العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم اللغة > جمهرة معاني الحرف وأسماء الأفعال والضمائر والظروف > جمهرة معاني الحروف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #2  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 03:36 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


جَمْلُ "الأَلِفَاتِ"

قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (جَمْلُ "الأَلِفَاتِ"
مضى تفسير وجوه الجزم، وهذه جمل "الألفات"، وهي اثنان وعشرون "ألفًا".
1- "ألف" وصل.
2- و
"ألف" قطع.
3- و
"ألف" سنخ.
4- و
"ألف" استفهام.
5- و
"ألف" استخبار.
6- و
"ألف" التثنية في حال الرفع.
7- و
"ألف" الضمير.
8- و
"ألف" الخروج والترنم.
9- و
"ألف" تكون عوضًا من "النون" الخفيفة.
10- و
"ألف" النفس.
11- و
"ألف" التأنيث.
12- و
"ألف" التعريف.
13- و
"ألف" الجيئة.
14- و
"ألف" العطية.
15- و
"ألف" تكون بدلًا من "الواو".
16- و
"ألف" التوبيخ.
17- و
"ألف" تكون مع "اللام".
18- و
"ألف" الإقحام.
19- و
"ألف" الإلحاق بعد "الواو"، وتسمى "ألف" الوصل.
20- و
"ألف" التعجب.
21- و
"ألف" التقرير والتوقيف.
22- و
"ألف" التحقيق والإيجاب.
23- و
"ألف" التنبيه). [المحلى: 203]

1- "ألف" الوصل
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): ( "فألف" الوصل في ابتدائكها مكسورة أبدًا، نحو قولهم: استغفر الله، استودع الله، استحوذ، اصطفى، كذلك إذا خبرت عن نفسك، تقول: اصطفيتك، فإذا عدوها إلى ما لم يسم فاعله، ضموها في ابتدائها، تقول: اضطر، استخرج، استعمل.
وهي تتصل بما قبلها من ضم وفتح وكسر، فتقول في ما كان متصلًا بضم: حيث ابن زيد، وبالفتح: ليت ابن زيدٍ، وبالكسر: من ابن زيد؟ فإذا سكن ما قبلها قلت: هذا ابن زيدٍ.
فإذا عدوها إلى المأمور به: فإن كان ثالث حروفه مضمومًا، "فالألف" مضمومة، وإن كان ثالث حروفه مكسورًا، "فالألف" مكسورة، وكذلك إذا كان ثالث حروفه فتحًا، كسروا "الألف").
و"ألف الوصل" مثل "ألف" «اذهب»، وإنما فعلوا ذلك لئلا تشتبه "ألف الوصل" "بألف النفس".
وأما قولهم: اثنان، ابن، اسم، فكسروا "الألف" لأن الذي يليها ساكن، فحركوا "الألف" إلى الكسر، لأن الكسرة أخت الجزء وأخت الساكن، كما أن الجزم في الأفعال نظير الجر في الأسماء، فمن ثم إذا حرك المجزوم والموقوف حرك إلى الكسر).
[المحلى: 204 ]

2- "ألف" القطع
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (وأما "ألف القطع" فإنما تعرف ببناء «يفعل» من البنية، وهي مقطوعة في جميع أحوالها، فمن ذلك: أكرم يكرم، وأعطى يعطي، وأرسل يرسل، ألا ترى أن "ياء" الفعل من البنية مضمومة؟ وكل ما كانت "ياء" «يفعل» منه مضمومة، "فألفه" "ألف قطع"، نحو قولهم: أكرم يُكرم، وأعطى يعطي، وأرسل يرسل، وكل ما كانت "ياء" «يفعل» منه مفتوحة، "فألفه" "ألف وصل"، نحو قولك: ضرب يضرب، وشتم يشتم، ألا ترى أن "ياء" الفعل من البنية مفتوحة؟). [المحلى: 205 ]
3- "ألف" السنخ
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (وأما "ألف السنخ" فهي سنخ الكلمة، فإنها تثبت في حال المضي والاستقبال والمضارعة، فمن ذلك قولهم: أمر يأمر، وأخذ يأخذ، وأكل يأكل، قالوا: هذا في المضموم ثالثه، لأن "الميم" من «يأمر» و"الخاء" من «يأخذ» و"الكاف" من «يأكل» مضمومات.
وقولهم في المكسور ثالثه: أسر يأسر، وأتى يأتي، وقالوا في المفتوح ثالثه: أشر يأشر، وأمر يأمر الشيء إذا كثر، كما قال الله تعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها}.
وإذا أمرت من «أخذ» قلت: خذ، كان الأصل فيه «أوخذ»، فكرهوا أن يجمعوا بين "همزتين" مع ضمة فحذفوا، فكان ما بقي دالًا على المعنى، ومن شأن العرب الإيجاز والاكتفاء بالقليل من الكثير إذا كان ما بقي دالًا على المعنى. وإذا أمرت من «يأمر» قلت: اؤمر، "بالواو"، ومنهم يقول "بالألف"، كما قال الله جل وعز في طه: {وأمر أهلك بالصلاة}، وإنما فعلوا ذلك لأن "الواو" و"الميم" مخرجهما من مكان واحد، ففرقوا بينهما "بهمزة"، ومنهم من يقول "بالألف".
وإذا أمرت «يأسر» قلت: إيسر، فلم تذهب "الياء" لأنها مكسورة، وهي أخف من "الواو"، كقولك: إيت يا هذا.
وتقول في «يأشر»: إيشر، ففتحت "الشين"، من «إيشر»، وهي "عين" الفعل، وكسرت "السين" من «يأسر»، وهي "عين" الفعل، لأن مثال «يأسر»: يفعل، ومثال «يأشر»، يفعل). [المحلى: 205 - 206]
4- "ألف" الاستفهام
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (و"ألف الاستفهام" كقولهم: أمحمد خارجٌ أم زيدٌ؟ ألبنٌ عندك أم عسلٌ؟
فإذا وقعت "ألف الاستفهام" مع "ألف القطع" تكونان "بهمزتين" في حال المضي، وإن شئت مددت، فمن ذلك قولهم: أأكرمت زيدًا؟ وإن شئت مددت، فقلت: آكرمت زيدًا؟ كأنهم عافوا أن يجمعوا بين "همزتين" مثلين فقلبوها مدًا، وقد قرئ هذا الحرف ممدودا: {آنذرتهم}، قرأ عاصم وأبو عمرو "بهمزتين". والآخر {أأنت قلت للناس}، قرأه عاصم "بهمزتين"، ومنهم من قرأ بمدة «آنت»، وجميع ما يشبه من القرآن.
قال ذو الرمة:
فيا ظبية الوعساء بين جلاجل .... وبين النقا: آأنت أم أم سالم؟
وقال آخر:
حزقٌ إذا ما القوم أبدوا فكاهة ..... تفكر آإياه يعنون أم قردا
وقال آخر:
تساور فاستشرفته فوجدته ..... قلت له: آأنت زيد الأراقم؟
فإذا وقعت "ألف الاستفهام" مع "ألف الوصل"، اكتنفت "ألف الوصل" "ألف الاستفهام"، تقول: أتخذت زيدًا خليلًا؟ أصطنعت عمرًا؟ ألا ترى كيف أذهبت "ألف الاستفهام" "ألف الوصل"، لأن "ألف الاستفهام" أقوى من "ألف الوصل"؟
فإذا عدوتها إلى نفسك في «أفعل»: أأتخذ؟ وإن شئت حولتها مدًا، فقلت: آتخذُ؟ اجتمع هناك ثلاث ألفات: "ألف الوصل" التي كانت في الأصل، و"ألف النفس"، و"ألف الاستفهام"، "فألف النفس" اكتنفت "ألف الوصل"، وذلك أنها أقوى منها؛ لأن أصل "ألف النفس" التحريك، وأصل "ألف الوصل" السكون، فهي كالشيء الميت، ألا تسمع إلى قوله تعالى: {أأتخذ من دونه آلهة}، وإنما ذلك على
"ألفين"، وإلى قوله: {أطلع الغيب}، {أصطفى البنات على البنين}، وذلك على "ألف واحدة"، وذهبت الأخرى، وهي "ألف الوصل"، لأن هذه أقوى من تلك لحركتها.
ثم اعلم أن "ألف الاستفهام" أمارتها – يعني علامتها –
"أم"، نحو قول الله عز وجل: {أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون}.
وربما أضمروا "ألف الاستفهام" واستغنوا عنه بأمارته، فيقولن: زيدٌ أتاك
"أم" عمرو؟، و: محمدٌ عندك "أم" زيد؟
قال امرؤ القيس:
تروح من الحي أم تبتكر .... وماذا يضرك لو تنتظر
وقال آخر:
فوالله ما أدري وإني لسائل..... تميم بن مر أم تميم بن مقبل
يعني: أتميم بن مر؟
وقال آخر:
كذبتك عينك أم رأيت بواسطٍ ..... غلس الظلام من الحبيب خيالا
وقال آخر:
فوالله ما أدري وإني لسائل ..... بسبعٍ رميت الجمر أم بثمان
يريد: أبسبعٍ؟ فأضمر "ألف" الاستفهام.
ومما نطق به القرآن المجيد قوله جل وعز: {وجعل لله أندادًا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلًا إنك من أصحاب النار}، ثم قال: {أمن هو قانت}، فجاء بـ
"أم"، ومجازه: أذلك خيرٌ "أم" من هو قانت؟). [المحلى: 207 - 210]

5- "ألف" الاستخبار
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (وأما "ألف الاستخبار" فلا يحتاج إلى "أم"، تقول: أعندك شيء؟ أأنت الرجل؟).[المحلى: 211]

6- "ألف" التثنية
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (و"ألف التثنية" لينة، وهي أمارة الرفع، نحو قولك: رجلان وفرسان). [المحلى: 211 ]

7- "ألف" الضمير
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (و"ألف الضمير" تكون في الأفعال دون الأسماء، نحو قولك: الزيدان قاما، و: العمران قعدا، و"ألف الضمير" تبنى على "ألف الإعراب"، لأن الأسماء قبل الأفعال، وذلك أنها لا تستغني عن الأسماء، يقولون: رجلان في الدار، ويقولون: الله ربنا ومحمد نبينا، فاستغنى الاسم عن الفعل، وهم إذا قالوا: قاما وقعدا، لم يستغن الاسم عن الفعل مضمرًا أو مظهرًا). [المحلى: 211 ]
8- "ألف" الخروج
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (وأما "ألف الخروج" والترنم فلا يكون إلا في رءوس الآي أو عند القوافي، وإنما فعلوا ذلك لبعد الصوت، من ذلك قوله: {وتظنون بالله الظنونا}، ومثله: {فأضلونا السبيلا}.
قال جرير:
أقلي اللوم عاذل والعتابا ..... وقولي إن أصبت: لقد أصابا
و"الباء" لا يلزمه الإعراب إذا كان في أوله "ألف" و"لام"، ولكنه إنما دخله للترنم وبعد الصوت.
قال الشاعر:
كرهت على المواصلة العتابا ..... وأمسى الشيب قد ورث الشبابا
ومثله كثير). [المحلى: 212 ]
9- "الألف" التي تكون عوضًا من "النون" الخفيفة
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (وأما "الألف" التي تكون عوضًا من "النون" الخفيفة، تقول: يا زيدُ اضربا، ولا تتحول "النون" الخفيفة "ألفًا" إلا عند الوقف عليها، كقوله تبارك وتعالى: {ليسجنن وليكونًا من الصاغرين}، وقالت ليلى الأخيلية:
تساور سوارًا إلى المجد والعلا ..... وأقسم حقًا إن فعلت ليفعلا
وقال العجاج:
يحسبه الجاهل ما لم يعلما ..... شيخًا على كرسيه معممًا
أراد: ما لم يعلمن، و: ليفعلن، فقلب "النون" "ألفًا" عند الوقف.
وقال الفرزدق:
نبتم نبات الخيزرانة في الثرى .... حديثًا متى ما جاءني الخير ينفعا
وقال آخر:
اضرب عنك الهموم طارقها ..... ضربك بالسوط قونس الفرس.
كأنه أراد: اضربن، فأسقط "النون" لثقله وترك "الباء" مفتوحًا.
وزعموا أن قول الله تبارك وتعالى: {ألقيا في جهنم}، معناه: ألقين، للواحد "بالنون".
ومثله قول الشاعر:
يا هند ما أسرع ما تسعسا .... فقلت: يا هناد لومًا أو دعا
أي: لومن أو دعن، للواحد.
ومثله قول امرئ القيس:
قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزل ..... بسقط اللوى بين الدخول فحومل
معناه: قفن، والله أعلم). [المحلى: 213 - 215]

10- "ألف" النفس
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (و"ألف النفس" مفتوحة أبدًا، نحو قولك: أنا أضرب، أنا أخرج، أنا أكتب، لأنك تقول: يضرب ويخرج ويكتب.
وتقول في الماضي: اكتتب، انتسخت، فانكسرت "الألف" لأنها صارت "ألف الوصل"، وتقول في المستقبل: أكتتب، أنتسخ، فتح "الألف" لأنها "ألف النفس".
وما كان "ياء" «يفعل» فيه مضمومة، "فألف النفس" منها مضمومة، تقول من ذلك: أنا أكرمُ، أنا أرسل، أنا أنفق، أنا أعطي، ضممت "الألف" لأنها "ألف النفس"، ولأن "ياء" «يفعل» من هذه الأفعال مضمومة، تقول: يُكرم ويعطي ويرسل وينفق). [المحلى: 215 ]

11- "ألف" التأنيث
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (وأما "ألف التأنيث" فمثل: حمراء وصفراء وخضراء، ألحقت في آخر المؤنث ما كان في أول المذكر ليبلغ بنات الأربع، والمذكر أخضر وأحمر وأصفر). [المحلى: 216 ]

12- "ألف" التعريف
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (وأما "ألف التعريف" فمثل قولك: النساء والمرأة والرجل والفرس، وسمي "ألف التعريف" لأنك تدخله مع "اللام" في أول اسم النكرة، فيصير ذلك الاسم معرفة).[المحلى: 216 ]

13- "ألف" الجيئة
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (وأما "ألف الجيئة" فيكون مقصورًا "بهمزة"، تقول: أتيتك، أي: جئتك، قصرت "الألف بهمزة"، قال الله جل ذكره: {إن كان مثقال حبةٍ من خردلٍ أتينا بها}، أي: جئنا بها، وقد قرش هذا الحرف «آتينا بها»، أي: جازينا، ومثله قوله: {وكلٌ أتوه داخرين}، أي: جاءوه). [المحلى: 217 ]

14- "ألف" العطية
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (و"ألف العطية" ممدودة، تقول: آتيتك مالًا، أي: أعطيتك مالًا، قال الله جل وعز: {ولقد آتينا موسى الكتاب}، أي: أعطينا، وكذلك قوله: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني}، وما كان من نحو هذا، فصارت "ألف الجيئة" مقصورة، و"ألف العطية" ممدودة). [المحلى: 217 ]

15- "الألف" التي تكون بدلًا من "الواو"
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (و"الألف" التي تكون بدلًا من "الواو" قول الله جل ذكره: {وإذا الرسل أقتت}، أصله: «وقتت» من الوقت). [المحلى: 218 ]

16- "ألف" التوبيخ
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (وأما "ألف التوبيخ" فمثل قوله: {أأذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها}، كما تقول لمن توبخه بفعله: أأهلكت نفسك، أأفسدت عليك).[المحلى: 218 ]

17- "الألف" التي تكون مع "اللام" بمنزلة حرف واحد لا يفرق بينهما
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (وأما "الألف" التي تكون مع "اللام" بمنزلة حرف واحد لا يفرق بينهما، وربما قطعت في الوصل كما قطعت في الابتداء، قال الشاعر:
ولا يبادر في الشتاء وليدنا ..... ألقدر ينزلها بغير جمال
قطع "الألف" وهو من الوصل.
ومثله قول حسان:
لتسمعن وشيكًا في دياركم ..... ألله أكبرُ يا ثارات عُثمانا
والدليل على أنه لا يفرق بين "الألف" و"اللام" في اسم الله جل وعز أنك تقول: يا ألله، ولا يجوز أن تقول: يا أللرجل. وإنما قطعت هذه "الألف" على الأصل، كما قرأت القراء: {الم الله لا إله هو الحي القيوم} ). [المحلى: 219 ]

18- "ألف" الإقحام
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (وأما "ألف الإقحام" قولهم للعقرب: عقراب، قال الله جل وعز: {وكذبوا بآياتنا كذابًا}.
قال الشاعر:
أعوذ بالله من العقراب ..... الشائلات عقد الأذناب).
[المحلى: 220 ]
19- "ألف" الإلحاق
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (وأما "ألف الإلحاق" التي تلحق به "الواو"، وتسمى "ألف الوصل"، وإنما أثبتوا هذه "الألف" بعد "الواو" لأنهم عافوا أن يلحق لما بعده من الكلام، فيتوهم أنه منه، نحو قولهم في «كفر»: كفروا، و «فعل»: فعلوا، و «أورد»: أوردوا، و «نزل»: نزلوا، وأشباه ذلك، فميزت "الواو" لما قبلها "ألف الوصل"، وألحقوا هذه "الألف" في مثل: يدعوا، يغزوا، عيافة مما أخبرتك فافهم). [المحلى: 220 ]

20- "ألف" التعجب
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (وأما "ألف التعجب"، قولهم: أكرم بزيدٍ وأظرف بعمروٍ، و: ما أكرم زيدًا، وما أظرف عمرًا، قال الله جل وعز: {أسمع بهم وأبصر}، أي: ما أسمعهم وأبصرهم.
قال الشاعر:
أكرم بقومٍ بطون الطير قبرهم .... لم يخلطوا دينهم كفرًا وطغيانا
أي: ما أكرم قومًا هذه حالهم.
ويقال: إن قول الله عز وجل حكاية عن الكفار: {أئذا كنا ترابًا وآباؤنا أئنا لمخرجون}، إن هذه "الألف" "ألف التعجب"، لأن الكفار لا تستفهم). [المحلى: 221 ]


21- "ألف" التقرير
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (وأما "ألف التقرير"، كقول الرجل لغلامه، إذا أبلغ عنه شيئًا يعلم أنه لم يفعله: أأنت فعلت كذا وكذا، يقرره، ومثله قوله الله تعالى: {يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله}، فهذه "ألف التقرير"، وقد علم الله تعالى أن المسيح لم يقل للناس ما قالوا فيه).[المحلى: 221 ]

22- "ألف" التحقيق والإيجاب
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (وأما "ألف التحقيق والإيجاب"، قول الرجل للرجل: أأنت فعلت كذا وكذا؟ أأنت قلت كذا وكذا؟ وقد علم أنه قد فعل، فهو كأنه يستخبره، بمعنى أوجب عليه ذلك، ومنه قول الله تبارك وتعالى تخبيرًا عن ملائكته حين قالوا: {أتجعل فيها من يفسد فيها}، معناهم معنى الإيجاب، أي: سيجعل، والله عز وجل لا يستخبر.
ومنه قول جرير:
ألستم خير من ركب المطايا ..... وأندى العالمين بطون راح
قوله: «ألستم» تحقيق أوجب عليهم بفعلهم، بمعنى أنهم خير من ركب المطايا، ولو كان استفهامًا لم يكن مدحًا، ولكان قريبًا من الهجاء، ولم يعط جرير بقوله مائة ناقة برعاتها.
وقالوا في قول الله جل وعز: {سواءٌ عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم}، وهذه "الألف" "ألف الإيجاب"، لا "ألف الاستفهام"). [المحلى: 222 ]

23- "ألف" التنبيه
قال أبو بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي (ت: 317هـ): (وأما "ألف التنبيه" فإنها تقوم مقام حرف النداء، كقول: يا زيد، ثم تقول: أزيدٌ، فهو بدل من حروف النداء، وهو تنبيه، قال أبو كبير الهذلي:
أزهير هل عن شيبةٍ من معدل .....أم لا سبيل إلى الشباب الأول
معناه: يا زهيرة، فرخم "الهاء"، فرخم "الهاء"، وترك "الراء" مفتوحة على أصلها). [المحلى: 223]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 03:37 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

"ألف" الاستفهام
قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجَّاجيُّ (ت: 340هـ): (
"ألف الاستفهام" تدخل في الكلام لمعان.
تكون استفهاما محضا، كقولك: أزيد عندك أم عمرو؟
وتكون تقريرا وتوبيخا،
فالتقرير، قولك: ألست كريمًا ألم أحسن إليك، كقوله تعالى: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم}.
قال جرير:
(ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح)
والتوبيخ، كقولك: ألم تذنب فأغفر لك، ألم تسيء فأحسن إليك). [حروف المعاني والصفات: 19]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 03:39 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال أبو الحسن علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الرماني (ت: 388هـ): ("الألفات"
و"الألفات" إحدى عشرة، وهي:
1 - "ألف الأصل"، نحو قوله تعالى:{أتى أمر الله}، وقوله:{وبين حميم آن}.
2 - و"ألف الوصل"، نحو: اذهب في الأمر واضرب واقتل، ونحو: اقتدر واستخرج وانطلق واحمار، فكل ما كان على هذه الأمثلة من الفعل "فألفه" "ألف وصل"، والأبنية الثّلاثة من الثلاثي في الأمر، وباقي الأبنية.
3 - و"ألف القطع"، نحو: أكرم يكرم، وأحسن يحسن، وأقام يقيم، "فألفه" إذا أمرت "ألف قطع" يبتدأ بها بالفتح، نحو: أحسن وأكرم وأقام، وإنّما سميت قطعا لأنّها تقطع في الأمر، وفي الاستئناف، وفي الوصل، وليس شيء من "الألفات" تقطع غيرها؛ لأنّك تثبتها في درج الكلام، نحو: يا زيد أكرم عمرا، وأما غيرها فتسقط في درج الكلام إذا أمرت.
4 - و"ألف الاستفهام"، نحو: أزيد عندك، أعمرو في الدّار.
5 - و"ألف التّقرير"، نحو قوله: الحاكم أله عليك كذا وكذا، يعني: ما يدعيه خصمك يقرره على ذلك.
6 - و"ألف الإيجاب"، نحو قول الشّاعر:
ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح
وكقول الله جلّ وعز:{أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى}، وقوله:{أليس الله بكاف عبده}.
7 - و"ألف الأداة"، نحو: "إن" و"أو" و"أم" وما أشبه ذلك.
8 - و"ألف الجمع"، نحو: أنفس وأكلب، وكل ما كان على زنه أفعل.
9 - و"ألف التّخيير"، نحو قول الله عز وجل:{فإمّا منا بعد وإمّا فداء}.
10 - و"ألف التّفضيل"، نحو قوله تعالى:{وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى}، ونحو قولهم: أما بعد فقد كان كذا ... ). [منازل الحروف: 23 - 25]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 03:40 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

باب
"ألف" القطع و"ألف" الوصل
قال أبو الحسن علي بن محمد الهروي النحوي (ت: 415هـ): (سألتني – أيدك الله – أن أجمع لك أبوابًا من النحو، قد ذكرناها متفرقة في كتابنا الملقب بالذخائر ليسهل عليك حفظها وقراءتها، وقد فعلت ذلك على ما التمست، مع زيادات زدتها في هذا الكتاب فمنها:
باب
"ألف" القطع و"ألف" الوصل
اعلم أن جميع "الألفات" التي في أوائلها الأسماء هي "ألفات القطع"، إلا في عشرة أسماء، فإن "ألفاتها" "ألفات الوصل"، وهي:
ابن، وابنة، وامرؤ، وامرأة، واثنان، واثنتان، واسم، واست، و"ألف لام التعريف"، و"ألف المصدر"، سوى مصدر الرباعي على «أفعل»، كقولك: «أكرم إكرامًا»، وسوى مصدر الفعل المهموز أوله من الثلاثيات، كقولك: «أخذ أخذًا، وأمر أمرًا، وأذن إذنًا» وما أشبه ذلك.
وقد اختلف النحويون في "ألف" (أيمن الله) في القسم، فقال سيبويه: هي "ألف وصل"، واشتقاقه من اليمن والبركة، وإنما فتحت لدخولها على اسم غير متمكن، واستدل على أنها "ألف وصل" بذهابها في الوصل، قال الشاعر: نصيب.
فقال فريق القوم لما نشدتهم .... نعم، وفريق: ليمن الله ما ندري
فحذف "الألف" في الوصل.
وقال الفراء: هي "ألف قطع"، وهي جمع يمين، يقال: «يمين الله وأيمن الله»، قال زهير:
فتؤخذ أيمن منا ومنكم .... بمقسمة تمور بها الدماء
وقال أبو النجم:
يأتي لها من أيمن وأشمل
قال: وإنما حذفت في القسم في الوصل لكثرة الاستعمال ...
(وإلى هذا القول ذهب أبو إسحاق الزجاج)
ومن العرب من يقول في «ابنة»: «بنت»، وهي لغة كثيرة حسنة، قال الأعشى:
تقول بنتي وقد قربت مرتحلًا ..... يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا
وربما زادوا في «ابن» ميمًا، وألحقوها الإعراب، وحركوا "النون" بحركتها، فقالوا: «جاءني ابنم، ورأيتم ابنما، ومررت بابنم»، وإنما هو «ابن» و"الميم" زائدة للتوكيد: كما قالوا للأزرق: «زرقم»؛ معناه بزيادة "الميم" وطرحها واحد، قال الملتمس:
تعيرني أمي رجالٌ، ولا أرى .... أخا كرمٍ إلا بأن يتكرما
فهل لي أم غيرها إن تركها .... أبى الله إلا أن أكون لها ابنما
ويقال في تثنيته: «هذان ابنمان»، وفي جمعه: «هؤلاء ابنمون»، قال الكميت:
ومنا ضرارٌ وابنماه وحاجب.....مؤجج نيران المكارم لا المخبي
وفي قلهم: «امرؤ» و«وامرأة» لغتان: إحداها أن تلحق في أولها "ألف الوصل"، فيقال: «امرؤ» و«امرأة»، وفي القرآن: {إن امرؤ هلك}، و{إن امرأة خافت}، واللغة الأخرى أن لا تلحقها "ألف الوصل"؛ فيقال: «مرء»، و«مرأة»، فإذا أدخلوا "الألف" و"اللام" أدخلوها على هذه اللغة خاصة دون الأخرى، فقالوا: «المرء»، و«المرأة»، ولم يقولوا: «الامرؤ»، ولا «الامرأة»، وفي التنزيل: {يحول بين المرء وقلبه}.
واعلم أن حركة ما قبل "الهمزة" و"الميم" في قولك: «امرؤ» «وابنم» تابعة لإعرابهما في الرفع والنصب والخفض، وليست بإعراب.
وجميع "الألفات" التي في أوائلها الأفعال هي "ألفات الوصل" إلا خمسًا، فإنها "ألفات القطع"، وهي: "ألف أفعل"، والأمر منه، كقولك: «أكرم بزيد عمرًا»، و«أكرم يا زيد» ونحوه.
و"ألف المخبر" عن نفسه، كقولك: «أنا أذهب، وأرجع، وآكل، وأكرم، وأنطلق، وأستخبر»، ونحوها.
و"ألف الاستفهام" كقولك: «أقام زيدٌ» تريد: هل قام زيد
و"ألف الفعل" المهموز أوله من الثلاثيات، كقولك: «أكل، وأمر، وأذن، وأبق» وما أشبه ذلك، والقراء يسمي "ألف" «أكل» ونحوها "ألف الأصل"، لأنها
"فاء" الفعل.
وجميع "الألفات" التي في أوائل الأدوات هي "ألفات القطع"، نحو: «"إلى"، و"إلا"، و"إما"، و"أم"، و"إن"، و"أن"» وما أشبه ذلك.
وليس في كلام العرب "ألف وصل" دخلت على حرف إلا في موضعين مع "لام التعريف"، وفي قولهم: أيم الله في القسم.
واعلم أن "ألف الوصل" تثبت في الابتداء، وتسقط في الوصل، و"ألف القطع" تثبت في الابتداء والوصل جميعًا.
فإذا أدخلت "الألف" و"اللام" على "ألف الوصل" كسرت "اللام" لاجتماع الساكنين وحذفت "ألف الوصل" في اللفظ، كقولك: «الاسم، والابن، والانطلاق، والاكتساب، والاستخراج» ونحوها، فإذا أدخلتها على "ألف القطع" أثبت "ألف القطع" على حركتها؛ كقولك: «الأخ، والأخت، والأبواب، والأبيات، والإكرام، والإرسال، والأكل، والأخذ» ونحوها.
ويستدل على "ألف الوصل" في الأسماء بسقوطها في التصغير، كقولك: «بُني، وسمي، ومري، ومريئة، وثنيان تصغير اثنين، وستيهة – تصغير است»؛ ويستدل على "ألف القطع" في الأسماء بثبوتها في التصغير، كقولك: «أُخي، وأُبي، وأمية، وأذنية».
ويستدل على "ألف الوصل" في الأفعال بانفتاح
"الياء" في المستقبل كقولك: «يذهب، ويرجع، ويخرج، وينطلق، ويكتسب، ويستخرج» ونحوها، فيعلم أن "ألفاتها" في الماضي وفي الأمر "ألفات الوصل".
ويستدل على "ألف القطع" في الأفعال بانضمام "الياء" في المستقبل كقولك: «يكرم، ويرسل، ويعطي» ونحوها، فيعلم أن "ألفاتها" في الماضي وفي الأمر "ألفات القطع".
ويستدل على "ألفات الأصل" في الأفعال بثبوتها في الماضي والمستقبل جميعًا، كقولك: «أكل يأكل، وأمر يأمر، وأبق يأبق، وأذِن يأذن، وأول يؤول، وأذَّن يؤذِّن» ونحوها، فيعلم أن ألفاتها في الماضي والمستقبل "ألفات الأصل".
والفرق بين "ألف الأصل" و"ألف القطع" أن "ألف الأصل" "فاء" الفعل، لن «أكل، وأخذ» على وزن «فعل» "فالألف" فيه بحذاء "الفاء"، و"ألف القطع" ليست "فاء" الفعل، إنما هي زائدة على البناء.
واعلم أن "ألف الوصل" لا تدخل على الفعل المستقبل الذي في أوله احدى الزوائد الأربع، وإنما تدخل على فعل الأمر وعلى الفعل الماضي من الخماسي والسداسي خاصة، ولا تدخل على الفعل الماضي من الثلاثي، ولا تدخل على الرباعي لا في الماضي ولا في الأمر، وتدخل "ألف الوصل" في الأفعال السداسية كلها، وهي سبعة أبنية: «استفعل» نحو استكبر – وافعنلل، نحو ابرنشق، وابرنشق إذا فرح بالشيء وسرَّ به، وافعوعل نحو اخشوشن – وافعال نحو احسار- وافعول نحو اعلوط الفرس، إذا ركبه عربًا – وافعلل نحو اقشعر – وافاعل نحو اثاقل».
وتدخل في خمسة أبنية من الأفعال الخماسية وهي: «افتعل نحو اكتسب – وانفعل نحو انطلق – افعل نحو احمر- وافعل نحو ازمل – وافعلل نحو ارعوى».
واعلم أن "ألفات" الوصل التي في أوائل الأسماء تبدأ كلها بالكسر، إلا "ألف لام التعريف" و"ألف" «أيمن الله» في قول البصريين، فإنهما يبتدءان بالفتح ليفرق بين دخولها على الاسم وبين دخولها على الحرف وما أشبه الحرف، لأن "الألف" التي مع "لام" التعريف داخلة على حرف، وقولك: «أيم الله» لا يكون إلا في القسم فقط، وهي أداة من أدوات القسم فأشبه الحروف وإن كان اسمًا، لأنه غير متمكن، ولزم موضعًا واحدًا، وهو القسم، ففتحت "ألفه" كما فتحت "ألف لام التعريف"، وألزموا آخره الرفع، كما ألزموا آخر «لعمر الله» الرفع في القسم.
واعلم أن الأصل: «أيمن» و«أيم» محذوفة "اللام"، وقد حكى يونس أن من العرب من يكسر "ألف" «أيم» فيقول: «إيم الله»، وأما «أيمن الله» "بالنون"، فبفتح "الألف" لا غير.
و"ألفات الوصل" التي في أوائل الأفعال الماضية تبتدأ كلها بالكسر إلا فيما لم يسم فاعله، فإن "ألف" ما لم يسم فاعله مضمومة في الابتداء، "ألف وصل" كانت أو "ألف قطع"، كقولك: «أكل الطعام، أذن لزيد في القيام، أكرم زيد، انطلق بزيد، استخرج المال، اختلف في الأمر»، بضم جميع هذه "الألفات" في الابتداء، و"ألف" ما لم يسم فاعله تكون في خمسة أمثلة من الفعل: «في فعل، وأفعل، وافتعل، وانفعل، واستفعل»، وهي التي ذكرناها.
واعلم أن كل فعلٍ "ألفه" مقطوعة فكذلك "الألف" في مصدره، تقول: «يا زيد أكرم إكرامًا، وأحسن إحسانًا»، وكل فعل "ألفه" موصولة فكذلك تكون في مصدره كقولك: «يا زيد انطلق انطلاقًا، واستغفر استغفارًا».
واعلم أن "ألف القطع" في المصدر من الرباعي تبتدأ بالكسر، كقولك: «أكرم إكرامًا، وأخرج إخراجًا»، وإنما كسروها في المصدر ليفرقوا بين المصدر والجمع، لأنهم لو قالوا أكرام وأخراج لالتبس بالجمع، كقولك: «أبياتٌ، وأحمالٌ، وأعدالٌ».
فكل ما في كلام العرب «أفعال» بفتح "الألف" فهو جمع إلا ثلاثة عشر حرفًا، يقال: «ثوب أسمال وأخلاق»، قال الشاعر:
جاء الشتاء وقميصي أخلاق .... شراذم يضحك منه التوماق
ويقال: «برمة أعثار، وجفنة أكسار» إذا كانتا مشعوبتين، «وفعل أسماط» إذا كانت غير مخصوفة، «وحل أحذاق، وأرام، وأرماث، وأقطاع» إذا كان منقطعًا موصلًا بعضه إلى بعض، و«ثوب أكياش» لضرب من الثياب رديء النسج، و«أرض أحصاب» أي: ذات حصى، و«بلد أمحال» أي قحط، و«ماء أسدام» إذا تغير من طول القدم.
وكل ما في كلامهم إفعال بكسر "الألف" فهو مصدر، إلا خمسة أسماء: «إعصار، وإسكاف، وإمخاض» وهو السقاء الذي يمخض فيه اللبن، «وإنشاط»، يقال: بئر إنشاط، وهي التي تخرج الدلو منها بجذبة واحدة، «ورمية إنباء» وهي التي تنبو، ولا تدخل إلا شيئًا يسيرًا، قال الهذلي:
.................. برميةٍ غير إنباء ولا شرم
وأما "ألف الأمر" فكل فعل؛ ثالث حروفه في المستقبل مكسور أو مفتوح، فإن "ألف الأمر" منه في الابتداء مكسورة، كقولك: «اضرب، اركب، اذهب، انطلق، استخبر» ونحوها لأنك تقول: «يضرب، يذهب، يركب، وينطلق، ويستخبر»، فيكون ثالثه مكسورًا أو مفتوحًا.
وكل فعل، ثالث حروفه في المستقبل مضموم فإن "ألف الأمر" منه في الابتداء مضمومة، كقولك: «أخرج، أقعد، أكتب» ونحوها، لأنك تقول: «يخرج ويقعد ويكتب»، ونحوها، فيكون ثالثه مضمومًا، وجملة ذلك أن "ألف الوصل" التي في الأمر تبتدأ بالكسر إلا ما كان ثالث حروفه في المستقبل مضمومًا.
وكل فعل
"ياؤه" في المستقبل مضمومة فإن "ألف الأمر" منه في الابتداء في الوصل جميعًا مفتوحة، وهي تسمى "ألف القطع"، كقولك: «أكرم يا زيد وأرسل وأعط» ونحوها؛ لأنك تقول: «يُكرم ويرسل ويعطي»، فتكون "ياؤه" مضمومة فاعرف ذلك وقس عليه، وقد علمنا في الأمر كتابًا مفردًا، استقصينا فيه شرحه).[الأزهية: 19 - 32]

باب: دخول "ألف" الاستفهام على "ألف" الوصل وعلى "ألف" القطع وعلى "ألف" "لام" التعريف
قال أبو الحسن علي بن محمد الهروي النحوي (ت: 415هـ): (باب: دخول "ألف" الاستفهام على "ألف" الوصل وعلى "ألف" القطع وعلى "ألف" "لام" التعريف
اعلم أن "ألف الاستفهام" إذا دخلت على "ألف الوصل" ثبتت "ألف الاستفهام" وسقطت "ألف الوصل"، وذلك لأن "ألف الوصل" إنما أتي بها ليتوصل بها إلى النطق بالساكن الذي بعدها، فلما دخلت عليها "ألف الاستفهام" استغني عنها "بألف الاستفهام" فأسقطت، نحو قولك في الاستفهام: أبن زيدٍ أنتَ؟ امرأة عمرو أنتِ؟ أستضعفت زيد؟ أشربت كذا وكذا؟ أستخبرت فلانًا؟ أفتريت على فلان؟ ونحوها، ومنه قول الله تعالى: {أتخذتم عند الله عهدً}، {أستكبرت أم كنت من العالين}، {أستغفرت لهم}، {أصطفى البنات على البنين}، {أطلع الغيب}، {أفترى على الله كذبًا}، {أتخذناهم سخريًا}، قال الشاعر، وهو ابن قيس الرقات:
فقالت: أبن قيسٍ ذا؟ .....وبعض الشيب يعجبها
فقطع "الألف" لأنها "ألف الاستفهام"، وأسقط ألف «ابن»، ومعنى قوله: يعجبها، أي: يجعلها تعجب، وليس معناه من الشهوة.
وقال ذو الرمة:
أستحدث الركب عن أشياعهم خبرًا ..... أم راجع القلب من أطرابه طرب؟
وإذا دخلت "ألف الاستفهام" على "ألف القطع" نظرت، فإن كانت "ألف القطع" مفتوحة ففيها ثلاث لغات:
ومنهم من يهمزهما جميعًا "همزتين" مقصورتين، كقولك: «أأكرمت زيدًا؟، أأعطيت فلانًا؟ أأبوك قال هذا؟».
ومنهم من يقول: آكرمت زيدًا "بهمزة" واحدة مطولة، وتقدير ذلك أنه يدخل بين "الهمزتين" "ألفًا" فتصير "الهمزة" الأولى مع "الألف" "همزة" بمد، ثم تلين "الهمزة" الثانية، وتترك نبرتها وتشم حركتها بلا نبرة، ومنه قوله تعالى: {آأنذرتهم}، {آأسلمتم}، {آأرباب متفرقون}، {آأعجمي وعربي}، {آأذهبتم طيباتكم}، {آأنت قلت للناس}، {آألد وأنا عجوز}، {آأتخذ من دونه آلهة}، فقد قرئ كل ذلك على هذه الوجوه كلها، قال ذو الرمة:
فيا ظبية الوعساء بين جلاجل ....وبين النقا آأنت أم أم سالم
فأدخل بين "الهمزتين" "ألفًا" لئلا يجمع بين "همزتين"، والمعنى: أأنت أحسن أم أم سالم؟
وقال آخر: وهو مزرد أخو الشماخ:
تطاللت فاستشرفته فعرفته ..... فقلت له آأنت زيد الأراقم
وقيل: «الأرانب» وقرأ أكثر القراء: {أذهبتم طيباتكم} "بهمزة" واحدة بغير مد، وقيل: هو توبيخ، وليس باستفهام.
وقرأ ابن محيصن: {أنذرتهم} "بهمزة" واحدة، لأن أم قد تدل على الاستفهام، كما قال الشاعر؛ وهو امرؤ القيس:
تروح من الحي أم تبتكر ؟..... وماذا يضرك أن تنتظر
وإن كانت "ألف القطع" مضمومة ففيها أربع لغات: منهم من يهمزهما جميعًا "همزتين مقصورتين"؛ كقول: «أأكرمك؟» «أأعطيك»، «أأذنك سمعت هذا؟».
ومنهم من يدخل "ألفًا" فيقول: «آأكرمك» "بهمزتين" ومدة.
ومنهم من يقلب "ألف القطع" "واوًا" مضمومة فيقول: «أؤكرمك؟» "بهمزة مقصورة" و"واو مضمومة".
ومنهم من يقول: «آؤكرمك» "بهمزة ممدودة" و"واو مضمومة".
ومنه قول الله عز وجل: {قل آؤنبئكم بخير من ذلكم}، {آؤلقي الذكر عليه من بيننا}، {آؤنزل عليه الذكر من بيننا}، وقد قرئ كل ذلك على هذه الوجه كلها.
وإن كانت "ألف القطع" مكسورة ففيها أربع لغات أيضًا:
منهم من يهمزهما جميعًا "همزتين مقصورتين"، كقولك: «أإنك ذاهب؟، أإذا جئتك أكرمتني؟» ونحوه.
ومنهم من يقول: «آإنك» "بهمزتين" ومدة.
ومنهم من يقلب "ألف القطع" "ياء" مكسورة، فيقول: «أئنك ذاهب» "بهمزة مقصورة" و"ياء" مكسورة.
ومنهم من يقول: «آئنك ذاهب؟» "بهمزة مطولة" و"ياء" مكسورة.
ومنه قوله تعالى ذكره: (أيذا متنا)، (أينا لمبعوثون)، (قل أينكم لتكفرون)، (أينك لأنت يوسف)، (أين ذكرتم)، (أين لنا لأجرًا)، (أيلاه مع الله)، (أيفكًا آلهة دون الله)، قد قرئ كل ذلك على هذه الوجوه كلها.
وأنشد أبو زيد:
حزق إذا ما القوم أبدوا فكاهةً ..... يفكر آإياه يعنون أم قردا
فأدخل بين "الهمزتين" "ألفًا"، والحزق الرجل القصير الغليظ.
وأما إذا كانت "ألف القطع" مفتوحة وبعدها "ألف"، وأدخلت عليها "ألف الاستفهام" همزت "همزة" واحدة مطولة، ولم تدخل بين "الهمزتين" "ألفًا" ولم تشم الفتحة، وذلك قولك في الاستفهام: «أآثرت فلانًا علي»، «أآذنت فلانًا؟»، «أآمنت بفلان؟»، ومنه قوله تعالى: {قال فرعون أآمنتم به}، {وقالوا أآلهتنا خير أم هو}، كل القراء يقرؤونها "بهمزة" واحدة مطولة بغير إتمام الحركة.
والفرق بينهما وبين ما قبلهما نحو: {أأسلمتم}، {أأنذرتم}، ما أشبهه مما فيه "ألف القطع" المفتوحة أن بعد "ألف القطع" في «آمن» ونحوه "ألفًا" أبدلت من "همزة" "فاء" الفعل، فلو أدخلوا بين "ألف الاستفهام" و"ألف" «أفعل» "ألفًا" كما فعلوا في: {أأنذرتهم}، ونحوه لاجتمعت أربع "ألفات"، وذلك خروج عن كلام العرف فأسقطوا "الألف" من بين "الهمزتين" اللتين بعد الثانية منها "ألف"؛ راهية الجمع بين أربع "ألفات".
وإذا أدخلت "ألف الاستفهام" على "ألف لام التعريف" همزت الأولى ومددت الثانية لا غير؛ وأشممت الفتحة بلا نبرة، كقولك: «آلرجل قال ذاك؟»، «آلساعة جئت؟»، «آليوم خرجت»، ونحوه، ومنه قوله تعالى: {آلله خير أما يشركون}، {آلذكرين حرم أم الأنثيين}، {آلان وقد عصيت قبل}، وقال معن بن أوس:
فوالله ما أدري أآلحب شفه ..... فسل عليه جسمه أم تعبدا
وإنما أتوا بمدة بعد "ألف الاستفهام" في هذا، ولم يأتوا بها في قولهم: «أبن زيدٍ أنت؟، أشتريت كذا؟» وكلاهما "ألف وصل"، لأن "ألف" لا التعريف مفتوحة، و"ألف الاستفهام" مفتوحة، فلو لم يبدلوا منها مدة في الاستفهام فقالوا: «الرجل قال ذاك؟» لالتبس الاستفهام بالخبر، وكان الأصل «أالرجل قال ذاك؟» "بألفين" مفتوحتين، فجعلوا "الألف" الثانية مدة، ليفرقوا بين الاستفهام الخبر، ولا تثبت "ألف الوصل" مع حرف قبلها في شيء من الكلام إلا مع "ألف الاستفهام" ها هنا، وفي أيمن إذا قال الرجل: «آيمن الله» لأنها مفتوحة، فلو لم يمدوا وقع لبس بين الخبر والاستفهام، وتذهب في غير ذلك إذا كان قبلها كلام.
وأما قولهم في الاستفهام: «أبن زيدٍ أنت؟، أشتريت كذا» في الاستفهام، كان الأصل فيها: «أإبن زيد أنت؟، أإشتريت كذا» "بألفين" الأولى مفتوحة، والثانية مكسورة، فأسقطوا الثانية لأنها "ألف وصل"، ولم يحتاجوا إلى أن يبدلوا منها مدة، لأن الفتح والكسر قد فرق بينهما، ولم يحتاجوا إلى فرق آخر، وكذلك «أيمن الله» إذا أدخلت عليها "ألف الاستفهام" عوضت من "ألفها" مدة، فقلت: «آيمن الله لقد كان ذلك؟» والعلة فيما الفرق بين الاستفهام والخبر كما ذكرنا في "ألف لام التعريف" سواء.
وبعض العرب يقول: «إيم الله» بكسر "الألف"، فمن كان هذا من لغته قال إذا استفهم: «أيم الله لقد كان كذا؟» كما يقول: «أبن زيد هذا؟».
وتقول: «ابن من أنت؟» فتكسر "ألف" «ابن» ولا يجوز فتحها، لأنك أضفت «الابن» إلى «من» وهو استفهام، ولا يدخل الاستفهام على الاستفهام، ألا ترى أنك لو قلت: «أغلام من أنت؟ أطعام من أكلت؟» كان خطأً عند جميع النحويين؛ لأنه لا تدخل "ألف الاستفهام" على الاستفهام، وإنما الصواب أن تقول: «غلام من أنت؟ وغلام من قام؟ وغلام أيهم قام» بغير "ألف استفهام"، وكذلك إذا جئت بـ
"كم" و"أي" قلت: «ابن "كم" سنةٍ أنت؟ إبن "ايهم" أنت؟ بكسر "الألف"، لأنك أضفته إلى "كم" و"أي" وهما استفهام.
وتقول: «ابن
"كم" الهلال؟ أبن ليلة أم ليلتين» فتكسر "الألف" في «ابن» الأول، لأنك أضفته إلى "كم" وهي استفهام عن العدد، وفتحت "ألف" «ابن» الثاني، لتفرق بين الاستفهام والخبر). [الأزهية: 33 - 44]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 03:42 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال إسماعيل بن أحمد الحيري الضرير (ت: 431هـ): ("باب الألف"
وهو على خمسة وعشرين بابا.
أحدها: "ألف الوصل"، كقوله: بسم اللّه.
والثاني: "الألف" المفردة، وهي مقطوعة عما قبلها وعما بعدها، كقوله: {الم * ذلك} (البقرة 1)، و{الم * اللّه} (آل عمران 1)، و{الم أحسب} (العنكبوت 1) وأشباهها. ومعناها "ألف" اللّه، و"لام"، جبريل و"الميم" محمد صلى اللّه عليه وسلم.
وقيل: "الألف": كل نبي كان ابتداء اسمه "ألفا"، مثل آدم وإبراهيم عليهما السلام، و"اللام": كل نبي كان آخر اسمه "لاما"، مثل إسماعيل، و"الميم": كل نبي كان ابتداء اسمه "ميما"، مثل موسى ومحمد صلى اللّه عليهما، وقيل: أنا اللّه أعلم.
والثالث: "الألف الوصلية"، كقوله: {إياك نعبد وإياك} (الفاتحة 4).
والرابع: "ألف القطع"، كقوله تعالى: {أنعمت عليهم} (الفاتحة 6)، و{أكرمن} (الفجر15)، و{أهانن} (الفجر 16).
والخامس: "ألف التسوية"، كقوله: {أأنذرتهم أم لم تنذرهم} (البقرة 6)، ومثله في سورة إبراهيم (الآية 21) {سواء علينا أجزعنا}، وفي المنافقين (الآية 6) {سواء عليهم أستغفرت لهم}.
والسادس: "ألف التقرير"، كقوله: {قالوا أتجعل فيها} (البقرة 30)، وقوله: {أأنت قلت للناس} (المائدة 116)، وقوله: {أتنبئون اللّه بما لا يعلم}.
والسابع: "ألف التوبيخ"، كقوله: {أتأمرون الناس بالبر} (البقرة 44).
والثامن: "ألف الاستفهام"، كقوله: {أفلا تعقلون} (البقرة 44 و76)، {قل أندعوا من دون اللّه} (الأنعام 71).
والتاسع: "ألف الاستفهام المقلوبة"، كقوله: {أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} (آل عمران 144)، معناه: فإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم؟ وقوله: {أإذا ما مت لسوف أخرج حيا} (مريم 66)، معناه: إذا ما مت لسوف أأخرج حيا؟ لأن شكهم في الإخراج لا في الموت، وقوله: {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون} (الأنبياء 36)، معناه أفإن مت أفهم الخالدون؟
والعاشر: "ألف الاستفهام الممدودة"، كقوله: {آلذكرين حرم أم الأنثيين} (الأنعام 143)، ومثله في يونس {آلآن} في موضعين (الآية 51، 91)، وقوله: {آللّه أذن لكم} (يونس 59)، ومثله في النمل (الآية 59) {آللّه خير أما يشركون}.
والحادي عشر: "ألف الاستفهام المحذوفة"، كقوله: {وتلك نعمة} (الشعراء 22، 24)، معناه: أوتلك نعمة تمنها؟ وقوله: {عم يتساءلون * عن النبأ} (النبأ 1)، معناه: أعن النبأ العظيم؟ وقوله في الأنعام: {قال هذا ربي} (الآية 77)، معناه: أهذا ربي؟
والثاني عشر: "الألف الممدودة"، كقوله: {الملائكة} (البقرة 30)، و{خلائف} (الأنعام 165، ويونس 73، وفاطر 39).
والثالث عشر: "ألف التفخيم"، وهي: "ألف" أللّه.
والرابع عشر: "الألف المهموزة"، {أولئك} (البقرة 5)
والخامس عشر: "ألف المبالغة"، كقوله: في الفرقان: (الآية 24): {وأحسن مقيلا}، و{أحسن أثاثا ورئيا} (مريم 74)، وفي البقرة (الآية 138): {ومن أحسن من اللّه صبغة}.
والسادس عشر: "ألف الإشباع"، كقوله: {الرحمن} (الفاتحة 2)، "فالألف" التي بعد "الميم" هي "ألف الإشباع".
والسابع عشر: "ألف" تأتي في اللفظ، ويجوز إسقاطها من الكتاب، كقوله: سلطان، وشيطان.
والثامن عشر: "ألف الوقف"، كقوله: {وتظنون باللّه الظنونا} (الأحزاب 10)، {وأطعنا الرسولا} (الأحزاب 66)، {فأضلونا السبيلا} (الأحزاب 67).
والتاسع عشر: "الألف" التي هي علامة النصب، كقوله: {هنيئا مريئا} (النساء 4)، ومعروفة بأشباهها.
والعشرون: "ألف التثنية"، كقوله: {رجلان} (المائدة 23)، و{خصمان} (الحج 20)، ونحوه.
والحادي والعشرون: "ألف الجمع"، كقوله: {مناسكنا} (البقرة 128).
والثاني والعشرون: "ألف الفاصلة"، وهي التي تكتب بعد "واو الجمع"، كقوله: {فلا تجعلوا للّه أندادا} (البقرة 22)، {وآمنوا بما أنزلت} (البقرة 41)، {وأقيموا الصلاة} (البقرة 43)
والثالث والعشرون: "ألف الأمر"، كقوله: {واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم} (الزمر 55)، {اهدنا الصراط} (الفاتحة 5).
الرابع والعشرون: "الألف المبدلة" من "الواو"، كقوله: {وكان من الكافرين} (البقرة 34)، و(قال) و(باء).
الخامس والعشرون: "ألف مبدلة" من "الياء"، كقوله في المطففين: (الآية 3): {وإذا كالوهم} ومثله: {فطاف عليها} وأشباهها). [وجوه القرآن: 53 - 58]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 03:44 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

شرح أحمد بن عبد النور المالقي(ت:702ه)

باب "الألف" و"الهمزة"
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (المقصود الثاني: باب "الألف" و"الهمزة" وهما في المعنى واحدٌ، إلا أنه إذا كان ساكنًا مُدَّ الصوت، ويسمى "ألفًا"، ومخرجه إذ ذاك من وسط الحلق، وهو حرفٌ هاوٍ، وإذا كان مقطعًا يسمى "همزة"، ومخرجها حينئذٍ من أول الصدر، وهذا هو الصحيح من أمرهما وهو مذهب سيبويه وأكثر المحققين من أئمة النحويين.
وزعم بعض المتقدمين – وهو الأخفش ومن تابعه – أن "الهمزة" غير "الألف"، واستدل على ذلك باختلاف مخرجهما، كما تقدم، ولا حجة فيه، لأن "النون الساكنة" غنة في الخيشوم مع ارتفاع طرف اللسان إلى الحنك الأعلى، والمتحركة مخرجها من الفم، مع ارتفاع للسان أيضًا إلى الحنك الأعلى، من غير أن تكون فيها غنة خالصة، وقد اتفقنا على أنها "نون".
والدليل على أن "الألف" هي "الهمزة" شيئان:
أحدهما: أنا إذا ابتدأنا "بالهمزة" على أي صورةٍ تحركت، من الضم أو الفتح أو الكسر، كتبناها "ألفًا"؛ لا خلاف بين جميعهم في ذلك نحو: أبلم، وإثمد، وأصبع.
والثاني: أنا إذا نطقنا بحرفٍ من حروف المعجم فلابد من النطق بأول حرفٍ منه في أول لفظه نحو: "باء" و"تاء" و"جيم" و"حاء" إلى آخر حروف المعجم
ولما كنا نقول: "ألف"، فتكون "الألف" في أوله علمنا أنه كسائر الحروف فيما ذكرنا. ولكن لما لم يكن النطق "بالألف" في أول اللفظ ساكنة حركت لابتداء بها فصارت "همزة" وكان لها إذ ذاك مخرجٌ غير مخرج "الألف"، وكانا في المعنى واحدًا، ولذلك وضعها واضع حروف المعجم أول الحروف "همزة"، ووضعها مع "اللام" قبل "الياء" "ألفًا"، ولوضع ذلك اختصاص "باللام" ليس لغيرها من حروف المعجم لعلةٍ تذكر في باب "أل" إن شاء الله، فإذا ثبتت هذه المقدمة، فهذا الباب يشتمل على فصلين: أحدهما "الألف" والثاني "الهمزة").

فصل "الألف" ومعانيها ومواضعها في كلام العرب
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (فصل "الألف" ومعانيها ومواضعها في كلام العرب
اعلم أن "الألف" تنقسم قسمين: قسمٌ أصلٌ وقسمٌ بدلٌ من أصلٍ، فالأصل لهما في كلام العرب ثلاثة عشر موضعًا:
الموضع الأول: أن تكون كافة عن الإضافة، تقول: صليت بين وقتي الظهر والعصر وبين أوقات النهار، ثم تدخل "الألف" بين «بين» وما أضيفت إليه فتبطل الإضافة، ويترفع ما كان مضافًا إليه بالابتداء، فتقول: بينا وقت الظهر حاضرٌ صليت، وبينا زيد قائم أقبل عمرو، والأصل: بين أوقات قيام زيد أقبل عمرو. وأكثر ما يأتي في الشعر، كما قال الشاعر:
1- فبينا نحن نرقبه أتانا ..... معلق وفضةٍ وزناد راع
وقال آخر:
2- فبينا نِعاجُ يرتعين خميلةً ..... كمشي العذارى في المُلاء المهدب
وقال آخر:
3- بينا تعانقه الكماة وروغه ..... يومًا أتيح له كمي سلفعُ
برفع «تعانقه» وخفضه، فالرفع على ما ذكر و"الألف" كافة، والخفض على الإضافة، و"الألف" إشباعٌ لفتحة «بين» وهو من الفصل بعد هذا.

الموضع الثاني: أن تكون إشباعًا للفتحة إذ تتولد عنها إذا مُدَّ الصوتُ بها، وأكثر ذلك في الشعر، كقول الشاعر:
4- ينباعُ من ذِفرى غضوبٍ جسرةٍ .....مشدودةٍ مثل الفنيق المُقْرَمِ
وقال آخر:
5- قالت وقد خرت على الكلكال .....يا ناقتي ما نلت من منال
وقال آخر:
6- أعوذ بالله من العقراب ..... الشائلات عقد الأذناب
فأشبع الأول فتحة "الباء" من «ينبع» والثاني فتحة "الكاف" من «الكلكل» والثالث فتحة "الراء" من «العقرب» ، فتولدت عنها "الألف" كما ترى.
وأما قوله:
7- لو أن عندي مائتي درهام ..... لابتعت عبدًا في بني جُذام
فليس من هذا الباب، وإنما «درهم» ودرهام لغتان، يقال في جميع الأولى: دراهم، كـ «هرجع» و«هجارع»، وفي جمع الثانية: دراهيم، كـ «جلباب»، و«جلابيب»، والأولى أكثر، وعلى الثانية قول الشاعر:
8- تنفي يداها الحصى في كل هاجرة..... نفي الدراهيم تنقاد الصياريف
وأما «الصياريف» فجمع «صيرف»، لكنه أشبع الكسرة فتولدت عنها "الياء" كما قال:
9- تحبك نفسي ما حييت فإن مت ..... يحبك عظمٌ في التراب تريب
أراد: «ترب»، وكما تتولد "الألف" عن الفتحة في نحو ما ذكر، و"الياءُ" عن الكسرة فيما ذكر أيضًا وأشباهه، كذلك تتولد "الواو" عن الضمة إذا أشبعت كقوله:
10- الله يعلم أنا في تقلبنا .....يوم الفراق إلى أحبابنا صور
وأنني حيثما أثنى الهوى بصري .... من حيث ما سلكوا أدنو فانظورُ

أراد: «أنظر» فأشبع حركة "الظاء" فتولدت عنها "الواو"، وباب ذلك كله ضرورة الشعر، وأما فصيح الكلام فلم يأت إلا في «أنا» التي هي ضمير المتكلم المرفوع إذا كان بعدها "همزة"، نحو: «أنا أحبي» و«أنا أخرج» و«أنا إذا أكرمك» وهي قراءة نافع بن أبي نعيم، على خلاف عنه في المكسورة،
وأما مع غير "الهمزة" فلا تمد إلا في الضرورة، كقوله:
11- وكيف أنا وانتحال القوافي .... بعد المشيب كفى ذاك عارا
وكقول الآخر:
12- أنا سيف العشيرة فاعرفوني ..... حميدًا قد تذريت السناما
وعلى هذا حمل بعضهم قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}، {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا}، {وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا}؛ لأنهم جعلوها من باب إشباع الفتحة وتولد "الألف" عنها، والصحيح أن "الألف" في رؤوس هذه الآي "كالألف" في القوافي، وهو بابٌ آخر يذكر بعد هذا إن شاء الله.

الموضع الثالث: أن تكون علامة التأنيث، وهي قسمان: قسمٌ يختصُّ بالتأنيث، وقسمٌ يبينُ التأنيث.
فالذي يختص بالتأنيث "الألف" الواقعة طرفًا في الأسماء، زائدة عليها لا أصلية "كألف" "ما" ولا منقلبة عن أصلي "كألف" عصا ورحى، ولا ملحقة بأصلي"كألف" علقى ومعزى، الملحقين بجعفر وهجرع، وتكون في الثلاثي كحبلى وسلمى وضيزى، وفي الرباعي، كقرقري، وجحجبي، وفي الخماسي كقبعثري، وضبغطري.
وتكون في المؤنث اللفظي والمعنوي، وفي المذكر المعنوي كضغطري.
وتكون في المؤنث اللفظي والمعنوي، وفي المذكر المعنوي كضغطري وفي المفرد كما ذكر، وفي الجمع كحجلي جمع حجل، وفي المصادر كالرُّجعى والدعوى، (وفي غير المصادر كما ذكر).
والقسم المبين للتأنيث هي "الألف" التي بعد "هاء" الإضمار المؤنث نحو: ضربتها، وأكرمتها، والأصل في المذكر في "الهاء": الضم مع الضمة والفتح مع الفتحة والكسر مع الكسرة، نحو: ضربته، ومررت به، و"الواو" و"الياء" بعدها دليلان على التذكير، وفي المؤنث "الهاء" المفتوحة بعد الفتح وغيره وهو السكون، و"الألف" بعده لبيان التأنيث، مثاله ما ذكر، و"الهاء" الأصل في الجميع، بدليل أنها تحذف "الواو" و"الألف" و"الياء" في الضرورة إذا كان قبلها متحرك، وتبقى "الهاء" بحركاتها، قال الشاعر:
13- أعلقت بالذئب حبلًا ثم قلت له ....اِلحق بأهلك واسم أيها الذيب
أما تقود به شاةً فتأكلها ...... أو أن تبيعه لدى بعض الأراكيب
أراد: «تبيعها»، فحذف "الألف" وأبقى الفتحة دلالة عليها، ثم حذف الحركة تخفيفًا، كما قال الآخر في المذكر، حين حذف "الواو"، وأبقى الضمة تدل عليها:
14- له زجلٌ كأنه صوتُ حادٍ.... إذا طلب الوسيقة أو زمير
ثم حذف الآخر الحكرة، فبقي الضمير ساكنًا تخفيفًا، فقال:
15- وأشرب الماء ما بي نحوه عطشُ ..... إلا لأن عيونه سيلُ واديها
وقال آخر:
16- .... .... .... .... ..... ونضواي مشتاقان له أرقان
وأبعد من هذا قوله:
17- فبيناه يشري رحله قال قائل: ..... لمن جملٌ رخو الملاط نجيب
أراد: «هو» فحذف "الواو" بحركتها. وكذلك فعلوا في "هاء" الضمير المكسورة كقوله:
18- غفلت ثم أتت تطلبه ..... فإذا هي بعظامٍ ودما
ثم قال الآخر، فحذف "الياء" بحركتها:
20- دارٌ لسعدي إذ هِ مِنْ هواكا ..... .... .... .... ....
أراد: «هي»، وهو في باب "الواو" و"الياء" أكثر منه في باب "الألف" لثقلهما وخفتها.
ومما يجرى مجرى قوله: «أو أن تبيعه» في البيتين المتقدمين ما حكى الفراء من قول بعض العرب: «بالفضل ذو فضلكم الله به والكرامة ذات أكرمكم الله به»، أراد: بها، فحذف "الألف" ونقل حركة "الهاء" إلى "الباء" وهو شاذ لا قياس عليه.

الموضع الرابع: أن تكون علامة للتثنية، وذلك في نوعين:
النوع الأول: الأفعال الناصبة وأسماء الفاعلين والمفعولين، إذا احتاج شيء منها إلى فاعلٍ أو مفعولٍ لم يُسم فاعله بعدها، نحو: ضربا الزيدان، ويضربان الزيدان، ورجلان قائمان أبواهما، ورجلان مضروبان أبواهما، والأصل في تلك الأفعال، والأسماء المذكورة محمولة عليها لوقوعها موقعها في ذلك.
فهذه "الألف" إذا تقدمت على الأسماء فهي عند البصريين علامة التثنية.
ومثلها "الواو" [التي لجماعة المذكر] و"النون" التي لجماعة المؤنث إذا اتصلت بالفعلين المذكورين نحو: ضربوا الزيدون، ويضربون الزيدون، وضربن الهندات، ويضربن الهندات وهي لغةٌ قليلةٌ والأكثر حذفها لكونها توهم الضمير، وحكم الضمير أن يتقدمه اسمٌ يعود عليه، ولا اسم هنا متقدم فيعود عليه، ولأن معناها يلزم الفعل للزومه الاسم، بخلاف "تاء التأنيث" فإنها مبنية للتأنيث، لكونه يكونُ في الاسم بغير علامة كهندان وهنود، والمثنى بعد الفعل معلوم بلفظه فلذلك لم يحتج إلى علامة في الفعل قبله في اللغة المشهورة.
وأما [غير البصرين] فهي عندهم ضمائرُ وإن تأخرت الأسماء، وهم في ذلك طائفتان:
طائفة تزعم أن الأسماء بعدها مرفوعة بالابتداء، والجملة من الفعل وما بعده من "الألف" و"الواو" و"النون" في موضع خبره، وإن كانت متقدمة، فالمراد بها التأخيرُ، كما قال الشاعر:
20- إلى ملك ما أمهُ من «محارب» ..... أبوه ولا كانت قريش تصاهره
المراد: أبوه ما أمه من محارب. فكذلك إذا قلت: قاما الزيدان، وقاموا الزيدون، وفمن الهندات، فالمراد: الزيدان قاما، والزيدون قاموا، والهندات قمن.
وطائفة تزعم أن الأسماء بعدها مرفوعة على البدل من الضمائر.
وكلا المذهبين فاسدٌ، لأنه لو كانت تلك الحروف ضمائر أسماء لكثر النطق بها، كما كثر النطق واستتب مع تقدم الأسماء، وإنما الكثير حذفها مع التأخير، وإثباتها قليل، حُكي عنهم: أكلوني البراغيث، وقاموا أخواك، وقال الشاعر:
21- ألفيتا عيناك عند القفا ..... ....
وقال الآخر:
22- .... .... .... .... ..... بخوران يعصرن السليط أقاربه
وأما قوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} و{عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ}، فمنهم من حمله على القليل من اللغتين، ومنهم من حمله على أن ما بعد "الواو" [بدل] والضمير مبدل منه و"الواو" عائدة على ما قبلها وتقدر بعد «ظلموا»: «منهم» ، كقولهم: «السمن منوان بدرهم» أي: منه.
وأما زعموا من الإضمار قبل الذكر فهو موقوف على أشياء معلومة، وذلك في ضمير الأمر والشأن، نحو: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وفي باب "نعم" و"بئس"، نحو: "نعم" رجلًا زيدٌ، وبئس رجلًا عمرو، وفي باب رب"، نحو: "ربه" رجلًا، وفي باب الإعمال في التنازع نحو: ضربني وضربته زيدٌ، ولتلك الأبواب عللٌ ليس هذا موضع ذكرها، فالإضمار قبل الذكر والبدل كما ترى.
وأما التقديم والتأخير فهو من باب المجاز لا من باب الحقيقة، والحقيقة الأصل، فلا يعدل عنها إلا بدليل، هذا مع قلة إثبات هذه الحروف مع تأخير الأسماء عنها، وإنما الأصل الحذف لما ذكرت لك أول الفصل، ومع هذا فإن علة التقديم والتأخير تفسد عليهم في أسماء الفاعلين والمفعولين، إذا جرت على ما قبلها لأنها لا يصح فيها أن تقع أخبارًا عما بعدها لأنها من تمام ما قبلها نحو: رأيت رجلين ضاربين أبواهما، ورأيت رجالًا ضاربين آباؤهم، ورأيت نساء ضاربات أخواتهن.
وإنما تكلمنا على "الواو" و"النون" في هذا الفصل، وإن لم يكن الباب له لجريانهما فيما ذُكر مجرى "الألف"، فاعلم ذلك والله الموفق بمنه.

النوع الثاني: الأسماء المثناة، سواء كانت جامدة نحو: زيدان وعمران، ومشتقة نحو: ضاربان وقاتلان.
فهذه "الألف" في هذا النوع حرفٌ علامة لاثنين باتفاقٍ، ويجرى مجراها "الواو" في الجمع المسلم لمن يعقل، نحو الزيدون، وما أجري مجراه، نحو: «الساجدون» في الشمس والقمر والنجوم، سواء كان مذكرًا محضًا كما تقدم، أو مخلوطًا بمؤنث، نحو: القانتون. و"الياء" في النصب والجر فيهما تجري مجرى "الألف"، فالباب فيها كأنها واحد.
وقد اضطربت أقوال النحويين فيها واختلفوا اختلافًا كثيرًا.
فذهب سيبويه أنها حروف إعراب، بمعنى أنها حروف يحل فيها الإعراب، إلا أنه لا يظهر فيها ولا يُقدر.
وذهب أبو الحسن الأخفش أنها دليل إعراب.
وذهب أبو عمر الجرمي أن المثنى والمجموع معربان بعدم التغيير والانقلاب في حال الرفع، وبالتغيير والانقلاب إلى "الياء" في حال النصب [والجر].
وذهب بعض المتأخرين أنها حروفٌ يُعرب بها كالحركات فاستقراه من مذهب سيبويه.
وذهب الزجاج إلى أنهما مبنيان في حال الرفع ومعربان في حال النصب والخفض.
ولكل متعلق وحجج يطول إيرادها هنا وبسط الرد عليها، واضطرب ابن جني في كتاب «سر الصناعة» في شرحه مذهب سيبويه.
والصحيح عندي من هذا المذاهب مذهب أبي عمر الجرمي وهو السهل الذي لا نكلف فيه، وإليه يرجع مذهب سيبويه على التحقيق، بدليل أن العرب إذا ثنت العدد قبل لحاق العوامل والإعراب قالت: اثنان، وإذا جمعته قالت: عشرون، فإذا أدخلوا عوامل الرفع بقيا على لفظيهما، فقالوا: جاء اثنان، وجاء عشرون، فعدم التغيير والانقلاب وهو ترك العلامة علامة، ولا ينكر أن يكون العدم علامة كالسكون في الجزم، فإذا صاروا إلى النصب والخفض بإدخال عامليهما قالوا: رأيت اثنين ومررت باثنين، ورأيت عشرين ومررت بعشرين، فصار التغيير إلى "الياء" علامة النصب والخفض، والتغير هو الإعراب بحركة كان أو بغير حركة، إذا كان عن عاملٍ، فاعلمه.
ولما نظر أبو إسحاق الزجاج إلى حال هذا العدد توهم أن ترك العلامة في الرفع بناء، وهذا صحيح بالنظر إلى عدم تأثير العامل، وإن كان من حيث الاصطلاح فاسدًا لأن المبني ما لا تغيره العوامل في رفعٍ ولا نصبٍ ولا خفضٍ، وقد تغير هذا في النصب والخفض فبطل قوله.
وأما مذهب الأخفش فيحقق عليه: ما معنى تلك الدلائل؟ هلعلى الإعراب بأنفسها أو في غيرها، فإن كان في أنفسها فهي علاماتُ إعرابٍ فيرجع إلى قول من يقول بذلك وهو فاسد، إذ الإعراب لا يكون إلا في أواخر الأسماء، وآخر الأسماء المثناة والمجموعة "الألف" و"الواو" و"الياء"، فليست زائدة على الآخر، وبهذا أيضًا يفسد القول بأنها علامات إعراب في غيرها، لأنها ينبغي أن تكون زائدة على آخر المثنى والمجموعة،"كالنون" في «يفعلون»، وليس كذلك، بل هي من نفس الكلمة المثناة والمجموعة فاعلمه.
وإنما كانت صورة المثنى والمجموع في الرفع "بالألف" و"الواو"، وفي النصب والخفض "بالياء" بتقرير لطيفٍ صناعي: وذلك أن الأصل أن يقال في تثنية المرفوع في الرفع: الزيدون، وفي النصب: الزيدان وفي الخفض: الزيدين، بفتح الدال في جميع ذلك، وتكون "الواو" كالضمة في الدال في المفرد، و"الألف" كالفتحة فيها، و"الياء" كالكسرة فيها، وأن يقال في جمع المذكر السالم في الرفع: الزيدون، وفي النصب: الزيدان، وفي الخفض: الزيدين، بضم "الدال" وفتحها وكسرها، فتكون "الواو" كالضمة، في الرفع، و"الألف" كالفتحة في النصب، و"الياء" كالكسرة في الخفض. و"النون" في التثنية مكسورةٌ على اللغة المشهورة، وفي الجمع مفتوحة على اللغة المشهورة أيضًا، فطرأ لهم اللبس بين التثنية والجمع في النصب في حال الوقف لسكون "النون"، وفي الإضافة إلى غيرها بحذف "النون" بها، فحذوا "الألف" التي من أجلها طرأ اللبس وحمل كل واحدٍ من التثنية والجمع في النصب على لفظ الخفض فيهما، لأنهما أخوان في اشتراكهما في الضمير نحو: رأيتك ومررت بك ورأيتكما ومررت بكما ورأيتكم ومررت بكم، وفي كونها لا يكونان إلا بعامل لفظي، بخلاف الرفع فإنه لا يشترك مع الخفض في صيغة ضميرٍ، ولا في لزوم العامل اللفظي، إذ يكون باللفظي نحو: قام زيد، وبالمعنوي نحو: زيد قائم، مع أن الخفض خاص بالأسماء، والرفع يكون في الأسماء والأفعال، والتثنية والجمع خاصان بالأسماء، فوقعت النسبة والتوافق.
ثم إنهم قلبوا "واو المثنى" "ألفًا" في الرفع لأنهم يقلبون "الألف" من "الواو" في «ياجل» والأصل «يوجل» ، لأجل الفتحة في الحرف الذي قبل "الواو"، وصار الزيدان في الرفع، والزيدين في النصب والخفض، والزيدون في الرفع، والزيدين في النصب والخفض.
ومن العرب من يقول: الزيدان في رفع المثنى ونصبه وخفضه، وعليه قوله:
23- إن أباها وأبا أباها ..... قد بلغا في المجد غايتاها
وقوله:
24- أعرف منها الأنف والعينانا ..... ومنخران أشبها ظبيانا
وعليه حمل بعضهم قوله تعالى: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}، وحمله بعضهم على أن تكون "إن" بمعنى "نعم" وحمله بعضهم على تكون: "إن" شأنية محذوفة الاسم، ودخلت "اللام" في الخبر شاذًا، وحملها بعضهم على إضمار مبتدأ بعد "اللام"، والجميع متكلف، والأحسن اللغة القليلة لأنها مسموعة معروفة.

الموضع الخامس: معنى التذكر لما بعد الكلمة التي هي فيها، فتقول في أنت فعلت، إذا حذفت «فعلت» وتذكرت: أنا، وكذلك قالوا: أينا، يريدون: أين أنت، فلما حذفوا [أين] اختصارًا بقيت "الألف" مذكرة للمحذوف دالة عليه.
وحكى ابن جني عن أبي علي الفارسي أنهم قالوا: «جيء به من حيث وليسا» إن الأصل: «ليس»، وألحقت "الألف" تذكرًا لما حذف، ويمكن أن تكون "الألف" للوقف، لأنهم قد يقفرن على المبني على الفتح "بالألف" لبيان الحركة، وكما يحلقونها مع "الألف" فيمدونها بقدر ما سواء، فيكون مدان لها، وسواء كانت "الألف" التي قبلها للتثنية أو لغيرها، فيقولون في الزيدان ذهبا أمس: الزيدان ذهبا، وفي: زيد قد رمى عمرًا: زيد قد رمى، فاعلمه.

الموضع السادس: أن تكون لمجرد الوقف في غير المنون، نحو قولك في فعلتُ أنا: فعلت أنا، وقالوا في أين أنت، أين أنتا، وقالوا في الوقف على «حيهل»: حيهلًا، ومعناها أقبل.

الموضع السابع: أن تكون فصلًا بين "نوني" التوكيد و"نون" ضمير الجمع المؤنث نحو قولك «اضربنان زيدًا» لأنه لولا الفصل "بالألف" لاجتمعت ثلاث "نونات"، فيقال: اضربنن زيدًا، وذلك مستثقل، وحكي من كلام ابن مهدية: اخسأنان عني، أو بين "الهمزتين" لأجل الاستثقال أيضًا، فتقول في أأنتم قلتم: أاأنتم قلتم، وفي أإذا: أا إذا، وفي أأنزل: أاأنزل، وعليه قراءة هشام من رواية ابن عامر: {أَأَنْذَرْتَهُمْ}، و{أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا} و{أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ}، وما كان نحوه، وبعضهم يسهل "الهمزة" الثانية بين بين تخفيفًا ولا يدخل "ألفًا" بينها، وبعضهم يدخلها مراعاة للأصل، وبعضهم يخففها ولا يدخل "ألفًا"، لأن "الهمزة" الأولى عارضة، ولكلٍ وجهةٌ ونظر وهو لغة مسموعة، قال ذو الرمة:
25- أا أن توسمت من خرقاء منزلة ..... ماءُ الصبابة من عينيك مسجوم
وقال أيضًا:
26- أيا ظبية الوعساء بين جلاجل ..... وبين النقا أا أنت أمْ أمُّ سالم
وقال آخر:
27- حزق إذا ما القوم أبدوا فكاهة .... تفكر أا إياه يعنون أم قِردا
ففصل "بالألف" كل واحدٍ منهم، استثقالًا لجمع "الهمزتين".
وقال آخر في الجمع بينهما دون فصلٍ:
28- أأنت الهلالي الذي كنت مرة.... سمعنا به والأريحي الملقب
ولغة الفصل أكثر. الموضع الثامن: أن تكون دالة على الندبة في المنادى، نحو يا زيداه ويا عمراه، وهي م ذلك لمد الصوت، و"الهاء" لبسط "الألف" وتمكن مدها والوقف، فإذا وصلت حذفتها كقوله:
29- وافقعسا وأين مني فقعسُ
وجاء في الضرورة إثباتها محركة، إجراءً للوصل مجرى الوقف وعوملت معاملة الضمير، كقوله:
30- ألا يا عمرو عمراه ..... وعمرو بن الزبيراه
وتكون "الألف" المذكورة في المفرد نحو: يا زيداه ويا عمراه، وفي المضاف [إليه] نحو: يا غلام زيداه، وفي آخر صلة الموصول، من كلامهم: «وامن حفر بئر زمزماه، ووا أمير المؤمنيناه».
وفي لحاقها في آخر النعت بعد المنعوت خلافٌ: فيونس يجيز ذلك إجراءً له مجرى الصلة بعد الموصول، نحو: يا زيد الظريفاه، ومن كلامهم: «واجمجمتي الشاميتيناه»، وسيبويه يمنعه لشدة اتصال الصلة بالموصول، واستغناء المنعوت عن النعت، وما سُمع من ذلك شاذٌ، وهو الأظهر.
ويجوز في هذه "الألف" أن تنقلب "ياء" تارة وواوًا أخرى بحسب الحركة قبلها، إذا خيف التباس، نحو: واغلامكيهوواغلامكاهوواغلامكموه، فرقًا بينه وبين «واغلامكماه».

الموضع التاسع: أن تكون إطلاقًا للقوافي كما تكون "الواو" و"الياء" لأنها لا يكون ما قبلها إلا متحركًا، وإذا سُكن فهو مقيد، فكأنها تطلق الحرف من عقال التقييد، وهو السكون إلى حال الحركة: الضمة والفتحة والكسرة.
وهل تلحق هذه الحروف المبني أو المعرب؟ فيه خلاف بين أرباب القوافي، والأشهر أنها تلحق لما يجوز فيه السكون لولاها، سواءٌ كان معربًا أو مبنيًا، اسمًا أو فعلًا أو حرفًا، كقوله:
31- ألمًا على الربع القديم بعسعسا ..... كأني أنادي أو أكلم أخرسا
فهذه لحقت المعرب من الأسماء، وكذلك قوله:
33- أقلي اللوم عاذل والعتابا .... .... .... .... ....
ثم قال في الفعل وهو مبني:
.... .... .... .... ...... وقولي إن أصبت لقد أصابا
وقال آخر في الاسم المبني :
33- .... .... .... .... ..... يا أبتا علك أو عساكا
وقال آخر في الحرف:
34- لخيرٌ أنت عند الناس منا .... إذا الداعي المثوب قال يالا

الموضع العاشر: أن تكون في رؤوس الآي، تشبيهًا بالقوافي كقوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}، {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} {وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا} على قراءة من أثبت "الألف" في الوصل والوقف، وأما من حذفها في الوصل وأثبتها في الوقف فجعلها "ألف وقفٍ"، كما تقدم في فصل "ألف الوقف"، وأما من قرأها بإثبات "الألف" في الوصل وحذفها في الوقف فإشباعًا، كما تقدم في فصل الإشباع، والعرب تجري الأسجاع- وهي الألفاظ الملتزم في آخرها حرف- مجرى القوافي، كقوله عليه السلام: «كان الموت فيها على غيرنا كُتب، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب»، وكقوله عليه السلام: «هل أنت إلا إصبع دميت، وفي سبيل الله ما لقيت»، فكما يلحقونها في آخر القافية كما ذكر، فكذلك في الأسجاع، والقرآن نزل على لغتهم ومنيع كلامهم، ولذلك تجد بعض السور فيها شبه الأسجاع كآي عم والمزمل وغيرهما، فهذا يوضح صحة ما ذكرت لك، وبهذا كان معجزًا لأنه نزل على مهيع كلامهم، ولا يستطيعون الإتيان بمثله مع أشياء غير ذلك.

الموضع الحادي عشر: أن تكون للاستثبات بـ "من" وفي آخرها في الوقف إذا كان في موضع نصبٍ، وذلك يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والمجموع في لغة بعض العرب، فتقول إذا قيل لك: رأيت رجلًا: منا ورأيت امرأة: منا، ورأيت رجلين: منا، ورأيت امرأتين: منا، ورأيت رجالًا: منا، ورأيت نساءً: [منا]، فإذا وصلت أسقطت "الألف" فقلت: من ....، وبعض العرب يُلحق علامة التأنيث والتثنية والجمع فيقول: منه ومنين ومنات ومنون ومنين، والأول أكثر في كلامهم.


الموضع الثاني عشر: أن تكون عوضًا من ضمة أول الحرف المصغر إذا كان موصولًا أو اسم إشارة نحو قوله: الذيا واللتيا في تصغير: الذي والتي، وذيا وتيا في تصغير ذا وتا، و«أوليا» في تصغير: «أولى» المقصور، قال الشاعر:
35- ألا قل لتيا قبل مرتها اسلمي .... تحية مشتاقٍ إليهم مُتيم


الموضع الثالث عشر: أن تكون للإنكار: إذا كان قبلها مفتوح غير منونٍ نحو قولك إذا أنكرت: رأيت أحمد: أأحمداه، ورأيت عمرًا: أعمراه.
هذا عند بعض العرب، ومنهم من يزيد في آخر المنكر: إنيه في الرفع والخفض وكذلك في النصب دون "الألف"، قيل لبعضهم: أتخرج إن أخصبت البادية؟ فقال: أنا إنيه، ولا تزاد "الألف" في الوقف في المنصوب المنون للفرق بينهما فاعمله.

القسم الثاني من قسمي "الألف"
التي هي بدل من حرف أصلي
لها ثلاثة مواضع:
الموضع الأول: أن تكون بدلًا من "النون" الخفيفة في الوقف نحو قولك: اضربن زيدًا واقتلن عمرًا، ولا تضربن ولا تقتلن، إذا وقفت عليها أبدلتها "ألفًا" فقلت: أضربا واقتلا ولا تضربا ولا تقتلا، سواءٌ كان ذلك في النظم أو النثر، فالنثر كقوله تعالى: {لنسفعًا بالناصية}، {لنصدقن ولنكونًا}، وإنما ذلك لأنها زائدةٌ مثلها، ولأنها حرف يعرب به مثلها عند بعضهم، ولأنها أمد صوتًا منها وأكثر تبيينًا منها للحركة. والنظم كقول الشاعر:
36- .... .... .... .... ..... ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا
أراد: «اعبدن» وقال آخر:
37- متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا .... تجد حطبا جزلًا ونارًا تأججا
أراد: «تتأججن» فحذف "التاء" الأصلية لدلالة "تاء المضارعة" عليها تخفيفًا، وأدخل "النون" عليه في الواجب للضرورة، كقوله:
38- يحسبه الجاهل ما لم يعلما.... شيخًا على كرسيه معمما
أراد «يعلمن» فأدخل "النون" في الواجب وليس بقياس، وإنما جاء منه ما جاء ضرورة أو شاذًا، وأما الكوفيون فيجيزون ذلك قياسًا، وعلى مذهبهم جرى المتنبي في قولك:
39- بادٍ هواك صبرت أو لم تصبرا ..... .... .... .... ....
أراد «تصبرن» فأجراه مجرى «يعلمن» في البيت المتقدم، وأبدل جميعهم "الألف" منها في الوقف كما رأيت.

الموضع الثاني: أن تكون بدلًا من تنوين المنصوب فنقول في نحو رأيت زيدًا: «رأيت زيدًا»
وحكم الصحيح والمعتل في ذلك سواء، نحو: رأيت موسى، ورأيت عصا، إلا أن تكو "تاء التأنيث" فإنها تبدل "هاءً" في نحو: رأيت قائمه، وذلك ليفارق ما فيه "التاء" أصلية، نحو رأيت إصليتًا وعفريتًا، وشربت ماءً فراتًا، وأكلت حوتًا وملتوتًا.
فأما «أخت» و«بنت» وهنت "فالتاء" فيها مبدلة من "واو" لقولهم: أخوات وبنوات وهنوات، وهذا فصل من باب التصريف فيه اختلاف بين البصريين والكوفيين، وقد اضطرب فيه قول سيبويه في باب النسب، وشرح ذلك يخرجنا عن المقصود لطوله.
وأما المقصور المعرب، نحو: «عصا ورحى» فلا خلاف بينهم أن الوقف فيه على "الألف" المبدلة من التنوين، نحو: رأيت عصا ورحى، وإنما الخلاف بين النحويين في "الألف" في حال الرفع والخفض – وإن كانوا مجمعين على أن تلك "الألف" بدل من حرف هو "لام الفعل" فأكثرهم على أنها للوقف، لأن "الواو" و"الياء" لا يثبتان في الوقف في مشهور اللغات، وأبو عثمان المازني يرى أن "الألف" عوض من التنوين، و"الألف" التي هي بدل من أصل محذوفة لاجتماعهما ساكنتين، لأن ما قبل "الألف" مفتوح أبدًا في الحالات الثلاث: الرفع والنصب والخفض.
والصحيح مذهب الجماعة لأن التنوين محذوف في الوقف البتة فلا تكون "الألف" في الوقف عوضًا منه البتة. ومن العرب من يحذف هذه الألف في الوقف إذا كان الاسم غير مقصور، فيقول: رأيت زيد، قال الشاعر:
40- .... .... كأني مهدأ .... جعل القين على الدف إبر
وقال آخر:
41- .... .... .... .... .... وآخذ من كل حي عصم
كما أن منهم من يقف على ما لا ينصرف "بالألف" فيقول: رأيت أحمدا ومساجدا، وعليه يحمل «قواريرا قواريرا» على قراءة من لم ينون الأول ومن "نونه" فهي عوض من التنوين، لأن من العرب من يصرف الجمع الذي لا نظير له في الواحد، فيقول: هذه مساجدُ، حكى ذلك ابن جني في «سر الصناعة» وعليه قراءة من قرأ: {سلاسلا وأغلالًا وسعيرا}.
وإن كان الاسم مقصورًا فلا يوقف عليه [إلا] "بالألف"، إلا في الضرورة، كقوله:
42- .... .... .... .... ..... رهطُ مرجومٍ ورهطُ ابن المعلُّ
أراد: «المعلى».
الموضع الثالث: أن تكون بدلًا من "ياء" الإلحاق نحو: «علقى» و«معزى» وهما ملحقان بجعفر وهجرع، تحركت "الياء" وانفتح ما قبلها فانقلبت "ألفًا"، ويكون الاسم معها منونًا وغير منون، فمن "نون" جعلها كالأصلية، إذ هي مناظرة "لراء" «جعفر» و"عين" «هجرع» وإن كانت زائدة في الكلمة، ألا ترى أن «علقى» من التعلق، «ومعزى» جماعة المعز. ومن لم ينونها أجراها مجرى المؤنث، إذ "الألف" فيها زائدة كما في "ألف التأنيث" في حُبلى وسلمى، وللزومها الكلمة "كألف التأنيث" امتنع الاسم من الصرف، وقرئ قوله تعالى: {ثم أرسلنا رسلنا تترى} بالوجهين، لأنها من المتواترة وهي التتابع و"التاء"بدل من "واو"، وبعضهم يجعلها إذا كانت بغير تنوين فعلًا مضارعًا، وليس بشيء، لأنه قد "نون" في لغة أخرى، وإنما هو مثل «علقى» و"ألفه" بدل من "ياء" ملحقة بجعفر، فاعلمه، وامتناعه من الصرف لشبه التأنيث اللازم.
واعلم أن "الألف" قد زيدت في نفس الكلمة للمد خاصة، فزيت ثانية في مثل «ناصر» و«صابر» لبناء اسم الفاعل، وكذلك في مثل: ساباط وقادوس، وللتكسير في مثل جلابيب ومفاتيح ثالثة، وفي مثل: كتاب وجمال وحمار، ورابعة في مثل شمراخ وشملال وعثكال، وخامسة في مثل: سكاعات وسماقات، وكل ذلك مبدأ لغةٍ لا يتعلل، وإنما يوقف فيه مع السماع، فاعلمه). [رصف المباني:10 - 37]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 03:45 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

الإنكار
قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (ومنها الإنكار:
وحرفه: "ألفٌ"، أو "واوٌ"، أو "ياءٌ" مردفةٌ "بهاء" سكتٍ، نحو: عمراه، لمن قال: رأيت عمراً، و: عمروه، لمن قال: مررت بعمرٍو، و: أزيد نيه، لمن قال:
ويقولو، فإن كان آخره ساكناً، وهو حرف مدٍّ ولينٍ أشبع مدّه، نحو: القاضي، وإلا كسر، وألحق الحرف، نحو: زيدي، وقدي، والله أعلم). [التحفة الوفية: ؟؟]

حروف الندبة
قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (ومنها الندبة: وحرفه "الألف"، نحو: وازيداه، و"الهاء" التي تلحقه للوقف). [التحفة الوفية: ؟؟]

حروف التأنيث
قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (ومنها التأنيث: وحروفه: "التاء"، و"الألف" المقصورة، أو الممدودة). [التحفة الوفية: ؟؟]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 03:46 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("الألف"
حرف مهمل، له عشرة أقسام:
الأول: أن تكون للإنكار نحو: أعمراه! لمن قال: رأيت عمراً.
الثاني: أن تكون للتذكار نحو: رأيت الرجلا، تريد الرجل، ووقفت لتتذكر ما بعده. وقد تقدم ذكر هذين المعنيين في "الواو".
الثالث: أن تكون علامة التثنية في اللغة التي تقدم ذكرها. كقول الشاعر:
تولى قتال المارقين، بنفسه ... وقد أسلماه مبعده، وحميم
الرابع: أن تكون كافة. وهي "الألف" في بينا. كقول الشاعر:
فبينا نحن نرقبه أتانا ... معلق شكوة، وزناد راعي
وقيل: إن الجملة بعدها في موضع جر بالإضافة، و"الألف" إشباع. وقد أضيفت إلى المفرد، في قول الشاعر:
بينا تعانقه الكماة، وروغه ... يوماً، أتيح له جريء، سلفع
في رواية من جر. وقيل: بينا أصلها بينما، فحذفت "الميم"، وقيل: "ألف" بينا للتأنيث. وكلاهما قول ضعيف.
الخامس: أن تكون فصلاً بين "نون التوكيد" و"نون الإناث"، في نحو: اضربنان يا نسوة.
السادس: أن تكون للندبة، نحو: وازيداه.
السابع: أن تكون للاستغاثة، كقول الشاعر:
يا يزيدا، لآمل نيل عز ... وغنى، بعد فاقة، وهوان
الثامن: أن تكون للتعجب، كقول الشاعر:
يا عجبا، لهذه الفليقه ... هل تذهبن القوباء الريقه؟
التاسع: أن تكون بدلاً من "نون التوكيد" الخفيفة، نحو {لنسفعا}.
العاشر: أن تكون بدلاً من تنوين المنصوب، نحو: رأيت زيدا.
وما سوى هذه الأقسام فليس بحرف معنى، "كألف التأنيث"، و"ألف الإطلاق"، و"ألف الإلحاق"، و"ألف التثنية"، و"ألف التكسير"،
و"الألف الفاصلة" بين "الهمزتين"، في نحو: آأنت، أم أم سالم؟ و"ألف الإشباع"، في قوله: أقول، إذ خرت، على الكل لكال و"الألف الزائدة" في الوقف، لبيان الحركة. وذلك "ألف" أنا على مذهب البصريين. و"الألف المزيدة" في آخر المبهمات، إذا صغرت، عوضاً عن ضم أولها. نحو: ذيا، والذيا. و"الألف" التي تلحق من في الاستثبات، حال النصب، نحو منا لمن قال: رأيت رجلا. فهذه الأقسام العشرة لا ينبغي أن يعد منها شيء في حروف المعاني.
وفي بعض الأقسام المتقدمة قبل هذه نظر.
تنبيه
إنما أخرت "الألف" إلى هذا الموضع، لأن، موضعها في ترتيب الحروف، على الأسلوب المألوف، بين "الواو" و"الياء". وذلك قولهم في: أ، ب، ت، ث ... و، لا، ي. قال ابن جني: لا يقال "لام ألف"، وإنما يقال "لا" "بلام" مفتوحة، و"ألف لينة" تليها. والمراد هنا "الألف اللينة" لأن "اللام" قد تقدمت. فلما قصدوا النطق "بالألف"، وهي ساكنة لا يمكن الابتداء بها، توصلوا إلى النطق بها، بإدخال "اللام" عليها.
فإن قيل: ولم خصت "اللام" بهذا دون غيرها؟ فالجواب أن العرب لما توصلوا "بألف الوصل" إلى "اللام الساكنة" في الرجل توصلوا إلى "الألف الساكنة" "باللام"، مقاصة.
فإن قلت: قد ذكرت "الألف" أول الحروف! قلت: المراد "بالألف" المذكورة أول الحروف "الهمزة". نص على ذلك الأئمة. وذلك متعين لئلا يلزم تكرار حرف، وإهمال حرف. لأنه إذا جعلت "الألف" المبدوء بها عبارة عن الحرف الهاوي لزم تكرارها، لأنها مذكورة بعد "اللام"، كما تقدم، ولزم إهمال ذكر "الهمزة".
قال أبو عبيد: "الألف" عند العرب "ألفان": "ألف مهموزة"، وهي "الهمزة". وإنما جعلت صورتها "ألفاً"، لأنها لا تقوم بنفسها. ألا تراها تنقلب في الرفع "واواً"، وفي الفتح "ألفاً"، وفي الكسر "ياء". و"الألف" الأخرى هي التي تكون مع "اللام" في الحروف المعجمة. وهي ساكنة. لا "ألف" في الكلام غير هاتين.
وقد بسطت الكلام على هذا في وريقات مفردة. وهذا موضع اختصار). [الجنى الداني: 175 - 180]


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 03:48 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): (حرف "الألف"
حرف "الألف":
والمراد هنا الحرف الهاوي الممتنع الابتداء به لكونه لا يقبل لحركة، فأما الّذي يراد به "الهمزة" فقد مر في صدر الكتاب.
وابن جني يرى أن هذا الحرف اسمه "لا"، وأنه الحرف الّذي يذكر قبل "الياء" عند عد الحروف، وأنه لما لم يكن أن يتلفّظ به في أول اسمه كما فعل في أخواته إذ قيل: "صاد"،"جيم" توصل إليه "باللّام"، كما توصل إلى اللّفظ "بلام التّعريف" "بالألف" حين قيل في الابتداء الغلام ليتقارضا، وأن قول المعلمين "لام ألف" خطأ؛ لأن كلا من "اللّام" و"الألف" قد مضى ذكره، وليس الغرض بيان كيفيّة تركيب الحروف بل سرد أسماء الحروف البسائط.
ثمّ اعترض على نفسه بقول أبي النّجم:
أقبلت من عند زياد كالخرف ... تخط رجلاي بخط مختلف
تكتبان في الطّريق لام الف
وأجاب بأنّه لعلّه تلقاه من أفواه العامّة؛ لأن الخط ليس له تعلق بالفصاحة.
وقد ذكر "للألف" تسعة أوجه:
أحدها: أن تكون للإنكار، نحو: أعمراه لمن قال لقيت عمرا.
الثّاني: أن تكون للتذكر، كرأيت الرجلا. وقد مضى أن التّحقيق ألا يعد هذان.
الثّالث: أن تكون ضمير الاثنين، نحو: الزيدان قاما، وقال المازني: هي حرف، والضّمير مستتر.
الرّابع: أن تكون علامة الاثنين، كقوله:
ألفيتا عيناك عند القفا ... أولى فأولى لك ذا واقية
وقوله:
... وقد أسلماه مبعد وحميم
وعليه قول المتنبي:
ورمى وما رمتا يداه فصابني ... سهم يعذب والسهام تريح
الخامس: "الألف" الكافة، كقوله:
فبينا نسوس النّاس والأمر أمرنا ... إذا نحن فيهم سوقة ليس ننصف
وقيل "الألف" بعض "ما" الكافة، وقيل إشباع، وبين مضافة إلى الجملة، ويويده أنّها قد أضيفت إلى المفرد في قوله:
بينا تعانقه الكماة وروغه ... يومًا أتيح له جريء سلفع
السّادس: أن تكون فاصلة بين "الهمزتين"، نحو:{أأنذرتهم}، ودخلوها جائز لا واجب، ولا فرق بين كون "الهمزة" الثّانية سهلة أو محققة.
السّابع: أن تكون فاصلة بين النونين "نون النسوة" و"نون التوكيد"، نحو: اضربنان، وهذه واجبة.
الثّامن: أن تكون لمد الصّوت بالمنادى المستغاث، أو المتعجب منه، أو المندوب، كقوله:
يا يزيدا لآمل نيل عز ... وغنى بعد فاقة وهوان
وقوله:
يا عجبا لهذه الفليقه ... هل تذهبن القوباء الريقه
وقوله:
حملت أمرا عظيما فاصطبرت له ... وقمت فيه بأمر الله يا عمرا
التّاسع: أن تكون بدلا من "نون ساكنة"، وهي إمّا "نون التوكيد"، أو "تنوين المنصوب".
فالأول: نحو: {لنسفعا}،و{ليكونا}، وقوله:
... ولا تعبد الشّيطان والله فاعبدا
ويحتمل أن تكون هذه "النّون" من باب يا حرسي اضربا عنقه.
والثّاني: كرأيت زيدا في لغة غير ربيعة، ولا يجوز أن تعد "الألف" المبدلة من "نون" إذن، ولا "ألف التكثير" "كألف" قبعثرى، ولا "ألف التّأنيث" "كألف" حبلى، ولا "ألف الإلحاق ""كألف" أرطى، ولا "ألف الإطلاق" "كالألف" في قوله:
من طلل كالأتحمي أنهجا
ولا "ألف التّثنية" كالزيدان، ولا "ألف الإشباع" الواقعة في الحكاية، نحو: منا، أو في غيرها في الضّرورة، كقوله:
أعوذ باللّه من العقراب
ولا "الألف" الّتي تبين بها الحركة في الوقف، وهي "ألف" أنا عند البصريين، ولا "ألف" التصغير، نحو: ذيا واللذيا لما قدمناه).[مغني اللبيب: 4 / 427 - 441 ]


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 03:49 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

شرح علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ)

النوع الثاني: من الحروف الأحادية وهو الذي اشتركت فيه الحروف بالأسماء
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (النوع الثاني: من الحروف الأحادية وهو الذي اشتركت فيه الحروف بالأسماء ولا تشارك الأفعال شيئًا من الأحادية لما بينا أن الاشتراك يجب كونه وضعًا وشيء من الأفعال لا يوضع أحاديثًا، بل يجب أن لا يكون أقل من ثلاثة أحرف أصول، حرف يبتدأ به، وحرف يوقف عليه، وحرف يفصل بينهما لمنافاة الأول بحركته الآخر بسكونه، ولكونه لا يقتضي طبعًا لا الحركة ولا السكون، ثم ما قيل إنه إن سكن نافي الأول وإن حرك نافي الآخر فالمنافاة حاصلة، فإن اتفق فعل على أقل من ثلاثة فلذلك بطريق الحذف لعارض، كما تقرر في فنه، وأحرف هذا النوع سبعة:
وهي: "الألف"، و"التاء"، و"الكاف"، و"النون"، و"الهاء"، و"الواو"، و"الياء"، فلنذكر كل حرف منها في فصل، ونذكر فيه ما يخطر بالبال ذكره إن شاء الله، وليعلم أن هذه الأحرف السبعة مبنية في حالتي حرفيتها واسميتها، أما في حالة الحرفية فظاهر لعدم استحقاق الحرف الإعراب، وأما في حال اسميتها فاستيفاء لبيانها ولكون وضعها كوضع الحروف على حرف واحد فنبيت مطلقًا، والله تعالى أعلم).[جواهر الأدب: 42]

الفصل الأول "الألف"
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الفصل الأول "الألف"، وهو أحد الأحرف الحلقية السبعة، ويسمى الهاوي؛ لأنه لا ينحصر في شيء منه، ومخرجه من أقصى الحلق خلافًا لمن زعم أنه لا مخرج له، قلت: تسميته بالهاوي وتعليلها بقولهم لأنه لا ينحصر في شيء منه يقوي مذهب أبي الحسن من أن "الألف" لا مخرج لها، وينبغي أن يعلم أن "الألف" لكونه من حروف الزيادة إذا وقع حرفًا فقد يصير بعضًا من الكلمة التي دخل عليها "كألف المفاعلة" و"ألف" جمال من الجموع، وحبلى من المؤنث، والإلحاق كأرطاة، والتكثير كقبعثري، والمبدلة من حرف أصلي "واو"، كغزا، أو "ياء" كسعى، وقد يكون مستقلًا أي حرف معنى، ونظرنا الآن إلى حالة استقلاله ومعانيه في اسميته، فلذلك حصرنا ذكره في بحثين.
البحث الأول: في مواقعه حرفًا، وذلك في عدة مواضع:
أحدهما: في باب النداء، وله موقعان:
أحدهما: في يا ابن أمتا، وثانيهما: في المستغاث به، نحو: يا زيداه.
وثانيها في باب الندبة، نحو: وازيداه، ووا أعلا مكاناه، وإنما أفردنا الندبة عن النداء؛ لأن المندوب ليس بمنادى، وإن عومل معاملته في كثير من الأحكام.
وثالثها: "الألف المزيدة" في السؤال عن النكرات حال النصب، فإنه إذا قيل: جاء رجل، وقصد الاستفهام عنه فيؤتى في السؤال بلفظة من الاستفهامية، ولكونه في حال الرفع يزاد في من "واو" لمجانسة ضمة الرفع فيقال: منوو في حال الجر "ياء" لمجانسة كسرة الجر، فيقال: منى في: مررت برجل، وفي حال النصب "ألفًا" فيقال في رأيت رجلًا منا، لمجانسة فتحة النصب، فيكون كل واحدٍ من "الواو" و"الياء" و"الألف" حرفًا للاستفهام عن النكرة المعربة المفردة في كلام المستفهم منه، يزاد في الوقف لتقابل به حركتها، وإنما قلنا في الوقف؛ لأن الزيادة لما كانت تغييرًا على خلاف الأصل لإزالة اللبس الناشئ من إبهام التنكير والوقف محل التغيير اشترط لذلك، فنذكر كل واحدة منها في بابها إن شاء الله تعالى.
وفائدة التقييد بكون الكلمة نكرة الاحتراز عن المعرفة فإن حكمها عند أهل الحجاز إذا كانت علمًا أن يحكيه المستفهم كما نطق به، فيقول لمن قال: جاءني زيد من زيد، ولمن قال: رأيت زيدًا من زيدًا، ولمن قال: مررت بزيدٍ من زيدٍ، وإذا كانت غيره الرفع لا غير فيقول لمن قال: جاءني الرجل من الرجل، وعند تميم الرفع مطلقًا، فيقول: من زيد ومن الرجل في الثلاث، وتقييده النكرة بكونها معربة لإخراج المبنية؛ إذ لا إعراب فيقابل، وبكونها مفردة أنها إذا ثنيت أو جمعت لا تكون كذلك، بل يزاد في الاستفهام عن المثنى المرفوع "ألف" والمنصوب والمجرور "ياء"، وعن المجموع المرفوع "واو"، والمنصوب والمجرور "ياء"، مع "نون" ساكنة في المذكر، أو "ياء" كذلك في المؤنث، فيقال لمن قال: جاءني رجلان، ورأيت رجلين، ومررت برجلين وامرأتين، وامرأتين منان ومنين ومنتان ومنتين، ولمن قال: جاءني رجال، ورأيت رجالًا، ومررت برجالٍ أو نساء، ونساء، ونساء منون ومنين ومنات، هذا كله إذا كان المستفهم وافقا، فلو وصل جرد من عن العلامة، فيقول: من "ياء" فتى في الجميع، قال الزمخشري رحمه الله تعالى: وقد ارتكب من قال: أتوا ناري فقلت منون أنتم.
شذوذين إلحاق العلامة في الدرج وتحريك "النون"، وهذا عند الأكثر، وبعضهم لم يفرق بين المفرد وغيره، فيقول: منو، ومنا، ومنى إفرادًا وتثنية وجمعًا تذكيرًا وتأنيثًا، ومن أراد الاطلاع على مباحث هذا الباب مفصلة فعليه بالاغراب فإنه يظفر بما يغرب ويعرب.
ورابعها: "الألف" الملحقة بضمير المتكلم المفرد المرفوع المنفصل، وهو أن، فإنه "ألف" و"نون" مفتوحتان، فإذا وقف عليهما ألحق بهما "ألف" فصار أنا، يصلح للمذكر والمؤنث، ولا يحلق "الألف" في درج الكلام، وفي التنزيل: {أنا أكثر منك مالًا وولدًا}، ويقال لها: "الألف" المزادة لبيان الحركة.
وخامسها: المبدلة من "النون" الخفيفة الساكنة وقفًا، وهي في أمكنة المبدلة من تنوين الاسم نصبًا نحو: رأيت زيدًا، المبدلة من "نون التوكيد" الخفيفة نحو: {لنسفعًا} في: نسفعن، وقفًا، وقول الشاعر:
ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا
يريد: فاعبدن.
قال في التنويع: والمختار كتابتها "بالألف" مع جواز كتابتها "بالنون"، وأما إذن الجزائية فإن الأكثرين يقفون عليها "بالألف"، وقيل: إن المازني لا يجيزه، وروى الوجهان عن المبرد، ونقل عن بعضهم أنه قال: إن أعملت كتبت "بالألف"، وإن أهملت كتبت "بالنون" لئلا تلتبس بإذا الزمانية.
وسادسها: "الألف" الدالة على تثنية الفاعل كدلالة "التاء" على تأنيثه كقوله: وقد أسلماه مبعد وحميم.
وسابعها: "ألف الفصل" بين "النونات" عند تأكيد الفعل المسند إلى ضمير جماعة الإناث نحو: افعلن يا نساء، فإنه عند إرادة توكيده
"بالنون المشددة" يفصل بين "نون الضمير" و"النون المؤكدة بألف" فيقال: افعلنان، لئلا تجتمع "النونات"، ويتعين هنا التوكيد "بالنون الثقيلة" ليكون الجمع بين الساكنين على حده، وهو كون أولهما حرف مد وثانيهما حرفًا مدغمًا، وأجاز يونس إلحاق الخفيفة أيضًا، ونقله عن العرب.
تنبيه: قد عد جماعة من النحاة من جملة الألفات "ألف التثنية" و"الألف" من الأسماء الستة في حال النصب، وذلك سهو؛ لأن "الألف" إذا دخلت في ذلك صارت جزءً من الكلمة، ولم تبق زائدة بل بعضًا، وصارت من حروف الزيادة، كما تقرر في موضعه في غير هذا الكتاب، والذي نحن بصدد ذكره إنما هو حروف المعاني، فلا مدخل لتلك فيها.
البحث الثاني: في مواقعها اسمًا، فلا تكون إلا ضميرًا للمثنى المرفوع المتصل البارز، ويختص ذلك بالأفعال؛ لأن الحروف لا تتصل بها ضمائر الرفع، والأسماء لا تبرز ضمائر رفعها، وتوجد في الأفعال الماضية نحو: قاما، وقامتا، "فالألف" ضمير، و"التاء" للتأنيث، والمضارعة نحو: تفعلان، و"النون" ليست من المضير، بل تذكر مع "الالف"لمجرد الإعراب؛ بدليل بقاء الضمير مع حذفها وزوال الرفع، وفي الأمر نحو: افعلا، وأما نحو: فعلتما، فلا يكون "الألف" وحده ضميرًا بل بعضًا منه، وكذا الكلام في "ألف" هما فلا دخل لهذه في هذا البحث). [جواهر الأدب: 42 - 45]


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 03:51 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): («فصل»
تختص "الألف" من بين سائر الحروف بدخولها على مثلها من جنسها وذلك "كألف الاستفهام" تدخل على "ألف الوصل" وعلى "ألف القطع" وعلى "ألف لام التعريف"، فأما إذا دخلت على "ألف الوصل" فإنه تسقط "ألف الوصل" وتثبت "ألف الاستفهام" مفتوحة كما هي عليه؛ لأنه إنما أتي "بهمزة الوصل" توصلًا إلى النطق بالساكن فلما دخلت عليها "ألف الاستفهام" استغنى بها عنها نحو: ابن زيد أنت؟
قال الشاعر:
فقالت أين قيس ذا .... وبعض الشيب يعجبها
فقطع "الألف" لأنها "ألف استفهام"، وقال ذو الرمة:
أستحدث الركب عن أشياعهم خبرًا .... أم راجع القلب من أطرابه طرب
ومنه قوله جل جلاله: {أستكبرت أم كنت من العالين} {أتخذتم عند الله عهدًا} {أصطفى البنات على البنين} ونحو ذلك.
وأما إذا دخلت على "ألف لام التعريف" همزت الأولى ومددت الثانية لا غير وأشممت الفتحة بلا نبرة كقولك: الرجل قال هذا، قال معن بن أوس:
فوالله ما أدري ألحب شفه .... وسل عليه جسمه أم تعبدا
ومنه قوله جل جلاله: {آلله خيرٌ أما يشركون}، {آلذكرين حرم أم الأنثيين}، {آلآن وقد عصيت قبل}، وإنما أتوا بمدة هنا ولم يأتوا بها في الداخلة على "ألف الوصل"؛ لأن "ألف لام التعريف" مفتوحة و"ألف الاستفهام" مفتوحة أيضًا فلو لم يبدلوا منها مدة في الاستفهام لالتبس الاستفهام بالخبر ولم يحتاجوا أن يبدلوا منها مدة في الاستفهام لالتبس الاستفهام بالخبر ولم يحتاجوا أن يبدلوا من "همزة الوصل" مدة لأن أصلها الكسر فلما دخلت عليها "همزة الاستفهام" اكتفى بفتحها فارقًا ولم يحتج إلى فرق آخر.
وأما إذا دخلت على "ألف القطع" فلا تخلو "ألف القطع" إمَّا أن تكون مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة.
فإن كانت مفتوحة: نظرت فإن كانت مفتوحة ولا "ألف" بعدها ففيها ثلاث لغات: منهم يهمزها "همزتين مقصورتين"، ومنهم من يدخل "ألفًا" بين "الهمزتين" استثقالًا للجمع بينهما، ومنهم يهمز "همزة" واحدة مطولة وتقدير ذلك: أن تدخل بين "الهمزتين" "ألفًا" فتصير "الهمزة" الأولى مع "الألف" "همزة" بمد تلين "الهمزة" الثانية وتترك نبرتها وتشم حركتها بلا نبرة ومنه قوله تعالى: {آنذرتهم}، {آسلمتم}، {آرباب متفرقون} ونحوه وقد قرئ على هذه الوجوه كلها.
قال الأعشى:
أأن رأت رجلًا أعشى أضربه.... ريب المنون ودهر متبلٌ خبل
وقال ذو الرمة:
فيا ظبية الوعساء بين جلاجل .... وبين النقا آأنت أم أم سالم
وقال مزرد أخو الشماخ:
تضاللت فاستشرفته فعرفته .... فقلت له آأنت زيد الأراقم
فإن كان بعد "همزة القطع" ألف همزت "همزة" واحدة مطولة ولم تدخل بين "الهمزتين" "ألفًا" ولم تشم الفتحة وذلك كقولك: آمن بفلان؟ وآثرت فلانًا؟ ومنه قوله سبحانه: {قال فرعون آمنتم به} {وقالوا آلهتها خيرٌ أم هو} والفرق بين هذا وبين ما قبله أن "ألف القطع" في آمن ونحوه "ألف" أبدلت من "فاء" الفعل فلو أدخلوا بين "ألف الاستفهام" وبين "ألف" افعل "ألفًا" كما فعلوا في آنذرتهم ونحوه لاجتمع أربع "ألفات"، وذلك خروج عن كلام العرب.
وإن كانت مضمومة: ففيها أربع لغات: منهم من يهمزها جميعًا مقصورتين كقولك أأكرمك، أأعطيك؟
ومنهم من يدخل "ألفًا" فيقول: آأكرمك بهمزتين.
ومنهم من يبدل "ألف القطع" "واوًا" مع قصر "الهمزة" ومع مدها أي بترك نبرها وتليينها وبشمها حركة الضمة كما تقدم، ومنه قوله تعالى: {قل أؤنبئكم بخيرٍ من ذلكم}،{أألقي الذكر عليه من بيننا}،{أأنزل عليه الذكر}، وقد قرئ بالوجوه كلها.

وإن كانت مكسورة: ففيها أربع لغات أيضًا:
منهم من يهمزها جميعًا "همزتين" مقصورتين كقولك: أإنك ذاهب.
ومنهم من يقول: آإنك بهمزتين ومدة بينهما، ومنهم من يقلب "ألف القطع" "ياء" مكسورة بترك نبرتها وتليينها وبشمها مع قصر "الهمزة" ومدها، ومنه قوله تعالى: {أءذا متنا} {أءنا لمبعوثون} وقد قرئ ذلك بالوجوه كلها.
وأنشد أبو زيد:
حزق إذا ما القوم أبدوا فكاهة .... تفكر آإياه يعنون أم قردا
وهذا ما قدر الله سبحانه من تيسير هذه المقدمة النافعة.
وأما المعاني المتعلقة
"بالهمزة" فأقول:
"الهمزة" موضوعة لمعنيين:
أحدهما: نداء القريب دون البعيد، كقول الشاعر:
أفاطم مهلًا بعض هذا التدلل .... وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
وقد يزاد فيها مدة فتكون لنداء البعيد كقولك آزيد.
الوجه الثاني: الاستفهام الحقيقي وهي أصل أدوات الاستفهام ولذلك يستفهم بها عن التصور الذي هو طلب معرفة ماهية المسئول عنه نحو: أقائم زيد أم عمرو؟ ويستفهم بها عن التصديق الذي هو حكم على الماهية نحو: أزيد قائم؟ وليس ذلك لغيرها من الأدوات، فهل مختصة بالتصديق نحو: "هل" قام زيد؟ وبقية الأدوات مختصة بطلب التصور نحو: "من" جاءك؟ و"ما" صنعت؟ و"كم" مالك؟ و"أين" بيتك؟ و"متى" سفرك؟ ولأجل هذه الأصالة جاز حذفها مع بقاء معناها إذا دل عليها الخطاب، قال الشاعر:
لعمرك ما أدري وإن كنت داريًا .... بسبعٍ رمين الجمر أم بثمان
وقال آخر:
تروح إلي الحي أم تبتكر..... وماذا يضرك أن تنتظر
وعليه قراءة ابن محيصن: [سواءٌ عليهم أنذرتهم أم لم تنذرهم] بحذف "الهمزة" لأن "أم" تدل على "الهمزة"، وأما إذا لم يدل الخطاب فلا يجوز حذفها وقد أنكر على عمر بن أبي ربيعة قوله:
= ثم قالوا تحبها قلت: بهرًا =
فإن قيل: قد حذفها امرؤ القيس في قوله:
= أصاح ترى برقًا أريك وميضه =
فالجواب أن "ألف النداء" دلت على "همزة الاستفهام".
وقد ترد مع ذلك لمعان أخر بحسب مناسبة المقام،
أحدها: التسوية، وذلك في كل "همزة" يصح حلول المصدر محلها كقوله تعالى: {سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم} {سواءٌ عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم}،وكقول الشاعر:
ما أبالي أنب بالحزن تيسٌ .... أم لحاني بظهر غيبٍ لئيم
الثاني: الإنكار والتكذيب، كقوله تعالى: {أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثًا}، وقوله تعالى: {فاستفهم ألربك البنات ولهم البنون}، وكقول امرئ القيس:
أيقتلني والمشرفي مضاجعي ..... ومسنونةٌ زرقٌ كأنياب أغوال
وجعل منه ابن هشام رحمه الله تعالى: {أليس الله بكافٍ عبده}، وقول الشاعر:
ألستم خير من ركب المطايا ..... وأندى العالمين بطون راح
ومثل قوله تعالى: {ألست بربكم}، وهذا غفلة منه وسهو، فإن معنى "الهمزة" في ذلك التقرير إذ المخاطب بالمدح لا ينكر ذلك في نفسه ولم يتقدم ما يقتضي النفي لفضلهم حتى ينكره الشاعر ويبطله وإنما أراد التقرير وحملهم على الإقرار بما قاله لهم، وكذا لا منكر لربوبية الله سبحانه ولا نافي لها حينئذٍ، ولهذا كان جوابهم: بلى، وإنما أراد حملهم على الإقرار بربوبيته جل جلاله، نعم يحتمل قوله تعالى: {أليس الله بكافٍ عبده} الإنكار عليهم فكأنهم لما خوفوه بغير الله جل جلاله أنكر عليهم فعلهم ونفاه وأبطله ولكنه في التقرير أظهر منه في الإنكار والتكذيب.
الثالث: اللوم والتوبيخ، كقول الله سبحانه: {أتعبدون ما تنحتون}، وقوله تعالى: {أتأتون الذكران من العالمين}، وكقول العجاج:
أطربًا وأنت قنسري .... والدهر بالإنسان دواري
أي: وأنت شيخ.
الرابع: التقرير، ومعناه حملك المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر عنده ثبوته أو نفيه كقول الله سبحانه: {ألست بربكم} وقوله تعالى: {أليس ذلك بقادرٍ على أن يحيي الموتى}، وقوله تعالى: {أليس الله بأحكم الحاكمين}.
الخامس: التهكم، نحو: {أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا}.
السادس: الأمر، كقوله تعالى: {وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم}، أي: أسلموا، ذكره بعضهم.
السابع: التعجب، نحو قوله تعالى: {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل}.
الثامن: الاستبطاء، كقوله تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق}.
ووقع لي معنى تاسع ولم أره لأحد وهو الامتنان، كقوله تعالى: {ألم نشرح لك صدرك} ). [مصابيح المغاني: 65 - 76]


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 03:52 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن محمد بن إسماعيل الكردي البيتوشي (ت: 1211هـ): (
والألف اجعل علمًا لاثنين .... واكفف بها وفصل همزتين
مُذ انثنيت عن حمى أهل الوفا .... ألفيتا عيناي من عند القفا
بينا أُناغي قمرًا أهواه .... أتيح واشٍ بيننا لواهُ
يا ظبية الوعساء في جلاجل..... آأنت أم من هيجت بلابلي
وعد بعضٌ ألف التذكار ....كعده لألف الإنكار
وعُدَّ منها ألفُ التعجب ..... فيما رأينا من صحاح الكُتب
يا عجبا لهذه الفليقة ..... تُخمدُ ناري من لهاه ريقه).
[كفاية المعاني: 254 - 255]


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 03:53 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


شرح أحمد بن فارس الشدياق (ت: 1305هـ)

(حرف "الألف")
قال أحمد بن فارس الشدياق (ت: 1305هـ): ( (الجزء الثالث)
(في تفصيل العوامل من الحروف وغيرها مرتبة على حروف المعجم)
(حرف "الألف")
والمراد به هنا: الحرف الهاوي وفي بعض النسخ الهوائي، وهو ما يمتنع الابتداء به لكونه لا يقبل الحركة، وابن جني يرى أن هذا الحرف اسمه "لا"، وأنه الحرف الذي يذكر قبل "الياء" عند عد الحروف، وأنه لما لم يكن أن يلفظ به في أول اسمه كما فعل في أخواته؛ إذ قيل "صاد" "جيم" توصل إليه "باللام" كما توصل إلى التلفظ "بلام التعريف" "بالألف" حين قيل في الابتداء: الغلام، وأن قول المعلمين "لام ألف" خطأ، وقد ذكر "للألف" تسعة أوجه:
احدها: أن تكون ضمير الاثنين نحو: قاما، وقال المازني: هي حرف والضمير مستتر.
الثاني: أن تكون علامة الاثنين، كقوله:
ورمى وما رمتا يداه فصابني .... سهم يعذب والسهام تريح
الثالث: الكافة، نحو:
فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا .... إذا نحن فيهم سوقة نتنصف
وقيل: للإشباع.
الرابع: أن تكون فاصلة بين "الهمزتين"، نحو: {أأنذرتهم}، ودخولها جائز لا واجب.
الخامس: أن تكون فاصلة بين "نون النسوة" و"نون التوكيد"، نحو: اضربنان، وهذه واجبة.
السادس: أن تكون لمد الصوت بالمنادى المستغاث أو المتعجب منه أو المندوب، نحو: يا يزيدا لآمل نيل عز، ونحو: يا عجبا لهذه الفليقة، أي: الداهية، وقوله: وقمت فيه بأمر الله يا عمرا.
السابع: أن تكون بدلًا من "نون ساكنة" وهي: إما تنوين التوكيد نحو: ولا تعبد الشيطان والله فاعبد، أو تنوين المنصوب نحو: رأيت زيدًا في لغة غير ربيعة، ولا يعد منها "الألف المبدلة" من "نون" إذن، ولا "ألف التأنيث"
"كألف" حبلى، ولا "ألف الإطلاق" كقوله: من طلل كالا تحمى أنهجما، ولا "ألف الإشباع" كقوله: أعوذ بالله من العقراب، ولا "ألف أنا" عند البصرييين، ولا "ألف التصغير" نحو ذيا.
أما "الهمزة": فتكون حرفا ينادي به القريب كقوله:
أفاطم مهلًا بعض هذا التدلل .... وإن كنت قد أزمعت هجري فاجملي
وقيل: إنها تكون للمتوسط وتكون للاستفهام، وحقيقته طلب الفهم نحو: أزيد قائم، إذا استفهمت عن تعيين المبتدأ، وإن شئت أزيد أم عمرو قائم، وإذا استفهمت عن تعيين الخبر قلت: أقائم زيد أم قاعد، وإن شئت أقائم أم قاعد زيد.
وقد تدخل على "الفاء" نحو: {أفمن كان على بينة من ربه} وعلى
"الواو" نحو: {أولما أصابتكم مصيبة}، {أو لم يسيروا في الأرض}، وعلى "ثم" نحو: {أثم إذا ما وقع آمنتم به}، ويجب هنا تقديمها على العاطف وأخواتها تتأخر عنه نحو: {وكيف تكفرون}، {فأين تذهبون}، {فأنى تؤفكون}، {فهل يهلك إلا القوم الفاسقون}، {فأي الفريقين}، {فما لكم في المنافقين فئتين} وقد تخرج عن الاستفهام الحقيقي فترد لمعان:
أحدها: التسوية ما أبالي أقمت أم قعدت.
والثاني: الإنكار الإبطالي نحو: {أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثًا}
والثالث: الإنكار التوبيخي نحو: {أتعبدون ما تنحتون}.
والرابع: التقرير، ومعناه: حملك المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر ثبوته عنده أو نفيه، ويجب أن يليها الشيء الذي تقرره به، تقول في التقرير بالفعل: أضربت زيدًا، وبالفاعل: أنت ضربت زيدًا وبالمفعول أزيدًا ضربت، كما يجب ذلك في المستفهم عنه.
والخامس: التهكم نحو: {أصلوتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا}.
والسادس: التعجب نحو: {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل}.
والسابع: التحقيق نحو: {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى}، ويجوز حذفها سواء تقدمت على أم أم لم تتقدم فالأول كقول عمر بن أبي ربيعة:
فوالله ما أدري وإن كنت داريا .....بسبع رمين الجمر أم بثمان
أراد أبسبع، ومثال الثاني كقول الكميت:
طربت وما شوقا إلى البيض أطرب ..... وما لعب مني وذو الشيب يلعب
أراد: أو ذو الشيب يلعب، وقال المتنبي:
أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا ..... والبين جار على ضعفي وما عدلا
والأصل: أأحيا، و"الواو" للحال، والأخفش يقيس ذلك في الاختيار عند أمن اللبس، وقرأ ابن محيصن: (سواء عليهم أنذرتهم أم لم تنذرهم)، وستأتي له قراءة ثانية عند ذكر "أم"، وقد يحذف معادلها كقول ابن ذؤيب الهذلي:
دعاني إليها القلب إني لأمره ..... سميع فما أدري أرشد طلابها
تقديره: "أم" غي ولك أن تقول: لا حاجة إلى تقدير المعادل لصحة قولك: لا أدري هل رشد طلابها.
"آ": بالمد حرف لنداء البعيد وهو مسموع لم يذكره سيبويه وذكره غيره.
"الأبد": الدهر، تقول: لا آتيه أبد الأبد، وأبد الآبدين كارضين، وأبد الآبدين، وأبد الأبدية، وأبد الآباد، وأبد الأبيد، وأبد الدهر، ولا يختص بالنفي، ومنه: المؤمنون في الجنة أبدًا.
"الأجل": بفتح "الهمزة" وسكون "الجيم" ، مصدر أجل شرا إذا جناه، استعمل أولًا في تعليل الجنايات ثم اتسع فيه فاستعمل في كل تعليل، تقول: فعلته من أجلك، ومن أجلاك، ومن إجلالك بفتح "الهمزة" فيهن وقد تكسر ومن جللك، كما تقول: فعلته من جزاك، ومن جزائك ويخففان ومن جريرتك، وأصل معنى جز مثل أجل.
"أجل": بسكون "اللام" حرف جواب مثل:
"نعم"، فتكون تصديقًا للخبر وإعلامًا للمستخبر ووعدًا للطالب، فتقع بعد نحو: قام زيد، وأقام زيد، واضرب زيدًا، وقيل: إنها لا تجيئ بعد الاستفهام، وعن الأخفش: هي بعد الخبر أحسن من "نعم"، و"نعم" بعد الاستفهام أحسن منها، وقيل: إنها تختص بالخبر، وهو قول الزمخشري وابن مالك وجماعة.
"أحد": في مفردات الراغب المستعمل في أحد الإثبات على ثلاثة أوجه:
الأول: في المضموم إلى العشرات نحو: أحد عشر وأحد وعشرين.
والثاني: أن يستعمل مضافًا أو مضافًا إليه، كقوله تعالى: {أما أحدكما فيسقي ربه خمرًا}.
والثالث: أن يستعمل وصفًا، وليس ذلك إلا في وصف الباري تعالى نحو: {قل هو الله أحد}، وأصله: وحد، وفي الكليات: لا يقع أحد في الإثبات إلا مع كل، وقد يراد به جمع من الجنس الذي يدل عليه الكلام، فمعنى {لا نفرق بين أحد من رسله} أي: بين جمع من الرسل.
"إذن": قال الجمهور: هي حرف والأصل في إذن أكرمك إذا جئتني، أكرمك من غير تنوين، ثم حذفت الجملة وعوض التنوين عنها وأضمرت، أن قال سيبويه: معناها الجواب والجزاء، فقال الشلوبين في كل موضع، وقال الفارسي: في الأكثر، وقد تتمحض للجواب من دون جزاء؛ بدليل أنه يقال: أحبك، فتقول: إذن أظنك صادقًا؛ إذ لا مجازاة هنا، اهـ.
وأحكامها مرت في نواصب الفعل المضارع بما يغني عن المزيد.
"إذ": على أربعة أوجه.
أحدها: أن تكون اسمًا للزمن الماضي، ولها أربعة استعمالات:
الأول: أن تكون ظرفًا، وهو الغالب نحو: {فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا}.
والثاني: أن تكون مفعولًا به، نحو: {واذكروا إذ كنتم قليلًا فكثركم}.
والثالث: أن تكون بدلًا من المفعول نحو: {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها}، فإذ بدل اشتمال من مريم على حد البدل في {يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه}.
والرابع: أن يكون مضافًا إليها اسم زمان صالح للاستغناء عنه، نحو: يومئذٍ، وحينئذٍ، تقول: أكرمتني فأثنيت عليك يومئذٍ، فاليوم صالح للاستغناء عنه لجواز أن تقول: فأثنيت عليك إذ أكرمتني، والمعنى واحد.
وفي مثل قوله تعالى: {فانشقت السماء فهي يومئذٍ واهية}، الأصل: فهي يوم إذ انشقت واهية، أو غير صالحة نحو: {بعد إذ هديتنا}.
والوجه الثاني: أن تكون للزمن المستقبل، نحو: {يومئذٍ تحدث أخبارها}.
والثالث: أن تكون للتعليل، كقولك: ضربته إذ ساء.
والرابع: أن تكون للمفاجأة، وهي الواقعة بعد
"بين" أو "بينما"، كقوله: "فبينما" العسر إذ دارت مياسير.
وهل هذه ظرف زمان أو مكان أو حرف بمعنى المفاجأة، أو حرف مؤكد، أي: زائد أقوال، وتقدير: بينما أنا قائم إذ جاء عمرو بن أوقات قيامي، ويلزم إذ الإضافة إلى جملة اسمية نحو: {واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض}، أو فعلية فعلها ماض لفظًا ومعنى نحو: {وإذ قال ربك للملائكة}، أو فعلية فعلها مضارع لفظًا نحو: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت}. وقد يحذف أحد شطري الجملة فيظن من لا خبرة له أنها أضيفت إلى المفرد كقوله:
هل ترجعن ليال قد مضين لنا ..... والعيش منقلب إذ ذاك أفنانا
والتقدير: إذ ذاك كذلك.
"إذ ما": تقدم ذكرها في عوامل الجزم.
"إذا": على وجهين:
أحدهما: أن تكون للمفاجأة فتختص بالجمل الاسمية ولا تحتاج إلى جواب لعدم تضمنها الشرط، ولا تقع في الابتداء نحو: خرجت فإذا الأسد بالباب، ومنه: {فإذا هي حية تسعى}، وهي حرف عند الأخفش، وظرف مكان عند المبرد، وظرف زمان عند الزجاج، ولم يقع الخبر بها في التنزيل إلا مصرحًا به نحو: {فإذا هي حية}، {فإذا هم خامدون}، {فإذا هي بيضاء}، {فإذا هم بالساهرة}. وإذا قيل: خرجت فإذا الأسد، صح كونها عند المبرد خبرًا أي: فبالحضرة أسد، وصح أيضًا كون الخبر محذوفًا تقديره حاضر.
وتقول: خرجت فإذا زيد جالس أو جالسًا، فالرفع على الخبرية والنصب على الحالية.
والثاني: أن تكون ظرفًا للمستقبل مضمنة معنى الشرط، وتختص بالدخول على الجملة الفعلية عكس الفجائية، وقد اجتمعا في قوله تعالى: {ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنت تخرجون}، وقوله: {فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون}، ويكون الفعل بعدها ماضيًا كثيرًا ومضارعًا دون ذلك، وقد اجتمعا في قول ابن ذؤيب:
والنفس راغبة إذا رغبتها .... وإذا ترد إلى قليل نقنع
وإنما دخلت الشرطية على الاسم في نحو: {إذا السماء انشقت}؛ لأنه فاعل بفعل محذوف على شريطة التفسير؛ إذ الأصل: إذا انشقت السماء، فحذف الفعل الرافع للفعل المدلول عليه بالمفسر الواقع بعده خلافًا للأخفش، حيث قال: إنه مبتدأ وظاهره أن الأخفش يقول بتعيين دخولها على المبتدأ، وليس كذلك بل هو مجوز له بشرط أن يقع بعده فعل، كما أجاز دخولها على الفعل، وأما من يقول بدخولها على الفعل فيقول بتعيين ذلك.
قيل: وقد تخرج إذا عن كل من الظرفية والاستقبال ومعنى الشرط، فمثال خروجها عن الظرفية قوله تعالى: {حتى إذا جاءوها} زعم أبو الحسن أن إذا في محل جر بحتى، وزعم ابن مالك أنها وقعت مفعولًا في قوله عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها: «إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى»، والجمهور على أن
"إذا" لا تخرج عن الظرفية، وإن "حتى" في نحو: {حتى إذا جاءوها} حرف ابتداء داخل على الجملة بأسرها، ولا عمل له.
ومثال خروجها عن الاستقبال ومجيئها للماضي كما جاءت إذ للمستقبل قوله تعالى: {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا}، {وإذا رأوا تجارة أو لهوًا انفضوا إليها}.
ومثال مجيئها للحال وذلك بعد القسم نحو: {والليل إذا يغشى}، {والنجم إذا هوى}، ومثال خروجها عن الشرطية قوله تعالى: {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون}، فإذا فيها ظرف لخبر المبتدأ بعدها، ولو كانت شرطية والجملة الاسمية جوابًا لاقترنت "بالفاء" مثل: {وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير}، ولا تعمل إذا الجزم إلا في الضرورة كقوله:
استغن ما أغناك ربك بالغنى .....وإذا تصبك خصاصة فتحمل
ولها استعمال آخر سيذكر في أي التفسيرية.
"أف": كلمة تضجر وفيها أربعون لغة، وأفف تأفيفًا وتأفف، قالها كما في القاموس.
"ال": حرف تعريف وهي نوعان: عهدية وجنسية.
فالعهدية إما أن يكون مصحوبًا معهودًا ذكريًا نحو: {كما أرسلنا فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول}، ونحو: اشتريت فرسًا ثم بعت الفرس، وعلامة هذه أن يسد الضمير مسدها مع مصحوبها، أو معهودًا ذهنيًا نحو: {إذ هما في الغار}، ونحو: {إذ يبايعونك تحت الشجرة}. أو معهودًا حضوريًا نحو: جاءني هذا الرجل.
والجنسية إما لاستغراق الأفراد وهي التي تخلفها كل مجازًا نحو: زيد الرجل علما، أي: الكامل في هذه الصفة.
أو لتعريف الماهية نحو: {وجعلنا من الماء كل شيء حي}، وقولك: لا أتزوج النساء، أو لا ألبس الثياب وبعضهم يقول في هذه: إنها لتعريف العهد. قال ابن مالك: ويلحق بالعهد ما يسميه المتكلمون تعريف الماهية، كقول القائل: اشتر اللحم، فإن قائل هذا لما كان يخاطب من هو معتاد لقضاء حاجته صار ما يبعثه لأجله معهودًا بالعلم فهو كالمذكور المشاهد.
وقد تكون زائدة وهي نوعان: لازمة، وغير لازمة، فاللازمة كالتي في الأسماء الموصولة وكالواقعة في الإعلام: كالنضر، والنعمان، واللات، والعزى.
وغير اللازمة الداخلة على علم منقول من مجرد صالح لها ملموح أصله: كحارث، وعباس، وضحاك، تقول فيها: الحارث، والعباس، والضحاك، ويتوقف هذا النوع على السماع، ألا ترى أنه لا يقال ذلك في مثل محمد، وأحمد ومعروف.
وأجاز الكوفيون وبعض البصريين وكثير من المتأخرين نيابة ال عن الضمير، وخرجوا عن ذلك، {فإن الجنة هي المأوى}، ونحو: ضرب زيد الظهر والبطن، والمانعون يقدرون: هي المأوى له، والظهر والبطن منه.
وقد تأتي بمعنى
"هل"، وذلك في حكاية قطرب "ال" فعلت بمعنى: "هل" فعلت؟ وذلك من إبدال الخفيف بالثقيل كما في "ال" عند سيبويه.
"ألا": بفتح
"الهمزة" والتخفيف على خمسة أوجه:
أحدها: أن تكون للتنبيه فتدل على تحقق ما بعدها، وتدخل على الجملتين نحو: {ألا إنهم هم السفهاء}، {ألا يوم يأتيهم ليس مصروفًا عنهم}، ويقول المعربون: فيها حرف استفتاح فيبينون مكانها ويهملون معناها وإفادتها التحقيق من جهة تركبها من "الهمزة" و"لا" و"همزة الاستفهام" إذا دخلت على النفي أفادت التحقيق كما مر في قوله تعالى: {أليس ذلك بقادر} الآية، ويتعين كسر "أن" بعد "ألا"، ويجوز الفتح والكسر بعد "إما".
والثاني: التوبيخ والإنكار، كقوله:
ألا طعان إلا فرسان عادية ..... ألا تجشؤكم خول التنانير
وقوله:
ألا رعواء لمن ولت شبيبته ..... وأذنت بمشيب بعده هرم
والثالث: التمني، كقوله:
إلا عمر ولى مستطاع رجوعه ..... فيرأب ما أثأت يد الغفلات
نصب يرأب؛ لأنه جواب تمن مقرون "بالفاء"، ومعنى يرأب: يصلح، وأثأت أي: أفسدت.
والرابع: الاستفهام عن النفي، كقوله.
ألا اصطبار لسلمى أم لها جلد ..... إذا أتلاقي الذي لاقاه أمثالي
وهذه الأقسام الثلاثة مختصة بالدخول على الجملة الاسمية، وتعمل عملا "لا التبرئة"، ولكن تختص التي لتمني بأنها لا خبر لها فيكون قول مستطاع رجوعه مبتدأ وخبرًا على التقديم والتأخير.
والخامس: العرض والتحضيض، ومعناهما طلب الشيء لكن العرض طلب بلين والتحضيض طلب بحث وتختص إلا هذه بالجملة الفعلية نحو: {ألا تحبون أن يغفر الله لكم}، {ألا تقاتلون قومًا نكثوا أيمانهم}، ومنه عند الخليل.
ألا رجلًا جزاه الله خيرا .... يدل على محصلة تبيت
والتقدير عنده: "ألا" تروني رجلًا هذه صفته، فحذف الفعل لدلالة المعنى عليه، والمحصلة المرأة التي تحصل المعدن أي: تخلصه من التراب، وتبيت من بات الناقصة، وقال يونس: "ألا" هنا للتمني، و"نون" الاسم للضرورة.
"ألا": بفتح "الهمزة" وتشديد "اللام" حرف تحضيض مختص بالجملة الفعلية الخبرية كسائر أدوات التحضيض وهي تشمل المضارع نحو: "ألا" تصلي، أي: صل ولابد، والماضي نحو: "ألا" صليت، فهي حينئذٍ للتوبيخ، وليس من "ألا" هذه التي في قوله تعالى: {ألا تعلو على} بل هذه كلمتان "إن" الناصبة و"لا" النافية، ويحتمل أن تكون "أن" المفسرة و"لا" الناهية.
"إلا": بالكسر والتشديد على أربعة أوجه:
أحدها: الاستثناء نحو: {فشربوا منه إلا قليلًا}، ونحو: {ما فعلوه إلا قليل منهم}، وارتفاع ما بعدها في هذه الآية على أنه بدل بعض من كل عند البصريين وعند الكوفيين على أنه معطوف على المستثنى، و
"إلا" حرف عطف.
الثاني: أن تكون بمنزلة
"غير"، نحو: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}، فلا يجوز في إلا هذه أن تكون للاستثناء من جهة المعنى؛ إذ التقدير حينئذٍ: لو كان فيهما آلهة ليس فيهم الله لفسدتا، وذلك يقتضي أنه لو كان فيهما آلهة فيهم الله لم تفسدا، وليس ذلك مرادًا، وزعم المبرد أن "إلا" في الآية للاستثناء، وأن ما بعدها بدل، وتفارق إلا هذه غير من وجهين:
أحدهما: أنه لا يجوز حذف موصوفها، فلا يقال: جاءني
"إلا" زيد، ويقال: جاءني "غير" زيد.
والثاني: أنه لا يوصف بها في مثل قولك: عندي درهم
"إلا" جيد، ويجوز درهم "غير" جيد.
الوجه الثالث: أن تكون عاطفة بمنزلة "الواو" في التشريك في اللفظ والمعنى ذكره الأخفش والفراء وأبو عبيدة، وجعلوا منه: {لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم}، وقوله أيضًا عز وجل: {لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم}، أي: ولا الذين ظلموا ولا من ظلم، وتأولها الجمهور على الاستثناء المنقطع.
الرابع: أن تكون زائدة، وحمل عليه ابن مالك: أرى الدهر
"إلا" مجنونًا بأهله.
والمحفوظ: وما الدهر، قلت: ذكر أبو البقاء: أن "إلا" تكون استدراكية في مثل قولك: هذا الكتاب وإن صغر حجمه "إلا" أن فوائده كثيرة.
وليس من أقسام "إلا" التي في نحو: {إلا تنصروه فقد نصره الله}، وإنما هذه كلمتان: "إن الشرطية" و"لا النافية"، ومن العجب أن ابن مالك على إمامته ذكرها في شرح التسهيل من أقسام "إلا"، هذه عبارة ابن هشام بحروفها، ورد عليه الدسوقي ما ذكره، قال: فإن ابن مالك لم يقل ذلك.
ثم أني لم أظفر في هذا الموضع من المغني بشرح لقولهم: سألتك بالله "إلا" فعلت، والتقدير: سألتك بالله لا تفعل شيئًا "إلا" فعلك كذا، أو ما أسألك "إلا" فعلك كذا، وما أسألك "إلا" فعلك كذا، ويقال أيضًا: سألتك بالله "إلا"
"ما" فعلت، فتكون "ما" مصدرية، وسيأتي نظيره في "لما".
"الآن": اسم للوقت الذي أنت فيه، وهو ظرف غير متمكن وقع معرفة، ولم تدخل عليه "الألف" و"اللام" للتعريف؛ لأنه ليس له ما يشركه، وربما فتحوا منه "اللام" وحذفوا "الهمزتين"، وأنشد الأخفش:
وقد كنت تخفي حب سمراء حقبة ..... فبح لأن منها بالذي أنت بائح
وآن لك أن تفعل حان:
"ألون": بضم "الهمزة" و"اللام"، قال في القاموس قبل مادة "أم" "ل" "ألون" بالضم بمعنى ذوو، ولا يفرد له واحد، ولا يكون إلا مضافًا نحو: أولو الأمر، كأن واحده "ال" مخففة، ألا ترى أنه في الرفع "واو" وفي النصب والجر "ياء".
وقال في باب الحروف "الو" جمع "لا" واحد له من لفظه، وقيل: اسم جمع واحده ذو والات للإناث، وتدخله
"هاء" التنبيه نحو: هؤلاء، و"كاف" الخطاب نحو: أولئك وأولالك والاك بالتشديد لغة، وقال الجوهري: وأما "أولو" فجمع لا واحد له من لفظه واحده ذو والات للإناث، واحدتها ذات، تقول: أولو الألباب، وأولات الأحمال، إلى أن قال: قال الكسائي: من قال: أولئك، فواحده ذلك، ومن قال: أولاك، فواحده ذاك، وأولالك مثل أولئك.
"إلى": حرف جر له ستة معان:
أحدها: انتهاء الغاية، والمراد أنها تدل على بلوغ آخر الشيء المتلبس به الفعل، وليس المراد بالانتهاء الآخر، وإلا لأفاد أنها تدل على آخر الآخر، ولا معنى له، وقد تكون الغاية زمانية نحو: {أتموا الصيام إلى الليل}، أو مكانية نحو: {من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}، والأكثر أن لا يدخل ما بعدها فيما قبلها.
والثاني: المعية، وذلك إذا ضممت شيئًا "إلى" شيء، وبه قال الكوفيون وجماعة من البصريين في: {من أنصاري إلى الله}، وقولهم: الذود "إلى" الذود، بل والمعنى: إذا جمع القليل "إلى" مثله صار كثيرًا، ولا يجوز "إلى" زيد مال، تريد: مع زيد مال.
والثالث: مرادفة "اللام" نحو: {الأمر إليك}، وقيل: لانتهاء الغاية، أي: منته إليك، ويقولون: أحمد الله إليك سبحانه، أي: أنهي حمده إليك.
والرابع: موافقة في قال ابن مالك، ويمكن أن يكون منه: {ليجمعنكم إلى يوم القيامة}، وقال ابن عصفور: ولو صح مجيء "إلى" بمعنى في لجاز زيد إلى الكوفة.
والخامس: موافقة
"من"، كقوله: فلا يروى "إلى" ابن احمرا، أي: "مني".
والسادس: موافقة
"عند"، كقوله: أشهى غلي من الرحيق السلسل.
"أم": تأتي على أربعة أوجه:
أحدها: أن تكون متصلة وهي إما أن يتقدم عليها "همزة التسوية" نحو: {سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم}، ونحو: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا}، والجمهور على أنها عاطفة، وقال أبو عبيدة: هي بمعنى "الهمزة"، فإذا قلت: أقام زيد "أم" عمرو، فالمعنى: أعمرو قام.
وزعم ابن كيسان أن أصل "أم": "أو"، وقلبت "الواو" "ميمًا"، ورده أبو حيان بأنها دعوى بلا دليل.
وأما أن يتقدم عليها "همزة" يطلب بها، و"بأم التعيين" نحو: أزيد في الدار "أم" عمرو، وإنما سميت في النوعين متصلة؛ لأن ما قبلها وما بعدها لا يُستغنى بأحدهما عن الآخر، وتسمى أيضًا معادلة لمعادلتها "الهمزة" في إفادة التسوية.
ثم إن "أم" الواقعة بعد "همزة التسوية" لا تستحق جوابًا؛ لأن المعنى معها ليس على الاستفهام، وليست "أم" المعادلة "لهمزة الاستفهام" كذلك؛ لأن الاستفهام معها على حقيقته، فإذا سألت بها لزم الجواب بالتعيين؛ لأنها سؤال عنه، فإذا قيل: زيد عندك "أم" عمرو، قيل في الجواب: زيد "أو" عمرو، ولا يقال: لا أو نعم.
وإذا كانت "الهمزة للتسوية" لم يجز العطف "بأو" قياسًا وإنما يعطف "بأم".
وقد أولع الفقهاء بأن يقولوا: سواء كذا أو كذا، وهو نظير قولهم: يجب أقل الأمرين من كذا وكذا، والصواب العطف في الأول "بأم"، وفي الثاني "بأو"، وفي الصحاح: سواء عَليَّ قمت "أو" قعدت، انتهى، ولم يذكر غير ذلك وهو سهو، وفي كامل الهذلي أن ابن محيصن قرأ: (أم لم تنذرهم) وهذا من الشذوذ بمان هذه عبارة المغني.
قال الشارح: اعلم ان السيرافي قال في شرح الكتاب (أي كتاب سيبويه): وسواء إذا دخلت بعدها "ألف الاستفهام" لزمت "أم" بعدها، كقولك: سواء عَليَّ أقمت "أم" قعدت، وإذا كان بعد سواء فعلان لغير استفهام عطف أحدهما على الآخر "بأو"، كقولك: سواء على قمت "أو" قعدت، انتهى كلامه، وهو نص صريح يقضي بصحة قول الفقهاء وغيرهم، سواء كان كذا "أو" كذا، وبصحة التركيب الواقع في الصحاح، وقراءة ابن محيصن فجميع ما ذكره لا شذوذ فيه في العربية، فإن قلت: سواء عَليَّ قمت "أو" قعدت فتقديره: إن قمت"أو" قعدت فهما عَليَّ سواء اهـ.
وإن كانت "الهمزة للاستفهام" جاز العطف "بأو" قياسًا كما مر في: أزيد عندك "أو" عمرو، وكان الجواب بلا أو نعم؛ لأنه إذا قيل لك: أزيد عندك "أو" عمرو فالمعنى أحدهما عندك "أم" لا، وإن أجبت بالتعيين صح أيضًا.
وسمع حذف "أم" المتصلة ومعطوفها كقول الهذلي:
دعاني إليها القلب إني لأمره .... سميع فما أدري أرشد طلابها
تقديره: "أم" غي كذا قالوا، ويجوز أن تجعل "الهمزة" لطلب التصديق "كهل"، فلا يقدر المعادل حينئذٍ، وكذلك سمع حذف "الهمزة" للضرورة كقوله: شعيب بن سهم "أم" شعيب بن منقر. والأصل: أشعيب.

الوجه الثاني من أوجه "أم" أن تكون منقطعة فتكون مسبوقة بالخبر المحض، نحو: {تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه}، ومسبوقة "بهمزة" لغير الاستفهام نحو: {ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيدٍ يبطشون بها} فإن "الهمزة" في ذلك للإنكار، فهي بمنزلة النفي.
ومسبوقة باستفهام بغير "الهمزة"، نحو: {هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور}، وإنما سميت منقطعة لانقطاع ما بعدها عما قبلها، فكل منهما كلام مستقل لا ارتباط لأحدهما بالآخر، معناها الإضراب، ولهذا دخلت على "هل" في قوله تعالى: {أم هل تستوي الظلمات والنور}؛ لأن الاستفهام لا يدخل على الاستفهام، وزعم أبو عبيدة أنها قد تأتي بمعنى الاستفهام المجرد، فقال في قول الأخطل.
كذبتك عينك أم رأيت بواسط .... غلس الظلام من الرباب خيالا
إن المعنى: "هل" رأيت، ونقل ابن السجري عن جميع البصرين أنها أبدًا بمعنى "بل" و"الهمزة" جميعًا، وأن الكوفيين خالفوهم في ذلك.

الوجه الثالث: أن تقع زائدة، ذكره أبو زيد وقال في قوله تعالى: {أفلا تبصرون}، {أم أنا خير}، أن التقدير: أفلا تبصرون أنا خير، وتظهر الزيادة في قول ساعدة بن جؤية:
يا ليت شعري ولا منجي من الهرم .... أم هل على العيش بعد الشيب من ندم

الوجه الرابع: أن تكون للتعريف، نقلت عن طي وعن حمير، وأنشدوا:
ذاك خليلي وذو يواصلني ..... يرمي ورائي بأمسهم وامسلمه
قوله: ذو، بمعنى: الذي، والسلمة: بفتح "السين" وكسر "اللام": واحدة السلام بكسر "السين" وهي الحجارة، وفي الحديث: «ليس من أمير أمصيام في سفر» كذا رواه النمر بن تولب رضي الله عنه، وقيل: إنّ هذه اللغة مختصة بالأسماء التي لا تدغم "لام التعريف" في أولها نحو: غلام، وكتاب، بخلاف ناس، ولباس، والحروف التي لا تدغم معها "لام التعريف" تسمى قرية، يجمعها ابغ حجك وخف عقيمه، وباقي الحروف شمسية.
"أما": بالفتح والتخفيف على وجهين:
أحدهما: أن تكون حرف استفتاح بمنزلة "ألا"، ويكثر بعدها القسم كقوله:
أما والذي أبكى وأضحك والذي .... أمات وأحيا والذي أمره الأمر
وقد تبدل "همزتها" "هاء" أو "عينًا" قبل القسم وتكسر أن بعدها كما تكسر بعد "إلا"، نحو: "أما" "أن" زيدًا قائم.
والثاني: أن تكون بمعنى حقًا، أو أحقًا، والمثال المذكور صالح لها، وهذه تفتح بعدها أن كما تفتح بعد حقا، وهي عند ابن خروف حرف، وقال بعضهم: اسم بمعنى حقا، وقال آخرون: هي كلمتان: "الهمزة للاستفهام"، وما اسم بمعنى شيء، وذلك الشي حق، وزاد المالقي لاما معنى ثالثًا، أما تقعد، وقد يدعي في ذلك أن "الهمزة للاستفهام التقريري" مثلها في "الم" و"الما" و"أن" "ما نافية"، وقد تحذف هذه "الهمزة" كقوله:
ما ترى الدهر فد أباد معدا .... وأباد السراة من عدنان
"أما": بالفتح والتشديد حرف شرط وتفصيل وتوكيد، وقد تبدل "ميمها" الأولى "ياء" استثقالًا للتضعيف كقول عمر بن أبي ربيعة:
رأت رجلًا أيما إذا الشمس عارضت .... فيضحي وأما بالعشي فيخصر
عارضت: أي صارت في وسط السماء، وضحى برز للضحاء وخصر برد، يعني: أنه لا ثياب له، أما أنها شرط فبدليل لزوم "الفاء" بعدها نحو: {فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون} الآية، فإذا قلت قد استغنى عنها في قوله:
فأما القتال لا قتال لديكم .....ولكن سيرا في عراض المناكب
قلت: هو ضرورة فإن قلت فقد حذفت في التنزيل أيضًا في قوله تعالى: {فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم}، قلت: الأصل فيقال لهم: أكفرتم، فحذف القول استغناء عنه بالمقول فتبعته "الفاء" في الحذف، ورب شيء يصح تبعًا ولا يصح استقلالًا.
وزعم بعض المتأخرين أن "فاء" جواب "أما" لا تحذف في غير الضرورة أصلًا، وأن في الجواب في الآية: {فذوقوا العذاب} والأصل: فيقال لهم فذوقوا العذاب.
وأما التفصيل فهو غالب أحوالها كما مر، ومن ذلك: {أما السفينة فكانت لمساكين}، {وأما الغلام}، {وأما الجدار} الآيات، وقد يترك تكرارها نحو: {فأما الذين آمنوا واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل}، أي: وأما الذين كفروا فلهم كذا وكذا.
وقد تأتي لغير تفصيل أصلًا كقولك: "أما" زيد فمنطلق. وأما التوكيد فقد نص عليه الزمخشري فإنه قال: فائدة "أما" في الكلام أن تعطيه فضل توكيد، تقول: زيد ذاهب، فإذا قصدت توكيد ذلك وأنه لا محالة ذاهب، وأنه بصدد الذهاب، وأنه منه عزيمة، قلت: و"أما" زيد فذاهب، ولذلك قال سيبويه في تفسيره: مهما يكن من شيء فزيد ذاهب.
وليس من أقسام "أما" التي في قوله تعالى: {أماذا كنتم تعملون}، ولا التي في قول الشاعر:
أبا خراشة أما أنت ذو نفر ..... فإن قومي لم تأكلهم الضبع
بل هي فيهما كلمتان، فالتي في الآية هي "أم المنقطعة" و"ما الاستفهامية"، فأدغمت "الميم" في "الميم" للتماثل والتي في البيت هي "أن المصدرية" و"ما المزيدة"، والأصل: لأن كنت، فحذف الجار وكان فانفصل الضمير وجيء بما عوضًا من كان، وأدغمت "الميم" في "النون" للتقارب.
"أما": بكسر "الهمزة" وتشديد "النون"، وقد تفتح "همزتها"، وقد تبدل "ميمها" الأولى "ياء" مع فتح "الهمزة" وكسرها وهي مركبة عند سيبويه من "أن" و"ما"، ولها خمسة معان:
أحدها: الشك، نحو: جاءني "إما" زيد و"إما" عمرو، وإذا لم تعلم من جاء منهما، وقال أبو عبيدة: أن "إما" الثانية في هذا المثال عاطفة عند أكثرهم، وزعم غيره أنه غير عاطفة كالأولى، ووافقهم ابن مالك لملازمتها "الواو" العاطفة غالبًا، ومن غير الغالب قوله:
يا ليتما أمنا شالت نعامتها .....أيما إلى جنة أيما إلى نار
وقوله: شالت نعامتها كناية عن الموت.
والثاني: الإبهام نحو: {وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم}.
والثالث: التخيير نحو: {إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنًا}، {إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى} وعلم من ذلك أنها تستعمل مع "أن المصدرية" وبدونها.
والرابع: الإباحة نحو: تعلم "إمَّا" فقهًا و"إمَّا" نحوًا، ونازع في إثبات هذا المعنى جماعة مع إثباتهم إياه "لأو".
والخامس: التفصيل نحو: {إنها هديناه السبيل إما شاكرًا وإما كفورًا} وانتصابهما على هذه الحال المقدرة من ضمير هديناه الثاني الواقع مفعولًا.
قال الشارح: وزاد أبو حيان معنى سادسًا وهو إيجاب أحد الشيئين في وقت دون آخر، كقولك للشجاع: إنما أنت "إما" طعن و"إما" ضرب، أي: تارة كذا وتارة كذا.
وقد يستغنى عن "إما" الثانية بذكر ما يغني عنها نحو: "إما" أن تتكلم بخير و"إلا" فاسكت، وكقول المثقب العبدي:
فإما أن تكون أخي بصدق .... فأعرف منك غثي من سميني
وإلا فاطرحني واتخذني .... عدوًا أتقيك وتتقيني
وقد يستغنى عن الأولى لفظًا كقوله:
تلم بدار قد تقادم عهدها .... وإما بأموات الم خيالها
"أي": "إما" بدار والفراء يقيسه فيجيز زيد يقوم و"إما" يقعد، كما يجوز "أو" يقعد.
(تنبيه): ليس من أقسام "إما" التي في قوله تعالى: {فإما ترين من البشر أحدًا}، بل هذه "إن الشرطية" و"ما الزائدة".
"أمس": تقدم ذكرها في المبني على الكسر.
"إن": "إن الشرطية" مر تفصيلها في الجوازم فراجعها هناك.
"أن": بفتح "الهمزة" وسكون "النون" على وجهين: اسم، وحرف، والاسم على وجهين:
أحدهما: ضمير المتكلم في قول بعضهم: "إن" فعلت، أي: أنا فعلت، والأكثر على فتح "النون"، وعلى الإتيان "بالألف" بعدها.
والثاني: ضمير المخاطب في قولك: "أنت"، و"أنت"، و"أنتما"، و"أنتم"، و"أنتن" على قول الجمهور أن الضمير هو "أن" و"التاء" حرف خطاب.
وذهب الفراء إلى أن "أنت" بكماله اسم و"التاء" من نفس الكلمة، والحرف على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون حرفًا مصدريًا ناصبًا للفعل المضارع، أحدهما في الابتداء فيكون في موضع رفع، نحو: {وأن تصوموا خيرٌ لكم}، {وأن تصبروا خيرٌ لكم{وأن تعفوا أقرب للتقوى}.
والثاني: أن يكون في موضع نصب نحو: {نخشى أن تصيبنا دائرة}.
والثالث: أن يكون في موضع خفض نحو: {أوذينا من قبل أن تأتينا}.
وذكر بعض الكوفيين وأبو عبيدة أن بعض العرب يجزم "بأن" وأنشدوا. تعالوا إلى "أن" يأتنا الصيد نحطب.
وقوله: أحاذر "أن" تعلم بها فتردها.
وقيل في هذا: إنه سكن للضرورة، وقد يرفع الفعل بعدها، كقراءة ابن محيصن: {لمن أراد أن يتم الرضاعة}، وقول الشاعر:
أن تقرآن على أسماء ويحكما .... مني السلام وأن لا تشعرا أحدا
وزعم الكوفيون أن "إن" هذه هي المخففة من الثقيلة، شذ اتصالها بالفعل، والصواب قول البصريين: إنها "إن الناصبة" أهملت حملًا على أختها "ما المصدرية"، وقد تكون مخففة من الثقيلة نحو: {أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولًا}، {علم أن سيكون}، {وحسبوا أن لا تكون} فيمن رفع تكون وقوله:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا .... أبشر بطول سلامة يا مربع
وشرط اسمها أن يكون ضميرًا محذوفًا وربما ثبت كقوله:
فلو أنك في يوم الرخاء سألتني .... طلاقك لم أبخل وأنت صديق
وهو مختص بالضرورة على الأصح.
وقد تكون مفسرة بمنزلة أي، نحو: {فأوحينا إليه أن اصنع الفلك}، ويشترط فيها أن تكون مسبوقة بجملة فيها معنى القول، ويدخل فيه الكتابة نحو: كتبت إليه أن أفعل، والنداء نحو: {ونودوا أن تلكم الجنة}، وقال الفخر الرازي: إن في قوله تعالى: {وأوحى ربك إلى النخل أن اتخذي من الجبال بيوتًا} مصدرية، فإن الوحي هنا إلهام باتفاق، وليس في الإلهام معنى القول، وهو رد على الزمخشري حيث زعم ذلك.
وقد يقال إن الإلهام في معنى القول؛ لأن المقصود من القول الإعلام، والإلهام يتضمنه، فإذا تقدمها حرف القول لم يجز أن تكون مفسرة فلا يقال: قلت له أن افعل.
وفي شرح الجمل لابن عصفور أنها قد تكون مفسرة بعد صريح القول، وذكر الزمخشري في قوله تعالى: {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله}، أنه يجوز أن تكون مفسرة للقول على تأويله بالأمر وهو حسن، وعلى هذا فيقال في هذا الضابط: أن لا يكون فيها حروف القول إلا والقول مؤول بغيره.
وإذا دخل عليها جار كانت مصدرية لا تفسيرية نحو: كتبت إليه "بأن" أفعل، وإذا ولى "أن التفسيرية" مضارع مقترن "بلا"، نحو: أشرت إليه "أن لا" يفعل جاز رفعه على تقدير "لا نافية"، وجزمه على تقديرها ناهية، وعليهما فإن مفسرة ونصبه على تقدير "لا نافية" لا عمل لها، و"إن مصدرية"، فإن فقدت لا امتنع الجزم، وجاز الرفع والنصب.
وقد تكون "إن" زائدة في أربعة مواضع:
أحدها: وهو الأكثر أن تقع بعد "لما الحينية" نحو: {ولما أن جاءت رسلنا لوطًا سيء بهم}.
والثاني: أن تقع بين "لو" وفعل القسم مذكورًا كقوله:
فأقسم أن لو التقينا وأنتم .... لكان لكم يوم من الشر مظلم
أو متروكًا كقوله: أما والله إن لو كنت حرًا .... وما بالحر أنت ولا العتيق
والثالث: وهو نادر أن تقع بين "الكاف" ومخفوضها كقوله: كان ظبية تعطو إلى وارق السلم، في رواية من جر الظبية.
والرابع: بعد إذا كقوله:
فأمهله حتى إذا أن كأنه ....معاطى يد في لجة البحر غامر
غامر هنا فسروه بالمغرور، كماء دافق بمعنى مدفوق.
وزعم الأخفش أنها تزاد في غير ذلك وأنها تنصب المضارع ولا معنى؛ لأن الزائدة غير التوكيد كسائر الزوائد، وقد ذكر لأن معان أخرى:
أحدها: الشرطية كان المكسورة، وإليه ذهب الكوفيون، وقرئ بالوجهين في قوله تعالى: {أن تضل إحداهما}، {أفنضرب عنكم الذكر صفحًا أن كنتم قومًا مسرفين}، وكقوله: أتغضب في أذنا قتيبة حزنًا.
الثاني: النفي كان المكسورة أيضًا، قال بعضهم في: {أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم}.
الثالث: معنى إذ كما تقدم عن بعضهم في أن المكسورة قاله بعضهم في: {بل عجبوا أن جاءهم}، وفي أتغضب في أذنا قتيبة حزنًا.
الرابع: أن تكون بمعنى "لئلا" نحو: {ليبين الله لكم أن تضلوا}، وقوله:
نزلتم منزل الأضياف منا .... فعجلنا القرى أن تشتمونا
والصواب أنها هنا مصدرية، والأصل: كراهة أن تضلوا ومخافة أن تشتمونا، وهو قول البصريين.
"أن": الشرطية تقدم تفصيلها في عوامل الجزم.
"إن": بكسر "الهمزة" وتشديد "النون" وفتحها على وجهين:
أحدهما: أن تكون حرف توكيد تنصب الاسم وترفع الخبر، وقد تنصبهما في لغة كقوله:
إذا اسود جنح الليل فلنأت ولتكن ..... خطاك سراعا أن حراسنا أسدا
وفي الحديث: «إن قعر جهنم سبعين خريفًا»، وخرج البيت على الحالية، وأن الخبر محذوف أي: تلقاهم أسدًا، ويصح أن يكون المنصوب مفعولًا لفعل محذوف أي: يشبهون أسدًا، والحديث على أن القعر مصدر قعرت البئر إذا بلغت قعرها، وسبعين ظرف، أي: أن بلوغ قعرها يكون في سبعين عامًا.
وقد يرفع بعدها المبتدأ فيكون اسمها ضمير شأن محذوفًا، كقوله عليه الصلاة والسلام: «من أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون»، الأصل: أنه أي الشأن، كما قال الشاعر:
إن من يدخل الكنيسة يومًا .... يلق فيها جاذرا وظباء
وإنما لم تجعل من اسمها لأنها شرطية بدليل جزمها الفعلين، وقد تخفف "إن" فتعمل قليلًا وتهمل كثيرًا، وعن الكوفيين أنها لا تخفف، وأنه إذا قيل: "إن" زيد لمنطلق "فإن نافية" و"اللام" بمعنى "إلا"، ويرده أن منهم من يعملها مع التخفيف، حكى سيبويه أن عمرًا لمنطلق.
الثاني: أن تكون حرف جواب بمعنى "أن"، خلافًا لأبي عبيدة، واستدل المثبتون بقول ابن الزبير رضي الله عنهما: «لمن قال له لعن الله ناقة حملتني إليك: إن وراكبها – أي: نعم- ولعن أيضًا راكبها»، وحمل المبرد على ذلك قراءة من قرأ: {إن هذان لساحران}، وحكى بعضهم أن أبا علي الفارسي رده "بأما" قبل "أن" المذكورة لا يقتضي أن يكون جوابه نعم؛ إذ لا يصح أن يكون جوابًا لقول موسى عليه السلام: {ويلكم لا تفتروا على الله كذبًا فيسحتكم بعذاب}، ولا يكون جوابًا لقوله: {فتنازعوا أمرهم بينهم}، وهو كلام حسن، وقد تأتي "أن" مركبة من "أن النافية"، و"أن" بمعنى "أنا"، كقول بعضهم: أنا قائم، والأصل: أن أنا قائم.
"أن": المفتوحة المشددة على وجهين:
أحدهما: أن تكون حرف توكيد تنصب الاسم وترفع الخبر، والأصح أنها فرع عن "أن المكسورة"، وإذا كان الخبر مشتقًا فالمصدر المؤول به من لفظه فتقدير: بلغني "أنك" تنطلق، أو "أنك" منطلق بلغني انطلاقك، ومنه: بلغني "أنك" في الدار، أي: بلغني استقرارك، وإن كان جامدًا قدر بالكون نحو: بلغني "أن" هذا زيد، أي: بلغني كون هذا زيدًا، وإن شئت بلغني "أن" هذا كائن زيدًا، ومعناهما واحد.
الثاني: أن تكون لغة في "لعل"، كقول بعضهم: ائت السوق أنك تشتري لنا شيئًا، وقراءة بعضهم: {وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون}، قال الشارح: لا يتم الاستدلال بقوله: "أن" بمعنى "لعل"، في قوله: أنك تشتري لنا شيئًا إلا إذا ثبت أن العربي المتكلم بهذا الكلام قصد الترجي، وإلا فاللفظ محتمل لإرادة التعليل على حذف "اللام"، أي: لأنك تشتري.
"آنفًا": قريبًا أو هذه الساعة أو أول وقت كنا فيه من قولهم: "أنف" الشيء لما يتقدم منه، والمد فيه أشهر من القصر.
"أهل": فلان "أهل" لكذا، أي: جدير به، وكذلك مستأهل له وهو عربي فصيح خلافًا لمن أنكره، كما في شرح درة الغواص للعلامة الخفاجي.
"أهلًا وسهلًا": منصوب بفعل محذوف أي: صادفت "أهلًا وسهلًا".
"أو": حرف عطف ذكر له المتأخرون معاني انتهت إلى اثني عشر.
أحدها: الشك من جهة المتكلم نحو: {لبثنا يومًا أو بعض يوم}.
الثاني: الإبهام، وهو إخفاء المتكلم مراده على السامع نحو: {إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين}.
وقول الشاعر:
نحن أو أنتم الالى ألفوا الحق..... فبعدا للمبطلين وسحقا
الثالث: التخيير، وهي الواقعة بعد الطلب، وقيل: ما يمتنع فيه الجمع نحو: تزوج هندًا "أو" أختها، وخذ من مالي درهمًا "أو" دينارًا.
الرابع: الإباحة، وهي الواقعة بعد الطلب، وقيل: ما يجوز فيه الجمع نحو: جالس العلماء "أو" الزهاد، وإذا دخلت "لا الناهية" امتنع فعل الجميع نحو: {ولا تطع منهم آثمًا أو كفورًا}؛ إذ المعنى: لا تفعل أحدهما، فأيهما فعله فهو أحدهما، وعارض التمني فيه، وقال أبو البقاء في الكليات: وقد تكون "أو" بمعنى و"لا" إذا دخلت بين نفيين، كقوله تعالى: {ولا تطع منهم آثمًا أو كفورًا}. اهـ.
وذكر ابن مالك أن أكثر ورود "أو" للإباحة في التشبيه نحو: {فهي كالحجارة أو أشد قسوة}، والتقدير نحو: {فكان قاب قوسين أو أنى}، فلم يخصها بالمسبوقة بالطلب.
الخامس: الجمع المطلق "كالواو"، قاله الكوفيون والأخفش والجرمي، واحتجوا بقول توبة:
وقد زعمت ليلى بأني فاجر .... لنفسي تقاها أو عليها فجورها
وقيل: "أو" فيه للإبهام، وقول جرير:
جاء الخلافة أو كانت له قدرا .....كما أتى ربه موسى على قدر
قال ابن هشام: والذي رأيته في ديوانه إذ كانت، وبقول النابغة:
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ..... إلى حمامتنا أو نصفة فقد
قولها: فقدي، أي: حسبي، ويروي ونصفه.
السادس: الإضراب كبل، وعن سيبويه إجازة ذلك بشرطين: تقد نفي أو نهي، وإعادة العامل نحو: "ما" قام زيد، "أو" "ما" قام عمرو و"لا" يقم زيد، "أو" "لا" يقم عمرو. وقال الكوفيون وأبو علي وأبو الفتح وابن برهان: تأتي للإضراب مطلقًا احتجاجًا بقول جرير:
كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية ..... لولا رجاؤك قد قتلت أولادي
واختلف في: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون}، فقال الفراء: بل يزيدون، هكذا جاء في التفسير مع صحته في العربية، وقال بعض الكوفيين بمعنى: "الواو"، وللبصريين فيها أقوال.
السابع: التقسيم نحو: الكلمة اسم أو فعل أو حرف، واستعمال "الواو" للتقسيم أجود، نحو: الكلمة اسم وفعل وحرف.
الثامن: أن تكون بمعنى "إلا" في الاستثناء، وهذه ينتصب المضارع بعدها بإضمار "أن" كقولهم لأضربنه "أو" يتوب، وقوله:
وكنت إذا غمزت قناة قوم .... كسرت كعوبها أو تستقيما
التاسع: أن تكون بمعنى "إلى"، وهذه أيضًا ينتصب المضارع بعدها "بأن مضمرة" نحو: لألزمنك و"أو" تقضيني ديني، وقوله: لأستسهلن الصعب "أو" أدرك المنى.
العاشر: التقريب، نحو: "ما" أدري أسلم "أو" دع، قاله الحريري وغيره.
الحادي عشر: الشرطية نحو: لأضربنه عاش "أو" مات، أي: "إن" عاش بعد الضرب "أو" مات، ومثله: لأتينك أعطيتني "أو" حرمتني، قاله ابن الشجري.
الثاني عشر: التبغيض نحو: {وقالوا كونوا هودًا أو نصارى}، والضمير في قالوا لليهود والنصارى، فاليهود قالوا للنصارى: كونوا هودًا، والنصارى قالوا لليهود: كونوا نصارى، فالتبغيض دل عليه "أو"، والتحقق أن "أو" موضوعة لأحد الشيئين "أو" الأشياء، وهو الذي قاله المتقدمون.
وقد تخرج إلى معنى "بل" وإلى معنى "الواو"، وأما بقية المعاني فمستفادة من غيرها، أي: من قران المقام، وذلك كقولهم: "ما" أدري أسلم "أو" دع، فإن التقريب مستفاد من إثبات اشتباه التسليم بالتوديع؛ إذ حصول ذلك مع تباعد "ما" بين الوقتين ممتنع "أو" مستبعد.
"أوه": "كجير" و"حيث" و"أين" و"أو" بحذف "الهاء" مع التشديد، و"آه" كلمة تقال عند الشكاية "أو" التوجع.
"أي": بالفتح والسكون على وجهين:
أحدهما: حرف لنداء القريب "أو" البعيد "أو" المتوسط على خلاف ذلك. وفي الحديث: «أي رب»، وقد تمد ألفها.
والثاني: حرف تفسير، تقول: عندي عسجد، "أي": ذهب، وغضنفر، "أي": أسد، وقد تقع تفسيرًا للجمل أيضًا كقوله:
وترمينني بالطرف أي أنت مذنب .....وتقلينني لكن إياك لا أقلي
وإذا وقعت بعد تقول وقبل فعل مسند للضمير حكى الضمير نحو: تقول استكتمته الحديث، "أي": سألته كتمانه، يقال: ذلك بضم "التاء"، ولو جئت بإذا مكان أي فتحت "التاء" فتقول: إذا سألته.
"أيا": اسم مبهم يتصل به جميع المضمرات المنصوبة نحو: "إياه" و"إياك" و"إياي"، ولا موضع لها من الإعراب فهي "كالكاف" في ذلك، فيكون "أيا" الاسم وما بعدها للخطاب، وقد صارا كالشيء الواحد، وقال بعض النحويين أن "أيا" مضافًا إلى ما بعده، وعليه إذا بلغ الرجل الستين "فإياه" و"يا" الشواب.
"إي": بالكسر والسكون حرف جواب بمعنى نعم، ولا تقع إلا قبل القسم نحو: {قل إي وربي إنه لحق}، وإذا قيل: "أي والله" ثم أسقطت "الواو" جاز إسكان "الياء" وفتحها وحذفها، وعلى الأول فيلتقي ساكنان على غير حدهما لكن أجازوه قياسًا على "ها" الله.
"أيضًا": قال في الكليات "أيضًا" مصدر "آض" ولا يستعمل إلا مع شيئين بينهما توافق ويمكن استغناء كل منها عن الآخر نحو: زرته وكلمته "أيضًا". وفي الصحاح: وإذا قال لك: فعلت ذلك "أيضًا" قلت: قد أكثرت من "أيض" ودعني من "أيض" و"آض" كذا أي: صار.
"إيه": بكسر "الهمزة" و"الهاء" وفتحها، وتنون المكسوة كلمة استزادة واستنطاق، و"إيه" بإسكان "الهاء": زجر، و"أيها" بالنصب والفتح أمر بالسكوت. وفي الكليات تقول: "إيه" حدثنا استزدته، و"إيه" كف عنا إذا أردته أن يقطعه. اهـ، و"إيهان" وتكسر "نونها" و"إيها" و"إيهات" لغات في "هيهات" و"إيهك" بمعنى "ويهك".
"إي": بفتح "الهمزة" وتشديد "الياء": اسم يأتي على خمسة أوجه:
أحدها: الشرط، نحو: {أيًا ما تدعو فله الأسماء الحسنى} "فأيا شرطية" معمولة لتدعوا وعاملة فيه الجزم، وعلامة جزمه حذف "النون" و"الفاء" رابطة للجواب.
والثاني: الاستفهام نحو: {أيكم زادته هذه إيمانًا}، وقد يراد بالاستفهام أحيانًا النفي كقولك لمن ادعى أنه أكرمك: "أي" يوم أكرمتني، ومنه قول المتنبي:
أي: يوم سررتني بوصال ..... لم ترعني ثلاثة بصدود
وقد تخفف كقوله:
تنظرت نصرًا والسماكين أيهما .... على من الغيث استهلت مواطر
والثالث: أن تكون موصولًا نحو: {لننزعن من كل شيعة أيهم أشد}، التقدير: لننزعن الذي هو أشد، قال سيبويه وخالفه الكوفيون وجماعة من البصريين؛ لأنهم يرون أن "أيا الموصولة" معربة دائمًا كالشرطية والاستفهامية.
وقال الزجاج: ما تبين لي أن سيبويه غلط إلا في موضعين هذا أحدهما، فإنه يسلم أنها تعرب إذا أفردت، فكيف يقول ببنائها إذا أضيفت، وقد مر في باب البناء ما قاله الجرمي.
وزعم ثعلب أن "أيا" لا تكون موصولة أصلًا، وقال: لم يسمع "أيهم" فاضل جاءني، بمعنى الذي هو فاضل جاءني، ورد بأن عدم سماع ذلك ينتج عدم كون الموصولة مبتدأ، ولا ينتج نفي الموصولة من أصلها.
والرابع: أن تكون دالة على معنى الكمال فتقع صفة للنكرة نحو: زيد رجل، "أي": رجل، "أي": كامل في صفات الرجال، وحالًا للمعرفة كمررت بزيد "أي" رجل. وتقول في المعرفة: هذا زيد "أيما" رجل فتنصب "أيا" على الحال، وهذه أمة الله "أيتما" جارية وتقول: "أي" امرأة جاءتك وجاءك، و"أية" امرأة جاءتك، ومررت بجارية "أي" جارية، وجئتك بملاءة "أي": ملاءة و"أية" ملاءة كل جائز، قال الله تعالى: {وما تدري نفس بأي أرض تموت}.
وفي الصحاح: وقد تكون "أي" نعتًا للنكرة، تقول: مررت برجل "أي" رجل، و"أيما" رجل، ومررت بامرأة "أية" امرأة وبامرأتين "أيتما" امرأتين، وهذه امرأة "أيما" امرأة، وامرأتان "أيتما" امرأتان، و"ما زائدة"، و"أي" قد يتعجب بها، قال جميل:
بثين الزمى لا أن لا أن لزمته .... على كثرة الواشين أي معون.
والخامس: أن تكون وصلة لنداء ما فيه "ال" ال نحو: يا أيها الرجل، ويا أيتها المرأة، ويقال: جاءني رجل فتقول: "أي" يا هذا، وجاءني رجلان فتقول: "إيان"، وجاءني رجال فتقول: "أيون"، وهذا يسمى الحكاية.
"أيم": قال في القاموس: "أيمن" الله، و"أيم" الله، وبكسر أولهما، و"أيمن" الله بفتح "الميم" و"الهمزة"، و"الهمزة"وتكسر، و"أيم" الله بكسر "الهمزة"و"الميم"، وقيل: "ألفه" "ألف الموصل"، و"هيم" الله بفتح "الهاء" وضم "الميم"، و"أم" الله مثلثة "الميم"، و"أم" الله بكسر "الهمزة" وضم "الميم" وفتحها، و"من" الله بضم "الميم" وكسر "النون"، و"من" الله مثلثة "الميم" و"النون"، و"م" الله مثلثة، و"ليم" الله و"ليمن" الله اسم وضع للقسم نحو: "أيمن" الله لأفعلن، والتقدير: "أيمن الله"، قسمي، و"أيمن" الله مشتق من اليمن وهو البركة، وعند الكوفيين جمع يمين، و"همزته" قطع). [غنية الطالب: 141 - 169]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:34 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة