "أو" هذا، وكذلك قوله: {إما أن تلقي وإمَّا أن نكون نحن الملقين}، {إما يعذبهم وإمَّا يتوب عليهم}، {إمَّا العذاب وإما الساعة}، {إمَّا منًا بعد وإمَّا فداء}، هذا كله تخيير، ونصب
«منّا» و«فداء» على تقدير: و"إمَّا" مننتم منًّا أو فاديتم فداءٍ.
وأما قوله: {إنّا هديناه السبيل إمَّا شاكرًا وإمَّا كفورًا} فقال الفراء: معناه إنّا هديناه السبيل "إن" شكر "أو" كفر، تكون "إن" للشرط، و"ما" زائدة، وقال غيره من البصريين: إن "إمَّا" ها هنا بمعنى التخيير، أراد: إنا هديناه السبيل وخيرناه، وليس يقع الشك من الله تعالى.
وقد يجوز أن تأتي بـ "إما" غير مكررة إذا كان في الكلام عوضٌ من تكريرها، تقول: «"إما" أن تكلمني و"إلا" فاسكت» المعنى: "إما" أن تكلمني و"إما" أن تسكت.
قال المثقب العبدي يخاطب عمرو بن هند الملك
فإما أن تكون أخي بصدقٍ ....فأعرف منك غثي من سميني
وإلا فاطر حني واتخذني .... عدوًا أتقيك وتتقيني
فلو أنا على حجرٍ ذبحنا .... جرى الدميان بالخبر اليقين
أنشد أبو بكر بن درير هذا البيت الأخير مع بيتين غير هذين:
لعمرك إنني وأنا رياح .... على طول التجاور منذ حين
ليبغضني وأبغضه وأيضًا .... يراني دونه وأراه دوني
فلو أنا على حجرٍ ذبحنا .... جرى الدميان بالخبر اليقين
يريد أنهما لشدة العداوة لا تختلط دماؤهما، فلو ذبحا على حجرٍ لافترق الدميان.
وقال الفراء: قد أفردت العرب "إما" من غير أن تذكر "إما" سابقة، وهي تعني بها "أو" وأنشد:
تلم بدارٍ قد تقادم عهدها .... وإما بأمواتٍ ألم خيالها
أراد: أو بأموات.
واعلم أن "إما" لا تقع في النهي، لا يجوز أن تقول: «لا تضرب "إما" زيدًا و"إما" عمرًا» لأنها تخيير، وأنت قد نهيته عن الفعل، فالكلام مستحيل.
والموضع الرابع: تكون "إما" جزاء بمعنى "إن" وتكون "ما" زائدة للتوكيد، وتدخل معها "نون" التوكيد، كقولك: «"إما" تقومن أقم» و«و"إما" تأتيني آتيك»، و«"إما" ترين زيدًا فأكرمه»، والتقدير: "إن" تأتني، و"إن" تر، قال الله تعالى: {وإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم}. المعنى: فإن تثقفهم.
وقال: {فإما ترين من البشر أحدًا فقولي إني نذرت للرحمن صومًا}، وقال: {وإما تخافن من قومٍ خيانة فانبذ إليهم على سواء}، وإنما أدخلت "نون" التوكيد في الجزاء بـ "إن" إذا وصلت بـ "ما" للفرق بين "إما" إذا كانت للجزاء وبينها إذا كانت للتخيير في قولك: «"إما" تقوم و"إما" تقعد» فإن حذفت "ما" من "إن" لم يجز إدخال "النون"، لا تقول: «"إن" تقومن أقم» لأن حرف الجزاء لا يجلب "نون" التوكيد.
وقد جاء في الشعر الجزاء بـ "إما" بغير "نون" التوكيد، قال الأعشى.
إما ترينا حفاةً لا نعال لنا.... أنا كذلك ما نحفي وننتعل
واعلم أن "إما" في الشك والتخيير حرف واحد وأما في الجزاء فهي مركبة من "إن" التي للجزاء، و"ما" فهي في التقدير حرفان.
وأما "أما" المفتوحة فهي حرف واحد، وهي إخبار ولا يليها إلا الاسم، وتدخل على الابتداء، وهي متضمنة معنى الجزاء، ولا بد لها من جوابٍ "بالفاء" لأن فيها معنى الجزاء، ويرتفع ما بعدها بالابتداء، إذا لم يقع عليه فعل، كقولك: «"أما" زيدٌ فمنطلق»، «زيدٌ»: ابتداء، و«منطلق» خبره، وأدخلت "الفاء" لجواب "أما" لأن فيها معنى الجزاء، كأنك قلت: زيدٌ مهما يكن من أمره فمنطلق.
ولا تدخل "الفاء" على خبر الابتداء إلا بعد "إما"، وإذا كان في الكلام معنى الجزاء، كقولك: «الذي يقوم فله درهم» لأن الدرهم يجب له بالقيام، ولو قلت: «زيدٌ فقائم»، أو «زيدٌ فله درهم» لم يجز، لأنه ليس له قبل "الفاء" ها هنا شيءٌ فيه معنى الجزاء، ومثله: «"أما" طعامك فيطيب»، و«"أما" زيدٌ فقائم»، «"أما" أبوك فرأيته» و«"أما" زيدٌ فأبوه منطلق»، قال الله تعالى: {أما السفينة فكانت لمساكين}، {وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين}، فإن وقع بعد "الفاء" فعل يعمل في الاسم الذي بعد "أما" نصبته به، وزال معنى الابتداء كما يزول في غير هذا الموضع بدخول العوامل، فتقول: «"أما" زيد فرأيت»، و«"أما" أخاك فأكرمت»، يجري الكلام في الإعراب مع دخولها مجراه قبل دخولها، قال الله عز وجل: {فأما اليتيم فلا تقهر}، نصب «اليتيم» بوقوع الفعل عليه، وقال: {وأما ثمود فهديناهم}، فرفع بالابتداء لاشتغال الفعل عنهم بضميرهم، وقد قرأ بعض القراء: {وأما ثمود فهديناهم} بالنصب وينشد هذا البيت على وجهين: على الرفع وعلى النصب، قال بشر بن أبي خازم:
فأما تميم تميم بن مر .... فألفاهم القوم وربى نياما
«روبى»: الذين استثقلوا نومًا، الواحد: روبان.
واعلم أن: "أما" المفتوحة مستغنية بنفسها عن التكرير، فإن كرتها فلعطفك كلامًا على كلام، كما قال الله عز وجل: {فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث}، وكما قال عمرو بن كلثوم:
فأما يوم خشيتنا عليهم .... فتصبح خيلنا عصبًا ثبينا
وأما يوم لا نخشى عليهم .... فنمعن غارة متلببينا
وفي كلام العرب "أما" أخرى، وهي مركبة من حرفين، من "أن" و"ما" وذلك قولك: «"أما" أنت منطلقًا انطلقت معك»، و«"أما" أنت سائرًا سرت معك» قال سيبويه: تقديره: أن كنت سائرًا سرت معك، فحذفت "كان" من اللفظ وأضمرت، وزيدت "ما" لتكون عوضًا من حذف الفعل، كما كانت "الهاء" و"الألف" عوضًا في «الزنادقة» و«اليماني» ولا تكون "أما" هذه إلا مفتوحة والخبر منصوب على خبر "كان" وأنشد سيبويه:
أبا خراشة أما أنت ذا نفرٍ .... فإن قومي لم تأكلهم الضبع
قال سيبويه: إن أظهرت الفعل كسرت "إما" ولم يجز فتحها، فقلت: «"إما" كنت منطلقًا انطلقت معك» ولا يجوز حذف الفعل مع "إما" المكسورة؛ لأن "إن" هذه للجزاء ضمت إليها "ما" ولا يجوز حذف الفعل بعد حرف الجزاء، لأن الجزاء لا يكون إلا بفعلٍ، ولا يجوز إظهاره مع المفتوحة عند سيبويه، والمبرد يجيز إظهار الفعل مع المفتوحة فتقول: «"أما" كنت منطلقًا انطلقت معك»، وإن شئت أدخلت "ما" زائدة فيجوز معها إظهار الفعل، كما كان يجوز قبل دخولها، فتقول: «"أما" كنت منطلقًا انطلقت معك».
ومن العرب من يقول: "أيما" في معنى "أما" أنشد الفراء:
مبتلةً هيفاءُ أيما وشاحها ....فيجري وأيما الحجل منها فلا يجري
"أيما" معناه: "أما"، وقال عمرو بن أبي ربيعة في مثله:
رأت رجلًا أيما إذا الشمس عارضت .... فيضحى وأيما بالعشي فيخصر).
[الأزهية: 139 - 148]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 08:09 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي



"إما"
قال إسماعيل بن أحمد الحيري الضرير (ت: 431هـ): (

باب "إما" مكسورة "الألف" على وجهين:
أحدهما: بمعنى "مهما"، نحو قوله: {فإما يأتينكم مني هدى} (البقرة 38).
والثاني: بمعنى التخيير، كقوله: {إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا} (الكهف 86)، وقوله: {فإما منا بعد وإما فداء} (محمد 4) ). [وجوه القرآن: 83]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 08:11 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

باب "أمَّا" المفتوحة المشددة
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "أمَّا" المفتوحة المشددة
اعلم أن "أمَّا" تكون بمعنى "مهما" الشرطية ولا تعمل عملها، ويكون فيها معنى التفصيل زائدًا لذلك، فتقول: "أما" زيدٌ فمنطلقٌ، و"أما" أخوك فشاخصٌ، والمعنى: "مهما" يكن من شيء فزيدٌ منطلق "أو" أخوك شاخصٌ، قال الله تعالى: {فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث}، فدخلت "الفاء" في جوابها كما تدخل في أجوبة الشرطة لما فيها من معنى "مهما" وفيها اختصاصٌ بالتفصيل كما ذكر.
وقولهم في ابتداء الكتب والرسائل: "أما" بعدُ، فمعناه: "مهما" يكن من شيء بعد حمد الله، فنابت "أما" مناب أداة الشرط وفعله، ولكن لما تغير سياق الكلام خرجت من محلها "الفاء" من ابتداء الجملة وصارت في الخبر، فقلت: «"أما" زيدٌ فمنطلق»، قال الشاعر:
أما الرحيل فدون بعد غدٍ .... فمتى تقول الدار تجمعنا
والمعنى: "مهما" يكن من شيء فالرحيل دون بعد غد.
ولا يلزم تكريرها خلافًا لبعضهم، فإنه يرى أن التفصيل لا يكون إلا بتكرار الفصل بينه وبين الأول، وهذا غير لازم، اللهم [إن كان في اللفظ معه، و"أما" في المعنى فلا يلزم]، ومنه «"أما" الرحل» البيت، وهي عند بعضهم فصلُ الخطاب الذي في قوله تعالى: {وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب}؛ لأن داود عليه السلام أول من نطق بها.
ويجوز أن تقلب "ميمها" الأولى "ياءً" تخفيفًا كقوله:
رأت رجلًا أيما إذا الشمس عارضت .... فيضحى وأيما بالعشي فيخصر
أراد "أما" فخفف، و"أما" قول الشاعر:
وما أنت أما ذكرها ربيعة .... يُخطُّ لها من ثرمداء قليب
فإنها "أم" المقطوعة دخلت على "ما" الاستفهامية، و"أما" قول الآخر:
أبا خُراشة أما أنت ذا نفرٍ .... فإن قومي لم تأكلهم الضبع
فهي "أن" دخلت في المعنى على "كنت" فحذفت "كان" وعوِّض منها "ما" وانفصل الضمير فصار "أنت"، ولذلك انتصب «ذا نفر» بعده، فليسا من الباب). [رصف المباني: 97 - 99]

باب "إما" المكسورة المشددة
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "إما" المكسورة المشددة
اعلم أن "إمَّا" حرفٌ من حروف العطف خلافًا لبعض النحويين كأبي علي الفارسي ومن تبعه، فإنه يذهب إلى أنها ليست حرف عطفٍ، لأن حرف العطف لا يخلو من أن يعطف مفردًا على مفرد أو جملةً على جملةٍ، وأنت إذا قلت: «ضربت "إما" زيدًا و"إما" عمرًا» تجدها أول، قبل المعطوف عليه عرية عن العطف، وتجد "الواو" ثانية قد دخلت عليها وهي حرفُ عطفٍ فلا يجتمع حرفا عطف.
والصحيح أنها حرف عطف وهو نص الصيمري في تبصرته لأنه قال: وإنما دخلت "إما" الأولى لتؤذن أن الكلام مبني على ما لأجله جيء بها، ودخلت "الواو" ثانية تنبئ بأن "إما" الثانية هي الأولى، قال: لا يصح أن تكون "الواو" عاطفة للكلام لأنه فاسد، لأن "الواو" مشتركة لفظًا ومعنى، والكلام الذي فيه "إما" ليس على ذلك بل على المخالفة من جهة المعنى.
وهو الذي ذكر الصيمري هو الحق، وهو ظاهرُ مذهب سيبويه ومذهب أئمة المتأخرين المحذقين كأبي موسى الجزولي وغيره، وفيه الردُّ على أبي علي وأتباعه ضرورةً.
ولها في الباب أربعة معانٍ: معنيان في الطلب ومعنيان في الخبر،
فاللذان في الطلب هما التخيير، كقول: «كل "إما" سمكًا و"إما" جبنًا»، والإباحة، كقولك: «خذ "إما" دينار ذهبٍ و"إما" نصفي دينار»، ومنه قوله تعالى: {فإما منا بعد وإما فداء}.
والفرق بينهما أن المأمور، "له" أن يجمع بين الشيئين في الإباحة وليس له ذلك في التخيير.
والمعنيان اللذان في الخبر الشك، كقول: قام "إما" زيدٌ و"إما" عمروٌ، وتمثيل الإبهام كذلك، إلا أن الفرق بينهما أن المخبر في الشك لا يعلم من فعل الفعل، وفي الإبهام يعلمه ويريد الاستبهام على السامع.
وأكثر "ما" تكون مكسورة "الهمزة" كما تقدم، وقد جاء فتحها كما قال الشاعر:
تنفحها أما شمال عرية .... وأما صبا جنح الظلام هبوب
هكذا روي بفتح "الهمزة" فيها، وقد جاء فيها قلب "ميمها" الأولى "ياءً" تخفيفًا كما فعل بـ "أما" في الباب [قبل هذا]، قال الشاعر:
.... .... .... ........ أيما إلى جنةٍ أيما إلى نار
وهو قليلٌ من جهة ما ذكرنا، ومن جهة [حذف] "الواو" قبل الثانية، كما جاء حذف "ما" منها ضرورةً، قال الشاعر.
.... .... .... .... .... فإن جزعا وإن إجمال صبر
والتقدير: "فإما" تجزع جزعًا ، و"إما" تتخذ إجمال صبرٍ، والأكثر أيضًا فيها أن تكرر، وقد جاءت دون تكرار، قال الشاعر:
تهاضُ بدارٍ قد تقادم عهدها .... وإما بأمواتٍ ألم خيالها
وقد نابت "إن" الشرطية و"لا" النافية مناب الثانية وهو قليل، قال الشاعر:
فإما أن تكون أخي بحقٍ .... فأعرف منك غثي من سميني
وإلا فاطرحني واتخذني .... عدوًا أتقيك وتتقيني
و"أما" قول الشاعر:
فإما تريني ولي لمةُ ..... فإن الحوادث أودى بها
وقوله:
فإما تريني لا أغمض ساعةً .... من الليل إلا أن أكب فانعسا
وقوله تعالى: {فإما ترين من البشر أحدًا} فليست "إما" هذه من الباب وإنما هي التي للشرط دخلت عليها "ما" الزائدة للتوكيد ولذلك انجزم ما بعدها من ...، ودخلت "النون" على الفعل في الآية للتوكيد مشددةً، وحذفت في البيتين "النون" التي للرفع للجزم، وأُعل على ما يقتضيه تصريف «رأى» ويجوز حذف "ما" في هذه، وتبقى "إن" الشرطية، فليست من الباب فاعلمه). [رصف المباني: 100 - 103]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 08:13 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

"إمّا"
قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ):"إمّا" المسبوقة بمثلها على مذهب الأكثر، ومذهب أبي عليٍّ وابن كيسانّ أنّها ليست بعاطفةٍ، والعطف "بالواو" قبلها.
وتجيء لشكٍّ، أو إبهامٍ، أو تخييرٍ.
والأفصح كسر "همزتها"، وجاء فتحها، والأفصح أن تستعمل أيضاً مكرّرةً.
والفرق بينها وبين "أو" أنّ الكلام معها أوّلاً مبنيٌّ على الشكّ، بخلاف "أو".
وهي و "أو" يشتركان في الإعراب، لا في المعنى، وقيل: وفي المعنى). [التحفة الوفية: ؟؟]

حروف التفصيل
قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (ومنها التفصيل:
وحروفه: "إمّا"، و"أو" العاطفتان في أحد محاملهما، كقوله تعالى: {كونوا هوداً أو نصارى}، و"أمّا" الشرطيّة، نحو: "أمّا" زيدٌ فقائمٌ، و"أمّا" عمرٌو فجالسٌ، وليس لازماً لها). [التحفة الوفية: ؟؟]

حروف الشرط
قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (ومنها الشرط: وحروفه: "إن"، و"إذما"، و"أمّا"، وزاد بعضهم "لو"، و"لولا" ).[التحفة الوفية: ؟؟]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 08:15 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("أما" بفتح "الهمزة"
حرف بسيط، فيه معنى الشرط، مؤول "بمهمها" يكن من شيء، لأنه قائم مقام أداة الشرط وفعل شرط. ولذلك يجاب "بالفاء". وقال ابن مالك وغيره: "أما" حرف تفصيل. وقال بعض النحويين: إنها قد ترد حيث لا تفصيل فيه، كقولك: "أما" زيد فمنطلق. ولذلك قال بعضهم: هي حرف إخبار مضمن معنى الشرط. فإذا قلت: "أما" زيد فمنطلق، فالأصل إن أردت معرفة حال زيد فزيد منطلق، حذفت أداة الشرط وفعل الشرط، وأنيبت "أما" مناب ذلك.
والجمهور يقدرون "أما" "بمهما" يكن من شيء، كما تقدم. فإذا قلت: "أما" زيد فمنطلق، فالتقدير: "مهما" يكن من شيء فزيد منطلق. فحذف فعل الشرط وأداته، وأقيمت "أما" مقامهما، فصار التقدير:"أما" فزيد منطلق. فأخرت "الفاء" إلى الجزء الثاني، لضرب من إصلاح اللفظ.
قال صاحب رصف المباني: ولا يلزم تكريرها، خلافاً لبعضهم. فإنه يرى أن التفصيل لا يكون إلا بتكرار الفصل بينه وبين الأول. وهذا غير لازم. اللهم، إن كان في اللفظي فنعم. و"أما" المعنوي فلا يلزم. انتهى.
وذهب ثعلب إلى أن "أما" جزءان، وهي "إن" الشرطية و"ما"، حذف فعل الشرط بعدها، ففتحت "همزتها" مع حذف الفعل، وكسرت مع ذكره.
و"لأما" أحكام: فمنها أن "الفاء" بعدها لازمة لا تحذف، إلا مع قول أغنى عنه المحكي به، كقوله تعالى: {فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم}. أي: فيقال لهم أكفرتم.
أو في ضرورة شعرية، كقول الشاعر:
فأما القتال لا قتال لديكم ... ولكن سيراً، في عراض المواكب
قيل: "أو" في ندور، كما جاء في صحيح البخاري: "أما" بعد "ما" بال رجال. أي: "فما" بال رجال.
ومنها أنه لا يجوز أن يفصل بين "أما" و"الفاء" بجملة، إلا إن كانت دعاء، بشرط أن يتقدم الجملة فاصل بينها وبين "أما". نحو: "أما" اليوم، رحمك الله، فالأمر كذا.
ولا يلي "أما" فعل، لأنها قائمة مقام شرط وفعل شرط. فلو وليها فعل لتوهم أنه فعل الشرط. وإنما يليها مبتدأ، نحو: "أما" زيد فقائم. أو خبر، نحو: "أما" قائم فزبد. وفي كتاب الصفار أن الفصل بينهما بالخبر قليل. أو مفعول مقدم، نحو {فأما اليتيم فلا تقهر}. أو مفعول بفعل مقدر، يفسره المذكور، نحو: "أما" زيداً فأكرمته. أو ظرف، نحو: "أما" اليوم فأقوم. أو مجرور، نحو وأما بنعمة ربك فحدث}. أو حال، نحو: "أما" مسرعاً فزيد ذاهب. أو مفعول له، نحو: "أما" العلم فعالم. أو مصدر، نحو: "أما" ضرباً فاضرب. أو شرط، نحو {فأما إن كان من المقربين فروح}.
ومذهب سيبويه أن الجواب في ذلك "لأما"، لا للشرط، وحذف جواب الشرط، لدلالة جواب "أما" عليه. ولذلك لزم معنى جواب "أما" عليه. وذهب الفارسي، في أحد قوليه، إلى أن الجواب للشرط، وجواب "أما" محذوف. وقوله الآخر كمذهب سيبويه. وذهب الأخفش إلى أن "الفاء" وما بعدها جواب "لأما" وللشرط معاً. والأصل: مهما يكن من شيء فإن كان من المقربين فروح. ثم تقدمت "إن" والفعل الذي بعدها، فصار التقدير: "فأما" إن كان من المقربين ففروح. فالتقت "فاءان"، فأغنت إحداهما عن الأخرى، فصار فروح.
ومنها "أن" "الفاء"، الواقعة جواباً لها، يجوز أن يعمل ما بعدها فيما قبلها. وهذا متفق عليه في الجملة. واختلفوا في شرط ذلك. فذهب سيبويه، والمازني، والزجاج، وابن السراج، إلى اعتبار ذلك بأن يقدر حذف "أما" وحذف "الفاء". فما جاز أن يعمل فيه، بعد تقدير حذفهما، جاز أن يعمل فيه مع وجودهما. و"ما" لا فلا. فلذلك منعوا: "أما" زيداً فإني ضارب. وذهب المبرد، وابن درستويه، إلى أن "ما" بعد إن يجوز أن يعمل فيما قبل "الفاء". فأجازا: "أما" زيداً فإني ضارب. وقيل: يجوز ذلك في الظرف والمجرور، نحو: "أما" اليوم فإني ذاهب، و"أما" في الدار فإن زيداً جالس. وأجاز الفراء تقديم معمول ما بعد "إن" على "الفاء"، وفاقاً للمبرد. وزاد أنه أجاز ذلك في "ليت" و"لعل" وكل ما يدخل على المبتدأ.
ومنها أنها قد تبدل "ميمها" الأولى "ياء"، فيقال "أيما". وأنشدوا:
رأت رجلاً، أيما إذا الشمس عارضت ... فيضحى، وأما بالعشي فيخصر
ومنها أن "أما" قد تعمل في الظرف، والحال، والمجرور. قيل: والتحقيق أن العمل للفعل الذي نابت عنه. فإذا قلت: "أما" علماً فعالم، فعلماً حال، وعاملها فعل الشرط المحذوف، وصاحبها هو المرفوع بفعل الشرط. وفي هذه المسألة طول، لا يليق بهذا الموضع.
ويشتبه بلفظ "أما" التفصيلية لفظان آخران: أحدهما مركب من "أم" المنقطعة و"ما" الاستفهامية، كقوله تعالى: {أماذا كنتم تعملون}. والآخر مركب من "أن" المصدرية و"ما" التي هي عوض من كان، كقول الشاعر:
أبا خراشة، أما أنت ذا نفر ... فإن قومي لم تأكلهم الضبع
والله أعلم). [الجنى الداني:522 - 528]
"إما" بكسر "الهمزة"
قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("إما" بكسر "الهمزة"
حرف من حروف العطف، عند أكثر النحويين هكذا نقل ابن مالك عنهم. ونقل عن يونس، وأبي علي، وابن كيسان، أنها ليست بعاطفة. قال: وبه أقوال، تخلصاً من دخول عاطف على عاطف، ولأن وقوعها بعد "الواو"، مسبوقة بمثلها، شبيه بوقوع لا بعد "الواو" مسبوقة بمثلها، في مثل: "لا" زيد و"لا" عمرو فيها. ولا هذه غير عاطفة، بإجماع. فلتكن "إما" كذلك.
ونقل ابن عصفور اتفاق النحويين على أن "إما" ليست بعاطفة، وإنما أوردوها في حروف العطف، لمصاحبتها لها. قلت: عد سيبويه "إما" من حروف العطف، فحمل بعضهم كلامه على ظاهره، وقال: "الواو" رابطة بين "إما" الأولى و"إما" الثانية. واستدل الرماني، على أنها عاطفة، بأن "الواو" للجمع، وليست هنا كذلك، لأنا نجد الكلام لأحد الشيئين، فعلم أن العطف "لإما". وقال بعض المتأخرين: "الواو" عطفت "إما" الثانية على "إما" الأولى، و"إما" الثانية عطفت الاسم الذي بعدها على الاسم الذي بعد الأولى. وتأول بعضهم كلام سيبويه بأن "إما" لما كانت صاحبة المعنى، ومخرجة "الواو" عن الجمع، والتابع يليها، سماها عاطفة مجازاً.
وهذا الخلاف إنما هو في "إما" الثانية، في نحو: قام "إما" زيد و"إما" عمرو. ولا خلاف في أن الأولى غير عاطفة، لأنها بين الفعل ومرفوعة. وذلك واضح.
ويتعلق "بإما" مسائل:
الأولى: في معناها، وهي خمسة: الشك نحو: قام "إما" زيد و"إما" عمرو. والإبهام نحو {وآخرون مرجون لأمر الله، إما يعذبهم وإما يتوب عليهم}. والتخيير نحو {إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسناً}. والإباحة نحو: جالس "إما" الحسن و"إما" ابن سيرين. والتفصيل نحو {إما شاكراً وإما كفوراً}.
وتقدم الفرق بين الشك والإبهام، وبين التخيير والإباحة، في "أو". و"إما" في ذلك مثل "أو". وزاد بعضهم "أو" و"إما" معنى سادساً. وهو أن تكونا لإيجاب أحد الشيئين، في وقت دون وقت. نحو قولك للشجاع: إنما أنت "إما" طعن و"إما" ضرب.

الثانية: في الفرق بين "أو" و"إما". والفرق بينهما من ثلاثة أوجه.
الأول: أن "أو" قد تكون بمعنى "الواو" وبمعنى "بل"، عند بعضهم، كما تقدم. و"إما" لا تكون كذلك.
والثاني: أن "إما" لا بد من تكرارها، في الغالب، بخلاف "أو"، فإنها لا تكرر.
والثالث: أن الكلام مع "إما" مبني من أوله على "ما" جيء بها لأجله، من شك وغيره، بخلاف "أو" فإن الكلام معها قد يفتتح على الجزم، ثم يطرأ الشك "أو" غيره. ولهذا وجب تكرار "إما" في غير ندور.

الثالثة: قد يستغنى عن الثانية "بأو". كقراءة من قرأ [وإنا "أو" إياكم "لإما" على هدى، "أو" في ضلال مبين]. وهو في الشعر كثير، كقول الشاعر:
وقد شفني أن لا يزال يروعني ... خيالك، إما طارقاً، أو مغاديا
وقد يستغنى عنها أيضاً "بإن" الشرطية، مع "لا" النافية، كقول الشاعر:
فإما أن تكون أخي، بصدق ... فأعرف منك غثي، من سميني
وإلا فاطر حني، واتخذني ... عدواً، أتقيك، وتتقيني
ونص النحاس على أن البصريين لا يجيزون فيها "إلا" التكرار. وأجاز الفراء "ألا" تكرر، وأن تجرى مجرى "أو". وقال الفراء: يقولون: عبد الله يقوم و"إما" يقعد.
وقال ابن مالك: وقد يستغنى عن الأولى بالثانية، كقول الشاعر:
تهاض بدار، قد تقادم عهدها ... وإما بأموات ألم خيالها
أي "إما" بدار، فحذف. وربما استغني عن "واو" و"إما" كقول الشاعر:
يا ليتما أمنا شالت نعامتها ... إما إلى جنة، إما إلى نار
وهو نادر.
الرابعة: اختلف في "إما" هذه. فقيل: بسيطة. واختاره الشيخ أبو حيان، لأن الأصل البساطة. وقيل: هي مركبة من "إن" و"ما". وهو مذهب سيبويه. والدليل عليه اقتصارهم على "إن" في الضرورة، كقول الشاعر:
وقد كذبتك نفسك، فاكذبنها ... فإن جزعاً، وإن إجمال صبر
أي: "فإما" جزعاً، و"إما" إجمال صبر. فحذفت "ما" اكتفي "بإن". وأجيب بأنه يحتمل أن تكون "إن" في البيت شرطية حذف جوابها. والتقدير: "فإن" كنت ذا جزع فاجزع، "إن" كنت مجمل صبر فاصبر.
وعلى القول بالتركيب قالوا: قد تحذف "إما" الأولى، تحذف "ما" من الثانية، كقول الشاعر:
سقته الرواعد، من صيف ... وإن من خريف فلن يعدما
أي: "إما" من صيف، و"إما" من خريف. على ذلك أنشده سيبويه. وذهب الأصمعي، والمبرد، إلى أن "إن" في البيت شرطية، و"الفاء" "فاء" الجواب، والتقدير: وإن سقته من خريف فلن يعدم الري، وذهب أبو عبيدة إلى أن "إن" زائدة، والتقدير: من صيف ومن خريف.

الخامسة: في "إما" أربع لغات: كسر "الهمزة"، وفتحها، وإبدال "ميمها" الأولى "ياء" مع الكسر، والفتح. وفتح "همزتها" لغة قيس وتميم وأسد. وبالإبدال أنشدوا:
لا تفسدوا آبالكم ... إيما لنا، إيما لكم

السادسة: ذهب الكسائي إلى أن "إما" قد تكون جحداً. تقول: "إما" زيد قائم. تريد: "إن" زيد قائم. و"ما" صلة.
وتشتبه بلفظ "إما" المتقدمة "إما" المركبة من "إن" الشرطية و"ما" الزائدة. نحو: {إما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم}. وهي ظاهرة. والله سبحانه أعلم). [الجنى الداني:528 - 536]


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 08:17 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

"أمَّا"
قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): ("أمَّا"
"أما" بالفتح والتّشديد وقد تبدل "ميمها" الأولى "ياء" استثقالا للتضعيف، كقول عمر بن أبي ربيعة:
رأت رجلا أيّما إذا الشّمس عارضت ... فيضحى وأيّما بالعشي فيخصر
وهو حرف شرط وتفصيل وتوكيد، "أما" أنّها شرط فبدليل لزوم "الفاء" بعدها، نحو:{فأما الّذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الّذين كفروا فيقولون} الآية، ولو كانت "الفاء" للعطف لم تدخل على الخبر إذ لا يعطف الخبر على مبتدئه، ولو كانت زائدة لصحّ الاستغناء عنها ولما لم يصح ذلك وقد امتنع كونها للعطف تعين أنّها "فاء" الجزاء، فإن قلت قد استغني عنها في قوله:
فأما القتال لا قتال لديكم ...
قلت هو ضرورة كقول عبد الرّحمن بن حسان:
من يفعل الحسنات الله يشكرها ...
فإن قلت فقد حذفت في التّنزيل في قوله تعالى:{فأما الّذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم} قلت الأصل، فيقال لهم أكفرتم؟ فحذف القول استغناء عنه بالمقول فتبعته "الفاء" في الحذف، ورب شيء يصح تبعا ولا يصح استقلالا، كالحاج عن غيره يصلّي عنه ركعتي الطّواف، ولو صلى أحد عن غيره ابتداء لم يصح على الصّحيح هذا قول الجمهور، وزعم بعض المتأخّرين أن "فاء" جواب "أما" لا تحذف في غير الضّرورة أصلا، وأن الجواب في الآية {فذوقوا العذاب}، والأصل فيقال لهم ذوقوا فحذف القول، وانتقلت "الفاء" للمقول، وأن ما بينهما اعتراض، وكذا قال في آية الجاثية: {وأما الّذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم} الآية قال أصله فيقال لهم "ألم" تكن آياتي؟ ثمّ حذف القول وتأخرت "الفاء" عن "الهمزة"،و"أما" التّفصيل فهو غالب أحوالها كما تقدم في آية البقرة، ومن ذلك:{أما السّفينة فكانت لمساكين}،{وأما الغلام}،{وأما الجدار} الآيات، وقد يترك تكرارها استغناء بذكر أحد القسمين عن الآخر، أو بكلام يذكر بعدها في موضع ذلك القسم.
فالأول: نحو: {يا أيها النّاس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينًا فأما الّذين آمنوا باللّه واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل}، أي: و"أما" الّذين كفروا باللّه فلهم كذا وكذا.
والثّاني: نحو: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الّذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله}، أي: و"أما" غيرهم فيؤمنون به ويكلون معناه إلى ربهم ويدل على ذلك: {والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}؛ أي :كل من المتشابه والمحكم من عند الله والإيمان بهما واجب، وكأنّه قيل و"أما" الراسخون في العلم فيقولون وهذه الآية في "أما" المفتوحة نظير قولك في "إمّا" المكسورة "إما" أن تنطق بخير و"إلّا" فاسكت، وسيأتي ذلك كذا ظهر لي، وعلى هذا فالوقف على {إلّا الله}، وهذا المعنى هو المشار إليه في آية البقرة السّابقة فتأملها، وقد تأتي لغير تفصيل أصلا نحو: "أما" زيد فمنطلق، و"أما" التوكيد فقل من ذكره ولم أر من أحكم شرحه غير الزّمخشريّ، فإنّه قال فائدة "أما" في الكلام أن تعطيه فضل توكيد، تقول زيد ذاهب، فإذا قصدت توكيد ذلك وأنه لا محالة ذاهب، وأنه بصدد الذّهاب وأنه منه عزيمة، قلت: "أما" زيد فذاهب، ولذلك قال سيبويه في تفسيره مهما يكن من شيء فزيد ذاهب، وهذا التّفسير مدل بفائدتين بيان كونه توكيدا، وأنه في معنى الشّرط انتهى.

ويفصل بين أما وبين الفاء بواحد من أمور ستّة:
أحدها: المبتدأ كالآيات السّابقة.
والثّاني: الخبر، نحو: "أما" في الدّار فزيد، وزعم الصفار أن الفصل به قليل.
والثّالث: جملة الشّرط، نحو: {فأما إن كان من المقربين فروح} الآيات.
والرّابع: اسم منصوب لفظا أو محلا بالجواب، نحو: {فأما اليتيم فلا تقهر} الآيات.
والخامس: اسم كذلك معمول لمحذوف يفسره ما بعد "الفاء"، نحو: "أما" زيدا فاضربه، وقراءة بعضهم: {وأما ثمود فهديناهم} بالنّصب ويجب تقدير العامل بعد "الفاء"، وقبل ما دخلت عليه لأن "أما" نائبة عن الفعل فكأنّها فعل، والفعل لا يلي الفعل، و"أما" نحو زيد كان يفعل ففي كان ضمير فاصل في التّقدير، و"أما" ليس خلق الله مثله ففي ليس أيضا ضمير لكنه ضمير الشّأن والحديث، وإذا قيل بأن ليس حرف فلا إشكال، وكذا إذا قيل فعل يشبه الحرف، ولهذا أهملها بنو تميم إذ قالوا ليس الطّيب "إلّا" المسك بالرّفع.
والسّادس: ظرف معمول لـ "أما" لما فيها من معنى الفعل الّذي نابت عنه أو للفعل المحذوف، نحو: "أما" اليوم فإنّي ذاهب، و"أما" في الدّار فإن زيدا جالس، ولا يكون العامل ما بعد "الفاء"، لأن خبر "إن" لا يتقدّم عليها، فكذلك معموله هذا قول سيبويه والمازني والجمهور وخالفهم المبرد وابن درستويه والفراء، فجعلوا العامل نفس الخبر وتوسع الفراء فجوزه في بقيّة أخوات "إن"، فإن قلت "أما" اليوم فأنا جالس احتمل كون العامل "أما" وكونه الخبر لعدم المانع، وإن قلت "أما" زيدا فإنّي ضارب لم يجز أن يكون العامل واحدًا منهما، وامتنعت المسألة عند الجمهور لأن "أما" لا تنصب المفعول، ومعمول خبر "إن" لا يتقدّم عليها، وأجاز ذلك المبرد ومن وافقه على تقدير إعمال الخبر.

تنبيهان
الأول: أنه سمع "أما" العبيد فذو عبيد بالنّصب، و"أما" قريشًا فأنا أفضلها، وفيه عندي دليل على أمور.
أحدها: أنه لا يلزم أن يقدر مهما يكن من شيء، بل يجوز أن يقدر غيره ممّا يليق بالمحل، إذ التّقدير هنا مهما ذكرت وعلى ذلك يتخرّج قولهم "أما" العلم فعالم، و"أما" علما فعالم فهو أحسن ممّا قيل إنّه مفعول مطلق معمول لما بعد "الفاء"، أو مفعول لأجله إن كان معرفا وحال إن كان منكرا.
والثّاني: أن "أما" ليست العاملة، إذ لا يعمل الحرف في المفعول به.
والثّالث: أنه يجوز "أما" زيدا فإنّي أكرم على تقدير العمل للمحذوف.
التّنبيه الثّاني: أنه ليس من أقسام "أما" الّتي في قوله تعالى: {أم ماذا كنتم تعملون}، ولا الّتي في قول الشّاعر:
أبا خراشة أما أنت ذا نفر ... فإن قومي لم تأكلهم الضبع
بل هي فيهما كلمتان، فالتي في الآية هي "أم" المنقطعة و"ما" الاستفهامية، وأدغمت "الميم" في "الميم" للتماثل، والّتي في البيت هي "أن" المصدرية و"ما" المزيدة، والأصل لأن كنت فحذف الجار وكان للاختصار فانفصل الضّمير لعدم ما يتّصل به، وجيء بـ "ما" عوضا عن كان، وأدغمت "النّون" في "الميم" للتقارب). [مغني اللبيب: 1 / 351 - 376]

"إمّا"
قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): ("إمّا"
"إمّا" المكسورة المشدّدة قد تفتح "همزتها" وقد تبدل "ميمها" الأولى "ياء"، وهي مركبة عند سيبويه من "إن" و"ما"، وقد تحذف "ما" كقوله:
سقته الرواعد من صيف ... وإن من خريف فلن يعدما
أي: "إمّا" من صيف و"إمّا" من خريف، وقال المبرد والأصمعي: "إن" في هذا البيت شرطيّة، و"الفاء" "فاء" الجواب، والمعنى: وإن سقته من خريف فلن يعدم الرّيّ، وليس بشيء لأن المراد وصف هذا الوعل بالريّ على كل حال، ومع الشّرط لا يلزم ذلك وقال أبو عبيدة: "إن" في البيت زائدة، و"إمّا" عاطفة عند أكثرهم، أعني "إمّا" الثّانية في نحو قولك: جاءني "إمّا" زيد و"إمّا" عمرو، وزعم يونس والفارسي وابن كيسان أنّها غير عاطفة كالأولى، ووافقهم ابن مالك لملازمتها غالبا "الواو" العاطفة، ومن غير الغالب قوله:
يا ليتما أمنا شالت نعامتها ... أيّما إلى جنّة أيّما إلى نار
وفيه شاهد ثان وهو فتح "الهمزة"، وثالث وهو الإبدال، ونقل ابن عصفور الإجماع على أن "إمّا" الثّانية غير عاطفة كالأولى، قال وإنّما ذكروها في باب العطف لمصاحبتها لحرفه، وزعم بعضهم أن "إمّا" عطفت الاسم على الاسم، و"الواو" عطفت "إمّا" على "إمّا"، وعطف الحرف على الحرف غريب، ولا خلاف أن "إمّا" الأولى غير عاطفة لاعتراضها بين العامل والمعمول في نحو: قام "إمّا" زيد و"إمّا" عمرو، وبين أحد معمولي العامل ومعموله الآخر في نحو: رأيت "إمّا" زيدا وإذا عمرا، وبين المبدل منه وبدله نحو قوله تعالى: {حتّى إذا رأوا ما يوعدون إمّا العذاب وإمّا السّاعة} "فإن" ما بعد الأولى بدل ممّا قبلها.

و"لإما" خمسة معان:
أحدها: الشّك، نحو: جاءني "إمّا" زيد و"إمّا" عمرو، إذا لم تعلم الجائي منهما.
والثّاني: الإبهام، نحو: {وآخرون مرجون لأمر الله إمّا يعذبهم وإمّا يتوب عليهم}.
والثّالث: التّخيير، نحو: {إمّا أن تعذب وإمّا أن تتّخذ فيهم حسنا}،{إمّا أن تلقي وإمّا أن نكون أول من ألقى}، ووهم ابن الشجري فجعل من ذلك: {إمّا يعذبهم وإمّا يتوب عليهم}.
والرّابع: الإباحة، نحو تعلم "إمّا" فقها و"إمّا" نحوا، وجالس "إمّا" الحسن و"إمّا" ابن سيرين، ونازع في ثبوت هذا المعنى لـ "إمّا" جماعة مع إثباتهم إيّاه لـ "أو".
والخامس: التّفصيل، نحو: {إمّا شاكرا وإمّا كفورا}، وانتصابهما على هذا على الحال المقدرة، وأجاز الكوفيّون كون "إمّا" هذه هي "إن" الشّرطيّة و"ما" الزّائدة، قال مكي: ولا يجيز البصريون أن يلي الاسم أداة الشّرط حتّى يكون بعده فعل يفسره، نحو: {وإن امرأة خافت}، ورد عليه ابن الشجري بأن المضمر هنا "كان" فهو بمنزلة قوله:
قد قيل ذلك إن حقًا وإن كذبا ...
وهذه المعاني لـ "أو" كما سيأتي إلّا أن "إمّا" يبني الكلام معها من أول الأمر على ما جيء بها لأجله من شكّ وغيره، ولذلك وجب تكرارها في غير ندور، و"أو" يفتتح الكلام معها على الجزم ثمّ يطرأ الشّك أو غيره، ولهذا لم تتكرّر، وقد يستغني عن "إمّا" الثّانية بذكر ما يغني عنها نحو: "إمّا" أن تتكلّم بخير و"إلّا" فاسكت، وقول المثقب العبدي:
فإمّا أن تكون أخي بصدق ... فأعرف منك غثي من سميني
وإلّا فاطرحني واتخذني ... عدوا أتقيك وتتقيني
وقد يستغنى عن الأولى لفظا، كقوله:
سقته الرواعد من صيف ...
البيت وقد تقدم.
وقوله:
تلم بدار قد تقادم عهدها ... وإمّا بأموات ألم خيالها
أي: "إمّا" بدار، والفراء يقيسه، فيجيز زيد يقوم و"إمّا" يقعد، كما يجوز "أو" يقعد.

تنبيه
ليس من أقسام "إمّا" الّتي في قوله تعالى: {فإمّا ترين من البشر أحدا}، بل هذه "إن" الشّرطيّة و"ما" الزّائدة). [مغني اللبيب: 1 / 377 - 397]


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 08:19 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

شرح علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ)

الباب الرابع: الحروف الرباعية
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الباب الرابع: الحروف الرباعية، ولما كان بعضها حرفًا محضًا وبعضها مشتركًا بين الأسماء والحروف وبعضها بين الكلم الثلاث كان هذا الباب ثلاثة أنواع أيضًا). [جواهر الأدب: 190]

النوع الأول الحروف المحضة
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (النوع الأول الحروف المحضة: وهي اثنا عشر حرفًا: "ألا" و"إلا" و"هلا" و"لولا" و"لما" و"أما" و"إمَّا" و"حتى" و"كان" و"كلا" و"لكن" مخففة و"لعل"، وعقدنا للبحث عنها فصولًا). [جواهر الأدب: 190]

الفصل الثامن: "إما": المكسورة الهمزة
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الفصل الثامن: من النوع الأول من الحروف الرباعية المحضة هو "إما": المكسورة "الهمزة"، وهي قسمان: عاطفة، وشرطية،
أما العاطفة فهي حرف محض هامل مفرد؛ لأنه الأصل خلافًا لسيبويه، فإنه حكم بتركبها من "إن" الشرطية و"ما" النافية، وحكي عن قطرب فتح "همزتها"، وحكمها حكم أو غير أنهما يفترقان من وجهين:
الأول: أن الشك لا يسري مع "أو" من أول الكلام بخلاف "إمَّا"، فإنها يبتدئ بها شاكًا.
الثاني: أن "إمَّا" يلزم التكرير غالبًا، وما يقوم مقامها بخلاف "أو"، فالتكرير نحو: قام "إمَّا" زيد و"إمَّا" عمرو، وتلزم الثانية "الواو"، وربما ترد بدونها، كقولهم: خذ "إمَّا" هذا "إمَّا" ذاك، قال:
يا ليتما أمنا شالت نعامتها ..... إمَّا إلى جنة إمَّا إلى نار
ويروى: "إيما" إلى جنة، وهي لغة في "إمَّا"، وما يقوم مقام "إمَّا"، أو كقوله:
إمَّا مشف على مجد ومكرمة ..... أو أسوة لك فيمن يتلف الورقا
و"أما" "إلا" في قوله:
فإما أن تكون أخي بحق .... فأعرف منك غثي من سميني
وإلا فاطر حتى واتخذني عدوًا .... أتقيك وتتقيني
وقد جاءت غير مكررة مع عدم العوض في قوله:
تلم بدار قد تقادم عهدها .... وإمَّا بأموات ألم خيالها
أي: "إمَّا" بدار و"إمَّا" بأموات.
وقال أبو علي وعبد القاهر: لا تكون عاطفة لأنها قد تقدم على الكلام نحو: جاءني "إمَّا" زيد و"إمَّا" عمرو، وذهب "إمَّا" خالد "أو" بكر، وتقدمها عليه مما ينفي كونها عاطفة، "أما" "إمَّا" الأولى فلدخولها على ما ليس بمعطوف على شيء.
و"أما" الثانية: فلاقترانها "بالواو".
وقال الرضي: واعتذر الأندلسي بأن الأولى مع الثانية حرف عطف قدمت تنبيهًا على أن الأمر مبني على الشك، و"الواو" جامعة عاطفة لا "ما" الثانية على الأولى حتى يصيران كحرف واحد، ثم يعطفان "ما" بعد الثانية على "ما" بعد الأولى، وهذا عذر بارد؛ لأن تقدم بعض العاطف على المعطوف عليه، وعطف بعض العاطف على بعض، وعطف الجزء على الجزء غير موجود، فالحق أن "الواو" عاطفة، و"أما" مفيدة لأحد الشيئين غير عاطفة، و"أما" قوله: "إمَّا" إلى جنة "إمَّا" إلى نار، قالوا: ومقدرة، وقال بعضهم: والحق أنها عاطفة؛ لأن الكلام في "إمَّا" الثانية لا الأولى، ولا شك أنها تفيد ما تفيده أو مع زيادة فلا أقل من مساواتها لها، ولا يخفى ضعفه، وقال ابن مالك: ليست عاطفة؛ لأنها لا تنفك عن "الواو"، ويمتنع دخول أداة عطف على أداة عطف حتى حكموا على "لا" الثانية في نحو قولهم: "لا" زيد و"لا" عمرو بالزيادة، وأن العطف "بالواو" مع ثبوت العطف "بلا" في غيره فكيف فيما لم يثبت بها عطف أبدًا، ولم تفارق "الواو"، و"أما" الشرطية فهي مركبة من "أن" الشرطية و"ما" المزيدة اتفاقًان قال تعالى: {فإما ترين من البشر أحدًا فقولي إني نذرت للرحمن صومًا}، وهي قليلة، قال ابن مالك: تقول العرب: افعل هذا و"إمَّا" "لا"، أي: وإن كنت "لا" تفعل، فحذف الفعل وعوض عنه "ما"، ثم حذف الضمير ولم يعدلوا إلى المنفصل وحذفوا الفعل بعد لا لظهور معناه، ولكن قل لكثرة الحذف، وأنكره ابن الحاجب وروى الجوهري:
أبا خراشة إمَّا أنت ذا نفر .... فإن قومي لم تأكلهم الضبع
بكسر "إمَّا" خلاف ما أنشده ابن الحاجب والزمخشري وأكثر النحاة، وذلك يؤيد صحة ما حكمنا به كونها قسمًا من هذا الفصل، والله أعلم). [جواهر الأدب: 204 - 206]

الفصل التاسع: "أما" المفتوحة "الهمزة" المشددة "الميم"
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الفصل التاسع: من النوع الأول من الحروف الرباعية المحضة "أما" المفتوحة "الهمزة" المشددة "الميم"، وهي قسمان:
أحدهما حرف مفرد محض هامل، معناه: الشرط، وهو للتفصيل، ولكنه لا يلزم ذكر قسم له بخلاف المكسورة، فيجوز "أما" أنا فقائم، دون أن تذكر قرينته، وفي التنزيل: {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون} خلافًا لمن أوجبه، والتزم التكرار حتى جعل قوله تعالى: {والراسخون في العلم} في قوة: و"أما" الراسخون، وقطعه عن العطف ولمعنى الشرطة فيه أوجبوا أن تجاب "بالفاء"، فهي حرف بمعنى "أن"، تدخل على جملتين شرطية وجزائية، فلا بد من تصدير الجزائية "بالفاء"، ولا يجوز الجزم بها، فلا يقال: "أما" زيد يقم بالجزم بلا "فاء"، لأنه "لما" لم تعمل في الشرط لوجوب حذفه فأن "لا" تعمل في الجزاء مع أنه أبعد بالأولى، ويؤيده أن الأصل عدم إعمال الأداة عند حذف الجزاء نحو: آتيك إن أتيتني، هكذا عكسه به أيضًا ولا تحذف "الفاء" إلا ضرورة، كقوله: "فأما" الصدود "لا" صدود لديكم.
أو دل محكي القول المحذوف على القول، كقوله تعالى: {وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم}، أي: فيقال لهم: "ألم" تكن آياتي، وأوجبوا لها أمرين:
الأول: حذف شرطها لفائدة لفظية وهي الاختصار المطلوب في الكلام خصوصًا الكبير الاعتوار، سيما وتكررها أكثر من عدمه.
الثاني: تعويض المحذوف بجزء مما في حيز "الفاء" مطلقًا سواء كان جزء الجملة الجزائية أو لا.
الثاني حذفه لفائدة معنوية، وهي جعل الملزوم الحقيقية موضع اللفظي بيانه أن أصل: "أما" زيد فمنطلق "أما" يكن من شيء فزيد منطلق حذف، يكن من شيء الذي هو الشرط وعوض بزيد بعد إدخال "الفاء" على ما بعده لأنها قد جعلت واسطة بين المفردين أو الجملتين فلا يبتدأ بها، فصار: "أما" زيد فمنطلق، فحصل الاختصار مع جعل الملزوم الحقيقي وهو زيد للانطلاق موضع الملزوم اللفظي وهو الشرط للجزاء، وفسر سيبويه "أما" بمهما، قال: تقديره: مهما يكن من شيء فزيد منطلق.
قال ابن الحاجب رحمه الله: تقدير "أما" بمهما تمثيل وتحقيق أنها في معنى الشرط لا أن ذلك معناها.
قلت: وهذا هو التحقيق الحقيق لا قول الرضي منكرًا وكيف وهذه حرف، ومهما اسم لعدم استلزام الاتحاد في المدلول الاتحاد النوعي، وعلم من قولنا بجزء مما في حيز "الفاء" أنه لا يعوض بشيئين فصاعدًا، فلا يقال: "أما" يوم الجمعة فأنا قادم.
قيل: لامتناع التجاوز عن قدر الضرورة ومن الإطلاق أن العوض الواقع بعد "أما" "إمَّا" أن يكون مبتدأ و"الفاء" داخلة على الخبر كالمثال، أو متعلق الخبر نحو: "أما" زيد فعندك، أو خبرًا نحو: "أما" منطلق فزيد، أو متعلقة "إمَّا" مفعولًا به كقوله تعالى: {وأما اليتيم فلا تقهر}، وقولك: "أما" زيدًا فأنا ضارب، أو مفعولًا مطلقًا، كقولك: "أما" إكرام حاتم فإني مكرمك، أو مفعولًا لأجله نحو: "أما" ابتغاء لوجه الله فإني موليك، أو ظرفًا نحو: "أما" عندك فزيد، أو حالًا نحو: "أما" قادمًا فأنا متلقيك، ومن قولنا لفائدة معنوية علم أن هذا إنما يصح إذا حصل بالحذف والتعويض ما ذكر من إقامة الحقيقي مقام اللفظي، فلا يجوز: "أما" جئتني زيدًا فأنا ضارب؛ لعدمها.
قال في الأغراب: وقد يلي "إمَّا" جملة شرطية، كقوله تعالى: {فأما إن كان من القربين فروح وريحان وجنة نعيم}، فروحٌ جواب "أما"، استغنى به عن جواب "أن"، والدليل على أنها ليست جواب أن عدم جواز "فأما" "إن" جئتني أكرمك، الجزم، ووجوب "أما" "إن" جئتني فأكرمك، مع "إن" نحو: "إن" ضربتني أكرمك، بالجزم، كثر من: "إن" ضربتني فأكرمك.

تذنيب: اختلفوا في الواقع قبل "الفاء" نحو: "أما" يوم الجمعة فزيدٌ منطلق على ثلاثة مذاهب:
أحدها: مذهب ابن الحاجب وهو مذهب المبرد أن العمل لما بعد "الفاء"، وإن قدم عليه؛ لن مبنى الكلام عليه صورة؛ لأنه إنما قدم على عامله ليكون عوضًا عن المحذوف مع كونه متعلقًا بما بعد "الفاء"، ومعنى لاقتضاء "ما" بعدها إياه، والعمل إنما يسند إلى المقتضى فوجب إعماله،
وثانيها: مذهب المتقدمين أن العمل للفعل المقدر المحذوف؛ لأن "الفاء" أشبهت "فاء" جواب الشرط ولا يتقدمها معمول ما في حيزها، فكذا هذه.
وفي الأغراب: والمجيزون قالوا: هذا إنما يمتنع مع فقد "أما" "إمَّا" مع وجودها فلا لجواز قولك: "أما" عندك زيد، إجماعًا؛ لأن الكلام فيها مبني على التقديم والتأخير، وأيضًا فإن المفهوم من قولك: "أما" يوم الخميس فزيدٌ صائم، "أن" الصوم وقع في يوم الخميس، فوجب "أن" يكون العمل له جزمًا.
وثالثها: مذهب من رأى التفصيل، وهو الصواب، فقال: إن لم يكن بعد "الفاء" ما يمنع من التقديم نحو: "أما" يوم الجمعة فزيدٌ منطلق، فالتعويل على الأول وإن كان بعد "الفاء" ما يمنعه نحو: "أما" يوم الجمعة فإن زيدًا منطلق فالتعويل على الثاني؛ لأن ما بعد "الفاء" إذا كان فيه ما يمنع التقديم يفارق ما لم يكن فيه ذلك من وجهين:
أحدهما: أن "الفاء" فيه مشابهة للشرط لكنها ضعيفة بالنسبة إلى "أن"؛ لأن "أن" عامله في شيئين وهي أصل باب الحروف المشبهة بالفعل، فكانت في المنع أقوى من "الفاء"، ولأن "الفاء" فيها تبعية محققة فقياسها التأخير، وأن "إن" تقتضي التصدير فلا يلزم من جواز التقديم مع "الفاء" جوازه مع "إن"،
وثانيهما: أن كل واحد من "الفاء" وإن يوجب أن لا يعمل ما بعده فيما قبله، وقد ارتكبوا ذل مع "الفاء" وحدها، فلا يلزم من ذلك التجويز مع وجود الأمرين معًا بالقياس على باب غير المتصرف وغيره من الأبواب، وقال ابن إياز ويجوز أن يقال: ناصبه لا يكون الفعل المفهوم من "أما"، بل يقدر له عامل موافق للخبر في المعنى منه، يفهم لو جعلنا عامله هو الخبر.
قال: ولكنه غير منقول.
قال والدي في الأغراب: وأنا أقول إنه أحسن، وأوفق ومطابق لما ذكروه في مواضع أخرى كالمصدر إذا قدم عليه ما يفهم تعلقه به، وقد منع من تقدم معموله فيقدر عامل مطابق لمعناه متقدم عليه مدلول عليه بالمصدر المتأخر عنه.

القسم الثاني: من "أما" بالفتح أن تكون مركبة من "أن" المصدرية و"ما" المزيدة المعوض بها عن كان، كقولهم: "أما" أنت منطلقًا انطلقت، أي: لأن كنت، وذلك مذكور للتعليل، فالأصل فيها تصديرها "باللام"، ولكن حروف الجر تحذف كثيرًا عن "أن" و"إن" فبقي "إن" كنت، فحذفت كان من الكلام لدلالة الكلام عليه، وطوله بها، ثم عدل عن المتصل لتعذره حينئذٍ إلى المنفصل فبقي "أن" أنت منطلقًا، فأرادوا التعويض عن كان المحذوفة، فأتوا بما لاتفاقها مع "أن"؛ لأنها تقع للمصدر مثلها، و"النون" تقارب "الميم"، فقلبت إليها وأدغمت فيها، فصارا: ما أنت منطلقًا انطلقت، فحذف كان واجب لوجود العوض عنها، قال ابن الحاجب: ولم تعوض ما عن الفعل إذا حذف بعد "أن" الشرطية و"إن" اقتضت الفعل أيضًا كان؛ لأن "أن" أشد اقتضاء؛ لأنها مع صلتها كلمة بخلاف المكسورة لاستقلالها.
وقال ابن مالك: قد يعوض عن الفعل بعد "أن"، كقول العرب: افعل هذا و"إما" لا، أي: وإن كنت "لا" تفعل؛ لأنه أقل من الأول لكثرة الحذف، وقدم "أما" على انطلقت تشبيهًا لها بالشرط والجزاء؛ إذ المفهوم منه التعليل "باللام" المحذوفة، وأنشد ابن الحاجب قوله:
أبا خراشة أما أنت ذا نفر ....فإن قومي لم تأكلهم الضبع
مفتوحًا بعكس رواية الجوهري في المكسورة، والزمخشري قوله:
إمَّا أقمت وما أنت مرتحلًا .... فالله يكلأ ما تأتي وما تذر
بكسر الأولى للشرط بزيادة "ما"، وذكر الفعل وفتح الثانية، أي: لأن كنت؛ لأن ما عوض من الفعل المحذوف.
فائدة: قال والدي رحمه الله: اختلفوا في وزن "أما"، فقال الزعفراني في تعليقه عن المازني: وزنها فعلى، كسلمى ولم يجوز أن يكون أفعل هربًا من أن تصير "الفاء" و"العين" من حرف واحد وهو نادر.
وقال ابن إياز: يجوز أن يقال: أفعل، ويسهل اتفاق "الفاء" و"العين" في حرف واحد؛ لأن الإدغام يسهل ذلك، وإنما يفوته وقوع "الهمزة" أولًا، وهو موضع زيادتها، ولا يكره جعل "العين" و"اللام" من حرف واحد إلا إذا تعذر الإدغام، أو ما يقوم مقامه، اعتقد أبو علي أن أول أفعل كما بين في موضعه، والله أعلم). [جواهر الأدب: 206 - 210]


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 08:20 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

شرح ابن نور الدين الموزعي(ت: 825هـ)

"أمَّا" المفتوحة المشددة
قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): (وأما "أمَّا" المفتوحة المشددة فإنها قد تبدل "ميمها" "ياء" استثقالًا للتضعيف كقول عمر بن أبي ربيعة.
رأت رجلًا أيما إذا الشمس عارضت .... فيضحى وأما بالعشي فيخصر
وهي على ضربين مفردة ومركبة:
"فأما" المفردة فإنها كلمة إخبار لابد في جوابها من "فاء" لما فيها من معنى الجزاء، وترتفع بعدها الجملة على الابتداء والخبر، ولا تدخل "الفاء" على خبر الابتداء إلا بعد "أمَّا" أو ما كان فيه معنى الجزاء كقولك: الذي يقوم فله درهم، وقد تحذف "الفاء" في الضرورة قال الشاعر:
أما القتالُ لا قتال لديكم .... ولكن سيرًا في عراض المواكب
وقد تحذف في الندور أيضًا كما ورد: «"أما" بعد "ما" بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله».
وتدل على ثلاثة معان: الشرط، والتفصيل، والتوكيد.
"أما" الشرط فلملازمة "الفاء" جوابها.
و"أما" التفصيل: وهو غالب أحوالها، كقول الله سبحانه: {فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلًا}، وكقوله تعالى: {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر}، {وأما الغلام}، {وأما الجدار}.
وقد يترك تكرارها استغناء بذكر أحد القسمين عن الآخر، كقوله تعالى: {يا أيها الناس قد جاءكم برهانٌ من ربكم وأنزلنا إليكم نورًا مبينًا فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضلٍ ويهديهم إليه صراطًا مستقيمًا}، و"أما" الذين كفروا بالله فلهم كذا وكذا.
و"أما" التوكيد: فقال ابن هشام: «لم أر أحدًا أحكم شرحه غير الزمخشري فإنه قال: "أمَّا" في الكلام تعطيه فضل توكيد، تقول: زيدٌ ذاهب، فإذا قصدت توكيد ذلك وأنه لا محالة ذاهب قلت: "أما" زيد فذاهب».
وزعم أنه مستخرج من كلام سيبويه ولذلك قال سيبويه في تفسيره: مهما يكن من شيء فزيد ذاهب، وهذا التفسير يدل على فائدتين:
بيان كونه توكيدًا وأنه في معنى الشرط.
و"أما" المركبة: فهي التي في نحو قولك: "أمَّا" أنت منطلقًا انطلقت معك، فإنها مركبة من حرفين "أن" و"ما"، أدغمت "النون" في "الميم".
قال سيبويه: تقديره لأن كنت سائرًا سرت معك، فحذفت كان من اللفظ اختصارًا وأضمرت فانفصل الضمير فزيدت ما عوضًا منها وأنشد سيبويه:
أبا خراشة أما أنت ذا نفرٍ .... فإن قومي لم تأكلهم الضبع
وهذه المركبة لا تكون بهذا المعنى إلا وهي مفتوحة، والفعل واجب الحذف بعدها في قول سيبويه بخلاف "إمَّا" المكسورة المركبة فإنه لا بد من ذكر الفعل بعدها لأنها شرطية، ولابد من ذكر الفعل في الجزاء.
والمبرد يُجوز ذكر الفعل فيقول: "أما" كنت منطلقًا انطلقت، كما كان قبل "ما" وأما "أمّا" في قوله تعالى: {أماذا كنتم تعملون} فإنها "أم" المنقطعة أدغمت "الميم" في مثلها من "ما" الاستفهامية وليست مما مضى). [مصابيح المغاني: 137-140]

"إمَّا" المكسورة المشددة
قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): (وأما "إمَّا" المكسورة المشددة:
فإنها تأتي على وجهين: مركبة وغير مركبة.
أما المركبة: فهي أن تكون مركبة من "إن" التي للجزاء ومن "ما"، وتليها "نون" التأكيد كقوله تعالى: {فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم} وقوله تعالى: {وإمَّا تخافن من قومٍ خيانةً فانبذ إليهم على سواء}، وقد يأتي الجزاء بغير "نون"، قال الأعشى:
إمَّا ترينا حفاةً لا نعال لنا .... إنا كذلك ما نحفى وننتعل
وأما التي ليست بمركبة فنحو قولك: جاءني "إمَّا" زيد و"إمَّا" عمرو، وهي حرف عطف عند أكثر النحاة أعني الثانية، وأما الأولى فغير عاطفة بالاتفاق، وزعم يونس والفارسي وابن كيسان وابن برهان أنها غير عاطفة كالأولى ووافقهم ابن مالك لملازمتها "الواو" العاطفة غالبًا.
وفيها لغات: الكسر مع التشديد وهو أشهرها وقد تفتح "همزتها"، وقد تبدل "ميمها" الأولى "ياء" ... قال الأحوص:
يا ليتما أمنا شالت نعامتها ..... أيما إلى جنةٍ أيما إلى نار
فالبيت شاهد على فتح "الهمزة" وعلى إبدال "الميم" "ياء" وشاهد أيضًا على تجردها من "الواو" وإن كان الغالب مصاحبتها.
قالوا: وقد تحذف "ميمها"، قال النمر بن تولب يصف الوعل:
ولو كان من حتفه ناجيًا ..... لكان هو الصدع الأعصما
سقته الرواعد من صيفٍ ..... وإن من خريفٍ فلن يعدما
معناه: سقته الرواعد من مطر الصيف الذي هو قليل، وأما في الخريف العام فلن يعدم السقي، وقال الأصمعي: "إن" هنا بمعنى الجزاء أراد وإن سقته من خريف فلن يعدم الري، واختاره المبرد وقال: لأن "إمَّا" تكون مكررة وهذه لم تتكرر، وضعف هذا بأنه إنما أراد وصفه بالري على كل حال، ولو كان للجزاء لعدم الري الذي قصده الشاعر.
وجعلها أبو عبيدة زائدة، ويضعفه عندي ما في "الفاء" من الدلالة على الربط والتعليق وعدم الإلغاء، والذي يظهر لي أنها بمعنى "أما" المفتوحة المشددة التي لا تكرار فيها، وفيها معنى التأكيد والعموم فيكون المعنى: ومهما يكن من خريف فلن يعدم الري.
وأما "إمَّا" المكسورة فليس شيء من معانيها يقتضي الجواب "بالفاء"، هذا ما ظهر لي ولعله مراد سيبويه، ولكن لم ينقله النحاة في الكلام على "إمَّا" المكسورة المكررة، فلينظر لذلك فليس كتاب سيبويه عندي فإن كان صوابًا فمن الله والحمد لله وإن كان خطأ فمني واستغفر الله الغفور الرحيم.

ولإمَّا المكسورة من المعاني خمسة أقسام:
الأول: الشك، نحو جاءني "إمَّا" زيد و"إمَّا" عمرو إذا لم تعلم الجائي منهما.
الثاني: الإبهام كقوله تعالى: {وآخرون مرجون لأمر الله إمَّا يعذبهم وإمَّا يتوب عليهم}.
الثالث: التخيير كقوله تعالى: {إمَّا أن تعذب وإمَّا أن تتخذ فيهم حسنًا}.
الرابع: الإباحة: تعلم "إمَّا" فقهًا و"إمَّا" نحوًا، ونازع في هذا المعنى جماعة مع إثباتهموه "لأو".
الخامس: التفصيل نحو قول الله سبحانه: {إنا هديناه السبيل إمَّا شاكرًا وإمَّا كفورًا}، وأجاز كون "إمَّا" هذه هي "إن" الشرطية و"ما" الزائدة هكذا ذكره ابن هشام عنهم، وكذا ذكر غيره في الآية أن الفراء قال: معناه: إنا هدينا السبيل "إن" شكر و"إن" كفر يكون للشرط و"ما" زائدة.
وقال غيره من البصريين أن "إمَّا" ههنا بمعنى التخيير، أراد: هديناه السبيل وخيرناه.
وقد يجوز أن تأتي "بأما" غير مكررة إذا كان في الكلام عوض من تكريرها
تقول: "إمَّا" أن تكلمني بخير و"إلا" فاسكت، المعنى: "إمَّا" أن تكلمني و"إمَّا" أن تسكت، قال المثقب العبدي يخاطب عمرو بن هند الملك:
فإما أن تكون أخي بصدقٍ..... فأعرف منك غثي من سميني
وإلا فاطرحني واتخذني .... عدوًا أتقيك وتتقيني
قال الفراء: وقد حذفت العرب "إمَّا" السابقة وهي تعني بها "أو"، وأنشد:
تُلم بدارٍ قد تقادم عهدها .... وإمَّا بأمواتٍ ألم خيالها
أراد: "أو" بأموات.
والحاصل أنها بمنزلة "أو" في العمل على خلاف بين النحاة، وبمنزلتها في المعنى اتفاقًا، إلا من وجه فإن "إمَّا" تبني الكلام من أول الأمر على ما جيء به لأجله من شك وغيره، ولذلك وجب تكرارها، وعدم تكرارها قليل.
"واو" يفتتح الكلام معها على الجزم ثم يطرأ الشك أو غيره ولهذا لم تتكرر). [مصابيح المغاني: 140 - 146]


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 08:22 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن محمد بن إسماعيل الكردي البيتوشي (ت: 1211هـ): (
أما لمعنى إن وشرطها ضمن.... وحتمًا أو في غالبٍ بالفا قُرن
وهو بتأكيد وتفصيل يفي .... وربما التفصيل فيه ينتفي
أصلًا كأما صبري المعهود .... فبعدكم خان فعودوا عودوا
وهو بسيطٌ ويقول ثعلبُ .... من إن لشرطٍ ثم ما مُركَّبُ
ففتحت همزة إن من بعد أن.....حذفت فعل شرطه فصار أن
وليس مهما أصل لفظٍ أما .... لكون ذا حرفًا وذلك اسمًا
والميم الأولى ربما تبدل يا .... وذاك في أشعارهم قد رُئيا
أيما إذا الصبح انجلى فأضجرُ ....عذلًا وأيما في الدجى فأسهر).
[كفاية المعاني: 286 - 287]

"إِمَّا"
قال عبد الله بن محمد بن إسماعيل الكردي البيتوشي (ت: 1211هـ): (
إما بكسر وبفتحٍ عُلما ..... تركيبها في راجحٍ من إن وما
وبهما مع قلب نونٍ ياءًا ..... وحذف ما منها اضطرارًا جاءا
فصل أبح أبهم وللتخيير .... والشك أيضًا جاء في التعبير
واختلفوا في حال إما الثانية ..... أعني التي في نحو قولي آتية
إما مماتٌ بعدكم وإما ..... مُر حياةٍ قلقا وهما
فالأكثرون أنها للعطف ..... ويونس كبعضهم ذا منفي
كذلك ابن مالك بل قيلا .... تلك بإجماعهم كالا ولى
لأنها في غالب الأوقات مع .... واوٍ لعطفٍ في كلامهم تقع
وقول إن الواو معها عاطفة .... إما على إما وإما العاطفة
سيقت لعطف اسم على سُم غلط .... إذ عطفك الحرف على الحرف شطط
وربما تحذفها إن تعلم ..... إما أخا صدقٍ وإما فاصرم
يا ليتما هذا الرقيب فإني .... إما إلى جنةٍ أو نيرانِ
وحذفُك الأولى لدى استغناء .... أيضًا قياسي لدى الفراء
قلبي أسيرٌ عندكم فمنا .... منكم وإما فديةَ المُعَنَّى
وليس منها نحو إما تُطلق .... أسري أشكرك وإلا فارفق).
[كفاية المعاني: 287 - 288]


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 29 ذو الحجة 1438هـ/20-09-2017م, 06:59 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قسم معاني الحروف من دليل "دراسات في أساليب القرآن"
للأستاذ محمد عبد الخالق عضيمة



رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:30 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة