العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء عم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 جمادى الآخرة 1434هـ/3-05-2013م, 09:45 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وجنّات ألفافا (16)}؛ أي وبساتين ملتفة، فأعلم اللّه -عزّ وجلّ- ما خلق وأنه قادر على البعث فقال: {إنّ يوم الفصل كان ميقاتا (17)}). [معاني القرآن: 5/ 272]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18)}

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
({يوم ينفخ في الصّور فتأتون أفواجا (18)}؛
بدل من يوم الفصل، إن شئت كان مفسرا ليوم الفصل. وقد فسرنا الصور فيما مضى.
{فتأتون أفواجا} أي تأتي كل أمة مع إمامهم). [معاني القرآن: 5/ 272]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({أفواجا}؛ أي: جماعات، واحدها: فوج). [ياقوتة الصراط: 551]

تفسير قوله تعالى: {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {وفتحت السّماء فكانت أبواباً...}
مثل: {إذا السّماء انشقّت}، {وإذا السماء فرجت}؛ معناه واحد، والله أعلم. بذلك جاء التفسير). [معاني القرآن: 3/ 227]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وفتحت السّماء فكانت أبوابا (19)}؛ أي تشققت كما قال عزّ وجلّ: {إذا السّماء انفطرت}، {إذا السّماء انشقّت}).[معاني القرآن: 5/ 273]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21)}

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {إنّ جهنّم كانت مرصادا (21) للطّاغين مآبا (22)}؛ أي يرصد أهل الكفر ومن حق عليه العذاب. تكاد تميز من الغيظ، فلا يجاوزها من حقت عليه كلمة العذاب).[معاني القرآن: 5/ 273](م)

تفسير قوله تعالى: {لِلطَّاغِينَ مَآَبًا (22)}

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {إنّ جهنّم كانت مرصادا (21) للطّاغين مآبا (22)}؛ أي يرصد أهل الكفر ومن حق عليه العذاب. تكاد تميز من الغيظ، فلا يجاوزها من حقت عليه كلمة العذاب.
ومعنى {مآبا}؛ إليها يرجعون). [معاني القرآن: 5/ 273]

تفسير قوله تعالى: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {لاّبثين فيها أحقاباً...}؛ حدّثت عن الأعمش أنه قال: بلغنا عن علقمة أنه قرأ "لبثين" وهي قراءة أصحاب عبد الله.
والناس بعد يقرءون: (لابثين)، وهو أجود الوجهين؛ لأن (لابثين) إذا كانت في موضع تقع فتنصب كانت بالألف، مثل: الطامع، والباخل عن قليل. واللّبث: البطيء، وهو جائز، كما يقال: رجل طمعٌ وطامع. ولو قلت: هذا طمعٌ فيما قبلك كان جائزاً، وقال لبيد:
أو مسحلٌ عملٌ عضادة سمحجٍ ....... بـســراتــهــا نــــــــدبٌ لــــــــه وكــــلــــوم

فأوقع عمل على العضادة، ولو كانت عاملا كان أبين في العربية، وكذلك إذا قلت للرجل: ضرّابٌ، وضروبٌ فلا توقعنهما على شيء لأنهما مدح، فإذا احتاج الشاعر إلى إيقاعهما فعل، أنشدني بعضهم:
* وبالفأس ضرّابٌ رءوس الكرانف *
واحدها: كرنافة، وهي أصول السقف.
ويقال: "الحقب" ثمانون سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يوما، اليوم منها ألف سنة من عدد أهل الدنيا). [معاني القرآن: 3/ 228]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({لابثين فيها أحقاباً}؛ يقال: «الحقب»: ثمانون سنة. وليس هذا مما يدلّ على غاية، كما يظن بعض الناس. وإنما يدلّ على الغاية التوقيت: خمسة أحقاب أو عشرة.
وأراد: أنهم يلبثون فيها أحقابا، كلّما مضي حقب تبعه حقب آخر»). [تفسير غريب القرآن: 509]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {لابثين فيها أحقابا (23)}؛ ولبثين، يقال: لبث الرجل فهو لابث، ويقال: هو لبث بمكان كذا أي صار اللبث شأنه.
و(الأحقاب): واحدها حقب، والحقب ثمانون سنة، كل سنة اثنا عشر شهرا، وكل شهر ثلاثون يوما، وكل يوم مقداره ألف سنة من سني الدنيا، والمعنى أنهم يلبثون أحقابا لا يذوقون في الأحقاب بردا ولا شرابا، وهم خالدون في النار أبدا كما قال عزّ وجلّ: {خالدين فيها أبدا}). [معاني القرآن: 5/ 273]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {لاّ يذوقون فيها برداً ولا شراباً...} ...
- حدثني حبّان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: لا يذوقون فيها برد الشراب ولا الشراب، وقال بعضهم: لا يذوقون فيها برداً، يريد: نوما، ...
وإن النوم ليبرد صاحبه. وإن العطشان لينام؛ فيبرد بالنوم). [معاني القرآن: 3/ 228]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({برداً ولا شراباً}؛ نوماً ولا شراباً قال الكندي:
فصدّني عنها وعن قبلتها البرد
أي النعاس). [مجاز القرآن: 2/ 282]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({بردا ولا شرابا}: البرد النوم).[غريب القرآن وتفسيره: 408]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({لا يذوقون فيها برداً}... أي نوما. قال الشاعر:
وإن شئـت حرمّـت النسـاء سواكـمو ....... إن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا
و«النّقاخ»: الماء.
و«البرد»: النوم. ويقال: «لا يذوقون فيها برد الشراب»). [تفسير غريب القرآن: 509]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ومعنى: {لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا (24)} قيل: نوما، وجائز أن يكون: لا يذوقون فيها برد ريح ولا ظلّ ولا نوم). [معاني القرآن: 5/ 273]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بَرْداً}؛ أي نوماً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 290]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بَرْدًا}: نوماً).[العمدة في غريب القرآن: 331]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25)}

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({حميماً}؛ ماء، {وغسّاقاً}؛ وهو ما همى أي سال ويقال: قد غسقت من العين ومن الجرح. ويقال: عينه تغسق أي تسيل). [مجاز القرآن: 2/ 282]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({حميما}: ماء حارا.
{والغساق}: ما يغسق من جلود أهل النار ويسيل. وقال بعضهم: الذي لا يستطاع من برده). [غريب القرآن وتفسيره: 408]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({إلّا حميماً} وهو: الماء الحار، {وغسّاقاً}؛ أي صديدا. وقد تقدم ذكره). [تفسير غريب القرآن: 510]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({إلّا حميما وغسّاقا (25)}؛ أي لا يذوقون فيها إلّا حميما وهو في غاية الحرارة.
و(الغسّاق): قيل: ما يغسق من جلودهم، أي يسيل. وقيل: الغسّاق الشديد البرد). [معاني القرآن: 5/ 273-274]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَّا حَمِيماً} أي حارّاً.
{وَغَسَّاقاً} أي صديداً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 290-291]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الحَمِيم): الماء الحار. (الغَسَّاق): ما يسيل من جلودهم). [العمدة في غريب القرآن: 331]

تفسير قوله تعالى: {جَزَاءً وِفَاقًا (26)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):(وقوله عز وجل: {جزاء وفاقاً...} وفقا لأعمالهم). [معاني القرآن: 3/ 229]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({جزاءً وفاقا} أي ثواباً ؛ وفقاً، هذا وفق هذا أي مثله). [مجاز القرآن: 2/ 282]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({جزاء وفاقاً}،وقال: {جزاء وفاقاً} يقول "وافق أهمالهم وفاقا" كما تقول: "قاتل قتالا"). [معاني القرآن: 4/ 44]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({جزاء وفاقا}: ثوابا وفقا). [غريب القرآن وتفسيره: 409]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({جزاءً وفاقاً}؛ أي وفاقا لأعمالهم). [تفسير غريب القرآن: 510]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({جزاء وفاقا (26)}؛ أي جوزوا وفق أعمالهم).[معاني القرآن: 5/ 274]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وِفَاقاً}؛ أي وفاقاً لأعمالهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 291]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وِفَاقًا}: وفقاً). [العمدة في غريب القرآن: 331]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27)}

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({إنّهم كانوا لا يرجون حساباً}؛ أي لا يخافون). [تفسير غريب القرآن: 510]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({إنّهم كانوا لا يرجون حسابا (27)}؛ أي لا يؤمنون بالبعث ولا بأنهم يحاسبون، ويرجون ثواب حساب). [معاني القرآن: 5/ 274]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({حسابا}: أي: كافيا). [ياقوتة الصراط: 552]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا (28)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {وكذّبوا بآياتنا كذّاباً...} خففها علي بن أبي طالب رحمه الله: "كذابا"، وثقلها عاصم والأعمش وأهل المدينة والحسن البصري. وهي لغة يمانية فصيحة يقولون: كذبت به كذّابا، وخرّقت القميص خرّاقا، وكل فعّلت فمصدره فعّال في لغتهم مشدد، قال لي أعرابي منهم: على المروة: آلحلق أحب إليك أم القصّار؟ يستفتيني.
وأنشدني بعض بني كلاب:

لقد طال ما ثبّطتني عن صحابتي ....... وعــن حــوجٍ قضّـاؤهـا مــن شفائـيـا
وكان الكسائي يخفف: {لا يسمعون فيها لغوا ولا كذاباً}؛ لأنها ليست بمقيدة بفعل يصيرها مصدرا. ويشدّد: {وكذّبوا بآياتنا كذّاباً...}؛ لأن كذبوا يقيّد الكذاب بالمصدر، والذي قال حسن. ومعناه: لا يسمعون فيها لغوا. يقول: باطلاً، ولا كذابا لا يكذب بعضهم بعضا). [معاني القرآن: 3/ 229]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({كذّاباً}؛ أشد من الكذب وهما مصدر المكاذبة قال الأعشى:
فـصـدقـتـهـا وكـذبـتـهــا ....... والمرء ينفعه كذابه).
[مجاز القرآن: 2/ 283]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وكذّبوا بآياتنا كذّاباً} وقال: {وكذّبوا بآياتنا كذّاباً} لأن فعله على أربعة أراد أن يجعله مثل باب "أفعلت" "إفعالاً" فقال: {كذّاباً} فجعله على عدد مصدره. وعلى هذا القياس تقول: "قاتل" "قيتالا" وهو من كلام العرب). [معاني القرآن: 4/ 44]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وكذّبوا بآياتنا كذّابا (28)} هذا أكثر القراءة، وقد قرئت (كذابا) بالتخفيف. و(كذّابا) بالتشديد أكثر. وهو في مصادر فعّلت أجود من فعال.
قال الشاعر:
لقد طال ما ثبّطتني عن صحابتي ....... وعــن حــوج قضّـاؤهـا مــن شفائـيـا
من قضيت قضاء.
ومثل كذابا - بالتخفيف قول الشاعر:
فـصـدقـتـهـا وكـذبـتـهــا ....... والمرء ينفعه كذابه).
[معاني القرآن: 5/ 274]

تفسير قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29)}

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وكلّ شيءٍ أحصيناه كتاباً} وقال: {وكلّ شيءٍ أحصيناه كتاباً} فنصب: {كلّ} وقد شغل الفعل بالهاء؛ لأن ما قبله قد عمل فيه الفعل، فأجراه عليه وأعمل فيه فعلا مضمرا). [معاني القرآن: 4/ 44]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وكلّ شيء أحصيناه كتابا (29)} (وكلّ) منصوب، بفعل مضمر تفسيره أحصيناه كتابا.
المعنى: وأحصينا كلّ شيء أحصيناه.

وقوله: {كتابا}، توكيد لقوله: {أحصيناه}؛ لأن معنى أحصيناه وكتبناه فيما يحصل ويثبت واحد؛ فالمعنى: كتبناه كتابا). [معاني القرآن: 5/ 274]

تفسير قوله تعالى: {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30) }



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م, 09:33 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) }


تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) }

تفسير قوله تعالى: {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) }

تفسير قوله تعالى: {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21)}

تفسير قوله تعالى: {لِلطَّاغِينَ مَآَبًا (22)}

تفسير قوله تعالى: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23)}

قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (ويقال: غبر زمنةً من دهره وطرقةً وحقبةً وهبّةً وبرهةً. وقال الله جلّ ثناؤه: {لابثين فيها أحقاباً} والحقب واحدٌ، وهو بلغة قيسٍ سنةٌ). [الأزمنة: 60]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (والحقب السنون واحدها حقبة.
والحقب ثمانون سنة وجمعه أحقاب ويقال أكثر من ذلك). [الغريب المصنف: 3/ 709-710]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (والحقبة: الدهر والحين وجمع حقبة: حقب. والحقب في التفسير ثمانون سنةً وجمعه أحقاب). [شرح المفضليات: 794] (م)


تفسير قوله تعالى: (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24)}

قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (وقال بعض العرب: بردت من الأضداد؛ يقال: برد الشيء على المعنى المعروف، ويقال: برد الشيء إذا أسخنه، واحتجوا بقول الشاعر:
عافت الشرب في الشتاء فقلنا ....... برديه تصادفيه سخينا
أي سخنيه.
قال أبو بكر: فإذا صح هذا القول صلح أن يقول للحار بارد، وأن يقع البرد على الحر إذا فهم المعنى.
قال أبو بكر: وحكى لي بعض أصحابنا عن أبي العباس أنه كان يقول في تفسير هذا البيت: (بل رديه)، من الورود، فأدغم اللام في الراء، فصارتا راء مشددة.
والبرد له معنيان آخران: يكون البرد النوم، من قوله تعالى: {لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا}، أي نوما. وأنشدنا أبو العباس للعرجي:
فإن شئت حرمت النساء سواكم ....... وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا
فالنقاخ الشراب العذب، والبرد النوم. وقال الآخر:
بردت مراشفها علي فصدني ....... عنها وعن قبلاتها البرد
أراد النوم.
وقال بعض المفسرين: البرد برد الشراب، ويقال: معنى قول الشاعر: (فصدني عنها وعن قبلاتها البرد) شدة برد فيها. وقال الآخر:
زعم الهمام بأن فاها بارد ....... عذب إذا ما ذقته قلت ازدد
ويكون البرد بمعنى الثبات؛ يقال: ما برد في يدي شيء، أي ما ثبت، قال الشاعر:
اليوم يوم بارد سمومه ....... من عجز اليوم فلا نلومه
أراد: ثابت). [كتاب الأضداد: 63-65]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25)}

قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (وقال بعض الناس: الحميم من الأضداد. يقال: الحميم للحار، والحميم للبارد، ولم يذكر لذلك شاهدا، والأشهر في الحميم الحار، قال الله عز وجل: {حميما وغساقا}، فالحميم الحار، والغساق البارد، يحرق كما يحرق الحار. ويقال: الغساق: البارد المنتن بلسان الترك، ويقال: الغساق البارد الذي لا يقدرون على شربه من برده، كما لا يقدرون على شرب الحميم من حرارته.
ويقال: الغساق: ما يغسق من صديد أهل النار، أي ما يسيل، قال عمران بن حطان:
إذا ما تذكرت الحياة وطيبها ....... إلي جرى دمع من العين غاسق
أي سائل. وقال عمارة بن عقيل:
ترى الضيف بالصلعاء تغسق عينه ....... من الجوع حتى تحسب الضيف أرمدا
وقال الآخر في الحميم:
فحشت بها النار نار الحميم ....... وصب الحميم على هامها
والحميم: القريب في النسب، قال الله عز وجل: {ولا يسأل حميم حميما}، وقال الشاعر:
لعمرك ما سميته بمناصح ....... شفيق، ولا أسميته بحميم).
[كتاب الأضداد: 138-139]

تفسير قوله تعالى: {جَزَاءً وِفَاقًا (26)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27)}

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا (28)}

قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وقد قال ناسٌ: كلمته كلاماً وحملته حمالاً أرادوا أن يجيئوا به على الإفعال؛ فكسروا أوله وألحقوا الألف قبل آخر حرفٍ فيه ولم يريدوا أن يبدلوا حرفاً مكان حرف ولم يحذفوا كما أن مصدر أفعلت واستفعلت جاء فيه جميع ما جاء في استفعل وأفعل من الحروف ولم يحذف ولم يبدل منه شيء وقد قال الله عز وجل: {وكذبوا بآياتنا كذابا}.
وأما مصدر تفعلت فإنه التفعل جاءوا فيه بجميع ما جاء في تفعل وضموا العين لأنه ليس في الكلام اسم على تفعل ولم يلحقوا الياء فيلتبس بمصدر فعلت ولا غير الياء لأنه أكثر من فعلت فجعلوا الزيادة عوضاً من ذلك. من ذلك قولك تكلمت تكلماً وتقولت تقولاً.
وأما الذين قالوا: كذابا فإنهم قالوا تحملت تحمالا وأرادوا أن يدخلوا الألف كما أدخلوها في أفعلت واستفعلت، وأرادوا الكسر في الحرف الأول كما كسروا أول إفعال واستفعال ووفروا الحروف فيه كما وفروها فيهما). [الكتاب: 4/ 79-80]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ومن هذا الوزن فعلت ومصدره التفعيل؛ لأنه ليس بملحق، فالتاء الزائدة عوض من تثقيل العين، والياء بدلٌ من الألف التي تلحق قبل أواخر المصادر، وذلك قولك: قطعته تقطيعاً، وكسرته تكسيراً، وشمرت تشميراً.
وكان أصل هذا المصدر أن يكون فعالاً كما قلت: أفعلت: إفعالاً وزلزلت زلزالاً ولكنه غير لبيان أنه ليس بملحق.
ولو جاء به جاءٍ على الأصل لكان مصيباً.كما قال الله عز وجل: {وكذبوا بآياتنا كذاباً}. فهذا على وزن واحد. أعني فعللت وفاعلت وأفعلت وفعلت، والملحقات بفعللت). [المقتضب: 2/ 98-99]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): (وقال الله عز وجل: {وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا} وهو في أكثر الكلام معدول به عن جهته). [مجالس ثعلب: 170]

تفسير قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29)}

تفسير قوله تعالى: {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30)}


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:42 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:43 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:43 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:43 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : ({يوم الفصل} هو يوم القيامة؛ لأنّ اللّه تعالى يفصل فيه بين المؤمنين والكافرين، وبين الحقّ والباطل. و (الميقات) مفعالٌ من الوقت، كميعادٍ من الوعد). [المحرر الوجيز: 8/ 516]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {يوم ينفخ} بدلٌ من {يوم} الأول، والصّور: القرن الذي ينفخ فيه لبعث الناس. هذا قول الجمهور، ويحتمل هذا الموضع أن يكون (الصّور) فيه جمع (صورةٍ)، أي: يوم يردّ اللّه تعالى الأرواح إلى الأبدان. هذا قول بعضهم في (الصّور)، وجوّزه أبو حاتمٍ، والأول أشهر، وبه تظاهرت الآثار، وهو ظاهر كتاب اللّه تعالى في قوله سبحانه: {ثمّ نفخ فيه أخرى}.
وقرأ ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: في الصّور بفتح الواو.
و(الأفواج) الجماعات يتلو بعضها بعضاً، واحدها: فوجٌ). [المحرر الوجيز: 8/ 516]

تفسير قوله تعالى: {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ ابن كثيرٍ، ونافعٌ، وأبو عمرٍو، وابن عامرٍ، وأبو جعفرٍ، وشيبة، والحسن: (وفتّحت) بشدّ التاء على المبالغة، وقرأ عاصمٌ، وحمزة، والكسائيّ: {وفتحت} دون شدٍّ.
وقوله تعالى: {فكانت أبواباً} معناه: تنفطر وتتشقّق حتى يكون فيها فتوحٌ كالأبواب في الجدران. وقال آخرون – فيما حكى مكّيّ بن أبي طالبٍ -: الأبواب هنا: فلق الخشب التي تجعل أبواباً لفتوح الجدران، أي: تتقطّع السماء قطعاً صغاراً حتى تكون كألواح الأبواب. والقول الأول أحسن. وقال بعض أهل العلم: تنفتح في السماء أبوابٌ للملائكة، من حيث ينزلون ويصعدون). [المحرر الوجيز: 8/ 516]

تفسير قوله تعالى: {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فكانت سراباً}؛ عبارةٌ عن تلاشيها وفنائها بعد كونها هباءً منبثًّا، ولم يرد تعالى أنّ الجبال تعود تشبه الماء على بعدٍ من الناظر إليها). [المحرر الوجيز: 8/ 516]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{مرصاداً}: موضع الرّصد، ومنه قوله تعالى: {إنّ ربّك لبالمرصاد}. ويروى عن الحسن بن أبي الحسن أنه قال: لا يدخل أحدٌ حتى يجوز على جهنّم، فمن كانت له أسباب نجاةٍ نجا، وإلا هلك. وقال قتادة: تعلّموا أنه لا سبيل إلى الجنّة حتى تقطع النار.
وفي الحديث الصحيح: ((إنّ الصّراط جسرٌ ينصب على متن جهنّم، ثمّ يجوز عليه النّاس؛ فناجٍ ومكدوسٌ)).
وقال بعض المتأوّلين: (مرصادٌ): مفعالٌ بمعنى راصدٍ. وقرأ أبو معمرٍ المنقريّ: (أنّ جهنّم) بفتح الألف، والجمهور على كسرها). [المحرر الوجيز: 8/ 516-517]

تفسير قوله تعالى: {لِلطَّاغِينَ مَآَبًا (22)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(الطّاغون): الكافرون، و المآب: المرجع). [المحرر الوجيز: 8/ 517]

تفسير قوله تعالى: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(الأحقاب) جمع (حقبٍ) بضمّ الحاء وفتح القاف، و(حقبٍ) بكسر الحاء، وحقبٍ بضمّها وضمّ القاف، وهو جمع حقبةٍ، ومنه قول متمّمٍ:
وكنّا كندماني جذيمة حقبةً ....... من الدّهر حتّى قيل لن يتصدّعا
وهي المدّة الطويلة من الدهر غير محدودةٍ، ويقال للسنة أيضاً: حقبةٌ. وقال بشر بن كعبٍ: حدّها على ما ورد في الكتب المنزّلة ثلاثمائة سنةٍ. وقال هلالٌ الهجريّ: ثمانون سنةً. قالا: في كلّ سنةٍ ثلاثمائةٍ وستّون يوماً. وقال ابن عبّاسٍ، وابن عمر رضي اللّه عنهم: ثمانون ألف سنةٍ. وقال الحسن: سبعون ألف سنةٍ. وقيل: خمسون ألف سنةٍ.
وقال أبو أمامة، عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّه ثلاثون ألف سنةٍ». وأكثر الناس في هذا، واللازم أنّ اللّه تعالى أخبر عن الكفّار أنهم يلبثون أحقاباً، كلّما مرّ حقبٌ جاء غيره، إلى غير نهايةٍ. قال الحسن: ليس لها عدّةٌ إلاّ الخلود في النار.
ومن الناس من ظنّ لذكر الأحقاب أنّ مدّة العذاب تنحصر وتتمّ، فطلبوا التأويل لذلك؛ فقال مقاتل بن حيّان: الحقب سبعة عشر ألف سنةٍ، وهي منسوخةٌ بقوله تعالى : {فذوقوا فلن نّزيدكم إلاّ عذاباً}؛ وقد ذكرنا فساد هذا القول.
وقال آخرون: الموصوف باللّبث أحقاباً هم عصاة المؤمنين.
وهذا أيضاً ضعيفٌ؛ ما بعده في السورة يردّ عليه.
وقال آخرون: إنما المعنى: لابثين فيها أحقاباً غير ذائقين برداً ولا شراباً، فبهذه الحال يلبثون أحقاباً، ثمّ يبقى العذاب سرمداً وهم يشربون أشربة جهنّم.
وقرأ الجمهور: {لابثين}، وقرأ حمزة وحده، وابن مسعودٍ، وعلقمة، وابن وثّابٍ، وعمرو بن ميمونٍ، وعمرو بن شرحبيل: (لبثين) جمع (لبثٍ)، وهي قراءةٌ معترضةٌ؛ لأنّ (فعلاً) إنما يكون لما صار خلقاً، كحذرٍ وفرقٍ، وقد جاء شاذًّا فيما ليس بخلقٍ، وأنشد الطّبريّ وغيره في ذلك بيت لبيدٍ:
أو مسحلٍ عملٍ عضادة سمحجٍ ....... بسراتها ندبٌ له وكلوم
قال المعترض في القراءة: لا حجّة في هذا البيت؛ لأنّ (عملاً) قد صار كالخلق، الذي يواظب على العمل به، حتى إنه ليسمّى به في وقتٍ لا يعمل فيه، كما تقول: (كاتبٌ). لمن كانت له صناعةً، وإن لم يكتب أكثر أحيانه. قال المحتجّ لها: شبّه (لبثٌ) لدوامه بالخلق لمّا صار اللّبث من شأنه). [المحرر الوجيز: 8/ 517-519]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :(قال أبو عبيدة، والكسائيّ، والفضل بن خالدٍ، ومعاذٌ النّحويّ: البرد في هذه الآية النوم، والعرب تسمّيه بذلك؛ لأنه يبرّد سورة العطش، ومن كلامهم: (منع البرد البرد).
وقال جمهور الناس: البرد في الآية مسّ الهواء البارد، وهو القرّ، أي: لا يمسّهم منه ما يستلذّ ويكسر عذاب الحرّ. فالذّوق على هذين القولين مستعارٌ.
وقال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: البرد: الشراب البارد المستلذّ، ومنه قول حسّان بن ثابتٍ:
يسقون من ورد البريص عليهم ....... بردى يصفّق بالرّحيق السّلسل
ومنه قول الآخر:
أمانيّ من سعدى حسانٌ كأنّما ....... سقتك بها سعدى على ظمأٍ بردا.
ثم قال تعالى: {ولا شراباً * إلاّ حميماً}؛ فالاستثناء متّصلٌ، و (الحميم): الحارّ الذائب، وأكثر استعماله في الماء السّخن والعرق، ومنه الحمّام. وقال ابن دريدٍ: الحميم: دموع أعينهم. وقال النّقّاش: الحميم: الصّفر المذاب المتناهي الحرّ.
واختلف الناس في (الغسّاق)؛ فقال قتادة، والنّخعيّ، وجماعةٌ: هو ما يسيل من أجسام أهل النار من صديدٍ ونحوه. يقال: غسق الجرح. إذا سال منه قيحٌ ودمٌ. وغسقت العين. إذا دمعت وخرج قذاها.
وقال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ: الغسّاق: مشروبٌ لهم مفرط الزّمهرير. كأنه في الطّرف الثاني من الحميم، يشوي الوجوه ببرده. وقال عبد اللّه بن بريدة: الغسّاق: المنتن.
وقرأ ابن كثيرٍ، وأبو عمرٍو، ونافعٌ، وابن عامرٍ، وعاصمٌ، وجماعةٌ من الجمهور: (غساقاً) مخففة السين، وهو اسمٌ على ما قدّمناه.
وقرأ حمزة، والكسائيّ، وحفصٌ عن عاصمٍ، وابن أبي إسحاق، والشّعبيّ، والحكم بن عيينة، وقتادة، وابن وثّابٍ: {غسّاقاً} مشددة السين. وهي صفةٌ أقيمت مقام الموصوف، كأنه تعالى قال: ومشروباً غسّاقاً، أي: كأنه سائلٌ من أبدانهم). [المحرر الوجيز: 8/ 519-520]

تفسير قوله تعالى: {جَزَاءً وِفَاقًا (26)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {جزاءً وفاقاً}؛ معناه: لأعمالهم وكفرهم، أي: هو جزاؤهم الجدير بهم، الموافق مع التحذير لأعمالهم، فهي كفرٌ والجزاء نارٌ). [المحرر الوجيز: 8/ 520]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{يرجون}؛ قال أبو عبيدة وغيره: معناه: يخافون. وقال غيره: الرّجاء هنا على بابه، ولا رجاء إلا وهو مقترنٌ بخوفٍ، ولا خوف إلا وهو مقترنٌ برجاءٍ، فذكر أحد القسمين؛ لأنّ المقصد العبارة عن تكذيبهم، كأنه تعالى قال: إنهم كانوا لا يصدّقون بالحساب، فهم لذلك لا يرجونه ولا يخافونه). [المحرر الوجيز: 8/ 520-521]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا (28)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس: {كذّاباً} بشدّ الذال وكسر الكاف، وهو مصدرٌ بلغة بعض العرب، وهي يمانيةٌ، ومنه قول أحدهم وهو يستفتيني: (الحلق أحبّ إليك أم القصّار).
ومنه قول الشاعر:
لقد طالما ثبّطتني عن صحابتي ....... وعن حوجٍ قضّاؤها من شفائيا
وهذا عندهم مصدرٌ من فعّل. وقال الطّبريّ: لم يختلف القرّاء في هذا الموضع في (كذّابٍ). وأراه أراد السبعة، وأما في الشاذّ فقرأ عليّ بن أبي طالبٍ، وعوفٌ الأعرابيّ، وعيسى- بخلافٍ – والأعمش، وأبو رجاءٍ: (كذاباً) بكسر الكاف، وتخفيف الذال.
وقرأ عبد اللّه بن عمر بن عبد العزيز: (كذّاباً) بضمّ الكاف وشدّ الذال، على أنه جمع كاذبٍ، ونصبه على الحال. قاله أبو حاتمٍ). [المحرر الوجيز: 8/ 521]

تفسير قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وكلّ شيءٍ أحصيناه} يريد: كلّ شيءٍ شأنه أن يحصى، وفي هذا الخبر ربطٌ لأجزاء القصة بأولّها، أي: هم مكذّبون كافرون ونحن قد أحصينا بالقول لهم في الآخرة: (ذوقوا فلن نزيدكم إلاّ عذاباً).
وكان عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما يقول: ما نزلت في أهل النار آيةٌ أشدّ من قوله تعالى: {فذوقوا فلن نزيدكم إلاّ عذاباً}. ورواه أبو هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم). [المحرر الوجيز: 8/ 521]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:43 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:44 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ يوم الفصل كان ميقاتًا * يوم ينفخ في الصّور فتأتون أفواجًا * وفتحت السّماء فكانت أبوابًا * وسيّرت الجبال فكانت سرابًا * إنّ جهنّم كانت مرصادًا * للطّاغين مآبًا * لابثين فيها أحقابًا * لّا يذوقون فيها بردًا ولا شرابًا * إلّا حميمًا وغسّاقًا * جزاءً وفاقًا * إنّهم كانوا لا يرجون حسابًا * وكذّبوا بآياتنا كذّابًا * وكلّ شيءٍ أحصيناه كتابًا * فذوقوا فلن نّزيدكم إلّا عذابًا}.
يقول تعالى مخبراً عن يوم الفصل، وهو يوم القيامة أنّه مؤقّتٌ بأجلٍ معدودٍ، لا يزاد عليه ولا ينقص منه، ولا يعلم وقته على التّعيين إلاّ اللّه عزّ وجلّ كما قال: {وما نؤخّره إلاّ لأجلٍ معدودٍ}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 304]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يوم ينفخ في الصّور فتأتون أفواجاً}؛ قال مجاهدٌ: زمراً. قال ابن جريرٍ: يعني: تأتي كلّ أمّةٍ مع رسولها؛ كقوله: {يوم ندعو كلّ أناسٍ بإمامهم}.
وقال البخاريّ: {يوم ينفخ في الصّور فتأتون أفواجاً}.
حدّثنا محمّدٌ، حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«ما بين النّفختين أربعون ».
قالوا: أربعون يوماً؟ قال: «أبيت». قالوا: أربعون شهراً؟ قال: «أبيت». قالوا: أربعون سنةً؟ قال: «أبيت». قال: «ثمّ ينزل اللّه من السّماء ماءً فينبتون كما ينبت البقل، ليس من الإنسان شيءٌ إلاّ يبلى إلاّ عظماً واحداً، وهو عجب الذّنب، ومنه يركّب الخلق يوم القيامة» ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 304-305]

تفسير قوله تعالى: {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وفتحت السّماء فكانت أبواباً}؛ أي: طرقاً ومسالك لنزول الملائكة). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 305]

تفسير قوله تعالى: {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وسيّرت الجبال فكانت سراباً}؛ كقوله: {وترى الجبال تحسبها جامدةً وهي تمرّ مرّ السّحاب}. وكقوله: {وتكون الجبال كالعهن المنفوش}.
وقال ههنا: {فكانت سراباً}؛ أي: يخيّل إلى النّاظر أنّها شيءٌ وليست بشيءٍ، وبعد هذا تذهب بالكلّيّة فلا عين ولا أثر، كما قال: {ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربّي نسفاً فيذرها قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً}. وقال: {ويوم نسيّر الجبال وترى الأرض بارزةً}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 305]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآَبًا (22)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّ جهنّم كانت مرصاداً}؛ أي: مرصدةً.
{للطّاغين}؛ وهم المردة العصاة المخالفون للرّسل، {مآباً}؛ أي: مرجعاً ومنقلباً ومصيراً ونزلاً، وقال الحسن وقتادة في قوله: {إنّ جهنّم كانت مرصاداً}؛ يعني: أنّه لا يدخل أحدٌ الجنّة حتّى يجتاز بالنّار، فإن كان معه جوازٌ نجا، وإلاّ احتبس.
وقال سفيان الثّوريّ: عليها ثلاث قناطر). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 305]

تفسير قوله تعالى: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لابثين فيها أحقاباً}؛ أي: ماكثين فيها أحقاباً، وهي جمع حقبٍ، وهو: المدّة من الزّمان، وقد اختلفوا في مقداره، فقال ابن جريرٍ، عن ابن حميدٍ، عن مهران، عن سفيان الثّوريّ، عن عمّارٍ الدّهنيّ، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال عليّ بن أبي طالبٍ لهلالٍ الهجريّ: «ما تجدون الحقب في كتاب اللّه المنزّل؟ قال: نجده ثمانين سنةً، كلّ سنةٍ اثنا عشر شهراً، كلّ شهرٍ ثلاثون يوماً، كلّ يومٍ ألف سنةٍ».
وهكذا روي عن أبي هريرة وعبد اللّه بن عمرٍو وابن عبّاسٍ وسعيد بن جبيرٍ وعمرو بن ميمونٍ والحسن وقتادة والرّبيع بن أنسٍ والضّحّاك، وعن الحسن والسّدّيّ أيضاً: سبعون سنةً، كذلك، وعن عبد اللّه بن عمرٍو: الحقب أربعون سنةً، كلّ يومٍ منها كألف سنةٍ ممّا تعدّون. رواهما ابن أبي حاتمٍ.
وقال بشير بن كعبٍ: ذكر لي أنّ الحقب الواحد ثلاثمائة سنةٍ، كلّ سنةٍ ثلاثمائةٍ وستّون يوماً، كلّ يومٍ كألف سنةٍ. رواه ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ.
ثمّ قال ابن أبي حاتمٍ: ذكر عن عمر بن عليّ بن أبي بكرٍ الأسفذنيّ، حدّثنا مروان بن معاوية الفزاريّ، عن جعفر بن الزّبير، عن القاسم، عن أبي أمامة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {لابثين فيها أحقاباً}. قال: فالحقب شهرٌ، الشّهر ثلاثون يوماً، والسّنة اثنا عشر شهراً، والسّنة ثلاثمائةٍ وستّون يوماً، كلّ يومٍ منها ألف سنةٍ ممّا تعدّون، فالحقب ثلاثون ألف ألف سنةٍ.
وهذا حديثٌ منكرٌ جدًّا، والقاسم والرّاوي عنه -وهو جعفر بن الزّبير- كلاهما متروكٌ.
وقال البزّار: حدّثنا محمّد بن مرداسٍ، حدّثنا سليمان بن مسلمٍ أبو المعلّى قال: سألت سليمان التّيميّ: هل يخرج من النّار أحدٌ؟ فقال: حدّثني نافعٌ، عن ابن عمر، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: «واللّه لا يخرج من النّار أحدٌ حتّى يمكث فيها أحقاباً». قال: والحقب بضعٌ وثمانون سنةً، والسّنة ثلاثمائةٍ وستّون يوماً ممّا تعدّون.
ثمّ قال: سليمان بن مسلمٍ بصريٌّ مشهورٌ.
وقال السّدّيّ: {لابثين فيها أحقاباً}: سبعمائة حقبٍ، كلّ حقبٍ سبعون سنةً، كلّ سنةٍ ثلاثمائةٍ وستّون يوماً، كلّ يومٍ كألف سنةٍ ممّا تعدّون.
وقد قال مقاتل بن حيّان: إنّ هذه الآية منسوخةٌ بقوله: {فذوقوا فلن نزيدكم إلاّ عذاباً}؛ وقال خالد بن معدان: هذه الآية وقوله: {إلاّ ما شاء ربّك}. في أهل التّوحيد. رواهما ابن جريرٍ.
ثمّ قال: ويحتمل أن يكون قوله: {لابثين فيها أحقاباً} متعلّقاً بقوله: {لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً}، ثمّ يحدث اللّه لهم بعد ذلك عذاباً من شكلٍ آخر ونوعٍ آخر، ثمّ قال: والصّحيح أنّها لا انقضاء لها كما قال قتادة والرّبيع بن أنسٍ.
وقد قال قبل ذلك: حدّثني محمّد بن عبد الرّحيم البرقيّ، حدّثنا عمرو بن أبي سلمة، عن زهيرٍ، عن سالمٍ: سمعت الحسن يسأل عن قوله: {لابثين فيها أحقاباً}، قال: أمّا الأحقاب فليس لها عدّةٌ إلاّ الخلود في النّار، ولكن ذكروا أنّ الحقب سبعون سنةً، كلّ يومٍ منها كألف سنةٍ ممّا تعدّون.
وقال سعيدٌ، عن قتادة: قال اللّه تعالى: {لابثين فيها أحقاباً}، وهو ما لا انقطاع له، وكلّما مضى حقبٌ جاء حقبٌ بعده، وذكر لنا أنّ الحقب ثمانون سنةً.
وقال الرّبيع بن أنسٍ: {لابثين فيها أحقاباً}، لا يعلم عدّة هذه الأحقاب إلاّ اللّه، ولكنّ الحقب الواحد ثمانون سنةً، والسّنة ثلاثمائةٍ وستّون يوماً، كلّ يومٍ كألف سنةٍ ممّا تعدّون، رواهما أيضاً ابن جرير). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 305-306]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً} أي: لا يجدون في جهنّم برداً لقلوبهم ولا شراباً طيّباً يتغذّون به. ولهذا قال: {إلاّ حميماً وغسّاقاً}.
قال أبو العالية: استثنى من البرد الحميم، ومن الشّراب الغسّاق. وكذا قال الرّبيع بن أنسٍ.
فأمّا الحميم فهو الحارّ الذي قد انتهى حرّه وحموّه، والغسّاق هو ما اجتمع من صديد أهل النّار وعرقهم ودموعهم وجروحهم، فهو باردٌ لا يستطاع من برده ولا يواجه من نتنه، وقد قدّمنا الكلام على الغسّاق في سورة (ص) بما أغنى عن إعادته، أجارنا اللّه من ذلك بمنّه وكرمه.
قال ابن جريرٍ: وقيل: المراد بقوله: {لا يذوقون فيها برداً}، يعني: النّوم، كما قال الكنديّ:
بردت مراشفها عليّ فصدّني ....... عنها وعن قبلاتها البرد
يعني بالبرد النّعاس والنّوم، هكذا ذكره ولم يعزه إلى أحدٍ، وقد رواه ابن أبي حاتمٍ من طريق السّدّيّ عن مرّة الطّيّب، ونقله عن مجاهدٍ أيضاً، وحكاه البغويّ عن أبي عبيدة والكسائيّ أيضاً). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 307]

تفسير قوله تعالى: {جَزَاءً وِفَاقًا (26)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {جزاءً وفاقاً}؛ أي: هذا الذي صاروا إليه من هذه العقوبة وفق أعمالهم الفاسدة التي كانوا يعملونها في الدّنيا. قاله مجاهدٌ وقتادة وغير واحدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 307]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {إنّهم كانوا لا يرجون حساباً}؛ أي: لم يكونوا يعتقدون أنّ ثمّ داراً يجازون فيها ويحاسبون). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 307]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا (28)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وكذّبوا بآياتنا كذّاباً}؛ أي: وكانوا يكذّبون بحجج اللّه ودلائله على خلقه التي أنزلها على رسله، فيقابلونها بالتّكذيب والمعاندة.
وقوله: {كذّاباً}؛ أي: تكذيباً، وهو مصدرٌ من غير الفعل، قالوا: وقد سمع أعرابيٌّ يستفتي الفرّاء على المروة: آلحلق أحبّ إليك أو القصّار؟ وأنشد بعضهم:
لقد طال ما ثبّطتني عن صحابتي ....... وعن حوجٍ قضّاؤها من شفائيا).
[تفسير القرآن العظيم: 8/ 307]

تفسير قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وكلّ شيءٍ أحصيناه كتاباً}؛ أي: وقد علمنا أعمال العباد كلّهم وكتبناها عليهم، وسنجزيهم على ذلك إن خيراً فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 307]

تفسير قوله تعالى: {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فذوقوا فلن نزيدكم إلاّ عذاباً}؛ أي: يقال لأهل النّار ذوقوا ما أنتم فيه، فلن نزيدكم إلاّ عذاباً من جنسه، {وآخر من شكله أزواجٌ}.
قال قتادة، عن أبي أيّوب الأزديّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: لم ينزل على أهل النّار آيةٌ أشدّ من هذه: {فذوقوا فلن نزيدكم إلاّ عذاباً}. قال فهم في مزيدٍ من العذاب أبداً.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن محمّد بن مصعبٍ الصّوريّ، حدّثنا خالد بن عبد الرّحمن، حدّثنا جسر بن فرقدٍ، عن الحسن قال: سألت أبا برزة الأسلميّ عن أشدّ آيةٍ في كتاب اللّه على أهل النّار؟ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قرأ: {فذوقوا فلن نزيدكم إلاّ عذاباً}. فقال:«هلك القوم بمعاصيهم اللّه عزّ وجلّ». جسر بن فرقدٍ ضعيف الحديث بالكلّيّة). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 307-308]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:15 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة