العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 02:21 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (116) إلى الآية (117) ]

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116) مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)}

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116)}

قوله تعالى: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 02:29 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (118) إلى الآية (120) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118) هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118)}

قوله تعالى: {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119)}

قوله تعالى: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لا يضرّكم كيدهم شيئًا... (120)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب: (لا يضركم) بكسر الضاد خفيفة. وقرأ الباقون بضم الضاد والراء مشددة.
وروى الحجاج الأعور عن حمزة: (لا يضركم) مثل أبي عمرو.
قال أبو منصور: من قرأ (لا يضرّكم) بالتشديد وضم الضاد والراء فإن شئت جعلته مرفوعا وجعلت (لا) بمنزلة (ليس) فرفعت وأنت مضمر للفاء كما قال الشاعر:
[معاني القراءات وعللها: 1/270]
فإن كان لا يرضيك حتى تردّني... إلى قطريٍّ لا إخالك راضياً
أراد: فإن كان ليس يرضيك فلا إخالك راضياً.
وقال أبو إسحاق: الضم في قوله (لا يضرّكم) هو الاختيار لالتقاء الساكنين.
قال: وكثير من العرب يدغم في موضع الجزم، وأهل الحجاز يظهرون.
قال أبو منصور: والنصب في قوله: (لا يضرّكم) جائز غير أن القراءة سنة، وقرئت بالضم.
قال الزجاج: يجوز (لا يضرّكم) ولا (يضرّكم)، فمن فتح فلأن الفتح خفيف مستعمل في التقاء الساكنين في التضعيف، ومن كسر فعلى أصل التقاء الساكنين.
[معاني القراءات وعللها: 1/271]
ومن قرأ (لا يضركم) فهو من الضّير، يقال: ضاره يضيره ضيرًا، بمعنى: ضرّه يضرّه ضرًّا، والضير والضرّ واحد). [معاني القراءات وعللها: 1/272]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (48- وقوله تعالى: {لا يضركم كيدهم شيئا} [120].
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو بالتخفيف وكسر الضاد.
وقرأ الباقون بالتشديد وضم الضاد والراء، فيكون موضعه رفعًا وجزمًا على مذهب العرب مُدَّ يا هذا، ومُدِّ يا هذا ومُدُّ يا هذا، والأصل: يضرركم، فنقلت الضمة من الراء الأولى إلى الضاد، وأدغمت الراء في الراء، والتشديد من جلل ذلك.
ومن قرأ {لا يضركم} فخفف، أخذه من الضير، كما قال تعالى: {لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/118]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الضّاد وتشديد الرّاء، وكسر الضاد، وتخفيف الراء من قوله تعالى لا يضركم [آل عمران/ 120].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع: (لا يضركم) بكسر الضاد وتخفيف الراء.
وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي: يضركم: بضم الضاد وتشديد الراء. [حدثنا ابن مجاهد قال]: أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله المقرئ عن عبد الرزّاق بن الحسن قال حدثنا: أحمد بن جبير قال: حدثنا حجّاج الأعور عن حمزة أنّه
[الحجة للقراء السبعة: 3/74]
قرأ: (لا يضركم) مثل قراءة أبي عمرو.
قال أبو علي: من قال: (لا يضركم) جعله من ضار يضير مثل باع يبيع وحجّته قوله: قالوا: لا ضير [الشعراء/ 50] فضير مصدر كالبيع.
وقال الهذليّ:
فقلت تحمّل فوق طوقك إنّها... مطبّعة من يأتها لا يضيرها
وحجّة من قال: لا يضركم قوله تعالى: ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم [يونس/ 18] فكلتا القراءتين حسنة لمجيئهما جميعا في التنزيل). [الحجة للقراء السبعة: 3/75]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا}
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو {لا يضركم} بكسر الضّاد وحجتهم قوله {لا ضير إنّا إلى ربنا منقلبون} وكانت في الأصل لا يضيركم مثل يضربكم فاستثقلت الكسرة على الياء فنقلت كسرة الياء إلى الضّاد فصارت لا يضيركم ودخل الجزم على الرّاء فالتقى ساكنان الياء والرّاء فطرحت الياء فصارت {لا يضركم}
وقرأ الباقون {يضركم} بضم الضّاد وتشديد الرّاء وضمّها من ضرّ يضر وحجتهم أن ضرّ في القرآن أكثر من ضار واستعمال العرب ضرّ أكثر من ضار من ذلك {ضرا ولا نفعا} و{نفعا ولا ضرا} وهو كثير في القرآن فلا يصرف عن شيء كثر في القرآن
وأما ضم الرّاء ففيه وجهان عند الكسائي أحدهما أن يكون الفعل
[حجة القراءات: 171]
عنده مجزومًا بجواب الجزاء وتكون المضة في الرّاء تابعة لضمة الضّاد كقولهم مد ومده فأتبعوا الضّم الضّم في المجزوم وكانت في الأصل لا يضرركم ولكن كثيرا من القرّاء والعرب يدغم في موضع الجزم فلمّا أرادوا الإدغام سكنوا الرّاء ونقلوا الضمة الّتي كانت على الضّاد فصارت لا يضرركم ثمّ أدغموا الرّاء في الرّاء وحركوها بحركة الضّاد فصارت لا يضركم فهذه الضمة ضمة إتباع وأهل الحجاز يظهرون التّضعيف وفي هذه الآية جاءت فيها اللغتان جميعًا فقوله {إن تمسسكم حسنة} على لغة أهل الحجاز ولا يضركم على لغة غيرهم من العرب
والوجه الآخر أن يكون الفعل مرفوعا فتصير لا على مذهب ليس وتضمر في الكلام فاء كأنّه قال فليس يضركم والفاء المضمرة تكون جواب الجزاء واستشهد الكسائي على إضمار الفاء ها هنا بقوله {وإن تصبهم سيّئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون} معناه فإذا هم وكذلك قوله {وإن أطعتموهم إنّكم لمشركون} أي فإنّكم لمشركون). [حجة القراءات: 172]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (68- قوله: {لا يضركم} قرأه الكوفيون وابن عامر بفتح الياء والتشديد، وضم الضاد والراء، وقرأ الباقون بفتح الياء، وكسر الضاد، والتخفيف، والجزم، وهما لغتان: ضره ضره، وضاره يضيره، وقال الله جل ذكره: {قالوا لا ضير} «الشعراء 50» فهذا من: ضاره يضيره، وقال: {ما لا يضركم} «يونس 18» فهذا من: ضره يضره، والتشديد كثير في الاستعمال والقراءة، والجزم على جواب الشرط، والضم على إتباع الضم الضم، وهو مجزم أيضًا، حكى النحويون: لم أردها، بضم الدال، وهو مجزوم، لكنه أتبع حركته الدال، لما احتاج إلى تحريكها، حركة ما قبلها، وهو الراء، كذلك فعل في الراء لما احتاج إلى تحريكها، أتبعها ما قبلها، وهو حركة الضاد، وقد قيل: إن ضمة الراء، في قراءة من شدد، إعراب، والفعل مرفوع على إضمار الفاء، وذلك قليل في الكلام، والاختيار التخفيف، لخفته وأنها لغة موازية للتشديد، لأن أهل الحرمين عليه مع أبي عمرو). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/355]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (29- {لَا يَضُرُّكُمْ} [آية/ 120]:-
بكسر الضاد وسكون الراء، قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب.
وهو على هذا من ضار يضير كباع يبيع، فيضركم كيبعكم، وهو جزم على جواب الشرط الذي هو قوله تعالى {وَإِنْ تَصْبِرُوا}.
وقرأ الباقون {لا يَضُرُّكُمْ} بضم الضاد وتشديد الراء وضمها.
وذلك أنه من ضر يضر، ونظيره قوله تعالى {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ}، فيجوز أن يكون جزمًا أيضًا، وضمته للإتباع كضمة مد، ويجوز أن يكون رفعًا على إضمار الفاء، والتقدير: فلا يضركم). [الموضح: 381]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 02:48 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (121) إلى الآية (122) ]

{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121) إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122)}


قوله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121)}

قوله تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 02:50 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (123) إلى الآية (128) ]

{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127) لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123)}

قوله تعالى: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (من الملائكة منزلين (124)
قرأ ابن عامر: (منزّلين) بتشديد الزاي، وخففها الباقون.
قال أبو منصور: هما لغتان: أنزل ونزّل بمعنى واحد). [معاني القراءات وعللها: 1/272]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (49- وقوله تعالى: {من الملائكة منزلين} [124].
قرأ ابن عامر وحده {منزلين}.
وقرأ الباقون بالتخفيف جعلوه اسم المفعولين من أنزلهم الله فهم منزلون. ومن شدد جعله اسم المفعولين من نَزَّلَ. وقال قوم: أنزل ونزَّل بمعنى مثل كرَّم وأَكْرَمَ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/118]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلّهم قرأ منزلين، [آل عمران/ 124] خفيف الزاي غير ابن عامر فإنّه قرأ منزلين مشدد الزاي.
قال أبو علي: حجّة ابن عامر: تنزل الملائكة والروح فيها [القدر/ 4] ألا ترى أنّ [مطاوع نزّل ينزّل نزّلته فتنزّل]، وقوله
[الحجة للقراء السبعة: 3/75]
[جلّ اسمه]: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة [الأنعام/ 111] وحجّة من خفّف قوله: وقالوا لولا أنزل عليه ملك [الأنعام/ 8] ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر [الأنعام/ 8]. ومن حجّة من قرأ: منزلين أنّ الإنزال يعمّ التنزيل وغيره، قال تعالى: وأنزلنا إليك الذكر [النحل/ 44]. وإنا أنزلناه في ليلة القدر [القدر/ 1] وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد [الحديد/ 25] وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج [الزمر/ 6] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/76]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رواه مبارك عن الحسن أنه كان يقرأ: [بِثَلاثَهْ آلافٍ] و[بِخَمْسَهْ آلافٍ]، وَقْفٌ ولا يُجري واحدًا منهما.
قال أبو الفتح: وجهه في العربية ضعيف؛ وذلك أن ثلاثة وخمسة مضافان إلى ما بعدهما، والإضافة تقتضي وصل المضاف بالمضاف إليه؛ لأن الثاني تمام الأول، وهو معه في أكثر الأحوال كالجزء الواحد، وإذا وصلت هذه العلامة للتأنيث فهي تاء لا محالة؛ وذلك أن أصلها التاء، وإنما يبدل منها في الوقف الهاء، وإذا كان كذلك -وهو كذلك- فلا وجه للهاء؛ لأنها من أمارات الوقف، والموضع على ما ذكرنا متقاضٍ للوصل، غير أنه قد جاء عنهم نحو هذا، حكى الفراء أنهم يقولون: أكلت لحمَا شاة، يريدون: لحم شاة، فيمطلون الفتحة فينشئون عنها ألفًا، كما يقولون في الوقف: قالا، يريدون: قال، ثم يمطلون الفتحة فتنشأ عنها الألف، وهذا المطل لا يكون مع الإسراع والاستحثاث؛ إنما يكون مع الروية والتثبت، وأنشد أبو زيد:
مَحْضٌ نِجَارى طيِّب عنصري
[المحتسب: 1/165]
يريد: عُنْصُرِي بتخفيف الراء، غير أنه ثقَّلها كما يفعل في الوقف، نحو: خالدّ وجعفرّ، وإذا جاز أن يُنوى الوقف دون المضمر المجرور، وهو على غاية الحاجة -للفطه عن الانفصال- إلى ما قبله جاز أيضًا أن يعترض هذا التلوم والتمكث دون المظهر المضاف إليه؛ أعني: قوله: "آلاف"؛ بل إذا جاز أن يعترض هذا الفتور والتمادي بين أثناء الحروف من المثال الواحد نحو قوله:
أقول إذ خَرَّت على الكَلْكالِ ... يا ناقتا ما جُلْت من مجالِ
وقوله فيما أَنشدناه:
ينباع من ذفرى غضوب جسرة
يريد: ينبع. وقوله أُنشدناه:
وأنت من الغوائل حين تُرْمى ... ومن ذم الرجال بِمُنْتَزَاح
يريد: منتزَح مُفْتعَل من نزح، كان التأني والتمادي بالمد بين المضاف والمضاف إليه؛ لأنهما في الحقيقة اسمان لا اسم واحد أمثل، ونحوه قراءة الأعرج عن ابن أبي الزناد: [بثلاثهْ آلاف] بسكون الهاء، وقد ذكرناه فيما قبل، فهذا تقوية وعذر لقراءة أبي سعيد، وقد أفردناه في الخصائص بابًا قائمًا برأسه، وذكرناه أيضًا في هذا الكتاب). [المحتسب: 1/166] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين} 124
قرأ ابن عامر {من الملائكة منزلين} بالتّشديد وحجته قوله {لنزلنا عليهم من السّماء ملكا} وهما لغتان نزل وأنزل مثل كرم وأكرم). [حجة القراءات: 172]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (69- قوله: {منزلين} شدده ابن عامر، وقرأه الباقون بالتخفيف، وهما لغتان، من شدده جعله من «نزّل» ومن خففه جعله من «أنزل»، وفي التشديد معنى التكرير، والتخفيف الاختيار لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/355]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (30- {مُنَزَّلِينَ} [آية/ 124]:-
بفتح النون وتشديد الزاي، قرأها ابن عامر وحده.
[الموضح: 381]
ووجهها أن نزل متعدي نزل كأنزل إلا أنه يتضمن التكثير في الغالب، والكثرة ههنا موجودة، فلذلك اختاره، ونظيره {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ}.
وقرأ الباقون {مُنْزَلَينَ} بالتخفيف وسكون النون؛ لأنهم جعلوه من أنزل، والإنزال قد يكون القليل والكثير، إلا أن الكثرة بالتنزيل أخص، والإنزال في القرآن كثير، نحو {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ} و{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ}). [الموضح: 382]

قوله تعالى: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (مسوّمين (125).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب (مسوّمين) بكسر الواو، وفتحها الباقون.
قال أبو منصور: من قرأ (مسوّمين) بالكسر فالمعنى: معلّمين بالسّومة، وهي: العلامة في الحرب، ومن قرأ (مسوّمين) فالمعنى:
[معاني القراءات وعللها: 1/272]
معلّمين، وجائز أن يكون معنى (مسوّمين): قد سوّموا خيلهم، أرسلوها ترعى). [معاني القراءات وعللها: 1/273]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (50- وقوله تعالى: {مسومين} [125].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو، وعاصم بكسر الواو.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/118]
وقرأ الباقون بالفتح، جعلوا التسويم وهو العلامة للخيل، أي أن الملائكة سومت الخيل، أو إذا جعلت الفعل لله وهو الاختيار؛ لأن الملائكة الله سومها، قال الحسن: مسومين مجززة النواصي، وقال مجاهد: جعلت الملائكة في أذان الخيل وأذنابها الصُّوف الأبيض). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/119]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في فتح الواو وكسرها من قوله [جلّ وعز]: مسومين [آل عمران/ 125].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم: مسومين بكسر الواو.
وقرأ الباقون: مسومين بفتح الواو.
قال أبو علي: جاء في التفسير في قوله تعالى: يعرف المجرمون بسيماهم [الرحمن/ 41] أنّه سواد الوجوه وزرقة الأعين. قال أبو زيد: السّومة: العلامة تكون على الشاة ويجعل عليها لون يخالف لونها لتعرّف به. قال أبو علي: فقوله: مسومين من هذا، وهذه العلامة يعلمها الفارس يوم اللقاء ليعرف بها. قال:
[الحجة للقراء السبعة: 3/76]
فتعرّفوني إنّني أنا ذاكم... شاك سلاحي في الحوادث معلم
وقال أبو زيد: سوّم الرجل تسويما فهو مسوّم إذا أغار على القوم إغارة فعاث فيهم. وقال: وسوّمت الخيل تسويما إذا أرسلتها وخلّيتها تخلية. وأمّا من قرأ: مسومين فقال أبو الحسن: لأنّهم هم سوّموا الخيل. قال: ومن قرأ: مسومين فلأنّهم هم سوّموا.
قال: ومسوّمين. يكون معلمين، ويكون مرسلين من قولك:
سوّم فيها الخيل، أي: أرسلها، ومنه السائمة. وذكر بعض شيوخنا أنّ الاختيار عنده الكسر، لما جاء في الخبر أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال يوم بدر: «سوّموا فإنّ الملائكة قد سوّمت» فنسب الفعل إلى الملائكة). [الحجة للقراء السبعة: 3/77]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رواه مبارك عن الحسن أنه كان يقرأ: [بِثَلاثَهْ آلافٍ] و[بِخَمْسَهْ آلافٍ]، وَقْفٌ ولا يُجري واحدًا منهما.
قال أبو الفتح: وجهه في العربية ضعيف؛ وذلك أن ثلاثة وخمسة مضافان إلى ما بعدهما، والإضافة تقتضي وصل المضاف بالمضاف إليه؛ لأن الثاني تمام الأول، وهو معه في أكثر الأحوال كالجزء الواحد، وإذا وصلت هذه العلامة للتأنيث فهي تاء لا محالة؛ وذلك أن أصلها التاء، وإنما يبدل منها في الوقف الهاء، وإذا كان كذلك -وهو كذلك- فلا وجه للهاء؛ لأنها من أمارات الوقف، والموضع على ما ذكرنا متقاضٍ للوصل، غير أنه قد جاء عنهم نحو هذا، حكى الفراء أنهم يقولون: أكلت لحمَا شاة، يريدون: لحم شاة، فيمطلون الفتحة فينشئون عنها ألفًا، كما يقولون في الوقف: قالا، يريدون: قال، ثم يمطلون الفتحة فتنشأ عنها الألف، وهذا المطل لا يكون مع الإسراع والاستحثاث؛ إنما يكون مع الروية والتثبت، وأنشد أبو زيد:
مَحْضٌ نِجَارى طيِّب عنصري
[المحتسب: 1/165]
يريد: عُنْصُرِي بتخفيف الراء، غير أنه ثقَّلها كما يفعل في الوقف، نحو: خالدّ وجعفرّ، وإذا جاز أن يُنوى الوقف دون المضمر المجرور، وهو على غاية الحاجة -للفطه عن الانفصال- إلى ما قبله جاز أيضًا أن يعترض هذا التلوم والتمكث دون المظهر المضاف إليه؛ أعني: قوله: "آلاف"؛ بل إذا جاز أن يعترض هذا الفتور والتمادي بين أثناء الحروف من المثال الواحد نحو قوله:
أقول إذ خَرَّت على الكَلْكالِ ... يا ناقتا ما جُلْت من مجالِ
وقوله فيما أَنشدناه:
ينباع من ذفرى غضوب جسرة
يريد: ينبع. وقوله أُنشدناه:
وأنت من الغوائل حين تُرْمى ... ومن ذم الرجال بِمُنْتَزَاح
يريد: منتزَح مُفْتعَل من نزح، كان التأني والتمادي بالمد بين المضاف والمضاف إليه؛ لأنهما في الحقيقة اسمان لا اسم واحد أمثل، ونحوه قراءة الأعرج عن ابن أبي الزناد: [بثلاثهْ آلاف] بسكون الهاء، وقد ذكرناه فيما قبل، فهذا تقوية وعذر لقراءة أبي سعيد، وقد أفردناه في الخصائص بابًا قائمًا برأسه، وذكرناه أيضًا في هذا الكتاب). [المحتسب: 1/166] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({بخمسة آلاف من الملائكة مسومين} 125
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم {مسومين} بكسر الواو أي معلمين أخذ من السومة وهي العلامة وحجتهم ما جاء في التّفسير قال مجاهد كانوا سوموا نواصي خيولهم بالصوف الأبيض فهم على هذا التّفسير مسومون لأنهم فاعلون
ووردت الأخبار بأن الملائكة نزلت على رسول الله صلى الله عليه معتمين بعمائم صفر فأضافوا الاعتمام إليهم ولم يقل معممين فيكونوا مفعولين وتكون القراةء بفتح الواو وقال رسول الله لأصحابه يوم بدر تسوموا فإن الملائكة قد تسومت
وقرأ الباقون {مسومين} بفتح الواو وحجتهم {منزلين} لما كان فتح الزّاي مجمعا عليه إذ كانوا مفعولين ردوا قوله {مسومين} إذ كانت صفة مثل معنى الأول ففتحوا الواو وجعلوهم مفعولين كما كانوا منزلين فكأنهم أنزلوا مسومين
وقد روي عن عكرمة وقتادة في تفسير ذلك أنّهما قالا فيه عليهم سيما القتال وقال قوم {مسومين} مرسلين تقول العرب لنسومن فيكم الخيل أي لنرسلنها حكى ذلك الكسائي قال وتقول العرب سوم الرجل غلامه أي خلى سبيله فعلى هذا التّأويل يوجه معنى ذلك إلى معنى مرسلين على الكفّار فيكون موافقا المعنى منزلين). [حجة القراءات: 173]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (70- قوله: {مسومين} قرأه ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بكسر الواو، وفتح الباقون.
71- وحجة من كسر الواو أنه أضاف الفعل إلى الملائكة، فأخبر عنهم أنهم سوموا الخيل، والسومة العلامة تكون في الشيء بلون يخالف لونه ليُعرف بها، ويقوي ذلك أنه روي أن النبي عليه السلام قال يوم بدر: «سَوِّموا فإن
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/355]
الملائكة قد سمت» فأضاف الفعل إلى الملائكة، فدلّ ذلك على وجوب كسر الواو في {موسمين}.
72- وحجة من فتح الواو أنه أضاف التسويم إلى غيرهم، على معنى أن غيرهم من الملائكة سومهم، ويجوز أن يكون معنى مسومين من قولك: سومت الخيل، أي أرسلتها ومنه السائمة، فالمعنى: بألف من الملائكة مرسلين، والاختيار الفتح؛ لأن الجماعة عليه، وقد اختار قوم الكسر للحديث المذكور). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/356]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (31- {مُسَومِينَ} [آية/ 125]:-
بكسر الواو، قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب.
والمراد أنهم سوموا خيلهم من السومة والسيمى، وهما العلامة.
وقرأ الباقون «مسمومين» بفتح الواو.
والمعنى معلمين في الحرب، وهو مما ذكرنا.
ويجوز أن يكون المراد مرسلين، من قولهم: سومت السائمة أي أرسلتها.
والقراءة الأولى أولى؛ لأنه قد جاء في الخبر أنه قال يوم بدر: «سوموا فإن الملائكة قد سومت»، وكانت الملائكة سومت يوم بدر بالصوف الأبيض في
[الموضح: 382]
نواصي الخيل وأذنابها). [الموضح: 383]

قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)}

قوله تعالى: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127)}

قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 02:56 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (129) إلى الآية (132) ]

{ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)}


قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (32- {أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آية/ 130]:-
بغير ألف مشددة العين، قرأها ابن كثير وابن عامر ويعقوب، وقرأ الباقون {مُضَاعَفَةَ} بالألف والتخفيف.
يقال: ضاعفت الشيء وضعفته بمعنى واحد، وقد مضى الكلام في مثله). [الموضح: 383]

قوله تعالى: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131)}

قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 02:59 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (133) إلى الآية (138) ]

{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)}

قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربّكم... (133)
قرأ نافع وابن عامرٍ: (سارعوا إلى مغفرةٍ) بغير واو، وكذلك هي في مصاحفهم.
وقرأ الباقون: (وسارعوا) بالواو.
قال أبو منصور: القراءة جائزة بالواو وغير الواو، غير أني أحب القراءة بالواو). [معاني القراءات وعللها: 1/273]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (51- وقوله تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة} [133].
قرأ نافع وابن عامر: (سارعوا) بغير واو.
وقرأ الباقون بواو). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/119]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (أحمد: وكلّهم قرأ: وسارعوا-[آل عمران/ 133] بواو
[الحجة للقراء السبعة: 3/77]
غير نافع وابن عامر فإنّهما قرأ: سارعوا بغير واو، وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة وأهل الشام. وروى أبو عمر الدوري عن الكسائي: وسارعوا وأولئك يسارعون في الخيرات [المؤمنون/ 61] ونسارع لهم في الخيرات [المؤمنون/ 56] بالإمالة في كلّ ذلك.
قال أبو علي: [كلا الأمرين سائغ] مستقيم، فمن قرأ بالواو فلأنّه عطف الجملة على الجملة، والمعطوف عليها قوله: وأطيعوا الله والرسول [آل عمران/ 132] وسارعوا. ومن ترك الواو فلأنّ الجملة الثانية ملتبسة بالأولى مستغنية بالتباسها بها عن عطفها بالواو.
وقد جاء الأمران في التنزيل في قوله: سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم [الكهف/ 22] وقال: ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم [الكهف/ 22] وقال: أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [البقرة/ 39] فهذا على قياس قراءة نافع وابن عامر. وما روي عن الكسائي من إمالة الألف في وسارعوا وأولئك يسارعون ونسارع لهم في الخيرات فالإمالة هنا في الألف حسنة، لوقوع الراء المكسورة بعدها، وكما تمنع المفتوحة الإمالة، فكذلك المكسورة تجلبها). [الحجة للقراء السبعة: 3/78]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وسارعوا إلى مغفرة من ربكم}
قرأ نافع وابن عامر (سارعوا إلى مغفرة من ربكم) بغير واو اتباعا لمصاحفهم
وقرأ الباقون {وسارعوا} بالواو اتباعا لمصاحفهم). [حجة القراءات: 174]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (73- قوله: {وسارعوا} قرأه نافع وابن عامر بغير واو، على الاستئناف والقطع، وكذا هي في مصاحف أهل المدينة وأهل الشام بغير واو، وهو مع الاستئناف ملتبس بما قبله، لأن الضمائر غير مختلفة والمأمورين غير مختلفين. وقرأ الباقون بالواو، على العطف على ما قبله، من قوله: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول} «132» - وسارعوا، وهو عطف جملة على جملة، وكذلك هي في مصاحف أهل الكوفة، وأهل البصرة بالواو). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/356]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (33- {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ} [آية/ 133]:-
بغير واوٍ في أوله، قرأها نافع وابن عامر.
وذلك لأن الجملة الثانية مستغنية عن عطفها بالواو لالتباسها بالجملة الأولى، كقوله تعالى {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ}.
وقرأ الباقون {وَسَارِعُوا} بالواو؛ لأنه عطف جملةٍ على جملةٍ فهو بالواو
[الموضح: 383]
لأنه أداته، والمعطوف عليها قوله {وَأَطِيعُوا الله وَالرَّسُولَ}.
والكسائي أمال السين في {سارعوا} لوقوع الراء المكسورة بعدها، وفتحها الباقون على الأصل). [الموضح: 384]

قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)}

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)}

قوله تعالى: {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)}

قوله تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137)}

قوله تعالى: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:02 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (139) إلى الآية (141) ]

{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)}

قوله تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)}

قوله تعالى: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إن يمسسكم قرحٌ... (140)
[معاني القراءات وعللها: 1/273]
قرأ أبو بكر وحمزة والكسائي: (قرحٌ) بضم القاف، وقرأ الباقون: (قرحٌ) بفتح القاف.
وقال الفراء: القرح: الجرح، والقرح: ألم الجرح.
وقال الزجاج: القرح والقرح واحد، ومعناهما: الجرح، وألمه، ويقال: قرحه قرح، وأصابه قرح). [معاني القراءات وعللها: 1/274]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (52- وقوله تعالى: {إن يمسسكم قرح} [140].
قرأ أهل الكوفة غير حفص {قرح} بضم القاف. وقرأ الباقون وحفص عن عاصم بالفتح.
فقال أكثر النحويين: هما لغتان: القرح والقرح مثل: الجَهْدُ والجُهْدُ، وفرَّق الكسائي بينهما فقال: القَرح: الجراحةُ، والقُرْحُ: ألم الجراحة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/119]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح القاف وضمّها من قوله تعالى: قرح [آل عمران/ 140].
[الحجة للقراء السبعة: 3/78]
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: قرح بفتح القاف في كلّهنّ.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي: قرح* بضم القاف في جميعهنّ. وروى حفص عن عاصم: قرح بالفتح مثل أبي عمرو. وكلّهم أسكن الراء في قرح.
قال أبو علي: قرح وقرح مثل: الضّعف والضّعف، والكره والكره، والفقر والفقر، والدّف والدّف. والشّهد والشّهد. وكأن الفتح أولى لقراءة ابن كثير، ولأنّ لغة أهل الحجاز الأخذ بها أوجب، لأنّ القرآن عليها نزل.
وقال أبو الحسن: قرح، يقرح قرحا، وقرحا، فهذا يدلّ على أنّهما مصدران، وأنّ كلّ واحد منهما بمعنى الآخر.
ومن قال: إنّ القرح الجراحات بأعيانها، والقرح ألم الجراحات قبل ذلك منه إذا أتى فيه برواية، لأنّ ذلك ممّا لا يعلم بالقياس). [الحجة للقراء السبعة: 3/79]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة محمد بن السميفع: [قَرَحٌ] بفتح القاف والراء.
قال أبو الفتح: ظاهر هذا الأمر أن يكون فيه لغتان: قرْح، وقرَح، كالحلْب والحلَب، والطرْد والطرَد، والشل والشلل. وفيه أيضًا قُرْح على فُعْل، يقرأ بهما جميعًا.
[المحتسب: 1/166]
ثم لا أُبْعدُ من بَعْدُ أن تكون الحاء لكونها حرفًا حلقيًّا يفتح ما قبلها كما تفتح نفسها فيما كان ساكنًا من حروف الحلق، نحو قولهم في الصخْر: الصخَر، والنعْل: النعَل. ولعمري، إن هذا عند أصحابنا ليس أمرًا راجعًا إلى حرف الحلق؛ لكنها لغات، وأنا أرى في هذا رأي البغداديين في أن حرف الحلق يؤثر هنا من الفتح أثرًا معتدًّا معتمدًا؛ فلقد رأيت كثيرًا من عقيل لا أحصيهم يحرك من ذلك ما لا يتحرك أبدًا لولا حرف الحلق، وهو قول بعضهم: نَحَوَه، يريد: نَحْوه، وهذا ما لا توقف في أنه أمر راجع إلى حرف الحلق؛ لأن الكلمة بنيت عليه ألبتة، ألا ترى أن لو كان هذا هكذا لوجب أن يقال: نحاة؛ لأنه فَعَلٌ مما لامُه واو، فيجري مجرى عصاة وفتاة.
نعم، وسمعت الشجري يقول في بعض كلامه: أنا مَحَموم، بفتح الحاء. وقال مرة وقد رسم له الطبيب أن يمص التفاح ويرمي بثُفْله فلم يفعل ذلك، فأنكره الطبيب عليه، فقال: إني لأبغي مصه وعِلْيَته تَغَذُو، يريد: تَغْذُو، ولا قرابة بيني وبين البصريين؛ لكنها بيني وبين الحق، والحمد لله، ويكون فتح الحاء من القَرَح لها ما قبلها كفتحها لها عين الفعل المضارع، نحو: يسنَح ويسفَح ويسمَح.
ويُؤنِّس بذلك أن هذه الحروف حلقية، فضارعت بذلك الألف التي لا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا، وهذا قدر ما يتعلَّل به، إلا أن الاختيار أن تكون "القَرَح" لغة). [المحتسب: 1/167]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله}
قرأ حمزة والكسائيّ وابو بكر {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله} بضم القاف فيهما وقرأ الباقون بالفتح فيهما
قال الفراء كأن القرح بالضّمّ ألم الجراحات وكأن القرح الجراح بأعيانها وقال الكسائي هما لغتان مثل الضعف والضعف والفقر والفقر وأولى القولين بالصّواب قول الفراء لتصييرهما لمعنيين والدّليل على ذلك قول الله جلّ وعز حين أساهم بهم في موضع آخر بما دلّ على أنه أراد الألم فقال ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنّهم يألمون كما تألمون فدلّ ذلك على أنه اراد إن يمسسكم ألم من أيدي القوم فإن بهم من ذلك مثل ما بكم). [حجة القراءات: 174]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (74- قوله: {قرح} قرأ حمزة وأبو بكر والكسائي بضم القاف، على أنها ألم الجراحات، وقرأ الباقون بالفتح، على أنها الجراحات بعينها وأكثر الناس على أن القراءتين بمعنى الجراحات بلغتين كـ الضَعف والضُعف، والكَره والكُره، وقال الأخفش: هما مصدران لـ «قَرح قَرحًا وقُرحًا»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/356]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (34- {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ} [آية/ 140]، و{القُرْح}
بضم القاف، قرأها حمزة والكسائي وياش- عن عاصم.
وقرأ الباقون {قَرْح} و{القَرْح} بفتح القاف.
(والقرح) والقرح لغتان كالضعف والضعف والفقر والفقر، والفتح لغة أهل الحجاز، والأخذ بها أولى.
وقال الفراء: هو بالفتح: الجرح، وبالضم: ألم الجرح). [الموضح: 384]

قوله تعالى: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:04 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (142) إلى الآية (145) ]

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)}

قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة إبراهيم: [مِنْ قَبْلِ أَنْ تُلاقُوه].
قال أبو الفتح: وجه ذلك أنك إذا لقيتَ الشيء فقد لقيَك هو أيضًا، فلما كان كذلك دخله معنى المفاعلة؛ كالمضاربة والمقاتلة، وقد جاء ذلك عينه في هذه اللفظة عينها، قالت امرأة:
هل الَّا الموت يغلي غاليهْ ... مختلطًا سافله بعاليهْ
لا بد يومًا أنني ملاقيهْ
فأما ما قرأته على أبي علي في نوادر أبي زيد من قوله:
فارقَنا قبل أن نفارقه ... لما قضى من جماعنا وطَرا
[المحتسب: 1/167]
فظاهره إلى التناقض؛ لأنا إذا فارقَنا فقد فارقْناه لا محالة، فما معنى قوله بعد: قبل أن نفارقه؟ وهو عندنا على إقامة المسبب مقام السبب في تفسيره: فارقَنا قبل أن نريد فراقه، فوضع المفارقة وهي المسبب موضع الإرادة لها وهي السبب؛ وذلك لقرب أحدهما من صاحبه.
ومثله قوله الله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} أي: إذا أردت القراءة، وهو كثير قد مر في هذا الكتاب، وقد أفردنا له في الخصائص بابًا قائمًا برأسه). [المحتسب: 1/168]

قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة حطان بن عبد الله: [وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ رُسُل]، وكذلك هي في مصحف ابن مسعود.
قال أبو الفتح: هذه القراءة حسنة في معناها؛ وذلك أنه موضع اقتصاد بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وإعلام أنه لا يلزم ذمته ممن يخالفه تبعة؛ لقوله تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}، وقوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}، وقوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، وقوله: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ}.
ومعلوم أن "إنما" موضوعة للاقتصاد والتقليد، ألا ترى إلى قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}؟ فهذا كقوله: {مَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ}، وقوله: {وَقَلِيل مَا هُمْ}، وقوله: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}. فلما كان موضع اقتصاد به، وفكٍّ ليد الذم عن ذمته، وكان من مضى من الأنبياء -عليهم السلام- في هذا المعنى مثله، لاق بالحال تنكير ذكرهم بقوله: [قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ رُسُلُ].
وذلك أن التنكير ضرب من الكف والتصغير، كما أن التعريف ضرب من الإعلام والتشريف، ألا ترى إلى قوله:
فمن أنتم إنانسينا من أنتم ... وريحكم من أي ريح الأعاصر
[المحتسب: 1/168]
فأين هذا من قوله:
هذا الذي تَعْرِف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم؟
ولهذا قال:
من حديث نَمَى إليَّ فما أطـ ... ـعَمُ غُمْضًا ولا ألذ شرابي
فنكَّر الغمض احتقارًا له إذ كان لا يعرفه، وعرَّف الشراب إذ كان لا بد أن يشرب وإن قل. قال:
على كل حال يأكل المرء زادَه ... من الضر والبأساء والحدَثان
ولأجل ذلك لم تندب العرب المبهم ولا النكرة لاحتقارها، وإنما تندب بأشهر أسماء المندوب؛ ليكون ذلك عذرًا لها في اختلاطها وتفجعها، ويؤكده أيضًا قوله تعالى: {مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}، فجرى قوله سبحانه: [وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ رُسُلُ] مجرى قولك لصاحبك: اخدم كما خَدَمَنَا غيرُك من قبلك ولا تبعة عليك بعد ذلك، فهذا إذن موضع إسماح له، فلا بد إذن من إلانة ذكره، وعليه جاء قوله تعالى: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ} فأضاف سبحانه من عذرهم، وأعلَمَ ألا متعلق عليه بشيء من أمرهم، فلهذا حسن تنكير "رسل" هاهنا، والله أعلم.
وأما من قرأ: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} فوجه تعريفهم ومعناه: أنكم قد عرفتم حال مَن قبله من الرسل في أنهم لم يطالبوا بأفعال مَن خالفهم، وكذلك هو صلى الله عليه وسلم، فلما كان موضع تنبيه لهم كان الأليق به أو يومئ إلى أمر معروف عندهم). [المحتسب: 1/169]

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعمش، فيما رواه القطعي عن أبي زيد عن المفضَّل عن الأعمش: [ومَن
[المحتسب: 1/169]
يُرِدْ ثواب الدنيا يُوتِه منه ومَن يُرِدْ ثوابَ الآخرة يُوتِه منها وسنجزي الشاكرين] بالياء فيهما.
قال أبو الفتح: وجهه على إضمار الفاعل لدلالة الحال عليه؛ أي: يوته الله، يدل على ذلك قراءة الجماعة: {نُؤْتِهِ مِنْهَا} بالنون.
وحديث إضمار الفاعل للدلالة عليه واسعٌ فاشٍ عنهم، منه حكاية الكتاب أنهم يقولون: إذا كان غدًا فائتني؛ أي: إذا كان ما نحن عليه من البلاء في غد فائتني، ومثله حكايته أيضًا:
مَن كذب كان شرًّا له؛ أي: كان الكذب شرًّا له. وعليه قول الآخر:
ومجوَّفات قد علا ألوانها ... أسآر جُرد مُتْرَصاتٍ كالنَّوَى
أي: قد علا التجويف ألوانَها. وقول الآخر:
إذا نُهِيَ السفيهُ جرى إليه ... وخالَف والسفيهُ إلى خلاف
وكما أضمر المصدر مجرورًا؛ أعني: الهاء في إليه -يعني إلى السفه- كذلك أيضًا أضمره مرفوعًا بفعله). [المحتسب: 1/170]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:06 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (146) إلى الآية (148) ]

{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)}

قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وكأيّن من نبيٍّ قاتل معه... (146)
قرأ ابن كثير: (وكائن) الهمز بين الألف والنون، بوزن (كاعن)، وقرأ الباقون: (وكأيّن) الهمزة بين الكاف والياء.
وذكر عن يعقوب أنه كان يقف: (وكأي) قال: ومعناه: وكم من نبيٍّ
[معاني القراءات وعللها: 1/274]
قال أبو منصور: هما لغتان قرئ بهما (وكأيّن) بتشديد الياء بوزن (وكعيّن)، واللغة الثانية (وكائن) بوزن (كاعن)، والمعنى واحد.
وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال في تفسير (كأيّن): الكاف زائدة مدخلة على أي، قال: والكاف معناه: التشبيه، كما تقول: كعمرو.
قال: ومن قرأ (كأيّن) فهو من كيب عن الأمر، أي: حببت.
قال: ومعناها: كم. وكم بمعنى الكثرة). [معاني القراءات وعللها: 1/275]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قتل... (146)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب على (فعل).
وقرأ الباقون (قاتل) على (فاعل).
قال أبو منصور: والقراءتان جيدتان، إلا أن (قتل) مفعول، و(قاتل) فاعل). [معاني القراءات وعللها: 1/275]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (52- وقوله تعالى: {وكأين من نبي قاتل معه} [146].
قرأ ابن كثير وحده (كائن) على وزن كاعن.
قرأ الباقون: (وكأي) على وزن كحي.
فمن قرأ كذلك وقف بالياء مشددًا، وهما لغتان بمعنى «كم»، تقول العرب: كم مالك؟ وكائن مالك؟ وكأين مالك؟). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/120]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (53- وقوله تعالى: {قاتل معه} [146].
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو {قتل معه}.
وقرأ الباقون {قاتل} بألف، فمن قرأ {قُتِلَ} وقف عليه وابتدأ بما بعده، وحجّته أن الله تعالى مدح أممًا قُتِلَ عنهم نبيهم فما ضَعُفُوا لما أصابهم من قتل نبيهم، وما استكانوا.
وحجة من قرأ {قاتل} قال: إذا مدح الله تعالى من لم يُقاتل مع نبيه، كان من قاتل مع نبيه أمدح وأمدح). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/120]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الهمز من قوله تعالى كأين [آل عمران/ 146].
[الحجة للقراء السبعة: 3/79]
فقرأ ابن كثير وحده: وكائن* الهمزة بين الألف والنون في وزن كاعن.
وقرأ الباقون: وكأي الهمزة بين الكاف والياء، والياء مشدّدة في وزن كعيّ.
قال أبو علي: كنّا رأينا قديما في قولهم: وكائن وأكثر ما يجيء في الشعر كقول الشاعر: [كما أنشده سيبويه]:
وكائن رددنا عنكم من مدجّج... يجيء أمام القوم يردي مقنّعا
وكقوله:
وكائن إليكم قاد من رأس فتنة... جنودا وأمثال الجبال كتائبه
وقول جرير:.
وكائن بالأباطح من صديق... يراني لو أصبت المصابا
[الحجة للقراء السبعة: 3/80]
وكائن على وزن كاعن، كان الأصل فيه كأيّ دخلت الكاف على أيّ كما دخلت على (ذا) من (كذا) و (أنّ) من (كأنّ)، وكثر استعمال الكلمة فصارت ككلمة واحدة، فقلب قلب الكلمة الواحدة، كما فعل ذلك في قولهم: لعمري ورعملي، حكي لنا عن أحمد بن يحيى، فصار كيّإن [مثل كيّع] فحذفت الياء الثانية كما حذفت في كينونة فصار كيء بعد الحذف، ثمّ أبدلت من الياء الألف كما أبدل من طائيّ، وكما أبدلت من «آية» عند سيبويه، وكانت «أيّة». وقد حذفت الياء من أيّ في قول الفرزدق:
تنظّرت نصرا والسّماكين أيهما... عليّ من الغيث استهلّت مواطره
ومن قول الآخر: «بيّض.. ».
فحذف الياء الثانية من أيّ أيضا. فأمّا النون في أيّ، فهي التنوين الداخل على الكلمة مع الجرّ، فإذا كان كذلك، فالقياس إذا وقفت عليه (كاء) فتسكن الهمزة المجرورة للوقف، وقياس من
[الحجة للقراء السبعة: 3/81]
قال: مررت بزيدي أن يقول: كائي، فيبدل منه الياء. ولو قال قائل: إنّه بالقلب الذي حدث في الكلمة، صارت بمنزلة النون التي من نفس الكلمة، فصار بمنزلة لام فاعل فأقرّه نونا في الوقف، وأجعله بمنزلة ما هو من نفس الكلمة، كما جعلت التي في «لدن» بمنزلة التنوين الزائد في قول من قال: لدن غدوة لكان قولا.
ويقوّي ذلك أنّهم لمّا حذفوا الكلام في قولهم: إما لا جعلوها بالحذف ككلمة واحدة حتى أجازوا الإمالة في ألف لا* كما أجازوها في التي تكون من نفس الكلمة في الأسماء والأفعال.
وسمعت أبا إسحاق يقول: إنّها تقال ممالة فجعل القلب في كائن بمنزلة الحذف في إما لاجتماعهما في التغيير، لكان قولا، فيقف على كائن بالنون، ولا يقف على النون إذا لم تقلب، كما لا تميل الألف في لا* إذا لم تحذف معها). [الحجة للقراء السبعة: 3/82]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ القاف وفتحها وإدخال الألف وإسقاطها من قوله تعالى: قتل معه [آل عمران/ 146].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع قتل معه [آل عمران/ 146] بضم القاف بغير ألف.
وقرأ الباقون: قاتل بفتح القاف وبألف.
[الحجة للقراء السبعة: 3/82]
[قال أبو علي]: أمّا قتل فيجوز أن يكون مسندا إلى ضمير أحد اسمين إلى ضمير «نبي»، والدّليل على جواز إسناده إلى هذا الضمير أنّ هذه الآية في معنى قوله: أفإن مات أو قتل انقلبتم [آل عمران/ 144] وروي عن الحسن أنّه قال: «ما قتل نبي في حرب قطّ» وقال ابن عباس في قوله: وما كان لنبي أن يغل [آل عمران/ 161]: «قد كان النبيّ يقتل فكيف لا يخوّن» ! والذي في الآية من قوله: قتل لم يذكر أنّه في حرب.
فإذا أسند قتل إلى هذا الضمير احتمل قوله: معه ربيون أمرين:
أحدهما: أن يكون صفة لنبي، فإذا قدّرته هذا التقدير كان قوله: ربّيون: مرتفعا بالظرف بلا خلاف. والآخر: أن لا تجعله صفة ولكن حالا من الضمير الذي في قتل، فإن جعلته صفة كان الضمير الذي في معه* المجرور، لنبيّ، وإن جعلته حالا كان الضمير الذي في معه* يعود إلى الذكر المرفوع الذي في قتل، والاسم الآخر الذي يجوز أن يسند إليه قتل ربّيّون فيكون قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 3/83]
معه* على هذا التقدير معلّقا بقتل، وعلى القولين الآخرين اللذين هما: الصفة والحال متعلّقا في الأصل بمحذوف، وكذلك من قرأ:
قاتل فهو يجوز فيه ما جاز في قراءة من قرأ قتل*:
والرّبيون: الذين يعبدون الرّبّ، واحدهم ربّي. هكذا فسره أبو الحسن، وقيل فيه: إنه منسوب إلى علم الربّ وكذا الربّانيّون.
وحجّة من قرأ: قتل* أنّ هذا الكلام اقتصاص ما جرى عليه سير أمم الأنبياء قبلهم ليتأسوا بهم، وقد قال: أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم [آل عمران/ 144] وحجّة من قرأ: قاتل أن المقاتل قد مدح كما مدح المقتول فقال: وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم [آل عمران/ 195]. فمن أسند الضمير الذي في قتل إلى نبي كان قوله: فما وهنوا [آل عمران/ 146] أي: ما وهن الرّبيون، ومن أسند الفعل إلى الربّيين دون ضمير نبي كان معنى: فما وهنوا ما وهن باقيهم بعد من قتل منهم في سبيل الله، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. ومن جعل قوله: معه ربيون صفة أضمر للمبتدإ الذي هو كأيّ خبرا، وموضع الكاف الجارّة في كأيّ مع المجرور: رفع، كما أنّ موضع الكاف في قوله: له كذا وكذا: رفع، ولا معنى للتشبيه فيها، كما أنّه لا معنى للتشبيه في كذا وكذا). [الحجة للقراء السبعة: 3/84]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن محيصن والأشهب والأعمش: [وكَأْيٍ] بهمزة بعد الكاف ساكنة، وياء بعدها مكسورة خفيفة، ونون بعدها، في وزن كَعْيٍ.
قال أبو الفتح: فيها أربع لغات: كأَيّ، وكاءٍ، وكأْي -وهي هذه القراءة- وَكَاءٍ في وزن كَعٍ.
ثم اعلم أن أصل ذلك كله {كأَيٍّ} في معنى كم كأكثر القراءة [وكأَيٍّ من قرية]، وهي أَيٌّ دخلت عليها كان الجر، فحدث لها من بعد معنى كم، ولهذه الكاف الجارة حديث طويل في دخولها وفيها معنى التشبيه، وفي دخولها عارية من التشبيه، نحو: كأن زيدًا عمرو، وله كذا وكذا درهمًا، وكأَيٍّ من رجل، ثم إنها لما كثر استعمالها لها تلعبت بها العرب كأشياء يكثر تصرفها فيها لكثرة نقطها بها، فقَدَّمت الياء المشددة على الهمزة فصارت كَيَّأٍ بوزن كَيَّع،
[المحتسب: 1/170]
ثم حذفت الياء المتحركة تشبيهًا لها بسيَّد وميت؛ فصارت [كَيْءٍ] بوزن كَيْعٍ، ثم قلبت الياء ألفًا وإن كانت ساكنة، كما قبلت في ييئس فقيل: ياءس؛ فصارت كاءٍ بوزن كَاعٍ.
وذهب يونس في "كاء" إلى أنه فاعل من الكون، وهذا يبعد؛ لأنه لو كان كذلك لوجب إعرابه؛ إذ لا مانع له من الإعراب.
وأما كأْي بوزن كَعْي، فهو مقلوب كَيْء الذي هو أصل كاء، وجاز قلبه لأمرين:
أحدهما: كثرة التلعب بهذه الكلمة.
والآخر: مراجعة أصل، ألا ترى أن أصل الكلمة كأي؟ فالهمزة إذن قيل الياء. وأما كَأٍ بوزن كَعٍ فمحذوفة من كَاءٍ، وجاز حذف الألف لكثرة الاستعمال، كما قال الراجز:
أصبح قلبي صَرِدا ... لا يشتهي أن يردا
إلا عرادا عردا ... وصلِّيانا بردا
وعَنْكَثًا ملتبِدا
يريد: عاردًا وباردًا. ألا ترى إلى قول أبي النجم:
كأن في الفُرْش العَرَادَ العاردا
وكما قالوا: أَمَ والله لقد كان كذا، يريد أَما، وحَذف الألف.
فإن قلت: فما مثال هذه الكلم من الفعل فإن كَأَيٍّ مثاله كفَعْل؛ وذلك أن الكاف زائدة، ومثال أَيٍّ فَعْل كطَيٍّ وزَيٍّ، مصدر طويت وزويت، وأصل أي أوى؛ لأنها فَعْلٌ من أويت، ووجه التقائها أن "أي" أين وقعت فهي بعض من كل، وهذا هو معنى أَوَيْتُ؛ وذلك أن معنى أويت إلى الشيء تساندت إليه، قال أبو النجم:
يأوي ألى مُلْط له وكَلْكَلِ
أي: يتساند هذا العير إلى ملاطيه وكلكله.
[المحتسب: 1/171]
ونحوه قول طفيل الغنوي:
وآلت إلى أجوازها وتَقَلْقَلت ... قلائد في أعناقها لم تُقَضَّب
فمعنى آلت: أي رجعت، والآوي إلى الشيء: معتصم به وراجع إليه، هذا طريق الاشتقاق.
وأما القياس فكذلك أيضًا؛ وذلك أن باب أويت وطويت وشويت مما عينه واو ولامه ياء أكثر من باب حيِيت وعَيِيت مما عينه ولامه ياءان، ولو نَسبتَ إلى "أَيّ" لقلت: أَوَويّ، كما أنك لو نسبت إلى طيّ ولَيّ لقلت: طَوَوِيّ ولَوَوِيّ، وكذلك لو أضفت إلى الري لكان قياسه رَوَويّ. وأما قولهم: رازِيّ، فشاذ بمنزلة كلابِزِي وإصطخْرِزي.
وأما "كَاءٍ" فوزنه كعف وأصله "كَيَّأٍ"، ومثاله كعلَف، فحذفت الياء الثانية وهي لام الفعل، كما حذفت الثانية من ميت، فبقي كَيْء، ووزنه كَعْف، وقَلْبُ الياء ألفًا لا يخرجها أن تكون كما كانت عينًا، ألا ترى أن وزن قام في الأصل فعل لأنه قوم، ومثال قام في اللفظ فَعْل؟ فالألف عين كما كانت الواو التي الألف بدل منها عينًا، وأيًّا كان مثال "كأي" فإنه كفع؛ لأن الهمزة التي هي فاء عادت إلى مكانها من التقدم.
وأما "كَأٍ" بوزن كَعٍ فإنه كف، والعين واللام محذوفتان.
فإن قيل: لَمَّا حذفت الياء الثانية من "كَيَّأٍ" هلا رددت الواو على مذهبك؛ لأنه قد زالت الياء التي قُلبت لها العين قبلها ياء فقدرته كَوْءٍ.
قيل: لما تُلُعِّب بالكلمة تُنوسى أصلها فصارت الياء كأنها أصل في الحرف، ودعانا إلى اعتماد هذا وإن لم تظهر الياء إلى اللفظ أن الألف أُبدلت منها وهي ساكنة، وقلب الألف من الياء الساكنة أضعاف قلبها من الواو الساكنة، ألا تراهم قالوا: حاحيت وعاعيت وهاهيت، وأصلها: حيحيت وعيعيت وهيهيت، فقلبت الياء ألفًا؟
نعم، وقلبوها مكسورًا ما قبلها ألفًا، فقالوا في الحِيرة: حَارِي، كما قالوا في المفتوح
[المحتسب: 1/172]
ما قبلها: طائي، وقالوا: ضرب عليه سَاية، وهي فَعْلَة من سوَّيت، يُعْنى به الطريق، وأصلها سَوْيَة، فقلبت الواو ياء لوقوعها ساكنة قبل الياء فصارت سَيّة، ثم قلبت الياء ألفًا فقيل: "ساية"، وهو أولى من أن تكون قلبت الواو من سوية ألفًا قبل القلب والإدغام، وإن أعطيت القول ثني مِقوده طال وطغى وأَمَلَّ وتمادى). [المحتسب: 1/173]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة قتادة: [وكَأَي من نبي قُتِّل معه ربيون كثير] مشددة.
قال أبو الفتح: في هذه القراءة دلالة على أن مَن قرأ مِن السبعة [قُتل] أو {قاتل معه ربيون}، فإن {ربيون} مرفوع في قراءته بقُتِل أو قاتل، وليس مرفوعًا بالابتداء ولا بالظرف الذي هو معه، كقولك: مررت برجل يَقْرأُ عليه سلاح، ألا ترى أنه لا يجوز كم نبي قُتِّل بتشديد التاء على فُعِّل؟ فلا بد إذن أن يكون ربيون مرفوعًا بقتِّل، وهذا واضح.
فإن قلت: فهلا جاز فُعِّل حملًا على معنى كم؟
قيل: لو انصُرِف عن اللفظ إلى المعنى لم يحسن العود من بعد إلى اللفظ، وقد قال تعالى كما تراه: "معه"، ولم يقل: معهم، فافهم ذلك). [المحتسب: 1/173]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي وابن مسعود وابن عباس وعكرمة والحسن وأبي رجاء وعمرو بن عبيد وعطاء بن السائب: [رُبِّيون] بضم الراء، وقرأ بفتحها ابن عباس فيما رواه قتاده عنه.
قال أبو الفتح: الضم في [رُبِّيون] تميمية، والكسر ايضًا لغة. قال يونس: الرُّبَّة: الجماعة. وكان الحسن يقول: الرِّبِّيون: العلماء الصُّبُر. قال قطرب: والجماعة أيضًا مع يونس؛ أي: فرق وجماعات.
[المحتسب: 1/173]
وكان ابن عباس يقول: الواحدة رِبْوَة، وهي عنده عشرة آلاف، وأنكرها قطرب، قال: لدخول الواو في الكلمة، وهذا لا يلزم؛ لأنه يجوز أن يكون بنَى من الرِّبوة فعِّيلًا كبطيخ، فصار رِبِّيّ، ومثله من عزوت عِزِّي، ثم جمع فقيل: رِبِّيون، وأما رَبيون بفتح الراء، فيكون الواحد منها منسوبًا إلى الرَّب، ويشهد لهذا قول الحسن: إنهم العلماء الصُّبُر، وليس ننكر أيضًا أن يكون أراد رِبيون ورُبيون، ثم غيَّر الأول لياء الإضافة كقولهم في أمس: إمسي). [المحتسب: 1/174]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [فَمَا وَهِنُوا] بكسر الهاء.
قال أبو الفتح: فيه لغتان: وهَن يهِن، ووهِن يوهَن، وقولهم في المصدر: الوهَن بفتح الهاء يُؤنِّس بكسر الهاء من "وهِن"، فيكون كفرِق فرَقًا وحذر حذرًا. وحدثنا أبو علي أن أبا زيد حكى فيه كسر الهاء في الماضي، وقولهم فيه: الوَهْن، بسكون الهاء يؤنس بفتح عين الماضي كفَتَر فَتْرُا). [المحتسب: 1/174]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله} 146
قرأ ابن كثير (وكائن من نبي) على وزن كاعن وحجته قول الشّاعر
وكائن بالأباطح من صديق ... يراني لو أصبت هو المصابا
[حجة القراءات: 174]
وقرأ الباقون {وكأين} على وزن كعين وحجتهم قول الشّاعر
كاين في المعاشر من أناس ... أخوهم فوقهم وهم كرام
وهما لغتان جيدتان يقرأ بهما وكان أبو عمرو يقف على (وكأي) على الياء في قول عبيد الله بن محمّد عن أخيه وعمه عن اليزيدي عن أبي عمرو وقال بعض علمائنا كأنّهم ذهبوا إلى أنّها كانت في الأصل أي مشدّدة زيدت عليها كاف والباقون يقفون {وكأين} بالنّون وحجتهم أن النّون أثبتت في المصاحف للتنوين الّذي في أي ونون التّنوين لم يثبت في القرآن إلّا في هذا الحرف
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو (وكأين من نبي قتل) بضم القاف وكسر التّاء أي وكم من نبي قتل قبل محمّد صلى الله عليه ومعه ربيون كثير وحجتهم أن ذلك أنزل معاتبة لمن أدبر عن القتال يوم أحد إذ صاح الصائح قتل محمّد صلى الله عليه فلمّا تراجعوا كان اعتذارهم أن قالوا سمعنا قتل محمّد فأنزل الله {وما محمّد إلّا رسول قد خلت من قبله الرّسل أفإن مات أو قتل انقلبتم} ثمّ قال بعد ذلك وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير أي جموع كثير فما تضعضع الجموع وما وهنوا لكن قاتلوا وصبروا فكذلك أنتم كان يجب عليكم ألا تهنوا لو قتل نبيكم فكيف ولم يقتل
وقرأ الباقون {قاتل معه} وحجتهم قوله {فما وهنوا} قالوا لأنهم لو قتلوا لم يكن لقوله {فما وهنوا} وجه معروف لأنّه يستحيل أن يوصفوا بأنّهم لم يهنوا بعدما قتلوا وكان ابن مسعود يقول {قاتل} ألا ترى
[حجة القراءات: 175]
أنه يقول {فما وهنوا لما أصابهم} وحجّة أخرى أنه قاتل أبلغ في مدح الجميع من معنى قتل لن الله إذا مدح من قتل خاصّة دون من قاتل لم يدخل في المديح غيرهم فمدح من قاتل أعم للجميع من مدح من قتل دون من قاتل لأن الجميع داخلون في الفضل وإن كانوا متفاضلين). [حجة القراءات: 176]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (75- قوله: {وكأين} قرأه ابن كثير بهمزة مكسورة، بين النون والألف، من غير ياء على وزن «وكاعن»، ولابد من المد، وقرأ الباقون بهمزة مفتوحة بعد الكاف، وبياء مشددة مكسورة على وزن «كعين».
76- ووجه قراءة ابن كثير فيه إشكال، وذلك أن الأصل فيه «كأي» بكاف دخلت على «أي»، لكن كثر استعمالها بمعنى «كم» التي للتكثير، فجعلت كلمة واحدة، فوقع فيها من القلب ما يقع في الكلمة الواحدة، فقلبت الياء المشددة المكسورة في موضع الهمزة، وردت الهمزة في موضع الياء، فصارت «كيئن» مثل «كيعِن» فحذفت الياء الثانية استخفافًا، كما حذفت في «كينونة» واصله «كينونة» فصارت بعد الحذف «كيين» على وزن «فيعل» فأبدلت من الياء الساكنة ألف، كما أبدلوا في «آية» وأصلها عند جماعة النحويين «آية» وهو مذهب سيبويه، وكما قالوا: طائي، والأصل «طيي» بياءين مشددتين؛ لأنه يُنسب إلى «طي»، لكن أبدلوا من الياء الأولى الساكنة ألفًا، فوقعت الياء الثانية بعد ألف زائدة، فأبدلوا منها همزة، كما فعلوا بـ «سقاء وكساء» بل الهمزة فيهما، وفي نحوهما، بدل من ياء، لوقوعها بعد ألف زائدة، فصار بعد القلب والبدل «كأين» كـ «فاعل» من الكون، وأصل النون تنوين، دخل على «أي» لكن لما دخله القلب والبدل، وجعل كلمة واحدة بمعنى «كم» صار التنوين كالنون الأصلية، كما قالوا: لدن غدوة، فنصبوا، جعلوا النون كالتنوين، الذي لا يكون مع إثباته الخفض، فالوجه أن يوقف عليه بالنون، لما ذكرنا، ولأنها نون في المصحف، وقد حكي عن الخليل أنه قال في قراءة ابن كثير: إن الأصل كأي، ثم قدّمت إحدى الياءين في موضع
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/357]
الهمزة، فتحركت بالفتح، كما كانت حركة الهمزة فقلبت ألفًا، وصارت الهمزة ساكنة كما كانت الياء ساكنة، فاجتمع ساكنان الألف والهمزة، فكسرت الهمزة لالتقاء الساكنين، وبقيت إحدى الياءين متطرفة، فزالت حركتها، كما تذهب من «قاض» في الرفع والخفض، فتبقى الياء ساكنة، والتنوين ساكن، فتحذف الياء لالتقاء الساكنين، فتصر كـ «فاعل» من: جاء وشاء تقول: جاءٍ وشاءٍ في الرفع والخفض كـ« قاض وعال»، ويجب على هذا القول أن يوقف عليه بغير نون، وقد روي ذلك عن أبي عمرو، والعمل على الوقف عليه بالنون، في جميع القراءات، اتباعًا لخط المصحف، وقد قيل: قراءة ابن كثير محمولة على أنه فاعل من «الكون»، وهو بعيد في المعنى؛ لأنه لا يدل على «كم» وأيضًا فإن بعده «من» لازمة له، و«من» لا تصحب «كأن» ولا تلزمها وأيضًا فإنه، لو كان فاعلًا من الكون، لأعرب، ولم يبين على السكون.
77- ووجه القراءة بتشديد الياء، وتقديم الهمزة، أنها «أي» دخلت عليها كاف التشبيه، وكثر استعمالها بمعنى «كم» فجعلت كلمة واحدة، وجعل التنوين نونًا أصلية، فوقف عليها بالنون، وقد كان قياسًا أن يوقف بغير نون، كما يوقف على «أي» حيث وقعت، و«كأين» في القراءتين في موضع رفع بالابتداء، و«قتل معه ربيون» الخبر إلا أن تجعل «قتل معه ربيون» صفة لـ «نبي»، فتضمر خبرًا لـ «كأين» وتقديره: وكأين من نبي هذه صفته في الدنيا أو مضى، ونحو ذلك من الإضمار، وليس للتشبيه في الآية لـ «كأين» معنى؛ لأن الكاف قد جعلت مع أي كلمة واحدة، ونقلت عن معنى التشبيه إلى معنى «كم» التي للتكثير ولزمتها «من»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/358]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (78- قوله: {قاتل معه} قرأه الكوفيون وابن عامر بألف، من القتال، وقرأه الباقون «قتل»، من القتل.
79- ووجه القراءة بالألف أنه يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون قد أسند الفعل الذي هو القتال إلى النبي عليه السلام، ويكون {معه ربيون} ابتداء وخبرا، وترفع {ربيون} بالظرف، والجملة صفة لـ {نبي} في الموضعين، ويجوز أن تكون الجملة في موضع الحال من المضمر في {قاتل} والهاء في {معه} تعود على ذلك المضمر، وإذا جعلته صفة لـ {نبي} كانت تعود على {نبي}، ودل المعنى على أن «الربيين» قاتلوا أيضًا مع قتال النبي، وحسن ذلك لما روي عن الحسن وغيره أنه قاتل: ما قتل نبي قط في قتال، وكان إضافة القتال إليه أولى من إضافة القتل إليه.
80- والوجه الثاني أن يكون قد أسند الفعل إلى «الربيين» دون النبي، فأخبر عنهم بالقتال دون النبي، فيكون {قاتل معه ربيون} صفة لـ {نبي} و{ربيون} مرفوعون بفعلهم.
81- ووجه القراءة بغير ألف أنه يحتمل أيضًا وجهين: أحدهما أن يكون فعلا، وما بعده صفة للنبي، والفعل مسند إلى النبي بدلالة قوله: {أفإن مات أو قتل} «144» فأخبر أن النبي قد يقتل، وقد قال تعالى: {ويقتلون النبيين} «البقرة 61»، وقال: {فلم تقتلون أنبياء الله} «البقرة 91» وهذا من قتل النبي في غير قتال، فحمل ذلك على هذا المعنى، أنه قتل في غير قتال، وسياق الكلام في قوله: {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله}، وقوله: {وثبت أقدامنا} «147» يدل على أن القتل والقتال كان في الحرب في سبيل الله.
82- والوجه الثاني أن {قتل} وما بعده صفة أيضًا للنبي، والفعل مسند إلى «ربيين» فهم في هذا الوجه مرفوعون بـ {قتل}، على المفعول،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/359]
الذي لم يسم فاعله، وعلى الوجه الأول مرفوعون بالابتداء و{معه} الخبر، أو مرفوعون بالظرف، والجملة في الوجهين صفة لـ {نبي}، وهذا الوجه يقويه قول الحسن المذكور عنه، ويجوز على الوجه الأول، أن يكون {معه ربيون} في موضع الحال من المضمر في {قتل} فتكون الهاء في {معه} تعود على الضمير في {قتل}، ويعود إذا كان {معه ربيون} صفة لـ {نبي} على {نبي} ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/360]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (35- {وَكَائِنْ} [آية/ 146]:-
بالمد وكسر الهمزة، قرأها ابن كثير وحده.
[الموضح: 384]
ووجهها أن أصل الكلمة أي دخلت الكاف عليها، فصارت بمعنى كم، والنون التي فيها هي التنوين التي كانت في أي، وصارت الكاف مع أيٍّ كالكلمة الواحدة لكثرة استعمالها عندهم، فقلبت قلب الكلمة الواحدة، كما قالوا: رعملي في لعمري، صارت بعد القلب كياءن، فحذفت الياء الثانية كما حذفت في كينونة والأصل: كينونة، فصارت كياءن، ثم أبدلت من الياء الألف، كما أبدلت من طيي، فصاءت كائن بوزن كاعن.
وقرأ الباقون {وَكَأَيِّنْ} مشددة الياء بوزن كعين، وهو الأصل.
واختلفوا في الوقف على هذه الكلمة:
فأبو عمرو ويعقوب يقفان على الياء من غير نون، في وزن كعي، وهذا هو الحكم في أي إذا وقفت عليها.
والباقون يقفون على النون؛ لأن التنوين صار في هذه الكلمة كالنون التي هي من أصل الكلمة، ولا سيما إذا قلبت فصارت: كائن على ما بيناه، إذ تصير النون فيه بمنزلة لام فاعل فيقر نونًا في الوقف بمنزلة ما هو من نفس الكلمة). [الموضح: 385]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (36- {قُتِلَ مَعَهُ} [آية/ 146]:-
بضم القاف من غير ألف، قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب.
[الموضح: 385]
والمعنى إن أمم الأنبياء قبلهم قد أتى عليهم القتل، فما وهن باقيهم في سبيل الله بعد من قتلوا منهم. ويجوز أن يكون إسناد القتل إلى ضمير النبي، والتقدير: وكأين من نبي قتل هو ومعه ربيون فما وهنوا بعد قتل النبي، ويؤيد ذلك قوله {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ}.
وقرأ الباقون {قَاتَلَ} بالألف.
وذلك لأن المقاتلين قد مدحوا كما مدح المقتولون، نحو قوله تعالى {وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ}). [الموضح: 386]

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147)}

قوله تعالى: {فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة