العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم الاعتقاد > جمهرة شرح أسماء الله الحسنى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #2  
قديم 29 ربيع الأول 1435هـ/30-01-2014م, 04:15 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

أدلّة هذا الاسم


السميع القريب
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت:303هـ): (السّميع القريب
- اخبرنا احمد بن حرب قال ثنا أبو معاوية عن عاصم عن أبي عثمان عن أبي موسى كنّا مع النّبي صلى الله عليه وسلم فهبطنا في وهدة من الأرض فرفع النّاس أصواتهم بالتّكبير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أيها النّاس أربعوا على أنفسكم إنّكم لا تدعون أصما ولا غائبا إنّكم تدعون سميعا قريبا) فقال لي وكنت قريبا منه (يا عبد الله بن قيس ألا أدلك على كلمة من كنز الجنّة) قلت بلى قال (لا حول ولا قوّة إلّا باللّه).[النعوت الأسماء والصفات: 1/245]م


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 شعبان 1438هـ/24-05-2017م, 04:01 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

شرح ابن القيم (ت:751هـ)[الشرح المطول]

قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى: ( ( القَرِيبُ ):
(وهوَ القَريبُ وَقُرْبُهُ المُخْتَصُّ بِالدَّ = اعِي وَعابدِهِ عَلَى الإيمَانِ([1])

([فـَ]قُرْبُ الربِّ تَعَالَى إِنَّمَا وَرَدَ خاصًّا لا عَامًّا، وهوَ نَوْعَانِ:
- قُرْبُهُ منْ داعِيهِ بالإجابةِ.
- ومِنْ مُطِيعِهِ بالإثابةِ.
ولمْ يَجِئ القُرْبُ كما جَاءَت المَعِيَّةُ خَاصَّةً وعامَّةً، فليسَ في القرآنِ ولا في السُّنَّةِ أنَّ اللهَ قَرِيبٌ منْ كلِّ أحدٍ، وأنَّهُ قريبٌ من الكافرِ والفاجرِ، وإنَّمَا جاءَ خاصًّا كقولِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: 186]، فهذا قُرْبُهُ منْ داعِيهِ وسائِلِيهِ.

وقالَ تَعَالَى: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)} [الأعراف: 56]، ولم يَقُلْ: قَرِيبةٌ، وَإِنَّمَا كَانَ الخبرُ عنها مُذَكَّراً:
· إمَّا لأنَّ " فَعِيلاً " بينَهُ وبينَ " فَعُولٍ " اشْتِرَاكٌ منْ وُجُوهٍ: منها الوزنُ والعددُ والزيادةُ والمبالغةُ، وكونُ كلٍّ منهما يَكُونُ مَعْدُولاً عنْ فاعلٍ تارةً، وعنْ مفعولٍ أُخْرَى، وَمَجِيئُهُمَا صِفَتَيْنِ وَاسْمَيْنِ، و " فعولٌ " إذا كانَ مَعْدُولاً عنْ فاعلٍ اسْتَوَى مُذَكَّرُهُ ومُؤَنَّثُهُ في عدمِ إِلْحَاقِ التاءِ؛ كامرأةٍ نَؤُومٍ وَضَحُوكٍ، فَحَمَلُوا فَعِيلاً عليهِ في بعضِ المواضعِ لعقدِ الأُخُوَّةِ التي بَيْنَهُمَا.
وإمَّا لأنَّ قريباً مَعْدُولٌ عنْ مفعولٍ في المعنَى، كَأَنَّهَا قُرِّبَتْ منهم وَأُدْنِيَتْ، وهمْ يُرَاعُونَ اللفظَ تارةً والمعنى أُخْرَى...
وإمَّا على حَذْفِ مضافٍ يكونُ " قريبٌ " خبراً عنهُ، تقديرُهُ: مكانُ رحمةِ اللهِ أوْ تَنَاوُلُهَا ونحوُ ذلكَ قريبٌ.
وإمَّا على تقديرِ مَوْصُوفٍ محذوفٍ يكونُ " قريبٌ " صفةً لهُ، تقديرُهُ: أَمْرٌ أوْ شيءٌ قريبٌ؛ كقولِ الشاعرِ:

قَامَتْ تُبَكَّيهِ على قَبْرِهِ = مَنْ لِيَ مِنْ بَعْدِكَ يا عَامِرُ
تَرَكْتَنِي في الدارِ ذا غُرْبَةٍ = قدْ ذَلَّ مَنْ ليسَ لهُ نَاصِرُ

أيْ: شَخْصاً ذا غُرْبَةٍ. وعلى هذا حَمَلَ سِيبَوَيْهِ " حَائِضاً " و " طَالِقاً " و " طَامِثاً " ونحْوَهَا.
وإمَّا على اكتسابِ المضافِ حُكْمَ المضافِ إليهِ، نحوَ: ذَهَبَتْ بَعْضُ أصابعِهِ، وَتَوَاضَعَتْ سُورُ المدينةِ وبابُهُ.
وإمَّا مِن الاستغناءِ بأحدِ المذكورَيْنِ عن الآخرِ والدلالةِ بالمذكورِ على المحذوفِ، والأصلُ: إنَّ اللهَ قَرِيبٌ من المحسنِينَ، ورحمتَهُ قريبةٌ منهم، فيكونُ قدْ أَخْبَرَ عنْ قُرْبِ ذاتِهِ وقُرْبِ ثوابِهِ من المحسنِينَ، واكْتَفَى بالخبرِ عنْ أَحَدِهِمَا عن الآخرِ، وقريبٌ منهُ: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: 62]، {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34]. وَمِثْلُهُ على أحدِ الوُجُوهِ: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً} الآيَةَ [الشعراء: 4]؛ أيْ: فَذَلُّوا لها خَاضِعِينَ، فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُم لها خَاضِعَةً.
وإمَّا لأنَّ القريبَ يُرَادُ بهِ شيئانِ:
أحدُهُمَا: النَّسَبُ والقرابةُ، فهذا يُؤَنَّثُ، تقولُ: هذهِ قريبةٌ لي وقَرَابَةٌ.
والثاني: قُرْبُ المكانِ والمنـزلةِ. وهذا يُجَرَّدُ عن التاءِ، تقولُ: جَلَسَتْ فلانةُ قَرِيباً مِنِّي. هذا في الظرفِ، ثُمَّ أَجْرَوا الصفةَ مُجْرَاهُ للأُخُوَّةِ التي بَيْنَهُمَا، حيثُ لمْ يُرَدْ بكلِّ واحدٍ منهما نَسَبٌ ولا قرابةٌ، وإنَّمَا أُرِيدَ قربُ المكانةِ والمنـزلةِ([2]).
وإمَّا لأنَّ تأنيثَ الرحمةِ لَمَّا كانَ غيرَ حَقِيقِيٍّ سَاغَ حذفُ التاءِ منْ صفتِهِ وخبرِهِ كما سَاغَ حَذْفُهَا من الفعلِ، نحوَ: طَلَعَ الشمسُ.
وإمَّا لأنَّ قَرِيباً مصدرٌ لا وَصْفٌ كالنقيضِ والعويلِ والوجيبِ مُجَرَّدٍ عن التاءِ؛ لأنَّكَ إذا أَخْبَرْتَ عن المُؤَنَّثِ بالمصدرِ لمْ تَلْحَقْهُ التاءُ، كما تَقُولُ: امْرَأَةٌ عَدْلٌ، وصَوْمٌ ونَوْمٌ.

والذي عندي أنَّ الرحمةَ لَمَّا كانتْ منْ صفاتِ اللهِ تَعَالَى، وصفاتُهُ قائمةٌ بذاتِهِ، فإذا كانتْ قَرِيبَةً من المحسنينَ، فهوَ قريبٌ سبحانَهُ منهم قَطْعاً، وقدْ بَيَّنَّا أنَّهُ سبحانَهُ قريبٌ منْ أهلِ الإحسانِ، ومنْ أهلِ سُؤَالِهِ بإجابتِهِ.

وَيُوَضِّحُ ذلكَ أنَّ الإحسانَ يَقْتَضِي قُرْبَ العبدِ منْ ربِّهِ، فَيُقَرِّبُ ربَّهُ منهُ... فإنَّهُ مَنْ تَقَرَّبَ منهُ شِبْراً يَتَقَرَّبُ منهُ ذِرَاعاً، ومَنْ تَقَرَّبَ منهُ ذِرَاعاً تَقَرَّبَ منهُ بَاعاً، فهوَ قريبٌ من المُحْسِنِينَ بذاتِهِ ورحمتِهِ قُرْباً ليسَ لهُ نظيرٌ، وهوَ معَ ذلكَ فَوْقَ سَمَاواتِهِ على عرشِهِ، كما أنَّهُ سبحانَهُ يَقْرُبُ منْ عبادِهِ في آخرِ الليلِ وهوَ فَوْقَ عرشِهِ، وَيَدْنُو منْ أهلِ عَرَفَةَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ, وهوَ على عرشِهِ، فإنَّ عُلُوَّهُ سبحانَهُ على سَمَاواتِهِ منْ لَوَازِمِ ذاتِهِ، فلا يكونُ قطُّ إلاَّ عَالِياً، ولا يكونُ فَوْقَهُ شيءٌ الْبَتَّةَ، كما قالَ أعلمُ الخلقِ: ((وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ)) ([3]). وهوَ سبحانَهُ قريبٌ في عُلُوِّهِ، عالٍ في قُرْبِهِ، كما في الحديثِ الصحيحِ عنْ أبي مُوسَى الأشعريِّ قالَ: كُنَّا معَ رسولِ اللهِ في سَفَرٍ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا بالتكبيرِ، فقالَ: ((أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِباً، إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ)) ([4]).

فَأَخْبَرَ وهوَ أَعْلَمُ الخلقِ بهِ أنَّهُ أقربُ إلى أحدِهِم منْ عُنُقِ راحلتِهِ، وَأَخْبَرَ أنَّهُ فوقَ سَمَاواتِهِ على عَرْشِهِ مُطَّلِعٌ على خلقِهِ، يَرَى أَعْمَالَهُم، وَيَعْلَمُ ما في بُطُونِهِم، وهذا حَقٌّ لا يُنَاقِضُ أَحَدُهُمَا الآخرَ.

والذي يُسَهِّلُ عليكَ فَهْمَ هذا: مَعْرِفَةُ عظمةِ الربِّ وإحاطتِهِ بخلقِهِ، وأنَّ السَّمَاواتِ السبعَ في يَدِهِ كَخَرْدَلَةٍ في يَدِ العبدِ، وأنَّهُ سبحانَهُ يَقْبِضُ السَّمَاواتِ بيدِهِ والأرضَ بيدِهِ الأُخْرَى، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ.
فكيفَ يَسْتَحِيلُ في حقِّ مَنْ هذا بعضُ عَظَمَتِهِ أنْ يكونَ فوقَ عرشِهِ، وَيقْرُبَ منْ خلقِهِ كيفَ شَاءَ وهوَ على العرشِ)([5]). *
). [المرتبع الأسنى: ؟؟]


(1) القصيدةُ النُّونيَّةُ (245) .
([2]) ومِن شواهدِ إطلاقِ لفظةِ "قريبٍ" على المؤنثِ مُرادًا به قُربُ المَكانِ - حتى في غيرِ الظرفِ- قولُ امرئِ القيسِ في قصيدتِه الرائيةِ الشهيرةِ :
لَهُ الْوَيْلُ إِنْ أَمْسَى ولاَ أُمُّ هَاشِمٍ = قَرِيبٌ وَلا البَسْبَاسَةُ ابْنَةُ يَشْكُرَا
ومِن شواهدِ إطلاقِ هذه اللفظةِ على اللفظِ المؤنَّثِ لإرادةِ قُربِ الزمانِ قولُ اللهِ تعالَى : {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17)} [الشورى :17].
(3) سَبَقَ تَخْرِيجُه ص 300.
(4) سَبَقَ تَخْرِيجُه ص 411.
(5) مُخْتَصَرُ الصواعقِ المرسَلَةِ (395-397)
* وقال – رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى – في طريقِ الهجرتينِ ( 21-23) : (وأَمَّا القُربُ المذكورُ في القرآنِ والسُّنَّةِ فقُربٌ خاصٌّ مِن عَابِدِيهِ وسَائِلِيهِ ودَاعِيهِ، وهو من ثَمْرَةِ التعبُّدِ باسمِه الباطِنِ، قالَ تعالَى : {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة : 186] . فهذا قُرْبُه مِن داعِيهِ، وقالَ تعالَى : {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)} [الأعراف : 56] . فوَحَّدَ الخبرَ وهو "قريبٌ" عن لفظِ "الرحمةِ" وهي مُؤنثَّةٌ إيذانًا بقُربِه تَعالَى من المُحسِن، فكأنه قالَ: إنَّ اللهَ برحمتِهِ قَرِيبٌ مِن المُحسنِينَ . وفي الصحيحِ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ قالَ: ((أَقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وهو ساجِدٌ)) و ((أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنْ عَبْدِهِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ))، فهذا قُربٌ خاصٌّ غيرُ قُربِ الإحاطةِ وقربُ البُطونِ . وفي "الصحيحِ" من حديثِ أبي مُوسَى أنهم كانوا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ في سَفَرٍ، فارتفعَتْ أصواتُهم بالتكبيرِ فقالَ: ((أيُّها الناسُ، ارْبَعُوا على أَنْفُسِكُمْ ؛ فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ ولا غَائِبًا، إنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ)).
وقال في كتابِ الفوائدِ (26) : ( ثُمَّ أخبرَ عن قُربِه إليه بالعلمِ والإحاطةِ، وأن ذلك أَدْنَى إليه مِن العِرقِ الذي هو داخلُ بَدنِه، فهو أقربُ إليه بالقدرةِ عليه والعلمِ به مِن ذلك العِرْقِ . وقال شيخُنا : المرادُ بقولِه: "نَحْنُ" أي: مَلائِكَتُنا، كما قالَ: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18)} أي: إذا قَرَأَهُ عليك رسولُنا جِبرِيلُ . قال : يَدُلُّ عليه قولُه : {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ}، فقيَّد القُربَ المذكورَ بتَلَقِّي الملكَيْنِ، ولو كانَ المرادُ به قُربَ الذاتِ لم يَتَقيَّدْ بوقتِ تلقِّي المَلَكَيْنِ، فلا حُجَّةَ في الآية لحُلُولِيٍّ ولا مُعَطِّلٍ ) .
وقال كما في مُختصرِ الصواعقِ المُرسَلَةِ (395-396) : ( وأما قولُه تعالَى : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)} فهذه الآيةُ لها شأنٌ، وقد اختلَفَ فيها السلَفُ والخلَفُ على قولينِ :
- فقالَت طائفةٌ : نحنُ أَقْرَبُ إليه بالعلمِ والقدرةِ والإحاطةِ . وعلى هذا فيكونُ المرادُ قُربَهُ سُبحانَهُ بنَفْسِه، وهو نفوذُ قُدرتِهِ ومَشِيئَتِه فيه وإحاطةُ عِلمهِ بهِ .
والقولُ الثانِي : أن المرادَ قُربُ ملائكتِه منه، وأضافَ ذلك إلى نفسِه بصيغةِ ضميرِ الجمعِ على عادةِ العُظماءِ في إضافةِ أفعالِ عَبِيدِها إليها بأوامِرِهم ومَراسيمِهم، فيقولُ المَلِكُ: نَحْنُ قَتلْنَاهُم وهَزَمْنَاهُم، قال تعالَى : {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18)} وجَبرائيلُ هو الذي يَقْرَؤُه على رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، وقالَ : {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ} فأضافَ قَتْلَ المُشرِكينَ يومَ بدرٍ إليهِ، وملائكتُه هم الذين بَاشَرُوه ؛ إذ هو بأمرِه . وهذا القولُ هو أصحُّ من الأولِ لوجوهٍ:
- أحدُها : أنه سُبحانَهُ قيَّدَ القُربَ في الآيةِ بالظَّرْفِ، وهو قولُه : {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ} كالعاملِ في الظرفِ ما في قولِه : {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ} مِن مَعنَى الفعلِ، ولو كان المرادُ قُربَهُ سُبحانَهُ بنَفْسِه لم يتقيَّدْ ذلك بوقتِ تَلقِّي المَلَكَيْنِ، ولا كان في ذِكرِ التقيُّدِ به فائدةٌ؛ فإنَّ عِلمَهُ سُبحانَهُ وقُدرتَهُ ومشيئَتَهُ عامةُ التعلقِ .
- الثاني : أن الآيةَ تكونُ قد تَضَمَّنَتْ عِلمَهُ وكِتابَةَ مَلائكَتِه لعملِ العبدِ، وهذا نظيرُ قولِه : {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80)}، وقريبٌ منه قولُه تعالَى في أولِ السورةِ: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4)} ونحوُ قولِه: {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52)}
- الثالثُ : أن قُربَ الربِّ تعالى إنما وَرَدَ خاصًّا لا عامًّا.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 شعبان 1438هـ/24-05-2017م, 04:23 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي


شرح ابن القيم(ت:751ه)[الشرح المختصر]

قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى: (القَرِيبُ:
(وَهْوَ القَرِيبُ وقُرْبُهُ المُخْتَصُّ بالدَّ = اعِي وعَابِدِهِ علَى الإيمَانِ) ([126])

([فـ[قُرْبُ الرَّبِّ تَعالى إِنَّما وَرَدَ خَاصًّا لا عَامًّا، وهوَ نَوْعَانِ: قُرْبُهُ مِنْ دَاعِيهِ بالإِجَابَةِ، ومِنْ مُطِيعِهِ بالإِثَابَةِ)([127])
). [المرتبع الأسنى: ؟؟]


([126]) القصيدةُ النونيةُ (365).
([127]) مُختصَرُ الصواعقِ المُرسَلةِ (395).


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28 شعبان 1438هـ/24-05-2017م, 04:23 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي


شرح أبي القاسم الزجاجي (ت:337هـ)

قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت: 337هـ): (القريب
القريب في اللغة على أوجه، القريب: الذي ليس ببعيد، فالله عز وجل قريب ليس ببعيد، كما قال عز وجل: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} أي أنا قريب الإجابة. وهو مثل قوله عز وجل: {وهو معكم أينما كنتم} وكما قال عز وجل: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا} وكما قال عز وجل: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد}. وكما قال {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله}.
والله عز وجل محيط بالأشياء كلها علمًا لا يعزب عنه منها شيء. وكل هذا يراد به والله أعلم إحاطة علمه بكل شيء، وكون كل شيء تحت قدرته وسلطانه وحكمه وتصرفه، ولا يراد بذلك قرب المكان والحلول في بعضه دون بعض جل الله وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرًا.
والقريب في غير هذا: القريب الدار والمكان وهو خلاف من نأت داره وشط مزاره كما قال ابن أبي ربيعة:
تهيم إلى نعم فلا الشمل جامع = ولا نأيها يسلي ولا أنت تصبر
فإنما أراد قرب دارها ومحلها وأنه سواء عليه قربها وبعدها إذ كانت غير مواصلة له.
والقريب أيضًا: نسيب الرجل ومقاربه في نسبه، يقال: «فلان قريب فلان وذو قرابة فلان».
وأما قولهم: «فلان قرابة فلان» فمجاز وتقديره «فلان ذو قرابة فلان» لأن المصدر لا يكون صفة للاسم إلا على هذا التقدير أو على وضعه مواضع أسماء الفاعلين والمفعولين أو مجازًا. قال ابن أبي ربيعة:
إذا زرت نعما لم يزل ذو قرابة = لها كلما لاقيتها يتنمر
وقال آخر:
يبكي عليه غريب ليس يعرفه = وذو قرابته في الحي مسرور
ويقال أيضًا: «فلان قريب المنزلة عند فلان» أي محله عنده قريب: يراد به القرب في الرفعة والمكان. وتقول: «قربت منك أقرب قربًا، وما قربتك ولا أقربك قربانًا»، و«قريب الماء في الحوض»: إذا جمعته فيه.
والقرب: سير الليل لورود الغد الماء، والطلق: سير اليوم والليلة لورود الغد الماء فهو أبعد من القرب. ويقال: «قرب قسقاس»: أي بعيد.
والقرب: ضد البعد، والقرب أيضًا: الخاصرة؛ وتقول: تقربت إلى فلان بكذا وكذا تقربًا، وتقربت منه كذلك، ويكون «تقربت منه «بمعنى» دنوت منه» وقربته مني تقريبًا. والقربى بمنزلة القرابة. وقوله عز وجل: {والجار ذي القربى} أي القرابة {والجار الجنب} يعني به الغريب والجنابة: البعد، ورجل جنب: أي غريب، {والصاحب بالجنب} يعني به الرفيق في السفر، {وابن السبيل}، يعني به الضيف، والمقربة بمنزلة القرابة). [اشتقاق أسماء الله: 146-148]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28 شعبان 1438هـ/24-05-2017م, 04:25 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

شرح أبي سليمان الخطابي (ت:388هـ)

قال أبو سليمان حَمْدُ بن محمد بن إبراهيم الخطابي (ت: 388هـ): ([و] القريب: معناه: أنه قريب بعلمه من خلقه، قريب ممن يدعوه بالإجابة كقوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني} [البقرة: 186] ). [شأن الدعاء: 102-103]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 9 رمضان 1438هـ/3-06-2017م, 11:36 AM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

شرح الحافظ ابن مَندَه (ت:395هـ)

قال أبو عبد الله محمد بن إسحاق ابن مَنْدَهْ العَبْدي (ت: 395هـ): (ومن أسماء الله عزّ وجلّ: القريب والقويّ القابض والقديم القاضي.
قال الله عزّ وجلّ: {إنه قريبٌ مجيبٌ}.
وقال: {وهو القويّ}.
وقال: {والله يقبض ويبسط}، {ويقضي بالحقّ}
وفي حديث أبي هريرة أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم ذكر في أسماء الله القويّ والقابض والقريب والقديم.
315 - أخبرنا عبد الرّحمن بن يحيى، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن مسعودٍ، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جريرٌ، عن عاصمٍ، قال: وحدثنا أبو بكرٍ، حدثنا ابن فضيلٍ، وحدثنا أبو معاوية، عن عاصمٍ الأحول، عن أبي عثمان، عن أبي موسى قال: كنّا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فجعل النّاس يجهرون بالتّكبير، ويرفعون أصواتهم، فقال: يا أيّها النّاس، أربعوا على أنفسكم إنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائبًا، إنّكم تدعون سميعًا قريبًا، وهو معكم.
رواه جماعةٌ عن عاصمٍ، عن أبي عثمان). [التوحيد: 2/171]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 رمضان 1438هـ/8-06-2017م, 09:30 AM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

شرح ابن سعدي (ت:1376هـ)

قال عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت:1376هـ): ("القريب، المجيب" أي: هو تعالى القريب من كل أحد، وقربه تعالى نوعان: قرب عام من كل أحد، بعلمه، وخبرته، ومراقبته، ومشاهدته، وإحاطته. وقرب خاص، من عابديه، وسائليه، ومحبيه، وهو قرب لا تدرك له حقيقة، وإنما تعلم آثاره، من لطفه بعبده، وعنايته به، وتوفيقه وتسديده. ومن آثاره الإجابة للداعين، والإنابة (1) للعابدين، فهو المجيب إجابة عامة للداعين مهما كانوا، وأين كانوا، وعلى أي حال كانوا كما وعدهم بهذا الوعد المطلق، وهو المجيب إجابة خاصة للمستجيبين له المنقادين لشرعه، وهو المجيب أيضا للمضطرين، ومن انقطع رجاؤهم من المخلوقين وقوي تعلقهم به طمعا ورجاء وخوفا). [تيسير الكريم المنان: 949] (م)


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة