العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ذو القعدة 1431هـ/25-10-2010م, 09:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 36 إلى 55]

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37) وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48) وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50) إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (54) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55)}

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لّعلّي أبلغ الأسباب... (أسباب السّماوات) فأطّلع...}.
بالرفع، يردّه على قوله: "أبلغ". ومن جعله جوابا للعلّي نصبه، وقد قرأ به بعض القراء قال: وأنشدني بعض العرب:
علّ صروف الدّهر أو دولاتها
= يدللنا اللّمّة من لمّاتها
= فتستريح النفس من زفراتها
فنصب على الجواب بلعلّ).
[معاني القرآن: 3/9]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لّعلّي أبلغ الأسباب}
وقال:
{يا هامان ابن لي} : بعضهم يضم النون , كأنه اتبعها ضمة النون التي في {هامان} , كما قالوا "منتنٌ" فكسروا الميم للكسرة التي في التاء , وبينها حرف ساكن فلم يحل, وكذلك لم يحل الباء في قوله: {ابن لي}).[معاني القرآن: 4/3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (السبب والحبل
السّبب أصله: الحبل.
ثم قيل: لكل شيء وصلت به إلى موضع، أو حاجة تريدها: سبب.
تقول: فلان سببي إليك، أي وصلني إليك. وما بيني وبينك سبب، أي آصرة رحم، أو عاطفة مودّة.
ومنه قيل للطريق: سبب؛ لأنّك بسلوكه تصل إلى الموضع الذي تريده، قال عز وجل: {فَأَتْبَعَ سَبَبًا} أي: طريقا.
وأسباب السماء: أبوابها؛ لأن الوصول إلى السماء يكون بدخولها. قال الله عز وجل- حكاية عن فرعون: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ}.
وقال زهير:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه = ولو نالَ أسبابَ السَّمَاءِ بسُلَّمِ). [تأويل مشكل القرآن: 464] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلّي أبلغ الأسباب (36)}: والصرح القصر، وكل بناء عظيم فهو صرح.
{لعلّي أبلغ الأسباب} : جاء في التفسير : أبواب السماء، , والأسباب في اللغة ما اتصل بالشيء.
وكذلك يقال : للحبل سبب؛ لأنه يوصل بالأشياء.
وجاء في التفسير: أيضا طرق السّماوات.
فالمعنى - واللّه أعلم, لعلي أبلغ إلى الذي يؤديني إلى السّماوات).
[معاني القرآن: 4/374-375]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا}
أي: قصرا , وكل بناء عظيم صرح .
{لعلي أبلغ الأسباب}, قال قتادة : أي: الأبواب .
والسبب في اللغة : ما يؤدي إلى الشيء , فالمعنى لعلي أبلغ ما يؤدي إلى السموات).
[معاني القرآن: 6/224]

تفسير قوله تعالى: {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لّعلّي أبلغ الأسباب... (أسباب السّماوات) فأطّلع...}.
بالرفع، يردّه على قوله: "أبلغ", ومن جعله جوابا للعلّي نصبه، وقد قرأ به بعض القراء قال: وأنشدني بعض العرب:
علّ صروف الدّهر أو دولاتها
= يدللنا اللّمّة من لمّاتها
=فتستريح النفس من زفراتها
, فنصب على الجواب بلعلّ).
[معاني القرآن: 3/9] (م)
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({في تباب} : في هلكة). [مجاز القرآن: 2/194]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و{لعلّي أبلغ الأسباب (36) أسباب السّماوات} : أي: أبوابها.
{في تبابٍ} : أي : بطلان, وكذلك: الخسران, ومنه: {تبّت يدا أبي لهبٍ وتبّ} ، وقوله: {وما زادوهم غير تتبيبٍ} ).[تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أسباب السّماوات فأطّلع إلى إله موسى وإنّي لأظنّه كاذبا وكذلك زيّن لفرعون سوء عمله وصدّ عن السّبيل وما كيد فرعون إلّا في تباب (37)}
ويقرأ :
{فأطلع} : بالرفع والنصب.
{وإنّي لأظنّه كاذبا} : هذا قول فرعون، يقول : وإن كنت زعمت أني أطلع إلى إله موسى، فأنا قلت هذا على دعوى موسى لا على أني على يقين من ذلك.
فيروى : أن هامان طبخ الآجر , لبناء الصرح, وأن أول من طبخ الآجر هامان.
{وكذلك زيّن لفرعون سوء عمله} : موضع الكاف نصب المعنى {زيّن لفرعون سوء عمله}: مثل ما وصفنا.
{وصدّ عن السّبيل} : أي صدّ عن السّبيل المستقيم, أي: المستقيمة , بكفره.
{وما كيد فرعون إلّا في تباب} : إلا في خسران، يقال: تبّت يداه أي خسرتا). [معاني القرآن: 4/375]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل}
ويقرأ :
{وصد عن السبيل } , وهو اختيار أبي عبيد.
وروي , عن ابن أبي إسحاق :
{وصد عن السبيل } .
قالوا أبو جعفر : وأحسنها
{ وصد عن السبيل } , كما قال تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله} .
وقول أبي عبيد في اختياره : ليس بشيء؛ لأن من قرأه بالضم, فالمعنى عنده على ما ذكر أبو حاتم: وصده الشيطان عن السبيل , كما قال: وزين لهم الشيطان أعمالهم , فصدهم عن السبيل المستقيمة .
ثم قال جلا وعز:
{وما كيد فرعون إلا في تباب}
قال مجاهد , وقتادة: أي في خسار
قال أبو جعفر من هذا قوله جل وعز:
{تبت يدا أبي لهب}
وقوله:
{وما زادوهم غير تتبيب} ).[معاني القرآن: 6/224-226]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فِي تَبَابٍ}: أي: بطلان.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَبَابٍ}: هلاك.). [العمدة في غريب القرآن: 263]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وقال الّذي آمن يا قوم اتّبعون أهدكم سبيل الرّشاد (38)}
يعني : سبيل القصد إلى اللّه عزّ وجلّ، وأخرجكم عن سبيل فرعون, فأهدكم جزم جواب للأمر.
المعنى : إن تتبعوني أهدكم.).
[معاني القرآن: 4/375]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يرزقون فيها بغير حسابٍ}: أي : بغير تقدير.). [تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها} , قال قتادة : يعني : شركا.). [معاني القرآن: 6/226]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة}
قال مجاهد : إلى الإيمان بالله عز وجل.).
[معاني القرآن: 6/226]

تفسير قوله تعالى: (تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) )
تفسير قوله تعالى: {لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( (لا جَرَمَ) قالَ الفرَّاء: هي بمنزلةِ لا بُدَّ ولا مَحَالةَ، ثمَّ كَثُرَت في الكلام حتى صارت بمنزلة حقًّا.
وأصلها من جَرَمْتُ: أي كَسَبْتُ.
وقال في قول الشاعر:
ولقد طعنتُ أبا عيينةَ طعنةً = جَرَمَتْ فَزَارَةُ بعدَها أَن يَغْضَبُوا
أي: كَسَبْتُهُمُ الغَضَبَ أَبَدًا.
قال: وليس قول من قال: (حُقَّ لِفَزَارَةَ الغَضَبُ) بِشيء.
ويقال: فلان جَارِمُ أَهْلِهِ، أَي كاسبُهُم وَجَرِيمَتُهُم.
ولا أحسبُ الذَّنبَ سُمِّيَ جُرْمًا إِلاَّ مِن هَذَا: لأَنَّهُ كَسْبٌ واقترِافٌ). [تأويل مشكل القرآن: 550-551] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({لا جرم أنّما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدّنيا ولا في الآخرة وأنّ مردّنا إلى اللّه وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار (43)}
يعني: أنه ليس له استجابة دعوة في الدنيا , ولا في الآخرة.
قال سيبويه: سألت الخليل عن قوله:
{لا جرم}، فقال: لا جرم ردّ لكلام. والمعنى وجب أن لهم النّار، وحق أن لهم النار.
وأنشد:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة = جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
المعنى: كسبتهم الغضب، وأحقّتهم بالغضب.
فمعنى
{لا جرم أنّما تدعونني إليه}: لقد وجب أن ما تدعونني إليه ليس له دعوة , أي: وجب بطلان دعوته.
{وأنّ مردّنا إلى اللّه} : وجب مردنا إلى اللّه، وكذلك {وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار} ). [معاني القرآن: 4/375-376]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {لا جرم أن ما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة}
قال مجاهد : يعني: الأوثان.
قال أبو جعفر : قال الخليل: معنى :
{لا جرم}: حقا, وقد جرم الشيء, أي: حق , وأنشد:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة = جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
قال أبو جعفر: فأما دخول لا على جرم, فلتدل على أنه جواب لكلام , وأنه ليس مستأنفا.
فالمعنى : وجب بطلان ما تدعونني إليه , أي: ليس له استجابة دعوة تنفع.
وقوله:
{وأن المسرفين هم أصحاب النار}
قال عبد الله بن مسعود :
(هم السفاكون للدماء) , وكذلك قال عطاء ومجاهد). [معاني القرآن: 6/226-228]

تفسير قوله تعالى: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فوقاه اللّه سيّئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب}
وقال:
{وحاق بآل فرعون سوء العذاب}, {النّار} , فإن شئت جعلت {النار} بدلا من {سوء العذاب} , ورفعتها على {حاق} , وإن شئت جعلتها تفسيرا , ورفعتها على الابتداء ؛ كأنك تقول: "هي النار" , وإن شئت جررت على أن تجعل {النار} بدلا من {العذاب} , كأنك أردت: "سوء النار"). [معاني القرآن: 4/3-4]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({حاق بهم}: نزل بهم). [غريب القرآن وتفسيره: 327]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فوقاه الله سيئات ما مكروا}
قال قتادة : كان رجلا من القبط , فنجاه الله مع بني إسرائيل.).
[معاني القرآن: 6/228]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حَاقَ بهم}: حل بهم , ونزل.). [العمدة في غريب القرآن: 263]

تفسير قوله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {النّار يعرضون عليها...}.
رفعت
{النار} بما عاد من ذكرها في عليها، ولو رفعتها بما رفعت به {سوء العذاب} كان صوابا، ولو نصبت على أنها وقعت بين راجع من ذكرها، وبين كلام يتصل بما قبلها كان صوابا، ومثله: {قل أفأنبّئكم بشرٍّ من ذلكم النار وعدها}.
وقوله:
{غدوًّا وعشيًّا...}.: ليس في الآخرة غدو ولا عشي، ولكنه مقادير عشيات الدنيا وغدوها.
وقوله:
{و يوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون...}.
همز الألف يحيى بن وثاب , وأهل الحجاز، وخففها عاصم , والحسن فقرأ :
{ويوم تقوم السّاعة ادخلوا آل فرعون} , ونصب ها هنا آل فرعون على النداء: ادخلوا يا آل فرعون أشد العذاب، وفي المسألة الأولى توقّع عليهم "أدخلوا"). [معاني القرآن: 3/9-10]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({النّار يعرضون عليها غدوّاً وعشيّاً ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب}
وقال:
{غدوّاً وعشيّاً ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب} , وفيه ضمير "يقال لهم ادخلوا يا آل فرعون" .
وقال بعضهم: {أدخلوا} فقطع , وجعله من "أدخل يدخل", وقال:
{غدوّاً وعشيّاً ويوم تقوم السّاعة} , فإنما هو مصدر كما تقول: "آتيه ظلاماً" تجعله ظرفا , وهو مصدر جعل ظرفا , ولو قلت "موعدك غدرةٌ" , "موعدك ظلامٌ" , فرفعته كما تقول: "موعدك يوم الجمعة" لم يحسن ؛ لأن هذه المصادر , وما أشبهها من نحو "سحر" لا تجعل إلا ظرفا , والظرف كله ليس بمتمكن.
وقال:
{أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب} , وقال: {إنّ المنافقين في الدّرك الأسفل من النّار} , فيجوز أن يكون آل فرعون أدخلوا مع المنافقين في الدّرك الأسفل , وهو أشد العذاب.
وأمّا قوله:
{فإنّي أعذّبه عذاباً لاّ أعذّبه أحداً مّن العالمين} : فقوله: لا أعذّبه أحداً من عالم أهل زمانه.).[معاني القرآن: 4/4]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما قوله: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}، فإنه لم يرد أن ذلك يكون في الآخرة، وإنما أراد أنهم يعرضون عليها بعد مماتهم في القبور.
وهذا شاهد من كتاب الله لعذاب القبر، يدلّك على ذلك قوله: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} فهم في البرزخ يعرضون على النار غدوّا وعشيّا، وفي القيامة يدخلون أشد العذاب). [تأويل مشكل القرآن: 83]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ : {سوء العذاب (45) النّار يعرضون عليها غدوّا وعشيّا ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب (46)}
{النّار} بدل من قوله : {سوء العذاب}, وجائز أن تكون مرتفعة على إضمار تفسير سوء العذاب، كان قائلا قال: ما هو؟ فكان الجواب هو:
{النّار يعرضون عليها}: فإن قال قائل: كيف يعرضون عليها , وهم من أهل النار؟
فجاء في التفسير : أن أرواحهم في أجواف طير سود , تعرض على النار بالغداة والعشى إلى يوم القيامة.
, ألا ترى أن بعده :
{ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب}, ويقرأ ادخلوا على معنى الأمر لهم بالدخول، كأنّه : ويوم تقوم الساعة , يقول: ادخلوا يا آل فرعون أشد العذاب.
وقرئت
{أدخلوا} على جهة الأمر للملائكة بإدخالهم أشدّ العذاب). [معاني القرآن: 4/376]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا}
يقال: كيف يعرضون عليها غدوا وعشيا , وهم من أهلها ؟.
فالجواب عن هذا : ما قاله عبد الله بن مسعود, قال:
(أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تعرض كل يوم على النار مرتين , يقال هذه داركم).
وروى شعبة , عن يعلى بن عطاء قال : سمعت ميمون بن ميسرة يقول: كان أبو هريرة إذا أصبح ينادي : (
أصبحنا والحمد لله , وعرض آل فرعون على النار) , وإذا أمسى نادى : (أمسينا والحمد لله , وعرض آل فرعون على النار) , فلا يسمع أبا هريرة أحد إلا تعوذ بالله من النار .
وقال مجاهد في قوله تعالى:
{النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} , قال: من أيام الدنيا .
قال الفراء : ليس في القيامة غدو , ولا عشي , ولكن مقدار ذلك .
قال أبو جعفر : التفسير على خلاف ما قال الفراء, وذلك أن التفسير على أن : هذا العرض إنما هو في أيام الدنيا , والمعنى أيضا بين ؛ أنه على ذلك لأنه قال جل وعز:
{النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} , ثم دل على أن هذا قبل يوم القيامة بقوله: {ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} : فدل على أن الأول بمنزلة عذاب القبر). [معاني القرآن: 6/228-230]

تفسير قوله تعالى:{وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) })
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وإذ يتحاجّون في النّار فيقول الضّعفاء للّذين استكبروا إنّا كنّا لكم تبعاً فهل أنتم مّغنون عنّا نصيباً مّن النّار}
وقال:
{كنّا لكم تبعاً}, لأن "التبع" يكون واحداً , وجماعةً , ويجمع فيقال "أتباع".). [معاني القرآن: 4/4]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّا كلٌّ فيها...}.
رفعت (كلّ) بفيها، ولم تجعله نعتا لإنّا، ولو نصبته على ذلك، وجعلت خبر إنا فيها ، ومثله:
{قل إنّ الأمر كلّه للّه} , ترفع {كلّه لله}، وتنصبها على هذا التفسير). [معاني القرآن: 3/10]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قال الّذين استكبروا إنّا كلٌّ فيها إنّ اللّه قد حكم بين العباد}
وقال:
{إنّا كلٌّ فيها} : فجعل {كلٌّ} اسماً مبتدأً , كما تقول: "إنّا كلّنا فيها"). [معاني القرآن: 4/5]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لخزنة جهنّم }: خازن وخزنة : مثل ظالم وظلمة , وفاعل وفعله). [مجاز القرآن: 2/194]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {ويوم يقوم الأشهاد...}.
قرأت القراء بالياء يعني: يقوم بالتذكير، ولو قرأ قارئ: ويوم تقوم كان صوبا؛ لأن الأشهاد جمع، والجمع من المذكر يؤنث فعله , ويذكر إذا تقدم, العرب تقول: ذهبت الرجال، وذهب الرجال).
[معاني القرآن: 3/10]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد}
وقال:
{ويوم يقوم الأشهاد}{تقوم} : كلٌّ جائز , وكذلك كل جماعة مذكّر أو مؤنّث من الإنس , فالتذكير والتأنيث في فعله جائز). [معاني القرآن: 4/5]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويوم يقوم الأشهاد}: الملائكة الذين يكتبون إعمال بني آدم.). [تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد (51)}
{ويوم يقوم الأشهاد} : أي: الملائكة، وأحدهم شاهد، مثل صاحب , وأصحاب.).[معاني القرآن: 4/376]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويوم يقوم الأشهاد}
قال معمر , عن قتادة: الملائكة.
قال أبو جعفر :
واحدهم شاهد , كما يقال: صاحب وأصحاب , ويجوز أن يكون جمع شهيد ؛ كشريف وأشراف). [معاني القرآن: 6/230]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) }
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ولهم اللعنة ولهم سوء الدار}: قال: معناه: عليهم اللعنة، وعليهم سوء الدار.). [ياقوتة الصراط: 451]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ واستغفر لذنبك وسبّح بحمد ربّك بالعشيّ والإبكار}
وقال:
{وسبّح بحمد ربّك بالعشيّ والإبكار} , يريد "في الإبكار" , وقد تقول: "بالدار زيدٌ" , تريد : "زيدٌ في الدّار".). [معاني القرآن: 4/5]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 ذو القعدة 1431هـ/25-10-2010م, 09:06 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 56 وحتى آخر السورة]

{إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56) لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57) وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ (58) إِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (59) وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64) هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67) هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74) ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (77) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79) وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَأَيَّ آَيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ (81) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ كبرٌ مّا هم ببالغيه...}.
يريد: تكبروا أن يؤمنوا بما جاء به محمد صلى الله عليه ما هم ببالغي ذلك: بنائلي ما أرادوا).
[معاني القرآن: 3/10]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إن في صدورهم إلّا كبرٌ ما هم ببالغيه} : أي: تكبر عن محمد صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم , وطمع أن يعلوه، وما هم ببالغي ذلك).[تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إنّ الّذين يجادلون في آيات اللّه بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلّا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ باللّه إنّه هو السّميع البصير (56)}: أي: يجادلون في دفع آيات اللّه.
{بغير سلطان أتاهم} : أي: بغير حجة أتتهم.
{إن في صدورهم إلّا كبر ما هم ببالغيه} : أي: ما هم ببالغي إرادتهم فيه، وإرادتهم دفع آيات اللّه عزّ وجلّ , ودل على هذا المعنى : {يجادلون في آيات اللّه}؛ لأن الكبر هم قد أوقعوه , فليس يلبس هذا ببالغي الكبر.
وجاء في التفسير: أنه يعنى به اليهود، وأن الكبر الذي ليس هم ببالغيه توقع أمر الدّجال، فتكبروا متربصين يتوقعون خروج الدجال.
فأعلم اللّه : أن هذه الفرقة التي تجادل لا تبلغ خروج الدجال.
ويدل على قول من قال هذا قول اللّه عزّ وجلّ يعقب هذا:
{فاستعذ باللّه} ). [معاني القرآن: 4/377]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه}
مثل قوله:
{واسأل القرية} : المعنى : ما هم ببالغي إرادتهم فيه ؛ لأن الكبر شيء قد أتوه فهذا لا يشكل .
وقد قيل : الكبر ههنا العلو على النبي صلى الله عليه وسلم , وذلك إرادتهم ولم يبلغوه , فأما إرادتهم في الأول, فالجدال في آيات الله جل وعز حتى يبطلوها , ولم يبلغوا ذلك .
وقيل : إنما يراد بذا اليهود, تكبروا , وتوقفوا , وقالوا: حتى يخرج الدجال ونكون معه , فأعلم الله جل وعز أن هذه الفرقة من اليهود لا تلحق الدجال, واستشهد صاحب هذا القول بقوله:
{فاستعذ بالله} ). [معاني القرآن: 6/231]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({إِلَّا كِبْرٌ}: أي تكبر عن النبي صلى الله عليه وسلم {مَّا هُم بِبَالِغِيهِ}: أي : ما هم ببالغي ما يريدون فيه.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ (58)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ قليلاً ما يتذكّرون}: مجازها يتذكرون قليلاً.). [مجاز القرآن: 2/194]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم إنّ الّذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين}
وقال:
{ادعوني أستجب لكم} , فقوله: {أستجب} : إنّما هو "أفعل" : هذه الألف سوى ألف الوصل, ألا ترى أنّك تقول: "بعت" "تبيع" , ثم تقول "أبيع" , فتجيء فيها ألف لـ "أفعل" , فهي نظير الياء والتاء في "يفعل" و"تفعل" , تقطع كل شيء كان على "أفعل" في وصل كان , أو قطع.).[معاني القرآن: 4/5]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({داخرين} :أي: صاغرين.). [تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم إنّ الّذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين (60)}ْ
{سيدخلون جهنّم داخرين} : معناه : صاغرين.). [معاني القرآن: 4/377]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}
روى يسيع الكندي , عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( الدعاء هو العبادة )), وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}. ))
قال أبو عبيدة:
{داخرين}: صاغرين.). [معاني القرآن: 6/232]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {دَاخِرِينَ}: صاغرين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {دَاخِرِينَ}: صاغرين.). [العمدة في غريب القرآن: 263]

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63)}
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {يؤفك} : أي: يصرف). [ياقوتة الصراط: 451]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ثمّ لتكونوا شيوخاً...}.
وفي حرف عبد الله :
{ومنكم من يكون شيوخا}, فوحّد فعل من، ثم رجع إلى الشيوخ , فنوى بمن الجمع، ولو قال: شيخا لتوحيد من في اللفظ كان صوابا). [معاني القرآن: 3/10-11]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ثمّ يخرجكم طفلاً }: مجازها أطفالاً , والعرب قد تضع لفظ الواحد على معنى الجميع, قال عباس بن مرداس:
قلنا أسلموا إنا أخوكم= فقد برئت من الإحن الصدور
وقال الغنوي:
إن تقتلوا اليوم فقد شرينا= في حلقكم عظم وقد شجينا) [مجاز القرآن: 2/195]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَجَلًا}: مقداراً معلوماً.).[العمدة في غريب القرآن: 263]

تفسير قوله تعالى: {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إذ الأغلال في أعناقهم والسّلاسل...}.
ترفع السلاسل والأغلال، ولو نصبت السلاسل وقلت: يسحبون، تريد يسحبون سلاسلهم في جهنم.
وذكر الكلبي , عن أبي صالح , عن ابن عباس أنه قال: (وهم في السلاسل يسحبون)، فلا يجوز خفض السلاسل، والخافض مضمر؛ ولكن لو أنّ متوهما قال: إنما المعنى إذ أعناقهم في الأغلال , وفي السلاسل يسحبون جاز الخفض في السلاسل على هذا المذهب، ومثله مما ردّ إلى المعنى قول الشاعر:
قد سالم الحيات منه القدما = الأفعوان والشّجاع الشجعما
فنصب الشجاع، والحيات قبل ذلك مرفوعة؛ لأنّ المعنى: قد سالمت رجله الحيات وسالمتها، فلما احتاج إلى نصب القافية جعل الفعل من القدم واقعا على الحيات.).
[معاني القرآن: 3/11]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{إذ الأغلال في أعناقهم والسّلاسل}
يجوز على ثلاثة أوجه
{والسّلاسل} بالنصب، و {السّلاسل} بالخفض.
فمن رفع فعطف على الأغلال , ومن جر , فالمعنى: إذ الأغلال في أعناقهم, وفي السلاسل، ومن نصب ففتح اللام قرأ:
{والسّلاسل يسحبون} ). [معاني القرآن: 4/378]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون}
وقرئ:
{والسلاسل يسحبون} , وفي قراءة أبي :{بالسلاسل يسحبون} , وأجاز الفراء:{والسلاسل يسحبون}
قال أبو جعف:ر من قرأ :
{يسحبون} : فالمعنى عنده يسحبون السلاسل , وهي قراءة ابن عباس قال: وذلك اشد عليهم يكلفون أن يسحبوها , ولا يطيقون .
ومن قرأ
:{ والسلاسل يسحبون }: فالتمام عنده : {والسلاسل }, ثم ابتدأ فقال:{ يسحبون في الحميم }
قال الفراء :
{والسلاسل} : بالخفض محمول على المعنى ؛ لأن المعنى أعناقهم في الأغلال والسلاسل , كما حمل على المعنى قوله:
قد سالم الحيات منه القدما = الأفعوان والشجاع الشجعما)
[معاني القرآن: 6/233-234]

تفسير قوله تعالى: {فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ثم في النار يسجرون}
قال مجاهد: أي: توقد بهم النار .
قال أبو جعفر : يقال: سجرت الشيء , أي ملاته , ومنه:
{ والبحر المسجور} .
فالمعنى على هذا: تملأ بهم النار وقال الشاعر يصف وعلا:
إذا شاء طالع مسجورة = ترى حولها النبع والساسما
أي: عينا مملوءة).
[معاني القرآن: 6/234-235]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض} :أي: تبطرون, وقد تقدم ذكر هذا.). [تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفرح: البطر والأشر، لأن ذلك عن إفراط السرور، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} وقال: {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} وقال: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ}.
وقد تبدل (الحاء) في هذا المعنى (هاء) فيقال: فره أي بطر، قال الله تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ} أي: أشرين بطرين. و(الهاء) تبدل من (الحاء) لقرب مخرجيهما، تقول: (مدحته) و(مدهته)، بمعنى واحد). [تأويل مشكل القرآن: 491] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ذلكم بما كنتم تفرحون} الآية, يدل عليه قوله تعالى: {فلمّا جاءتهم رسلهم بالبيّنات فرحوا بما عندهم من العلم}: أي: ذلك العذاب الذي نزل بكم بما كنتم تفرحون بالباطل الذي كنتم فيه، و{تمرحون}:أي: تأشرون , وتبطرون , وتستهزئون.). [معاني القرآن: 4/378]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق}
بين هذا بقوله سبحانه:
{فرحوا بما عندهم من العلم}
ثم قال جل وعز:
{وبما كنتم تمرحون}
قال مجاهد : أي : تبطرون , وتأشرون).
[معاني القرآن: 6/235]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق}, قال ثعلب: هذا يدل على أنه يكون فرح بحق.). [ياقوتة الصراط: 451]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تَفْرَحُونَ}: تبطرون.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلّا بإذن اللّه فإذا جاء أمر اللّه قضي بالحقّ وخسر هنالك المبطلون (78)}
جاء في التفسير : أن اللّه عز وجل بعث ثمانية ألف نبي، منهم أربعة آلاف من بني اسرائيل، ومنهم أربعة آلاف من سائر الناس.
وجاء عن علي رضي اللّه عنه أنه قال: في قوله تعالى:
{ومنهم من لم نقصص عليك} : (أن اللّه بعث نبيا أسود, فهو ممن لم تذكر قصته في القرآن.)).[معاني القرآن: 4/377]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({اللّه الّذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون}
وقال:
{لتركبوا منها} , كأنه أضمر "شيئاً".).[معاني القرآن: 4/5]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {اللّه الّذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون (79)} : الأنعام ههنا : الإبل.). [معاني القرآن: 4/377-378]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون} : أي: الإبل .
قال قتادة في قوله تعالى:
{ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم} : الرحلة من بلد إلى بلد .
وقال مجاهد : أي حاجة كانت.).
[معاني القرآن: 6/235-236 ]

تفسير قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وعليها وعلى الفلك تحملون} : مجازها , وفي الفلك تحملون , وفي آية أخرى: {لأصلّبنّكم في جذوع النّخل }: أي : على جذوع النخل). [مجاز القرآن: 2/195]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولتبلغوا عليها حاجةً في صدوركم} : قال قتادة:رحلة من بلد إلى بلد.). [تفسير غريب القرآن: 387]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فرحوا بما عندهم من العلم} : أي, رضوا به.).[تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفرح: الرضا، لأنه عن المسرة يكون، قال الله تعالى: {كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون} أي راضون، وقال: {فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} أي رضوا). [تأويل مشكل القرآن: 491] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم} : أي: رضوا به .
قال مجاهد : قالوا: نحن أعلم منكم لن تبعث , ولن نحيا بعد الموت.
قال مجاهد:
{وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} : أي : ما جاءت به الرسل الحق.). [معاني القرآن: 6/236]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ}.
كان الحسن- رضي الله عنه- يجعل الفزع يوم القيامة إذا بعثوا من القبور. يقول: (ولو ترى يا محمد فزعهم حين لا فوت)، أي لا مهرب ولا ملجأ يفوتون به ويلجأون إليه. وهذا نحو قوله: {فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ}، أي نادوا حين لا مهرب.
{وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ}، يعني القبور.
وقالوا: آمنّا به، أي بمحمد، صلى الله عليه.
{وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ} والتناوش: التناول، أي كيف لهم بنيل ما يطلبون من الإيمان في هذا الوقت الذي لا يقال فيه: كافر ولا تقبل توبته؟.
وقوله: {مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}ٍ يريد بعد ما بين مكانهم يوم القيامة، وبين المكان الذي تتقبّل فيه الأعمال.
{وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ}، أي بمحمد، صلّى الله عليه وسلم. يقول: كيف ينفعهم الإيمان به في الآخرة وقد كفروا به في الدنيا؟.
{وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ}، أي بالظنّ أن التوبة تنفعهم.
{مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}، أي بعيد من موضع تقبّل التوبة.
{وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} من الإيمان. كما فعل بأشياعهم، أي بأشباههم من الأمم الخالية.
وكان غير الحسن يجعل الفزع: عند نزول بأس الله من الموت أو غيره، ويعتبره بقوله في موضع آخر: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ}). [تأويل مشكل القرآن: 331] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" سنّة اللّه التّي قد خلت في عباده ", نصبها على مصدر ما جاء من فعل على غير لفظها). [مجاز القرآن: 2/195]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({سنّت اللّه الّتي قد خلت في عباده}, وسنته في الخالين: أنهم يؤمنون به - إذا رأوا العذاب - فلا ينفعهم إيمانهم). [تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (فمن الإيمان: تصديق باللسان دون القلب، كإيمان المنافقين. يقول الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} ، أي آمنوا بألسنتهم وكفروا بقلوبهم. كما كان من الإسلام انقياد باللسان دون القلب.
ومن الإيمان: تصديق باللسان والقلب. يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}، كما كان من الإسلام انقياد باللسان والقلب.
ومن الإيمان: تصديق ببعض وتكذيب ببعض. قال الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} ، يعني مشركي العرب، إن سألتهم من خلقهم؟ قالوا: الله، وهم مع ذلك يجعلون له شركاء.
وأهل الكتاب يؤمنون ببعض الرّسل والكتب، ويكفرون ببعض. قال الله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} ، يعني: ببعض الرسل والكتب، إذ لم يؤمنوا بهم كلّهم). [تأويل مشكل القرآن: 481-482] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلم يك ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا سنّت اللّه الّتي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون (85)}
يقول: حين عاينوا العذاب.
{سنّت اللّه} : على معنى سنّ اللّه هذه السّنّة في الأمم كلّها، لا ينفعهم إيمانهم إذا رأوا العذاب.
{وخسر هنالك الكافرون}:
وكذلك:
{وخسر هنالك المبطلون} : والمبطلون , والكافرون خاسرون في ذلك الوقت, و وفي كل وقت خاسرون, ولكنه تعالى بيّن لهم خسرانهم إذا رأوا العذاب.). [معاني القرآن: 4/378]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده}
قال قتادة : أي: إنهم إذا رأوا العذاب آمنوا , فلم ينفعهم إيمانهم .
ثم قال تعالى:
{وخسر هنالك الكافرون} : وقد كانوا قبل ذلك خاسرين؛ لأنه تبين خسرانهم بأن لحقهم العذاب , ولم يقبل إيمانهم). [معاني القرآن: 6/237]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ}: أي: سنته في الخالين: أنهم يؤمنون عند معاينة العذاب , فلا ينفعهم إيمانهم.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة