العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 09:32 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام

[ من الآية (128) إلى الآية (131) ]
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130) ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131)}

قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويوم يحشرهم جميعًا يا معشر الجنّ... (128).
قرأ عاصم في رواية حفص عنه (ويوم يحشرهم) ها هنا وفي كل القرآن إلا في موضعين: عند العشرين من الأنعام، وقبل الثلاثين
[معاني القراءات وعللها: 1/385]
من يونس، فإنه قرأهما بالنون.
وقرأ الحضرمي ثلاثة مواضع بالياء: عند العشرين من الأنعام (ويوم يحشرهم جميعًا ثم يقول) وفي الفرقان (ويوم يحشرهم فيقول) بالياء، وفي سبأ (ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة).
وسائر القرآن بالنون.
وقرأ الباقون بالنون في كل القرآن إلا ابن كثير فإنه قرأ في الفرقان (ويوم يحشرهم) بالياء.
قال أبو منصور: المعنى واحد في (نحشرهم ويحشرهم)، الله الحاشر لا شريك له). [معاني القراءات وعللها: 1/386]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): ( [قوله: ويوم بحشرهم [الأنعام/ 128].
حفص عن عاصم ويوم يحشرهم بالياء.
وقرأ الباقون بالنون.
أما الياء فلقوله: لهم دار السلام عند ربهم [الأنعام/ 127]، ويوم يحشرهم، والنون كالياء في المعنى، والذي يتعلق به اليوم: هو القول المضمر. ويقوي النون قوله:
وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا [الكهف/ 47]، وقوله: ونحشره يوم القيامة أعمى [طه/ 124] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/406]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (69- قوله: {ويوم يحشرهم} قرأه حفص بالياء، ردَّه في الغيب على قوله: {لهم دار السلام عند ربهم} «127» وهو الثاني في
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/451]
هذه السورة ومثله الثاني في يونس وفي الفرقان: {يوم نحشرهم} ومثله في سبأ، ووافقه ابن كثير على الياء في الفرقان، وقرأ الباقون بالنون في الأربعة على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، فأتى بلفظ الإخبار بعد لفظ الغيبة، وهو كثير، كما قال: {والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي} «العنكبوت 23» ودليله قوله: {وحشرناهم} «47» وقوله: {ونحشره يوم القيامة أعمى} «طه 124»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/452]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (53- {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ} [آية/ 128] بالياء:-
قرأها عاصم -ص- ويعقوب -ح-، وقرأ الباقون {نَحْشُرُهُمْ} بالنون، وكذلك -يس- عن يعقوب.
والمعنى فيها واحد، فالله سبحانه حاشرهم، وقد تقدم مثله). [الموضح: 503]

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129)}

قوله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130)}

قوله تعالى: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 09:33 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام

[ من الآية (132) إلى الآية (135) ]
{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132) وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آَخَرِينَ (133) إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآَتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (134) قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135)}

قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وما ربّك بغافلٍ عمّا يعملون (132).
في ثلاثة مواضع قرأهن ابن عامر بالتاء، وقرأ حفص والحضرمي ونافع هنا بالياء، وآخر هود وآخر النمل بالتاء، وقرأهن الباقون ثلاثتهن بالياء). [معاني القراءات وعللها: 1/390]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (49- وقوله تعالى: {بغافل عما يعملون} [132].
قرأ ابن عامر وحده بالتاء.
وقرأ الباقون بالياء، وقد ذكرته بعلته في (البقرة) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/170]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما ربك بغافل عمّا يعملون}
[حجة القراءات: 271]
قرأ ابن عامر {وما ربك بغافل عمّا تعملون} بالتّاء على الخطاب وقرأ الباقون بالياء وحجتهم قوله قبلها ذلك {أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون} ). [حجة القراءات: 272]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (70- قوله: {عما يعملون} قرأه ابن عامر بالتاء، حمله على الخطاب الذي بعده، وهو قوله: {إن يشأ يذهبكم} «133» وما بعده: {كما أنشأكم}، وقرأ الباقون بالياء، حملوه على الغيبة التي قبله، وهو قوله: {ولكل درجات مما عملوا} وقوله قبل ذلك: {أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلمٍ وأهلها غافلون} «131»، وهو الاختيار؛ لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/452]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (54- {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [آية/ 132] بالتاء:-
قرأها ابن عامر وحده.
والمعنى: قل لهم {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}، ويجوز أن يكون المراد الغائبين والمخاطبين جميعا، فغلب الخطاب على الغيبة؛ لأنهما إذا اجتمعا فالغلبة للخطاب.
وقرأ الباقون {يَعْمَلُونَ} بالياء.
والوجه أن ما قبله على الغيبة، فإجراؤه على الغيبة أولى، وذاك قوله {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} ). [الموضح: 503]

قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آَخَرِينَ (133)}

قوله تعالى: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآَتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (134)}

قوله تعالى: {قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (اعملوا على مكانتكم... (135)
قرأ عاصم في رواية أبي بكر (مكاناتكم) جماعا في كل القرآن.
وقرأ الباقون (على مكانتكم).
قال أبو منصور: المكانة والمكان يكونان موضعا لكينونة الشيء فيه.
وأخبرني المنذري عن أبي جعفر الغساني عن سلمة عن أبي عبيدة
[معاني القراءات وعللها: 1/386]
في قوله (اعملوا على مكانتكم)، أي: حيالكم وناحيتكم.
قال: وأخبرني أبو العباس عن سلمة عن الفراء قال: يقال له في قلبي منزلة، مثل قولك له في قلبي محلة وموضعة وموقعة ومكانة ومجلسة). [معاني القراءات وعللها: 1/387]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (من تكون له عاقبة الدّار... (135).
قرأ حمزة والكسائي (من يكون له) بالياء ها هنا وفي القصص.
وقرأهما الباقون بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء فلتأنيث العاقبة، ومن قرأ بالياء فلأن العاقبة معناها: العقب، وهو مذكر، وكذلك ما كان من المصادر المؤنثة، يجوز تذكير فعلها، مثل: الرحمة، والعافية، وما أشبههما). [معاني القراءات وعللها: 1/387]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (46- وقوله تعالى: {اعملوا على مكانتكم} [135].
قرأ عاصم وحده في رواية أبي بكر {مكانتكم} بالجمع في كل القرآن وقرأ الباقون {مكانتكم} ومعناه: تمكنكم وأمركم وحالكم، أي أثبتوا على ذلك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/169]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (47- وقوله تعالى: {من تكون له عاقبة الدار} [135].
قرأ حمزة والكسائي بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء.
فمن قرأ بالتاء فلتأنيث العاقبة.
ومن قرأها بالياء فلأن تأنيثها غير حقيقي؛ ولأنك فصلت بين العاقبة وفعلها بـ "له» وكذلك اختلافهم في (القصص) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/170]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في: الجمع والتوحيد في قوله تعالى: على مكانتكم [الأنعام/ 135].
فقرأ الجميع: على مكانتكم على الواحد، واختلف عن عاصم؛ فروى أبو بكر علي مكاناتكم جماع في كلّ القرآن.
وروى حفص عن عاصم، وشيبان النحوي عن عاصم: مكانتكم واحدة في كلّ القرآن. حدثني موسى بن إسحاق قال: حدّثنا هارون بن حاتم قال: حدّثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن عاصم أنه قرأ: على مكانتكم واحدة،
وكذلك قرأ الباقون على التوحيد أيضا.
[الحجة للقراء السبعة: 3/406]
قال أبو زيد: يقال: رجل مكين عند السلطان من قوم مكناء، وقد مكن مكانة، وقال أبو عبيدة: على مكانتكم، أي: على حيالكم [وناحيتكم]، وما جاء في التنزيل من قوله: إنك اليوم لدينا مكين أمين [يوسف/ 54]، وقوله:
مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم [الأنعام/ 6]؛ يدلّ على أن المكانة: المنزلة والتّمكّن، كأنه: اعملوا على قدر منزلتكم، وتمكّنكم من دنياكم، فإنّكم لن تضرّونا بذلك شيئا، كما قال: لن يضروكم إلا أذى [آل عمران/ 111]، ومثل هذا قوله: وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون [هود/ 21].
ووجه الإفراد: أنه مصدر، والمصادر في أكثر الأمر مفردة.
ووجه الجمع أنها قد تجمع كقولهم: الحلوم والأحلام.
قال:
[الحجة للقراء السبعة: 3/407]
فأمّا إذا جلسوا بالعشيّ... فأحلام عاد وأيد هضم
والأمر العام على الوجه الأول). [الحجة للقراء السبعة: 3/408]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله [جلّ وعزّ]: من تكون له عاقبة الدار [الأنعام/ 135]، هاهنا وفي القصص [الآية/ 37].
فقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم وابن عامر من تكون له* بالتاء. وكذلك قراءتهم في سورة القصص.
وقرأ حمزة والكسائيّ: يكون له* في الموضعين بالياء.
العاقبة: مصدر كالعافية، وتأنيثه غير حقيقي، فمن أنّث فكقوله: وأخذت الذين ظلموا الصيحة [هود/ 94]، ومن ذكّر فكقوله: وأخذ الذين ظلموا الصيحة [هود/ 67].
وكقوله: قد جاءتكم موعظة من ربكم [يونس/ 57]، فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى [البقرة/ 275]، وكلا الأمرين حسن كثير). [الحجة للقراء السبعة: 3/408]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إنّي عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدّار}
قرأ أبو بكر (اعملوا على مكاناتكم) على الجمع في كل القرآن
وقرأ الباقون {على مكانتكم} أي على تمكنكم وأمركم وحالكم والتوحيد هو الاختيار لأن الواحد ينوب عن الجمع ولا ينوب الجمع عن الواحد قوله {مكانتكم} وزنه مفعلة من الكون والميم زائدة والألف منقلبة عن الواو من كان يكون مفعلة وقال قوم وزنه فعال مثل ذهاب والألف زائدة والميم أصليّة والدّليل على ذلك أن فعالا تجمعه على أفعلة تقول أمكنة ولو كان مفعلا لم يجمع على أفعلة
قرأ حمزة والكسائيّ {من يكون} بالياء وكذلك في القصص لأن تأنيثهما غير حقيقيّ العاقبة والآخر واحد وحجتهما قوله {فانظر كيف كان عاقبة مكرهم} وقوله {ثمّ كان عاقبة الّذين}
وقرأ الباقون {من تكون} بالتّاء لتأنيث العاقبة). [حجة القراءات: 272]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (71- قوله: {مكانتكم} قرأه أبو بكر بالجمع، حيث وقع، جعله جمع مكانة، وهي الحالة التي هم عليها، فلما كانوا على أحوال مختلفة من أمر دنياهم جمع، لاختلاف الأنواع وهو مصدر، فالمعنى: اعملوا على أحوالكم التي أنتم عليها، فيلس يضرنا ذلك، وفي الكلام معنى التهدد والوعيد بمنزلة قوله: {كلوا وتمتعوا قليلًا} «المرسلات 46» وقرأ الباقون بالتوحيد، لأنه مصدر يدل على القليل والكثير من صنفه، من غير جمع ولا تثنية، وأصل المصدر أن لا يثنى ولا يُجمع، لأن فائدته فائدة الفعل، إذ الفعل منه أخذ، فكما لا يجمع الفعل كذلك لا يُجمع المصدر، إلا أن تختلف أنواعه، فيشابه المفعول، فيجوز
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/452]
جمعه، وأصله أن لا يجمع، يقال: مكن الرجل مكانه، فكأنه قال: اعملوا على حالكم وأمركم في دنياكم، على التهدد والوعيد، والتوحيد أحب إلي، لأن الجماعة عليه، ولأنه أخف، وهو الأصل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/453]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (72- قوله: {من تكون له عاقبة الدار} قرأه حمزة والكسائي بالياء، ومثله في القصص، ذكر الفعل لمّا فرّق بين المؤنث وفعله، ولأن العاقبة تأنيثها غير حقيقي، ولأنها لا ذكر لها من لفظها، وقرأهما الباقون بالتاء، على تأنيث لفظ العاقبة، وهما سواء في النظر، وقد قال الله جل ذكره: {فمن جاءه موعظة} «البقرة 275»، وقال: {قد جاءتكم موعظة} «يونس 57» وقال: {وأخذ الذين ظلموا الصيحة} «هود 67»، وقال: {وأخذت الذين ظلموا الصيحة} «هود 94» فالقراءتان متعادلتان، والتأنيث هو الأصل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/453]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (55- {اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} [آية/ 135] بالجمع:-
قرأها عاصم وحده -ياش- في كل القرآن.
والوجه أن جمع مكانة، وهي مصدر من مكن يمكن مكانة عند السلطان، والمصادر قد تجمع على إرادة اختلاف الأنواع، وقد جمع الحلم والعلم على الأحلام والحلوم والعلوم، وقد جمع الشغل على الأشغال، ومثل ذلك كثير.
ويجوز أن يكون مفعلة من الكون، فيكون إما مصدرًا بمعنى الكينونة، أو موضعا كما يقال مكان ومكانة ومنزل ومنزلة، فجمع على المكانات، ولا غرابة في جمعه إذا كان غير مصدر.
وقرأ الباقون {مَكَانَتِكُمْ} على الوحدة.
والوجه أن من جعله مصدرًا فالأولى أن لا يجمعه؛ لأن المصادر تفرد ولا تجمع في الأمر العام، ومن جعله اسما غير مصدر كان وإن كان واحدا يؤدي معنى الجمع؛ لأنه لما أضيف إلى الجمع علم أنه جمع، والمعنى ليعمل كل واحد منكم على مكانته). [الموضح: 504]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (56- {مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ} [آية/ 135] بالياء: -
قرأها حمزة والكسائي.
[الموضح: 504]
والوجه أن تأنيثه غير حقيقي، فلهذا يمر كقوله تعالى {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} ثم إنه قد فصل بين الفعل وبين فاعله بقوله {لَهُ} فحسن التذكير، وقد مضى مثله.
وقرأ الباقون بالتاء فوقها نقطتان ههنا وفي القصص.
والوجه أن التاء لتأنيث اللفظ، فالعاقبة مصدر مؤنث لمكان تاء التأنيث فيه، وإذا كان مؤنث اللفظ أنث فعله، كقوله تعالى {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ} ). [الموضح: 505]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 09:35 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام

[ من الآية (136) إلى الآية (137) ]
{وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (136) وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137)}

قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (136)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (هذا للّه بزعمهم... (136).
قرأ الكسائي وحده (بزعمهم) بضم الزاي في الحرفين.
[معاني القراءات وعللها: 1/387]
وقرأ الباقون (بزعمهم).
قال أبو منصور: وهما لغتان: زعم وزعم). [معاني القراءات وعللها: 1/388]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (48- وقوله تعالى: {هذا لله بزعمهم} [136].
قرأ الكسائي وحده {بزعمهم}.
وقرأ الباقون بالفتح. وفيه لغة ثالثة لم يقرأ بها أحد (زعم) بكسر الزاي.
وأخبرني ابن مجاهد رحمه الله عن السمري عن الفراء قال: الفَتك والفُتك ثلاث لغات بمعنى، وكذلك الزعم والزعم والزعم بمعنى). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/170]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الزاي في قوله تعالى: بزعمهم [الأنعام/ 136] وضمّها.
فقرأ الكسائيّ وحده بزعمهم* مضمومة الزاي.
وقرأ الباقون: بزعمهم مفتوحة الزاي.
القول فيه أنهما لغتان.
وقرأ ابن عامر وحده: وما ربك بغافل عما تعملون [النمل/ 93] بالتاء، وقرأ الباقون بالياء). [الحجة للقراء السبعة: 3/409]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({هذا لله بزعمهم}
قرأ الكسائي {بزعمهم} بضم الزّاي وقرأ الباقون بالفتح وهما لغتان). [حجة القراءات: 273]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (73- قوله: {بزعمهم} قرأه الكسائي بضم الزاي، وفتح الباقون، وهما لغتان مشهورتان، وقد قيل: من فتحه جعله مصدرًا، ومن ضمه جعله اسمًا كالنَّصَب والنَّصْب). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/453]

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وكذلك زيّن لكثيرٍ من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ... (137).
قرأ ابن عامر وحده ((وكذلك زيّن لكثيرٍ من المشركين قتل أولادهم شركائهم بضم الزاي، ورفع اللام من (قتل)، ونصب الدال (أولادهم)، (شركائهم) خفضا بالياء.
وقرأ الباقون (زيّن لكثيرٍ من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم) بفتح الزاي، واللام من (قتل)، ورفع الشركاء، وكسر الدال.
قال أبو منصور: أما قراءة ابن عامر فهي متروكة؛ لأنها لا تجوز إلا على التقديم والتأخير الذي قاله الشاعر، كان غير جيد ولا حسن.
[معاني القراءات وعللها: 1/388]
والمعنى على قراءته: زيّن لكثير من المشركين قتل شركائهم أولادهم.
وأنشد الفراء في مثله:
فزججتها متمكنًا... زجّ القلوص أبي مزاده
أراد: أبي مزادة القلوص.
قال أبو منصور: وهذا عند الفصحاء رديٌّ جدًّا، ولا يجوز عندي القراءة بها.
وأما قراءة العامة التي اجتمع عليها القراء فهي الجيدة البالغة بفتح الزاي، واللام من قتل، والرفع في (شركاؤهم)، فزين: فعل ماضٍ و(شركاؤهم) فاعلون، و(قتل) منصوب بالفعل.
والرفع في قوله (شركاؤهم) على تكرير الفعل، والمعنى: زينه شركاؤهم، فأضمره). [معاني القراءات وعللها: 1/389]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (50- وقوله تعالى: {وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركآءهم} [137].
فالأولاد في موضع نصب. وشركاؤهم: يرتفعون بفعلهم، وفعلهم التزيين. والتقدير: وكذلك زين شركاؤهم أن قتل كثير من المشركين أولادهم فهذه قراءة الناس كلهم إلا أهل الشام فإنهم قرأوا: {وكذلك زين} بضم الزاي {قتل} بالرفع {أولادهم} بالنصب {شركائهم} بالخفض على تقدير: قتل شركائهم أولادهم ففرقوا بين المضاف والمضاف إليه كما قال الشاعر:
فزجحتها متمكنا = زج القلوص أبي مزاده
أراد: زج أبي مزادة القلوص). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/171]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله [جلّ وعزّ]، وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم [الأنعام/ 137].
فقرأ ابن عامر وحده وكذلك زين* برفع الزاي لكثير من المشركين قتل برفع اللام، أولادهم* بنصب الدال، شركايهم* بياء.
وقرأ الباقون: زين بفتح الزاي لكثير من المشركين قتل بنصب اللام، أولادهم خفض شركاؤهم رفع.
[الحجة للقراء السبعة: 3/409]
الشركاء على قول العامة فاعل زين وهو مثل: لا ينفع نفسا إيمانها [الأنعام/ 158]، لمّا تقدم ذكر المشركين كنّى عنهم في قوله: شركاؤهم كما أنه لما تقدم ذكر النفس وإبراهيم في قوله لا ينفع نفسا إيمانها وإذ ابتلى إبراهيم ربه [البقرة/ 124] كنّى عن الاسمين المتقدم ذكرهما. وقتل أولادهم مفعول زين، وفاعل زين شركاؤهم، ولا يجوز أن يكون الشركاء فاعل المصدر الذي هو القتل كقوله: ولولا دفاع الله الناس [البقرة/ 251]، لأنّ زين حينئذ يبقى بلا فاعل، ولأن الشركاء ليسوا قاتلين، إنما هم مزيّنون القتل للمشركين، وأضيف المصدر الذي هو القتل إلى المفعولين الذين هم الأولاد، كقوله: لا يسأم الإنسان من دعاء الخير [فصلت/ 49] ونحو ذلك مما يحذف معه الفاعلون والمعنى: قتلهم أولادهم، فحذف المضاف إليه الذي هو الفاعل، كما حذف ضمير الإنسان في قوله من دعاء الخير. والمعنى: من دعائه الخير. وأما قول ابن عامر: وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم، فإن الفعل المبنيّ للمفعول به، أسند إلى القتل فاعمل المصدر عمل الفعل، وأضافه إلى الفاعل، ونظير ذلك قوله: ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض فاسم الله فاعل، كما أنّ الشركاء فاعلون، والمصدر مضاف إلى الشركاء الذين هم فاعلون، والمعنى: قتل شركائهم أولادهم، ففصل بين المضاف والمضاف إليه، بالمفعول به،
[الحجة للقراء السبعة: 3/410]
والمفعول به مفعول المصدر، وهذا قبيح قليل في الاستعمال، ولو عدل عنها إلى غيرها كان أولى، ألا ترى أنه لم يفصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف في الكلام وحال السعة، مع اتساعهم في الظروف حتى أوقعوها مواقع لا يقع فيها غيرها نحو: إن فيها قوما جبارين [المائدة/ 22].
ونحو:
.. للهجر حولا كميلا ونحو قوله:
فلا تلحني فيها فإنّ بحبّها... أخاك مصاب القلب جمّ بلابله
[الحجة للقراء السبعة: 3/411]
ألا ترى أنه قد فصل بين أنّ واسمها بما يتعلق بخبرها، ولو كان بغير الظرف لم يجز ذلك، ألا ترى أنهم لا يجيزون: إن زيدا عمرا ضارب، إذا نصبت زيدا بضارب، فإذا لم يجيزوا الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف في الكلام، مع اتساعهم في الظرف في الكلام، وإنما جاز في الشعر كقوله:
كما خطّ الكتاب بكفّ يوما... يهوديّ...
كان لا يجوز في المفعول به الذي لم يتّسع فيه بالفصل، به أجدر.
ووجه ذلك على ضعفه وقلة الاستعمال أنه قد جاء في الشعر الفصل على حدّ ما قرأه، قال الطّرمّاح:
[الحجة للقراء السبعة: 3/412]
يطفن بحوزيّ المراتع لم يرع... بواديه من قرع القسيّ الكنائن
وزعموا أن أبا الحسن أنشد:
زجّ القلوص أبي مزادة
وهذان البيتان مثل قراءة ابن عامر، ألا ترى أنه قد فصل فيهما بين المصدر والمضاف إليهما، كما فصل ابن عامر بين المصدر، وما حكمه أن يكون مضافا إليه؟ وذكر سيبويه في هذه الآية قراءة أخرى، وهي: وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم، وحمل الشركاء فيها على فعل مضمر غير هذا الظاهر.
[كأنه لما قيل: وكذلك زين لكثير من المشركين].
قيل: من زيّنه؟؛ فقال: زيّنه شركاؤهم. قال: ومثل ذلك قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 3/413]
ليبك يزيد ضارع لخصومة... ومختبط ممّا تطيح الطوائح
كأنّه لما قال: ليبك يزيد، دلّ على أن له باكيا، فقال: يبكيه ضارع، ومثل هذه الآية على هذه القراءة قوله: يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال [النور/ 36]، كأنّه لما قال:
يسبح* فدلّ على يسبح فقيل له: من يسبحه؟ قال: يسبّحه رجال). [الحجة للقراء السبعة: 3/414]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي عبد الرحمن السلمي: [وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلُ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ].
قال أبو الفتح: يحتمل رفع شركاء تأويلين:
أحدهما: وهو الوجه؛ أن يكون مرفوعًا بفعل مضمر دل عليه قوله: [زُين]؛ كأنه لما قال: زُين لكثير من المشركين قتلُ أولادهم، قيل: مَن زينه لهم؟ فقيل: زينه لهم شركاؤهم، فارتفع الشركاء بفعل مضمر دل عليه [زُين]، فهو إذن كقولك: أُكل اللحمُ زيدٌ، ورُكِبَ
[المحتسب: 1/229]
الفرسُ جعفرٌ، وترفع زيدًا وجعفرًا بفعل مضمر دل عليه هذا الظاهر، وإياك وأن تقول: أنه ارتفع بهذا الظاهر؛ لأنه هو الفاعل في المعنى لأمرين:
أحدهما: أن الفعل لا يرفع إلا الواحد فاعلًا أو مفعولًا أقيم مقام الفاعل، وقد رفع هذا الفعل ما أقيم مقام فاعله وهو [قَتْلُ أَوْلادِهِمْ]، فلا سبيل له إلى رفع اسم آخر على أنه هو الفاعل في المعنى؛ لأنك إذ انصرفت بالفعل نحو إسنادك إياه إلى المفعول لم يجز أن تتراجع عنه فتسنده إلى الفاعل؛ إذ كان لكل واحد منهما فعل يخصه دون صاحبه، كقولك: ضَرَب وضُرِب، وقَتَل وقُتِلَ، وهذا واضح.
والآخر: أن الفاعل عندنا ليس المراد به أن يكون فاعلًا في المعنى دون ترتيب اللفظ، وأن يكون اسمًا ذكرته بعد فعل وأسندته ونسبته إلى الفاعل؛ كقام زيد وقعد عمرو. ولو كان الفاعل الصناعي هو الفاعل المعنوي للزمك أن تقول: مررت برجلٌ يقرأ، فترفعه لأنه قد كان يفعل شيئًا وهو القراءة، وأن تقول: رأيت رجلٌ يحدث، فترفعه بحديثه، وأن تقولم في رفع زيد من قولك: زيد قام: إنه مرفوع بفعله؛ لأنه الفاعل في المعنى؛ لكن طريق الرفع في [شركاؤهم] هو ما أَريتك من إضمار الفعل له لترفعه به، ونحوه ما أنشده صاحب الكتاب من قول الشاعر:
لِيُبْك يزيد ضارِعٌ لخصومة ... ومُخْتبِطٌ مما تُطيح الطوائح
كأنه لما قال: ليبك يزيد، قيل: مَن يبكيه؟ فقال: ليبكه ضارع لخصومة، والحمل على المعنى كثير جدًّا، وقد أفردنا له فصلًا في جملة شجاعة العربية من كتابنا الموسوم بالخصائص.
فهذا هو الوجه المختار في رفع الشركاء وشاهده في المعنى قراءة الكافة: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ}، ألا ترى أن الشركاء هم المزيِّنون لا محالة؟
وأما الوجه الآخر: فأجازه قطرب؛ وهو أن يكون الشركاء ارتفعوا في صلة المصدر الذي هو القتل بفعلهم، وكأنه: وكذلك زُين لكثير من المشركين أنْ قَتَلَ شركاؤهم أولادَهم، وشبهه بقوله: حُبِّبَ إليَّ ركوبُ الفرس زيدٌ؛ أي: أن ركب الفرسَ زيدٌ. هذا -لعمري- ونحوه صحيح المعنى، فأما الآية فليست منه، بدلالة القراءة المجتمع عليها، وأن المعنى أن المزيِّن هم الشركاء، وأن القاتل هم المشركون، وهذا واضح). [المحتسب: 1/230]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة إبراهيم: [وَلِيَلْبَسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ] بفتح الباء.
قال أبو الفتح: المشهور في هذا لَبِست الثوب أَلْبَسه، ولَبَست عليهم الأمر أَلْبِسُه.
فأما أن تكون هذه لغة لم تتأد إلينا: لبِست عليهم الأمر ألبَسه، في معنى لبَسته ألبِسه.
وإما أن تكون غير هذا؛ وهو أن يراد به شدة المخالطة لهم في دينهم، فالاعتراض فيه بينه وبينهم ليشكُّوا فيه ولا يتمكنوا من التفرد به، كما أن لابس الثوب شديد المماسة له والالتباس به، فيقول على هذا: لبِست إليك طاعتَك، واشتملْتُ الثقة بك؛ أي: خالطت هذه الأشياء وماسستها؛ تحققًا بها وملابسة لها، وعليه قول القُلاخ السعدي:
نكسوهُم مخشونَةً لِبَاسًا
يعني: السيوف. وقد مر به لفظًا ألبتة شاعرنا فقال:
وإنا إذا ما الموت صرَّح في الوغى ... لَبِسنا إلى حاجاتنا الضرب والطعنا
فإما أن يكون هذا الشاعر نظر إلى هذه القراءة، وإما أن يكون أراد المراد بها فسلك سنة قارئها، فاعرف ذلك ولا تقل ما يقوله من ضعفت نحيزته، ورَكَّت طريقته: هذا شاعر مُحْدث، وبالأمس كان معنا، فكيف يجوز أن يحتج به في كتاب الله جل وعز؟ فإن المعاني لا يرفعها تقدُّم، ولا يُزري بها تأخر. فأما الألفاظ فلعمري إن هذا الموضع معتبرٌ فيها، وأما المعاني ففائتة بأَنفسها إلى مغرسها، وإذا جاز لأبي العباس أن يحتج بأبي تمام في اللغة كان الاحتجاج في المعاني بالمولَّد الآخر أشبه). [المحتسب: 1/231]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم}
قرأ ابن عامر (وكذلك زين) بضم الزّاي {قتل} بالرّفع أولادهم نصب {شركائهم} بالخ {زين} على ما لم يسم فاعله {قتل} اسم ما لم يسم فاعله {أولادهم} نصب بوقو الفعل عليهم {شركائهم} جر بالإضافة على تقدير قتل شركائهم أولادهم ففرق بين المضاف والمضاف إليه وحجته قول الشّاعر:
فزججتها متمكنًا ... زج القلوص ابي مزاده
أراد زج أبي مزادة القلوص وأهل الكوفة يجوزون الفرق بين المضاف والمضاف إليه
وقرأ الباقون {وكذلك زين} بفتح الزّاي {قتل} نصب أولادهم جر {شركاؤهم} رفع وهم الفاعلون والتّقدير وكذلك زين شركاؤهم أن قتل كثير من المشركين أولادهم
[حجة القراءات: 273]
قال الزّجاج {شركاؤهم} ارتفعوا بتزيينهم ويقال إن هؤلاء المزينين كانوا يخدمون الأوثان وقيل شركاؤهم شياطينهم). [حجة القراءات: 274]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (74- وقوله: {زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم} قرأ ابن عامر «زين» بضم الزاي، على ما لم يسم فاعله «قتل» بالرفع، على أنه مفعول لم يسم فاعله «أولادهم» بالنصب أعمل فيه القتل، «شركائهم» بالخفض على إضافة القتل إليهم، لأنهم الفاعلون، فأضاف الفعل إلى فاعله، على ما يجب في الأصل لكنه فرَّق بين المضاف والمضاف إليه، فقدم المفعول، وتركه منصوبًا على حاله، إذ كان متأخرًا في المعنى، وأخر المضاف، وتركه مخفوضًا، على حاله،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/453]
إذ كان متقدمًا بعد القتل، وهذه القراءة فيها ضعف، للتفريق بين المضاف والمضاف إليه لأنه إنما يجوز مثل هذا التفريق في الشعر، وأكثر ما يجوز في الشعر مع الظروف لاتساعهم في الظروف، وهو في المفعول به في الشعر بعيد، فإجازته في القرآن أبعد، وقرأ الباقون بفتح الزاي على ما يسمى فاعله، ونصبوا «قتل» بـ «زين» وخفضوا «الأولاد» لإضافة «قتل» إليهم، أضافوه إلى المفعول، ورفعوا «الشركاء» بفعلهم التزيين، فهو الأصل، والمصدر يضاف إلى المفعول به، أو إلى الفاعل، بفعلهم التزيين، فهو الأصل، والمصدر يضاف إلى المفعول به، أو إلى الفاعل، وأصله أن يضاف إلى الفاعل؛ لأنه هو أحدثه، ولأنه لا يُستغنى عنه، ويستغنى عن المفعول، وإنما جاز أن يضاف إلى المفعول كما جاز أن يقوم المفعول مقام الفاعل، ولا يحسن أن يرتفع «الشركاء» بالقتل؛ لأنه يبقى «زين» بغير فاعل، و«الشركاء» ليسوا قاتلين، إنما هم مزينون، إنما القاتلون المشركون، زين لهم شركاؤهم الذين يعبدونهم قتلهم أولادهم، فالمعنى: قتلهم أولادهم، ثم حذف المضاف إليه، وهو الفاعل، وأقيم «الأولاد» وهم مفعول بهم، مقام الفاعل، كما قال تعالى: {لا يسأم الإنسان من دعاء الخير} «فصلت 49»، أي: من دعائه الخير، فالهاء فاعلة «الدعاء»، فحذفت وأقيم «الخير» مقامها، فخفض بالإضافة، فهذه القراءة هي الاختيار، لصحة الإعراب فيها ولأن عليها الجماعة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/454]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (58- {وَكَذَلِكَ زُيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَائِهِمْ}: بضم الزاي {قَتْلَ} رفعًا، {أَوْلادَهُمْ} نصبًا، {شُرَكَائِهِمْ} خفضًا. [آية/ 137]:
قرأها ابن عامر وحده.
[الموضح: 505]
والوجه أنه بنى الفعل للمفعول، وأسنده إلى القتل، وأعمل القتل الذي هو مصدر عمل الفعل، وأضافه إلى الشركاء، وهو فاعل، ونصب الأولاد؛ لأنه مفعول به، وفصل بالأولاد بين المضاف والمضاف إليه، والتقدير: زين لهم قتل شركائهم أولادهم، فقدم وأخر، وهو قبيح، قليل في الاستعمال؛
[الموضح: 506]
للفصل بين المضاف والمضاف إليه، ومثله لم يجيء في حال السعة، بل جاء في الشعر، قال:
32- كما خط الكتاب بكف -يومًا- = يهودي يقارب أو يزيل
أراد بكف يهودي يومًا، ففصل بالظرف بين المضاف والمضاف إليه.
ومثل الآية سواء في اللفظ قول الشاعر:
33- فزججتها متمكنًا = زج -القلوص- أبي مزاده
أراد زج أبي مزادة القلوص، فقدم وأخر وفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول به، كما في الآية.
وقرأ الباقون {زَيَّنَ} بفتح الزاي والياء، {قَتْلَ} بنصب اللام {أَوْلادِهِمْ} بالخفض {شُرَكَاؤُهُمْ} بالرفع.
[الموضح: 507]
والوجه أن الشركاء على هذا فاعل {زَيَّنَ}، {قَتْلَ أَوْلادِهِمْ} منصوب بأنه مفعول {زَيَّنَ}، والتقدير: زين لكثير من المشركين شركاؤهم قتل أولادهم، فأخر الفاعل وقدم المفعول به، وهذا هو الأشهر.
ويجوز أن يكون زين فعل الشيطان، والمعنى كما زين الشيطان للكفار عبادة الأصنام وبخس حق الله وتوفير ما جعلوه للأصنام، فكذلك زين لكثير منهم وأد البنات وقتل البنين للنذور، فقوله على هذا {قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} على إعمال المصدر عمل الفعل، و{شُرَكَاؤُهُمْ} فاعل المصدر الذي هو القتل و{أَوْلادِهِمْ} مفعول به أضاف المصدر إليه، والتقدير: أن قتل شركاؤهم أولادهم، كما تقول: عجبت من ضرب عمرو زيد، أي من أن ضرب عمرًا زيد، أضفت المصدر إلى المفعول به، كما تضيفه إلى الفاعل، والشركاء على ما قيل قوم كانوا يخدمون الأصنام). [الموضح: 508]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 09:37 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (138) إلى الآية (140) ]

{وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138) وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140)}

قوله تعالى: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أُبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس وابن الزبير والأعمش وعكرمة وعمرو بن دينار: [حَرْثٌ حِرْج]، وقراءة الناس: {حِجْرٌ} .
قال أبو الفتح: قد قدمنا في كتابنا الخصائص صدرًا صالحًا من تقلب الأصل الواحد والمادة الواحدة إلى صور مختلفة يَخْطِمها كلها معنى واحد، ووسمناه بباب الاشتقاق الأكبر،
[المحتسب: 1/231]
نحو: ك ل م، ك م ل، م ل ك، م ك ل، ل ك م، ل م ك، وإنها مع التأمل لها ولين مَعطِف الفكر إليها آئلة إلى موضع واحد ومترامية نحو غرض غير مختلف، كذلك أيضًا يقال: ح ج ر، ج ر ح، ح ر ج، ر ج ح، ج ح ر. وأما ر ح ج فمهمل فيما علمنا، فالتقاء معانيها كلها إلى الشدة والضيق والاجتماع، من ذلك الحِجْر وما تصرف منه، نحو: انحجر، واستحجر الطين، والحُجرة وبقيته، وكله إلى التماسك في الضيق. ومنه الحرَج: الضيق، والحِرْج مثله، والْحَرجَةُ: ما التف من الشجر فلم يكن دخوله، ومنه الْحُجر وبابه لضيقه، ومنه الْجَرْح لمخالطة الحديد للحم وتلاحمه عليه، ومنه رجح الميزان؛ لأنه مال أحد شقيه نحو الأرض؛ فقرب منها، وضاق ما كان واسعًا بينه وبينها.
فإن قلت: فإنه إذا مال أحدهما إلى الأرض فقد بعُد الآخر منها، قيل: كلامنا على الراجح، والراجح هو الداني إلى الإرض. فأما الآخر فلا يقال له: راجح، فليزم ما ألزمته، وإذا ثبت ذلك -وقد ثبت- فكذلك قوله تعالى: [حَرثٌ حِرْج] في معنى {حِجْر}، معناه عندهم: أنها ممنوعة محجورة أن يَطْعَمَها إلا من يشاءون أن يُطعموه إيَّاها بزعمهم). [المحتسب: 1/232]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (57- {بِزُعْمِهِمْ} [آية/ 139] مضمومة الزاي:-
قرأها الكسائي وحده، وكذلك الحرف الآخر، وقرأ الباقون {بِزَعْمِهِمْ} مفتوحة الزاي في الحرفين.
والوجه أن الزعم والزعم لغتان). [الموضح: 505]

قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جل وعزّ: (وإن يكن ميتةً... (139).
قرأ ابن كثير (وإن تكن ميتةٌ) بالياء والرفع في (ميتةٌ).
وقرأ ابن عامر (وإن تكن) بالتاء (ميتةٌ) رفعًا أيضًا، وروى الأعشى عن أبي بكر (وإن يكن) بالياء (ميتةً) نصبا مثل رواية حفص.
وفي رواية يحيى بن آدم (وإن تكن ميتةً) بالتاء والفتح في (ميتةً).
وقرأ الباقون (وإن يكن ميتةً) نصبا.
[معاني القراءات وعللها: 1/390]
قال أبو منصور: من قرأ (وإن يكن) بالياء، والرفع في (ميتةٌ) فالتذكير على المعنى، كأنه أريد بالميتة شيء من الميتات.
وقد قيل: إن التذكير لأن (كان) مكتفية ها هنا.
ومن قرأ (وإن تكن ميتة) بالتاء فهو جيد بالغ؛ لأن الميتة مؤنثة.
ومن قرأ (وإن يكن ميتة) جعل (يكن) للفظ (ما)، ونصب (ميتةً)؛ لأنه خبر كان). [معاني القراءات وعللها: 1/391]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (51- وقوله تعالى: {إن يكن ميتة} [139].
قرأ ابن عامر {تكن} بالتاء {ميتة} بالرفع.
وقرأ ابن كثير {يكن} بالياء و{ميتة} بالرفع أيضًا.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر {تكن} بالتاء {ميتة} بالنصب.
وقرأ الباقون {يكن} بالياء و{ميتة} نصبًا. فمن نصب جعلها خبر
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/171]
«كان» والاسم المضمر في «ما» في قوله: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام} فلذلك ذكر الفعل للفظ «ما» ومن أنث الفعل ونصبه رده على معنى «ما»، أو على الأنعام ومن رفع {ميتة} جعل «تكن» تحدث وتقع، أيك إلا أن تقع ميتة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/172]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله [جلّ وعزّ]: [وإن يكن ميتة في الرفع والنصب] [الأنعام/ 139].
فقرأ ابن كثير: وإن يكن بالياء ميتة* رفعا خفيفا.
وقرأ ابن عامر: وإن تكن بالتاء، ميتة* رفعا.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر [وإن تكن] بالتاء، ميتة نصبا، وروى حفص عنه بالياء ميتة نصبا.
وقرأ نافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائيّ: يكن بالياء، ميتة نصبا.
[الحجة للقراء السبعة: 3/414]
قراءة ابن كثير: وإن يكن بالياء، ميتة* رفعا، أنه لم يلحق الفعل علامة التأنيث لمّا كان الفاعل المسند إليه تأنيثه غير حقيقي، ولم يجعل في يكن شيئا.
والمعنى: وإن وقع ميتة، أو حدث ميتة.
وألحق ابن عامر الفعل علامة التأنيث، لما كان الفاعل في اللفظ مؤنثا، وأسند الفعل إلى الميتة، كما فعل ذلك ابن كثير.
وأما قراءة أبي عمرو ومن تبعه وإن يكن ميتة فإنه ذكّر الفعل لأنه مسند إلى ضمير ما تقدم في قوله: ما في بطون هذه الأنعام [الأنعام/ 139]، وهو مذكّر، وانتصب الميتة لما كان الفعل مسندا إلى الضمير، ولم يسنده إلى الميتة، كما فعل ابن كثير وابن عامر.
وأما قراءة عاصم في رواية أبي بكر، تكن* بالتاء.
ميتة فإنّه أنّث، وإن كان المتقدم مذكرا لأنه حمله على المعنى، وما في بطون الأنعام حوران فحمل على المعنى كما قالوا: ما جاءت حاجتك، فأنث الضمير لمّا كان في المعنى حاجة.
ورواية حفص يكن بالياء، ميتة على لفظ المتقدم الذي هو مذكر). [الحجة للقراء السبعة: 3/415]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس بخلاف والأعرج وقتادة وسفيان بن حسين: [خالِصَةً].
وقرأ: [خالصًا] سعيد بن جبير.
وقرأ: [خالِصُه] ابن عباس بخلاف والزهري والأعمش وأبو طالوت.
وقرأ: [خالِصٌ] ابن عباس وابن مسعود والأعمش بخلاف.
قال أبو الفتح: أما قراءة العامة: {خَالِصَةٌ} فتقديره: ما في بطون هذه الأنعام خالصة لنا؛ أي: خالص لنا، فأنث للمبالغة في الخلوص، كقولك: زيد خالِصَتِي، كقولك: صَفِيِّي وثقتي؛ أي: المبالغ في الصفاء والثقة عندي، ومنه قولهم: فلان خاصَّتي من بين الجماعة؛ أي: خاصِّي الذي يخصني، والتاء فيه للمبالغة وليكون أيضًا بلفظ المصدر، نحو: العاقبة والعافية، والمصدر إلى الجنسية، فهي أعم وأوكد.
ويدلك على إرادة اسم الفاعل هنا -أي: خالص- قراءة سعيد بن جبير [خَالِصًا]، وعليه
[المحتسب: 1/232]
القراءة الأخرى: [خَالِصٌ لذكورنا]، والقراءة الأخرى: [خالِصُه لِذكورنا]، ألا تراه اسم فاعل وإن كان مضافًا؟ لكن الكلام في نصب خَالِصًا وخالِصةً، وفيه جوابان:
أحدهما: أن يكون حالًا من الضمير في الظرف الجاري صلة على "ما"، كقولنا: الذي في الدار قائمًا زيد.
والآخر: أن يكون حالًا من "ما" على مذهب أبي الحسن في إجازته تقديم الحال على العامل فيها إذا كان معنى بعد أن يتقدم صاحب الحال عليها، كقولنا: زيد قائمًا في الدار.
واحتج في ذلك بقول الله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}، فيجوز على هذا في العربية لا في القراءة؛ لأنها سنة لا تُخالَف [وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٍ بِيَمِينِهِ].
فإن قلت: فهل يجوز أن يكون [خالصًا] "وخالصةً" حالًا من الضمير في لنا؟ قيل: هذا غير جائز؛ وذلك أنه تَقدَّم على العامل فيه وهو معنى وعلى صاحب الحال، وهذا ليس على ما بَيَّنَا.
ولا يجوز أن يكون "خالصةً" حالًا من الأنعام؛ لأن المعنى ليس عليه، ولعزَّة الحال من المضاف إليه). [المحتسب: 1/233]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء}
قرأ ابن عامر (وإن تكن) بالتّاء {ميتة} رفع وتكن بمعنى الحدوث والوقوع أي وإن تقع أو تحدث ميتة
وقرأ ابن كثير {وإن يكن} بالياء {ميتة} رفع جعل أيضا يكن بمعنى الوقوع إلّا أنه ذكر الفعل لأن تأنيث الميتة غير حقيقيّ فلذلك ذكر الفعل
وقرأ أبو بكر وإن تكن بالتّاء ميتة نصب المعنى وإن تكن تلك الحمول الّتي في البطون ميتة ويجوز أن ترد على الأنعام أو على معنى ما ولك أن ترجع عن لفظ ما ومن إلى معناهما ومن معناهما إلى لفظهما لأن لفظهما واحد ومعناهما الجمع والتأنيث وقد جاء في التّنزيل حرف قد حمله على اللّفظ ثمّ رجع إلى المعنى ثمّ حمله ثانيًا على اللّفظ وهو قوله {ومن يؤمن باللّه ويعمل صالحا يدخله جنّات} فوحد وحمله على اللّفظ ثمّ قال {خالدين فيها أبدا} فجمع على المعنى ثمّ قال {قد أحسن الله له رزقا} فرجع بعد الجمع إلى التّوحيد وحمله أيضا على التّوحيد وكذلك قوله هنا {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا} على معنى ما {ومحرم} مذكّر بعد مؤنث على لفظ ما فهو حرف ثان وهو حسن
[حجة القراءات: 274]
وقرأ نافع وأبو عمرو وحمزة الكسائي وحفص {وإن يكن} بالياء {ميتة} نصب جعلوها خبر كان والاسم المضمر في {يكن} ردّوه على لفظ ما المعنى وإن يكن في في البطون ميتة وإن يكن الّذي في البطون ميتة قال أبو عمرو الوجه {يكن} بالياء لقوله {فهم فيه} ولم يقل فيها). [حجة القراءات: 275]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (75- قوله: {وإن يكن ميتة} قرأ أبو بكر وابن عامر «وإن تكن» بالتاء، وقرأ الباقون بالياء، وقرأ ابن كثير وابن عامر «ميتة» بالرفع، وقرأ الباقون بالنصب.
وحجة من قرأ بالتاء ورفع «الميتة»، وهو ابن عامر، أنه أنَّث لتأنيث لفظ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/454]
«الميتة» وجعل «كان» بمعنى «حدث ووقع» تامة، لا تحتاج إلى خبر، فرفع «ميتة» بفعلها.
76- وحجة من قرأ بالياء ورفع «ميتة» وهو ابن كثير، أنه ذكر لما كان تأنيث «الميتة» غير حقيقي، ولأن «ميتة وميتا» بمعنى، وجعل «كان» تامة غير محتاجة إلى خبر، بمعنى «حدث ووقع»، فرفع «ميتة» بها كالأول.
77- وحجة من قرأ بالياء والنصب، وعليه أكثر القراء، وهو الاختيار أنه ذكر الفعل لتذكير «ما» في قوله: {ما في بطون} لأن الفعل لـ «ما» وجعل «كان» ناقصة، تحتاج إلى خبر، فأضمر فيها اسمها، وهو ضمير «ما» في قوله: {وقالوا ما في بطون} ونصب «ميتة» على خبر «كان» والتقدير: وإن يكن ما في بطون الأنعام ميتة فهم في أكله شركاء.
78- وحجة من قرأ بالتاء ونصب «ميتة» وهو أبو بكر أنه أنَّث، لتأنيث معنى «ما» لأنها هي «الميتة» في المعنى، فـ «ما» في المعنى مؤنثة، ألا ترى أن الخبر عنها مؤنث، في قوله: {خالصة}، فلما كانت «كان» تدخل على الابتداء والخبر، وهو الابتداء أنَّث لفظ الفعل حملًا على معنى «ما»، وصيّر ما في كان اسم كان و«ميتة» خبرها). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/455]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (59- {وَإِنْ تَكُنْ} [آية/ 139] بالتاء:-
قرأها ابن عامر وعاصم ياش -.
والوجه أنه ألحق الفعل علامة التأنيث؛ لأن الفاعل مؤنث في اللفظ، وهو قوله {مَيْتَةً} لمكان تاء التأنيث الذي فيه والفعل (مسند) إلى الميتة.
وقرأ الباقون {وَإِنْ يَكُنْ} بالياء.
والوجه أنه لما كان تأنيث الفاعل الذي أسند إليه الفعل غير حقيقي، وهو
[الموضح: 508]
الميتة، استحسنوا تذكيره فذكروه). [الموضح: 509]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (60- {مَيْتَةً} [آية/ 139] بالرفع:-
قرأها ابن كثير وابن عامر.
والوجه أن كان ههنا تامة بمعنى وقع أو حدث، فيكون التقدير: وإن يقع أو يحدث ميتة.
وقرأ الباقون {مَيْتَةً} بالنصب.
والوجه أن كان فيه ناقصة، وهي التي تفتقر إلى الاسم والخبر، والاسم مضمر، وهو الذي يرجع إلى {ما} من قوله في بطون الأنعام، وهو مذكر، هذا إذا قرئ {يَكُنْ} بالياء، فأما من قرأ {تَكُنْ} بالتاء مع نصب الميتة، فإنه أنث الضمير العائد إلى ما في بطون الأنعام؛ لأن ما في بطون الأنعام أولاد أو حيران، أو نحوها، فحمل على المعنى، فأنث الضمير لهذا، وأما نصب الميتة فمن أجل أنها خبر كان). [الموضح: 509]

قوله تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قد خسر الّذين قتلوا أولادهم... (140).
قرأ ابن كثير وابن عامر (قتّلوا أولادهم) مشددا، وخففه الباقون.
قال أبو منصور: التشديد في (قتّلوا) للتكثير، والتخفيف فصيح جيد). [معاني القراءات وعللها: 1/391]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (52- وقوله تعالى: {قد خسر الذين قتلوا أولادهم} [140].
قرأ ابن عامر وابن كثير {قتلوا} بالتشديد.
وقرأ الباقون مخففًا. فمن شدد أراد تكرير الفعل مرة، بعد مرة كما يقال: رجل قتال: إذا قتل عودًا بعد بدء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/172]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التخفيف والتشديد في التاء في قوله [جلّ وعزّ]: قد خسر الذين قتلوا أولادهم [الأنعام/ 140].
فقرأ ابن كثير وابن عامر قتلوا* مشددة التاء.
وقرأ الباقون قتلوا خفيفة التاء.
التشديد للتكثير مثل: مفتحة لهم الأبواب [ص/ 50]، والتخفيف يدلّ على الكثرة). [الحجة للقراء السبعة: 3/416]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قد خسر الّذين قتلوا}
قرأ ابن كثير وابن عامر {قد خسر الّذين قتلوا} بالتّشديد أي مرّة بعد مرّة كما يقال رجل قتال إذا كثر منه القتل وقرأ الباقون {قتلوا} بالتّخفيف). [حجة القراءات: 275]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (79- قوله: {قتلوا} قرأه ابن كثير وابن عامر بالتشديد، وخفف الباقون وقد تقدم ذكر علته، وفي التشديد معنى التكرير). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/455]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (61- {قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ} [آية/ 140] بتشديد التاء:-
قرأها ابن كثير وابن عامر.
[الموضح: 509]
والوجه أن الفعل مراد به التكثير، فلذلك جاء مشددًا مثل قوله {مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ}.
وقرأ الباقون {قَتَلُوا} بالتخفيف.
والوجه أن الفعل المخفف قد يصلح للكثرة كما يصلح للقلة، وقد مضى مثله). [الموضح: 510]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 09:40 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام

[ من الآية (141) إلى الآية (144) ]
{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142) ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144)}

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وآتوا حقّه يوم حصاده... (141).
قرأ أبو عمرو وابن عامر وعاصم ويعقوب (يوم حصاده) بفتح الحاء، وقرأ الباقون (حصاده) بالكسر.
[معاني القراءات وعللها: 1/391]
قال أبو منصور: هما لغتان: الحصاد والحصاد، والجداد والجداد). [معاني القراءات وعللها: 1/392]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (53- وقوله تعالى: {وءاتوا حقه يوم حصاده} [141].
قرأ ابن عامر وأبو عمرو وعاصم {حصاده} بفتح الحاء وقرأ الباقون بكسر الحاء، وهما لغتان فصيحتان الحصاد والحصاد والجذاذ والجذاذ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/172]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الحاء وكسرها من قوله عزّ وجلّ: يوم حصاده [الأنعام/ 141].
فقرأ ابن كثير، ونافع، وحمزة، والكسائيّ حصاده بكسر الحاء.
وقرأ عاصم، وأبو عمرو، وابن عامر حصاده مفتوحة الحاء.
قال سيبويه: جاءوا بالمصادر حين أرادوا انتهاء الزمان على مثال: فعال وذلك الصّرام، والجرام، والجذاذ،
[الحجة للقراء السبعة: 3/416]
والقطاع، والحصاد، وربّما دخلت اللغة في بعض هذا، فكان فيه فعال، وفعال. فقد تبيّنت مما قال: أن الحصاد والحصاد لغتان، فأما قول النابغة:
يمدّه كلّ واد مزبد لجب... فيه ركام من الينبوت والحصد
فإن محمّد بن السّريّ روى فيه: الحصد، وذكر أن بعضهم رواه: الخضد، وفسّر الخضد: ما تكسّر من الشجر.
قلل أبو علي: ويجوز أن يكون الحصد الذي يفسره ابن السرّي: الحصاد حذف الألف منه، كما يقصر الممدود، وكأن المحصود سمّي الحصاد باسم المصدر، كالخلق، والصيد، وضرب الأمير، ونسج اليمن، ونحو ذلك، ويدلّك على ذلك قول الأعشى:
[الحجة للقراء السبعة: 3/417]
له زجل كحفيف الحصا... د صادف بالليل ريحا دبورا
والحفيف إنما يكون للمحصود، ومثل ذلك قول العجّاج:
هذّ الحصاد بغروب المنجل). [الحجة للقراء السبعة: 3/418]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وآتوا حقه يوم حصاده}
قرأ أبو عمرو وعاصم وابن عامر {يوم حصاده} بفتح الحاء وقرأ الباقون بالكسر وهما لغتان مثل الصرام والصرام قال الفراء بالكسر حجازية وأهل نجد وتميم بالفتح). [حجة القراءات: 275]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (80- قوله: {يوم حصاده} قرأ أبو عمرو وابن عامر وعاصم بفتح الحاء وكسرها الباقون، وهما لغتان مشهورتان، والكسر عند سيبويه هو الأصل، وهو الاختيار؛ لأنه الأصل، ولأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/456]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (62- {يَوْمَ حَصَادِهِ} [آية/ 141] بفتح الحاء:-
قرأها أبو عمرو وابن عامر وعاصم ويعقوب، وقرأ ابن كثير ونافع وحمزة والكسائي {حَصَادِهِ} بكسر الحاء.
والوجه أنهما لغتان الحصاد والحصاد بالفتح والكسر، ومثله الجداد والجداد والصرام والصرام والقطاع والقطاع). [الموضح: 510]

قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة على -عليه السلام- والأعرج وعمرو بن عبيد: [خُطُؤات] بالهمز مثقلًا، وقرأ: [خَطَوات] أبو السمال.
قال أبو الفتح: أما [خُطُؤات] بالهمز فواحدها خُطْأَة؛ بمعنى الخَطَأ، أثبت ذلك أحمد بن يحيى.
وأما [خَطَوات] فجمع خَطْوة، وهي الفَعْلَة الواحدة من خَطوت، كغزوت غزوة، ودعوت دعوة. والمعنى: لا تتبعوا خَطوات الشيطان؛ أي: آثاره، لا تقتدوا به، وتقديره على هذا حذف المضاف؛ أي: لا تتبعوا مواضع خَطوات الشيطان.
وإن شئت أجريته على ظاهره من غير تقدير حذف كقولك: لا تتبع أفعال المشركين
[المحتسب: 1/233]
ولا تأْتَم بأديان الكافرين. ومن قرأ: {خُطُوات} بلا همز فأمره واضح، وهو جمع خُطْوة، وهي ذَرْع ما بين القدمين، وهذا واضح). [المحتسب: 1/234]

قوله تعالى: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ومن المعز اثنين... (143).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب (ومن المعز) بفتح العين.
وقرأ الباقون بسكونها.
قال أبو منصور: هما لغتان، وكذلك الشّعر والشّعر، والنهر والنهر، وكذلك الضأن والضأن، غير أن القراءة "الضان " بتخفيف الهمزة). [معاني القراءات وعللها: 1/392]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (54- وقوله تعالى: {ومن المعز اثنين} [143].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر {من المعز} بفتح العين.
وقرأ الباقون بإسكان العين، وهما لغتان، والأصل: الإسكان، وإنما جاز الفتح؛ لأن فيها حرفًا من حروف الحلق وهي العين). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/172]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح العين وإسكانها من المعز [الأنعام/ 143].
فقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، من المعز بفتح العين.
وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائيّ من المعز ساكنة العين.
من قرأ: المعز فإن المعز جمع، يدلّ على ذلك قوله: ومن المعز اثنين ومن الضأن اثنين ولو كان واحدا لم يسغ فيه هذا، فأما انتصاب اثنين فمحمول على أنشأ، التقدير:
[الحجة للقراء السبعة: 3/418]
أنشأ ثمانية أزواج، أنشأ من كذا اثنين.
فأمّا المعز في جمع ماعز، فهو: مثل خادم، وخدم، وطالب، وطلب، وحارس، وحرس، وحكى أحمد بن يحيى:
رائح وروح، وقال أبو الحسن: هو جمع على غير واحد، وكذلك المعزى، وحكى أبو زيد: الأمعوز، وأنشد:
كالتيس في أمعوزه المتربّل وقال: المعيز، كالكليب والضئين، قال:
ويمنحها بنو شمجى بن جرم... معيزهم حنانك ذا الحنان
فأما من قال: المعز بإسكان العين: فهو على هذا جمع أيضا، كما كان في قول من فتح العين جمعا أيضا، وجمع ماعز عليه، كما قالوا: صاحب وصحب وتاجر وتجر، وراكب وركب.
وأبو الحسن يرى هذا الجمع مستمرا فيردّه في التصغير إلى
[الحجة للقراء السبعة: 3/419]
الواحد فيقول في تحقير ركب: رويكبون، وفي تجر:
تويجرون، وسيبويه يراه اسما من أسماء الجمع، وأنشد أبو عثمان في الاحتجاج لقول سيبويه:
بنيته بعصبة من ماليا... أخشى ركيبا أو رجيلا غاديا
فتحقيره له على لفظه من غير أن يردّه إلى الواحد الذي هو فاعل، ويلحق الواو والنون أو الياء، يدل على أنه اسم للجمع. وأنشد أبو زيد:
وأين ركيب واضعون رحالهم... إلى أهل [بعل من مقامة أهودا]
وقال أبو عثمان: البقرة عند العرب: نعجة، والظبية عندهم ما عزة، والدليل على أن ذلك كما ذكره قول ذي الرمة:
[الحجة للقراء السبعة: 3/420]
إذا ما علاها راكب الصّيف لم يزل... يرى نعجة في مرتع ويثيرها
مولّعة خنساء ليست بنعجة... يدمن أجواف المياه وقيرها
فقوله: لم يزل يرى نعجة يريد به بقرة ألا ترى أنّه قال: مولّعة خنساء، والخنس والتوليع: إنما يكونان في البقر دون الظباء، وقوله: ليست بنعجة، معناه: أنه ليست بنعجة أهلية، يدلك على ذلك أنه لا يخلو من أن يريد أنه ليست بنعجة أهلية، أو ليست بنعجة، فلا يجوز أن يحمل على أنها ليست بنعجة، لأنك إن حملته على هذا، نفيت ما أوجبه من قوله: لم يزل يرى نعجة، فإذا لم يجز ذلك، علمت أنه يريد بقوله: ليست بنعجة، ليست بنعجة أهلية.
والدّلالة على أنّ الظبية ما عزة قول أبي ذؤيب.
[الحجة للقراء السبعة: 3/421]
وعادية تلقي الثياب كأنّها... تيوس ظباء محصها وانبتارها
وقوله: تيوس ظباء، كقوله: تيوس معز، ولو كانت عندهم ضائنة، ولم تكن ماعزة لقال: كأنّها كباش ظباء.
ويدلّ على أن نعجة في قوله: ليست بنعجة، يريد به النعجة الأهلية قوله:
يدمن أجواف المياه وقيرها والوقير: الشاء يكون فيها كلب وحمار فيما روي عن الأصمعي). [الحجة للقراء السبعة: 3/422]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة طلحة: [الضَّأَن] بفتح الهمزة.
قال أبو الفتح: الضَّأْنُ جمعٌ، واحدته ضائِن وضائنة، وصرَّفوا فعله فقالوا: ضَئِنَت العَنْز ضَأَنًا، إذا أشبهت الضأن. وأما الضَّأَن بفتح الهمزة في هذه القراءة، فمذهب أصحابنا فيه وفي مثله مما جاء في فَعْل وفَعَل وثانيه حرف حلق؛ كالنهْر والنهَر، والصخْر والصخَر، والنعْل والنعَل، وجميع الباب، أنها لغات كغيرها مما ليس الثاني فيه حرفًا حلقيًّا، كالنشْز والنشَز، والقص والقصَص.
ومذهب البغداديين أن التحريك في الثاني من هذا النحو إنما هو لأجل حرف الحلق، وقد ذكرنا ذلك فيما مضى من هذا الكتاب وغيره، ويؤنسني بصحة ما قالوه أني أسمع ذلك فاشيًا في لغة عُقيل، حتى لسمعت بعضهم يومًا قال: نَحَوَه، يريد: نَحْوه. فلو كانت الفتحة في الحاء هنا أصلًا معتزمة غير إتباع لكونها حرفًا حلقيًّا لوجب إعلال اللام التي هو واو ألفًا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها، كغَضَاة وشَجَاة، فكان يقال: نحاة، وهذا واضح، غير أن لأصحابنا ألا يقبلوا من اللغة إلا ما رُوي عن فصيح موثوق بعربيته، ولست أُثبت هذه الفصاحة المشروطة لمن سمعت منه هذه اللفظة؛ أعني: نَحَوَه). [المحتسب: 1/234]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ومن المعز اثنين}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر (من المعز) بفتح العين وقرأ الباقون ساكنة العين وهما لغتان
والأصل تسكين العين لأنّه جمع ماعز مثل تاجر وتجر وصاحب وصحب وحجتهم إجماع الجميع على تسكين الهمزة في الضّأن وهو جمع ضائن كماعز والهمزة والعين من حروف
[حجة القراءات: 275]
الحلق فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه واعلم أنه إنّما جاز فيهما الفتح وإن كان الأصل الإسكان لأن فيها حرفا من حروف الحلق والعرب تفتح إذا كان فيها حرف من حروف الحلق وذلك نحو النّهر والنّهر والزهر والزهر والظعن والظعن وإنّما جاز فتحها لأن الحركات ثلاث ضمة وفتحة وكسرة فالفتحة من الألف فهي من حيّز حروف الحلق هذا قول سيبويهٍ فإن قال قائل هلا فتحت الهمزة من الضّأن إذ كانت من حروف الحلق كما فتحت العين من المعز الجواب أن الهمزة أثقل من العين لأنّها تخرج من أقصى الحلق وتحريكها أثقل من تحريك العين وكذلك فرق بينهما). [حجة القراءات: 276]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (81- قوله: {ومن المعز} قرأ نافع وأهل الكوفة بإسكان العين، وفتحها الباقون، وهما لغتان في جمع «ماعز» وقيل: من فتح جعله جمع «ماعز» كحارس وحرس، وخادم وخدم، كما أن الضأن جمع ضائن، فعامل المشاكلة في اللفظين، ومن أسكن جعله جمع «ماعز» أيضًا كصاحب وصحب، فهو عند سيبويه اسم للجمع، يصغره على لفظه، وهو عند الأخفش جمع، يرده في التصغير إلى واحده، ثم يجمعه، فهو في القراءتين جمع «ماعز» على «فاعل» و«فاعل» يأتي جمعه على «فعْل» وعلى «فعَل» على ما مثلنا وذكرنا، فالقراءتان متساويتان، ولا يحسن أن يكون المعنى واحد؛ لأن بعده اثنين). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/456]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (63- {وَمِنَ الْمَعَزِ} [آية/ 143] بفتح العين:-
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب.
[الموضح: 510]
والوجه أنه جمع ماعز، مثل حرس جمع حارس، وخدم جمع خادم، وطلب جمع طالب.
وقرأ الباقون {وَمِنَ الْمَعْزِ} ساكنة العين.
وهو أيضا جمع ماعز كصاحب وصحب، وتاجر وتجر، وراكب وركب.
ومما يدل على أن المعز جمع قوله تعالى {وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ}، ولو كان واحدة لم يجز فيه هذا؛ لأن الواحد لا يجوز أن يكون منه الاثنان). [الموضح: 511]

قوله تعالى: {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 09:42 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام

[ من الآية (145) إلى الآية (147) ]
{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145) وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (146) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147)}

قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إلّا أن يكون ميتةً... (145).
قرأ ابن كثير وحمزة (إلّا أن تكون) بالتاء (ميتةً) نصبا، وقرأ ابن عامر (إلا أن تكون) بالتاء (ميتةٌ) رفعا، وقرأ الباقون (إلّا أن يكون ميتةً) نصبا.
قال الأزهري: من قرأ (إلّا أن تكون ميتةٌ) بالتاء والرفع جعل (تكون) فعلا للميتة، واكتفى بـ (تكون) بلا فعل هكذا.
[معاني القراءات وعللها: 1/392]
قال الفراء: وكذلك (يكون) في كل الاستثناء، لا يحتاج إلى فعل، ألا ترى أنك تقول: ذهب الناس إلا أن يكون أخاك وأخوك.
قال: وإنما استغنت (كان) و(يكون) عن الفعل كما استغنى ما بعد إلا عن فعلٍ يكون للاسم، وهذه تسمّى (كان) المكتفية.
ومن نصب (ميتةً) فالمعنى: إلا أن يكون المحرّم ميتة.
ومن قرأ (إلا أن تكون ميتة) فللتأنيث للميتة). [معاني القراءات وعللها: 1/393]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (55- وقوله تعالى: {إلا أن يكون ميتة} [145].
قرأ ابن عامر بالتاء والرفع.
وقرأ ابن كثير وحمزة بالتاء والنصب.
وقرأ الباقون بالياء والنصب. وقد فسرت وجه التأنيث والتذكير والنصب قبل هذا. فأما الرفع هاهنا فردئ وإن كان جائزًا في العربية؛ لأن بعده {دما مسفوحا} بالنصب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/172]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في الياء والتاء من قوله عزّ وجلّ: إلا أن يكون ميتة [الأنعام/ 145].
فقرأ ابن كثير وحمزة: إلا أن تكون* بالتاء، ميتة نصبا.
وقرأ نافع، وأبو عمرو، وعاصم، والكسائيّ: إلا أن يكون بالياء، ميتة نصبا، وقد روى نصر بن علي عن أبيه قال: سمعت أبا عمرو يقرأ: إلا أن يكون وإلا أن تكون* بالياء والتاء.
[الحجة للقراء السبعة: 3/422]
وقرأ ابن عامر وحده: إلا أن تكون* بالتاء، ميتة* رفعا.
قول ابن كثير وحمزة محمول على المعنى، كأنّه قال: إلّا أن تكون العين أو النفس أو الجثّة ميتة، ألا ترى أن المحرّم لا يخلو من جواز العبارة عنه بأحد هذه الأشياء؟، وليس قوله:
إلا أن يكون كقولك: ما جاءني القوم لا يكون زيدا، وليس زيدا، في أن الضمير الذي يتضمّنه في الاستثناء، لا يظهر ولا يدخل الفعل علامة تأنيث، لأنّ الفعل إنما يكون عاريا من علامة ومن أن يظهر معه الضمير، إذا لم يدخل عليه أن، وأمّا إذا دخله أن فعلى حكم سائر الأفعال.
وقول أبي عمرو ومن معه: إلا أن يكون ميتة نصبا، فإنه جعل فيه ضميرا مما تقدّم، وهو أقيس من الأول، كأنّه قال: إلّا أن يكون الموجود ميتة، ويجوز أن يكون أضمر مؤنثا، كما أضمره ابن كثير وحمزة، إلّا أنه ذكر الفعل لمّا تقدّم.
ويؤكد ذلك ما روي عن أبي عمرو من أنه قرأ بالتاء والياء، وقول ابن عامر على: إلّا أن تقع ميتة، أو تحدث
[الحجة للقراء السبعة: 3/423]
ميتة، فألحق علامة التأنيث الفعل كما لحق في نحو: قد جاءتكم موعظة من ربكم [يونس/ 57] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/424]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرما على طاعم يطعمه إلّا أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحا}
قرأ نافع وأبو عمرو وعاصم والكسائيّ {إلّا أن يكون} بالياء {ميتة} نصب هذا هو الوجه لأن الاسم المضمر في {يكون} مذكّر وهو قوله {قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرما} ولم يقل محرمة قال الزّجاج تقديره إلّا أن يكون المأكول ميتة أو ذلك الشّيء ميتة
وقرأ ابن عامر {إلّا أن تكون} بالتّاء {ميتة} رفع {يكون} في هذه القراءة بمعنى االحدوث والوقوع المعنى إلّا أن تقع ميتة
وقرأ ابن كثير وحمزة {إلّا أن تكون} بالتّاء {ميتة} نصب). [حجة القراءات: 276]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (82- قوله: {إلا أن يكون ميتة} قرأه ابن كثير وحمزة وابن عامر بالتاء، وقرأ الباقون بالياء، وكلهم نصب «ميتة» إلا ابن عامر، فإنه رفع.
وحجة من قرأ بالتاء أنه حمله على المعنى؛ لأن المحرم لابد أن يكون عينًا أو نفسًا أو جثة، وهذه كلها مؤنثة، فأنَّث لذلك، وفي «كان» اسمها وهو العين أو النفس أو الجثة، و«ميتة» الخبر.
83- وحجة من قرأ بالياء أنه حمل الكلام على اللفظ؛ لأن لا «أجد» يدل على نفي الموجود، والتقدير: قل يا محمد لا أجد فيما أوحي إليّ محرمًا على طاعم يطعمه، إلا أن يكون الموجود ميتة أو كذا أو كذا، فإنه رجس.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/456]
84- وحجة من نصب «ميتة» أنه أضمر في «كان» اسمها، لتقدم ما يدل عليه، ونصب «ميتة» على الخبر.
85- وحجة من رفع «ميتة» «أنه» جعل «كان» بمعنى «حدث ووقع» تامة لا تحتاج إلى خبر، فرفع «ميتة» بـ «كان» وحمل التأنيث على لفظ «ميتة»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/457]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (64- {إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً} بالتاء، ورفع الميتة [آية/ 145]:-
قرأها ابن عامر وحده.
والوجه أنه على ما سبق مثله من أن كان هي التامة التي تفيد معنى الحدوث والوقوع، والمعنى: إلا أن تحدث أو تقع ميتة، وتأنيث الفعل للفظ الميتة.
وقرأ ابن كثير وحمزة {تَكُونَ} بالتاء {مَيْتَةً} بالنصب.
والوجه أنه محمول على المعنى، والتقدير: إلا أن تكون العين أو النفس أو الجثة ميتة؛ لأن المحرم الذي تقدم ذكره لا يخلو من جواز أن يعبر عنه بأحد هذه الأشياء.
[الموضح: 511]
وقرأ الباقون {إِلَّا أَنْ يَكُونَ} بالياء {مَيْتَةً} بالنصب.
والوجه أن الضمير من {يَكُونَ} يعود إلى ما تقدم، وهو قوله {لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ} إلا أن يكون ذلك المحرم ميتة، ويجوز أن يكون التقدير: إلا أن يكون الموجود ميتة). [الموضح: 512]

قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (146)}

قوله تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 09:43 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام

[ من الآية (148) إلى الآية (150) ]
{سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149) قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (150)}

قوله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148)}

قوله تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149)}

قوله تعالى: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (150)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 09:44 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام

[ من الآية (151) إلى الآية (153) ]
{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)}

قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)}

قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لعلّكم تذكّرون (152) ونظائره.
قرأه ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب (تذّكّرون)
[معاني القراءات وعللها: 1/393]
(أفلا تذّكّرون)، و(ليذّكّروا)، مشددات حيث كن.
وقرأ نافع وابن عامر وعاصم في مريم (أولا يذكر الإنسان) خفيفا، وشدد سائرهن، إلا أن حفصا خالف أبا بكر في التاء فقرأ ما كان بالتاء مخففا في كل القرآن، وشدد أبو بكر.
وقرأ حمزة والكسائي (تذكرون) ما كان بالتاء مخففا، مثل حفص في كل القرآن، وخففا (ليذكروا) في السورتين، وشددا سائر ما في القرآن، وانفرد حمزة وحده بتخفيف (لمن أراد أن يذكر) ما تابعه أحد على التخفيف، وروى أبان عن عاصم (يذكرون) تخفيفا مثل رواية حفص.
واتفقوا على تخفيف قوله (وما يذكرون إلّا أن يشاء اللّه) وافترقوا في التاء والياء، فقرأ نافع وحده (وما تذكرون) بالتاء، وقرأ الباقون بالياء.
قال أبو منصور: من شدّد الذال والكاف في (تذّكّرون) أو (يذّكّرون) فالأصل تتذكرون، ويتذكرون، فأدغمت التاء في الذال، وشددت.
ومن قرأ (تذكّرون) بتخفيف الذال وتشديد الكاف فالأصل أيضًا تتذكرون، فحذفت إحدى التاءين استخفافا.
ومن قرأ (يذكر) فهو من ذكر يذكر). [معاني القراءات وعللها: 1/394]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (56- وقوله تعالى: {تذكرون} [152].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {تذكرون} بالتشديد وكذلك {يذكرون} و{يذكر} بتشديد الذال والكاف على معنى يتذكرون فأدغم التاء في الذال.
وقرأ نافع وعاصم وابن عامر كذلك إلا قوله في (مريم): {أولا يذكر الإنسان} فإنهم خففوه جعلوه من ذكر يذكر لا من تذكر يتذكر، وذكرت وتذكرت بمعنى واحد.
وقرأ حمزة والكسائي {يذكرون} مشددًا و{تذكرون} مخففًا في كل القرآن، أراد: تتذكرون فحذف إحدى التاءين). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/173]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في تشديد الذّال وتخفيفها من قوله تعالى: يذكرون* [الأنعام/ 152].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: يذكرون*، وتذكرون*، ويذكر الإنسان [مريم/ 67]، وأن يذكر [الفرقان/ 62]، وليذكروا [الإسراء/ 41 - الفرقان/ 50]، مشددا ذلك كله.
وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر: كلّ ذلك بالتشديد إلّا قوله: أولا يذكر الإنسان [مريم/ 67]، فإنهم خفّفوها.
وروى عليّ بن نصر بن علي عن أبيه عن أبان عن عاصم: تذكرون خفيفة الذال في كل القرآن، وكذلك روى حفص عن عاصم.
وقرأ حمزة والكسائيّ: يذكرون* مشدّدا إذا كان بالياء، وتذكرون مخففا إذا كان بالتاء.
واختلفوا في سورة الفرقان في قوله: لمن أراد أن يذكر [الآية/ 62]، فقرأ حمزة وحده: أن يذكر* مخفّفة، وقرأ الكسائي: أن يذكر مشدّدة، واتفقا على تخفيف الذّال في
[الحجة للقراء السبعة: 3/424]
بني إسرائيل [41] والفرقان [50] في قوله: ليذكروا خفيفة، وشدّدها الباقون.
واتّفقوا على تخفيف ذال قوله: وما يذكرون ورفع الكاف في المدثر [56].
فقرأ نافع: وما تذكرون بالتاء ورفع الكاف. وقرأ الباقون بالياء.
قال سيبويه قالوا: ذكرته ذكرا، كحفظته حفظا، وقالوا:
ذكرا مثل: شربا، وذكر: فعل متعد إلى مفعول واحد، قال:
فاذكروني أذكركم [البقرة/ 152]، واذكروا نعمة الله عليكم [الأحزاب/ 9]، فإذا ضاعفت العين تعدى إلى مفعولين نحو: ذكّرت زيدا أمره، قال:
يذكّرنيك حنين العجول... ونوح الحمامة تدعو هديلا
ونقله بالهمزة في القياس كتضعيف العين، وتقول: ذكّرته
[الحجة للقراء السبعة: 3/425]
فتذكّر تفعّل، لأن تذكّر مطاوع فعّل، كما أن تفاعل مطاوع فاعل، قال: إذا مسهم طيف من الشيطان تذكروا [الأعراف/ 201]، وقد تعدّى تفعّلت، قال:
تذكّرت أرضا بها أهلها... أخوالها فيها وأعمامها
وأنشد أبو زيد:
تذكّرت ليلى لات حين ادّكارها... وقد حني الأصلاب ضلّا بتضلال
فقال: ادّكارها، كما قال: وتبتل إليه تبتيلا [المزمل/ 8]، ونحو ذلك مما لا يجيء المصدر فيه على فعله، وجاء المصدر على ذكرى بألف التأنيث، كما جاء على فعلى، نحو: الدعوى والعدوى، وتترى فيمن لم يصرف، وعلى فعلى نحو: شورى، وقالوا في الجمع: الذّكر فجعلوه بمنزلة سدرة وسدر، كما جعلوا العلى مثل الظلم، وقالوا: الدكر، بالدال، حكاه سيبويه، والقياس: الذّكر بالذال المعجمة،
[الحجة للقراء السبعة: 3/426]
وكذلك روي بيت ابن مقبل:
من بعض ما يعتري قلبي من الدّكر لما كثر تصرف الكلمة بالدّال، نحو ادكر [يوسف/ 45]، وهل من مدكر [القمر/ 15]، وقال:
وبدّلت شوقا بها وادّكارا أشبهت تقوى، وتقيّة، وتقاة، وهذا أتقى من هذا، وفي التنزيل: وادكر بعد أمة [يوسف/ 45]، وفيه: فهل من مدكر، ويجوز في القياس أن يكون ادّكرت متعديا مثل: شويته، واشتويته، وحفرته واحتفرته، وعرّوته، واعتريته، وفي التنزيل: إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا [هود/ 54]، وكذلك: عرّه، واعترّه، ويقوي ذلك قول الشاعر:
تذكرت ليلى لات حين ادّكارها فأضاف المصدر إلى المفعول به.
فأما قوله: واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض
[الحجة للقراء السبعة: 3/427]
[الأنفال/ 26]، فمن الذكر الذي يكون عن النسيان، والمعنى: قابلوا أحوالكم التي أنتم عليها الآن، بتلك الحال المتقدمة ليتبيّن لكم موضع النعمة فتشكروا عليه، وهذا قريب من قوله: واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم [الأعراف/ 86]، فقوله: ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون [الأنعام/ 152].
أي: ذلك الذي تقدم ذكره في ذكر مال اليتيم، وأن لا يقرب إلّا بالتي هي أحسن، وإيفاء الكيل، واجتناب البخس، والتطفيف فيهما، وتحرّي الحقّ على مقدار الطاقة والاجتهاد، ولذلك أتبع بقوله: لا نكلف نفسا إلا وسعها [الأنعام/ 152]، والقول بالقسط والحقّ، ولو كان المقول فيه، والمشهود له، والمحكوم له، ذا قربى، والوفاء بالعهد، لينجز ما وعد عليه من قوله: ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما [الفتح/ 10].
هذا كلّه مما وصّى به، ليتذكروه، ويأخذوا به، ولا يطرحوه، فيتذكرون، هو الوجه والمعنى عليه، لأنه أمر نافذ بأخذ بعد أخذ، ووقت بعد وقت، فهو من باب التفوّق والتجرّع، وكذلك التذكّر من قوله: أولا يذكر الإنسان أنا
[الحجة للقراء السبعة: 3/428]
خلقناه من قبل [مريم/ 67]، إنما هو حضّ على الشكر على خلقه وإحيائه وتعريضه للنعيم الدائم والخلود فيه.
فأما قوله: وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر [الفرقان/ 62] أي أن يتفكّر، فيتبيّن شكر الله، وموضع النعمة، وإتقان الصنعة، فيستدلّ منه على التوحيد، فيستوجب بذلك المنزلة الرفيعة، وقوله تعالى: ولقد صرفناه بينهم ليذكروا [الفرقان/ 50]، أي: صرفنا هذا الماء المنزل بينهم في مراعيهم ومزارعهم وشربهم، ليتفكروا في ذلك في مكان النعمة به.
قال أحمد: وقرأ عاصم في رواية أبي بكر ونافع وابن عامر كلّ ذلك بالتشديد إلّا قوله: أو لا يذكر الإنسان [مريم/ 67]، فإنّهم خفّفوها، كأنهم ذهبوا في تخفيف ذلك، إلى أنّ إيجاده وإنشاءه هو دفعة واحدة، فحضّ على ذكر تلك النعمة، فلم يلزم عندهم أن يكون على لفظ التكثير، وما يحدث مرّة بعد مرّة، والباقون كأنهم ذهبوا إلى أنّه ينبغي أن يتذكّر ذلك مرّة بعد مرّة، وإن كان دفعة كما يتذكر الأشياء الأخر
[الحجة للقراء السبعة: 3/429]
المتكرّرة، ليكون شكره للنعمة بمكان ذلك متتابعا. كما يكون ذلك في الحال المتكررة.
قال: أحمد وروى نصر بن علي عن أبيه عن أبان عن عاصم تذكرون خفيفة الذّال في كلّ القرآن، وكذلك روى حفص عن عاصم.
والقول في ذلك أن التخفيف مثل التشديد في المعنى، إنما هو تتذكرون فحذف لاجتماع المتقاربة بالحذف كما خفّفه غيره بالإدغام، ويمكن أن يقال: إنّ الحذف أولى لأنه أخفّ في اللفظ، والدلالة على المعنى قائمة.
قال أحمد: وقرأ حمزة والكسائيّ يذكرون* مشدّدا إذا كان بالياء، يتذكّرون، مخففا إذا كان بالتاء، هذا مثل رواية أبان وحفص عن عاصم.
فأما تشديد حمزة والكسائي يذكرون*، إذا كان بالياء، وتخفيفها إذا كان بالتاء، فإنهما ثقّلا يذكرون* بالياء، لأنه لم تجتمع المتقاربة مع الياء، كما اجتمعت مع التاء، ألا ترى أن الياء ليست بمقاربة للتاء، كما أن التاء مثل له في
[الحجة للقراء السبعة: 3/430]
يتذكّرون، فلما لم تجتمع المقاربة ولا الأمثال مع الياء، إنّما ولم يحذفا، وحذفا في: يتذكرون* لاجتماع التاءين، وكون الدال معهما مقاربة لهما. وهذا اعتبار حسن، وهو كاعتبار عاصم في رواية أبان وحفص عنه.
فأمّا اختلافهم في سورة الفرقان في قوله: لمن أراد أن يذكر [الفرقان/ 62]، وقرأ حمزة وحده أن يذكر* مخفّفة، وقرأ الكسائي: أن يذكر مشدّدة، والتشديد على أن يتذكر نعم الله تعالى ويذكّر ليدرك العلم بقدرته، ويستدل على توحيده كما قال: أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق [الروم/ 8]، أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء [الأعراف/ 185] وتخفيف حمزة على أنّه يذكر ما نسيه في أحد هذين الوقتين في الوقت الآخر، وهو فيما زعموا قراءة الأعمش، ويجوز أن يكون على: يذكر تنزيه الله وتسبيحه، أي: يذكر ما ندب إليه من قوله عزّ من قائل: يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا، وسبحوه بكرة وأصيلا [الأحزاب/ 41]، ويجوز أن يكون على: أراد أن يذكر نعم الله
[الحجة للقراء السبعة: 3/431]
عليه، فيشكر لها، كما قال: اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم [المائدة/ 11]، واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه [المائدة/ 7]، أي: تلقّوها بالشكر.
قال أحمد: واتفقا على تخفيف الدال في بني إسرائيل وفي الفرقان في قوله: ليذكروا* خفيفة، وشدّدها الباقون.
أما في بني إسرائيل فقوله: ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا، وما يزيدهم إلا نفورا [الإسراء/ 41]، فمعنى صرفنا في هذا القرآن: صرّفنا ضروب القول فيه من الأمثال وغيرها مما يوجب الاعتبار به والتفكّر فيه، كما قال: ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون [القصص/ 51]، وقال:
وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون [طه/ 113]. وقال:
وما يزيدهم إلا نفورا أي وما يزيدهم تصريف القول إلّا نفورا، أضمر الفاعل لدلالة ما تقدّم عليه، كما قال: فلما جاءهم نذير ما زادهم [فاطر/ 42]، أي: ما زادهم مجيئه إلّا نفورا، ومعنى: ما زادهم إلا نفورا أراد: زادهم نفورا عند مجيئه، فنسب ذلك إلى السورة، والنذير. أو الآية على الاتساع لمّا ازدادوا هم عند ذلك نفورا وعنادا، كما قال: رب إنهن أضللن كثيرا من الناس [إبراهيم/ 36]، وإنما ضلّ الناس، ولم تضلّهم الأصنام، وكذلك: فزادتهم رجسا إلى رجسهم
[الحجة للقراء السبعة: 3/432]
[التوبة/ 125]. وأما ما في الفرقان مما اتّفق حمزة والكسائيّ على تخفيفه، وشدّدهما غيرهما فقوله: ولقد صرفناه بينهم [الفرقان/ 50]، أي: الماء المنزل من السماء سقيا لهم وغيثا، ليذكروا موضع النعمة فيشكروه، ويتقبّلوه بالشكر، فأبى أكثر الناس الشكر لمكانه، وكفروا بالنعمة به، وقد يقال: إن كفر النعمة به قولهم: مطرنا بنوء كذا، وكذلك قوله: وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون [الواقعة/ 82] فكأنّه على هذا تجعلون شكر رزقكم التكذيب، ومثل ذلك ما أنشده أبو زيد:
فكان ما ربحت تحت الغيثرة... وفي الزّحام أن وضعت عشره
قال [أحمد] واتفقوا على تخفيف ذال قوله: وما يذكرون ورفع الكاف في المدّثر [56]. فقرأ نافع: وما تذكرون بالتاء ورفع الكاف. وقرأ الباقون بالياء.
[الحجة للقراء السبعة: 3/433]
وروي عن الحسن في قوله: كلا إنها تذكرة [المدثر/ 54]، قال: القرآن، فأما قوله: فمن شاء ذكره [المدثر/ 55]، فتقديره أن ذلك ميسّر له كما قال: ولقد يسرنا القرآن للذكر [القمر/ 17]، أي: لأن يحفظ ويدرس، فيؤمن عليه التحريف والتبديل الذي جاز على غيره من الكتب لتيسيره للحفظ، ودرس الكثرة له وخروجه بذلك عن الحدّ الذي يجوز معه التبديل له، والتغيير، وقال: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [الحجر/ 9]، فأما قوله: إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا [المزمل/ 5]، فليس على ثقل الحفظ له، واعتياصه،
ولكن كما قال الحسن: إنّهم ليهذّونه هذّا، ولكن العمل به ثقيل.
ويجوز أن يكون المراد به ثقيل على من عانده، فردّه ولم ينقد له، كما قال: وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون [القلم/ 51]، وقوله:
وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر [الحج/ 72]، وكقوله: ثم عبس وبسر. ثم أدبر واستكبر. فقال إن هذا إلا سحر يؤثر. إن هذا إلا قول البشر [المدثر/ 22 - 25].
فأما وجه الياء فلأن قبله ما يدل عليه الياء، وهو قوله:
كلا بل لا يخافون الآخرة [المدثر/ 53]، وما يذكرون
[الحجة للقراء السبعة: 3/434]
[المدثر/ 56] ووجه آخر، وهو: أنه يجوز أن يكون فاعل يذكرون قوله: فمن شاء ذكره [المدثر/ 55]، وقوله: فمن شاء ذكره، لا يخلو من أن يكون صلة أو جزاء، وكيف كان لم يمتنع أن يكون فاعل هذا الفعل.
ووجه التاء أنه يجوز أن يعنى به الغيب، والمخاطبون، فغلّب الخطاب ويجوز أن يكون على: قل لهم: وما تذكرون مثل: وما تشاءون). [الحجة للقراء السبعة: 3/435]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ذلكم وصّاكم به لعلّكم تذكرون} {وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه} 152 و153
[حجة القراءات: 276]
قرأ حمزة والكسائيّ {وأن هذا صراطي} بالكسر على الاستئناف وذلك أن الكلام متناه عند انقضاء الآية نكسر {إن} للابتداء بها وحجتهما في أن المراد من الكلام هو الاستئناف قوله في هذه السّورة {وهذا صراط ربك مستقيمًا} 126 على الابتداء بالخبر عن صفة الصّراط
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم {وأن هذا} بفتح الألف وتشديد النّون وحجتهم ذكرها اليزيدي فقال على معنى وصّاكم به وبأن هذا صراطي مستقيمًا وقال آخرون بل نسق على قوله {أتل ما حرم ربكم} أي أتل ما حرم ربكم وأتل أن هذا صراطي مستقيمًا
وقرأ ابن عامر {وأن هذا} بفتح الألف وتخفيف النّون عطف على قوله {ألا تشركوا به شيئا} و{إن هذا} عطف {إن} على {إن} ). [حجة القراءات: 277] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (86- قوله: {تذكرون} قرأه حفص وحمزة والكسائي بالتخفيف في «الذال»، على حذف إحدى التاءين استخفافًا، وذلك إذا كان أصله «تتذكرون» وذلك حيث وقع، وقرأ الباقون بالتشديد في «الذال» على إدغام التاء الثانية من «تتذكرون» في الذال، وفي التشديد معنى تكرير التذكر، كأنه تذكر بعد تذكر، ليتفهم من خوطب بذلك، وعلته كالعلة في «تظاهرون» وقد مضى ذكرها). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/457]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (65- {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [آية/ 152] بتحفيف الذال:-
قرأها حمزة والكسائي و-ص- عن عاصم في كل القرآن إذا كان بالتاء، وإذا كان بالياء شددوها، كقوله {لِقَوْمٍ تَذَّكَّرُونَ}.
والوجه أن المعنى في التخفيف والتشديد واحد، إلا أن الصنعة فيهما تختلف، وكلاهما تخفيف من حيث الصناعة، فبعضهم يخفف بالإدغام لاجتماع المتقاربة، فشدد وقال {تَذَّكَّرُونَ}، ومنهم من خفف بالحذف فقال {تَذَكَّرُونَ} بلا تشديد.
والأصل فيهما جميعًا: تتذكرون، والحذف أولى؛ لأنه أخف في اللفظ، وهو أن الأصل تتذكرون على ما سبق، فحذفت التاء الثانية لاجتماع المتقاربة، والثانية أولى بالحذف؛ لأنها المتكررة، وأنها هي التي تدغم، والأولى إنما جاءت للمضارعة فهي بالتبقية أولى.
وقرأ الباقون {تَذَّكَّرُونَ} بتشديد الذال في كل القرآن، إلا أن يكون فعلاً ماضيًا كقوله {تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} فإنها مخففة لا غيره.
[الموضح: 512]
والوجه ما تقدم، وهو اجتماع الحروف المتقاربة، فأرادوا التخفيف بالإدغام، وهو أن ادعموا التاء الثانية في الدال، لئلا يجتمع في اللفظ حروف متقاربة، وهي تاءان وذال، والذال مقاربة التاء، فخفف بالإدغام.
وأما تخفيف من خفف إذا كان {تَذَكَّرُونَ} بالتاء، وتشديده إذا كان بالياء؛ فلأنه لم تجتمع المتقاربة مع الياء، كما اجتمعت مع التاء؛ لأن الياء ليست بمقاربة التاء، فلما لم تجتمع التاءان لم يخفف بحذف أحدهما، وأدغم التاء في الذال لتقاربهما.
وأما تخفيفهم للكلمة إذا كانت فعلاً ماضيًا، فلأن الماضي لا يجتمع فيه تاءان، ولا يجوز تسكين التاء؛ لأنه أول، فلا يحصل الإدغام، فلهذا لا سبيل إلى التشديد). [الموضح: 513]

قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه... (153).
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم (وأنّ هذا) بتشديد النون وفتح الألف، وقرأ ابن عامر ويعقوب (وأن هذا) بفتح الألف وسكون النون، وقرأ حمزة والكسائي (وإنّ) بكسر الألف وتشديد النون.
وقرأ ابن عامر والأعشى عن أبي بكر عن عاصم (صراطي) بفتح الياء، وأرسلها الباقون.
قال أبو منصور: من قرأ (وأنّ هذا) بفتح الألف فلأنه عطف على قوله (أن لا تشركوا به شيئا.. وأنّ هذا) وهذا في موضع النصب؛ لأنه اسم (أنّ)، و(صراطي) خبره، ونصب (مستقيما) على الحال.
ومن قرأ (وأن هذا) بفتح الألف والتخفيف فهذا في موضع الرفع لأن (أن) إذا خففت منعت عملها، و(أن) رفع (هذا) بالابتداء، ومرافعه (صراطي).
ومن قرأ (وإنّ هذا) فكسر الألف وشدد فعلى الاستئناف). [معاني القراءات وعللها: 1/395]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (57- وقوله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما} [153].
قرأ حمزة والكسائي {وإن هذا} بالكسر على الاستئناف.
وقرأ الباقون {وأن هذا} بالفتح على معنى ذلكم وصاكم به وبـــ «أن»، فيكون على هذا التأويل نصبًا وخفضًا.
وقرأ ابن عامر {وأن هذا} بفتح الألف وسكون النون {صراطي} بفتح الياء.
والباقون يسكنون الياء، وهو الاختيار؛ لأنها لم يستقبلها همزة، ولأن الكلمة قد طالت). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/173]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الألف وكسرها وتخفيف النون وتشديدها [وتحريك الياء وإسكانها] من قوله تعالى: وأن هذا صراطي مستقيما [الأنعام/ 153].
فقرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وأن هذا صراطي مستقيما، مفتوحة الألف مشدّدة النون، صراطي ساكنة الياء.
وقرأ ابن عامر: وأن هذا مفتوحة الألف ساكنة النون، صراطي مفتوحة الياء.
وقرأ حمزة والكسائي وإن* مكسورة الألف مشددة النون، صراطي ساكنة الياء.
وقرأ ابن كثير وابن عامر: سراطي بالسين.
[الحجة للقراء السبعة: 3/435]
وقرأ حمزة بين الصاد والزاي، واختلف عنه وقد ذكر.
وقرأ الباقون بالصّاد.
من فتح أن* فقياسه قول سيبويه: أنه حمله على فاتبعوه لأنّه قال في قوله: لإيلاف قريش [قريش/ 1]، وقوله: وأن هذه أمتكم أمة واحدة، وأنا ربكم فاتقون [المؤمنون/ 52]، وقوله: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا [الجن/ 18]، أن المعنى: لهذا فليعبدوا، ولأن هذه أمّتكم، ولأن المساجد لله فلا تدعوا، فكذلك لأن هذا صراطي مستقيما فاتّبعوه.
ومن خفّف فقال: وأن هذا صراطي فإنّ المخففة في قوله يتعلّق بما يتعلّق به المشدد، وموضع هذا* رفع بالابتداء، وخبره: صراطي وفي أن* ضمير القصة، والحديث، وعلى هذه الشريطة يخفّف، وليست المفتوحة كالمكسورة إذا خففت، وعلى هذا قول الأعشى:
[الحجة للقراء السبعة: 3/436]
في فتية كسيوف الهند قد علموا... أن هالك كلّ من يحفى وينتعل
والفاء التي في قوله: فاتبعوه، مثل الفاء التي في قوله: بزيد فامرر.
ومن كسر إن* استأنف بها، والفاء في قوله فاتبعوه على قوله عاطفة جملة على جملة، وعلى القول الأول زيادة). [الحجة للقراء السبعة: 3/437]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ذلكم وصّاكم به لعلّكم تذكرون} {وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه} 152 و153
[حجة القراءات: 276]
قرأ حمزة والكسائيّ {وأن هذا صراطي} بالكسر على الاستئناف وذلك أن الكلام متناه عند انقضاء الآية نكسر {إن} للابتداء بها وحجتهما في أن المراد من الكلام هو الاستئناف قوله في هذه السّورة {وهذا صراط ربك مستقيمًا} 126 على الابتداء بالخبر عن صفة الصّراط
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم {وأن هذا} بفتح الألف وتشديد النّون وحجتهم ذكرها اليزيدي فقال على معنى وصّاكم به وبأن هذا صراطي مستقيمًا وقال آخرون بل نسق على قوله {أتل ما حرم ربكم} أي أتل ما حرم ربكم وأتل أن هذا صراطي مستقيمًا
وقرأ ابن عامر {وأن هذا} بفتح الألف وتخفيف النّون عطف على قوله {ألا تشركوا به شيئا} و{إن هذا} عطف {إن} على {إن} ). [حجة القراءات: 277] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (87- قوله: {وأن هذا صراطي} قرأه حمزة والكسائي بكسر الهمزة، وفتحها الباقون، وكلهم شدد إلا ابن عامر، فإنه خففها مع فتح الهمزة.
وحجة من فتح أنه حمله على إضمار اللام، فـ «أن» في موضع نصب لحذف الخافض، والتقدير: ولأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه، أي: اتبعوه لأنه مستقيم، والفاء في «اتبعوه» بمنزلتها في قولك: يزيد فامرر.
88- وحجة من كسر «أن» أنه جعلها مبتدأة مستأنفة، فكسرها لذلك، فالفاء في هذه القراءة عاطفة جملة على جملة، بخلافها في القراءة الأخرى.
89- وحجة من خفف «أن» أنه جعلها «أن» المخففة من الثقيلة، وفتحها على إضمار اللام كما تقدم، ويكون هذا، في قراءة من خفف «أن»، في موضع رفع بالابتداء، ومع «أن» ضمير القصة، وعلى هذه الشريطة
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/457]
تخفيف المفتوحة بخلاف تخفيف المكسورة التي تضمر معها الهاء، وهي اسمها). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/458]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (66- {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي} [آية/ 153] بتشديد النون من {أَنَّ} وفتح الألف:-
قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم.
والوجه أنه محمول على قوله {فَاتَّبِعُوهُ} ومتصل به، والتقدير: فاتبعوه لكونه صراطًا مستقيمًا، واللام الجارة مقدرة، والمعنى: ولأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه، فموضع أن نصب بأن مفعول له، وقيل: بل هو معطوف على قوله {أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ}، فقوله {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} متلو أيضأ، كأنه قال: واتل أن هذا صراطي.
[الموضح: 513]
وقرأ ابن عامر ويعقوب {وَأَنَّ هَذَا} بسكون النون وفتح الألف.
والوجه أن {أَنَّ} ههنا مخففة من الثقيلة، وهي في حكم المشددة، وما ذكرناه في المشددة من الأحكام فإنه لازم له، إلا أن ههنا شيئا آخر، وهو ضمير القصة والحديث، والتقدير: وأنه أو وأنها على معنى وأن الأمر أو الحديث أو القصة هذا صراطي مستقيمًا، فموض {هَذَا} رفع بالابتداء، وخبره صراطي، والمبتدأ والخبر في موضع رفع بأنهما خبر أن والأمر المضمر الذي هو الحديث أو القصة، وإنما يخفف أن على هذا الشرط، وهو أن يضمر الشأن أو القصة بعده، قال الأعشى:
34- في فتية كسيوف الهند قد علموا = أن هالك كل من يحفى وينتعل
أي أن الأمر أو الشان هالك كل من يحفى وينتعل وقرأ حمزة والكسائي {أَنَّ} بكسر الألف وتشديد النون.
والوجه أنه على الاستئناف؛ لأن إن يقطع ما قبله مما بعده، فالكلام من قوله {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} مستأنف، والفاء في قوله {فَاتَّبِعُوهُ} على هذا لعطف جملة على جملة، وفي الوجه الأول زائد مثل قولك: بزيد فامرر). [الموضح: 514]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (67- {صِراطِيَ} [آية/ 153] بفتح الياء:-
قرأها ابن عامر وحده، والباقون {صِرَاطِي} بسكون الياء.
وقد مضى في مثل هذه الياء ما فيه كفاية فيما سبق من هذا الكتاب). [الموضح: 515]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 09:47 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام

[ من الآية (154) إلى الآية (157) ]
{ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154) وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155) أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (156) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آَيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (157)}

قوله تعالى: {ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن يعمر: [تَمَامًا عَلَى الَّذي أَحْسَنُ].
قال أبو الفتح: هذا مستضعف الإعراب عندنا؛ لحذفك المبتدأ العائد على الذي؛ لأن تقديره: تمامًا على الذي هو أحسن، وحذْف "هو" من هنا ضعيف؛ وذلك أنه إنما يُحذف من صلة الذي الهاء المنصوبة بالفعل الذي هو صلتها، نحو: مررت بالذي ضربتَ؛ أي: ضربتَه، وأكرمتَ الذي أهنتَ؛ أي: أهنتَه، فالهاء ضمير المفعول، ومن المفعول بُدٌّ، وطال الاسم بصلته، فحذفت الهاء لذلك، وليس المبتدأ بنيِّف ولا فضلة فيحذف تحفيفًا، لاسيما وهو عائد الموصول،
[المحتسب: 1/234]
وأن هذا قد جاء نحوه عنهم؛ حكى سيبويه عن الخليل: "ما أنا بالذي قائل لك شيئًا سوءًا" أي: بالذي هو قائل، وقال:
لم أرَ مثل الفتيان في غبن الـ ... أيام ينسَون ما عواقبها
أي: ينسون الذي هو عواقبها.
ويجوز أن يكون "ينسون" معلقة كما علقوا نقيضتها التي هي يعلمون، وتكون "ما" استفهامًا وعواقبها خبر "ما"، كقولك: قد علمت مَن أبوك وعرفت أيُّهم أخوك؟، وعلى الوجه الأول حمله أصحابنا). [المحتسب: 1/235]

قوله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)}

قوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (156)}

قوله تعالى: {أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آَيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (157)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة يحيى وإبراهيم: [مِمَّنْ كَذَبَ بِآياتِ اللهِ] خفيفة الذال.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون دخول الباء هنا حملًا على المعنى؛ وذلك لأنه في معنى مَكَرَ بها، وكفر بها، وما أكثر هذا النحو في هذه اللغة، وقد ذكرناه فيما مضى، ومنه قوله:
ألم يأْتيك والأنباءُ تَنمي ... بما لاقت لبون بني زياد
زاد الباء في بما لاقت لما كان معناه ألم تسمع بما لاقت لبونهم، وفيه ما أنشدَناه أبو علي: أم كيف ينفعُ ما تعطى العَلوقُ به ... رئْمانَ أنف إذا ما ضُنَّ باللبِن
ألحق الباء في به لما كان تعطى في معنى تسمح به، ألا تراه قال في آخر البيت: إذا ما ضُنَّ باللبن؟ فالضن نقيضُ السماحة والبذل). [المحتسب: 1/235]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة