العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النساء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ربيع الثاني 1434هـ/22-02-2013م, 01:07 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة النساء [ من الآية (148) إلى الآية (152) ]

تفسير سورة النساء
[ من الآية (148) إلى الآية (152) ]


بسم الله الرحمن الرحيم
{لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148) إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150) أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (151) وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (152)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:50 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال سمعت المثنى بن الصباح يحدث عن مجاهد في قوله تعالى لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الآية قال ضاف رجل رجلا فلم يؤد إليه حق ضيافته فلما خرج أخبر الناس فقال ضفت فلانا فلم يؤد إلي حق ضيافتي فذلك جهر بالسوء إلا من ظلم حين لم يؤد الآخر حق ضيافته). [تفسير عبد الرزاق: 1/176]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {لا يحبّ الله الجهر بالسّوء من القول إلّا من ظلم} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن إبراهيم بن أبي بكرٍ، عن مجاهدٍ - في قوله عزّ وجلّ: {لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلّا من ظلم} - قال: هو الرّجل تستضيفه فلا يضيفك، فقد رخّص لك أن تقوله). [سنن سعيد بن منصور: 4/1423]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلا من ظلم} قال: قال مجاهدٌ: الرّجل يضيف الرّجل، فلا يضيفه فقد رخّص له أن يذكر منه ما صنع به). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 86]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم وكان اللّه سميعًا عليمًا}.
اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الأمصار بضمّ الظّاء، وقرأه بعضهم: (إلاّ من ظلم) بفتح الظّاء.
ثمّ اختلف الّذين قرءوا ذلك بضمّ الظّاء في تأويله؛ فقال بعضهم: معنى ذلك: لا يحبّ اللّه تعالى ذكره أن يجهر أحدنا بالدّعاء على أحدٍ، وذلك عندهم هو الجهر بالسّوء {إلاّ من ظلم} يقول: إلاّ من ظلم فيدعو على ظالمه، فإنّ اللّه جلّ ثناؤه لا يكره له ذلك، لأنّه قد رخّص له في ذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول} يقول: لا يحبّ اللّه أن يدعو أحدٌ على أحدٍ إلاّ أن يكون مظلومًا، فإنّه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه، وذلك قوله: {إلاّ من ظلم} وإن صبر فهو خيرٌ له.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم} يعنى من ظلم فإنّه يحبّ الجهر بالسّوء إذا اظلم.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم وكان اللّه سميعًا عليمًا} عذر اللّه المظلوم كما تسمعون أن يدعو.
- حدّثني الحرث، قال: حدّثنا أبو عبيدٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن يونس، عن الحسن، قال: هو الرّجل يظلم الرّجل، فلا يدع عليه، ولكن ليقل: اللّهمّ أعنّي عليه. اللّهمّ استخرج، لي حقّي، اللّهمّ حل بينى وبين ما يريد، ونحوه من الدّعاء.
فـ من على قول ابن عبّاسٍ هذا في موضع رفعٍ؛ لأنّه وجّهه إلى أنّ الجهر بالسّوء في معنى الدّعاء، واستثنى المظلوم منه، فكان معنى الكلام على قوله: لا يحبّ اللّه أن يجهر بالسّوء من القول، إلاّ المظلوم فلا حرج عليه في الجهر به.
وهذا مذهبٌ يراه أهل العربيّة خطأً في العربيّة، وذلك أنّ من لا يجوز أن يكون رفعًا عندهم بالجهر، لأنّها في صلة أن، وأن لم ينله الجحد فلا يجوز العطف عليه؛ من خطأ عندهم أن يقال: لا يعجبني أن يقوم إلاّ زيدٌ.
وقد يحتمل أن تكون من نصبًا على تأويل قول ابن عبّاسٍ، ويكون قوله: {لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول} كلامًا تامًّا، ثمّ قيل: {إلاّ من ظلم} فلا حرج عليه، فيكون من استثناءً من الفعل، وإن لم يكن قبل الاستثناء شيءٌ ظاهرٌ يستثنى منه، كما قال جلّ ثناؤه: {لست عليهم بمصيطرٍ إلاّ من تولّى وكفر} وكقولهم: إنّي لأكره الخصومة والمراء، اللّهمّ إلاّ رجلاً يريد اللّه بذلك. ولم يذكر قبله شيءٌ من الأسماء.
ومن على قول الحسن هذا نصب على أنّه مستثنى من معنى الكلام، لا من الاسم كما ذكرنا قبل في تأويل قول ابن عبّاسٍ إذا وجّه من إلى النّصب، وكقول القائل: كان من الأمر كذا وكذا، اللّهمّ إلاّ أنّ فلانًا جزاه اللّه خيرًا فعل كذا وكذا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول، إلاّ من ظلم فيخبر بما نيل منه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن محمّد بن إسحاق، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: هو الرّجل ينزل بالرّجل، فلا يحسن ضيافته، فيخرج من عنده، فيقول: أساء ضيافتي ولم يحسن.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {إلاّ من ظلم} قال: إلا من أثر ما قيل له.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحجّاج بن المنهال، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن محمّد بن إسحاق، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم} قال: هو الضّيف المحوّل رحله، فإنّه يجهر لصاحبه بالسّوء من القول.
وقال آخرون: عنى بذلك الرّجل ينزل بالرّجل فلا يقريه، فينال من الّذي لم يقره.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {إلاّ من ظلم} قال: إلاّ من ظلم فانتصر يجهر بالسّوء.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، مثله.
- وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن إبراهيم بن أبي بكرٍ، عن مجاهدٍ، وعن حميدٍ الأعرج، عن مجاهدٍ: {لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم} قال: هو الرّجل ينزل بالرّجل فلا يحسن إليه، فقد رخّص اللّه له أن يقول فيه.
- حدّثني أحمد بن حمّادٍ الدّولابيّ، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن إبراهيم بن أبي بكرٍ، عن مجاهدٍ: {لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم} قال: هو في الضّيافة يأتي الرّجل القوم فينزل عليهم فلا يضيفونه، رخّص اللّه له أن يقول فيهم.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا المثنّى بن الصّبّاح، عن مجاهدٍ في قوله: {لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول} الآية، قال: ضاف رجلٌ رجلاً، فلم يؤدّ إليه حقّ ضيافته، فلمّا خرج أخبر النّاس، فقال: ضفت فلانًا فلم يؤدّ حقّ ضيافتي، فذلك جهرٌ بالسّوء {إلاّ من ظلم} حين لم يؤدّ إليه ضيافته.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ، قال مجاهدٌ: إلاّ من ظلم فانتصر يجهر بسوءٍ. قال مجاهدٌ: نزلت في رجلٍ ضاف رجلاً بفلاةٍ من الأرض فلم يضفه، فنزلت {إلاّ من ظلم} ذكر أنّه لم يضفه، لا يزيد على ذلك.
وقال آخرون: معنى ذلك: إلاّ من ظلم فانتصر من ظالمه، فإنّ اللّه قد أذن له في ذلك
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم} يقول: إنّ اللّه لا يحبّ الجهر بالسّوء من أحدٍ من الخلق، ولكن من ظلم فانتصر بمثل ما ظلم، فليس عليه جناحٌ.
فـ من على هذه الأقوال الّتي ذكرناها سوى قول ابن عبّاسٍ في موضع نصبٍ على انقطاعه من الأوّل، والعرب من شأنها أن تنصب ما بعد إلاّ في الاستثناء المنقطع؛ فكان معنى الكلام على هذه الأقوال سوى قول ابن عبّاسٍ: لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول، ولكن من ظلم فلا حرج عليه أن يخبر بما نيل منه أو ينتصر ممّن ظلمه.
وقرأ ذلك آخرون بفتح الظاء: (إلاّ من ظلم) وتأوّلوه: لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول، إلاّ من ظلم، فلا بأس أن يجهر له بالسّوء من القول.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: كان أبي يقرأ: لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم قال ابن زيدٍ: يقول: إلاّ من أقام على ذلك النّفاق فيجهر له بالسّوء حتّى ينزع. قال: وهذه مثل: {ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق} أن تسمّيه بالفسق {بعد الإيمان} بعد إذ كان مؤمنًا {ومن لم يتب} من ذلك العمل الّذي قيل له {فأولئك هم الظّالمون} قال: هو أشرّ ممّن قال ذلك له.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم فقرأ: {إنّ المنافقين في الدّرك الأسفل من النّار} حتّى بلغ: {وسوف يؤت اللّه المؤمنين أجرًا عظيمًا} ثمّ قال بعد ما قال: هم في الدّرك الأسفل من النّار {ما يفعل اللّه بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان اللّه شاكرًا عليمًا} لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم قال: لا يحبّ اللّه أن يقول لهذا: ألست نافقت؟ ألست المنافق الّذي ظلمت وفعلت وفعلت؟ من بعد ما تاب إلاّ من ظلم إلاّ من أقام على النّفاق. قال: وكان أبي يقول ذلك له ويقرؤها: إلاّ من ظلم.
فـ من على هذا التّأويل نصب لتعلّقه بالجهر. وتأويل الكلام على قول قائل هذا القول: لا يحبّ اللّه أن يجهر أحدٌ لأحدٍ من المنافقين بالسّوء من القول إلاّ من ظلم منهم،نفسه فأقام على نفاقه فإنّه لا بأس بالجهر له بالسّوء من القول.
قال أبو جعفرٍ: وأولى القراءتين بالصّواب في ذلك قراءة من قرأ: {إلاّ من ظلم} بضمّ الظّاء، لإجماع الحجّة من القرّاء وأهل التّأويل على صحّتها، وشذوذ قراءة من قرأ ذلك بالفتح
, فإذ كان ذلك أولى القراءتين بالصّواب، فالصّواب في تأويل ذلك: لا يحبّ اللّه أيّها النّاس أن يجهر أحدٌ لأحدٍ بالسّوء من القول {إلاّ من ظلم} بمعنى: إلاّ من ظلم فلا حرج عليه أن يخبر بما أسيء إليه، وإذا كان ذلك معناه، دخل فيه إخبار من لم يقر أو أسيء قراه، أو نيل بظلمٍ في نفسه أو ماله غيره من سائر النّاس، وكذلك دعاؤه على من ناله بظلمٍ؛ أن ينصره اللّه عليه، لأنّ في دعائه عليه إعلامًا منه لمن سمع دعاءه عليه بالسّوء له.
وإذ كان ذلك كذلك، فـ من في موضع نصبٍ، لأنّه منقطعٌ عمّا قبله، وأنّه لا أسماء قبله يستثنى منها، فهو نظير قول: {لست عليهم بمصيطرٍ إلاّ من تولّى وكفر}.
وأمّا قوله: {وكان اللّه سميعًا عليمًا} فإنّه يعني: وكان اللّه سميعًا لما تجهرون به من سوء القول لمن يجهرون له به، وغير ذلك من أصواتكم وكلامكم، عليمًا بما تخفون من سوء قولكم وكلامكم لمن تخفون له به، فلا تجهرون له به، محصٍ كلّ ذلك عليكم حتّى يجازيكم على ذلك كلّه جزاءكم المسيء بإساءته والمحسن بإحسانه). [جامع البيان: 7/624-632]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلّا من ظلم وكان اللّه سميعًا عليمًا (148)
قوله تعالى: لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول لا يحب الله سبحانه أن يدعوا أحدٌ على أحدٍ.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، ثنا المثنّى بن الصّبّاح، عن مجاهدٍ، في قوله: لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلّا من ظلم قال: ضاف رجلٌ رجلا فلم يؤدّ إليه حقّ ضيافته فلمّا خرج أخبر النّاس، فقال: ضيّفت فلانًا فلم يؤدّ إليّ حقّ ضيافتي، قال: فذلك الجهر بالسّوء إلا من ظلم حين لم يؤدّ إليه الآخر حقّ ضيافته.
قوله تعالى: إلا من ظلم.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: إلا من ظلم إلا أن يكون مظلومًا فإنّه رخّص له أن يدعوا على من ظلمه وذلك قول اللّه تعالى إلا من ظلم وإن صبر فهو خيرٌ له.
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، وحدّثنا سليمان بن داود قالا: ثنا سفيان عن ابن أبي نجيحٍ عن إبراهيم بن أبي بكرٍ، عن مجاهدٍ في قوله: لا يحبّ اللّه الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم قال: هو في الضّيافة يأتي الرّجل إلى القوم وهو مسافرٌ فلم يضيّفوه، فرخّص له أن يقول لهم ويسمعهم. والسياق ليونس.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ وعمرو بن عبد اللّه الأوديّ قالا: ثنا أبو أسامة، عن إسماعيل بن مسلمٍ، عن الحسن: لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلّا من ظلم فقد رخّص له أن يدعوا على من ظلمه من غير أن يعتدي.
- حدّثنا أبي، ثنا النّفيليّ، ثنا عبد اللّه يعني ابن عمرٍو، قال: سألت عبد الكريم عن قول اللّه تعالى: لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلا من ظلم قال: هو الرّجل يشتمك فتشتمه، ولكن إن افترى عليك فلا تفتري عليه، مثل قوله: ولمن انتصر بعد ظلمه). [تفسير القرآن العظيم: 4/1100-1101]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ابن خالد الزنجي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم قال هو الرجل يستضيف الرجل فلا يضيفه فقد أذن له أن يذكر منه ما صنع به أي لم يقرني ولم يضيفني). [تفسير مجاهد: 179]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إلا من ظلم فانتصر يجهر بالسوء). [تفسير مجاهد: 179-180]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: (لا يحب الله الجهر بالسوء) الآية.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول)، قال: لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوما فإنه رخص له أن يدعو على من ظلمه وأن يصبر فهو خير له.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن الحسن في الآية قال: هو الرجل يظلم فلا يدع عليه ولكن ليقل: اللهم أعني عليه اللهم استخرج لي حقي حل بينه وبين ما يريد ونحو هذا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في الآية قال: عذر الله المظلوم كما تسمعون أن يدعو.
وأخرج أبو داود عن عائشة أنه سرق لها شيء فجعلت تدعو عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبخي عنه بدعائك.
وأخرج الترمذي عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من دعا على من ظلمه فقد انتصر.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في الآية قال: نزلت في رجل ضاف رجلا بفلاة من الأرض فلم يضفه فنزلت {إلا من ظلم} ذكر أنه لم يضفه لا يزيد على ذلك.
وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد قال: هو الرجل ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته فيخرج من عنده فيقول: أساء ضيافتي ولم يحسن.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية يقول: إن الله لا يحب الجهر بالسوء من القول من أحد من الخلق ولكن يقول: من ظلم فانتصر بمثل ما ظلم فليس عليه جناح.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: كان أبي يقرأ {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} قال ابن زيد: يقول: من قام على ذلك النفاق فجهر له بالسوء حتى نزع.
وأخرج ابن المنذر عن إسماعيل {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} قال: كان الضحاك بن مزاحم يقول: هذا في التقديم والتأخير يقول الله (ما
وأخرج النسائي عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه ظن أن له فضلا على من دونه من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم
وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي في زوائد الزهد وأبو الشيخ بن حبان عن مكحول قال: بلغني أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ما أخلص عبد لله أربعين صباحا إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه.
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان وجعل قلبه سليما ولسانه صادقا ونفسه مطمئنة وخليقته مستقيمة وأذنه مستمعة وعينه ناظرة فأما الأذن فقمع والعين مقرة لما يوعي القلب وقد أفلح من جعل قلبه واعيا.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة قيل: يا رسول الله وما إخلاصها قال: أن تحجزه عن المحارم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والحكيم الترمذي، وابن أبي حاتم عن أبي ثمامة قال: قال الحواريون لعيس عليه السلام: يا روح الله من المخلص لله قال: الذي يعمل لله لا يحب أن يحمده الناس عليه.
وأخرج ابن عساكر عن أبي إدريس قال: لا يبلغ عبد حقيقة الإخلاص حتى لا يحب أن يحمده أحد على شيء من عمل الله عز وجل). [الدر المنثور: 5/90-94]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم}) (النساء الآية 147) {إلا من ظلم}
وكان يقرأها كذلك ثم قال {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول} أي على كل حال). [الدر المنثور: 5/94]

تفسير قوله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إن تبدوا خيرًا أو تخفوه أو تعفوا عن سوءٍ فإنّ اللّه كان عفوًّا قديرًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه {إن تبدوا} أيّها النّاس خيرًا يقول: إن تقولوا جميلاً من القول لمن أحسن إليكم، فتظهروا ذلك شكرًا منكم له على ما كان منه من حسنٍ إليكم، {أو تخفوه} يقول: أو تتركوا إظهار ذلك فلا تبدوه، {أو تعفوا عن سوءٍ} يقول: أو تصفحوا لمن أساء إليكم عن إساءته، فلا تجهروا له بالسّوء من القول الّذي قد أذنت لكم أن تجهروا له به. {فإنّ اللّه كان عفوًّا} يقول: لم يزل ذا عفو عن خلقه، يصفح لهم عمّن عصاه وخالف أمره. {قديرًا} يقول: ذا قدرةٍ على الانتقام منهم.
وإنّما يعني بذلك: أنّ اللّه لم يزل ذا عفو من عباده مع قدرته على عقابهم على معصيتهم إيّاه.
يقول: فاعفوا أنتم أيضًا أيّها النّاس عمّن أتى إليكم ظلمًا، ولا تجهروا له بالسّوء من القول وإن قدرتم على الإساءة إليه، كما يعفو عنكم ربّكم مع قدرته على عقابكم وأنتم تعصونه وتخالفون أمره.
وفي قوله جلّ ثناؤه: {إن تبدوا خيرًا أو تخفوه أو تعفوا عن سوءٍ فإنّ اللّه كان عفوًّا قديرًا} الدّلالة الواضحة على أنّ تأويل قوله: {لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم} بخلاف التّأويل الّذي تأوّله زيد بن أسلم في زعمه أنّ معناه: لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول لأهل النّفاق، إلاّ من أقام على نفاقه، فإنّه لا بأس بالجهر له بالسّوء من القول. وذلك أنّه جلّ ثناؤه قال عقيب ذلك: {إن تبدوا خيرًا أو تخفوه أو تعفوا عن سوءٍ} ومعقولٌ أنّ اللّه جلّ ثناؤه لم يأمر المؤمنين بالعفو عن للمنافقين على نفاقهم، ولا نهاهم أن يسمّوا من كان منهم معلن النّفاق منافقًا، بل العفو عن ذلك ممّا لا وجه له معقولٌ، لأنّ العفو المفهوم إنّما هو صفح المرء عمّا له قبل غيره من حقٍّ، وتسمية المنافق باسمه ليس بحقٍّ لأحدٍ قبله فيؤمر بعفوه عنه، وإنّما هو اسمٌ له، وغير مفهومٍ الأمر بالعفو عن تسمية الشّيء بما هو اسمه). [جامع البيان: 7/632-633]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إن تبدوا خيرًا أو تخفوه أو تعفوا عن سوءٍ فإنّ اللّه كان عفوًّا قديرًا (149)
قوله تعالى: إن تبدوا خيرًا أو تخفوه أو تعفوا عن سوءٍ فإنّ اللّه كان عفوا قديرا.
- حدّثنا أبو سعيد الأشجع، ثنا ابن عليّة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ:
إن تبدوا قال: من اليقين والشّكّ.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قال: أخبر اللّه عباده بحكمه وعفوه وكرمه وسعة رحمته ومغفرته، فمن أذنب ذنبًا صغيرًا أو كبيرًا ثمّ استغفر اللّه يجد اللّه غفورًا رحيمًا
ولو كانت ذنوبه أعظم من السّموات والأرض والجبال). [تفسير القرآن العظيم: 4/1101]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين يكفرون باللّه ورسله ويريدون أن يفرّقوا بين اللّه ورسله ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلاً (150) أولئك هم الكافرون حقًّا وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: {إنّ الّذين يكفرون باللّه ورسله} من اليهود والنّصارى {ويريدون أن يفرّقوا بين اللّه ورسله} بأن يكذّبوا رسل اللّه الّذين أرسلهم إلى خلقه بوحيه، ويزعمون أنّهم افتروا على ربّهم، وذلك هو معنى إرادتهم التّفريق بين اللّه ورسله، بنحلتهم إيّاهم الكذب والفرية على اللّه، وادّعائهم عليهم الأباطيل. {ويقولون نؤمن ببعضٍ} يعني أنّهم يقولون: نصدّق بهذا ونكذّب بهذا، كما فعلت اليهود من تكذيبهم عيسى ومحمّدًا صلّى اللّه عليهما وسلّم وتصديقهم بموسى وسائر الأنبياء قبلها بزعمهم، وكما فعلت النّصارى من تكذيبهم محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم وتصديقهم بعيسى وسائر الأنبياء قبله بزعمهم. {ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلاً} يقول: ويريد المفرّقون بين اللّه ورسله، الزّاعمون أنّهم يؤمنون ببعضٍ ويكفرون ببعضٍ، أن يتّخذوا بين أضعاف قولهم: نؤمن ببعض الأنبياء ونكفر ببعضٍ، سبيلاً: يعني طريقًا إلى الضّلالة الّتي أحدثوها والبدعة الّتي ابتدعوها، يدعون أهل الجهل من النّاس إليه.
فقال جلّ ثناؤه لعباده، منبّهًا لهم على ضلالتهم وكفرهم: {أولئك هم الكافرون حقًّا} يقول: أيّها النّاس هؤلاء الّذين وصفت لكم صفتهم هم أهل الكفر بي، المستحقّون عذابي والخلود في ناري حقًّا، فاستيقنوا ذلك، ولا يشكّكنّكم في أمرهم انتحالهم الكذب ودعواهم أنّهم يقرّون بما زعموا أنّهم به مقرّون من الكتب والرّسل، فإنّهم في دعواهم ما ادّعوا من ذلك كذبةٌ. وذلك أنّ المؤمن بالكتب والرّسل، هو المصدّق بجميع ما في الكتاب الّذي يزعم أنّه به مصدّقٌ وبما جاء به الرّسول الّذي يزعم أنّه به مؤمنٌ، فأمّا من صدّق ببعض ذلك وكذّب ببعضٍ، فهو لنبوّة من كذب ببعض ما جاء به جاحدٌ، ومن جحد نبوّة نبيٍّ فهو به مكذّبٌ، وهؤلاء الّذين جحدوا نبوّة بعض الأنبياء وزعموا أنّهم مصدّقون ببعضٍ، مكذّبون من زعموا أنّهم به مؤمنون، لتكذيبهم ببعض ما جاءهم به من عند ربّهم، فهم باللّه وبرسله، الّذين يزعمون أنّهم بهم مصدّقون، والّذين يزعمون أنّهم بهم مكذّبون، كافرون، فهم الجاحدون وحدانيّة اللّه ونبوّة أنبيائه حقّ الجحود المكذّبون بذلك حقّ التّكذيب، فاحذروا أن تغترّوا بهم وببدعتهم، فإنّا قد أعتدنا لهم عذابًا مهينًا.
وأمّا قوله: {وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا} فإنّه يعني: وأعتدنا لمن جحد باللّه ورسوله جحود هؤلاء الّذين وصفت لكم أيّها النّاس أمرهم من أهل الكتاب ولغيرهم من سائر أجناس الكفّار عذابًا في الآخرة مهينًا، يعني: يهين من عذّب به بخلوده فيه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إنّ الّذين يكفرون باللّه ورسله ويريدون أن يفرّقوا بين اللّه ورسله ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلاً أولئك هم الكافرون حقًّا وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا} أولئك أعداء اللّه اليهود والنّصارى، آمنت اليهود بالتّوراة وموسى وكفروا بالإنجيل وعيسى؛ وآمنت النّصارى بالإنجيل وعيسى وكفروا بالفرقان وبمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فاتّخذوا اليهوديّة والنّصرانيّة، وهما بدعتان ليستا من اللّه، وتركوا الإسلام وهو دين اللّه الّذي بعث به رسله.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {إنّ الّذين يكفرون باللّه ورسله ويريدون أن يفرّقوا بين اللّه ورسله} يقولون: محمّدٌ ليس برسول للّه وتقول اليهود: عيسى ليس برسول للّه، فقد فرّقوا بين اللّه وبين رسله {ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ} فهؤلاء فهم يؤمنون ببعضٍ ويكفرون ببعضٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ قوله: {إنّ الّذين يكفرون باللّه ورسله} إلى قوله: {بين ذلك سبيلاً} قال: اليهود والنّصارى: آمنت اليهود بعزيرٍ وكفرت بعيسى، وآمنت النّصارى بعيسى وكفرت بعزيرٍ، وكانوا يؤمنون بالنّبيّ ويكفرون بالآخر {ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلاً} قال: دينًا يدينون به للّه). [جامع البيان: 7/634-637]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّ الّذين يكفرون باللّه ورسله ويريدون أن يفرّقوا بين اللّه ورسله ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلًا (150)
قوله تعالى: إنّ الّذين يكفرون باللّه ورسله.
- وبه عن ابن عبّاسٍ قال: ثمّ وصف اللّه النّفاق وأهله فقال: إنّ الّذين يكفرون باللّه ورسله.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن المغيرة، أنبأ يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: إنّ الّذين يكفرون باللّه ورسله قال: أولئك أعداء اللّه اليهود والنّصارى.
قوله تعالى: ورسله.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو توبة الرّبيع بن نافعٍ، ثنا معاوية بن سلامٍ، عن أخيه زيد بن سلامٍ أنّه سمع أبا سلامٍ، حدّثني أبو أمامة الباهليّ أنّ رجلا قال: يا رسول اللّه: كم كانت الرّسل؟ قال: ثلاثمائةٍ وخمسة عشر.
قوله تعالى: ويريدون أن يفرّقوا بين اللّه ورسله.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن المفضّل ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: ويريدون أن يفرّقوا بين اللّه ورسله يقولون: محمّدٌ ليس برسول اللّه، وتقول اليهود: عيسى ليس برسول اللّه، فقد فرّقوا بين اللّه ورسله.
قوله تعالى: ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن المغيرة، أنبأ يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ عن قتادة قوله: ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ أولئك أعداء اللّه اليهود والنّصارى آمنت اليهود بالتّوراة وموسى، وكفروا بالإنجيل وعيسى، وآمنت النّصارى بالإنجيل وموسى، وكفروا بالفرقان ومحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلا.
- وبه عن قتادة قوله: ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلا يقول: اتّخذوا اليهوديّة والنّصرانيّة وهما بدعتان ليستا من اللّه، وتركوا الإسلام). [تفسير القرآن العظيم: 4/1101-1102]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أولئك هم الكافرون حقًّا وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا (151)
قوله تعالى: أولئك هم الكافرون حقًّا.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قول: أولئك هم الكافرون حقًّا فجعل اللّه المؤمن مؤمنًا حقًّا، والكافر كافرًا حقًّا.
- أخبرنا عبد الرّحمن بن بشر بن الحكم النّيسابوريّ فيما كتب إليّ، ثنا موسى بن عبد العزيز القنباريّ، ثنا الحكم بن أبان، حدّثني عثمان بن حاضرٍ، حدّثني جابر بن عبد اللّه قال: ثنا ابن حاضرٍ أتدري من الكافر؟ إنّ اللّه تعالى يقول: إنّ الّذين يكفرون باللّه ورسله ويريدون أن يفرّقوا بين اللّه ورسله ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلًا أولئك هم الكافرون حقًّا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، عن بكيرٍ، عن مقاتلٍ قوله: عذابًا مهينًا يعني بالمهين: الهوان). [تفسير القرآن العظيم: 4/1102-1103]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في الآية قال: أولئك أعداء الله اليهود والنصارى آمنت اليهود بالتوراة وموسى وكفروا بالإنجيل وعيسى وآمنت النصارى بالإنجيل وعيسى وكفروا بالقرآن ومحمد فاتخذوا اليهودية والنصرانية وهما بدعتان ليستا من الله وتركوا الإسلام وهو دين الله الذي بعث به رسله.
وأخرج ابن جرير عن السدي، وابن جريج، نحوه). [الدر المنثور: 5/94]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين آمنوا باللّه ورسله ولم يفرّقوا بين أحدٍ منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان اللّه غفورًا رحيمًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: والّذين صدّقوا بوحدانيّة اللّه، وأقرّوا بنبوّة رسله أجمعين، وصدّقوهم فيما جاءوهم به من عند اللّه من شرائع دينه {ولم يفرّقوا بين أحدٍ منهم} يقول: ولم يكذّبوا بعضهم، ويصدّقوا بعضهم، ولكنّهم أقرّوا أنّ كلّ ما جاءوا به من عند ربّهم حقٌّ. {أولئك} يقول: هؤلاء الّذين هذه صفتهم من المؤمنين باللّه ورسله {سوف يؤتيهم} يقول: سوف نعطيهم {أجورهم} يعني: جزاءهم، وثوابهم على تصديقهم الرّسل في توحيد اللّه وشرائع دينه وما جاءت به من عند اللّه {وكان اللّه غفورًا} يقول: يغفر لمن فعل ذلك من خلقه ما سلف له من آثامه، فيستر عليه بعفوه له عنه وتركه العقوبة عليه، فإنّه لم يزل لذنوب المنيبين إليه من خلقه {غفورًا رحيمًا} يعني: ولم يزل بهم رحيمًا بتفضّله عليهم الهداية إلى سبيل الحقّ وتوفيقه إيّاهم لما فيه خلاص رقابهم من النّار). [جامع البيان: 7/637-638]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (والّذين آمنوا باللّه ورسله ولم يفرّقوا بين أحدٍ منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان اللّه غفورًا رحيمًا (152)
قوله تعالى: والّذين آمنوا باللّه ورسله.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ ثنا محمّد بن المصفّى ثنا بقيّة ثنا محمّد ابن إسماعيل بن عبد اللّه الكنديّ، عن الأعمش في قوله: يؤتيهم أجورهم قال:
أجورهم أن يدخلهم الجنة). [تفسير القرآن العظيم: 4/1103]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 09:50 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {لاّ يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم...}
وظلم. وقد يكون (من) في الوجهين نصبا على الاستثناء على الانقطاع من الأوّل. وإن شئت جعت (من) رفعا إذا قلت (ظلم) فيكون المعنى: لا يحبّ الله أن يجهر بالسوء من القول إلا المظلوم. وهو الضيف إذا أراد النزول على رجل فمنعه فقد ظلمه، ورخّص له أن يذكره بما فعل؛ لأنه منعه حقّه. ويكون {لاّ يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول} كلاما تاما، ثم يقول: إلا الظالم فدعوه، فيكون مثل قول الله تبارك وتعالى: {لئلاّ يكون للناس عليكم حجّة إلا الذين ظلموا} فإن الظالم لا حجّة له، وكأنه قال إلا من ظلم فخلّوه. وهو مثل قوله: {فذكّر إنما أنت مذكّر} ثم استثنى فقال {إلا من تولّى وكفر} فالاستثناء من قوله: {إنما أنت مذكّر} وليست فيه أسماء. وليس الاستثناء من قوله: {لست عليهم بمصيطر} ومثله مّما يجوز أن يستثنى (الأسماء ليس قبلها) شيء ظاهر قولك: إني لأكره الخصومة والمراء، اللهم إلاّ رجلا يريد بذلك الله. فجاز استثناء الرجل ولم يذكر قبله شيء من الأسماء؛ لأن الخصومة والمراء لا يكونان إلا بين الآدمييّن). [معاني القرآن: 1/293-294]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (لا يحبّ الله الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم): (من) في هذا الموضع اسم من فعل).
[مجاز القرآن: 1/142]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({لاّ يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم وكان اللّه سميعاً عليماً}
قال: {لاّ يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم} لأنه حين قال: {لاّ يحبّ اللّه} قد أخبر أنه لا يحل. ثم قال: {إلاّ من ظلم} فانه يحل له أن يجهر بالسوء لمن ظلمه. وقال بعضهم {ظلم} على قوله: {مّا يفعل اللّه بعذابكم} [فيكون] {إلاّ من ظلم} [على معنى] "إلاّ بعذاب من ظلم"). [معاني القرآن: 1/213]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلّا من ظلم} يقال: منع الضيافة).
[تفسير غريب القرآن: 136]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلّا من ظلم وكان اللّه سميعا عليما (148)
وإلّا من ظلم، يقرأ بهما جميعا.
فالمعنى أن المظلوم جائز أن يظهر بظلامته تشكيا، والظالم يجهر بالسوء من القول ظلما واعتداء، وموضع " من " نصب بالوجهين جميعا، لأنه استثناء ليس من الأول
المعنى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول لكن المظلوم يظهر بظلامته تشكيا، ولكن الظالم يجهر بذلك ظلما.
ويجوز أن يكون موضع " من " رفعا على معنى لا يحب اللّه أن يجهر بالسوء من القول إلّا من ظلم فيكون " من " بدلا من معنى أحد، المعنى: لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول إلا المظلوم.
وفيها وجه آخر لا أعلم النحويين ذكروه، وهو أن يكون " إلا من ظلم " على معنى لكن الظالم اجهروا له بالسوء من القول، وهذا بعد استثناء ليس من الأول. وهو وجه حسن، وموضعه نصب.
وقد روي أن هذا ورد في الضيف إذا أسيء إليه، فله أن يشكو لك.
وحقيقته ما قلناه. واللّه أعلم). [معاني القرآن: 2/125-126]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما * لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} وقرأ زيد بن أسلم وابن أبي إسحاق (إلا من ظلم) وعلى هذه القراءة فيه ثلاثة أقوال: قال الضحاك المعنى ما يفعل الله بعذابكم إلا من ظلم
وقيل المعنى لا يجهر أحد بالسوء إلا من ظلم فإنه يجهر به اعتداء وقال أبو إسحاق الزجاج يجوز أن يكون المعنى إلا من ظلم فقال سوءا فإنه ينبغي أن تأخذوا على يديه ويكون استثناء ليس من الأول وعلى الجوابين الأولين يكون استثناء ليس من الأول أيضا ومن قرأ (إلا من ظلم) ففيه أقوال: أحدها روي عن مجاهد أنه قال نزلت هذه الآية في رجل من ضاف قوما فلم يحسنوا إليه فذكرهم بما فعلوا فعذبوه بذلك فنزلت: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم}
فالمعنى على هذا لكن من ظلم فله أن يذكر ما فعل به قال الحسن هذا في الرجل يظلم فلا ينبغي أن يدعو على من ظلمه ولكن ليقل اللهم أعني عليه واستخرج لي حقي منه ونحو ذلك وقال قطرب إلا من ظلم إنما يريد المكره لأنه مظلوم وذلك موضوع عنه وإن كفر قال ويجوز أن يكون المعنى إلا من ظلم على البدل كأنه لا يحب الله إلا من ظلم أي لا يحب الظالم وكأنه يقول يحب من ظلم أي يأجر من ظلم والتقدير على هذا القول لا يحب الله ذا الجهر بالسوء إلا من ظلم على البدل). [معاني القرآن: 2/225-227] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) }


تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض} قال قتادة هم اليهود والنصارى آمنت اليهود بموسى والتوراة والإنجيل وكفرت بعيسى والإنجيل وآمنت النصارى بعيسى والإنجيل وكفرت بمحمد والقرآن). [معاني القرآن: 2/228]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا} قال قتادة اتخذوا اليهودية والنصرانية وابتدعوهما وتركوا دين الله الإسلام الذي لم يرسل نبي إلا به). [معاني القرآن: 2/228]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151)}

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152)}


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 04:05 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي المجموع

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما قولهم: كأنني أخوك، وكنت زيداً فمحال إن أردت به، الأنتقال وأنت تعني أخاه في النسب. ولكن لو قلت: كنت أخاك، أي: صديقك، وأنا اليوم عدوك، وكنت زيداً، وأنا الساعة عمرو، أي: غيرت اسمي كان جائزاً.
وجائز أن تقول: كنت أخاك وإن كان أخاه الساعة، تريد أن تعلمه ما كان، ولا تخبر عن وقته الذي هو فيه لعلم المخاطب ذاك، ولأن للقائل إذا كانت الأخبار حقاً أن يخبر عنها بما أراد، ويترك غيره. فمن ذلك قول الله {وكان الله غفوراً رحيماً}، {وكان الله سميعاً عليماً}. فقول النحويين والمفسرين في هذا واحد، إن معناه والله أعلم: أنه خبرنا بمثل ما يعرف من فضله، وطوله، ورحمته، وغفرانه، وأنه علام الغيوب قبل أن تكون. فعلمنا ذلك، ودلنا عليه بهذا وغيره.
ومثل ذلك قوله: {والأمر يومئذ لله} ونحن نعلم أن الأمر أبداً لله). [المقتضب: 4/119] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}: قال: الفراء يقول: لا يحب الله أن يجهر بالسوء من القول إلا المظلوم. قال: وردوه عليه.
والقول فيه أن: إلا من استثناء، مثل: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ}، قال: أي فإنه ليس عدوًا لي). [مجالس ثعلب: 13]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ}.
قال: قال الكسائي: هذا استثناء يعرض. قال: ومعنى يعرض استثناء منقطع. ومن قال ظلم قال: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} وهو الذي منع القرى فرخص له أن يذكر مظلمته.
وقوله عز وجل: {مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ} قال: من تدخل في الجحد على النكرة في الابتداء، ولا تدخل في المعارف، وكأنه قال: أن نتخذ من دونك أولياء. دخولها وخروجها واحد. ومن قال أن نتخذ،
ثم أدخلها على المفعول الثاني فهو قبيح، وهو جائز، ما كان ينبغي لآبائنا ولأوليائنا أن يفعلوا هذا.
وقوله عز وجل: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ} الآية. قال: هذا ستر ستره الله على الإسلام، أنه لا يقبل في الزنى إلا أربعة. ويقول بعضهم: لأن الحد يقام على اثنين: على الرجل والمرأة.
وفي قوله عز وجل: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} يوم القيامة وهم قد كفروا في الدنيا، ما لهم ألا يقع بهم العذاب. وموضع أن رفع.
{وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ} يقولون: لا صلة. ويقول الفراء: ما ينبغي لنا. فجاء بها على المعنى، لأنه معنى ينبغي). [مجالس ثعلب: 101-102]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) }

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:26 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:27 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:27 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:27 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم وكان اللّه سميعاً عليماً (148) إن تبدوا خيراً أو تخفوه أو تعفوا عن سوءٍ فإنّ اللّه كان عفوًّا قديراً (149) إنّ الّذين يكفرون باللّه ورسله ويريدون أن يفرّقوا بين اللّه ورسله ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلاً (150) أولئك هم الكافرون حقًّا وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً (151)
المحبة في الشاهد إرادة يقترن بها استحسان وميل اعتقاد، فتكون الأفعال الظاهرة من المحب بحسب ذلك، والجهر بالسّوء من القول لا يكون من الله تعالى فيه شيء من ذلك، أما أنه يريد وقوع الواقع منه ولا يحبه هو في نفسه. والجهر: كشف الشيء، ومنه الجهرة في قول الله تعالى أرنا اللّه جهرةً [النساء: 53] ومنه قولهم: جهرت البير، إذا حفرت حتى أخرجت ماءها، واختلف القراء في قوله تعالى إلّا من ظلم وقراءة جمهور الناس بضم الظاء وكسر اللام، وقرأ ابن أبي إسحاق وزيد بن أسلم والضحاك بن مزاحم وابن عباس وابن جبير وعطاء بن السائب وعبد الأعلى بن عبد الله بن مسلم بن يسار ومسلم بن يسار وغيرهم «إلا من ظلم» بفتح الظاء واللام، واختلف المتأولون على القراءة بضم الظاء، فقالت فرقة: المعنى لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول «إلا من ظلم» فلا يكره له الجهر به، ثم اختلفت هذه الفرقة في كيفية الجهر بالسوء وما هو المباح من ذلك، فقال الحسن: هو الرجل يظلم الرجل فلا يدع عليه، ولكن ليقل: اللهم أعنّي عليه، اللهم استخرج لي حقي، اللهم حل بيني وبين ما يريد من ظلمي، وقال ابن عباس وغيره: المباح لمن ظلم أن يدعو على من ظلمه، وإن صبر فهو أحسن له، وقال مجاهد وغيره: هو في الضيف المحول رحله، فإنه يجهر الذي لم يكرمه بالسوء من القول، فقد رخص له أن يقول فيه: وفي هذا نزلت الآية، ومقتضاها ذكر الظلم وتبيين الظلامة في ضيافة وغيرها، وقال ابن عباس والسدي: لا بأس لمن ظلم أن ينتصر ممن ظلمه بمثل ظلمه، ويجهر له بالسوء من القول.
قال القاضي رحمه الله: فهذه الأقوال على أربع مراتب:
قول الحسن دعاء في المدافعة، وتلك أقل منازل السوء من القول.
وقول ابن عباس الدعاء على الظالم بإطلاق في نوع الدعاء.
وقول مجاهد، ذكر الظلامة والظلم.
وقول السدي الانتصار بما يوازي الظلامة.
وقال ابن المستنير: إلّا من ظلم معناه إلا من أكره على أن يجهر بسوء من القول كفرا أو نحوه، فذلك مباح، والآية في الإكراه، واختلف المتأولون على القراءة بفتح الضاد واللام، فقال ابن زيد: المعنى «إلا من ظلم» في قول أو في فعل، فاجهروا له بالسوء من القول في معنى النهي عن فعله والتوبيخ والرد عليه، قال: وذلك أنه لما أخبر الله تعالى عن المنافقين أنهم في الدرك الأسفل من النار، كان ذلك جهرا بالسوء من القول. ثم قال لهم بعد ذلك ما يفعل اللّه بعذابكم [النساء: 147] الآية، على معنى التأنيس والاستدعاء إلى الشكر والإيمان، ثم قال للمؤمنين: «ولا يحب الله أن يجهر بالسوء من القول إلا لمن ظلم» في إقامته على النفاق، فإنه يقال له: ألست المنافق الكافر الذي لك في الآخرة الدرك الأسفل؟
ونحو هذا من الأقوال، وقال قوم معنى الكلام: «ولا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول»، ثم استثنى استثناء منقطعا، تقديره: لكن من ظلم فهو يجهر بالسوء وهو ظالم في ذلك وإعراب من يحتمل في بعض هذه التأويلات النصب، ويحتمل الرفع على البدل من أحد المقدر، و «سميع عليم»: صفتان لائقتان بالجهر بالسوء وبالظلم أيضا، فإنه يعلمه ويجازي عليه). [المحرر الوجيز: 3/54-55]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ولما ذكر تعالى عذر المظلوم في أن يجهر بالسوء لظالمه، أتبع ذلك عرض إبداء الخير وإخفائه، والعفو عن السوء، ثم وعد عليه بقوله فإنّ اللّه كان عفوًّا قديراً وعدا خفيا تقتضيه البلاغة ورغب في العفو إذ ذكر أنها صفته مع القدرة على الانتقام، ففي هذه الألفاظ اليسيرة معان كثيرة لمن تأملها). [المحرر الوجيز: 3/56]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: إنّ الّذين يكفرون باللّه ورسله إلى آخر الآية. نزل في اليهود والنصارى، لأنهم في كفرهم بمحمد عليه السلام كأنهم قد كفروا بجميع الرسل. وكفرهم بالرسل كفر بالله، وفرقوا بين الله ورسله في أنهم قالوا: نحن نؤمن بالله ولا نؤمن بفلان وفلان من الأنبياء، وقولهم نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ قيل: معناه من الأنبياء، وقيل: هو تصديق بعضهم لمحمد في أنه نبي، لكن ليس إلى بني إسرائيل، ونحو هذا من تفريقاتهم التي كانت تعنتا وروغانا. وقوله بين ذلك أي بين الإيمان والإسلام والكفر الصريح المجلح). [المحرر الوجيز: 3/56]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى عنهم أنهم الكافرون حقا، لئلا يظن أحد أن ذلك القدر الذي عندهم من الإيمان ينفعهم، وباقي الآية وعيد). [المحرر الوجيز: 3/56]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والّذين آمنوا باللّه ورسله ولم يفرّقوا بين أحدٍ منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان اللّه غفوراً رحيماً (152) يسئلك أهل الكتاب أن تنزّل عليهم كتاباً من السّماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللّه جهرةً فأخذتهم الصّاعقة بظلمهم ثمّ اتّخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البيّنات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطاناً مبيناً (153)
لما ذكر الله تعالى أن المفرقين بين الرسل هم الكافرون حقا، عقب ذلك بذكر المؤمنين بالله ورسله جميعا. وهم المؤمنون بمحمد عليه السلام ليصرح بوعد هؤلاء كما صرح بوعيد أولئك، فبين الفرق بين المنزلتين، وقرأ بعض السبعة «سوف يؤتيهم» بالياء أي يؤتيهم الله، وقرأ الأكثر «سوف نؤتيهم» بالنون، منهم ابن كثير ونافع وأبو عمرو). [المحرر الوجيز: 3/56]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:27 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:27 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلا من ظلم وكان اللّه سميعًا عليمًا (148) إن تبدوا خيرًا أو تخفوه أو تعفوا عن سوءٍ فإنّ اللّه كان عفوًّا قديرًا (149)}
قال [عليّ] بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: {لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول} يقول: لا يحبّ اللّه أن يدعو أحدٌ على أحدٍ، إلّا أن يكون مظلومًا، فإنّه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه، وذلك قوله: {إلا من ظلم} وإن صبر فهو خيرٌ له.
وقال أبو داود: حدّثنا عبيد اللّه بن معاذٍ، حدّثنا أبي، حدّثنا سفيان، عن حبيبٍ، عن عطاءٍ، عن عائشة قالت: سرق لها شيءٌ، فجعلت تدعو عليه، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم "لا تسبّخي عنه".
وقال الحسن البصريّ: لا يدع عليه، وليقل: اللّهمّ أعنّي عليه، واستخرج حقّي منه. وفي روايةٍ عنه قال: قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه من غير أن يعتدي عليه.
وقال عبد الكريم بن مالكٍ الجزريّ في هذه الآية: هو الرّجل يشتمك فتشتمه، ولكن إن افترى عليك فلا تفتر عليه؛ لقوله: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيلٍ} [الشّورى: 41].
وقال أبو داود: حدّثنا القعنبيّ، حدّثنا عبد العزيز بن محمّدٍ، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "المستبّان ما قالا فعلى البادئ منهما، ما لم يعتد المظلوم".
وقال عبد الرّزّاق: أنبأنا المثنّى بن الصّبّاح، عن مجاهدٍ في قوله: {لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلا من ظلم} قال: ضاف رجلٌ رجلًا فلم يؤدّ إليه حقّ ضيافته، فلمّا خرج أخبر النّاس، فقال: "ضفت فلانًا فلم يؤدّ إليّ حقّ ضيافتي". فذلك الجهر بالسّوء من القول إلّا من ظلم، حين لم يؤدّ الآخر إليه حقّ ضيافته.
وقال محمّد بن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ: {لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلا من ظلم} قال: قال هو الرّجل ينزل بالرّجل فلا يحسن ضيافته، فيخرج فيقول: "أساء ضيافتي، ولم يحسن". وفي روايةٍ هو الضّيف المحوّل رحله، فإنّه يجهر لصاحبه بالسّوء من القول.
وكذا روي عن غير واحدٍ، عن مجاهدٍ، نحو هذا. وقد روى الجماعة سوى النّسائيّ والتّرمذيّ، من طريق اللّيث بن سعدٍ -والتّرمذيّ من حديث ابن لهيعة-كلاهما عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن أبي الخير مرثد بن عبد اللّه، عن عقبة بن عامرٍ قال: قلنا يا رسول اللّه، إنّك تبعثنا فننزل بقومٍ فلا يقرونا، فما ترى في ذلك؟ قال: "إذا نزلتم بقومٍ فأمروا لكم بما ينبغي للضّيف، فاقبلوا منهم، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حقّ الضّيف الّذي ينبغي لهم".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدثنا شعبة، سمعت أبا الجوديّ يحدّث، عن سعيد بن المهاجر، عن المقدام أبي كريمة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "أيّما مسلمٍ ضاف قومًا، فأصبح الضّيف محرومًا، فإنّ حقًا على كلّ مسلمٍ نصره حتّى يأخذ بقرى ليلته من زرعه وماله".
تفرّد به أحمد من هذا الوجه وقال أحمد أيضًا: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، حدّثنا شعبة، حدّثني منصورٌ، عن الشّعبي عن المقدام أبي كريمة، سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "ليلة الضّيف واجبةٌ على كلّ مسلمٍ، فإن أصبح بفنائه محرومًا كان دينًا له عليه، إن شاء اقتضاه وإن شاء تركه".
ثمّ رواه أيضًا عن غندر عن شعبة. وعن زياد بن عبد اللّه البكّائي. عن وكيع، وأبي نعيم، عن سفيان الثّوريّ -ثلاثتهم عن منصورٍ، به. وكذا رواه أبو داود من حديث أبي عوانة، عن منصورٍ، به.
ومن هذه الأحاديث وأمثالها ذهب أحمد وغيره إلى وجوب الضّيافة، ومن هذا القبيل الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكرٍ البزّار.
حدّثنا عمرو بن عليٍّ، حدّثنا صفوان بن عيسى، حدّثنا محمّد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ أنّ رجلًا أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: إن لي جارًا يؤذيني، فقال له: "أخرج متاعك فضعه على الطّريق". فأخذ الرّجل متاعه فطرحه على الطّريق، فجعل كلّ من مرّ به قال: مالك؟ قال: جاري يؤذيني. فيقول: اللّهمّ العنه، اللّهمّ أخزه! قال: فقال الرّجل: ارجع إلى منزلك، وقال لا أوذيك أبدًا".
وقد رواه أبو داود في كتاب الأدب، عن أبي توبة الرّبيع بن نافعٍ، عن سليمان بن حيّان أبي خالدٍ الأحمر، عن محمّد بن عجلان به.
ثمّ قال البزّار: لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلّا بهذا الإسناد، ورواه أبو جحيفة وهب بن عبد اللّه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ويوسف بن عبد اللّه بن سلامٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 2/442-444]


تفسير قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إن تبدوا خيرًا أو تخفوه أو تعفوا عن سوءٍ فإنّ اللّه كان عفوًّا قديرًا} أي: إن تظهروا -أيّها النّاس-خيرًا، أو أخفيتموه، أو عفوتم عمّن أساء إليكم، فإنّ ذلك ممّا يقرّبكم عند اللّه ويجزل ثوابكم لديه، فإنّ من صفاته تعالى أن يعفو عن عباده مع قدرته على عقابهم. ولهذا قال: {إنّ اللّه كان عفوًّا قديرًا}؛ ولهذا ورد في الأثر: أنّ حملة العرش يسبّحون اللّه، فيقول بعضهم: سبحانك على حلمك بعد علمك. ويقول بعضهم: سبحانك على عفوك بعد قدرتك. وفي الحديث الصّحيح: "ما نقص مالٌ من صدقةٍ، ولا زاد اللّه عبدًا بعفوٍ إلّا عزًّا، ومن تواضع للّه رفعه الله"). [تفسير القرآن العظيم: 2/444]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ الّذين يكفرون باللّه ورسله ويريدون أن يفرّقوا بين اللّه ورسله ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلا (150) أولئك هم الكافرون حقًّا وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا (151) والّذين آمنوا باللّه ورسله ولم يفرّقوا بين أحدٍ منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان اللّه غفورًا رحيمًا (152)}
يتوعّد [تبارك و] تعالى الكافرين به وبرسله من اليهود والنّصارى، حيث فرّقوا بين اللّه ورسله في الإيمان، فآمنوا ببعض الأنبياء وكفروا ببعضٍ، بمجرّد التّشهّي والعادة، وما ألفوا عليه آباءهم، لا عن دليلٍ قادهم إلى ذلك، فإنّه لا سبيل لهم إلى ذلك بل بمجرّد الهوى والعصبيّة. فاليهود -عليهم لعائن اللّه-آمنوا بالأنبياء إلا عيسى ومحمد عليهما الصّلاة والسّلام، والنّصارى آمنوا بالأنبياء وكفروا بخاتمهم وأشرفهم محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، والسّامرة لا يؤمنون بنبيٍّ بعد يوشع خليفة موسى بن عمران، والمجوس يقال: إنّهم كانوا يؤمنون بنبيٍّ لهم يقال له زرادشت، ثمّ كفروا بشرعه، فرفع من بين أظهرهم، واللّه أعلم.
والمقصود أنّ من كفر بنبيٍّ من الأنبياء، فقد كفر بسائر الأنبياء، فإنّ الإيمان واجبٌ بكلّ نبيٍّ بعثه اللّه إلى أهل الأرض، فمن ردّ نبوّته للحسد أو العصبيّة أو التّشهّي تبيّن أنّ إيمانه بمن آمن به من الأنبياء ليس إيمانًا شرعيًّا، إنّما هو عن غرضٍ وهوًى وعصبيّةٍ؛ ولهذا قال تعالى: {إنّ الّذين يكفرون باللّه ورسله} فوسمهم بأنّهم كفّارٌ باللّه ورسله {ويريدون أن يفرّقوا بين اللّه ورسله} أي: في الإيمان {ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلا} أي: طريقًا ومسلكًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/445]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أخبر تعالى عنهم، فقال: {أولئك هم الكافرون حقًّا} أي: كفرهم محقّقٌ لا محالة بمن ادّعوا الإيمان به؛ لأنّه ليس شرعيًّا، إذ لو كانوا مؤمنين به لكونه رسول اللّه لآمنوا بنظيره، وبمن هو أوضح دليلًا وأقوى برهانًا منه، لو نظروا حقّ النّظر في نبوّته.
وقوله: {وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا} أي: كما استهانوا بمن كفروا به إمّا لعدم نظرهم فيما جاءهم به من اللّه، وإعراضهم عنه وإقبالهم على جمع حطام الدّنيا ممّا لا ضرورة بهم إليه، وإمّا بكفرهم به بعد علمهم بنبوّته، كما كان يفعله كثيرٌ من أحبار اليهود في زمان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حيث حسدوه على ما آتاه اللّه من النّبوّة العظيمة، وخالفوه وكذّبوه وعادوه وقاتلوه، فسلّط اللّه عليهم الذّلّ الدّنيويّ الموصول بالذّلّ الأخرويّ: {وضربت عليهم الذّلّة والمسكنة وباءوا بغضبٍ من اللّه} [البقرة: 61] في الدّنيا والآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/445]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {والّذين آمنوا باللّه ورسله ولم يفرّقوا بين أحدٍ منهم} يعني بذلك: أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فإنّهم يؤمنون بكلّ كتابٍ أنزله اللّه وبكلّ نبيٍّ بعثه اللّه، كما قال تعالى: {آمن الرّسول بما أنزل إليه من ربّه والمؤمنون كلٌّ آمن باللّه [وملائكته وكتبه ورسله لا نفرّق بين أحدٍ من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير]} [البقرة: 285].
ثمّ أخبر تعالى بأنّه قد أعدّ لهم الجزاء الجزيل والثّواب الجليل والعطاء الجميل، فقال: {أولئك سوف يؤتيهم أجورهم} على ما آمنوا باللّه ورسله {وكان اللّه غفورًا رحيمًا} أي: لذنوبهم أي: إن كان لبعضهم ذنوب). [تفسير القرآن العظيم: 2/445]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة