العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأنفال

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 شعبان 1435هـ/16-06-2014م, 03:16 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 شعبان 1435هـ/16-06-2014م, 03:16 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18 شعبان 1435هـ/16-06-2014م, 03:17 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: إنّ الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اللّه والّذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعضٍ والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيءٍ حتّى يهاجروا وإن استنصروكم في الدّين فعليكم النّصر إلاّ على قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ واللّه بما تعملون بصيرٌ (72)
مقصد هذه الآية وما بعدها تبيين منازل المهاجرين والأنصار والمؤمنين الذين لم يهاجروا، والكفار والمهاجرين بعد الحديبية، وذكر نسب بعضهم من بعض، فقدم أولا ذكر المهاجرين وهم أصل الإسلام، وانظر تقديم عمر لهم في الاستشارة و «هاجر» معناه أهله وقرابته وهجروه، وجاهدوا معناه أجهدوا أنفسهم في حرب من أجهد نفسه في حربهم، والّذين آووا ونصروا هم الأنصار وآوى معناه هيأ مأوى وهو الملجأ والحرز، فحكم الله على هاتين الطائفتين بأن بعضهم أولياء بعضٍ، فقال كثير من المفسرين هذه الموالاة هي المؤازرة والمعاونة واتصال الأيدي، وعليه فسر الطبري الآية، وهذا الذي قالوا لازم من دلالة اللفظ، وقال ابن عباس وقتادة ومجاهد وكثير منهم إن هذه الموالاة هي في الميراث، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار، وكانت بين الأنصار أخوة النسب وكانت أيضا بين بعض المهاجرين فكان المهاجريّ إذا مات ولم يكن له بالمدينة ولي مهاجريّ ورثه أخوه الأنصاري، وإن كان له ولي مسلم لم يهاجر، وكان المسلم الذي لم يهاجر لا ولاية بينه وبين قريبه المهاجري لا يرثه، قال ابن زيد: واستمر أمرهم كذلك إلى فتح مكة، ثم توارثوا بعد ذلك لما لم تكن هجرة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فذهبت هذه الفرقة إلى أن هذا هو مقصد الآية، ومن ذهب إلى أنها في التآزر والتعاون فإنما يحمل نفي الله تعالى ولايتهم عن المسلمين على أنها صفة الحال لا أن الله حكم بأن لا ولاية بين المهاجرين وبينهم جملة، وذلك أن حالهم إذا كانوا متباعدي الأقطار تقتضي أن بعضهم إن حزبه حازب لا يجد الآخر ولا ينتفع به فعلى هذه الجهة نفي الولاية، وعلى التأويلين ففي الآية حض للأعراب على الهجرة، قاله الحسن بن أبي الحسن، ومن رأى الولاية في الموارثة فهو حكم من الله ينفي الولاية في الموارثة، قالوا: ونسخ ذلك قوله تعالى وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ [الأنفال: 75]، وقرأ جمهور السبعة والناس «ولايتهم» بفتح الواو والولاية أيضا بفتح الواو، وقرأ الكسائي «ولايتهم» بفتح الواو والولاية بكسر الواو، وقرأ الأعمش وابن وثاب «ولايتهم» والولاية بكسر الواو وهي قراءة حمزة، قال أبو علي والفتح أجود لأنها في الدين، قال أبو الحسن الأخفش والكسر فيها لغة وليست بذلك ولحن الأصمعي والأعمش وأخطأ عليه لأنها إذا كانت لغة فلم يلحن.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: لا سيما ولا يظن به إلا أنه رواها، قال أبو عبيدة: الولاية بالكسر هي من وليت الأمر إليه فهي في السلطان، والولاية هي من المولى، يقال مولى بين الولاية بفتح الواو، وقوله وإن استنصروكم يعني إن استدعى هؤلاء المؤمنون الذين لم يهاجروا نصركم على قوم من الكفرة فواجب عليكم نصرهم إلا إن استنصروكم على قوم كفار قد عاهدتموهم أنتم وواثقتموهم على ترك الحرب فلا تنصروهم عليهم لأن ذلك عذر ونقض للميثاق وترك لحفظ العهد والوفاء به، والقراءة «فعليكم النصر» برفع الراء، ويجوز «فعليكم النصر» على الإغراء، ولا أحفظه قراءة، وقرأ جمهور الناس «والله بما تعملون» على مخاطبة المؤمنين، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي والأعرج «بما يعملون» بالياء على ذكر الغائب).[المحرر الوجيز: 4/ 245-247]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: والّذين كفروا بعضهم أولياء بعضٍ إلاّ تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبيرٌ (73) والّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل اللّه والّذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقًّا لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ (74) والّذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب اللّه إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ (75)
هذا حكم بأن الكفار ولايتهم واحدة، وذلك بجمع الموارثة والمعاونة والنصرة، وهذه العبارة ترغيب وإقامة للنفوس، كما تقول لمن تريد أن يستطلع: عدوك مجتهد، أي فاجتهد أنت، وحكى الطبري في تفسير هذه الآية عن قتادة أنه قال: أبى الله أن يقبل إيمان من آمن ولم يهاجر، وذلك في صدر الإسلام،
وذلك أيضا مذكور مستوعب في تفسير قوله عز وجل: إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنّا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض اللّه واسعةً فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنّم وساءت مصيراً [النساء: 97].
والذي يظهر من الشرع أن حكم المؤمن التارك للهجرة مع علمه بوجوبها حكم العاصي لا حكم الكافر، وقوله تعالى: إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم [النساء: 97] إنما هي فيمن قتل مع الكفار، وفيهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا بريء من مسلم أقام بين المشركين لا تراءى نارهما الحديث على اختلاف ألفاظه وقول قتادة إنما هو فيمن كان يقوم متربصا يقول من غلب كنت معه، وكذلك ذكر في كتاب الطبري والكشي، والضمير في قوله إلّا تفعلوه قيل هو عائد على الموارثة والتزامها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا لا تقع الفتنة عنه إلا عن بعد وبوساطة كثيرة، وقيل هو عائد على المؤازرة والمعاونة واتصال الأيدي، وهذا تقع الفتنة عنه عن قرب فهو آكد من الأول، ويظهر أيضا عوده على حفظ العهد والميثاق الذي يتضمنه إلّا على قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ [الأنفال: 72] وهذا إن لم يفعل فهي الفتنة نفسها، ويظهر أن يعود الضمير على النصر للمسلمين المستنصرين في الدين، ويجوز أن يعود الضمير مجملا على جميع ما ذكر، والفتنة المحنة بالحرب وما أنجز معها من الغارات والجلاء والأسر، و «الفساد الكبير» ظهور الشرك، وقرأ جمهور الناس «كبير» بالباء المنقوطة واحدة، وقرأ أبو موسى الحجازي عن الكسائي بالثاء منقوطة مثلثة وروى أبو حاتم المدني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ «وفساد عريض»، وقرأت فرقة «والذين كفروا بعضهم أولى ببعض»).[المحرر الوجيز: 4/ 247-249]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: والّذين آمنوا وهاجروا الآية، آية تضمنت تخصيص المهاجرين والأنصار وتشريفهم بهذا الوصف العظيم، وحقًّا نصب على المصدر المؤكد لما قبله، ووصف الرزق بالكريم معناه أنه لا يستحيل نجوا، والمراد به طعام الجنة، كما ذكر الطبري وغيره ولازم اللفظ نفي المذمات عنه، وما ذكروه فهو في ضمن ذلك). [المحرر الوجيز: 4/ 249]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله من بعد يريد به من بعد الحديبية وبيعة الرضوان، وذلك أن الهجرة من بعد ذلك كانت أقل رتبة من الهجرة قبل ذلك، وكان يقال لها الهجرة الثانية، لأن الحرب وضعت أوزارها نحو عامين، ثم كان فتح مكة وبه قال صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح، وقال الطبري: المعنى من بعد ما بينت لكم حكم الولاية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فكان الحاجز بين الهجرتين نزول الآية، فأخبر الله تعالى في هذه الآية بأنهم من الأولين في المؤازرة وسائر أحكام الإسلام،
وقوله تعالى: وجاهدوا معكم لفظ يقتضي أنهم تبع لا صدر، وقوله فأولئك منكم كذلك، ونحوه قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مولى القوم منهم وابن أخت القوم منهم»، وقوله وأولوا الأرحام إلى آخر السورة، قال من تقدم ذكره هي في المواريث وهي ناسخة للحكم المتقدم ذكره من أن يرث المهاجري الأنصاري، ووجب بهذه الآية الأخيرة أن يرث الرجل قريبه وإن لم يكن مهاجرا معه، وقالت فرقة منها مالك بن أنس رحمه الله: إن الآية ليست في المواريث، وهذا فرار عن توريث الخال والعمة ونحو ذلك، وقالت فرقة: هي في المواريث إلا أنها نسخت بآية المواريث المبينة، وقوله في كتاب اللّه، معناه القرآن أي ذلك مثبت في كتاب الله، وقيل المعنى في كتاب الله السابق في اللوح المحفوظ، وعليمٌ صفة مناسبة لنفوذ هذه الأحكام). [المحرر الوجيز: 4/ 249-250]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18 شعبان 1435هـ/16-06-2014م, 03:17 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 شعبان 1435هـ/16-06-2014م, 03:17 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اللّه والّذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعضٍ والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيءٍ حتّى يهاجروا وإن استنصروكم في الدّين فعليكم النّصر إلا على قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ واللّه بما تعملون بصيرٌ (72)}
ذكر تعالى أصناف المؤمنين، وقسمهم إلى مهاجرين، خرجوا من ديارهم وأموالهم، وجاؤوا لنصر اللّه ورسوله، وإقامة دينه، وبذلوا أموالهم وأنفسهم في ذلك. وإلى أنصارٍ، وهم: المسلمون من أهل المدينة إذ ذاك، آووا إخوانهم المهاجرين في منازلهم، وواسوهم في أموالهم، ونصروا اللّه ورسوله بالقتال معهم، فهؤلاء بعضهم أولى ببعضٍ أي: كلٌّ منهم أحقّ بالآخر من كلّ أحدٍ؛ ولهذا آخى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بين المهاجرين والأنصار، كلّ اثنين أخوان، فكانوا يتوارثون بذلك إرثًا مقدّمًا على القرابة، حتّى نسخ اللّه تعالى ذلك بالمواريث، ثبت ذلك في صحيح البخاريّ، عن ابن عبّاسٍ ورواه العوفي، وعليّ بن أبي طلحة، عنه وقال مجاهدٌ، وعكرمة، والحسن، وقتادة، وغيرهم.
قال الإمام أحمد: حدّثنا وكيع، عن شريكٍ، عن عاصمٍ، عن أبي وائلٍ، عن جرير -هو ابن عبد اللّه البجليّ -رضي اللّه عنه -قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم: "المهاجرون والأنصار أولياء بعضهم لبعضٍ، والطّلقاء من قريشٍ والعتقاء من ثقيفٍ بعضهم أولياء بعضٍ إلى يوم القيامة" تفرّد به أحمد
وقال الحافظ أبو يعلى: حدّثنا شيبان حدّثنا عكرمة -يعني ابن إبراهيم الأزديّ -حدّثنا عاصمٌ، عن شقيق، عن ابن مسعودٍ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "المهاجرون والأنصار، والطّلقاء من قريشٍ والعتقاء من ثقيف، بعضهم أولياء بعضٍ في الدّنيا والآخرة". هكذا رواه في مسند عبد الله بن مسعود
وقد أثنى اللّه ورسوله على المهاجرين والأنصار في غير ما آيةٍ في كتابه، فقال: {والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسانٍ رضي اللّه عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنّاتٍ تجري تحتها الأنهار} الآية [التّوبة: 100]، وقال: {لقد تاب اللّه على النّبيّ والمهاجرين والأنصار الّذين اتّبعوه في ساعة العسرة} الآية. [التّوبة: 117]، وقال تعالى: {للفقراء المهاجرين الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من اللّه ورضوانًا وينصرون اللّه ورسوله أولئك هم الصّادقون والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم يحبّون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجةً ممّا أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ} الآية [الحشر: 8، 9].
وأحسن ما قيل في قوله: {ولا يجدون في صدورهم حاجةً ممّا أوتوا} أي: لا يحسدونهم على فضل ما أعطاهم اللّه على هجرتهم، فإنّ ظاهر الآيات تقديم المهاجرين على الأنصار، وهذا أمرٌ مجمعٌ عليه بين العلماء، لا يختلفون في ذلك، ولهذا قال الإمام أبو بكرٍ أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزّار في مسنده: حدّثنا محمّد بن معمر، حدّثنا مسلم بن إبراهيم، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن سعيد بن المسيّب، عن حذيفة قال: خيّرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بين الهجرة والنّصرة، فاخترت الهجرة
ثمّ قال: لا نعرفه إلّا من هذا الوجه.
وقوله: {والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم} [قرأ حمزة: "ولايتهم" بالكسر، والباقون بالفتح، وهما واحدٌ كالدّلالة والدّلالة] {من شيءٍ حتّى يهاجروا} هذا هو الصّنف الثّالث من المؤمنين، وهم الّذين آمنوا ولم يهاجروا، بل أقاموا في بواديهم، فهؤلاء ليس لهم في المغانم نصيبٌ، ولا في خمسها إلّا ما حضروا فيه القتال، كما قال الإمام أحمد:
حدّثنا وكيع، حدّثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه: بريدة بن الحصيب الأسلميّ، رضي اللّه عنه، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا بعث أميرًا على سريّةٍ أو جيشٍ، أوصاه في خاصّة نفسه بتقوى اللّه ومن معه من المسلمين خيرًا، وقال: "اغزوا باسم اللّه في سبيل اللّه، قاتلوا من كفر باللّه، إذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصالٍ -أو: خلالٍ -فأيّتهنّ ما أجابوك إليها فاقبل منهم، وكفّ عنهم: ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم، وكفّ عنهم، ثمّ ادعهم إلى التّحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين، وأعلمهم إن فعلوا ذلك أنّ لهم ما للمهاجرين، وأنّ عليهم ما على المهاجرين. فإن أبوا واختاروا دارهم فأعلمهم أنّهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم اللّه الّذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيبٌ، إلّا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية. فإن أجابوا فاقبل منهم وكفّ عنهم، فإن أبوا فاستعن باللّه ثمّ قاتلهم".
انفرد به مسلمٌ، وعنده زياداتٌ أخر
وقوله: {وإن استنصروكم في الدّين فعليكم النّصر إلا على قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ واللّه بما تعملون بصيرٌ} يقول تعالى: وإن استنصروكم هؤلاء الأعراب، الّذين لم يهاجروا في قتالٍ دينيٍّ، على عدوٍّ لهم فانصروهم، فإنّه واجبٌ عليكم نصرهم؛ لأنّهم إخوانكم في الدّين، إلّا أن يستنصروكم على قومٍ من الكفّار {بينكم وبينهم ميثاقٌ} أي: مهادنةٌ إلى مدّةٍ، فلا تخفروا ذمّتكم، ولا تنقضوا أيمانكم مع الّذين عاهدتم. وهذا مرويٌّ عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 95-97]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والّذين كفروا بعضهم أولياء بعضٍ إلا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبيرٌ (73)}
لمّا ذكر تعالى أنّ المؤمنين بعضهم أولياء بعضٍ، قطع الموالاة بينهم وبين الكفّار، كما قال الحاكم في مستدركه:
حدّثنا محمّد بن صالح بن هانئٍ، حدّثنا أبو سعدٍ يحيى بن منصورٍ الهرويّ، حدّثنا محمّد بن أبانٍ، حدّثنا محمّد بن يزيد وسفيان بن حسينٍ، عن الزّهريّ، عن عليّ بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا يتوارث أهل ملّتين، ولا يرث مسلمٌ كافرًا، ولا كافرٌ مسلمًا"، ثمّ قرأ: {والّذين كفروا بعضهم أولياء بعضٍ إلا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبيرٌ} ثمّ قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرّجاه
قلت: الحديث في الصّحيحين من رواية أسامة بن زيدٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم" وفي المسند والسّنن، من حديث عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا يتوارث أهل ملّتين شتّى" وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ.
وقال أبو جعفر بن جريرٍ: حدّثنا محمّدٌ، [عن محمّد بن ثورٍ] عن معمرٍ، عن الزّهريّ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أخذ على رجلٍ دخل في الإسلام فقال: "تقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، وتحجّ البيت، وتصوم رمضان، وأنّك لا ترى نار مشركٍ إلّا وأنت له حربٌ"
وهذا مرسلٌ من هذا الوجه، وقد روي متّصلًا من وجهٍ آخر، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّه قال: "أنا بريءٌ من كلّ مسلمٍ بين ظهراني المشركين"، ثمّ قال: "لا يتراءى ناراهما"
وقال أبو داود في آخر كتاب الجهاد: حدّثنا محمّد بن داود بن سفيان، أخبرني يحيى بن حسّان، أنبأنا سليمان بن موسى أبو داود، حدّثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب [حدثني خبيب بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سمرة] عن سمرة بن جندب: أما بعد، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من جامع المشرك وسكن معه فإنّه مثله"
وقد ذكر الحافظ أبو بكر بن مردويه، من حديث حاتم بن إسماعيل، عن عبد اللّه بن هرمز، عن محمّدٍ وسعيدٍ ابني عبيدٍ، عن أبي حاتمٍ المزنيّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلّا تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ عريضٌ". قالوا: يا رسول اللّه، وإن كان؟ قال: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه" ثلاث مرّاتٍ.
وأخرجه أبو داود والتّرمذيّ، من حديث حاتم بن إسماعيل، به بنحوه
ثمّ روي من حديث عبد الحميد بن سليمان، عن ابن عجلان، عن ابن وثيمة النّصري عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه، إلّا تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ عريضٌ"
ومعنى قوله تعالى: {إلا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبيرٌ} أي: إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين، وإلّا وقعت الفتنة في النّاس، وهو التباس الأمر، واختلاط المؤمن بالكافر، فيقع بين النّاس فسادٌ منتشرٌ طويلٌ عريضٌ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 97-98]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل اللّه والّذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقًّا لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ (74) والّذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب اللّه إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ (75)}
لمّا ذكر تعالى حكم المؤمنين في الدّنيا، عطف بذكر ما لهم في الآخرة، فأخبر عنهم بحقيقة الإيمان، كما تقدّم في أوّل السّورة، وأنّه سيجازيهم بالمغفرة والصّفح عن ذنوبٍ إن كانت، وبالرّزق الكريم، وهو الحسن الكثير الطّيّب الشّريف، دائمٌ مستمرٌّ أبدًا لا ينقطع ولا ينقضي، ولا يسأم ولا يملّ لحسنه وتنوّعه.
ثمّ ذكر أنّ الأتباع لهم في الدّنيا على ما كانوا عليه من الإيمان والعمل الصّالح فهم معهم في الآخرة كما قال: {والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسانٍ رضي اللّه عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنّاتٍ تجري تحتها الأنهار} الآية [التّوبة: 100]، وقال: {والّذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنااغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للّذين آمنوا ربّنا إنّك رءوفٌ رحيمٌ} [الحشر:10] وفي الحديث المتّفق عليه، بل المتواتر من طرقٍ صحيحةٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "المرء مع من أحبّ"، وفي الحديث الآخر: "من أحبّ قومًا حشر معهم"
وقال الإمام أحمد: حدّثنا وكيع، عن شريكٍ، عن عاصمٍ، عن أبي وائلٍ، عن جريرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "المهاجرون والأنصار أولياء بعضهم لبعض، والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيفٍ بعضهم أولياء بعضٍ إلى يوم القيامة". قال شريكٌ: فحدّثنا الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عبد الرّحمن بن هلالٍ، عن جريرٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مثله.
تفرّد به أحمد من هذين الوجهين
وأمّا قوله تعالى: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب الله} أي: في حكم اللّه، وليس المراد بقوله: {وأولوا الأرحام} خصوصيّة ما يطلقه علماء الفرائض على القرابة، الّذين لا فرض لهم ولا هم عصبةٌ، بل يدلون بوارثٍ، كالخالة، والخال، والعمّة، وأولاد البنات، وأولاد الأخوات، ونحوهم، كما قد يزعمه بعضهم ويحتجّ بالآية، ويعتقد ذلك صريحًا في المسألة، بل الحق أن الآية عامّةٌ تشمل جميع القرابات. كما نصّ ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وعكرمة، والحسن، وقتادة وغير واحدٍ: على أنّها ناسخةٌ للإرث بالحلف والإخاء اللّذين كانوا يتوارثون بهما أو لا وعلى هذا فتشمل ذوي الأرحام بالاسم الخاصّ. ومن لم يورّثهم يحتجّ بأدلّةٍ من أقواها حديث: "إنّ اللّه قد أعطى كلّ ذي حقٍّ حقّه، فلا وصيّة لوارثٍ"، قالوا: فلو كان ذا حقٍّ لكان له فرضٌ في كتاب اللّه مسمًّى، فلمّا لم يكن كذلك لم يكن وارثًا، واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 99-100]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:50 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة