العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 07:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 41 إلى 65]

{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51) وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52) وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57) أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63) وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)}

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({واذكر في الكتاب إبراهيم} [مريم: 41] يقول: اذكر لأهل مكّة أمر إبراهيم.
أي: اقرأه عليهم.
وهو تفسير السّدّيّ.
إنّه كان صدّيقًا نبيًّا {41}). [تفسير القرآن العظيم: 1/226]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {واذكر في الكتاب إبراهيم...}

اقصص قصّة إبراهيم: اتل عليهم. وكذلك قوله فيمن ذكر من الأنبياء (أي) اقصص عليهم قصصهم). [معاني القرآن: 2/168]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {واذكر في الكتاب إبراهيم إنّه كان صدّيقا نبيّا}
أي اذكر في الكتاب الذي أنزل عليك وهو القرآن قصة إبراهيم وخبره.
الصّديق اسم للمبالغة في الصّدق.
ويقال لكل من صدّق بتوحيد اللّه وأنبيائه وعمل بما يصدق به صدّيق، ومن ذلك سمي أبو بكر الصّديق). [معاني القرآن: 3/331]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {واذكر في الكتاب إبراهيم} والمعنى واذكر في الكتاب الذي أنزل عليك وهو القرآن قصة إبراهيم وخبره). [معاني القرآن: 4/333]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {إنه كان صديقا نبيا} صديق مأخوذ من الصدق وفيه معنى المبالغة والتكثير يقال لمن صدق بالله وأنبيائه وفرائضه وعمل بها صديق ومنه قيل لأبي بكر صديق). [معاني القرآن: 4/334]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إذ قال لأبيه يا أبه لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئًا} يعني الأصنام.
يا أبه إنّي قد جاءني من العلم ما لم يأتك يعني النّبوّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/226]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا }

الوقف عليه يا أبه بالهاء، والعرب تقول في النداء يا أبة، ويا أمّة ولا تقول قال أبتي كذا ولا قالت أمّتي كذا، وزعم الخليل وسيبويه أنه بمنزلة قولهم يا عمة ويا خالة، وأن أبة للمذكر والمؤنث، كأنك تقود للمذكر أبة وللمؤنث. والدليل على أنّ للأمّ حظّا في الأبوة أنه يقال أبوان، قال اللّه عزّ وجلّ: {وورثه أبواه}.
وزعم أنه بمنزلة قولهم رجل ربعة، وغلام يفعة.
وأن الهاء في أبة، عوض من ياء الإضافة من يا أبي ومن يا أمّي ولم يقل يا أبتي ولا يا أمّتي، ولذلك لم تقع الهاء في غير النداء، لأن حذف الياء يقع في النداء كثيرا، تقول: يا أب لا تفعل، ولا تقل قال أب كذا وكذا تريد قال أبي.
والمؤنث قد يوصف بالمذكر كقولهم امرأة طالق وطاهر، ويقال ثلاثة أنفس، والنفس أنثى سمّي بها المذكر وهذا تفسير مستقصى وقريب). [معاني القرآن: 3/331-332]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {فاتّبعني أهدك صراطًا سويًّا} [مريم: 43] يعني دينًا عدلا، وهو الإسلام.
وهو
[تفسير القرآن العظيم: 1/226]
تفسير السّدّيّ، طريقًا مستقيمًا إلى الجنّة.
يا أبه لا تعبد الشّيطان إنّ الشّيطان كان للرّحمن عصيًّا إنّ عبادة الوثن عبادة الشّيطان، لأنّ الوثن لم يدعه إلى عبادة نفسه ولكنّ الشّيطان دعاه إلى عبادته كقوله: {إن يدعون من دونه إلا إناثًا} [النساء: 117] إلا أمواتًا، شيئًا ليس فيه روحٌ، {وإن يدعون إلا شيطانًا مريدًا} [النساء: 117] قوله: يا أبه إنّي أخاف أن يمسّك عذابٌ من الرّحمن فتكون للشّيطان وليًّا أي: إنّك إذا نزل بك
العذاب لم تقبل توبتك، وما لم ينزّل العذاب فتوبتك مقبولةٌ إن تبت.
وقد كان إبراهيم يرجو أن يتوب.
فلمّا مات على الكفر ذهب ذلك الرّجاء). [تفسير القرآن العظيم: 1/227]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {يا أبت لا تعبد الشّيطان إنّ الشّيطان كان للرّحمن عصيّاً}
وقال: {يا أبت لا تعبد الشّيطان} فإذا وقفت قلت (يا آبه) وهي هاء زيدت كنحو قولك "يا أمّه" ثم قال "يا أمّ" إذا وصل ولكنه لما كان "الأب" على حرفين كان كأنه قد أخلّ به فصارت الهاء لازمةً وصارت الياء كأنها بعدها، فلذلك قال "يا أبت أقبل" وجعل التاء للتأنيث. ويجوز الترخيم لأنه يجوز أن تدعو ما تضيف إلى نفسك في المعنى مضموماً نحو قول العرب "يا ربّ اغفر لي" وتقف في القرآن {يا أبت} للكتاب. وقد يقف بعض العرب على هاء التأنيث.
وقوله: {كان للرّحمن عصيّاً} و"العصيّ": العاصي كما تقول: "عليم" و"عالم" و"عريف" و"عارف" قال الشاعر: [من الكامل وهو الشاهد السابع والأربعون بعد المائتين]:

أو كلّما وردت عكاظ قبيلةٌ = بعثوا إليّ عريفهم يتوسّم
يقول: "عارفهم"). [معاني القرآن: 3/2]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {يا أبت لا تعبد الشّيطان إنّ الشّيطان كان للرّحمن عصيّا (44)}
فمن فتح حذف الألف التي أبدلت من ياء الإضافة أراد يا أبتا فالألف بدل من ياء الإضافة إلاّ أن الواجب حذفها، إذ كانت بدلا من ياء تحذف.
وقوله: {لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا} يعني الصنم.
وقوله: {إنّي قد جاءني من العلم ما لم يأتك} يدل أنه كان قد أتاه الوحي.
ومعنى: {صراطا سويّا} أي طريقا مستقيما.
وقوله جلّ وعزّ: {يا أبت لا تعبد الشّيطان إنّ الشّيطان كان للرّحمن عصيّا}
معنى عبادة الشيطان - واللّه أعلم - طاعته فيما يسول من الكفر والمعاصي). [معاني القرآن: 3/332]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يا أبت لا تعبد الشيطان} والمعنى لا تطعه فيما يأمرك به من الكفر والعصيان فتكون بمنزلة من عبده
وروى علي بن الحكم عن الضحاك {لئن لم تنته لأرجمنك} بالقول قال أبو جعفر وذلك معروف في اللغة يقال رجمه ورماه إذا شتمه ومنه قوله تعالى:{والذين يرمون المحصنات}).
[معاني القرآن: 4/334]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّي أخاف أن يمسّك عذابٌ...}
يريد: إني أعلم. وهو مثل قوله: {فخشينا أن يرهقهما} أي فعلمنا). [معاني القرآن: 2/169]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قال أراغبٌ أنت عن آلهتي يا إبراهيم} [مريم: 46] أن تعبدها.
{لئن لم تنته} [مريم: 46] عن شتمها وذمّها.
{لأرجمنّك} [مريم: 46] بالحجارة فلأقتلنّك بها.
وقال السّدّيّ: {لأرجمنّك} [مريم: 46] يعني لأشتمنّك.
{واهجرني مليًّا} [مريم: 46] نا يحيى قال: نا سعيدٌ، عن قتادة قال: واهجرني سالمًا.
نا يحيى، قال: نا عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: واهجرني حينًا.
نا يحيى قال: نا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن قال: واهجرني طويلا.
قال يحيى: أي وأطل هجراني.
قال إبراهيم). [تفسير القرآن العظيم: 1/227]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لأرجمنّك...}
لأسبّنّك.

وقوله: {واهجرني مليّاً} طويلاً يقال كنت عنده ملوةً من دهر وملوةً وملوةً وملاوةً من دهر وهذيل تقول: ملاوة، وبعض العرب ملاوة. كلّه من الطول). [معاني القرآن: 2/169]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لأرجمنك}: لأشتمنك، ألا ترى أنك تقول رميتني بكذا وكذا.
{ويقفون بالغيب}: يرجمون به ويرمون به "والمرجومون" منه والله أعلم.
{واهجرني مليا}: أي دهرا ومنه أمليت له وأمليت للدابة في رسنه). [غريب القرآن وتفسيره: 239]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:
276هـ) : ( {لأرجمنّك} أي لأشتمنّك.
{واهجرني مليًّا} أي حينا طويلا. ومنه يقال: تملّيت حبيبك ، والملوان: الليل والنهار). [تفسير غريب القرآن: 274]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الرجم: أصله الرّمي...، ويوضع موضع الشتم، لأن الشتم رمي، ولذلك يقال: قذف فلان فلانا: إذا شتمه.
وأصل القذف: الرمي، ومنه قول أبي إبراهيم له: {لَأَرْجُمَنَّكَ}، أي لأشتمنك). [تأويل مشكل القرآن: 508]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنّك واهجرني مليّا}
{لأرجمنّك}.معناه لأشتمنك، يقال: فلان يرمي فلانا ويرجم فلانا معناه يشتمه.
وكذلك قوله عزّ وجلّ: {والّذين يرمون المحصنات} معناه يشتمونهنّ، وجائز أن يكون {لأرجمنّك} لأقتلنك رجما، والذي عليه التفسير أن الرجم ههنا الشتم). [معاني القرآن: 3/332]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {واهجرني مليا} [معاني القرآن: 4/334]
قال سعيد بن جبير ومجاهد: أي حينا وقال الحسن :أي زمانا طويلا وقال عكرمه: أي دهرا وقال الضحاك: أي سالما لا تصيبك مني معرة قال أبو جعفر القول عند أهل اللغة أنه بمعنى زمانا ودهرا قال الكسائي: يقال هجرته مليا وملوة وملوة وملاوة وملاوة
قال أبو جعفر: ومنه تمل حبيبك أي عش معه دهرا ومنه أمليت له ومنه قيل لليل والنهار الملوان كما قال الشاعر:
أمل عليها بالبلى الملوان). [معاني القرآن: 4/335]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لأرجمنك} أي: لأهجرنك، ولأرجمنك، أي: لأسبنك). [ياقوتة الصراط: 340]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {مليا} أي: قطعة من الزمان). [ياقوتة الصراط: 341]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لأرجمنك} أي لأشتمنك.
{مليا} حينا طويلا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 148]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لأَرْجُمَنَّك}: لأشتمنك ،، {ملِيّـاً}: زمانا طويلا). [العمدة في غريب القرآن: 196]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {سلامٌ عليك} [مريم: 47] يعني ردّ خيرًا في تفسير السّدّيّ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/227]
وقال الحسن: وهذه كلمة حلمٍ.
{سأستغفر لك ربّي إنّه كان بي حفيًّا} [مريم: 47] بدعائي فلا يردّه عليّ في تفسير الحسن.
وفي تفسير الكلبيّ: إنّه كان بي رحيمًا.
وقال بعضهم: لطيفًا.
وأمّا قوله: {سأستغفر لك ربّي} [مريم: 47] فهو قوله: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدةٍ وعدها إيّاه} [التوبة: 114] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/228]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {كان بي حفيّاً...}
كان بي عالماً لطيفا يجيب دعائي إذا دعوته). [معاني القرآن: 2/169]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {كان بي حفيّاً} أي متحفياً، يقال: تحفيت بفلان. {وقرّبناه نجياًّ} ). [مجاز القرآن: 2/8]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {حفيا}: أي يتحفى به). [غريب القرآن وتفسيره: 239]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّه كان بي حفيًّا} أي بارّا عوّدني منه الإجابة إذا دعوته). [تفسير غريب القرآن: 274]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال سلام عليك سأستغفر لك ربّي إنّه كان بي حفيّا}
{إنّه كان بي حفيّا} معناه لطيفا، يقال: قد تحفّى فلان بفلان، وحفي فلان بفلان حفوه إذا بره وألطفه). [معاني القرآن: 3/332-333]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا} الحفي اللطيف البار يقال حفي به وتحفى إذا بره أي كان يجيبني إذا دعوته). [معاني القرآن: 4/335]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {حفيا} أي: كان بي بارا. وأما قوله - عز وجل: {يسألونك كأنك حفي عنها} أي: كأنك معنى بها).
[ياقوتة الصراط: 341]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حفيا} أي بارا، عودني الإجابة إذا دعوته). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 148]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حَفِيّـاً}: معينا). [العمدة في غريب القرآن: 196]

تفسير قوله تعالى: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وأعتزلكم وما تدعون من دون اللّه} [مريم: 48] يعني أصنامهم.
{وأدعو ربّي عسى ألّا أكون بدعاء ربّي شقيًّا} [مريم: 48] أي عسى أن أسعد به). [تفسير القرآن العظيم: 1/228]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {عسى ألاّ أكون بدعاء ربّي شقيّاً...}
يقول: أن دعوته لم أشق به). [معاني القرآن: 2/169]


تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فلمّا اعتزلهم وما يعبدون من دون اللّه} [مريم: 49] يعني أصنامهم.
{وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلًّا جعلنا نبيًّا} [مريم: 49] أي إبراهيم وإسحاق ويعقوب). [تفسير القرآن العظيم: 1/228]

تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ووهبنا لهم من رحمتنا} [مريم: 50] النّبوّة.
{وجعلنا لهم لسان صدقٍ عليًّا} [مريم: 50] رفيعًا، سنّةٌ يقتدي بهم من بعدهم وثناءً عليهم من بعدهم، كقوله: {واجعل لي لسان صدقٍ في الآخرين} [الشعراء: 84] أبقينا عليهم الثّناء الحسن، وكقوله: {وتركنا عليه في الآخرين} [الصافات: 78] أبقينا عليهم الثّناء الحسن وهو قوله: {وآتيناه أجره في الدّنيا} [العنكبوت: 27] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/228]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وجعلنا لهم لسان صدقٍ عليّاً...}

ثناء حسناً في كلّ الأديان. ... حدثني عمرو بن أبي المقدام عن الحكم بن عتيبة عن مجاهد في قوله: {واجعل لي لسان صدقٍ في الآخرين} قال: ثناء حسناً). [معاني القرآن: 2/169]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ووهبنا لهم مّن رّحمتنا وجعلنا لهم لسان صدقٍ عليّاً}
وقال: {لسان صدقٍ} كما تقول: "لساننا غير لسانكم" أي: لغتنا غير لغتكم. وان شئت جعلت اللسان مقالهم كما تقول "فلان لساننا"). [معاني القرآن: 3/2]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وجعلنا لهم لسان صدقٍ عليًّا} أي ذكرا حسنا عاليا). [تفسير غريب القرآن: 274]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليّا}
أي أبقينا لهم ثناء حسنا، وكذلك قوله: {واجعل لي لسان صدق في الآخرين} ). [معاني القرآن: 3/333]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا} أي أبقينا عليهم ثناء حسنا قال أبو جعفر ومعروف في اللغة أن يجعل اللسان موضع القول لأن القول به يكون كما قال الشاعر:
إني أتاني لسان لا أسر بها = من علو لا عجب منها ولا سخر).
[معاني القرآن: 4/336]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واذكر في الكتاب موسى} [مريم: 51] يقول: اذكر لأهل مكّة أمر موسى.
أي: اقرأه عليهم.
وهو تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/228]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {واذكر في الكتاب موسى إنّه كان مخلصا وكان رسولا نبيّا}

(مخلَصا) و(مخلِصا)
يقرآان جميعا. والمخلص - بفتح اللام الذي أخلصه اللّه جلّ وعزّ، أي جعله مختارا خالصا من الدنس.
والمخلص - بكسر اللام - الذي وحّد اللّه - عزّ وجلّ - وجعل نفسه خالصة في طاعة اللّه غير دنسة). [معاني القرآن: 3/333]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {واذكر في الكتاب موسى أنه كان مخلصا} أي أخلصناه فجعلناه مختارا خالصا من الدنس ومعنى مخلصا بكسر اللام وحد الله عز وجل بطاعته وأخلص نفسه من الدنس). [معاني القرآن: 4/337]

تفسير قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إنّه كان مخلصًا وكان رسولا نبيًّا {51} وناديناه من جانب الطّور الأيمن} [مريم: 51-52] أيمن الجبل، وهو قوله: {فلمّا أتاها نودي يا موسى {11} إنّي أنا ربّك} [طه: 11-12] قوله: {وقرّبناه نجيًّا} [مريم: 52] حين كلّمه اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/229]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وناديناه من جانب الطّور الأيمن...}

(من الجبل) ليس للطور يمين ولا شمال، إنما هو الجانب الذي يلي يمينك كما تقول: عن يمين القبلة وعن شمالها.
وقوله: {وقرّبناه نجيّاً} (اسم ليس بمصدر ولكنه) كقولك: مجالس وجليس. والنجي والنجوى قد يكونان اسماً ومصدراً). [معاني القرآن: 2/169]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وناديناه من جانب الطّور الأيمن وقرّبناه نجيّا}
{وقرّبناه نجيّا} معناه مناجيا. وجاء في التفسير أن الله عزّ وجلّ قربه حتى سمع صريف القلم الذي كتبت به التوراة، ويجوز - واللّه أعلم - أن يكون، مثل: {وكلّم اللّه موسى تكليما} أي قربه في المنزلة حتى سمع مناجاة اللّه - عزّ وجلّ - وهي كلام اللّه). [معاني القرآن: 3/333]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقربناه نجيا}
حدثنا الحسن بن عمر الكوفي قال: حدثنا هناد قال: حدثنا وكيع وقبيصة عن سفيان عن عطاء ابن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قول الله وقربناه نجيا
قال: أدنى حتى سمع صريف القلم). [معاني القرآن: 4/337]

تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيًّا} [مريم: 53] جعله اللّه له وزيرًا وأشركه معه في الرّسالة). [تفسير القرآن العظيم: 1/229]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: {ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيّا}

هارون لا ينصرف في المعرفة لأنه اسم أعجمي وهو معرفة). [معاني القرآن: 3/333]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واذكر في الكتاب إسماعيل} [مريم: 54] يقول: اذكر لأهل مكّة أمر إسماعيل بن إبراهيم.
وهو تفسير السّدّيّ.
{إنّه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيًّا} [مريم: 54] نا يحيى، قال: حدّثني أبانٌ العطّار أنّ إسماعيل وعد رجلا موعدًا فجاء الموعد فلم يجد الرّجل، فأقام في ذلك الموضع حولا ينتظره). [تفسير القرآن العظيم: 1/229]

تفسير قوله تعالى: {وكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وكان يأمر أهله بالصّلاة والزّكاة} [مريم: 55] وأهله: قومه.
{وكان عند ربّه مرضيًّا} [مريم: 55] قد رضي عنه). [تفسير القرآن العظيم: 1/229]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ) :
(وقوله: {وكان عند ربّه مرضيّاً...}

ولو أتت: مرضوّا كان صواباً؛ لأن أصلها الواو؛ ألا ترى أنّ الرضوان بالواو. والذين قالوا مرضيّاً بنوه على رضيت ( ومرضوّاً لغة أهل الحجاز) ). [معاني القرآن: 2/169-170]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله سبحانه: {وكان يأمر أهله بالصّلاة والزّكاة وكان عند ربّه مرضيّا}
أهله جميع أمته، من كانت بينه وبينه قرابة أو من لم تكن، وكذلك أهل كل نبي أمّته.
{وكان عند ربّه مرضيّا} أصله مرضوّا، وهو جائز في اللغة غير جائز في القرآن لأنه مخالف للمصحف، والخليل وسيبويه وجميع البصريين يقولون: فلان مرضوّ ومرضيّ وأرض مسنوة ومسنية إذا سقيت بالسواني أو بالمطر، والأصل الواو إلا أنها قلبت عند الخليل لأنها طرف قبلها واو ساكنة ليس بحاجز حصين، وكأنها مفعل بضم العين، ومفعل من أدوات الواو يقلب إلى مفعل، لأن الواو لا تكون طرفا وقبلها متحرك في الأسماء، وأما غير سيبويه والبصريين فلهم فيه قولان:
قال بعضهم: لما كان الفعل منه رضيت فانتقل من الواو إلى الياء.
صار مرضيا. وقيل إن بعض العرب يقول في تثنية رضي رضيان ورضوان.
فمن قال رضيان لم يكن من قوله إلا مرضيّ، ومن قال رضوان في التثنية جاز أن يقول فلان مرضوّ ومرضيّ). [معاني القرآن: 3/333-334]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واذكر في الكتاب إدريس} [مريم: 56] يقول: اذكره لأهل مكّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/229]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إنّه كان صدّيقًا نبيًّا {56} ورفعناه مكانًا عليًّا {57}} [مريم: 56-57] نا يحيى، قال: نا سعيدٌ، عن قتادة قال: في السّماء الرّابعة.
قال: نا عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدا قال: لم يمت، رفع كما رفع عيسى). [تفسير القرآن العظيم: 1/229]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ورفعناه مكاناً عليّاً...}

ذكر أن إدريس كان حبّب إلى ملك الموت حتى استأذن ربّه في خلّته. فسأل إدريس ملك الموت أن يريه النار فاستأذن ربه فأراها إيّاه ثم (استأذن ربه) في الجنّة فأراها إيّاه فدخلها.
فقال له ملك الموت: اخرج فقال: والله لا أخرج منه أبداً؛ لأن الله قال {وإن منكم إلاّ واردها} فقد وردتها يعني النار
وقال: {وما هم منها بمخرجين} فلست بخارج منها إلا بإذنه. فقال الله: بإذني دخلها فدعه. فذلك قوله: {ورفعناه مكاناً عليّاً} ). [معاني القرآن: 2/170]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله سبحانه: {ورفعناه مكانا عليّا}
جاء في التفسير أيضا أنه رفع إلى السماء الرابعة، وجاء في التفسير أيضا أنه سأل ملك الموت حتى سأل الله - جلّ وعزّ - أن رفعه فأدخل النار ثم أخرج فأدخل الجنة فقيل له في الخروج فقال: قد قال اللّه عز وجلّ: {وإن منكم إلّا واردها} وقال في أهل الجنة: {وما هم منها بمخرجين} فأقرّه اللّه عزّ وجلّ في الجنة.
وهذا الحجاج إنما هو في القرآن - واللّه أعلم.
وجائز أن يكون قد أعلم اللّه - عزّ وجلّ - إدريس ورود الخلق النّار وأنهم مخلّدون في الجنان قبل إنزاله القرآن، وجاء القرآن موافقا ما علّم إدريس.
وجاء في التفسير أنه رفع كما رفع عيسى.
وجائز أن يكون - واللّه أعلم - قوله: {ورفعناه مكانا عليّا} أي في النبوة والعلم.
وقوله عزّ وجلّ: {أولئك الّذين أنعم اللّه عليهم من النّبيّين من ذرّيّة آدم وممّن حملنا مع نوح ومن ذرّيّة إبراهيم وإسرائيل وممّن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرّحمن خرّوا سجّدا وبكيّا} قد بيّن اللّه سبحانه أن الأنبياء كانوا إذا سمعوا بآيات اللّه - عزّ وجلّ - سجدوا وبكوا من خشية اللّه.
و{بكيّا} جمع باك، مثل شاهد وشهود وقاعد وقعود.
و{سجّدا} حال مقدّرة المعنى: خرّوا مقدّرين السجود لأن الإنسان في حال خروره لا يكون ساجدا و {سجّدا} منصوب على الحال.
ومن قال: {بكيّا} ههنا مصدر فقد أخطأ لأن {سجّدا} جمع ساجد و {بكيّا} عطف عليه، ويقال بكى بكاء وبكيّا). [معاني القرآن: 3/334]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا} قيل إنه سأل ملك الموت أن يريه النار فأراه إياها، ثم سأله أن يدخله الجنة فأدخله إياها، ثم قال له: اخرج فقال: كيف أخرج وقد قال الله: {وما هم منها بمخرجين} قال أبو جعفر: فيجوز أن يكون الله أعلم هذا إدريس، ثم نزل القرآن به وقيل معناه في المنزلة والرتية وأصح من هذين القولين لعلو إسناده وصحته ما رواه سعيد عن قتادة قال: حدثنا أنس بن مالك بن صعصعة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسرى به قال: رأيت إدريس في السماء الرابعة.
وروى سفيان عن هارون عن أبي سعيد الخدري ورفعناه مكانا عليا، قال: السماء الرابعة
وروى الأعمش عن شمر بن عطية عن هلال بن إساف، قال: كنا عند كعب الأحبار إذ أقبل عبد الله بن عباس، فقال: هذا ابن عم نبيكم فوسعنا له، فقال: يا كعب ما معنى ورفعناه مكانا عليا، فقال كعب: إن إدريس صلى الله عليه وسلم كان له صديق من الملائكة وأوحى الله إليه إني أرفع لك كل يوم مثل عمل أهل الأرض، فقال إدريس للملك :كلم لي ملك الموت حتى يؤخر قبض روحي، فحمله الملك تحت طرف جناحه، فلما بلغ السماء الرابعة لقي ملك الموت فكلمه، فقال: أين هو فقال: ها هو ذا، فقال: من العجب إني أمرت أن أقبض روحه في السماء الرابعة فقبضه هناك). [معاني القرآن: 4/337-339]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أولئك الّذين أنعم اللّه عليهم من النّبيّين} [مريم: 58] أنعم اللّه عليهم بالنّبوّة، يعني من ذكر منهم من أوّل السّورة إلى هذا الموضع.
{من ذرّيّة آدم وممّن حملنا مع نوحٍ} [مريم: 58] ذرّيّة من كان في السّفينة مع نوحٍ.
كان إدريس من ولد آدم قبل نوحٍ، وكان إبراهيم من ذرّيّة نوحٍ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/229]
قال: {ومن ذرّيّة إبراهيم وإسرائيل} [مريم: 58] وهو يعقوب، وهم من ذرّيّة إبراهيم.
وقد ذكر فيها من كان من ولد يعقوب.
قال: {وممّن هدينا} [مريم: 58] للإيمان.
{واجتبينا} [مريم: 58] بالنّبوّة.
وتفسير اجتبينا اخترنا، وهو أيضًا اصطفينا.
قال: {إذا تتلى عليهم آيات الرّحمن خرّوا سجّدًا وبكيًّا} [مريم: 58] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/230]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {واجتبينا} أي اخترنا).
[مجاز القرآن: 2/8]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وبكيّاً} جمع باكٍ). [مجاز القرآن: 2/8]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {واجتبينا}: اخترنا.
{بكيا}: جمع باك وقد يكون مصدرا. ويروى في الحديث
" هذا السجود فأين البكى "). [غريب القرآن وتفسيره: 240-239]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) :
( {خروا سجدا وبكيا} خروا: سقطوا، وسجداً: جمع ساجد، وبكيا: جمع باك، وهو مما جاء على: فاعل وفعيل). [ياقوتة الصراط: 341]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {اجْتَبَيْنا}: اخترنا.
{بُكِيًّا}: جمع باك). [العمدة في غريب القرآن: 196]

تفسير قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فخلف من بعدهم خلفٌ} [مريم: 59] حدّثنا يحيى قال: نا سعيدٌ، عن قتادة قال: اليهود.
{أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات} [مريم: 59] قال يحيى: وقال في سورة النّساء: {ويريد الّذين يتّبعون الشّهوات أن تميلوا ميلا عظيمًا} [النساء: 27] اليهود في نكاح بنات الأخ.
- قوله: {فسوف يلقون غيًّا} [مريم: 59] حدّثني شريكٌ، عن أبي إسحاق الهمذانيّ، عن أبي عبيدة بن عبد اللّه بن مسعودٍ، عن أبيه قال: وادي في جهنّم من حميمٍ.
وحدّثني نصر بن طريفٍ، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعودٍ قال: وادي في جهنّم بعيد القعر خبيث الطّعم.
نا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعودٍ قال: نهرٌ في
[تفسير القرآن العظيم: 1/230]
جهنّم من صديد أهل النّار). [تفسير القرآن العظيم: 1/231]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فخلف من بعدهم...}

خلف: الخلف يذهب به إلى الذّم. والخلف الصالح. وقد يكون في الردئ خلف وفي الصالح خلف؛ لأنهم قد يذهبون بالخلف إلى القرن بعد القرن). [معاني القرآن: 2/170]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات فسوف يلقون غيّا}
يقال في الرداءة خلف - بإسكان اللام - تقول خلف سوء وفي الصلاح خلف صدق - بفتح اللام - وقد يقال في الرداءة أيضا خلف - بفتح اللام - وفي الصلاح بإسكان اللام، والأجود القول الأول.
{أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات}.جاء في التفسير أنّهم صلّوها في غير وقتها، وقيل أضاعوها وتركوها ألبتّة وهذا هو الأشبه، لأنه يدل على أنه يعنى به الكفار.
ودليل ذلك قوله: {إلّا من تاب وآمن}.
وقوله: {فسوف يلقون غيّا} أي فسوف يلقون مجازاة الغي كما قال عزّ وجلّ: {ومن يفعل ذلك يلق أثاما} أي مجازاة الأثام.
وجاء في التفسير أن، {غيّا} واد في جهنم، وقيل نهر في جهنم.
وهذا جائز أن يكون نهرا أعد للغاوين فسمي {غيّا} ). [معاني القرآن: 3/335-336]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فخلف من بعدهم خلف} قال أبو عبيدة: حدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد، قال: ذلك عند قيام الساعة وذهاب صالحي هذه الأمة أمة محمد ينزو بعضهم على بعض في الأزقة زنا .[معاني القرآن: 4/339]
قال أبو جعفر الخلف بتسكين اللام لا يستعمل إلا للرديء كما قال لبيد:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم = وبقيت في خلف كجلد الأجرب
فإذا قلت خلف بتحريك اللام فهو للجيد كم يقال جعل الله فيك خلفا من أبيك). [معاني القرآن: 4/340]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات} قال القاسم بن مخيمرة أضاعوها أخروها عن وقتها ولو تركوها لكفروا وقيل أضاعوها تركوها البتة .
وهذا أشبه لقوله بعد: {إلا من تاب وآمن} وهذا يدل على أنهم كفروا). [معاني القرآن: 4/341-340]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فسوف يلقون غيا}
روى سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود قال: هو واد في جهنم
قال أبو جعفر والتقدير عند أهل اللغة فسوف يلقون جزاء الغي كما قال جل ذكره: {ومن يفعل ذلك يلق أثاما} ويجوز أن يكون الوادي يسمى غيا لأن الغاوين يصيرون إليه).
[معاني القرآن: 4/341]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إلا من تاب وآمن وعمل صالحًا فأولئك يدخلون الجنّة ولا يظلمون شيئًا} [مريم: 60] يقول: لا ينقصون شيئًا من حسناتهم.
وقال السّدّيّ: من أعمالهم شيئًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/231]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(ويكون الظلم: النّقصان، قال الله تعالى: {وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} أي ما نقصونا.
[تأويل مشكل القرآن: 467]
وقال: {آَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} أي لم تنقص منه شيئا. ومنه يقال: ظلمتك حقّك، أي: نقصتك. ومنه قوله تعالى: {وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا}
و{لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا}). [تأويل مشكل القرآن: 468] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: {إلّا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنّة ولا يظلمون شيئا}
" من " في موضع نصب أي فسوف يلقون العذاب إلا التائبين.
وجائز أن يكون نصبا استثناء من غير الأول، ويكون المعنى لكن من تاب وآمن.
{فأولئك يدخلون الجنّة} ويقرأ - يدخلون الجنة). [معاني القرآن: 3/336]

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {جنّات عدنٍ} [مريم: 61]
- أخبرني صاحبٌ لي، عن الأعمش، عن سعيد بن جبيرٍ أو أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ قال: عدنٌ بطنان الجنّة.
وأخبرني صاحبٌ لي، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب قال: جنّة عدنٍ الّتي بها موطأ الرّبّ وموضع عرشه.
قال يحيى: بلغني أنّ الجنان تنسب إليها.
وقال الحسن: عدنٌ اسمٌ من أسماء الجنّة.
قوله: {الّتي وعد الرّحمن عباده بالغيب} [مريم: 61] وعدهم في الدّنيا الجنّة في الآخرة.
والغيب الآخرة في قول الحسن.
وقال سعيدٌ عن قتادة في قوله: {يؤمنون بالغيب} [البقرة: 3]، قال: بالبعث، وبالحساب وبالجنّة والنّار، وهذا كلّه غيبٌ.
قال: {إنّه كان وعده مأتيًّا} [مريم: 61] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/231]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {جنّات عدنٍ...}
نصب. ولو رفعت على الاستئناف كان صواباً.
وقوله: {إنّه كان وعده مأتيّاً} ولم يقل: آتيا. وكلّ ما أتاك فأنت تأتيه؛ ألا ترى أنك تقول أتيت على خمسين سنة وأتت عليّ خمسون سنة. وكلّ ذلك صواب). [معاني القرآن: 2/170]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّه كان وعده مأتيًّا} أي آتيا. مفعول في معنى فاعل). [تفسير غريب القرآن: 274]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (ومنه أن يأتي الفاعل على لفظ المفعول به، وهو قليل:
كقوله: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا}، أي آتيا). [تأويل مشكل القرآن: 298]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {جنّات عدن الّتي وعد الرّحمن عباده بالغيب إنّه كان وعده مأتيّا}
يجوز الرفع والنصب، الرفع على معنى هي جنات عدن، والنصب على معنى يدخلون في جنات عدن.
وعدن في معنى إقامة، يقال: عدن بالمكان إذا أقام به.
وقوله عزّ وجلّ: {إنّه كان وعده مأتيّا}.
ماتي: مفعول من الإتيان، لأن كل ما وصل إليك فقد وصلت إليه وكل ما أتاك فقد أتيته، يقال: وصلت إلى خير فلان ووصل إليّ خير فلان وأتيت خير فلان وأتاني خير فلان فهذا على معنى أتيت خير فلان). [معاني القرآن: 3/336]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب}
جنات إقامة يقال عدن بالمكان إذا قام به ومنه قيل معدن لمقام أهله به شتاء وصيفا لا ينتجعون منه). [معاني القرآن: 4/342]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إنه كان وعده مأتيا}
مأتي مفعول من الإتيان وكل ما وصل إليك فقد وصلت إليه كما تقول وصل إلي من فلان خير ووصلت منه إلى خير
فالضعيف في العربية يقول مفعول بمعنى فاعل). [معاني القرآن: 4/342]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {لا يسمعون فيها لغوًا} [مريم: 62] قال بعضهم: كذبًا.
وقال بعضهم: باطلا.
وقال بعضهم: معصيةً.
وهو نحوٌ واحدٌ.
وقال السّدّيّ: حلفًا كفعل أهل الدّنيا إذا شربوا الخمر.
[تفسير القرآن العظيم: 1/231]
قال: {إلا سلامًا} [مريم: 62] قال بعضهم: إلا خيرًا.
وهو تفسير السّدّيّ.
وقال بعضهم: يسلّم بعضهم على بعضٍ.
قوله: {ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشيًّا} [مريم: 62] نا سعيدٌ، عن قتادة قال: ولهم رزقهم فيها كلّ ساعةٍ، والبكرة والعشيّ ساعتان من السّاعات وليس ثمّ ليلٌ إنّما هو ضوءٌ ونورٌ.
نا سفيان الثّوريّ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: ليس فيها بكرةٌ ولكن يؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدّنيا.
قال يحيى: بلغني أنّه إذا مضى ثلاث ساعاتٍ أوتوا بغدائهم، فإذا بقيت ثلاث ساعاتٍ أوتوا بعشائهم.
ومقدار النّهار عندهم اثنتا عشرة ساعةً في عدد نهار الدّنيا.
- أخبرني صاحبٌ لي، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «الجنّة بيضاء تتلألأ وأهلها بيضٌ، لا ينام أهلها، وليس فيها شمسٌ، ولا ليلٌ مظلمٌ، ولا حرٌّ ولا بردٌ يؤذيهم».
- نا خالدٌ، عن نفيعٍ، عن عبد اللّه بن أبي أوفى أنّ رجلًا قال: يا رسول اللّه أفي الجنّة ليلٌ؟ فقال: «إنّه ليس في الجنّة ظلمةٌ، إنّ اللّيل ظلمةٌ وليس في الجنّة ظلمةٌ.
إنّ شجرها نورٌ، وأنهارها نورٌ، وثمرها نورٌ، وخدمها نورٌ».
- نا خالدٌ، عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "
[تفسير القرآن العظيم: 1/232]
إنّ أسفل أهل الجنّة درجةً آخر رجلٍ يدخلها قد مسّه سفعٌ من النّار فيعطى فيقال له: انظر ما أعطاك اللّه.
قال: فيبلغ حيث ينتهي بصره، ويفسح لهم في أبصارهم فيبلغ منتهى بصره مسيرة مائة سنةٍ كلّه له ليس فيه موضع شبرٍ إلا وهو عامرٌ، قصور الذّهب والفضّة وخيام اللّؤلؤ والياقوت، ليس فيها قصرٌ خربٌ، فيها أزواجه وخدمه، يغدى عليه كلّ يومٍ بسبعين ألف صحفةٍ من ذهبٍ، في كلّ واحدةٍ منها لونٌ ليس في الأخرى، يأكل من آخرها كما يأكل من أوّلها.
ويراح عليه بمثلها، لو نزل به الجنّ والإنس في غداءٍ واحدٍ لأوسعهم ولا ينقص ذلك ممّا عنده شيئًا ".
- أخبرني صاحبٌ لي، عن ليثٍ، عن عبد الرّحمن بن سابطٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «والّذي نفسي بيده إنّ أسفل أهل الجنّة درجةً للّذي يسعى بين يديه سبعون ألف غلامٍ، ما منهم غلامٌ إلا وبيده صحفةٌ من ذهبٍ فيها لونٌ من الطّعام ليس في صاحبتها مثله يجد طعم أوّلها كلّه وآخرها، ويجد لذّة آخرها كطعم أوّلها لا يشبه بعضها بعضًا».
ثمّ قال: " ألا تسألوني عن أرفع أهل الجنّة درجةً؟ قالوا: بلى.
قال: والّذي نفسي بيده إنّ أرفع أهل الجنّة درجةً للّذي يسعى عليه سبع مائة ألف غلامٍ، ما فيهم غلامٌ إلا وبيده صحفةٌ من ذهبٍ فيها لونٌ من الطّعام ليس في صاحبتها مثله، يجد طعام أوّلها كما يجد آخرها، لا يشبه بعضها بعضًا.
وإنّ أدنى أهل الجنّة منزلةً للّذي له مسيرة ألف سنةٍ ينظر إلى أقصاها كما ينظر إلى أدناها، وقصوره درّةٌ بيضاء، وياقوتةٌ حمراء، مطّردةٌ فيها أنهارها فيها ثمارها متدلّيةٌ "). [تفسير القرآن العظيم: 1/233]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشيّاً...}

ليس هنالك بكرة ولا عشي، ولكنهم يؤتون بالرزق على مقادير من الغدوّ والعشيّ في الدنيا). [معاني القرآن: 2/170]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لا يسمعون فيها لغواً} أي هذراً وباطلاً {إلاّ سلاماً} فالسلام ليس من اللغو والعرب تستثني الشيء بعد الشيء وليس منه وذلك أنها تضمر فيه، فكان مجازه: لا يسمعون فيها لغواً إلا أنهم يسمعون سلاماً، قال:
يا بن رقيع هل لها من مغبق=ما شربت بعد طويّ الكربق
من قطرةٍ غير النجاء الأدفق
فاستثنى النجاء من قطرة الماء وليس منها، قال أبو جندب الهذلي:
نجا سالمٌ والنفس منه بشدقه= ولم بنج إلاّ جفن سيف ومئزرا
ولسيا منه). [مجاز القرآن: 2/9-8]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {لاّ يسمعون فيها لغواً إلاّ سلاماً ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشيّاً}
وقال: {إلاّ سلاماً} فهذا كالاستثناء الذي ليس من أول الكلام. وهذا على البدل إن شئت كأنه "لا يسمعون فيها إلاّ سلاما" وفي قراءة عبد الله {فشربوا منه إلاّ قليلاً}
و{إلاّ قليلٌ مّمّن أنجينا منهم} رفع على أن قوله: {إلاّ قليلٌ} صفة). [معاني القرآن: 3/2]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لا يسمعون فيها لغوا}: باطلا). [غريب القرآن وتفسيره: 240]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {لا يسمعون فيها لغواً} أي باطلا من الكلام).
[تفسير غريب القرآن: 274]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما قوله: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا}، فإن الناس يختلفون في مطاعمهم: فمنهم من يأكل الوجبة، ومنهم من عادته الغداء والعشاء، ومنهم من يزيد عليهما، ومنهم من يأكل متى وجد لغير وقت ولا عدد. فأعدل هذه الأحوال للطّاعم وأنفعها، وأبعدها من البشم والطّوى على العموم- الغداء والعشاء.
والعرب تكره الوجبة، وتستحبّ العشاء، وتقول: ترك العشاء مهرمة، وترك العشاء يذهب بلحم الكاذة.
وقد بيّنت معناهم في هذا القول في كتاب (غريب الحديث).
ونحن لا نعرف دهرا لا يختلف له وقت، ولا يرى فيه ظلام ولا شمس، فأراد الله جل وعز أن يعرّفنا من حيث نفهم ونعلم، أحوال أهل الجنة في مأكلهم، واعتدال أوقات مطاعمهم، فضرب لنا البكرة والعشيّ مثلا، إذ كانا يدلّان على العشاء والغداء.
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، أنه قال: كانت العرب إذا أصاب أحدهم الغداء والعشاء أعجبه ذلك. فأخبرهم الله تبارك وتعالى أن لهم في الجنة هذه الحال التي تعجبهم في الدنيا). [تأويل مشكل القرآن: 82]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: {لا يسمعون فيها لغوا إلّا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيّا}
اللغو ما يلغى من الكلام ويؤثم فيه، و {سلاما} اسم جامع للخير متضمّن للسلامة، فالمعنى أن أهل الجنة لا يسمعون إلا ما يسلّمهم.
وقوله عزّ وجلّ: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيّا}.
قيل: ليس ثمّ بكرة ولا عشيّ، ولكنهم خوطبوا بما يعقلون في الدنيا.
فالمعنى لهم رزقهم في مقدار ما بين الغداة والعشيّ.
وقد جاء في التفسير أيضا أن معناه: ولهم رزقهم فيها كل ساعة.
وإذا قيل في مقدار الغداة والعشيّ فالذي يقسم في ذلك الوقت يكون مقدار ما يريدون في كل ساعة إلى أن يأتي الوقت الذي يتلوه). [معاني القرآن: 3/337]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما}
اللغو الباطل وما يؤثم فيه وما لا معنى له
والسلام كل ما يسلم منه وهو اسم جامع للخير أي لا يسمعون إلا كل ما يحبون). [معاني القرآن: 4/342]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {لهم رزقهم فيها بكرة وعشيا}
روى الضحاك عن ابن عباس قال: في مقادير الليل والنهار
قال أبو جعفر: ومعنى هذا أن الجنة ليست فيها غداة ولا عشية ولكن المعنى في مقادير هذه الأوقات
وقال قتادة: كانت العرب إذا وجد الرجل منهم ما يأكل بالغداة والعشي عجب به فأعلمهم الله أن ذلك في الجنة). [معاني القرآن: 4/343]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَغْواً}: باطلاً من القول). [العمدة في غريب القرآن: 196]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {تلك الجنّة الّتي نورث من عبادنا من كان تقيًّا} [مريم: 63] حدّثني الخليل بن مرّة أنّ اللّه تبارك وتعالى قال: «ادخلوا الجنّة برحمتي واقتسموها بأعمالكم»). [تفسير القرآن العظيم: 1/233]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما نتنزّل إلا بأمر ربّك} [مريم: 64] سعيدٌ عن قتادة قال: هذا قول جبريل.
احتبس عن النّبيّ في بعض الوحي
[تفسير القرآن العظيم: 1/233]
فقال نبيّ اللّه عليه السّلام: «ما جئت حتّى اشتقت إليك».
فقال له جبريل: {وما نتنزّل إلا بأمر ربّك له ما بين أيدينا} [مريم: 64] يعني من أمر الآخرة.
{وما خلفنا} [مريم: 64] من أمر الدّنيا، وهو تفسير السّدّيّ، أي إذا كنّا في الآخرة.
{وما بين ذلك} [مريم: 64] من أمر الدّنيا والآخرة.
وقال الكلبيّ: هو البرزخ، يعني: ما بين النّفختين.
وقال السّدّيّ: {له ما بين أيدينا وما خلفنا} [مريم: 64] يعني ما كان قبل خلقنا وما يكون بعد خلقنا). [تفسير القرآن العظيم: 1/234]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك...}

يعني الملائكة وقوله: له {ما بين أيدينا} من أمر الدنيا {وما خلفنا} من أمر الآخرة {وما بين ذلك} يقال ما بين النفختين، وبينهما أربعون سنةً). [معاني القرآن: 2/170]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربّك نسيّاً} [معاني القرآن: 3/2]
وقال: {له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك} يقول {ما بين أيدينا} قبل أن نخلق {وما خلفنا} بعد الفناء {وما بين ذلك} حين كنا). [معاني القرآن: 3/3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وما نتنزّل إلّا بأمر ربّك}: قول الملائكة، أو قول جبريل صلى اللّه عليه). [تفسير غريب القرآن: 274]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {وما نتنزّل إلّا بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربّك نسيّا}
يروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أبطأ عنه جبريل عليه السلام في الوحي، فقال عليه السلام وقد أتاه جبريل: ما زرتنا حتى اشتقت إليك، فقال: {وما نتنزّل إلّا بأمر ربّك}.
وقوله عزّ وجلّ: {له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك}.
ما بين أيدينا أمر الآخرة والثواب والعقاب، وما خلفنا جميع ما مضى من أمر الدّنيا، وما بين - ذلك ما يكون منا من هذا الوقت إلى يوم القيامة وجاء في التفسير وما بين ذلك قيل ما بين النفختين.
وقوله عزّ وجلّ: {وما كان ربّك نسيا}.
أي قد علم اللّه جلّ وعلا ما كان وما يكون وما هو كائن، حافظ لذلك عز وجلّ. لا ينسى منه شيئا.
وجائز أن يكون واللّه أعلم: ما نسيك ربّك وإن تأخر عنك الوحي). [معاني القرآن: 3/337]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك}
وروى عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام لم لا تزورنا أكثر مما تزورنا فأنزل الله {وما نتنزل إلا بأمر ربك} إلى آخر الآية وكان هذا الجواب له
وروى أبو حصين عن سعيد بن جبير في قوله: {ما بين أيدينا} قال من أمر الآخرة {وما خلفنا} من أمر الدنيا {وما بين ذلك} ما بين الدنيا والآخرة أي البرزخ). [معاني القرآن: 4/344]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله عز وجل: {وما كان ربك نسيا}
قيل معناه: لم ينسك وإن تأخر عنك الوحي
وقيل: هو عالم بما كان وبما يكون ولم يقع وما هو كائن لم ينقطع حافظ له لم ينس منه شيئا). [معاني القرآن: 4/344]

تفسير قوله تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما كان ربّك نسيًّا {64} ربّ السّموات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته} [مريم: 64-65] قال الحسن: لما فرض عليك.
قوله: {هل تعلم له سميًّا} [مريم: 65] سعيدٌ، عن قتادة قال: هل تعلم له عدلا.
قال يحيى: أي من قبل المساماة.
أبو الأشهب، عن الحسن قال: اللّه والرّحمن اسمان ممنوعان لم يستطع أحدٌ من الخلق أن ينتحلهما.
وقوله: {هل تعلم له سميًّا} [مريم: 65] على الاستفهام، أي إنّك لا تعلمه). [تفسير القرآن العظيم: 1/234]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {هل تعلم له سميّاً} هل تعرف له نظيراً ومثلاً، إذا كان بعد هل تاء ففيها لغتان فبعضهم يبين لام {هل} وبعضهم يخمدها فيقول: " هتّعلم"، كأنها أدغمت اللام في التاء فثقلوا التاء).
[مجاز القرآن: 2/9]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {هل تعلم له سميا}: لم يسم أحد الرحمن غيره في التفسير. وقالوا: هل تعرف له مثلا. ومثله {لم نجعل له من قبل سميا} وقالوا لم يسم أحد يحي قبله. وقالوا نظيرا ومثلا). [غريب القرآن وتفسيره: 240]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: {ربّ السّماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميّا}

أي هو مالك لهما وعالم بهما وبما فيهما.
وقوله عزّ وجلّ: {هل تعلم له سميّا}.
جاء في التفسير: هل تعلم له مثلا، وجاء أيضا لم يسم بالرحمن إلا اللّه عزّ وجلّ. وتأويله - واللّه أعلم - {هل تعلم له سميّا} يستحق أن يقال له خالق وقادر وعالم بما كان وبما يكون، فذلك ليس إلا من صفة الله تعالى). [معاني القرآن: 3/338]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {هل تعلم له سميا} [معاني القرآن: 4/344]
روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة ابن عباس قال: هل تعلم أحدا سمي الرحمن سواه
قال أبو جعفر: وهذا أجل إسناد علمته روي في هذا الحرف وهو قول صحيح لا يقال الرحمن إلا لله وقد يقال لغير الله رحيم
وقد بينا لم لا يقال الرحمن إلا لله في سورة الحمد
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد هل تعلم له سميا قال: مثلا
وروى حجاج عن ابن يجريج: هل تعلم له سميا، قال: لا شريك له لا مثل
وقيل هل تعلم أحدا تقول له الله إلا هو
قال أبو جعفر: وهذه الأقوال متقاربة
وإنما المعنى هل تعلم أحدا يقال له هذا على استحقاق إلا الله لأنه الذي وسعت رحمته كل شيء وهو القادر والرازق.
وقيل المعنى إن اسمه المذكور في هذا الآية لا يسمى به غيره وهو رب السموات والأرض وما بينهما). [معاني القرآن: 4/346-345]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سَمِيًّا}: لم يسم أحدا يحيى قبله). [العمدة في غريب القرآن: 196]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 07:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 66 إلى 76]

{وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74) قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76)}

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويقول الإنسان أئذا ما متّ لسوف أخرج حيًّا} [مريم: 66] هذا المشرك يكذّب بالبعث وقد ذكروا أنّه قول أبيّ بن خلفٍ للنّبيّ عليه
[تفسير القرآن العظيم: 1/234]
السّلام حيث جاء بعظمٍ نخرٍ ففتّه بيده ثمّ قال: يا محمّد أيحيي اللّه هذا؟ وتفسيره في سورة يس). [تفسير القرآن العظيم: 1/235]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لسوف أخرج حيّاً...}

و(أخرج) قراءتان). [معاني القرآن: 2/171]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويقول الإنسان أإذا ما متّ لسوف أخرج حيّا}
يعنى بهذا الكافر الذي لا يؤمن بالغيب خاصة، ومتّ ومتّ). [معاني القرآن: 3/338]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه تبارك وتعالى: {أولا يذكر الإنسان أنّا خلقناه من قبل ولم يك شيئًا} [مريم: 67] فالّذي خلقه ولم يك شيئًا قادرٌ على أن يبعثه يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 1/235]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أو لا يذكر الإنسان...}

وهي في قراءة أبيّ (يتذكّر) وقد قرأت القراء (يذكر) عاصم وغيره). [معاني القرآن: 2/171]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {أولا يذكر الإنسان أنّا خلقناه من قبل ولم يك شيئا}
ويقرأ أو لا يذكر بالتخفيف والتثقيل.
{أنّا خلقناه من قبل ولم يك شيئا}.
أعلم اللّه عزّ وجلّ أن إعادة الخلق مثل ابتداء خلقهم، وهذا كما قال: {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه} الآية.
فكان الجواب {قل يحييها الّذي أنشأها أوّل مرّة} ). [معاني القرآن: 3/338]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويقول الإنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حيا أو لا يذكر الإنسان}
أي لا يتفكر وينظر ويذكره بعلم ويتبينه). [معاني القرآن: 4/346]

تفسير قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ أقسم بنفسه فقال: {فوربّك لنحشرنّهم} [مريم: 68] يعني المشركين.
{والشّياطين} [مريم: 68] الّذين دعتهم إلى عبادة الأوثان.
{ثمّ لنحضرنّهم حول جهنّم جثيًّا} [مريم: 68] سعيدٌ، عن قتادة قال: على ركبهم.
قال يحيى: وهذا قبل دخولهم النّار.
وقال بعضهم: {جثيًّا} [مريم: 68] جماعةً جماعةً.
وقال الكلبيّ: جماعةٌ، كلّ أمّةٍ على حدتها). [تفسير القرآن العظيم: 1/235]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {حول جهنّم جثياًّ} جمع جاثٍ، خرج مخرج فاعل والجميع فعول، غير أنهم لا يدخلون الواو في المعتل). [مجاز القرآن: 2/9]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {جثيا}: جمع جاث). [غريب القرآن وتفسيره: 240]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {جثيًّا} جمع جاث. وفي التفسير جماعات). [تفسير غريب القرآن: 275]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( وقوله تعالى: {فوربّك لنحشرنّهم والشّياطين ثمّ لنحضرنّهم حول جهنّم جثيّا}
أي فوربك لنبعثنهم ولنحشرنهم مع الشياطين الذين أغووهم.
{ثمّ لنحضرنّهم حول جهنّم جثيّا}.
و{جثيّا}. - بالضم والكسر جميعا، ومعنى جثيا على ركبهم، لا يستطيعون القيام مما هم فيه وجثي جمع جاث وجثى، مثل قاعد وقعود وبارك وبروك.
[معاني القرآن: 3/338]
والأصل ضم الجيم وجائز كسرها، اتباعا لكسرة اليّاء.
و {جثيّا}. منصوب على الحال). [معاني القرآن: 3/339]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا}
قال مجاهد وقتادة أي على ركبهم.[معاني القرآن: 4/346]
والمعنى أنهم لشدة ما هم فيه لا يقدرون على القيام). [معاني القرآن: 4/347]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {جثيا} جمع جاث، والجاثي: البارك على ركبتيه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 148]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {جِثِيًّا}: جمع جاث). [العمدة في غريب القرآن: 196]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعةٍ} [مريم: 69] تفسير السّدّيّ، يعني من كلّ أهل ملّةٍ.
وقال الحسن ومجاهدٌ: من كلّ أمّةٍ.
قال الحسن: يعني كفّارها.
{أيّهم أشدّ على الرّحمن عتيًّا} [مريم: 69] قال مجاهدٌ: كفرًا.
وقال الحسن: شدّةٌ في القسوة.
وقال الكلبيّ: أشدّ معصيةً.
[تفسير القرآن العظيم: 1/235]
أخبرني رجلٌ من أهل الكوفة، عن ليثٍ، عن شهر بن حوشبٍ قال: إذا كان يوم القيامة نزل الجبّار تبارك وتعالى، حتّى إذا استوى على كرسيّه نادى بصوته: {لمن الملك اليوم} [غافر: 16] فلا يجيبه أحدٌ فيردّ على نفسه فيقول: {للّه الواحد القهّار {16} اليوم تجزى كلّ نفسٍ بما كسبت لا ظلم اليوم إنّ اللّه سريع الحساب {17}} [غافر: 16-17] ثمّ أتت عنقٌ من النّار تسمع وتبصر وتتكلّم
حتّى إذا أشرفت على رءوس الخلائق نادت بصوتها: ألا إنّي قد وكّلت بثلاثةٍ، ألا إنّي قد وكّلت بثلاثةٍ ألا إنّي قد وكّلت بثلاثةٍ، بمن دعا مع اللّه إلهًا آخر، أو قال بمن جعل مع اللّه إلهًا آخر، أو بمن دعا للّه ولدًا، أو بمن زعم أنّه العزيز الحكيم.
ثمّ صوّبت رأسها وسط الخلائق فالتقطتهم كما تلتقط الحمام حبّ السّمسم، ثمّ غاضت بهم فألقتهم في النّار.
ثمّ عادت حتّى إذا كانت مكانها نادت: إنّي قد وكّلت بثلاثةٍ، إنّي قد وكّلت بثلاثةٍ، إنّي قد وكّلت بثلاثةٍ: بمن سبّ اللّه، وبمن كذب على اللّه، وبمن آذى اللّه.
قال: فأمّا الّذي سبّ اللّه فالّذي زعم أنّه اتّخذ صاحبةً وولدًا وهو واحدٌ صمدٌ {لم يلد ولم يولد {3} ولم يكن له كفوًا أحدٌ {4}} [الإخلاص: 3-4] وأمّا الّذي كذب على اللّه قال: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لا يبعث اللّه من يموت بلى وعدًا عليه حقًّا ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون {38} ليبيّن لهم الّذي يختلفون فيه وليعلم الّذين كفروا أنّهم كانوا كاذبين {39}} [النحل: 38-39] وأمّا الّذي
آذى اللّه فالّذي يصنع الصّور.
فتلتقطهم كما تلتقط الطّير الحبّ حتّى تغيض بهم في جهنّم.
[تفسير القرآن العظيم: 1/236]
- المعلّى بن هلالٍ، عن الأعمش، عن عطيّة العوفيّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: تندلق عنقٌ من النّار فتقول: إنّي أمرت بكلّ جبّارٍ عنيدٍ، فتلتقطهم فتنطوي عليهم، فتلقيهم في النّار ثمّ ترجع فتقول: إنّي أمرت.
قال يحيى: فذكر خصلتين من الخصال الّتي في الحديث الأوّل فيما أحسب.
محمّد بن راشدٍ قال: سمعت قتادة يقول: تنزل عنقٌ من النّار فتقول: إنّي أمرت بثلاثةٍ: بالّذين كذّبوا اللّه، وبالّذين كذبوا على اللّه، وبالّذين آذوا اللّه.
قال: فأمّا الّذين كذّبوا اللّه فالّذين كذّبوا رسله وكتبه، وأمّا الّذين كذبوا على اللّه فالّذين زعموا أنّ له ولدًا، وأمّا الّذين آذوا اللّه فالمصوّرون). [تفسير القرآن العظيم: 1/237]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {عتيّاً} مصدر عتوت تعتو).
[مجاز القرآن: 2/10]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعة أيّهم أشدّ على الرّحمن عتيّا}
و {عتيا} - بالكسر والضم، ومعناه لننزعن من كل أمّة ومن كل فرقة الأعتى فالأعتى منهم، كأنّهم يبدأ بتعذيب أشدهم عتيا ثم الذي يليه.
فأما رفع (أيّهم) فهو القراءة، ويجوز (أيّهم) بالنصب حكاها سيبويه، وذكر سيبويه أنّ هارون الأعور القارئ قرأ بها.
وفي رفعها ثلاثة أقوال: قال سيبويه عن يونس إن قوله جلّ وعزّ {لننزعنّ} معقلة لم تعمل شيئا.
فكأنّ قول يونس: {ثم لننزعن من كل شيعة} ثم استأنف فقال {أيهم أشد على الرحمن عتيا}.
وأما الخليل فحكى عنه سيبويه أنه على معنى الذين؛ يقال {أيهم أشد على الرحمن عتيا}، ومثله عنده قول الشاعر:

ولقد أبيت من الفتاة بمنزل= فأبيت لا حرج ولا محروم
المعنى فأبيت بمنزلة الذي يقال له لا هو حرج ولا هو محروم.[معاني القرآن: 3/339]
وقال سيبويه إن {أيّهم} مبنية على الضم لأنها خالفت أخواتها، واستعمل معها حرف الابتداء، تقول اضرب لأيّهم أفضل، يريد أيهم هو أفضل، فيحسن الاستعمال، كذلك يحذف هو، ولا يحسن. " اضرب من أفضل " حتى تقول من هو أفضل، ولا يحسن " كل ما أطيبا حتى تقول: كل ما هو أطيب.
فلما خالفت من وما والذي - لأنك لا تقول أيضا: " خذ الذي أفضل " حتى تقول هو أفضل، قال فلما خالفت هذا الخلاف بنيت على الضم في الإضافة، والنّصب حسن، وإن كنت قد حذفت " هو " لأن " هو " قد يجوز حذفها، وقد قرئت (تماما على الّذي [أحسن] وتفصيلا)
على معنى الذي هو أحسن.
قال أبو إسحاق: والذي أعتقده أن القول في هذا قول الخليل، وهو موافق للتفسير، لأن الخليل كان مذهبه أو تأويله في قوله تعالى: (ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعة) الذي من أجل عتوه يقال: أي هؤلاء أشدّ عتيّا.
فيستعمل ذلك في الأشدّ فالأشد، واللّه أعلم). [معاني القرآن: 3/340]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا}
روى سفيان عن علي بن الأقمر عن أبي الأحوص قال يبدأ بالأكابر جرما
ومعنى هذا القول نبدأ بتعذيب أكبرهم جرما ثم الذي يليه ثم الذي يليه
قال مجاهد من كل شيعة من كل أمة عتيا أي كفرا). [معاني القرآن: 4/347]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ لنحن أعلم بالّذين هم أولى بها صليًّا} [مريم: 70] يعني الّذين يصلونها.
وقال بعضهم: أشدّ عذابًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/237]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {صليّاً} مصدر " صليت تصلى " خرج مخرج فعلت فعولاً ولا يظهرون في هذا أيضاً الواو).
[مجاز القرآن: 2/10]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {صليا}: من صلى يصلى). [غريب القرآن وتفسيره: 241]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ لنحن أعلم بالّذين هم أولى بها صليّا}
وصليّا - بالضم والكسر - على ما فسرنا، وصليا منصوب على الحال.
أي: أي ثم لنحن أعلم بالذين هم أشد على الرحمن عتيا فهم أولى بها صليّا). [معاني القرآن: 3/340]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {صَلِيًّا}: من صلى يصلي). [العمدة في غريب القرآن: 197]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإن منكم إلا واردها كان على ربّك حتمًا مقضيًّا} [مريم: 71] يعني قسمًا كائنًا.
- حدّثني يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه بن مسعودٍ في قوله: {وإن منكم إلا واردها} [مريم: 71] قال: الصّراط على جهنّم مثل حدّ السّيف، والملائكة معهم كلابيب من حديدٍ، كلّما وقع رجلٌ اختطفوه، فيمرّ الصّنف الأوّل كالبرق، والثّاني كالرّيح، والثّالث كأجود الخيل، والرّابع كأجود البهائم، والملائكة يقولون: اللّهمّ سلّم سلّم.
- المعلّى، عن الأعمش، عن مجاهدٍ قال: سئل ابن عبّاسٍ وعنده نافع بن الأزرق عن قوله: {وإن منكم إلا واردها} [مريم: 71] فقال نافعٌ: أمّا الكفّار فإنّهم يردونها.
وأمّا المؤمنون فإنّهم لا يردونها.
فقال ابن عبّاسٍ وعنده إياس بن مضرّبٍ، فقال
[تفسير القرآن العظيم: 1/237]
ابن عبّاسٍ: أمّا أنا وإياسٌ فإنّا سنردها فأنظر هل نخرجنّ منها أم لا.
عثمان، عن عمرٍو، عن الحسن قال: {وإن منكم إلا واردها} [مريم: 71] إلا داخلها فيجعلها اللّه على المؤمن بردًا وسلامًا كما جعلها على إبراهيم.
- الحسن بن دينارٍ، عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " إنّي لأرجو إن شاء اللّه ألا يدخل النّار من شهد بدرًا والحديبية، فقالت حفصة: بلى، فانتهرها انتهارًا شديدًا، فقالت: أليس قد قال اللّه: {وإن منكم إلا واردها} [مريم: 71] فقال النّبيّ: أوليس قد قال اللّه {ثمّ ننجّي الّذين اتّقوا} [مريم: 72] خالدٌ، عن الحسن، عن جابر بن عبد اللّه، عن النّبيّ نحوه.
المعلّى، عن أبانٍ، عن الحسن، عن جابرٍ، عن النّبيّ نحوه.
وأخبرني رجلٌ من أهل الكوفة، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، عن عبيد بن عميرٍ قال: يضرب الصّراط على جهنّم كحدّ السّيف دحضٍ مزلّةٍ، فيمرّون عليه كالبرق وكالرّيح، وكانقضاض الكواكب، وكجواد الخيل، وكجواد الرّجال، والملائكة بجنبي الصّراط معهم خطاطيف كشوك السّعدان، فناجٍ سالمٌ، ومخدوشٌ ناجٍ، ومكردسٌ في النّار، والملائكة يقولون: ربّ سلّم سلّم.
- وأخبرني صاحبٌ لي، عن سفيان، عن سلمة بن كهيلٍ، عن أبي الزّعراء، عن ابن مسعودٍ قال: يضرب الصّراط على جهنّم فيمرّ النّاس على قدر أعمالهم زمرًا: أوّلهم كلمح البرق، ثمّ كمرّ الرّيح، ثمّ كمرّ الطّير، ثمّ كأسرع البهائم، ثمّ كذلك حتّى يمرّ الرّجل سعيًا، وحتّى يمرّ الرّجل مشيًا.
وفي حديث الحسن، عن عبد اللّه بن عمرٍو: وتزلّ قدمٌ وتستمسك أخرى.
قال: عبد اللّه بن مسعودٍ: حتّى يكون آخرهم رجلٌ يتلبّط على بطنه فيقول: يا ربّ، لم
[تفسير القرآن العظيم: 1/238]
أبطأت بي؟ فيقول: لما أبطأ بك عملك). [تفسير القرآن العظيم: 1/239]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {وإن منكم إلّا واردها كان على ربّك حتما مقضيّا}

هذه آية كثير اختلاف التفسير فيها في التفسير فقال كثير من الناس إنّ الخلق جميعا يردون النّار فينجو المتقي ويترك الظالم - وكلهم يدخلها، " فقال بعضهم: قد علمنا الورود ولم نعلم الصّدور. [معاني القرآن: 3/340]
وحجة من قال بهذا القول أنه جرى ذكر الكافرين، فقال: {ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعة أيّهم أشدّ} ثم قال بعد: {وإن منكم إلا واردها} فكأنّه على نظم ذلك الكلام عام.
ودليل من قال بهذا القول أيضا قوله {ثمّ ننجّي الّذين اتّقوا ونذر الظّالمين} ولم يقل وندخل الظالمين، وكان {نذر} و (نترك) للشيء الذي قد حصل في مكانه.
وقال قوم إن هذا إنما يعنى به المشركون خاصة، واحتجوا في هذا بأن بعضهم قرأ: {وإن منهم إلا واردها}، ويكون على مذهب هؤلاء {ثم ننجي الذين اتقوا} أي نخرج المتقين من جملة من ندخله النار.
وقال قوم: إن الخلق يردونها فتكون على المؤمن بردا وسلاما، ثم يخرج منها فيدخل الجنة فيعلم فضل النعمة لما يشاهد فيه أهل العذاب وما رأى فيه أهل النار.
وقال ابن مسعود والحسن وقتادة: إن ورودها ليس دخولها، وحجتهم في ذلك جيدة جدا من جهات: إحداهن أن العرب تقول: وردت ماء كذا ولم تدخله، وقال اللّه عزّ وجلّ:
{ولمّا ورد ماء مدين وجد عليه أمّة من النّاس يسقون} وتقول إذا بلغت البلد ولم تدخله: قد وردت بلد كذا وكذا.
قال أبو إسحاق: والحجة القاطعة في هذا القول ما قال اللّه عزّ وجلّ:{إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون * لا يسمعون حسيسها}.. فهذا - واللّه أعلم -
دليل أن أهل الحسنى لا يدخلون النار، وفي اللغة وردت بلد كذا وكذا إذا أشرفت عليه، دخلته أو لم تدخله، قال زهير:
فلمّا وردن الماء زرقا جمامه وضعن عصيّ الحاضر المتخيّم
المعنى بلغن إلى الماء، أي أقمن عليه، فالورود ههنا بالإجماع ليس بدخول، فهذه الروايات في هذه الآية، واللّه أعلم). [معاني القرآن: 3/341-342]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا}
في هذه الآية خمسة أقوال:
أ- قيل ورودها دخولها لأن بعده ونذر الظالمين فيها
وإنما يقال نذر لما حصل فينجي الله الذين اتقوا ويصيرون إلى رحمته فيعرفون مقدار ما خلصوا منه لأنهم قد دخلوا النار وخلصوا منها وهذا قول ابن عباس وإسناده جيد
روى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال تمارى ابن عباس ونافع الأزرق فقال نافع ليس الورود الدخول وقال ابن عباس هو الدخول أرأيت قول الله تعالى: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون}
أوردوا أم لا وقوله تعالى: {وبئس الورد المورود} فأما أنا وأنت فسنردها وأرجو أن يخرجني الله منها ولا يخرجك منها لتكذيبك فقال له نافع ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته
وروى معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( من مات له ثلاثة لم يبلغوا الحنث لم تمسه النار إلا تحلة القسم))
يعني الورود
ب- وقيل يردها المؤمنون وهي جامدة
وروى سفيان عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة قالوا يا رب ألم توعدنا أنا نرد النار فيقول قد وردتموها وهي جامدة
ج- وقيل يعني القيامة
د- وقيل وإن منكم إلا واردها يراد به المشركون واستدل صاحب هذا القول بأن عمر بن الوليد روى عن عكرمة أنه قرأ {وإن منكم إلا واردها}
هـ- والقول الخامس أن ورودها بلاغها والممر بها
وروى معمر عن قتادة وإن منكم إلا واردها قال الممر بها
وروى الحسن بن مسلم عن عبيد الله بن عمير وإن منكم إلا واردها
قال حضورها
فهذه خمسة أقوال والله أعلم بما أراد إلا أنه معروف في كلام العرب أن يقال وردت كذا أي بلغته ولم أدخله قال زهير:
فلما وردن الماء زرقا جمامة = وضعن عصي الحاضر المتخيم
وقرأ أبي بن كعب ثم ننجي الذين اتقوا أي في ذلك الموضع
قال أبو جعفر وأبين ما في هذه الأقوال قول من قال وإن منكم إلا واردها إنها القيامة وقوله تعالى: {فوربك لنحشرنهم} يدل على ذكر القيامة فكنى عنها بهذا
وكذلك ذكر جهنم يدل على القيامة لأنها فيها والله جل وعز: يقول {لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} فيبعد أن يكون مع هذا دخول النار
وقرأ ابن عباس ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا). [معاني القرآن: 4/351-347]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ونذر الظّالمين فيها جثيًّا} [مريم: 72] سعيدٌ، عن قتادة قال: على ركبهم.
وقال بعضهم: جماعةً جماعةً). [تفسير القرآن العظيم: 1/239]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ قال الّذين كفروا للّذين آمنوا أيّ الفريقين} [مريم: 73] نحن وأنتم.
{خيرٌ مقامًا وأحسن نديًّا} [مريم: 73] المقام: المسكن، والنّديّ: المجمع.
وقال قتادة: النّديّ، المجلس.
وهو واحدٌ.
قال مجاهدٌ: يقوله مشركو قريشٍ لهؤلاء أصحاب محمّدٍ.
وقال سعيدٌ: قال قتادة: رأوا أصحاب نبيّ اللّه في عيشهم خشونةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/239]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {خيرٌ مّقاماً وأحسن نديّاً...}:

مجلساً. والندي والنادي لغتان). [معاني القرآن: 2/171]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وأحسن نديّاً} أي مجلساً والندى والنادي واحد، قال حاتم طي:
ودعيت في أولى النّدىّ=ولم ينظر إليّ بأعين خزر
والجميع منها أندية،
قال سلامة بن جندل:
يومان يوم مقاماتٍ وأنديةٍ=ويوم سير إلى الأعداء تأويب).
[مجاز القرآن: 2/10]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {نديا}: مجلسا والندي والنادي واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 241]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {خيرٌ مقاماً} أي منزلا.
{وأحسن نديًّا} أي مجلسا. يقال للمجلس: نديّ ونادى. ومنه قيل: دار النّدوة، للدار التي كان المشركون يجلسون فيها ويتشاورون في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
و(الأثاث): المتاع.
و(الرئي): المنظر، والشّارة، والهيئة). [تفسير غريب القرآن: 275]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّنات قال الّذين كفروا للّذين آمنوا أيّ الفريقين خير مقاما وأحسن نديّ}
{وأحسن نديّا} معناه مجلسا). [معاني القرآن: 3/342]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا}
روى أبو ظبيان عن ابن عباس في قوله: {أي الفريقين خير مقاما} قال منزلا {وأحسن نديا} قال مجلسا
قال الكسائي الندي والنادي المجلس [معاني القرآن: 4/351]
قال أبو جعفر وذلك معروف في اللغة يقال ندوت القوم أندوهم أي جمعتهم ومنه قيل دار الندوة لأنهم كانوا يجتمعون فيها إذا حزبهم الأمر ومنه قوله تعالى: {وتأتون في ناديكم المنكر} ). [معاني القرآن: 4/352]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وأحسن نديا} أي: مجلسا). [ياقوتة الصراط: 342]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نديا} مجلسا و{مقاما} منزلا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 148]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نَدِيّـاً}: مجلسا). [العمدة في غريب القرآن: 197]

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {وكم أهلكنا قبلهم من قرنٍ هم أحسن أثاثًا ورئيًا} [مريم: 74] منهم.
والأثاث: المال.
وقال بعضهم: المتاع.
{ورئيًا} [مريم: 74] من قرأها مهموزةً فيقول: منظرًا.
سعيدٌ، عن قتادة قال: {أحسن أثاثًا ورئيًا} [مريم: 74] أكثر متاعًا وأحسن مرآةً ومنظرًا.
وقال الحسن: ورئيًا، صورًا.
[تفسير القرآن العظيم: 1/239]
ومن قرأها بغير همزةٍ فيقول: وريًّا من قبل الرّواء.
وإنّما عيش النّاس بالمطر، به تنبت زرعهم وتعيش ماشيتهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/240]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أحسن أثاثاً ورءياً...}

الأثاث: المتاع. والرّئي: المنظر، والأثاث لا واحد له، كما أن المتاع لا واحد له. والعرب تجمع المتاع أمتعة وأماتيع ومتعاً. ولو جمعت الأثاث لقلت: ثلاثة آثّةٍ، وأثت لا غير. وأهل المدينة يقرءونها بغير همز (وريّاً) وهو وجه جيّد؛ لأنه مع آيات لسن بمهموزات الأواخر. وقد ذكر عن بعضهم أنه ذهب بالريّ إلى رويت. وقد قرأ بعضهم (وزيّاً) بالزاي. والزّي: الهيئة والمنظر. والعرب تقول: قد زيّيت الجارية أي زيّنتها وهيّأتها). [معاني القرآن: 2/171]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أثاثاً} أي متاعا وهو جيد المتاع.
"ورئياً " وهو ما ظهر عليه ورأيته عليه). [مجاز القرآن: 2/10]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وكم أهلكنا قبلهم مّن قرنٍ هم أحسن أثاثاً ورءياً}
وقال: {ورءياً} فـ"الرءي" من الرؤية وفسروه من المنظر فذاك يدل على أنّه من "رأيت"). [معاني القرآن: 3/3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({أثاثا}: متاعا.
{ورءيا}: منظرا). [غريب القرآن وتفسيره: 241]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا}
{أحسن أثاثا ورئيا}.
فيها أربعة أوجه:
رئيا بهمزة قبل الياء، والراء غير معجمة، وريّا بتشديد بياء مشددة، وزيّا - بالزاي معجمة، وقد قرئ بهذه الثلاثة الأوجه.
ويجوز وجه رابع لم يقرأ به - بياء وبعدها همزة - وريئا:
فأمّا رئيا - بهمزة قبل الياء - فالمعنى فيه هم أحسن أثاثا أي متاعا، ورئيا منظرا، من رأيت، ومن قرأ بغير همز فله تفسيران: على معنى الأول بطرح الهمزة وعلى معنى أن منظرهم مرتو من النعمة، كأن النعيم بيّن فيهم، ومن قرأ زيّا فمعناه أن زيّهم حسن يعني هيئتهم.
قال الشاعر:
أشاقتك الظّعائن يوم بانوا =بذي الرّئي الجميل من الأثاث
ونصب (أحسن أثاثا ورئيا) على نية التفسير.
المعنى وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا منهم وأحسن زيا منهم. ومن قرأ ريئا فهو بمعنى رئيا مقلوب لأن من العرب من يقول قد راءني زيد وتقول قد رآني.في هذا المعنى قال الشاعر كثير:
وكل خليل راءني فهو قائل= من أجلك هذا هامة اليوم أو غد).
[معاني القرآن: 3/343-342]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا}
روى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال الأثاث المتاع والرئى المنظر
قال أبو جعفر والأثاث في اللغة المتاع وقال الأحمر واحدته أثاثة
وقال الفراء لا واحد له
وكذلك الرئى المنظر من رأيت أي ما ترى في صورة
الإنسان ولباسه ويقرأ وريا بلا همزة وهو جيد على تخفيف الهمز
وهو حسن ههنا لتتفق رؤوس الآيات
ويجوز أن يكون من الري والنعمة
وقال الأخفش يجوز أن يكون من ري المطر والزي بالزاي الهيئة والحسن يقال زيت المرأة أي زينتها وهيأتها). [معاني القرآن: 4/353-352]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ورئيا} منظرا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 148]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَثاثاً}: متاعا.
{وَرِئْيـاً}: منظرا). [العمدة في غريب القرآن: 197]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قل من كان في الضّلالة} [مريم: 75] هذا الّذي يموت على ضلالته.
{فليمدد له الرّحمن مدًّا} [مريم: 75] هذا دعاءٌ، فأمدّ له الرّحمن مدًّا.
أمر اللّه النّبيّ أن يدعو بهذا.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: فليدعه الرّحمن في طغيانه.
قال: {حتّى إذا رأوا ما يوعدون إمّا العذاب} [مريم: 75] في الدّنيا قبل عذاب الآخرة.
{وإمّا السّاعة} [مريم: 75] أي وإمّا عذاب الآخرة، فهو العذاب الأكبر.
لم يبعث اللّه نبيًّا إلا وهو يحذّر أمّته عذاب اللّه في الدّنيا وعذابه في الآخرة إن لم يؤمنوا.
قال: {فسيعلمون} [مريم: 75] عند ذلك.
{من هو شرٌّ مكانًا} [مريم: 75] أهم أم المؤمنون.
{وأضعف جندًا} [مريم: 75] في النّصرة والمنعة.
أي إنّهم ليس لهم أحدٌ يمنعهم من عذاب اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/240]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {فليمدد له الرّحمن مدًّا} أي يمد له في ضلالته).
[تفسير غريب القرآن: 275]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجل: {قل من كان في الضّلالة فليمدد له الرّحمن مدّا *حتّى إذا رأوا ما يوعدون إمّا العذاب وإمّا السّاعة فسيعلمون من هو شرّ مكانا وأضعف جندا}
هذا لفظ أمر في معنى الخبر، وتأويله أن اللّه عزّ وجلّ جعل جزاء ضلالته أن يتركه فيها، ويمده فيها، كما قال - جلّ وعزّ -:{من يضلل اللّه فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون}إلا أن لفظ الأمر يؤكد معنى الخبر ،كأن لفظ الأمر يريد به المتكلم نفسه إلزاما، كأنّه يقول أفعل ذلك وآمر نفسي به، فإذا قال القائل: من رآني فلأكرمه، فهو ألزم من قوله أكرمه، كأنّه قال: من زارني فأنا آمر نفسي بإكرامه وألزمها ذلك.
وقوله: {إمّا العذاب وإمّا السّاعة}.
العذاب والساعة منصوبان على البدل من (ما يوعدون) المعنى حتى إذا رأوا العذاب أو رأوا الساعة، فالعذاب ههنا ما وعدوا به من نصر المؤمنين عليهم فإنهم يعذبونهم قتلا وأسرا.
والساعة يعنى بها يوم القيامة وبما وعدوا به فيها من الخلود في النار.
{فسيعلمون من هو شرّ مكانا وأضعف جندا}أي فسيعلمون بالنصر، والقتل أنهم أضعف جندا من جند النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين ويعلمون بمكانهم من جهنم، ومكان المؤمنين من الجنة من هو شرّ مكانا). [معاني القرآن: 3/343]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا}
يقال ما معنى الأمر ههنا
قال أبو جعفر الجواب أن هذا أبلغ فلو قلت إن تجئني فلأكرمك كان أبلغ من قولك إن تجئني فأكرمك وإنما صار أبلغ لأن فيه معنى الإلزام). [معاني القرآن: 4/353]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة}
العذاب ههنا أن ينصر الله المسلمين عليهم فيعذبوهم بالقتل والسبي
والساعة القيامة أي وأما تقوم القيامة فيصيرون إلى النار فسيعلمون من هو شر مكانا إذا صاروا إلى النار وأضعف جندا إذا نصر الله المسلمين عليهم). [معاني القرآن: 4/354]

تفسير قوله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ويزيد اللّه الّذين اهتدوا هدًى} [مريم: 76] يعني: يزيدهم إيمانًا.
وهو تفسير السّدّيّ.
قوله: {والباقيات الصّالحات} [مريم: 76] قال الحسن: الفرائض.
وقال ابن عبّاسٍ: الصّلوات الخمس، وسبحان اللّه، والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر.
[تفسير القرآن العظيم: 1/240]
- المعلّى بن هلالٍ، عن العلاء بن عبد الكريم، عن عبد الرّحمن بن سابطٍ قال: لمّا أسري بالنّبيّ لقي إبراهيم النّبيّ فقال له: يا محمّد أقرئ أمّتك السّلام وأخبرهم أنّ الجنّة طيّبةٌ تربتها، طيّبٌ ماؤها، وأنّها قيعانٌ، وأنّ غرسها سبحان اللّه والحمد للّه، ولا إله إلا اللّه، واللّه أكبر.
- وحدّثني أبو الأسحم عقبة بن مرثدٍ، عن أبي إسحاق الهمذانيّ قال: سمعت عليّ بن أبي طالبٍ يقول: الباقيات الصّالحات: سبحان اللّه، والحمد للّه، ولا إله إلا اللّه، واللّه أكبر.
- وحدّثني الخليل بن مرّة، عن محمّد بن عجلان أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لأصحابه يومًا: «خذوا جنّتكم».
قالوا: يا رسول اللّه أمن عدوٍّ حضر؟ قال: «خذوا جنّتكم من النّار».
قالوا: يا رسول اللّه وما جنّتنا؟ قال: «سبحان اللّه، والحمد للّه، ولا إله إلا اللّه، واللّه أكبر فإنّهنّ يأتين يوم القيامة مقدّماتٍ، ومجنّباتٍ، ومعقّباتٍ، وهنّ الباقيات الصّالحات».
قوله: {خيرٌ عند ربّك ثوابًا} [مريم: 76] جزاءً في الآخرة.
{وخيرٌ مردًّا} [مريم: 76] خيرٌ عاقبةً من أعمال الكفّار). [تفسير القرآن العظيم: 1/241]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ويزيد اللّه الّذين اهتدوا هدًى...}

بالناسخ والمنسوخ). [معاني القرآن: 2/171]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ويزيد اللّه الّذين اهتدوا هدى والباقيات الصّالحات خير عند ربّك ثوابا وخير مردّا}
قيل بالناسخ والمنسوخ نحو ما كان من صوم رمضان من أنه كان يجوز لمن يقدر على الصوم أن يطعم مسكينا ويفطر، فنسخ ذلك بإلزام الصوم.
وجائز أن يكون -: {ويزيد اللّه الّذين اهتدوا هدى} يجعل جزاءهم أن يزيدهم في يقينهم هدى كما أضل اللّه الفاسق بفسقه.
وقوله عزّ وجلّ: {والباقيات الصّالحات خير عند ربّك ثوابا}.
معناه الأعمال الصالحة، وأولها توحيد اللّه، وهو شهادة أن لا إله إلا اللّه). [معاني القرآن: 3/344]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ويزيد الله الذين اهتدوا هدى}
قيل نزيدهم هدى بالناسخ والمنسوخ،
وقيل نزيدهم هدى مجازاة،
وقد ذكرنا معنى الباقيات الصالحات في سورة الكهف). [معاني القرآن: 4/354]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 07:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 77 إلى آخر السورة]

{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83) فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84) يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86) لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87) وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)}

تفسير قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أفرأيت الّذي كفر بآياتنا وقال لأوتينّ مالا وولدًا} [مريم: 77] أي في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/241]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
( وقوله: {أفرأيت الّذي...}

بغير همز). [معاني القرآن: 2/171]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ( وقوله: {لأوتينّ مالاً وولداً...}
... حدثني المغيرة عن إبراهيم أنه كان يقرأ (ماله وولده) وفي كهيعص {مالاً وولداً} ... وكذلك

قرأ يحيى بن وثّاب. ونصب عاصم الواو. وثقّل في كلّ القرآن. وقرأ مجاهد (ماله وولده إلاّ خساراً) بالرفع ونصب سائر القرآن.
وقال الشاعر:


ولقد رأيت معاشرا = قد ثمّروا مالاً وولدا
فخفف (وثمروا) والولد والولد لغتان مثل (ما قالوا): العدم والعدم (والولد والولد) وهما واحد. (وليس بجمع) ومن أمثال العرب ولدك من دمّي عقبيك.


وقال بعض الشعراء:
فليت فلاناً مات في بطن أمّه = وليت فلانا كان ولد حمار
فهذا واحد. وقيس تجعل الولد جمعاً والولد واحداً). [معاني القرآن: 2/173،172]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أفرأيت الذّي كفر بآياتنا} إذا استفهموا بـ " رأيت "
فمنهم من يدعها على حالها كأنه لم يعده أحدث فيها شيئاً كما أحدث في " يرى " فيبقى همزتها، ومنهم من يرى أنه أحدث فيها شيئاً فيدع همزتها، قال أبو الأسود:

أريت امرءاً كنت لم أبله= أتاني فقال اتّخذني خليلا
فخاللته ثم أكرمته= فلم أستفد من لديه فتيلا
ألست حقيقاً بتوديعه=وإتباع ذلك صرماً جميلا
وقال المتوكل الليثي:
أرأيت إن أهلكت مالي كلّه= وتركت مالك فيم أنت تلوم).
[مجاز القرآن: 2/11-10]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( وقوله: {أفرأيت الّذي كفر بآياتنا وقال لأوتينّ مالا وولدا}
ويقرأ: وولدا، فمن قرأ ولدا بالضّم فهو على وجهين على جمع ولد.
يقال ولد وولد مثل أسد وأسد، وجائز أن يكون الولد في معنى الولد، والولد يصلح للواحد والجمع، والولد والولد بمعنى واحد، مثل العرب والعرب، والعجم والعجم.
وقد جاء في التفسير أنه يعنى به العاص بن وائل.
ويروى أن خبّابا قال: كنت قينا في الجاهلية. والقين، هو الذي يصلح الأسنّة، والحدّاد يقال له قين، قال: وكان لي على العاص بن وائل دين، فدفعني بقضائه
وقال: لا أدفعه إليك حتى تكفر بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فقال خبّاب: لا أكفر بمحمد حتى تموت وتبعث.
فقال: إذا متّ ثم بعثت أعطيت مالا وولدا وقضيتك مما أعطى، يقول ذلك مستهزئا فقال اللّه سبحانه:
{أطّلع الغيب أم اتّخذ عند الرّحمن عهدا} ). [معاني القرآن: 3/344]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا}
قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبد السلام، قال: حدثنا أبو الأزهر، قال: حدثنا روح ابن عبادة، قال شعبة عن سليمان عن أبي الضحى عن مسروق عن خباب،
قال: كنت قينا في الجاهلية، فعملت للعاص بن وائل حتى اجتمعت لي عليه دراهم، فجئت أتقاضاه، فقال: لا أقضيك حتى تكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم،
فقلت: لا أكفر بمحمد حتى تموت وتبعث، قال: وإني لمبعوث، قلت: نعم، قال: فإنه سيكون لي ثم مال وولد فأقضيك،
فأنزل الله عز وجل: {أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا} إلى آخر القصة
قال أبو جعفر وهذا معنى الحديث). [معاني القرآن: 4/355]

تفسير قوله تعالى: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {أطّلع الغيب} [مريم: 78] على الاستفهام، فعلم ما فيه، أي لم يطّلع على الغيب.
قال: {أم اتّخذ عند الرّحمن عهدًا} [مريم: 78] أي لم يفعل، وتفسيره في آخر هذه الآية.
- أخبرني صاحبٌ لي، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن خبّاب بن الأرتّ قال: كنت قينًا في الجاهليّة فعملت للعاصي بن وائلٍ حتّى اجتمعت لي عنده دراهم، فأتيته أتقاضاه فقال: واللّه لا أقضيك حتّى تكفر بمحمّدٍ.
فقلت: واللّه لا أكفر بمحمّدٍ حتّى تموت ثمّ تبعث.
قال: وإنّي لمبعوثٌ؟ قلت: نعم، قال: فسيكون لي ثمّ مالٌ وولدٌ فأقضيك.
فأتيت النّبيّ عليه السّلام فأخبرته، فأنزل اللّه تبارك وتعالى هذه الآية إلى قوله: {ويأتينا فردًا} [مريم: 80]
- سعيدٌ، عن قتادة قال: ذكر لنا أنّ رجلًا من أصحاب النّبيّ عليه السّلام أتى رجلًا من المشركين يتقاضاه دينًا له فقال: أليس يزعم صاحبكم أنّ في الجنّة حريرًا وذهبًا؟ قال: بلى، قال: فميعادكم الجنّة.
فواللّه لا أؤمن بكتابكم الّذي جئتم به {لأوتينّ مالا وولدًا} [مريم: 77].
قال اللّه: {أطّلع الغيب} [مريم: 78] فعلم ما له فيه.
{أم اتّخذ عند الرّحمن عهدًا} [مريم: 78] بعملٍ صالحٍ.
وقوله: {أم اتّخذ عند الرّحمن عهدًا} [مريم: 78]
- حدّثني أبو بكر بن عيّاشٍ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن محمّد بن يحيى بن حيّان، عن عبد اللّه بن محيريزٍ، عن عبادة بن الصّامت قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «خمس صلواتٍ كتبهنّ اللّه على عباده من جاء بهنّ تامّاتٍ
[تفسير القرآن العظيم: 1/242]
فإنّ له عند اللّه عهدًا أن يدخله الجنّة، ومن لم يأت بهنّ تامّاتٍ فليس له عند اللّه عهدٌ، إن شاء عذّبه، وإن شاء غفر له».
وقد قال سعيدٌ، عن قتادة قال: {أم اتّخذ عند الرّحمن عهدًا} [مريم: 78] بعملٍ صالحٍ.
وقال بعضهم: العهد التّوحيد). [تفسير القرآن العظيم: 1/243]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) :
( {أطّلع الغيب أم اتّخذ عند الرّحمن عهداً}

وقال: {أطّلع الغيب} فهذه ألف الاستفهام وذهبت ألف الوصل لما دخلت ألف الاستفهام). [معاني القرآن: 3/3]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أطّلع الغيب أم اتّخذ عند الرّحمن عهدا}
أي علم ذلك غيبا أم أعطي عهدا، وهو مثل الذي قال: {ولئن رددت إلى ربّي لأجدنّ خيرا منها منقلبا}. [معاني القرآن: 3/345]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وفي قوله تعالى: {أم أتخذ عند الرحمن عهدا} أقوال:
قال سفيان عملا صالحا
وقيل العهد ههنا توحيد الله والإيمان به
وقيل العهد ههنا الوعد بما قال
وقال الأسود بن زيد، قال عبد الله: يقول الله عز وجل يوم القيامة من كان له عندي عهد فليقم، فقالوا: يا أبا عبد الرحمن فعلمنا، قال: قولوا اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك عهدا في هذه الحياة الدنيا إنك إن تكلني إلى عملي تقربني من الشر وتباعدني من الخير وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعله لي عندك عهدا تؤديه إلى يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد.
قال أبو جعفر: هذه الأقوال متقاربة، والعهد في اللغة يكون الأمان ومنه أهل العهد ومنه قول الله تعالى: {قال لا ينال عهدي الظالمين}
قال أبو عبيد كأنه قال: لا أؤمنهم من عذاب يوم القيامة
وكذلك قول قتادة قال: في الآخرة فأما في الدنيا فقد أكلوا وشربوا وعاشوا وأبصروا
فإذا قيل للتوحيد عهد فلأنه يؤمن به وكذلك الوعد). [معاني القرآن: 4/357،356]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {كلّا سنكتب ما يقول ونمدّ له من العذاب مدًّا} [مريم: 79] يعني لا انقطاع له.
تفسير السّدّيّ.
قال يحيى: وهو كقوله: {فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابًا} [النبأ: 30] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/243]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {كلّا سنكتب ما يقول ونمدّ له من العذاب مدّا}

{كلّا} ردع وتنبيه، أي هذا مما يرتدع منه، وينبه على وجه الضلالة فيه.
{سنكتب ما يقول} أي سنحفظ عليه). [معاني القرآن: 3/345]

تفسير قوله تعالى: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ونرثه ما يقول} [مريم: 80] سعيدٌ، عن قتادة قال: نرثه ما عنده.
وقال مجاهدٌ: {ونرثه ما يقول} [مريم: 80] ماله وولده.
وكذلك الّذي قال العاصي بن وائلٍ.
{ويأتينا فردًا} [مريم: 80] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/243]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ونرثه ما يقول...}

يعني ما يزعم العاصي بن وائل أنّه له في الجنّة فتجعله لغيره {ويأتينا فرداً}: خالياً من المال والولد). [معاني القرآن: 2/171]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ونرثه ما يقول} أي المال والولد الذي قال: لأوتينّه.
{ويأتينا فرداً} لا شيء معه). [تفسير غريب القرآن: 275]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ونرثه ما يقول ويأتينا فردا}
أي نجعل المال والولد لغيره ونسلبه ذلك ويأتينا فردا). [معاني القرآن: 3/345]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ونرثه ما يقول ويأتينا فردا}
قال قتادة: أي نرثه ما عنده أي قوله: {لأوتين مالا وولدا}
قال وفي قراءة ابن مسعود ونرثه ما عنده
وقيل نبقي عليه الإثم فكأنه موروث
قال أبو جعفر قيل هذا مفسر في حديث خباب قيل
والمعنى والله أعلم نسلبه ماله وولده يوم القيامة ألا ترى أن بعده ويأتينا فردا
قال أبو جعفر: وأصح ما قيل في هذا أن معنى ونرثه ما يقول نحفظ عليه ما يقول حتى نوفيه عقوبته عليه
ومن هذا حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم: العلماء ورثة الأنبياء
ومنه وأورثكم أرضهم وديارهم). [معاني القرآن: 4/358،357]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واتّخذوا من دون اللّه آلهةً ليكونوا لهم عزًّا} [مريم: 81] كقوله: {واتّخذوا من دون اللّه آلهةً لعلّهم ينصرون} [يس: 74] وإنّما يرجون منفعة أوثانهم في الدّنيا، لا يقرّون بالآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/243]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لّيكونوا لهم عزّاً...}

يقول: ليكونوا لهم شفعاء في الآخرة.
فقال الله: {كلاّ سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدّاً...}
يكونون عليهم أعواناً). [معاني القرآن: 2/172،171]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {واتّخذوا من دون اللّه آلهة ليكونوا لهم عزّا}
أي أعوانا). [معاني القرآن: 3/345]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا}
أي أعوانا). [معاني القرآن: 4/358]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {كلّا سيكفرون بعبادتهم} [مريم: 82] في الآخرة وفي الدّنيا.
{ويكونون عليهم ضدًّا} [مريم: 82] في النّار.
سعيدٌ، عن قتادة قال: قرناء في النّار يلعن بعضهم بعضًا ويبرأ بعضهم من بعضٍ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/243]
قال يحيى: بلغني أنّه يقرن هو وشيطانه في سلسلةٍ واحدةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/244]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لّيكونوا لهم عزّاً...}

يقول: ليكونوا لهم شفعاء في الآخرة.
فقال الله: {كلاّ سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدّاً...}
يكونون عليهم أعواناً). [معاني القرآن: 2/172،171] (م)
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {كلاّ سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدّاً}
[و] قال: {ويكونون عليهم ضدّاً} لأنّ "الضدّ" يكون واحدا وجماعة مثل "الرصد" و"الأرصاد" - ويكون الرّصد أيضاً اسما للجماعة). [معاني القرآن: 3/3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويكونون عليهم ضدًّا} أي أعداء يوم القيامة. وكانوا في الدنيا أولياءهم). [تفسير غريب القرآن: 275]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {كلّا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدّا}
أي يصيرون عليهم أعوانا). [معاني القرآن: 3/345]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال سبحانه: {كلا سيكفرون بعبادتهم} [معاني القرآن: 4/358]
كلا عند أهل العربية تنقسم قسمين :
أحدهما أن يكون ردعا وتنبيها وردا لكلام وهي ههنا كذلك أي ارتدعوا عن هذا وتنبهوا على وجه الضلالة فيه
فإذا كانت كذا فالوقوف عليها التمام
وتكون ردعا وتنبيها ولا تكون ردا لكلام نحو قوله تعالى: {كلا إن الإنسان ليطغى} ). [معاني القرآن: 4/359]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ويكونون عليهم ضدا} أي أعوانا
قال مجاهد: أي تكون أوثانهم عليهم في النار تخاصمهم وتكذبهم). [معاني القرآن: 4/359]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ألم تر أنّا أرسلنا الشّياطين على الكافرين تؤزّهم أزًّا} [مريم: 83] سعيدٌ، عن قتادة قال: تزعجهم إزعاجًا في معصية اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/244]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أنّا أرسلنا الشّياطين على الكافرين...}

(في الدنيا) {تؤزّهم أزّاً}: تزعجهم إلى المعاصي وتغريهم بها). [معاني القرآن: 2/172]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {تؤزّهم أزّاً} أي تهيجهم وتغوبهم، فقال رؤبة:
لا يأخذ التأفيك والتّحزّي= فينا ولا قذف العدى ذو الأزّ
العدى بضم العين الأعداء، والعدى بكسر العين الغرباء). [مجاز القرآن: 2/11]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تؤزهم أزا}: أي تقويهم وتهيجهم). [غريب القرآن وتفسيره: 241]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تؤزّهم}: تزعجهم وتحرّكهم إلى المعاصي). [تفسير غريب القرآن: 275]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ألم تر أنّا أرسلنا الشّياطين على الكافرين تؤزّهم أزّا}
في قوله {أرسلنا} وجهان:
أحدهما أنا خلينا الشياطين وإياهم، فلم نعصمهم من القبول منهم - قال أبو إسحاق
والوجه الثاني - وهو المختار - أنهم أرسلوا عليهم وقيّضوا لهم بكفرهم كما قال عزّ وجلّ: {ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانا فهو له قرين}.
ومعنى {تؤزّهم أزّا} تزعجهم حتى يركبوا المعاصي إزعاجا فهو يدل على صحة الإرسال والتقييض، ومعنى الإرسال ههنا التسليط،
يقال قد أرسلت فلانا على فلان إذا سلطته عليه، كما قال: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان إلّا من اتّبعك من الغاوين}.
فأعلم اللّه عزّ وجلّ: (أن من اتبعه هو مسلط عليه). [معاني القرآن: 3/346،345]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا}
في معناه قولان:
أحدهما: لم تعصمهم من الشياطين.
والقول الآخر: قيضنا لهم الشياطين مجازاة على كفرهم.
قال الله جل وعز: {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا}
ومعنى أرسلنا في اللغة ههنا سلطنا
ثم قال سبحانه: {تؤزهم أزا}
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قال: تغريهم إغراء
قال ابن جريج: الشياطين تؤز الكافرين إلى الشر امضوا امضوا حتى توقعهم في النار
قال قتادة: تؤزهم أي تزعجهم إلى المعاصي
قال أبو جعفر هذه الأقوال متقاربة المعاني وأصله من أززت الشيء أوزة أزا وأزيزا أي حركته ومنه الحديث إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل أي من البكاء). [معاني القرآن: 4/361،360]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {تؤزهم أزا} أي: تزعجهم إزعاجا). [ياقوتة الصراط: 342]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تؤزهم} تزعجهم إلى المعاصي). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 149]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَؤُزُّهم}: تزعجهم). [العمدة في غريب القرآن: 197]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فلا تعجل عليهم} [مريم: 84] وهذا وعيدٌ.
{إنّما نعدّ لهم عدًّا} [مريم: 84] الأنفاس، يعني الأجل.
حدّثني حمّاد بن سلمة، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ قال: كتب في أوّل الصّحيفة، أجله ثمّ يكتب أسفل من ذلك: ذهب يوم كذا، وذهب يوم كذا حتّى يأتي على أجله). [تفسير القرآن العظيم: 1/244]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إنّما نعدّ لهم عدّاً...}

يقال: الأيّام والليالي والشهور والسنون. وقال بعض المفسّرين: الأنفاس). [معاني القرآن: 2/172]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّما نعدّ لهم عدًّا} أي أيام الحياة. ويقال: الأنفاس). [تفسير غريب القرآن: 275]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا}
روى هشيم، عن أبي يزيد، عن أبي جعفر محمد بن علي في قوله تعالى: {إنما نعد لهم عدا} قال كل شيء حتى الأنفاس). [معاني القرآن: 4/362،361]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يوم نحشر المتّقين إلى الرّحمن وفدًا} [مريم: 85] حدّثني عاصم بن حكيمٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ عن من سمع أبا هريرة يقول: على الإبل.
- وبلغني ثم، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، عن الحارث، عن عليٍّ أنّه سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن قوله: {يوم نحشر المتّقين إلى الرّحمن وفدًا} [مريم: 85]، يا رسول اللّه هل يكون الوافد إلا الرّاكب؟ فقال: «والّذي نفسي بيده إنّهم إذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوقٍ بيضٍ لها أجنحةٌ عليها رحائل الذّهب، كلّ خطوةٍ منها مدّ البصر».
- عاصم بن حكيمٍ وخداشٌ، عن بهز بن حكيمٍ، عن أبيه، عن جدّه قال: قلت: يا رسول اللّه خر لي.
قال: «هاهنا، وأومأ بيده إلى الشّام، إنّكم محشورون رجالا وركبانًا، وتجرّون على وجوهكم».
- سعيد، عن قتادة قال: قيل: يا رسول اللّه، كيف يمشي على وجهه؟ قال: «إنّ الّذي أمشاه على رجليه قادرٌ أن يمشيه على وجهه».
- إبراهيم بن محمّدٍ، عن أبي رشدين، عن حميد بن مالك بن الخثيم أنّه
[تفسير القرآن العظيم: 1/244]
سمع أبا هريرة يقول: إذا بنيت الجبّانة فاخرج إلى أرض المحشر والمنشر، فإنّ النّاس يحشرون ثلاث أممٍ: أمّةً على وجوههم، وأمّةً على أقدامهم، وأمّةً على الإبل). [تفسير القرآن العظيم: 1/245]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {نحشر المتّقين إلى الرّحمن وفداً...}

الوفد: الركبان). [معاني القرآن: 2/172]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إلى الرّحمن وفداً} جمع وافد). [مجاز القرآن: 2/11]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({وفدا}: واحدهم وافد). [غريب القرآن وتفسيره: 241]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وفداً}: جمع وافد. مثل ركب جمع راكب، وصحب جمع صاحب.
والورد: جماعة يريدون الماء). [تفسير غريب القرآن: 275]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : {وقوله عزّ وجلّ: {يوم نحشر المتّقين إلى الرّحمن وفدا}
معنى الوفد الركبان المكرمون). [معاني القرآن: 3/346]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل اسمه: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا}
قال أهل التفسير أي ركبانا قال النعمان بن سعد قرأ علي بن أبي طالب رضوان الله عليه يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا فقال أما والله لا يحشرون على أقدامهم ولكنهم يؤتون بنوق لم تر الخلائق مثلها عليه أرحلة الذهب وأزمتها الزبرجد ثم تنطلق بهم إلى الجنة حتى يقرعوا بابها). [معاني القرآن: 4/362]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وفدا}: ركبانا). [ياقوتة الصراط: 343]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وفداً}: جمع وافد). [العمدة في غريب القرآن: 197]

تفسير قوله تعالى: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ونسوق المجرمين} [مريم: 86] يعني المشركين.
{إلى جهنّم وردًا} [مريم: 86] حدّثني عاصم بن حكيمٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ عمّن سمع أبا هريرة يقول: عطاشًا.
وحدّثني إسرائيل بن يونس، عن الحسن قال: عطاشًا واللّه.
سعيدٌ، عن قتادة قال: سيقوا إليها وهم ظماءٌ قد تقطّعت أعناقهم.
أي من العطش). [تفسير القرآن العظيم: 1/245]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ونسوق المجرمين إلى جهنّم ورداً...}
مشاة عطاشاً). [معاني القرآن: 2/172]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إلى جهنّم ورداً} مصدر " ورد يرد"). [مجاز القرآن: 2/11]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وردا}: من وردت شيئا). [غريب القرآن وتفسيره: 241]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ونسوق المجرمين إلى جهنّم وردا} مشاة عطاشا). [معاني القرآن: 3/346]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا}
قال أهل التفسير: أي عطاشا
قال أهل اللغة: هو مصدر وردت فالتقدير عندهم ذوي ورد
وقد حكوا أنه يقال للواردين الماء ورد فلما كانوا يردون على
النار كما يرد العطاش على الماء قيل لهم ورد فعلى هذا يوافق اللغة). [معاني القرآن: 4/363،362]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وردا}: حفاة مشاة). [ياقوتة الصراط: 343]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وِرْداً}: عِطاشاً). [العمدة في غريب القرآن: 197]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {لا يملكون الشّفاعة إلا من اتّخذ عند الرّحمن عهدًا} [مريم: 87] قد فسّرنا العهد في الآية الأولى.
وأمّا الشّفاعة
- فحدّثني أبو أميّة بن يعلى الثّقفيّ عن سعيدٍ المقبريّ عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " إذا كان يوم القيامة شفع النّبيّ لأمّته، وشفع الشّهيد لأهل بيته، والمؤمن لأهل بيته، وتبقى شفاعة الرّحمن.
يخرج اللّه أقوامًا من النّار قد احترقوا فيها فصاروا حممًا، فتبثثهم بالعراء بين الجنّة والنّار، ثمّ يرسل اللّه عليهم نهرًا من الجنّة يقال له الحياة فينبتون كما ينبت الغثاء في بطن المسيل، ألا ترون أنّه يبدأ فيكون
[تفسير القرآن العظيم: 1/245]
أبيض، ثمّ يكون أصفر، ثمّ يكون أخضر؟ قالوا: يا رسول اللّه كأنّك قد رأيته، قال: ثمّ يقومون فيدخلون الجنّة، فإذا رآهم أهل الجنّة قالوا: هؤلاء
عتقاء الرّحمن، فهم آخر أهل الجنّة دخولًا، وأدناهم منزلةً ".
- وحدّثني درست، عن يزيد الرّقاشيّ، عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا أزال أشفع حتّى أقول ربّ شفّعني فيمن قال لا إله إلا اللّه، فيقول يا محمّد، إنّها ليست لك ولكنّها لي».
- وحدّثني عبد الرّحمن بن يزيد، عن سليم بن عامرٍ الكلاعيّ، عن عوف بن مالكٍ الأشجعيّ قال: نزلنا مع رسول اللّه....
قال: فرفعت رأسي من اللّيل فإذا أنا لا أرى في العسكر شيئًا أطول من مؤخّرة رحلٍ، قد لصق كلّ إنسانٍ وبعيرٍ بالأرض.
فقمت أتخلّل النّاس حتّى دفعت إلى مضجع رسول اللّه، فإذا هو ليس فيه، فوضعت يدي على الفراش فإذا هو باردٌ.
فخرجت أتخلّل النّاس وأقول: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، ذهب برسول اللّه، حتّى خرجت من العسكر، فإذا أنا بسوادٍ.
فمضيت إليه فإذا معاذ بن جبلٍ ورجلٌ أو رجلان وإذا بين أيدينا صوتٌ كدويّ الرّحا وكصوت القصباء حين تصيبها الرّيح.
فقال بعضنا لبعضٍ: يا قوم اثبتوا حتّى تصبحوا أو يأتيكم رسول اللّه.
فلبثنا ما شاء اللّه ثمّ نادى....
معاذ بن جبلٍ، وأبو عبيدة بن الجرّاح، وفلانٌ، وعوف بن مالكٍ، قلنا: نعم، فأقبل إلينا فجئنا نمشي معه لا نسأله عن شيءٍ ولا يخبرنا حتّى قعد على فراشه فقال: «أتدرون ما خيّرني ربّي اللّيلة؟».
قلنا: اللّه ورسوله أعلم.
قال: «إنّه خيّرني بين أن يدخل لي نصف أمّتي الجنّة وبين الشّفاعة، فاخترت الشّفاعة».
قلنا: يا رسول اللّه فادع اللّه أن يجعلنا من أهلها قال: «إنّها لكلّ مسلمٍ، إنّها لكلّ مسلمٍ».
- ابن لهيعة، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ لكلّ نبيٍّ دعوةً يدعو بها في أمّته واستخبأت دعوتي شفاعةً
[تفسير القرآن العظيم: 1/246]
لأمّتي يوم القيامة».
ابن لهيعة، عن عبد الرّحمن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النّبيّ نحوه.
همّامٌ، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ، عن النّبيّ نحوه.
الرّبيع بن صبيحٍ والحسن بن دينارٍ، عن الحسن، عن النّبيّ نحو ذلك.
- وحدّثني أبو الأشهب والحسن بن دينارٍ عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «خيّرت بين أن يدخل نصف أمّتي الجنّة وبين الشّفاعة، فاخترت الشّفاعة»). [تفسير القرآن العظيم: 1/247]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لاّ يملكون الشّفاعة...}:

لا يملكون أن يشفعوا {إلاّ من اتّخذ عند الرّحمن عهداً} والعهد لا إله إلا الله. و(من) في موضع نصب على الاستثناء ولا تكون خفضاً بضمير اللام ولكنها تكون نصباً على معنى الخفض كما تقول في الكلام: أردت المرور اليوم إلاّ العدوّ فإني لا أمرّ به فتستثنيه من المعنى ولو أظهرت الباء فقلت: أردت المرور إلاّ بالعدوّ لخفضت.
وكذلك لو قيل: لا يملكون الشّفاعة إلاّ لمن اتّخذ عند الرحمن عهداً). [معاني القرآن: 2/172]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لا يملكون الشّفاعة إلّا من اتّخذ عند الرّحمن عهداً}: أي وعدا منه له بالعمل الصالح والإيمان). [تفسير غريب القرآن: 275]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لا يملكون الشّفاعة إلّا من اتّخذ عند الرّحمن عهدا}
" من " جائز أن تكون في موضع رفع، وفي موضع نصب.
فأمّا الرفع فعلى البدل من الواو والنون، والمعنى لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا.
والعهد ههنا توحيد اللّه جل ثناؤه والإيمان به.
والنصب على الاستثناء ليس من الأول على: لا يملك الشفاعة المجرمون، ثم قال: {إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا}، على معنى لكن من اتخذ عند الرحمن عهدا فإنه يملك الشفاعة). [معاني القرآن: 3/346]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا}
إن جعلت من بدلا من الواو كان المعنى لا يملك الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا فإنه يشفع
وإن جعلته استثناء ليس من الأول كان المعنى لكن من اتخذ عند الرحمن عهدا فإنه يشفع فيه). [معاني القرآن: 4/363]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88)}

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدًا {88} لقد جئتم شيئًا إدًّا {89}} [مريم: 88-89] لقد أتيتم شيئًا إدًّا.
عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: عظيمًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/247]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ( وقوله: {لّقد جئتم شيئاً إدّاً...}
قرأت القرّاء بكسر الألف، إلا أبا عبد الرحمن السّلمي فإنه قرأها بالفتح (أدّا) ومن العرب من يقول: لقد جئت بشيء آدٍّ مثل مادّ. وهو في الوجوه كلها: بشيء عظيم).
[معاني القرآن: 2/173]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {جئتم شيئاً إدّاً} عظيماً من أعظم الدواهي،
قال رؤبة:
نطح بني أدٍ رؤوس الأداد
وقال:
كيلاً على دجوة كيلا إدّاً= كيلا عليه أربعين مدّا
وكذلك " إمراً " وكذلك " شيئاً نكراً " وكذلك {شيئاً فريّاً} عظيماً من أعظم الدواهي). [مجاز القرآن: 2/12]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({إدا}: شديدا عظيما. يقال هذا أمر إد أي عظيم). [غريب القرآن وتفسيره: 241]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {جئتم شيئاً إدًّا} أي عظيما). [تفسير غريب القرآن: 276]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لقد جئتم شيئا إدّا}
وتقرأ (أدّا) - بالفتح - ومعناه شيئا عظيما من الكفر، وفيها لغة أخرى لا أعلم أنه قرئ بها، وهي: " شيء آدّا على وزن راد وماد، ومعناه كله: جئتم شيئا عظيما). [معاني القرآن: 3/346]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا}
قال مجاهد: أي عظيما، وذلك معروف في اللغة يقال جاء شيئا إدا وجاء بشيء إد
وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي إدا بفتح الهمزة والكسر أعرف
قال أبو عبيد ومنه الحديث أن عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله لما هم بقتل علي رضوان الله عليه ذاكر فلانا قال أبو عبيد وقد سماه فقال ثكلتك أمك لقد جئت شيئا إدا أتقتل علي بن أبي طالب). [معاني القرآن: 4/364،363]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {شيئا إدا} أي: شيئا عجبا). [ياقوتة الصراط: 342]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({إدا} عظيما). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 149]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({شَيْئاً إِدًّا}: عظيما). [العمدة في غريب القرآن: 197]

تفسير قوله تعالى: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {تكاد السّموات يتفطّرن منه} [مريم: 90] ينشققن منه). [تفسير القرآن العظيم: 1/247]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يتفطّرن منه...}

وينفطرن. وفي قراءة عبد الله (إن تكاد السّموات لتتصدّع منه) وقرأها حمزة (ينفطرن) على هذا المعنى). [معاني القرآن: 2/174]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وتخرّ الجبال هدّاً...}:كسراً). [معاني القرآن: 2/173]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({تكاد السّموات يتفطّرن منه}أي يتشققن كما يتفطر الزجاجة والحجر، ويقال: فطر نابه إذا شق نابه.
{وتخرّ الجبال هدّاً} مصدر هددت، أي سقطت ؛ فجاء مصدره صفةً للجبال.
{أن دعوا للرّحمن ولداً} وليس هو من دعاء الصوت، مجازه: أن جعلوا لله ولداً،
قال الشاعر:
ألا ربّ من تدعو نصيحا وإن تغب= تجده بغيب غير منتصح الصدر
وقال ابن أحمر:
أهوى لها مشقصاً حشراً فشبرقها=وكنت أدعو قذاها الإثمد القردا
القرد المنقطع من الإثمد يلزم بعضه بعضاً، أدعو أجمل ؛ الحشر السهم الذي حشر حشراً، وهو المخفف الريش ويقال للحمار: حشرٌ، إذا كان خفيفاً، وللرجل إذا كان صدعاً، والصدع: الربعة من الرجال). [مجاز القرآن: 2/13-12]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {تكاد السّماوات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدّاً}
وقال: {تكاد السّماوات يتفطّرن منه} فالمعنى: يردن. لأنهن لا يكون [منهن] أن يتفطرن ولا يدنون من ذلك ولكنهن هممن به إعظاما لقول المشركين. ولا يكون على من هم بالشيء أن يدنو منه ألا ترى أن رجلا لو أراد أن ينال السماء لم يدن من ذلك وقد كانت منه إرادة. وتقرأ {يتفطّرن منه} ويقرأ (ينفطرن) للكثرة). [معاني القرآن: 3/3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (ينفطرون): يتشققن.
{وتخر الجبال هدا}: سقوطا). [غريب القرآن وتفسيره: 242]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يتفطّرن}: يتشقّقن.
{هدًّا} أي سقوطا). [تفسير غريب القرآن: 276]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن هذا الباب قول الله عز وجل: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ} يريد أنهم ينظرون إليك بالعداوة نظرا شديدا يكاد يزلقك من شدّته، أي يسقطك.
ومثله قول الشاعر:
يتقارضون إذا التقوا في موطن = نظرا يزيل مواطئ الأقدام
أي ينظر بعضهم إلى بعض نظرا شديدا بالعداوة والبغضاء، يزيل الأقدام عن مواطئها.
فتفهّم قول الله عز وجل: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ} أي يقاربون أن يفعلوا ذلك، ولم يفعلوا.
وتفهّم قول الشاعر: (نظرا يزيل) ولم يقل: يكاد يزيل، لأنه نواها في نفسه.
وكذلك قول الله عز وجل: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} إعظاما لقولهم.
وقوله جل وعز: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}.
إكبارا لمكرهم. وقرأها بعضهم: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ}.
وأكثر ما في القرآن من مثل هذا فإنه يأتي بكاد، فما لم يأت بكاد ففيه إضمارها، كقوله: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ}، وأي كادت من شدّة الخوف تبلغ الحلوق.
وقد يجوز أن يكون أراد: أنها ترجف من شدّة الفزع وتجف ويتصل وجيفها بالحلوق، فكأنها بلغت الحلوق بالوجيب). [تأويل مشكل القرآن: 171] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {تكاد السماوات يتفطرن منه}
قال مجاهد الانفطار الانشقاق
قال أبو جعفر وذلك معروف في اللغة يقال فطر ناب البعير إذا انشق اللحم وخرج). [معاني القرآن: 4/364]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وتخر الجبال هدا} أي سقوطا). [معاني القرآن: 4/364]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَتَفَطَّرْنَ}: يتشقّقنَ.
{هـَداًّ}: سقوطا). [العمدة في غريب القرآن: 198]

تفسير قوله تعالى: {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدًّا {90} أن دعوا} [مريم: 90-91] بأن دعوا.
{للرّحمن ولدًا} [مريم: 91] سعيدٌ، عن قتادة قال: بلغنا أنّ كعبًا قال: غضبت الملائكة وأسعرت جهنّم حين قالوا ما قالوا). [تفسير القرآن العظيم: 1/247]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أن دعوا...}

لأن دعوا، ومن أن دعوا، وموضع (أن) نصب لاتصالها. والكسائيّ كان يقول: (موضع أن) خفض). [معاني القرآن: 2/173]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أن دعوا للرحمن ولدا}
أي لأن دعوا للرحمن ولدا ومن أن دعوا). [معاني القرآن: 4/365]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92)}

تفسير قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ آتي الرّحمن عبداً...}
ولو قلت: آتٍ الرحمن عبداً كان صوابا. ولم أسمعه من قارئ). [معاني القرآن: 2/173]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94)}

تفسير قوله تعالى: {وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وما ينبغي للرّحمن أن يتّخذ ولدًا {92} إن كلّ من في السّموات والأرض إلا آتي الرّحمن عبدًا {93}} [مريم: 92-93] ثمّ قال: {لقد أحصاهم وعدّهم عدًّا {94} وكلّهم آتيه يوم القيامة فردًا {95}} [مريم: 94-95]
[تفسير القرآن العظيم: 1/247]
كقوله: {ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أوّل مرّةٍ} [الأنعام: 94] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/248]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سيجعل لهم الرّحمن ودًّا} [مريم: 96] سعيدٌ، عن قتادة قال: في قلوب أهل
الإيمان.
وقال قتادة: ذكر لنا أنّ كعبًا كان يقول: إنّما تأتي المحبّة من السّماء.
قال: إنّ اللّه تبارك وتعالى إذا أحبّ عبدًا قذف حبّه في قلوب الملائكة وقذفته الملائكة في قلوب النّاس، وإذا أبغض عبدًا فمثل ذلك، لا يملكه بعضهم لبعضٍ.
- حدّثني خداشٌ، عن ميمون بن عجلان، عن محمّد بن عبّادٍ، عن ثوبان مولى رسول اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " إنّ العبد ليلتمس مرضاة اللّه ولا يزال بذلك فيقول اللّه لجبريل: إنّ عبدي فلانًا يلتمس أن يرضيني، وإنّ رحمتي عليه، قال: فيقول جبريل: رحمة اللّه على فلانٍ، ويقوله حملة العرش، ويقوله الّذين حولهم حتّى يقوله أهل السّموات السّبع،
ثمّ يهبط له إلى الأرض، قال: فقال رسول اللّه عند ذلك: وهي الآية الّتي أنزل اللّه تبارك وتعالى عليكم: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سيجعل لهم الرّحمن ودًّا} [مريم: 96] وإنّ العبد ليلتمس سخط اللّه ولا يزال بذلك حتّى يقول اللّه لجبريل: إنّ عبدي فلانًا يلتمس أن يسخطني، وإنّ غضبي عليه.
قال: فيقول جبريل: غضب اللّه على فلانٍ.
ويقوله حملة العرش، ويقوله الّذين حولهم، ويقوله أهل
[تفسير القرآن العظيم: 1/248]
السّموات السّبع حتّى يهبط به إلى الأرض.
- وحدّثني مندل بن عليٍّ، عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " إنّ اللّه إذا أحبّ عبدًا دعا جبريل فقال إنّي أحبّ فلانًا فأحبّه، قال فينادي جبريل في أهل السّماء إنّ اللّه يحبّ فلانًا فأحبّوه، قال: ثمّ يضع له القبول في الأرض ".
يقول: المودّة.
قال سهيلٌ: وأحسبه ذكر البغض مثل ذلك.
وقال السّدّيّ: {سيجعل لهم الرّحمن ودًّا} [مريم: 96] يعني محبّةً، يحبّهم ويحبّبهم إلى أوليائه). [تفسير القرآن العظيم: 1/249]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ودّاً...}

يجعل الله لهم ودّا في صدور المؤمنين). [معاني القرآن: 2/174]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {سيجعل لهم الرّحمن ودّاً} أي محبة، وهو مصدر " وددت "، {سيجعل لهم} أي سيثيبهم ويرزقهم ذلك). [مجاز القرآن: 2/13]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {سيجعل لهم الرّحمن ودًّا} أي محبة في قلوب الناس). [تفسير غريب القرآن: 276]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}، فإنه ليس على تأوّلهم، وإنما أراد أنه يجعل لهم في قلوب العباد محبّة.
فأنت ترى المخلص المجتهد محبّبا إلى البرّ والفاجر، مهيبا مذكورا بالجميل. ونحوه قول الله سبحانه في قصة موسى صلّى الله عليه وسلّم: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي}، ولم يرد في هذا الموضع أني أحببتك، وإن كان يحبه، وإنما أراد أنه حبّبه إلى القلوب، وقرّبه من النفوس، فكان ذلك سببا لنجاته من فرعون، حتى استحياه في السّنة التي كان يقتل فيها الولدان).
[تأويل مشكل القرآن: 79]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سيجعل لهم الرّحمن ودّا} أي محبة في قلوب المؤمنين). [معاني القرآن: 3/346]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا}
روى مجاهد عن ابن عباس قال محبة
قال مجاهد يحبهم الله ويحببهم إلى خلقه). [معاني القرآن: 4/365]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (ودا) أي: محبة). [ياقوتة الصراط: 343]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فإنّما يسّرناه} [مريم: 97] يعني القرآن.
{بلسانك} [مريم: 97] يا محمّد.
وهو تفسير السّدّيّ وغيره.
قال الحسن: لولا أنّ اللّه يسّره بلسان محمّدٍ ما كانوا ليقرءوه ولا ليفهموه.
قوله: {لتبشّر به} [مريم: 97] بالقرآن.
{المتّقين} [مريم: 97] بالجنّة.
{وتنذر به} [مريم: 97] بالقرآن النّار.
{قومًا لدًّا} [مريم: 97] سعيدٌ عن قتادة قال: أي جدلاء بالباطل وذوي لددٍ وخصومةٍ.
قال يحيى: يعني قريشًا وكقوله: {إذا قومك منه يصدّون} [الزخرف: 57] إلى قوله: {بل هم قومٌ خصمون} [الزخرف: 58]
[تفسير القرآن العظيم: 1/249]
وقال مجاهدٌ: {لدًّا} [مريم: 97]، لا يستقيمون). [تفسير القرآن العظيم: 1/250]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {قوماً لدّاً} واحدهم: ألد، وهو الشديد الخصومة الذي لا يقبل الحق ويدعي الباطل،

قال مهلهل:
إنّ تحت الأحجار حدّاً وليناً= وخصيماً ألدّ ذا مغلاق
[مجاز القرآن: 2/13]
ويروى مغلاق الحجة عن أبي عبيدة،
وقال رؤبة:
أسكت أجراس القروم الألواد= الضّيغمّيات العظام الألداد).
[مجاز القرآن: 2/14]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فإنّما يسّرناه بلسانك} أي سهلنا وأنزلنا بلغتك.
و(اللد) جمع ألد. وهو: الخصم الجدل.
و(الركز): الصوت الذي لا يفهم). [تفسير غريب القرآن: 276]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {فإنّما يسّرناه بلسانك لتبشّر به المتّقين وتنذر به قوما لدّا}
{قوما لدّا} جمع ألدّ مثل أصم وصمّ، والألدّ الشديد الخصومة). [معاني القرآن: 3/347]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فإنما يسرناه بلسانك} أي سهلناه وأنزلناه بلغتك). [معاني القرآن: 4/366،365]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وتنذر به قوما لدا}
روى سفيان عن إسماعيل عن أبي صالح قال: عوجا عن الحق
وقال مجاهد: الألد الظالم الذي لا يستقيم
وقال الحسن: اللد الصم
وقال أبو عبيدة: هو الذي لا يقبل الحق ويدعي الباطل وأنشد:
إن تحت الأحجار حدا ولينا = وخصيما ألد ذا مغلاق
ويروى معلاق بالعين [معاني القرآن: 4/366]
قال أبو جعفر أحسن هذه الأقوال الأول واللديدان صفحتا العنق فكأنه تمثيل). [معاني القرآن: 4/367]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (لدا) أي: شديدي الخصومة، الذكر: ألد،
والأنثى: لداء، والجمع منهما جميعا: لد، والتصريف منهما: لدد يلدد لددا). [ياقوتة الصراط: 344،343]

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وكم أهلكنا قبلهم} [مريم: 98] قبل قومك يا محمّد.
{من قرنٍ هل تحسّ منهم من أحدٍ} [مريم: 98] قال قتادة والسّدّيّ: هل ترى من عينٍ.
{أو تسمع لهم ركزًا} [مريم: 98] قال قتادة: أي هل تسمع لهم من صوتٍ وهو على الاستفهام.
أي أنّك لا ترى منهم أحدًا ولا تسمع لهم صوتًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/250]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أو تسمع لهم ركزاً...}

الركز: الصوت). [معاني القرآن: 2/174]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ركزاً} الركز: الصوت الخفي والحركة كركز الكتيبة،
قال لبيد:
فتوجّست ركز الأنيس فرابها=عن ظهر غيبٍ والأنيس سقامها).
[مجاز القرآن: 2/14]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (الركز): الذي لا تفهمه من الأصوات والحركة). [غريب القرآن وتفسيره: 242]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحسّ منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا}
{هل تحسّ منهم من أحد} يقال: هل أحسست صاحبك أي هل رأيته، وتقول: قد حسّسهم - بغير ألف - إذا قتلهم.
وقوله: {أو تسمع لهم ركزا} الركز الصوت الخفي). [معاني القرآن: 3/347]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد}
يقال هل أحسست صاحبك أي هل أبصرته). [معاني القرآن: 4/367]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {أو تسمع لهم ركزا}
روى علي بن الحكم، عن الضحاك قال: صوتا،
قال أبو جعفر: الركز في اللغة الصوت الخفي الذي لا يكاد يتبين،
وصلى الله على خير خلقه محمد نبيه وعلى آله وسلم). [معاني القرآن: 4/367]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {هل تحس}: هل تبصر. ({ركزا} أي: صوتا). [ياقوتة الصراط: 344]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الركز) الصوت الذي لا يفهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 149]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الرِّكْزُ): الصوت الخفي). [العمدة في غريب القرآن: 198]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:55 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة