العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء تبارك

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 12:43 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Arrow

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في قتلى أحد: ((زملوهم في دمائهم وثيابهم)). هو من حديث غير واحد.
عن الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما قوله: ((زملوهم))، فإنه يقول: لفوهم بثيابهم التي فيها دماؤهم، وكذلك كل ملفوف في ثياب فهو مزمل.
ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم في المغازي في أول يوم ما رأى جبريل عليه السلام قال: ((فجثثت منه فرقا)). وبعضهم يقول: جئثت.
قال الكسائي: هما جميعا من الرعب، يقال: رجل مجؤوث ومجثوث قال: فأتى خديجة رضي الله عنها فقال: ((زملوني)).
فإذا فعل الرجل ذلك بنفسه قيل: قد تزمل وتدثر، فهو متزمل ومتدثر، فإذا أدغم التاء قال: مزمل ومدثر، وبهذا نزل القرآن بالإدغام.
وكذلك مدكر إنما هو مذتكر فأدغمت التاء وأبدلت الذال دالا.
وفي هذا الحديث من الفقه أن الشهيد إذا مات في المعركة لم يغسل ولم تنزع عنه ثيابه، ألا تسمع إلى قوله: ((زملوهم بثيابهم ودمائهم))؟
قال: إلا أني سمعت محمد بن الحسن يقول: ينزع عنه الجلد والفرو، قال: وأحسبه قال: والسلاح، قال: ويترك سائر ثيابه عليه، هذا إذا مات في المعركة، فإن رفع وبه رمق غسل وصلي عليه.
قال: وأهل الحجاز لا يرون الصلاة على الشهيد إذا حمل من المعركة ميتا ولا الغسل، وأهل العراق يقولون: لا يغسل ولكن يصلى عليه). [غريب الحديث: 4/11-13]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:

كبير أناس في بجاز مزمل
يريد مزملاً بثيابه. قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً}. وهو المتزمل بثيابه. والتاء مدغمة في الزاي. وإنما وصف امرؤ القيس الغيث. فقال قوم: أراد أن المطر قد خنق الجبل فصار له كاللباس على الشيخ المتزمل. وقال آخرون: إنما أراد ما كساه المطر من خضرة النبت. وكلاهما حسن). [الكامل: 2/994]

تفسير قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)}

تفسير قوله تعالى: {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3)}
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب: تحرك أواخر الكلم الساكنة إذا حذفت ألف الوصل لالتقاء الساكنين
وإنما حذفوا ألف الوصل هاهنا بعد الساكن لأن من كلامهم أن يحذف وهو بعد غير الساكن فلما كان ذلك من كلامهم حذفوها ههنا وجعلوا التحرك للساكنة الأولى حيث لم يكن ليلتقي ساكنان وجعلوا هذا سبيلها ليفرقوا بينها وبين الألف المقطوعة فجملة هذا الباب في التحرك أن يكون الساكن الأول مكسوراً وذلك قولك اضرب ابنك وأكرم الرجل واذهب اذهب و: {قل هو الله أحد الله} لأن التنوين ساكن وقع بعده حرف ساكن فصار بمنزلة باء اضرب ونحو ذلك.
ومن ذلك إن الله عافاني فعلت وعن الرجل وقط الرجل ولو استطعنا.
ونظير الكسر هاهنا قولهم حذار وبداد ونظار ألزموها الكسر في كلامهم فجعلوا سبيل هذا الكسر في كلامهم فاستقام هذا الضرب على هذا ما لم يكن اسماً نحو حذام لئلا يلتقي ساكنان ونحوه جير يا فتى وغاق غاق كسروا هذا إذ كان من كلامهم أن يكسروا إذا التقى الساكنان.
وقال الله تبارك وتعالى: {قل انظروا ماذا في السماوات والأرض}
فضموا الساكن حيث حركوه كما ضموا الألف في الابتداء وكرهوا الكسر ههنا كما كرهوه في الألف فخالفت سائر السواكن كما خالفت الألف سائر الألفات يعني ألفات الوصل.
وقد كسر قومٌ فقالوا: {قل انظروا} وأجروه على الباب الأول ولم يجعلوها كالألف ولكنهم جعلوها كآخر جير.
وأما الذين يضمون فإنهم يضمون في كل ساكن يكسر في غير الألف المضمومة فمن ذلك قوله عز وجل: {وقالت اخرج عليهن}: {وعذاب (41) اركض برجلك} ومنه: {أو انقص منه قليلا} وهذا كله عربي قد قرئ به.
ومن قال قل انظروا كسر جميع هذا.
والفتح في حرفين أحدهما قوله عز وجل: {الم الله} لما كان من كلامهم أن يفتحوا لالتقاء الساكنين فتحوا هذا وفرقوا بينه وبين ما ليس بهجاءٍ.
ونظير ذلك قولهم من الله ومن الرسول ومن المؤمنين لما
كثرت في كلامهم ولم تكن فعلا وكان الفتح أخف عليهم فتحوا وشبهوها بأين وكيف.
وزعموا أن ناساً من العرب يقولون من الله فيكسرونه ويجرونه على القياس.
فأما: {الم} فلا يكسر لأنهم لم يجعلوه في ألف الوصل بمنزلة غيره ولكنهم جعلوه كبعض ما يتحرك لالتقاء الساكنين ونحو ذلك لم يلده واعلمن ذلك لأن للهجاء حالاً قد تبين). [الكتاب: 4/152-154] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4)}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا} قال: «ترسل فيه ترسيلا»). [فضائل القرآن: 156]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7)}
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): ({إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} يعني اضطرابًا. السبح: السكون، والسبح: الاضطراب). [مجالس ثعلب: 403]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ): (وقد قرئ {إنّ لك في النّهار سبحًا طويلا} و(سبخًا) قرأها يحيى بن يعمر، قال الفراء: معناهما واحد أي فراغًا، وقال غيره: سبحًا: فراغًا، وسبخًا: نومًا، ويقال: قد سبخ الحرّ إذا خار وانكسر، ويقال: اللهم سبّخ عنه الحمى أي خفّفها، وقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لعائشة رحمها الله، حين دعت على سارقٍ سرقها: لا تسبّخي عنه بدعائك أي لا تخففي عنه إثمه، ويقال لما سقط من ريش الطائر: سبيخ). [الأمالي: 2/112]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8)}
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما جاء المصدر فيه على غير الفعل لأن المعنى واحد
وذلك قولك اجتوروا تجاوراً وتجاوروا اجتواراً لأن معنى اجتوروا وتجاوروا واحد ومثل ذلك انكسر كسراً وكسر انكساراً لأن معنى كسر وانكسر واحد وقال الله تبارك وتعالى: {والله أنبتكم من الأرض نباتا} لأنه إذا قال أنبته فكأنه قال قد نبت وقال عز وجل: {وتبتل إليه تبتيلا} لأنه إذا قال تبتل فكأنه قال بتل وزعموا أن في
قراءة ابن مسعود: (وأنزل الملائكة تنزيلا) لأن معنى أنزل ونزّل واحد). [الكتاب: 4/81-82] (م)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (في حديث سعد رضي الله عنه حين قال: لقد رد رسول الله صلى الله عليه وسلم التبتل على عثمان بن مظعون ولو أذن لنا لاختصينا.
قوله: التبتل، يعني ترك النكاح، ومنه قيل لمريم البكر البتول، لتركها التزويج. وأصل التبتل: القطع، ولهذا قيل: بتلت الشيء: أي قطعته ومنه قيل في للصدقة يبينها الرجل من ماله: صدقة بتة بتلة: أي قد قطعها صاحبها من ماله وبانت منه.
فكأن معنى الحديث أنه الانقطاع من النسل فلا يتزوج ولا يولد له، وقال ربيعة بن مقروم الضبي يصف راهبا:
لو أنها عرضت لأشمط راهب = في رأس شاهقة الذرى متبتل
يعني أنه لا يتزوج ولا يولد له. وقد روي في قول الله تبارك وتعالى: {وتبتل إليه تبتيلا}.
قال: حدثناه هشيم عن فلان –رجل قد سماه- عن الحسن في قوله عز وجل {وتبتل إليه تبتيلا} أي: أخلص إليه إخلاصا ولا أرى الأصل إلا من هذا.
يقول: انقطع إليه بعملك ونيتك وإخلاصك.
وقال الأصمعي: يقال للنخلة إذا كانت فسيلتها قد انفردت منها واستغنت عنها: مبتل، ويقال للفسيلة نفسها: البتول). [غريب الحديث: 5/20-22]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (

تضيء الظلام بالعشاء كأنها = منارة ممسى راهب متبتل
المتبتل: المتهجد.
...
والمتبتل: المتهجد، والتبتل: الانقطاع في العبادة عن الناس. والبتل: القطع). [شرح ديوان امرئ القيس: 228-229]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن الفعلين إذا اتفقا في المعنى جاز أن يحمل مصدر أحدهما على الآخر؛ لأن الفعل الذي ظهر في معنى فعله الذي ينصبه. وذلك نحو قولك: أنا أدعك تركاً شديداً، وقد تطويت انطواءً، لأن تطويت في معنى انطويت. قال الله عز وجل: {وتبتل إليه تبتيلا} لأن تبتل وبتل بمعنى واحد. وقال: {والله أنبتكم من الأرض نباتاً} ولو كان على أنبتكم لكان إنباتا، قال امرؤ القيس:
ورضت فدلت صعبةً أي إذلال
ولو كان على ذلت لكان: أي ذل. لكن رضت في معنى أذللت). [المقتضب: 1/211-212]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب: ما جرى مجرى الفعل وليس بفعل ولا مصدر
ولكنها أسماءٌ وضعت للفعل تدل عليه، فأجريت مجراه ما كانت في مواضعها؛ ولا يجوز فيها التقديم والتأخير؛ لأنها لا تصرف تصرف الفعل؛ كما لم تصرف إن تصرف الفعل، فألزمت موضعاً واحداً، وذلك قولك: صه ومه، فهذا إنما معناه: اسكت، واكفف، فليس بمتعدٍّ، وكذلك: وراءك وإليك، إذا حذرته شيئاً مقبلاً عليه، وأمرته أن يتأخر، فما كان من هذا القبيل فهو غير متعدٍّ. ومنها ما يتعدى وهو قولك: عليك زيدا، ودونك زيدا، إذا أغريته. وكذلك: هلم زيدا، إذا أردت: هات زيدا فهذه اللغة الحجازية: يقع هلم فيها موقع ما ذكرنا من الحروف، فيكون للواحد وللاثنين والجمع على لفظٍ واحد، كأخواتها المتقدمات. قال الله عز وجل: {والقائلين إخوانهم هلم إلينا}. فأما بنو تميم فيجعلونها فعلاً صحيحاً، ويجعلون الهاء زائدة، فيقولون: هلم يا رجل، وللاثنين: هلما، وللجماعة: هلموا، وللنساء: هلممن؛ لأن المعنى: الممن، والهاء زائدة. فأما قول الله عز وجل: {كتاب الله عليكم}، فلم ينتصب كتاب بقوله: {عليكم}، ولكن لما قال: {حرمت عليكم أمهاتكم} أعلم أن هذا مكتوبٌ عليهم، فنصب كتاب الله للمصدر؛ لأن هذا بدلٌ من اللفظ بالفعل؛ إذ كان الأول في معنى: كتب الله عليكم، وكتب عليكم. ونظير هذا قوله: {وترى الجبال تحسبها جامدةٌ وهي تمر مر السحاب صنع الله}؛ لأنه قد أعلمك بقوله: {وهي تمر مر السحاب} أن ثم فعلاً، فنصب ما بعده؛ لأنه قد جرى مجرى: صنع الله. وكذلك: {الذي أحسن كل شيءٍ خلقه}. قال الشاعر:
ما إن يمس الأرض إلا منكـبٌ = منه وحرف الساق طي المحمل
لأنه ذكر على ما يدل على أنه طيان من الطي، فكان بدلاً من قوله طوى، وكذلك قوله:
إذا رأتني سقطت أبصارها = دأب بكارٍ شايحت بكارها
لأن قوله: إذا رأتني معناه: كلما رأتني، فقد خبر أن ذلك دأبها؛ فكأنه قال: تدأب دأب بكار؛ لأنه بدل منه. ومثل هذا - إلا أن اللفظ مشتقٌّ من فعل المصدر، ولكنهما يشتبهان في الدلالة -قوله عز وجل: {وتبتل إليه تبتيلا} على: وبتل غليه، ولو كان على تبتل لكان تبتلاً. وكذلك: {والله أنبتكم من الأرض نباتاً}. لو كان على أنبت لكان إنباتاً. ولكن المعنى - والله أعلم -: أنه إذا أنبتكم نبتم نباتاً). [المقتضب: 3/202-204] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): (في قوله عز وجل: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} التبتل: الإنقطاع، أي أنقطع إليه إنقطاعًا، ومنه يقال: "مريم البتول" أي انقطعت عن الناس). [مجالس ثعلب: 545]

تفسير قوله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9)}فسير قوله تعالى: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10)}

تفسير قوله تعالى: {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12)}

تفسير قوله تعالى: {وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13)}

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا (14)}
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ): (والكثب واحدتها كثبة، وهي ما انصب في شيء فصار فيه، ومنه سمي الكثيب من الرمل، لأنه انصب من مكان فاجتمع فيه، أي حولته الريح من مكان إلى مكان، فصار في ذلك المكان مجتمعاً). [كتاب الشاء: 54]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ): (وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن قوما شكوا إليه سرعة فناء طعامهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتكيلون أم تهيلون»؟
قالوا: نهيل.
قال: فكيلوا، ولا تهيلوا.
قال: حدثنيه أبو إسماعيل إبراهيم بن سليمان مؤدب آل أبي عبيد الله، عن أبي الربيع، مولى آل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
قوله: ولا تهيلوا، يقال لكل شيء أرسلته من رمل أو تراب أو طعام أو نحوه: قد هلته أهيله هيلا إذا أرسلته فجرى، وهو طعام مهيل.
وقال الله تبارك وتعالى: {وكانت الجبال كثيبا مهيلا}.
ومنه حديث العلاء بن الحضرمي رحمه الله أنه أوصاهم عند موته وكان مات في سفر فقال: هيلوا علي هذا الكثيب ولا تحفروا لي فأحبسكم.
فتأويل الحديث المرفوع أنهم كانوا لا يكيلون طعامهم ويصبونه صبا فنهاهم عن ذلك). [غريب الحديث: 1/316-317]

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:23 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:24 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:24 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:24 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: يا أيّها المزّمّل (1) قم اللّيل إلاّ قليلاً (2) نصفه أو انقص منه قليلاً (3) أو زد عليه ورتّل القرآن ترتيلاً (4) إنّا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً (5) إنّ ناشئة اللّيل هي أشدّ وطئاً وأقوم قيلاً (6) إنّ لك في النّهار سبحاً طويلاً (7) واذكر اسم ربّك وتبتّل إليه تبتيلاً (8) ربّ المشرق والمغرب لا إله إلاّ هو فاتّخذه وكيلاً (9) واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً (10)
قوله تعالى: يا أيّها المزّمّل نداء للنبي صلى الله عليه وسلم، واختلف الناس لم نودي بهذا، فقالت عائشة والنخعي وجماعة: لأنه كان وقت نزول الآية متزملا بكساء، والتزمل: الالتفاف في الثياب بضم وتشمير، ومنه قول امرئ القيس: [الطويل]
كأن أبانا في أفانين ودقة = كبير أناس في بجاد مزمل
وخفض مزمل في هذا البيت هو على الجوار، وإنما هو نعت لكبير، فهو عليه السلام على قول هؤلاء، إنما دعي بهيئة في لباسه. وقال قتادة، كان تزمل في ثيابه للصلاة واستعد فنودي على معنى يا أيها المستعد للعبادة المتزمل لها، وهذا القول مدح له صلى الله عليه وسلم. وقال عكرمة معناه:يا أيّها المزّمّل للنبوءة وأعبائها، أي المتشمر المجدّ. وقال جمهور المفسرين والزهري بما في البخاري من أنه عليه السلام لما جاءه الملك في غار حراء وحاوره بما حاوره رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خديجة فقال: زملوني زملوني: فنزلت يا أيّها المدّثّر [المدثر: 1]، وعلى هذا نزلت يا أيّها المزّمّل. وفي مصحف ابن مسعود وأبي بن كعب «يا أيها المتزمل». وقرأ بعض السلف «يا أيها المزمّل» بفتح الزاي وتخفيفها وفتح الميم وشدها، والمعنى الذي زمله أهله أو زمل للنبوءة. وقرأ عكرمة «يا أيها المزمّل» بكسر الميم المشددة وتخفيف الزاي أي المزمل نفسه). [المحرر الوجيز: 8/ 439-440]

تفسير قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف الناس في هذا الأمر بقيام الليل كيف كان؟ فقال جمهور أهل العلم: هو أمر على جهة الندب مذ كان لم يفرض قط، ويؤيد هذا: الحديثالصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليلة في رمضان خلف حصير احتجره فصلى وصلى بصلاته ناس ثم كثروا من الليلة القابلة ثم غص المسجد بهم في الثالثة أو الرابعة فلم يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فحصبوا بابه فخرج مغضبا وقال: «إني إنما تركت الخروج لأني خفت أن يفرض عليكم». وقيل إنه لم يكلمهم إلا بعد الصبح. وقال آخرون: كان فرضا في وقت نزول هذه الآية. واختلف هؤلاء فقال بعضهم: كان فرضا على النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وبقي كذلك حتى توفي عليه السلام، وقيل:بل نسخ عنه ولم يمت إلا والقيام تطوع، وقال بعضهم: كان فرضا على الجميع ودام الأمر على ما قال سعيد بن جبير عشر سنين، وقالت عائشة وابن عباس دام عاما، وروي عنها أيضا ثمانية أشهر ثم رحمهم الله تعالى. فنزلت: إنّ ربّك يعلم أنّك تقوم [المزمل: 20] فخفف عنهم. وقال قتادة بقي عاما أو عامين. وقرأ أبو السمال «قم الليل» بضم الميم لاجتماع الساكنين، والكسر في الكلام العرب أكثر كما قرأ الناس). [المحرر الوجيز: 8/ 440-441]

تفسير قوله تعالى: {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: نصفه يحتمل أن يكون بدلا من قوله قليلًا، وكيف ما تقلب المعنى، فإنه أمر بقيام نصف الليل أو أكثر شيء أو أقل شيء، فالأكثر عند العلماء لا يزيد على الثلثين، والأقل لا ينحط عن الثلث ويقوي هذا حديث ابن عباس في بيت ميمونة قال: فلما انتصف الليل أو قبله بقليل قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويلزم على هذا الذي ذكرناه أن يكون نصف الليل قد وقع عليه الوصف بقليل، وقد يحتمل عندي قوله إلّا قليلًا، أن يكون استثناء من القيام، فيجعل الليل اسم جنس، ثم قال إلّا قليلًا، أي الليالي التي تخل بقيامها عند العذر البين. وهذا النظر يحسن مع القول مع الندب جدا. وقد تكلم الجرجاني رحمه الله في نظمه في هذه الآية بتطويل وتدقيق غير مفيد أكثره غير صحيح.
وقرأ الجمهور: «أو انقص» بضم الواو، وقرأ الحسن وعاصم وحمزة بكسر الواو، وقرأ عيسى بالوجهين، والضمير في منه وعليه عائدان على النصف). [المحرر الوجيز: 8/ 441]

تفسير قوله تعالى: {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والضمير في منه وعليه عائدان على النصف،
وقوله تعالى: ورتّل القرآن معناه في اللغة تمهل وفرق بين الحروف لتبين. والمقصد أن يجد الفكر فسحة للنظر وفهم المعاني، وبذلك يرق القلب ويفيض عليه النور والرحمة. قال ابن كيسان: المراد تفهمه تاليا له ومنه الثغر الرتل الذي بينه فسخ وفتوح. وروي أن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت بينة مترسلة لو شاء أحد أن يعد الحروف لعدها). [المحرر الوجيز: 8/ 441]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والقول الثقيل: هو القرآن. واختلف الناس لم سماه ثقيلًا، فقالت جماعة من المفسرين: لما كان يحل في رسول الله من ثقل الجسم حتى أنه كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته بركت به، وحتى كادت فخذه أن ترض فخذ زيد بن ثابت رحمه الله. وقال أبو العالية والقرطبي: بل سماه ثقيلًا لثقله على الكفار والمنافقين بإعجازه ووعيده ونحو ذلك. وقال حذاق العلماء: معناه ثقيل المعاني من الأمر بالطاعات والتكاليف الشرعية من الجهاد ومزاولة الأعمال الصالحة دائمة، قال الحسن: إن الهذ خفيف ولكن العمل ثقيل). [المحرر الوجيز: 8/ 442]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: إنّ ناشئة اللّيل هي أشدّ وطئاً، قال ابن جبير وابن زيد هي لفظة حبشية نشأ الرجل إذا قام من الليل، ف ناشئة على هذا، جمع ناشئ، أي قائم، وأشدّ وطئاً معناه ثبوتا واستقلالا بالقيام، وأقوم قيلًا، أي بخلو أفكارهم وإقبالهم على ما يقرأونه.
وقال ابن عمر وأنس بن مالك وعلي بن الحسين: ناشئة اللّيل ما بين المغرب والعشاء، وقالت عائشة ومجاهد: القيام بعد النوم، ومن قام أول الليل قبل النوم فلم يقم ناشئة، وقال ابن جبير وابن زيد وجماعة: ناشئة اللّيل ساعاته كلها لأنها تنشأ شيئا بعد شيء. وقال أبو مجلز وابن عباس وابن الزبير والحسن: ما كان بعد العشاء فهو ناشئة، وما كان قبلها فليس ب ناشئة، قال ابن عباس: كانت صلاتهم أول الليل فهي أشدّ وطئاً أي أجدر أن يحصوا ما فرض الله عليكم من القيام لأن الإنسان إذا نام لا يدري متى يستيقظ؟ وقال الكسائي: ناشئة اللّيل أوله، وقال ابن عباس وابن الزبير: الليل كله ناشئة وأشدّ وطئاً، على هذا يحتمل أن يكون أشد ثبوتا فيكون نسب الثبوت إليها من حيث هو القائم فيها. ويحتمل أن يريد أنها صعبة القيام لمنعها النوم كما قال «اللهم اشدد وطأتك على مضر» فذكرها تعالى بالصعوبة ليعلم عظم الأجر فيها كما وعد عليه الصلاة والسلام على الوضوء على المكاره والمشي في الظلام إلى المساجد ونحوه. وقرأ الجمهور: «وطئا» بفتح الواو وسكون الطاء، وقرأ أبو عمرو ومجاهد وابن الزبير وابن عباس: «وطاء» على وزن فعال، والمعنى موافقة لأنه يخلو البال من أشغال النهار وأشغابه، فيوافق قلب المرء لسانه، وفكره عبارته فهذه مواطأة صحيحة، وبهذا المعنى فسر اللفظ مجاهد وغيره، وقرأ قتادة في رواية حسين: «وطاء» بكسر الواو وسكون الطاء والهمزة مقصورة، وقرأ أنس «وأصوب قيلا»، فقيل له إنما هو أقوم، فقال: أقوم وأصوب وأهيأ واحد). [المحرر الوجيز: 8/ 442-443]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: إنّ لك في النّهار سبحاً طويلًا أي تصرفا وترددا في أمورك كما يتردد السابح في الماء. ومنه سمي الفرس سابحا لتثنيه واضطرابه، وقال قوم من أهل العلم إنما معنى الآية التنبيه على أنه إن فات حزب الليل بنوم أو عذر فليخلف بالنهار فإن فيه سبحاً طويلًا، وقرأ يحيى بن يعمر وعكرمة: «سبخا طويلا» بالخاء منقوطة، ومعناه خفة لك من التكاليف، والتسبيخ التخفيف، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ولا تسبخي عنه» لعائشة في السارق الذي سرقها، فكانت تدعو عليه، معناه لا تخففي عنه. قال أبو حاتم: فسر يحيى السبح بالنوم). [المحرر الوجيز: 8/ 443]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقال سهل: واذكر اسم ربّك يراد اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في ابتداء صلاتك، وتبتّل معناه: انقطع من كل شيء إلا منه وافرغ إليه. قال زيد بن أسلم: التبتل رفض الدنيا ومنه تبتل الحبل، وقولهم في الهبات ونحوها بتلة، ومنه البتول، وتبتيلًا مصدر على غير الصدر). [المحرر الوجيز: 8/ 443]

تفسير قوله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ حمزة والكسائي وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر: «ربّ المشرق» بالخفض على البدل من ربّك، وقرأ الباقون وحفص عن عاصم: «ربّ» على القطع أي هو رب أو على الابتداء والخبر لا إله إلّا هو. وقرأ ابن عباس وأصحاب عبد الله: «رب المشارق والمغارب» بالجمع. والوكيل: القائم بالأمر الذي يوكل إليه الأشياء). [المحرر الوجيز: 8/ 444]

تفسير قوله تعالى: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: واصبر على ما يقولون الآية، قيل هي موادعة منسوخة بآية السيف، والمراد بالآية قريش. وقال بعض العلماء: قوله واهجرهم هجراً جميلًا منسوخ، وأما الصبر على ما يقولون فقد يتوجه أحيانا ويبقى حكمه، وفيما يتوجه من الهجر الجميل من المسلمين، قال أبو الدرداء: إنا لنكشر في وجوه قوم وإن قلوبنا لتقليهم. والقول الأول أظهر لأن الآية إنما هي في كفر قريش وردهم رسالته وإعلائهم بذلك لا يمكن أن يكون الحكم في هذه المعاني باقيا). [المحرر الوجيز: 8/ 444]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:24 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:24 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها المزّمّل (1) قم اللّيل إلّا قليلًا (2) نصفه أو انقص منه قليلًا (3) أو زد عليه ورتّل القرآن ترتيلًا (4) إنّا سنلقي عليك قولًا ثقيلًا (5) إنّ ناشئة اللّيل هي أشدّ وطئًا وأقوم قيلًا (6) إنّ لك في النّهار سبحًا طويلًا (7) واذكر اسم ربّك وتبتّل إليه تبتيلًا (8) ربّ المشرق والمغرب لا إله إلّا هو فاتّخذه وكيلًا (9)}
يأمر تعالى رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم أن يترك التّزمّل، وهو: التّغطّي في اللّيل، وينهض إلى القيام لربّه عزّ وجلّ، كما قال تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا وممّا رزقناهم ينفقون} [السّجدة: 16] وكذلك كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ممتثلًا ما أمره اللّه تعالى به من قيام اللّيل، وقد كان واجبًا عليه وحده، كما قال تعالى: {ومن اللّيل فتهجّد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا} [الإسراء: 79] وهاهنا بيّن له مقدار ما يقوم، فقال تعالى: {يا أيّها المزّمّل * قم اللّيل إلا قليلا}.
قال ابن عبّاسٍ، والضّحّاك، والسّدّيّ: {يا أيّها المزّمّل} يعني: يا أيّها النّائم. وقال قتادة: المزّمّل في ثيابه، وقال إبراهيم النّخعيّ: نزلت وهو متزمّلٌ بقطيفةٍ.
وقال شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {يا أيّها المزّمّل} قال: يا محمد، زمّلت القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 249-250]

تفسير قوله تعالى: {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {نصفه} بدلٌ من اللّيل {أو انقص منه قليلا * أو زد عليه} أي: أمرناك أن تقوم نصف اللّيل بزيادةٍ قليلةٍ أو نقصانٍ قليلٍ، لا حرج عليك في ذلك.
وقوله: {ورتّل القرآن ترتيلا} أي: اقرأه على تمهّلٍ، فإنّه يكون عونًا على فهم القرآن وتدبّره. وكذلك كان يقرأ صلوات اللّه وسلامه عليه، قالت عائشة: كان يقرأ السّورة فيرتّلها، حتّى تكون أطول من أطول منها. وفي صحيح البخاريّ، عن أنسٍ: أنّه سئل عن قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: كانت مدًّا، ثمّ قرأ {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} يمدّ بسم اللّه، ويمدّ الرّحمن، ويمدّ الرّحيم.
وقال ابن جريج، عن ابن أبي مليكة عن أمّ سلمة: أنّها سئلت عن قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالت: كان يقطّع قراءته آيةً آيةً، {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم * الحمد للّه ربّ العالمين * الرّحمن الرّحيم * مالك يوم الدّين} رواه أحمد، وأبو داود، والتّرمذيّ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّحمن، عن سفيان، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق، ورتّل كما كنت ترتّل في الدّنيا، فإنّ منزلتك عند آخر آيةٍ تقرؤها".
ورواه أبو داود، والتّرمذيّ والنّسائيّ، من حديث سفيان الثّوريّ، به وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ.
وقد قدّمنا في أوّل التّفسير الأحاديث الدّالّة على استحباب التّرتيل وتحسين الصّوت بالقراءة، كما جاء في الحديث: "زيّنوا القرآن بأصواتكم"، و "ليس منّا من لم يتغنّ بالقرآن"، و "لقد أوتي هذا مزمار من مزامير آل داود" يعني: أبا موسى، فقال أبو موسى: لو كنت أعلم أنّك كنت تسمع قراءتي لحبّرته لك تحبيرًا.
وعن ابن مسعودٍ أنّه قال: لا تنثروه نثر الرّمل ولا تهذّوه هذّ الشّعر، قفوا عند عجائبه، وحرّكوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السّورة. رواه البغويّ.
وقال البخاريّ: حدّثنا آدم، حدّثنا شعبة، حدّثنا عمرو بن مرّة: سمعت أبا وائلٍ قال: جاء رجلٌ إلى ابن مسعودٍ فقال: قرأت المفصّل اللّيلة في ركعةٍ. فقال: هذًّا كهذّ الشّعر. لقد عرفت النّظائر الّتي كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقرن بينهنّ. فذكر عشرين سورةً من المفصّل سورتين في ركعةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 250-251]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّا سنلقي عليك قولا ثقيلا} قال الحسن، وقتادة: أي العمل به.
وقيل: ثقيلٌ وقت نزوله؛ من عظمته. كما قال زيد بن ثابتٍ: أنزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وفخذه على فخذي، فكادت ترض فخذي.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا قتيبة، حدّثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن عمرو بن الوليد، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: سألت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقلت: يا رسول اللّه، هل تحسّ بالوحي؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أسمع صلاصيل، ثمّ أسكت عند ذلك، فما من مرّةٍ يوحى إليّ إلّا ظننت أنّ نفسي تفيض"، تفرّد به أحمد.
وفي أوّل صحيح البخاريّ عن عبد اللّه بن يوسف، عن مالكٍ، عن هشامٍ، عن أبيه، عن عائشة: أنّ الحارث بن هشامٍ سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: كيف يأتيك الوحي؟ فقال: "أحيانًا يأتيني في مثل صلصلة الجرس، وهو أشدّه عليّ، فيفصم عنّي وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانًا يتمثّل لي الملك رجلًا فيكلّمني فأعي ما يقول". قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي صلّى اللّه عليه وسلّم في اليوم الشّديد البرد، فيفصم عنه وإنّ جبينه ليتفصّد عرقًا هذا لفظه.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا سليمان بن داود، أخبرنا عبد الرّحمن، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: إن كان ليوحى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو على راحلته، فتضرب بجرانها.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن عبد الأعلى، حدّثنا ابن ثور، عن معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه؛ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته، وضعت جرانها، فما تستطيع أن تحرّك حتّى يسرّى عنه.
وهذا مرسلٌ. الجران: هو باطن العنق.
واختار ابن جريرٍ أنّه ثقيلٌ من الوجهين معًا، كما قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: كما ثقل في الدّنيا ثقل يوم القيامة في الموازين). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 251]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّ ناشئة اللّيل هي أشدّ وطئًا وأقوم قيلا} قال أبو إسحاق، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: نشأ: قام بالحبشة.
وقال عمر، وابن عبّاسٍ، وابن الزّبير: اللّيل كلّه ناشئةٌ. وكذا قال مجاهد، وغير واحد،يقال: نشأ: إذا قام من اللّيل. وفي روايةٍ عن مجاهدٍ: بعد العشاء. وكذا قال أبو مجلز، وقتادة، وسالمٌ وأبو حازمٍ، ومحمّد بن المنكدر.
والغرض أنّ ناشئة اللّيل هي: ساعاته وأوقاته، وكلّ ساعةٍ منه تسمّى ناشئةً، وهي الآنّات. والمقصود أنّ قيام اللّيل هو أشدّ مواطأةً بين القلب واللّسان، وأجمع على التّلاوة؛ ولهذا قال: {هي أشدّ وطئًا وأقوم قيلا} أي: أجمع للخاطر في أداء القراءة وتفهّمها من قيام النّهار؛ لأنّه وقت انتشار النّاس ولغط الأصوات وأوقات المعاش.
[وقد] قال الحافظ أبو يعلى الموصليّ: حدّثنا إبراهيم بن سعيدٍ الجوهريّ، حدّثنا أبو أسامة، حدّثنا الأعمش، أنّ أنس بن مالكٍ قرأ هذه الآية: "إن ناشئة اللّيل هي أشدّ وطئًا وأصوب قيلًا" فقال له رجلٌ: إنّما نقرؤها {وأقوم قيلا} فقال له: إنّ أصوب وأقوم وأهيأ وأشباه هذا واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 251-252]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ولهذا قال: {إنّ لك في النّهار سبحًا طويلا} قال ابن عبّاسٍ، وعكرمة، وعطاء بن أبي مسلمٍ: الفراغ والنّوم.
وقال أبو العالية، ومجاهدٌ، وابن مالكٍ، والضّحّاك، والحسن، وقتادة، والرّبيع بن أنسٍ، وسفيان الثّوريّ: فراغًا طويلًا.
وقال قتادة: فراغًا وبغيةً ومنقلبًا.
وقال السّدّيّ: {سبحًا طويلا} تطوّعًا كثيرًا.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {[إنّ لك في النّهار] سبحًا طويلا} قال: لحوائجك، فأفرغ لدينك اللّيل. قال: وهذا حين كانت صلاة اللّيل فريضةً، ثمّ إنّ اللّه منّ على العباد فخفّفها ووضعها، وقرأ: {قم اللّيل إلا قليلا} إلى آخر الآية، ثمّ قال: {إنّ ربّك يعلم أنّك تقوم أدنى من ثلثي اللّيل} حتّى بلغ: {فاقرءوا ما تيسّر منه} [اللّيل نصفه أو ثلثه. ثمّ جاء أمرٌ أوسع وأفسح وضع الفريضة عنه وعن أمّته] فقال: قال: {ومن اللّيل فتهجّد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا} [الإسراء: 49] وهذا الّذي قاله كما قاله.
والدّليل عليه ما رواه الإمام أحمد في مسنده حيث قال: حدّثنا يحيى، حدثنا سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعيد بن هشامٍ: أنّه طلّق امرأته ثمّ ارتحل إلى المدينة ليبيع عقارًا له بها ويجعله في الكراع والسّلاح، ثمّ يجاهد الرّوم حتّى يموت. فلقي رهطًا من قومه فحدّثوه أنّ رهطًا من قومه ستّةً أرادوا ذلك على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "أليس لكم فيّ أسوة ؟" فنهاهم عن ذلك، فأشهدهم على رجعتها، ثمّ رجع إلينا فأخبرنا أنّه أتى ابن عبّاسٍ فسأله عن الوتر فقال: ألّا أنبّئك بأعلم أهل الأرض بوتر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ قال: نعم قال: ائت عائشة فاسألها ثمّ ارجع إليّ فأخبرني بردّها عليك. قال: فأتيت على حكيم بن أفلح فاستلحقته إليها، فقال: ما أنا بقاربها؛ إنّي نهيتها أن تقول في هاتين الشّيعتين شيئًا، فأبت فيهما إلّا مضيًا. فأقسمت عليه، فجاء معي، فدخلنا عليها فقالت: حكيمٌ؟ وعرفته، قال: نعم. قالت: من هذا معك؟ قال: سعيد بن هشامٍ. قالت: من هشامٌ؟ قال: ابن عامرٍ. قال: فترحّمت عليه وقالت: نعم المرء كان عامرٌ. قلت: يا أمّ المؤمنين، أنبئيني عن خلق رسول صلّى اللّه عليه وسلّم؟ قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى قالت: فإنّ خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان القرآن. فهممت أن أقوم، ثمّ بدا لي قيام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قلت: يا أمّ المؤمنين، أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم. ألست تقرأ هذه السّورة: {يا أيّها المزّمّل}؟ قلت: بلى. قالت: فإنّ اللّه افترض قيام اللّيل في أوّل هذه السّورة، فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه حولًا حتّى انتفخت أقدامهم، وأمسك اللّه خاتمتها في السّماء اثني عشر شهرًا، ثمّ أنزل اللّه التّخفيف في آخر هذه السّورة، فصار قيام اللّيل تطوّعًا من بعد فريضةٍ. فهممت أن أقوم، ثمّ بدا لي وتر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قلت: يا أمّ المؤمنين، أنبئيني عن وتر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. قالت: كنّا نعدّ له سواكه وطهوره، فيبعثه اللّه لما شاء أن يبعثه من اللّيل، فيتسوّك ثمّ يتوضّأ ثمّ يصلّي ثماني ركعاتٍ لا يجلس فيهنّ إلّا عند الثّامنة، فيجلس ويذكر ربّه تعالى ويدعو [ويستغفر ثمّ ينهض وما يسلّم. ثمّ يصلّي التّاسعة فيقعد فيحمد ربّه ويذكره ويدعو] ثمّ يسلّم تسليمًا يسمعنا، ثمّ يصلّي ركعتين وهو جالسٌ بعد ما يسلّم. فتلك إحدى عشرة ركعةً يا بنيّ. فلمّا أسنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأخذه اللّحم، أوتر بسبع، ثم صلى ركعتين وهو جالس بعدما يسلّم، فتلك تسعٌ يا بنيّ. وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا صلّى صلاةً أحبّ أن يداوم عليها، وكان إذا شغله عن قيام اللّيل نومٌ أو وجع أو مرضٌ، صلّى من النّهار ثنتي عشرة ركعةً، ولا أعلم نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قرأ القرآن كلّه في ليلةٍ، ولا قام ليلةً حتّى أصبح، ولا صام شهرًا كاملًا غير رمضان.
فأتيت ابن عبّاسٍ فحدّثته بحديثها، فقال: صدقت، أما لو كنت أدخل عليها لأتيتها حتّى تشافهني مشافهةً.
هكذا رواه الإمام أحمد بتمامه. وقد أخرجه مسلمٌ في صحيحه، من حديث قتادة، بنحوه.
طريقٌ أخرى عن عائشة في هذا المعنى: قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن وكيع، حدّثنا زيد بن الحباب -وحدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا مهران قالا جميعًا، واللّفظ لابن وكيعٍ: عن موسى بن عبيدة، حدّثني محمّد بن طحلاء، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: كنت أجعل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حصيرًا يصلي عليه من اللّيل، فتسامع النّاس به فاجتمعوا، فخرج كالمغضب -وكان بهم رحيمًا، فخشي أن يكتبعليهم قيام اللّيل-فقال: "أيّها النّاس، اكلفوا من الأعمال ما تطيقون، فإنّ اللّه لا يملّ من الثّواب حتّى تملّوا من العمل، وخير الأعمال ما ديم عليه". ونزل القرآن: {يا أيّها المزّمّل * قم اللّيل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه} حتّى كان الرّجل يربط الحبل ويتعلّق، فمكثوا بذلك ثمانية أشهرٍ، فرأى اللّه ما يبتغون من رضوانه، فرحمهم فردّهم إلى الفريضة، وترك قيام اللّيل.
ورواه ابن أبي حاتمٍ من طريق موسى بن عبيدة الرّبذيّ، وهو ضعيفٌ. والحديث في الصّحيح بدون زيادة نزول هذه السّورة، وهذا السّياق قد يوهم أنّ نزول هذه السّورة بالمدينة، وليس كذلك، وإنّما هي مكّيّةٌ. وقوله في هذا السّياق: إنّ بين نزول أوّلها وآخرها ثمانية أشهرٍ -غريبٌ؛ فقد تقدّم في رواية أحمد أنّه كان بينهما سنةٌ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو أسامة، عن مسعر، عن سماك الحنفيّ، سمعت ابن عبّاسٍ يقول: أوّل ما نزل: أوّل المزّمّل، كانوا يقومون نحوًا من قيامهم في شهر رمضان، وكان بين أوّلها وآخرها قريبٌ من سنةٍ.
وهكذا رواه ابن جريرٍ عن أبي كريب، عن أبي أسامة، به.
وقال الثّوريّ ومحمّد بن بشرٍ العبدي، كلاهما عن مسعرٍ، عن سماكٍ، عن ابن عبّاسٍ: كان بينهما سنةٌ. وروى ابن جريرٍ، عن أبي كريبٍ، عن وكيعٍ، عن إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا مهران، عن سفيان، عن قيس بن وهبٍ، عن أبي عبد الرّحمن قال: لمّا نزلت: {يا أيّها المزّمّل} قاموا حولًا حتّى ورمت أقدامهم وسوقهم، حتّى نزلت: {فاقرءوا ما تيسّر منه} قال: فاستراح النّاس.
وكذا قال الحسن البصريّ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: [حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا عبيد اللّه بن عمر القواريريّ، حدّثنا معاذ بن هشامٍ، حدّثنا أبي] عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشامٍ قال: فقلت -يعني لعائشة-: أخبرينا عن قيام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. قالت: ألست تقرأ: {يا أيّها المزّمّل}؟ قلت: بلى. قالت: فإنّها كانت قيام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه، حتّى انتفخت أقدامهم، وحبس آخرها في السّماء ستّة عشر شهرًا، ثمّ نزل.
وقال معمر، عن قتادة: {قم اللّيل إلا قليلا} قاموا حولًا أو حولين، حتّى انتفخت سوقهموأقدامهم فأنزل اللّه تخفيفها بعد في آخر السّورة.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن حميد، حدّثنا يعقوب القمي عن جعفر، عن سعيد -هو ابن جبيرٍ-قال: لمّا أنزل اللّه تعالى على نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {يا أيّها المزّمّل} قال: مكث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على هذه الحال عشر سنين يقوم اللّيل، كما أمره، وكانت طائفةٌ من أصحابه يقومون معه، فأنزل اللّه عليه بعد عشر سنين: {إنّ ربّك يعلم أنّك تقوم أدنى من ثلثي اللّيل ونصفه وثلثه وطائفةٌ من الّذين معك} إلى قوله: {وأقيموا الصّلاة} فخفّف اللّه تعالى عنهم بعد عشر سنين.
ورواه ابن أبي حاتمٍ، عن أبيه، عن عمرو بن رافعٍ، عن يعقوب القمّيّ به.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {يا أيّها المزّمّل قم اللّيل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا [أو زد عليه ورتّل القرآن ترتيلا} فأمر اللّه نبيّه والمؤمنين بقيام اللّيل إلّا قليلًا] فشقّ ذلك على المؤمنين، ثمّ خفّف اللّه عنهم ورحمهم، فأنزل بعد هذا: {علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض} إلى قوله: {فاقرءوا ما تيسّر منه} فوسّع اللّه -وله الحمد-ولم يضيّق). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 252-255]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {واذكر اسم ربّك وتبتّل إليه تبتيلا} أي: أكثر من ذكره، وانقطع إليه، وتفرّغ لعبادته إذا فرغت من أشغالك، وما تحتاج إليه من أمور دنياك، كما قال: {فإذا فرغت فانصب} [الشّرح:7] أي: إذا فرغت من مهامّك فانصب في طاعته وعبادته، لتكون فارغ البال. قاله ابن زيدٍ بمعناه أو قريبٍ منه.
وقال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ، وأبو صالحٍ، وعطيّة، والضّحّاك، والسّدّيّ: {وتبتّل إليه تبتيلا} أي: أخلص له العبادة.
وقال الحسن: اجتهد وبتّل إليه نفسك.
وقال ابن جريرٍ: يقال للعابد: متبتّلٌ، ومنه الحديث المرويّ: أنّه نهى عن التّبتّل، يعني: الانقطاع إلى العبادة وترك التّزوّج). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 255]

تفسير قوله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ربّ المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتّخذه وكيلا} أي: هو المالك المتصرّف في المشارق والمغارب لا إله إلّا هو، وكما أفردته بالعبادة فأفرده بالتّوكّل، {فاتّخذه وكيلا} كما قال في الآية الأخرى: {فاعبده وتوكّل عليه} [هود:123] وكقوله: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} وآياتٌ كثيرةٌ في هذا المعنى، فيها الأمر بإفراد العبادة والطّاعة للّه، وتخصيصه بالتّوكّل عليه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 255]

تفسير قوله تعالى: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرًا جميلًا (10) وذرني والمكذّبين أولي النّعمة ومهّلهم قليلًا (11) إنّ لدينا أنكالًا وجحيمًا (12) وطعامًا ذا غصّةٍ وعذابًا أليمًا (13) يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبًا مهيلًا (14) إنّا أرسلنا إليكم رسولًا شاهدًا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولًا (15) فعصى فرعون الرّسول فأخذناه أخذًا وبيلًا (16) فكيف تتّقون إن كفرتم يومًا يجعل الولدان شيبًا (17) السّماء منفطرٌ به كان وعده مفعولًا (18)}
يقول تعالى آمرًا رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم بالصّبر على ما يقوله من كذّبه من سفهاء قومه، وأن يهجرهم هجرًا جميلًا وهو الّذي لا عتاب معه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 256]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة