العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 05:41 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 96 إلى 109]

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101) وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108) فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آَبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109)}


تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين} أي بعلاماتنا التي تدل على صحة نبوته.
{وسلطان مبين} أي وحجة بينة. والسّلطان إنّما سمّي سلطانا لأنه حجة اللّه في أرضه.
واشتقاق السلطان من السليط، والسليط ما يضاء به، ومن هذا قيل للزيت سليط). [معاني القرآن: 3/76]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين}
السلطان الحجة ومن هذا قيل للوالي سلطان لأنه حجة الله جل وعز في الأرض
ويقال إنه مأخوذ من السليط وهو ما يضاء به). [معاني القرآن: 3/378]

تفسير قوله تعالى: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إلى فرعون وملأه فاتّبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد}ملؤه أشراف قومه، الّذين هم ملاء بالرأي والمقدرة
{فاتّبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد} أي استحبّوا العمى على الهدى). [معاني القرآن: 3/76]

تفسير قوله تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النّار وبئس الورد المورود}
يقال قدمت القوم أقدمهم قدما وقدوما إذا تقدمتهم.
أي يقدمهم إلى النّار، ويدل على ذلك قوله: {فأوردهم النّار وبئس الورد المورود} ). [معاني القرآن: 3/76]

تفسير قوله تعالى: {وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {الرّفد المرفود} مجازه مجاز العون المعان، يقال: رفدته عند الأمير، أي أعنته وهو من كل خير وعون،
وهو مكسور الأول وإذا فتحت أوله فهو القدح الضّخم قال الأعشى:
؟؟ هل هنا بيت شعر
ربّ رفدٍ). [مجاز القرآن: 1/299-298]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الرفد المرفود}: ). [غريب القرآن وتفسيره: 178]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الرّفد}: العطية. يقال: رفدته أرفده، إذا أعطيته وأعنته.
و{المرفود} المعطي. كما تقول: بئس العطاء والمعطي). [تفسير غريب القرآن: 209]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرّفد المرفود}
كل شيء جعلته عونا لشيء وأسندت به شيئا فقد رفدته، يقال عمدت الحائط وأسندته ورفدته بمعنى واحد، والمرفد القدح العظيم). [معاني القرآن: 3/77]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويوم القيامة بئس الرفد المرفود}
قال مجاهد زيدوا لعنة يوم القيامة
قال أبو جعفر والرفد في اللغة المعونة والإعطاء والمعنى الذي يقوم لهم مقام المعونة اللعن
والتقدير بئس الرفد رفد المرفود). [معاني القرآن: 3/378]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الرفد} العطية. {المرفود} المعطى منها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 108]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الرِّفْدُ}: العون). [العمدة في غريب القرآن: 157]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {منها قائمٌ وحصيدٌ...}
فالحصيد كالزرع المحصود. ويقال: حصدهم بالسّيف كما يحصد الزرع). [معاني القرآن: 2/27]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ذلك من أنباء القرى نقصّه عليك منها قائمٌ وحصيدٌ}
وقال: {منها قائمٌ وحصيدٌ} يريد "ومحصود" كـ"الجريح" و"المجروح"). [معاني القرآن: 2/46]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ذلك من أنباء القرى} أي من أخبار الأمم.
{منها قائمٌ} أي ظاهر للعين.
{وحصيدٌ} قد أبيد وحصد). [تفسير غريب القرآن: 209]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ذلك من أنباء القرى نقصّه عليك منها قائم وحصيد}
أي: من القرى التي أهلكت قائم قد بقيت حيطانه، نحو قوله: {وبئر معطّلة وقصر مشيد}.
{وحصيد} مخسوف به، وهي ما قد انمحى أثره). [معاني القرآن: 3/77]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد}
قال قتادة القائم ما كان خاويا على عروشه والحصيد ما لا أثر له). [معاني القرآن: 3/379]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قائم} ظاهر للعين، {وحصيد} قد خفي وأبيد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 108]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {غير تتبيبٍ} أي تدمير وإهلاك وهو من قولهم: تبّبته وفي القرآن:{تبّت يدا أبي لهبٍ وتبّ} ويقال: تبّاً لك).
[مجاز القرآن: 1/299]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم الّتي يدعون من دون اللّه من شيءٍ لّمّا جاء أمر ربّك وما زادوهم غير تتبيبٍ}
وقال: {وما زادوهم غير تتبيبٍ} لأنه مصدر "تبّبوهم" "تتبيبا"). [معاني القرآن: 2/46]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {غير تتبيب}: تدمير وإهلاك مثل {تبت يدا أبي لهب} ومنه {في تباب} وقوله: تبا لك). [غريب القرآن وتفسيره: 178]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وما زادوهم غير تتبيبٍ} أي غير تخسير. ومنه قوله عز وجل: {تبّت يدا أبي لهبٍ} أي خسرت). [تفسير غريب القرآن: 209]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (فإذا رأيت للمّا جوابا فهي لأمر يقع بوقوع غيره، بمعنى «حين»، كقوله تعالى: {فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} أي:
حين آسفونا، و{لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ}أي: حين جاء أمر ربك). [تأويل مشكل القرآن: 542]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم الّتي يدعون من دون اللّه من شيء لمّا جاء أمر ربّك وما زادوهم غير تتبيب}
{وما زادوهم غير تتبيب}.
معناه غير تخسير، ومنه قوله {تبّت يدا أبي لهب} أي خسرت). [معاني القرآن: 3/77]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما زادوهم غير تتبيب}
قال مجاهد وقتادة غير تخسير
قال أبو جعفر وكذلك هو عند أهل اللغة ومنه تبت يدا أبي لهب). [معاني القرآن: 3/379]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {غَيْرَ تَتْبِيبٍ} قال: التتبيب: التخسير والهلاك لكم لا لي). [ياقوتة الصراط: 271-270]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غير تتبيب} غير تخسير). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 109]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَتْبِيبٍ}: إهلاك وتدمير). [العمدة في غريب القرآن: 157]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والأخذ: التعذيب، قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى} أي: تعذيبه.
وقال: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} أي عذبنا.
وقال: {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ} أي ليعذبوه أو ليقتلوه). [تأويل مشكل القرآن: 503]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له النّاس وذلك يوم مشهود}
فأعلم اللّه - عز وجل - أنه يحيي الخلق ويبعثهم في ذلك اليوم ويشهدوا به). [معاني القرآن: 3/77]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104)}

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يوم يأت لا تكلّم...}
كتب بغير الياء وهو في موضع رفع، فإن أثبتّ فيه الياء إذا وصلت القراءة كان صواباً. وإن حذفتها في القطع والوصل كان صوابا. قد قرأ بذلك القرّاء فمر حذفها. إذا وصل قال: الياء ساكنة، وكلّ ياء أو واو تسكنان وما قبل الواو مضموم وما قبل الياء مكسور فإن العرب تحذفهما وتجتزئ بالضمة من الواو، وبالكسرة من الياء وأنشد في بعضهم:

ومن وصل بالياء وسكت بحذفها قال: هي إذا وصلت في موضع رفع فأثبتها وهي إذا سكتّ عليها تسكن فحذفتها. كما قيل: لم يرم ولم يقض. ومثله قوله: {ما كنّا نبغ} كتبت بحذف الياء فالوجه فيها أن تثبت الياء إذا وصلت وتحذفها إذا وقفت. والوجه الآخر أن تحذفها في القطع والوصل، قرأ بذلك حمزة. وهو جائز). [معاني القرآن: 2/27]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {يوم يأت لا تكلّم نفسٌ إلاّ بإذنه فمنهم شقيٌّ وسعيدٌ}
وقال: {لا تكلّم نفسٌ إلاّ بإذنه} ومعناه "تتفعّل" فكان الأصل أن تكون "تتكلّم" ولكنهم استثقلوا اجتماع التاءين فحذفوا الآخرة منهما لأنها هي التي تعتل فهي أحقهما بالحذف، ونحو (تذكّرون) يسكنها الإدغام فإن قيل:
"فهلا" أدغمت التاء ههنا في الذال وجعلت قبلها ألف وصل كما قلت: "اذّكّروا" فلأن هذه الألف إنما تقع في الأمر وفي كلّ فعل معناه "فعل" فأما "يفعل" و"تفعل" فلا). [معاني القرآن: 2/46]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {يوم يأت لا تكلّم نفس إلّا بإذنه فمنهم شقيّ وسعيد}
الذي يختاره النحويون: يوم يأتي لا تكلم نفس إلا بإذنه. بإثبات الياء.
والذي في المصحف وعليه القراء القراءات بكسر التاء من غير ياء.
وهذيل تستعمل حذف هذه الياءات كثيرا.
وقد ذكر سيبويه والخليل أن العرب تقول لا أدر فتحذف الياء وتجتزي بالكسر، إلا أنّهم يزعمون أن ذلك لكثرة الاستعمال.
والأجود في النحو إثبات الياء والذي أراه اتباع المصحف مع إجماع القراء، لأن القراءة سنة، وقد جاء مثله في كلام العرب.
وهذه الآية فيها سؤال أكثر ما يسأل عنه أهل الإلحاد في الدّين فيقولون لم قال: {يوم يأت لا تكلّم نفس إلّا بإذنه}، و {هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون}
وقال في مواضع من ذكر القيامة {فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون}.
وقال: وم تأتي كلّ نفس تجادل عن نفسها}
وقال: {وقفوهم إنّهم مسئولون}.
وقال {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جانّ}.
ونحن نفسر هذا على ما قالت العلماء المتقدمون في اللغة المسلمون الصحيحو الإسلام:
قالوا: قوله - عزّ وجلّ -: {وقفوهم إنّهم مسئولون} اللّه عالم بأعمالهم فسألهم سؤال توبيخ وتقرير لإيجاب الحجة عليهم.
وقوله: {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جانّ} أي لا يسأل ليعلم ذلك منه، لأن اللّه قد علم أعمالهم قبل أن يعملوها.
وكذلك قوله عزّ وجلّ: {لا ينطقون}، أي لا ينطقون بحجة تجب لهم، وإنما يتكلمون بالإقرار بذنوبهم ولوم بعضهم بعضا وطرح بعضهم الذنوب على بعض، فأمّا التكلم والنطق بحجة لهم فلا، وهذا كما تقول للذي يخاطبك كثيرا وخطابه فارغ من الحجة: ما تكلمت بشيء، وما نطقت بشيء فسمي من تكلم بما لا حجة له فيه، غير متكلم - كما قال عزّ وجلّ: {صمّ بكم عمي فهم لا يبصرون} وهم يبصرون ويسمعون إلا أنهم في أنهم لا يقبلون ولا يفكرون فيما يسمعون ولا يتأتلون، بمنزلة الصمّ.
قال الشاعر:
أصم عما ساءه سميع
فهذا قول حسن.
وقال قوم: ذلك اليوم طويل وله مواضع ومواطن ومواقف، في بعضها يمنعون من الكلام وفي بعضها يطلق لهم الكلام.
فهذا يدل عليه {لا تكلّم نفس إلّا بإذنه}.
وكلا القولين حسن جميل). [معاني القرآن: 3/79-77]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذن}
وقد قال في موضع آخر {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون}
ففي هذا جوابان:
أحدهما أنه مثل قوله: {هذا يوم لا ينطقون}
والمعنى لا ينطقون بحجة لهم كما يقال لمن تكلم كثيرا بغير حجة بينة لم يأت بشيء ولم يتكلم بشيء
والجواب الآخر أن ذلك اليوم فيه أهوال وشدائد فمرة يمنعون من الكلام ومرة يؤذن لهم فعلى هذا لا تكلم نفس إلا بإذنه
وقوله جل وعز: {فمنهم شقي وسعيد}
روى عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر عن عمر قال لما نزلت فمنهم شقي وسعيد قلت يا رسول الله فعلام نعمل أعلى شيء قد فرغ منه أم على شيء لم يفرغ منه قال بلى على شيء قد فرغ منه يا عمر وجرت به الأقلام ولكن كل ميسر لما خلق له). [معاني القرآن: 3/380-379]

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لهم فيها زفيرٌ وشهيقٌ...}
فالزفير أوّل نهيق الحمار وشبهه، والشهيق من آخره). [معاني القرآن: 2/28]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فأمّا الّذين شقوا ففي النّار لهم فيها زفير وشهيق}
من شديد الأنين وقبيحه.
{وشهيق} والشهيق الأنين الشديد المرتفع جدا.
وزعم أهل اللغة من البصريين والكوفيين أن الزفير بمنزلة ابتداء صوت الحمار في النهيق، والشهيق بمنزلة آخر صوته في النهيق). [معاني القرآن: 3/79]

تفسير قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {خالدين فيها ما دامت السّماوات والأرض إلاّ ما شاء ربّك...}
يقول القائل: ما هذا الاستثناء وقد وعد الله أهل النار الخلود وأهل الجنّة الخلود؟ ففي ذلك مضيان أحدهما أن تجعله استثناء يستثنيه ولا يفعله؛ كقولك: والله لأضربنّك إلاّ أن أرى غير ذلك، وعزيمتك على ضربه، فكذلك قال {خالدين فيها ما دامت السّماوات والأرض إلاّ ما شاء ربّك} ولا يشاؤه والله أعلم، والقول الآخر أن العرب إذا استثنت شيئاً كبيراً مع مثله أو مع ما هو أكبر منه كان معنى إلاّ ومعنى الواو سواء، فمن ذلك قوله: {خالدين فيها ما دامت السّموات والأرض} سوى ما يشاء من زيادة الخلود فيجعل (إلاّ) مكان (سوى) فيصلح. وكأنّه قال: خالدين فيها مقدار ما كانت السّموات وكانت الأرض سوى ما زادهم من الخلود (و) الأبد. ومثله في الكلام أن تقول: لي عليك ألف إلاّ الألفين اللذين من قبل فلان؛ أفلا ترى أنه في المعنى: لي عليك سوى الألفين. وهذا أحبّ الوجهين إليّ، لأنّ الله عزّ وجل لا خلف لوعده، فقد وصل الاستثناء بقوله: {عطاء غير مجذوذٍ} فاستدل على أن الاستثناء لهم بالخلود غير منقطع عنهم). [معاني القرآن: 2/28]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {خالدين فيها ما دامت السّماوات والأرض إلّا ما شاء ربّك} مبين في كتاب «المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 210]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما قوله: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} فإن للعرب في معنى (الأبد) ألفاظا يستعملونها في كلامهم، يقولون: لا أفعل ذلك ما اختلف الليل والنهار، وما طمى البحر، أي ارتفع، وما أقام الجبل، وما دامت السموات والأرض، في أشباه لهذا كثيرة، يريدون لا أفعله أبدا، لأن هذه المعاني عندهم لا تتغير عن أحوالها أبدا، فخاطبهم الله بما يستعملونه فقال: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} أي مقدار دوامهما، وذلك مدة العالم. وللسماء وللأرض وقت يتغيّران فيه عن هيئتهما، يقول الله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ} ويقول: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}.
أراد أنهم خالدون فيها مدة العالم، سوى ما شاء الله أن يزيدهم من الخلود على مدة العالم.
ثم قال: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} أي غير مقطوع.
و(إلّا) في هذا الموضع بمعنى (سوى) ومثله من الكلام: لأسكننّ في هذه الدار حولا إلا ما شئت. تريد سوى ما شئت أن أزيد على الحول.
هذا وجه.
وفيه قول آخر، وهو: أن يجعل دوام السماء والأرض بمعنى الأبد، على ما تعرف العرب وتستعمل، وإن كانتا قد تتغيّران، وتستثنى المشيئة من دوامهما، لأن أهل الجنة وأهل النار قد كانوا في وقت من أوقات دوام السماء والأرض في الدنيا لا في الجنة، فكأنه قال: خالدين في الجنة وخالدين في النار دوام السماء والأرض، إلا ما شاء ربك من تعميرهم في الدنيا قبل ذلك.
وفيه وجه ثالث: وهو أن يكون الاستثناء من الخلود مكث أهل الذنوب من المسلمين في النار حتى تلحقهم رحمة الله، وشفاعة رسوله، فيخرجوا منها إلى الجنة.
فكأنه قال سبحانه: خالدين في النار ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك من إخراج المذنبين من المسلمين إلى الجنة،
وخالدين في الجنة ما دامت السموات والأرض، إلا ما شاء ربك من إدخال المذنبين النار مدة من المدد، ثم يصيرون إلى الجنة). [تأويل مشكل القرآن: 76-77]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {خالدين فيها ما دامت السّماوات والأرض إلّا ما شاء ربّك إنّ ربّك فعّال لما يريد}
{إلّا ما شاء ربّك}.
فيها أربعة أقوال. قولان منها لأهل اللغة البصريين والكوفيين جميعا.
قالوا: المعنى خالدين فيها إلا ما شاء ربك بمعنى سوى ما شاء ربّك.
كما تقول: لو كان معنا رجل إلا زيدا أي رجل سوى زيد ولك عندي ألف درهم سوى الألفين، وإلا الألفين اللذين لك عندي.
فالمعنى على هذا خالدين فيها مقدار دوام السّماوات والأرض سوى ما شاء ربك من الخلو والزيادة كما قلت سوى الألفين اللتين عليّ.
وقالوا قولا آخر: {إلّا ما شاء ربّك} ولا يشاء أن يخرجهم منها، كما تقول أنا أفعل كذا وكذا إلا أن أشاء غير ذلك ثم تقيم على ذلك الفعل وأنت قادر على غير ذلك، فتكون الفائدة في هذا الكلام أن لو شاء يخرجهم لقدر، ولكنه قد أعلمنا أنهم خالدون أبدا.
فهذان المذهبان من مذاهب أهل اللغة.
وقولان آخران:
قال بعضهم إذا حشروا وبعثوا فهم في شروط القيامة فالاستثناء وقع من الخلود بمقدار موقفهم للحساب.
والمعنى خالدين فيها ما دامت السّماوات والأرض إلا مقدار موقفهم للمحاسبة.
وفيها قول رابع: أن الاستثناء وقع على أن لهم فيها زفيرا وشهيقا إلا ما شاء ربك من أنواع العذاب التي لم تذكر.
وكذلك لأهل الجنة نعيم ما ذكر ولهم ما لم يذكر مما شاء ربك.
ويدل عليه - واللّه أعلم - عطاء غير مجذوذ) ). [معاني القرآن: 3/80-79]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك}
في هذا أجوبة منها أن العرب خوطبت على ما تعرف وتستعمل وهم يقولون لا أكلمك ما اختلف الليل والنهار وما دامت السماوات والأرض يريدون بذلك الأبد
ويكون معنى إلا ما شاء ربك سوى ما شاء ربك من زيادة أهل النار في العذاب وأهل الجنة في النعيم وقد صح أنهم يزادون
روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((قال الله جل وعز أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)) بله ما أطلعتم ثم قرأ أبو هريرة فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين
وقيل معنى إلا معنى سوى أيضا إلا أن المعنى سوى ما شاء ربك من الزيادة في الخلود
وهذان قولان حسنان لأنه معروف في اللغة أن يقال لك عندي كذا وكذا إلا كذا وسوى كذا وغير كذا
وحكى سيبويه لو كان معي رجل إلا زيد فهذا بمعنى سوى وغير
وحكى الكوفيون لك عندي ألف إلا ألفين ويعبر عن إلا في مثل هذا أنها بمعنى سوى وغير ولكن والمعاني متقاربة
وقيل هذا استثناء لأنهم يقيمون في قبورهم فالمعنى على هذا إلا ما شاء ربك من مقامهم في قبورهم
وقيل هذا استثناء لأن قوما من الموحدين يدخلون النار ثم تخرجون منها
فالمعنى على هذا خالدين في النار ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك من إخراج من شاء برحمته وشفاعة
النبي صلى الله عليه وسلم
وقال جابر بن عبد الله في قوله عز وجل: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} إنه الشفاعة
ويكون المعنى في أهل الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك من دخول قوم النار وخروجهم إلى الجنة
حدثنا أحمد بن محمد الأزدي قال حدثنا أحمد بن داود بن موسى البصري المعروف بالمكي قال نا شيبان بن فروخ قال نا أبو هلال قال نا قتادة في هذه الآية وأما الذين شقوا ففي النار إلى قوله: {فعال لما يريد}
فقال عند هذا حدثنا أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يخرج قوم من النار قال قتادة لا نقول كما يقول أهل حروراء
وقيل في هذا قول خامس وهو أن المعنى خالدين فيها أبدا ثم قال إلا ما شاء ربك فخاطبهم على ما يعرفون من الاستثناء ورد الأمر إلى الله جل جلاله كما قال تعالى:
{لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين} وقد بين هذا بقوله: {عطاء غير مجذوذ} قال مجاهد أي غير مقطوع
قال أبو جعفر وذلك معروف في اللغة يقال جذذت الشيء أي قطعته
وقد قيل في هذه الآية قول سادس يكون الاستثناء لمقامهم في عرصة القيامة
وقال قتادة تبدل هذه السماء وهذه الأرض
فالمعنى خالدين فيها ما دامت تلمك السماء وتلك الأرض المبدلتان من هاتين). [معاني القرآن: 3/384-381]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {عطاءً غير مجذوذٍ} أي غير مقطوع، ويقال: جذذت اليمين أي الحلف، (جذّ الصّليّانة) أي حلف فقطعها ومنه جذذت الحبل إذ قطعته، ويقال: جذّ الله دابرهم، أي قطع أصلهم وبقيّتهم). [مجاز القرآن: 1/299]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {غير مجذوذ}: غير مقطوع). [غريب القرآن وتفسيره: 178]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {غير مجذوذٍ} أي غير مقطوع. يقال: جذذت وجددت وجذفت وجدفت، إذا قطعت). [تفسير غريب القرآن: 210]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} أي غير مقطوع). [تأويل مشكل القرآن: 76-77] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {خالدين فيها ما دامت السّماوات والأرض إلّا ما شاء ربّك إنّ ربّك فعّال لما يريد}
{إلّا ما شاء ربّك}.
فيها أربعة أقوال. قولان منها لأهل اللغة البصريين والكوفيين جميعا.
قالوا: المعنى خالدين فيها إلا ما شاء ربك بمعنى سوى ما شاء ربّك.
كما تقول: لو كان معنا رجل إلا زيدا أي رجل سوى زيد ولك عندي ألف درهم سوى الألفين، وإلا الألفين اللذين لك عندي.
فالمعنى على هذا خالدين فيها مقدار دوام السّماوات والأرض سوى ما شاء ربك من الخلو والزيادة كما قلت سوى الألفين اللتين عليّ.
وقالوا قولا آخر: {إلّا ما شاء ربّك} ولا يشاء أن يخرجهم منها، كما تقول أنا أفعل كذا وكذا إلا أن أشاء غير ذلك ثم تقيم على ذلك الفعل وأنت قادر على غير ذلك،
فتكون الفائدة في هذا الكلام أن لو شاء يخرجهم لقدر، ولكنه قد أعلمنا أنهم خالدون أبدا.
فهذان المذهبان من مذاهب أهل اللغة.
وقولان آخران:
قال بعضهم إذا حشروا وبعثوا فهم في شروط القيامة فالاستثناء وقع من الخلود بمقدار موقفهم للحساب.
والمعنى خالدين فيها ما دامت السّماوات والأرض إلا مقدار موقفهم للمحاسبة.
وفيها قول رابع: أن الاستثناء وقع على أن لهم فيها زفيرا وشهيقا إلا ما شاء ربك من أنواع العذاب التي لم تذكر.
وكذلك لأهل الجنة نعيم ما ذكر ولهم ما لم يذكر مما شاء ربك.
ويدل عليه - واللّه أعلم - عطاء غير مجذوذ).
أي غير مقطوع.
قال النابعة
تقدّ السّلوقيّ المضاعف نسجه= وتوقد بالصّفّاح نار الحباحب
يصف السيوف وأنها تقطع الدّروع). [معاني القرآن: 3/80-79] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( {عطاء غير مجذوذ} قال مجاهد أي غير مقطوع
قال أبو جعفر وذلك معروف في اللغة يقال جذذت الشيء أي قطعته
وقد قيل في هذه الآية قول سادس يكون الاستثناء لمقامهم في عرصة القيامة
وقال قتادة تبدل هذه السماء وهذه الأرض
فالمعنى خالدين فيها ما دامت تلمك السماء وتلك الأرض المبدلتان من هاتين). [معاني القرآن: 3/384] (م)
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {غَيْرَ مَجْذُوذ} أي: غير مقطوع). [ياقوتة الصراط: 271]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غير مجذوذ} أي مقطوع). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 109]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَجْذُوذٍ}: مقطوع). [العمدة في غريب القرآن: 157]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آَبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {في مريةٍ} أي في شكٍّ، ويكسر أولها ويضمّ، ومرية الناقة مكسورة وهي درّتها، وكذلك مرية الفرس وهي أن تمريه بساق أو زجر أوسوطٍ). [مجاز القرآن: 1/299]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({في مرية}: في شك). [غريب القرآن وتفسيره: 179]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عزّ وجلّ -: لا تك في مرية ممّا يعبد هؤلاء ما يعبدون إلّا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنّا لموفّوهم نصيبهم غير منقوص}
أي نوفيهم ما يصيبهم من خير أو شر). [معاني القرآن: 3/80]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص}
روى سفيان عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال ما كتب لهم من خير أو شر). [معاني القرآن: 3/385]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِرْيَةٍ}: شك
{زُلَفًا}: ساعة بعد ساعة). [العمدة في غريب القرآن: 157]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 05:45 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 110 إلى آخر السورة]

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111) فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113) وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115) فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120) وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (122) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولو لا كلمةٌ سبقت من ربّك} أي نظرة لهم إلى يوم الدين.
{لقضي بينهم} في الدنيا). [تفسير غريب القرآن: 210]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولولا كلمة سبقت من ربك}
أي بالتأخير إلى يوم القيامة لقضي بينهم يعني في الدنيا). [معاني القرآن: 3/385]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإنّ كلاًّ لّمّا ليوفّينّهم...}
قرأت القراء بتشديد (لمّا) وتخفيفها وتشديد إن وتخفيفها، فمن قال {وإنّ كلاّ لما} جعل (ما) اسماً للناس كما قال {فانكحوا ما طاب لكم من النّساء} ثم جعل اللام التي فيها جواباً لإنّ، وجعل اللام التي في (ليوفّينّهم) لا ما دخلت على نيّة يمين فيها: فيما بين ما وصلتها؛ كما تقول هذا من ليذهبنّ، وعندي ما لغيره خير منه.
ومثله {وإنّ منكم لمن ليبطّئن} وأمّا من شدّد (لمّا) فإنه - والله أعلم - أراد: لمن ما ليوفّينّهم، فلمّا اجتمعت ثلاث ميمات حذف واحدة فبقيت اثنتان فأدغمت في صاحبتها؛ كما قال الشاعر:

وإني لممّا أصدر الأمر وجهه=إذا هو أعيا بالسبيل مصادره
ثم يخفّف كما قرأ بعض القراء (والبغي يعظكم) بحذف الياء (عند الياء) أنشدني الكسائيّ:
وأشمتّ العداة بنا فأضحوا =لديّ تباشرون بما لقينا
معناه (لديّ) يتباشرون فحذف لاجتماع الياءات ومثله:
كأنّ من آخرها القادم =مخرم نجدٍ فارع المخارم
أراد: إلى القادم فحذف اللام عند اللام. وأمّا من جعل (لمّا) بمنزلة إلاّ فإنه وجه لا نعرفه وقد قالت العرب: بالله لمّا قمت عنا، وإلاّ قمت عنا، فأمّا في الاستثناء فلم يقولوه في شعر ولا غيره؛ ألا ترى أنّ ذلك لو جاز لسمعت في الكلام: ذهب الناس لمّا زيدا.
وأمّا الذين خفّفوا (إن) فإنهم نصبوا كلا (ليوفّينّهم). وقالوا: كأنّا قلنا: وإن ليوفّينّهم كلاّ. وهو وجه لا أشتهيه. لأن اللام إنما يقع الفعل الذي بعدها على شيء قبله فلو رفعت كلّ لصلح ذلك كما يصلح أن تقول: إن زيد لقائم ولا يصلح أن تقول: إن زيداً لأضرب لأن تأويلها كقولك: ما زيداً إلاّ أضرب فهذا خطأ في إلاّ وفي اللام.
وقرأ الزهريّ (وإنّ كلاًّ لمًّا ليوفّينّهم) ينوّنها فجعل اللمّ شديداً كما قال {وتأكلون التراث أكلا لمّاً} فيكون في الكلام بمنزلة قولك: وانّ كلا حقّا ليوفينّهم، وإن كلا شديدا ليوفينّهم. وإذا عجّلت العرب باللام في غير موضعها أعادوها إليه كقولك: إنّ زيدا لإليك لمحسن، كان موقع اللام في المحسن، فلمّا أدخلت في إليك أعيدت في المحسن ومثله قول الشاعر:
ولو أنّ قومي لم يكونوا أعزّة =لبعد لقد لاقيت لا بدّ مصرعا
أدخلها في (بعد) وليس بموضعها ومثله قول أبي الجرّاح: إني لبحمد الله لصالح). [معاني القرآن: 2/30-28]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وإنّ كلاًّ لّمّا ليوفّينّهم ربّك أعمالهم إنّه بما يعملون خبيرٌ}
وقال: {وأنّ كلاًّ} ثقيلة وقال أهل المدينة (وإن كلاًّ) خففوا (إن) وأعملوها كما تعلم "لم يك" وقد خففتها من "يكن" {لّمّا ليوفّينّهم ربّك أعمالهم} فاللام التي مع (ما) هي اللام التي تدخل بعد "أن" واللام الآخرة للقسم). [معاني القرآن: 2/47-46]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإنّ كلّا لمّا ليوفّينّهم ربّك أعمالهم إنّه بما يعملون خبير}
قرئت بتشديد النون وتخفيفها، وقرئت " لما " بتخفيف الميم ولمّا بتشديدها.
فأمّا تشديد " إنّ " والنصب فعلى باب إنّ، وأما تخفيفها وترك النصب على حاله فلأن " إنّ " مشبهة بالفعل فإذا حذف منها التشديد بقي العمل على حاله، وأما تخفيف " لما " فهو الوجه والقياس.
ولام لمّا لام إن و " ما " زائدة مؤكدة. لم تغيّر المعنى ولا العمل.
وأمّا التشديد في " لمّا " فزعم بعض النحويين أن معناه " لمن ما " ثم انقلبت النون ميما فاجتمع ثلاث ميمات فحذفت إحداها - وهي الوسطى، فبقيت لمّا - وهذا القول ليس بشيء لأن " من " لا يجوز حذفها، لأنها اسم على حرفين، ولكن التشديد فيه قولان:
أحدهما يروى عن المازني.
زعم المازني أن أصلها لما ثم شددت الميم.
وهذا القول ليس بشيء أيضا. لأن الحروف نحو " ربّ " وما أشبهها تخفف.
ولسنا نثقل ما كان على حرفين فهذا منتقض.
وقال بعضهم قولا لا يجوز غيره - واللّه أعلم - أن " لمّا " في معنى:
إلا.. كما تقول سألتك لمّا فعلت كذا وكذا.
وإلّا فعلت كذا. ومثله: {إن كل نفس لمّا عليها حافظ}.
معناه " إلا " وتأويل اللام مع " إن " الخفيفة إنما هو تأويل الجحد والتحقيق، إلا أن " إن " إذا قلت إن زيدا لعالم هي " ما " ولكن اللام دخلت عليها لئلا يشبه المنفي المثبت فتكون المشددة بدخول اللام عليها بمعنى المخففة إذا دخلت عليها اللام.
فعلى هذا جاءت " أن " الناصبة.
فجائز أن تكون " أنّ " الناصبة من حيث دخلت عليها اللام كما دخلت على إن غير الناصبة دخلت عليها " لمّا " ودخلت عليها " إلا " فصار الكلام في تخليص التحقيق له بمنزلة ما نفى عنه غير المذكور بعد " لما "، ووجب له ما بعد " لمّا "
فتقول على هذا الحد إن كلهم لمّا يحبّني - معناه يؤول إلى معنى ما كلهم إلا يحبّني، وكذلك يجوز إن كلّا لما يحبّني، بحذاء إن كلّا لما يحبّني، فدخلت " لمّا " محققة كما دخلت اللام محققة وصار تأويل الجملة تأويل المنفي والمحقق.
وحكى سيبويه وجميع البصريين أن " لمّا " تستعمل بمعنى إلا.
ويجوز إن كلا لمّا ليوفينهم، معناه وأن كلّا ليوفينهم جمعا.
لأن معنى اللّمّ الجمع يقال لممت الشيء ألمه لمّا إذا جمعته.
فأمّا قولهم: لمّ اللّه شعثك، فتأويله جمع اللّه لك ما يذهب شعثك). [معاني القرآن: 3/82-80]

تفسير قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنّه بما تعملون بصيرٌ}
وقال: {ولا تطغوا} من "طغوت" "تطغا" مثل "محوت" "تمحا"). [معاني القرآن: 2/47]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فاستقم كما أمرت} أي امض على ما أمرت به). [تفسير غريب القرآن: 210]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا تركنوا إلى الّذين ظلموا} أي لا تعدلوا ولا تنزعوا إليهم ولا تميلوا، ويقال: ركنت إلى قولك أي أردته وأحبيته وقبلته،
ومجاز ظلموا ها هنا كفروا). [مجاز القرآن: 1/300]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ولا تركنوا إلى الّذين ظلموا فتمسّكم النّار وما لكم مّن دون اللّه من أولياء ثمّ لا تنصرون}
وقال: {ولا تركنوا} لأنها من "ركن" "يركن" وإن شئت قلت "ولا تركنوا" وجعلتها من "ركن" "يركن"). [معاني القرآن: 2/47]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل ذكره: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}
قال عكرمة أي تودوهم وتطيعوهم). [معاني القرآن: 3/385]

تفسير قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {زلفاً مّن اللّيل...}
بضمّ اللام تجعله واحداً مثل الحلم. والزلف جمع زلفة وزلف وهي قراءة العامّة وهي ساعة من الليل ومعناه: طرفي النهار وصلاة الليل المفروضة: المغرب والعشاء وصلاة الفجر،
وطرفي النهار: والعصر). [معاني القرآن: 2/30]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وزلفاً من الليل} أي ساعاتٍ وواحدتها زلفة، أي ساعة ومنزلة وقربة، ومنها سميت المزدلفة،
قال العجّاج:
ناجٍ طواه الأين ممن وجفا= طيّ اللّيالي زلفا فزلفا
سماوة الهلال حتى أحقوقفا
سماوته: شخصه وسماوة الرجل شخصه، ووقع، طيّ على ضمير فعلٍ للمطى فيصير به فاعلاً). [مجاز القرآن: 1/300]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وأقم الصّلاة طرفي النّهار وزلفاً مّن اللّيل إنّ الحسنات يذهبن السّيّئات ذلك ذكرى للذّاكرين}
وقال: {طرفي النّهار} فحّرك الياء لأنها ساكنة لقيها حرف ساكن لأن أكثر ما يحرّك الساكن بالكسر نحو {صاحبي السّجّن}.
وقال: {وزلفاً مّن اللّيل} لأنها جماعة تقول "زلفة" و"زلفاتٌ" و"زلف"). [معاني القرآن: 2/47]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {زلفا من الليل}:ساعة بعد ساعة وقال أريد به المغرب والعشاء وقالوا طرفي النهار: الفجر والعصر وبه سميت المزدلفة.
والزلفة منزلة بعد منزلة). [غريب القرآن وتفسيره: 179]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وزلفاً من اللّيل} أي ساعة بعد ساعة. واحدتها زلفة. ومنه يقال: أزلفني كذا عندك، أي أدناني.
والمزدلف: المنازل والدّرج.
وكذلك الزّلف. قال العجّاج.
طيّ الليالي زلفا فزلفا سماوة الهلال حتّى احقوقفا). [تفسير غريب القرآن: 210]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {وأقم الصّلاة طرفي النّهار وزلفا من اللّيل إنّ الحسنات يذهبن السّيّئات ذلك ذكرى للذّاكرين}
فطرفا النهار غدوّه وعشيه، وصلاة طرفي النهار الغداة والظهر والعصر.
{وزلفا من اللّيل}.
ويجوز وزلفا من الليل - بضم الزاي واللام - وهو منصوب على الظرف كما تقول حيّنا طرفي النهار وأول الليل - ومعنى {زلفا من اللّيل} الصلاة القريبة من أول الليل، وزلفا جمع زلفة، يعنى بالزلف من الليل المغرب وعشاء الآخرة.
{إنّ الحسنات يذهبن السّيّئات} أي إن هذه الصلوات تكفر ما بينها من الذنوب.
وهذا يصدّق ما في الخبر من تكفير الصّلوات الذنوب.
والزلف واحد مثل الحلم. وجائز أن يكون جمعا - على زليف من الليل فيكون مثل القريب والقرب، ولكن الزّلف أجود في الجمع.
وما علمت أنّ زليفا يستعمل في الليل). [معاني القرآن: 3/82]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل}
قال الحسن طرفا النهار الصبح والعصر وزلفا من الليل المغرب والعشاء قال النبي صلى الله عليه وسلم هما زلفتا الليل
وروى سفيان عن منصور عن مجاهد قال طرفا النهار الصبح والظهر والعصر وزلفا من الليل العشاء والعتمة
وروى حجاج عن ابن جريج عن مجاهد وزلفا من الليل قال ساعة من الليل إلى العتمة
وقول مجاهد الأول أحسن لأنه يجتمع به الصلوات الخمس
ولأن ابن عباس قال في قوله تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات} يعني الصلوات الخمس
وروى علقمة والأسود عن عبد الله أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني وجدت امرأة في بستان فقبلتها والتزمتها ونلت منها كل شيء إلا الجماع فافعل في ما شئت فأنزل الله جل وعز: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} فقال معاذ بن جبل يا رسول الله أخاص له أم عام للناس فقال بل عام والمعروف من قراءة مجاهد وزلفى بضم الزاي وبحرف التأنيث
وقرأ ابن محيصن بهذه القراءة إلا أنه نون في الإدراج ويقرأ وزلفا من الليل وهو واحد مثل الحلم والقراءة المشهورة وزلفا وأنشد سيبويه:
طي الليالي زلفا فزلفا = سماوة الهلال حتى احقوقفا
وهو جمع زلفة وهو ساعة تقرب من أخرى ومنه الزلفة ومنه سميت مزدلفة لأنها منزلة تقرب من عرفة). [معاني القرآن: 3/387-385]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْل} قال: الزلف: الساعات، واحدها: زلفة،
وقال قوم: الزلفة: أول ساعة من الليل بعد مغيب الشمس). [ياقوتة الصراط: 271]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وزلفا من الليل}، أي ساعة بعد ساعة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 109]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {طَرَفَيِ النَّهَارِ}: الفجر والعصر). [العمدة في غريب القرآن: 158]

تفسير قوله تعالى: {وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115)}

تفسير قوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقيّةٍ ينهون...}
يقول لم يكن منهم أحد كذلك إلاّ قليلا أي هؤلاء كانوا ينهون فنجوا. وهو استثناء على الانقطاع ممّا قبله كما قال عزّ وجل: {إلاّ قوم يونس} ولو كان رفعاً كان صواباً.
وقوله:{واتّبع الّذين ظلموا ما أترفوا فيه} بقول: اتّبعوا في دنياهم ما عوّدوا من النعيم وإيثار اللذّات على أمر الآخرة.
ويقال: اتّبعوا ذنوبهم وأعمالهم السّيّئة إلى النار). [معاني القرآن: 2/31-30]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقيّةٍ} مجازه: فهلا كان من القرون الذين من قبلكم ذووا بقية، أي يبقون {وينهون عن الفساد في الأرض إلاّ قليلاً مّمن أنجينا منهم} منصوب لأنه استثناء من هؤلاء القرون وهم ممن أنجينا، ومجازه: مجاز المختصر الذي فيه ضمير فلولا كان من القرون الذين كانوا من قبلكم.
{ما أترفوا فيه} أي ما تجبّروا وتكبروا عن أمر الله وصدوا عنه وكفروا، قال:
تهدى رؤوس المترفين الصّدّاد= إلى أمير المؤمنين الممتاد
الممتاد من ماد يميد). [مجاز القرآن: 1/301-300]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فلولا كان من القرون}: فهلا كان من القرون.
{ما أترفوا فيه}: ما أهلكوا فيه فعدلوا وتحيروا. والمترفون المتكبرون). [غريب القرآن وتفسيره: 179]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فلولا كان من القرون من قبلكم} أي فهلا.
{أولوا بقيّةٍ} أي أولوا بقيّة من دين. يقال: [قوم] لهم بقية وفيهم بقيّة. إذا كانت بهم مسكة وفيهم خير.
{واتّبع الّذين ظلموا ما أترفوا فيه} ما أعطوا من الأموال، أي آثروه واتبعوه ففتنوا به). [تفسير غريب القرآن: 211-210]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (لولا ولوما
لولا تكون في بعض الأحوال بمعنى: هلّا وذلك إذا رأيتها بغير جواب، تقول: لولا فعلت كذا تريد هلّا، فعلت كذا، قال الله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ} {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ}{فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} أي فهلا. وقال: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ}.
وقال الشاعر:
تَعُدُّونَ عَقْرَ النِّيبِ أَفْضَلَ مَجْدِكُمْ = بَنِي ضَوْطَرَى لَوْلا الكَمِيَّ المقنَّعَا
أي: فهّلا تعدُّونَ الكميَّ.
وكذلك (لوما)، قال: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ} أي هلّا تأتينا). [تأويل مشكل القرآن: 541-540] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقيّة ينهون عن الفساد في الأرض إلّا قليلا ممّن أنجينا منهم واتّبع الّذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين}
{أولو بقيّة} معناه أولو تمييز، ويجوز أن يكون معناه " أولو " طاعة.
ومعنى البقية إذا قلت فلان في بقيّة، معناه فيه فضل فيما يمدح به.
{إلّا قليلا ممّن أنجينا منهم} استثناء منقطع، المعنى لكنّ قليلا ممّن أنجينا منهم ممن نهى عن الفساد.
{واتّبع الّذين ظلموا ما أترفوا فيه} معناه اتبعوا الشيء الذي به تدوم لهم الترفه والنعيم، وركنوا إلى الدنيا فلم يقبلوا ما ينقص ترفتهم في كسب أو عمل). [معاني القرآن: 3/83]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية}
قيل أولوا طاعة
وقيل أولو تمييز
وقيل أولو حظ من الله جل وعز
وقوله جل وعز: {واتبع الذين ظلموا ما أترفو فيه}
قال مجاهد من تملكهم وتجبرهم وتركهم الحق). [معاني القرآن: 3/388-387]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ما أترفوا فيه} ما أعطوا من الأموال أي آثروه واتبعوه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 109]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أُتْرِفُواْ}: تنعموا). [العمدة في غريب القرآن: 158]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما كان ربّك ليهلك القرى بظلمٍ وأهلها مصلحون...}.
يقول: لم يكن ليهلكهم وهم مصلحون فيكون ذلك ظلماً. ويقال: لم يكن ليهلكهم وهم يتعاطون الحقّ فيما بينهم وإن كانوا مشركين والظلم الشرك). [معاني القرآن: 2/31]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما كان ربّك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون}
يجوز أن يكون وما كان ربّك ليهلك أحدا وهو يظلمه - كما قال: {إنّ اللّه لا يظلم النّاس شيئا}. وجائز أن يكون معناه: وما كان ربك ليهلك القرى - ومعناه أهل القرى -
بظلم وأهلها يتعاطون فيما بينهم بالنصفة). [معاني القرآن: 3/83]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا يزالون مختلفين...}
يقول: {لا يزالون} يعني أهل الباطل {إلاّ من رحم ربّك} أهل الحقّ (ولذلك خلقهم) يقول: للشقاء وللسعادة.
ويقال: {ولا يزالون مختلفين إلاّ من رحم ربّك ولذلك خلقهم}: للاختلاف والرحمة). [معاني القرآن: 2/31]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا يزالون مختلفين} في دينهم). [تفسير غريب القرآن: 211]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولو شاء ربّك لجعل النّاس أمّة واحدة ولا يزالون مختلفين}
أي لو شاء لجمعهم على هدايته، كما قال - عز وجل -:{ولو شاء اللّه لجمعهم على الهدى} ). [معاني القرآن: 3/83]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة}أي على دين واحد). [معاني القرآن: 3/388]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ( {إلاّ من رحم ربّك} أهل الحقّ (ولذلك خلقهم) يقول: للشقاء وللسعادة.
ويقال: {ولا يزالون مختلفين إلاّ من رحم ربّك ولذلك خلقهم}: للاختلاف والرحمة). [معاني القرآن: 2/31] (م)
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وتمّت كلمة ربّك لأملأنّ جهنّم...}
صار قوله عزّ وجلّ: {وتمّت كلمة ربّك} يمينا كما تقول: حلفي لأضربنّك، وبدا لي لأضربنّك. وكلّ فعل كان تأويله كتأويل بلغني، وقيل لي، وانتهى إليّ، فإن اللام وأن تصلحان فيه. فتقول: قد بدا لي لأضربنّك، وبدا لي أن أضربك. فلو كان: وتمّت كلمة ربك أن يملأ جهنم كان صواباً وكذلك {ثمّ بدالهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه} ولو كان أن يسجنوه كان صواباً.
وقال: {وجاءك في هذه الحقّ...}
في هذه السورة). [معاني القرآن: 2/31]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إلّا من رحم ربّك} فإن دينهم واحد لا يختلفون.
{ولذلك خلقهم} يعني لرحمته خلق الذين لا يختلفون في دينهم.
وقد ذهب قوم إلى أنه للاختلاف خلقهم اللّه. واللّه أعلم بما أراد). [تفسير غريب القرآن: 211]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولا يزالون مختلفين* إلّا من رحم ربّك ولذلك خلقهم وتمّت كلمة ربّك لأملأنّ جهنّم من الجنّة والنّاس أجمعين}
" من " استثناء، على معنى: لكن من رحم ربك فإنه غير مخالف.
وقوله: {ولذلك خلقهم} أي خلقهم للسعادة والشقاء، فاختلافهم في الدّين يؤدي بهم إلى سعادة أو شقاء.
وقيل: ولذلك خلقهم أي لرحمته خلقهم، لقوله {إلّا من رحم ربّك}.
والقول الأول يدل عليه.
{وتمّت كلمة ربّك لأملأنّ جهنّم من الجنّة والنّاس أجمعين}.
{لأملأنّ} لفظ القسم، أي فتمّ قوله (لأملأنّ جهنّم) ). [معاني القرآن: 3/84-83]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم}
قال أبو جعفر وهذه الآية من المشكل وقد قيل فيها أقوال
روى عبد الكريم الجزري عن مجاهد أنه قال وللرحمة خلقهم
وكذلك قال قتادة
وروي عن الحسن فيها أقوال
منها أنه قال وللاختلاف خلقهم
ومنها أنه يقال وللرحمة خلقهم
ومنها أنه قال خلقهم للجنة والنار والشقاء والسعادة
وقيل هذا القول الذي عليه أهل السنة وهو أبينها وأجمعها
والذي رواه عبد الكريم عن مجاهد ليس بناقض له لأنه قد بينه حجاج في روايته عن ابن جريج عن مجاهد أنه قال في قول الله جل وعز: {ولا يزالون مختلفين}
قال أهل الباطل {إلا من رحم ربك} قال أهل الحق ولذلك خلقهم قال للرحمة خلق أهل الجنة
قال أبو جعفر فهذا قول بين مفسر
ومن قال أيضا خلقهم للاختلاف فليس بناقض لهذا لأنه يذهب إلى أن المعنى وخلق أهل الباطل للاختلاف
وأبينها قول الحسن الذي ذكرناه ويكون المعنى ولا يزال أهل الباطل مختلفين في دينهم إلا من رحم الله وأهل الإسلام لا يختلفون في دينهم ولذلك خلق أهل السعادة للسعادة وأهل الشقاء للشقاء وبين هذا قوله جل وعز: {وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين}
وقيل التقدير ينهون عن الفساد في الأرض ولذلك خلقهم). [معاني القرآن: 3/390-388]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ولذلك خلقهم} يعني من رحم، للرحمة خلقهم، وهم الذين لا يختلفون في دينهم. وقيل: للاختلاف خلقهم، والله أعلم.
وقيل: ليملأ جهنم من الجنة والناس أجمعين خلقهم، وهو مروي عن مالك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 109]

تفسير قوله تعالى: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وتمّت كلمة ربّك لأملأنّ جهنّم...}
صار قوله عزّ وجلّ: {وتمّت كلمة ربّك} يمينا كما تقول: حلفي لأضربنّك، وبدا لي لأضربنّك. وكلّ فعل كان تأويله كتأويل بلغني، وقيل لي، وانتهى إليّ، فإن اللام وأن تصلحان فيه. فتقول: قد بدا لي لأضربنّك، وبدا لي أن أضربك. فلو كان: وتمّت كلمة ربك أن يملأ جهنم كان صواباً وكذلك {ثمّ بدالهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه} ولو كان أن يسجنوه كان صواباً.
وقال: {وجاءك في هذه الحقّ...} في هذه السورة). [معاني القرآن: 2/31] (م)
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وكلاًّ نّقصّ عليك من أنباء الرّسل ما نثبّت به فؤادك وجاءك في هذه الحقّ وموعظةٌ وذكرى للمؤمنين}
وقال: {وكلاًّ نّقصّ عليك من أنباء الرّسل} على "نقص" {ما نثبّت به فؤادك} (كلاّ) ). [معاني القرآن: 2/47]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وجاءك في هذه الحقّ} أي في هذه السورة). [تفسير غريب القرآن: 211]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وكلّا نقصّ عليك من أنباء الرّسل ما نثبّت به فؤادك وجاءك في هذه الحقّ وموعظة وذكرى للمؤمنين}
(كلّا) منصوب بـ (نقصّ)، المعنى وكل الذي يحتاج إليه من أنباء الرسل نقص عليك.
و " ما " منصوبة بدل من كل.
المعنى: نقص عليك ما نثبت به فؤادك.
ومعنى تثبيت الفؤاد تسكين القلب، وهو ههنا ليس للشك، ولكن كلما كان الدلالة والبرهان أكثر كان القلب أثبت كما قال إبراهيم:
{ولكن ليطمئنّ قلبي}.
{وجاءك في هذه الحقّ وموعظة وذكرى للمؤمنين}.
يجوز أن يكون وجاءك في هذه السّورة، لأن فيها أقاصيص الأنبياء ومواعظ وذكر ما في الجنّة والنّار.
ويجوز أن يكون قوله: {وجاءك في هذه الحقّ}.
أي في ذكري هذه الآيات التي ذكرت قبل هذا الموضع.
أي جاءك الحق في أن الخلق يجازون بأنصبائهم في قوله: {وإنّا لموفّوهم نصيبهم}، وفي قوله: {وإنّ كلّا لمّا ليوفّينّهم}.
وقد جاءه في القرآن كلّه الحقّ، ولكنه ذكرها هنا توكيدا، وليس إذا قيل قد جاءك في هذه الحق وجب أن يكون لم يأتك الحق إلا في هذه، ولكن بعض الحق أوكد من بعض في ظهوره عندنا وخفائه علينا، لا في عينه.
إذا قلت: فلان في الحق وأنت تريد أنه يجود بنفسه، فليس هو في غير تلك الحال في باطل، ولكن ذكر الحق ههنا أغنى عن ذكر الموت لعظمه وأنه يحصل عنده على الحق). [معاني القرآن: 3/85-84]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك}
أي تزيدك به تثبيتا كما قال جل ذكره: {قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي}
ثم قال جل وعز: {وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين}
قال أبو موسى وابن عباس والحسن ومجاهد في هذه الحق في هذه السورة
وقال شعبة سمعت قتادة يقول في هذه الدنيا
وهذا القول حسن إلا أنه يعارض بان ذلك يقال قد جاءه الحق في هذه السورة وغيرها وإن كان هذا لا يلزم لأنه لم ينف شيئا ألا ترى أنه يقال فلان في الحق إذا جاءه الموت ولا يراد به أنه كان في باطل فتكون هذه السورة خصت بهذا توكيدا لما فيها من القصص والمواعظ). [معاني القرآن: 3/391-390]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقّ} قال: في هذه: يعني: الدنيا،
وقال قوم: في هذه السورة. قال ثعلب: والعمل على الأول، لأن في كل سورة قد جاء الحق). [ياقوتة الصراط: 272-271]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وجاءك في هذه الحق} يريد السورة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 109]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {اعملوا على مكانتكم} أي على مواضعكم واثبتوا {إنّا عاملون} ). [تفسير غريب القرآن: 211]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون}
أي عاملون ما أنتم عليه وهذا تهديد ووعيد ألا ترى أن بعده وانتظروا إنا منتظرون إلى قوله: {وما ربك بغافل عما تعملون} ). [معاني القرآن: 3/392]

تفسير قوله تعالى: {وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (122)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وانتظروا إنّا منتظرون} تهديد ووعيد). [تفسير غريب القرآن: 211]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وللّه غيب السّماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كلّه فاعبده وتوكّل عليه وما ربّك بغافلٍ عمّا تعملون}
[وقال] {وتوكّل عليه وما ربّك بغافلٍ عمّا تعملون} إذا لم يجعل النبيّ صلى الله عليه وسلم فيهم وقال بعضهم (تعملون) لأنه عنى النبيّ صلى الله عليه وسلم معهم أو قال له
"قل لهم {وما ربّك بغافلٍ عمّا تعملون}"). [معاني القرآن: 2/47-48]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة