العودة   جمهرة العلوم > المنتديات > منتدى جمهرة التفاسير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 صفر 1439هـ/21-10-2017م, 11:44 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

بيان تمام نعمة الله تعالى على هذه الأمة:
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (بيان تمام نعمة الله تعالى على هذه الأمة:
قد أتمّ الله تعالى علينا نعمته بفضله ورحمته فهي نعمة تامّة غير ناقصة كما قال الله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}
فالمراد بالنعمة هنا نعمة الهداية والبيان لما يحبّه الله عزّ وجلّ ويرضاه في كلّ شأن من شؤون المسلمين؛ فلم يترك الله أمراً يحتاج الناس فيه إلى بيان الهدى إلا وبيّنه علم ذلك من علمه وجهله من جهله.
ومع تمام هذه النعمة فإنَّ المسلمين يتفاضلون في إدراك نصيبهم منها كلّ بحسب مبلغه من العلم والفقه في الدين.
وتمام هذه النعمة له أثر عظيم على نفس المؤمن إذ يطمئنّ به إلى أنَّ ما يطلبه قد تكفّل الله ببيانه وأتمّ النعمة به؛ فيحمله ذلك على تدبّر القرآن والتفقّه فيه وفي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم حتى يزداد نصيبه من هذه النعمة العظيمة، ويجد ما يحتاج إليه من معرفة الهدى). [تفسير سورة الفاتحة:231]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 صفر 1439هـ/21-10-2017م, 11:47 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

بيان ما يقتضيه وصف الإنعام:
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (بيان ما يقتضيه وصف الإنعام:
ذكر الإنعام في هذه الآية فيه تنبيه على وجوب شكر النعمة، فالمؤمن اللبيب إذا قرأ هذه الآية؛ علم أنَّه يطلبُ نِعمةً تقتضي شكراً، فيعزم على شكر الله تعالى عند طلبه؛ فيوفّق بصلاح نيّته وصدقه وإخلاصه إلى شكر هذه النعمة؛ فيكون موعوداً بمزيدٍ من فضل الله ورحمته وبركاته، ولا يزال يسأل ربّه من نعمه، ويشكره على إنعامه، وربّه يكرمه ويزيده من فضله حتى يبلغ الدرجات العلى). [تفسير سورة الفاتحة:231 - 232]

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 صفر 1439هـ/21-10-2017م, 11:49 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

الحكمة من الإضافة في قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم}:
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (الحكمة من الإضافة في قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم}:
أثار ابن القيّم رحمه الله سؤالاً عن فائدة إضافة الصراط إلى الاسم الموصول المبهم دون أن يقول: (صراط النبيين والمرسلين) مثلاً.

وأجاب على هذا السؤال جواباً حسناً، وتلخيصه أن فيه ثلاث فوائد:
إحداها: التنبيه على علّة كونهم من المُنعم عليهم، وهي الهداية؛ فبهداية الله لهم كانوا من المنعم عليهم.
والثانية: قطع التعلّق بالأشخاص ونفي التقليد المجرّد عن القلب؛ واستشعار العلم بأنّ اتّباع من أمرنا باتّباعهم إنما هو امتثال لأمر الله.
والثالثة: أن الآية عامّة في جميع طبقات المنعَم عليهم؛ وأنه تعالى هو الذي هدى إلى جميع تفاصيل الطريق التي سلكها كلّ من أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
فكان ذكرهم بالوصف الجامع أوجز وأبلغ وأعمّ فائدة). [تفسير سورة الفاتحة:232]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 صفر 1439هـ/21-10-2017م, 11:51 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

فائدة إسناد الإنعام في قوله: {أنعمتَ} إلى ضمير الخطاب:
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (فائدة إسناد الإنعام في قوله: {أنعمتَ} إلى ضمير الخطاب:
وبيان هذا السؤال أنه تعالى قال: {الذين أنعمتَ عليهم} ولم يقل المنعَم عليهم كما قال: {المغضوب عليهم}.

وكلام أهل العلم في بيان الحكمة من ذلك يتلخّص في أمور:
أولها: توحيد الربّ جلّ وعلا، والتصريح بذكر إنعامه وحدَه، وأنّه لولا إنعامه لم يهتدِ أحد إلى الصراط المستقيم، فكان ذكر الضمير أدلَّ على التوحيد من قول (المنعَم عليهم).
والثاني: أنَّ ذلك أبلغ في التوسّل والثناء على الله تعالى؛ فإنّ ذلك يقتضي أنَّ كل مهتدٍ إلى الصراط المستقيم فإنّما اهتدى بما أنعم الله عليه، فيتوسّل بسابق إنعامه على كلّ من أنعم عليهم بأن يُلحقه بهم وأن يُنعم عليه كما أنعم عليهم.
قال ابن عاشور: (فيقول السائلون: اهدنا الصراط المستقيم الصراط الذين هديت إليه عبيد نعمك مع ما في ذلك من التعريض بطلب أن يكونوا لاحقين في مرتبة الهدى بأولئك المنعم عليهم، وتهمُّما بالاقتداء بهم في الأخذ بالأسباب التي ارتقوا بها إلى تلك الدرجات)ا.هـ.
والثالث: أن هذا اللفظ أنسب للمناجاة والدعاء والتقرب إلى الله تعالى والتضرّع إليه.
والرابع: أنَّ مقتضى شكر النعمة التصريح بذكر المنعِم ونسبة النعمة إليه.
قال ابن القيّم رحمه الله: (الإنعام بالهداية يستوجب شكر المنعِم بها، وأصل الشكر ذكرُ المنعِم والعمل بطاعته، وكان من شكره إبراز الضمير المتضمّن لذكره تعالى الذي هو أساس الشكر وكان في قوله: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} من ذكره وإضافة النعمة إليه ما ليس في ذكر "المنعَم عليهم" لو قاله فضمّن هذا اللفظ الأصلين وهما الشكر والذكر المذكوران في قوله: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ})ا.هـ.
وقد ذكر ابن القيّم رحمه الله وغيره أوجهاً أخرى في الجواب على هذا السؤال). [تفسير سورة الفاتحة:233 - 234]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 1 صفر 1439هـ/21-10-2017م, 11:53 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

الحكمة من تكرار ذكر الصراط:
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (الحكمة من تكرار ذكر الصراط:
وتوضيح هذا السؤال:
أن قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم..} فيه ذِكْرُ الصراط أولاً معرّفاً باللام، ثمّ ذكره معرّفاً بالإضافة؛ ولم يختصر ذكر الصراط مع تقارب الموضعين.
فيقال في جواب هذا السؤال: أنّ ذكره في كلّ موضع له حكمة ومناسبة وفائدة لا تتحقق في غيره.
ففي الموضع الأول كان الأهمّ للسائل أن يُهدى إلى الصراط المستقيم، وهو الطريق الصحيح السهل المفضي إلى العاقبة الحسنة، وأنه طريق واحد كما دلّ عليه معنى التعريف والعهد الذهني.
وفي الموضع الثاني: أتى ذكر الصراط معرّفاً بالإضافة إلى الذين يُستأنس باتّباعهم واقتفاء آثارهم وليفيد بأنَّه صراط آمن مسلوك قد سلكه الذين أنعم الله عليهم ففازوا بفضل الله ورحمته وحسن ثوابه.
قال ابن القيّم رحمه الله: (وهذا كما إذا دللت رجلا على طريق لا يعرفها وأردت توكيد الدلالة وتحريضه على لزومها وأن لا يفارقها؛ فأنت تقول: (هذه الطريق الموصلة إلى مقصودك)، ثم تزيد ذلك عنده توكيدا وتقوية فتقول: (وهي الطريق التي سلكها الناس والمسافرون وأهل النجاة)، أفلا ترى كيف أفاد وصفك لها بأنها طريق السالكين الناجين قدرا زائدا على وصفك لها بأنها طريق موصلة وقريبة سهلة مستقيمة فإن النفوس مجبولة على التأسّي والمتابعة فإذا ذُكِرَ لها من تتأسّى به في سلوكها أَنِسْتَ واقتحمتها، فتأمّله)ا.هـ.
ولابن عاشور كلام حسن في جواب هذا السؤال أيضاً وخلاصته أن فيه تفصيلاً بعد إجمال مفيد؛ ليتمكّن الوصف الأوّل من النفوس، ثمّ يعقب بالتفصيل المبيّن لحدود الصراط وعلاماته وأحوال السالكين وأحكامهم). [تفسير سورة الفاتحة:234 - 235]

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 1 صفر 1439هـ/21-10-2017م, 11:58 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

الباب الثاني عشر:تفسير قول الله تعالى: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}

تفسير قول الله تعالى: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (تفسير قول الله تعالى: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}
هذه آية مستقلة عند جمهور أهل العدد، وفي العدّ المكيّ والكوفي قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} آية واحدة.
وفي تفسير هذه الآية مسائل كثيرة ذكرها المفسّرون في تفاسيرهم، والغرض في هذا الدرس تلخيص أقوال أهل العلم في المسائل المتعلّقة بتفسير هذه الآية وترك التعرّض لما ليس له صلة ببيان المعنى، والله المستعان). [تفسير سورة الفاتحة:237]

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 12:01 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

الأحاديث المروية عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في تفسير هذه الآية:
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (الأحاديث المروية عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في تفسير هذه الآية:
ذكر المفسّرون وأهل الحديث ثلاثة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عند تفسيرهم هذه الآية:

الحديث الأوَّل: حديث عديّ بن حاتم الطائي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضلال)). رواه أحمد والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن خزيمة في التوحيد، وابن حبان والطبراني في الكبير من طرق عن سماك بن حرب، عن عباد بن حبيش، عن عدي به، وعباد بن حبيش مجهول.
ورواه ابن جرير الطبري والطبراني في الأوسط وتمام في فوائده من طريق عبد الله بن جعفر الرقّي عن سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عديّ بن حاتم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المغضوب عليهم: اليهود، والضالين: النصارى».
وهذا الإسناد ظاهره الصحّة ورجاله ثقات، لكن له علة وهي أن سعيد بن منصور رواه عن سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد مرسلاً، وهو كذلك في تفسير سفيان بن عيينة كما في الدر المنثور.
وهو جزء من حديث طويل في خبر إسلام عديّ بن حاتم رضي الله عنه.
والحديث الثاني: حديث بديل بن ميسرة العقيلي، قال: أخبرني عبد الله بن شقيق، أنه أخبره من سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى، وهو على فرسه، وسأله رجل من بلقين، فقال: يا رسول الله، من هؤلاء؟
قال: ((هؤلاء المغضوب عليهم))، وأشار إلى اليهود.
قال: فمن هؤلاء؟
قال: ((هؤلاء الضالون)) يعني النصارى.
قال: وجاءه رجل، فقال: استشهد مولاك، أو قال: غلامك فلان، قال: ((بل يجر إلى النار في عباءة غلها)) رواه عبد الرزاق وأحمد ومحمد بن نصر، وأبو يعلى.
ورواه ابن مردويه في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير - من طريق إبراهيم بن طهمان، عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيق، عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المغضوب عليهم، قال: ((اليهود)) ، قلت: الضالين؟ قال: ((النصارى)).
وقد حسّن الحافظ ابن حجر هذا الإسناد.
والحديث له طرق أخرى فيها اضطراب فمنها الموصول والمنقطع، وتخريجها يطول.
والحديث الثالث: حديث سليمان بن أرقم البصري عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب، ثم قال: «قال ربكم: ابنَ آدم، أنزلت عليك سبع آيات، ثلاث لي، وثلاث لك، وواحدة بيني وبينك، فأما التي لي: فـ{الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين}، والتي بيني وبينك: {إياك نعبد وإياك نستعين} منك العبادة، وعليَّ العون لك، وأما التي لك: فـ{اهدنا الصراط المستقيم} هذه لك: {صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم}: اليهود، {ولا الضالين}: النصارى» رواه الطبراني في الأوسط.
وسليمان بن أرقم متروك الحديث، قال فيه أحمد: (لا يسوى حديثه شيئاً) ، وقال يحيى بن معين: (ليس بشيء، ليس يسوى فلساً).
وأبو سلمة لم يسمع من أبيّ بن كعب، إنما ولد أبو سلمة عام 22هـ.
لكن العمدة على حديث عديّ بن حاتم رضي الله عنه، فقد صححه جماعة من أهل العلم، واستشهد لصحة معناه من القرآن جماعة من أهل العلم، ومن أوفاهم عبارةً شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ إذ قال: (وقد دل كتاب الله على معنى هذا الحديث، قال الله سبحانه: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ}، والضمير عائد إلى اليهود، والخطاب معهم كما دل عليه سياق الكلام.
وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ} وهم المنافقون الذين تولوا اليهود باتفاق أهل التفسير، وسياق الآية يدل عليه.
وقال تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} وذكر في آل عمران قوله تعالى: {وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} وهذا بيان أن اليهود مغضوب عليهم.
وقال في النصارى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} إلى قوله: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}.
وهذا خطاب للنصارى كما دل عليه السياق، ولهذا نهاهم عن الغلو، وهو مجاوزة الحد، كما نهاهم عنه في قوله: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} {وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ} الآية.
واليهود مقصرون عن الحق، والنصارى غالون فيه)ا.ه). [تفسير سورة الفاتحة:237 - 240]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 12:03 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

أقوال السلف في المراد بالمغضوب عليهم وبالضالين:
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (أقوال السلف في المراد بالمغضوب عليهم وبالضالين:
روي عن ابن مسعود وابن عباس تفسير المغضوب عليهم بأنّهم اليهود، وتفسير الضالين بأنّهم النصارى.

فروى بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما في قوله تعالى: «{غير المغضوب عليهم} قال: «يعني اليهود الّذين غضب اللّه عليهم»
{ولا الضّالّين} قال: «وغير طريق النّصارى الّذين أضلّهم اللّه بفريتهم عليه».
قال: «يقول: فألهمنا دينك الحقّ، وهو لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، حتّى لا تغضب علينا كما غضبت على اليهود، ولا تضلّنا كما أضللت النّصارى؛ فتعذّبنا بما تعذّبهم به. يقول: امنعنا من ذلك برفقك ورحمتك وقدرتك». رواه ابن جرير وابن أبي حاتم مفرقاً.
وهذا الأثر جزء من تفسير الضحاك بن مزاحم الهلالي، وهو لم يلقَ ابن عباس، وإنما أخذ تفسيره عن سعيد بن جبير وعن عبد الملك بن ميسرة وغيرهما وساق تفسيره مساقاً واحداً من غير تسمية الواسطة بينه وبين ابن عباس؛ فلذلك لا يجزم بثبوت نصّ التفسير عن ابن عباس من طريقه إذا تفرّد به، وإن كان الضحاك صدوقاً في نفسه إلا أنّ الآفة قد تكون من الواسطة، ولذلك يقع فيما يرويه عن ابن عباس في التفسير ما يُنكر.
وقد روي نحو هذا التفسير مختصراً عن ابن عباس من طريق حجاج بن أرطأة عن ابن جريج عن ابن عباس، وهو منقطع.
لكن صحّ هذا التفسير عن مجاهد بن جبر وهو من خاصة أصحاب ابن عباس ومن أعلمهم بالتفسير.
وابن جريج أخذ التفسير عن أصحاب مجاهد.
وروي هذا القول عن ابن مسعود ولا يصحّ عنه، وإنما نُسب إليه لما رواه ابن جرير في تفسيره من طريق السدّي الكبير عن أبي مالكٍ وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة الهمدانيّ، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله تعالى: «{غير المغضوب عليهم} هم اليهود، {ولا الضّالّين} هم النّصارى».
وهذا الإسناد ليس بمتحقق أنه لهذا الأثر، وإنما هو إسناد تفسير السدّي كلّه؛ فإنّه جمع صحيفة أبي مالك الغفاري عن ابن عباس في التفسير، وصحيفة أبي صالح مولى أمّ هانئ عن ابن عباس، وصحيفة مرة الهمداني عن ابن مسعود، وجمع معها نسخاً أخرى يرويها بأسانيده عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، ولم يبيّن أسانيده إلى هؤلاء الصحابة، وقد يكون فيمن روى عنهم الضعيف والمتروك، ولم يميز روايات بعضهم من بعض، وإنما وأدخل هذه الصحف بعضها في بعض، وكمَّل بعضها ببعض، وساقها مساقاً واحداً من غير تمييز، ووضع لهذا الكتاب إسنادا واحداً في أوّله؛ فكان ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما يروون ما يذكره السدّي في تفسيره مفرّقاً بإسناد واحد مختصر: "عن السدي عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود - وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم"، ويكررون هذا الإسناد في كلّ ما يروونه من تفسير السدي.
ولذلك فلا يصحّ أن ينسب ما قاله في كتابه ذلك إلى ابن مسعود ولا إلى ابن عباس، وإنما ينسب إلى السدّي نسبة اختيار.
وأما ما يروى عن السدّي بأسانيد أخرى من غير هذا الكتاب فيختلف حكمه، والسدّي ضعّفه بعض أهل الحديث، ووثّقه الإمام أحمد، وروى له مسلم في صحيحه، وهو تابعيّ رأى أنس بن مالك وروى عنه؛ فيُقبل من رواياته ما ليس له علة أخرى في الإسناد، وليس فيه ما يُنكر من جهة المتن.
فهذا ما روي عن الصحابة رضي الله عنهم في هذه المسألة.

وأما التابعون: فصحّ هذا القول عن مجاهد، وزيد بن أسلم، والسدي، والربيع بن أنس البكري.
وقال به من تابعي التابعين: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
وآثارهم مذكورة بأسانيدها في جامع ابن وهب وتفسير ابن جرير وتفسير ابن أبي حاتم.

وذكر السيوطي في الدرّ المنثور أنّ عبد بن حميد رواه عن سعيد بن جبير.
قال ابن أبي حاتم في تفسيره: (ولا أعلم بين المفسرين في هذا الحرف اختلافا)). [تفسيير سورة الفاتحة:241 - 243]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 12:05 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

بيان المراد بالمغضوب عليهم وبالضالين:
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (بيان المراد بالمغضوب عليهم وبالضالين:
صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه وصف اليهود بأنَّهم مغضوب عليهم، ووصف النصارى بأنّهم ضالون.

ولذلك توافقت أقوال السلف على تفسير المغضوب عليهم باليهود، وتفسير الضالين بالنصارى.
وهذا لا يقتضي قصر هذا الوصف عليهم؛ لأنه وصف له سبب؛ فمن فعلَ مثلَ فعلِهم لقي مثل جزائهم.
وقد تظافرت أقوال السلف على:
- أنَّ سبب الغضب على اليهود أنَّهم لم يعملوا بما علموا؛ فهم يعرفون الحقّ كما يعرفون أبناءهم، لكنَّهم أهل عناد وشقاق وكِبْرٍ وحَسَد؛ وقسوة قلب، يكتمون الحقَّ، ويحرفون الكلم عن مواضعه، ويعادون أولياء الله؛ فاستحقّوا غضب الله.
- وأنَّ النصارى ضلوا لأنّهم عبدوا الله على جهل، متبّعين في عباداتهم أهواءهم، مبتدعين في دينهم ما لم يأذن الله به، قائلين على ربّهم ما ليس لهم به علم؛ فكانوا ضُلّالاً لأنَّهم ضيّعوا ما أنزل الله إليهم من العلم، ولم يسترشدوا به، وعبدوا الله بأهوائهم، وغلوا في دينهم، واتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله؛ بطاعتهم فيما يشرّعون لهم من العبادات، وفي تحريم ما أحلّ الله، وتحليل ما حرّم الله؛ فضلّوا بذلك ضلالاً بعيداً). [تفسير سورة الفاتحة:244]


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 12:09 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

التحذير من مشابهة اليهود والنصارى:
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (التحذير من مشابهة اليهود والنصارى:
وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حذر أمّته من التشبّه باليهود والنصاري، وأخبر أنَّ من هذه الأمّة من سيتبع سننهم؛ كما في الصحيحين من حديث زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبرا شبرا وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم»، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: «فمن».

وفي مسند الإمام أحمد وسنن أبي داوود من حديث حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم».
ولأجل هذا اشتهر تحذير السلف رحمهم الله تعالى من التشبه باليهود والنصارى؛ لئلا يصيب من تشبّه بهم من جنس ما أصابهم من الجزاء.
قال ابن تيمية رحمه الله: (روى الترمذي وغيره عن عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون)) قال الترمذي حديث صحيح.
وقال سفيان بن عيينة: (كانوا يقولون من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى).
وكان غير واحد من السلف يقول: (احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل؛ فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون).
فمن عرف الحقَّ ولم يعمل به أشبه اليهود الذين قال الله فيهم: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون} .
ومن عبد الله بغير علم بل بالغلو والشرك أشبه النصارى الذين قال الله فيهم: {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل}).ا.هـ). [تفسير سورة الفاتحة:245 - 246]

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 12:20 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

الحكمة من تمييز الفريقين بوصفين متلازمين:
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (الحكمة من تمييز الفريقين بوصفين متلازمين:
أثار ابن جرير الطبري سؤالاً عن الحكمة من تخصيص اليهود بوصف الغضب عليهم، والنصارى بوصف الضلال مع تلازم الوصفين، وكون الفريقين ضُلالاً مغضوباً عليهم؛ لما تقرّر من أنّ المغضوب عليه ضالّ غير مهتدٍ، وأنّ الضالّ سالكٌ سبيلاً يستحقّ به غضب الله.

ثمّ أجاب على هذا السؤال بجواب تعقّبه فيه ابن عطية وتتابعت أجوبة المفسّرين على هذا السؤال، وذكروا في أجوبتهم أوجهاً حسنة، وتلخيصها:
1. أن الله تعالى وَسَم كلَّ طائفة بما تُعرفُ به، حتى صارت كلّ صفة كالعلامة التي تعرف بها تلك الطائفة، وهذا حاصل جواب ابن جرير.
2. أنَّ أفاعيل اليهود من الاعتداء والتعنّت وقتل الأنبياء وغيرها أوجبت لهم غضباً خاصّا، والنصارى ضلوا من أوّل كفرهم دون أن يقع منهم ما وقع من اليهود، وهذا حاصل جواب ابن عطية.
3. اليهود أخص بالغضب لأنهم أمة عناد، والنصارى أخص بالضلال لأنهم أمة جهل، وهذا جواب ابن القيّم وتبعه تلميذه ابنُ كثير رحمهما الله.
وقال ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد: (الشقاء والكفر ينشأ من عدم معرفة الحق تارة، ومن عدم إرادته والعمل به أخرى..
فكفر اليهود نشأ من عدم إرادة الحق والعمل به، وإيثار غير عليه بعد معرفته؛ فلم يكن ضلالا محضاً.
وكفر النصارى نشأ من جهلهم بالحق وضلالهم فيه؛ فإذا تبين لهم وآثروا الباطل عليه أشبهوا الأمة الغضبية وبقوا مغضوباً عليهم ضالين.
ثم لما كان الهدى والفلاح والسعادة لا سبيل إلى نيله إلا بمعرفة الحق وإيثاره على غيره، وكان الجهل يمنع العبد من معرفته بالحق، والبغي يمنعه من إرادته؛ كان العبد أحوج شيء إلى أن يسأل الله تعالى كل وقت أن يهديه الصراط المستقيم تعريفا وبيانا وإرشادا وإلهاما وتوفيقا وإعانة؛ فيعلمه ويعرفه، ثم يجعله مريدا له قاصدا لاتباعه؛ فيخرج بذلك عن طريقة المغضوب عليهم الذين عدلوا عنه على عمد وعلم، والضالين الذين عدلوا عنه عن جهل وضلال)ا.هـ.
4. وظهر لي وجه آخر، وهو التنبيه على سببي سلبِ نعمة الهداية:
- فمن ترك العمل بالعلم استحقّ سلب نعمة الهداية؛ لمقابلته نعمة الله تعالى بما يُغضب الله إذ لم يتّبع الهدى بعد معرفته به؛ كما فعلت اليهود.
- ومن أعرض عن العلم الذي جاء من عند الله ضلَّ عن الصراط المستقيم، وابتدع في دين الله ما لم يأذن به الله؛ كما فعلت النصارى.
واستحضار هذا المعنى مما يقوّي في نفس المؤمن الحرص على اتّباع هدى الله واجتناب ما يعرّض العبد للحرمان من نعمة الهداية إلى الصراط المستقيم). [تفسير سورة الفاتحة:246 - 247]

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 12:23 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

الحكمة من تقديم المغضوب عليهم على الضالين
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (الحكمة من تقديم المغضوب عليهم على الضالين
اشتهرت مسألة الحكمة من تقديم ذكر المغضوب عليهم على الضالين، في سورة الفاتحة، ولم أقف على أوّل من أثار هذه المسألة، لكن عناية المفسّرين بالجواب على هذا السؤال ظاهرة، وقد ذكروا أوجهاً حسنة في أجوبتهم:

أحدها: أن ذلك لمراعاة فواصل الآيات، وهذا الجواب وإن كان صحيحاً في نفسه إلا أنّه لا يستقلّ بالجواب إذ لا بدّ من حكمة أخرى غير مجرّد مراعاة الفواصل، وقد ذكره ابن عاشور وجهاً.
والثاني: لأنَّ اليهود متقدمون في الزمان على النصارى، ذكره ابن القيّم وجهاً.
والثالث: لأن اليهود كانوا مجاورين للنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، بخلاف النصارى؛ فقدّمهم لقربهم، وهذا الجواب ذكره ابن القيّم أيضاً، ويشكل عليه أنَّ سورة الفاتحة مكية إلا إذا كان المراد أنَّ منازل اليهود في يثرب أقرب من منازل النصارى في نجران والشام؛ وفيه بعد.
والرابع: أن اليهود أغلظ كفراً من النصارى؛ فبدأ بهم، وهذا الجواب ذكره ابن القيّم رحمه الله، وهو جواب شيخنا ابن عثيمين رحمه الله، قال: (قدم المغضوب عليهم على الضالين؛ لأنهم أشد مخالفة للحق من الضالين؛ فإن المخالف عن علم يصعب رجوعه بخلاف المخالف عن جهل)ا.هـ.
والخامس: لإفادة الترتيب في التعوّذ؛ لأن الدعاء كان بسؤال النفي؛ فالتدرّج فيه يحصل بنفي الأضعف بعد نفي الأقوى مع رعاية الفواصل، وهذا حاصل جواب ابن عاشور، وهو قريب من الوجه السابق.
والسادس: لأن الغضب يقابل الإنعام، فتقديم ذكر المغضوب عليهم أحسن مقابلة من تقديم ذكر الضالين، وهذا خلاصة جواب أبي حيان الأندلسي في البحر المحيط، وذكر ابن القيّم أنّه أحسن الوجوه: قال: (فقولك: الناس منعم عليه ومغضوب عليه؛ فكن من المنعم عليهم أحسن من قولك: منعم عليه وضال)ا.هـ.
وهو وجه حسن، وأعمّ منه أن يقال: إن تقديم المغضوب عليهم على الضالين فيه تحقيق المقابلتين: المقابلة الخاصة والمقابلة العامة:
- فالخاصة بين العمل وتركه.
- والعامة بين العلم وعدمه.
وتوضيح ذلك أنَّ الهداية لا تتحقّق إلا بعلم وعمل، والعلم متقدّم على العمل فكانت دائرته مع ما يقابله أعمّ، والعمل بالعلم دائرته مع ما يقابله أخصّ؛ فتحقيق المقابلة الخاصة مقدّم على تحقيق المقابلة العامّة؛ لتتمّ المقابلة الخاصّة أولاً ثم تتمّ بعدها المقابلة العامّة لأنّها أشمل.
والجواب السابع: لأنَّ أوّل ذنب عصي الله به هو من جنس ذنوب المغضوب عليهم؛ لأنَّه عصيان عن علم ومعرفة، وهو إباء إبليس السجود لآدم؛ فناسب تقديم المغضوب عليهم، وهذا الوجه زاده د.فاضل السامرائي على الوجوه المتقدّمة). [تفسير سورة الفاتحة:248 - 249]

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 12:25 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

الحكمة من إبهام ذكر الغاضب في قوله: {غير المغضوب عليهم}
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (الحكمة من إبهام ذكر الغاضب في قوله: {غير المغضوب عليهم}
في قول الله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} أسند الفعل إليه جلّ وعلا، وقال هنا: {غير المغضوب عليهم} ولم يقل: ( الذين غضبت عليهم).

وهذا السؤال تكلّم في جوابه جماعة من المفسّرين وذكروا في أجوبتهم وجوها عديدة، والأظهر أنَّ ذلك لإفادة عظم شأن غضب الله عليهم، وأنه غضب الملك الجبّار الذي يغضب لغضبه جنوده في السماوات وفي الأرض، فيجد آثار ذلك الغضب في كلّ حال من أحواله.
وهذا نظير بغض الله تعالى لمن يبغض من عباده، كما في صحيح مسلم من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، قال فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض).
وكما في صحيح ابن حبان من حديث عثمان بن واقد العمري، عن أبيه، عن محمد بن المنكدر، عن عروة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس».
والمقصود أنَّ إبهام ذكر الغاضب هنا من فوائده عموم الغاضبين وكثرتهم.
والتعبير بالاسم دون الفعل لما في الاسم من الدلالة على تمكّن الوصف منهم، وأنَّه ملازم لهم، ففيه من المعنى ما لا يفيده قول: (غضبت عليهم) لأنه قد يدلّ على وقوع الغضب مرّة واحدة.

وذكر ابن القيّم رحمه الله تعالى وجهين بديعين آخرين:
أحدهما: أنَّ ذلك جارٍ على الطريقة المعهودة في القرآن من أن أفعال الإحسان والرحمة والجود تضاف إلى الله تعالى، وأفعال العدل والجزاء والعقوبة يُحذف ذكر الفاعل فيها أو يسند الفعل إلى من كان له سبب فيه؛ تأدّباً مع الله جلّ وعلا، ولئلا يقع في بعض النفوس ما لا يصحّ من المعاني التي يُنزّه الله عنها، كما في قول الله تعالى فيما حكاه عن الجنّ {وأنا لا ندري أشرّ أُريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربّهم رشداً}
وقول إبراهيم الخليل: {الذي خلقني فهو يهدين . والذي هو يطعمني ويسقين . وإذا مرضت فهو يشفين}.
فمن ذلك قوله تعالى: {الذين أنعمت عليهم} فأسند الضمير إليه جلَّ وعلا، وقوله: {المغضوب عليهم} حذف ذكر الفاعل، وقوله: {الضالين} أسند الفعل إلى من قام به، ولم يقل (الذين أضللتهم) لئلا يُفهم من ذلك نوع عذر لهم، مع أنّ ضلالهم بقضاء الله وقدره.
والآخر: أنّ ذلك أبلغ في تبكيتهم والإعراض عنهم وترك الالتفات إليهم؛ بخلاف المنعم عليهم ففي إسناد فعل الإنعام إلى الله تعالى في قوله {أنعمت عليهم} ما يفيد عنايته بهم وتشريفهم وتكريمهم). [تفسير سورة الفاتحة:250 - 251]


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 12:30 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

معنى "لا" في قوله تعالى: {ولا الضالين}:
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (معنى "لا" في قوله تعالى: {ولا الضالين}:
لو قيل: (غير المغضوب عليهم والضالين) لأوهم ذلك أن الوصفين لطائفة واحدة؛ فأتي بحرف "لا" للتأكيد على أنه المراد بالضالين طائفة غير الطائفة المعطوفة عليها، وهذا أحسن ما قيل في هذه المسألة، وهو أحد الأوجه التي ذكرها ابن القيّم رحمه الله في بدائع الفوائد.

وقد اختلف أهل اللغة في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: هي زائدة ، وهو قول معمر بن المثنى ، وردّه الفراء وابن جرير.
والقول الثاني: بمعنى "غير" ، والإتيان بها هنا للتنويع بين الحروف، وهذا معنى قول الفراء.
وتشهد له قراءة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: {غير المغضوب عليهم . وغير الضالين} وهي قراءة صحيحة الإسناد عنه، لكن أجمع القراء على تركها لإجماع الصحابة رضي الله عنهم على ترك القراءة بما خالف المصحف الإمام.
والقول الثالث: لئلا يتوّهم أن "الضالين عطف على الذين" وهذا القول ذكره ابن فارس في «الصاحبي» وقال به مكي بن أبي طالب في «الهداية» والواحدي في «البسيط».
قال ابن فارس تعقيباً على كلام لأبي عبيدة: (أما قوله إنّ «لا» في {وَلا الضَّالِّينَ} زائدة؛ فقد قيل فيه: إن «لا» إنما دخلت ها هنا مُزِيلةً لتوهُم متوهم أن الضّالين هم المغضوب عليهم، والعرب تنعت بالواو، يقولون: مررت بالظريف والعاقل فدخلت «لا» مُزِيلةً لهذا التوهم ومُعلمة أن الضّالين هم غير المغضوب عليه).
و
قال الواحدي: (لو لم تدخل (لا) لاحتمل أن يكون قوله: (والضالين) منسوقا على قوله: (صراط الذين أنعمت عليهم والضالين)، فلما احتمل ذلك أدخل فيه (لا) ليحسم هذا الوهم)ا.هـ
والقول الرابع: هي مؤكدة للنفي الذي تضمنه معنى "غير"، وهذا القول ذكره مكي بن أبي طالب وابن القيّم.
والقول الخامس: لإفادة المغايرة الواقعة بين النوعين وبين كلّ نوع بمفرده، أي لئلا يفهم أنّ الصراط الآخر مشترك بين النوعين الآخرين، فدخلت "لا" للتصريح بأنّ المراد صراط غير هؤلاء وغير هؤلاء، وهذا القول ذكره ابن القيّم رحمه الله وجهاً). [تفسير سورة الفاتحة:252 - 253]


رد مع اقتباس
  #15  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 02:03 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

الباب الثالث عشر:شرح مسائل التأمين بعد الفاتحة

شرح مسائل التأمين بعد الفاتحة
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (شرح مسائل التأمين بعد الفاتحة
التأمين هو قول: (آمين)، وهو سنة عند ختم الفاتحة للقارئ والمستمع في الصلاة وخارج الصلاة، وقد ورد في التأمين أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وآثار عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان رضي الله عنهم وأرضاهم.
فيُسنّ لمن قرأ الفاتحة أو قُرئت له أن يقول عند ختمها: "آمين".
وهي كلمة دعاء بمعنى "اللهمّ استجب"، وليست من القرآن بإجماع أهل العلم، ولذلك لم يكتبها الصحابة رضي الله عنهم في المصاحف.
وقد روى ابن أبي شيبة من طريق إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي ميسرة أن جبريل عليه السلام أقرأ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب ، فلما قال : {ولا الضالين} قال : قل آمين ، فقال : آمين).
وأبو ميسرة هو عمرو بن شرحبيل الهمْداني من أفاضل أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه وخاصّتهم، كان من العلماء العباد، ثقة قليل الحديث.
وهذا الخبر على إرساله أخرجه ابن أبي شيبة مختصراً، وأصله خبر طويل معلول، فيه أنّ سورة الفاتحة أوّل ما نزل من القرآن، وقد تقدّم الكلام عليه عند الحديث عن مسائل نزول سورة الفاتحة.
وليس في هذا الخبَر دلالة على أنّ "آمين" من القرآن، وإنما غايته أن يدلّ على أنّ من سنن قراءة الفاتحة إذا ختمها القارئ أن يقول: "آمين".

ولأهل العلم من المفسّرين والمحدّثين والفقهاء واللغويين كلام كثير في التأمين متفرّق في كتبهم، ومن أهمّ ما ذكروا من المسائل في التأمين:
1.معنى قول "آمين".
2. اللغات في "آمين"
3. هل آمين من أسماء الله؟
4. معنى قولهم: "آمين وبسلاً"
5.حكم التأمين بعد الفاتحة.
6.مدّ الصوت بآمين.
7.بيان فضل التأمين.
8. معنى موافقة الملائكة في التأمين.
9. حرص الصحابة رضي الله عنهم على التأمين.
10.التنبيه على ضعف بعض المرويات في فضل التأمين.
11. هل المؤمّن داعٍ؟
12. الدعاء قبل التأمين
13. هل يجهر الإمام بالتأمين؟
14. هل يجهر المأموم بالتأمين؟
15. هل يجهر المنفرد بالتأمين؟
16.هل يؤمّن القارئ في غير الصلاة؟
17. إذا لم يسمع المأمومُ قراءةَ الإمامِ فهل يؤمّن؟
18.متى يقول المأموم "آمين" ؟
19. حكم من نسي قول آمين.
20. حكم قول "آمين ربّ العالمين"). [تفسير سورة الفاتحة:255 - 257]


رد مع اقتباس
  #16  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 02:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

1. معنى قول" آمين"
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (1. معنى قول" آمين"
آمين اسم فعل، يفيد طلب الاستجابة؛ فهو بمعنى "اللهم استجب" ، و"ربّنا استجب لنا" ونحو ذلك، كما أنّ "صه" اسم فعل يفيد طلب السكوت، و"مه" اسم فعل يفيد طلب الكفّ، وهكذا.

وهذا قول جمهور اللغويين والمفسّرين، وهو الصحيح إن شاء الله.
قال أبو إسحاق الزجاج: (معناه "اللهم استجب" وهما موضوعان في موضع اسم الاستجابة كما أن " قولنا: (صه) موضوع موضع سكوتاً)ا.هـ.
وقال ابن عطية: (ومعنى «آمين» عند أكثر أهل العلم: "اللهم استجب"، أو "أجب يا رب"، ونحو هذا، قاله الحسن بن أبي الحسن وغيره، ونصَّ عليه أحمد بن يحيى ثعلب وغيره)ا.هـ.
وقال أبو البقاء العكبري: ( وأما "آمين" فاسْمٌ للفعل، ومعناها "اللهم استجب"، وهو مبني لوقوعه موقع المبني، وحرك بالفتح لأجل الياء قبل آخره، كما فتحت "أين"، والفتح فيها أقوى؛ لأن قبل الياء كسرة، فلو كُسِرَت النون على الأصل لوقعت الياء بين كسرتين)ا.هـ.
وفي معنى "آمين" أقوال لأهل العلم:
القول الأول: آمين بمعنى "ربّ افعل" وهذا القول روي عن ابن عباس من طريقين واهيين:
أحدهما: طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس، ذكره السيوطي في الدر المنثور.
والآخر: طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، رواه الثعلبي في تفسيره.
القول الثاني: معناها "اللهم استجب" وهذا القول رواه ابن الأنباري وابن شاهين عن الحسن البصري.
قال ابن الأنباري: (أَخبرني أَبو علي المقرئ، قال: حدَّثنا الحسن بن الصباح، قال: حدَّثنا الخفاف، قال: قال إِسماعيل [بن مسلم]: كان الحسن إِذا سُئل عن تفسير آمين، قال: اللهمَّ استجب)ا.هـ.
وروى ابن شاهين في تفسيره عن الحسن البصري نحوه كما في الدرّ المنثور.
وقال به: أبو إسحاق الزجاج، وابن الأنباري وأبو منصور الأزهري وعليه أكثر علماء اللغة.
القول الثالث: آمين اسم من أسماء الله ، وهذا القول مروي عن أبي هريرة وهلال بن يساف ومجاهد وحكيم بن جبير.
ومال إليه من علماء اللغة: ابن قتيبة الدينوري، وابن خالوية، وأبو علي الفارسي، وغيرهم.
قال ابن خالويه: (ومعنى "آمين": يا أمين أي يا الله، فأمين اسم من أسماء الله).
وأنكره جماعة من الأئمة، وعدّوه خطأ، وسيأتي بيان علّته إن شاء الله تعالى.
قال النووي في التبيان: (قيل: هو اسم من أسماء الله تعالى وأنكر المحققون والجماهير هذا)ا.ه.
القول الرابع: معناها "كذلك يكون" ، وهذا القول ذكره الثعلبي عن ابن عباس وقتادة من غير إسناد، وذكره ابن الأنباري في الزاهر عن ابن عباس والحسن من غير إسناد أيضاً.
وقريب منه قول الجوهري في الصحاح: (ويقال معناه. كذلك فليكن).
وقريب منه ما ذكره ابن قتيبة في غريب القرآن أنها بمعنى "كذلك فعل الله".
وذكر هذا القول أيضاً: أبو سليمان الخطابي في شرح صحيح البخاري، وابن سيده في المحكم، وجماعة من أهل اللغة والتفسير.
القول الخامس: هي آمّين، أي: قاصدين إليك.
قال ابن كثير: (نقل أبو نصرٍ القشيريّ عن الحسن وجعفرٍ الصّادق أنّهما شدّدا الميم من آمين مثل: {آمّين البيت الحرام})ا.هـ.
وأبو نصر القشيري هو عبد الرحيم بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، وهو أشعريّ متكلّم، معدود من فقهاء الشافعية، وله تفسير مفقود، أكثر القرطبي من النقل عنه.
وأبوه أبو القاسم القشيري هو صاحب الرسالة القشيرية في التصوّف، وصاحب التفسير المسمّى "لطائف الإشارات"، وقد طُبع بعضه.
وهذا القول لا يصحّ عن جعفر الصادق ، ولا عن الحسن البصري، وقد أنكره المحققون من علماء اللغة، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله.
قال النووي في التبيان: (عدّها أكثر أهل اللغة من لحن العوام، وقال جماعة من أصحابنا: من قالها في الصلاة بطلت صلاته)ا.هـ.
القول السادس: آمين كلمة ليست بعربية، إنما هي عبرية أو سريانية ثمّ تكلمت بها العرب فصار لغة لها، وهذا القول ذكره الثعلبي عن عطية العوفي من غير إسناد، وذكره الباقولي عن الأخفش.
قال الباقولي: (وروي عن الأخفش أنه اسم أعجمي، مثل: هابيل وقابيل؛ فإن سمّيت به رجلاً لم ينصرف)ا.هـ.
وهو قول باطل.
وفي معنى "آمين" أقوال أخرى غير مشتهرة، وعامّتها معلول، كقول بعضهم: معناها "أمّنا بخير"، وهذا قول في معنى "اللهمّ" نُقلَ خطأ إلى معنى "آمين".
وقال بعضهم: معناها "لا تخيّب رجاءنا"، وقد نُسب هذا في بعض كتب التفسير إلى الترمذي، ولم أقف على أصله.
وقيل: طابع لله على عباده يدفع به عنهم الآفات، وهذا القول مأخوذ من حديث ضعيف يأتي ذكره إن شاء الله.
وقيل غير ذلك). [تفسير سورة الفاتحة:257 - 261]

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 02:08 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

2. اللغات في "آمين"
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (2. اللغات في "آمين"
في "آمين" لغتان مشتهرتان:

الأولى: قَصْر الأَلِف: "أمين"، على وزن "فَعِيل" ، وهي لغة صحيحة فصيحة مشتهرة.
قال جبير بن الأضبط:
تباعَدَ منى فُطْحُلٌ إذْ دعوتُه ... أَمينَ، فزاد اللهُ ما بيننا بُعْدا
وقال آخر:
سَقَى اللَّهُ حَيًّا بينَ صارَةَ والحِمَى ... حِمَى فَيْدَ صَوْبَ المُدْجِناتِ المَواطرِ
أَمِــــــينَ ورَدَّ اللَّهُ رَكْـــــــــباً إليهـــــــــــــــم ... بِخَيْـــرٍ ووَقَّــــــــــــاهُمْ حِمــــــــــــــــــــامَ المَقادِرِ

واللغة الأخرى: مدّ الألف: "آمين" على وزن فاعِيل، وهذا المدّ حقيقته إشباع فتحة الهمزة.
قال ابن المنيّر: (والمد إشباع بدليل أنه لا يوجد في العربية كلمة على فاعيل)ا.هـ.
وقد استشهد له بعض علماء اللغة بقول مجنون ليلى:
يا ربِّ لا تَسلبَنِّى حُبَّها أبدا ... ويرحَمُ الله عبدا قال آمينا
وقد ادّعى بعضهم لغة ثالثة فيها، وهي آمّين.
وقد نبّه كبار علماء اللغة على خطئها، وعدّها بعض العلماء من لحن العوامّ،
قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل التيمي الأصبهاني(ت:526هـ) صاحب التحرير في شرح صحيح مسلم: (وكثير من العامة يشددون الميم منها وهو خطأ لا وجه له)ا.هـ نقله النووي في تهذيب الأسماء واللغات.
قال أبو العباس ثعلب في الفصيح: (ولا تشدّد الميم، فإنه خطأ).
وقال أبو سهل الهروي في إسفار الفصيح: ( ولا تشدد الميم فإنه خطأ؛ لأنه يخرج من معنى الدعاء ويصير بمعنى قاصدين، كما قال تعالى: {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَام}).
ولم أقف على أوّل من ذكر أنّ "آمّين" لغة في "آمين"، لكن ذكر أبو عليّ الفارسي في "المسائل الحلبيات" أنّ محمّد بن يزيد المبرد قال: ("آمين" على مثال "عاصين") يريد في الوزن لا في حقيقة الجمع.
وهذه العبارة نسبها أبو الفتح ابن جنّي في "الخصائص" إلى أبي العباس ثعلب، وعنه اشتهرت نسبة هذه العبارة إلى ثعلب، ولم أقف عليها فيما طبع من كتب ثعلب ولا المبرّد.
وكلامهم يشعر أنّ من الناس من توهّم من هذه العبارة أنّه أراد الجمع فظنّ أنّ "آمّين" لغة في "آمين".
وقد نبّه أبو علي الفارسي وأبو الفتح ابن جنّي على خطأ هذا الفهم ، ولم يقع في كلامهم تسمية لمن ادّعى هذا الفهم.
قال أبو علي الفارسي(ت:377هـ): (فأما قول محمد بن يزيد: (آمين بمنزلة عاصين) فالذي أراد به - عندي - أن يعلم أن الميم من "آمين" خفيفة، كما أن الصاد التي هي عين من "عاصين" خفيفة، ولم يرد أن وزن "آمين" كوزن "عاصين"، ولا أن النون في "آمين" فتحت من حيث كانت نون جمع، كما فتحت في "عاصين" بهذا المعنى؛ لبعد ذلك وفساده؛ ألا ترى أن المعنى في "أمين" و "آمين" واحد، وقد ثبت أن النون من "أمين" في موضع اللام من "فعيل"، فيجب أن تكون من "آمين" مثله في أنه في موضع اللام. ولو جعلته جمعاً مثل "عاصين" للزم أن تكون اللام منه حرف علة محذوفاً لالتقاء الساكنين، كما أنه من "عاصين" كذلك، فهذا يلزم منه أن يكون "آمين" من لفظ آخر غير "آمين").
وقال أبو الفتح ابن جنّي(ت:392هـ): (فأما قول أبي العباس: "إن آمين بمنزلة عاصين"؛ فإنما يريد به أن الميم خفيفة كعين عاصين)ا.هـ.
قوله: (كعين عاصين) يريد عين الفعل في فاعلين ، التي هي الصاد في عاصين.
وقال ابن سيده في المحكم: ( فأما قول أبي العباس: "إن آمين بمنزلة عاصين" فإنما يريد أن الميم خفيفة كصادِ عاصين، لا يريد به حقيقة الجمع)ا.هـ.
وقال ابن المنيّر: (الموجود في مشاهير الأصول المعتمدة أن التشديد خطأ، وقال بعض أهل العلم: التشديد لغة، وهو وهمٌ قديم، وذلك أن أبا العباس أحمد بن يحيى قال: "وآمين مثال عاصين لغة"؛ فتوهم أن المراد صيغة الجمع لأنه قابله بالجمع، وهو مردود بقول ابن جني وغيره أن المراد موازنة اللفظ لا غير، قال ابن جني: "وليس المراد حقيقة الجمع"، ويؤيده قول صاحب التمثيل في الفصيح: "والتشديد خطأ".
ثم المعنى غير مستقيم على التشديد لأن التقدير ولا الضالين قاصدين إليك وهذا لا يرتبط بما قبله فافهمه)ا.هـ.
ثمّ اشتهر التنبيه على خطأ هذا الفهم في كتب اللغة من غير تسمية لمن فهمه، ولا من ادّعاه.
وقد تقدّم أن أبا نصر القشيري(ت:514هـ) نسب هذا القول في تفسيره إلى جعفر الصادق والحسن البصري، كما ذكره ابن كثير، ولا يصحّ ذلك عنهما.
ونقل النووي في تهذيب الأسماء واللغات عن الواحديّ أنه قال: (والتشديد مع المد، روي ذلك عن الحسن والحسين بن الفضل، ويحقق ذلك: ما ورى عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال في تأويله: "قاصدين نحوك، وأنت أكرم من أن تُخَيِّب قاصدًا")ا.هـ.
ونقل أبو عبد الرحمن السلمي (ت:412هـ) صاحب حقائق التفسير عن جعفر الصادق أنه قال: (آمين أي : قاصدين نحوك وأنت أكرم من أن تخيب قاصدك). من غير إسناد.
وقد تقدّم أنه لا تصحّ نسبة هذا القول إلى جعفر الصادق.
والخلاصة أنّ آمين فيها لغتان صحيحتان: آمين، وأمين، وأما آمّين بالمدّ والتشديد فلا تصحّ). [تفسير سورة الفاتحة:261 - 264]

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 02:11 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

3. هل آمين من أسماء الله؟
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (3. هل آمين من أسماء الله؟
رُوي عن بعض السلف أنّ "آمين اسم من أسماء الله"، وهذا القول له علّة وفيه لبس، وقد أنكره جماعة من العلماء، وتأوّله بعضهم.

وأصل ذلك ما رواه منصور بن المعتمر عن هلال بن يساف أنه قال: (آمين اسم من أسماء الله). رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة.
- وروى سفيان الثوري، عن طارق بن عبد الرحمن البجلي ، عن حكيم بن جابر ، قال : (آمين اسم من أسماء الله). رواه ابن أبي شيبة.
- وروى ابن علية، عن ليث ، عن مجاهد أنه قال: (آمين اسم من أسماء الله). رواه ابن أبي شيبة.
- وروى بشر بن رافع الحارثي، عن أبي عبد الله، عن أبي هريرة قال: «كان موسى بن عمران إذا دعا أمّن هارون على دعائه».
قال: وسمعت أبا هريرة يقول: «آمين اسم من أسماء الله عز وجل». رواه عبد الرزاق.

وأبو عبد الله هو الدوسي ابن عمّ أبي هريرة، معروف بكنيته، وقد اختلف في اسمه، وبشر بن رافع قال فيه أبو حاتم: (ضعيف الحديث منكر الحديث لا نرى له حديثاً قائماً)، وقال البخاري: (لا يتابع على حديثه) ، وقال يحيى بن معين في رواية: ليس به بأس؛ فالراجح فيه أنّه ضعيف الحديث، وأنّ هذا الخبر لا يصحّ عن أبي هريرة.
وهلال بن يساف الأشجعي ثقة من كبار التابعين، لكنّه كان معروفا برواية الإسرائيليات، وكان يجالس كعب الأحبار، وأحيانا لا يصرّح بمن روى عنه الإسرائيليات، ولذلك يحكم على ما رواه مما يشبه أخبار بني إسرائيل بأنّه من الإسرائيليات.
وحكيم بن جابر هو ابن طارق بن عوف الأحمسي، أبوه صحابيّ، وهو تابعيّ ثقة، لكنّه كان ممن يروي الإسرائيليات، وقد وقع في مروياته في كتب التفسير إسرائيليات منكرة.
فهذه الأخبار المروية في أنّ "آمين من أسماء الله" معلولة بكونها مأخوذة ممن يروي الإسرائيليات، وقد يكون من رُوي عنه هذا الخبر نقل كلمة أعجمية إلى العربية مقاربة لآمين فيها دلالة على اسم من أسماء الله، ثمّ نقل ذلك على أنّ آمين من أسماء الله، ومعلوم أنّ كتب بني إسرائيل كانت بغير العربية.
وقد أنكر علماء اللغة أن يكون "آمين" من أسماء الله.
فقال أبو إسحاق ابن قُرقُول (ت:569هـ): (قيل: هو اسم من أسماء الله - عَزَّ وَجَلَّ -، أصله القصر فأدخلت عليه همزة النداء، كما يقال: يا آمين استجب دعاءنا. وهذا لا يصح؛ ليس في أسماء الله تعالى اسم مبنيٌّ ولا غير معرب).
قال أبو البقاء العكبري(:616هـ): (قيل: "آمين" اسم من أسماء الله تعالى، وتقديره يا آمين، وهذا خطأ لوجهين:
أحدهما: أن أسماء الله لا تعرف إلا تلقيا ولم يرد بذلك سمع.
والثاني: أنه لو كان كذلك لبُني على الضم؛ لأنه منادى معرفة أو مقصود، وفيه لغتان: القصر وهو الأصل، والمد وليس من الأبنية العربية، بل هو من الأبنية الأعجمية كهابيل وقابيل، والوجه فيه أن يكون أشبع فتحة الهمزة، فنشأت الألف، فعلى هذا لا تخرج عن الأبنية العربية)ا.هـ.
وقد ذكر ابن قتيبة عن بعض المفسّرين أنهم بنوا على هذا القول إعراب آمين بأنّه منادى؛ فقال: (و"آمِينَ" اسم من أسماء الله، وقال قوم من المفسرين - في قول المصلي بعد فراغه من قراءة أمِّ الكتاب: "آمينَ": [أمينَ] قصر من ذلك؛ كأنه قال: يا الله؛ وأضمر "استجبْ لي").
فتعقّبه أبو منصور الأزهري بقوله: (وليس يصح ما قال عند أهل اللغة أنه بمنزلة: يا الله، وأضمر: استجب لي، ولو كان كما قال لَرُفع إذا أُجري ولم يكن منصوباً)ا.هـ.
ووجّه ابن القيّم هذا القول توجيهاً آخر في بدائع الفوائد؛ فقال: (رُوي عن بعض السلف أنه قال في آمين أنه اسم من أسماء الله تعالى، وأنكر كثير من الناس هذا القول، وقالوا: ليس في أسمائه آمين، ولم يفهموا معنى كلامه؛ فإنما أراد أن هذه الكلمة تتضمن اسمه تبارك وتعالى فإنَّ معناها استجب وأعط ما سألناك؛ فهي متضمنة لاسمه مع دلالتها على الطلب)ا.هـ.
ومراده أنّ الداعي بآمين يستحضر مخاطبته لله تعالى بهذا الدعاء؛ فكأنّه سأل الله تعالى باسم من أسمائه ليستجيب له.
وهذا التوجيه حسن لو كان هذا المعنى ظاهراً من مراد قائله، أو فسّره سياق كلامه، والأقرب أنّه قول مأخوذ من أخبار بني إسرائيل، وقد يكون في لغتهم ما يدل على اسم من أسماء الله، وهو قريب النطق من كلمة "آمين" ، لكن هذا لا يفيد في أنّ كلمة "آمين" الثابتة في السنّة أنّها غير عربية، أو أنّها موضوعة في لغة العرب للدلالة على اسم من أسماء الله، والصحيح أنها اسم فعل بمعنى "اللهم استجب"). [تفسير سورة الفاتحة:265 - 268]

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 02:13 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

4. معنى قولهم "آمين وبسلاً"
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (4. معنى قولهم "آمين وبسلاً"
مما يدلّ على أنّ آمين اسم فعل يفيد طلب الاستجابة وتحقق المطلوب، أنّ لهذه الكلمة ما هو قريب من معناها؛ كقول بعض العرب: ( بَسْلاً) أي إيجاباً للمطلوب؛ فيلحقه به بعض العرب توكيداً.

قال أبو منصور الأزهري: (وَكَانَ عمرُ يَقُول فِي آخِر دُعَائِهِ: آمينَ وبَسْلاً، مَعْنَاهُ: يَا رَبِّ إِيجَابا).
وقال أبو سليمان الخطابي: (ومن عادة العرب إذا سمعت ما تتمنى أن تقول: اللهم آمين وبَسْلًا).
وقال ابن الأنباري: (ويكون بَسْل بمَعْنَى آمين؛ قال الشَّاعر:
لا خابَ مِنْ نَفْعِكَ مَنْ رَجَاكا ... بَسْلاً وعَادَى اللهُ من عَادَاكَا
أَرادَ آمين).
وأنشد الهجري في النوادر لابن أبي صبح المزني:
فقلتُ لهُ آمِينَ آمينَ إنّما ... دَعَوتَ على الأردى فَبَسْلاَ لهُ بَسْلا). [تفسير سورة الفاتحة:268]

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 02:15 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

5.حكم التأمين بعد الفاتحة.
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (5.حكم التأمين بعد الفاتحة.
التأمين بعد الفاتحة سنّة مؤكّدة حثّ عليها النبي صلى الله عليه وسلّم في الصلاة وخارج الصلاة.
قال ابن رجب: (روى إسحاق بن إبراهيم بن هانئ، عن أحمد قال: "آمين" أَمْرٌ من النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قال: ((إذا أمّن القارئ فأمنوا)) فهذا أمر منه، والأمر أوكد من الفعل)ا.ه). [تفسير سورة الفاتحة:269]

رد مع اقتباس
  #21  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 02:17 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

6. مدّ الصوت بآمين.
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (6. مدّ الصوت بآمين.
قال وائل بن حجر رضي الله عنه: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : {ولا الضالين} فقال : ((آمين)) يمدّ بها صوته). رواه أحمد وابن أبي شيبة والترمذي من طريق سلمة بن كهيل عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر، وفي رواية عند أبي داوود بلفظ: قال: (آمين ورفع بها صوته).

قال أبو عيسى الترمذي بعد ذكر حديث وائل بن حجر في الجهر بالتأمين: (وبه يقول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين، ومن بعدهم: يرون أن يرفع الرجل صوته بالتأمين، ولا يخفيها، وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحاق)). [تفسير سورة الفاتحة:269]

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 02:19 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

7. بيان فضل التأمين.
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (7. بيان فضل التأمين.
صحّ في فضل التأمين أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تدلّ على أنّه من أسباب المغفرة وإجابة الدعاء وأنّ فيه من الفضل والخير ما جعل اليهود يحسدون هذه الأمّة عليه كما حسدوهم على يوم الجمعة، ومن تلك الأحاديث:

1.ما رواه الإمام مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما أخبراه، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه » . متفق عليه.
وفي رواية في صحيح البخاري من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إذا أمَّن القارئ فأمنوا؛ فإنَّ الملائكة تؤمّن، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه »
2. وما رواه أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا قال أحدكم: آمين، وقالت الملائكة في السماء: آمين؛ فوافقت إحداهما الأخرى غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه)). متفق عليه.
روى عبد الرزاق عن ابن جريج قال: سمعت عطاء قال: سمعت أبا هريرة يقول: «إذا وافقت آمين في الأرض آمين في السماء غفر له ما تقدم من ذنبه».
3. وما رواه قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا. فقال: " إذا صليتم فأقيموا صفوفكم ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قال {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}، فقولوا: آمين، يجبكم الله فإذا كبر وركع فكبروا واركعوا، فإن الإمام يركع قبلكم، ويرفع قبلكم). رواه أحمد والدارمي ومسلم وأبو داوود والنسائي وغيرهم.
4. وما رواه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: ((ما حسدكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين)). رواه البخاري في الأدب المفرد، وإسحاق بن راهويه، وابن ماجه.
ورواه أحمد والبيهقي في شعب الإيمان من طريق حصين بن عبد الرحمن، عن عمر بن قيس، عن محمد بن الأشعث، عن عائشة قالت: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ استأذن رجل من اليهود فأذن له فقال: السام عليك.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( وعليك )).
قالت: فَهَمَمْتُ أن أتكلَّم.
قالت: ثم دخل الثانية؛ فقال مثل ذلك؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( وعليك )).
قالت: ثم دخل الثالثة؛ فقال: السام عليك.
قالت: فقلت: بل السام عليكم، وغضب الله إخوانَ القردة والخنازير؛ أتحيّون رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لم يحيه به الله؟!
قالت: فنظر إليَّ؛ فقال: (( مَهْ ! إنَّ الله لا يحب الفحش ولا التفحش، قالوا قولا فرددناه عليهم؛ فلم يضرّنا شيء، ولزمهم إلى يوم القيامة، إنهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على يوم الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين)). وأصله في الصحيحين.
- قال ابن جريج: قال لي عطاء [هو ابن أبي رباح]: «إني لأعجب من الإنسان يدعو فيجعل دعاءه سردا، لا يؤمن على دعائه» قال: " يقول: آمين). رواه عبد الرزاق). [تفسير سورة الفاتحة:270 - 272]


رد مع اقتباس
  #23  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 02:24 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

8. معنى موافقة الملائكة في التأمين

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (8. معنى موافقة الملائكة في التأمين
قول النبي صلى الله عليه وسلم: « إذا أمَّن الإمام فأمّنوا فإنه من وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفر له ما تقدَّم من ذنبه » يفسّره قوله صلى الله عليه وسلم: « إذا قال أحدكم: آمين، وقالت الملائكة في السماء: آمين؛ فوافقت إحداهما الأخرى غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه ». والحديثان في الصحيحين، وقد تقدّم ذكرهما.
وقد اختلف العلماء في تفسير هذه الموافقة، وأقرب الأقوال فيها أنّ الملائكة في السماء تؤمّن إذا أمّن الإمام، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفر له ما تقدّم من ذنبه؛ فقوله صلى الله عليه وسلم: « إذا أمّن الإمام فأمّنوا» وفي رواية: « إذا قال: {ولا الضالين} فقولوا: آمين » فيه توقيت بيّنٌ لتأمين المأموم، وأنّ هذا هو وقت تأمين الملائكة، فمن وافقهم في التأمين غفر له ما تقدّم من ذنبه.
قال القاضي عياض: (وقد جاء فيه حديث مفسِّرٌ بيّن لا يحتاج إلى تأويل)ا.هـ.
وقال أبو سليمان الخطابي: (قوله: « فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة» معطوف على مضمر، وهو الخبر عن تأمين الملائكة كأنه قال: إذا قال الإمام: آمين، فقولوا: آمين كما تقوله الملائكة، فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه، ولولا ذلك لم يصح تعقيبه بما عقبه به من حرف الفاء من قوله « فإنه» )ا.هـ.
وقال أبو زكريا النووي: (وقوله صلى الله عليه وسلم: « من وافق قوله قول الملائكة » ، و« من وافق تأمينه تأمين الملائكة » معناه وافقهم في وقت التأمين؛ فأمَّن مع تأمينهم؛ فهذا هو الصحيح)ا.ه.
وهذا لا يقتضي أنّ جميع الملائكة في السماء تؤمّن خلف كلّ إمام ، بل يصدق هذا الحديث على صنف من الملائكة موكلون بهذا العمل، وأنّ الله تعالى جعل لهم من العلم والقدرة ما يتمكنون به من أداء هذا العمل، فيعرفون كلّ جماعة تقام في الأرض، ويؤمّنون إذا أمّن الإمام.
وهذا نظير ما رواه سفيان الثوري عن عبد الله بن السائب عن زاذان عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن لله عز وجل ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام». رواه أحمد وابن أبي شيبة والنسائي وغيرهم، وإسناده صحيح.
وروي من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: « أكثروا الصلاة علي، فإن الله وكل بي ملكا عند قبري، فإذا صلّى عليَّ رجل من أمتي قال لي ذلك الملك: يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة». وقد حسّنه بعض أهل العلم.
فهؤلاء ملائكة موكّلون بأمر السلام على النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي من حديث أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن لله ملائكة سَيَّاحين في الأرض، فُضُلاً عن كُتَّاب الناس؛ فإذا وجدوا أقواما يذكرون الله تنادوا هلموا إلى بغيتكم فيجيئون فيحفون بهم إلى السماء الدنيا فيقول الله على أي شيء تركتم عبادي يصنعون فيقولون تركناهم يحمدونك ويمجدونك ويذكرونك..» الحديث.
وقوله: « فُضلاً عن كُتّاب الناس » أي غير الملائكة الكاتبين.
ولهذا قال النووي: (واختلفوا في هؤلاء الملائكة فقيل: هم الحفظة، وقيل: غيرهم لقوله صلى الله عليه وسلم: « فوافق قوله قول أهل السماء» وأجاب الأولون عنه بأنه إذا قالها الحاضرون من الحفظة قالها من فوقهم حتى ينتهي إلى أهل السماء)ا.هـ.
والله تعالى أعلم بحقيقة الحال في شأن التأمين، وهل هو كالشأن في الملائكة السيّاحين لطلب الذكر أو يختلف الأمر فيهم، فهذا من أمر الغيب، لكن الأقرب لدلالة النصوص أنّهم ملائكة موكلون بهذا العمل، وقد دلّ نصّ الحديث على أنّ ملائكة في السماء تؤمّن إذا أمّن الإمام، فنُجْري الخبرَ على ظاهره ، ونعتقد صحّته، ولا نجاوز في تفسيره ما دلّ عليه ظاهر النصّ.
قال القاضي عياض: (وكما أن الله تعالى جعل من ملائكته مستغفرين لمن فى الأرض، ومصلّين على من صلى على النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وداعين لمن ينتظر الصلاة، وكذلك يختصّ منهم من يؤمّن عند تأمين المؤمنين أو عند دعائهم، كما جعل منهم لعّانين لقوم من أهل المعاصى، وما منهم إِلا له مقام معلوم)ا.هـ.
وقد أشكل هذا الحديث على جماعة من أهل العلم فأوّلوه إلى معنى آخر؛ كما قال أبو حاتم ابن حبّان (ت:354هـ) في صحيحه: (معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة» أنَّ الملائكة تقول: آمين، من غير علةٍ من رياء وسمعة أو إعجاب، بل تأمينها يكون خالصا لله، فإذا أمن القارئ لله من غير أن يكون فيه علةٌ من إعجاب أو رياء أو سمعة، كان موافقا تأمينُه في الإخلاصِ تأمينَ الملائكة، غفر له حينئذ ما تقدم من ذنبه)ا.هـ..
وقد تعقّبه ابن حجر في كتاب "الدراية في تخريج أحاديث الهداية" بقوله: (وفي رواية للشيخين: « إذا قال أحدكم آمين وقالت الملائكة في السماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه»... وفيها دفع لقول ابن حبان إن المراد بقوله: « فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة» أي من غير إعجاب ولا رياء خالصاً لله تعالى، والله أعلم)ا.هـ.
ومن المعلوم أنّ المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: «من وافق تأمينُه» إنما هو التأمينُ المعتبر شرعاً، وهو ما تحقق فيه شرطا قبول العمل من الإخلاص والمتابعة؛ فإن من أمّن غير مخلص لله تعالى في تأمينه أو غير متّبع لسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم فهو غير مؤمّن شرعاً، وإن نطق لسانُه بالتأمين.
وهذا راجع إلى أصل كبير، وهو أنّ الأعمال التي علّق عليها الإجزاء والثواب إنما هي الأعمال الصحيحة شرعاً، وأمّا ما تخلفت عنه شروط الصحة من العمل فلا يعدّ صاحبه قائماً بذلك العمل وإن أدّى صورته في الظاهر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته : « ارجع فصلّ فإنّك لم تصلّ».
وكذلك فإنّ التأمين دعاء، وقد رُوي من حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله لا يستجيب لعبد دَعَاه عن ظهر قلب غافل ».
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ما منع الفهمَ وشهودَ القلب بحيث يصير الرجل غافلاً فهذا لا ريب أنه يمنع الثواب كما روى أبو داود في سننه عن عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الرجل لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها إلا ثلثها؛ إلا ربعها إلا خمسها إلا سدسها حتى قال: إلا عشرها » فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه قد لا يكتب له منها إلا العشر، وقال ابن عباس: « ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها»)ا.هـ.
وما ذكره شيخ الإسلام عن ابن عباس لم أجده مسنداً عنه، وقد روي عن جماعة من السلف، وذكره بعض المتأخرين مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصل له، وإنما المحفوظ أنّه من كلام بعض السلف.
قال قاسم الجرمي: سمعت سفيان الثوري يقول: « يكتب للرجل من صلاته ما عقل منها» رواه أبو نعيم في الحلية.
وقال ابن القيّم رحمه الله: (إذا استشعر [أي: المصلّي] بقلبه أن الله أكبر من كل ما يخطر بالبال استحيا منه أن يشغل قلبه في الصلاة بغيره؛ فلا يكون موفيا لمعنى "الله أكبر" ولا مؤديا لحق هذا اللفظ ولا أتى البيت من بابه، بل الباب عنه مسدود، وهذا بإجماع السلف أنه ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها وحضره بقلبه)ا.هـ.
وقد سبقه إلى نقل هذا الإجماع عبد الواحد بن زيد البصري (ت: بعد 150هـ) وهو من تلاميذ الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح.
والمقصود أنّ ما ذكره ابن حبان وإن كان صحيحاً من جهة أنّ من شروط صحة التأمين أن يكون خالصاً لله تعالى من غير رياء ولا عجب ولا تسميع، إلا أنّه يقصر عن تفسير معنى موافقة تأمين المأموم لتأمين الملائكة.
وقد عدّ بعض شُرّاح الأحاديث كلامَ ابن حبّان قولاً في تفسير معنى الموافقة، ثم تناقله بعض المفسّرين من غير نسبة إلى ابن حبان، ثمّ ذكرت أقوال أخرى في هذه المسألة، والصحيح فيها ما تقدّم شرحه.


والخلاصة أنّ الأقوال التي قيلت في هذه المسألة أربعة:
القول الأول: الموافقة في وقت تأمينهم، وهو قول أبي سليمان الخطابي والنووي والباجي والقاضي عياض وغيرهم من شراح الأحاديث.
والقول الثاني: الموافقة في صفة الأداء من الخشية والإخلاص، وهو قول ابن حبان، وذكره القاضي عياض وابن عطية وابن كثير وغيرهم.
والقول الثالث: الموافقة في الإجابة، أي: من اسْتُجِيبَ له كما يُستجابُ للملائكةِ غُفِرَ له ما تقدّم من ذنبه، ذكره ابن العربي والقاضي عياض من غير نسبة لمعيّن، وهو قول بعيد عن ظاهر النص.
والقول الرابع: الموافقة في الغرض بأن يقصد الدعاء لنفسه وللمسلمين، ذكره ابن عبد البرّ، وابن العربي والقاضي عياض، وهو بعيد أيضاً عن ظاهر النصّ.
والراجح: أن المراد بموافقة تأمين الملائكة أن يوافقهم في وقت تأمينهم بأنْ يؤمّن تأمينا صحيحاً مع تأمين الملائكة، وذلك إذا قال الإمام: {ولا الضالّين}.
قال ابن عطية: (واختلف الناس في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة» فقيل: في الإجابة، وقيل: في خلوص النية، وقيل: في الوقت، والذي يترجح أن المعنى فمن وافق في الوقت مع خلوص النية، والإقبال على الرغبة إلى الله تعالى بقلب سليم، والإجابة تتبع حينئذ، لأنّ من هذه حاله فهو على الصراط المستقيم)ا.هـ.


فائدة:
قال محمد بن عمران الضبّي: سمعت محمد بن سماعة القاضي يقول: (مكثت أربعين سنة لم تفتني التكبيرة الأولى إلا يوما واحدا مَاتت فيه أمي، ففاتني فيه صلاة واحدة فِي جمَاعة، فقمت فصليت خمسا وعشرين صلاة أريد بذلك التضعيف فغلبتني عيني، فأتاني آت فَقَالَ: يَا محمد قد صليت خمسا وعشرين صلاة ولكن كيف لك بتأمين الملائكة؟). رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، وابن الجوزي في المنتظم.
ومحمد بن سماعة من كبار فقهاء الحنفية،
كان قاضياً في خلافة هارون الرشيد ثمّ في خلافة أبنائه إلى أن عزله المعتصم لكبر سنّه وضعف بصره، وعمّر حتى جاوز المائة، وتوفي سنة 233هـ، وهو تلميذ القاضي أبي يوسف، أثنى عليه يحيى بن معين في الصدق). [تفسير سورة الفاتحة:272 -- 279]


رد مع اقتباس
  #24  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 02:26 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

9. حرص الصحابة رضي الله عنهم على التأمين.
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (9. حرص الصحابة رضي الله عنهم على التأمين.
مما يدلّ على فضل التأمين وسنيّته حرص الصحابة رضي الله عنهم عليه، وفي ذلك آثار جياد منها:

1. قول ابن جريج: أُخبرتُ عن نافع أن ابن عمر كان إذا ختم أمّ القرآن قال: «آمين»، لا يدع أن يؤمن إذا ختمها، ويحضهم على قولها قال: وسمعت منه في ذلك خبرا). رواه عبد الرزاق، وعلّقه البخاري في صحيحه، وقوله: (خبراً) رويت بالباء وبالياء (خيراً).
قال ابن حجر: (وقوله: (خيرا) بسكون التحتانية أي فضلا وثواباً، وهي رواية الكشميهني ولغيره خبرا بفتح الموحدة أي حديثا مرفوعا ويشعر به ما أخرجه البيهقي كان بن عمر إذا أمن الناس أمن معهم ويرى ذلك من السنة)ا.هـ.
2. وروى عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي أنّ بلالاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسبقني بآمين). رواه أحمد وابن أبي شيبة وأبو داوود وغيرهم، ورجاله ثقات إلا أنّ الحفاظ أعلّوه بالانقطاع بين أبي عثمان وبلال؛ فرجّح إرساله أبو حاتم الرازي وغيره.
قال ابن رجب: (قيل: إن أبا عثمان لم يسمع من بلال بالكلية ؛ لأنه قدم المدينة في خلافة عمر ، وقد كان بلال انتقل إلى الشام قبل ذلك).
لكن صحّ هذا عن أبي هريرة رضي الله عنه من طرق لمّا كان مؤذناً في البحرين لأميرها العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه:
3. فروى عبد الرزاق عن بشر بن رافع عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة أن أبا هريرة دخل المسجد [وقد قام] الإمام فناداه أبو هريرة: (لا تسبقني بآمين). وما بين المعكوفين مما نقله ابن حجر في فتح الباري.
4. وروى هشام بن حسان عن محمد بن سيرين أن أبا هريرة كان مؤذنا بالبحرين؛ فقال للإمام: (لا تسبقني بآمين). رواه ابن أبي شيبة.
5. وقال ابن جريج لعطاء بن أبي رباح: أكان ابن الزبير يؤمن على إثر أمّ القرآن؟
قال: (نعم، ويؤمّن من وراءه حتى إن للمسجد للجَّة).
ثم قال: (إنما آمين دعاء، وكان أبو هريرة يدخل المسجد وقد قام الإمام قبله فيقول: لا تسبقني بآمين). رواه عبد الرزاق والشافعي وابن المنذر، وعلّقه البخاري في صحيحه.
6. وروى معمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أنه كان مؤذنا للعلاء بن الحضرمي بالبحرين فاشترط عليه بأن لا يسبقه بآمين). رواه عبد الرزاق.
7. وروى بشر بن رافع، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي هريرة، أنه كان مؤذنا للعلاء بن الحضرمي، فقال له أبو هريرة: «لتنظرني بآمين أو لا أؤذن لك» رواه عبد الرزاق). [تفسير سورة الفاتحة:279 - 280]

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 02:29 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

10. التنبيه على ضعف بعض المرويات في فضل التأمين.
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (10. التنبيه على ضعف بعض المرويات في فضل التأمين.
وقد روي في فضل التأمين أحاديث وآثار لا تصحّ، ومنها:

1. ما رواه صَبيحِ بنِ مُحرز الحمصي عن أبي مُصبّح الْمَقْرَائِي قال: كنا نجلس إلى أبي زهير النميري وكان من الصحابة؛ فيتحدَّث أحسن الحديث؛ فإذا دعا الرجل منا بدعاء قال: (اختمه بآمين؛ فإن آمين مثل الطابع على الصحيفة).
قال أبو زهير: أخبركم عن ذلك خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة؛ فأتينا على رجل قد ألحّ في المسألة؛ فوقف النبي صلى الله عليه وسلم يستمع منه؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( أوجب إن ختم ))
فقال رجل من القوم: (بأي شيء يختم؟).
قال: (( بآمين؛ فإنه إن ختم بآمين؛ فقد أوجب)).
فانصرف الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأتى الرجلَّ فقال: (اختم يا فلان بآمين وأبشر) ). رواه أبو داوود من طريق محمد بن يوسف الفريابي عن صَبيحِ به، وصَبيح مجهول الحال تفرّد عنه الفريابي، وقد ضعَّف الألباني هذا الحديث في مواضع من كتبه.
2. وما رواه جرير بن عبد الحميد عن ليث بن أبي سليم عن كعب المدني عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (( إذا قال الإمام : { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فقال الذين خلفه: آمين؛ فالتقت من أهل السماء وأهل الأرض آمين؛ غفر الله للعبد ما تقدم من ذنبه)).
قال (( ومثل الذي لا يقول آمين كمثل رجل غزا مع قوم؛ فاقترعوا فخرجت سهامهم ولم يخرج سهمه؛ فقال: ما لِسَهمي لم يخرج؟
قال : إنك لم تقل : آمين). رواه إسحاق بن راهويه وأبو يعلى، وليث ضعيف الحديث، وكعب المدني مجهول.
3. وما رواه أبو أمية إسماعيل بن يعلى الثقفي، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «آمين خاتم رب العالمين على عباده المؤمنين» رواه الطبراني في الدعاء وابن عدي في الكامل، وأبو أمية ضعيف الحديث، قال البخاري: (سكتوا عنه)، وقال يحيى بن معين: (ليس بشيء).
4: وما رواه عبد العزيز بن أبان قال: حدثنا زربي مولى خالد، حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطيت ثلاث خصال: صلاة في الصفوف، وأعطيت السلام وهو تحية أهل الجنة، وأعطيت آمين، ولم يعطها أحد ممن كان قبلكم إلا أن يكون الله أعطاها هارون فإن موسى كان يدعو ويؤمن هارون)). رواه الحارث ابن أبي أسامة في مسنده.
وزربي ضعيف الحديث، قال البخاري: (فيه نظر) وقال الترمذي وابن عدي: (له مناكير)، وعبد العزيز بن أبان متروك الحديث، واتّهمه يحيى بن معين وغير واحد من الحفاظ بالكذب). [تفسير سورة الفاتحة:281 - 282]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة