العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء عم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 جمادى الآخرة 1434هـ/24-04-2013م, 09:28 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة المطففين [ من الآية (18) إلى الآية (28) ]

{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)}
روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 10:09 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) }
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني الحارث عن محمّد بن عبيد اللّه ، عن العوفيّ ، عن ابن عبّاسٍ: {إنّ كتاب الأبرار لفي علّيّين}، قال: السماء السابعة العليا، و(كتاب الفجار لفي سجين)، قال: في الأرض السّابعة السّفلى). [الجامع في علوم القرآن: 2 /10-11]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {عليين}؛ قال فوق السماء السابعة عند قائمة العرش اليمنى). [تفسير عبد الرزاق: 2 /356]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يزيد بن موهبٍ قال: ثنا يحيى بن يمانٍ قال: ثنا أشعث، عن شمر بن عطيّة في قوله عزّ وجلّ: {إنّ كتاب الأبرار لفي عليين} قال: إذا عرج بروح المؤمن استقبله الملائكة المقرّبون في السّماء الدّنيا فيشيّعونه من السّماء العليا ثمّ رقم على روحه ثمّ قرأ: {وما أدراك ما عليون (19) كتابٌ مرقومٌ} ). [جزء تفسير يحيى بن اليمان: 36]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ}. والأبرارُ: جَمْعُ بَرٍّ، وهُم الَّذِينَ بَرُّوا اللَّهَ بأداءِ فرائضِهِ واجتنابِ محارمِه. وقد كانَ الحسنُ يقولُ: هُم الَّذِينَ لاَ يُؤْذُونَ شَيئاً حتَى الذَّرَّ.
- حدَّثنا ابْنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قالَ: ثنا هشامٌ، عن شيخٍ، عن الحسنِ قالَ: سئلَ عن الأَبْرَارِ، قالَ: الَّذِينَ لاَ يُؤْذُونَ الذرَّ.
- حدَّثنا إسحاقُ بنُ زيدٍ الخَطَّابِيُّ، قالَ: ثنا الفِرْيابِيُّ، عن السَّرِيِّ بنِ يَحْيى، عن الحسنِ، قالَ: الأَبْرَارُ هُم الَّذِينَ لاَ يُؤْذُونَ الذرَّ.
وقولُه: {لَفِي عِلِّيِّينَ}. اختلفَ أهلُ التأويلِ فِي معنَى {عِلِّيِّينَ}، فقالَ بَعْضُهُم: هِي الْسَّمَاءُ السابعةُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني يُونُسُ، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: أخبرني جريرُ بنُ حازمٍ، عن الأعمشِ، عن شمرِ بنِ عطيةَ، عن هلالِ بنِ يَسَافٍ، قالَ: سَأَلَ ابْنُ عبَّاسٍ كعباً وَأَنَا حاضرٌ عن العليِّينَ، فقالَ كعبٌ: هِي الْسَّمَاءُ السابعةُ، وَفِيهَا أرواحُ المؤمنينَ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ واضحٍ، قالَ: ثنا عبيدُ اللَّهِ، يعني العتكيُّ، عن قتادةَ فِي قولِهِ: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قالَ: فِي الْسَّمَاءِ الْعُلْيَا.
- حدَّثني عَلِيُّ بنُ الحسينِ الأزديُّ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ يَمانٍ، عن أسامةَ بنِ زيدٍ، عن أبيهِ، فِي قولِهِ: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قالَ: فِي الْسَّمَاءِ السابعةِ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قولَهُ: {عِلِّيُّونَ}. قالَ: الْسَّمَاءُ السابعةُ.
حُدِّثتْ عن الحسينِ، قالَ: سَمِعْتُ أَبا مَعَاذٍ يقولُ: أخبرنا عبيدٌ، قالَ: سَمِعْتُ الضَّحاكَ يقولُ فِي قولِهِ: {لَفِي عِلِّيِّينَ}: فِي الْسَّمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ.
وقالَ آخرونَ: بل العلِّيُّونَ: قائمةُ الْعَرْشِ اليمنى.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}: ذُكِرَ لَنَا أَن كعباً كانَ يقولُ: هِي قَائِمَةُ الْعَرْشِ اليمنى.
- حدَّثني عمرُ بنُ إِسْمَاعِيلَ بنِ مُجالدٍ، قالَ: ثنا مُطَرِّفُ بنُ مازنٍ قاضي اليمنِ، عن معمرٍ، عن قتادةَ فِي قولِهِ: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قالَ: عِلِّيُّونَ: قَائِمَةُ الْعَرْشِ اليمنى.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ {لَفِي عِلِّيِّينَ}. قالَ: فَوْقَ الْسَّمَاءِ السابعةِ، عِنْد قَائِمَةِ الْعَرْشِ اليمنى.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنَا يعقوبُ القُمِّيُّ، عن حفصٍ، عن شمرِ بنِ عطيةَ قالَ: جَاءَ ابْنُ عبَّاسٍ إلَى كعبِ الأَحْبَارِ، فسألَه، فقالَ: حدِّثْني عن قَوْلِ اللَّهِ: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}.... الآيَة، فقال كعبٌ: إِنَّ الرُّوحَ المؤمنةَ إِذا قُبِضتْ صُعِدَ بها، ففُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ الْسَّمَاءِ، وتلقَّتْها الْمَلائِكَةُ بِالْبُشْرَى، ثُمَّ عرجُوا مَعَهَا حتَى يَنتَهُوا إلَى الْعَرْشِ، فيخرجُ لَهَا مِن عِنْدِ الْعَرْشِ رَقٌّ، فيُرقَمُ، ثُمَّ يُخْتَمُ بمعرفتِها النَّجَاةَ بحسابِ يَومِ القيامةِ، وتشهدُ الْمَلاَئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ.
وقال آخرونَ: بلْ عُنِي بالعلِّيِّينَ الجَنَّةُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني عَلِيٌّ، قالَ: ثنا أبو صَالِحٍ، قالَ: ثني معاويةُ، عن عَلِيٍّ، عن ابْنِ عبَّاسٍ، قولَه: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قالَ: الجَنَّةِ.
وقالَ آخرونَ: عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني جعفرُ بنُ مُحَمَّدٍ البزوريُّ مِن أهلِ الكوفةِ، قالَ: ثنا يعلَى بنُ عبيدٍ، عن الأجلحِ، عن الضَّحاكِ، قالَ: إِذا قُبِضَ رُوحُ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ عُرجَ بِه إلَى الْسَّمَاءِ، فينطلقُ مَعَهُ الْمُقَرَّبُونَ إلَى الْسَّمَاءِ الثانيةِ، قالَ الأجلحُ: قُلْتُ: وما الْمُقَرَّبُونَ؟ قالَ: أَقْرَبُهُمْ إلَى الْسَّمَاءِ الثانيةِ، فينطلقُ مَعَهُ الْمُقَرَّبُونَ إلَى الْسَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ الرابعةِ، ثُمَّ الخامسةِ، ثُمَّ السادسةِ، ثُمَّ السابعةِ، حتَى يُنْتَهَى بِه إلَى سِدْرَةِ الْمُنتَهَى. قالَ الأجلحُ: قُلْتُ للضحَّاكِ: لِمَ تُسَمَّى سِدْرَةَ الْمُنتَهَى؟ قالَ: لأنه ينتهِي إِلَيْهَا كُلُّ شيءٍ مِن أَمْرِ اللَّهِ لاَ يعدُوها، فَيَقُولُون: رَبِّ، عبدُك فلانٌ، وهُو أَعْلَمُ بِه مِنْهُمْ، فيبعثُ اللَّهُ إِلَيْهِم بصَكٍّ مَخْتُومٍ يؤمِّنُه مِن العَذَابِ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}
وقال آخرونَ: بل عُنِيَ بالعلِّيِّينَ: فِي الْسَّمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أَبِي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيه، عن ابْنِ عبَّاسٍ، قولَهُ: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. يقولُ: أَعْمَالُهُمْ فِي كِتَابٍ عِنْدَ اللَّهِ فِي الْسَّمَاءِ.
والصوابُ مِن الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أخبرَ أَن كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ؛ والعلِّيُّونَ: جَمْعٌ، معناه: شيءٌ فَوْقَ شيءٍ، وعُلُوٌّ فَوْقَ عُلُوٍّ، وارتفاعٌ بَعْدَ ارتفاعٍ، فَلِذَلِكَ جُمعتْ بالياءِ والنونِ كجمعِ الرِّجَالِ إِذَا لم يَكُنْ لَهُ بِنَاءٌ مِن واحدِهِ واثنيهِ، كما حُكيَ عن بَعْضِ العربِ سماعاً: أَطْعَمَنا مرقةَ مرقينَ: يعني اللَّحمَ المطبوخَ، كما قالَ الشاعرُ:
قَدْ رَوِيتْ إِلاَّ الدُّهَيْدِهينـا.......قُلَيِّصَاتٍ وأُبَيْكِرِينَا
فقالَ: وأبيكرينا، فجمعَها بالنونِ إِذْ لم يَقْصِدْ عَدَداً معلوماً مِن البكارةِ، بلْ أرادَ عَدَداً لاَ يُحدُّ آخرُه، وكما قالَ الآخَرُ:
فَأَصْبَحَتْ المذاهبُ قَدْ أذاعتْ.......بها الإعصارُ بَعْدَ الوابلينَا
يعني: مَطَراً بَعْدَ مَطَرٍ غَيْرَ محدودِ العددِ، وكذلك تَفْعَلُ العربُ فِي كُلِّ جَمْعٍ لم يَكُنْ بِنَاءٌ لَه مِن واحدِه واثنيهِ، فجمعُه فِي جميعِ الإناثِ، والذكرانِ بالنونِ عَلَى مَا قَدْ بيَّنَّا، ومن ذَلِكَ قَوْلُهُمْ للرجالِ وَالنِّسَاءِ: عِشْرُونَ وثلاثونَ. فَإِذا كانَ ذَلِكَ كالذي ذَكَرْنَا، فبيِّنٌ أَنَّ قولَه: {لَفِي عِلِّيِّينَ} معناهُ: فِي علوٍّ وارتفاعٍ، فِي سَمَاءٍ فَوْقَ سَمَاءٍ، وعلوٍّ فَوْقَ علوٍّ. وجائزٌ أَنْ يكونَ ذَلِكَ إلَى الْسَّمَاءِ السابعةِ، وإلَى سِدْرَةِ الْمُنتَهَى، وإلَى قَائِمَةِ الْعَرْشِ، وَلاَ خبرَ يقطعُ العذرُ بِأَنَّه معنيٌّ بِه بَعْضُ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ.
والصوابُ أَنْ يُقَالَ فِي ذَلِكَ كما قالَ جلَّ ثناؤُه: إِنَّ كِتَابَ أعمالِ الأَبْرَارِ لَفِي ارتفاعٍ إلَى حدٍّ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ جلَّ وعزَّ منتهاهُ، وَلاَ عِلْمَ عِندَنَا بغايتِهِ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ لاَ يقصُرُ عن الْسَّمَاءِ السابعةِ؛ لإجماعِ الْحُجَّةِ مِن أهلِ التأويلِ عَلَى ذَلِكَ). [جامع البيان: 24 / 206-211]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد إن كتاب الأبرار لفي عليين قال العليون السماء السابعة). [تفسير مجاهد: 2 / 739 ]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قولُه تعالى: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}.
أخْرَجَ ابنُ المُبارَكِ في الزُّهْدِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ مِن طريقِ شِمْرِ بنِ عَطَيَّةَ: أَنَّ ابنَ عَبَّاسٍ سَأَلَ كَعْبَ الأَحْبَارِ عن قولِه: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}. قَالَ: إِنَّ رُوحَ الفَاجِرِ يُصْعَدُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فتَأْبَى السَّمَاءُ أَنْ تَقْبَلَهَا, فيُهْبَطُ بِهَا إلى الأَرْضِ فتَأْبَى الأَرْضُ أَنْ تَقْبَلَهَا، فيُدْخَلُ بِهَا تَحْتَ سَبْعِ أرَضِينَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إلى سِجِّينِ، وهو خَدُّ إِبْلِيسَ، فيُخْرَجُ لَهَا مِنْ تَحْتِ خَدِّ إِبْلِيسَ كِتَابٌ فيُخْتَمُ ويُوضَعُ تَحْتَ خَدِّ إِبْلِيسَ لهَلاكِه للحِسَابِ، فذلك قولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ}. وقولِه: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قَالَ: إِنَّ رُوحَ المُؤْمِنِ إِذَا قُبِضَتْ عُرِجَ بِهَا إلى السَّمَاءِ فتُفْتَحُ لَهَا أَبْوابُ السَّمَاءِ، وتَلْقَاهُ المَلائِكَةُ بالبُشْرَى حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إلى العَرْشِ، وتَعْرُجُ الملائكةُ فيُخْرَجُ لَهَا مِن تَحْتِ العَرْشِ رَقٌّ فيُرْقَمُ ويُخْتَمُ ويُوضَعُ تَحْتَ العَرْشِ لمَعْرِفَةِ النَّجَاةِ للحِسَابِ يومَ القيامةِ، ويَشْهَدُ الملائكةُ المُقَرَّبونَ، فذلك قولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقٌومٌ} ). [الدر المنثور: 15 / 292-293] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قَالَ: عِلِّيُّونَ فَوْقَ السماءِ السابعةِ عندَ قائمةِ العَرْشِ اليُمْنَى, {كِتَابٌ مَرْقُومٌ}. قَالَ: رُقِمَ لَهُمْ بخَيْرٍ, {يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}. قَالَ: المُقَرَّبُونَ مِنْ ملائكةِ اللَّهِ ). [الدر المنثور: 15 / 301]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, وابنُ أبي حَاتِمٍ عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {لَفِي عِلِّيِّينَ}. قَالَ: الجَنَّةُ. وفي قَوْلِهِ: {يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}. قَالَ: كُلُّ أَهْلِ سَمَاءٍ). [الدر المنثور: 15 / 302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ مِن طريقِ خَالِدِ بنِ عَرْعَرَةَ وأَبِي عُجَيْلٍ, أَنَّ ابنَ عَبَّاسٍ سَأَلَ كَعْباً عن قولِه تعالى: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} الآيةَ. قَالَ: إنَّ المؤمنَ يَحْضُرُه المَوْتُ ويَحْضُرُه رُسُلُ رَبِّه, فلا هم يَسْتَطِيعونَ أَنْ يُؤَخِّرُوهُ سَاعَةً ولا يُعَجِّلُوهُ حَتَّى تَجِيءَ سَاعَتُه، فإِذَا جاءتْ سَاعَتُه قَبَضُوا نَفْسَه، فدَفَعُوه إلى ملائكةِ الرَّحْمَةِ، فأَرَوْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُرُوهُ مِن الخيرِ، ثُمَّ عَرَجُوا برُوحِه إلى السَّماءِ فيُشَيِّعُهُ مِن كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهِ إلى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فيَضعُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِم، ولا يَنْتَظِرُونَ بِهِ صَلاتَكُمْ عليهِ، فَيَقولُونَ: اللَّهُمَّ, هذا عَبْدُكَ فُلانٌ قَبَضْنَا نَفْسَه -فيَدْعُونَ لَهُ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوا -فنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُشْهِدَنَا اليَوْمَ كِتَابَهُ. فيُنْشَرُ كِتَابُهُ مِن تَحْتِ العَرْشِ فيُثْبِتُونَ اسْمَهُ فِيهِ، وهم شُهودٌ، فذلك قولُه: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}. وسألَه عن قولِه: {إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} الآيةَ، قَالَ: إِنَّ العَبْدَ الكَافِرَ يَحْضُرُهُ المَوْتُ ويَحْضُرُه رُسُلُ اللَّهِ، فإِذَا جَاءَتْ سَاعَتُه قَبَضُوا نَفْسَهُ فدَفَعُوهُ إِلَى ملائكةِ العَذَابِ، فأَرَوْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُرُوهُ مِنَ الشَّرِّ, ثُمَّ هَبَطُوا بهِ إلى الأرضِ السُّفْلَى وهي سِجِّينٌ، وهي آخِرُ سُلطانِ إِبْلِيسَ، فأَثْبَتُوا كِتَابَهُ فيها. وسأَلَه عَنْ سِدْرَةِ المُنْتَهَى, فقَالَ: هي سِدْرَةٌ نَابِتَةٌ في السماءِ السابعةِ، ثمَّ عَلَتْ فانتَهَى عِلْمُ الخلائقِ إلى مَا دُونَها و{عِنْدَها جَنَّةُ المَأْوَى}. قَالَ: جَنَّةُ الشُّهَدَاءِ). [الدر المنثور: 15 / 303]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُبارَكِ, عن ضَمْرَةَ بنِ حَبِيبٍ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ:
«إِنَّ الملائكةَ يَرْفَعُونَ أَعْمَالَ العَبْدِ مِن عِبَادِ اللَّهِ يَسْتَكْثِرُونَهُ ويُزَكُّونَهُ حَتَّى يَبْلُغُوا بِهِ إِلَى حَيْثُ يَشَاءُ اللَّهُ مِن سُلْطَانِه، فيُوحِي اللَّهُ إليهم: إنَّكُمْ حَفَظَةٌ علَى عَمَلِ عَبْدِي, وأنا رَقِيبٌ عَلَى مَا فِي نَفْسِه, إِنَّ عَبْدِي هذا لَمْ يُخْلِصْ لِي عَمَلَهُ فاجْعَلُوهُ فِي سِجِّينٍ. ويَصْعَدُونَ بعَمَلِ العَبْدِ يَسْتَقِلُّونَهُ ويَحْقِرُونَهُ حَتَّى يَبْلُغوا بِهِ إلى حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ مِن سُلْطَانِه، فيُوحِي اللَّهُ إليهم: إنَّكُمْ حَفَظَةٌ علَى عَمَلِ عَبْدِي, وأنا رَقِيبٌ عَلَى مَا في نَفْسِه, إنَّ عَبْدِي هذا أَخْلَصَ لِي عَمَلَهُ فاجْعَلُوهُ فِي عِلِّيِّينَ» ). [الدر المنثور: 15 / 304-305]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ الضُّرَيْسِ, عن أُمِّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ: إِنَّ دَرَجَ الجَنَّةِ علَى عَدَدِ آيِ القُرْآنِ، وإِنَّهُ يُقَالُ لصَاحِبِ القُرْآنِ: اقْرَأْ وارْقَهْ. فإِنْ كَانَ قَدْ قرَأَ ثُلُثَ القُرْآنِ كانَ عَلَى الثُّلُثِ مِن دَرَجِ الجَنَّةِ، وإِنْ كَانَ قَدْ قَرَأَ نِصْفَ القُرْآنِ كَانَ عَلَى النِّصْفِ مِن دَرَجِ الجَنَّةِ, وإِنْ كَانَ قَدْ قَرَأَ القُرْآنَ كُلَّهُ كَانَ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ، ولَمْ يَكُنْ فَوْقَهُ أَحَدٌ مِنَ الصدِّيقِينَ والشُّهداءِ). [الدر المنثور: 15 / 305]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وأخْرَجَ أَحْمَدُ وأَبُو دَاوُدَ وَالطَّبَرَانِيُّ وابنُ مَرْدُويَهْ, عن أبي أُمامَةَ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ:
«صَلاةٌ عَلَى إثْرِ صَلاةٍ لا لَغْوٌ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عَلِّيِّين »). [الدر المنثور: 15 / 305]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ, عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو قَالَ: إِنَّ لأَهْلِ عِلِّيِّينَ كُوًى يُشْرِفُونَ مِنْهَا, فإِذَا أَشْرَفَ أَحَدُهُم أَشْرَقَتِ الجَنَّةُ، فيَقُولُ أَهْلُ الجَنَّةِ: قَدْ أَشْرَفَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ عِلِّيِّينَ ). [الدر المنثور: 15 / 305-306]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ, عن مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ قَالَ: يُرَى فِي الجَنَّةِ كهَيْئَةِ البَرْقِ, فيُقَالُ: ما هذا؟ قِيلَ: رَجُلٌ مِن أَهْلِ عِلِّيِّينَ, تَحَوَّلَ مِن غُرْفَةٍ إلى غُرْفَةٍ ). [الدر المنثور: 15 / 306]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19)}.
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني عمارة بن عيسى، عن يونس بن يزيد، عن من حدثه، عن ابن عباس أنه قال: لكعب: أخبرني عن ست آياتٍ في القرآن لم أكن علمتهن، ولا تخبرني عنهن إلا ما تجد في كتاب الله المنزل: ما {سجين}، وما {عليون}، وما {سدرة المنتهى}، وما {جنة المأوى}، وما بال {أصحاب الرس}، ذكرهم الله في الكتاب، وما بال {طالوت}، رغب عنه قومه، وما بال إدريس ذكره الله فقال: {رفعناه مكانا عليا}؛ قال: كعب: والذي نفسي بيده، لا أخبرك عنهن إلا بما أجد في كتاب الله المنزل؛ أما {سجين}، فإنها شجرةٌ سوداء تحت الأرضين السبع مكتوبٌ فيها اسم كل شيطان، فإذا قبضت نفس الكافر عرج بها إلى السماء فغلقت أبواب السماء دونها، ثم ترمى إلى سجين، فذلك سجين؛ وأما {عليون}، فإنه إذا قبضت نفس المرء المسلم عرج بها إلى السماء وفتحت لها أبواب السماء، حتى ينتهي إلى العرش فيكتب له نزله وكرامته، فذلك عليون، أما {سدرة المنتهى}، فإنها شجرةٌ عن يمين العرش انتهى إليها علم العلماء، فلا يعلم العلماء ما وراء تلك السدرة؛ أما {جنة المأوى}، فإنها جنةٌ يأوى إليها أرواح المؤمنين؛ وأما {أصحاب الرس}، فإنهم كانوا قوما مؤمنين يعبدون الله في ملك جبارٍ لا يعبد الله، فخيرهم في أن يكفروا أو يقتلهم، فاختاروا القتل على الكفر، فقتلهم، ثم رمى بهم في قليب، فبذلك سموا أصحاب الرس؛ وأما طالوت، فإنه كان من غير السبط الذي الملك فيه، فبذلك رغب قومه عنه؛ وأما إدريس، فإنه كان يعرج بعمله إلى السماء فيعدل عمله جميع عمل أهل الأرض، فاستأذن فيه ملكٌ من الملائكة أن يؤاخيه، فأذن الله له أن يؤاخيه، فسأله إدريس: أي أخي، هل بينك وبين ملك الموت إخاءٌ، فقال نعم، ذلك أخي دون الملائكة وهم يتآخون كما يتآخى بنو آدم، قال: هل لك أن تسأله لي كم بقي من أجلي لكي أزداد في العمل، قال: إن شئت سألته وأنت تسمع قال: فجعله الملك تحت جناحه حتى صعد به إلى السماء فسأل ملك الموت: أي أخي، كم بقى من أجل إدريس، قال: ما أدري حتى أنظر، قال: فنظر، قال: إنك تسألني عن رجلٍ ما بقى من أجله إلا طرف عينٍ؛ قال: فنظر الملك تحت جناحه، فإذا إدريس قد قبض وهو لا يشعر). [الجامع في علوم القرآن: 1 / 29-30] (م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني جرير بن حازم عن سليمان الأعمش عن شمر بن عطية عن هلال بن يساف قال: كنا جلوسا إلى كعب أنا وربيع بن خثيم وخالد بن عرعرة ورهطٌ من أصحابنا فأقبل ابن عباس رجلٌ جميلٌ حسن الشعرة، فقال القوم: هذا ابن عم نبيكم فأوسعوا له؛ فجلس إلى جنب كعب فقال: يا كعب، كل القرآن قد علمت فيما أنزل غير ثلاثة أمور، إن كان لك بها علمٌ فأخبرني عنها؛ أخبرني ما {سجينٌ}، وما {عليون}، وما {سدرة المنتهى}، وما قول الله لإدريس: {ورفعناه مكانا عليا}، قال كعب: أما {سجين} فإنها الأرض السابعة السفلى وفيها أرواح الكفار تحت حد إبليس، وأما {عليون} فإنها السماء السابعة وفيها أرواح المؤمنين، وأما {إدريس} فإن الله أوحى إليه إني رافعٌ لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم، فأحب أن تزداد عملا، فأتاه خليلٌ له من الملائكة، فقال له: إن الله أوحى إلي كذا وكذا، فكلم لي ملك الموت فليؤخرني حتى أزداد عملا؛ فحمل بين جناحيه، ثم صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاهم ملك الموت منحدرا فكلمه، فكلمه ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: أين إدريس، فقال: ها هو ذا على ظهري، فقال ملك الموت: فالعجب بعثت قبل أن أقبض روح إدريس في السماء الرابعة وهو في الأرض؛ فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض، فقبض روحه هناك؛ فذلك قول الله {ورفعناه مكانا عليا}، وأما {سدرة المنتهى}، فإنها سدرة على رؤوس حملة العرش ينتهي إليها علم الخلائق، ثم ليس لأحد وراءها علمٌ، فلذلك سميت سدرة المنتهى لانتهاء العلم إليها). [الجامع في علوم القرآن: 2 /79-81] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ}. يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لنبيِّهِ محمَّدٍ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ معجِّبَهُ مِن عِلِّيِّينَ: وأيُّ شيءٍ أشعرَكَ يَا مُحَمَّدُ مَا عِلِّيُّونَ ؟! ). [جامع البيان: 24 / 211]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قولُه تعالى: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}.
أخْرَجَ ابنُ المُبارَكِ في الزُّهْدِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ مِن طريقِ شِمْرِ بنِ عَطَيَّةَ: أَنَّ ابنَ عَبَّاسٍ سَأَلَ كَعْبَ الأَحْبَارِ عن قولِه: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}. قَالَ: إِنَّ رُوحَ الفَاجِرِ يُصْعَدُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فتَأْبَى السَّمَاءُ أَنْ تَقْبَلَهَا, فيُهْبَطُ بِهَا إلى الأَرْضِ فتَأْبَى الأَرْضُ أَنْ تَقْبَلَهَا، فيُدْخَلُ بِهَا تَحْتَ سَبْعِ أرَضِينَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إلى سِجِّينِ، وهو خَدُّ إِبْلِيسَ، فيُخْرَجُ لَهَا مِنْ تَحْتِ خَدِّ إِبْلِيسَ كِتَابٌ فيُخْتَمُ ويُوضَعُ تَحْتَ خَدِّ إِبْلِيسَ لهَلاكِه للحِسَابِ، فذلك قولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ}. وقولِه: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قَالَ: إِنَّ رُوحَ المُؤْمِنِ إِذَا قُبِضَتْ عُرِجَ بِهَا إلى السَّمَاءِ فتُفْتَحُ لَهَا أَبْوابُ السَّمَاءِ، وتَلْقَاهُ المَلائِكَةُ بالبُشْرَى حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إلى العَرْشِ، وتَعْرُجُ الملائكةُ فيُخْرَجُ لَهَا مِن تَحْتِ العَرْشِ رَقٌّ فيُرْقَمُ ويُخْتَمُ ويُوضَعُ تَحْتَ العَرْشِ لمَعْرِفَةِ النَّجَاةِ للحِسَابِ يومَ القيامةِ، ويَشْهَدُ الملائكةُ المُقَرَّبونَ، فذلك قولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقٌومٌ} ). [الدر المنثور: 15 / 292-293] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عن كَعْبٍ قَالَ: هي قائمةُ العَرْشِ اليُمْنَى). [الدر المنثور: 15 / 302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: عِلِّيُّونَ: السَّمَاءُ السابعةُ). [الدر المنثور: 15 / 302]

تفسير قوله تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20)}
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يزيد بن موهبٍ قال: ثنا يحيى بن يمانٍ قال: ثنا أشعث عن شمر بن عطيّة في قوله عزّ وجلّ: {إنّ كتاب الأبرار لفي عليين} قال: إذا عرج بروح المؤمن استقبله الملائكة المقرّبون في السّماء الدّنيا فيشيّعونه من السّماء العليا ثمّ رقم على روحه ثمّ قرأ: {وما أدراك ما عليون (19) كتابٌ مرقومٌ}). [جزء تفسير يحيى بن اليمان: 36] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ}. يقولُ جلَّ ثناؤُه: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}، {كِتَابٌ مَرْقُومٌ} أَيْ: مكتوبٌ بأمانٍ مِن اللَّهِ إيَّاهُ مِن الْنَّارِ يَومَ القيامةِ، والفوزِ بِالْجَنَّةِ، كما قد ذكرناهُ قَبْلُ عن كعبِ الأَحْبَارِ والضحَّاكِ بنِ مُزاحِمٍ.
وكما حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ} رُقِمَ لهم). [جامع البيان: 24 / 211]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قولُه تعالى: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}.
أخْرَجَ ابنُ المُبارَكِ في الزُّهْدِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ مِن طريقِ شِمْرِ بنِ عَطَيَّةَ: أَنَّ ابنَ عَبَّاسٍ سَأَلَ كَعْبَ الأَحْبَارِ عن قولِه: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}. قَالَ: إِنَّ رُوحَ الفَاجِرِ يُصْعَدُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فتَأْبَى السَّمَاءُ أَنْ تَقْبَلَهَا, فيُهْبَطُ بِهَا إلى الأَرْضِ فتَأْبَى الأَرْضُ أَنْ تَقْبَلَهَا، فيُدْخَلُ بِهَا تَحْتَ سَبْعِ أرَضِينَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إلى سِجِّينِ، وهو خَدُّ إِبْلِيسَ، فيُخْرَجُ لَهَا مِنْ تَحْتِ خَدِّ إِبْلِيسَ كِتَابٌ فيُخْتَمُ ويُوضَعُ تَحْتَ خَدِّ إِبْلِيسَ لهَلاكِه للحِسَابِ، فذلك قولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ}. وقولِه: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قَالَ: إِنَّ رُوحَ المُؤْمِنِ إِذَا قُبِضَتْ عُرِجَ بِهَا إلى السَّمَاءِ فتُفْتَحُ لَهَا أَبْوابُ السَّمَاءِ، وتَلْقَاهُ المَلائِكَةُ بالبُشْرَى حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إلى العَرْشِ، وتَعْرُجُ الملائكةُ فيُخْرَجُ لَهَا مِن تَحْتِ العَرْشِ رَقٌّ فيُرْقَمُ ويُخْتَمُ ويُوضَعُ تَحْتَ العَرْشِ لمَعْرِفَةِ النَّجَاةِ للحِسَابِ يومَ القيامةِ، ويَشْهَدُ الملائكةُ المُقَرَّبونَ، فذلك قولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقٌومٌ} ). [الدر المنثور: 15 / 292-293] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قَالَ: عِلِّيُّونَ فَوْقَ السماءِ السابعةِ عندَ قائمةِ العَرْشِ اليُمْنَى, {كِتَابٌ مَرْقُومٌ}. قَالَ: رُقِمَ لَهُمْ بخَيْرٍ, {يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}. قَالَ: المُقَرَّبُونَ مِنْ ملائكةِ اللَّهِ). [الدر المنثور: 15 / 301] (م)

تفسير قوله تعالى: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}. يقولُ: يَشْهَدُ ذَلِكَ الكِتَابَ المكتوبَ بأمانِ اللَّهِ للبَرِّ مِن عِبَادِهِ مِن النَّارِ، وفوزِهِ بِالْجَنَّةِ، الْمُقَرَّبُونَ مِن ملائكتِه مِن كُلِّ سَمَاءٍ مِن السماواتِ السَّبْعِ.
وبنحوِ الذي قلْنا فِي ذَلِكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أَبِي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيهِ، عن ابْنِ عبَّاسٍ: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}. قالَ: كُلُّ أهلِ السَّمَاءِ.
- حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قولَهُ: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}: مِن مَلاَئِكَة اللَّهِ.
حُدِّثْتُ عن الحسين،ِ قالَ: سَمِعْتُ أَبا مَعَاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ فِي قولِهِ: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}. قالَ: يَشْهَدُهُ مقرَّبو أهلِ كُلِّ سَمَاءٍ.
- حدَّثني يُونُس، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ فِي قولِهِ: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}. قالَ: الْمَلاَئِكَةُ). [جامع البيان: 24 / 211-212]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}. قَالَ: عِلِّيُّونَ فَوْقَ السماءِ السابعةِ عندَ قائمةِ العَرْشِ اليُمْنَى, {كِتَابٌ مَرْقُومٌ}. قَالَ: رُقِمَ لَهُمْ بخَيْرٍ, {يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}. قَالَ: المُقَرَّبُونَ مِنْ ملائكةِ اللَّهِ). [الدر المنثور: 15 / 301] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ مِن طريقِ الأَجْلَحِ, عن الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللَّهُ عنه قَالَ: إِذَا قُبِضَ رُوحُ العَبْدِ المُؤْمِنِ عُرِجَ بِهِ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيا، فيَنْطَلِقُ مَعَه المُقَرَّبُونَ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ. قَالَ الأَجْلَحُ: فقُلْتُ: وَمَا المُقَرَّبُونَ؟ قَالَ: أَقْرَبُهُمْ إِلَى السماءِ الثانيةِ ثمَّ الثالثةِ ثمَّ الرابعةِ ثمَّ الخامسةِ ثمَّ السادسةِ ثمَّ السابعةِ, حتى يُنْتَهَى به إلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى. فقَالَ الأَجْلَحُ: فقُلْتُ للضَّحَّاكِ: ولِمَ تُسَمَّى سِدْرَةَ المُنْتَهَى؟ قَالَ: لأنَّه يَنْتَهِي إليها كلُّ شَيْءٍ مِن أَمْرِ اللَّهِ لا يَعْدُوها. فيقولونَ: رَبِّ, عَبْدُكَ فُلانٌ. وهو أَعْلَمُ بِهِ منهم، فيَبْعَثُ اللَّهُ إليهم بصَكٍّ مَخْتُومٍ بِأَمْنِهِ مِنَ العَذَابِ، وذلك قولُه: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}). [الدر المنثور: 15 / 302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, وابنُ أبي حَاتِمٍ عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {لَفِي عِلِّيِّينَ}. قَالَ: الجَنَّةُ. وفي قَوْلِهِ: {يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}. قَالَ: كُلُّ أَهْلِ سَمَاءٍ). [الدر المنثور: 15 / 302] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عن ابنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: {يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}. قَالَ: هم مُقَرَّبُو أَهْلِ كُلِّ سماءٍ, إِذَا مَرَّ بِهِم عَمَلُ المُؤْمِنِ شَيَّعَهُ مُقَرَّبو أهلِ كُلِّ سماءٍ, حَتَّى يَنْتَهِيَ العَمَلُ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فيَشْهَدُونَ حَتَّى يُثْبَتَ في السَّمَاءِ السَّابِعَةِ). [الدر المنثور: 15 / 302-303]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ مِن طريقِ خَالِدِ بنِ عَرْعَرَةَ وأَبِي عُجَيْلٍ, أَنَّ ابنَ عَبَّاسٍ سَأَلَ كَعْباً عن قولِه تعالى: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} الآيةَ. قَالَ: إنَّ المؤمنَ يَحْضُرُه المَوْتُ ويَحْضُرُه رُسُلُ رَبِّه, فلا هم يَسْتَطِيعونَ أَنْ يُؤَخِّرُوهُ سَاعَةً ولا يُعَجِّلُوهُ حَتَّى تَجِيءَ سَاعَتُه، فإِذَا جاءتْ سَاعَتُه قَبَضُوا نَفْسَه، فدَفَعُوه إلى ملائكةِ الرَّحْمَةِ، فأَرَوْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُرُوهُ مِن الخيرِ، ثُمَّ عَرَجُوا برُوحِه إلى السَّماءِ فيُشَيِّعُهُ مِن كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهِ إلى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فيَضعُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِم، ولا يَنْتَظِرُونَ بِهِ صَلاتَكُمْ عليهِ، فَيَقولُونَ: اللَّهُمَّ, هذا عَبْدُكَ فُلانٌ قَبَضْنَا نَفْسَه -فيَدْعُونَ لَهُ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوا -فنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُشْهِدَنَا اليَوْمَ كِتَابَهُ. فيُنْشَرُ كِتَابُهُ مِن تَحْتِ العَرْشِ فيُثْبِتُونَ اسْمَهُ فِيهِ، وهم شُهودٌ، فذلك قولُه: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}. وسألَه عن قولِه: {إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} الآيةَ، قَالَ: إِنَّ العَبْدَ الكَافِرَ يَحْضُرُهُ المَوْتُ ويَحْضُرُه رُسُلُ اللَّهِ، فإِذَا جَاءَتْ سَاعَتُه قَبَضُوا نَفْسَهُ فدَفَعُوهُ إِلَى ملائكةِ العَذَابِ، فأَرَوْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُرُوهُ مِنَ الشَّرِّ, ثُمَّ هَبَطُوا بهِ إلى الأرضِ السُّفْلَى وهي سِجِّينٌ، وهي آخِرُ سُلطانِ إِبْلِيسَ، فأَثْبَتُوا كِتَابَهُ فيها. وسأَلَه عَنْ سِدْرَةِ المُنْتَهَى, فقَالَ: هي سِدْرَةٌ نَابِتَةٌ في السماءِ السابعةِ، ثمَّ عَلَتْ فانتَهَى عِلْمُ الخلائقِ إلى مَا دُونَها و{عِنْدَها جَنَّةُ المَأْوَى}. قَالَ: جَنَّةُ الشُّهَدَاءِ). [الدر المنثور: 15 / 303] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ}. يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ الأَبْرَارَ الَّذِينَ بَرُّوا باتِّقاءِ اللَّهِ، وأداءِ فرائضِهِ، لَفِي نَعِيمٍ دائمٍ، لاَ يزولُ يَومَ القيامةِ، وذلك نعيمُهم فِي الجِنانِ). [جامع البيان: 24 / 212]

تفسير قوله تعالى: {عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يعني تَعَالَى ذِكْرُهُ بقولِه: {عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} عَلَى السُّرُرِ فِي الحِجالِ مِن اللُّؤْلُؤِ والياقوتِ، ينظرونَ إلَى مَا أعطاهم اللَّهُ مِن الكرامةِ والنعيمِ، والحبْرةِ فِي الجنانِ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بن عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَهُ: {عَلَى الأَرَائِكِ}. قالَ: مِن اللُّؤْلُؤِ والياقوتِ.
قالَ: ثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن حُصَيْنٍ، عن مجاهدٍ، عن ابْنِ عبَّاسٍ: {الأَرَائِكِ}: السررِ فِي الحجالِ). [جامع البيان: 24 / 213]

تفسير قوله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( وقولُه: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ}. يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: تعرفُ فِي الأَبْرَارِ الَّذِينَ وصفَ اللَّهُ صفتَهم {نَضْرَةَ النَّعِيمِ}، يعني: حُسنَه وبريقَه وتلألُؤَهُ.
واختلفت القَرَأَةُ فِي قراءةِ قولِه: {تَعْرِفُ} فقرأتْه عامَّةُ قَرَأَةِ الأمصارِ سِوَى أَبِي جعفرٍ القارئِ: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ} بفتحِ التاءِ مِن (تَعْرِفُ) عَلَى وجهِ الْخِطَابِ {نَضْرَةَ النَّعِيمِ} بِنَصْبِ (نَضْرَةَ). وقرأَ ذَلِكَ أبو جعفرٍ: (تُعْرَفُ) بضمِّ التاءِ، عَلَى وجهِ مَا لم يُسمَّ فاعلُه، (فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ)، برفعِ (نَضْرَةُ).
والصوابُ مِن القراءةِ فِي ذَلِكَ عِندَنَا: مَا عَلَيْهِ قَرَأَةُ الأمصارِ، وذلك فَتْحُ التاءِ مِن {تَعْرِفُ} ونصبِ {نَضْرَةَ} ). [جامع البيان: 24 / 213-214]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عن علِيٍّ في قَوْلِهِ: {نَضْرَةَ النَّعِيمِ}. قَالَ: هي عَيْنٌ في الجَنَّةِ يَتَوضَّؤُونَ مِنْهَا ويَغْتَسِلونَ فتَجْرِي عليهم نَضْرَةُ النَّعِيمِ ). [الدر المنثور: 15 / 306]

تفسير قوله تعالى: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) }
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : ( قولُهُ : (الرَّحيقُ: الخمرُ، خِتَامُهُ مِسكٌ: طِينُهُ التَّسنِيمُ يَعلُو شَرَابَ أهْلِ الجَنَّةِ)، ثَبَتَ هَذَا للنَّسَفِيِّ وحدَهُ، وتَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الخَلْقِ). [فتح الباري: 8 / 696]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (الرَّحِيقُ: الخَمْرُ، خِتامُهُ مِسْكٌ: طِينَتُهُ التَّسْنيمُ يَعْلُو شَرَابَ أهْلِ الجَنَّةِ.
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ} وَفَسَّرَ الرَّحِيقَ بِالْخَمْرِ، وأَشَارَ بِقَوْلِهِ: خِتَامُهُ مِسْكٌ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ} يَعْنِي خُتِمَتْ بِمِسْكٍ، وَمُنِعَتْ مِنْ أَنْ يَمَسَّهَا مَاسٌّ أَوْ تَتَنَاوَلُهَا يَدٌ إِلَى أَنْ يَفُكَّ خَتْمَهُا الأَبْرَارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وأَشَارَ بِقَوْلِهِ: طِينَتُهُ التَّسْنِيمُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} قَالَ الضَّحَّاكُ: وَهُوَ شَرَابٌ اسْمُهُ تَسْنِيمٌ، وَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ الشَّرَابِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يُسَمَّى تَسْنِيمًا؛ لأَنَّهُ يَتَسَنَّمُ فَيَنْصَبُّ عَلَيْهِمُ انْصِبَابًا مِنْ فوقِهم فِي غُرَفِهِمْ وَمَنازلِهم يَجْرِي مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ إِلَى أَهْلِ الِجِنَانِ، وَهَذَا ثَبَتَ لِلنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ، وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذلك فِي بَدْءِ الْخَلْقِ). [عمدة القاري: 19 / 283]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (الرَّحِيقُ) أي: (الْخَمْرُ) الْخَالِصُ مِنَ الدَّنَسِ. (خِتَامُهُ مِسْكٌ) أي: (طِينُهُ) أو آخِرُ شُرْبِهِ يَفُوحُ منه رائحَةُ الْمِسْكِ (التَّسْنِيمُ يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ) أي: يَنْصَبُّ عَلَيْهِمْ مِنْ عُلُوٍّ في غُرَفِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ، أو يَجْرِي في الْهَوَاءِ مُتَسَنِّمًا فَيَنْصَبُّ في أَوَانِيهِمْ على قَدْرِ مَلْئِهَا، فإذا امْتَلأَتْ أَمْسَكَ، وَهَذَا ثَابِتٌ لِلنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ من قَوْلِهِ: الرَّحِيقُ إلخ). [إرشاد الساري: 7 / 413]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. يقولُ: يُسْقَى هَؤُلاءِ الأَبْرَارُ مِن خَمْرٍ صِرْفٍ لاَ غِشَّ فيها.
وبنحوِ الذي قلْنا فِي ذَلِكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني عَلِيٌّ، قالَ: ثنا أبو صَالِحٍ، قالَ: ثني معاويةُ، عن عَلِيٍّ، عن ابْنِ عبَّاسٍ فِي قولِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قالَ: مِن الْخَمْرِ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أَبِي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيهِ، عن ابْنِ عبَّاسٍ، قولَهُ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. يعني بالرحيقِ الْخَمْرَ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قولَهُ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ}. قالَ: خَمْرٍ.
-حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ قالَ: الرحيقُ الْخَمْرُ.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ {رَحِيقٍ} قالَ: هو الْخَمْرُ.
- حدَّثنا بِشْرٌ قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قولَهُ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. يقولُ: الْخَمْرِ.
- حدَّثني يُونُسُ، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ، فِي قولِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}: الرحيقُ المختومُ: الْخَمْرُ؛ قالَ حَسَّانُ:
يَسْقُونَ مَنْ ورَدَ البريصَ عليهمُ = برَدَى يُصفِّقُ بالرحيقِ السَّلْسلِ
- حدَّثني يعقوبُ، قالَ: ثنا ابْنُ عليَّةَ، عن أَبِي رجاءٍ، عن الحسنِ، فِي قولِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قالَ: هو الْخَمْرُ.
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن الأعمشِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ، عن مسروقٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ، قالَ: الرحيقُ: الْخَمْرُ). [جامع البيان: 24 / 214-215]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يسقون من رحيق مختوم قال الرحيق الخمر). [تفسير مجاهد: 2 / 739]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ سَعِيدُ بنُ مَنْصورٍ وابنُ أبي شَيْبَةَ وهَنَّادٌ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ, عن ابنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: الرَّحِيقُ: الخَمْرُ, والمَخْتُومُ: يَجِدُونَ عَاقِبَتَها طَعْمَ المِسْكِ). [الدر المنثور: 15 / 306]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: هي الخَمْرُ.{خِتَامُهُ مِسْكٌ} قالَ: عَاقِبَتُهُ مِسْكٌ؛ قَوْمٌ يُمْزَجُ لَهُمْ بالكَافُورِ، ويُخْتَمُ لَهُمْ بالمِسْكِ, {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: شَرَابٌ مِنْ أَشْرَفِ الشَّرَابِ, {عَيْناً} فِي الجَنَّةِ, {يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبُونَ} صِرْفاً, ويُمْزَجُ لسَائِرِ أَهْلِ الجَنَّةِ). [الدر المنثور: 15 / 306-307]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: الخَمْرُ, {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: طِينُهُ مِسْكٌ, {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: تَسْنِيمٌ عليهم مِن فَوْقِ دورِهِم). [الدر المنثور: 15 / 307]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنِ الحَسَنِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: هي الخَمْرُ، {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: خَفَايَا أَخْفَاهَا اللَّهُ لأهلِ الجنةِ). [الدر المنثور: 15 / 307]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: الخَمْرُ, {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: آخِرُ طَعْمِه مِسْكٌ). [الدر المنثور: 15 / 307]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وهَنَّادٌ وابنُ المُنْذِرِ, عن ابنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: {مَخْتُومٍ}. قَالَ: مَمْزُوجٍ, {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: طَعْمُهُ ورِيحُه). [الدر المنثور: 15 / 308]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في (البَعْثِ) مِن طَرِيقِ عَلِيٍّ, عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {مِنْ رَحِيقٍ} خمرٍ، {مَخْتُومٍ}. قَالَ: خُتِمَ بالمِسْكِ). [الدر المنثور: 15 / 308-309]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ أحمدُ وابنُ مَرْدُويَهْ, عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَفَعَهُ: ((أَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِناً شَرْبَةً عَلَى ظَمَأٍ سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ الرَّحِيقِ المَخْتُومِ)) ). [الدر المنثور: 15 / 309]

تفسير قوله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) }
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا رجل، عن جابر، عن عبد الرحمن بن سابط، قال: قال أبو الدرداء {ختامه مسك} [سورة المطففين: 26] قال: شرابٌ أبيض مثل الفضة يختمون بها آخر شرابهم، لو أن رجلًا من أهل الدنيا أدخل فيه يده ثم أخرجها لم يبق ذو روحٍ إلا وجد ريح طيبها).[الزهد لابن المبارك: 2/ 569]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سفيان عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن زيد بن معاوية، عن علقمة بن قيس، عن ابن مسعود، قال: {ختامه مسك}، قال: خلطه وليس بخاتم يختمه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 569]

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني محمّدٌ، عن سفيان الثّوريّ، عن الأشعث بن أبي الشّعثاء عن يزيد بن معاوية، عن علقمة بن قيسٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ أنّه قال في قول الله: {ختامه مسكٌ}، قال: ليس بخاتمٍ يختم، ألم تر قول المرأة من نساءكم إن خلطه من الطّيب كذا وكذا، إنّما هو خلطه مسكٌ، ليس بخاتمٍ يختتم). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 143]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى من رحيق مختوم قال هو الخمر ختامه مسك قال عاقبته مسك). [تفسير عبد الرزاق: 2 / 356]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ : (الرَّحيقُ: الخمرُ، خِتَامُهُ مِسكٌ: طِينُهُ التَّسنِيمُ يَعلُو شَرَابَ أهْلِ الجَنَّةِ)، ثَبَتَ هَذَا للنَّسَفِيِّ وحدَهُ، وتَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الخَلْقِ). [فتح الباري: 8 / 696] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (الرَّحِيقُ: الخَمْرُ، خِتامُهُ مِسْكٌ: طِينَتُهُ التَّسْنيمُ يَعْلُو شَرَابَ أهْلِ الجَنَّةِ.
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ} وَفَسَّرَ الرَّحِيقَ بِالْخَمْرِ، وأَشَارَ بِقَوْلِهِ: خِتَامُهُ مِسْكٌ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ} يَعْنِي خُتِمَتْ بِمِسْكٍ، وَمُنِعَتْ مِنْ أَنْ يَمَسَّهَا مَاسٌّ أَوْ تَتَنَاوَلُهَا يَدٌ إِلَى أَنْ يَفُكَّ خَتْمَهُا الأَبْرَارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وأَشَارَ بِقَوْلِهِ: طِينَتُهُ التَّسْنِيمُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} قَالَ الضَّحَّاكُ: وَهُوَ شَرَابٌ اسْمُهُ تَسْنِيمٌ، وَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ الشَّرَابِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يُسَمَّى تَسْنِيمًا؛ لأَنَّهُ يَتَسَنَّمُ فَيَنْصَبُّ عَلَيْهِمُ انْصِبَابًا مِنْ فوقِهم فِي غُرَفِهِمْ وَمَنازلِهم يَجْرِي مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ إِلَى أَهْلِ الِجِنَانِ، وَهَذَا ثَبَتَ لِلنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ، وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذلك فِي بَدْءِ الْخَلْقِ). [عمدة القاري: 19 / 283] (م)
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (الرَّحِيقُ) أي: (الْخَمْرُ) الْخَالِصُ مِنَ الدَّنَسِ. (خِتَامُهُ مِسْكٌ) أي: (طِينُهُ) أو آخِرُ شُرْبِهِ يَفُوحُ منه رائحَةُ الْمِسْكِ (التَّسْنِيمُ يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ) أي: يَنْصَبُّ عَلَيْهِمْ مِنْ عُلُوٍّ في غُرَفِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ، أو يَجْرِي في الْهَوَاءِ مُتَسَنِّمًا فَيَنْصَبُّ في أَوَانِيهِمْ على قَدْرِ مَلْئِهَا، فإذا امْتَلأَتْ أَمْسَكَ، وَهَذَا ثَابِتٌ لِلنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ من قَوْلِهِ: الرَّحِيقُ إلخ). [إرشاد الساري: 7 / 413] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وأمَّا قولُه: {مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ} فإنَّ أهلَ التأويلِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِه، فقالَ بَعْضُهُم: معنَى ذَلِكَ: ممزوجٌ مخلوطٌ، مِزاجُه وخلطُه مِسْكٌ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن أشعثَ بنِ أَبِي الشَّعْثاءِ، عن يَزِيدَ بنِ معاويةَ، عن علقمةَ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} قالَ: ليسَ بخاتمٍ، وَلكِنْ خلطٌ.
- حدَّثنا ابْنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ سعيدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالاَ: ثنا سفيانُ، عن أشعثَ بنِ سُليمٍ، عن زَيْدِ بنِ معاويةَ، عن علقمةَ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} قالَ: أَما إنه ليسَ بالخاتمِ الذي يختِمُ، أَمَا سَمِعْتُم المرأةَ مِن نِسَائِكُمْ تَقُولُ: طِيبُ كذا وكذا خلطُ مِسْكٍ؟.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عُبيدٍ المُحاربيُّ، قالَ: ثنا أَيُّوبُ، عن أشعثَ بنِ أَبِي الشعثاءِ، عمَّن ذَكَرَهُ، عن علقمةَ فِي قولِهِ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} قالَ: خلطُه مِسْكٌ.
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن الأعمشِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ، عن مسروقٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ {مَخْتُومٍ}. قالَ: ممزوجٍ، {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قالَ: طَعْمُه وريحُه.
قالَ: ثنا وكيعٌ، عن أبيهِ، عن أشعثَ بنِ أَبِي الشعثاءِ، عن زَيْدِ بنِ معاويةَ، عن علقمةَ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قالَ: طَعْمُه وريحُه مِسْكٌ.
وقال آخرونَ: بلْ معنَى ذَلِكَ أَنَّ آخِرَ شرابِهم يُخْتَمُ بمسكٍ يُجْعَلُ فِيه.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني عَلِيٌّ، قالَ: ثنا أبو صَالِحٍ، قالَ: ثني معاويةُ، عن عَلِيٍّ، عن ابْنِ عبَّاسٍ، قولَهُ: {رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ} يقولُ: الْخَمْرُ خُتِمَ بالمسكِ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أَبِي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيهِ، عن ابْنِ عبَّاسٍ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قالَ: طيَّبَ اللَّهُ لهم الْخَمْرَ، فَكَانَ آخِرَ شيءٍ جُعِلَ فيها حتَى تُختمَ المسكُ.
- حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قالَ: عاقبتُه مِسْكٌ، قَوْمٌ تُمْزَجُ لهم بالكافورِ، وتُختمُ بالمسكِ.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قالَ: عاقبتُه مِسْكٌ.
- حُدِّثْتُ عن الحسينِ، قالَ: سَمِعْتُ أَبا مُعَاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ فِي قولِهِ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قالَ: طيَّبَ اللَّهُ لهم الْخَمْرَ، فوجدوا فيها فِي آخِرِ شيءٍ مِنهَا رِيحَ المسكِ.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا حاتمُ بنُ وردانَ، قالَ: ثنا أبو حمزةَ، عن إِبْراهِيمَ والحسنِ فِي هذه الآيَة: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قالاَ: عاقبتُه مِسْكٌ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ واضحٍ، قالَ: ثنا أبو حمزةَ, عن جابرٍ، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سابطٍ، عن أَبِي الدرداءِ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}: فالشرابُ أبيضُ مِثْلُ الفضَّةِ، يَخْتِمونَ بِه شرابَهم، ولو أَنَّ رَجُلاً مِن أهلِ الدُّنيَا أدخلَ إصبعهُ فِيه ثُمَّ أخرجَها، لم يبقَ ذو رُوحٍ إِلاَّ وَجَدَ طِيبَها.
وقالَ آخرونَ: عُنِيَ بقولِه: {مَخْتُومٍ} مطيَّنٍ، {خِتَامُهُ مِسْكٌ}: طينُه مِسْكٌ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قولَهُ: {مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قالَ: طينُه مِسْكٌ.
- حدَّثني يُونُس، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ فِي قولِهِ: {مَخْتُومٍ}: الْخَمْرُ، {خِتَامُهُ مِسْكٌ}: خِتَامُهُ عِنْدَ اللَّهِ مِسْكٌ، وختامُها الْيَوْمَ فِي الدُّنيَا طِينٌ.
وأوْلَى الأقوالِ فِي ذَلِكَ عِندَنَا بالصوابِ قَوْلُ مَن قالَ: معنَى ذَلِكَ: آخرُه وعاقبتُه مِسْكٌ؛ أَي: هِي طَيِّبَةُ الرِّيحِ، إِنَّ ريحَها فِي آخِرِ شربِهم، يُخْتَمُ لَهُم بِرِيحِ المسكِ.
وإنَّما قلْنا: ذَلِكَ أوْلَى الأقوالِ فِي ذَلِكَ بالصحَّةِ؛ لأنَّه لاَ وجهَ للختمِ فِي كَلاَمِ العربِ إِلاَّ الطبعُ والفراغُ، كقولِهم: ختمَ فلانٌ القُرْآنَ: إِذا أَتَى عَلَى آخرِه، فَإِذا كانَ لاَ وجهَ للطبعِ عَلَى شَرَابِ أهلِ الجَنَّةِ يُفْهَمُ؛ إِذ كانَ شرابُهم جارياً جرْيَ الماءِ فِي الأَنْهَارِ، وَلَم يَكُنْ معتَّقاً فِي الدِّنانِ، فيُطيَّنَ عليها ويُختمَ –عُلِمَ أَنَّ الصحيحَ مِن ذَلِكَ هو الوجهُ الآخَرُ، وهُو الْعَاقِبَةُ والمشروبُ آخِراً، وهُو الذي خُتمَ بِه الشَّرَابُ. وأمَّا الختمُ بمعنَى المزجِ، فَلاَ نعلمُه مسموعاً مِن كَلاَمِ العربِ.
وقد اختلفت القَرَأَةُ فِي قراءةِ ذَلِكَ، فقرأتْه عامَّةُ قَرَأَةِ الأمصارِ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} سِوَى الكِسائيِّ، فإنه كانَ يقرؤُه: (خَاتَمُهُ مِسْكٌ).
والصوابُ مِن الْقَوْلِ عِندَنَا فِي ذَلِكَ مَا عَلَيْهِ قَرَأةُ الأمصارِ، وهُو {خِتَامُهُ}؛ لإجماعِ الْحُجَّةِ مِن القرَأةِ عَلَيْهِ. والختامُ والخاتمُ، وَإِن اختلفا فِي اللفظِ، فإنَّهما متقاربانِ فِي المعنى، غَيْرَ أَنَّ الخاتمَ اسْمٌ، والختامَ مصدرٌ؛ وَمِنْه قَوْلُ الفرزدقِ:
فَبِتنَ بجـانبي مصرعاتٍ.......وبتُّ أفضُّ أغلاقَ الختامِ
ونظيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: هو كَرِيمُ الطابَعِ والطباعِ.
وقولُه: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}. يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وفي هَذَا النَّعِيمِ الذي وصفَ جلَّ ثناؤُه أنه أَعْطَى هَؤُلاءِ الأَبْرَارَ فِي القيامةِ، فَلْيَتَنَافَس الْمُتَنَافِسُونَ. والتنافسُ: أَنْ يَنْفَسَ الرجلُ عَلَى الرجلِ بالشيءِ يكونُ لَه، ويتمنَّى أَنْ يكونَ لَه دُونَه، وهُو مأخوذٌ مِن الشيءِ النفيسِ، وهُو الذي تَحْرِصُ عَلَيْهِ نفوسُ النَّاسِ وتطلبُه وتشتهيهِ، وكأنَّ معناهُ فِي ذَلِكَ: فليجدَّ النَّاسُ فِيه، وإليه فليستبقُوا فِي طلبِهِ، ولتحرصْ عَلَيْهِ نفوسُهم). [جامع البيان: 24 / 215-220]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): ( ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ختامه مسك يقول طيبه مسك). [تفسير مجاهد: 739]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): ( نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا شيبان عن أشعث بن أبي الشعثاء عن زيد العيسى قال سألت علقمة بن قيس ختامه مسك قال خلطه مسك). [تفسير مجاهد: 2 / 739]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا شيبان عن جابر عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي الدرداء في قوله ختامه مسك قال هو شراب أبيض مثل الفضة يختمون به آخر شرابهم لو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل يده فيها ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد ريح طيبها). [تفسير مجاهد: 2 / 739]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكرٍ الشّافعيّ، ثنا إسحاق بن الحسن، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن أشعث بن أبي الشّعثاء، عن زيد بن معاوية، عن علقمة بن قيسٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه، قال: {ختامه مسكٌ} [المطففين: 26] قال: «خلطٌ وليس بخاتمٍ يختم» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2 / 562]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: هي الخَمْرُ.{خِتَامُهُ مِسْكٌ} قالَ: عَاقِبَتُهُ مِسْكٌ؛ قَوْمٌ يُمْزَجُ لَهُمْ بالكَافُورِ، ويُخْتَمُ لَهُمْ بالمِسْكِ, {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: شَرَابٌ مِنْ أَشْرَفِ الشَّرَابِ, {عَيْناً} فِي الجَنَّةِ, {يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبُونَ} صِرْفاً, ويُمْزَجُ لسَائِرِ أَهْلِ الجَنَّةِ). [الدر المنثور: 15 / 306-307] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: الخَمْرُ, {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: طِينُهُ مِسْكٌ, {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: تَسْنِيمٌ عليهم مِن فَوْقِ دورِهِم). [الدر المنثور: 15 / 307] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: الخَمْرُ, {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: آخِرُ طَعْمِه مِسْكٌ). [الدر المنثور: 15 / 307] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ هَنَّادٌ عَنْ زَيْدِ بنِ مُعَاوِيَةَ العَبْسِيِّ قالَ: سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ بنَ قَيْسٍ عن هذه الآيةِ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. فَقَرَأَهَا (خَاتَمُهُ مِسْكٌ) وقالَ: خَاتَمُهُ: خِلاطُهُ). [الدر المنثور: 15 / 308]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عن عَلْقَمَةَ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: خِلْطُهُ). [الدر المنثور: 15 / 308]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وهَنَّادٌ وابنُ المُنْذِرِ, عن ابنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: {مَخْتُومٍ}. قَالَ: مَمْزُوجٍ, {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: طَعْمُهُ ورِيحُه). [الدر المنثور: 15 / 308] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الفِرْيابيُّ والطبَرانِيُّ والحاكِمُ وصحَّحه والبَيْهَقِيُّ, عن ابنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: لَيْسَ بخَاتَمٍ يُخْتَمُ بِهِ، ولكنَّ خِلْطَهُ مِسْكٌ, ألَمْ تَرَ إلى المَرْأةِ مِن نسائِكُم تَقُولُ: خِلْطُه مِنَ الطِّيبِ كَذَا وكَذَا؟
وأخْرَجَ ابنُ الأنباريِّ في الوَقْفِ والابتداءِ, عن عَلْقَمَةَ مثلَه). [الدر المنثور: 15 / 309]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ, عن أبي الدَّرْداءِ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: هو شَرَابٌ أَبْيَضُ مِثْلُ الفِضَّةِ, يَخْتِمونَ به آخِرَ شَرَابِهم, ولو أنَّ رَجُلاً مِن أهلِ الدنيا أَدْخَلَ أُصْبَعَهُ فيهِ ثُمَّ أخْرَجَها لم يَبْقَ ذُو رُوحٍ إلاَّ وَجَدَ رِيحَها). [الدر المنثور: 15 / 309]

تفسير قوله تعالى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) }
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سفيان، عن منصور، عن مالك بن الحارث، في قوله: {ومزاجه من تسنيم * عينًا يشرب بها المقربون} [سورة المطففين: 27-28] قال: هي عين يشرب بها المقربون صرفًا، ويمزج منها لأصحاب اليمين). [الزهد لابن المبارك: 2/ 569]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني عاصم بن حكيم، عن أبي شريح عن [عـ (؟) .. ... .. ] الخمر، وإن التسنيم عينٌ في الجنة). [الجامع في علوم القرآن: 1 / 4] (م)


قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله تعالى من تسنيم قال تسنم عليهم تنصب عليهم من فوق وهو شراب المقربين). [تفسير عبد الرزاق: 2 /357]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن عطاء بن السايب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى تسنيم قال تسنيم أشرف شراب أهل الجنة وهو صرف للمقربين ويمزج لأصحاب اليمين). [تفسير عبد الرزاق: 2 /357]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (الرَّحيقُ: الخمرُ، خِتَامُهُ مِسكٌ: طِينُهُ التَّسنِيمُ يَعلُو شَرَابَ أهْلِ الجَنَّةِ)، ثَبَتَ هَذَا للنَّسَفِيِّ وحدَهُ، وتَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الخَلْقِ). [فتح الباري: 8 / 696] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (الرَّحِيقُ: الخَمْرُ، خِتامُهُ مِسْكٌ: طِينَتُهُ التَّسْنيمُ يَعْلُو شَرَابَ أهْلِ الجَنَّةِ.
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ} وَفَسَّرَ الرَّحِيقَ بِالْخَمْرِ، وأَشَارَ بِقَوْلِهِ: خِتَامُهُ مِسْكٌ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ} يَعْنِي خُتِمَتْ بِمِسْكٍ، وَمُنِعَتْ مِنْ أَنْ يَمَسَّهَا مَاسٌّ أَوْ تَتَنَاوَلُهَا يَدٌ إِلَى أَنْ يَفُكَّ خَتْمَهُا الأَبْرَارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وأَشَارَ بِقَوْلِهِ: طِينَتُهُ التَّسْنِيمُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} قَالَ الضَّحَّاكُ: وَهُوَ شَرَابٌ اسْمُهُ تَسْنِيمٌ، وَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ الشَّرَابِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يُسَمَّى تَسْنِيمًا؛ لأَنَّهُ يَتَسَنَّمُ فَيَنْصَبُّ عَلَيْهِمُ انْصِبَابًا مِنْ فوقِهم فِي غُرَفِهِمْ وَمَنازلِهم يَجْرِي مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ إِلَى أَهْلِ الِجِنَانِ، وَهَذَا ثَبَتَ لِلنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ، وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذلك فِي بَدْءِ الْخَلْقِ). [عمدة القاري: 19 / 283] (م)
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (الرَّحِيقُ) أي: (الْخَمْرُ) الْخَالِصُ مِنَ الدَّنَسِ. (خِتَامُهُ مِسْكٌ) أي: (طِينُهُ) أو آخِرُ شُرْبِهِ يَفُوحُ منه رائحَةُ الْمِسْكِ (التَّسْنِيمُ يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ) أي: يَنْصَبُّ عَلَيْهِمْ مِنْ عُلُوٍّ في غُرَفِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ، أو يَجْرِي في الْهَوَاءِ مُتَسَنِّمًا فَيَنْصَبُّ في أَوَانِيهِمْ على قَدْرِ مَلْئِهَا، فإذا امْتَلأَتْ أَمْسَكَ، وَهَذَا ثَابِتٌ لِلنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ من قَوْلِهِ: الرَّحِيقُ إلخ). [إرشاد الساري: 7 / 413] (م)
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {ومزاجه من تسنيمٍ}، قال: يعلو فيتسنّم عليهم). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 67]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ومزاجُ هَذَا الرحيقِ مِن تَسْنِيمٍ. والتسنيمُ: التفعيلُ مِن قَوْلِ القائلِ: سَنَّمْتُهم العينَ تسنيماً: إِذا أجريتَها عَلَيْهِم مِن فَوْقِهِمْ، فَكَانَ معناه فِي هَذَا الموضعِ: وَمِزَاجُه مِن ماءٍ يَنْزِلُ عَلَيْهِم مِن فَوْقِهِمْ فينحدرُ عَلَيْهِم. وَقَد كانَ مجاهدٌ والكلبيُّ يقولانِ فِي ذَلِكَ كذلكَ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قولَهُ: {تَسْنِيمٍ}. قالَ: تَسْنِيمٍ يعلو.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن الكلبيِّ فِي قولِهِ: {تَسْنِيمٍ}. قالَ: تَسْنِيمٍ ينصبُّ عَلَيْهِم مِن فَوْقِهِمْ، وهُو شَرَابُ المقربينَ.
وأما سائرُ أهلِ التأويلِ، فَقَالُوا: هو عَيْنٌ يُمزجُ بها الرحيقُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ، فأمَّا الْمُقَرَّبُونَ فيشربونَها صِرفاً.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن الأعمشِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ، عن مسروقٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ فِي قولِهِ: {مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: عَيْنٌ فِي الجَنَّةِ يشربُها الْمُقَرَّبُونَ، وتُمزجُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
- حدَّثنا ابْنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قالَ: ثنا سفيانُ، عن الأعمشِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ، عن مسروقٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: يشربُه الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، ويُمزجُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن مَالِكِ بنِ الحارثِ، عن مسروقٍ: {وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ}. قالَ: عَيْنٌ فِي الجَنَّةِ، يشربُها الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتُمزجُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن الأعمشِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ، عن مسروقٍ: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}. قالَ: يَشْرَبُ بها الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتُمزجُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
- حدَّثني طلحةُ بنُ يَحْيَى اليربوعيُّ، قالَ: ثنا فُضيلُ بنُ عِياضٍ، عن منصورٍ، عن مَالِكِ بنِ الحارثِ فِي قولِهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: فِي الجَنَّةِ عَيْنٌ، يَشْرَبُ مِنهَا الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتُمزجُ لسائرِ أهلِ الجَنَّةِ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ واضحٍ، قالَ: ثنا أبو حمزةَ، عن عَطَاءِ بنِ السائبِ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابْنِ عبَّاسٍ، قولَهُ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: عَيْنٌ يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، ويمزجُ فيها لِمَنْ دُونَهُمْ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مَالِكِ بنِ الحارثِ فِي قولِهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: التسنيمُ: عَيْنٌ فِي الجَنَّةِ، يشربُها الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتمزجُ لسائرِ أهلِ الجَنَّةِ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ واضحٍ، قالَ: ثنا أبو حمزةَ، عن عَطَاءِ بنِ السائبِ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابْنِ عبَّاسٍ قولَه: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: عَيْنٌ، يَشْرَبُ بها الْمُقَرَّبُونَ، ويُمزجُ فيها لِمَنْ دُونَهُمْ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ. قالَ. ثني أبي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيهِ، عن ابْنِ عبَّاسٍ قولَه: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}: عَيْناً مما في الجَنَّةِ، يُمزجُ بِهَا الْخَمْرُ.
- حدَّثني يعقوبُ، قالَ: ثنا ابْنُ عليَّةَ، عن أَبِي رجاءٍ، عن الحسنِ فِي قولِهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: خفايا أخفاها اللَّهُ لأَهْلِ الجَنَّةِ.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا عمرانُ بنُ عيينةَ، عن إِسْمَاعِيلَ، عن أَبِي صَالِحٍ فِي قولِهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: هو أشرفُ شَرَابٍ فِي الجَنَّةِ، هو للمقرَّبينَ صِرْفٌ، وهُو لأَهْلِ الجَنَّةِ مِزاجٌ.
- حدَّثنا بِشرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}: شَرَابٍ شريفٍ، عَيْنٍ فِي الجَنَّةِ، يشربُها الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتُمزجُ لسائرِ أهلِ الجَنَّةِ.
حدَّثني يُونُسُ، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ فِي قولِهِ: {مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}. قالَ: بلغنا أَنَّهَا عَيْنٌ تَخْرُجُ مِن تَحْتِ العرشِ، وهي مزاجُ هذه الْخَمْرِ. يعني: مزاجُ الرحيقِ.
- حُدِّثْتُ عن الحسينِ، قالَ: سَمِعْتُ أَبا مَعَاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ فِي قولِهِ: {مِنْ تَسْنِيمٍ}: شَرَابٍ اسمُه تَسْنِيمٌ، وهُو مِن أشرفِ الشرابِ.
فتأويلُ الكلامِ: ومزاجُ الرحيقِ مِن عَيْنٍ تُسَنَّمُ عَلَيْهِم مِن فَوْقِهِمْ، فَتَنْصَبُّ عَلَيْهِم، يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ مِن اللَّهِ صرفاً، وتمزجُ لأَهْلِ الجَنَّةِ.
واختلفَ أهلُ العربيَّةِ فِي وجهِ نَصْبِ قولِهِ: {عَيْناً}؛ فقالَ بَعْضُ نحويِّي البصرةِ: إِنْ شِئْتَ جعلْتَ نصبَه عَلَى: يُسْقَوْنَ عَيْناً. وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَه مدحاً فيُقْطَعُ مِن أَوَّلِ الكلامِ، فكأنَّكَ تَقُولُ: أعنِي عَيْناً.
وقال بَعْضُ نحويِّي الكوفةِ: نَصْبُ العينِ عَلَى وجهينِ: أَحَدُهُمَا: أَن يَنْوِيَ: مِن تَسْنِيمِ عَيْنٍ، فَإِذا نُوِّنتْ نُصِبَتْ، كما قالَ: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً}، وكما قالَ: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتاً أَحْيَاءً}، والوجهُ الآخَرُ: أَن ينويَ: مِن ماءٍ سُنِّمَ عَيْناً، كقولِك: رَفَعَ عَيْناً يَشْرَبُ بها. قالَ: وَإِنْ لم يَكُن التسنيمُ اسماً للماءِ فالعينُ نكرةٌ والتسنيمُ معرفةٌ، وَإِنْ كانَ اسماً للماءِ فالعينُ مَعْرِفَةٌ فخرجتْ نَصباً.
وقالَ آخَرُ مِن البصريِّينَ: {مِنْ تَسْنِيمٍ} معرفةٌ، ثُمَّ قالَ: {عَيْناً}. فجاءتْ نكرةً، فنصبتْها صفةً لَهَا. وقال آخَرُ: نُصِبَتْ بمعنى: مِن ماءٍ يتسنَّمُ عَيْناً.
والصوابُ مِن الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِندَنَا: أَنَّ التسنيمَ اسْمٌ معرفةٌ وَالْعَيْنُ نكرةٌ، فنُصبتْ لذلك إِذْ كَانَتْ صفةً لَه.
وإنما قلْنا: ذَلِكَ هو الصوابُ؛ لِمَا قد قدَّمْنا مِن الروايةِ عن أهلِ التأويلِ، أَنَّ التسنيمَ هو العينُ، فَكَانَ معلوماً بِذَلِك أَنَّ العينَ إِذ كَانَتْ منصوبةً وهي نكرةٌ -أَنَّ التسنيمَ معرفةٌ). [جامع البيان: 24 / 220-225]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال التسنيم يعني بتسنيم يعلو شراب أهل الجنة). [تفسير مجاهد: 2 / 740]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا شيبة عن عطاء قال التسنيم اسم العين التي تمزج بها الخمر). [تفسير مجاهد: 2 / 740]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: هي الخَمْرُ.{خِتَامُهُ مِسْكٌ} قالَ: عَاقِبَتُهُ مِسْكٌ؛ قَوْمٌ يُمْزَجُ لَهُمْ بالكَافُورِ، ويُخْتَمُ لَهُمْ بالمِسْكِ, {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: شَرَابٌ مِنْ أَشْرَفِ الشَّرَابِ, {عَيْناً} فِي الجَنَّةِ, {يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبُونَ} صِرْفاً, ويُمْزَجُ لسَائِرِ أَهْلِ الجَنَّةِ). [الدر المنثور: 15 / 306-307] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: الخَمْرُ, {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. قَالَ: طِينُهُ مِسْكٌ, {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: تَسْنِيمٌ عليهم مِن فَوْقِ دورِهِم). [الدر المنثور: 15 / 307] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنِ الحَسَنِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: هي الخَمْرُ، {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: خَفَايَا أَخْفَاهَا اللَّهُ لأهلِ الجنةِ). [الدر المنثور: 15 / 307] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عن مالِكِ بنِ الحارثِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: هي عَيْنٌ في الجَنَّةِ يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبُونَ صِرْفاً, ويُمْزَجُ لسَائِرِ أَهْلِ الجنةِ). [الدر المنثور: 15 / 308]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: التَّسْنِيمُ أَفْضَلُ شَرَابِ أهلِ الجنةِ, ألَمْ تَسْمَعْ يُقَالُ للرَّجُلِ: إِنَّه لَفِي السَّنَامِ مِن قَوْمِه؟). [الدر المنثور: 15 / 308]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ, عن عطاءٍ قَالَ: التَّسْنِيمُ اسْمُ العَيْنِ التي يُمْزَجُ بها الخَمْرُ). [الدر المنثور: 15 / 309]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وسعيدُ بنُ منصورٍ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ, عن ابنِ عَبَّاسٍ قالَ: {تَسْنِيمٍ}. أَشْرَفُ شَرَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ، وهو صِرْفٌ للمُقرَّبينَ, ويُمْزَجُ لأصحابِ اليَمينِ). [الدر المنثور: 15 / 309-310]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُبارَكِ وسعيدُ بنُ مَنْصورٍ وابنُ أبي شَيْبَةَ وهَنَّادٌ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ, عن ابنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: عَيْنٌ في الجنَّةِ تُمْزَجُ لأَصْحَابِ اليمينِ, ويَشْرَبُ بها المُقَرَّبونَ صِرْفاً). [الدر المنثور: 15 / 310]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ مِن طريقِ يُوسُفَ بنِ مِهْرانَ, عن ابنِ عَبَّاسٍ أنَّه سُئِلَ عن قولِه: {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: هذا مِمَّا قَالَ اللَّهُ: {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} ). [الدر المنثور: 15 / 310]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عن حُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ قَالَ: تَسْنِيمٌ عَيْنٌ فِي عَدْنٍ؛ يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبونَ فِي عَدْنٍ صِرْفاً, ويَجْرِي تَحْتَهُم أَسْفَلَ مِنْهُم إلى أَصْحَابِ اليَمِينِ فتُمْزَجُ بها أَشْرِبَتُهُمْ كُلُّهَا المَاءُ والخَمْرُ واللَّبَنُ والعَسَلُ يُطَيَّبُ بِهَا أَشْرِبَتُهُمْ). [الدر المنثور: 15 / 310]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وابنُ المُنْذِرِ, عن الكَلْبِيِّ قَالَ: تَسْنِيمٌ عَيْنٌ تُثْعَبُ عليهم مِن فَوْقُ, وهو شرابُ المُقرَّبينَ). [الدر المنثور: 15 / 310]

تفسير قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ومزاجُ هَذَا الرحيقِ مِن تَسْنِيمٍ. والتسنيمُ: التفعيلُ مِن قَوْلِ القائلِ: سَنَّمْتُهم العينَ تسنيماً: إِذا أجريتَها عَلَيْهِم مِن فَوْقِهِمْ، فَكَانَ معناه فِي هَذَا الموضعِ: وَمِزَاجُه مِن ماءٍ يَنْزِلُ عَلَيْهِم مِن فَوْقِهِمْ فينحدرُ عَلَيْهِم. وَقَد كانَ مجاهدٌ والكلبيُّ يقولانِ فِي ذَلِكَ كذلكَ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قولَهُ: {تَسْنِيمٍ}. قالَ: تَسْنِيمٍ يعلو.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن الكلبيِّ فِي قولِهِ: {تَسْنِيمٍ}. قالَ: تَسْنِيمٍ ينصبُّ عَلَيْهِم مِن فَوْقِهِمْ، وهُو شَرَابُ المقربينَ.
وأما سائرُ أهلِ التأويلِ، فَقَالُوا: هو عَيْنٌ يُمزجُ بها الرحيقُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ، فأمَّا الْمُقَرَّبُونَ فيشربونَها صِرفاً.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن الأعمشِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ، عن مسروقٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ فِي قولِهِ: {مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: عَيْنٌ فِي الجَنَّةِ يشربُها الْمُقَرَّبُونَ، وتُمزجُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
- حدَّثنا ابْنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قالَ: ثنا سفيانُ، عن الأعمشِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ، عن مسروقٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: يشربُه الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، ويُمزجُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن مَالِكِ بنِ الحارثِ، عن مسروقٍ: {وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ}. قالَ: عَيْنٌ فِي الجَنَّةِ، يشربُها الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتُمزجُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن الأعمشِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ، عن مسروقٍ: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}. قالَ: يَشْرَبُ بها الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتُمزجُ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
- حدَّثني طلحةُ بنُ يَحْيَى اليربوعيُّ، قالَ: ثنا فُضيلُ بنُ عِياضٍ، عن منصورٍ، عن مَالِكِ بنِ الحارثِ فِي قولِهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: فِي الجَنَّةِ عَيْنٌ، يَشْرَبُ مِنهَا الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتُمزجُ لسائرِ أهلِ الجَنَّةِ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ واضحٍ، قالَ: ثنا أبو حمزةَ، عن عَطَاءِ بنِ السائبِ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابْنِ عبَّاسٍ، قولَهُ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: عَيْنٌ يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، ويمزجُ فيها لِمَنْ دُونَهُمْ.
حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مَالِكِ بنِ الحارثِ فِي قولِهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: التسنيمُ: عَيْنٌ فِي الجَنَّةِ، يشربُها الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتمزجُ لسائرِ أهلِ الجَنَّةِ.
حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ واضحٍ، قالَ: ثنا أبو حمزةَ، عن عَطَاءِ بنِ السائبِ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابْنِ عبَّاسٍ قولَه: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: عَيْنٌ، يَشْرَبُ بها الْمُقَرَّبُونَ، ويُمزجُ فيها لِمَنْ دُونَهُمْ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ. قالَ. ثني أبي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيهِ، عن ابْنِ عبَّاسٍ قولَه: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}: عَيْناً مما في الجَنَّةِ، يُمزجُ بِهَا الْخَمْرُ.
- حدَّثني يعقوبُ، قالَ: ثنا ابْنُ عليَّةَ، عن أَبِي رجاءٍ، عن الحسنِ فِي قولِهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: خفايا أخفاها اللَّهُ لأَهْلِ الجَنَّةِ.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا عمرانُ بنُ عيينةَ، عن إِسْمَاعِيلَ، عن أَبِي صَالِحٍ فِي قولِهِ: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قالَ: هو أشرفُ شَرَابٍ فِي الجَنَّةِ، هو للمقرَّبينَ صِرْفٌ، وهُو لأَهْلِ الجَنَّةِ مِزاجٌ.
- حدَّثنا بِشرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}: شَرَابٍ شريفٍ، عَيْنٍ فِي الجَنَّةِ، يشربُها الْمُقَرَّبُونَ صرفاً، وتُمزجُ لسائرِ أهلِ الجَنَّةِ.
- حدَّثني يُونُسُ، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ فِي قولِهِ: {مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}. قالَ: بلغنا أَنَّهَا عَيْنٌ تَخْرُجُ مِن تَحْتِ العرشِ، وهي مزاجُ هذه الْخَمْرِ. يعني: مزاجُ الرحيقِ.
- حُدِّثْتُ عن الحسينِ، قالَ: سَمِعْتُ أَبا مَعَاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ فِي قولِهِ: {مِنْ تَسْنِيمٍ}: شَرَابٍ اسمُه تَسْنِيمٌ، وهُو مِن أشرفِ الشرابِ.
فتأويلُ الكلامِ: ومزاجُ الرحيقِ مِن عَيْنٍ تُسَنَّمُ عَلَيْهِم مِن فَوْقِهِمْ، فَتَنْصَبُّ عَلَيْهِم، يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ مِن اللَّهِ صرفاً، وتمزجُ لأَهْلِ الجَنَّةِ.
واختلفَ أهلُ العربيَّةِ فِي وجهِ نَصْبِ قولِهِ: {عَيْناً}؛ فقالَ بَعْضُ نحويِّي البصرةِ: إِنْ شِئْتَ جعلْتَ نصبَه عَلَى: يُسْقَوْنَ عَيْناً. وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَه مدحاً فيُقْطَعُ مِن أَوَّلِ الكلامِ، فكأنَّكَ تَقُولُ: أعنِي عَيْناً.
وقال بَعْضُ نحويِّي الكوفةِ: نَصْبُ العينِ عَلَى وجهينِ: أَحَدُهُمَا: أَن يَنْوِيَ: مِن تَسْنِيمِ عَيْنٍ، فَإِذا نُوِّنتْ نُصِبَتْ، كما قالَ: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً}، وكما قالَ: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتاً أَحْيَاءً}، والوجهُ الآخَرُ: أَن ينويَ: مِن ماءٍ سُنِّمَ عَيْناً، كقولِك: رَفَعَ عَيْناً يَشْرَبُ بها. قالَ: وَإِنْ لم يَكُن التسنيمُ اسماً للماءِ فالعينُ نكرةٌ والتسنيمُ معرفةٌ، وَإِنْ كانَ اسماً للماءِ فالعينُ مَعْرِفَةٌ فخرجتْ نَصباً.
وقالَ آخَرُ مِن البصريِّينَ: {مِنْ تَسْنِيمٍ} معرفةٌ، ثُمَّ قالَ: {عَيْناً}. فجاءتْ نكرةً، فنصبتْها صفةً لَهَا. وقال آخَرُ: نُصِبَتْ بمعنى: مِن ماءٍ يتسنَّمُ عَيْناً.
والصوابُ مِن الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِندَنَا: أَنَّ التسنيمَ اسْمٌ معرفةٌ وَالْعَيْنُ نكرةٌ، فنُصبتْ لذلك إِذْ كَانَتْ صفةً لَه.
وإنما قلْنا: ذَلِكَ هو الصوابُ؛ لِمَا قد قدَّمْنا مِن الروايةِ عن أهلِ التأويلِ، أَنَّ التسنيمَ هو العينُ، فَكَانَ معلوماً بِذَلِك أَنَّ العينَ إِذ كَانَتْ منصوبةً وهي نكرةٌ -أَنَّ التسنيمَ معرفةٌ). [جامع البيان: 24 / 220-225]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. قَالَ: هي الخَمْرُ.{خِتَامُهُ مِسْكٌ} قالَ: عَاقِبَتُهُ مِسْكٌ؛ قَوْمٌ يُمْزَجُ لَهُمْ بالكَافُورِ، ويُخْتَمُ لَهُمْ بالمِسْكِ, {ومِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}. قَالَ: شَرَابٌ مِنْ أَشْرَفِ الشَّرَابِ, {عَيْناً} فِي الجَنَّةِ, {يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبُونَ} صِرْفاً, ويُمْزَجُ لسَائِرِ أَهْلِ الجَنَّةِ). [الدر المنثور: 15 / 306-307] (م)


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 جمادى الآخرة 1434هـ/3-05-2013م, 10:13 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {كلاّ إنّ كتاب الأبرار لفي علّيّين...} يقول القائل: كيف جمعت (علّيون) بالنون، وهذا من جمع الرجال؛ فإن العرب إذا جمعت جمعا لا يذهبون فيه إلى أن له بناءً من واحد واثنين، فقالوه في المؤنث، والمذكر بالنون، فمن ذلك هذا، وهو شيء فوق شيء غير معروف واحده ولا أثناه. وسمعت بعض العرب يقول: "أطعمنا مرقة مرقين" يريد: الألحم إذا طبخت بمرق.

قال، وقال الفراء مرة أخرى: طبخت بماء واحد. قال الشاعر:
فجمع بالنون؛ لأنه أراد: العدد الذي لا يحدّ، وكذلك قول الشاعر:
قد رويت إلا الدّهيدهينا.......قــلــيّــصـــاتٍ وأبــيــكــريــنــا

فأصبحت المذاهب قد أذاعت.......بــهـــا الإعــصـــار بــعـــد الـوابـلـيـنــا
أراد: المطر بعد المطر غير محدود.
ونرى أن قول العرب: عشرون، وثلاثون؛ إذ جعل للنساء وللرجال من العدد الذي يشبه هذا النوع، وكذلك عليّون: ارتفاعٌ بعد ارتفاع؛ وكأنه لا غاية له). [معاني القرآن: 3/ 247]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ثم أعلم -عزّ وجلّ- أين محل كتاب الأبرار وما لهم من النعيم فرفع كتابهم على قدر مرتبتهم كما سفل وخسّس كتاب الفجار فقال: {كلّا إنّ كتاب الأبرار لفي علّيّين (18)} أي أعلى الأمكنة). [معاني القرآن: 5/ 299]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وما أدراك ما علّيّون (19)} وإعراب هذا الاسم كإعراب الجمع لأنه على لفظ الجمع، كما تقول هذه قنسرون، ورأيت قنسرين، وقال بعض النحويين: هذا جمع لما لا يحدّ واحده، نحو ثلاثون وأربعون، فثلاثون كان لفظه لفظ جمع ثلاث.
وكذلك قول الشاعر:
قد شربت إلاّ الدّهيدهينا.......قــلــيّـــصـــات وأبــيــكــريــنـــا
يعني أن الإبل قد شربت الأجمع الدهداة، والدهداة حاشية الإبل كان قليصات وأبيكرين، ودهيدهين جمع ليس واحده محدودا معلوم العدد.
والقول الأول قول أكثر النحويين وأبينها). [معاني القرآن: 5/ 300]

تفسير قوله تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({مرقومٌ}: مكتوب. و«الرّقم»: الكتاب. قال أبو ذؤيب:
عـرفـت الـديــار كـرقــم الـــدواة.......ذبرها الكاتب الحميري)
[تفسير غريب القرآن: 519]

تفسير قوله تعالى: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22)}

تفسير قوله تعالى: {عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({الأرائك}: السرر في الحجال). [غريب القرآن وتفسيره: 419]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {على الأرائك ينظرون (23)} {الأرائك}: واحدها أريكة، وهي الأسرّة في الحجال). [معاني القرآن: 5/ 300]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْأَرَائِكِ}: الأسرة في الحجال). [العمدة في غريب القرآن: 340]

تفسير قوله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {تعرف في وجوههم نضرة النّعيم...} يقول. بريق النعيم ونداء، والقراء مجتمعون على (تعرف) إلا أبا جعفر المدني؛ فإنه قرأ: "تُعْرَف في وجوههم نضرة النّعيم"، و"يُعرف" أيضا يجوز؛ لأنّ النّضرة اسمٌ مؤنثٌ مأخوذ من فعلٍ وتذكير فعله قبله وتأنيثه جائزان. مثل قوله: {وأخذ الّذين ظلموا الصّيحة} وفي موضع آخر: {وأخذت}). [معاني القرآن: 3 /247-248]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({نضرة النّعيم} مصدر "ناضرة"). [مجاز القرآن: 2/ 289]

تفسير قوله تعالى: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({رحيق} الرحيق الذي ليس فيه غش، رحيق معرق من مسك أو خمر). [مجاز القرآن: 2/ 289]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({مختومٍ} له ختام. عاقبة ريح "ختامه" عاقبته). [مجاز القرآن: 2/ 290]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ((الرحيق): الخمر الصافية). [غريب القرآن وتفسيره: 419]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ((الرحيق): الشراب الذي لا غشّ فيه). [تفسير غريب القرآن: 519]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {يسقون من رحيق مختوم (25)} الرحيق الشراب الذي لا غشّ فيه، قال حسّان:
يسقون من ورد البريص عليهم.......بردى يصفّق بالرحيق السّلسـل
ومعنى {مختوم}: في انقطاعه خاصة). [معاني القرآن: 5/ 300]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (و(الرحيق) الشراب الذي لا غش فيه. وقيل: هو الخمر العتيقة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 298]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الرَّحِيقٍ): الخمر). [العمدة في غريب القرآن: 340]

تفسير قوله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {خاتمه مسكٌ...} قرأ الحسن وأهل الحجاز وعاصم والأعمش "ختامه مسك".
... و حدثني محمد بن الفضل عن عطاء بن السّائب عن أبي عبد الرحمن عن عليّ أنه قرأ "خاتمه مسكٌ".
... و حدثني أبو الأحوص عن أشعث بن أبي الشعناء المحاربي قال: قرأ علقمة بن قيس" خاتمه مسكٌ".
وقال: أما رأيت المرأة تقول للعطار: اجعل لي خاتمه مسكا تريد: آخره، والخاتم والختام متقاربان في المعنى، إلا أن الخاتم: الاسم، والختام: المصدر، قال الفرزدق:
فبـتـن جنابـتـيّ مصـرّعـاتٍ.......وبتّ أفضّ أغلاق الختام
ومثل الخاتم، والختام قولك للرجل: هو كريم الطابع، والطباع، وتفسيره: أنّ أحدهم إذا شرب وجد آخر كأسه ريح المسك). [معاني القرآن: 3/ 248]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({ختامه مسك}: خاتمته، آخره). [غريب القرآن وتفسيره: 420]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({ختامه مسكٌ} أي آخر طعمه وعاقبته إذا شرب).[تفسير غريب القرآن: 520]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ثم بين فقال: {ختامه مسك (26)} وقرئت خاتمه مسك بفتح التاء، وقرئت (خاتمه مسك) والمعنى أنهم إذا شربوا هذا الرحيق فني ما في الكأس وانقطع الشرب، انختم ذلك بطعم المسك ورائحته). [معاني القرآن: 5 /300-301]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({خِتَامُهُ مِسْكٌ} أي آخر طعمه مسك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 298]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({خِتَامُهُ}: أعز شرابه). [العمدة في غريب القرآن: 341]

تفسير قوله تعالى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {ومزاجه...}.
مزاج الرحيق {من تسنيمٍ...} من ماء يتنزل عليهم من معالٍ. فقال: {من تسنيم، عيناً} تتسنمهم عينا، فتنصب (عينا) على جهتين:
إحداهما: أن تنوي من تسنيم عينٍ، فإذا نونت نصبت. كما قرأ من قرأ {أو إطعامٌ في يومٍ ذي مسغبةٍ، يتيماً}، وكما قال: {ألم نجعل الأرض كفاتاً، أحياءً وأمواتاً}، وكما قال من قال: {فجزاءٌ مثل ما قتل من النّعم}.
والوجه الآخر: أن تنوي من ماء سنّم عينا. كقولك رفع عينا يشرب بها، وإن لم يكن التسنيم اسماً للماء فالعين نكرة، والتسنيم معرفة، وإن كان أسماء للماء فالعين معرفة، فخرجت أيضا نصبا). [معاني القرآن: 3 / 248-249]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({من تسنيمٍ} معرفة). [مجاز القرآن: 2/ 290]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ومزاجه من تسنيمٍ} يقال: أرفع شراب في الجنة. ويقال: يمزج بماء ينزل من تسنيم، أي من علو.وأصل هذا من «سنام البعير» ومنه: «تسنيم القبور». وهذا اعجب إليّ، لقول المسيّب بن علس في وصف امرأة:
كــــــــــــــأنّ بــريـــقـــتـــهـــا لــــلـــــمـــــزاج من ....... ثلج تسنيم شيبت عقارا
أراد: كأن بريقتها عقارا شيبت للمزاج من ثلج تسنيم، يريد جبلا). [تفسير غريب القرآن: 520]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ومزاجه من تسنيم (27) عينا يشرب بها المقرّبون (28)} تأتيهم من علو عينا تنسم عليهم من الغرف، فعينا في هذا القول منصوبة مفعولة، كما قال: {أو إطعام في يوم ذي مسغبة (14) يتيما...}.
ويجوز أن يكون {عينا} منصوبة بقوله يسقون عينا، أي من عين.
ويجوز أن يكون {عينا} منصوبا على الحال، ويكون (تسنيم) معرفة و (عينا) نكرة). [معاني القرآن: 5/ 301]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مِن تَسْنِيمٍ} أي من علوّ، أي يمزج بماء ينزل من علوّ، وهو أفضل شراب في الجنّة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 298]

تفسير قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): (قال {عينا} فجاءت نكرة فنصبتها صفة لها). [مجاز القرآن: 2/ 290]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({عيناً يشرب بها المقرّبون} وقال: {عيناً يشرب بها} فجعله على {يسقون} {عيناً} وإن شئت جعلته على المدح فتقطع من أول الكلام كأنك تقول: "أعني عيناً"). [معاني القرآن: 4/ 48]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («الباء» مكان «من» تقول العرب: شربت بماء كذا وكذا، أي من ماء كذا.
قال الله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}و{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6]. ويكون بمعنى يشربها عباد الله ويشرب منها.
قال الهذليّ وذكر السّحائب:
شربنَ بماءِ البحر ثم ترفَّعت.......مَتَى لُجَـجٍ خُضْـرٍ لَهُـنَّ نَئِيـجُ
أي شربن من ماء البحر.
وقال عنترة:
شَرِبَت بماءِ الدُّحْرُضَينِ فَأَصْبَحَتْ.......زَوْراءَ تَـنْـفِـرُ عَـــن حِــيَــاضِ الـدَّيْـلَــمِ
وقال عز وجل: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} [هود: 14]، أي من علم الله). [تأويل مشكل القرآن: 575-576](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ومزاجه من تسنيم (27) عينا يشرب بها المقرّبون (28)} تأتيهم من علو عينا تنسم عليهم من الغرف، فعينا في هذا القول منصوبة مفعولة، كما قال: {أو إطعام في يوم ذي مسغبة (14) يتيما...}.
ويجوز أن يكون {عينا} منصوبة بقوله يسقون عينا، أي من عين.
ويجوز أن يكون {عينا} منصوبا على الحال، ويكون (تسنيم) معرفة و (عينا) نكرة).
[معاني القرآن: 5/ 301](م)


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م, 10:29 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19)}
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب ما كان من جمع المؤنث بالألف والتاء
فهذا الجمع في المؤنث نظير ما كان بالواو والنون في المذكر؛ لأنك فيه تسلم بناء الواحد كتسليمك إياه في التثنية. والتاء دليل التأنيث، والضمة علم الرفع، واستوى خفضه ونصبه، كما استوى ذلك في مسلمين. والتنوين في مسلماتٍ عوضٌ من النون في قولك: مسلمين. فإن سميت بمسلمات رجلاً أو امرأة لحقه التنوين؛ لأنه عوض فلذلك كان لازماً. وعلى ذلك قوله عز وجل: {فإذا أفضتم من عرفات} وعرفات معرفة؛ لأنه اسم موضع بعينه. هذا في قول من قال: هؤلاء مسلمون، ومررت بمسلمين يا فتى، وكل ما كان على وزن المسلمين فالوجه فيه أن يجري هذا المجرى وإن لم يكن في الأصل جمعاً؛ كما أن كرسياً وبختياً كالمنسوب وإن لم يكن فيه معنى نسب إلى حيٍّ، ولا إلى أرضٍ، ولا غير ذلك. فمن ذلك عشرون، وثلاثون. قال الله عز وجل: {كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين * وما أدراك ما عليون}. وتقول على هذا: قنسرون، ومررت بقنسرين، وهذه يبرون، ومررت بيبرين. ومن لم يقل هذا، وقال: قنسرين كما ترى، وجعل الإعراب في النون، وقال: هذه سنونٌ فاعلم، فإنه يفعل مثل هذا بالمؤنث إذا كان واحداً، ويجيزه في الجمع؛ كما تقول: هؤلاء مسلمينٌ فاعلم، كما قال الشاعر:
وماذا يدري الشعراء مني.......وقد جاوزت حد الأربعين
وقال الآخر:
إني أبيَّ أبي ذو محافظةٍ.......وابن أبيٍّ أبي من أبيين
وقال الله عز وجل فيما كان واحدا: {ولا طعامٌ إلا من غسلينٍ} فمن رأى هذا قال: هذه عرفات مباركاً فيها، وعلى هذا ينشد هذا البيت:
تنورتها من أذرعات وأهلهـا.......بيثرب أدنى دارها نظرٌ عالي
وقال الآخر:
تخيرها أخو.......عانات دهرا
والوجه المختار في الجمع ما بدأت به. وأما الواحد؛ نحو: غسلين، وعليين، فالوجهان مقولان معتدلان). [المقتضب: 3/ 331-334] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ومن قال: هذا مسلمين كما ترى قال في مسلمات إذا سمي به رجلاً: هذا مسلمات فاعلم، أجراها مجرى الواحد، فلم يصرف، لأن فيها علامة التأنيث، وتقول: مررت بمسلمات يا فتى فلا تنون لأنها لا تصرف، ولا يجوز فتحها؛ لأن الكسرة ها هنا كالياء في مسلمين. وعلى هذا ينشدون بيت امرئ القيس:
تنورتها من أذرعات وأهلهـا.......بيثرب أدنى دارها نظر عالى
لأن أذرعات اسم موضع بعينه، والأجود ما بدأنا به من إثبات التنوين في أذرعات ونحوها؛ لأنها بمنزلة النون في مسلمين إذا قلت: هؤلاء مسلمون، ومررت بمسلمين. ومن ذلك قول الله عز وجل: {فإذا أفضتم من عرفات} بالتنوين. ونظير هذا قولهم: هذه قنسرون، ويبرون.
فمن ذهب إلى أنها جمع في الأصل، أو شبهها به، فيصيرها جمعاً. وقد تقدم باب الحكاية، والتسمية بالجمع يعتدل فيه الأمران. قد جاء القرآن بهما جميعاً. قال الله عز وجل: {ولا طعام إلا من غسلين} وقال: {كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين * وما أدراك ما عليون}.
فالقياس في جميع هذا ما ذكرت لك). [المقتضب: 4/ 37-38] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (أما قوله: "إلا الخلائف من بعد النّبيين"، فخفض هذه النون، وهي نون الجمع، وإنما فعل ذلك لأنه جعل الإعراب فيها لا فيما قبلها، وجعل هذا الجمع كسائر الجمع، نحو أفلس، ومساجد. وكلاب، فإن إعراب هذا كإعراب الواحد، وإنما جاز ذلك لأن الجمع يكون على أبنية شتّى، وإنما يلحق منه بمنهاج التثنية ما لاختلاف معانيه، ما كان على حد التثنية لا يكسّر الواحد عن بنائه، وإلاّ فلا، فإنّ الجمع كالواحد، لاختلاف معانيه، كما تختلف معاني الواحد، والتثنية ليست كذلك، لأنه ضربٌ واحدٌ، ولا يكون اثنان أكثر مت اثنين عددًا، كما يكون الجمع أكثر من الجمع، فمما جاء على هذا المذهب قولهم: هذه سنينٌ، فاعلم، وهذه عشرينٌ فاعلم، قال العدوانيّ:
إنّي أبيٌّ ذو محافظةٍ.......وابن أبي من أبيّين
وأنتم معشرٌ زيدٌ على مائةٍ.......فأجمعوا كيدهم طرًّا فكيدوني
وقال سحيم بن وثيل:
وماذا يدّري الشعراء منّي.......أخو خمسين مجتمعٌ أشدّي
وقد جاوزت حدّ الأربعين.......ونجّذني مداورة الشّؤون
وفي كتاب الله عز وجل: {وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ}.
فإن قال قائل: فإن "غسلينا" واحدٌ، فإنه كلّ ما كان على بناء الجمع من الواحد فإعرابه كإعراب الجمع، ألا ترى أنّ "عشرين" ليس لها واحد من لفظها، وإعرابها كإعراب "مسلمين" واحدهم "مسلمٌ"! وكذلك جميع الإعراب. وتقول: "هذه فلسطون" يا فتى، و"رأيت فلسطين" يا فتى، هذا القول الأجود وكذلك "يبرين" وفي الرفع "يبرون" يا فتى، وكلّ ما أشبه هذا فهو بمنزلته، تقول: "قنّسرون"، و"رأيت قنسرين"، والأجود في هذا البيت:
وشاهدنا الجلّ والياسمين.......والمسمعات بقضّابها
وفي القرآن ما يصدق ذلك قول الله عزّ وجل: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ}، فمن قال: "هذه قنّسرون ويبرون". فنسب إلى واحد منهما رجلاً أو شيئًا قال: "هذا رجل قنّسريّ ويبريّ"، بحذف النون والواو، لمجيء حرفي النّسب، ولو أثبتهما لكان في الاسم رفعان ونصبان وجرّان، لأن الياء مرفوعةٌ، والواو علامة الرفع. ومن قال: "قنّسرين" كما ترى قال في النّسب: "قنّسرينّي" لأن الإعراب في حرف النّسب، وانكسرت النون كما ينكسر كلّ ما لحقه النّسب.
وأما قوله: "ونجّذني مداورة الشّؤون"، فمعناه: فهّمني وعرّفني، كما يقال: حنّكته التّجارب، والناجذ: آخر الأضراس، ذلك قولهم: ضحك حتى بدت نواجذه. والشؤون: جمع "شأن" مهموز، وهو الأمر.
وقال المفسرون من أهل الفقه وأهل اللغة في قول الله تبارك وتعالى: {وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ} هو غسالة أهل النار. وقال النحويّون: هو "فعلينٌ" من الغسالة). [الكامل: 2 /633-635] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ({إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ} قال: كل جمع لا عدد له يجمع بالواو والنون - يعني مجهول الواحد). [مجالس ثعلب: 20]

تفسير قوله تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20)}

تفسير قوله تعالى: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22)}

تفسير قوله تعالى: {عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23)}

تفسير قوله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)}

تفسير قوله تعالى: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25)}
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (
عانية قرقف لم تطلع سنة.......يجنها مدمج بالطين مختوم

ومختوم معلم عليه يقال ختمته إذا أعلمت عليه فهو مختوم ويقال رجل متختم إذا كان ذا خاتمٍ والخاتم والخاتم والخيتام والخاتام. ويقال محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين. وقول الله عز وجل: {ختامه مسك} أي: آخر ما تجد من طعمه إذا أنت قطعته عن فيك رائحة المسك وطعمه ومنه قول تميم بن أبي بن مقبل:
صرف ترقرق في الناجود ناطفها.......بالفلفل الجون والرمان مختوم
ناطفها ما نطف منها ويروى نأطلها وهو المكيال والمعنى آخر ما تجد من طعمها طعم الفلفل والرمان ويقال رجل متختم أي معتم: قال الراعي:
متختمين على معارفهم.......تثنى لهن حواشي العصب)
[شرح المفضليات: 814] (م)

تفسير قوله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن زيد بن معاوية العبسي، عن علقمة، في قوله ختامه مسك قال: ليس بخاتم يختم، ولكن ختامه خلطه، ألم تر إلى المرأة من نسائكم تقول للطيب خلطه مسك، خلطه كذا وكذا. قال أبو عبيد: وأحسب يحيى أسند الحديث إلى عبد الله). [فضائل القرآن: 343]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ):(
عانية قرقف لم تطلع سنة.......يجنها مدمج بالطين مختوم
ومختوم معلم عليه يقال ختمته إذا أعلمت عليه فهو مختوم ويقال رجل متختم إذا كان ذا خاتمٍ والخاتم والخاتم والخيتام والخاتام. ويقال محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين. وقول الله عز وجل: {ختامه مسك} أي: آخر ما تجد من طعمه إذا أنت قطعته عن فيك رائحة المسك وطعمه ومنه قول تميم بن أبي بن مقبل:
صرف ترقرق في الناجود ناطفها.......بالفلفل الجون والرمان مختوم
ناطفها ما نطف منها ويروى نأطلها وهو المكيال والمعنى آخر ما تجد من طعمها طعم الفلفل والرمان ويقال رجل متختم أي معتم: قال الراعي:
متختمين على معارفهم......تثنى لهن حواشي العصب)
[شرح المفضليات: 814]

تفسير قوله تعالى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27)}
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): ({وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْنًا} قال: من ماء تسنم عينًا، أي تسنم عينًا تأتي من معال). [مجالس ثعلب: 271]

تفسير قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)}
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): ({وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْنًا} قال: من ماء تسنم عينًا، أي تسنم عينًا تأتي من معال). [مجالس ثعلب: 271] (م)


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 11:16 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 11:16 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 11:17 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 11:17 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (لمّا ذكر تعالى أمر كتاب الفجّار عقّب ذلك بذكر كتاب ضدّهم؛ ليبيّن الفرق.
والأبرار: جمع برٍّ.
وقرأ ابن عامرٍ بكسر الراء، وقرأ ابن كثيرٍ ونافعٌ بفتحها، وقرأ أبو عمرٍو، وحمزة، والكسائيّ بإمالتها.
و{علّيّون} هو جمع (علّيٍّ)، على وزن فعّيلٍ بناء مبالغةٍ، يريد بذلك الملائكة، فلذلك أعرب بالواو والنّون.
وقيل: يريد المواضع العليّة؛ لأنه علوٌّ فوق علوٍّ، فلمّا كان هذا الاسم على هذا الوزن لا واحد له أشبه (عشرين) فأعرب إعراب الجموع إذ أشبهها، وهو أيضاً مثل (قنّسرين) فإنّك تقول: طابت قنّسرون، ودخلت قنّسرين.
واختلف الناس في الموضع المعروف بعلّيّين، ما هو؟ فقال قتادة: قائمة العرش اليمنى. وقال ابن عبّاسٍ: السماء السابعة تحت العرش. وروي ذلك عن النبيّ عليه الصلاة والسلام، وقال الضّحّاك: هو عند {سدرة المنتهى}. وقال ابن عبّاسٍ: {العلّيّون}: الجنّة. وقال مكّيٌّ: وقيل: هو في السماء الرابعة. وقال الفرّاء عن بعض العلماء: هو في السماء الدنيا.
والمعنى: أن كتابهم الذي فيه أعمالهم هنالك تهمّماً بها ترفيعاً لها، وأعمال الفجّار في سجّينٍ في أسفل سافلين؛ لأنه روي عن أبيّ بن كعبٍ وابن عبّاسٍ أنّ أعمالهم يصعد بها إلى السماء فتأباها، ثمّ تردّ إلى الأرض فتأباها أرضٌ بعد أرضٍ، حتى تنتهي في سجّينٍ تحت الأرض السابعة). [المحرر الوجيز: 8/ 562]

تفسير قوله تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{كتابٌ مرقومٌ} في هذه الآية خبر {إنّ}، والظّرف ملغًى). [المحرر الوجيز: 8/ 562]

تفسير قوله تعالى: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{المقرّبون} في هذا الموضع الملائكة المقربون عند اللّه تعالى، أهل كلّ سماءٍ. قاله ابن عبّاسٍ وغيره). [المحرر الوجيز: 8/ 562-563]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22)}

تفسير قوله تعالى: {عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{الأرائك} جمع أريكةٍ، وهي السّرر في الحجال.
و{ينظرون} معناه: إلى ما عندهم من النّعيم، ويحتمل أن يريد: بعضهم إلى بعضٍ. وقيل عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ينظرون إلى أعدائهم في النّار كيف يعذّبون). [المحرر الوجيز: 8/ 563]

تفسير قوله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس: {تعرف} على مخاطبة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، بفتح التاء وكسر الراء {نضرة} نصباً.
وقرأ أبو جعفرٍ، وابن أبي إسحاق، وطلحة، ويعقوب: (تعرف) بضمّ التاء وفتح الراء (نضرة) رفعاً.
وقرأ قومٌ: (يعرف) بالياء؛ لأنّ تأنيث (النّضرة) ليس بحقيقيٍّ، و (النّضرة): النعمة والرّونق). [المحرر الوجيز: 8/ 563]

تفسير قوله تعالى: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(الرّحيق): الخمر الصافية، ومنه قول حسّان:
يسقون من ورد البريص عليهم.......بردى يصفّق بالرّحيق السّلسل
و{مختومٍ} يحتمل أن يختم على كئوسه التي يشرب بها تهمّماً وتنظّفاً، والأظهر أنه مختومٌ شربه بالرائحة المسكيّة حسب ما فسّره قوله تعالى: {ختامه مسكٌ}).[المحرر الوجيز: 8/ 563]

تفسير قوله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف المفسّرون في قوله تعالى: {ختامه مسكٌ}؛ فقال ابن مسعودٍ وعلقمة: معناه: خلطه ومزاجه. وقال ابن عبّاسٍ، والحسن، وسعيد بن جبيرٍ: معناه: خاتمته، أي: تجد الرائحة عند خاتمة الشّرب رائحة المسك.
وقال أبو عليٍّ: المراد لذاذة المقطع وذكاء الرائحة مع طيب المطعم، وكذلك هو قوله تعالى:{كان مزاجها كافوراً}.
وقوله تعالى: {زنجبيلاً} أي: تجد في اللسان. وقد قال ابن مقبلٍ:
ممّا يعتّق في الحانوت باطنها.......بالفلفل الجون والرّمّان مختوم
وقال مجاهدٌ: معناه: طينه الذي يختم به مسكٌ بدل الطّين الذي في الدّنيا، وهذا إنما يكون في الكئوس؛ لأنّ خمر الآخرة ليست في دنانٍ، إنما هي في أنهارٍ.
وقرأ الجمهور: {ختامه}. وقرأ عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، والكسائيّ، والضّحّاك، والنّخعيّ: (خاتمه) وهذه بيّنة المعنى: أنه يراد بها الطبع على الرّحيق، وروي عنهم أيضاً كسر التاء.
ثم حرّض تعالى على الجنّة بقوله: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون}. والتنافس في الشيء المغالاة فيه، وأن يتبعه كلّ واحدٍ نفسه، فكأنّ نفسيهما تتباريان فيه. وقيل: هو من قولك: شيءٌ نفيسٌ. فكأنّ هذا يعظّمه ويعظّمه الآخر، ويستبقان إليه). [المحرر الوجيز: 8/ 563-564]

تفسير قوله تعالى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(المزاج) الخلط، والضمير عائدٌ على (الرّحيق).
واختلف الناس في {تسنيمٍ}؛ فقال ابن عبّاسٍ وابن مسعودٍ رضي اللّه عنهم: التّسنيم أشرف ترابٍ في الجنّة، وهو اسمٌ مذكّرٌ لماء عينٍ في الجنّة، هي عينٌ يشربها المقرّبون صرفاً، ويمزج رحيق الأبرار بها. قاله ابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، والحسن، وأبو صالحٍ وغيرهم. وقال مجاهدٌ ما معناه: إنّ (تسنيماً) مصدرٌ من (سنّمت) إذا علوت، ومنه السّنام، فكأنها عينٌ قد علت على أهل الجنّة، فهي تنحدر. وقاله مقاتل بن سليمان). [المحرر الوجيز: 8/ 564]

تفسير قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وذهب قومٌ إلى أنّ الأبرار والمقرّبين في هذه الآية بمعنًى واحدٍ يقع لكلّ من نعّم في الجنة، وذهب الجمهور من المتأوّلين إلى أنّ منزلة الأبرار دون منزلة المقرّبين، وأنّ الأبرار هم أصحاب اليمين، وأنّ المقرّبين هم السابقون.
و{عيناً} منصوبٌ إما على المدح، وإما أن يعمل فيه {تسنيمٍ} على رأى من رآه مصدراً، وينتصب على الحال من {تسنيمٍ} أو {يسقون}. قاله الأخفش، وفيه بعدٌ.
وقوله تعالى: {يشرب بها} معناه: يشربها، كقول الشاعر:
شربن بماء البحر ثمّ ترفّعت.......متى لججٍ خضرٍ لهنّ نئيج
[المحرر الوجيز: 8/ 564-565]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 11:17 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 11:17 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({كلّا إنّ كتاب الأبرار لفي علّيّين * وما أدراك ما علّيّون * كتابٌ مرقومٌ * يشهده المقرّبون * إنّ الأبرار لفي نعيمٍ * على الأرائك ينظرون * تعرف في وجوههم نضرة النّعيم * يسقون من رّحيقٍ مختومٍ * ختامه مسكٌ وفي ذلك فليتنافس المتنافسون * ومزاجه من تسنيمٍ * عينًا يشرب بها المقرّبون}.
يقول تعالى: حقًّا إنّ كتاب الأبرار، وهم بخلاف الفجّار، {لفي علّيّين}؛ أي: مصيرهم إلى علّيّين، وهو بخلاف سجّينٍ.
قال الأعمش، عن شمر بن عطيّة، عن هلال بن يسافٍ قال: سأل ابن عبّاسٍ كعباً وأنا حاضرٌ عن: {سجّينٍ} قال: هي الأرض السّابعة، وفيها أرواح الكفّار. وسأله عن: {علّيّين}. فقال: هي السّماء السّابعة، وفيها أرواح المؤمنين. وهكذا قال غير واحدٍ إنّها السّماء السّابعة.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {كلاّ إنّ كتاب الأبرار لفي علّيّين}؛ يعني الجنّة وفي رواية العوفيّ عنه: أعمالهم في السّماء عند اللّه. وكذا قال الضّحّاك.
وقال قتادة: علّيّون: ساق العرش اليمنى.
وقال غيره: {علّيّون}: عند سدرة المنتهى.
والظّاهر أنّ {علّيّين} مأخوذٌ من العلوّ، وكلّما علا الشّيء وارتفع عظم واتّسع. ولهذا قال اللّه تعالى معظّماً أمره ومفخّماً شأنه: {وما أدراك ما علّيّون}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 352]

تفسير قوله تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال مؤكّداً لما كتب لهم: {كتابٌ مرقومٌ * يشهده المقرّبون}؛ وهم الملائكة، قاله قتادة. وقال العوفيّ عن ابن عبّاسٍ: يشهده من كلّ سماءٍ مقرّبوها). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 352]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {إنّ الأبرار لفي نعيمٍ}؛ أي: يوم القيامة هم في نعيمٍ مقيمٍ وجنّاتٍ فيها فضلٌ عميمٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 352]

تفسير قوله تعالى: {عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({على الأرائك}: وهي السّرر تحت الحجال، {ينظرون}؛ قيل: معناه: ينظرون في ملكهم وما أعطاهم اللّه من الخير والفضل الّذي لا ينقضي ولا يبيد.
وقيل معناه: {على الأرائك ينظرون} إلى اللّه عزّ وجلّ، وهذا مقابلٌ لما وصف به أولئك الفجّار: {كلاّ إنّهم عن ربّهم يومئذٍ لمحجوبون}؛ فذكر عن هؤلاء أنّهم يباحون النّظر إلى اللّه عزّ وجلّ، وهم على سررهم وفرشهم، كما تقدّم في حديث ابن عمر: «إنّ أدنى أهل الجنّة منزلةً لمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنةٍ، يرى أقصاه كما يرى أدناه، وإنّ أعلاهم لمن ينظر إلى اللّه في اليوم مرّتين
» ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 352]

تفسير قوله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {تعرف في وجوههم نضرة النّعيم}؛ أي: تعرف إذا نظرت إليهم في وجوههم نضرة النّعيم، أي: صفة التّرافة والحشمة والسّرور والدّعة والرّياسة، ممّا هم فيه من النّعيم العظيم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 352]

تفسير قوله تعالى: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يسقون من رحيقٍ مختومٍ}. أي: يسقون من خمرٍ من الجنّة، والرّحيق من أسماء الخمر، قاله ابن مسعودٍ وابن عبّاسٍ ومجاهدٌ والحسن وقتادة وابن زيدٍ.
قال الإمام أحمد: حدّثنا حسنٌ، حدّثنا زهيرٌ، عن سعدٍ أبي المجاهد الطّائيّ، عن عطيّة بن سعدٍ العوفيّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، أراه قد رفعه إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
«أيّما مؤمنٍ سقى مؤمناً شربةً على ظمأٍ سقاه اللّه من الرّحيق المختوم. وأيّما مؤمنٍ أطعم مؤمناً على جوعٍ أطعمه اللّه من ثمار الجنّة، وأيّما مؤمنٍ كسا مؤمناً ثوباً على عريٍ كساه اللّه من خضر الجنّة» ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 352-353]

تفسير قوله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقال ابن مسعودٍ في قوله: {ختامه مسكٌ}؛ أي: خلطه مسكٌ.
وقال العوفيّ عن ابن عبّاسٍ: طيّب اللّه لهم الخمر، فكان آخر شيءٍ جعل فيها مسكٌ ختم بمسكٍ. وكذا قال قتادة والضّحّاك.
وقال إبراهيم والحسن: {ختامه مسكٌ}؛ أي: عاقبته مسكٌ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا يحيى بن واضحٍ، حدّثنا أبو حمزة، عن جابرٍ، عن عبد الرّحمن بن سابطٍ، عن أبي الدّرداء: {ختامه مسكٌ}؛ قال: شرابٌ أبيض مثل الفضّة يختمون به شرابهم، ولو أنّ رجلاً من أهل الدّنيا أدخل أصبعه فيه ثمّ أخرجها لم يبق ذو روحٍ إلاّ وجد طيبها.
وقال ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: {ختامه مسكٌ}؛ قال: طيبه مسكٌ.
وقوله: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون}؛ أي: وفي مثل هذا الحال فليتفاخر المتفاخرون وليتباه ويكاثر ويستبق إلى مثله المستبقون؛ كقوله: {لمثل هذا فليعمل العاملون}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 353]

تفسير قوله تعالى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ومزاجه من تسنيمٍ}؛ أي: ومزاج هذا الرّحيق الموصوف من تسنيمٍ. أي: من شرابٍ يقال له: تسنيمٌ. وهو أشرف شراب أهل الجنّة وأعلاه، قاله أبو صالحٍ والضّحّاك.
ولهذا قال: {عيناً يشرب بها المقرّبون}؛ أي: يشربها المقرّبون صرفاً، وتمزج لأصحاب اليمين مزجاً، قاله ابن مسعودٍ وابن عبّاسٍ ومسروقٌ وقتادة وغيرهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 353]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:12 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة