العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:59 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (158) إلى الآية (160) ]

{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159) وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160)}

قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)}

قوله تعالى: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159)}

قوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة يحيى والأعمش وطلحة بن سليمان: [عَشِرة]، وقرأ [عشَرة] بفتح الشين بخلاف.
قال أبو الفتح: أما [عشِرة] بكسر الشين فتميمية، وأما إسكانها فحجازية.
واعلم أن هذا موضع طريف؛ وذلك أن المشهور عن الحجازيين تحريك الثاني من الثلاثي إذا كان مضمومًا أو مكسورًا، نحو: الرسُل والطنُب والكبِد والفخِذ، ونحو: ظرُف وشرُف وعلِم وقدِم. وأما بنو تميم فيسكنون الثاني من هذا ونحوه، فيقولون: رُسْل وكُتْب وكَبْد وفَخْذ، وقد ظَرْف وقد عَلْم، لكن القبيلتين جميعًا فارقتا في هذا الموضع من العدد معتاد لغتهما، وأخذت كل
[المحتسب: 1/261]
واحدة منهما لغة صاحبتها وتركت مألوف اللغة السائرة عنها، فقال أهل الحجاز: اثنتا عشْرة بالإسكان، والتميميون عشِرة بالكسرة.
وسبب ذلك ما أذكره؛ وذلك أن العدد موضع يَحْدث معه ترك الأصول، وتُضم فيه الكلم بعضه إلى بعض، وذلك من أحد عشر إلى تسعة عشرة، فلما فارقوا أصول الكلام من الإفراد وصاروا إلى الضم فارقوا أيضًا أصول أوضاعهم ومألوف لغاتهم، فأسكن من كان يحرك، وحرك من كان يسكن، كما أنهم لما حذفوا هاء حنيفة للإضافة حذفوا معها الياء، فقالوا: حنفي، ولما لم يكن في حنيف هاء تحذف فتحذف لها الياء قالوا فيه: حنيفي، كقولهم: الجاه، وأصله عندنا الوجه، فقلبوه فقدموا العين على الفاء، وكان قياسه أن يقولوا: جَوْه، إلا أنهم لما قلبوا شجُعوا عليه فغيروا بناءه. فأصاروه من جَوْه إلى جَوَه، فانقلبت الواو التي هي فاء في موضع العين ألفًا لانفتاح ما قبلها وحركتها، فصارت جاه كما ترى.
وحسَّن ذلك لهم أيضًا ما أذكره؛ وهو أنهم قد علموا أنهم إذا حركوا الواو وقبلها فتحة انقلبت ألفًا وهي ساكنة كما تعلم أبدًا، فصار عودهم إلى سكون الحرف مسوغًا لهم تحريكه المؤدي إلى سكونه، حتى كأنهم لم يحدثوا في الحروف حدثًا.
فإن قيل: فهلا أقروا الواو على سكونها، واستغنوا بذلك عن تحريكها المؤدي إلى سكون الحرف المنقلب عنها وهو الألف.
قيل: الذي فعلوه أصنع؛ وذلك أنهم إذا قلبوه ألفًا صار بمنزلة وجود الحركة فيه؛ لأن الألف في نحو هذا لا تنقلب إلا عن حركة وهي مع هذا ساكنة، فاجتمع لهم في الألف أمران:
أحدهما: تحريك الساكن لما عَرَض لهم هناك في القلب على عادتهم في إلحاق التحريف بعضه ببعض.
والآخر: سكون الألف لفظًا مع ما قدمناه من اعتقاد تحريكها معنى.
وإذا أدى الحرف الساكن مع خفته تأدية المحرَّك على ثقله، فتلك صنعة مأْنوس بها مُعْتَمَدٌ مثلها، وما لحقه تغيير ما فدعا ذاك إلى إلحاقه تغييرًا ثانيًا كثير في اللغة جدًّا، ألا ترى إلى أحد قولي سيبويه في أَينُق: إن الياء فيها بدل من الواو التي هي عين في أصل الكلمة؛ وذلك أن أصلها أَنْوُق، وقد حكاها الفراء فيما رويناه عنه، فقدمت العين على الفاء فصار تقديرها أونق، فلما تقدمت العين على الفاء فتوهنت بذلك قلبوها ياء فقالها: أينق، وكذلك لما أَعلُّوا
[المحتسب: 1/262]
فاء الفعل من اتقى بأن أبدلوها تاء وأدغموها في تاء افتعل أعلُّوها أيضًا بالحذف، فقالوا: تَقَى يَتْقِي. ومثله ما أنشده أبو زيد من قول الشاعر:
قَصَرْتُ له القبيلة إذا تَجهْنا ... وما ضافت بشدته ذراعي
فيمن رواه بفتح الجيم، ألا ترى أن وزنه افتعلنا من الوجه اوتَجَهْنا، فلما أُبدلت الواو تاء وأدغمت في تاء افتعل فصارت اتجه، شجُعوا على أن حذفوها أيضًا فقالوا: تَجَه؟ فوزن تَجَه الآن على لفظه تَعَل، ومضارعه يتَجِه، ومثاله يتَعِل، وكذلك تَقَى فَعَل، والجاه وزنه على اللفظ بسكون الألف عَفْل، وهو قبل القلب عَفَل؛ لأنه صار من جَوْه إلى جَوَه، وأصله الأول فعْل لأنه وَجْه، ولولا إشفاقي من الإطالة لبسطت هذا ونحوه بسطًا يونِقُ عارفيه وأهله، وفيما ذكرنا دليل على ما أُغفل.
وأما [اثنتا عشَرة] بفتح الشين فعلى وجه طريف؛ وذلك أن قوله: {اثنتي} يختص بالتأنيث، و[عشَرة] بفتح الشين تختص بالتذكير، وكل واحد من هذين يدفع صاحبه. وأقرب ما تُصرف هذه القراءة إليه أن يكون شبَّه اثنتي عَشَرة بالعقود ما بين العشرة إلى المائة، ألا تراك تقول: عشرون وثلاثون، فتجد فيه لفظ التذكير ولفظ التأنيث؟ أما التذكير فالواو والنون، وأما التأنيث فقولك: ثلاث من ثلاثون؛ ولذلك صلحت ثلاثون إلى التسعين للمذكر والمونث فقلت: ثلاثون رجلًا وثلاثون امرأة، وتسعون غلامًا وتسعون جارية، فكذلك أيضًا هذا الموضع.
ألا تراه قال تعالى: {اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا}؟ فـ[أَسْبَاطًا] يؤذن بالتذكير، و"أمم" يؤذن بالتأنيث، وهذا واضح.
وحَسُن تشبيه اثنتي عشرة برءوس العقود دون المائة من حيث كان إعراب كل واحد منهما بالحرف لا بالحركة، وذلك اثنتا عشْرة واثنتي عشْرة، فهذا نحو من قولهم: عشرون وعشرين، وخمسون وخمسين، وتسعون وتسعين، فافهمه.
ومما يدلك على أن ضم أسماء العدد بعضها إلى بعض يدعو إلى تحريفها عن عادة استعمالها قولهم: أحد عشر رجلًا وإحدى عشرة امرأة، وكان قياس أربع وأربعة وخمس وخمسة أن يكون
[المحتسب: 1/263]
هذا أَحد وأَحَدة، أفلا ترى إلى إحدى -وهي فِعْلَى وأصلها وِحْدى- كيف عاقبت في المذكر فعلًا، وهو أحد وأصله وَحَد؟
فأما إحدى وعشرون إلى التسعين فإنه لما سبق التحريف إليها في إحدى عشرة ثبت فيها فيما بعد). [المحتسب: 1/264]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 09:01 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (161) إلى الآية (162) ]

{وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (162)}

قوله تعالى: {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (نغفر لكم خطيئاتكم... (161).
قرأ أبو عمرو (نغفر لكم) بالنون، (خطاياكم) بوزن (قضاياكم)، وقرأ ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي (نغفر لكم) بالنون، (خطيئاتكم) بالهمز والجمع، وقرأ نافع ويعقوب (تغفر لكم) بالتاء (خطيئاتكم) بالهمز وضم التاء على الجمع، وكذلك روى محبوب عن أبي عمرو (تغفر لكم) برفع التاء من (تغف) ومن (خطيئاتكم) على الجمع، على ما لم يسم فاعله.
وقرأ ابن عامر (تغفر لكم) بالتاء (خطيئتكم) موحدة مرفوعة التاء مهموزة.
قال أبو منصور: من قرأ (نغفر لكم خطاياكم) فالله يقول (نغفر) كما يقوله الملك، ويقول: فعلنا.
و (خطاياكم) في موضع النصب على هذه القراءة، ولا يبين فيها الإعراب.
ومن قرأ (تغفر لكم خطيئاتكم) فخطيئاتكم مرفوعة؛ لأنها لم يسم فاعلها.
وكذلك من قرأ (خطيئتكم) واحدة.
[معاني القراءات وعللها: 1/426]
والخطيئة والخطا: الذئب والإثم). [معاني القراءات وعللها: 1/427]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (40- وقوله تعالى: {نغفر لكم خطيئاتكم} [161].
قرأ نافع وحده {تغفر} بالتاء والضم {خطيئاتكم} بالجمع وبضم التاء جعلها اسم ما لم يسم فاعله.
وقرأ ابن عامر بالتاء ايضًا إلا أنه وحد فقرأ: {خطيتكم}.
وقرأ أبو عمرو: {نغفر} بالنون {خطياكم} بالجمع، جمع للتكسير.
وقرأ نافع بجمع السلامة كما تقول: رزية ورزايا ورزايات وقد بينت علة ذلك في سورة (البقرة) فأغنى عن الإعادة هاهنا.
وقرأ الباقون مثل أبي عمرو غير أنهم قرأوا {خطيئاتكم بكسر التاء في موضع نصب، وإنما كسرت لأنها غير أصلية، كما تقول: رأيت سماوات ودخلت حمامات). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/210]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله [جلّ وعزّ]: نغفر لكم خطاياكم [الأعراف/ 161].
فقرأ ابن كثير وعاصم، وحمزة، والكسائيّ: نغفر لكم
[الحجة للقراء السبعة: 4/94]
خطيئاتكم بالتاء مهموزة على الجمع.
وقرأ أبو عمرو: نغفر لكم بالنون، خطاياكم* من غير همز، مثل: قضاياكم، ولا تاء فيها.
وقرأ نافع: تغفر لكم* بالتاء مضمومة، خطيئاتكم بالهمز، وضم التاء على الجمع، وكذلك روى محبوب عن أبي عمرو: تغفر لكم* [بالتاء مضمومة] خطيئاتكم بالهمز، وضم التاء، وتابعه ابن عامر على التاء من تغفر لكم وضمّها، وقرأ: خطيئتكم واحدة مهموزة مرفوعة.
من قرأ: نغفر لكم، فهو على: وإذ قيل لهم... ادخلوا... نغفر لكم. والتي في البقرة: نغفر والنون هناك أحسن لقوله: وإذ قلنا [البقرة/ 58]. وفي الأعراف: وإذ قيل لهم [الآية/ 161]، والمعنى فيمن قرأ في الأعراف:
نغفر لكم، كأنّه قيل لهم: ادخلوا نغفر. أي: إن دخلتم غفرنا، فأمّا خطيئاتكم فجمع خطيئة، صححها في الجمع، كما كسّرت على خطايا، وكلا الأمرين شائع وحسن، فخطايا في اللفظ مثل قضايا إلّا أنّ الألف في قضايا منقلبة عن ياء هي لام الفعل، والألف في خطايا منقلبة عن ياء منقلبة عن همزة وهي لام الفعل.
[الحجة للقراء السبعة: 4/95]
فإن قلت: فهلّا رددت الهمزة في خطايا، لأنّك إنّما كنت قلبتها ياء لاجتماع الهمزتين وقد زال اجتماعهما، فهلّا قلت:
خطايأكم*؟.
فإن ذلك لا يستقيم لأنّ الياء في خطايا منقلبة عن همزة فعيلة، فحكمها حكم ما انقلب عنها، ألا ترى أنّ حكم الهمزة في حمراء حكم ما انقلب عنها من الألف، وحكم هرق، حكم أرق؟ فلو سمّيت بها لم تصرف كما لا تصرف أرق، وكذلك حكم الهمزة في علباء، حكم الياء في درحاية، فكذلك حكم الياء في خطايا، حكم الهمزة التي انقلبت عنها، وإذا كان كذلك، فاجتماع الهمزتين في الحكم قائم، وإن لم يكن اللفظ عليه.
فأمّا قراءة نافع: تغفر بالتاء مضمومة فلأنّه أسند إليها خطيئاتكم، وهو مؤنث، فأنّث وبنى الفعل للمفعول فقال:
تغفر*، ولم يقل نغفر لأنّ بناءه للمفعول أشبه بما قبله، ألا ترى أنّ قبله: وإذ قيل لهم وليس هذا مثل ما في البقرة، لأنّ
[الحجة للقراء السبعة: 4/96]
في البقرة: وإذ قلنا، ف نغفر لكم في البقرة، إنّما هو على: قلنا.
وممّا يقوي قراءة من قرأ: نغفر بالنون ما بعده من قوله: وسنزيد المحسنين). [الحجة للقراء السبعة: 4/97]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رواه قتادة عن الحسن: [وقولوا حِطَّةً] بالنصب.
قال أبو الفتح: هذا منصوب عندنا على المصدر بفعل مقدر؛ أي: احْطُطْ عنا ذنوبنا حِطَّةً.
قال:
واحطُط إلهي بفضلٍ منك أوزاري
ولا يكون "حطة" منصوبًا بنفس قولوا؛ لأن قلت وبابها لا ينصب المفرد إلا أن يكون ترجمة الجملة، وذلك كأن يقول إنسان:" لا إله إلا الله، فتقول أنت قلت: حقًّا؛ لأن قوله: لا إله إلا الله حق، ولا تقول: قلت زيدًا ولا عمرًا، ولا قلت قيامًا ولا قعودًا، على أن تنصب هذين المصدرين بنفس قلت لما ذكرته). [المحتسب: 1/264]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطيئاتكم سنزيد المحسنين}
قرأ نافع (تغفر لكم) بالتّاء مضمومة {خطيئاتكم} على الجمع
[حجة القراءات: 298]
وضم التّاء على ما لم يسم فاعله وهي جمع سلامة كما تقول صحيفة وصحائف وحجته أن أول الآية {وإذ قيل لهم} على ما لم يسم فاعله فكذلك {تغفر} على ما لم يسم فاعله والتّاء في قوله {تغفر} فعل جماعة تقدم
وقرأ ابن عامر {تغفر} بالتّاء أيضا إلّا أنه وحد فقرأ (خطيئتكم) وحجته أن الواحدة تؤدّي عن الجمع قال الله تعالى {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخّر}
وقرأ أبو عمرو {نغفر لكم} بالنّون الله أخبر عن نفسه وحجته قوله {سنزيد المحسنين} {خطاياكم} بالجمع جمع تكسير كما تقول رعية ورعايا وبرية وبرايا وضحية وضحايا
قال سيبويهٍ الأصل في خطايا خطائي مثل خطائع فيجب أن يبدل من هذه الياء همزة فيصير خطائئي مثل خطايع وإنّما همز ليكون فرقا بين الأصليّة وغير الأصليّة مثل معيشة فتجتمع همزتان فنقلب الثّانية ياء فتصير خطائي مثل خطاعي ثمّ يجب أن تقلب الياء والكسرة إلى الفتحة والألف فتصير خطاءا مثل خطاءا فيجب أن تبدل الهمزة ياء لوقوعها بين ألفين فتصير خطايا وإنّما أبدلت الهمزة حين وقعت بين ألفين لأن الهمزة مجانسة للألفات فاجتمعت ثلاثة أحرف من جنس واحد
وقرأ ابن كثير وأهل الكوفة {نغفر} بالنّون أيضا {خطيئاتكم}
[حجة القراءات: 299]
بالتّاء مهموزة على الجمع جمع السّلامة نحو سفينة وسفينات وصحيفة وصحيفات وخطيئة وخطيئات على وزن فعيلات وهي في موضع نصب وإنّما كسرت التّاء لأنّها غير أصليّة). [حجة القراءات: 300]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (49- قوله: {نغفر لكم خطيئاتكم} قرأه نافع وابن عامر بالتاء مضمومة، على تأنيث الجمع الذي بعده، وعلى تأنيث الخطيئة، وقرأ الباقون بالنون على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه بالغفران، وردوه على معنى ما قبله؛ لأن قوله: {وإذ قيل لهم} بمعنى: وإذ قلنا، كما قال في البقرة: {وإذ قلنا} «134» فالنون الاختيار؛ لأن الجماعة على ذلك، وقرأ أبو عمرو «خطاياكم» بألف من غير تاء، على الجمع المكسر لخطيئة، مثل الذي في البقرة، فآثر ذلك لكثرة الخطايا منهم، ولأن الجمع المكسر أدل على الكثرة من الجمع المسلم ومن الواحد؛ إذ لا يقع لكثير في هذا، وقرأ ابن عامر «خطيئتكم» بالتوحيد؛ لأن الواحد يدل على الجمع، وقد أضيف إلى الجمع، فذلك أقوى في الدلالة على الجمع؛ لأن لكل واحد خطايا، وقرأ بضم التاء، لأنه مفعول لم يسم فاعله، ومثله نافع، غير أنه قرأ بالجمع، جمع السلامة بألف والتاء مضمومة أيضًا، لأنه مفعول لم يسم فاعله فهو جمع خطية، فآثر الجمع لكثرة الخطايا من القوم المضاف إليهم الخطايا، والجمع المسلم بالألف والتاء يقع للكثير والقليل، وقرأ الباقون مثل نافع، غير أنهم كسروا التاء؛ لأنهم يقرؤون بالنون في «نغفر»، فعدوا الفعل إلى «خطيئاتكم» فهو منصوب، والتاء مكسورة في حال النصب، لأنها جمع مسلم، فهو على الأصول، وهو الاختيار، لأنا قد اخترنا النون في «نغفر» ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/480]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (41- {تَغْفِرُ لَكُمْ} التاء مضمومة {خَطِيئَاتِكُمْ} مهموزة مجموعة [آية/ 161]:
قرأهما نافع ويعقوب، وقرأ ابن عامر {تَغْفِرُ لَكُمْ} بالتاء والضم {خَطِيئَتِكُمْ} على الوحدة.
والوجه أن الفعل مبني للمفعول به ومسند إلى مؤنث، فلهذا كان الفعل بالتاء، وهو أشد موافقة لما قبله؛ إذ كان مبنيًا للمفعول به أيضًا وهو قوله {وإذْ قِيلَ}.
وأما {خَطِيئَاتِكُمْ} فهو جمع خطيئة جمع السلامة، وهو رفع بإسناد الفعل الذي لم يسم فاعله إليه، وقراءة ابن عامر {خَطِيئَتِكُمْ} على الوحدة، فإن الخطيئة تجري مجرى المصدر، فتكون موحدة في موضع الجمع كسائر المصادر.
وقرأ أبو عمرو {نَّغْفِرْ لَكُمْ} بالنون {خَطَايَاكُمْ} غير مهموز في وزن عطاياكم، وقرأ ابن كثير والكوفيون {نَّغْفِرْ لَكُمْ} بالنون {خَطِيئَاتِكُمْ} مهموزة مجموعة مكسورة التاء.
ووجه النون من {نَّغْفِرْ} أن الغافر هو الله تعالى، وهو يقول {نَّغْفِرْ}
[الموضح: 559]
بالنون، كما يقول الملك فعلنا، وقد سبق مثله.
و {خَطَايَاكُمْ} في موضع النصب بوقوع الفعل عليه، ولا يتبين فيها الإعراب، وهي جمع خطيئة جمع التكسير، ومن قرأ {خَطِيئَاتِكُمْ} بكسر التاء، فإنها نصب بنغفر على ما ذكرنا في {خَطَايَاكُمْ والتاء فيها لجمع المؤنث، وهو جر في موضع النصب). [الموضح: 560]

قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (162)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 09:02 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (163) إلى الآية (167) ]

{وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167)}

قوله تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة شهر بن حوشب وأبي نهيك: [يَعَدُّونَ فِي السَّبْت].
قال أبو الفتح: أراد يعتدون، فأسكن التاء ليدغمها في الدال، ونقل فتحتها إلى العين، فصار يعَدُّون، وقد مضى مثله في يَخَصِّف). [المحتسب: 1/264]

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) }
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قالوا معذرةً إلى ربّكم... (164).
قرأ عاصم في رواية حفص (معذرةً) نصبًا، وكذلك روى حسين الجعفي عن أبي بكر عن عاصم.
وقرأ الباقون (معذرةٌ) رفعًا.
قال أبو منصور: من قرأ (معذرةً) نصبًا فعلى المصدر، المعنى: نعتذر معذرةً، ومن قرأ (معذرةٌ) فعلى إضمار (هي معذرةٌ)، أو على معنى: موعظتنا إياهم (معذرةٌ) ). [معاني القراءات وعللها: 1/427]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (41- وقوله تعالى: {قالوا معذرة إلى ربكم} [164]
روى حفص عن عاصم {معذرة} بالنصب على المصدر كقولك: اعتذرت اعتذارًا ومعذرة بمعنى. وحجته: أن الكلام جواب كأنهم قيل لهم: لم
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/210]
تعظون قومًا الله مهلكهم؟ فأجابوا فقالوا: نعظهم اعتذارًا إلى ربهم، كما يقول القائل: لم وبخت فلانًا؟ فتقول: طلبًا لتقويمه.
وقرأ الباقون: {معذرة} بالرفع، فلهم حجتان:
إحداهما: ما قال سيبويه رحمه الله إن معناه: موعظتنا إياهم معذرة جعلها خبر ابتداء.
والثانية: أن تقديرها عند أبي عبيد: هذه معذرة.
فأما قوله تعالى: {ولو ألقى معاذيره} فقيل: معناه: ولو أسبل ستوره: وقال الأخفش: واحد المعاذير معذار). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/211]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الرفع والنصب من قوله تعالى: معذرة إلى ربكم [الأعراف/ 164].
فقرأ ابن كثير ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي معذرة رفعا.
واختلف عن عاصم؛ فروى أبو بكر في رواية يحيى بن آدم عنه، وغيره معذرة رفعا مثل حمزة وروى الحسين بن علي الجعفي عن أبي بكر وحفص عن عاصم معذرة نصبا.
قال أبو زيد: عذرته. أعذره عذرا، ومعذرة وعذرى.
فعلى. حجة من رفع: أن سيبويه قال: ومثله [في
[الحجة للقراء السبعة: 4/97]
قراءته] على الابتداء ويريد مثل حنان في قوله:
فقالت: حنان ما أتى بك هاهنا ومثله في أنّه على الابتداء، وليس على فعل قوله:
قالوا: معذرة إلى ربكم [الأعراف/ 164] لم يريدوا أن يعتذروا اعتذارا مستأنفا من أمر ليموا عليه، ولكنّهم قيل لهم:
لم تعظون قوما؟ فقالوا: معذرة. أي: موعظتنا معذرة إلى ربكم.
وحجة من نصب معذرة: أن سيبويه قال: لو قال رجل لرجل معذرة إلى الله، وإليك من كذا وكذا لنصب). [الحجة للقراء السبعة: 4/98]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتّقون}
قرأ حفص عن عاصم {قالوا معذرة} بالنّصب على المصدر وحجته أن الكلام جواب كأنّه قيل لهم لم تعظون قوما الله مهلكهم فأجابوا فقالوا نعظهم اعتذارا ومعذرة إلى ربهم
وقرأ الباقون {معذرة} بالرّفع قال سيبويهٍ معناه موعظتنا إيّاهم معذرة فالمعنى أنهم قالوا الأمر بالمعروف واجب علينا فعلينا موعظة هؤلاء لعلّهم يتّقون). [حجة القراءات: 300]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (50- قوله: {معذرة} قرأ حفص بالنصب على المصدر، كأنهم لما قيل لهم: {لم تعظون} قالوا: نعتذر من فعلهم اعتذارًا إلى ربكم، فكأنه خبر مستأنف وقوعه منهم، ويجوز أن يكون قد وقع ذلك منهم على معنى: اعتذرنا اعتذارًا، وقرأ الباقون بالرفع على إضمار مبتدأ دل عليه الكلام، كأنهم لما قيل لهم: لم تعظون قومًا قالوا موعظتنا معذرة لهم، فهو أمر قد مضى منهم فعله). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/481]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (42- {قَالُوا مَعْذِرَةً} [آية/ 164] بالنصب:
قرأها عاصم وحده- ص-.
والوجه أنه مصدر، وانتصابه لذلك، والتقدير نعتذر معذرة، فأضمر الفعل، ويجوز أن يكون مفعولا له، والتقدير نعظهم معذرة أي للمعذرة.
وقرأ الباقون {مَعْذِرَةٌ} بالرفع.
والوجه أنه خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: موعظتنا معذرة). [الموضح: 560]

قوله تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بعذابٍ بئيسٍ بما كانوا يفسقون (165)
قرأ نافع (بعذابٍ بيسٍ) بكسر الباء بغير همز، وروى خارجه عن نافع (بيسٍ) بفتح الباء وسكون الياء بغير همز، وروى أبو قرة عن نافع (بئيسٍ) مفتوحة الباء مكسورة الهمزة، وقرأ ابن عامر (بئسٍ) بكسر الباء وهمزة ساكنة، وقرأ عاصم في رواية الأعشى عن أبي بكر (بيأسٍ) بفتح الباء وسكون الياء وهمزة مفتوحة، بوزن (فيعل)، وليس عند يحيى بن آدم عن أبي بكر عن عاصم في هذا شيء.
[معاني القراءات وعللها: 1/427]
ورويت عن الأعمش هكذا، وقرأ الباقون وحفص عن عاصم (بئيسٍ) على (فعيل) بفتح الباء وكسر الهمزة.
قال أبو منصور: من قرأ (بيسٍ) على (فعلٍ) فالأصل (بئس) فخففت همزتها، ومن قرأ (بئسٍ) على (فعل) فهو من بئس يبأس فهو بئس، ومن قرأ (بيأسٍ) فهو من (فيعل) من بئس يبأس، كما يقال: عطل، من عطل يعطل، ومن قرأ (بئيسٍ) فهو على (فعيل) ومعناه: الشديد، يقال: بؤس يبؤس فهو بئيس، إذا اشتد وشجع.
وبئس يبأس، إذا افتقر، فهو بئيسٍ وبيسٍ أيضًا). [معاني القراءات وعللها: 1/428]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (42- وقوله تعالى: {بعذاب بئيس} [165].
قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي {بئيس} على فعيل، قال الشاعر:
حنقًا علي وما ترى = لي فيهم أثرًا بئيسا
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/211]
وقرأ نافع {بعذاب بيس} بكسر الباء بغير همز، وينشد:
لم ترو حتى بلت الدبيسا = ولقى الذي أداه أمرًا بيسا
وقرأ ابن عامر مثل نافع إلا أنه يهمز {بيس} بهمزة ساكنة، وروى خارجة عن نافع {بعذاب بيسْ بفتح الباء مثل بيت، وروى أبو عبيدة عن عبيد عن شبل عن ابن كثير: {بعذاب بئيس} كسر الباء مثل نافع، إلا أنه يمده.
وروى حفص عن عاصم: {بعذاب بئيس} على فعيل بكسر العين.
وروى أبو بكر عنه: {بيئس} على فيعل بفتح الهمزة وهو الاختيار مثل صيرف وصيقل. فهذه سبع قراءات عن السبعة في هذه الحروف.
وفيها ثلاث قراءات عن غير السبعة:
قرأ الحسن: {بعذاب بئسْ كما تقول: بئس ما صنعت.
وقرأ طلحة بن مصف: {بعذاب بئس} مثل فخذ.
وقرأ نصر بن عاصم: {بعذاب بيس} بفتح الباء والياء مثل حمل فتلك عشر قراءات فعيل وفيعل وفعل وفعل ومهموز وفعل غير مهموز وفعل بفتح السين وفعيل مثل شعير وبعير، وفعل وفعل وفعل.
فأما تفسير هذه الآية فإن أبا بكر محمد بن القاسم الأنباري رحمه الله حدثني قال: حدثني عبد الله بن محمد، قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا يحيى بن سليمان الطائفي عن ابن جريج عن عكرمة قال: دخلت على ابن عباس وهو ينظر في المصحف قبل أن يذهب بصره ويبكى فقلت:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/212]
ما يبكيك يا أبا العباس جعلني الله فداك؟ فقال لي: هل تعرف أيلة؟ قلت: وما أيلة؟ قال: هي قرية كان فيها ناس من اليهود، وكان الله تعالى قد حرم عليهم صيد الحيتان في يوم السبت فكانت تأتيهم حيتانهم يوم سببتهم شرعًا سمانا فتربض بأقبيتهم وابنيتهم، فإذا طلبوها في غير السبت لم يدركوها إلا [بمؤنة} شديدة فقال بعضهم لبعض، أو من قال ذلك منهم: لعلنا لو أخذناها فأكلناها في غير يوم السبت، ففعل ذلك أهل بيت منهم فاصطادوا وشووا، فلما شم جيرانهم رائحة الشواء قالوا: ألا ترون أن بني فلان لم يعاقبوا؟ وفشا فيهم ذلك الفعل حتى افترقوا فرقًا ثلاثًا: فرقة أكلت، وفرقة نهت، وفرقة قالوا: {لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا}.
فأما الفرقة التي نهت فإنهم قالوا: يا قوم إنا نحذركم غضب الله وعقابه وأن يصيبكم بمسخ أو قذف أو خسف، أو ببعض ما عنده من العذاب، والله لانبايتكم في موضع، ثم خرجوا عنهم، وغدوا عليهم فقرعوا عليهم الباب باب القرية فلم يكلمهم أحد، فجاءوا بسلم وأسندوه إلى السور، ورقى منهم راقٍ عليه فلما أشرف قال: يا عباد الله فإذا هي قردة لها أذناب تعاوى يقولها ثلاثًا، ثم نزل ففتح الباب فدخلوا عليهم، فعرفت القردة أنسابها من الإنس، ولم يعرف الإنس أنسابها من القردة، فكان القردة تأتي نسيبها وقريبها من الإنس فتحرك به وتشير إليه. فيقول: أنت فلان فيشير برأسه، أي: نعم ويبكي، وكانت القردة تأتي نسيبيها وقريبها من الإنس فتفعل مثل ذلك، فقالوا لهم: أما إنا فقد حذرناكم غضب الله وعقابه أن يصيبكم الله بمسخ أو قذف أو خسف، أو ببعض ما عنده من العذاب.
قال ابن عباس: فاسمع الله يقول: {أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون} [165].
ولا أدري ما فعلت الفرقة الثالثة، فقكم قد رأينا منكرًا لم نغيره؟!
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/213]
قال عكرمة: فقلت: يا ابا العباس جعلني الله فداك ألا ترى أنهم قد أنكروا حين قالوا: {لم تعظون قومًا الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا} قال: فأعجبه ذلك من قوله وأمر له ببردين غليظين كساه بهما.
قال أبو عبد الله رضي الله عنه -: فعلى هذا التفسير الاختيار أن يقف على قوله: {ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك} [163] ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/214]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في قوله جل وعز: بعذاب بئس [الأعراف/ 165].
فقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي:
بئيس على وزن فعيل، الهمزة بين الباء والياء منون.
وقرأ نافع بعذاب بيس بما بكسر الباء من غير همز وينوّن.
[الحجة للقراء السبعة: 4/98]
وروى أبو قرّة عن نافع بئيس على وزن فعيل مثل حمزة.
وروى خارجة عن نافع بيس* بفتح الباء من غير همز منون على وزن فعل.
وقرأ ابن عامر: بعذاب بئس بما على وزن فعل مثل نافع غير أنه مهموز؛ فكذلك ما روي عن نافع من قوله: بعذاب بئس.
وروى حفص عن عاصم [بئيس] مثل حمزة.
وروى حسين الجعفي عن أبي بكر عن عاصم بيأس على وزن فيعل بفتح الهمزة، أخبرني موسى بن إسحاق عن هارون بن حاتم عنه. وحدثني أبو البختريّ عن يحيى بن آدم عن أبي بكر قال: كان حفظي عن عاصم بيأس بما على وزن فيعل ثم دخلني منها شك، فتركت روايتها عن عاصم وأخذتها عن الأعمش بئيس بما مثل حمزة.
حدثني محمد بن الجهم قال: حدثني ابن أبي أمية عن أبي بكر قال: كان حفظي عن عاصم بيئس على وزن فيعل
[الحجة للقراء السبعة: 4/99]
ثم دخلني منها شك فتركت روايتها عن عاصم، وأخذتها عن الأعمش بعذاب بئيس [على وزن فعيل] قال أبو زيد: قد بؤس الرجل يبؤس بأسا، إذا كان شديد البأس، وقال في البؤس: قد بئس يبأس بؤسا وبيسا وبأسا، والبأساء الاسم.
[قال أبو علي]: يحتمل قول من قال: بئيس أمرين:
أحدهما أن يكون فعيلا من بؤس يبؤس، إذا كان شديد البأس مثل: من عذاب شديد [إبراهيم/ 2]، والآخر أن يكون من عذاب بئيس، فوصف بالمصدر، والمصدر على فعيل وقد جاء كثيرا كالنذير، والنكير، والشحيح. وعذير الحي، والتقدير: من عذاب ذي بئيس، أي عذاب ذي بؤس.
وأما ما روي عن نافع من قوله: بعذاب بيس، فإنه جعل بيس الذي هو فعل اسما فوصف به، ومثل ذلك
قوله: «إنّ الله ينهى عن قيل وقال» و «عن قيل وقال»
وقال:
أصبح الدهر وقد ألوى بهم... غير تقوالك من قيل وقال
[الحجة للقراء السبعة: 4/100]
ومثل ذلك: «من شبّ إلى دبّ»، و «من شبّ إلى دبّ»، فكما استعملت هذه الألفاظ أسماء وأفعالا، كذلك بئس* جعله اسما بعد أن كان فعلا فصار وصفا. ونظيره من الصفة: نقض، ونضو، وهرط.
وما روي عن نافع من قوله: بعذاب بيس بفتح الباء من غير همز، فهو أيضا فعل في الأصل، وصف، كما أن بيس كذلك.
وأمّا إبداله من الهمزة الياء، فإنّ سيبويه حكى أنّه سمع بعض العرب يقول: بيس* فلا يحقّق الهمزة، ويدع الحرف على الأصل، يريد على الأصل الذي هو فعل، كأنّه يسكن العين، كما يسكن في علم، ويقلب الهمزة ياء، لأنّه لمّا أسكنها لم يجز فيها أن تجعل بين بين، فأخلصها ياء.
وقراءة ابن عامر: بعذاب بئس بالهمز، فهي قراءة
[الحجة للقراء السبعة: 4/101]
نافع بعذاب بيس إلّا أنّ ابن عامر حقّق الهمزة. وما رواه أبو بكر عن عاصم بعذاب بيأس فإنه يكون وصفا مثل ضيغم، وحيدر، وهو بناء كثير في الصفة، ولا يجوز كسر العين في بيأس، لأنّ فيعل بناء اختصّ به ما كان عينه ياء، أو واوا، مثل: سيد وميت وطيب ولين، ولم يجيء مثل ضيغم، وقد جاء في المعتل فيعل، حكى سيبويه عيّن، وأنشد لرؤبة:
ما بال عيني كالشّعيب العيّن فينبغي أن يحمل بيأس على الوهم ممّن رواه عن عاصم والأعمش). [الحجة للقراء السبعة: 4/102]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي جعفر وشيبة وأبي عبد الرحمن والحسن واختلف عن نافع: [بعَذابٍ بِيسٍ] فعل بلا همز، و[بِئْسٍ] وهي قراء السلمي بخلاف، ويحيى وعاصم بخلاف،
[المحتسب: 1/264]
والأعمش بخلاف، وعيسى الهمداني.
[بَيْئِسٍ] مثل فَيْعِل ابن عباس وعاصم بخلاف.
[بَيْئَس] طلحة بن مصرف.
وقرأ أبو رجاء: [بائس]، و[بَيَسٍّ] وزن فَعَلٍّ.
وقراءة نصر بن عاصم وجُؤيَّة بن عائذ: و[بَأْس] ورُوي عن مالك بن دينار أيضًا.
و[بَيِّسٍ] وزن فَعِّلٍ، يروى عن نصر بن عاصم أيضًا.
و[بئِس] وزن فعِل قراءة زيد بن ثابت و[بِئْس].
ومما رويت عن الحسن و[بَيْس]، ورويت عن نافع أيضًا.
قال أبو الفتح: أما [بِيس] بغير همز على وزن فِعْل فيحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون أراد مثال فِعْل، فيكون كما جاء من الأوصاف على فِعْل، نحو: نِضْو ونِقْض وحِلْف، وأصله الهمز كقراءة مَن قرأ [بِئْسٍ] بالهمز، إلا أنه خفف فأبدل ياء فصارت [بيس] كبِير وذيبٍ، فيمن خفف.
والآخر: أن يكون أراد فَعِلًا، فأصله بَئِس كمَطِر وحَذِر، ثم أسكن ونقل الحركة من العين إلى الفاء كالعبرة فيما كان على فَعِل وثانيه حرف الحلق كفخِذ ونغِر وجئِز، فصار إلى بِئس، ثم خفف فقال: بِيس، على ما مضى.
وأما [بَئِس] على فَعِل فجاء على قولهم: قد بَئِس الرجل بآسةً: إذا شَجُعَ، فكأنه عذاب مُقدِم عليهم وغير متأخر عنهم.
وقد يجوز أيضًا أن يكون [بَئِس] مقصورًا من بئيس كالقراءة الفاشية، كما قالوا في لبيق: لَبق، وفي سيمج سَمج.
وأما [بَيْئِس] على فَيْعِل ففيه النظر؛ وذلك أن هذا البناء مما يختص به ما كان معتل العين كسيِّد وهين ودين ولين، ولم يجئ في الصحيح، وكأنه إنما جاء في الهمزة لمشابهتها حرفي العلة، والشبه بينها وبينهما من وجوه كثيرة.
[المحتسب: 1/265]
وأما [بَيْسٍ] في وزن جَيْشٍ فطريق صنعته أنه أراد بَئِس، فخفف الهمزة فصارت بين بين؛ أي: بين الهمزة والياء، فلما قاربت الياء ثقلت فيها الكسرة فأسكنها طلبًا للاستخفاف، فصارت في اللفظ ياء، كما خففوا نحو صَيِدَ البعير، فقالوا: صيْدَ وإن كنت العين في صيِد ياء محضة وكانت في بَئِس همزة مخففة، إلا أنه شبهها بياء صَيِد لما ذكرنا من مقاربتها في اللفظ الياء، ونحو من ذلك قول ابن ميادة:
فكان يوْميْذٍ لها حكمُها
أراد: يومئذ، فخفف فصارت الهمزة بين بين وأشبهت الياء فأسكنها، فقال: [يَوْمَيْذٍ]، فهذا كبَيْسٍ على ما ترى.
وقد يجوز أن يكون أراد تخفيف بَيْئِس، فصارت بَيِس ثم أسكن تخفيفًا، كقولهم في عَلِمَ: عَلْم، وفي كلمة: كَلْمة، وفي فَخِذ: فَخْذ، ومثال بيْس على هذا فَيْل.
فأما [بائس] فاسم الفاعل من بئِس على ما قدمنا ذكره.
وأما [بَيَس] فطريف، وظاهر أمره أن يكون جاء على ماضٍ مثالُه فَيْعَل كهَيْنَم، ثم خففت الهمزة فيه وأُلقيت حركتها على الياء فصار بَيَس، وجاز اعتقاد هذا الفعل وإن لم يظهر كأشياء تثبت تقديرًا ولا تبرز استعمالًا.
وأما [بَيِّس] بتشديد الياء وكسرها، فليس على فَعِّل كما ظن ابن مجاهد؛ بل هو على فَيْعِل تخفيف بيئِس على قول من قال من تخفيف سوءَة: سَوَّة، وفي تخفيف شيء: شيّ، فأبدل الهمزة على لفظ ما قبلها، وعليه قول الشاعر:
يعجل ذا القباضة الوحِيَّا ... أن يرفع المئزر عنه شَيَّا
فصار بَيِّس كما ترى.
وأما [بأْسٍ] فتخفيف بَئِس، كقولك في سَئِم: سأْم، وفي علِم عَلْم.
وأما [بَيْس] فالعمل فيه من تخفيف الهمزة ثم إسكانها فيما بعد كالعمل في [بَيْسٍ] وهو يريد الاسم، وقد مضى ذلك.
[المحتسب: 1/266]
وأما [بِئِس] فعلى الإتباع مثل: فِخِذ وشِهِد. قال أبو حاتم في قراءة بعضهم: [بِئيَس]، فهذا في الصفة بمنزلة حِذْيم فِعْيَل، وكذا مثَّله أبو حاتم أيضًا.
وحكى أبو حاتم أيضًا [بِئِيس] كشِعِير وبِعِير، فكسر أوله لكسر الهمزة بعده.
وحكى أيضًا فيها [بَئِّس] فَعِّل، وأنكرها فردها ألبتة، وأنكر قراءة الحسن: [بِئْس] وقال: لو كان كذا لما كان بُدٌّ معها من "ما" بئِسما كنعم ما). [المحتسب: 1/267]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وأخذنا الّذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون}
قرأ ابن عامر (بعذاب بئس) بكسر الباء وبهمزة ساكنة خرج الهمزة على الأصل ولم يلف في الهمزة ها هنا ثقل لخفة الحرف وقلة حروفه
وقرأ نافع (بعذاب بيس) بغير همز فعل من البؤس ترك همزه فأبدلت الياء من الهمزة لثقل الهمز لأن الياء أخف منه
وقرأ أبو بكر عن عاصم (بيأس) على فيعل مثل رجل صيرف إذا كان يتصرّف في الأمور
وقرأ الباقون {بعذاب بئيس} على فعيل من البؤس وتفسيره الشّديد). [حجة القراءات: 300]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (51- قوله: {بعذاب بئيس} قرأه نافع بغير همزة، وكسر الباء، وقرأ ابن عامر بهمزة ساكنة، بهمزة ساكنة، وكسر الباء، وقرأ الباقون بهمزة مكسورة، وفتح الباء، وبعد الهمزة ياء، وروي عن أبي بكر عن عاصم أنه قرأ بهمزة مفتوحة على وزن «فيعل» وروي عنه بهمزة مكسورة على وزن «فعيل».
وحجة من قرأ بكسر الباء أنه كسرها لحرف الحلق بعدها، وهو الهمزة وأصلها الفتح في قولك: بئس الرجل ثم يقولون: يبئس الرجل، كما قالوا في شَهِد شِهِد.
52- وحجة من فتح الباء أنه أتى بها على الأصل، كما قال: شَهِد بفتح الشين.
53- وحجة من قرأ بغير همز أن أصله فعل ماض نُقل إلى التسمية، فوصف به العذاب، فأصله أن يكون بهمزة مكسورة؛ لأنه منقول من «ييس» لكن أسكنت الهمزة استخفافًا، كما قالوا: في عَلِم عَلْمَ، وكانت الهمزة أولى بالإسكان لثقلها وصعوبة النطق بها، مع كسرها وكسر ما قبلها، فلما سكنت خففت بالبدل بياء لسكونها وانكسار ما قبلها.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/481]
54- وحجة من همز همزة ساكنة أنه أتى بها على الأصل، بعد نقلها من الكسر، فكأنه كره أن يغيرها بالتخفيف والبدل، وقد غُيرت عن الحركة إلى السكون.
55- وحجة من قرأ بهمزة مكسورة وفتح الباء، وياء بعد الهمزة، أنه جعله مصدرا وصف به العذاب من «بيئس» حكى أبو زيد: بئس الرجل بئيسًا، والمصدر على «فعيل» كثير، نحو: النذير والنفير، والتقدير: بعذاب ذي بئيس أي ذي بؤس؛ لأن بؤسًا أيضًا مصدر لبئس، وقيل: إن بئيسًا اسم فاعل من بَؤسُ الرجل، إذا كان شديد البأس، فيكون بئيس اسم فاعل من بَؤس ويكون معناه: بعذاب شديد فأما من قرأه على «فَيْعَل» فإنه جعله ملحقًا بـ «جعفر» كضيغم وهو صفة للعذاب أيضًا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/482]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (43- {بِعَذَابٍ بَيسٍ} [آية/ 165] مكسورة الباء غير مهموزة:
قرأها نافع وحده.
والوجه أن أصله بئس الذي هو فعل، فجعله اسمًا فوصف به، كما ورد في
[الموضح: 560]
الحديث أنه نهي عن قيل وقال، وأصله قيل وقال، فجعلا اسمين، فاستعملا استعمال الأسماء، فكذلك بئس جعله اسمًا بعد أن كان فعلاً، فصيره وصفًا للعذاب.
وروي عن نافع أيضًا {بَيسٍ} بفتح الباء وإسكان الياء من غير همز.
والوجه أن أصله بئس أيضًا على فعل، فأسكنت الهمزة منه، كما قالوا علم بسكون الأوسط من علم، ثم قلبت الهمزة ياء؛ لأنه لم يصح أن يجعل بين بين بالإسكان، وهو أيضًا فعل جعل اسمًا كما تقدم.
وقرأ ابن عامر {بِيئَسٍ} مكسورة الباء مهموزة.
والوجه فيه كالوجه في قراءة نافع، إلا أن الهمزة في هذه محققة، وفي تلك مخففة.
وقرأ عاصم- ياش- {بَيئَسٍ} بفتح الباء وبياء ساكنة، بعدها همزة مفتوحة على وزن بيعسٍ.
والوجه أنه وصف على فيعل من البؤس كضيغم وشيهم، وهو صحيح، فلا يأتي فيه إلا فتح العين؛ لأن فيعلاً بكسر العين لا يأتي في الصحيح بل في المعتل كسيد وميت.
[الموضح: 561]
وروى- ص- عن عاصم {بَئِيسٍ} بفتح الباء وهمزة مكسورة، بعدها ياء، على وزن بعيس.
وكذلك قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي ويعقوب.
والوجه أنه فعيل من البؤس، فيجوز أن يكون اسم فاعل من بؤس يبؤس فهو بئيس كعظم يعظم فهو عظيم، فقوله {عَذَابٍ بَئِيسٍ} كعذاب شديد، ويجوز أن يكون مصدراً وصف به، يقال بؤس بؤسًا وبئيسًا، والمعنى بعذاب ذي بئيس). [الموضح: 562]

قوله تعالى: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166)}

قوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 09:03 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (168) إلى الآية (171) ]

{وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171)}

قوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168)}

قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة السلمي: [وادَّارسُوا ما فيه]، وعباس عن الضبي عن الأعمش: [وادَّكَروا ما فيه].
قال أبو الفتح: [ادَّارسُوا] تدارسوا، كقوله: [ادَّاركوا]، والعمل فيهما واحد، وقد تقدم.
[المحتسب: 1/267]
وأما [وادَّكرُوا] فأراد تذكروا، وهذا كقوله تعالى: {قَالُوا اطَّيَّرْنَا}). [المحتسب: 1/268]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ودرسوا ما فيه والدّار الآخرة خير للّذين يتّقون أفلا تعقلون}
[حجة القراءات: 300]
{والّذين يمسكون بالكتاب} 169 و170
قرأ نافع وابن عامر وحفص {أفلا تعقلون} بالتّاء على الخطاب وقرأ الباقون بالياء إخبار عنهم
قرأ أبو بكر {والّذين يمسكون بالكتاب} بالتّخفيف أي يأخذون بما فيه من حلاله وحرامه وحجته قوله {فكلوا ممّا أمسكن عليكم} وقوله {أمسك عليك زوجك} ولم يقل مسك
وقرأ الباقون {يمسكون} بالتّشديد وحجتهم في ذلك أنهم قالوا إنّما يقال مسكت بالشّيء فإذا خففوا لم يدخلوا بالباء وقالوا أمسكت الشّيء ولا يقال أمسكت بالشّيء
الجواب عن قراءة أبي بكر أن العرب تزيد الباء وفي كتاب الله {عينا يشرب بها عباد الله} أي يشربها والباء زائدة فكذلك تقول أمسكت بالشّيء معناه أمسكت الشّيء). [حجة القراءات: 301] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (44- {أَفَلا تَعْقِلُونَ} [آية/ 169] بالتاء:
قرأها نافع وابن عامر و- ص- عن عاصم ويعقوب.
والوجه أنه خاطبهم بعد الإخبار عنهم فقال أفلا تعقلون أن الدار الآخرة خير للذين يتقون؟، وقد تقدم خطابهم في قوله تعالى {قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِين}.
وقرأ الباقون {أَفَلا يَعْقِلُونَ} بالياء.
والوجه أن ما قبله على الغيبة في قوله {وإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ} و{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ} و{أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم وما بعده أيضًا على الغيبة نحو {وإذْ نَتَقْنَا الجَبَلَ فَوْقَهُمْ} فحمله على الغيبة أولى؛ لموافقة ما قبله وما بعده). [الموضح: 562]

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (والّذين يمسّكون بالكتاب... (170).
قرأ عاصم في رواية أبي بكر (يمسكون) ساكنة الميم خفيفة، وقرأ الباقون (يمسّكون) مشددة.
وقرأ أبو عمرو ويعقوب في الممتحنة (ولا تمسّكوا بعصم الكوافر) مشددة، وخففها الباقون.
[معاني القراءات وعللها: 1/428]
قال أبو منصور: يقال: أمسكت بالشيء، ومسّكت به، وتمسكت به، وامتسكت واستمسكت بمعنى واحد). [معاني القراءات وعللها: 1/429]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (43- قوله تعالى: {والذين يمسكون بالكتاب} [170].
قرأ عاصم في رواية ابي بكر بالتخفيف هاهنا وفي (الممتحنة) وقرأ أبو عمرو بالتشديد.
وقرأ الباقون في (الأعراف) بالتشديد، فمن خفف احتج بقوله تعالى: {فكلوا مما أمسكن عليكم} وبقوله: {أمسك عليك زوجك} ولم يقل مسك. ومن شدد احتج بقراءة أُبَي: {والذين مسكوا بالكتاب}). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/214]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التخفيف والتشديد في قوله جلّ وعزّ: والذين يمسكون بالكتاب [الأعراف/ 170].
فقرأ عاصم وحده في رواية أبي بكر: والذين يمسكون
[الحجة للقراء السبعة: 4/102]
خفيفا، وكذلك قرأ: ولا تمسكوا بعصم الكوافر [الممتحنة/ 10] خفيفا.
وروى عنه حفص: يمسكون مشدّدة، ولا تمسكوا خفيفا.
وقرأ ابن كثير ونافع، وابن عامر، وحمزة، والكسائيّ، والذين يمسكون مشددة ولا تمسكوا خفيفة.
وقرأ أبو عمرو: والذين يمسكون وو لا تمسكوا مشدّدتين مضمومة التاء.
انفرد أبو عمرو بقوله: ولا تمسكوا أنّها مشدّدة، والباقون يخفّفونها.
[قال أبو علي] حجة من قرأ: يمسكون بتخفيف السين قوله: فإمساك بمعروف [البقرة/ 229].
وقوله: أمسك عليك زوجك، [الأحزاب/ 37]، وكلوا مما أمسكن عليكم [المائدة/ 4].
وقول الجميع: يمسكون بالكتاب أولى من الرواية التي انفرد بها من قال: يمسكون بالكتاب عن عاصم، وذلك أنّ التشديد هاهنا إذا أريد به الكثرة كان أولى من التخفيف لقوله:
[الحجة للقراء السبعة: 4/103]
وتؤمنون بالكتاب كله [آل عمران/ 119]، أي لا تؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض، فأنتم خلاف من حكي عنهم: ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض [النساء/ 150] واتفاق الجماعة غير أبي عمرو في قوله: ولا تمسكوا بالتخفيف حسن، لأنّ ذلك في إمساك المرأة، وقد قال فيه: فإمساك بمعروف، وقال: أمسك عليك زوجك [الأحزاب/ 37]، وقال: فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف [البقرة/ 231]. وقال: فأمسكوهن في البيوت [النساء/ 15]، وقال: ولا تمسكوهن ضرارا [البقرة/ 231]، فعلى هذا قول الجماعة: ولا تمسكوا بعصم الكوافر [الممتحنة/ 10] وقول أبي عمرو: إنّ أفعل، وفعّل قد يكونان بمعنى واحد). [الحجة للقراء السبعة: 4/104]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ودرسوا ما فيه والدّار الآخرة خير للّذين يتّقون أفلا تعقلون}
[حجة القراءات: 300]
{والّذين يمسكون بالكتاب} 169 و170
قرأ نافع وابن عامر وحفص {أفلا تعقلون} بالتّاء على الخطاب وقرأ الباقون بالياء إخبار عنهم
قرأ أبو بكر {والّذين يمسكون بالكتاب} بالتّخفيف أي يأخذون بما فيه من حلاله وحرامه وحجته قوله {فكلوا ممّا أمسكن عليكم} وقوله {أمسك عليك زوجك} ولم يقل مسك
وقرأ الباقون {يمسكون} بالتّشديد وحجتهم في ذلك أنهم قالوا إنّما يقال مسكت بالشّيء فإذا خففوا لم يدخلوا بالباء وقالوا أمسكت الشّيء ولا يقال أمسكت بالشّيء
الجواب عن قراءة أبي بكر أن العرب تزيد الباء وفي كتاب الله {عينا يشرب بها عباد الله} أي يشربها والباء زائدة فكذلك تقول أمسكت بالشّيء معناه أمسكت الشّيء). [حجة القراءات: 301] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (56- قوله: {والذين يمسكون بالكتاب} قرأه أبو بكر بالتخفيف، من «أمسك يمسك» لإجماعهم على قوله: {فإمساك بمعروف} «البقرة 239» وقوله: {أمسك عليك زوجك} «الأحزاب 37» وقوله: {مما أمسكن عليكم} «المائدة 4» وقوله: {فأمسكوهن في البيوت} «النساء 15» وقوله: {لا تمسكوهن ضرارا} «البقرة 231» فكله من «أمسك»، وقرأ الباقون بالتشديد على التكثير والتكرير للتمسك بكتاب الله ودينه، فبذلك يمدحون، وفيه معنى التأكيد وهو من مسك الأمر أي لزمه، فالتمسك بكتاب الله والدين يحتاج إلى الملازمة والتكرير لفعل ذلك، فالتشديد يدل عيه، وكل ما ذكرنا من «أمسك» الذي لا يدل على تكرير ولا تأكيد، فإنما وقع في غير الدين في إمساك المرأة، وإمساك الصيد، فالتشديد أولى به وأحسن، وهو الاختيار، لما ذكرنا من المعنى؛ ولأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/482]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (45- {يُمَسِّكُونَ} [آية/ 170] بسكون الميم وتخفيف السين:
قرأها عاصم وحده- ياش-.
والوجه أن أمسك وتمسك ومسك واستمسك واحد في معنى التعلق والاعتصام، إلا أن أمسك أكثر ما يستعمل بغير باء، يقال أمسكت الشيء وتمسكت به واستمسكت، قال الله تعالى {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} و{فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} و{فَأَمْسِكُوهُنَّ ويمكن الفرق بين الإمساك والتمسك أن الإمساك ضبط الشيء عن الذهاب، فهو ضد التخلية، والتمسك التعلق بالشيء، فأراد وضع الإمساك موضع التمسك، فلذلك عداه بالباء.
وقرأ الباقون {يُمَسِّكُونَ} بتحريك الميم والتشديد، وكلهم قرأ في سورة الممتحنة {ولا تُمْسِكُوا} مخففة، غير أبي عمرو ويعقوب فإنهما قرآ {تُمَسِّكُوا} مشددة.
والوجه في التشديد أن مسك وتمسك أوقع في هذا المعنى من أمسك على ما بيناه، ثم إن التشديد ههنا لما أريد به من الكثرة أولى ههنا من التخفيف؛ لأن المراد يؤمنون بالكتاب كله، فلا يؤمنون ببعضه ويكفرون بالبعض). [الموضح: 563]

قوله تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 09:04 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (172) إلى الآية (174) ]

{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174)}

قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (من ظهورهم ذرّيّتهم... (172).
قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب (من ظهورهم ذرّيّاتهم) جماعة.
وقرأ الباقون (ذرّيّتهم) واحدة.
قال أبو منصور: المعنى واحد في الذرية والذريات، وقد بينت تفسيره واشتقاقه في التفسير). [معاني القراءات وعللها: 1/429]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أن تقولوا يوم القيامة... (172)
قرأ أبو عمرو وحده (أن يقولوا) و(أو يقولوا (173) بالياء معًا، وقرأ الباقون بالتاء معًا.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء فهو مخاطبة، ومن قرأ بالياء فعلى الغيبة، وقيل في تفسير (أن تقولوا) قولان:
أحدهما: لأن لا تقولوا.
والثاني: كراهة أن تقولوا، وكذلك من قرأ بالياء). [معاني القراءات وعللها: 1/429]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (44- وقوله تعالى: {من ظهورهم ذريتهم} [172].
قرأ نافع وابو عمرو وابن عامر {ذرياتهم} على الجماع وكسر التاء، وهو في موضع نصب؛ لأن التاء غير أصلية.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/214]
وقرأ الباقون {ذريتهم} واحدة، فاختلف الناس في ذلك فقال قوم: خلق الله تعالى الناس بعضهم من بعض ومسح ظهر آدم فأخرج الخلق منه كأمثال الذر، فأخذ العهد عليهم بعقل ركنه فيهم فقال: {ألست بربكم قالوا بلى شهدنا} فهاهنا الوقف، فكان يختاره ابن مجاهد ويبتدى بـ «أن» مفتوحة بفعل مضمر. فكل إ نسان إذا بلغ الحلم علم بعقله أن الله خالقه، واستدل لذلك، وإنما بعث الله تعالى الرسل وأوضح البراهين ليؤكد الحجة عليهم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/215]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (45- وقوله تعالى: {أن تقولوا} {أو تقولوا} [172، 173].
قرأ أبو عمرو وحده بالياء.
والباقون بالتاء.
فمن قرأ بالياء فشاهده {من ظهورهم ذريتهم}.
والتاء محمولة على ما قبلها من المخاطبة في قوله عز وجل: {الست بربكم}). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/215] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الجمع والتوحيد في قوله جلّ وعزّ: من ظهورهم ذرياتهم [الأعراف/ 172].
فقرأ ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي من ظهورهم ذريتهم واحدة.
وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر: ذرياتهم* جماعة.
[الحجة للقراء السبعة: 4/104]
[قال أبو علي] قولهم: الذريّة تكون جمعا وتكون واحدا، فمما جاء فيه ذرية يراد به الواحد قوله: هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لى من لدنك ذرية طيبة،... فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب إن الله يبشرك بيحيى [آل عمران/ 39].
فهذا مثل قوله: فهب لي من لدنك وليا، يرثني [مريم/ 5]، يا زكرياء إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى [مريم/ 7].
وممّا جاء فيه جمعا قوله: وكنا ذرية من بعدهم [الأعراف/ 173]، ومنه قوله: ألا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح [الإسراء/ 2 - 3]، فمن أفرد جعله جمعا؛ فاستغنى عن جمعه بوقوعه على الجميع. ومن جمع فمن حجته أن يقول: لا يخلو من أن يكون واحدا، أو جمعا؛ فإن كان واحدا، فلا إشكال في جواز الجمع فيه، وإن كان جمعا فجمعه أيضا حسن، لأنّك قد رأيت الجموع المكسّرة قد جمعت نحو: الطرقات، والجزرات، وصواحبات يوسف.
ومن حجة من أفرد فلم يجمع، أنّ الذريّة قد وقع على
[الحجة للقراء السبعة: 4/105]
الواحد والجميع بدلالة ما تقدم ذكره، كما أنّ قوله:
بشر تقع على الواحد والجميع، فالجميع كقوله: أبشر يهدوننا [التغابن/ 6]، وإن أنتم إلا بشر مثلنا [إبراهيم/ 10]، والواحد كقوله: ما هذا بشرا إن هذا [يوسف/ 31]، ولئن أطعتم بشرا مثلكم... أيعدكم أنكم [المؤمنون/ 33 - 34]، فكما لم يجمع بشر بتصحيح ولا تكسير، كذلك لا تجمع الذريّة. فأمّا مثال ذرية من الفعل فيجوز أن يكون فعلولة من الذرّ، فأبدلت من الراء التي هي اللّام الأخيرة ياء كما أبدلت من دهديّة؛ يدلّك على البدل فيه قوله:
دهدوهة ويحتمل أن يكون فعّيلة منه، فأبدلت من الراء الياء، كما تبدل من هذه الحروف للتضعيف، وإن وقع فيها الفصل، ويحتمل أن يكون فعليّة نسبا إلى الذرّ، إلّا أنّ الفتحة أبدلت منها الضمة، كما أبدلوا في الإضافة إلى الدهر دهري، وإلى السهل: سهلي، ويجوز أن تكون فعّيلة من ذرأ الله الخلق، اجتمع على تخفيفها، كما اجتمع على تخفيف البرية*. ويجوز أن تكون فعّيلة من قوله: تذروه الرياح [الكهف/ 45]، [أبدلت
[الحجة للقراء السبعة: 4/106]
من الواو الياء لوقوع ياء قبلها]، ويقوي ذلك أنّ في بعض الحروف ذرية من حملنا [الإسراء/ 3] ). [الحجة للقراء السبعة: 4/107]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله تعالى: أن يقولوا يوم القيامة أو تقولوا [الأعراف/ 172 - 173].
فقرأ أبو عمرو وحده: أن يقولوا* أو يقولوا بالياء جميعا، وقرأ الباقون جميعا بالتاء.
حجة أبي عمرو: أنّ الذي تقدّم من الكلام على الغيبة، وذلك قوله: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم، وأشهدهم على أنفسهم [الأعراف/ 172] كراهة أن يقولوا أو لئلا يقولوا، ويؤكد ذلك ما جاء بعد من الإخبار عن الغيبة وهو قوله: قالوا بلى [الأعراف/ 172].
وحجة من قرأ بالتاء: أنّه قد جرى في الكلام خطاب فقال: ألست بربكم، قالوا: بلى شهدنا [الأعراف/ 172]، وكلا الوجهين حسن، لأنّ الغيب هم المخاطبون في المعنى). [الحجة للقراء السبعة: 4/107] (م)
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة زهير عن خُصَيف: [مِنْ ظُهورهم ذُرِّيئَتَهم] واحدة مهموزة.
قال أبو الفتح: هذا يمنع مِن تَأَوُّل الذرية فيمن لم يهمز أنها من الذر أو من ذَرَوت أو من ذَرَيْت، ويقطع بأنها من ذَرَأْتُ؛ أي: خلقتُ.
فإن قلت: فهلا أجزْتَ أن تكون من الذَّر وجعلتها فُعْلِيَّة غير أنها همزت كما وجد بخط الأصمعي: قَطًا جؤني.
قيل: هذا من الشذوذ؛ بحيث لا يُسمع أصلًا، فضلًا عن أن يتخذ قياسًا). [المحتسب: 1/267]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين * أو تقولوا} 172 و173
قرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو (من ظهورهم ذرياتهم) بالألف وكسر التّاء وحجتهم أن الذريات الأعقاب المتناسلة وأنّها إذا كانت كذلك كانت أكثر من الذّرّيّة واحتج أبو عمرو في ذلك عند قوله (هب لنا من أزواجنا وذرّيّتنا قرّة أعين) أن الذّرّيّة ما كان في
[حجة القراءات: 301]
حجورهم وأن الذريات ما تناسل بعدهم وأحال أن تكون ذريات بقد قوله {قرّة أعين} وقال لأن الإنسان لا تقر عينه بما كان بعده
وقرأ أهل مكّة والكوفة {ذرّيتهم} وحجتهم أن الذّرّيّة لما في الجحور وما يتناسل بعد والدّلالة على ذلك قوله تعالى {أولئك الّذين أنعم الله عليهم من النّبيين من ذرّيّة آدم} فلا شيء أكثر من ذرّيّة آدم والّذين لم يرهم آدم من ذريّته أكثر من الّذين رآهم وقد أجمعوا هنا على ذرّيّة بلا خلاف بين الأمة فكان رد ما اختلفوا إلى ما أجمعوا عليه أولى بالصّواب وقوله عقيب ذلك {وكنّا ذرّيّة من بعدهم} بلفظ واحد أدل دليل على صحة التّوحيد إذ كانوا هم الّذين أخبر عنهم وقد أجمعوا على التّوحيد
قرأ أبو عمرو (أن يقولو يوم القيامة) (أو يقولوا) بالياء فيهما وحجته ذكرها اليزيدي فقال وتصديقها قوله (من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم) وبعدها أيضا {وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون} فذكر أبو عمرو فذهب إلى أن الكلام أجري على لفظ ما تقدمه من الخبر عن الذّرّيّة لأن الكلام ابتداؤه بالخبر عنهم فما كان في سياقه فهو جار على لفظه ومعناه فكل هذا خبر عنهم
وقرأ الباقون بالتّاء ردوا الكلام على المخاطبة وحجتهم قوله {ألست بربكم} فجرى ما بعده على لفظه وسياقه عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم} قال
أخذوا من ظهره كما يؤخذ من الرأس بالمشط فقال لهم ألست بربكم قالوا بلى قالت الملائكة
[حجة القراءات: 302]
شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين أي لئلّا تقولوا يوم القيامة). [حجة القراءات: 303] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (57- قوله: {من ظهورهم ذريتهم} قرأه الكوفيون وابن كثير بالتوحيد، وفتح التاء، وقرأ الباقون بالجمع وكسر التاء.
وحجة من قرأ بالتوحيد أن الذرية تقع للواحد والجمع، قال الله جل ذكره: {هب لي من لدنك ذرية طيبة} «آل عمران 38» فهذا للواحد إنما سأل هبة ولد فبشر بـ «يحيى» دليله قوله في موضع آخر {فهب لي من لدنك وليا} «مريم 5» وقد أجمع على التوحيد في قوله: {من ذرية آدم} «مريم 58» وقد أجمع على التوحيد في قوله: {من ذرية آدم} «مريم 58» ولا شيء أكثر من ذرية آدم، وقال تعالى: {وكنا ذرية من بعدهم} «الأعراف 173» فهذا للجمع، فلما وقعت للجمع استُغني بذلك عن الجمع، ومثله «البشر» يقع للواحد والجمع، وقال الله جل ذكره: {أبشرٌ يهدوننا} «التغابن 6» فهذا للجمع، وقال: {ولئن أطعتم بشرًا مثلكم} «المؤمنون 34» فهذا للواحد.
58- وحجة من جمع أنه لما كانت الذرية تقع للواحد أتى بلفظ لا يقع للواحد، فجمع ليخلص الكلمة إلى معناها المقصود إليه، لا يشركها فيه شيء، وهو الجمع؛ لأن ظهور بني آدم استخرج منها ذريات كثيرة متناسبة أعقابا بعد أعقاب، لا يعلم عددهم إلا الله، فجمع لهذا المعنى، والجمع بالتاء والألف يقع للتكثير، على تقدير جمع بعد جمع، وتقدير حذف التاء كلما جمع، وحذف الألف لاجتماع ألفين كلما كرر الجمع، وفتح التاء في التوحيد لأنه مفعول به، وعلى ذلك كسرت في الجمع؛ لأنه جمع على حد التثنية، فالخفض فيه كالنصب). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/483]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (59- قوله: {أن تقولوا}، {أو تقولوا} قرأ أبو عمرو بالياء فيهم، ردهما على لفظ الغيبة المتكرر قبله، وهو قوله: {من بني آدم من ظهورهم
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/483]
ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم}، وقوله: {قالوا بلى} وبعده أيضًا لفظ غيبة في قوله: {وكنا ذرية من بعدهم} وقوله: {ولعلهم} «174» فحمله على ما قبله وما بعده من لفظ الغيبة، وفي «يقولوا» ضمير الذرية، على معنى: أشهدهم على أنفسهم لئلا يقولوا أو يقولوا قالوا بلى شهدنا، أي: شهد بعضنا على بعض، وقرأ الباقون فيهما بالتاء، ردوه على لفظ الخطاب المتقدم في قوله: {ألست بربكم}، لئلا تقولوا أو تقولوا، ردوه على لفظ الخطاب المتقدم في قوله: {ألست بربكم} لئلا تقولوا أو تقولوا، ردوه على لفظ الخطاب المتقدم في قوله: {ألست بربكم}، لئلا تقولوا أو تقولوا، أو يكون «شهدنا» من قول الملائكة، لما قالوا «بلى» قالت الملائكة: شهدنا أن تقولوا، أي لئلا تقولوا، وقيل: معنى ذلك أنهم لما قالوا بلى، فأقروا بالربوبية، قال الله جل ذكره للملائكة اشهدوا، قالوا: شهدنا بإقراركم لئلا تقولوا أو تقولوا، وقد روى مجاهد عن ابن عمر أن النبي عليه السلام قال: أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم كما يؤخذ بالمشط من الرأس، فقال لهم: ألست بربكم قالوا: بلى، قالت الملائكة: شهدنا أن تقولوا، أي: شهدنا عليكم بالإقرار بالربوبية لئلا تقولوا، فهذا يدل على التاء، وهو الاختيار، لصحة معناه، ولأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/484]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (46- {مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ} [آية/ 172] بالجمع:
قرأها نافع وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب.
والوجه أن المعنى على الجمع، فلذلك اختاروا لفظ الجمع؛ لأن ذريات جمع ذرية، وذرية لا تخلو من أن تكون واحدة أو جمعًا، فإن كانت واحدة فلا خلاف في حسن جمعها وجوازه، وإن كانت ذرية جمعًا، فمن الجموع المكسرة ما جمع جمع السلامة نحو الطرقات وصواحبات يوسف.
وقرأ الباقون {ذُرِّيَّتَهُمْ} على الوحدة.
والوجه أن لفظ الذرية ههنا للجمع؛ لأن الذرية قد تقع على الواحد والجمع، فمما وقع منه على الواحد قوله تعالى {رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} ثم قال {أَنَّ الله يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى ومما وقع على الجمع قوله تعالى {وكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّنْ بَعْدِهِمْ} وهو مثل البشر يقع على الواحد والجمع كقوله تعالى {مَا هَذَا بَشَرًا} و{أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} ). [الموضح: 564]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (47- {أَن يَقُولُوا} [آية/ 172] {أَوْ يَقُولُوا} [آية/ 173] بالياء فيهما:
قرأها أبو عمرو وحده.
والوجه أنه على الغيبة؛ لأن ما قبله أيضًا على الغيبة وهو قوله تعالى {وإذْ
[الموضح: 564]
أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيّاتَهُمْ وأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ} فجعله على الغيبة حسن؛ لموافقة ما تقدم، والمعنى أخذ ذريتهم من ظهورهم وأشهدهم على أنفسهم لئلا يقولوا أو كراهة أن يقولوا.
وقرأ الباقون {أَن تَقُولُوا} و{أَوْ تَقُولُوا} بالتاء فيهما.
والوجه أن فيما تقدم خطابًا وهو قوله تعالى {ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ} فحمل هذا على الخطاب أيضًا لموافقته). [الموضح: 565] (م)

قوله تعالى: {أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (45- وقوله تعالى: {أن تقولوا} {أو تقولوا} [172، 173].
قرأ أبو عمرو وحده بالياء.
والباقون بالتاء.
فمن قرأ بالياء فشاهده {من ظهورهم ذريتهم}.
والتاء محمولة على ما قبلها من المخاطبة في قوله عز وجل: {الست بربكم}). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/215] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله تعالى: أن يقولوا يوم القيامة أو تقولوا [الأعراف/ 172 - 173].
فقرأ أبو عمرو وحده: أن يقولوا* أو يقولوا بالياء جميعا، وقرأ الباقون جميعا بالتاء.
حجة أبي عمرو: أنّ الذي تقدّم من الكلام على الغيبة، وذلك قوله: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم، وأشهدهم على أنفسهم [الأعراف/ 172] كراهة أن يقولوا أو لئلا يقولوا، ويؤكد ذلك ما جاء بعد من الإخبار عن الغيبة وهو قوله: قالوا بلى [الأعراف/ 172].
وحجة من قرأ بالتاء: أنّه قد جرى في الكلام خطاب فقال: ألست بربكم، قالوا: بلى شهدنا [الأعراف/ 172]، وكلا الوجهين حسن، لأنّ الغيب هم المخاطبون في المعنى). [الحجة للقراء السبعة: 4/107] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين * أو تقولوا} 172 و173
قرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو (من ظهورهم ذرياتهم) بالألف وكسر التّاء وحجتهم أن الذريات الأعقاب المتناسلة وأنّها إذا كانت كذلك كانت أكثر من الذّرّيّة واحتج أبو عمرو في ذلك عند قوله (هب لنا من أزواجنا وذرّيّتنا قرّة أعين) أن الذّرّيّة ما كان في
[حجة القراءات: 301]
حجورهم وأن الذريات ما تناسل بعدهم وأحال أن تكون ذريات بقد قوله {قرّة أعين} وقال لأن الإنسان لا تقر عينه بما كان بعده
وقرأ أهل مكّة والكوفة {ذرّيتهم} وحجتهم أن الذّرّيّة لما في الجحور وما يتناسل بعد والدّلالة على ذلك قوله تعالى {أولئك الّذين أنعم الله عليهم من النّبيين من ذرّيّة آدم} فلا شيء أكثر من ذرّيّة آدم والّذين لم يرهم آدم من ذريّته أكثر من الّذين رآهم وقد أجمعوا هنا على ذرّيّة بلا خلاف بين الأمة فكان رد ما اختلفوا إلى ما أجمعوا عليه أولى بالصّواب وقوله عقيب ذلك {وكنّا ذرّيّة من بعدهم} بلفظ واحد أدل دليل على صحة التّوحيد إذ كانوا هم الّذين أخبر عنهم وقد أجمعوا على التّوحيد
قرأ أبو عمرو (أن يقولو يوم القيامة) (أو يقولوا) بالياء فيهما وحجته ذكرها اليزيدي فقال وتصديقها قوله (من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم) وبعدها أيضا {وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون} فذكر أبو عمرو فذهب إلى أن الكلام أجري على لفظ ما تقدمه من الخبر عن الذّرّيّة لأن الكلام ابتداؤه بالخبر عنهم فما كان في سياقه فهو جار على لفظه ومعناه فكل هذا خبر عنهم
وقرأ الباقون بالتّاء ردوا الكلام على المخاطبة وحجتهم قوله {ألست بربكم} فجرى ما بعده على لفظه وسياقه عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم} قال
أخذوا من ظهره كما يؤخذ من الرأس بالمشط فقال لهم ألست بربكم قالوا بلى قالت الملائكة
[حجة القراءات: 302]
شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين أي لئلّا تقولوا يوم القيامة). [حجة القراءات: 303] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (47- {أَن يَقُولُوا} [آية/ 172] {أَوْ يَقُولُوا} [آية/ 173] بالياء فيهما:
قرأها أبو عمرو وحده.
والوجه أنه على الغيبة؛ لأن ما قبله أيضًا على الغيبة وهو قوله تعالى {وإذْ
[الموضح: 564]
أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيّاتَهُمْ وأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ} فجعله على الغيبة حسن؛ لموافقة ما تقدم، والمعنى أخذ ذريتهم من ظهورهم وأشهدهم على أنفسهم لئلا يقولوا أو كراهة أن يقولوا.
وقرأ الباقون {أَن تَقُولُوا} و{أَوْ تَقُولُوا} بالتاء فيهما.
والوجه أن فيما تقدم خطابًا وهو قوله تعالى {ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ} فحمل هذا على الخطاب أيضًا لموافقته). [الموضح: 565] (م)

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 09:06 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (175) إلى الآية (178) ]

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178)}

قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175)}

قوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (48- {يَلْهَث ذَّلِكَ} [آية/ 176] بإظهار الثاء:
قرأها نافع في رواية- ش- و- ن- .
والوجه أنه هو الأصل؛ لأن الأصل في كل متقاربين ومتجانسين الإظهار، حتى يأتي ما يقتضي الإدغام.
وقرأ الباقون بالإدغام، وقال المطوعي: قرأت لابن كثير بالإظهار والإدغام جميعًا.
والوجه في الإدغام أن الثاء والذال حرفان متقاربان أشد التقارب، فيحسن الإدغام ههنا كالمتجانسين، لا سيما والأول منهما ساكن، والثاني متحرك، فالإدغام إنما يحصل عند سكون الأول وتحرك الثاني، ولا يمنع الإدغام كون الحرفين من كلمتين). [الموضح: 565]

قوله تعالى: {سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177)}

قوله تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 09:07 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (179) إلى الآية (183) ]

{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180) وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)}

قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (الّذين يلحدون... (180)
في الأعراف والنحل والسجدة (فصلت).
قرأها حمزة (يلحدون) بفتح الياء ثلاثتهن، وقرأ الكسائي في النحل (الذين يلحدون) بفتح الياء، وقرأ هنا وفي السجدة (يلحدون) بضم الياء، وقرأ الباقون بضم الياء في كلهن (يلحدون).
وقال الفراء: من قرأ (يلحدون) أراد: يميلون، ومن قرأ (يلحدون) فمعناه: يعترضون، ومنه قوله: (ومن يرد فيه بإلحادٍ) أي: باعتراضٍ.
وروى أبو عبيد عن الأحمر: لحدت: جرت وملت.
وألحدت: ماريت وجادلت.
قال أبو منصور: وأصل اللحد والإلحاد: الجور عن القصد.
وأخبرني المنذري عن الحراني عن ابن السكيت قال: الملحد: العادل عن الحق المدخل فيه ما ليس منه، يقال: ألحد في الدين، ولحد عن الحق، إذا مال وعدل، واللحد: الشق في جانب القبر، مأخوذ منه، وقد ألحدت للميت لحدًا ولحدت بمعناه). [معاني القراءات وعللها: 1/430]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (46- وقوله تعالى: {وذروا الذين يلحدون في أسمائه} [180].
قرأ حمزة وحده {يلحدون} بفتح الياء وكذلك في (النحل) و(السجدة) كلهن بالفتح.
وقرأ الباقون بالضم إلا الكسائي وحده، فإنه فتح التي في (النحل) فقال قوم: لحد في القبر وألحد بمعنى واحد، وقد جاء في القبر الحد قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/215]
يا ويح أنصار النبي ونسله = بعد المغيب في سواء الملحد
فـــ«ملحد» لا يكون إلا من ألحد، ولو كان من لحد لكان ملحودًا كما قالت زينب رضي الله عنها: يا قصة علي ملحود -، أي: يا جصا علي قبر فلا هدأت الدية ولا رفأت العبرة» فيقال للقبر: الملحود واللحد والديم والضريح والجدث والجدف والبيت والمحنا والمحنا في غير هذا: الترس والمطمطمة: القبر أيضًا، والرمس والمنهال). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/216]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في ضمّ الياء وفتحها من قوله تعالى: يلحدون [الأعراف/ 180].
[الحجة للقراء السبعة: 4/107]
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر:
يلحدون بضمّ الياء، وكذلك في سورة النحل [103]، والسجدة [40].
وقرأ حمزة الأحرف الثلاثة بفتح الياء والحاء.
وقرأ الكسائي في النحل: لسان الذي يلحدون إليه بفتح الياء والحاء وفي الأعراف والسجدة يلحدون [بضم الياء].
[قال أبو علي] حجة من قرأ: يلحدون قوله: ومن يرد فيه بإلحاد [الحج/ 25]، ويدلّ على أن ألحد أكثر، قولهم: ملحد كما قال:
ليس الإمام بالشحيح الملحد ولا تكاد تسمع لاحدا. وزعم أبو الحسن وغيره: أنّ ألحد ولحد لغتان: فمن جمع بينهما في قراءته، فكأنّه أراد الأخذ بكلّ واحد من اللغتين، وكأنّ الإلحاد: العدول عن الاستقامة والانحراف عنها، ومنه اللحد: الذي يحفر في جانب القبر خلاف الضريح الذي يحفر في وسطه). [الحجة للقراء السبعة: 4/108]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وذروا الّذين يلحدون في أسمائه}
قرأ حمزة {وذروا الّذين يلحدون} بفتح الياء والحاء وقرأ الباقون {يلحدون} بضم الياء وكسر الحاء
قال الكسائي هما لغتان يقال لحد وألحد وقال غيره يلحدون أي يطعنون في أسمائه ويلحدون يعرضون وكان ابن جريج يقول يلحدون قال اشتقوا أسماء آلهتهم من أسماء الله اشتقوا العزّى من العزيز واللات من الله وقال أبو عبيد يلحدون يجورون ولا يستقيمون وإنّما سمي اللّحد لأنّه في ناحية ولو كان مستقيمًا كان ضريحا وحجّة الرّفع قوله {ومن يرد فيه بإلحاد} أي باعتراض). [حجة القراءات: 303]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (60- قوله: {يلحدون في أسمائه} قرأ حمزة بفتح التاء والتاء، ومثله في النحل والسجدة، ووافقه الكسائي على ذلك في النحل خاصة، جعلاه من «لحد» إذا مال ثلاثيًا، وقرأ الباقون «يلحدون» بضم الياء وكسر الحاء، جعلوه من «ألحد» إذا مال، وهو أكثر في الاستعمال، فهو رباعي، وهما لغتان، يقال: لحد وألحد إذا عدل عن الاستقامة، ودليل ضم الياء إجماعهم على قوله:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/484]
{ومن يرد فيه بإلحاد} «الحج 25» وإجماعهم على استعمال الملحد دون اللاحد، والإلحاد الميل عن الاستقامة، ومنه قيل: اللحد، لأنه إ ذا حفر يمال به إلى جانب القبر، بخلاف الضريح الذي هو حفر في وسط القبر، والضم الاختيار، لأنه أكثر في الاستعمال، وأبين، وعليه أكثر القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/485]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (49- {يَلْحَدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [آية/ 180] بفتح الياء والحاء:
قرأها حمزة وحده، وكذلك في النحل {لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إلَيْهِوفي حم السجدة {إنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ وتابعه الكسائي في النحل، وقرأ في الأعراف والسجدة {يُلْحِدُونَ} بضم الياء وكسر الحاء.
وقرأ الباقون {يُلْحِدُونَ} بضم الياء وكسر الحاء في المواضع الثلاثة.
والوجه أن ألحد ولحد لغتان، إلا أن ألحد بالألف أكثر من لحد بغير ألف، يقال هو ملحد ولا يقال لاحد، وأصل الكلمة من العدول عن القصد.
قال ابن السكيت: ألحد في الدين ولحد عن الحق إذا عدل.
وقال الفراء: يلحدون بالفتح يميلون، ويلحدون بالضم يعترضون.
وقال أبو عبيد: لحدت: جرت، وألحدت: ماريت.
ومن قرأ في موضع بالفتح، وفي آخر بالضم، فإنه أراد الأخذ باللغتين). [الموضح: 566]

قوله تعالى: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181)}

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182)}

قوله تعالى: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 09:08 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (184) إلى الآية (186) ]
{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (184) أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186)}

قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (184)}

قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185)}

قوله تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويذرهم في طغيانهم يعمهون (186)
قرأ أبن كثير ونافع وابن عامر (ونذرهم) بالنون والرفع، وقرأ حمزة والكسائي (ويذرهم) بالياء والجزم، وكذلك روى هبيرة عن حفص عن عاصم، وقرأ أبو عمرو وعاصم ويعقوب (ويذرهم) بالياء والرفع.
قال أبو منصور: من قرأ (ويذرهم) بالياء والجزم عطفه على محل الفاء في قوله (فلا هادي له) والفاء فيه جواب الجزاء، المعنى: من يضلل الله يذره في طغيانه عامهًا، أي: متحيرا.
ومن قرأ (ويذرهم) بالرفع فهو استئناف.
وأما من قرأ (ونذرهم) بالنون فالنون لا يجوز فيه غير الرفع، يقول الله جلّ وعزّ: ونذرهم نحن، مستأنفًا). [معاني القراءات وعللها: 1/431]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (47- قوله تعالى: {ويذرهم في طغيانهم} [186].
قرأ عاصم وأبو عمرو بالياء والرفع على الاستئناف، إذ لم يتقدمه فعل ينسق عليه.
وقرأ حمزة والكسائي بالياء والجزم نسقا على موضع فاء الجزاء في قوله: {فلا هادي له}.
وقرأ الباقون بالنون والرفع، أي: ونحن نذرهم كما قال في (البقرة) {فهو خير لكم ويكفر عنكم}). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/216]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والنون. والرفع والجزم في قوله: ويذرهم [الأعراف/ 186].
فقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر ونذرهم بالنون والرفع.
وقرأ أبو عمرو: ويذرهم بالياء والرفع، وكذلك قرأ عاصم في رواية أبي بكر وحفص عن عاصم: ويذرهم بالياء والرفع.
[وقرأ حمزة والكسائي: ويذرهم بالياء مع الجزم خفيفة.
وكذلك حدثني الخزّاز عن هبيرة عن حفص عن عاصم ويذرهم] [مثل حمزة].
[قال أبو علي] حجة من رفع أنّه قطعه مما قبله؛ فإمّا أن يكون أضمر المبتدأ فصار ويذرهم في موضع خبر المبتدأ المحذوف، وإمّا أن يكون استأنف الفعل فرفعه.
وأمّا قول أبي عمرو: ويذرهم بالياء على الغيبة، فلتقدم اسم الله تعالى، وهو على لفظ الغيبة.
ومن قال: ونذرهم بالنون فالمعنى فيه مثل الياء.
وأمّا قراءة حمزة والكسائي: ويذرهم بجزم الفعل؛
[الحجة للقراء السبعة: 4/109]
فوجهها فيما يقول سيبويه أنّه عطف على موضع الفاء، وما بعدها من قوله: فلا هادي له [الأعراف/ 186]، لأن موضع الفاء مع ما بعدها جزم؛ فحمل ويذرهم على الموضع، والموضع جزم. ومثل ذلك قول الشاعر:
أنّى سلكت فإنّني لك كاشح... وعلى انتقاصك في الحياة وأزدد
ومثله قول أبي داود:
فأبلوني بليّتكم لعلّي... أصالحكم وأستدرج نويّا
حمل أستدرج على موضع الفاء المحذوفة من قوله:
فلعلي أصالحكم. والموضع جزم.
ومثله في الحمل على الموضع قوله: فأصدق وأكن [المنافقين/ 10].
ألا ترى أنّه لو لم تلحق الفاء لقلت: لولا أخّرتني
[الحجة للقراء السبعة: 4/110]
[إلى أجل قريب]... أصّدّق؛ لأنّ معنى لولا أخرتني: أخّرني أصّدّق، فحمل قوله: وأكن على ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 4/111]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون}
قرأ نافع وابن عامر وابن كثير {ونذرهم في طغيانهم} بالنّون والرّفع على الاستئناف أي نحن نذرهم أخبر عن نفسه
وقرأ أبو عمرو وعاصم {ويذرهم} بالياء والرّفع على الاستئناف أيضا وحجتهما قوله {من يضلل الله} ثمّ قال {ويذرهم} أي ويذرهم الله إخبار عنه
[حجة القراءات: 303]
قرأ حمزة والكسائيّ {ويذرهم} بالياء والجزم عطفا على موضع الفاء في قوله {فلا هادي له} المعنى من يضلل الله يذره في طغيانه). [حجة القراءات: 304]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (61- قوله: {ويذرهم في طغيانهم}، قرأ الحرميان وابن عامر بالنون على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، وهو خروج من لفظ غيبة إلى لفظ إخبار، كما قال: {والذين كفروا بآيات الله ولقائه} «العنكبوت 23» ثم قال: {أولئك يئسوا من رحمتي} ولو حمله على لفظ الغيبة قبله لقال: من رحمته، وقرأ الباقون بالياء حملوه على لفظ الغيبة قبله، في قوله: {من يضلل} فذلك حسن للمشاكلة، واتصال بعض الكلام ببعض، وكلهم قرأ بالرفع في «يذرهم» على القطع والاستئناف، على معنى: ولكن نذرهم، في قراءة من قرأ بالنون والرفع، وهما الحرميان وابن عامر، وعلى معنى: والله يذرهم، في قراءة من قرأ بالياء والرفع، وهما أبو عمرو وعاصم، إلا حمزة والكسائي فإنهما قرآه بالجزم، عطفاه على موضع الفاء، التي هي جواب الشرط، في قوله: {ومن يضلل الله فلا هادي له} لأن موضعها وما بعدها جزم، إذ هي جواب الشرط، فجعلاه كلامًا متصلًا بعضه ببعض، غير منقطع مما قبله، فالقراءتان في ذلك متقاربتان، والاختيار ما عليه أهل الحرمين من الرفع والنون). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/485]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (50- {ونَذَرُهُمْ} [آية/ 186] بالنون والرفع:
قرأها ابن كثير ونافع وابن عامر.
والوجه أنه مستأنف به عما قبله، كأنه قال: من يضلل الله فلا هادي له ونحن نذرهم، فاستأنف ولم يجعله محمولاً على ما قبله، بل أضمر المبتدأ الذي هو نحن.
وأما النون (فلأنه) أخبر به عن نفسه تعالى على المتعارف من طريقة الملوك إذا أخبروا عن أنفسهم.
وقرأ أبو عمرو وعاصم ويعقوب {ويَذَرُهُمْ} بالياء والرفع.
والوجه أنه أتى به على لفظ الغيبة لتقدم اسم الله تعالى، وهو قوله {مَن يُضْلِلِ الله ورفع لأنه مستأنف به مقطوع عما قبله كما سبق.
وقرأ حمزة والكسائي {ويَذَرْهُمْ} بالياء والجزم.
والوجه أنه عطف على موضع الفاء وما دخل عليه الفاء، وهو قوله تعالى {فَلا هَادِيَ لَهُ لأن موضعه جزم، والتقدير: من يضلل الله لم يهده هاد ويذرهم الله، فقوله {ويَذَرْهُمْ} محمولٌ على الموضع، كما قال الشاعر:
40- أيا سلكت فإنني لك كاشحٌ = وعلى انتقاصك في الحياة وأزدد
[الموضح: 567]
فعطف وأزدد على موضع الفاء وما بعده). [الموضح: 568]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 09:10 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (187) إلى الآية (188) ]

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (187) قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) }

قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (187)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة السُّلمي: [إيَّان مرساها] بكسر الهمزة.
قال أبو الفتح: أما {أَيَّان} بفتح الهمزة فَفَعْلان، وبكسرها فِعْلان، والنون فيهما زائدة حملًا على الأكثر في زيادة النون في نحو ذلك.
فإن قيل: فهلا جعلتها فَِعَّالا من لفظ أين، قيل: يمنع من ذلك أن أيان ظرفُ زمان وأين ظرف مكان؛ لكنها ينبغي أن تكون من لفظ "أي"؛ لما ذكرناه من اعتبار زيادة النون في نحو هذا.
ولأن [أيًّا] استفهام كما أن [أَيان] استفهام، وأن "أَيّ" أين كانت فهي بعض من كل، والبعض لا يخص زمانًا من مكان ولا جوهرًا من حدث، فحملها على "أي" أولى من حملها على أين.
وقد كنا قلنا في أي هذه: إنها من لفظ أَوَيْتُ ومعناه.
أما اللفظ فلأن باب طويت وشويت أضعاف باب حَيِيت وعَيِيت.
وأما المعنى فلأن البعض آوٍ إلى الكل ومتساند إليه، فهي إذن من قوله:
يأْوي إلى مُلْطٍ له وكَلْكَلِ
يصف البعير يقول: إنه يتساندُ بعضُه إلى بعض، فهو أقوى له، فأصلها على هذا أَوْيٌ، ثم قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء فصارت أَيّ، كقولك: طويت الكتاب طيًّا، وشويت اللحم شَيًّا.
ولو سمت رجلًا بأَيّان، فتحت الهمزة أو كسرتها، لم تصرفه معرفة؛ لأنها كحَمْدان وعِمْران، وإن كسَّرت ذلك الاسم على سِرْحان وسَراحين وحَوْمانة وحوامِين قلت: أوايين، فظهرت الواو التي هي عين أَوَيْتُ، كقولك في تكسير ريَّان أو جمعه على مثال مفاعيل: روايِين، تظهر الواو التي هي عينه لزوال علة القلب عنها). [المحتسب: 1/268]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس: [كأنَّك حفيٌّ بِها].
قال أبو الفتح: ذهب أبو الحسن في قوله: {يَسْأَلونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} إلى أن تقديره: يسألونك عنها كأنك حفي بها، فأخر "عن" وحذف الجار والمجرور للدلالة عليهما، فهذا الذي قدره أبو الحسن قد أظهره ابن عباس، وحذف "عنها" لدلالة الحال عليها، ألا ترى أنه إذا كان حفيًّا بها فمن العرف وجاري عادة الاستعمال أن يُسْأَل عنها، كما أنه إذا سئل عنها فليس ذلك إلا لحفاوته بها؟ وإذا لم يكن بها حفيًّا لم يكن عنها مسئولًا، وكل واحد من حرفي الجر دل عليه ما صحبه فساغ حذفه، وهذا واضح). [المحتسب: 1/269]

قوله تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 18 ( الأعضاء 0 والزوار 18)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:57 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة